البرهان في تفسير القرآن

اشارة

سرشناسه :بحراني هاشم بن سليمان - 1107؟ق عنوان و نام پديدآور : البرهان في تفسير القرآن الفه هاشم الحسيني البحراني مشخصات نشر :قم دار التفسير، 1417ق = 1375. مشخصات ظاهري : 4 ج نمودار شابك : 964-7866-20-8 (دوره ؛ 964-7866-20-8 (دوره ؛ 964-7866-16-x (ج 1) ؛ 964-7866-17-8 (ج 2) ؛ 964-7866-18-6 (ج 3) ؛ 964-7866-19-4 (ج 4) وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي يادداشت : اين كتاب در سالهاي مختلف توسط ناشرين مختلف منتشر شده است يادداشت : فهرستنويسي براساس اطلاعات فيپا. يادداشت : عربي يادداشت : كتابنامه موضوع : تفاسير شيعه -- قرن ق 12 موضوع : تفاسير ماثوره -- شيعه اماميه رده بندي كنگره: BP97/3 /ب 3ب 4 1382 رده بندي ديويي : 297/1726 شماره كتابشناسي ملي : م 75-6617

آدرس ثابت <البرهان = برهان في تفسير القرآن آدرس ثابت

الجزء الاول

تقديم ..... ص : 7

اشارة

بقلم الشيخ محمد مهدي الآصفي بسم الله الرحمن الرحيم التفسير: تبيين و إيضاح المقصود من الكلام، فإن من الكلام ما هو واضح و بين، و لا يحتاج إلى توضيح، و يتلقاه السامع و القارئ و يفهمه، من دون شرح و إيضاح. و من الكلام ما لا يفقهه السامع و القارئ إلا بعد شرح و إيضاح و بيان.

و القرآن الكريم من القسم الثاني من الكلام، و لذلك تمس الحاجة إلى تقديم شرح و تفسير لكلام الله تعالى ليفهمه الناس حق الفهم.

و هذه الحاجة هي أساس (علم التفسير) الذي هو من أكثر العلوم الإسلامية عراقة و تقدما.

و ليس من شك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يلقي هذا الكلام على الناس من دون شرح و تفسير فيفهمونه و يتفاعلون

معه، و تجذبهم جاذبية الكلام، و تقهرهم قوته و سلطانه.

و ليس من شك أن الناس يقرءون هذا القرآن عبر القرون فيفهمونه و يتفاعلون معه، دون أن يقرء و اله شرحا و توضيحا، فليس القرآن كتاب ألغاز و رموز، و إنما هو بيان و نور للناس هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ «1».

ثلاثة آراء في التفسير ..... ص : 7

تعرض التفسير لضربين من الرأي في طرفي الإفراط و التفريط:

فقد تصور بعض العلماء أن النص القرآني لما كان نازلا بلغة العرب و «بلسان عربي مبين»، و كان الصحابة في حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و المسلمون بعده يتلقونه و يتلونه و يفهمونه بيسر، و من دون تعقيد، فلا يحتاج النص القرآني للذين يتكلمون بلغة القرآن إلى تفسير و إيضاح.

__________________________________________________

(1) آل عمران 3: 138.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 8

و الرأي الآخر هو الذي تتبناه بعض الطوائف الإسلامية في إباء النص القرآني للتفسير و عدم حجية ظواهر القرآن، و احتجوا على ذلك بجملة من الروايات و الأحاديث، لا تنهض بهذه الدعوى، و انتهوا إلى أن النص القرآني لا يمكن فهمه بشكل دقيق، إلا إذا اقترن هذا النص بتفسير دقيق من جانب المعصوم.

و هذا الاتجاه كالاتجاه الأول لم يقاوم الحركة العلمية التي قام بها علماء المسلمين من بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الوقت الحاضر من تفسير القرآن.

و ساد بين هذا التصور و ذاك تصور ثالث وسط، كان هو التصور الحاكم على الأوساط العلمية الإسلامية و هو الحاجة إلى التفسير لفهم النص القرآني أولا، و قبول النص القرآني للتفسير، و إمكان التدبر و التأمل في آيات كتاب الله لعامة العلماء ثانيا.

الحاجة إلى التفسير لفهم النص القرآني ..... ص : 8

لقد شاع بين المسلمين تفسير القرآن و تدريسه منذ عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى اليوم، و لو لا الحاجة إلى التفسير لفهم النص القرآني، و تيسيره إلى الأذهان لم يشع بين المسلمين أمر التفسير منذ عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الوقت الحاضر إلى هذه الدرجة.

و قد كان رسول الله (صلى الله عليه

و آله) أول من فسر القرآن، و إلى هذه الحقيقة تشير النصوص التالية:

1- سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن السبيل في قوله تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فقال (صلى الله عليه و آله): «الزاد و الراحلة». «1»

2- و سألت عائشة رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الكسوة الواجبة في كفارة الأيمان في قوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ «2» فقال (صلى الله عليه و آله): «عباءة لكل مسكين». «3»

3- و سأله رجل من هذيل عن قوله تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ. «4»

قال: يا رسول الله، من تركه فقد كفر؟

فقال (صلى الله عليه و آله): «من تركه لا يخاف عقوبته، و لا يرجو ثوابه». «5»

و هو بمعنى الإنكار و الجحود لهذه الفريضة الإسلامية التي هي من ضروريات الإسلام.

__________________________________________________

(1) الإتقان 4: 250.

(2) المائدة 5: 89.

(3) الإتقان 4: 253.

(4) آل عمران 3: 97.

(5) الإتقان 4: 250.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 9

4- و سئل عن قوله تعالى: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ «1» ما عضين؟

فقال (صلى الله عليه و آله): «آمنوا ببعض و كفروا ببعض». «2»

5- و سئل عن قوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ «3» كيف يشرح صدره؟

فقال (صلى الله عليه و آله): «نور يقذف به، فينشرح له و ينفسح».

قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟

قال (صلى الله عليه و آله): «الإنابة إلى دار الخلود، و التجافي عن دار الغرور، و الاستعداد للموت قبل لقاء الموت». «4»

6- و

روى البخاري عن عدي بن حاتم، قال: حين نزل قوله تعالى: كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ «5» قال: قلت: يا رسول الله، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أ هما الخيطان؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «هو سواد الليل و بياض النهار». «6»

و قد تضمنت جملة من الموسوعات الحديثية أبوابا خاصة بما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في تفسير القرآن.

و اشتهر نفر من الصحابة بتفسير القرآن، مثل: عبدالله بن عباس، و ابن مسعود، و كان الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) إمام المفسرين بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله). و إليه يرجع عبدالله بن عباس في التفسير و جملة واسعة من الصحابة و التابعين لهم بإحسان.

حجية ظواهر القرآن ..... ص : 9

نزل القرآن بلسان عربي مبين ليفهمه الناس و يعملوا به، و القرآن يصرح بهذه الحقيقة وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ. «7»

و القرآن نور و برهان و موعظة من عند الله إلى عباده، و كيف يكون القرآن نورا و برهانا دون أن يتلقى الناس ظواهر القرآن بالتأمل و التدبر و الفهم، و دون أن تكون ظواهره حجة على الناس؟!

__________________________________________________

(1) الحجر 15: 90 و 91.

(2) الإتقان 4: 268.

(3) الأنعام 6: 125.

(4) الإتقان 4: 254.

(5) البقرة 2: 187.

(6) صحيح البخاري 6: 56/ 37.

(7) الشّعراء 62: 192- 195.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 10

يقول الله تعالى: قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. «1»

و يقول تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ

نُوراً مُبِيناً. «2»

و يقول تعالى: هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَ لِيُنْذَرُوا بِهِ وَ لِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَ لِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ. «3»

و يقول تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً. «4»

و كيف يكون القرآن للناس نورا، و برهانا، و بيانا، و بلاغا، و نذيرا، و مبشرا، و هاديا، ثم لا يتمكن الناس أن يتلقوا هذا القرآن بأنفسهم و يتأملوا فيه، و قد حثنا الله تعالى على التدبر و التأمل في آياته؟! «5» يقول تعالى: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً.

الأسباب و الوجوه التي تحوجنا إلى التفسير ..... ص : 10

الأسباب التي تحوجنا إلى تفسير النص القرآني عديدة، نذكر أهمها في ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن القرآن أجمل الكثير من الأحكام و التصورات و المفاهيم، و لا بد لهذا الإجمال من تفصيل و شرح و تبيان كي يمكن الاستفادة الكاملة من النص القرآني، و استيعاب الصورة الكاملة للمفهوم أو التصور أو الحكم الذي يقدمه النص لنا.

و من هذا القبيل آيات الأحكام، و هي تستغرق مساحة واسعة من القرآن الكريم، و قد أجمل القرآن هذه الأحكام، بينما فصلتها السنة، و لا يمكن فهم هذه الآيات فهما تفصيليا و كاملا من دون الشرح و التفسير.

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنزلت عليه الصلاة و لم يسم الله تعالى لهم ثلاثا، و لا أربعا، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم». «6»

و أمثلة ذلك في القرآن كثيرة، فمن الأحكام التي أجملها القرآن، و ترك تفسيرها لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و الحجج من

بعده قوله تعالى: أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ «7»، و قوله تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. «8»

__________________________________________________

(1) يونس 10: 57. [.....]

(2) النّساء 4: 174.

(3) إبراهيم 41: 52.

(4) الإسراء 17: 9.

(5) النّساء 4: 82.

(6) الكافي 1: 226/ 1.

(7) الحجّ 22: 41.

(8) آل عمران 3: 97.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 11

و ترك تفاصيل أحكام الصلاة و الزكاة و الحج، و هي تستغرق مجلدات ضخمة من الفقه في التفسير و التبيين و الشرح من جانب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته (عليهم السلام) الذين أورثهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) علم الكتاب و الشريعة من بعده كما في حديث الثقلين. «1»

كما أن القرآن ذكر طائفة من العمومات و المطلقات دون أن يذكر تخصيصا أو تقييدا لها، و ترك بيان التخصيص و التقييد لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و خلفائه من بعده (عليهم السلام) الذين ورثوا علمه.

و من هذه العمومات قوله تعالى: وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ «2» و هي تعم كل المطلقات، و قد ورد في السنة الشريفة تخصيص هذا العام بالمدخول بهن فقط.

و قوله تعالى: وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ «3» و هذا العموم يختص بالرجعيات، أما غير الرجعيات من المطلقات فلا أولوية لبعولتهن بهن، و هذا التخصيص وارد في التفسير.

و من المطلقات التي ورد تقييدها في التفسير من الحديث الشريف قوله تعالى: مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً «4» و إطلاق هذه الآية الكريمة مقيد في الروايات بما إذا لم يتب و كأنه قد قتله لإيمانه.

عن سماعة، قال:

قلت له: قول الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ.

قال: «المتعمد الذي يقتله على دينه، فذاك التعمد الذي ذكر الله».

قال: قلت: فرجل جاء إلى رجل فضربه بسيفه حتى قتله لغضب لا لعيب على دينه، قتله و هو يقول بقوله؟

قال: «ليس هذا الذي ذكر في الكتاب، و لكن يقاد به و الدية إن قبلت».

قلت: فله توبة؟ قال: «نعم، يعتق رقبة، و يصوم شهرين متتابعين، و يطعم ستين مسكينا، و يتوب و يتضرع فأرجو أن يتاب عليه». «5»

الوجه الثاني: أن القرآن الكريم طرح أنظمة كاملة للتصورات و المفاهيم و الأحكام، و ليس ما في القرآن أحكاما متناثرة و مختلفة، بل إن هذه التصورات و المفاهيم عند ما ينتظم عقدها في سلسلة واحدة تشكل نظاما مترابطا، منسجما، متكاملا. كل حلقة منه تكمل الحلقة التي تليها، و هي مجتمعة تقدم للإنسان نظاما كاملا للتفكير

__________________________________________________

(1) و ذلك في

قوله (صلى اللّه عليه و آله): «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي: كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي». أنظر مسند أحمد 4: 367 و 371 و 5: 182 و 189، سنن الدارمي 2: 431، صحيح مسلم 4: 1873/ 36 و: 4781/ 37، سنن الترمذي 5: 662/ 3786 و 3788، مستدرك الحاكم 3: 148، مصابيح السنة 4: 190/ 4816.

(2) البقرة 2: 228.

(3) البقرة 2: 228.

(4) النّساء 4: 93.

(5) تفسير العياشي 1: 267/ 236، و للتوسّع في هذا البحث راجع مجلة رسالة القرآن العدد (6)، التفسير نشأته و تطوّره للشيخ محمّد هادي معرفة.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 12

و التصور.

و من هذا القبيل (التوحيد) و (القضاء و القدر) و

(الاختيار) فإن آيات التوحيد الموزعة في مواضع كثيرة من القرآن عند ما تجتمع و ينتظم عقدها تقدم لنا تصورا كاملا عن وحدة الخالق، و وحدة السلطان و السيادة في حياة الإنسان، و إلغاء أي سيادة و سلطان من دون سلطان الله، و شرعية كل سيادة و سلطان في امتداد سلطان الله تعالى و سيادته و ولايته على الإنسان.

و في هذه المجموعة المنتظمة من الآيات يرتبط الإيمان بالولاء و البراءة و بسيادة الله تعالى و سلطانه على الإنسان، و عبودية الإنسان و طاعته لله تعالى، و تمرده و براءته من الطاغوت، و بمسألة الإمامة، و بخلافة الإنسان على وجه الأرض لله تعالى، و هي مجموعة منتظمة من المسائل و قضايا الفكر و العقيدة و العمل مرتبطة و منسجمة و متكاملة.

و كذلك قضية (الاختيار) و (القضاء و القدر) و (الخير و الشر) و (الهداية و الضلالة) مسائل مترابطة و متكاملة تتوزع و تنتشر في مواضع كثيرة من القرآن، و لا يمكن فهم هذه الآيات فهما سويا صحيحا، و لا يمكن أن نفهم ما يريده الله تعالى في هذه الآيات إلا إذا جمعناها إلى جنب بعض، و نظمناها في سلسلة واحدة مترابطة، و خصصنا عمومات الآيات العامة بالتخصيصات الواردة في القرآن، و قيدنا مطلقات الآيات بالقيود الواردة في آيات أخرى، و ضممنا الأفكار المتعددة بعضها إلى جنب بعض. عندئذ فقط يمكن فهم ما يريده الله تعالى في هذه الآيات، و من دون ذلك لا نكاد نستطيع أن نفهم حقائق هذا الكتاب حق الفهم.

فقد يتلقى المتلقي آية من كتاب الله فيتصور أنها تريد الجبر المطلق، و تسلب الإنسان حريته و إرادته بشكل مطلق، و قد يقرأ آية أخرى فيتصور

أن القرآن يقرر الاختيار المطلق، و يفصل الإنسان و مصيره بشكل كامل عن مشيئة الله تعالى و إرادته، بينما لا يقرر القرآن الكريم أيا من المعنيين.

و فهم ما يريده القرآن لا يمكن إلا من خلال جهد علمي يقوم به المتخصصون في القرآن بتجميع هذه الآيات و تنظيم هذه الأفكار، و استخراج وحدة فكرية و تصورية، و نظام فكري شامل من خلالها و هذا هو الجهد الذي يقوم به العلماء المتخصصون في القرآن من خلال (التفسير الموضوعي) للقرآن الكريم.

لقد نزل القرآن نجوما في ثلاث و عشرين سنة، و كان لنزول طائفة كبيرة من آيات القرآن أسباب و علل يسميها العلماء بأسباب النزول، و لا تكاد تفهم الآية إلا من خلالها.

و من هذه الآيات ناسخ و منسوخ و مجمل و مبين. و لا نتمكن أن نفهم هذه الآيات إلا إذا جمعنا بعضها إلى بعض، و وضعنا بعضها إلى جنب بعض، فإن القرآن يستخدم كثيرا طريقة الإطلاق في بيان حكم أو تصور أو سنة و في آيات أخرى يذكر الشروط و القيود، و ما لم نجمع هذه الآيات و نجعل بعضها إلى جنب بعض، و نفسر بعضها ببعض لا نستطيع أن نفهم كتاب الله و ما فيه من أحكام و سنن و تصورات و مفاهيم. و من الخطأ أن نستخلص حكما أو سنة أو تصورا من خلال آية واحدة من كتاب الله تعالى دون أن نعرضه على سائر الآيات.

أما لماذا يستخدم القرآن هذا الأسلوب في بيان الأحكام و السنن و التصورات؟ فهو أمر له علاقة بأسلوب البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 13

القرآن البياني و لسنا بصدد شرح أصول هذا الأسلوب و تأثيره الآن.

و الطريقة العلمية الصحيحة لفهم

آيات كتاب الله هي أن يقوم المفسر بجهد علمي في تجميع هذه الآيات و تنظيمها و تقييد المطلقات، و تخصيص العمومات، و تحديد الشروط منها، ثم ضم هذه الأحكام و التصورات و الأفكار بعضها إلى بعض، و استخراج أنظمة شاملة و وحدات فكرية شاملة منها، و هذا هو الجهد العلمي الذي ينهض به المفسر.

الوجه الثالث: أن للنص ظاهرا و أعماقا مختلفة، و كل إنسان يتناول من النص القرآني بقدر ما أوتي من علم و فهم. و قدرة على فهم مراد الله تعالى، فلا يفهم عامة الناس من كتاب الله تعالى إلا ظاهرا من آياته، و من العلماء من آتاه الله تعالى القدرة على الغوص في أعماق آياته، فيأخذ من كتاب الله قدر ما آتاه الله من علم و بصيرة و فقه، و ليس العلماء كلهم سواء في فهم كتاب الله تعالى، فإن لهذا القرآن أعماقا و بطونا مختلفة، و كلما أمعن الإنسان في القرآن الكريم، و أكثر فيه التأمل، و ثابر في فهمه و تذوقه أكثر بلغ من فهم القرآن ما لم يبلغه من قبل، و لعل في ذلك بعض السر في غضاضة النص القرآني و خلوده.

و لسنا نقصد أن كتاب الله تعالى مجموعة من الألغاز و المعميات و الرموز كما يقوله أهل الباطن، فإن القرآن نور و بلاغ و هدى للناس جميعا، و لا يمكن أن ينهض القرآن بهذه الرسالة في حياة البشرية جميعا إلا أن يكون منفتحا على الناس و بيانا لهم جميعا يخاطب الناس بلسانهم، و بما يفهمون من خطاب، و ليس بالرموز و الألغاز.

و إنما نقصد بالأعماق و البطون المختلفة للقرآن، أبعادا مختلفة لحقيقة واحدة و مفهوم واحد، فما يفهمه عامة

الناس من ظاهر القرآن هو ما يفهمه العلماء القرآنيون من أعماق القرآن البعيدة، إلا أن أولئك العلماء يبلغون أعماقا من وعي الحقيقة التي يبينها القرآن للناس لا يصل إليها عامة الناس، دون أن تختلف الحقائق التي يتلقاها الناس من ظاهر القرآن عن الحقائق التي يتلقاها العلماء القرآنيون من أعماق القرآن، و لكن شتان بين وعي و وعي و فهم و فهم، و ما يبلغه هؤلاء و أولئك.

و لسنا نريد أن نطيل الحديث في هذا الجانب، فإن كتاب الله نور و هدى و منهاج عمل في حياة البشر، و لا بد لفهم هذا القرآن أن تتضافر جهود العلماء ليفتحوا للناس من آفاق هذا القرآن، ما لا يمكن أن يصلوا إليه، لو لا ذلك.

و قد أدرك العلماء المتخصصون في القرآن هذه الضرورة منذ أقدم العصور القرآنية، و تنالوا كتاب الله تعالى بالتحليل و التفسير، و نحن بفضل جهودهم تلك أصبحنا نعي بحمد الله من كتاب الله و آياته و آفاقه ما لم نكن لندركه لولاها.

و من الآيات التي يمكن أن تكون مصداقا واضحا لاختلاف مستوى الفهم و التفسير من قبل العلماء في استكشاف أبعاد و أعماق مختلفة لها، دون أن تتناقض و تختلف هذه الأبعاد فيما بينها:

1- قوله تعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَ مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 14

النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ . «1»

2- و قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي

زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ. «2»

3- و قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ.»

و أمثال هذه الآيات في القرآن كثيرة، و هي من غرر الآيات، كما يقول العلامة الطباطبائي (رحمه الله)، و هي تحمل أبعادا و أعماقا مختلفة و لظاهرها معنى واضح و مفهوم، و كلما أمعن الإنسان النظر و تأمل فيها، فتح الله (تعالى) له من آفاق الفهم و التفسير ما لم ينفتح له من قبل. و هذه التفاسير و التصورات و الأفهام غير متناقضة و لا متخالفة فيما بينها، و قد تحدثت عن هذا الموضوع بتفصيل في كتاب (وعي القرآن).

و ليس كل الناس يستطيع أن يغوص في أعماق القرآن، و ليس كل أحد يحسن ذلك، إذا لم يستعن بالمتخصصين من علماء القرآن الكريم الذين رزقهم الله تعالى وعي كتابه.

تاريخ التفسير ..... ص : 14

مر علم التفسير عند الشيعة و السنة بثلاث مراحل، و هذه المراحل تختلف عند الشيعة و السنة في طول الفترة الزمنية و قصرها إلا أنها تكاد تكون متشابهة عند الطائفتين.

المرحلة الأولى: تبدأ برواية الأحاديث الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند السنة، و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته (عليهم السلام) عند الشيعة في تفسير القرآن.

و قد اشتهر نفر من الصحابة و التابعين في رواية هذه الأحاديث من مثل: عبدالله بن عباس، و ابن مسعود، و جابر بن عبدالله، و أبو سعيد

الخدري، و غيرهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، كما تناقل روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في التفسير نفر من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) خلال هذه الفترة.

و علماء الشيعة الإمامية يعتقدون أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يستقون أحاديثهم عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ليس من قبيل الرأي و الاجتهاد، و يستنبطون هذا المعنى من حديث الثقلين الشهير الذي تضافر الفريقان على روايته عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في اعتماد أهل البيت مصدرا ثانيا لمعرفة أحكام الله تعالى و حدوده بعد القرآن بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و بناء على هذا الفهم فإن الأحاديث المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) تكتسب صفة الحجية و يمكن الإحتجاج بها على فهم أحكام الله تعالى و آياته.

__________________________________________________

(1) الرّعد 13: 17.

(2) النّور 24: 35. [.....]

(3) الحجر 15: 21.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 15

و قد روى أصحاب أهل البيت (عليهم السلام) طائفة واسعة من الأحاديث في تفسير القرآن لم يتيسر لصحابة رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يرووها عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك لقصر الفترة التي تمكن فيها أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من رواية الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و طول الفترة الزمنية التي تمكن فيها أصحاب أهل البيت من رواية الحديث عنهم (عليهم السلام).

و حديث أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن مثل حديثهم في الأحكام، ليس عن رأي و اجتهاد، و إنما هو حديث رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علم رسول الله و ميراثه أودعه عندهم

يتوارثونه كابر عن كابر، و

حديث الثقلين: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله و عترتي أهل بيتي».

صريح في هذا المعنى، و هذا الحديث مما اتفق عليه صحاح الفريقين في الحديث. «1»

و كتب التفسير التي كتبها و دونها الأصحاب في هذه المرحلة كثيرة، نشير إلى طائفة منها:

1- تفسير ابن عباس، المتوفى سنة 68 ه.

2- تفسير أبان بن تغلب بن رباح، من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، توفي سنة 141 ه، ذكره ابن النديم في (الفهرست). «2»

3- تفسير ابن أورمة، من أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام)، ذكره النجاشي في (الرجال). «3»

4- تفسير ابن أسباط من أصحاب الإمام الرضا و أبي جعفر الجواد (عليهما السلام)، ذكره النجاشي في (الرجال). «4»

5- تفسير سعيد بن جبير، الذي استشهد بيد الحجاج سنة 95 ه، ذكره ابن النديم في (الفهرست). «5»

6- تفسير ابن محبوب الزراد المتوفى سنة 224 ه، من أصحاب الإمام الكاظم و الرضا و الجواد (عليهم السلام)، ذكره ابن النديم في (الفهرست). «6»

7- تفسير علي بن مهزيار الدورقي الأهوازي، المتوفي سنة 229 ه، من أصحاب الإمام الرضا و الجواد و الهادي (عليهم السلام)، ذكره النجاشي في (الرجال). «7»

8- تفسير عبد الرزاق بن همام بن نافع، من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام).

__________________________________________________

(1) مضافا إلى المصادر المتقدّمة أنظر: المنتخب من مسند عبد بن حميد 107/ 240، طبقات ابن سعد 2: 194، الذرية الطاهرة: 168/ 228، تفسير العياشي 1: 5/ 9، عيون أخبار الرّضا 1: 57/ 25، كمال الدين و تمام النعمة: 240/ 64، تفسير الرازي 8: 163، تفسير ابن كثير 4: 122.

(2) الفهرست: 308.

(3) رجال النجاشي: 329/ 891.

(4) رجال النجاشي: 252/ 663.

(5) الفهرست: 51.

(6) الفهرست: 309.

(7) رجال

النجاشي: 253/ 664.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 16

9- تفسير السدي المتوفى 127 ه.

10- تفسير محمد بن السائب الكلبي المتوفى سنة 146 ه.

11- تفسير أبي بصير يحيى بن أبي القاسم الأسدي، المتوفى سنة 150 ه، من أصحاب الباقر و الصادق (عليهما السلام).

12- تفسير أبي الجارود، زياد بن المنذر الهمداني، المتوفى سنة 150 ه من أصحاب علي بن الحسين و محمد بن علي الباقر و جعفر الصادق (عليهم السلام)، ذكره النجاشي في (الرجال). «1»

13- تفسير أبي حمزة الثمالي، المتوفى سنة 150 ه من أصحاب علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و الكاظم (عليهم السلام)، ذكره ابن النديم في (الفهرست) «2»، كما يروي عنه الثعلبي في (تفسيره)، و ذكره النجاشي في (الرجال). «3»

المرحلة الثانية: مرحلة التدوين و التجميع، و في هذه المرحلة توفر العلماء من الفريقين على تجميع و تنظيم ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أهل البيت (عليهم السلام) ضمن كتب منظمة و مدونة، من قبيل: كتاب (التفسير) لابن جرير الطبري من أئمة التفسير في أواخر القرن الثالث و أوائل القرن الرابع الهجري، من علماء السنة، و فرات بن إبراهيم في القرن الثالث، و أبي النضر محمد بن مسعود العياشي السمرقندي في أواخر القرن الثالث الهجري، و علي بن إبراهيم القمي في أواخر القرن الثالث و أوائل القرن الرابع الهجري، و محمد بن إبراهيم النعماني في أوائل القرن الرابع الهجري، و تفسير علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، المتوفى سنة 329 ه، يروي النجاشي عنه بواسطة واحدة، و تفسير الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المتوفى سنة 381 ه، و تفسير

ابن عقدة، المتوفى سنة 333 ه، ذكره النجاشي في (الرجال) «4» كما ذكره السيد ابن طاوس، و تفسير ابن الوليد محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد المتوفى سنة 343 ه، ذكره النجاشي في (الرجال). «5»

و كل هؤلاء من أئمة التفسير عند الشيعة، و لكل كتاب في التفسير، و أكثره محفوظ إلى اليوم.

و عند ما نراجع المدونات الروائية التي جمعت روايات التفسير في هذه الفترة نجد أن المدونات السنية تجمع إلى جانب حديث رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بعض الأحيان آراء الصحابة و التابعين، و تدرجها بعنوان (الأثر) كما أن المدونات السنية تحفل بطائفة واسعة من الإسرائيليات، و فيها أحاديث منكرة و ضعيفة و متهافتة.

و قد تناقل التابعون هذه الروايات في المرحلة الأولى من تاريخ التفسير، و أوردها أصحاب المدونات الروائية في التفسير، كما رووها و نقلت إليهم، دون أي دور يذكر في تصفية هذه الأحاديث.

__________________________________________________

(1) رجال النجاشي: 170/ 448.

(2) الفهرست: 50.

(3) رجال النجاشي: 115/ 296.

(4) رجال النجاشي: 391/ 1049.

(5) رجال النجاشي: 383/ 1042.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 17

أما المدونات الشيعية، فهي تختص بروايات المعصومين- رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأئمة من أهل بيته (عليهم السلام)- لا يدخلون فيها غير روايات أهل البيت (عليهم السلام) من الآراء و الآثار، و هي تخلو نسبيا من الإسرائيليات التي يكثر نقلها في الطائفة الأولى من المدونات التفسيرية، و لكن المدونات الشيعية تعاني من آفة أخرى في الرواية سوف نذكرها إن شاء الله.

المرحلة الثالثة: تبدأ تقريبا من القرن الخامس الهجري، و في هذه المرحلة يكتسب علم التفسير نضجا حقيقيا، و يبدأ علماء التفسير بممارسة الاجتهاد و الرأي في كتاب الله، و يتجاوز

التفسير مرحلة الرواية و النقل و التجميع إلى مرحلة الاجتهاد و النظر و الرأي من قبيل: الواحدي في القرن الخامس الهجري، و الزمخشري في القرن الخامس و السادس الهجري، و فخر الدين الرازي في القرن السادس الهجري، من علماء السنة و من علماء الشيعة السيد الرضي في (حقائق التأويل) في القرن الرابع و الخامس الهجري، و شيخ الطائفة الطوسي في القرن الخامس الهجري في تفسير (التبيان) و غيرهم.

و منذ القرن الخامس الهجري دخل التفسير بصورة في العلوم الإسلامية الرئيسية و الأساسية، و بدأ ينمو و يتكامل و تكتمل عناصر نضجه بصورة مستمرة، و في حقول مختلفة، و من منطلقات مختلفة، كالفقه و العرفان و الفلسفة و الأدب و الرواية و الأخلاق، و غيرها.

و تضافرت جهود العلماء المتخصصين في القرآن في بلورة المفاهيم و الأفكار و التصورات و الأحكام القرآنية بصورة منظمة، كما تكونت في هذه المرحلة (علوم القرآن) إلى جنب التفسير، و هي سلسلة من المسائل الأساسية التي لا بد منها في البحث القرآني لأي باحث في القرآن الكريم، من قبيل: الإعجاز، الناسخ و المنسوخ، و المحكم و المتشابه، التفسير و التأويل.

و إذا أردنا أن نتابع الحركة العلمية في التفسير و علوم القرآن من القرن الخامس الهجري إلى اليوم عند علماء الفريقين الشيعة و السنة، نجد أن هذه المرحلة مرحلة خصبة في الفكر القرآني، تمخضت عن كثير من الأفكار و التصورات، و فتحت على البشرية آفاقا واسعة جديدة من القرآن، و استنبطت الكثير من المسائل في مختلف أبواب المعرفة القرآنية.

و نستطيع أن نقول: إن الحركة العقلية في القرآن الكريم ابتدأت في هذه المرحلة، و دخل العقل الإسلامي آفاق القرآن، و لا زال يواصل جهده و

حركته في آفاق كتاب الله.

و ينبغي أن لا يغيب عنا ركام الأخطاء و الانحرافات التي أخلفها هذا الجهد العقلي خلال هذه الفترة، فقد حاولت المذاهب الفكرية و السياسية المختلفة إخضاع القرآن الكريم بالتأويل لصالح أفكارها و عقائدها، لا إخضاع آرائها و أفكارها للقرآن، و بالتالي حملوا القرآن الكريم ما لا يتحمل من توجهات فكرية مختلفة، بعيدة عن روح القرآن الشفافة، و بعيدة عن رسالة القرآن.

و كان للحركات الباطنية و الصوفية قصب السبق في هذا المجال، و بذلك حرموا من شفافية النص القرآني و أصالته، و من روح القرآن و هديه.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 18

و نذكر فيما يلي شاهدا واحدا من كلماتهم على هذا الفهم المشبع بروح التصوف للقرآن:

يقول بعض كبار علماء هذه الطائفة و كبار العارفين، في تفسير قوله تعالى:

وَ لَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَ عَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ «1» إن عتاب موسى (عليه السلام) لهارون لأنه أنكر على هارون إنكاره لعبادة العجل، و عدم اتساع صدره لعبادة العجل، فإن العارف من يرى الحق في كل شي ء، بل يراه عين كل شي ء. «2»

و كتب علماء الصوفية حافلة بمثل ذلك، و لعل فيما خلفه الشيخ العارف بالله و الصوفي الشهير ابن العربي في (التفسير) و (الفتوحات) و (الفصوص) و غير ذلك من كتبه و مؤلفاته بعض الشواهد على ذلك، على أننا نقدر الجهد الفكري الكبير الذي بذله هذا العالم المحقق في معارف القرآن و التوحيد، في الوقت الذي نشير إلى شطحاته في تفسير كتاب الله.

و هذه الآراء و التفاسير تعد بمجموعها ركاما كبيرا و ثقيلا في تاريخ القرآن

الكريم و له مردود سلبي على وعي القرآن و أسلوب التعامل معه.

هذا دون أن نقصد بهذا الكلام الانتقاص من الجهد العلمي الكبير الذي بذله هؤلاء العلماء و العارفون في استكشاف أعماق هذا الكتاب، و استخراج أفكاره و مفاهيمه إلى الناس.

و نحن نحتاج إلى دراستين قرآنيتين لهذه المرحلة أشد ما تكون الحاجة:

الدراسة الأولى: تختص بتاريخ هذه المرحلة من مراحل تفسير القرآن، و تقسيمها إلى عدد من الفصول و الأدوار، بموجب القفزات النوعية التي قام بها علماء التفسير في حقل التفسير، و المستجدات القرآنية التي استجدوها خلال هذه الفترة التي تزيد على الألف سنة.

و لو استقرأنا الجهد العلمي و العقلي الذي قام به علماء المسلمين خلال هذه الفترة من الناحية الكمية لعرفنا ضخامة العمل و الجهد الذي قام به هؤلاء العلماء، و لا بد أن تكون الحصيلة النوعية و الكيفية لهذا الكم الهائل من الجهد أمرا عظيما، يستحق الاهتمام و المتابعة، و عندئذ ندرك ماذا فتح الله على علماء المسلمين خلال هذه الفترة من وعي القرآن، و ماذا بقي على الخلف مما تركه السلف من آفاق و مساحات مجهولة لم تفتح بعد، لتنظم الجهود و للحيلولة دون تكرار الأعمال.

الدراسة الثانية: تختص بالنقد العلمي للجهود التي بذلت خلال هذه الفترة من تاريخ القرآن.

و هذه الدراسة تفرز الأعمال الأصلية التي استفادت من القرآن عن الأعمال التي حاولت أن تحمل القرآن بمجموعة من التوجهات و المتبنيات الفكرية، و بالتالي تفرز لنا الجهود التي خضعت للقرآن، و كونت رأيا و فهما و ذوقا خاضعا لكتاب الله، عن الجهود التي حاولت إخضاع كتاب الله لأذواق و متبنيات أصحابها، كما تفرز لنا هذه

__________________________________________________

(1) الأعراف 7: 150. [.....]

(2) شرح القيصري: 437.

البرهان في تفسير القرآن،

مقدمة، ص: 19

الدراسة الأعمال الجديدة في القرآن عن العمل الاجتراري و التكراري الذي حدث في مجال التفسير، خلال هذه الفترة و هو ليس بقليل.

و هذا النقد ينبغي أن يقوم على أساس التمييز بين ما يعجب الإنسان أن يقول من رأي و فهم في تفسير كتاب الله تعالى، و ما يفهمه من كتاب الله حقا، و إن كان لا يعجبه، و آفة كثير من المفسرين و المتخصصين في القرآن أنهم يريدون أن يعطوا للقرآن، لا أن يأخذوا من القرآن، و لو صدقت المحاولة في أن يأخذ الإنسان من القرآن فقط، دون أن يحمله ذوقه و رأيه و مزاجه و ما يعجبه لفتح الله تعالى عليه آفاقا كثيرة من الوعي و البصيرة و الهدى.

الخطوط و الاتجاهات العامة للتفسير عند أهل البيت (عليهم السلام) ..... ص : 19

أهل البيت (عليهم السلام) هم عدل الكتاب في حديث الثقلين المعروف، و قد سبقت الإشارة إليه، قد آتاهم الله تعالى وعي الكتاب و خصهم به، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) المسلمين بالرجوع إليهم في فهم كتاب الله.

عن الأصبغ بن نباتة، قال: لما قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكوفة صلى بهم أربعين صباحا، يقرأ بهم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى «1» قال: فقال المنافقون: لا و الله، ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن، لو أحسن أن يقرأ القرآن لقرأ بنا غير هذه السورة. قال: فبلغه ذلك، فقال:

«ويل لهم، إني لأعرف ناسخه من منسوخه، و محكمه من متشابهه، و فصله من فصاله، و حروفه من معانيه، و الله ما من حرف نزل على محمد (صلى الله عليه و آله) إلا أني أعرف فيمن نزل، و في أي يوم، و في أي موضع.

ويل لهم، أما يقرءون: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى

صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى «2» و الله عندي، ورثتهما من رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد أنهي إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) من إبراهيم و موسى (عليهما السلام).

ويل لهم، و الله أنا الذي أنزل الله في وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ «3» فإنما كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا و من يعيه، فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفا». «4»

و

عن مرازم بن حكيم و موسى بن بكير، قالا: سمعنا أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إنا أهل بيت لم يزل الله يبعث منا من يعلم كتابه من أوله إلى آخره». «5»

و

عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «ما نزلت آية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا أقرأنيها، و أملاها علي، فأكتبها بخطي، و علمني تأويلها و تفسيرها، و ناسخها و منسوخها، و محكمها و متشابهها، و دعا الله لي أن يعلمني فهمها و حفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، و لا علما أملاه علي

__________________________________________________

(1) الأعلى 87: 1.

(2) الأعلى 87: 18 و 19.

(3) الحاقّة 69: 12.

(4) تفسير العياشي 1: 16/ 1.

(5) مختصر بصائر الدرجات: 59.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 20

فكتبته منذ دعا لي ما دعا، و ما ترك شيئا علمه الله تعالى من حلال و لا حرام و لا أمر و لا نهي كان أو يكون من طاعة أو معصية إلا علمنيه و حفظته فلم أنس منه حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري و دعا الله أن يملأ قلبي علما و فهما و حكمة و نورا، فلم أنس شيئا و لم يفتني شي ء لم أكتبه.

فقلت:

يا رسول الله، أو تخوفت النسيان فيما بعد؟

فقال: لست أتخوف عليك نسيانا و لا جهلا، و قد أخبرني ربي أنه قد استجاب فيك و في شركائك الذين يكونون من بعدك.

فقلت: يا رسول الله، و من شركائي من بعدي؟

فقال: الذين قرنهم الله بنفسه و بي، فقال، الأوصياء مني إلى أن يردوا علي الحوض كلهم هاد مهتد، لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن و القرآن معهم». «1»

و

عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «كان علي (عليه السلام) صاحب حلال و حرام و علم بالقرآن، و نحن على منهاجه.» «2»

و لذلك فإن أهل البيت (عليهم السلام) هم من المصادر الأساسية لتفسير و فهم كتاب الله، و من دون أن نأخذ من علمهم الذي هو علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا نستطيع أن نفهم القرآن حق الفهم، كما أنزله الله تعالى.

يقول الشهرستاني صاحب الملل و النحل: فالقرآن هدى للناس عامة، و هدى و رحمة لقوم يؤمنون خاصة، و هدى و ذكر للنبي (صلى الله عليه و آله) و لقومه أخص من الأول و الثاني: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ. «3»

و لقد كان الصحابة متفقين على أن علم القرآن مخصوص بأهل البيت (عليهم السلام)،

إذ كانوا يسألون علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): هل خصصتم أهل البيت دوننا بشي ء سوى القرآن؟ فكان يقول: «لا و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إلا بما في قراب سيفي»

فاستثناء القرآن بالتخصيص دليل على إجماعهم بأن القرآن و علمه و تنزيله و تأويله مخصوص بهم. «4»

أما لماذا خص الله تعالى أهل البيت (عليهم السلام) بهذا العلم و بهذه السعة و الشمول دون سائر الناس؟ فهو شأن من شأن الله

تعالى، و يكفينا في ذلك النصوص الصحيحة و الصريحة عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، مما أطبق المسلمون على صحتها نحو حديث (الثقلين) و (السفينة) «5»

__________________________________________________

(1) تفسير العياشي 1: 14/ 2.

(2) تفسير العياشي 1: 15/ 5.

(3) الزّخرف 43: 44.

(4) تفسير مفاتيح الأسرار و مصابيح الأبرار للشهرستاني بنقل مجموعة باقر العلوم الثقافية (رسائل المؤتمر الرابع للقرآن في قم سنة 1412 ه).

(5) و ذلك

قوله (صلى اللّه عليه و آله): «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، و من تخلّف عنها غرق».

أنظر: عيون أخبار الرّضا 2: 27/ 10، كمال الدين و تمام النعمة 238/ 59، حلية الأولياء 4: 306، مستدرك الحاكم 2: 343 و 3: 150، أمالي الطوسي 1: 59 و 359 و 2: 74 و 96 و 126 و 246 و 343، تاريخ بغداد 12: 91، تفسير ابن كثير 4: 123، مجمع الزوائد 9: 168، الصواعق المحرقة: 152، الجامع الصغير 2: 533/ 8162.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 21

و (مدينة العلم) «1» و غير ذلك من النصوص المتفق عليها عند المسلمين.

و لأهل البيت (عليهم السلام) منهج متميز في التفسير و فهم القرآن، يفهمه من مارس كلماتهم و أحاديثهم في تفسير القرآن. و الحديث عن منهج أهل البيت (عليهم السلام) في التفسير يطول، و لسنا نريد نحن في هذه المقدمة أن نستعرض هذا الحديث بتفصيله، و إنما نريد أن نشير فقط إلى جملة من العناوين و الخطوط الرئيسية في طريقة أهل البيت (عليهم السلام) و منهجهم في تفسير القرآن.

أولا- تنزيه الله تعالى عن التجسيم: يختلف الرأي في الذات الإلهية تبارك و تعالى بين طائفتين من المسلمين في اتجاهين متعاكسين: التشبيه، و التعطيل.

يذهب المشبهة إلى

أن الذات الإلهية تشبه الإنسان، و له ما للإنسان من لحم و دم و عظم و شعر و رأس و عين، و ينتقل من مكان إلى مكان، و هؤلاء هم المجسمة و هم طائفة واسعة و كبيرة من المسلمين.

و يذهب المعطلة إلى استحالة معرفة الله تعالى على العقول، و إلى تعطيل العقول عن المعرفة، إلا بقدر ما يظهر من النصوص. سئل مالك عن قوله سبحانه: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ «2» قال: الاستواء معلوم، و الكيف مجهول، و الإيمان به واجب، و السؤال عنه بدعة. «3»

و هؤلاء و أولئك يفسرون آيات القرآن التي تخص الذات الإلهية و ما يصفه القرآن به من الاستواء على العرش و من إضافة اليد إليه تعالى و غير ذلك، باتجاهين مختلفين و متعاكسين.

و الاتجاه المقابل لهذين الاتجاهين، هو الاتجاه الذي دعا إليه أهل البيت (عليهم السلام) في نفي التشبيه و التجسيم و التعطيل جميعا و تفسير آيات القرآن المباركة المتعلقة بهذا الموضوع على هذا النهج، و فيما يلي نستعرض بعض الروايات الواردة في هذا الاتجاه:

1- عن الشيخ الصدوق، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، عن أبيه، عن سهل بن زياد، قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) سنة خمس و خمسين و مائتين: قد اختلف- يا سيدي- أصحابنا في التوحيد، منهم من يقول: هو جسم، و منهم من يقول: هو صورة، فإن رأيت- يا سيدي- أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه و لا أجوزه فعلت متطولا.

فوقع (عليه السلام) بخطه: «سألت عن التوحيد، و هذا عنكم معزول، الله تعالى واحد، أحد، صمد، لم يلد، و لم

__________________________________________________

(1) و ذلك

قوله (صلى اللّه عليه و آله): «أنا مدينة العلم، و

عليّ بابها»

أنظر: أمالي الصدوق: 282، عيون أخبار الرّضا 2: 66/ 298، أمالي الطوسي 2:

190، مستدرك الحاكم 3: 126 و 127، الاستيعاب 3: 38، تاريخ بغداد 2: 377 و 4: 348 و 7: 173 و 11: 48 و 204، مناقب ابن المغازلي:

80- 85/ 120- 126، شواهد التنزيل 1: 334/ 459، الفردوس 1: 44/ 106، مناقب الخوارزمي: 40، أسد الغاية 4: 22، البداية و النهاية 7:

358، مجمع الزوائد 9: 114، تهذيب التّهذيب 9: 114، الجامع الصغير 1: 415/ 2705.

(2) الأعراف 7: 54.

(3) الملل و النحل 1: 93. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 22

يولد، و لم يكن له كفوا أحدا، خالق و ليس بمخلوق، يخلق تبارك و تعالى ما يشاء من الأجسام و غير ذلك، و يصور ما يشاء، و ليس بمصور، جل ثناؤه و تقدست أسماؤه، و تعالى عن أن يكون له شبيه، هو لا غيره، ليس كمثله شي ء و هو السميع البصير». «1»

2- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا العباس بن معروف. قال: حدثنا ابن أبي نجران، عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحيم القصير، قال: كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبدالله (عليه السلام) بمسائل فيها: أخبرني عن الله عز و جل هل يوصف بالصورة و بالتخطيط، فإن رأيت- جعلني الله فداك- أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد؟

فكتب (عليه السلام) بيدي عبد الملك بن أعين: «سألت- رحمك الله- عن التوحيد، و ما ذهب إليه من قبلك، فتعالى الله الذي ليس كمثله شي ء، و هو السميع البصير، تعالى الله عما يصفه الواصفون المشبهون الله تبارك و

تعالى بخلقه، المفترون على الله، و اعلم- رحمك الله- أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عز و جل، فانف عن الله البطلان و التشبيه، فلا نفي و لا تشبيه، هو الله الثابت الموجود، تعالى الله عما يصفه الواصفون، و لا تعد القرآن فتضل بعد البيان». «2»

3- و عنه، بإسناده إلى هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «3» قال (عليه السلام): «بذلك وصف نفسه، و كذلك هو مستول على العرش، بائن من خلقه من غير أن يكون العرش حاملا له، و لا أن يكون العرش حاويا له، و لا أن يكون العرش محتازا له، و لكنا نقول: هو حامل العرش، و ممسك العرش، و نقول من ذلك ما قال: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ «4» فثبتنا من العرش و الكرسي ما ثبته، و نفينا أن يكون العرش أو الكرسي حاويا له، و أن يكون عز و جل محتاجا إلى مكان، أو إلى شي ء مما خلق، بل خلقه محتاجون إليه». «5»

4- و عنه، بإسناده إلى عبدالله بن قيس، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ «6» فقلت له: يدان هكذا؟ و أشرت بيدي إلى يديه.

فقال: «لا، لو كان هكذا لكان مخلوقا». «7»

5- و عنه، بإسناده إلى أبي جعفر، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

__________________________________________________

(1) التوحيد 101/ 14.

(2) التوحيد 102/ 15.

(3) طه 20: 5.

(4) البقرة 2: 255.

(5) نور الثقلين 3: 367/ 12، التوحيد 248/ 1.

(6) المائدة 5: 64.

(7) نور الثقلين 1: 65/ 279، التوحيد: 168.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 23

وَ هُوَ

اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ «1» فقال (عليه السلام): «كذلك هو في كل مكان».

قلت: بذاته؟

قال: «و يحك! إن الأماكن أقدار، فإذا قلت في مكان بذاته لزمك أن تقول في أقدار و غير ذلك، و لكن هو بائن من خلقه، محيط بما خلق علما و قدرة و سلطانا و ملكا، و ليس علمه بما في الأرض بأقل مما في السماء، لا يبعد منه شي ء، و الأشياء له سواء علما و قدرة و سلطانا و ملكا و إحاطة». «2»

6- و عنه، بالإسناد إلى عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام): يا ابن رسول الله، فما معنى الخبر الذي رووه أن ثواب «لا إله إلا الله» النظر إلى وجه الله؟

فقال (عليه السلام): «يا أبا الصلت، من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر، و لكن وجه الله أنبياؤه و رسله و حججه (صلوات الله عليهم)، هم الذين بهم يتوجه إلى الله و إلى دينه و معرفته، و قال الله عز و جل: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ «3» و قال عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «4» فالنظر إلى أنبياء الله و رسله و حججه (عليهم السلام) في درجاتهم ثواب عظيم يوم القيامة، و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله): من أبغض أهل بيتي و عترتي، لم يرني و لم أره يوم القيامة. و قال (عليه السلام): إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني.

يا أبا الصلت، إن الله تبارك و تعالى لا يوصف بمكان، و لا تدركه الأبصار و الأوهام» «5»

7- و عن إسحاق بن عمار، عمن سمعه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه

قال في قول الله عز و جل: وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ «6»: «لم يعنوا أنه هكذا، و لكنهم قالوا: قد فرغ من الأمر، فلا يزيد و لا ينقص، فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ «7» ألم تسمع الله عز و جل يقول: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ». «8»

ثانيا- تنزيه الأنبياء عن المعاصي: الرأي في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) هو عصمة الأنبياء (عليهم السلام) جميعا من المعاصي الكبيرة و الصغيرة قبل النبوة و بعدها، و من السهو و الخطأ في التبليغ، بينما جوز أصحاب الأحاديث و الحشوية على الأنبياء الكبائر قبل النبوة، و منهم من جوزها في حال النبوة سوى الكذب فيما يتعلق بأداء الشريعة. «9»

__________________________________________________

(1) الأنعام 6: 3.

(2) نور الثقلين 1: 704/ 20، التوحيد: 132/ 15.

(3) الرّحمن 55: 26 و 27.

(4) القّصص 28: 88.

(5) التّوحيد: 117/ 21.

(6) المائدة 5: 64.

(7) المائدة 5: 64. [.....]

(8) التّوحيد: 167، و الآية من سورة الرّعد 13: 39.

(9) تنزيه الأنبياء للمرتضى: 3.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 24

و على أساس الرأي بعصمة الأنبياء (عليهم السلام) فسر أهل البيت (عليهم السلام) كل آيات القرآن المتعلقة بحياة الأنبياء (عليهم السلام)، و هو اتجاه معروف لأهل البيت في تفسير القرآن.

روى علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك إن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».

قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ؟ «1» فقال الرضا

(عليه السلام): «لقد همت به، و لو لا أن رأى برهان ربه لهم بها، لكنه كان معصوما، و المعصوم لا يهم بذنب و لا يأتيه». «2»

و

عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك إن الأنبياء معصومون، قال: «بلى».

قال: فسأله عن آيات من القرآن، فكان فيما سأله أن قال له: فأخبرني عن قول الله عز و جل في إبراهيم:

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي. «3»

فقال الرضا (عليه السلام): «إن إبراهيم (عليه السلام) وقع في ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزهرة، و صنف يعبد القمر، و صنف يعبد الشمس، و ذلك حين خرج من السرب «4» الذي أخفي فيه، فلما جن عليه الليل و رأى الزهرة قال: هذا ربي. على الإنكار و الاستخبار، فلما أفل الكوكب قال: لا أحب الآفلين. لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم، فلما رأى القمر بازغا قال: هذا ربي. على الإنكار و الاستخبار، فلما أفل قال: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما أصبح و رأى الشمس بازغة، قال: هذا ربي هذا أكبر من الزهرة و القمر على الإنكار و الاستخبار، لا على الإخبار و الإقرار، فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة و القمر و الشمس: يا قوم إني بري ء مما تشركون، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين، و إنما أراد إبراهيم بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم، و يثبت عندهم أن العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهرة و القمر و الشمس، و إنما

تحق العبادة لخالقها و خالق السماوات و الأرض، و كان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله عز و جل و آتاه، كما قال الله عز و جل: وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ». «5»

فقال المأمون: لله درك يا ابن رسول الله. «6»

ثالثا- استحالة الرؤية: يذهب أهل الحديث و الأشاعرة، و هم طائفة واسعة من المسلمين إلى إمكان رؤية

__________________________________________________

(1) يوسف 12: 24.

(2) عيون أخبار الرّضا (عليه السلام) 1: 195/ 1.

(3) الأنعام 6: 76.

(4) السّرب: المسلك المخفي، و الحفير تحت الأرض لا منفذ له.

(5) الأنعام 6: 83.

(6) التّوحيد: 74.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 25

الله تعالى، و يرون أن الله تعالى يظهر للناس يوم القيامة كما يظهر البدر ليلة تمامه، و استظهروا ذلك من طائفة من الروايات «1» و آيات القرآن الكريم.

يقول الشيخ الأشعري في (الإبانة): و ندين بأن الله تعالى يرى في الآخرة بالأبصار كما يرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) «2»، و فسروا بهذا الرأي قوله تعالى: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ. «3»

يقول الفاضل القوشجي: إن النظر إذا كان بمعنى الانتظار يستعمل بغير صلة، و يقال انتظرت، و إذا كان بمعنى الرؤية يستعمل ب (إلى)، و النظر في هذه الآية استعمل بلفظ (إلى) فيحمل على الرؤية. «4»

و في مقابل هذا الاتجاه أصر أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) على استحالة رؤية الله تعالى، و فسروا الروايات و الآيات التي استظهر منها أهل الحديث و الأشاعرة إمكانية الرؤية بمعان مناسبة لجو الآيات و الروايات.

عن عبد السلام بن

صالح الهروي، قال: قلت لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟

فقال (عليه السلام): «يا أبا الصلت، إن الله تبارك و تعالى فضل نبيه محمدا (صلى الله عليه و آله) على جميع خلقه من النبيين و الملائكة، و جعل طاعته، طاعته، و متابعته متابعته، و زيارته في الدنيا و الآخرة زيارته، و قال عز و جل: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «5» و قال: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ. «6»

و قال النبي (صلى الله عليه و آله): من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله.

و درجة النبي (صلى الله عليه و آله) في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك و تعالى». «7»

رابعا- رأي أهل البيت (عليهم السلام) في الهداية و الضلالة: اختلف العلماء اختلافا شديدا فيما جاء في كتاب الله الكريم من الآيات التي يمكن أن يستظهر منها الإنسان إسناد الهداية و الضلالة إلى الله تعالى، نحو قوله تعالى:

وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. «8»

__________________________________________________

(1) صحيح البخاري 1: 230/ 31، صحيح مسلم 1: 163/ 299.

(2) الإبانة: 21!

(3) القيامة 75: 20- 23.

(4) شرح التجريد للقوشجي: 334.

(5) النّساء 4: 80.

(6) الفتح 48: 10. [.....]

(7) التوحيد: 117/ 21.

(8) النّحل 16: 93.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 26

و قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ

هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. «1»

فأخذ جمع من علماء المسلمين بظاهر هذه الآيات مبتورة عن الآيات الأخرى التي تكمل بمجموعها دلالة هذه الطائفة من الآيات، و حكموا بحتمية الهداية و الضلالة في حياة الإنسان من جانب الله تعالى، و نفوا دور الإنسان في اختيار الهداية و الضلالة، انطلاقا من هذه الطائفة من الآيات.

و قد خالف أهل البيت (عليهم السلام) هذا الاتجاه من التفسير و الرأي، و قالوا: إن الله تعالى هو مصدر الهداية في حياة الإنسان، و أما الضلالة فمن الإنسان نفسه، و على كل حال فإن الهداية و الضلالة تجري في حياة الإنسان باختياره و قراره، و نفوا بشكل قاطع حتمية الهداية و الضلالة في حياة الإنسان بإرادة الله تعالى.

عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: سألته عن معنى (لا حول و لا قوة إلا بالله).

فقال: «معناه: لا حول لنا عن معصية الله إلا بعون الله، و لا قوة لنا على طاعة الله إلا بتوفيق الله عز و جل». «2»

عن محمد بن أبي عمير، عن أبي عبد الله الفراء، عن محمد بن مسلم و محمد بن مروان، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «ما علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن جبرئيل من قبل الله عز و جل إلا بالتوفيق». «3»

عن حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: سألت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بنيسابور عن قول الله عز و جل: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ. «4»

قال: «من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنته و دار كرامته في الآخرة يشرح صدره للتسليم لله، و الثقة به، و السكون إلى ما وعده

من ثوابه حتى يطمئن إليه و من يرد أن يضله عن جنته و دار كرامته في الآخرة لكفره به و عصيانه له في الدنيا، يجعل صدره ضيقا حرجا حتى يشك في كفره، و يضطرب من اعتقاده قلبه، حتى يصير كأنما يصعد في السماء، كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون». «5»

خامسا- رأي أهل البيت (عليهم السلام) في الجبر و التفويض: ذهب أهل البيت (عليهم السلام) مذهبا وسطا بين الجبر و التفويض لا يتصل بالجبر و لا بالتفويض، و سموا ذلك: الأمر بين الأمرين.

روى مفضل بن عمر، عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام)، قال: «لا جبر و لا تفويض، و لكن أمر بين أمرين».

قال: قلت: و ما أمر بين أمرين؟

قال: «مثل ذلك مثل رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته، فتركته ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم

__________________________________________________

(1) إبراهيم 14: 4.

(2) التّوحيد: 242/ 3.

(3) التّوحيد: 242/ 2.

(4) الأنعام 6: 125.

(5) التّوحيد: 242/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 27

يقبل منك فتركته، أنت الذي أمرته بالمعصية». «1»

و عن أبي جعفر الباقر و أبي عبدالله الصادق (عليهما السلام) قالا: «إن الله عز و جل أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها، و الله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون» و سئلا: هل بين الجبر و القدر منزلة ثالثة؟

قال: «نعم، أوسع مما بين السماء و الأرض». «2»

و على أساس هذا الاتجاه من الوعي و الفهم فسروا آيات القرآن، و نفوا عن كلام الله تعالى الجبر و التفويض.

عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر (عليهم السلام) يقول: «من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاة، و لا تقبلوا

له شهادة، إن الله تبارك و تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها و لا يحملها فوق طاقتها، و لا تكسب كل نفس إلا عليها، و لا تزر وازرة وزر أخرى». «3»

سادسا- تفسير القرآن بالقرآن: من يتتبع طريقة أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير القرآن يلمس عندهم طريقة متميزة و مبتكرة في تفسير القرآن بالقرآن، و هذه الطريقة من أفضل الطرق لفهم القرآن، فإن القرآن خير دليل على القرآن، و قد جرى على هذه الطريقة في عصرنا الفقيد العلامة الطباطبائي (رحمه الله تعالى)، و أخرج تفسيره القيم (الميزان) على هذا الأساس المتين.

و فيما يلي نذكر نماذج من الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير القرآن بالقرآن. «4»

1- عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبدالله جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً. «5»

فقال (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى يضل الظالمين يوم القيامة عن دار كرامته، و يهدي أهل الإيمان و العمل الصالح إلى جنته، كما قال عز و جل: وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ «6» و قال عز و جل:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ. «7»

قال: فقلت: قوله عز و جل وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ «8» و قوله عز و جل: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ. «9»

__________________________________________________

(1) التّوحيد: 362/ 8.

(2) التّوحيد: 360/ 3.

(3) التّوحيد: 362/ 9.

(4) لقد اخترنا هذه النماذج من رسالة الدكتور خضير جعفر (حفظه اللّه) عن تفسير القرآن

بالقرآن عند أهل البيت (عليهم السّلام)، و رسالة (أهل البيت و تفسير القرآن) لمجموعة الامام الباقر الثقافية، و هي من منشورات دار القرآن (المؤتمر الرابع للقرآن الكريم في قم).

(5) الكهف 18: 17.

(6) إبراهيم 14: 27.

(7) يونس 10: 9. [.....]

(8) هود 11: 88.

(9) آل عمران 3: 160.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 28

فقال: «إذا فعل العبد ما أمره الله عز و جل به من الطاعة، كان فعله وفقا لأمر الله عز و جل، و سمي العبد به موفقا، و إذا أراد العبد أن يدخل في شي ء من معاصي الله فحال الله تبارك و تعالى بينه و بين تلك المعصية فتركها، كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره، و متى خلى بينه و بين تلك المعصية، فلم يحل بينه و بينها حتى يرتكبها فقد خذله و لم ينصره و لم يوفقه». «1»

2- و عن علي (عليه السلام) في قوله تعالى: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ «2»، قال: أي قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك و طاعتك لا بالمال و الصحة، فإنهم قد يكونون كفارا أو فساقا. قال: و هم الذين قال الله: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. «3»

3- و عن تفسير القمي في قوله تعالى: ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ. «4»

قال: قرأ رجل على أمير المؤمنين (عليه السلام): ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ على البناء للفاعل.

فقال (عليه السلام): «و يحك! أي شي ء يعصرون، يعصرون الخمر؟!».

قال الرجل: يا أمير المؤمنين، كيف أقرأها؟

فقال: «إنما نزلت:

و فيه يعصرون، أي يمطرون بعد سني المجاعة، و الدليل على ذلك قوله: وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً». «5»

4- و عن أبي الأسود الدؤلي، قال: رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر، فسأل عنها أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال علي (عليه السلام): لا رجم عليها، ألا ترى أنه يقول: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً «6» و قال: وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ «7» و كان الحمل ها هنا ستة أشهر» فتركها عمر. قال: ثم بلغنا أنها ولدت آخر لستة أشهر. «8»

5- و روي أن رجلا دخل مسجد الرسول (صلى الله عليه و آله)، فإذا رجل يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال:

فسألته عن الشاهد و المشهود، فقال: نعم، أما الشاهد يوم الجمعة، و المشهود يوم عرفة.

__________________________________________________

(1) التّوحيد: 241/ 1.

(2) الفاتحة 1: 7.

(3) البحار 24: 10/ 2 و 68/ 140 و 74: 227/ 22، و الآية من سورة النّساء 4: 69.

(4) يوسف 12: 49.

(5) تفسير القمّي 1: 345، تفسير الميزان 11: 203، الآية من سورة النبأ 78: 14.

(6) الأحقاف 46: 15.

(7) لقمان 31: 14.

(8) الدّر المنثور 7: 441.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 29

فجزته إلى آخر يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله). فسألته عن ذلك. فقال: أما الشاهد فيوم الجمعة، و أما المشهود فيوم النحر.

فجزتهما إلى غلام كأن وجهه الدينار، و هو يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقلت: أخبرني عن شاهد و مشهود. فقال: نعم، أما الشاهد فمحمد (صلى الله عليه و آله)، و أما المشهود فيوم القيامة أما سمعت الله سبحانه يقول:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً؟

«1» و قال: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ. «2»

فسألت عن الأول، فقالوا: ابن عباس، و سألت عن الثاني فقالوا: ابن عمر، و سألت عن الثالث فقالوا: الحسن ابن علي (عليهما السلام). «3»

6- و عن وهب بن وهب القرشي، عن الإمام الصادق، عن آبائه (عليهم السلام): أن أهل البصرة كتبوا إلى الحسين ابن علي (عليهما السلام) يسألونه عن (الصمد) فكتب إليهم:

«بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فلا تخوضوا في القرآن، و لا تجادلوا فيه بغير علم، فقد سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار، و إن الله سبحانه فسر الصمد، فقال: اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ «4» ثم فسره، فقال: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ». «5»

7- و عن الحسين بن سعيد، عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما الصبر الجميل؟

قال: «ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى أحد من الناس، إن إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان في حاجة، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم، فوثب إليه فاعتنقه، ثم قال: مرحبا بخليل الله، فقال له يعقوب: لست بخليل الله، و لكن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، قال له الراهب: فما الذي بلغ بك ما أرى من الكبر؟ قال: الهم و الحزن و السقم».

قال: «فما جاز عتبة الباب حتى أوحى الله إليه: يا يعقوب، شكوتني إلى العباد، فخر ساجدا عند عتبة الباب، يقول: رب لا أعود، فأوحى الله إليه: أني قد غفرت لك، فلا تعد إلى مثلها. فما شكا شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا إلا أنه قال يوما: إنما أشكو بثي و حزني

إلى الله و أعلم من الله ما لا تعلمون». «6»

8- و عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، فقلت: قوله عز و جل:

__________________________________________________

(1) الأحزاب 33: 45.

(2) هود 11: 103.

(3) مجمع البيان 10: 708.

(4) الإخلاص 112: 1 و 2. [.....]

(5) التوحيد: 90/ 5، و الآية من سورة الإخلاص 112: 3 و 4.

(6) البرهان، تفسير الآية 86 من سورة يوسف، التمحيص: 63/ 143.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 30

يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. «1»

فقال (عليه السلام): «اليد في كلام العرب القوة و النعمة، قال الله: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ «2»، و قال:

وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ «3»، أي: بقوة، و قال: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «4» أي قواهم، و يقال: لفلان عندي أياد كثيرة. أي فواضل و إحسان، و له عندي يد بيضاء. أي نعمة». «5»

9- و عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثني أبو جعفر (صلوات الله عليه)، قال: سمعت أبي يقول:

سمعت أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبدالله (عليه السلام)، فلما سلم و جلس تلا هذه الآية: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ «6» ثم أمسك.

فقال أبو عبدالله: «ما أسكتك؟».

قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله.

قال: «نعم،- يا عمرو- أكبر الكبائر الشرك بالله، لقول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ «7»، و قال:

مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَ مَأْواهُ النَّارُ. «8»

و بعده اليأس من روح الله، لأن الله يقول: لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ. «9»

ثم الأمن من مكر الله، لأن الله يقول: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ

اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ. «10»

و منها عقوق الوالدين، لأن الله جعل العاق جبارا شقيا من قوله: وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا. «11»

و منها قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، لأنه يقول: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها. «12»

__________________________________________________

(1) سورة ص 38: 75.

(2) سورة ص 38: 17.

(3) الذاريات 51: 47.

(4) المجادلة 58: 22.

(5) التّوحيد: 153/ 1.

(6) النّجم 53: 32.

(7) النّساء 4: 48 و 116.

(8) المائدة 5: 72.

(9) يوسف 12: 87.

(10) الأعراف 7: 99.

(11) مريم 19: 32.

(12) النّساء 4: 93. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 31

و قذف المحصنات، لأن الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. «1»

و أكل مال اليتيم لقوله: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً. «2»

و الفرار من الزحف، لأن الله يقول: وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ. «3»

و أكل الربا، لأن الله يقول: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ «4» و يقول: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ. «5»

و السحر، لأن الله يقول: وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ. «6»

و الزنا، لأن الله يقول: وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً. «7»

و اليمين الغموس «8» الفاجرة، لأن الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ. «9»

و الغلول، «10» لأن الله يقول: وَ مَنْ

يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ. «11»

و منع الزكاة المفروضة، لأن الله يقول: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ. «12»

و شهادة الزور، و كتمان الشهادة، لأن الله يقول: وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ. «13»

__________________________________________________

(1) النّور 24: 23.

(2) النّساء 4: 10.

(3) الأنفال 8: 16.

(4) البقرة 2: 275.

(5) البقرة 2: 279.

(6) البقرة 2: 102.

(7) الفرقان 25: 68 و 69.

(8) أي اليمين الكاذبة، سمّيت غموسا لأنّها تغمس صاحبها في الإثم، ثمّ في النّار.

(9) آل عمرا 3: 77.

(10) أي الخيانة في المغنم، و السرقة من الغنيمة.

(11) آل عمرا 3: 161.

(12) التّوبة 9: 35.

(13) البقرة 2: 283.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 32

و شرب الخمر، لأن الله عدل بها عبادة الأوثان.

و ترك الصلاة متعمدا، و شيئا مما فرض الله تعالى، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول: من ترك الصلاة متعمدا فقد برى ء من ذمة الله و ذمة رسوله».

و نقض العهد و قطيعة الرحم، لأن الله يقول: أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ. «1»

قال: فخرج عمرو بن عبيد له صراخ من بكائه، و هو يقول: هلك من قال برأيه، و نازعكم في الفضل و العلم. «2»

10- و عن الإمام الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ. «3»

قال: «الختم: هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم، كما قال الله تعالى: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا». «4»

11- و عن الإمام الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. «5»

قال: «لأن المرأة إذا تزوجت أخذت و الرجل يعطي، فلذلك و فر على الرجال، و علة أخرى في إعطاء

الرجل مثلي ما تعطى الأنثى، لأن الأنثى من عيال الذكر، إن احتاجت فعليه أن يعولها، و عليه نفقتها، و ليس على المرأة أن تعول الرجل، و لا تؤخذ بنفقته إن احتاج، فوفر على الرجال لذلك، و ذلك قول الله عز و جل: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ. «6»

12- و في (تفسير العياشي) في قوله تعالى: وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما «7» عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد، «8» قال: رجع ابن أبي دؤاد ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتم، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين سنة.

قال: قلت له: و لم ذاك؟

قال: لما كان من هذا الأسود- يعني أبا جعفر محمد بن علي بن موسى- اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم.

__________________________________________________

(1) الرّعد 13: 25. [.....]

(2) الكافي 2: 217/ 24، من لا يحضره الفقيه 3: 367/ 1746.

(3) البقرة 2: 7.

(4) عيون أخبار الرّضا 1: 123، و الآية من سورة النّساء 4: 155.

(5) النّساء 4: 11.

(6) علل الشرائع: 570/ 1، عيون أخبار الرّضا 2: 98/ 1، و الآية من سورة النّساء 4: 34.

(7) المائدة 5: 38.

(8) و هو أحمد بن أبي دؤاد بن جرير بن مالك الأيادي، أبو عبد اللّه، أحد القضاة المشهورين من المعتزلة، تولّى القضاء للمأمون و المعتصم و الواثق و المتوكّل، و توفّي مفلوجا ببغداد سنة 240 ه- تاريخ بغداد 4: 141، لسان الميزان 1: 171، الأعلام للزركلي 1: 124.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 33

قال: قلت: و كيف ذلك؟

قال: إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة، و سأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء

في مجلسه، و قد أحضر محمد بن علي، فسألنا عن القطع، في أي موضع يجب أن يقطع؟ قال: فقلت: من الكرسوع، «1» لقول الله في التيمم: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ «2» و اتفق معي على ذلك قوم.

و قال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: و ما الدليل على ذلك، قالوا: لأن الله لما قال: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ «3» في الغسل، دل على ذلك أن حد اليد هو المرفق.

قال: فالتفت إلى محمد بن علي، فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟

فقال: «قد تكلم القوم فيه، يا أمير المؤمنين».

قال: دعني بما تكلموا به، أي شي ء عندك؟

قال: «أعفني من هذا، يا أمير المؤمنين».

قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه.

فقال: «أما إذا أقسمت علي بالله، إني أقول: إنهم أخطأوا فيه السنة، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فتترك الكف.

قال: و ما الحجة في ذلك؟

قال: «قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): السجود على سبعة أعضاء: الوجه، و اليدين، و الركبتين، و الرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها. و قال الله تبارك و تعالى: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ «4» يعني هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً». «5»

قال: فأعجب المعتصم ذلك، فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.

قال ابن أبي دؤاد: قامت قيامتي، و تمنيت أني لم أك حيا. «6»

13- و عن علي بن يقطين قال: سأل المهدي أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمر، هل هي محرمة في كتاب الله عز و جل، فإن الناس إنما يعرفون النهي عنها و لا يعرفون تحريمها؟

فقال له أبو الحسن (عليه

السلام): «بل هي محرمة في كتاب الله».

فقال: في أي موضع هي محرمة من كتاب الله عز و جل، يا أبا الحسن؟

__________________________________________________

(1) الكرسوع: طرف الزند الذي يلي الخنصر، و هو الناتئ عند الرّسغ.

(2) النّساء 4: 43.

(3) المائدة 5: 6.

(4، 5). 72: 18.

(6) تفسير الميزان 5: 335، تفسير العياشي 1: 319/ 109.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 34

فقال: «قول الله تعالى: إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ «1» إلى أن قال:- فأما الإثم فإنها الخمر بعينها، و قد قال الله تعالى في موضع آخر: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما «2» فأما الإثم في كتاب الله فهي الخمر و الميسر، و إثمهما أكبر من نفعهما، كما قال الله تعالى».

فقال المهدي: يا علي بن يقطين، هذه فتوى هاشمية.

فقلت له: صدقت- يا أمير المؤمنين- الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت.

قال: فوالله ما صبر المهدي أن قال لي: صدقت يا رافضي. «3»

14- و عن محمد بن صالح الأرمني، قال: قلت لأبي محمد العسكري (عليه السلام): عرفني عن قول الله: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ «4»، فقال: «لله الأمر من قبل أن يأمر، و من بعد أن يأمر بما يشاء».

فقلت في نفسي: هذا تأويل قول الله: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «5»، فأقبل علي و قال: «و هو كما أسررت في نفسك: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ». «6»

15- و في كتاب (الاحتجاج) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه: «قد خطر على من ماسه

الكفر تقلد ما فوضه إلى أنبيائه و أوليائه، يقول لإبراهيم (عليه السلام): لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «7» أي المشركين، لأنه سمى الشرك ظلما بقوله: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ». «8»

16- روي عن زرارة و محمد بن مسلم: أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي، و كم هي؟

فقال: «إن الله عز و جل يقول: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ، «9» فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر».

قالا: قلنا: إنما قال الله عز و جل: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ، و لم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟

فقال: «أ و ليس قد قال الله عز و جل في الصفا و المروة:

__________________________________________________

(1) الأعراف 7: 33.

(2) البقرة 2: 219. [.....]

(3) البرهان: تفسير الآية: 219 من سورة البقرة، الكافي 6: 406/ 1.

(4) الروم 30: 4.

(5) الأعراف 7: 54.

(6) البرهان، تفسير الآية: 4 من سورة الروم، الثاقب في المناقب 564/ 502.

(7) البقرة 2: 124.

(8) نور الثقلين 1: 121/ 344، الاحتجاج 1: 251، من سورة لقمان 31: 13.

(9) النساء 4: 101.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 35

فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «1»؟ ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض؟ لأن الله عز و جل ذكره في كتابه و صنعه نبيه، و كذلك التقصير في السفر شي ء صنعه النبي (صلى الله عليه و آله) و ذكره الله تعالى في كتابه». «2»

17- و عن حريز، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. «3»

قال: «نزلت هذه الآية في

اليهود و النصارى، يقول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ «4» يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «5» لأن الله عز و جل قد أنزل عليهم في التوراة و الإنجيل و الزبور صفة محمد (صلى الله عليه و آله) و صفة أصحابه و مبعثه و مهاجره، و هو قوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ «6» فهذه صفة رسول الله في التوراة و الإنجيل و صفة أصحابه، فلما بعثه الله عز و جل عرفه أهل الكتاب، كما قال جل جلاله: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ». «7»

18- و عن عبد الرحمن قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قوله: يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ. «8»

قال: «الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً «9» نزلت هذه بعد هذه». «10»

19- و في (روضة الكافي) كلام لعلي بن الحسين (عليه السلام) في الوعظ و الزهد في الدنيا، يقول فيه: «و لقد أسمعكم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث يقول: وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ «11» و قال عز و جل: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ». «12»

20- و عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ. «13»

قال: «المؤذن أمير المؤمنين (عليه السلام)، يؤذن أذانا يسمع الخلائق كلها، و الدليل على ذلك قول

__________________________________________________

(1) البقرة 2:

158.

(2) نور الثقلين 1: 541/ 527، من لا يحضره الفقيه 1: 278/ 1266.

(3) البقرة 2: 6.

(4، 5) البقرة 2: 146.

(6) الفتح 48: 28.

(7) نور الثقلين 1: 708/ 37، تفسير القمّي 1: 32، و الآية من سورة البقرة 2: 89.

(8) البقرة 2: 219. [.....]

(9) الفرقان 25: 67.

(10) نور الثقلين 3: 414/ 13، الكافي 8: 74/ 29.

(11) الأنبياء 21: 11.

(12) الأنبياء 21: 12.

(13) الأعراف 7: 44.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 36

الله عز و جل في سورة التوبة: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ .. «1» فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): كنت أنا الأذان في الناس». «2»

21- و في كتاب (معاني الأخبار) عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «الإمام منا لا يكون إلا معصوما، و ليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، و لذلك لا يكون إلا منصوصا».

فقيل له: يا ابن رسول الله، فما معنى المعصوم؟

فقال: «هو معتصم بحبل الله، و حبل الله هو القرآن، لا يفترقان إلى يوم القيامة، و الإمام يهدي إلى القرآن، و القرآن يهدي إلى الإمام، و ذلك قول الله عز و جل: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ..». «3»

22- و عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)- في حديث- قال: «و سورة النور أنزلت بعد سورة النساء، و تصديق ذلك أن الله عز و جل أنزل عليه من سورة النساء: وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا «4»، و السبيل الذي قال الله عز و جل: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي

فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ». «5»

23- و روى الكليني باسناده، عن الفضيل و زرارة و محمد بن مسلم، عن حمران أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ. «6»

قال: «نعم، ليلة القدر، و هي في كل سنة من شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر قال الله عز و جل: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ». «7»

و بعد، فهذه طائفة من الخطوط و الاتجاهات العامة للتفسير عند أهل البيت (عليهم السلام)، كتبناها على عجل، و لو أن الباحثين تتبعوا روايات أهل البيت (عليهم السلام) في التفسير لاكتشفوا حقولا واسعة من العلم، و فتح الله عليهم أبوابا من المعرفة بطريقة أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير القرآن.

و إذا يسر الله تعالى جمع هذه الخطوط و تنظيمها من خلال الروايات الواردة عنهم (عليهم السلام)، و هي كثيرة و مبثوثة في كتب الحديث و التفسير، من نحو: (أصول الكافي) و كتب الشيخ الصدوق، و (تفسير علي بن إبراهيم)،

__________________________________________________

(1) التّوبة 9: 3.

(2) البرهان، تفسير الآية: 44 من سورة الأعراف، تفسير القمّي 1: 231.

(3) معاني الأخبار: 132/ 1، و الآية من سورة الإسراء 17: 9.

(4) النّساء 4: 15.

(5) الكافي 2: 27/ 1، و الآية من سورة النّور 24: 1 و 2.

(6) الدخان 44: 3.

(7) الكافي 4: 157/ 6، و الآية من سورة الدخان 44: 4.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 37

و (تفسير فرات الكوفي)، و (تفسير العياشي)، و (تفسير البرهان) للسيد هاشم البحراني، و (تفسير نور الثقلين) للشيخ

الحويزي، و غير ذلك من كتب الحديث و التفسير .. أقول إذا يسر الله جمع و تنظيم هذه الخطوط من خلال ما صحت روايته عن أهل البيت (عليهم السلام) أمكننا ذلك أن نضع أيدينا على الخطوط و الاتجاهات و الأصول التي كان يتمسك بها أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير القرآن. و عسى أن يقيض الله تعالى لهذه المهمة من يحب من عباده من العلماء الصالحين.

مناهج التفسير ..... ص : 37

1- التفسير بالرأي: كان الأوائل من المسلمين في عصر الصحابة و التابعين يتحرجون من تفسير القرآن بالرأي، و نقصد بالرأي، الرأي الممدوح لا الرأي المذموم، كما يصطلح على ذلك علماء القرآن و

يروون عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في شجب تفسير القرآن بالرأي: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار». «1»

و

عن جندب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ». «2»

و كان الصحابة يتحرجون أبلغ الحرج أن يقولوا في القرآن شيئا غير ما رووه عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فكان عبيد الله بن عمر يقول: «لقد أدركت فقهاء المدينة و إنهم ليعظمون القول في التفسير». «3»

و كذلك التابعون لهم، كانوا يتحرجون من الكلام في التفسير بالرأي، فكان أبو وائل شقيق بن سلمة إذا سئل عن شي ء من القرآن قال: «قد أصاب الله الذي به أراد». و يمتنع عن الإجابة برأيه في القرآن.

و سئل سعيد بن جبير أن يفسر شيئا من القرآن، فقال: «لئن تقع جوانبي خير من ذلك».

و عن الوليد بن مسلم قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبدالله فسأله عن آية من القرآن. فقال: «احرج عليك إن كنت مسلما

لما قمت عني». «4»

و كان سعيد بن المسيب إذا سئل عن تفسير آية من القرآن، قال: «إنا لا نقول في القرآن شيئا». «5»

و عن عمرو بن مرة قال: سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن فقال: «لا تسألني عن القرآن، و سل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شي ء!! يعني عكرمة». «6»

و عن يزيد بن أبي يزيد، قال: «كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال و الحرام و كان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأنه لم يسمع». «7»

و عن هشام بن عروة، قال: «ما سمعت أبي يؤول آية من كتاب الله قط». «8»

و عن هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: «كان أصحابنا يتقون التفسير و يهابونه». «9»

__________________________________________________

(1) مسند أحمد 1: 233 و 269، سنن الترمذي 5: 199/ 2950 و 2951، تفسير الطبري 1: 27، تفسير القرطبي 1: 32.

(2) سنن الترمذي 5: 200/ 2952، المعجم الكبير 2: 175، تفسير ابن كثير 1: 5. [.....]

(3، 4، 5) تفسير ابن كثير 1: 7.

(6، 7، 8، 9) تفسير ابن كثير 1: 7.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 38

و كان ابن عباس أول من تكلم في القرآن من خلال اللغة، فكان يفسر آي القرآن الكريم من خلال معرفته باللغة و الشعر، و كان يقول: «إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب». «1»

و أسئلة نافع بن الأزرق عن ابن عباس في غريب القرآن و أجوبة ابن عباس له من خلال شعر العرب معروفة يرويها السيوطي في (الإتقان). «2»

و مما ورد في هذه الأسئلة أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن قول الله عز و جل: لا تَأْخُذُهُ

سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ «3» ما السنة؟

قال ابن عباس: «النعاس» و استشهد بقول زهير:

لا سنة في طوال الليل تأخذه و لا ينام و لا في أمره فند «4»

لكن عبدالله بن عباس رغم ذلك لم يتجاوز هذا الحد من التفسير من خلال اللغة و شعر العرب، و بقي الصحابة و من بعدهم التابعون و من بعدهم علماء القرآن إلى أواسط القرن الرابع الهجري يلتزمون بمنهج التفسير بالمأثور، و قل من خرج على هذا النهج خلال هذه الفترة، و بقي المنهج السائد في تفسير القرآن هو التفسير بالمأثور.

و في وقت متأخر، في أواخر القرن الرابع الهجري يبدأ العلماء باستخدام الرأي في التفسير، و تبرز تفاسير حافلة بالرأي، و يستمر هذا الرأي في النضج و التكامل إلى الوقت الحاضر.

و يذهب هؤلاء العلماء إلى أن الذي يشجبه الإسلام من التفسير بالرأي هو الرأي المذموم، و هو القول في القرآن بغير علم و لا هدى، و أما الكلام في القرآن بعلم و دليل و برهان، فليس من الرأي المذموم، و إنما هو من الرأي الممدوح الذي لا ضير فيه.

يقول ابن كثير في أول تفسيره بعد أن يذكر طائفة من الروايات عمن كان يتهيب و يتحرج من التفسير بالرأي:

«فهذه الآثار الصحيحة و ما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه، فأما من تكلم بما يعلم ذلك من لغة و شرع فلا حرج عليه، و لهذا روي عن هؤلاء و غيرهم أقوال في التفسير، و لا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه و سكتوا عما جهلوه». «5»

و قال البيهقي في (شعب الإيمان): «هذا إن صح فإنما أراد- و الله أعلم- الرأي الذي يغلب من

غير دليل قام عليه، فمثل هذا الذي لا يجوز الحكم به في النوازل، و كذلك لا يجوز تفسير القرآن به. و أما الرأي الذي يسنده

__________________________________________________

(1) تفسير القرطبي 1: 24.

(2) الإتقان 2: 67.

(3) البقرة 2: 255.

(4) تفسير القرطبي 1: 25.

(5) تفسير ابن كثير 1: 7.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 39

برهان فالحكم به في النوازل جائز». «1»

و مهما يكن من أمر فقد نشط التفسير بالرأي بالمعنى السليم للرأي في العالم الإسلامي منذ هذا التاريخ، من دون إنكار تقريبا من قبل جمهور علماء المسلمين، و اتسعت حركة التفسير بالرأي، و ساهم في هذه الحركة كل المذاهب الفكرية الإسلامية تقريبا، و أبرز هذه المذاهب: الإمامية، و الأشاعرة، و المعتزلة.

و قد ألف الشيخ الطوسي، من أبرز فقهاء الإمامية، (تفسير التبيان) بهذا الاتجاه، و ألف فخر الدين الرازي من الأشاعرة (التفسير الكبير) بهذا الاتجاه أيضا، كما ألف جار الله الزمخشري من المعتزلة (تفسير الكشاف) في نفس الاتجاه.

و أصبح التفسير بالرأي مقبولا من قبل الجميع، و لكن الرأي الذي يسنده الدليل و البرهان القطعي، أما الرأي الذي لا يسنده دليل و برهان، و يعتمد الظن فلا يغني عن الحق شيئا.

على أن التفسير بالرأي يجب ألا يتجاوز حدود محكمات القرآن، أما متشابه القرآن فلا يعلمه إلا الله و الراسخون في العلم، و لا يصح أن يعتمد المفسر رأيه في تفسير متشابهات القرآن، و لسنا الآن بصدد تفصيل و شرح هذه النقطة.

2- التفسير بالمأثور: ذكرنا أن التفسير بالمأثور كمنهج علمي و مدرسة في تفسير القرآن، في مقابل التفسير بالرأي، لم يعد له وجود فعلي و مؤثر في الوقت الحاضر. فقد أصبح تفسير القرآن بالرأي هو المنهج السائد.

و لكن يبقى «الحديث» هو المصدر الأول-

بعد القرآن- في تفسير القرآن، و لا يستغني المفسر عن «الحديث» في تفسير القرآن، فلا رأي في مقابل «الحديث»، و لا رأي في عرض الحديث، و إنما يصح الرأي إذا كان لا يعارض الحديث، و لا بد إذن أن يتأكد المفسر من الروايات الواردة في تفسير الآية، قبل أن يمارس هو فيها الرأي و النظر و الاجتهاد.

و لذلك فإن الاهتمام بالروايات الواردة في تفسير القرآن يعتبر من مقومات الجهد العلمي في تفسير القرآن، و من هنا اهتم نفر من العلماء المتخصصين في القرآن بتجميع و تنظيم الروايات الواردة في تفسير القرآن لتيسير مهمة مفسري القرآن.

فمن تفاسير أهل السنة في هذا الحقل:

1- الدر المنثور في التفسير بالمأثور، لجلال الدين السيوطي.

2- تفسير ابن كثير.

3- تفسير البغوي.

و من تفاسير الشيعة:

1- تفسير العياشي.

__________________________________________________

(1) البرهان في علوم القرآن 2: 179.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 40

2- تفسير نور الثقلين.

3- تفسير البرهان، و سنعرض له بشي ء من البيان.

تفسير البرهان ..... ص : 40

و من خير ما ألفه علماء الشيعة في هذا المجال (البرهان في تفسير القرآن) لشيخنا الجليل المحقق العالم الثقة المتتبع السيد هاشم بن السيد سليمان البحراني الكتكǙƙʘ̠المتوفى سنة 1107 أو 1109 ه.

يقول عنه الشيخ يوسف صاحب الحدائق الناضرة (رحمه الله) في كتابه القيم (لؤلؤة البحرين): إنه كان فاضلا محدثا جامعا متتبعا للأخبار بما لم يسبق له سابق سوى شيخنا المجلسي، و قد صنف كتبا عديدة تشهد بشدة تتبعه و اطلاعه. «1»

و هذا الكتاب يجمع ما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) من أحاديث في تفسير القرآن الكريم. و قد بذل المؤلف (رحمه الله) جهدا كبيرا في جمع و تنظيم هذه الأحاديث من طائفة واسعة من المصادر الروائية، و هو يدل على درجة عالية

من القدرة العلمية عند المؤلف في تتبع الأحاديث من مصادرها الكثيرة و المتنوعة، و في تنظيم الأحاديث بموجب الآيات.

و هو جهد علمي كبير ليس له نظير في بابه إلا تفسير (نور الثقلين) الذي ألفه شيخنا العلامة الجليل المتتبع المحدث الفقيه الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي المتوفى سنة 1112 المعاصر لصاحب البرهان (رحمهما الله).

و من الحق أن هذين العلمين المتعاصرين (رحمهما الله) قاما في وقت واحد بعمل جليل في حقل الدراسات القرآنية، و أغنيا المكتبة القرآنية بموسوعتين جليلتين في الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير القرآن، و هما حافلتان بما ورد عنهم (عليهم السلام) في التفسير.

و ليس من شك أن حديث أهل البيت (عليهم السلام) من أهم مفاتيح فهم كتاب الله، و لا يتيسر للمفسر أن يفهم كتاب الله إذا لم يضع أمامه الخطوط الأساسية التي رسمها أهل البيت (عليهم السلام) لفهم كتاب الله، و إذا لم يستعن بأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) في فهم دقائق القرآن و رقائق معانيه.

و قد يسر هذان العلمان الجليلان هذه الثقافة الروائية من مصادر أهل البيت (عليهم السلام) للمفسرين، و بذلك قدما للمكتبة القرآنية و للباحثين في التفسير و علوم القرآن خدمة جليلة و يدا جميلة، نسأل الله تعالى أن يشكر لهما هذا الجهد، و يجزل لهما العطاء.

__________________________________________________

(1) لؤلؤة البحرين: 63.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 41

المصادر الروائية للكتاب لقد استعان المؤلف، المحدث البحراني (رحمه الله)، بطائفة واسعة من المصادر الروائية في تأليف هذا الكتاب الشريف، و هي أمهات المصادر الروائية في التفسير، و التي تجمع نصوص روايات أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن و علوم القرآن، منها:

1- تفسير الشيخ الثقة علي بن إبراهيم بن

هاشم.

2- تفسير الشيخ أبي النضر محمد بن مسعود العياشي.

3- تفسير مجمع البيان، للشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي.

4- تفسير جوامع الجامع للطبرسي أيضا.

5- تفسير كشف نهج البيان، لمحمد بن إدريس الشيباني.

6- تفسير ابن الماهيار.

7- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام).

8- تفسير فرات الكوفي، لفرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، من علماء القرن الثالث.

و أما المصادر الروائية، من غير كتب التفاسير التي اعتمدها المؤلف في موسوعته التفسيرية هذه، فكثيرة ذكرها في مقدمة كتابه.

نقود و مؤاخذات ..... ص : 41

رغم جلالة هذا الجهد العلمي الذي قام به هذا العالم المحدث الجليل، إلا أن الكتاب يحتوي على طائفة من الروايات الضعيفة في (الغلو) و (التحريف) و قد تتبعنا هذه الروايات في الكتاب فوجدناها مبثوثة في مختلف مواضع التفسير.

و يبدو أن المؤلف (رحمه الله) لم يقم بعملية جرد و تصفية و فرز للأحاديث الصحيحة عن غيرها في هذا الكتاب، أو أن جهده في هذا الأمر لم يكن كافيا لاستخلاص الكتاب من الأحاديث الضعيفة و الموضوعة.

فهو يعتمد مصادر متهمة بالوضع نحو التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام)، و قد قال عنه الشيخ محمد جواد البلاغي في مقدمة تفسيره القيم (آلاء الرحمن): و أما التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فقد أوضحنا في رسالة منفردة في شأنه أنه مكذوب موضوع، و مما يدل على ذلك نفس ما في التفسير من التناقض و التهافت في كلام الراويين، و ما يزعمان أنه رواية، و ما فيه من مخالفة للكتاب المجيد و معلوم التاريخ كما أشار إليه العلامة في (الخلاصة) و غيره. «1»

كما اعتمد على كتاب الشيخ رجب البرسي مثلا، و هو متهم بالغلو عند علمائنا، و كتابه فاقد للاعتبار

__________________________________________________

(1) آلاء الرّحمن 1: 49.

البرهان في تفسير

القرآن، مقدمة، ص: 42

العلمي، و اعتمد على كتاب (جامع الأخبار) و لا نعرف مؤلفه فضلا عن أسانيد رواياته.

و كذلك اعتمد كتاب (مصباح الشريعة) المنسوب إلى الإمام الصادق (عليه السلام)، و هو كتاب جليل، و لكنه لم تثبت نسبته إلى الإمام الصادق (عليه السلام)، و مؤلفه مجهول، و قد نسبه بعض العلماء إلى هشام بن الحكم، إلا أن شيئا من ذلك لم يثبت بطريق علمي.

كما اعتمد المؤلف (رحمه الله) في كتابه هذا طائفة من الروايات الضعيفة من حيث السند، و المضطربة من حيث المتن، و هو بالتأكيد مما يؤثر أثرا سلبيا على القيمة العلمية لهذا الكتاب الجليل، إلا أن نقول: إن الكتاب هو جهد علمي لجمع الروايات المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير القرآن، و هو جهد مفيد و نافع يمهد الطريق للمحققين الذين يعملون في تحقيق النصوص و استخراج الصحيح منها، و فرزها عن الروايات الضعيفة و المضطربة ..

و قد قام شيخ الإسلام العلامة المجلسي في عصره بتدوين الموسوعة الروائية الكبرى (بحار الأنوار) بهذا الأسلوب، و لهذه الغاية.

و ليس من شك أن في هذه الموسوعة الجليلة (بحار الأنوار) الكثير من الأحاديث الضعيفة و المضطربة، و ليس من شك كذلك أن هذه الموسوعة خدمت المكتبة الإسلامية، و المحققين خدمة جليلة، حيث جمعت لهم النصوص و الروايات المتفرقة في موضع واحد و ضمن نهج علمي منظم واحد، يسهل لهم الرجوع إليها و استخراج ما يريدون منها من النصوص و الروايات.

و هو وجه معقول من الكلام. و عندئذ لا يكون وجود أمثال هذه الروايات في الكتاب سببا لانتقاص قيمة الكتاب العلمية، إلا أننا نجد أنفسنا بحاجة إلى مرحلة أخرى من الجهد العلمي لاستخلاص الصحاح من حديث

أهل البيت (عليهم السلام) (في التفسير و الأصول) عن الأحاديث الضعيفة و فرزها عنها.

الدس و الوضع في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام): ..... ص : 42

لقد دس الغلاة في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، و لا سيما في التفسير، من الأحاديث الموضوعة و المنتحلة ما لا يعلم حجمه و مقداره إلا الله عز و جل. و بذلك فقد أضروا بحديث أهل البيت (عليهم السلام) و معارفهم ضررا بليغا.

روى الشيخ الصدوق باسناده عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: إن مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا و جعلوها على ثلاثة أقسام: أحدها الغلو، و ثانيها التقصير في أمرنا، و ثالثها التصريح بمثالب أعدائنا، فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا و نسبوهم إلى القول بربوبيتنا، و إذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، و إذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا. «1»

__________________________________________________

(1) عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 304.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 43

و من شأن هذه الأحاديث الموضوعة و المدسوسة أن تشوش فهم طريقة أهل البيت (عليهم السلام) في التفسير، ان كان الشخص الذي يتتبع روايات أهل البيت (عليهم السلام) غير ملم بطريقتهم (عليهم السلام)، و غير عارف بالأسانيد و الرجال و الرواة.

و مع الأسف لم تجر عملية تصفية كافية في حقل الأصول و التفسير، في روايات أهل البيت (عليهم السلام) كما جرى في حقل الفقه. فقد قام الفقهاء (رحمهم الله) بتنقيح و تصفية روايات أهل البيت (عليهم السلام) بنسبة معقولة في الفقه، إلا أن أحاديث (الأصول) و (التفسير) و (الفضائل) و (الكون و السماء و العالم) و (السير) بقيت على حالها، كما في المصادر الروائية الأولى، لم يتصد لها أحد بجهد علمي مناسب للتصفية و التنقيح، و بعد هذا الجهد فقط نتمكن من جمع و تنظيم ما روي

عن أهل البيت (عليهم السلام) في التفسير و استخراج الخطوط و الأصول العامة عندهم (عليهم السلام) في تفسير القرآن.

و قد جمع سيدنا الجليل المحدث المتتبع السيد هاشم البحراني (رحمه الله) في تفسيره القيم (البرهان) و شيخنا المحدث الشيخ الحويزي (رحمه الله) في تفسيره الكبير (نور الثقلين) طائفة واسعة من هذه الأحاديث من المصادر المختلفة.

إلا أن هذا الجهد العلمي هو المرحلة الأولى فقط من العمل، و قد قام به هذان العلمان (رحمهما الله) و جزاهما عن رسوله (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته خير الجزاء.

و المرحلة الثانية من هذا الجهد العلمي هو ما تحدثنا عنه قبل قليل من ضرورة تنقيح و تصفية الأحاديث المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن، و فرز الصحيح منها عن غير الصحيح.

و المرحلة الثالثة من هذا الجهد هو استخراج الأصول و الخطوط العامة لأهل البيت (عليهم السلام) في تفسير القرآن.

و عند ما تتم هذه المراحل الثلاثة فإن بإمكاننا أن نقف على ثروة كبيرة و كنز من أصول تفسير القرآن و خطوطه عند أهل البيت (عليهم السلام).

و من دون هذا الجهد لا نتمكن أن نأخذ بحظ وافر من حديث أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن، و من الصعب جدا أن يتمكن أحد من غير ذوي الاختصاص أن يفتح أحد هذين التفسيرين الجليلين فيقطع برأي محدد عن نظر أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن و تفسيره، و الحمد لله رب العالمين.

محمد مهدي الآصفي قم المشرفة- في 10 شعبان 1412 ه

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 45

مقدمة التحقيق ..... ص : 45

أولا: ترجمة المؤلف ..... ص : 45

نسبه الشريف ..... ص : 45

هو السيد هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد بن علي بن سليمان بن السيد ناصر الحسيني البحراني التوبلي الكتكاني. «1»

قال الميرزا عبدالله

أفندي: و كان (رحمه الله) من أولاد السيد المرتضى، و باقي نسبه إلى السيد المرتضى مذكور على ظهر بعض كتبه. «2»

نسبته ..... ص : 45

الكتكاني: نسبة إلى كتكان- بفتح الكافين و التاء المثناة الفوقانية- قرية من قرى توبلي.

التوبلي: نسبة إلى توبلي- بالتاء المثناة الفوقانية ثم الواو الساكنة ثم الباء الموحدة ثم اللام و الياء أخيرا- أحد أعمال البحرين.

حياته و سيرته ..... ص : 45

لقد أحجمت المصادر التي ترجمت للسيد هاشم البحراني (رحمه الله) عن ذكر تفاصيل حياته و سيرته، و كل ما استطعنا أن نقف عليه منها أنه ولد في كتكان، إحدى قرى البحرين، في النصف الأول من القرن الحادي عشر

__________________________________________________

(1) انظر ترجمته في: أمل الآمل 2: 341، رياض العلماء 5: 298، روضات الجنّات 8: 181، أنوار البدرين: 136، لؤلؤة البحرين: 63، مستدرك الوسائل 3: 389، ريحانة الأدب 1: 233، الفوائد الرضوية: 705، نجوم السّماء 1: 154، الإجازة الكبيرة للسيّد الجزائري: 36، الذريعة: في مواضع مختلفة ستأتي في بيان مؤلّفاته، مصفّى المقال: 489، الكنى و الألقاب 3: 107، سفينة البحار 2: 717، إيضاح المكنون: في مواضع مختلفة ستأتي في بيان مؤلّفاته، هدية العارفين 2: 503، أعلى الزركلي 8: 66، معجم المؤلّفين 13: 132.

(2) رياض العلماء 5: 298.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 46

الهجري، و مما ذكره الأفندي في (رياض العلماء) «1» يتضح أن السيد (رحمه الله) رحل إلى النجف الأشرف، و أقام بها فترة من الزمن، روى خلالها عن الشيخ فخر الدين الطريحي ابن محمد علي بن أحمد النجفي، المتوفى سنة 1085 ه، و يبدو مما ذكره السيد هاشم البحراني في خاتمة هذا التفسير أنه سافر إلى إيران، و زار المشهد الرضوي المقدس، و روى هناك عن السيد عبد العظيم بن السيد عباس الأسترآبادي، و ذكر ذلك صاحب الرياض أيضا. «2»

و كان السيد (رحمه الله) يتمتع بمكانة اجتماعية مرموقة في بلاده، و له دور

كبير في إدارة البلد و تنظيم الأمور الاجتماعية، و كان يحظى باحترام سائر الطبقات، و كانوا ينفذون أوامره و نواهيه، يقول الشيخ يوسف البحراني:

و انتهت رئاسة البلد بعد الشيخ محمد بن ماجد «3» إلى السيد، فقام بالقضاء في البلاد، و تولى الأمور الحسبية أحسن قيام، و قمع أيدي الظلمة و الحكام، و نشر الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و بالغ في ذلك و أكثر، و لم تأخذه لومة لائم في الدين، و كان من الأتقياء المتورعين، شديدا على الملوك و السلاطين. «4»

و كان (رحمه الله) مثالا للزهد و الورع و التقى، و لا يتوانى عن قول الحق و الإرشاد إلى التعاليم الدينية، و مهابا من قبل الحكام و ذوي السلطة و السيطرة.

و فوق كل هذا، لقد بلغ البحراني (رحمه الله) غاية قصوى في المنزلة العلمية، حيث ذاع صيته في بلده و في بعض البلدان الأخرى، و كان يرجع إليه المؤمنون في التقليد و المسائل الدينية، و يستجيزه العلماء الذين يريدون اتصال أسانيدهم في الرواية إلى الأئمة المعصومين (عليهم السلام).

مشايخه ..... ص : 46

1- السيد عبد العظيم بن السيد عباس الأسترآبادي، قال صاحب الرياض في ترجمته: كان من أجلة تلاميذ الشيخ البهائي، و يروي عنه السيد هاشم بن سليمان البحراني، المعروف بالعلامة، إجازة بالمشهد المقدس الرضوي، كما نص عليه في آخر كتاب تفسيره الموسوم ب (الهادي و مصباح النادي) و قال في وصفه: السيد الفاضل التقي و السند الزكي. «5»

و قال السيد هاشم البحراني في خاتمة هذا التفسير عند ذكره الطريق إلى المشايخ: أخبرني بالإجازة عدة من أصحابنا منهم السيد الفاضل التقي الزكي السيد عبد العظيم بن السيد عباس بالمشهد الشريف الرضوي.

2- الشيخ فخر الدين الطريحي بن محمد

علي بن أحمد النجفي، المحدث الفقيه اللغوي، المتوفى سنة 1085 ه، قال صاحب الرياض: و يروي السيد هاشم هذا عن الشيخ الرماحي الساكن في النجف، قال في (مدينة

__________________________________________________

(1) رياض العلماء 5: 304. [.....]

(2) رياض العلماء 3: 146.

(3) هو الشيخ محمّد بن ماجد البحراني الماحوزي البلادي، المتوفّى سنة 1105 ه.

(4) لؤلؤة البحرين: 63.

(5) رياض العلماء 3: 146.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 47

المعاجز): أدركته بالنجف و لي منه إجازة. «1»

تلامذته ..... ص : 47

1- الشيخ أبو الحسن شمس الدين سليمان الماحوزي، المعروف بالمحقق البحراني، المتوفي سنة 1121 ه.

2- الشيخ علي بن عبدالله بن راشد المقابي البحراني، المستنسخ لكتب استاذه، منها: (حلية النظر) و (حلية الأبرار)، استنسخهما سنة 1099 ه، و النسختان بخطه موجودتان في الرضوية. «2»

3- الشيخ محمد بن الحسن بن علي، المشهور بالحر العاملي، المحدث الفقيه الجليل، صاحب (تفصيل وسائل الشيعة)، المتوفى سنة 1104 ه.

قال في (أمل الآمل) في ترجمة السيد هاشم البحراني: رأيته و رويت عنه. «3»

4- السيد محمد العطار بن السيد علي البغدادي، الأديب الشاعر، المتوفى سنة 1171 ه، قال الشيخ محمد حرز الدين: قرأ على علماء عصره، منهم السيد هاشم بن السيد سليمان البحراني. «4»

5- الشيخ محمود بن عبد السلام المعني البحراني، كان حيا في سنة 1128 ه، و أجاز في تلك السنة الشيخ عبدالله السماهيجي المتوفي سنة 1135 ه.

6- الشيخ هيكل الجزائري بن عبد علي الأسدي، أجازه السيد البحراني على نسخة من كتاب (الاستبصار) في تاسع ربيع الأول سنة 1100 ه، و عبر عنه بالشيخ الفاضل العالم الكامل البهي الوفي.

اهتمامه بالحديث ..... ص : 47

وظف السيد البحراني كل الامكانات المتاحة لديه إلى إحياء الأحاديث المروية عن الأئمة الهداة (عليهم السلام)، و كان الحديث هو الصفة الغالبة لكافة الأغراض العلمية التي طرقها، كالتفسير و الفقه و العقائد و الأخلاق و غيرها، بل تكاد مؤلفاته لا تخرج عن نطاق الحديث و الرواية.

و شدة اهتمام السيد هاشم البحراني بالحديث و الرواية لفتت أنظار البعض من العلماء فراحوا يبينون الأسباب، يقول الشيخ يوسف البحراني: و قد صنف كتبا عديدة تشهد بشدة تتبعه و اطلاعه، إلا أني لم أقف له على كتاب فتاوى في الأحكام الشرعية بالكلية، و لو في مسألة جزئية،

و إن ما كتبه مجرد جمع و تأليف، لم يتكلم في شي ء منها مما وقفت عليه على ترجيح في الأقوال، أو بحث أو اختيار مذهب و قول في ذلك المجال، و لا أدري أن ذلك لقصور درجته عن مرتبة النظر و الاستدلال أم تورعا عن ذلك، كما نقل عن السيد الزاهد العابد

__________________________________________________

(1) رياض العلماء 5: 304.

(2) الذريعة 7: 79/ 424، و: 85/ 447.

(3) أمل الآمل 2: 341.

(4) معارف الرجال 2: 330.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 48

رضي الدين بن طاوس. «1» و انتهت رئاسة البلد بعد الشيخ محمد بن ماجد إلى السيد، فقام بالقضاء في البلاد، و تولى الأمور الحسبية أحسن قيام. «2»

و ربما يفهم من هذا القول قدح في مقامه العلمي، و لهذا قال السيد محسن الأمين العاملي في رده على هذا القول: مع أنه قال كما سمعت: انتهت رئاسة البلد إليه فقام بالقضاء في البلاد أحسن قيام. و كيف يقوم بالقضاء أحسن قيام من كانت درجته قاصرة عن مرتبة النظر، و ستعرف أن له كتاب (التبيان) «3» في جميع الفقه الاستدلالي، فكأن صاحب اللؤلؤة لم يطلع عليه. «4»

فالأرجح أن السيد البحراني (رحمه الله) إنما انصرف عن الإشتغال بالعلوم المتداولة تورعا، فكرس كل حياته لخدمة تراث أهل البيت (عليهم السلام) و إحياء أمرهم، و وقف عند حدود النصوص المأثورة عنهم، و لا يعدم ذلك وجود بعض النظر و الاستدلال في مؤلفاته، مثل: (تنبيه الأريب في إيضاح رجال التهذيب) و (التنبيهات في تمام الفقه من الطهارة إلى الديات) على ما سيأتي.

آثاره ..... ص : 48

ترك السيد هاشم البحراني (رحمه الله) مؤلفات كثيرة في شتى العلوم و الفنون، قال الأفندي: له (قدس سره) من المؤلفات ما يساوي خمسا و

سبعين مؤلفا، ما بين كبير و وسيط و صغير، و أكثرها في العلوم الدينية، و سمعت ممن أثق به من أولاده (رضوان الله عليه) أن بعض مؤلفاته حيث كان يأخذه من كان ألفه له لم يشتهر بل لم يوجد في البحرين. «5»

و فيما يلي ثبت بمؤلفاته المذكورة في مصادر ترجمته:

1- إثبات الوصية. قال الطهراني في (الذريعة): و يأتي له (البهجة المرضية في إثبات الخلافة و الوصية)، و الظاهر اتحاده مع هذا الكتاب. «6»

2- احتجاج المخالفين على إمامة أمير المؤمنين. فرغ منه سنة 1105 ه، و قال الأفندي: رأيته مع سائر تصانيفه عند ولده، و أورد فيه خمسة و سبعين احتجاجا من العامة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، و احتجاجات من قولهم على بطلان إمامة غيره. «7»

__________________________________________________

(1) هو السيد علي بن موسى بن جعفر، رضي الدين، المعروف بابن طاوس، المتوفّى سنة 664 ه.

(2) لؤلؤة البحرين: 63.

(3) مراده (التنبيهات في تمام الفقه من الطهارة إلى الدّيّات) قاله الأفندي في رياض العلماء 5: 300، و انظر الذريعة 4: 451.

(4) أعيان الشيعة 10: 249.

(5) رياض العلماء 5: 300.

(6) الذريعة 1: 111/ 538. [.....]

(7) الذريعة 1: 238/ 1485، رياض العلماء 5: 303.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 49

3- الإنصاف في النص على الأئمة الأشراف من آل عبد مناف. و يعرف ب (النصوص) أيضا، فرغ منه سنة 1097 ه، و يشتمل على ثلاثمائة و ثمانية أحاديث. «1»

4- إيضاح المسترشدين في بيان تراجم الراجعين إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام). و يعبر عنه أيضا ب (هداية المستبصرين)، فرغ منه سنة 1105 ه، و أورد فيه تراجم مائتين و ثلاثة و خمسين من المستبصرين الراجعين إلى الحق. «2»

5- البرهان في التفسير القرآن.

و هو هذا الكتاب الذي بين يديك، فرغ منه في 3 ذي الحجة سنة 1095 ه، و طبع لأول مرة على الحجر في طهران سنة 1295 ه، و صدر في مجلدين، و طبع ثانية في سنة 1302 ه، و طبع أيضا في سنة 1375 ه، و صدر في أربعة مجلدات، و ألحقت به مقدمة كتاب (مرآة الأنوار) لأبي الحسن العاملي الأصفهاني، و طبع أخيرا في سنة 1394 ه، و لما كانت جميع هذه الطبعات خالية من التحقيق فقد عمد قسم الدراسات الإسلامية التابع لمؤسسة البعثة على إخراجه محققا و بالله التوفيق.

6- البهجة المرضية في إثبات الخلافة و الوصية. قال الشيخ الطهراني في (الذريعة): ذكره في (اللؤلؤة) و لعله بعينه ما مر بعنوان (إثبات الوصية). «3»

7- بهجة النظر في إثبات الوصاية و الإمامة للأئمة الاثنى عشر (عليهم السلام). فرغ منه سنة 1099 ه، قال الأفندي في (الرياض): هو ملخص من كتاب (حلية الأبرار) للمؤلف. «4»

8- تبصرة الولي فيمن رأى المهدي (عليه السلام) في زمان أبيه أو في غيبته الصغرى أو الكبرى. فرغ منه سنة 1099 ه، و طبع شطر منه في ذيل غاية المرام سنة 1272 ه «5»، و طبع بتحقيق مؤسسة المعارف الإسلامية في قم المقدسة سنة 1411 ه.

9- التحفة البهية في إثبات الوصية لعلي (عليه السلام). فرغ منه سنة 1093 ه. قال الشيخ الطهراني في (الذريعة):

و لعله الذي مر بعنوان (إثبات الوصية) و بعنوان (البهجة المرضية)، و على أي فهو للسيد هاشم البحراني، رتبه على مقدمة و أبواب و خاتمة. «6»

10- ترتيب التهذيب. فرغ منه سنة 1079 ه، و وقع الفراغ من تصحيحه في محضر المؤلف سنة 1102 ه، ثم شرحه بنفسه كما يأتي،

و طبع الكتاب بطهران سنة 1107 ه في ثلاثة مجلدات. قال صاحب الذريعة: أورد كل

__________________________________________________

(1) الذريعة 2: 398/ 1596.

(2) الذريعة 2: 499/ 1956، 25: 191.

(3) الذريعة 3: 164/ 578.

(4) الذريعة 3: 164، 26: 311/ 544، رياض العلماء 5: 302.

(5) الذريعة 3: 326/ 1192، رياض العلماء 5: 301.

(6) الذريعة 26: 162/ 815، رياض العلماء 5: 302.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 50

حديث في الباب المناسب له، و نبه على بعض الأغلاط التي وقعت في أسانيده. «1»

11- تعريف رجال من لا يحضره الفقيه. و هو شرح لمشيخة الفقيه. «2»

12- تفضيل الأئمة على الأنبياء (صلوات الله عليهم أجمعين) سوى خاتم النبيين (صلى الله عليه و آله). «3»

13- تفضيل علي (عليه السلام) على أولي العزم من الرسل. ألفه في مرض موته في أربعة عشر يوما لا يقدر فيها على الحركة، فكان يملي الأخبار و يكتبها الكاتب عن إملائه، و فرغ منه سنة 1107 ه. «4»

14- تنبيه الأريب و تذكرة اللبيب في إيضاح رجال التهذيب. و هو كتاب مبسوط في شرح أسانيد (التهذيب) لشيخ الطائفة، و بيان أحوال رجاله، و لاحتياجه إلى التهذيب و التنقيح هذبه الشيخ حسن الدمستاني المتوفى سنة 1181 ه، و سماه (انتخاب الجيد من تنبيهات السيد). «5»

15- التنبيهات في تمام الفقه من الطهارة إلى الديات. قال الأفندي في (الرياض): هو كتاب كبير مشتمل على الاستدلالات في المسائل إلى آخر أبواب الفقه، و هو الآن موجود عند ورثة الأستاذ الاستناد «6»، و مراده العلامة المجلسي.

16- التيمية في بيان نسب التيمي. «7»

17- حقيقة الإيمان المبثوث على الجوارح. فرغ من تأليفة سنة 1090 ه، و قال الطهراني في (الذريعة): و لعل له اسما آخر. «8»

18- حلية الأبرار في أحوال

محمد و آله الأطهار (عليهم السلام). فرغ منه سنة 1099 ه، قال الطهراني في (الذريعة): كتاب كبير مرتب على ثلاثة عشر منهجا في أحوال النبي و الأئمة الاثنى عشر (عليهم السلام). «9» طبع في قم المشرفة في المطبعة العلمية سنة 1397 ه، و طبع ضمن منشورات مؤسسة المعارف الإسلامية في قم المقدسة بتحقيق الشيخ غلام رضا البروجردي سنة 1411 ه. «10»

19- حلية النظر في فضل الأئمة الاثنى عشر. فرغ منه سنة 1099 ه.

20- الدر النضيد في خصائص الحسين الشهيد. قال الأفندي في (الرياض): و لعله بعينه كتاب مقتل

__________________________________________________

(1) الذريعة 4: 64/ 270، رياض العلماء 5: 301، إيضاح المكنون 3: 279.

(2) الذريعة 4: 217/ 1083.

(3) الذريعة 4: 358/ 1555.

(4) الذريعة 4: 360/ 1569، رياض العلماء 5: 300.

(5) الذريعة 4: 440/ 1957، 2: 358، إيضاح المكنون 3: 323.

(6) الذريعة 4: 451/ 2012، رياض العلماء 5: 300.

(7) الذريعة 4: 518/ 2304. [.....]

(8) الذريعة 7: 48/ 249.

(9) الذريعة 7: 79/ 424، إيضاح المكنون 3: 419.

(10) الذريعة 7: 85/ 447، إيضاح المكنون 3: 421.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 51

الحسين (عليه السلام). «1»

21- الدرة اليتيمة. و في (رياض العلماء) المطبوع: الدرة الثمينة، يشتمل على اثني عشر بابا، و كل باب يشتمل على اثني عشر حديثا في فضل الأئمة (عليهم السلام). «2»

22- روضة العارفين و نزهة الراغبين في ترجمة جملة من المشايخ العاملين من شيعة أمير المؤمنين من القدماء و الرواة المتأخرين. كتاب في الرجال، قال الطهراني في (الذريعة): ذكر من الرجال 185 رجلا، آخرهم في النسخة التي رأيتها قنبر مولى أمير المؤمنين (عليه السلام)، و أولهم أبان بن تغلب. «3»

23- روضة الواعظين في أحاديث الأئمة الطاهرين (عليهم السلام). «4»

24- سلاسل

الحديد و تقييد أهل التقليد بما انتخب من شرح النهج لابن أبي الحديد. في فضائل أمير المؤمنين و الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، و في مسألة الإمامة، قال في (الرياض): و سماه نفسه بكتاب (شفاء الغليل من تعليل العليل) أيضا، فرغ منه سنة 1100 ه. «5»

25- سير الصحابة. فرغ منه سنة 1070 ه. «6»

26- شرح ترتيب التهذيب. «7»

27- عمدة النظر في بيان عصمة الأئمة الاثنى عشر (عليهم السلام) ببراهين العقل و الكتاب و الأثر. مرتب على ثلاثة مطالب: أولها في الأدلة العقلية الاثنى عشر، و ثانيها في الآيات القرآنية الاثنى عشر، و ثالثها في الأخبار النبوية و الروايات الولوية الخمسة و الأربعين الدالة كلها على العصمة. «8»

28- غاية المرام و حجة الخصام في تعيين الإمام من طريق الخاص و العام. ألفه بين عام 1100 و 1103 ه، و طبع في إيران سنة 1272 ه، و ترجمة الشيخ محمد تقي الدزفولي المتوفي سنة 1295 ه، و فرغ من ترجمته سنة 1273 ه، و طبع سنة 1277 ه، و سمى الترجمة (كفاية الخصام) و تمم ما نقص في بعض الأبواب من عدد الأخبار.

و لخص (غاية المرام) الأصفهاني، المتوفى سنة 1331 ه، و سماه (ملخص المرام في تلخيص غاية المرام) «9» و يقوم الآن قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسة البعثة بتحقيقه، و سيصدر ضمن منشوراتها.

__________________________________________________

(1) الذريعة 8: 82/ 300، رياض العلماء 5: 302، إيضاح المكنون 3: 453.

(2) الذريعة 8: 116/ 424، رياض العلماء 5: 302.

(3) الذريعة 11: 299/ 1789، رياض العلماء 5: 302، إيضاح المكنون 3: 595.

(4) الذريعة 11: 305/ 1815.

(5) الذريعة 12: 210/ 1394، رياض العلماء 5: 303، إيضاح المكنون 4: 20.

(6) رياض العلماء 5: 303.

(7) الذريعة 15: 341،

إيضاح المكنون 5: 299.

(8) الذريعة 15: 341، إيضاح المكنون 4: 125.

(9) الذريعة 16: 21/ 76، 18: 91/ 822، 22: 212/ 6736، إيضاح المكنون 4: 141.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 52

29- فضل الشيعة. يشتمل على (118) حديثا. «1»

30- كشف المهم في طريق غدير خم. مرتب على بابين: أولهما في طرق الخاصة، و الثاني في طرق العامة، تاريخ كتابته في 1101 ه و تاريخ تصحيحه في 1102 ه، احتمل في (الذريعة) نسبته للسيد هاشم البحراني. «2»

31- اللباب المستخرج من كتاب الشهاب. استخرج المؤلف الأخبار المروية في شأن أمير المؤمنين و الأئمة الأطهار (عليهم السلام) من كتاب (شهاب الأخبار) للقاضي القضاعي سلامة بن جعفر المتوفى سنة 454 ه. «3»

32- اللوامع النورانية في أسماء علي و أهل بيته (عليهم السلام) القرآنية. فرغ منه سنة 1096 ه، و طبع في قم المقدسة سنة 1394 ه، و طبع ثانية في أصفهان سنة 1404 ه.

33- المحجة فيما نزل في القائم الحجة (عجل الله فرجه). يشتمل على 120 آية من القرآن الكريم، فرغ منه سنة 1097 ه، و طبع مع (غاية المرام) في سنة 1272 ه، و طبع بتحقيق محمد منير الميلاني في بيروت.

34- مدينة المعجزات في النص على الأئمة الهداة. أو: مدينة معاجز الأئمة الاثنى عشر و دلائل الحجج على البشر. فرغ منه في سنة 1090 ه، و طبع في سنة 1271 ه و سنة 1291 ه، و سنة 1300 ه، و هو مرتب على اثني عشر بابا، كل باب في معجزات واحد من الأئمة الاثنى عشر (عليهم السلام). «4»

35- مصابيح الأنوار و أنوار الأبصار في معاجز النبي المختار (صلى الله عليه و آله). «5»

36- المطاعن البكرية و المثالب العمرية من

طريق العثمانية، فرغ منه سنة 1101 ه. «6»

37- معالم الزلفى في معارف النشأة الأولى و الأخرى. و هو مرتب على خمس جمل و خاتمة ذات أربع فوائد، قال الأفندي في (الرياض): هو كتاب حسن حاو لفوائد جمة من الأخبار، و ينقل فيها عن كتب غريبة منها ما هو مذكور في (بحار الأنوار) و منها ما ليس مذكور فيه. «7» طبع في سنة 1271 ه، و في سنة 1288 ه، و طبع مع (نزهة الأبرار) سنة 1289 ه.

38- مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام). قال الشيخ الطهراني في (الذريعة): نسبه إليه و أكثر النقل عنه الشيخ أحمد بن سليمان البحراني في كتابه (عقد اللآل في مناقب النبي و الآل (عليهم السلام) و رأيت نسخة منه بالكاظمية، فرغ الكاتب يوم الجمعة 28 ذي القعدة سنة 1120 ه، نقل أخباره من كتب العامة. «8»

__________________________________________________

(1) الذريعة 16: 268/ 119، رياض العلماء 5: 302.

(2) الذريعة 18: 64/ 693. [.....]

(3) الذريعة 14: 247، 18: 281/ 109، رياض العلماء 5: 303.

(4) الذريعة 20: 253/ 2834، إيضاح المكنون 4: 456.

(5) الذريعة 21: 86/ 4061، رياض العلماء 5: 456.

(6) رياض العلماء 5: 302.

(7) الذريعة 21: 199/ 4600، رياض العلماء 5: 299.

(8) الذريعة 22: 322/ 7281.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 53

و على هذا الكتاب تعليقات للمؤلف بعنوان (علي و السنة) ذكرها الطهراني في (الذريعة). «1»

39- مولد القائم (عجل الله فرجه الشريف). «2»

40- الميثمية. ذكره السيد محسن الأمين العاملي في (أعيان الشيعة) «3»، و لعله (التيمية) المتقدم.

41- نزهة الأبرار و منار الأفكار في خلق الجنة و النار. قال الطهراني في (الذريعة): فيها 251 حديثا، مطبوع سنة 1288 ه، كتبه بعد (معالم الزلفى)، و قد يسمى الجنة

و النار. «4»

42- ن 0 سب عمر بن الخطاب. «5»

43- نهاية الآمال فيما يتم به تقبل الأعمال. فرغ منه سنة 1102 ه، مرتب على 23 فصلا، و هو في بيان الأصول الخمسة و ما يتبعها من الإيمان و الإسلام و الولاية و دعائمهما. «6»

44- نور الأنوار في تفسير القرآن. مقصورا على روايات أهل البيت المعصومين (عليهم السلام)، قال الشيخ الطهراني في (الذريعة): نسخة منه عند السيد محمد علي الروضاتي من سورة الحاقة إلى الفلق. «7»

45- الهادي و مصباح النادي. أو: (و ضياء النادي)، فرغ منه سنة 1077 ه، و هو تفسير للقرآن الكريم مأخوذ من روايات أهل البيت (عليهم السلام) إلا ما شذ، و جميع رواياته من الكتب المعتبرة. «8»

46- الهداية القرآنية إلى الولاية الإمامية. فرغ منه في سنة 1096 «9» ه، يقوم الآن قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسة البعثة بتحقيقه و سيصدر ضمن منشوراتها.

47- وفاة الزهراء (سلام الله عليها). «10»

48- وفاة النبي (صلى الله عليه و آله). «11»

49- اليتيمة. قال الشيخ الطهراني في (الذريعة): ذكر في (كشف الحجب)، و ليس هو (الدرة اليتيمة)، لأن صاحب الرياض الذي رأى جميع تصانيفه عند ولده بأصفهان عدهما اثنين. «12»

__________________________________________________

(1) الذريعة 15: 329/ 2128.

(2) الذريعة 23: 275/ 8961.

(3) أعيان الشيعة 10: 250.

(4) الذريعة 24: 107/ 566، إيضاح المكنون 4: 634.

(5) الذريعة 24: 141/ 701، رياض العلماء 5: 299.

(6) الذريعة 24: 393/ 2106، رياض العلماء 5: 299، إيضاح المكنون 4: 689.

(7) الذريعة 24: 360/ 1945.

(8) الذريعة 25: 154/ 25، رياض العلماء 5: 301، إيضاح المكنون 4: 716. [.....]

(9) الذريعة 25: 188/ 191، رياض العلماء 5: 301.

(10) الذريعة 25: 119/ 683.

(11) الذريعة 25: 121/ 703.

(12) الذريعة 25/ 274/ 80.

البرهان في تفسير

القرآن، مقدمة، ص: 54

50- ينابيع المعاجز و أصول الدلائل. و هو مختصر (مدينة المعاجز)، فرغ منه سنة 1099 ه. «1»

و مما يجدر ذكره- ما دمنا في صدد تعداد آثار السيد البحراني (رحمه الله)- أن الشيخ الطهراني نسب أربعة كتب إلى السيد البحراني، و قد ذكرها في (الذريعة) كما يلي:

1- إرشاد المسترشدين. «2»

2- بستان الواعظين. «3»

3- تحفة الأخوان. «4»

4- ثاقب المناقب. «5»

و قد نسب الشيخ الطهراني هذه الكتب اعتمادا على المنقول في (رياض العلماء) للميرزا عبدالله أفندي، و الحال أن هذه النسبة وقعت و هما، إذ إن صاحب الرياض عد هذه الكتب الأربعة ضمن المصادر التي اعتمدها السيد البحراني في تصنيف كتابه (معالم الزلفى) و لم يعدها ضمن مصنفاته. «6»

وفاته ..... ص : 54

أرخت أغلب المصادر التي ترجمت له وفاته في سنة 1107 ه، في قرية نعيم، و نقل جثمانه الشريف إلى قرية توبلي، و دفن في مقبرة ماتيني من مساجد القرية المذكورة، و قبره اليوم مزار معظم معروف.

و يؤيد هذا التاريخ أيضا ما نقل في (رياض العلماء) في معرض حديثه عن رسالة السيد البحراني التي فرغ منها سنة 1107 ه، يقول: قد ألفها في آخر عمره حين كان مريضا لا يقدر على الحركة أربعة أشهر بإلحاح جماعة من الطلاب و هو لا يقدر على الكتابة لغاية ضعفه و مرضه، و كان يملي الأخبار في هذه المسألة و الطلبة يكتبون إلى أن تمت الرسالة، فلما تمت الرسالة توفي (رحمه الله) بعده بيوم، أو أزيد، من ذلك المرض بالبحرين سنة سبع و مائة و ألف من الهجرة. «7»

و قيل في تاريخ وفاته أيضا: إنه في سنة 1109 ه، على ما نقل عن بعض المشايخ أن وفاته كانت بعد موت الشيخ

محمد بن ماجد المتوفى سنة 1105 ه بأربع سنين.

__________________________________________________

(1) الذريعة 25: 290، رياض العلماء 5: 301.

(2) الذريعة 1: 521/ 2540.

(3) الذريعة 3: 108/ 357.

(4) الذريعة 3: 417/ 1495.

(5) الذريعة 5: 5.

(6) رياض العلماء 5: 299.

(7) رياض العلماء 5: 300.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 55

تقريظه ..... ص : 55

أطرى عليه علماء الرجال المعاصرون له و المتأخرون عنه، و أثنوا عليه بعبارات الإجلال و الإكبار و التعظيم، واصفين إياه بالفضل و العلم و المعرفة بالعربية و التفسير و الفقه و الرجال و الحديث مع دقة متناهية و إحاطة كافية بالأخبار و الروايات مضافا إلى اتصافه بالزهد و التقوى و الورع و الجهاد في قمع الظالمين و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و جعله السيد عبدالله الموسوي الجزائري في إجازته الكبيرة من مشاهير المرتبة الرابعة المتأخرة عن عصر الشهيد الثاني، و الذين وصفهم بأنهم ازدادوا دقة و شهرة على كثير ممن تقدمهم، و قد بلغ بالتسامع خلفا عن سلف من ثقتهم و جلالتهم و ضبطهم و عدالتهم ما جاوز حد الشياع و بهر الأسماع. «1»

و فيما يلي بعض أقوال العلماء فيه:

1- الشيخ الحر العاملي: «فاضل، عالم، ماهر، مدقق، فقيه، عارف بالتفسير و العربية و الرجال». «2»

2- الشيخ سليمان الماحوزي: «السيد أبو المكارم السيد هاشم بن السيد سليمان، محدث، متتبع، له التفسيران المشهوران». «3»

3- الشيخ يوسف البحراني: «السيد هاشم المعروف بالعلامة، كان فاضلا، محدثا جامعا، متتبعا للأخبار، بما لم يسبق إليه سابق سوى شيخنا المجلسي». «4»

4- الميرزا عبدالله أفندي الأصبهاني: «الفاضل، الجليل، المحدث، الفقيه، المعاصر، الصالح، الورع، العابد، الزاهد، المعروف بالسيد هاشم العلامة، من أهل البحرين، صاحب المؤلفات الغزيرة، و المصنفات الكثيرة، رأيت أكثرها بأصبهان عند ولده السيد محسن». «5»

و

في موضع آخر يقول: «و هو من المعاصرين، فقيه، محدث، مفسر، ورع، عابد، زاهد، صالح». «6»

5- الميرزا حسين النوري: «السيد الأجل، صاحب المؤلفات الشائعة الرائقة». «7»

6- الشيخ عباس القمي: «عالم، فاضل، مدقق، فقيه، عارف بالتفسير و العربية و الرجال، كان محدثا متتبعا للأخبار بما لم يسبق إليه سابق سوى العلامة المجلسي، و قد صنف كتبا كثيرة تشهد بشدة تتبعه و اطلاعه». «8»

و في موضع آخر يقول: «هو العالم الجليل، و المحدث الكامل النبيل، الماهر المتتبع في الأخبار، صاحب

__________________________________________________

(1) الإجازة الكبيرة: 19 و 36.

(2) أمل الآمل 2: 341.

(3) فهرست آل بابويه: 77. [.....]

(4) لؤلؤة البحرين: 63.

(5) رياض العلماء 5: 298.

(6) تعليقة أمل الآمل: 331/ 1049.

(7) مستدرك الوسائل 3: 389.

(8) الكنى و الألقاب 3: 107.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 56

المؤلفات الكثيرة». «1»

7- الميرزا محمد علي مدرس: «عالم، فاضل، مدقق، فقيه، عارف مفسر، رجالي، محدث، متتبع، إمامي، لم يسبق إليه سابق في كثرة التتبع سوى العلامة المجلسي، و كل واحد من مؤلفاته يشهد بكثرة تتبعه وسعة اطلاعه». «2»

8- الأستاذ عمر رضا كحالة: «مفسر، مشارك في بعض العلوم، من الإمامية». «3»

__________________________________________________

(1) سفينة البحار 2: 717، و انظر الفوائد الرضوية: 705.

(2) مترجما عن ريحانة الأدب 1: 233.

(3) معجم المؤلّفين 13: 132.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 57

ثانيا: التعريف بالكتاب ..... ص : 57

اشارة

هو تفسير روائي اعتمد فيه مصنفه على المأثور من رواية الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته الكرام (صلوات الله عليهم)، بطريقة تكشف عن سعة اطلاعه و كثرة تتبعه، و هذا الأسلوب سلكه المؤلف في مؤلفات عدة، منها: (الهادي و مصباح النادي) في التفسير، و (اللوامع النورانية)، و (المحجة فيما نزل في القائم الحجة) و (الهداية القرآنية).

ما الفرق بين هذا التفسير و تفسير الهادي؟ ..... ص : 57

تفسير (البرهان) أشمل و أكثر سعة من تفسير (الهادي و مصباح النادي) الذي أشار إليه في خطبة هذا الكتاب، و قد ضمن المصنف تفسير (البرهان) مصادر لم يتسن له الحصول عليها عند ما صنف (الهادي و مصباح النادي) و قد عبر المصنف عن ذلك بقوله: «و قد كنت أولا قد جمعت في كتاب (الهادي) كثيرا من تفسير أهل البيت (عليهم السلام) قبل عثوري على تفسير الشيخ الثقة محمد بن مسعود العياشي و تفسير الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار المعروف بابن الجحام، ما ذكره عنه الشيخ الفاضل شرف الدين النجفي، و غيرهما من الكتب».

فتفسير (البرهان) يشمل تفسير (الهادي) مضافا إليه الكثير من المظان التي لم يعتمدها المصنف في تفسير (الهادي)، و يقول السيد البحراني في خطبة هذا التفسير مؤكدا ذلك: «و اعلم- أيها الراغب فيما جاء عن أهل البيت (عليهم السلام) من التفسير، و الطالب لما سنح منهم من الحق المنير- أني قد جمعت ما في تفسير (الهادي و مصباح النادي) الذي ألفته أولا إلى زيادات هذا الكتاب، ليعم النفع و يسهل أخذه على الطلاب .. فهو كتاب عليه المعول و إليه المرجع».

متى فرغ المصنف من التفسيرين؟ ..... ص : 57

صنف المؤلف أولا تفسير (الهادي) و بعد (18) عاما فرغ من تفسير (البرهان)، إذ إنه فرغ من تفسير (الهادي) سنة 1077 ه، و فرغ من تفسير (البرهان) في اليوم الثالث من شهر ذي الحجة الحرام سنة 1095 ه، كما ذكر في خاتمة البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 58

هذا التفسير.

قيمة هذا التفسير و فضله ..... ص : 58

ضمن المصنف تفسيره هذا الكثير من روايات أهل البيت (عليهم السلام) الواردة في تفسير آي القرآن الكريم، أو التي وردت فيها الآيات كشواهد تؤيد مضمون ما ذهب إليه الإمام في الرواية، كما أورد فيه الكثير من الروايات التي لا تشمل على نص قرآني بل إن مضمونها يدل على تفسير الآية أو أن الرواية تشكل مصداقا من مصاديق الآية، و كان أغلب ما نقله المصنف من طرق الإمامية، أما ما ضمنه من روايات من طريق الجمهور فقد اقتصر على إيراد ما كان موافقا لرواية أهل البيت (عليهم السلام) أو كان في فضلهم، و قد عبر عن ذلك في خطبة هذا التفسير بقوله: «و ربما ذكرت من طريق الجمهور إذا كان موافقا لرواية أهل البيت (عليهم السلام) أو كان في فضل أهل البيت (عليهم السلام)».

و من كل ما تقدم يتضح أن هذا التفسير الجليل يشكل مع تفسير (نور الثقلين) «1» موسوعة في الروايات و الأخبار الواردة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) تعين الباحث و الدارس و المفسر على تهيئة الروايات بإسنادها و متنها دون الرجوع إلى المصادر و التي يصعب الحصول على أكثرها، و بهذا فقد وفرت على الباحث و المفسر و الطالب مزيدا من العناء في البحث و الاستقصاء و التحري.

و قد بين لنا مصنف هذا التفسير (رحمه الله) قيمة تفسيره و فضله في خطبة الكتاب

و خاتمته، إذ يقول في خطبة الكتاب: «و كتابي هذا يطلعك على كثير من أسرار علم القرآن، و يرشدك إلى ما جهله متعاطي التفسير من أهل الزمان، و يوضح لك عن ما ذكره من العلوم الشرعية و القصص و الأخبار النبوية و فضائل أهل البيت الإمامية، إذ صار كتابا شافيا، و دستورا وافيا، و مرجعا كافيا، حجة في الزمان، و عينا من الأعيان، إذ هو مأخوذ من تأويل أهل التنزيل و التأويل، الذين نزل الوحي في دارهم عن جبرئيل عن الجليل، أهل بيت الرحمة، و منبع العلم و الحكمة (صلى الله عليهم أجمعين)».

و في خاتمة هذا التفسير يقول: «فقد اشتمل الكتاب على كثير من الروايات عنهم (عليهم السلام) في تفسير كتاب الله العزيز، و انطوى على الجم من فضلهم و ما نزل فيهم (عليهم السلام)، و احتوى على كثير من علوم الأحكام و الآداب و قصص الأنبياء و غير ذلك مما لا يحتويه كتاب».

إذن، فكتاب (البرهان في تفسير القرآن) يجمع لنا أغلب الروايات الواردة في تفسير كتاب الله العزيز، غثها و سمينها، و ليس لنا التسليم بكل ما جاء فيها إلا بعد العرض على كتاب الله و هو ما أمر به أهل البيت (عليهم السلام)، و بعد التحقيق في إسنادها و طرقها، و تمحيصها و تنقيتها، و هو ما لم يقم به مصنف هذا الكتاب (رحمه الله).

__________________________________________________

(1) للشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي الشيرازي، المعاصر للسيّد البحراني، و المتوفّى نحو سنة 1112 ه، و المتوفّى نحو سنة 1112 ه، و قد فرغ منه نحو سنة 1066 ه، و هو يختلف عن (تفسير البرهان)، إذ البرهان يشتمل على اسناد الروايات و متنها كاملا، أمّا مصنّف

(نور الثقلين) فقد أسقط الإسناد و حذف كثيرا من متون بعض الروايات، كما أنّ البرهان يشتمل على ذكر الآيات القرآنية ثمّ يورد ما تسنّى من الروايات في تفسيرها و صاحب (نور الثقلين) ترك ذكر الآيات ممّا يصعب معرفة الأخبار المتعلّقة بكلّ آية. أنظر الذريعة 24: 365/ 1967.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 59

محتوى الكتاب ..... ص : 59

جعل المؤلف تفسيره على مقدمة تشتمل على خطبة المؤلف، ثم أفرد سبعة عشر بابا، و هي كما يلي:

1- باب في فضل العالم و المتعلم.

2- باب في فضل القرآن.

3- باب في الثقلين.

4- باب في أن ما من شي ء يحتاج إليه العباد إلا و هو في القرآن، و فيه تبيان كل شي ء.

5- باب في أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا الأئمة (عليهم السلام)، و عنهم تأويله.

6- باب في النهي عن تفسير القرآن بالرأي، و النهي عن الجدال.

7- باب في أن القرآن له ظهر و بطن، و عام و خاص، و محكم و متشابه، و ناسخ و منسوخ، و النبي (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته (عليهم السلام) يعلمون ذلك، و هم الراسخون في العلم.

8- باب في ما نزل عليه القرآن من الأقسام.

9- باب في أن القرآن نزل بإياك أعني و اسمعي يا جارة.

10- باب في ما عنى به الأئمة (عليهم السلام) في القرآن.

11- باب آخر. متمم للباب السابق و يشتمل على النهي عن تفسير القرآن دون علم.

12- باب في معنى الثقلين و الخليفتين من طريق المخالفين.

13- باب في العلة التي من أجلها أن القرآن باللسان العربي، و أن المعجزة في نظمه، و لم صار جديدا على مر الأزمان.

14- باب أن كل حديث لا يوافق القرآن فهو مردود.

15- باب في أول سورة

نزلت و آخر سورة.

16- باب في ذكر الكتب المأخوذ منها الكتاب.

17- باب في ما ذكره الشيخ علي بن إبراهيم في مطلع تفسيره.

و بعد هذه الأبواب شرع في المقصود، و هو تفسير سور القرآن الكريم بالمأثور من رواية أهل البيت (عليهم السلام) مبتدئا بسورة الفاتحة و منتهيا بسورة الناس، تاركا تفسير بعض الآيات الكريمة، مما لم يجد روايات في تفسيرها، و قد ألحقنا في نهاية كل سورة مستدركا بتفسير هذه الآيات وفقا لمنهج المؤلف، و سيأتي بيانه في عملنا في الكتاب.

و أفرد المؤلف بعض الأبواب في خاتمة تفسيره، و هي كما يلي:

1- باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله.

2- باب في فضل القرآن.

3- باب في أن حديث أهل البيت صعب مستصعب. البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 60

4- باب في وجوب التسليم لأهل البيت في ما جاء عنهم (عليهم السلام).

و بعد هذه الأبواب أشار المؤلف إلى ما تضمنه تفسيره و إلى مدى قيمته و فضله و طريقه في الرواية عن المشايخ و تاريخ فراغه من الكتاب.

ملاحظات حول مصادر الكتاب ..... ص :60

توافرت لدينا خلال مراحل تحقيق هذا التفسير جملة ملاحظات حول المصادر التي اعتمدها المصنف في هذا التفسير، آثرنا الإشارة إليها هنا تجنبا لتكرار الإشارة في مواضعها من التفسير، و هي كما يلي:

1- قال المصنف في خاتمة التفسير: «و اعلم أني إذا ذكرت ابن بابويه فهو أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، صاحب الفقيه» و قد وجدنا في هذا التفسير الكثير من النصوص التي نسبها المؤلف إلى ابن بابويه فلم نجدها في مصنفاته، و السبب راجع إلى أن مصنف هذا التفسير ينسب كتاب (كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) لابن بابويه، و يصطلح

عليه أحيانا اسم (النصوص) و الحال أن الكتاب للشيخ أبي القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمي، الذي يروي عن الشيخ الصدوق و عن أبي المفضل الشيباني و غيرهما، من ذلك: الحديث الثاني من الباب الثالث من أبواب المقدمة، و الحديث الرابع من نفس الباب، و لعل هذا الوهم قد نشأ من التقارب في الاسم حيث يعبر عن كليهما بالشيخ الصدوق، أو من التأثر ببعض المعاصرين.

قال الطهراني في (الذريعة) في ترجمة (كفاية الأثر): و قد نقل عنه المولى محمد باقر المجلسي في (البحار) فتوهم أنه للصدوق أو للمفيد فلا وجه له. «1»

و قد أبقينا هذه النسبة على حالها في الكتاب طالما ارتضاها المؤلف، و تعكس جزءا من ثقافته و رأيه و ذلك حفاظا على الأمانة العلمية، و اكتفينا بالتنبيه عليها هنا تحاشيا لما يحدث من الوهم في ذلك.

2- ينسب السيد البحراني كتاب (الكشكول فيما جرى لآل الرسول) إلى العلامة الحلي، المتوفى سنة 726 ه، و قد نقل عنه في عدة مواضع من الكتاب بعنوان (الكشكول للعلامة الحلي)، منها: الحديث الخامس من تفسير سورة الأنعام الآية 149- 150، و الحديث السادس من تفسير سورة الأنفال الآية 32- 33، و في كل المواضع التي نقل فيها عن (الكشكول) وجدناه في (الكشكول فيما جرى لآل الرسول) المشهور نسبته إلى السيد حيدر بن علي الحسيني الآملي.

قال الشيخ الطهراني في (الذريعة) في ترجمة هذا الكتاب: «المشهور نسبته إلى السيد حيدر بن علي العبيدي الحسيني الآملي، المعروف بالصوفي، لكن في (الرياض) استبعد كون مؤلفه الصوفي المذكور، لوجوه أربعة، مذكورة في ترجمة الصوفي، و الحق معه، بل المؤلف هو السيد حيدر بن علي الحسيني الآملي، المقدم على الصوفي بقليل كتبه في

سنة وقوع الفتنة العظيمة بين الشيعة و السنة و هي في سنة 735 ه، و عده في (مجالس

__________________________________________________

(1) الذريعة 18: 86/ 806.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 61

المؤمنين) من كتب السيد حيدر الصوفي المذكور، و لكن الشيخ المحدث الحر قال: إنه ينسب إلى العلامة الحلي، و الشيخ يوسف خطأه في الانتساب إليه، و جزم بكلام (المجالس)، و الله أعلم». «1»

و قد تركنا نسبة الكتاب في المتن وفقا لما اختاره المصنف، و ذكرنا موضع الخلاف هنا للتنبيه.

3- ينسب السيد البحراني كتاب (المتحيص) إلى الحسين بن سعيد، كما في الحديث الأول من تفسير الآية 86 من سورة يوسف، و الكتاب مختلف في نسبته بين اثنين: الشيخ محمد بن همام بن سهيل الكاتب المتوفى سنة 336 ه، و تلميذه الشيخ الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني صاحب (تحف العقول)، و استظهر الشيخ الطهراني أنه من تأليف ابن شعبة، و يروي فيه عن شيخه محمد بن همام، «2» و الله العالم. و أبقينا نسبة الكتاب كما ارتضاها المؤلف و اكتفينا بالإشارة إليها هنا.

4- ينسب السيد البحراني كتاب (مصباح الأنوار) للشيخ الطوسي، و هو للشيخ هاشم بن محمد، و نبه الشيخ الطهراني على أن منشأ هذا الاشتباه هو أنه كتب على ظهر النسخة أنه للشيخ الطوسي. «3» و قد أبقينا نسبة الكتاب على ما ذكرها المصنف، و اكتفينا بهذه الاشارة تفاديا لما يحدث من الوهم.

5- نقل المصنف في هذا التفسير عن (مسند فاطمة (عليها السلام) لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري في عدة مواضع، منها: الحديث التاسع من تفسير الآية 148 من سورة البقرة، و الحديث الثالث من تفسير الآية 155 و 156 من نفس السورة، و جميع

ما نقله عنه موجود في (دلائل الإمامة) لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري الإمامي، صاحب (نوادر المعجزات) و الذي كان معاصرا للشيخ الطوسي و النجاشي، مما يدل على اتحاد الكتابين، و قد كتب على أغلب نسخ (الدلائل) المخطوطة (مسند فاطمة (عليها السلام) لأن الكتاب يبدأ بعدة أحاديث تنتهي بالإسناد إلى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بعد أن سقط منه قسمه الأول المتضمن دلائل و معجزات النبوة و دلائل أمير المؤمنين (عليه السلام) و مقدمة المؤلف.

قال الشيخ الطهراني في (الذريعة) في ترجمة (مسند فاطمة (سلام الله عليها): استظهر سيدنا أبو محمد صدر الدين أنه كتاب (الدلائل) لابن جرير الامامي. «4»

فالظاهر أن الكتاب المعتمد من قبل المؤلف هو (دلائل الإمامة) و قد أوردنا تفصيل هذه المسألة في مقدمة (دلائل الإمامة) من تحقيق قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسة البعثة.

6- في الباب السادس عشر من أبواب المقدمة في ذكر مصادر التفسير، عنون المصنف كتاب (نهج البيان عن كشف معاني القرآن) للشيخ محمد بن الحسن الشيباني من أعلام القرن السابع الهجري مرتين: الأولى بعنوان

__________________________________________________

(1) الذريعة 18: 82/ 777.

(2) الذريعة 4: 431/ 1913.

(3) الذريعة 21: 103/ 4136.

(4) الذريعة 21: 28/ 3790. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 62

(كشف البيان) «1» و الثانية (نهج البيان) و هما كتاب واحد، و قد أيد الشيخ الطهراني إطلاق التسميتين على هذا الكتاب أيضا. «2»

و عنون السيد هذا الكتاب في متن الكتاب بالعنوانين، و قد تركناهما على حالهما طالما أن التسميتين صحيحتان و معمول بهما.

7- كان من بين المصادر التي اعتمدها المصنف، و عدها في الباب السادس عشر من أبواب المقدمة، كتاب (بصائر الدرجات) لسعد بن عبدالله الأشعري القمي، و كل ما أورده عنه في متن الكتاب

استخرجناه من (مختصر البصائر) للشيخ حسن بن سليمان بن محمد الحلي، فالظاهر أن المصنف إنما اعتمد كتاب (مختصر البصائر) و ليس كتاب (بصائر الدرجات).

8- من المصادر التي ذكرها المؤلف في مصادر تفسيره (كتاب الشيخ رجب البرسي) و مراده (مشارق أنوار اليقين).

9- اعتمد المصنف مصادر عدة غير التي ذكرها في الباب السادس عشر من أبواب المقدمة، نقل عنها مباشرة أو بالواسطة.

__________________________________________________

(1) و في نسخة: كشف نهج البيان.

(2) الذريعة 18: 23، 24: 414/ 2178.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 63

ثالثا: التعريف بنسخ الكتاب ..... ص : 63

1- النسخة المودعة في مكتبة كلية الإلهيات- جامعة طهران، رقمها (2948)، كتبها محمد بن الحسن بن الحاج حافظ الأميري في 14 محرم الحرام 1114 ه و تبدأ من أواخر سورة يونس إلى آخر التفسير، الموجود لدينا منها يبدأ من أواخر سورة الاسراء إلى آخر الكتاب. و رمزنا لها بالحرف «ج».

2- النسخة المودعة في المكتبة الرضوية (آستانه قدس رضوي)- مشهد المقدسة، رقمها (14344) كتبها السيد عبدالله في سنة 1262 ه، تبدأ من أوائل المقدمة حيث سقط بعض أوراقها و تنتهي بآخر سورة الكهف، و هذه النسخة تطابق النسخة التالية (نسخة مكتبة سبهسالار) من حيث الكاتب و البداية و السقط و التصحيف و البياض و غيرها، و كأن النسخة التالية منقولة عن هذه النسخة، قابلنا منها المقدار المفقود من أواخر سورة الكهف من النسخة التالية. و رمزنا لها بالحرف «ق».

3- النسخة المودعة في مكتبة سبهسالار- طهران، رقمها (2057)، كتبها السيد عبدالله في سنة 1268 ه، تبدأ من أوائل المقدمة حيث سقط بعض أوراقها و تنتهي بالآية (18) من سورة الكهف، و هذه النسخة تطابق النسخة السابقة (نسخة المكتبة الرضوية) من حيث الكاتب و البداية و السقط و التصحيف و

البياض و غيرها، و كأنها منقولة عنها، قابلناها كلها، و أكملنا الأوراق المفقودة من آخرها و التي تبدأ من الآية (18) من سورة الكهف إلى آخر السورة من النسخة السابقة. و رمزنا لها بالحرف «س».

4- النسخة المطبوعة على الحجر في إيران سنة 1302 ه، تبدأ من أول سورة مريم إلى آخر الكتاب، قوبلت بتمامها، و رمزنا لها بالحرف «ي».

5- الطبعة الحروفية ذات الأجزاء الأربعة، طبع مؤسسة إسماعيليان- قم المقدسة، تبدأ من أول التفسير إلى آخره، و قد قوبلت بها جميع النسخ و المصادر و رمزنا لها بالحرف «ط».

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 64

رابعا: عملنا في الكتاب ..... ص : 64

كان تحقيق تفسير البرهان وفقا لمنهجية العمل الجماعي الذي ارتضاه قسم الدراسات الإسلامية من أول تأسيسه كأسلوب لتحقيق النصوص، و يمكن تلخيص مراحل العمل في تحقيق هذا الكتاب إلى ما يلي:

1- في خاتمة التفسير أشار المصنف إلى أنه كان يصلح و يصحح بعض مصادر تفسيره عند النقل عنها، و ذلك في قوله: «لأن بعض الكتب التي أخذت منها هذا الكتاب كتفسير علي بن إبراهيم و كان يحضرني فيه نسخ عديدة، و العياشي و كان يحضرني منه نسختان من أول القرآن إلى آخر سورة الكهف، فأصلحت و صححت بحسب الإمكان من ذلك، و الله سبحانه هو الموفق».

و هذا القول يعني أن بعض المصادر التي اعتمدها كانت سقيمة النسخ و كثيرة التصحيف و التحريف، و لهذا نرى أن المصنف أعطى رخصة في إصلاح الكتاب لمن تتوفر لديه مصادر أدق و أصح نسخة من المصادر التي اعتمدها، و ذلك في قوله: «و الالتماس من الإخوان الناظرين في هذا الكتاب إن صح عندهم ما هو أصح من الأصول التي أخذت منها هذا الكتاب، فليصلحوا ما

تبين فيه من الخلل».

و عند ما شرعنا بتحقيق هذا الكتاب لم نكتف بمقابلة الطبعة الحروفية له بالنسخ المخطوطة المشار إليها آنفا، بل قمنا بمقابلتها بالمصادر التي استخرجنا منها و المعتمدة من قبل المصنف أيضا، و أشرنا إلى الاختلافات في الهامش، أما ما رأيناه ضروريا لاستقامة النص و تخلو منه نسخ البرهان المتوفرة لدينا فقد أثبتناه من المصادر واضعين ذلك بين معقوفتين، أما ما ترجح من المصادر على نسخ البرهان المخطوطة فقد أثبتناه في المتن مع الإشارة إليه في مواضعه من التفسير.

2- مقابلة التفسير بالنسخ المخطوطة التي سبقت الإشارة إليها، و تسجيل اختلافاتها.

3- تخريج الأحاديث و النصوص المختلفة من المظان التي اعتمدها المصنف، و مقابلتها بالمصادر و تثبيت اختلافاتها.

و قد اعتمد المصنف مصادر كثيرة نقل عن بعضها بالواسطة، فكان واسطته إلى طرق الجمهور كتاب (الطرائف) لابن طاوس، و قد خرجناها منه و من المصادر الأصل التي نقل عنها صاحب (الطرائف)، أما الواسطة البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 65

الأخرى إلى طرق الجمهور فهو كتاب «تحفة الأبرار» للحسين بن مساعد الحسيني، و نسخته الموجودة لدينا ناقصة، لهذا خرجنا بعض نقول المصنف من هذا الكتاب من مصادره الأصل، و البعض الآخر بالواسطة، و بقي بعضها مجهولا.

و في فضائل السور اعتمد المصنف كتاب (خواص القرآن) و الظاهر أن النسخة التي اعتمدها تحظى بزيادات عن النسخ المتوفرة لدينا من هذا الكتاب، لهذا بقي بعض ما نقله عنه مجهولا. و اعتمد المصنف أيضا كتاب مصباح الأنوار، و الموجود لدينا منه ثلاث مصورات لمخطوطات مختلفة للجزء الأول منه فقط، و اعتمد كتاب الشيخ عمر بن إبراهيم الأوسي و ليس لدينا منه نسخة.

4- تصحيح الأسانيد و أسماء الرواة و الأعلام باعتماد المصادر المعتبرة

في هذا الباب، و هو عمل شاق تكتنفه الكثير من الصعوبات، و ذلك لأن المصنف اعتمد بعض المصادر التي لم تصلها يد التحقيق بعد، و مما تجدر الإشارة إليه هو أننا لم نعتمد في تصحيح أسانيد (بصائر الدرجات) لمحمد بن الحسن الصفار الكتاب المطبوع لكثرة التصحيف و التحريف و الخلط في أسانيده، بل اعتمدنا النسخة المودعة في مكتبة السيد المرعشي (رحمه الله)، برقم (1253)، و المكتوبة في سنة 1259 ه، و هي أدق و أصح من المطبوع.

5- ضبط أسماء الرواة و الأعلام و البلدان بالحركات، و وضع حركات الإعراب و الصرف الضرورية في مواضع الحاجة، و قد اعتمدنا في الضبط (إيضاح الاشتباه) للعلامة و (تنقيح المقال) للمامقاني و (المغني) لمحمد طاهر الهندي و (تصحيفات المحدثين) لأبي هلال العسكري و (الأنساب) للسمعاني و (معجم البلدان) لياقوت الحموي و (الاشتقاق) لابن دريد و غيرها.

6- الإشارة إلى مواضع إحالات المؤلف (تقدم، و يأتي) التي اعتمدها المصنف كثيرا في تفسيره.

7- ما ذكر في الطبعة الحروفية من الإشارة إلى نوع السورة (مكيها و مدنيها) و ترتيب نزولها و عدد آياتها، و الذي وضعه مصحح الكتاب بين قوسين، حذفناه لعدم توفره في نسخ الكتاب المخطوطة كافة.

8- وضعنا ما أثبتناه من مصادر المؤلف لاقتضاء السياق بين معقوفتين إشارة إلى عدم وجوده في نسخ التفسير.

9- إعداد مستدرك يضم الآيات التي تركها المصنف باعتماد (معجم الآثار القرآنية) الذي أعده قسم الدراسات الإسلامية، «1» و (دليل الآيات القرآنية في بحار الأنوار) و تفسير (نور الثقلين) للشيخ عبد علي الحويزي و غيرها. و قد ألحقنا مستدرك كل سورة في نهايتها، ليكون أيسر تناولا للباحث.

10- ضبط النص و تقويمه لتخليصه من التصحيف و التحريف و تثبيت أقرب

نص أراده المصنف عن طريق التلفيق بين النسخ، مع شرح المفردات التي يصعب فهمها من معاجم اللغة المعتبرة.

__________________________________________________

(1) يشتمل هذا المعجم على جمع الروايات الواردة من طريق الرسول الأكرم و أهل بيته (عليهم السّلام) و أصحابهم المتّقين، و تضمّن أكثر من (150) مصدرا و لا يزال العمل مستمرّا به، و سيصدر ضمن إصدارات قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسه البعثة.

البرهان في تفسير القرآن، مقدمة، ص: 66

11- صياغة هوامش الكتاب بالاعتماد على سلسلة المراحل السابقة.

12- الملاحظة النهائية، و تتضمن مراجعة متن الكتاب مع هامشه بدقة، للتأكد من سلامة النص و ضبطه.

ثناء ..... ص : 66

نتقدم بوافر الشكر و الامتنان للإخوة العاملين في قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسة البعثة، خدمة تراث أهل البيت العصمة (سلام الله عليهم)، و الذين كرسوا وقتهم من أجل إحياء هذا التراث، فكان تحقيق هذا التفسير من ثمرات جهودهم المخلصة، و نخص بالذكر منهم: علي الكعبي، شاكر شبع، صائب عبد الحميد، السيد عباس بني هاشمي، السيد إسماعيل الموسوي، السيد عبد الحميد الرضوي، الشيخ أحمد الأهري، الشيخ كريم الزريقي، عصام البدري، كريم راضي الواسطي، عبدالله الخزاعي، عبد الكريم الحلفي، عبد الكريم البصري، زهير جواد، حسين أبو العلا. وفقهم الله و رعاهم و سدد خطاهم.

و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.

قسم الدراسات الإسلامية مؤسسة البعثة- قم

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 1

البرهان في تفسير القرآن تأليف العلامة المحدث المفسر السيد هاشم الحسيني البحراني المتوفى سنة 1107 ه الجزء الاول تحقيق قسم الدراسات الاسلامية مؤسسة البعثة قم البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 3

[مقدمة المؤلف ..... ص : 3

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، الذي له ملك السماوات و الأرض، و لم يتخذ ولدا، و لم يكن له شريك في الملك، و خلق كل شي ء فقدره تقديرا.

القائل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً، «1» الذاكر: وَ لا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً. «2»

و الصلاة و السلام على محمد رسوله المصطفى، و حبيبه المجتبى، و على ابن عمه و وصيه علي بن أبي طالب المرتضى، الذي جعله ظهيرا و وزيرا، و آله المعصومين الأئمة الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، الذين من والاهم نجا، و من

عاداهم سيصلى سعيرا.

أما بعد، فغير خفي على أهل الإسلام و الإيمان شرف القرآن و علو شأنه، و غزارة علمه، و وضوح برهانه، و أنه الغاية القصوى، و العروة الوثقى، و المستمسك الأقوى، و المطلب الأعلى، و المنهاج الأسنى، الذي من استمسك به نجا، و من تخلف عنه غوى، الذي بدرسه و تلاوته و التفكر في معانيه حياة للقلوب، و بالعلم به و العمل بما فيه التخلص من الكروب.

غير أن أسرار تأويله لا تهتدي إليه العقول، و أنوار حقائق خفياته لا تصل إليه قريحة المفضول، و لهذا اختلف في تأويله الناس، و صاروا في تفسيره على أنفاس و انعكاس، قد فسروه على مقتضى أديانهم، و سلكوا به على موجب مذاهبهم و اعتقادهم، و كل حزب بما لديهم فرحون، و لم يرجعوا فيه إلى أهل الذكر (صلى الله عليهم أجمعين)، أهل التنزيل و التأويل، القائل فيهم جل جلاله: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «3» لا غيرهم.

و هم الذين أوتوا العلم، و أولوا الأمر، و أهل الاستنباط، و أهل الذكر الذين أمر الناس بسؤالهم كما جاءت به الآثار النبوية و الأخبار الإمامية، و من ذا الذي يحوي القرآن غيرهم؟ و يحيط بتنزيله و تأويله سواهم؟

1/ [1]- ففي الحديث عن مولانا باقر العلم أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «ما يستطيع أحد أن

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 213/ 1.

(1) الأحزاب 33: 45، 46.

(2) الفرقان 25: 33.

(3) آل عمران 3: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 4

يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره و باطنه غير الأوصياء».

2/ [2]- و في حديث آخر عن جابر، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «ما من أحد من الناس

ادعى «1» أنه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلا كذب، و ما جمعه و حفظه كما أنزل الله إلا علي بن أبي طالب، و الأئمة من بعده».

3/ [3]- و في الحديث عن مولى الأمة و إمامها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن عبدالله بن عباس جاءه (عليه السلام) يسأله عن تفسير القرآن، فوعده بالليل، فلما حضر قال: «ما أول القرآن؟». قال: الفاتحة.

قال: «و ما أول الفاتحة؟» قال: بسم الله.

قال: «و ما أول بسم الله؟». قال: بسم.

قال: «و ما أول بسم؟». قال: الباء، فجعل (عليه السلام) يتكلم في الباء طول الليل، فلما قرب الفجر قال: «لو زادنا الليل لزدنا».

4/ [4]- و قال (عليه السلام) في حديث آخر: «لو شئت لأوقرت «2» سبعين بعيرا في تفسير فاتحة الكتاب».

5/ [5]- و قال الباقر (عليه السلام) في تفسير سورة الإخلاص: «لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عز و جل حملة لنشرت التوحيد، و الإسلام، و الإيمان، و الدين، و الشرائع من الصمد، و كيف لي بذلك و لم يجد جدي أمير المؤمنين (عليه السلام) حملة لعلمه؟! حتى كان يتنفس الصعداء و يقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين الجوانح مني لعلما جما، لا يحصى و لا يحد، ألا و إني عليكم من الله الحجة البالغة ف لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ». «3»

6/ [6]- و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لرجل: «إياك أن تفسر القرآن برأيك حتى تفقهه عن العلماء، فإنه رب تنزيل يشبه كلام البشر و هو كلام الله، و تأويله لا يشبه كلام البشر، كما ليس شي ء من خلقه يشبهه، كذلك

لا يشبه فعله تبارك و تعالى شيئا من أفعال البشر، و لا يشبه شي ء من كلامه كلام البشر، و كلام الله تبارك و تعالى صفته، و كلام البشر أفعالهم، فلا تشبه كلام الله بكلام البشر، فتهلك و تضل».

7/ [7]- و قال أبو عبدالله (عليه السلام): «إن الله علم نبيه (صلى الله عليه و آله) التنزيل و التأويل، فعلمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)».

__________________________________________________

2- بصائر الدرجات 213/ 2، مناقب الخوارزمي: 48.

3- الصراط المستقيم 1: 219.

4- مناقب ابن شهر آشوب 2: 43، ينابيع المودّة: 65.

5- التّوحيد: 92/ 6.

6- التّوحيد: 264/ 5.

7- تفسير العيّاشي 1: 17/ 13.

(1) في بصائر الدرجات: يقول. [.....]

(2) الوقر- بالكسر-: الحمل. «الصحاح- وقر- 2: 848».

(3) الممتحنة: 264/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 5

8/ [8]- و قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام)- في حديث له مع قتادة، و قد أخطأ قتادة في تفسير آية- فقال (عليه السلام):

«يا قتادة، إنما يعرف القرآن من خوطب به».

9/ [9]- و قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) في حديث آخر: «ليس شي ء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، إن الآية ينزل أولها في شي ء، و أوسطها في شي ء، و آخرها في شي ء»، ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1» من ميلاد الجاهلية».

10/ [10]- و عن عبدالرحمن بن الحجاج، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «ما أبعد عقول الرجال من تفسير القرآن».

11/ [11]- و عن جابر قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «يا جابر، إن للقرآن بطنا، و للبطن ظهرا».

ثم قال: «يا جابر، و ليس شي ء أبعد من عقول الرجال منه، إن الآية لينزل أولها في

شي ء، و أوسطها في شي ء، و آخرها في شي ء، و هو كلام متصل يتصرف على وجوه».

12/ [12]- و قال أبو عبدالله الصادق (عليه السلام): «من فسر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر».

13/ [13]- و عن مرازم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى أنزل القرآن تبيانا لكل شي ء، حتى و الله، ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد- لا يستطيع عبد أن يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن- إلا و قد أنزل الله فيه».

14/ [14]- و عن عمر بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله تبارك و تعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة «2» إلا أنزله في كتابه، و بينه لرسوله (صلى الله عليه و آله)، و جعل لكل شي ء حدا، و جعل دليلا يدل عليه، و جعل على من تعدى ذلك الحد حدا».

15/ [15]- و عن معلى بن خنيس، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا و له أصل في كتاب الله عز و جل، و لكن لا تبلغه عقول الرجال».

فأقول: إذا عرفت ذلك فقد رأيت عكوف أهل الزمان على تفسير من لم يرووه عن أهل العصمة (سلام الله عليهم)،

__________________________________________________

8- الكافي 8: 312/ 485.

9- تفسير العيّاشي 1: 17/ 1.

10- تفسير العيّاشي 1: 17/ 5.

11- تفسير العيّاشي 1: 11/ 2، المحاسن: 300/ 5.

12- تفسير العيّاشي 1: 18/ 6.

13- المحاسن: 267/ 352.

14- تفسير العيّاشي 1: 6/ 13، الكافي 1: 48/ 2.

15- المحاسن 267/ 355.

(1) الأحزاب 33: 33.

(2) في العيّاشي زيادة: إلى يوم القيامة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 6

الذين نزل التنزيل و التأويل في بيوتهم، و أوتوا من

العلم ما لم يؤته غيرهم، بل كان يجب التوقف حتى يأتي تأويله عنهم، لأن علم التنزيل و التأويل في أيديهم، فما جاء عنهم (عليهم السلام) فهو النور و الهدى، و ما جاء عن غيرهم فهو الظلمة و العمى.

و العجب كل العجب من علماء علمي المعاني و البيان، حيث زعموا أن معرفة هذين العلمين تطلع على مكنون سر الله جل جلاله من تأويل القرآن قال بعض أئمتهم: ويل ثم ويل لمن تعاطى التفسير و هو في هذين العلمين راجل.

و ذلك أنهم ذكروا أن العلمين مأخوذان من استقراء تراكيب كلام العرب البلغاء، باحثان عن مقتضيات الأحوال و المقام كالحذف، و الإضمار، و الفصل، و الوصل، و الحقيقة، و المجاز، و غير ذلك.

و لا ريب أن محل ذلك من كتاب الله جل جلاله تحتاج معرفة إلى العلم به من أهل التنزيل و التأويل،- و هم أهل البيت (عليهم السلام)- الذين علمهم الله سبحانه و تعالى، فلا ينبغي معرفة ذلك إلا منهم، و من تعاطى معرفته من غيرهم ركب متن عمياء، و خبط خبط عشواء، فما ذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون؟

و قد كنت أولا قد جمعت في كتاب (الهادي) «1» كثيرا من تفسير أهل البيت (عليهم السلام) قبل عثوري على تفسير الشيخ الثقة محمد بن مسعود العياشي، و تفسير الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار المعروف ب (ابن الحجام) ما ذكره عنه الشيخ الفاضل شرف الدين النجفي، و غيرهما من الكتب الآتي ذكرها في الباب السادس عشر في ذكر الكتب المأخوذ منها الكتاب، و ذكر مصنفيها من مقدمة الكتاب، و هذه الكتب من الكتب المعتمد عليها و المعول و المرجع إليها، مصنفوها مشايخ معتبرون و علماء

منتجبون.

و ربما ذكرت في كتاب التفسير عن ابن عباس- على قلة- إذ هو تلميذ مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ربما ذكرت التفسير من طريق الجمهور إذا كان موافقا لرواية أهل البيت (عليهم السلام)، أو كان في فضل أهل البيت (عليهم السلام)،

كما رواه ابن المغازلي الشافعي، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال، قال: «القرآن أربعة أرباع: فربع فينا أهل البيت خاصة، و ربع حلال، و ربع حرام، «2» و ربع فرائض و أحكام، و الله أنزل فينا «3» كرائم القرآن». «4»

و العجب من مصنفي تفسير الجمهور، مع روايتهم هذه الرواية، أنهم لم يذكروا إلا القليل في تفاسيرهم من فضل أهل البيت (عليهم السلام) و لا سيما متأخرو مفسريهم كصاحب الكشاف و البيضاوي.

ثم إن لم أعثر في تفسير الآية من صريح رواية مسندة عن أهل البيت (عليهم السلام)، ذكرت ما ذكره الشيخ أبو

__________________________________________________

(1) «الهادي و مصباح النادي» تفسير للقرآن في مجلّدات للمؤلف، مأخوذ من روايات أهل البيت «عليهم السّلام».

أنظر الذريعة: 25: 154. و مقدمة التحقيق لهذا الكتاب.

(2) في المصدر: و ربع في أعدائنا، و ربع حلال و حرام. [.....]

(3) في المصدر: في عليّ.

(4) مناقب ابن المغازلي: 328/ 375.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 7

الحسن علي بن إبراهيم الثقة في تفسيره، إذ هو منسوب إلى مولانا و إمامنا الصادق (عليه السلام).

و كتابي هذا يطلعك على كثير من أسرار علم القرآن، و يرشدك إلى ما جهله متعاطوا التفسير من أهل الزمان، و يوضح لك عن ما ذكره من العلوم الشرعية، و القصص و الأخبار النبوية، و فضائل أهل البيت الإمامية، إذ صار كتابا شافيا، و دستورا وافيا، و مرجعا كافيا، حجة في الزمان

و عينا من الأعيان، إذ هو مأخوذ من تأويل أهل التنزيل و التأويل، الذين نزل الوحي في دارهم عن جبرئيل عن الجليل، أهل بيت الرحمة، و منبع العلم و الحكمة (صلى الله عليهم أجمعين).

و خدمت به حضرة ذي السعادة الأبدية، و الرفعة السرمدية، و الدولة الخلودية، و المملكة السليمانية، و الروح القدسية، و النفس الزكية، و الطلعة البهية، و الكرامة السنية، الذي شد الله جل جلاله به عضد الدين، و أيد به الحق المستبين، فهو منار الإيمان و آية الإسلام، في الزمان حاكم الحكام، و مغبط أهل الإيمان و الإسلام.

الذي بعزته صار الحق منيرا، و كان له وليا و نصيرا، و بهمته زهق الباطل فصار حصيرا حسيرا، الذي بطلعته الدين المحمدي رفيع المنار، و دين أهل الكفر و الضلال في الذل و الصغار، فهو المخدوم الأعظم، دستور أعاظم الحكام في العالم، مالك زمام أحكام العرب و العجم، رافع مراتب العلم إلى الغاية القصوى، مظهر كلمات الله العليا، ذو العقل الثاقب، و الفكر الصائب.

رأي له كالبدر يشرق في الضحى و يريك أحوال الخلائق في غد

رشيد الإسلام و مرشد المسلمين، و غياث الحق و الملة و الدين، ظل الله على الخلق أجمعين، لو شبهته بالشمس المنيرة ما كذبت، أو مثلته بالسحب المطيرة ما أحنثت. «1»

له همم لا منتهى لكبارها و همته الصغرى أجل من الدهر

له راحة لو أن معشار عشرها «2» على البر، كان «3» أندى من البحر «4»

أعني المتفرع من الدوحة المحمدية، و السلالة العلوية، و الجرثومة»

الموسوية، و النجابة المهدوية، السلطان بن السلطان بن السلطان، و الخاقان «6» بن الخاقان بن الخاقان، الحسيني الموسوي، شاه سليمان بهادر خان، «7» ربط الله جل جلاله دولته بأطناب الخلود

و الدوام، و أجرى آثار معاليه على صفحات الأيام.

__________________________________________________

(1) الحنث: الإثم و الذنّب. «الصحاح- حنث- 1: 28».

(2) في المصدر: جودها.

(3) في المصدر: صار.

(4) مناقب ابن شهر آشوب 2: 118. ذكره في مدح أمير المؤمنين (عليه السّلام).

(5) الجرثومة: الأصل، و جرثومة كلّ شي ء، أصله و مجتمعه. «لسان العرب- جرم- 12: 95».

(6) الخاقان: اسم لكلّ ملك من الملوك الترك. «لسان العرب- خقن- 13: 142».

(7) و هو سليمان الصفوي: صفي ميرزا بن الشاه عبّاس الثاني، تولّى العرش سنة (1078 ه) و توفّي سنة (1106 ه). تاريخ كامل إيران (فارسي):

428.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 8

و ما برح كعبة الحكام و الوفاد، و ما فتئ نورا تستضي ء به البلاد و العباد، و شهابا يقمع به أهل الضلال و الجحاد، و يحسم به مادة الغي و الفساد، و ظهيرا لأهل الحق و السداد، و ما انفك يحيي به ما اندرس من آثار آبائه المعصومين، و ما انطمس من علوم و أعلام أجداده المصطفين، و لا زال ركن الدين بألطاف اعتنائه ركينا، و متن العلم بعواطف إشفاقه متينا، و يرحم الله عبدا قال آمينا.

و اعلم- أيها الراغب في ما جاء عن أهل البيت (عليهم السلام) من التفسير، و الطالب لما سنح منهم من الحق المنير- أني قد جمعت ما في تفسير (الهادي و مصباح النادي) الذي ألفته أولا إلى زيادات هذا الكتاب، ليعم النفع و يسهل أخذه على الطلاب، و إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب، و شفاء للمؤمنين و نورا لمن استضاء به من خلص الأصحاب، فهو كتاب عليه المعول و إليه المرجع لا تفاسير الجمهور، فهذا التفسير الظل و تفاسيرهم الحرور.

فيقول مؤلفه فقيرا إلى الله الغني عبده هاشم بن

سليمان بن إسماعيل الحسيني البحراني: إني جعلت قبل المقصود مقدمة فيها أبواب، تشتمل على فوائد في الكتاب، و سميته ب (البرهان في تفسير القرآن) و هو قد اشتمل على كثير من فضل أهل البيت (عليهم السلام) الذين نزل القرآن في منازلهم، فمرجع تنزيله و تأويله إليهم، و الله سبحانه نسأل أن يجعل محيانا محياهم، و مماتنا مماتهم، و هو حسبنا و نعم الوكيل. البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 9

1- باب في فضل العالم و المتعلم ..... ص : 9

16/ [1]- الشيخ أبو جعفر الطوسي في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبدالله جعفر بن محمد بن جعفر بن حسن الحسيني (رحمه الله) في رجب سنة سبع و ثلاثمائة، قال: حدثني محمد بن علي ابن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه، و اقتبسوه من أهله، فإن تعلمه لله حسنة «1»، و طلبه عبادة، و المذاكرة به تسبيح، و العمل به جهاد، و تعليمه لمن لا يعلمه صدقة، و بذله لأهله قربة إلى الله تعالى، لأنه معالم الحلال و الحرام، و منار سبل الجنة، و المؤنس في الوحشة، و الصاحب في الغربة و الوحدة، و المحدث في الخلوة، و الدليل على السراء و الضراء، و السلاح على الأعداء، و الزين «2»

عند الأخلاء.

يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة، تقتبس آثارهم، و يهتدى بأفعالهم، و ينتهى إلى آرائهم، ترغب الملائكة في خلتهم، و بأجنحتها تمسحهم، و في صلواتها تبارك عليهم، و يستغفر لهم كل رطب و يابس حتى حيتان البحر و هوامه، و سباع البر و أنعامه.

إن العلم حياة القلوب من الجهل، و ضياء الأبصار من الظلمة، و قوة الأبدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الأخيار، و مجالس الأبرار، و الدرجات العلا في الدنيا و الآخرة، الذكر فيه يعدل بالصيام، و مدارسته بالقيام، به يطاع الرب و يعبد، و به توصل الأرحام، و يعرف الحلال من الحرام.

العلم إمام العمل، و العمل تابعه، يلهمه «3» السعداء، و يحرمه الأشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه الله من حظه».

و رواه الشيخ أيضا في كتاب (المجالس)، بالسند و المتن إلى قوله: «و يجعلهم في الخير قادة»، و في المتن

__________________________________________________

1- الأمالي 2: 201.

(1) في «س»: سنّة.

(2) الزّين: خلاف الشين. «لسان العرب- زين- 13: 201».

(3) في المصدر: يلهم به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 10

بعض التغيير. «1»

و عنه، بإسناده، عن محمد بن علي بن شاذان الأزدي بالكوفة، قال: حدثني أبو أنس كثير بن محمد الحرامي، قال: حدثنا حسن بن حسين العرني، قال: حدثنا يحيى بن يعلى، عن أسباط بن نصر، عن شيخ من أهل البصرة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تعلموا العلم فإن تعليمه حسنة» و ذكر نحو حديث الرضا (عليه السلام). «2»

17/ [2]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب أبو محمد الشعراني البيهقي بجرجان، قال: حدثنا هارون بن عمر بن عبد العزيز بن محمد

أبو موسى المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد (عليهم السلام)، قال: حدثنا أبي أبو عبدالله (عليه السلام).

قالا المجاشعي: و حدثنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبدالله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): العالم بين الجهال كالحي بين الأموات، و إن طالب العلم ليستغفر «3» له كل شي ء حتى حيتان البحر و هوامه، و سباع البر و أنعامه، فاطلبوا العلم فإنه السبب بينكم و بين الله عز و جل، و إن طلب العلم فريضة على كل مسلم».

18/ [3]- و عنه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء».

19/ [4]- و عنه، بإسناده، عن أبي قلابة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من خرج من بيته يطلب علما شيعه سبعون ألف ملك يستغفرون له».

20/ [5]- و عنه، بإسناده عن أبي ذر- في حديث طويل- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أبا ذر، فضل العلم خير من فضل العبادة، و اعلم أنكم لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، و صمتم حتى تكونوا كالأوتار، ما نفعكم ذلك إلا بورع».

21/ [6]- و روي أنه ذكر عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجلان: كان أحدهما يصلي المكتوبة و يجلس يعلم الناس، و كان الآخر يصوم النهار و يقوم الليل، فقال (صلى الله عليه و آله): «فضل الأول على الثاني كفضلي على أدناكم».

__________________________________________________

2- الأمالي 2: 135. [.....]

3- الأمالي 2: 134.

4- الأمالي 1: 185.

5- أخرجه في البحار 77:

87، عن الأمالي و الحديث في الأمالي 2: 138- 155، إلّا أنّ هذه القطعة لم ترد في الأمالي، و ورد هذا الحديث في مجموعة ورّام 2: 381.

6- سنن الترمذي 5: 50/ 2685 «نحوه».

(1) الأمالي 2: 181.

(2) الأمالي 2: 103.

(3) في المصدر: يستغفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 11

22/ [7]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «فضل العالم على العباد كفضلي على أدناكم رجلا».

23/ [8]- و أيضا عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بين العالم و العابد مائة درجة، بين كل درجتين «1» حضر الفرس «2» المضمر سبعين عاما».

24/ [9]- و أيضا عن أنس، عن النبي (صلى الله عليه و آله): «أخلصوا «3» أعمالكم و أعزوا الإسلام».

قالوا: يا رسول الله، و كيف نعز الإسلام؟

قال: «بالحضور عند العلماء لتعلم العلم بالرد على أهل الأهواء، فإن من رد عليهم و أراد به وجه الله «4»، فله عبادة الثقلين: الجن و الإنس، و من رد عليهم و أراد به وجه الله، فله عبادة أهل مكة منذ خلقت».

فقيل: يا رسول الله، فالمرائي يؤجر بعلمه؟

قال: «إن الله قضى على نفسه أن من أعز الإسلام و أراد به وجه الله، فله عبادة أهل مكة منذ خلقت «5»، و لو لم يرد فقد حرم النار على وجهه».

25/ [10]- الشيخ أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان المفيد في كتاب (الاختصاص): عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «إن العلماء ورثة الأنبياء، و ذلك أن الأنبياء «6» لم يورثوا درهما و لا دينارا، و إنما ورثوا أحاديث من أحاديثهم،

فمن أخذ بشي ء منها فقد أخذ حظا وافرا.

فانظروا علمكم عمن تأخذونه، فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين».

26/ [11]- و عنه أيضا يرفعه إلى أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: «و الله ما برأ الله من برية أفضل من محمد (صلى الله عليه و آله) و مني و من أهل بيتي،

__________________________________________________

7- ربيع الأبرار 3: 196.

8- ربيع الأبرار 3: 196.

9- ربيع الأبرار 3: 225.

10- الاختصاص: 234.

11- الاختصاص: 234.

(1) في «س» و «ط»: درجة.

(2) الحضر بالضمّ: العدو من قولهم أحضر الفرس، إذا عدا. «مجمع البحرين- حضر- 3: 273». [.....]

(3) في المصدر زيادة: اللّه.

(4) (فله عبادة الثقلين ... اللّه) ليس في المصدر.

(5) (فله عبادة ... خلفت) ليس في المصدر.

(6) في المصدر: العلماء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 12

و إن الملائكة لتضع أجنحتها لطلبة العلم من شيعتنا».

27/ [12]- و عن مولانا الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث سجود الملائكة لآدم (عليه السلام)- قال: «لم يكن سجودهم لآدم (عليه السلام) إنما كان آدم (عليه السلام) قبلة لهم يسجدون نحوه الله عز و جل، و كان بذلك معظما مبجلا، و لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون الله، و يخضع له كخضوعه لله، و يعظمه بالسجود «1» له كتعظيمه لله.

و لو أمرت أحدا أن يسجد هكذا لغير الله لأمرت ضعفاء شيعتنا و سائر المكلفين من شيعتنا أن يسجدوا لمن توسط في علوم «2» وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و محض وداد

«3» خير خلق الله علي (عليه السلام) بعد محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و احتمل المكاره و البلايا في التصريح بإظهار حقوق الله، و لم ينكر علي (عليه السلام) حقا أرقبه «4» عليه قد كان جهله أو أغفله».

28/ [13]- محمد بن علي بن بابويه في (أماليه)، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي «5» القاسم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمر العدني بمكة، عن أبي العباس، عن «6» حمزة، عن أحمد بن سوار، عن عبدالله «7» بن عاصم، عن سلمة بن وردان، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «المؤمن إذا مات و ترك ورقة واحدة و عليها علم، تكون تلك الورقة يوم القيامة سترا فيما بينه و بين النار، و أعطاه الله تبارك و تعالى بكل حرف مكتوب فيها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات.

و ما من مؤمن يقعد ساعة عند العالم إلا ناداه ربه عز و جل: جلست إلى حبيبي- و عزتي و جلالي- لأسكنتك الجنة معه و لا أبالي».

29/ [14]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن جعفر بن مسافر

__________________________________________________

12- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 385.

13- أمالي الصدوق: 40/ 3.

14- الأمالي 2: 231.

(1) في «س» و «ط»: و يعظم السجود.

(2) في المصدر زيادة: عليّ.

(3) محضته المودّة: أخلصتها له. «مجمع البحرين- محض- 4: 229».

(4) رقبت الشي ء أرقبه، إذا رصدته. «الصحاح- رقب- 1: 137».

(5) في «س»: عن، و الصحيح انّه عليّ بن محمّد بن أبي القاسم، المعروف أبوه بما جيلويه. راجع جامع الرواة 1: 552، 569، 2: 56، معجم رجال الحديث 11: 241 و 14: 296.

(6)

في المصدر: بن، و لكن لم نجد له ذكرا في المصدر المتوفّرة لدينا.

(7) في «س» و «ط»: عبيد اللّه، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع تقريب التّهذيب 1: 424/ 395، الجرح و التعديل 5: 134/ 622. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 13

الهزلي بتنيس، «1» [قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا محمد بن يعلى، «2» عن أبي نعيم عمر بن صبح «3» الهروي، عن مقاتل بن حيان، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة «4»، عن علي (عليه السلام)، و عبدالله بن مسعود، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «من خرج يطلب بابا من علم ليرد به باطلا إلى حق أو ضلالة إلى هدى، كان عمله ذلك كعبادة متعبد أربعين عاما».

30/ [15]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثنا جعفر بن محمد- أبو القاسم الموسوي- في منزله بمكة، قال: حدثني عبيد الله بن أحمد «5» بن نهيك الكوفي بمكة، قال: حدثنا جعفر بن محمد الأشعري القمي، قال: حدثني عبدالله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (صلوات الله عليهم)، قال: «جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، ما حق العلم؟ قال: الإنصات له.

قال: ثم مه؟ قال: الاستماع له.

قال: ثم مه؟ قال: الحفظ له.

قال: ثم مه، يا نبي الله؟ قال: العمل به.

قال: ثم مه؟ قال: ثم نشره».

__________________________________________________

15- الأمالي 2: 215، الكافي 1: 38/ 4، الخصال: 287/ 43.

(1) تنّيس: بكسرتين و تشديد النون و ياء ساكنة و السين مهملة: جزيرة في بحر مصر قريبة من البرّ ما بين الفّر ما و دمياط. «معجم البلدان 2: 51».

(2)

في «س» و «ط»: محمّد بن معلّى، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع تهذيب التّهذيب 9: 533.

(3) في «س» و «ط» و المصدر: صبيح، و الصواب ما أثبتناه. راجع تهذيب 7: 463، تقريب التهذيب 2: 58.

(4) في «س» و «ط»: سمرة، و في المصدر: سيرة، و الصواب ما أثبتناه. راجع تهذيب التّهذيب 10: 423، تقريب التهذيب 2: 268/ 51.

(5) في «س» و «ط»: محمّد، و الصواب من المصدر. راجع معجم رجال الحديث 11: 65، جامع الرواة 1: 527.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 14

2- باب في فضل القرآن ..... ص : 14

31/ [1]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن محمد بن القاسم الأنباري، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن عمر، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبدالله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة ابن عامر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا يعذب الله قلبا وعى القرآن».

32/ [2]- و عنه، عن الحفار، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبدالله الوراق- المعروف بابن السماك- قال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبدالله الرقاشي، قال: حدثني أبي، و معلى بن أسد، قالا:

حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي (عليه السلام): «أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: خياركم من تعلم القرآن و علمه».

و عنه، بإسناد آخر، مثله. «1»

33/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، و محمد بن أحمد السناني، و علي بن أحمد بن موسى الدقاق، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبدالله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا

أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال:

حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، «2» عن مكحول، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث- قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ و ليس كتاب ربي أفضل الأشياء بعد الله عز و جل؟ و الذي بعثني بالحق نبيا لئن لم تجمعه بإتقان لم يجمع أبدا. فخصني الله عز و جل بذلك من دون الصحابة».

34/ [4]- جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________________________________________

1- الأمالي 1: 5.

2- الأمالي 2: 367، سنن الدارمي 2: 437، سنن الترمذي 5: 174/ 2908.

3- الخصال: 579/ 1.

4- تفسير العيّاشي 1: 2/ 1.

(1) الأمالي 1: 367.

(2) في «س» و «ط»: عمرو بن يزيد، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع تهذيب التّهذيب 7: 33/ 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 15

آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أيها الناس، إنكم في زمان هدنة، و أنتم على ظهر سفر، و السير بكم سريع، فقد رأيتم الليل و النهار و الشمس و القمر، يبليان كل جديد، و يقربان كل بعيد، و يأتيان بكل موعود، فأعدوا الجهاز لبعد المفاز».

فقام المقداد، فقال: يا رسول الله، ما دار الهدنة؟

قال: «دار بلاء و انقطاع، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع، و ماحل «1» مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، و من جعله خلفه ساقه إلى النار.

و هو الدليل يدل على خير سبيل، و هو كتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل،

و هو الفصل ليس بالهزل، له ظهر و بطن فظاهره حكمة و باطنه علم، ظاهره أنيق و باطنه عميق، له تخوم «2» و على تخومه تخوم، لا تحصى عجائبه، و لا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى و منازل الحكمة، و دليل على المعروف لمن عرفه».

35/ [5]- عن يوسف بن عبد الرحمن، رفعه إلى الحارث الأعور، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقلت: يا أمير المؤمنين، إنا إذا كنا عندك سمعنا الذي نشد «3» به ديننا، و إذا خرجنا من عندك سمعنا أشياء مختلفة مغموسة، لا ندري ما هي؟! قال: «أو قد فعلوها؟!».

قال: قلت: نعم.

قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: أتاني جبرئيل فقال: يا محمد، ستكون في أمتك فتنة.

قلت: فما المخرج منها؟

فقال: كتاب الله، فيه بيان ما قبلكم من خبر، و خبر ما بعدكم، و حكم ما بينكم، و هو الفصل ليس بالهزل، من وليه من جبار فعمل بغيره قصمه الله، و من التمس الهدى في غيره أضله الله، و هو حبل الله المتين، و هو الذكر الحكيم، و هو الصراط المستقيم، لا تزيغه الأهواء «4»، و لا تلبس به الألسنة، و لا يخلق على الرد «5»، و لا تنقضي عجائبه، و لا يشبع منه العلماء.

هو الذي لم تكنه الجن إذ سمعته أن قالوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ «6» من قال به

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 3/ 2.

(1) المحل: المكر و الكيد. يقال: محل به، إذا سعى به إلى السلطان، فهو ما حل. «الصحاح- محل- 5: 1817».

قال الرازي جعله يمحل بصاحبه إذا لم يتّبع ما فيه، أي يسعى به إلى اللّه تعالى. و قيل: معناه و خصم مجادل مصدّق.

«مختار الصحاح- محل- 616». [.....]

(2) التّخم: منتهى كلّ قرية أو أرض، يقال: فلان على تخم من الأرض، و الجمع تخوم، مثل: فلس و فلوس. «الصحاح- تخم- 5: 1877».

(3) في المصدر: نسدّ.

(4) في «ط»: الأهوية، جمع هواء: و هو ما بين السّماء و الأرض، و الهوى: هوى النفس و الجمع الأهواء. «الصحاح- هوا- 6: 2537».

(5) في «ط» نسخة بدل: عن كثرة الردّ.

(6) الجنّ 72: 1 و 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 16

صدق، و من عمل به أجر، و من اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم، هو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد». «1»

36/ [6]- و عنه: عن أبي عبدالله مولى بني هاشم، عن أبي سخيلة، قال: حججت أنا و سلمان من الكوفة فمررت بأبي ذر، فقال: انظروا إذا كانت بعدي فتنة- و هي كائنة- فعليكم بخصلتين: بكتاب الله، و بعلي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي: «هذا أول من آمن بي، و أول من يصافحني يوم القيامة.

و هو الصديق الأكبر، و هو الفاروق، يفرق بين الحق و الباطل، و هو يعسوب المؤمنين، و المال يعسوب المنافقين».

و عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «خطب رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالمدينة، فكان فيما قال لهم» الحديث. «2»

37/ [7]- و عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «عليكم بالقرآن، فما وجدتم آية نجابها من كان قبلكم فاعملوا به، و ما وجدتموه مما هلك من كان قبلكم فاجتنبوه».

38/ [8]- و عن الحسن بن موسى الخشاب رفعه، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «لا يرفع

الأمر و الخلافة إلى آل أبي بكر أبدا، و لا إلى آل عمر، و لا إلى آل بني أمية، و لا في ولد طلحة و الزبير أبدا، و ذلك أنهم بتروا القرآن، و أبطلوا السنن، و عطلوا الأحكام.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): القرآن هدى من الضلالة، و تبيان من العمى، و استقالة من العثرة، و نور من الظلمة، و ضياء من الأحزان، و عصمة من الهلكة، و رشد من الغواية، و بيان من الفتن، و بلاغ من الدنيا إلى الآخرة، و فيه كمال دينكم. فهذه صفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) للقرآن، و ما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار».

39/ [9]- و عن فضيل بن يسار،ј̠قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن القرآن̠فقال لي: ˙ǙȠكلام الله».

40/ [10]- و عن الحسن بن علي (عليه السلام)، قال: «قيل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إن أمتك ستفتتن، فسئل: ما المخرج من ذلك؟ فقال: كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد «3» من ابتغى العلم في غيره أضله الله، و من ولي هذا الأمر من جبار فعمل بغيره قصمه الله، و هو الذكر الحكيم، و النور المبين، و الصراط المستقيم.

فيه خبر ما كان «4» قبلكم، و نبأ ما بعدكم، و حكم ما بينكم، و هو الفصل ليس بالهزل، و هو الذي سمعته الجن

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 4/ 4.

7- تفسير العيّاشي 1: 5/ 6.

8- تفسير العيّاشي 1: 5/ 7 و 8.

9- تفسير العيّاشي 1 لا 6/ 10.

10- تفسير العيّاشي 1 لا 6/ 11.

(1) فصّلت 41: 42.

(2) تفسير العيّاشي 1: 5/ 5.

(3)

تضمين من سورة فصّلت 41: 42.

(4) (كان) ليس في في المصدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 17

فلم تناها أن قالوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ «1» لا يخلق على طول الرد، و لا تنقضي عبره، و لا تفنى عجائبه».

41/ [11]- و عن محمد بن حمران، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إن الله لما خلق الخلق فجعله فرقتين، فجعل خيرته في إحدى الفرقتين، ثم جعلهم أثلاثا، فجعل خيرته في إحدى الأثلاث.

ثم لم يزل يختار حتى اختار عبد مناف، ثم اختار من عبد مناف هاشما، ثم اختار من هاشم عبدالمطلب، ثم اختار من عبدالمطلب عبدالله، و اختار من عبدالله محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، كان أطيب الناس ولادة و أطهرها، فبعثه الله بالحق بشيرا و نذيرا، و أنزل عليه الكتاب فليس من شي ء إلا في الكتاب تبيانه».

42/ [12]- و عن عمرو بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله تبارك و تعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة إلا أنزله في كتابه، و بينه لرسوله، و جعل لكل شي ء حدا، و جعل دليلا يدل عليه، و جعل على من تعدى ذلك الحد حدا».

43/ [13]- و عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن القرآن، فقال لي: «لا خالق و لا مخلوق، و لكنه كلام الخالق».

44/ [14]- و عن زرارة، قال: سألته عن القرآن، أ خالق هو؟ قال: «لا».

قلت: أ مخلوق؟ قال: «لا، و لكنه كلام الخالق» يعني أنه كلام الخالق بالفعل.

45/ [15]- عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده (عليه السلام)، قال: «خطبنا أمير

المؤمنين (عليه السلام) خطبة، فقال فيها: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، أرسله بكتاب فصله و حكمه «2» و أعزه و حفظه بعلمه، و أحكمه بنوره، و أيده بسلطانه، و كلأه من أن يبتره هوى «3» أو تميل به شهوة، أو يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، «4» و لا يخلقه طول الرد، و لا تفنى عجائبه.

من قال به صدق، و من عمل به أجر، و من خاصم به فلج، «5» و من قاتل به نصر، و من قام به هدي إلى صراط

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 6/ 12.

12- تفسير العيّاشي 1: 6/ 13.

13- تفسير العيّاشي 1: 6/ 14.

14- تفسير العيّاشي 1: 7/ 15.

15- تفسير العيّاشي 1: 7/ 16.

(1) الجنّ 72: 1 و 2.

(2) في المصدر: و أحكمه.

(3) في المصدر: و كلأه من لم يتنزه هوى. كلأه يكلوه- مهموز بفتحتين-: حفظه. «مجمع البحرين- كلأ- 1: 360».

(4) تضمين من سورة فصّلّت 41: 42.

(5) الفلج: الظفر و الفوز. «الصحاح- فلج- 1: 335»، و في المصدر: (فلح) و كلاهما بمعنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 18

مستقيم، [فيه نبأ من كان قبلكم، و الحكم فيما بينكم، و خيرة معادكم.

أنزله بعلمه، و أشهد الملائكة بتصديقه، قال الله جل وجهه: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً «1» فجعله الله نورا يهدي للتي هي أقوم.

و قال: فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ «2» و قال: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ «3» و قال: فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَ مَنْ

تابَ مَعَكَ وَ لا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ «4» ففي اتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم، و في تركه الخطأ المبين، و قال: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى «5» فجعل في اتباعه كل خير يرجى في الدنيا و الآخرة.

فالقرآن آمر و زاجر، حد فيه الحدود، و سن فيه السنن، و ضرب فيه الأمثال، و شرع فيه الدين، إعذارا من نفسه، و حجة على خلقه، أخذ على ذلك ميثاقهم، و ارتهن عليه أنفسهم، ليبين لهم ما يأتون و ما يتقون ليهلك من هلك عن بينة و يحيا من حيي عن بينة و إن الله لسميع عليم». «6»

46/ [16]- عن ياسر الخادم، عن الرضا (عليه السلام) أنه سئل عن القرآن، فقال: «لعن الله المرجئة، و لعن الله أبا حنيفة، إنه كلام الله غير مخلوق حيث ما تكلمت به، و حيث ما قرأت و نطقت، فهو كلام و خبر و قصص».

47/ [17]- عن سماعة، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «إن الله أنزل عليكم كتابه، و هو الصادق البر، فيه خبركم، و خبر من قبلكم، و خبر من بعدكم، و خبر السماء و الأرض، و لو أتاكم من يخبركم «7» عن ذلك لتعجبتم من ذلك».

48/ [18]- سعد بن عبدالله في (بصائر الدرجات): عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «لا تقولوا في كل آية: هذا رجل و هذا رجل من القرآن حلال، و منه حرام، و منه نبأ ما قبلكم، و حكم ما بينكم، و خبر ما بعدكم، و هكذا هو».

49/ [19]-

الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن علي (عليه السلام): «القرآن فيه خبر من قبلكم، و نبأ من بعدكم، و حكم ما بينكم».

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 8/ 17.

17- تفسير العيّاشي 1: 8/ 18.

18- مختصر بصائر الدرجات: 78.

19- ربيع الأبرار 2: 76. [.....]

(1) النّساء 4: 166.

(2) القيامة 75: 18.

(3) الأعراف 7: 3.

(4) هود 11: 112.

(5) طه 20: 123.

(6) تضمين من سورة الأنفال 8: 42.

(7) في «س» و «ط»: غيركم، و الظاهر أنه تصحيف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 19

50/ [20]- و عن علي (عليه السلام): «و عليك بكتاب الله، فإنه الحبل المتين، و النور المبين، و الشفاء النافع، [و الرأي النافع ، و العصمة للمتمسك، و النجاة للمتعلق، لا يعوج فيقام «1» و لا يزيع فيستعتب، «2» و لا يخلقه «3» كثرة الرد و ولوج السمع، من قال به صدق، و من عمل به سبق».

51/ [21]- و عنه (عليه السلام): «القرآن ظاهره أنيق، و باطنه عميق، لا تفنى عجائبه، و لا تنقضي غرائبه، و لا تكشف الظلمات إلا به».

52/ [22]- و عن أنس، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا بني، لا تغفل عن قراءة القرآن- إذا أصبحت، و إذا أمسيت- فإن القرآن يحيى القلب الميت، و ينهى عن الفحشاء و المنكر».

53/ [23]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن علي، [عن محمد بن يحيى «4»، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: «ثلاث يذهبن بالبلغم، و يزدن في الحفظ: السواك، و الصوم، و قراءة القرآن».

__________________________________________________

20- ربيع الأبرار 2: 80.

21- ربيع الأبرار 2: 80.

22- ربيع الأبرار 2: 78.

23- التّهذيب

4: 191/ 545.

(1) في «ط»: فيقوّم.

(2) الإستيعاب: طلبك إلى المسي ء الرجوع عن إساءته. «لسان العرب- عتب- 1: 577».

(3) خلق الثوب: إذا بلي فهو خلق بفتحتين. «مجمع البحرين- خلق- 5: 158». [.....]

(4) أثبتناه من المصدر. راجع رجال الطوسي: 488/ 4، جامع الرواة: 658.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 20

3- باب في الثقلين ..... ص : 20

54/ [1]- سعد بن عبدالله: عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري،- المعروف بالشاذكوني- عن يحيى بن آدم، عن شريك بن عبدالله، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) الناس بمنى، فقال: أيها الناس، إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا:

كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

ثم قال: أيها الناس، إني تارك فيكم حرمات ثلاثا: كتاب الله عز و جل، و عترتي، و الكعبة البيت الحرام».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «أما الكتاب فحرفوا، و أما الكعبة فهدموا، و أما العترة فقتلوا، و كل ودائع الله نبذوا، و منها فقد تبرءوا». «1»

55/ [2]- محمد بن علي بن بابويه، في كتاب (النصوص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام): بإسناده، عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «يا أيها الناس، إني فرط «2» لكم، و أنتم واردون علي الحوض، حوضا عرضه ما بين صنعاء و بصرى «3»، فيه قدحان عدد النجوم من فضة، و إني سائلكم- حين تردون علي الحوض- عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما. السبب الأكبر كتاب الله- طرفه بيد الله، و طرفه بأيديكم- فاستمسكوا به و لا تبدلوا، و عترتي أهل بيتي، فإنه نبأني العليم

«4» الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

فقلت: يا رسول الله، من عترتك؟

فقال: «أهل بيتي، من ولد علي و فاطمة، و تسعة من صلب الحسين، أئمة أبرار، هم عترتي من لحمي

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 90.

2- كفاية الأثر: 91.

(1) في «س» و «ط»: نبزوا. و الظاهر أنّه تصحيف.

(2) فرطت القوم أفرطهم فرطا، أي سبقتهم إلى الماء، و الفرط- بالتحريك-: الذي يتقدّم الواردة. «الصحاح- فرط- 3: 1148».

(3) بصرى- بالضم و القصر- تطلق على موضعين: أحدهما بالشّام من أعمال دمشق، و هي قصبة كورة حوران، مشهورة عند العرب قديما و حديثا، و بصرى أيضا: من قرى بغداد قرب عكبراء. «معجم البلدان 1: 441». و في المصدر: إلى بصرى.

(4) في المصدر: اللطيف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 21

و دمي».

56/ [3]- و عنه، في (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)): بإسناده عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي من العترة؟

فقال: أنا و الحسن و الحسين، و الأئمة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم و قائمهم، لا يفارقون كتاب الله، و لا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حوضه».

57/ [4]- و عنه، في كتاب (النصوص): بإسناده عن حذيفة بن أسيد، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول على منبره: «معاشر الناس، إني فرطكم، و إنكم واردون علي الحوض- حوضا أعرض ما بين بصرى و صنعاء- فيه عدد النجوم قدحان من فضة، و إني سائلكم-

حين تردون علي الحوض- عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما. الأكبر «1» كتاب الله- سبب طرفه بيد الله و طرفه بأيديكم- فاستمسكوا به لن تضلوا، و لا تبدلوا في عترتي- أهل بيتي- فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

معاشر الناس، كأني على الحوض أنظر «2» من يرد علي منكم، و سوف تؤخر أناس من دوني فأقول: يا رب، مني و من أمتي! فيقال: يا محمد، هل شعرت بما عملوا؟ أنهم ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم. ثم قال:

أوصيكم في عترتي خيرا- أو قال: في أهل بيتي-».

فقام إليه سلمان، فقال: يا رسول الله، ألا تخبرني عن الأئمة بعدك، أما هم من عترتك؟ فقال: «نعم، الأئمة من بعدي من عترتي، عدد نقباء بني إسرائيل تسعة من صلب الحسين، أعطاهم الله علمي و فهمي، فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، و اتبعوهم فإنهم مع الحق و الحق معهم».

58/ [5]- سعد بن عبدالله القمي في (بصائر الدرجات): عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير البجلي، عن ذريح بن محمد بن يزيد المحاربي، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني تارك «3» فيكم الثقلين: كتاب الله عز و جل، و عترتي- أهل بيتي- فنحن أهل بيته».

59/ [6]- و عنه: عن النضر بن سويد، عن خالد بن زياد القلانسي، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أيها الناس، إني تارك فيكم الثقلين: الثقل الأكبر، و الثقل

__________________________________________________

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 57/ 25.

4- كفاية الأثر: 128.

5- مختصر بصائر الدرجات: 90.

6-

مختصر بصائر الدرجات: 90.

(1) في المصدر: الثقل الأكبر.

(2) في المصدر: أنتظر.

(3) في المصدر: إنّي قد تركت. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 22

الأصغر، إن تمسكتم بهما لن تضلوا «1» و لن تبدلوا، فإني سألت اللطيف الخبير بأن لا يفترقا حتى يردا علي الحوض، فأعطيت ذلك».

فقيل: فما الثقل الأكبر؟ و ما الثقل الأصغر؟

فقال: «الثقل الأكبر: كتاب الله عز و جل، سبب طرفه بيد الله عز و جل و طرف بأيديكم، و الثقل الأصغر:

عترتي أهل بيتي».

60/ [7]- و عنه: عن إبراهيم بن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران الهمداني، عن يونس بن عبدالرحمن، عن هشام بن الحكم، عن سعد بن طريف الإسكاف «2» قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول النبي (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين، فتمسكوا بهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

61/ [8]- العياشي: محمد بن مسعود، عن مسعدة بن صدقة، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «إن الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن و قطب جميع الكتب، عليها يستدير محكم القرآن، و بها نوهت «3» الكتب، و [بها] يستبين الإيمان.

و قد أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقتدى بالقرآن و آل محمد، و ذلك حيث قال في آخر خطبة خطبها: إني تارك فيكم الثقلين: الثقل الأكبر، و الثقل الأصغر، فأما الأكبر فكتاب ربي، و أما الأصغر فعترتي- أهل بيتي- فاحفظوني فيهما، فلن تضلوا ما تمسكتم بهما».

62/ [9]- عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن بعض أصحابه قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم الجمعة بعد صلاة الظهر، انصرف على الناس فقال: «أيها الناس، إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لن يعمر

من نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله. و إني لأظنني أو شك أن أدعى فأجيب، و إني مسئول و إنكم مسئولون، فهل بلغتكم؟ فما ذا أنتم قائلون؟».

قالوا: نشهد بأنك قد بلغت و نصحت و جاهدت، فجزاك الله «4» خيرا. قال: «اللهم اشهد».

ثم قال: «يا أيها الناس، ألم تشهدوا أن لا إله إلا الله، و أن محمدا عبده و رسوله، و أن الجنة حق، و أن النار حق، و أن البعث حق من بعد الموت؟». قالوا: اللهم نعم. قال: «اللهم أشهد».

__________________________________________________

7- مختصر بصائر الدرجات: 91.

8- تفسير العيّاشي 1: 5/ 9.

9- تفسير العيّاشي 1: 4/ 3.

(1) في المصدر زيادة: و لن تزلوا.

(2) في «س» و «ط»: سعد بن ظريف الاسكافي، و ضبط كما في المتن في المصدر و خلاصة العلّامة الحلّي: 226/ 1 و تنقيح المقال 2: 15.

(3) في «ط»: يوهب.

(4) في المصدر زيادة: عنّا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 23

ثم قال: «أيها الناس، إن الله مولاي، و أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه».

ثم قال: «أيها الناس، إني فرطكم، و أنتم واردون علي الحوض، و حوضي عرضه ما بين بصرى و صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، ألا و إني سائلكم- حين تردون علي- عن الثقلين، فانظروني كيف تخلفوني فيهما حتى تلقوني».

قالوا: و ما الثقلان، يا رسول الله؟

قال: «الثقل الأكبر: كتاب الله، سبب طرفه بيد الله و طرف في أيديكم، فاستمسكوا به لا تضلوا و لا تذلوا، و الثقل الأصغر: أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أن لا يفترقا حتى يلقياني، و سألت الله لهما ذلك فأعطانيه، فلا تسبقوهم فتضلوا،

و لا تقصروا عنهم فتهلكوا، و لا تعلموهم فهم أعلم منكم».

63/ [10]- الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد في (أماليه) قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني أبو عمر «1» حفص بن عمر الفراء، قال: حدثنا زيد بن الحسن الأنماطي، عن معروف بن خربوذ، قال: سمعت أبا عبد الله «2» مولى العباس يحدث أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: سمعت أبا سعدى الخدري يقول: إن آخر خطبة خطبنا بها رسول الله (صلى الله عليه و آله) لخطبة خطبنا في مرضه الذي توفي فيه، خرج متوكئا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) و ميمونة مولاته، فجلس على المنبر، ثم قال: «أيها الناس، إني تارك فيكم الثقلين» و سكت.

فقام رجل فقال: يا رسول الله، ما هذان الثقلان؟! فغضب حتى احمر وجهه، ثم سكن و قال: «ما ذكرتهما إلا و أنا أريد أن أخبركم بهما، و لكن ربوت «3» فلم أستطع، سبب [طرفه بيد الله و طرف بأيديكم، تعملون فيه كذا و كذا، ألا و هو القرآن، و الثقل الأصغر أهل بيتي».

ثم قال: «و ايم الله، إني لأقول لكم هذا و رجال في أصلاب أهل الشرك أرجى عندي من كثير منكم». ثم قال:

«و الله، لا يحبهم عبد إلا أعطاه الله نورا يوم القيامة». فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن أبا عبدالله يأتينا بما يعرف».

64/ [11]- الشيخ الطوسي: بإسناده عن أبي عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن المستورد، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، قال: حدثنا سفيان- و هو ابن إبراهيم-، عن عبد المؤمن- و هو

أبو القاسم-، عن الحسن بن عطية العوفي، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إني تارك فيكم الثقلين، ألا إن أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل

__________________________________________________

10- الأمالي: 134/ 3.

11- الأمالي 1: 261 و 278/ 460، المعجم الصغير: 1: 131.

(1) في المصدر: أبو عمرو، و لم نجد له ذكرا في المعاجم المتيسّرة لدينا.

(2) في المصدر: أبا عبيد اللّه، قال في تهذيب التّهذيب 10: 231 في ترجمة معروف: روى عن أبي عبد اللّه مولى ابن عبّاس. و الظاهر صحّته.

(3) الرّبو: النفس العالي، يقال: ربا يربو ربوا، إذا أخذه الربو. «الصحاح- ربا- 6: 2350».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 24

بيتي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

و قال: «ألا إن أهل بيتي عيبتي «1» التي آوي إليها، ألا و إن الأنصار ترسي «2» فاعفوا عن مسيئهم، و أعينوا محسنهم».

65/ [12]- محمد بن علي بن بابويه في (الغيبة) قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا العباس بن الفضل المقرئ، قال: حدثنا محمد بن علي المنصور «3»، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا خالد، عن الحسين بن عبيد الله «4»، عن أبي الضحى، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

66/ [13]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس، قال: حدثنا العباس بن الفضل، عن أبي زرعة، عن كثير بن يحيى أبي مالك، عن أبي عوانة، عن الأعمش، قال: حدثنا حبيب بن أبي

ثابت، عن عامر بن واثلة، عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حجة الوداع، فنزل بغدير خم «5»، و أمر بدوحات «6» فقم «7» ما تحتهن، ثم قال: «كأني قد دعيت فأجبت، إني تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر:

كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

ثم قال: «إن الله مولاي، و أنا مولى كل مؤمن و مؤمنة». ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم قال: «من كنت وليه فهذا علي وليه، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه».

قال: فقلت لزيد بن أرقم: و أنت سمعت من رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: ما كان في الدوحات أحد إلا و قد رآه بعينيه و سمعه بأذنيه.

67/ [14]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن الحسين البغدادي قال: حدثنا عبدالله بن محمد بن

__________________________________________________

12- كمال الدّين و تمام النعمة: 234/ 44، فرائد السمطين 2: 142.

13- كمال الدّين و تمام النعمة: 234/ 45، النسائي في الخصائص: 21. [.....]

14- كمال الدّين و تمام النعمة: 235/ 46، معاني الأخبار: 90/ 2، طبقات ابن سعد 2: 194.

(1) أي خاصّتي و موضع سرّي. «النهاية 3: 327».

(2) الترس من السلاح: المتوقّى بها. «لسان العرب- ترس- 6: 32» و في المصدر: كرشي، و كرش الرجل: عياله من صغار ولده. «مجمع البحرين- كرش- 4: 152».

(3) في المصدر: بن منصور، و الظاهر أنّه محمّد بن عليّ بن ميمون، بقرينة روايته عن عمرو بن عون، و رواية عمرو عن خالد بن عبد اللّه. راجع تهذيب التّهذيب 8: 86 و 9: 356.

(4) في «س»

و «ط»: عبد اللّه، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع تهذيب التّهذيب 2: 292.

(5) غدير خمّ: هو اسم موضع، قال الحامي: خمّ واد بين مكّة و المدينة عند الجحفة، به دير، عنده خطب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله). «معجم البلدان 2: 389».

(6) الدّوحة: الشجرة العظيمة من أيّ شجر كان. «مجمع البحرين- دوح- 2: 349».

(7) قمّ الشّي ء قما: كنسه. «لسان العرب- قمم- 12: 493».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 25

عبد العزيز إملاء، قال: حدثنا بشر «1» بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن طلحة، عن «2» الأعمش، عن عطية بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «إني أوشك أن أدعى فأجيب، و إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله عز و جل، و عترتي كتاب الله حبل ممدود بين السماء و الأرض و عترتي أهل بيتي، و نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا بماذا تخلفوني فيهما».

68/ [15]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص «3» الخثعمي، قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا صالح بن موسى، قال: حدثنا عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني قد خلفت فيكم شيئين، لن تضلوا بعدي أبدا ما أخذتم بهما و عملتم بما فيهما كتاب الله، و عترتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

69/ [16]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا القاسم بن عباد، قال: حدثنا سويد، قال:

حدثنا عمرو بن صالح، عن زكريا، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول

الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله عز و جل حبل ممدود، و عترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

70/ [17]- و عنه، قال: حدثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان القشيري، قال: حدثنا الحسين بن حميد، قال: حدثني أخي الحسن بن حميد، قال: حدثني علي بن ثابت الدهان، قال:

حدثنا «4» سعاد بن سليمان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني امرؤ مقبوض، و أوشك أن أدعى فأجيب، و قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أفضل من الآخر: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

71/ [18]- و عنه، قال: حدثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد، قال: حدثنا القشيري، قال: حدثنا المغيرة بن محمد بن المهلب، قال: حدثني أبي، عن عبدالله بن داود «5»، عن الفضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم أمرين، أحدهما أطول من الآخر: كتاب الله حبل

__________________________________________________

15- كمال الدّين و تمام النعمة: 235/ 47، ينابيع المودّة: 39.

16- كمال الدّين و تمام النعمة: 235/ 48.

17- كمال الدّين و تمام النعمة: 235/ 49.

18- كمال الدّين و تمام النعمة: 236/ 50، معاني الأخبار: 90/ 1، فرائد السمطين 2: 144.

(1) في «س» و «ط»: جيش و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع سير أعلام النبلاء: 10: 373، لسان الميزان 2: 35.

(2) في «س»: بن، و هو تصحيف، إذ روى محمّد بن طلحة عن الأعمش. راجع تهذيب

التّهذيب 9: 238. [.....]

(3) في «س» و «ط»: جعفر، و هو تصحيف، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع ترجمته في رجال الطوسي: 500/ 62، سير أعلام النبلاء 14: 529.

(4) في «س» و «ط»: سواد، و هو تصحيف، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع ترجمته في تهذيب الكمال 10: 237، تهذيب التّهذيب 3:

462.

(5) في «س» و «ط»: عن أبي عبد اللّه بن أبي داود، و ما في المتن من المصادر الثلاثة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 26

ممدود من السماء إلى الأرض طرف بيد الله، و عترتي، إلا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

فقلت لأبي سعيد: من عترته؟ قال: أهل بيته (عليهم السلام).

72/ [19]- و عنه، قال ابن بابويه: حدثنا علي بن الفضل البغدادي، قال: سمعت أبا عمر- صاحب أبي العباس ثعلب- يقول: سمعت أبا العباس ثعلب يسأل عن قوله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين» لم سمي الثقلان؟

قال: لأن التمسك بهما ثقيل.

73/ [20]- و عنه، قال: حدثنا الحسن بن علي بن شعيب الجوهري أبو محمد، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا أبو عمرو أحمد بن أبي حازم الغفاري، حدثنا عبدالله بن موسى، عن شريك، عن ركين «1» بن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عز و جل، و عترتي أهل بيتي، ألا و هما الخليفتان من بعدي، و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

74/ [21]- و عنه، قال: حدثنا الحسن بن علي بن شعيب أبو محمد الجوهري، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسن بن الحسن الحميري «2»،

قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، «3» عن عمرو بن جميع، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «أتيت جابر بن عبدالله فقلت:

أخبرني عن حجة الوداع؟ فذكر حديثا طويلا، ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني تارك فيكم «4» ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله عز و جل، و عترتي أهل بيتي. ثم قال: اللهم اشهد ثلاثا».

75/ [22]- و عنه، قال: حدثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان القشيري، قال: حدثنا أبو حاتم المغيرة بن محمد بن المهلب، قال: حدثنا عبد الغفار بن محمد بن كثير الكلابي الكوفي، عن جرير بن عبد الحميد، عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي الضحى، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

76/ [23]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبدالله بن يزيد أبو محمد البجلي، قال: حدثني محمد بن طريف، قال: حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن

__________________________________________________

19- كمال الدّين و تمام النعمة: 236/ 51، معاني الأخبار: 90/ 3، فرائد السمطين 2: 145.

20- كمال الدّين و تمام النعمة: 236/ 52.

21- كمال الدّين و تمام النعمة: 236/ 53.

22- كمال الدّين و تمام النعمة: 237/ 54، مستدرك الحاكم 3: 148.

23- كمال الدّين و تمام النعمة: 238/ 56.

(1) في «س» و «ط»: وكيع، و هو تصحيف، و الصواب ما أثبتناه من المصدر.

راجع تهذيب التّهذيب 3: 287.

(2) في المصدر: الحسين بن الحسن الحيري بالكوفة.

(3) في «س» و «ط»: المغربي، و هو تصحيف و الصواب ما أثبتناه من المصدر! راجع رجال النجاشي: 51/ 11، معجم رجال الحديث 4: 307.

(4) في «ط» زيادة: الثقلين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 27

زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «كأني قد دعيت و أجبت، و إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله عز و جل حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، فإنهما لن يزالا جميعا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما».

77/ [24]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص، عن عباد بن يعقوب، عن أبي مالك عمرو بن هاشم الجنبي «1»، عن عبد الملك، عن عطية «2» أنه سمع أبا سعيد يرفع ذلك إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «أيها الناس، إني تارك فيكم الثقلين «3»، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله عز و جل، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، ألا و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

78/ [25]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثني الحسن بن عبدالله بن محمد بن علي التميمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى بن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني

تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي «4»، و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

79/ [26]- و عنه، قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابوري، قال: حدثني عمي أبو عبدالله محمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان، قال: حدثنا عبيد الله «5» بن موسى، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حنش «6» بن المعتمر، قال: رأيت أبا ذر الغفاري (رحمه الله) آخذا بحلقة باب الكعبة، و هو يقول: ألا من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا أبو ذر جندب بن السكن، سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ألا و إن مثلهما كسفينة نوح من ركب فيها نجا، و من تخلف عنها غرق».

80/ [27]- و عنه، قال: حدثنا الشريف الدين الصدوق أبو علي محمد بن أحمد بن محمد زيارة «7» بن عبد الله __________________________________________________

24- كمال الدّين و تمام النعمة: 238/ 57.

25- كمال الدّين و تمام النعمة: 239/ 59، فرائد السمطين 2: 147. [.....]

26- كمال الدّين و تمام النعمة: 239/ 59.

27- كمال الدّين و تمام النعمة: 239/ 60.

(1) في «س» و «ط»: عن أبي مالك، عن عمرو بن هاشم الحميري، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع تقريب التّهذيب 1: 580، تهذيب التّهذيب 8: 111.

(2) في «س» و «ط»: عن عبد الملك بن عطية، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع تهذيب التّهذيب 6: 411.

(3) في المصدر: إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا من بعدي: الثقلين.

(4) في المصدر زيادة: أهل بيتي.

(5) في «س» و «ط»: عبد

اللّه، و هو تصحيف، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع تهذيب التّهذيب 7: 51.

(6) في «س» و «ط»: عيسى، و هو تصحيف، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع الجرح و التعديل 3: 291/ 1297، و تهذيب التّهذيب 3: 58.

(7) في المصدر: ابن زئارة، و في «س»: ابن زياد، و الصحيح ما أثبتناه، و لقّب زبارة لأنّه كان إذا غضب قيل: قد زبر الأسد. راجع الفخري في الأنساب: 80، و أنساب السمعاني: 3: 127 و تاج العروس 3: 233، نوابغ الرواة: 237.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 28

بن الحسن بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله و سلامه عليهم)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، قال: حدثنا الفضل بن شاذان النيسابوري، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا شريك، عن ركين بن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، قال، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

81/ [28]- و عنه، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان «1»، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

82/ [29]- و

عنه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، قال: حدثنا الفضل بن شاذان، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن جرير «2»، عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي الضحي، عن زيد بن أرقم، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

83/ [30]- و عنه، قال: حدثنا أحمد «3» بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي، من العترة؟ فقال: أنا و الحسن و الحسين و التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم و قائمهم، لا يفارقون كتاب الله و لا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حوضه».

84/ [31]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني،

__________________________________________________

28- كمال الدّين و تمام النعمة: 240/ 61، المعجم الصغير: 1: 131.

29- كمال الدّين و تمام النعمة: 240/ 62، مستدرك الحاكم 3: 148.

30- كمال الدّين و تمام النعمة: 240/ 64.

31- كمال الدّين و تمام النعمة: 240/ 63.

(1) في

«س» و «ط»: عن شاذان، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. رجال النجاشي: 306 و معجم رجال الحديث 13: 299. [.....]

(2) في «س»: حريز: تصحيف، و هو جرير بن عبد الحميد، راجع تهذيب الكمال 4: 540.

(3) في المصدر: محمّد، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 2: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 29

عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى طهرنا و عصمنا، و جعلنا شهداء على خلقه، و حججا في أرضه، و جعلنا مع القرآن، و جعل القرآن معنا، لا نفارقه و لا يفارقنا».

85/ [32]- الديلمي، و أبو الحسن محمد بن شاذان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، و علي بن أبي طالب، و علي أفضل لكم من كتاب الله، لأنه مترجم لكم عن كتاب الله».

86/ [33]- ابن الفارسي في (روضة الواعظين): عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في خطبة خطبها رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجد الخيف «1»، يذكر فيها النص على الخلافة و الولاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال فيها (صلى الله عليه و آله): «معاشر الناس، إن عليا و الطيبين من ولدي هم الثقل الأصغر، و القرآن الثقل الأكبر، و كل واحد منهما مبين عن صاحبه، موافق له، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض بأمر الله في خلقه و بحكمه على أرضه، ألا و إن الله عز و جل قاله، و أنا قلته عن الله، ألا و قد أديت، ألا

و قد بلغت، ألا و قد أسمعت، ألا و قد أوضحت، ألا و إنه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا، و لا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره».

ثم ضرب بيده على عضد علي (عليه السلام) فرفعه، فكان أمير المؤمنين (عليه السلام) أول من صعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قد شال «2» عليا حتى صارت رجلاه مع ركبة رسول الله (صلوات الله عليهما).

و الخطبة طويلة و سيأتي- إن شاء الله تعالى- باب آخر في معنى الثقلين من طريق المخالفين. «3»

__________________________________________________

32- ارشاد القلوب: 378، مائة منقبة: 161 منقبة 86.

33- روضة الواعظين: 94.

(1) الخيف: بفتح أوله، و سكون ثانيه: ما انحدر من غلظ الجبل و ارتفع من مسيل الماء، و منه سمّي مسجد الخيف في منى .. «معجم البلدان 2:

412».

(2) شال الشّي ء: رفعه. «المعجم الوسيط- شول- 1: 501».

(3) و هو الباب الثاني عشر من أبواب المقدّمة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 30

4- باب في أن ما من شي ء يحتاج إليه العباد «1» إلا و هو في القرآن، و فيه تبيان كل شي ء ..... ص : 30

87/ [1]- عن محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى أنزل في القرآن تبيان كل شي ء، حتى- و الله- ما ترك شيئا يحتاج إليه العباد، لا يستطيع عبد يقول لو كان هذا أنزل في القرآن، إلا و قد أنزله الله فيه».

88/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حسين بن المنذر، عن عمر بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن الله تبارك و تعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلا أنزله في كتابه، و بينه لرسوله (صلى الله

عليه و آله)، و جعل لكل شي ء حدا، و جعل عليه دليلا يدل عليه، و جعل على من تعدى ذلك الحد حدا».

89/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم «2»، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا حدثتكم بشي ء فاسألوني من كتاب الله».

ثم

قال في بعض حديثه: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى عن القيل و القال، و فساد المال، و كثرة السؤال».

فقيل له: يا ابن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟

قال: «إن الله عز و جل يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ «3» و قال: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً «4» و قال:

__________________________________________________

1- الكافي 1: 48/ 1.

2- الكافي 1: 48/ 2.

3- الكافي 1: 48/ 5.

(1) في «س»: العلماء، و ما أثبتناه من «ط».

(2) زاد في المصدر: عن أبيه، و هذه الزيادة مختلف في صحتها، راجع الرواة 2: 169 و معجم رجال الحديث 1: 340- 343.

(3) النساء 4: 114.

(4) النساء 4: 5. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 31

لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ». «1»

90/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عمن حدثه، عن المعلى بن خنيس، قال، قال: أبو عبدالله (عليه السلام): «ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا و له أصل في كتاب الله عز و جل، و لكن لا تبلغه عقول الرجال».

91/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن هارون

بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى أرسل إليكم الرسول، و أنزل إليه الكتاب بالحق، و أنتم أميون عن الكتاب و من نزله، و عن الرسول و من أرسله، على حين فترة «2» من الرسل، و طول هجعة من الأمم، و انبساط من الجهل، و اعتراض من الفتنة، و انتقاض من المبرم، و عمى عن الحق، و اعتساف «3» من الجور، و امتحاق «4» من الدين، و تلظ «5» من الحروب، على حين اصفرار من رياض جنات الدنيا، و يبس من أغصانها، و انتشار من ورقها، و يأس من ثمرها، و اغورار «6» من مائها.

قد درست أعلام الهدى، و ظهرت أعلام الردى «7»، فالدنيا متجهمة «8»، و في وجوه أهلها مكفهرة «9» مدبرة غير مقبلة، ثمرتها الفتنة، و طعامها الجيفة، و شعارها «10» الخوف، و دثارها «11» السيف، مزقتم كل ممزق، و قد أعمت عيون أهلها، و أظلمت عليها أيامها، قد قطعوا أرحامهم، و سفكوا دماءهم، و دفنوا في التراب الموءودة بينهم من أولادهم، يجتاز دونهم طيب العيش و رفاهية خفوض «12» الدنيا، لا يرجون من الله ثوابا، و لا يخافون و الله منه عقابا، حيهم أعمى بخس «13»، و ميتهم في النار مبلس.1»

__________________________________________________

4- الكافي 1: 49/ 6.

5- الكافي 1: 49/ 7.

(1) المائدة 5: 101.

(2) الفترة: انقطاع ما بين النبيين. «مجمع البحرين- فتر- 3: 434».

(3) العسف: الأخذ على غير الطريق، و الظم. «مجمع البحرين- عسف- 5: 100».

(4) محقه: أبطله و محاه. «الصحاح- محق- 4: 1553».

(5) التظاء النّار: التهابها، و تلظّيها: تلهّبها. «الصحاح- لظي- 6: 2482».

(6) غار الماء: ذهب

في الأرض. «مجمع البحرين- غور- 3: 428».

(7) الرّذى: الهلاك. «لسان العرب- ردي- 14: 316».

(8) متجهّمة: كالحة، و في المصدر: متهجّمة.

(9) اكفهر الرجل: إذا عبس. «الصحاح- كفهر- 2: 809».

(10) الشّعار: ما ولي الجسد من الثياب. «الصحاح- شعر- 2: 699».

(11) الدّثار: كلّ ما كان من الثياب فوق الشّعار. «الصحاح- دثر- 2: 655».

(12) الخفض: الدّعة. «الصحاح- خفض- 3: 1074». [.....]

(13) البخس: الناقص. «الصحاح- بخس- 3: 907». و في المصدر: نجس.

(14) أبلس من رحمة اللّه: يئس «الصحاح- لس- 3: 909».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 32

فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى، و تصديق الذي بين يديه، و تفصيل الحلال من ريب الحرام، ذلك القرآن فاستنطقوه و لن ينطق لكم، أخبركم عنه أن فيه علم ما مضى و علم ما يأتي إلى يوم القيامة، و حكم ما بينكم و بيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتم «1» عنه لعلمتكم».

92/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن حماد بن عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنا أعلم كتاب الله، و فيه بدء الخلق و ما هو كائن إلى يوم القيامة، و فيه خبر السماء و خبر الأرض، و خبر الجنة و خبر النار، و خبر ما كان و خبر ما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفي، إن الله عز و جل يقول: فيه تبيان كل شي ء».

93/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال:

«كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، و خبر ما بعدكم، و فصل ما بينكم، و نحن نعلمه».

94/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي المغرا، عن سماعة، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، قال: قلت له: أكل شي ء في كتاب الله و سنة نبيه، أو تقولون فيه؟ قال: «بل كل شي ء في كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

6- الكافي 1: 50/ 8.

7- الكافي 1: 50/ 9.

8- الكافي 1: 50/ 10.

(1) في المصدر: فلو سألتموني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 33

5- باب في أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا الأئمة (عليهم السلام)، و عندهم تأويله ..... ص : 33

95/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما يستطيع أحد [أن يدعي أنه جمع القرآن كله، ظاهره و باطنه، غير الأوصياء».

96/ [2]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «ما من أحد من الناس ادعى أنه جمع القرآن كله كما أنزله الله إلا كذب، و ما جمعه و حفظه كما أنزل الله إلا علي بن أبي طالب، و الأئمة من بعده».

97/ [3]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن مرازم و موسى بن بكر، «1» قالا: سمعنا «2» أبا عبدالله (عليه السلام)، يقول: «إنا أهل بيت لم ينبعث منا إلا من «3» يعلم كتابه من أوله إلى آخره».

98/ [4]- و عنه: عن محمد بن عيسى، عن أبي عبدالله المؤمن، عن عبد الأعلى مولى آل

سام، قال، سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)، يقول: «و الله، إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي، فيه خبر السماء و خبر الأرض، و خبر ما كان «4» و خبر ما هو كائن، قال الله: فيه تبيان كل شي ء».

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 213/ 1.

2- بصائر الدرجات: 213/ 2.

3- بصائر الدرجات: 214/ 6.

4- بصائر الدرجات: 214/ 7.

(1) في المصدر: موسى بن بكير. و الصواب ما في المتن. راجع رجال الكشي 2: 737/ 825 و 826، جامع الرواة 2: 272، معجم رجال الحديث 19: 23.

(2) في «ط»: قال سمعت.

(3) في المصدر: لم يزل اللّه يبعث فينا من.

(4) في المصدر: و خبر ما يكون. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 34

99/ [5]- و عنه: عن الهيثم النهدي، «1» عن العباس بن عامر، قال: حدثنا عمرو بن مصعب، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن من علم ما أوتينا تفسير القرآن و أحكامه، و علم تغيير الزمان و حدثانه، «2» و إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم، و لو أسمع من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع».

ثم أمسك هنيئة «3»، ثم قال: «لو وجدنا وعاء و مستراحا لقلنا «4» و الله المستعان».

100/ [6]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن المرزبان بن عمران، عن إسحاق بن عمار، قال:

سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إن للقرآن تأويلا، فمنه ما قد جاء، و منه ما لم يجي ء، فإذا وقع التأويل في زمان إمام من الأئمة، عرفه إمام ذلك الزمان».

101/ [7]- و عنه، عن أحمد بن محمد «5»، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عنه، قال: «في القرآن

ما مضى و ما يحدث و ما هو كائن، و كانت فيه أسماء رجال فألقيت، و إنما الاسم الواحد في وجوه لا تحصى، يعرف ذلك الوصاة».

102/ [8]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، قال: دخلت عليه بعد ما قتل أبو الخطاب، فذكرت ما كان يروي من أحاديث تلك العظام قبل أن يحدث ما أحدث، فقال: «فحسبك و الله- يا أبا محمد- أن تقول فينا يعلمون [الحلال و الحرام و علم القرآن، و فصل ما بين الناس».

فلما أردت أن أقوم، أخذ بثوبي فقال: «يا أبا محمد، و أي شي ء الحلال و الحرام في جنب العلم؟ إنما] الحلال و الحرام في شي ء يسير من القرآن».

103/ [9]- و عنه: عن الفضل، عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير «6»- أو غيره- عن جميل بن دراج، عن __________________________________________________

5- بصائر الدرجات: 214/ 1.

6- بصائر الدرجات: 215/ 5.

7- بصائر الدرجات: 215/ 6.

8- بصائر الدرجات: 214/ 2.

9- بصائر الدرجات: 216/ 8.

(1) في «س»: الهيثم بن النّهدي، و الصواب ما أثبتناه. راجع جامع الرواة 2: 319، معجم رجال الحديث 19: 327.

(2) حدثان الدهر و حوادثه: نوبه، و ما يحدث منه. «لسان العرب- حدثث- 2: 132».

(3) الهنيئة: الزمان اليسير. «مجمع البحرين- هنأ- 1: 479».

(4) في المصدر: لعلمنا.

(5) زاد في المصدر: عن محمّد، و الظاهر أن الصواب ما أثبتناه من «س» و «ط» لوجود نظائر له في بصائر الدرجات كما في: 32/ 2 و 26/ 1 و 27/ 2 و 29/ 2 و 33/ 1 و 52/ 1 و 55/ 2 و 3.

(6) في المصدر: عن موسى بن القاسم، عن أبان، عن

ابن أبي عمير، و الصواب ما أثبتناه، لأنّ رواية موسى بن القاسم عن أبان و ابن أبي عمير صحيحة كما في معجم رجال الحديث 19: 65، و رواية أبان عن ابن أبي عمير غير صحيحة، بل العكس هو الصحيح كما في معجم رجال الحديث 14: 287.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 35

زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «تفسير القرآن على سبعة أوجه منه ما كان، و منه ما لم يكن، بعد ذلك تعرفه الأئمة».

104/ [10]- و عنه: عن أحمد بن الحسين، عن أبيه عن بكر بن صالح «1»، عن عبدالله بن إبراهيم بن عبد العزيز ابن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا يعقوب بن جعفر، قال: كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) بمكة، فقال له رجل: إنك لتفسر من كتاب الله ما لم يسمع! فقال: «علينا نزل قبل الناس، و لنا فسر قبل أن يفسر في الناس، فنحن نعلم «2» حلاله و حرامه، و ناسخه و منسوخه، و سفريه و حضريه «3»، و في أي ليلة نزلت كم من آية، و فيمن نزلت، «4» فنحن حكماء الله في أرضه و شهداؤه على خلقه، و هو قوله تبارك و تعالى: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ»

فالشهادة لنا، و المسألة للمشهود عليه، فهذا علم ما قد أنهيته [إليك ما لزمني، فإن قبلت فاشكر، و إن تركت فإن الله على كل شي ء شهيدا]».

105/ [11]- سعد بن عبدالله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن مرازم بن حكيم و موسى بن بكر، قالا: سمعنا أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إنا أهل بيت لم يزل الله يبعث منا من يعلم كتابه من أوله

إلى آخره، و إن عندنا من حلاله و حرامه ما يسعنا كتمانه، ما نستطيع أن نحدث به أحدا».

106/ [12]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن حماد الكوفي، عن الحسين بن علوان و عمر بن مصعب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «إني امرؤ من قريش، و لدني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علمت كتاب الله، و فيه تبيان كل شي ء، و فيه بدء الخلق، و أمر السماء و أمر الأرض، و أمر الأولين و أمر الآخرين، و ما يكون، كأني أنظر ذلك نصب عيني».

107/ [13]- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة قال: [لما] قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكوفة، صلى بهم أربعين صباحا يقرأ بهم: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى «6» قال: فقال المنافقون: لا و الله، ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن، و لو أحسن أن يقرأ القرآن لقرأ بنا غير هذه السورة.

__________________________________________________

10- بصائر الدرجات: 218/ 4.

11- مختصر بصائر الدرجات: 59.

12- مختصر بصائر الدرجات: 101، بسند آخر. [.....]

13- تفسير العيّاشي 1: 14/ 1، ينابيع المودّة: 120.

(1) في المصدر: بكير بن صالح، و لعلّ الصواب ما في المتن. راجع جامع الرواة: 1/ 127، معجم رجال الحديث 3: 348.

(2) في المصدر: نعرف.

(3) السفر: خلاف الحضر. و الحضريّ: من أهل الحاضرة و هي خلاف البادية.

(4) في المصدر زيادة: و فيما نزلت.

(5) الزّخرف 43: 19.

(6) الأعلى 87: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 36

قال: فبلغه ذلك، فقال: «ويل لهم، إني لأعرف ناسخه من منسوخه، و محكمه من متشابهه، و فصله من فصاله، و حروفه من معانيه. و الله ما من حرف نزل على محمد (صلى الله عليه و آله)

إلا أني أعرف فيمن نزل، و في أي يوم، و في أي موضع.

ويل لهم، أما يقرءون إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى «1» و الله عندي، ورثتهما من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد أنهى لي رسول الله (صلى الله عليه و آله) [صحف إبراهيم و موسى (عليهما السلام).

ويل لهم- و الله- أنا الذي أنزل الله في: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ «2»، فإنما كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا و من يعيه، فإذا خرجنا قالوا: ما ذا قال آنفا؟».

108/ [14]- عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «ما نزلت آية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا أقرأنيها، و أملاها علي، فأكتبها بخطي، و علمني تأويلها و تفسيرها، و ناسخها و منسوخها، و محكمها و متشابهها، و دعا الله لي أن يعلمني فهمها و حفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، و لا علما أملاه علي فكتبته منذ دعا لي ما دعا، و ما ترك شيئا علمه الله من حلال و لا حرام، و لا أمر و لا نهي، كان أو يكون، «3» من طاعة أو معصية إلا علمنيه و حفظته، فلم أنس منه حرفا واحدا.

ثم وضع يده على صدري، و دعا الله أن يملأ قلبي علما و فهما و حكمة و نورا، و لم أنس شيئا، و لم يفتني شي ء لم أكتبه.

قلت: يا رسول الله، أو تخوفت علي «4» النسيان فيما بعد؟ فقال: لست أتخوف عليك نسيانا و لا جهلا، و قد أخبرني ربي أنه قد استجاب لي «5» فيك، و في شركائك

الذين يكونون من بعدك.

فقلت: يا رسول الله، و من شركائي من بعدي؟

فقال: الذين قرنهم الله بنفسه و بي فقال: الأوصياء مني إلى أن يردوا علي الحوض، كلهم هاد مهتد، لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن و القرآن معهم، لا يفارقهم و لا يفارقونه، بهم تنصر أمتي، و بهم يمطرون، و بهم يدفع عنهم، و بهم استجاب دعاءهم.

فقلت: يا رسول الله، سمهم لي؟ فقال لي: ابني هذا- و وضع يده على رأس الحسن (عليه السلام)- ثم ابني هذا- و وضع يده على رأس الحسين (عليه السلام)- ثم ابن له، يقال له: علي، و سيولد في حياتك، فأقرئه مني السلام، ثم تكملة اثني عشر من ولد محمد (صلى الله عليه و آله).

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 14/ 2، كتاب سليم بن قيس: 63، شواهد التنزيل 1: 35/ 41.

(1) الأعلى 87: 18، 19.

(2) الحاقّة 69: 12.

(3) في المصدر: أو لا يكون.

(4) (عليّ) ليس في «ط».

(5) (لي) ليس في «ط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 37

فقلت له: بأبي أنت و أمي، فسمهم لي؟ فسماهم رجلا رجلا، منهم- و الله، يا أخا بني هلال- مهدي أمة محمد (صلى الله عليه و آله) الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما- و الله- إني لأعرف من يبايعه بين الركن و المقام، و أعرف أسماء آبائهم و قبائلهم».

109/ [15]- عن سلمة بن كهيل، عمن حدثه، عن علي (عليه السلام)، قال: «لو استقامت لي الإمرة و كسرت- أو ثنيت- لي الوسادة لحكمت لأهل التوراة بما أنزل الله في التوراة، حتى تذهب إلى الله أني قد حكمت بما أنزل الله فيها، و لحكمت لأهل الإنجيل بما أنزل الله في الإنجيل، حتى

يذهب إلى الله أني قد حكمت بما أنزل الله فيه، و لحكمت في أهل القرآن بما أنزل الله في القرآن، حتى يذهب إلى الله أني قد حكمت بما أنزل الله فيه».

110/ [16]- عن أيوب بن الحر، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: قلت له: الأئمة بعضهم أعلم من بعض؟ قال:

«نعم، و علمهم بالحلال و الحرام و تفسير القرآن واحد».

111/ [17]- عن حفص بن قرط الجهني، عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «كان علي (عليه السلام)، صاحب حلال و حرام و علم بالقرآن، و نحن على منهاجه».

112/ [18]- عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن- كما قاتلت على تنزيله- و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

113/ [19]

عن بشير الدهان، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)، يقول: «إن الله فرض طاعتنا في كتابه فلا يسع الناس جهلها، لنا صفو المال، و لنا الأنفال، و لنا كرائم القرآن، و لا أقول لكم إنا أصحاب الغيب، و نعلم كتاب الله، و كتاب الله يحتمل كل شي ء، إن الله أعلمنا علما لا يعلمه أحد غيره، و علما قد أعلمه ملائكته و رسله، فما علمته ملائكته و رسله فنحن نعلمه».

114/ [20]- عن مرازم، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إنا أهل بيت لم يزل الله يبعث فينا من يعلم كتابه من أوله إلى آخره، و إن عندنا من حلال الله و حرامه ما يسعنا من كتمانه، ما نستطيع أن نحدث به أحدا».

115/ [21]- عن الحكم بن عتيبة، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام) لرجل

من أهل الكوفة- و سأله عن شي ء-: «لو

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 15/ 3، فرائد السمطين 1: 338/ 261، ينابيع المودّة: 70 و 72 و 120، انظر إحقاق الحقّ 7: 579. [.....]

16- تفسير العيّاشي 1: 15/ 4.

17- تفسير العيّاشي 1: 15/ 5.

18- تفسير العيّاشي 1: 15/ 6، مناقب ابن المغازلي: 298/ 341، كنزل العمال 11: 613/ 32967.

19- تفسير العيّاشي 1: 16/ 7.

20- تفسير العيّاشي 1: 61/ 8.

21- تفسير العيّاشي 1: 61/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 38

لقيتك بالمدينة لأرينك «1» أثر جبرئيل في دورنا، و نزوله على جدي بالوحي و القرآن و العلم، فيستسقي الناس العلم من عندنا فيهدون هم، و ضللنا نحن؟! هذا محال».

116/ [22]- عن يوسف بن السخت البصري، قال: رأيت التوقيع بخط محمد بن الحسن بن علي، «2» فكان فيه: «الذي يجب عليكم و لكم أن تقولوا: إنا قدوة الله و أئمته، و خلفاء الله في أرضه، و أمناؤه على خلقه، و حججه في بلاده، نعرف الحلال و الحرام، و نعرف تأويل الكتاب، و فصل الخطاب».

117/ [23]- عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، قال: قال علي (عليه السلام): «ما بين اللوحين شي ء إلا و أنا أعلمه».

118/ [24]- عن سليمان الأعمش، عن أبيه، قال: قال علي (عليه السلام): «ما نزلت آية إلا و أنا علمت فيمن أنزلت، و أين أنزلت، و على من نزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا و لسانا طلقا».

119/ [25]- عن أبي الصباح، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «إن الله علم نبيه (صلى الله عليه و آله) التنزيل و التأويل، فعلمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)».

120/ [26]- سعد بن عبدالله: عن أحمد

بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، و محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر، عن أبي عبدالله (عليه السلام)- أو عمن رواه- عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: قلنا له: الأئمة بعضهم أعلم من بعض؟ فقال: «نعم، و علمهم بالحلال و الحرام و تفسير القرآن واحد».

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 1: 16/ 10.

23- تفسير العيّاشي 1: 17/ 11، شواهد التنزيل 1: 36/ 42 و 43، انظر إحقاق الحقّ 7: 633.

24- تفسير العيّاشي 1: 17/ 12، شواهد التنزيل 1: 33/ 38، مناقب الخوارزمي: 46، أنساب الأشراف 2: 98/ 27، الصواعق المحرقة: 127/ الفصل الرابع، أنظر إحقاق الحقّ 7: 581 و 584.

25- تفسير العيّاشي 1: 17/ 13.

26- مختصر بصائر الدرجات: 5.

(1) في المصدر: لأريتك.

(2) في «س»: محمّد بن عليّ، و في المصدر: محمّد بن محمّد بن عليّ، و في «ط»: محمّد بن محمّد بن الحسن بن عليّ، و الظاهر ما أثبتناه هو الصواب، و هو الحجّة المنتظر (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 39

6- باب في النهي عن تفسير القرآن بالرأي، و النهي عن الجدال فيه ..... ص : 39

121/ [1]- محمد بن علي بن بابويه في (الغيبة)، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال:

حدثني عمي محمد بن أبي القاسم (رحمه الله)، عن محمد بن علي الصيرفي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لعن الله المجادلين في دين الله على لسان سبعين نبيا، و من جادل في آيات الله فقد كفر، قال الله عز و جل: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا

الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ «1» و من فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب، و من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء و الأرض، كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة سبيلها إلى النار».

قال عبدالرحمن بن سمرة: فقلت: يا رسول الله، أرشدني إلى النجاة، فقال: «يا بن سمرة، إذا اختلفت الأهواء، و تفرقت الآراء، فعليك بعلي بن أبي طالب، فإنه إمام أمتي، و خليفتي عليهم من بعدي، و هو الفاروق الذي يتميز به بين الحق و الباطل، من سأله أجابه، و من استرشده أرشده، و من طلب الحق عنده وجده، و من التمس الهدى لديه صادفه، و من لجأ إليه أمنه، و من استمسك به أنجاه، و من اقتدى به هداه.

يا بن سمرة، سلم منكم من سلم له و والاه، و هلك من رد عليه و عاداه- يا بن سمرة- إن عليا مني روحه من روحي، و طينته من طينتي، و هو أخي و أنا أخوه، و هو زوج ابنتي- فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين- و إن منه إمامي أمتي و ابني و سيدي شباب أهل الجنة الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين، تاسعهم قائم أمتي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما».

122/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان الأحمر، عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما علمتم فقولوا، و ما لم تعلموا

__________________________________________________

1- كمال الدّين و تمام النعمة: 256/ 1. [.....]

2- الكافي 1: 33/ 4.

(1) المؤمن 40: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 40

فقولوا:

الله أعلم، إن الرجل لينتزع الآية من القرآن يخر فيها أبعد ما بين السماء و الأرض».

123/ [3]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام، قال: دخل قتادة بن دعامة «1» على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: «يا قتادة، أنت فقيه أهل البصرة؟». فقال:

هكذا يزعمون.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «بلغني أنك تفسر القرآن؟». قال له قتادة: نعم.

[فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «بعلم تفسره، أم جهل؟». قال: لا، بعلم .

فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت، و أنا أسألك». قال قتادة: سل.

قال: «أخبرني عن قول الله عز و جل في سبأ: وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ». «2»

فقال قتادة: ذاك من خرج من بيته بزاد حلال و راحلة و كراء حلال، يريد هذا البيت، كان آمنا حتى يرجع إلى أهله.

فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ناشدتك الله- يا قتادة- هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال و راحلة و كراء حلال يريد هذا البيت، فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته، و يضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟».

قال قتادة: اللهم نعم.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و يحك- يا قتادة- إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك، فقد هلكت و أهلكت، و إن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت و أهلكت، ويحك- يا قتادة- ذلك من خرج من بيته بزاد و راحلة و كراء حلال يروم هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه، كما قال الله عز و جل: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ «3» و لم يعن البيت فيقول: إليه، فنحن

و الله دعوة إبراهيم (عليه السلام) التي من يهوانا قبلت حجته، و إلا فلا- يا قتادة- فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة».

قال قتادة: لا جرم- و الله- لا فسرتها إلا هكذا.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و يحك- يا قتادة- إنما يعرف القرآن من خوطب به».

124/ [4]- محمد بن علي بن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام): «قال الله جل جلاله: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، و ما عرفني من شبهني بخلقي، و ما على

__________________________________________________

3- الكافي 8: 311/ 485.

4- عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 1: 116/ 4.

(1) قال أحمد بن حنبل: قتادة أحفظ أهل البصرة. و كان مع علمه بالحديث، رأسا في العربية و مفردات اللّغة و أيّام العرب و النسب. توفّي بمدينة واسط بسبب الطاعون، و هو ابن ستّ أو سبع و خمسين سنة. الجرح و التعديل 7: 133 و أعلام الزركلي 6: 27.

(2) سبأ 34: 18.

(3) إبراهيم 14: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 41

ديني من استعمل القياس في ديني».

125/ [5]- عنه، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبدالله الأسواري المذكر، قال: حدثنا أبو يوسف أحمد بن محمد بن قيس السجزي المذكر، قال: حدثنا أبو يعقوب، قال: حدثنا علي بن خشرم، قال: حدثنا عيسى، عن أبي عبيدة، عن محمد بن كعب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إنما أتخوف على أمتي من بعدي ثلاث خصال: أن يتأولوا القرآن على غير تأويله، أو يتبعوا زلة العالم، أو

يظهر فيهم المال حتى يطغوا و يبطروا، و سأنبئكم المخرج من ذلك أما القرآن فاعملوا بمحكمه و آمنوا بمتشابهه، و أما العالم فانتظروا فيئته «1» و لا تتبعوا زلته، و أما المال فإن المخرج منه شكر النعمة و أداء حقه».

126/ [6]- و عنه: عن أحمد بن الحسن القطان (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر، قال: حدثني محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب الجنديسابوري، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن زيد، عن عبدالله بن عبيد «2»، عن أبي معمر السعداني، أن رجلا قال له أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إياك أن تفسر القرآن برأيك حتى تفقهه عن العلماء، فإنه رب تنزيل يشبه كلام البشر، و هو كلام الله، و تأويله لا يشبه كلام البشر، كما ليس شي ء من خلقه يشبهه، كذلك لا يشبه فعله تبارك و تعالى شيئا من أفعال البشر، و لا يشبه شي ء من كلامه كلام البشر، و كلام الله تبارك و تعالى صفته، و كلام البشر أفعالهم، فلا تشبه كلام الله بكلام البشر فتهلك و تضل».

127/]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ليس شي ء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، إن الآية ينزل أولها في شي ء، و أوسطها في شي ء، و آخرها في شي ء»، ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3» من ميلاد الجاهلية».

128/ [8]- عن جابر، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «يا جابر، إن للقرآن بطنا، و للبطن ظهرا».

ثم قال: «يا جابر، و ليس شي ء أبعد من عقول الرجال

منه، إن الآية لينزل أولها في شي ء، و أوسطها في شي ء، و آخرها في شي ء، و هو كلام متصل يتصرف «4» على وجوه».

__________________________________________________

5- الخصال: 164/ 216.

6- التّوحيد: 264/ 5.

7- تفسير العيّاشي 1: 17/ 1.

8- تفسير العيّاشي 1: 11/ 2.

(1) الفيئة: بكسر الفاء، الحالة من الرجوع عن الشّي ء الذي يكون قد لا بسه الإنسان و باشره. «لسان العرب- فيأ- 1: 125». و في «س»: فانظروا فتنته.

(2) في المصدر: حدّثنا طلحة بن يزيد، عن عبيد اللّه بن عبيد.

(3) الأحزاب 33: 33. و أوّل هذه الآية في نساء النبيّ (صلى اللّه عليه و آله)، و أوسطها في إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة، و آخرها في تطهير أهل البيت و عصمتهم (عليهم السّلام). [.....]

(4) في «ط»: ينصرف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 42

129/ [9]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) «1»، قال: «من فسر القرآن برأيه فأصاب لم يؤجر، و إن أخطأ كان إثمه عليه».

130/ [10]- عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «ما علمتم فقولوا، و ما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، فإن الرجل ينزع بالآية فيخر بها أبعد ما بين السماء و الأرض».

131/ [11]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من فسر القرآن برأيه، إن أصاب لم يؤجر، و إن أخطأ فهو أبعد من السماء».

132/ [12]- عن عبدالرحمن بن الحجاج، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)، يقول: ليس «2» أبعد من عقول الرجال من القرآن».

133/ [13]- عن عمار بن موسى، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سئل عن الحكومة؟ قال: «من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر، و من فسر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر».

134/ [14]-

عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إياكم و الخصومة، فإنها تحبط العمل، و تمحق الدين، و إن أحدكم لينزع بالآية يقع فيها أبعد من السماء».

135/ [15]- عن القاسم «3» بن سليمان، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «قال أبي (عليه السلام): ما ضرب رجل «4» القرآن بعضه ببعض إلا كفر».

136/ [16]- عن يعقوب بن يزيد، عن ياسر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، يقول: «المراء في كتاب الله كفر». «5»

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 17/ 2.

10- تفسير العيّاشي 1: 17/ 3.

11- تفسير العيّاشي 1: 17/ 4.

12- تفسير العيّاشي 1: 17/ 5.

13- تفسير العيّاشي 1: 18/ 6.

14- تفسير العيّاشي 1: 18/ 1.

15- تفسير العيّاشي 1: 18/ 2.

16- تفسير العيّاشي 1: 18/ 3.

(1) في «س» و «ط»: عن أبي جعفر (عليه السّلام).

(2) في «ط»: ما.

(3) في المصدر: المعمّر، و هو تحريف صوابه ما في المتن، راجع جامع الرواة 2: 17، معجم رجال الحديث 14: 20.

(4) في «ط»: ما من رجل ضرب.

(5) المراء: الجدال، قال الطّريحي: قيل: إنّما سمّاه كفرا لأنّه من عمل الكفّار، أو لأنّه يفضي بصاحبه إلى الكفر إذا عاند صاحب الذي يماريه على الحقّ، لأنّه لا بدّ أن يكون أحد الرجلين، محقّا و الآخر مبطلا، و من جعل كتاب اللّه سناد باطله فقد كفر، مع احتمال أن يراد بالمراء الشكّ، و من المعلوم أنّ الشكّ فيه كفر. «مجمع البحرين- مرا- 1: 390». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 43

137/ [17]- عن داود بن فرقد، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «لا تقولوا لكل آية هذه رجل و هذه رجل، إن من القرآن حلالا و منه حراما، و فيه نبأ من قبلكم، و خبر من

بعدكم، و حكم ما بينكم، فهكذا هو.

كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) مفوض فيه إن شاء فعل الشي ء، و إن شاء ترك، حتى إذا فرضت فرائضه، و خمست أخماسه، حق على الناس أن يأخذوا به، لأن الله قال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا». «1»

138/ [18]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «قال أبي (عليه السلام): ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلا كفر».

قلت: ذكر محمد بن علي بن بابويه في كتاب (معاني الأخبار) عن بعض العلماء «2» في معنى هذا الحديث:

هو أن يفسر آية بتفسير آية أخرى. «3»

__________________________________________________

17- تفسير العيّاشي 1: 18/ 4.

18- الكافي 2: 462/ 17.

(1) الحشر 59: 7.

(2) في «ط»: الفقهاء.

(3) معاني الأخبار: 190/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 44

7- باب في أن القرآن له ظهر و بطن، و عام و خاص، و محكم و متشابه، و ناسخ و منسوخ، و النبي (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته (عليهم السلام) يعلمون ذلك، و هم الراسخون في العلم ..... ص : 44

139/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور، عن ابن أذينة، عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الرواية: «ما من آية إلا و لها ظهر و بطن» «1» فقال:

«ظهر و بطن هو تأويله منه ما قد مضى، و منه ما لم يجي ء، يجري كما تجري الشمس و القمر، كلما جاء فيه تأويل شي ء منه يكون على الأموات كما يكون على الأحياء، قال الله تبارك و تعالى: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «2» نحن نعلمه».

140/ [2]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن وهيب «3» بن حفص، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سمعته

يقول: «إن القرآن فيه محكم و متشابه، فأما المحكم فيؤمن به و يعمل، «4» و أما المتشابه فيؤمن «5» به و لا يعمل «6» به، و هو قول الله تبارك و تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ».»

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 223/ 2.

2- بصائر الدرجات: 223/ 3.

(1) في المصدر زيادة: و ما فيه حرف إلّا و له حدّ يطلع، ما يعني بقوله: لها ظهر و بطن.

(2) آل عمران 3: 7.

(3) في المصدر: وهب. و لعلّ الصواب ما أثبتناه. راجع معجم رجال الحديث 19: 206 و 215.

(4) في المصدر: فنؤمن به فنعمل به و ندين به.

(5) في المصدر: فنؤمن.

(6) في المصدر: و لا نعمل.

(7) آل عمران 3: 7. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 45

141/ [3]- [حدثنا إبراهيم بن إسحاق، عن عبدالله بن حماد، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله تعالى: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ . «1»

قال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته «2» أفضل الراسخين في العلم، قد علمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل و التأويل، و ما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله، و أوصياؤه من بعده يعلمونه كله، و الذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيه بعلم فأجابهم الله: يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا «3» فالقرآن: عام، و خاص، و محكم، و متشابه، و ناسخ، و منسوخ، و الراسخون في العلم يعلمونه».

142/ [4]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير،

عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، قال:

قال أبو عبدالله (عليه السلام): «يا أبا الصباح، نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال و لنا صفو المال، و نحن الراسخون في العلم، و نحن المحسودون الذين قال الله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ». «4»

143/ [5]- و عنه: عن محمد بن خالد، «5» عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نحن الراسخون في العلم، و نحن نعلم تأويله».

144/ [6]- العياشي: عن أبي محمد الهمداني، عن رجل، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن الناسخ و المنسوخ، و المحكم و المتشابه، فقال: «الناسخ الثابت، و المنسوخ ما مضى، و المحكم ما يعمل به، و المتشابه الذي يشبه بعضه بعضا».

145/ [7]- عن جابر، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «يا جابر، إن للقرآن بطنا، و للبطن ظهرا».

ثم قال: «يا جابر، و ليس شي ء أبعد من عقول الرجال منه، إن الآية لينزل أولها في شي ء، و أوسطها في شي ء، و آخرها في شي ء، و هو كلام متصل يتصرف على وجوه».

146/ [8]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل القرآن ناسخا و منسوخا».

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 224/ 8.

4- بصائر الدرجات: 222/ 1.

5- بصائر الدرجات: 224/ 7.

6- تفسير العيّاشي 1: 10/ 1.

7- تفسير العيّاشي 1: 11/ 2.

8- تفسير العيّاشي 1: 11/ 3.

(1) آل عمران 3: 7.

(2) (و أهل بيته) ليس في المصدر.

(3) آل عمران 3: 7.

(4) النّساء 4: 54.

(5) في المصدر: أحمد بن محمّد بن خالد، و الظاهر أنّه: أحمد بن محمّد، عن محمّد خالد، كما في عدّة موارد من المصدر. و ما في المتن صحيح أيضا لأنّه من

مشايخ الصفّار. راجع معجم رجال الحديث 15: 257 و 16: 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 46

147/ [9]- عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ظهر القرآن الذين نزل فيهم، و بطنه الذين عملوا بمثل أعمالهم».

148/ [10]- عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الرواية: «ما في القرآن آية إلا و لها ظهر و بطن، و ما فيه حرف إلا و له حد، و لكل حد مطلع». ما يعني بقوله: «لها ظهر و بطن؟».

فقال: «ظهره [تنزيله ، و بطنه تأويله، منه ما مضى، و منه ما لم يكن بعد، يجري كما تجري الشمس و القمر، كلما جاء منه شي ء وقع، قال الله تعالى: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «1» نحن نعلمه».

149/ [11]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إن القرآن فيه محكم و متشابه، فأما المحكم فنؤمن به و نعمل به، و ندين به، و أما المتشابه فنؤمن به و لا نعمل به».

150/ [12]- عن مسعدة بن صدقة، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الناسخ و المنسوخ، و المحكم و المتشابه؟ قال: «الناسخ الثابت المعمول به، و المنسوخ ما قد كان يعمل به ثم جاء ما نسخه، و المتشابه ما اشتبه على جاهله».

151/ [13]- عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شي ء في تفسير القرآن فأجابني، ثم سألته ثانية فأجابني بجواب آخر، فقلت: جعلت فداك، كنت أجبت في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم؟! فقال لي:

«يا جابر، إن للقرآن بطنا، و للبطن بطنا و ظهرا، و للظهر «2» ظهرا- يا جابر- و ليس شي ء

أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، إن الآية ليكون أولها في شي ء و أوسطها في شي ء و آخرها في شي ء، و هو كلام متصل يتصرف على وجوه».

152/ [14]- عن أبي عبد الرحمن السلمي، أن عليا (عليه السلام) مر على قاض فقال: «هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟» فقال: لا، فقال: «هلكت و أهلكت، تأويل كل حرف من القرآن على وجوه».

153/ [15]- عن إبراهيم بن عمر، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «إن في القرآن ما مضى و ما يحدث و ما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، و إنما الاسم الواحد منه في وجوه لا تحصى، يعرف ذلك الوصاة».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 11/ 4.

10- تفسير العيّاشي 1: 11/ 5.

11- تفسير العيّاشي 1: 11/ 6. [.....]

12- تفسير العيّاشي 1: 11/ 7.

13- تفسير العيّاشي 1: 12/ 8.

14- تفسير العيّاشي 1: 12/ 9.

15- تفسير العيّاشي 1: 12/ 10.

(1) آل عمران 3: 7.

(2) (بطنا و ظهرا و للظهر) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 47

154/ [16]- عن حماد بن عثمان، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): إن الأحاديث تختلف عنكم؟ قال: فقال:

«إن القرآن نزل على سبعة أحرف «1»، و أدنى [ما] للإمام أن يفتي على سبعة وجوه- ثم قال-: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ». «2»

155/ [17]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن المعلى «3» بن محمد، عن الوشاء، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مسلم، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن القرآن واحد، نزل من عند واحد، و لكن الاختلاف يجي ء من قبل الرواة».

156/ [18]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر

بن أذينة، عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): إن الناس يقولون: إن القرآن نزل على سبعة أحرف؟ فقال: «كذبوا أعداء الله، و لكنه نزل على حرف واحد، من عند الواحد».

157/ [19]- و من طريق الجمهور: من كتاب (حلية الأولياء) يرفعه إلى عبدالله بن مسعود أنه قال: «القرآن نزل «4» على سبعة أحرف، ما منها حرف إلا و له ظهر و بطن، و إن علي بن أبي طالب عنده منه علم الظاهر و الباطن».

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 12/ 11.

17- الكافي 2: 461/ 12.

18- الكافي 2: 461/ 13.

19- حيلة الأولياء 1: 65، النور المشتعل: 21/ 1، فرائد السمطين 1: 355/ 281، ترجمة الإمام عليّ (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 3: 32/ 1057، ينابيع المودّة 70 و 373.

(1) أحرف: جمع حرف، و قد اختلفوا في معناه على أقوال، فقيل: المراد بالحرف الإعراب، و قيل: الكيفيّات، و قيل: إنّها وجوه القراءة التي اختارها القرّاء. «مجمع البحرين- حرف- 5: 36».

(2) سورة ص 38: 39.

(3) في المصدر: عليّ، و الظاهر أنّه تصحيف، كما أشار لذلك في جامع الرواة 2: 251، معجم رجال الحديث 23: 167.

(4) في المصدر: إنّ القرآن أنزل. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 48

8- باب في ما نزل عليه القرآن من الأقسام ..... ص : 48

158/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي يحيى، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام)، يقول: «أنزل «1» القرآن أثلاثا: ثلث فينا و في عدونا، و ثلث سنن و أمثال، و ثلث فرائض و أحكام».

159/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن

محمد، عن الحجال، عن علي بن عقبة، عن داود بن فرقد، عمن ذكره، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إن القرآن نزل أربعة أرباع: ربع حلال، و ربع حرام، و ربع سنن و أحكام، و ربع خبر ما كان قبلكم، و نبأ ما يكون بعدكم، و فصل ما بينكم».

160/ [3]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، و ربع في عدونا، و ربع سنن و أمثال، و ربع فرائض و أحكام».

161/]- العياشي: عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «نزل القرآن على أربعة أرباع: ربع فينا، و ربع في عدونا، و ربع في فرائض و أحكام، و ربع سنن و أمثال. و لنا كرائم القرآن».

162/ [5]- عن عبدالله بن سنان، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن القرآن و الفرقان؟ قال: «القرآن: جملة الكتاب، و أخبار ما يكون، و الفرقان: المحكم الذي يعمل به، و كل محكم فهو فرقان».

163/ [6]- عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «نزل القرآن أثلاثا: ثلث فينا و في عدونا، و ثلث سنن و أمثال، و ثلث فرائض و أحكام».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 459/ 2، شواهد التنزيل 1: 44/ 59.

2- الكافي 2: 459/ 3.

3- الكافي 2: 459/ 4، شواهد التنزيل 1: 43/ 57 و 58 و: 45/ 60 و: 46/ 65.

4- تفسير العيّاشي 1: 9/ 1، تفسير الحبري: 233/ 2، النور المشتعل: 36- 38/ 9- 12.

5- تفسير العيّاشي 1: 9/ 2.

6- تفسير العيّاشي 1: 9/ 3، شواهد التنزيل 1:

44/ 59.

(1) في المصدر: نزل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 49

164/ [7]- عن محمد بن خالد الحجاج الكرخي، عن بعض أصحابه، رفعه إلى خيثمة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا خيثمة، القرآن نزل أثلاثا: ثلث فينا و في أحبائنا، و ثلث في أعدائنا و عدو من كان قبلنا، و ثلث سنة و مثل. و لو أن الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم ماتت الآية، لما بقي من القرآن شي ء، و لكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات و الأرض، و لكل قوم آية يتلونها، هم منها من خير أو شر».

165/ [8]- و من طريق الجمهور: عن ابن المغازلي، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «إن القرآن أربعة أرباع: فربع فينا أهل البيت خاصة، «1» و ربع «2» حلال، و ربع حرام، و ربع فرائض و أحكام و الله أنزل فينا «3» كرائم القرآن».

166/ [9]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إن القرآن آمر و زاجر: آمر بالجنة، و يزجر عن النار».

167/ [10]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن سنان- أو عن غيره-، عمن ذكره، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن القرآن و الفرقان، أ هما شيئان، أو شي ء واحد؟

فقال (عليه السلام): «القرآن جملة الكتاب، و الفرقان المحكم الواجب العمل به».

168/ [11]- عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال:

سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إن القرآن زاجر و آمر: يأمر بالجنة، و يزجر عن النار».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 10/ 7.

8- مناقب ابن المغازلي:

328/ 375، النور المشتعل: 38/ 12 و: 39/ 13.

9- تفسير العيّاشي 1: 10/ 6.

10- الكافي 2: 461/ 11.

11- الكافي 2: 439/ 9.

(1) في المصدر زيادة: و ربع في أعدائنا.

(2) (ربع) ليس في المصدر. [.....]

(3) في المصدر: في عليّ (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 50

9- باب في أن القرآن نزل ب (إياك أعني و اسمعي يا جارة) «1» ..... ص : 50

169/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبدالله ابن بكير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «نزل القرآن ب (إياك أعني و اسمعي يا جارة)».

ثم قال الكليني: و في رواية أخرى، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «معناه ما عاتب الله عز و جل به نبيه (صلى الله عليه و آله) فهو يعني به ما قد مضى في القرآن، مثل قوله: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا «2» عنى بذلك غيره».

170/ [2]- العياشي: عن عبدالله بن بكير، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «نزل القرآن ب (إياك أعني و اسمعي يا جارة)».

171/ [3]- عن ابن أبي عمير، عمن حدثه، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «ما عاتب الله نبيه فهو يعني به من قد مضى في القرآن، مثل قوله: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا «3» عنى بذلك غيره».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 461/ 14.

2- تفسير العيّاشي 1: 10/ 4.

3- تفسير العيّاشي 1: 10/ 5.

(1) مثل يضرب لمن يتكلم بكلام و يريد به غيره. «مجمع الأمثال 1: 49/ 187».

(2) الإسراء 17: 74.

(3) الإسراء 17: 74.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 51

10- باب في ما عنى به الأئمة (عليهم السلام) في القرآن ..... ص : 51

172/ [1]- العياشي: عن ابن مسكان، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن». «1»

173/ [2]- عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الفضل، لنا حق في كتاب الله المحكم من الله لو محوه فقالوا: ليس من عند الله، أو لم يعلموا، لكان سواء». «2»

174/ [3]- عن محمد بن مسلم، قال:

قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا محمد، إذا سمعت الله ذكر أحدا من هذه الأمة بخير، فهم نحن، و إذا سمعت الله ذكر قوما بسوء ممن مضى، فهم عدونا».

175/ [4]- عن داود بن فرقد، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا «3» فيه مسمين».

176/ [5]- و قال سعيد بن الحسين الكندي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- بعد مسمين-: «كما سمي من قبلنا».

177/ [6]- عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لو لا أن زيد في كتاب الله و نقص منه ما خفي حقنا على ذي الحجا، «4» و لو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 13/ 1.

2- تفسير العيّاشي 1: 13/ 2.

3- تفسير العيّاشي 1: 13/ 3.

4- تفسير العيّاشي 1: 13/ 4.

5- تفسير العيّاشي 1: 13/ 5.

6- تفسير العيّاشي 1: 13/ 6.

(1) لم يتنكب الفتن: أي لا مخلص له مها. «مجمع البحرين- نكب- 2: 176». [.....]

(2) في المصدر: سواه.

(3) ألفيت الشي ء: وجدته. «الصحاح- لفا- 6: 2484».

(4) الحجا: العقل و الفطنة، و الجمع أحجاء. «لسان العرب- حجا- 14: 165».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 52

178/ [7]- عن مسعدة بن صدقة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سموهم بأحسن أمثال القرآن يعني عترة النبي (صلى الله عليه و آله)، هذا عذب فرات فاشربوا، و هذا ملح أجاج»

فاجتنبوا».

179/ [8]- عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبدالله (عليه السلام): عن قول الله: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «2» فلما رآني أتتبع هذا و أشباهه من الكتاب، قال: «حسبك كل شي ء في

الكتاب من فاتحته إلى خاتمته مثل هذا فهو في الأئمة عنى به».

180/ [9]- و روى الشيخ الكامل شرف الدين النجفي في كتاب (تأويل الآيات الباهرة في فضائل العترة الطاهرة قال: ورد من طريق العامة و الخاصة الخبر المأثور عن عبدالله بن عباس (رضي الله عنه) أنه قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «نزل القرآن أرباعا: ربع فينا، و ربع في عدونا، و ربع سنن و أمثال، و ربع فرائض و أحكام، و لنا كرائم القرآن». و كرائم القرآن أحسنه «3» لقوله تعالى: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ «4» و القول هو القرآن.

181/ [10]- قال: و يؤيد هذا ما رواه أبو جعفر الطوسي بإسناده إلى الفضل بن شاذان، عن داود بن كثير، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) أنتم الصلاة في كتاب الله عز و جل، و أنتم الزكاة، «5» و أنتم الحج؟

فقال: «يا داود، نحن الصلاة في كتاب الله عز و جل، و نحن الزكاة، و نحن الصيام، و نحن الحج، و نحن الشهر الحرام، و نحن البلد الحرام، و نحن كعبة الله، و نحن قبلة الله، و نحن وجه الله، قال الله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «6»، و نحن الآيات، و نحن البينات.

و عدونا في كتاب الله: الفحشاء و المنكر و البغي، و الخمر و الميسر، و الأنصاب و الأزلام، و الأصنام و الأوثان، و الجبت و الطاغوت، و الميتة و الدم و لحم الخنزير.

يا داود، إن الله خلقنا، و أكرم خلقنا، و فضلنا، و جعلنا أمناءه و حفظته و خزانه على ما في السماوات و ما في الأرض، و جعل لنا أضدادا و أعداء، فسمانا في كتابه و كنى عن

أسمائنا بأحسن الأسماء و أحبها إليه، تكنية عن

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 13/ 7.

8- تفسير العيّاشي 1: 13/ 8.

9- تأويل الآيات 1: 18/ 1، تفسير الحبري: 233/ 2، شواهد التنزيل 1: 43/ 57 و 58 و: 45/ 60.

10- تأويل الآيات 1: 19/ 2.

(1) أجاج: ملح مرّ. «مختار الصحاح- أجج-: 6».

(2) الرّعد 13: 43.

(3) في «ط»: مجامعه و أحسنه، و في المصدر: محاسنه و أحسنه.

(4) الزّمر 39: 18.

(5) في المصدر زيادة: و أنتم الصيام.

(6) البقرة 2: 115.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 53

العدو، و سمى أضدادنا و أعداءنا في كتابه و كنى عن أسمائهم و ضرب لهم الأمثال في كتابه في أبغض «1» الأسماء إليه و إلى عباده المتقين».

182/ [11]- و يؤيد هذا ما رواه- أيضا- عن الفضل بن شاذان، بإسناده عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: «نحن أصل كل بر، و من فروعنا كل بر و من البر التوحيد، و الصلاة، و الصيام، و كظم الغيظ، و العفو عن المسي ء، و رحمة الفقير، و تعاهد الجار، و الإقرار بالفضل لأهله.

و عدونا أصل كل شر، و من فروعهم كل قبيح و فاحشة، فهم الكذب، و النميمة، و البخل، و القطيعة و أكل الربا، و أكل مال اليتيم بغير حق، و تعدي الحدود التي أمر الله عز و جل بها، و ركوب الفواحش ما ظهر منها و ما بطن من الزنا و السرقة، و كل ما [وافق ذلك من القبيح، و كذب من قال: إنه معنا، و هو متعلق بفرع غيرنا».

__________________________________________________

11- تأويل الآيات 1: 19/ 3. [.....]

(1) في «س» و «ط»: بعض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 54

11- باب آخر ..... ص : 54

183/ [1]- سعد بن عبدالله في (بصائر الدرجات)

قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى بن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن علي، عن حفص المؤذن «1»، قال: كتب أبو عبدالله (عليه السلام) إلى أبي الخطاب: «بلغني أنك تزعم أن الخمر رجل، و أن الزنا رجل، و أن الصلاة رجل، و أن الصوم رجل و ليس كما تقول، نحن أصل الخير، و فروعه طاعة الله، و عدونا أصل الشر، و فروعه معصية الله».

ثم كتب: «كيف يطاع من لا يعرف، و كيف يعرف من لا يطاع؟!».

184/ [2]- و عنه: عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «لا تقولوا في كل آية هذا رجل و هذا رجل، من القرآن حلال، و منه حرام، و منه نبأ ما قبلكم، و حكم ما بينكم، و خبر ما بعدكم، و هكذا هو».

185/ [3]- و عنه: عن القاسم بن الربيع الوراق، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن مياح «2» المدائني، عن المفضل بن عمر أنه كتب إلى أبي عبدالله (عليه السلام) كتابا فجاءه جواب أبي عبدالله (عليه السلام) بهذا: «أما بعد، فإني أوصيك بتقوى الله و طاعته، فإن من التقوى الطاعة، و الورع، و التواضع لله و الطمأنينة، و الاجتهاد له، و الأخذ بأمره، و النصيحة لرسله، و المسارعة في مرضاته، و اجتناب ما نهى عنه فإنه من يتق الله فقد أحرز نفسه من النار بإذن الله، و أصاب الخير كله في الدنيا و الآخرة، فإنه من أمر بالتقوى فقد أبلغ في الموعظة، جعلنا الله و إياكم من المتقين برحمته.

جاءني كتابك فقرأته و فهمت الذي فيه، و حمدت الله على سلامتك و

عافية الله إياك، ألبسنا الله و إياك عافيته في الدنيا و الآخرة.

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 556/ 2، مختصر بصائر الدرجات: 78.

2- بصائر الدرجات: 556/ 3، مختصر بصائر الدرجات: 78.

3- بصائر الدرجات: 546/ 1، مختصر بصائر الدرجات: 78.

(1) في «س»: المؤدّب، و ما في المتن هو الصحيح، راجع رجال الطوسي: 185، و معجم رجال الحديث 6: 159.

(2) في «س» و «ط»: منّاح، و في المصدر: صيّاح، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 424/ 1140، جامع الرواة 2: 283.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 55

كتبت تذكر أن قوما أنا أعرفهم «1» كان أعجبك نحوهم و شأنهم، و أنك أبلغت عنهم أمورا زائدة عليهم كرهتها لهم، و لم تر منهم هديا و لا حسنا و ورعا و تخشعا.

و بلغك أنهم يزعمون أن الدين إنما هو معرفة الرجال، ثم من بعد ذلك إذا عرفتهم فاعمل ما شئت، و ذكرت أنك قد قلت: أصل الدين معرفة الرجال وفقك الله.

و ذكرت أنه قد بلغك أنهم يزعمون أن الصلاة و الزكاة و صوم شهر رمضان و الحج و العمرة و المسجد الحرام «2» و الشهر الحرام «3» رجال، و أن الطهر و الاغتسال من الجنابة هو رجل، و كل فريضة افترضها الله عز و جل على عباده فهي رجال.

و أنهم ذكروا لك «4» بزعمهم أن من عرف ذلك الرجل فقد اكتفى بعلمه من غير عمل، و قد صلى و آتى الزكاة و صام و حج و اعتمر، و اغتسل من الجنابة و تطهر، و عظم حرمات الله و الشهر الحرام و المسجد الحرام و البيت الحرام.

و أنهم ذكروا أن من عرف هذا بعينه و بحده و ثبت في قلبه جاز له

أن يتهاون بالعمل، و ليس عليه أن يجتهد في العمل، و يزعمون أنه إذا عرفوا ذلك الرجل فقد قبلت منهم هذه الحدود لوقتها و إن لم يعملوا بها.

و أنه بلغك أنهم يزعمون أن الفواحش التي نهى الله عنها من الخمر و الميسر و الميتة و الدم و لحم الخنزير هم رجال، و ذكروا إنما حرم الله عز و جل من نكاح الأمهات و البنات و الأخوات و العمات و الخالات و بنات الأخ و بنات الأخت، و ما حرم الله على المؤمنين «5» من النساء، إنما عنى بذلك نساء النبي (صلى الله عليه و آله)، و ما سوى ذلك فمباح. «6»

و ذكرت أنه بلغك أنهم يترادفون المرأة الواحدة، و يتشاهدون بعضهم لبعض «7»، و يزعمون أن لهذا بطنا و ظهرا يعرفونه فالظاهر ما يتناهون عنه يأخذون به مدافعة عنهم، و الباطن هو الذي يطلبون و به أمروا بزعمهم.

و كنت تذكر الذي «8» عظم «9» عليك من ذلك حين «10» بلغك، فكتبت تسألني عن قولهم في ذلك، أحلال

__________________________________________________

(1) في «س» و «ط»: كما.

(2) في المصدر زيادة: و البيت الحرام و المشعر الحرام.

(3) في المصدر زيادة: هم.

(4) في المصدر: ذلك.

(5) في «س»: علي أمير المؤمنين (عليه السّلام). و ما في المتن الأنسب.

(6) في المصدر زيادة: كلّه.

(7) في المصدر زيادة: بالزور.

(8) في المصدر: و كتبت تذكر الذين. [.....]

(9) في «ط»: الذي طمّ عظيم. و طمّ: كثر و علا حتّى غلب.

(10) في «س»: حتّى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 56

هو أم حرام؟ و كتبت تسألني عن تفسير ذلك، و أنا أبينه لك حتى لا تكون من ذلك في عمى «1» و لا شبهة تدخل عليك.

و قد كتبت إليك في

كتابي هذا تفسير ما سألت عنه فاحفظه الحفاظ «2» كله و عه، كما قال الله تعالى:

وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ «3» و أنا أصفه لك بحله «4» و أنفي عنك حرامه- إن شاء الله- كما وصفت لك، و أعرفكه حتى تعرفه- إن شاء الله تعالى- و لا تنكره، و لا قوة إلا بالله، و القوة و العزة لله جميعا.

أخبرك أنه من كان يؤمن و يدين بهذه الصفة التي سألتني عنها فهو مشرك بالله بين الشرك، لا يسع أحدا الشك فيه، و أخبرك أن هذا القول كان من قوم سمعوا ما لم يعقلوه عن أهله، و لم يعطوا فهم ذلك، و لم يعرفوا حدود ما سمعوا، فوضعوا حدود تلك الأشياء مقايسة برأيهم و مقتضى «5» عقولهم، و لم يضعوها على حدود ما أمروا، كذبا و افتراء على الله و على رسوله (صلى الله عليه و آله)، و جرأة على المعاصي، فكفى بهذا جهلا لهم، و لو أنهم وضعوها على حدودها التي حدت لهم و قبلوها لم يكن به بأس، و لكن حرفوها و تعدوا الحق، و كذبوا فيها و تهاونوا بأمر الله و طاعته.

و لكن أخبرك أن الله عز و جل حدها بحدودها لئلا يتعدى حدود الله أحد، و لو كان الأمر كما ذكروا لعذر الناس بجهل ما لم يعرفوا حد ما حد لهم فيه، و لكان المقصر و المتعدي حدود الله معذورا إذا لم يعرفها، و لكن جعلها الله حدودا محدودة لا يتعداها إلا مشرك كافر، قال الله عز و جل: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. «6»

فأخبرك حقا يقينا أن الله تبارك و تعالى اختار لنفسه الإسلام دينا

و رضيه لخلقه، فلم يقبل من أحد عملا إلا به، و به بعث أنبياءه و رسله، ثم قال: وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ «7» فعليه و به بعث أنبياءه و رسله و نبيه محمدا (صلى الله عليه و آله)، فأصل الدين معرفة الرسل و ولايتهم، و أن الله عز و جل أحل حلالا و حرم حراما فجعل حلاله حلالا إلى يوم القيامة، و جعل حرامه حراما إلى يوم القيامة.

فمعرفة الرسل و ولايتهم و طاعتهم هي الحلال، فالمحلل ما حللوا، و المحرم ما حرموا، و هم أصله و منهم الفروع الحلال، و حج البيت و العمرة، و تعظيمهم حرمات الله و شعائره و مشاعره، و تعظيم البيت الحرام و المسجد الحرام

__________________________________________________

(1) في «س»: غمّ.

(2) الحفاظ: المحافظة، و هو المواظبة و الذبّ عن المحارم. «القاموس المحيط- حفظ- 2: 409».

(3) الحاقّة 69: 12.

(4) الحلّ: الحلال، و هو ضدّ الحرام. «الصحاح- حلل- 4: 1672».

(5) في «س»: و منتهى.

(6) البقرة 2: 229.

(7) الاسراء 17: 105.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 57

و الشهر الحرام، و الطهر و الاغتسال من الجنابة و مكارم الأخلاق و محاسنها و جميع البر، و ذكر ذلك في كتابه، فقال:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. «1»

و عدوهم هم الحرام المحرم، و أولياؤهم هم الداخلون في أمرهم إلى يوم القيامة، و هم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، و الخمر و الميسر و الزنا و الربا و الميتة و الدم و لحم الخنزير هي الحرام و المحرم و أصل كل حرام، و هم الشر و أصل كل شر، و منهم فروع

الشر كله، و من تلك الفروع استحلالهم الحرام و إتيانهم إياه، و من فروعهم تكذيب الأنبياء و جحود الأوصياء، و ركوب الفواحش من الزنا و السرقة، و شرب الخمر و المسكر، و أكل مال اليتيم و أكل الربا، و الخديعة و الخيانة، و ركوب المحارم كلها، و انتهاك المعاصي.

و إنما أمر الله بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى- يعني مودة ذي القربى و اتباع «2» طاعتهم- و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي، و هم أعداء الأنبياء و أوصياء الأنبياء، و هم المنهي عنهم و عن مودتهم و طاعتهم، يعظكم بهذا لعلكم تذكرون.

و أخبركم أني لو قلت لكم: إن الفاحشة و الخمر و الزنا و الميتة و الدم و لحم الخنزير هو رجل، و أنا أعلم أن الله عز و جل قد حرم هذا الأصل و حرم فروعه و نهى عنه، و جعل ولايته كمن عبد من دون الله وثنا و شركاء، و من دعا إلى عبادة نفسه كفرعون إذ قال: أنا ربكم الأعلى، فهذا كله» إن شئت قلت هو رجل، و هو إلى جهنم و كل من شايعه على ذلك، فإنهم مثل قول الله عز و جل: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ «4» لصدقت، ثم أني لو قلت: إنه فلان، و هو ذلك كله، لصدقت أن فلانا هو المعبود من دون الله، و المتعدي لحدود الله التي نهى عنها أن تتعدى.

ثم أخبرك أن أصل الدين هو رجل، و ذلك الرجل هو اليقين، و هو الإيمان، و هو إمام أهل زمانه، فمن عرفه عرف الله و دينه «5» و شرائعه، و من أنكره أنكر الله و دينه، و من

جهله جهل الله و دينه و شرائعه، و لا يعرف الله و دينه بغير ذلك الإمام، كذلك جرى بأن معرفة الرجال دين الله.

و المعرفة على وجهين: معرفة ثابتة على بصيرة يعرف بها دين الله و توصل إلى معرفة الله، فهذه المعرفة الباطنة «6» بعينها، الموجبة حقها، المستوجب عليها الشكر لله الذي من عليكم بها منا، من الله الذي يمن به على

__________________________________________________

(1) النّحل 16: 90.

(2) في المصدر و «ط» نسخة بدل: و ابتغاء.

(3) في المصدر زيادة: على وجه.

(4) البقرة 2: 173.

(5) في «ط» زيادة: و من لم يعرفه لا يعرف اللّه و دينه. [.....]

(6) في المصدر زيادة: الثابتة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 58

من يشاء من عباده، مع المعرفة الظاهرة، و معرفة في الظاهر من الحق «1» على غير علم به، لا يستحق أهلها ما يستحق أهل المعرفة في الباطن على بصيرتهم، و لا يصلون بتلك المعرفة المقصرة إلى حق معرفة الله، كما قال في كتابه: وَ لا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ «2» فمن شهد شهادة الحق لا يعقد عليها قلبه، و لا يتبصر بها «3»، لم يثبه الله ثواب من عقد عليها قلبه و أبصرها، و كذلك من تكلم بحرف «4» لا يعقد عليه قلبه، و لا يعاقب عليه عقوبة من عقد عليه قلبه، و ثبت عليه على بصيرة.

و قد عرفت كيف كان حال أهل المعرفة في الظاهر، و الإقرار بالحق على غير علم، في قديم الدهر و حديثه إلى انتهاء الأمر إلى نبي الله (صلى الله عليه و آله) و بعده صار الأمر إلى ما صار، و إلى ما انتهت معرفتهم به، فإنما عرفوا بمعرفة

أعمالهم و دينهم الذي أتوا «5» به الله عز و جل، المحسن بإحسانه، و المسي ء بإساءته، و قد يقال: إن من دخل في هذا الأمر بغير يقين و لا بصيرة خرج منه كما كان دخل فيه، رزقنا الله و إياكم معرفة ثابتة على بصيرة و أجزل.

و أخبرك أني لو قلت: إن الصلاة و الزكاة و صوم شهر رمضان و الحج و العمرة و المسجد الحرام و البيت الحرام و المشعر الحرام و الطهر و الاغتسال من الجنابة و كل فريضة، كان ذلك هو النبي الذي جاء به من عند ربه لصدقت، لأن ذلك كله إنما يعرف بالنبي (صلى الله عليه و آله)، و لو لا معرفة ذلك النبي (صلى الله عليه و آله) و الإقرار به و التسليم له ما عرفت ذلك، فذلك من الله عز و جل على من يمن به عليه، و لو لا ذلك لم أعرف شيئا من هذا.

فهذا كله ذلك النبي (صلى الله عليه و آله) أصله، و هو فرعه، و هو دعاني إليه، و دلني عليه، و عرفنيه، و أمرني به، و أوجب له علي الطاعة فيما أمرني به، و لا يسعني جهله، و كيف يسعني جهل من هو فيما بيني و بين الله عز و جل؟! و كيف يستقيم لي لو لا أني أصف دينا «6» غيره؟! و كيف لا يكون ذلك هو معرفة الرجل؟! و إنما هو الذي جاء به عن الله عز و جل، و إنما أنكر دين الله من أنكره بأن قال: أبعث الله بشرا رسولا؟! ثم قال: أبشر يهدوننا؟! فكفروا بذلك الرجل، و كذبوا به، و تولوا عنه و هم معرضون، و قالوا: لولا أنزل

عليه ملك؟

فقال الله تبارك و تعالى: قُلْ- لهم- مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ «7» ثم قال في آية أخرى: وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا. «8»

__________________________________________________

(1) في المصدر: و معرفة في الظاهر فأهل المعرفة في الظاهر الذين علموا أمرنا بالحقّ.

(2) الزّخرف 43: 86.

(3) في المصدر: و لا يبصر ما يتكلّم به.

(4) في المصدر: بجور.

(5) في المصدر: دانوا.

(6) في المصدر زيادة: هو الذي أتاني به ذلك النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) أن أصف أن الدّين.

(7) الأنعام 6: 91.

(8) الأنعام 6: 8 و 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 59

و الله تبارك و تعالى إنما أحب أن يعرف بالرجال، و أن يطاع بطاعتهم، فجعلهم سبيله و وجهه الذي يؤتى منه، لا يقبل من العباد غير ذلك لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ «1» و قال فيما أوجب من محبته لذلك:

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً «2».

فمن قال لك: إن هذه الفريضة كلها هي رجل، و هو يعرف حد ما يتكلم به فقد صدق، و من قال على الصفة التي ذكرت بغير طاعة لم يغن التمسك بالأصل بترك الفرع شيئا، كما لا تغني شهادة أن لا إله إلا الله بترك شهادة أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و لم يبعث الله نبيا قط إلا بالبر و العدل و المكارم، و محاسن الأخلاق و محاسن الأعمال، و النهي عن الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، فالباطن منها ولاية أهل الباطل «3» و الظاهر منها فروعهم.

و لم يبعث الله نبيا قط يدعو إلى

معرفة ليس معها طاعة في أمر أو نهي، إنما يقبل الله من العباد العمل بالفرائض التي فرضها «4» على حدودها، مع معرفة من جاءهم بها من عنده و دعاهم إليه، فأول ذلك معرفة من دعا إليه، ثم طاعته فيما افترض و أمر به ممن لا طاعة له.

و إنه من عرف أطاع، و من أطاع حرم الحرام ظاهره و باطنه، و لا يكون تحريم الباطن لاستحلال الظاهر، إنما حرم الله الظاهر بالباطن، و الباطن بالظاهر معا جميعا، و [لا يكون الأصل و الفرع و الباطن الحرام حراما و ظاهره [حلالا]، و يحرم الباطن و يستحل الظاهر.

كذلك لا يستقيم أن يعرف صلاة الباطن و لا يعرف صلاة الظاهر، و لا الزكاة، و لا الصوم، و لا الحج، و لا العمرة، و لا المسجد الحرام، و جميع حرمات الله و شعائره أن تترك بمعرفة الباطن لأن باطنه ظهره، و لا يستقيم واحد منهما إلا بصاحبه، إذا كان الباطن حراما خبيثا فالظاهر منه حرام [خبيث، إنما يشبه الباطن بالظاهر من زعم أنه إذا عرف اكتفى بغير طاعة و قد كذب و أشرك، و ذلك لم يعرف و لم يطع.

و إنما قيل: اعرف و اعمل ما شئت من الخير، فإنه يقبل ذلك منك، و لا يقبل ذلك منك بغير معرفة، فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة و الخير- قل أو كثر- بعد أن لا تترك شيئا من الفرائض و السنن الواجبة، فإنه مقبول منك جميع أعمالك.

و أخبرك أنه من عرف [أطاع ، فإذا عرف صلى و صام و حج و اعتمر، و عظم حرمات الله كلها و لم يدع منها شيئا، و عمل بالبر كله و

مكارم الأخلاق كلها، و اجتنب سيئها، و كل ذلك هو النبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و النبي (صلى الله عليه و آله) أصله، و هو أصل هذا كله، لأنه هو الذي جاء به و دل عليه و أمر به.

و لا يقبل الله عز و جل من أحد شيئا إلا به، فمن عرفه اجتنب الكبائر و الفواحش كلها ما ظهر منها و ما بطن،

__________________________________________________

(1) الأنبياء 21: 23.

(2) النّساء 4: 80.

(3) في «س»: الباطن.

(4) في المصدر: افترضها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 60

و حرم المحارم كلها، لأنه بمعرفة النبي (صلى الله عليه و آله) و طاعته دخل فيما دخل فيه النبي (صلى الله عليه و آله)، و خرج بما خرج عنه.

و من زعم أنه يحلل الحلال و يحرم الحرام بغير معرفة النبي (صلى الله عليه و آله)، لم يحلل له حلالا و لم يحرم له حراما، و أن من صلى و زكى و حج و اعتمر و فعل البر كله بغير معرفة من افترض الله طاعته فإنه لم يقبل منه شيئا من ذلك، و لم يصل، و لم يصم، و لم يزك، و لم يحج و لم يعتمر، و لا اغتسل غسل الجنابة، و لم يتطهر، و لم يحرم لله حراما، و لم يحل و لم يصل صلاة، و إن ركع و سجد، و لا له زكاة، و إن أخرج من كل أربعين درهما درهما، و لا له حج و لا له عمرة. و إنما يقبل ذلك كله بمعرفة رجل، و هو من أمر الله خلقه بطاعته و الأخذ عنه، فمن عرفه و أخذ عنه فقد أطاع الله عز و جل».

و الحديث طويل أخذنا

منه موضع الحاجة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 61

12- باب في معنى الثقلين و الخليفتين من طريق المخالفين ..... ص : 61

186/ [1]- (مسند أحمد بن حنبل) يرفعه إلى علي بن ربيعة، قال: لقيت زيد بن أرقم و هو داخل على المختار- أو خارج من عنده- فقلت له: أسمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إني تارك فيكم الثقلين؟». قال: نعم.

187/ [2]- و من (مسند أحمد بن حنبل) أيضا، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي الثقلين، و أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

قال: قال ابن نمير: قال أصحابنا عن الأعمش، أنه قال: «انظروا كيف تخلفوني فيهما؟».

188/ [3]- (صحيح مسلم) يرفعه إلى زيد بن حيان، قال: انطلقت أنا و حصين بن سبرة، و عمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، قال: فلما جلسنا إليه، قال له حصين: لقد تلقيت- يا زيد- خيرا كثيرا، رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سمعت حديثه، و غزوت معه، و صليت معه، لقد لقيت- يا زيد- خيرا كثيرا، حدثنا- يا زيد- ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: يا بن أخي- و الله- لقد كبرت سني و قدم عهدي، و نسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فما حدثتكم فاقبلوه، و ما لا، فلا تكلفونيه.

ثم قال: قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما فيما بين مكة و المدينة، فحمد الله و أثنى عليه و وعظ

و ذكر ثم قال: «أما بعد- أيها الناس- إنما أنا بشر مثلكم، يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، و إني تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله فيه النور، فخذوا بكتاب الله و استمسكوا به». فحث على كتاب الله و رغب فيه، ثم قال: «و أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي».

فقال حصين: و من أهل بيته، أليس نساؤه من أهل بيته؟

فقال: ليس نساؤه من أهل بيته، و لكن أهل بيته من حرمت عليهم الصدقة.

__________________________________________________

1- مسند أحمد بن حنبل 4: 371. [.....]

2- مسند أحمد بن حنبل 3: 14، 17، 26، 59.

3- صحيح مسلم 4: 1873/ 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 62

189/ [4]- (مسند ابن حنبل) يرفعه إلى زيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: دخلنا- و ساق الحديث الأول- حتى قال: «ألا و إني تارك فيكم الثقلين: أحدهما كتاب الله، و هو حبل من اتبعه كان على الهدى، و من تركه كان على ضلالة».

فقلنا: من أهل بيته، نساؤه؟

قال: لا- أيم الله- إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع إلى أهلها و قومها، و أهل بيته أصله و عصبته الذين حرموا الصدقة بعده.

190/ [5]- (تفسير الثعلبي) في سورة آل عمران في قوله تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً «1» يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «أيها الناس، قد تركت فيكم الثقلين خليفتين، إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، و إنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض».

ابن المغازلي في (مناقبه) كالحديث الذي نقلته من (مسند ابن حنبل)

قبل الذي من (تفسير الثعلبي) يرفعه بسنده إلى زيد أيضا. «2»

و منها مثل الذي نقلته من (صحيح مسلم) إلى زيد أيضا. «3»

191/ [6]- و من (مناقبه) أيضا يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، أن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «إني أوشك أن أدعى فأجيب، و إني قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، و إن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا ماذا تخلفوني فيهما».

192/ [7]- أحمد بن حنبل في (مسنده): بإسناده إلى إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن علي بن ربيعة، قال: لقيت زيد بن أرقم- و هو داخل على المختار، أو خارج من عنده- فقلت له: أما سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إني تارك فيكم الثقلين؟» قال: نعم.

193/ [8]- مصنف (الصحاح الستة) عن سنن أبي داود و الترمذي، بإسنادهما عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «إني تارك فيكم ثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر و هو كتاب الله حبل

__________________________________________________

4- مسند أحمد بن حنبل 4: 366.

5- أخرجه في ينابيع المودّة: 241، عن الثعلبي.

6- مناقب ابن المغازلي: 235/ 283.

7- مسند أحمد بن حنبل 4: 371.

8- سنن الترمذي 5: 663/ 3788، الطرائف: 115/ 175.

(1) آل عمران 3: 103.

(2) مناقب ابن المغازلي: 234/ 281.

(3) مناقب ابن المغازلي: 235/ 283.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 63

ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني في عترتي».

194/ [9]- ابن المغازلي بإسناده إلى ابن أبي الدنيا، في كتاب (فضائل القرآن) قال: قال رسول

الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، و قرابتي- قال-: آل عقيل، و آل جعفر، و آل عباس».

195/ [10]- و عنه، إلى علي بن ربيعة، قال: لقيت زيد بن أرقم و هو يريد أن يدخل على المختار، فقلت:

بلغني عنك! قال: و ما هو؟ قلت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إني قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي؟». قال: اللهم نعم.

196/ [11]- و عنه، بإسناده- أيضا- قال: قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إني فرطكم على الحوض، فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف تخلفوني فيهما». فاعتل علينا لا ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين، فقال: يا نبي الله، بأبي أنت و أمي، ما الثقلان؟

قال: «الأكبر منهما كتاب الله، طرف بيد الله تعالى، و طرف بأيديكم، فتمسكوا به، و لا تولوا و لا تعرضوا و الأصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي و أجاب دعوتي، فلا تقتلوهم و لا تقهروهم، فإني سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني أن يردا علي الحوض كهاتين- و أشار بالمسبحة- و لو شئت قلت كهاتين- بالسبابة و الوسطى- ناصر هما ناصري، و خاذلهما خاذلي، و عدوهما عدوي، ألا و إنه لن تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها، و تظاهر على نبوتها، و تقتل من يأمر بالقسط فيها».

197/ [12]- الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) في مسند زيد بن أرقم، عن عدة طرق فمنها بإسناده إلى النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: قام فينا خطيبا، بماء يدعى خما، بين مكة و المدينة، فحمد الله و أثنى عليه، و وعظ و ذكر، ثم

قال: «أما بعد، أيها الناس، إنما أنا بشر مثلكم، يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، و أنا تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور، فخذوا بكتاب الله و استمسكوا به- فحث على كتاب الله و رغب فيه، ثم قال-: و أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي».

__________________________________________________

9- نقله عنه العلّامة المجلسي في البحار 23: 109/ 13، و السيد علي بن موسى ابن طاوس في الطرائف: 116/ 177، و السيد المرعشي في إحقاق الحقّ 9: 359. و لم نجده في مناقب ابن المغازلي.

10- نقله عنه العلّامة المجلسي في البحار 23: 109/ 14، و السيد علي بن موسى ابن طاوس في الطرائف: 116/ 178، و لم نجده في مناقب ابن المغازلي.

11- نقله عنه العلّامة المجلسي في البحار 23: 109/ 15، و السيد علي بن موسى ابن طاوس في الطرائف: 116/ 179، و السيد المرعشي في إحقاق الحقّ 6: 342. و لم نجده في مناقب ابن المغازلي.

12- صحيح مسلم 4: 1873/ 36، الطرائف لابن طاوس: 122/ 186 عن الحميدي. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 64

198/ [13]- و في أحدى روايات الحميدي، فقلنا: من أهل بيته، نساؤه؟

قال: لا و ايم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها و قومها، الخبر.

199/1]- (مسند أحمد بن حنبل) يرفعه إلى زيد بن ثابت، قال: قال: رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء و الأرض- أو ما بين السماء إلى الأرض- و عترتي أهل بيتي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

200/ [15]- ابن شاذان: عن مجاهد، قال: قيل لابن عباس:

ما تقول في علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقال:

ذكرت- و الله- أجل الثقلين، سبق بالشهادتين، و صلى القبلتين «1»، و بايع البيعتين، و أعطي السبطين، و هو أبو السبطين الحسن و الحسين، ردت عليه الشمس مرتين، من بعد ما غابت عن القبلتين، و جرد السيف تارتين، و صاحب الكرتين، و مثله كمثل ذي القرنين، ذاك مولانا علي بن أبي طالب (عليه السلام).

201/ [16]- و عنه، يرفعه إلى زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، و علي بن أبي طالب، [و اعلموا أن عليا] أفضل لكم من كتاب الله، لأنه مترجم لكم عن كتاب الله».

202/ [17]- و من (الجمع بين الصحاح الستة) من صحيح أبي داود السجستاني- و هو السنن- و من صحيح الترمذي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أطول من الآخر و هو كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني كيف تخلفوني في عترتي؟».

قال سفيان: أهل بيته هم ورثة علمه، لأنه لا يورث من الأنبياء إلا العلم، و هو كقول نوح: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً «2» يريد ديني، و العلماء من أهل دينه المقتدون به و العاملون بما جاء به، لهم فضلان.

__________________________________________________

13- صحيح مسلم 4: 1874 ذيل الحديث 37، الطرائف لابن طاوس: 122 ذيل الحديث 186 عن الحميدي.

14- مسند أحمد بن حنبل 5: 181.

15- مائة منقبة: 143، منقبة 75، مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوارزمي 1: 47،

مناقب الخوارزمي: 235، ينابيع المودّة: 139.

16- مائة منقبة: 161 منقبة 86، إرشاد القلوب: 378.

17- جامع الأصول 1: 187، العمدة: 72/ 89.

(1) في «س»: عن العينين.

(2) نوح 71: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 65

13- باب في العلة التي من أجلها أتى القرآن باللسان العربي، و أن المعجزة في نظمه، و لم صار جديدا على مر الأزمان؟ ..... ص : 65

203/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن محمد السياري، عن أبي يعقوب البغدادي، قال: قال ابن السكيت لأبي الحسن (عليه السلام): لماذا بعث الله موسى بن عمران بالعصا و بيده البيضاء و آلة السحر، و بعث عيسى بآلة الطب، و بعث محمدا (صلى الله عليه و آله و على جميع الأنبياء) بالكلام و الخطب؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «لما بعث الله موسى كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم، و ما أبطل به سحرهم، و ما أثبت به الحجة عليهم. و إن الله بعث عيسى في وقت قد ظهرت فيه الزمانات، «1» و احتاج الناس إلى الطب، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، و بما أحيا لهم الموتى، و أبرأ الأكمه و الأبرص بإذن الله، و أثبت به الحجة عليهم. و إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) في وقت كان الغالب على عصره الخطب و الكلام- و أظنه قال: الشعر- فأتاهم من عند الله من مواعظه و حكمه ما أبطل به قولهم و أثبت به الحجة عليهم».

قال: فقال ابن السكيت: تالله، ما رأيت مثلك قط، فما الحجة على الخلق اليوم؟

قال: فقال (عليه السلام): «العقل، يعرف به الصادق على الله فيصدقه، و الكاذب على الله فيكذبه».

قال: فقال ابن السكيت: هذا- و الله- هو الجواب.

204/ [2]- محمد بن علي بن بابويه، قال: حدثنا الحاكم

أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثني محمد بن موسى الرازي، قال: حدثني أبي، قال: ذكر الرضا (عليه السلام) يوما القرآن فعظم الحجة فيه و الآية و المعجزة في نظمه، فقال: «هو حبل الله المتين، و عروته الوثقى، و طريقته المثلى، المؤدي إلى الجنة، و المنجي من النار، لا يخلق «2» على الأزمنة، و لا يغث «3» على الألسنة، لأنه لم يجعل لزمان دون

__________________________________________________

1- الكافي 1: 18/ 20.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 130/ 9.

(1) الزّمانة: العاهة، و آفة في الحيوان، و هو مرض يدوم زمانا طويلا، و جمعها زمانات. «مجمع البحرين- زمن- 6: 260».

(2) خلق الثوب: أي بليّ. «الصحاح- خلق- 4: 1472».

(3) غثّ حديث القوم: أي رد و و فسد. «الصحاح- غثث- 1: 288».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 66

زمان، بل جعل دليل البرهان، و الحجة على كل إنسان لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ». «1»

205/ [3]- و عنه، قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثني القاسم بن إسماعيل أبو ذكوان، قال: سمعت إبراهيم بن العباس يحدث عن الرضا (عليه السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر (عليه السلام)، إن رجلا سأل أبا عبدالله (عليه السلام): ما بال القرآن لا يزداد عند النشر و الدرس إلا غضاضة «2»؟ فقال: «لأن الله تعالى لم يجعله لزمان دون زمان، و لا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، و عند كل قوم غض إلى يوم القيامة».

__________________________________________________

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 87/ 32.

(1) فصّلت 41: 42. [.....]

(2) شي ء غضّ:

أي طريّ. تقول مه: غضضت و غضضت غضاضة و غضوضة. «الصحاح- غضض- 3: 1095».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 67

14- باب أن كل حديث لا يوافق القرآن فهو مردود ..... ص : 67

206/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن على كل حق حقيقة، و على كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، و ما خالف كتاب الله فدعوه».

207/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبدالله بن أبي يعفور، قال: و حدثني الحسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به، و منهم من لا نثق به. قال: «إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله عز و جل أو من قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1»، و إلا فالذي جاءكم به أولى به».

208/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي عن أيوب بن الحر، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)، يقول: «كل شي ء مردود إلى الكتاب و السنة، و كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف».

209/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب بن راشد، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف».

210/ [5]- و عنه: عن محمد بن إسماعيل،

عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم و غيره، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «خطب النبي (صلى الله عليه و آله) بمنى فقال: أيها الناس، ما جاءكم عني يوافق

__________________________________________________

1- الكافي 1: 55/ 1.

2- الكافي 1: 255/ 2.

3- الكافي 1: 55/ 3.

4- الكافي 1: 55/ 4.

5- الكافي 1: 56/ 5.

(1) جزاء الشرط محذوف أي فاقبلوه، و قوله: «فالذي جاءكم به أولى به» أي ردّوه عليه و لا تقبلوا منه فإنّه أولى بروايته، و أن يكون عنده لا يتجاوزه، مرآة العقول 1: 228.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 68

كتاب الله فأنا قلته، و ما جاءكم «1» بخلاف كتاب الله فلم أقله».

211/ [6]- و عنه: بهذا الإسناد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)، يقول: «من خالف كتاب الله و سنة محمد (صلى الله عليه و آله) فقد كفر».

212/ [7]- العياشي: عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في خطبة بمنى أو بمكة: يا أيها الناس، ما جاءكم عني يوافق القرآن فأنا قلته، و ما جاءكم عني لا يوافق القرآن فلم أقله».

213/ [8]- عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر «2»، عن أبيه، عن علي (صلوات الله عليه)، قال: «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام «3» في الهلكة، «4» و تركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه، إن على كل حق حقيقة و على كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوا به، و ما خالف كتاب الله فدعوه».

214/ [9]- عن محمد بن مسلم، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «يا

محمد، ما جاءك في رواية من بر أو فاجر يوافق القرآن فخذ به، و ما جاءك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن تأخذ به».

215/ [10]- عن أيوب بن حر، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «كل شي ء مردود إلى الكتاب و السنة، و كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف».

216/ [11]- عن كليب الأسدي، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو باطل».

217/ [12]- عن سدير، قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) و أبو عبدالله (عليه السلام) لا يصدق علينا إلا بما يوافق كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله).

218/ [13]- عن الحسن بن الجهم، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: «إذا جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله و على أحاديثنا، فإن أشبههما فهو حق، و إن لم يشبههما فهو باطل».

__________________________________________________

6- الكافي 1: 56/ 6.

7- تفسير العيّاشي 1: 8/ 1.

8- تفسير العيّاشي 1: 8/ 2.

9- تفسير العيّاشي 1: 8/ 3.

10- تفسير العيّاشي 1: 9/ 4.

11- تفسير العيّاشي 1: 9/ 5.

12- تفسير العيّاشي 1: 9/ 6. [.....]

13- تفسير العيّاشي 1: 9/ 7.

(1) في «ط» زيادة: عني.

(2) في المصدر: عن أبي جعفر.

(3) الاقتحام: الدخول في الشّي ء بشدّة و قوّة. «مجمع البحرين- قحم- 6: 134».

(4) الهلكة: الهلاك. «الصحاح- هلك- 4: 1617».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 69

15- باب في أول سورة نزلت و آخر سورة ..... ص : 69

219/]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد و سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن محمد بن الحسن بن السري، عن عمه علي بن السري، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «أول ما نزل على رسول الله (صلى

الله عليه و آله) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ «1» و آخره سورة إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ». «2»

220/ [2]- محمد بن علي بن بابويه: عن أحمد بن علي بن إبراهيم (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حدي إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: قال الرضا (عليه السلام): «سمعت أبي يحدث عن أبيه (عليهما السلام)، أن أول سورة نزلت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ «3» و آخر سورة نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ». «4»

221/ [3]- سعد بن عبدالله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و غيرهما، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد بن طريف الخفاف، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام):

ما تقول فيمن أخذ عنكم علما فنسيه؟ قال: «لا حجة عليه، إنما الحجة على من سمع منا حديثا فأنكره، أو بلغه فلم يؤمن به و كفر، فأما النسيان فهو موضوع عنه، إن أول سورة نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله): سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى «5» فنسيها فلم تلزمه حجة في نسيانها، و لكن الله تبارك و تعالى أمضى له ذلك، ثم قال: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى . «6»

__________________________________________________

1- الكافي 2: 460/ 5.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 6/ 12.

3- مختصر بصائر الدرجات: 93.

(1) العلق: 96: 1.

(2) النّصر 110: 1.

(3) العلق 96: 1.

(4) النّصر 110: 1.

(5) الأعلى 87: 1.

(6) الأعلى 87: 6. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 70

16- باب في ذكر الكتب المأخوذ منها الكتاب ..... ص : 70

1- تفسير الشيخ الثقة أبي الحسن علي بن إبراهيم، فكل ما ذكرته عنه فهو منه.

2- تفسير

الشيخ أبو النضر محمد بن مسعود العياشي، و كل ما ذكرته عنه فهو منه.

3- كتاب بصائر الدرجات للشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن الحسن الصفار، و كل ما ذكرته عنه فهو منه.

4- كتاب بصائر الدرجات للشيخ الثقة سعد بن عبدالله القمي. «1»

5- كتاب الكافي للشيخ ثقة الإسلام أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني، و كل ما ذكرته عنه فهو منه.

6- كتاب الشيخ الثقة أبي العباس عبدالله بن جعفر الحميري قرب الإسناد، و كل ما ذكرته عنه فهو منه.

7- كتاب غيبة الشيخ الجليل أبي عبدالله محمد بن إبراهيم المعروف بابن زينب، و كل ما ذكرته عنه فهو منه.

8- كتب الشيخ أبي عبدالله محمد بن محمد بن النعمان المفيد:

أ- كتاب الإرشاد.

ب- كتاب الأمالي.

ج- كتاب الإختصاص.

9- كتاب الزهد للحسين بن سعيد الثقة الأهوازي.

10- كتاب التمحيص له أيضا.

11- كتاب سليم بن قيس الهلالي.

12- كتاب روضة الواعظين للشيخ الجليل محمد بن أحمد بن علي الفتال، المعروف بابن الفارسي.

13- كتاب الشيخ الفقيه أبي الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان.

14- كتاب مسائل الثقة الجليل علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، عن أخيه أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام).

15- كتب الشيخ الثقة رئيس المحدثين أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي:

__________________________________________________

(1) مراده مختصر بصائر الدرجات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 71

أ- كتاب من لا يحضره الفقيه.

ب- كتاب كمال الدين و تمام النعمة، في الغيبة.

ج- كتاب معاني الأخبار.

د- كتاب علل الشرائع.

ه- كتاب بشارات الشيعة.

و- كتاب صفات الشيعة.

ز- كتاب التوحيد.

ح- كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام).

ط- كتاب الخصال.

ي- كتاب ثواب الأعمال و عقاب الأعمال.

16- كتب شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن

الطوسي:

أ- كتاب التهذيب.

ب- كتاب الاستبصار.

ج- كتاب الأمالي. «1»

17- كتاب الخصائص للسيد الأجل محمد بن الحسين الرضي الموسوي.

18- كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة للسيد الرضي أيضا.

19- كتاب المحاسن للشيخ الثقة أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

20- كتاب تفسير مجمع البيان لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي.

21- كتاب جوامع الجامع للطبرسي.

22- كتاب كشف نهج البيان تفسير الشيخ محمد بن الحسن الشيباني.

23- كتاب صحيفة الرضا (عليه السلام).

24- كتاب مصباح الشريعة ينسب لمولانا و إمامنا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام).

25- كتاب الفاضل ولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري، المسمى بمنهاج الحق و اليقين.

26- كتاب تفسير نهج البيان. «2»

27- كتاب جامع الأخبار، و الأخذ منه قليل.

28- كتاب تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة، تأليف الشيخ الكامل شرف الدين النجفي.

__________________________________________________

(1) زاد في «ط»: كتاب المجالس.

(2) هو نفس الكتاب المتقدّم في (22)، أنظر الذريعة 18: 523.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 72

29- كتاب الشيخ محمد بن العباس بن مروان بن الماهيار- بالياء المنقطة تحتها نقطتين، و بعد الألف الراء المهملة- المعروف ب (ابن الجحام) بالجيم المضمومة و الحاء المهملة بعدها، أبو عبدالله البزاز، بالباء الموحدة من تحت و الزايين المعجمتين بينهما ألف.

قال النجاشي، و العلامة في الخلاصة: إنه ثقة ثقة، و هو كتاب ما أنزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام)، قال النجاشي و العلامة: قال جماعة من أصحابنا: إنه لم يصنف في معناه مثله، و قيل: إنه ألف ورقة. انتهى كلامهما.

و هذا الكتاب لم أقف عليه، لكن أنقل عنه ما نقله الشيخ شرف الدين النجفي المقدم ذكره، و لم يتفق له العثور على مجموع كتاب محمد بن العباس، بل من بعض سورة الإسراء إلى آخر

القرآن، و أنا إن شاء الله تعالى أذكر ما ذكره عنه.

30- كتاب تحفة الإخوان.

31- كتاب الطرائف للسيد أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد ابن طاوس.

32- كتاب تحفة الأبرار للسيد حسين بن مساعد الحسيني النجفي، و ما أنقله عن الجمهور، من هذا الكتاب و من الذي قبله، من كتاب الطرائف.

33- كتاب ربيع الأبرار تصنيف محمود الزمخشري الملقب عندهم جار الله.

34- كتاب الكشاف له أيضا.

35- كتاب موفق بن أحمد، و هذان الرجلان من أعيان علماء الجمهور.

36- كتاب المناقب للشيخ الفاضل محمد بن علي بن شهر آشوب.

37- كتاب الشيخ الفاضل أبي الحسين ورام.

38- كتاب الاحتجاج للشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي.

39- كتاب كامل الزيارات للشيخ الثقة أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه.

40- كتاب الشيخ عمر بن إبراهيم الأوسي.

41- كتاب تفسير مولانا و إمامنا أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام).

42- كتاب الشيخ الفاضل رجب البرسي.

و غير ذلك من الكتب يأتي ذكرها في الكتاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 73

17- باب في ما ذكره الشيخ علي بن إبراهيم في مطلع تفسيره ..... ص : 73

قال: بسم الله الرحمن الرحيم تفسير الكتاب المجيد، المنزل من عند العزيز الحميد، الفعال لما يريد على محمد النبي الرشيد (صلى الله عليه و آله و سلم)، و هو تفسير مولانا أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق (صلى الله عليه و على آبائه و أبنائه و سلم تسليما). «1»

[قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فجاءهم النبي (صلى الله عليه و آله)] بنسخة ما في الصحف الأولى، و تصديق الذي بين يديه، و تفصيل الحلال من ريب الحرام، ذلك القرآن فاستنطقوه و لن ينطق لكم، فيه أنباء ما مضى، و علم ما يأتي إلى يوم القيامة، و حكم ما بينكم، و بيان

ما أصبحتم فيه تختلفون، و لو سألتموني لأخبرتكم عنه لأني أعلمكم».

و

قال النبي (صلى الله عليه و آله)، في حجة الوداع، في مسجد الخيف: «إني فرطكم، و إنكم واردون علي الحوض، عرضه ما بين بصرى و صنعاء، فيه قدحان من فضة عدد النجوم، ألا و إني سائلكم عن الثقلين».

قالوا: يا رسول الله، و ما الثقلان؟

قال: «كتاب الله الثقل الأكبر، طرف بيد الله، و طرفه الآخر بأيديكم، فتمسكوا به لن تضلوا و لن تزلوا، و الثقل الأصغر عترتي و أهل بيتي، فإنه نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، كإصبعي هاتين- و جمع بين سبابتيه- و لا أقول كهاتين- و جمع بين سبابته و الوسطى- فتفضل هذه على هذه».

فالقرآن عظيم قدره، جليل خطره، بين شرفه، من تمسك به هدي، و من تولى عنه ضل و زل، و أفضل ما عمل به القرآن، لقول الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ «2» و قال: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ «3» ففرض الله عز و جل على نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يبين للناس ما في القرآن من الأحكام و الفرائض و السنن، و فرض على الناس التفقه و التعليم

__________________________________________________

(1) هذا كلام السيّد البحراني (رضوان اللّه عليه)، و بعده مقدّمة عليّ بن إبراهيم (رحمه اللّه) في تفسيره 1: 1. و لم يذكر مصنّف البرهان المقدّمة من أوّلها، بل بدأ بخطبة أمير المؤمنين (عليه السّلام) من آخرها.

(2) النّحل 16: 89.

(3) النحل 16: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 74

و العمل بما فيه حتى لا

يسع أحدا جهله، و لا يعذر في تركه.

و نحن ذاكرون و مخبرون بما ينتهي إلينا، و رواه مشايخنا و ثقاتنا، عن الذين فرض الله طاعتهم، و أوجب ولايتهم، و لا يقبل العمل إلا بهم.

و هم الذين وصفهم الله تبارك و تعالى، و فرض سؤالهم، و الأخذ منهم، فقال: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «1» فعلمهم عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هم الذين قال الله تبارك و تعالى في كتابه المجيد، و خاطبهم فى قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا- القرآن- لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ- يا معشر الأئمة- وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ. «2»

فرسول الله شهيد عليهم، و هم شهداء على الناس، فالعلم عندهم، و القرآن معهم، و دين الله عز و جل الذي ارتضاه لأنبيائه و ملائكته و رسله منهم يقتبس، و هو

قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «ألا إن العلم الذي هبط به آدم (عليه الصلاة و السلام) من السماء إلى الأرض، و جميع ما فضل «3» به النبيون إلى خاتم النبيين، عندي و عند عترة خاتم النبيين، فأين يتاه بكم، بل أين تذهبون؟».

و

قال أيضا أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته: «لقد علم المستحفظون من أمة «4» محمد (صلى الله عليه و آله) أنه قال: إني و أهل بيتي مطهرون، فلا تسبقوهم فتضلوا، و لا تتخلفوا عنهم فتزلوا، و لا تخالفوهم فتجهلوا، و لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، «5» أعلم الناس كبارا،

و أحلم الناس صغارا، فاتبعوا الحق و أهله حيث كان».

ففي الذي ذكرنا من عظيم خطر القرآن و علم الأئمة (صلوات الله عليهم) كفاية لمن شرح الله صدره، و نور قلبه، و هداه للإيمان، و من عليه بدينه، و بالله نستعين، و عليه نتوكل، و هو حسبنا و نعم الوكيل. «6»

فالقرآن منه ناسخ، و منه منسوخ، و منه محكم، و منه متشابه، و منه خاص، و منه عام، و منه تقديم، و منه تأخير، و منه منقطع معطوف، و منه حرف مكان حرف، و منه محرف، و منه على خلاف ما أنزل الله عز و جل.

و منه لفظه عام و معناه خاص، و منه لفظه خاص و معناه عام، و منه آيات بعضها في سورة و تمامها في سورة أخرى، و منه ما «7» تأويله في تنزيله، و منه ما تأويله مع تنزيله، و منه ما تأويله قبل تنزيله، و منه ما تأويله بعد تنزيله، و منه رخصة إطلاق بعد الحصر، و منه رخصة صاحبها فيها بالخيار، إن شاء فعل، و إن شاء ترك، و منه رخصة

__________________________________________________

(1) النّحل 16: 43.

(2) الحجّ 22: 77 و 78.

(3) في المصدر: ما فضلت.

(4) في «ط» نسخة بدل، و المصدر: أصحاب.

(5) في المصدر زيادة: هم.

(6) في المصدر زيادة: قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الهاشمي القمي.

(7) (ما) ليس في «ط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 75

ظاهرها خلاف باطنها، يعمل بظاهرها و لا يدان بباطنها، و منه على لفظ الخبر و معناه حكاية عن قوم، و منه آيات نصفها منسوخة و نصفها متروكة على حالها، و منه مخاطبة لقوم و معناه لقوم آخرين، و منه مخاطبة للنبي (عليه و آله السلام) و

المعني أمته، و منه ما لفظه واحد «1» و معناه جمع، و منه ما لا يعرف تحريمه إلا بتحليله.

و منه رد على الملحدين، و منه رد على الزنادقة، و منه رد على الثنوية «2»، و منه رد على الجهمية «3»، و منه رد على الدهرية «4»، و منه رد على عبدة النيران، و منه رد على عبدة الأوثان، و منه رد على المعتزلة، و منه رد على القدرية «5»، و منه رد على المجبرة «6»، و منه رد على كل من أنكر من المسلمين الثواب و العقاب بعد الموت يوم القيامة، و منه رد على من أنكر المعراج و الإسراء، و منه رد على من أنكر الميثاق في الذر، و منه رد على من أنكر خلق الجنة و النار، و منه رد على من أنكر المتعة و الرجعة، و منه رد على من وصف الله عز و جل.

و منه مخاطبة الله عز و جل لأمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)، و ما ذكره الله من فضائلهم، و منه خروج القائم (عليه السلام)، و أخبار الرجعة، و ما وعد الله تبارك و تعالى الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) من النصر و الانتقام من أعدائهم.

و منه شرائع الإسلام، و أخبار الأنبياء (عليهم السلام)، و مولدهم، و مبعثهم، و شريعتهم، و هلاك أمتهم، و منه ما أنزل الله في مغازي النبي (صلى الله عليه و آله)، و منه ترغيب و ترهيب، و فيه أمثال، و فيه قصص.

و نحن ذاكرون من جميع ما ذكرنا آية آية في أول الكتاب مع خبرها، ليستدل بها على غيرها، و يعرف بها علم ما في الكتاب، و بالله التوفيق و الاستعانة، و عليه

نتوكل و به نستعين، و نسأله الصلاة على محمد و آله الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

فأما الناسخ و المنسوخ، فإن عدة النساء كانت في الجاهلية إذا مات الرجل تعتد امرأته سنة، فلما بعث الله رسوله (صلى الله عليه و آله) لم ينقلهم عن ذلك، و تركهم على عاداتهم، و أنزل الله بذلك قرآنا، فقال: وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ «7» فكانت العدة حولا، فلما قوي الإسلام

__________________________________________________

(1) في المصدر: مفرد. [.....]

(2) الثنوية: و هو مذهب يقول بإلهين إله للخير و إله للشر، و يرمز لهما بالنّور و الظلام و أنّهما أزليان. «الملل و النحل 1: 224، المقالات و الفرق:

194».

(3) الجهمية: طائفة من الخوارج من مرجئة أهل خراسان، نسبوا إلى جهم بن صفوان، و زعموا أنّ أهل القبلة كلّهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان، و رجّوا لهم المغفرة جميعا. «الملل و النحل 1: 79، المقالات و الفرق: 6».

(4) الدّهرية: الذين يقولون بقدم العالم و قدم الدهر و عدم الإيمان بالآخرة. «المقالات و الفرق: 64 و 194».

(5) القدرية: هم المنسوبون إلى القدم و يزعمون أن كلّ عبد خالق فعله، و لا يرون المعاصي و الكفر بتقدير اللّه و مشيئته. و قيل: المراد من القدرية المعتزلة لإسناد أفعالهم إلى القدر. «مجمع البحرين- قدر- 3: 451».

(6) الجبرية: خلاف القدرية، و قالوا: ليس لنا صنع و نحن مجبورون يحدث اللّه لنا الفعل عند الفعل، و قيل: المراد من الجبرية الأشاعرة. «مجمع البحرين- جبر- 3: 241».

(7) البقرة 2: 240.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 76

أنزل الله تعالى: وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً

«1» فنسخت مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ.

و مثله: أن المرأة كانت في الجاهلية إذا زنت «2» تحبس في بيتها حتى تموت، و الرجل يؤذى، فأنزل الله في ذلك: وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا «3» وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَ أَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً «4» فلما قوي الإسلام، أنزل الله: الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ «5» فنسخت تلك. و مثله كثير نذكره في مواضعه، إن شاء الله تعالى.

و أما المحكم، فمثل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ «6» و منه: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ «7»، و قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ «8» إلى آخر الآية، فهذا كله محكم قد استغني بتنزيله عن تأويله، و مثله كثير.

و أما المتشابه، فما ذكرنا مما لفظه واحد و معناه مختلف، فمنه الفتنة التي ذكرها الله تعالى في القرآن: فمنها عذاب و هو قوله: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ «9» أي يعذبون، و منها الكفر و هو قوله: وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ «10» أي الكفر، و منها الحب و هو قوله: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

«11» يعني به الحب، و منها الاختبار و هو قوله: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ «12» أي لا يختبرون، و مثله كثير نذكره في مواضعه، و منه الحق و هو على وجوه كثيرة، و

منه الضلال و هو على وجوه كثيرة، فهذا من المتشابه الذي لفظه واحد و معناه مختلف.

و أما ما لفظه عام و معناه خاص، فمثل قوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 234.

(2) في «ط» زيادة: كانت.

(3) في المصدر زيادة: و في الرجل.

(4) النساء 4: 15 و 16.

(5) النور 24: 2.

(6) المائدة 5: 6.

(7) المائدة 5: 3.

(8) النساء 4: 23. [.....]

(9) الذاريات 51: 13.

(10) البقرة 2: 217.

(11) الأنفال 8: 28.

(12) العنكبوت 29: 1 و 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 77

وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ «1» فهذه لفظها عام و معناها خاص، لأنه فضلهم على عالمي زمانهم بأشياء خصصهم بها، و قوله تعالى: وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ «2» يعني بلقيس، فلفظه عام و معناه خاص، لأنها لم تؤت أشياء كثيرة، منها الذكر و اللحية، و قوله تعالى: رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْ ءٍ بِأَمْرِ رَبِّها «3» فلفظه عام و معناه خاص، لأنها تركت أشياء كثيرة لم تدمرها.

و أما ما لفظه خاص و معناه عام، فقوله: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً «4» فلفظ الآية خاص في بني إسرائيل، و معناه عام في الناس كلهم.

و أما التقديم و التأخير، فإن آية عدة النساء الناسخة تقدمت على المنسوخة في التأليف، و قد قدمت آية عدة النساء أربعة أشهر و عشرا على آية عدة سنة، و كان يجب أولا أن تقرأ المنسوخة التي نزلت قبل، ثم الناسخة التي نزلت بعد.

و قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ

يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً «5»

فقال الصادق (عليه السلام): «إنما أنزل: أ فمن كان على بينة من ربه و يتلوه شاهد منه إماما و رحمة و من قبله كتاب موسى».

و قوله: إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا «6» و إنما هو: نحيا و نموت، لأن الدهرية لم يقروا بالبعث بعد الموت، و إنما قالوا: نحيا و نموت، فقدموا حرفا على حرف. و قوله: يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي «7» و إنما هو: اركعي و اسجدي.

و قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً «8» و إنما هو: فلعلك باخع نفسك «9» على آثارهم أسفا، إن لم يؤمنوا بهذا الحديث، و مثله كثير.

و أما المنقطع المعطوف، فإن المنقطع المعطوف هي آيات نزلت في خبر، ثم انقطعت قبل تمامها و جاءت آيات غيرها، ثم عطفت بعد ذلك على الخبر الأول، مثل قوله تعالى: وَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 47.

(2) النمل 27: 23.

(3) الأحقاف 46: 24 و 25.

(4) المائدة 5: 32.

(5) هود 11: 17.

(6) المؤمنون 23: 37.

(7) آل عمران 3: 43.

(8) الكهف 18: 6.

(9) باخع نفسك: أي قاتل نفسك بالغم و الوجد عليهم. «مجمع البحرين- بخع- 4: 297».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 78

لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «1» ثم انقطع خبر إبراهيم، فقال مخاطبة لأمة محمد: وَ إِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ

وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ أَ وَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ «2» إلى قوله: أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «3» ثم عطف بعد هذه الآية على قصة إبراهيم، فقال: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ. «4»

و مثله في قصة لقمان قوله: وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ «5» ثم انقطعت وصية لقمان لابنه، فقال: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ «6» إلى قوله: فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «7» ثم عطف على خبر لقمان، فقال: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ «8» و مثله كثير.

و أما ما هو حرف مكان حرف، فقوله: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ «9» يعني و لا الذين ظلموا، و قوله: يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ «10» يعني و لا من ظلم، و قوله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً «11» يعني و لا خطأ، و قوله: لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ «12» يعني حتى تقطع قلوبهم، و مثله كثير.

و أما ما هو على خلاف ما أنزل الله، فهو قوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ «13»

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) لقارئ هذه الآية: «خير أمة يقتلون أمير المؤمنين (عليه

السلام)، و الحسن و الحسين ابني علي (عليهم الصلاة و السلام)؟!» فقيل له: و كيف أنزلت، يا ابن رسول الله؟

فقال: «إنما أنزلت: كنتم خير أئمة أخرجت للناس، ألا ترى مدح الله لهم في آخر الآية:

__________________________________________________

(1) العنكبوت 29: 16 و 17. [.....]

(2) العنكبوت 29: 18 و 19.

(3) العنكبوت 29: 23.

(4) العنكبوت 29: 24.

(5) لقمان 31: 13.

(6) لقمان 31: 14.

(7) لقمان 31: 15.

(8) لقمان 31: 16.

(9) البقرة 2: 150.

(10) النمل 27: 10 و 11.

(11) النساء 4: 92.

(12) التوبة 0: 110.

(13) آل عمران 3: 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 79

تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ؟

و مثله

أنه قرئ على أبي عبد الله (عليه السلام): وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً «1» فقال أبو عبدالله (عليه السلام): «لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم للمتقين إماما» فقيل له:

يا ابن رسول الله، كيف نزلت هذه الآية؟ فقال: «إنما نزلت: الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و اجعل لنا من المتقين إماما».

و قوله: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ «2»

فقال أبو عبدالله (عليه السلام): «كيف يحفظه الشي ء من أمر الله، و كيف يكون المعقب من بين يديه؟!» فقيل له: و كيف يكون ذلك، يا ابن رسول الله؟

فقال: «إنما نزلت: له معقبات من خلفه و رقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله»

و مثله كثير.

و أما ما هو محرف منه فهو قوله: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ- في علي- أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ «3» و قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ- في علي- وَ

إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ «4» و قوله:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا- آل محمد حقهم- لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ «5» و قوله: وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا- آل محمد حقهم- أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ «6» و قوله: «و لو ترى الذين ظلموا»- آل محمد حقهم- فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ «7» و مثله كثير نذكره في مواضعه «8».

__________________________________________________

(1) الفرقان 25: 74.

(2) الرّعد 13: 11. [.....]

(3) النّساء 4: 166.

(4) المائدة 5: 67.

(5) النّساء 4: 168.

(6) الشّعراء 26: 227.

(7) الآية في القرآن المجيد هكذا: وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ. الأنعام 6: 93.

(8) هذا تبنّي على أن يكون مراد القمّي من «ما هو محرّف منه» هو الحذف و الاسقاط للفظ، و أمّا إذا كان مراده ما ذكره الفيض نفسه من «أن مرادهم بالتحريف و التغيير و الحذف إنّما هو من حيث المعنى دون اللفظ أي حرّفوه و غيّروه في تفسيره و تأويله، أي حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الأمر» فلا وجه لنسبة القول بالتحريف- بمعنى النقصان- إلى القمّي بعد عدم وجود تصريح منه بالاعتقاد بمضامين الأخبار الواردة في تفسيره، و القول بما دلّت عليه ظواهرها، بل يحتمل إرادته المعنى الذي ذكره الفيض كما يدلّ عليه ما جاء في رسالة الإمام إلى سعد الخير فيما رواه الكليني.

مضافا إلى

أن القمّي نفسه روى في تفسيره 2: 451، باسناده عن مولانا الصّادق (عليه السّلام) قال: «إن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، قال لعليّ (عليه السّلام): القرآن خلف فراشي في الصّحف و الحرير و القراطيس، فخذوه و اجمعوه و لا تضيّعوه كما ضيّف اليهود التوراة».

و يؤكّد هذا الاحتمال كلام الشيخ الصّدوق، و دعوى الإجماع من بعض الأكابر

على القول بعدم التحريف. أنظر: اعتقادات الصّدوق: 93، أوائل المقالات:

55: التبيان 1: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 80

و أما ما لفظه جمع و معناه واحد، و هو ما جاء «1» في الناس، فقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ «2» نزلت في أبي لبابة بن عبدالله بن المنذر خاصة، «3» و قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ «4» نزلت في حاطب بن أبي بلتعة «5»، و قوله: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ «6»، نزلت في نعيم بن مسعود الأشجعي، «7» و قوله: وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ «8» نزلت في عبدالله بن نفيل خاصة، «9» و مثله كثير نذكره في مواضعه.

و أما ما لفظه واحد و معناه جمع، فقوله: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «10» فاسم الملك واحد و معناه جمع، و قوله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ «11» فلفظ الشجر واحد و معناه جمع.

و أما ما لفظه ماض و هو مستقبل، فقوله: وَ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ «12» و قوله: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِي ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ وَ وُفِّيَتْ

كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ. «13»

إلى آخر الآية، فهذا كله ما لم يكن بعد و في لفظة الآية أنه قد كان، و مثله كثير.

و أما الآيات التي هي في سورة و تمامها في سورة أخرى، فقوله في سورة البقرة في قصة بني إسرائيل، حين عبر بهم موسى البحر، و أغرق الله فرعون و أصحابه، و أنزل موسى ببني إسرائيل، فأنزل الله عليهم المن و السلوى، فقالوا لموسى: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها- فقال لهم موسى- أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما

__________________________________________________

(1) في «ط» نسخة بدل و المصدر: و هو جار.

(2) الأنفال 8: 27.

(3) أسباب النزول للسيوطي 1: 173.

(4) الممتحنة 60: 1.

(5) أسباب النزول للسيوطي 2: 162.

(6) آل عمران 3: 173.

(7) تفسير القمي 1: 125، مجمع البيان 2: 888.

(8) التوبة 9: 61. [.....]

(9) تفسير القمي 1: 300.

(10) الفجر 89: 22.

(11) الحج 22: 18.

(12) النمل 27: 87.

(13) الزمر 39: 68- 70.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 81

سَأَلْتُمْ «1» فقالوا: يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ «2» فنصف الآية في سورة البقرة، و نصفها في سورة المائدة.

و قوله: اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا «3» فرد الله عليهم: وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ «4» فنصف الآية في سورة الفرقان، و نصفها في سورة العنكبوت، «5» و مثله كثير نذكره في مواضعه، إن شاء الله.

و أما الآية

التي نصفها منسوخة و نصفها متروكة على حالها، فقوله: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ و ذلك أن المسلمين كانوا ينكحون أهل الكتاب من اليهود و النصارى، و ينكحونهم، فأنزل الله: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَ لا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَ لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكُمْ «6» فنهى الله أن ينكح المسلم المشركة، أو ينكح المشرك المسلمة. ثم نسخ قوله: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ، بقوله في سورة المائدة: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ «7» فنسخت هذه الآية قوله: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ و ترك قوله: وَ لا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا لم ينسخ، لأنه لا يحل للمسلم أن ينكح المشرك، و يحل له أن يتزوج المشركة من اليهود و النصارى.

و قوله: وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ «8» ثم نسخت هذه الآية بقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى «9» فنسخت قوله: النَّفْسَ بِالنَّفْسِ إلى قوله: وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ و لم ينسخ قوله: وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ فنصف الآية منسوخة، و نصفها متروكة.

و أما ما تأويله في تنزيله، فكل آية نزلت في حلال أو في حرام، مما لا يحتاج فيها إلى تأويل مثل قوله:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ «10» و قوله:

__________________________________________________

(1) البقرة 1:

61.

(2) المائدة 5: 22.

(3) الفرقان 25: 5.

(4) العنكبوت 29: 48.

(5) في «س»: القصص، و في المصدر: القصص و العنكبوت. و لم يرد الرد إلا في العنكبوت.

(6) البقرة 2: 221.

(7) المائدة 5: 5.

(8) المائدة 5: 45.

(9) البقرة 2: 178. [.....]

(10) النساء 4: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 82

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ «1» و مثله كثير مما تأويله في تنزيله، و هو من المحكم الذي ذكرناه.

و أما ما تأويله مع تنزيله، فمثل قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2» فلم يستغن الناس بتنزيل الآية حتى فسر لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أولي «3» الأمر، و قوله: اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ «4» فلم يستغن الناس الذين سمعوا هذا من النبي (صلى الله عليه و آله) بتنزيل الآية حتى أخبرهم النبي (عليه و على آله الصلاة و السلام) من الصادقون، و قوله: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «5» فلم يستغن الناس بهذا حتى أخبرهم النبي (عليه و على آله الصلاة و السلام) كم يصلون، و كم يصومون، و كم يزكون.

و أما ما تأويله قبل تنزيله، فالأمور التي حدثت في عصر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، مما لم يكن عند النبي (صلى الله عليه و آله) فيها حكم، مثل: آية الظهار، فإن العرب في الجاهلية كانوا إذا ظاهر الرجل من امرأته حرمت عليه إلى الأبد، فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة ظاهر رجل من امرأته، يقال له: أوس بن الصامت فجاءت امرأته إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبرته بذلك، فانتظر النبي (صلى الله عليه و

آله) الحكم عن الله، فأنزل الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ «6» و مثله ما نزل في اللعان و غيره مما لم يكن عند النبي (صلى الله عليه و آله) فيه حكم حتى نزل عليه القرآن به، عن الله عز و جل، فكان التأويل قد تقدم التنزيل.

و أما ما تأويله بعد تنزيله، فالأمور التي حدثت في عصر النبي (صلى الله عليه و آله) و بعده من غصب آل محمد (عليه و عليهم الصلاة و السلام) حقهم، و ما وعدهم الله من النصر على أعدائهم، و ما أخبر الله به نبيه (عليه و على آله الصلاة و السلام) من أخبار القائم (عليه السلام) و خروجه، و أخبار الرجعة، و الساعة، في قوله: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ. «7»

و قوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً «8» نزلت في القائم من آل محمد (عليه الصلاة و السلام).

و قوله: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ

__________________________________________________

(1) المائدة 5: 3.

(2) النساء 4: 59.

(3) في المصدر: من أولو.

(4) التوبة 9: 119.

(5) البقرة 2: 43.

(6) المجادلة 58: 2.

(7) الأنبياء 21: 105.

(8) النور 24: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 83

وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ «1» و مثله كثير مما تأويله بعد تنزيله.

و أما ما هو متفق اللفظ و مختلف المعنى، فقوله: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا

فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها «2» يعني أهل القرية، و أهل العير و قوله: وَ تِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا «3» يعني أهل القرى، و مثله كثير نذكره في موضعه.

و أما الرخصة التي هي بعد عزيمة، فإن الله تبارك و تعالى فرض الوضوء و الغسل بالماء، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا «4» ثم رخص لمن لم يجد الماء التيمم بالتراب، فقال: وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ. «5»

و مثله قوله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ «6» ثم رخص، فقال:

فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً. «7»

و قوله: فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ «8»

فقال العالم (عليه السلام): «الصحيح يصلي قائما، و المريض يصلي جالسا، فمن لم يقدر فمضطجعا يومئ إيماء»

، و هذه رخصة بعد العزيمة.

و أما الرخصة التي صاحبها بالخيار- إن شاء أخذ، و إن شاء ترك- فإن الله عز و جل رخص أن يعاقب الرجل الرجل على فعله به، فقال: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «9» فهذا بالخيار، إن شاء عاقب، و إن شاء عفا.

و أما الرخصة التي ظاهرها خلاف باطنها، يعمل بظاهرها، و لا يدان ببطانها، فإن الله تبارك و تعالى نهى أن يتخذ المؤمن الكافر وليا، فقال: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي

شَيْ ءٍ «10» ثم رخص عند التقية أن يصلي بصلاته، و يصوم بصيامه، و يعمل بعمله في ظاهره، و أن يدين الله

__________________________________________________

(1) القصص 28: 5 و 6.

(2) يوسف 12: 82.

(3) الكهف 18: 59.

(4) المائدة 5: 6.

(5) المائدة 5: 6. [.....]

(6) البقرة 2: 238.

(7) البقرة 2: 239.

(8) النّساء 4: 103.

(9) الشّورى 42: 40.

(10) آل عمران 3: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 84

في باطنه بخلاف ذلك، فقال: إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً «1» فهذا تفسير الرخصة، و معنى

قول الصادق (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى يحب أو يؤخذ برخصه، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه».

و أما ما لفظه خبر و معناه حكاية، فقوله: وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً «2» و هذا حكاية عنهم، و الدليل على أنه حكاية، ما رد الله عليهم في قوله: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. «3»

و قوله يحكي قول قريش: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى «4» فهو على لفظ الخبر و معناه حكاية، و مثله كثير نذكره في مواضعه.

و أما ما هو مخاطبة للنبي (عليه و على آله الصلاة و السلام) و المعنى لأمته، فقوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ «5» فالمخاطبة للنبي (عليه و على آله الصلاة و السلام) و المعنى لأمته، و قوله تعالى: وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً «6» و مثله كثير مما خاطب به نبيه (صلى الله عليه و آله) و المعنى لأمته، و هو

قول الصادق (عليه السلام): «إن الله بعث نبيه (صلى الله عليه و آله) بإياك أعني، و اسمعي يا جارة».

و أما ما هو مخاطبة

لقوم و معناه لقوم آخرين، فقوله: وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ- أنتم، يا معشر أمة محمد- فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً «7» فالمخاطبة لبني إسرائيل، و المعنى لأمة محمد (صلى الله عليه و آله).

و أما الرد على الزنادقة، فقوله: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ «8» و ذلك أن الزنادقة زعمت أن الإنسان إنما يتولد بدوران الفلك، فإذا وقعت النطفة في الرحم تلقتها الأشكال و الغذاء، و مر عليها الليل و النهار، فيتربى الإنسان و يكبر لذلك، فقال الله تعالى ردا عليهم: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ يعني من يكبر و يعمر يرجع إلى حد الطفولية، يأخذ في النقصان و النكسة.

فلو كان هذا- كما زعموا- لوجب أن يزيد الإنسان ما دامت الأشكال قائمة، و الليل و النهار يدوران عليه، فلما بطل هذا، و كان من تدبير الله عز و جل، أخذ في النقصان عند منتهى عمره.

و أما الرد على الثنوية، فقوله: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ قال:

__________________________________________________

(1) آل عمران 3: 28.

(2) الكهف 18: 25.

(3) الكهف 18: 26.

(4) الزّمر 39: 3.

(5) الطّلاق 65: 1.

(6) الإسراء 17: 39.

(7) الإسراء 17: 4.

(8) يس 36: 68.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 85

لو كان إلهان لطلب كل واحد منهما العلو، و إذا شاء واحد أن يخلق إنسانا، فشاء الآخر أن يخالفه فيخلق بهيمة، فيكون الخلق منهما على مشيئتهما و اختلاف إرادتهما إنسانا و بهيمة في حالة واحدة.

فهذا من أعظم المحال غير موجود، فإذا بطل هذا، و لم يكن بينهما اختلاف، بطل الاثنان، و كان واحدا، و

هذا التدبير و اتصاله و قوام بعضه ببعض و اختلاف الأهواء و الإرادات و المشيئات يدل على صانع واحد، و هو قول الله عز و جل: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ «1» و قوله: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا. «2»

و أما الرد على عبدة الأوثان، فقوله: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَ لَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ. «3»

و قوله يحكي قول إبراهيم (عليه السلام): أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ «4» و قوله: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَ لا تَحْوِيلًا «5». و قوله: أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ «6» و مثله كثير مما هو رد على الزنادقة و عبدة الأوثان.

و أما الرد على الدهرية، فإن الدهرية زعموا أن الدهر لم يزل و لا يزال أبدا، و ليس له مدبر و لا صانع، و أنكروا البعث و النشور، فحكى الله عز و جل قولهم فقال: وَ قالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا- و إنما قالوا نحيا و نموت- وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ «7» فرد الله عليهم، فقال عز و جل: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ

فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَ نُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً. «8»

ثم ضرب للبعث و النشور مثلا، فقال: وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً- أي يابسة ميتة- فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ- أي حسن- ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ

__________________________________________________

(1) المؤمنون 23: 91. [.....]

(2) الأنبياء 21: 22.

(3) الأعراف 7: 194 و 195.

(4) الأنبياء 21: 66 و 67.

(5) الإسراء 17: 56.

(6) النحل 16: 17.

(7) الجاثية 45: 24.

(8) الحج 22: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 86

وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ. «1»

و قوله: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَ يَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى «2»

و قوله: أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَ زَيَّنَّاها وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ- إلى قوله-: وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ «3» و قوله: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ

مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ «4» و مثله كثير مما هو رد على الدهرية.

و أما الرد على من أنكر الثواب و العقاب، فقوله: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ «5» فإذا قامت القيامة تبدل السماوات و الأرض، و أما قوله: ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إنما هو في الدنيا ما دامت السماوات و الأرض.

و قوله: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا «6» الغدو و العشي إنما يكون في الدنيا في دار المشركين، فأما في القيامة فلا يكون غدو، و لا عشي.

و قوله: لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا «7» يعني في جنان الدنيا التي تنتقل إليها أرواح المؤمنين، و أما في جنات الخلد فلا يكون غدو و لا عشي.

و قوله: مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ «8»

فقال الصادق (عليه السلام): «البرزخ القبر، و فيه «9» الثواب و العقاب بين الدنيا و الآخرة» «10».

و الدليل على ذلك أيضا

قول العالم (عليه السلام): «و الله، ما نخاف عليكم إلا البرزخ». «11»

__________________________________________________

(1) الحجّ 22: 5- 7.

(2) الرّوم 30: 48- 50.

(3) سورة ق 50: 6- 11.

(4) يس 36: 78 و 79.

(5) هود 11: 105- 107.

(6) المؤمن: 40: 46.

(7) مريم 19: 62. [.....]

(8) المؤمنون 23: 100.

(9) في «س»: و هو.

(10) تفسير القمّي 2: 94.

(11) تفسير القمّي 2: 94.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 87

و قوله عز و جل: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ

بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «1».

قال الصادق (عليه السلام): «يستبشرون- و الله- في الجنة بمن لم يلحق بهم من خلفهم من المؤمنين في الدنيا» «2»

و مثله كثير مما هو رد على من أنكر الثواب و العقاب و عذاب القبر.

و أما الرد على من أنكر المعراج و الإسراء، فقوله: وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «3» و قوله: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا «4» و قوله: فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ «5» يعني الأنبياء (عليهم السلام)، و إنما رآهم في السماء ليلة أسري به.

و أما الرد على من أنكر الرؤية، فقوله: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى «6»

قال أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم: حدثني أبي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: قال لي: «يا أحمد، ما الخلاف بينكم و بين أصحاب هشام بن الحكم بالنفي للجسم في التوحيد؟» فقلت: جعلت فداك، قلنا نحن بالصورة، للحديث الذي روي «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) رأى ربه في صورة شاب» و قال هشام بن الحكم بالنفي للجسم.

فقال: «يا أحمد، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أسري به إلى السماء، و بلغ عند سدرة المنتهى، خرق له في الحجب مثل سم الإبرة «7»، فرأى من نور العظمة ما شاء الله أن يرى، و أردتم أنتم التشبيه، دع هذا- يا أحمد- لا ينفتح

عليك منه أمر عظيم».

و أما الرد على من أنكر خلق الجنة و النار، فقوله: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى و سدرة المنتهى في السماء السابعة، و جنة المأوى عنده.

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن حماد، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء، دخلت الجنة، فرأيت قصرا من ياقوتة حمراء، يرى داخلها من خارجها، و خارجها من

__________________________________________________

(1) آل عمران 3: 169 و 170.

(2) تفسير القمّي 1: 127.

(3) النّجم 53: 7- 9.

(4) الزّخرف 43: 45.

(5) يونس 10: 94.

(6) النّجم 53: 11- 15.

(7) السمّ: الثقب، و منه سمّ الخياط. «الصحاح- سمم- 5: 1953».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 88

داخلها من ضيائها، و فيها بنيان «1» من در و زبرجد، فقلت: يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال: هذا لمن أطاب الكلام، و أدام الصيام، و أطعم الطعام، و تهجد بالليل و الناس نيام.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا رسول الله، و في أمتك من يطيق هذا؟

فقال: ادن مني يا علي، فدنا منه، فقال: أ تدري ما إطابة الكلام؟ فقال: الله و رسوله أعلم. قال: من قال:

(سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر).

ثم قال: أ تدري ما إدامة الصيام؟ قال: الله و رسوله أعلم. قال: من صام شهر رمضان و لم يفطر منه يوما.

و تدري ما إطعام الطعام؟ قال: الله و رسوله أعلم. قال: من طلب لعياله ما يكف به وجوههم عن الناس.

و تدري ما التهجد بالليل و الناس نيام؟ قال: الله و رسوله أعلم. قال: من لم ينم حتى يصلي العشاء الآخرة، و يعني بالناس نيام: اليهود و النصارى،

فإنهم ينامون فيما بينهما».

و

بهذا الإسناد قال: «قال النبي (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء، دخلت الجنة، فرأيت فيها قيعانا «2» يققا، «3» و رأيت فيها الملائكة يبنون لبنة من ذهب و لبنة من فضة، و ربما أمسكوا. فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم، و ربما أمسكتم؟ فقالوا: حتى تأتينا النفقة. فقلت: ما نفقتكم. قالوا: قول المؤمن في الدنيا: (سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر). فإذا قال بنينا، و إذا أمسك أمسكنا».

و

قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسرى بي ربي إلى سبع سماواته، أخذ بيدي جبرئيل، فأدخلني الجنة، فأجلسني على درنوك من درانيك «4» الجنة، فناولني سفرجلة، فانفلقت نصفين، فخرجت من بينهما حوراء، فقامت بين يدي، فقالت: السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله.

فقلت: و عليك السلام، من أنت؟

فقالت: أنا الراضية المرضية، خلقني الله الجبار من ثلاثة أنواع: أسفلي من المسك، و وسطي من العنبر، و أعلاي من الكافور، و عجنت بماء الحيوان، ثم قال جل ذكره لي: كوني، فكنت لأخيك و ابن عمك و وصيك علي ابن أبي طالب».

قال: و قال أبو عبدالله (عليه السلام): «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يكثر من تقبيل فاطمة (عليها السلام)، فغضبت من ذلك عائشة، فقالت: يا رسول الله، إنك تكثر تقبيل فاطمة! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا عائشة، إني لما أسري بي إلى السماء، و دخلت الجنة، فأدناني جبرئيل (عليه السلام) من شجرة طوبى، ناولني من ثمارها فأكلته، فلما هبطت إلى الأرض جعل «5» الله ذلك ماء في

__________________________________________________

(1) في المصدر: بيتان.

(2)

القيعان: جمع قاع، و القاع: المستوي من الأرض. «الصحاح- قوع- 3: 1274».

(3) أبيض يقق: أي شديد البياض ناصعه. «الصحاح- يقق- 4: 1571». [.....]

(4) الدرنوك: ضرب من البسط ذو خمل. «الصحاح- درن- 4: 1583».

(5) في هامش «س»: فحوّل. و في «ط» و المصدر: حوّل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 89

ظهري، فواقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها».

و مثل ذلك كثير مما هو رد على من أنكر المعراج، و خلق الجنة و النار.

و أما الرد على المجبرة الذين قالوا: ليس لنا صنع، و نحن مجبورون، يحدث الله لنا الفعل عند الفعل، و إنما الأفعال المنسوبة إلى الناس على المجاز لا على الحقيقة، و تأولوا في ذلك آيات من كتاب الله عز و جل لم يعرفوا معناها، مثل قوله: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «1» و قوله: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً «2» و غير ذلك من الآيات التي تأويلها على خلاف معانيها.

و فيما قالوا إبطال الثواب و العقاب، و إذا قالوا ذلك ثم أقروا بالثواب و العقاب، نسبوا الله تعالى إلى الجور، و أنه يعذب على غير اكتساب و فعل، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا أن يعاقب أحدا على غير فعل، و بغير حجة واضحة عليه.

و القرآن كله رد عليهم، قال الله تبارك و تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ «3» فقوله عز و جل: (لها و عليها) هو على الحقيقة لفعلها. و قوله: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «4». و

قوله: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ «5». و قوله: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ «6». و قوله: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى «7». و قوله: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ- يعني بينا له طريق الخير و طريق الشر- إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً. «8»

و قوله: وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ وَ قارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ما كانُوا سابِقِينَ فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ- و لم يقل بفعلنا- فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَ مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَ ما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. «9» و مثله كثير نذكره، و نذكر أيضا ما احتجت به المجبرة من القرآن، الذي لم يعرفوا معناه و تفسيره، في مواضعه إن شاء الله.

و أما الرد على المعتزلة، فإن الرد عليهم من القرآن كثير، و في ذلك أن المعتزلة قالوا: نحن نخلق أفعالنا، و ليس لله فيها صنع و لا مشيئة و لا إرادة، و يكون ما شاء إبليس، و لا يكون ما شاء الله، و احتجوا بأنهم خالقون، لقول

__________________________________________________

(1) الإنسان 76: 30.

(2) الأنعام 6: 125.

(3) البقرة 2: 286.

(4) الزلزلة 99: 7 و 8.

(5) المدّثر 74: 38.

(6) آل عمران 3: 182.

(7) فصّلت 41: 17.

(8) الإنسان 76: 3.

(9) العنكبوت 29: 38- 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 90

الله عز و جل: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ «1» فقالوا: في الخلق خالقون غير الله، فلم يعرفوا معنى الخلق، و على كم وجه هو.

فسئل الصادق (عليه السلام)

أفوض الله إلى العباد أمرا؟ فقال: «الله أجل و أعظم من ذلك».

فقيل: فأجبرهم على ذلك؟ فقال: «الله أعدل من أن يجبرهم على فعل، ثم يعذبهم عليه».

فقيل له: فهل بين هاتين المنزلتين منزلة؟ فقال: «نعم». [فقيل: ما هي؟ فقال: «سر من أسرار] ما بين السماء و الأرض».

و

في حديث آخر، قال: و سئل هل بين الجبر و القدر منزلة؟ قال: «نعم». فقيل: ما هي؟ فقال: «سر من أسرار الله».

و

في حديث آخر، أنه قال: «هكذا خرج إلينا».

قال: و حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، قال: قال الرضا (عليه السلام): «يا يونس، لا تقل بقول القدرية، فإن القدرية لا يقولون بقول أهل الجنة، و لا بقول أهل النار، و لا بقول إبليس فإن أهل الجنة قالوا:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ «2» و لم يقولوا بقول أهل النار، فإن أهل النار يقولون: رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا «3» و قال إبليس: رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي». «4»

فقلت: يا سيدي، و الله ما أقول بقولهم و لكن أقول: [لا يكون إلا ما شاء الله و قضى و قدر.

فقال: «ليس هكذا- يا يونس- و لكن لا يكون إلا ما شاء الله و أراد و قدر و قضى، أ تدري ما المشيئة، يا يونس؟» قلت: لا. قال: «هي الذكر الأول، و تدري ما الإرادة؟». قلت: لا. قال: «العزيمة على ما شاء الله، و تدري ما التقدير؟». قلت: لا. قال: «هو وضع الحدود من الآجال، و الأرزاق، و البقاء، و الفناء، و تدري ما القضاء؟». قلت: لا.

قال: «هو إقامة العين، و لا يكون إلا ما شاء الله في الذكر الأول».

و أما الرد على من أنكر

الرجعة، فقوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً. «5»

قال: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما يقول الناس في هذه الآية: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً؟». قلت: يقولون: إنها في القيامة.

قال: «ليس كما يقولون، إن ذلك في الرجعة، أ يحشر الله في القيامة من كل أمة فوجا و يدع الباقين؟! إنما آية يوم القيامة قوله: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً». «6»

__________________________________________________

(1) المؤمنون 23: 14.

(2) الأعراف 7: 43.

(3) المؤمنون 23: 106. [.....]

(4) الحجر 15: 39.

(5) النّمل 27: 83.

(6) الكهف 18: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 91

و قوله: وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ف «1» قال الصادق (عليه السلام): «كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، و أما في القيامة فيرجعون، و الذين محضوا «2» الإيمان محضا، و غيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب، و محضوا الكفر محضا يرجعون».

قال: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنϙƙљΠبِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ. «3»

قال: «ما بعث الله نبيا من لدن آدم، إلا و يرجع إلى الدنيا، فينصѠأمير المؤمنين، و هو قوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ لَتَنْصُرُنَّهُ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)».

و مثله كثير مما وعد الله تبارك و تعالى الأئمة (عليهم السلام) من الرجعة و النصر، فقال: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ- يا معشر الأئمة- وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ

قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً «4» فهذا مما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

و قوله: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ «5» فهذا كله مما يكون في الرجعة.

قال: و حدثني أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمر بن شمر، قال: ذكر عند أبي جعفر (عليه السلام) جابر، فقال: «رحم الله جابرا، لقد بلغ من علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ «6» يعني الرجعة».

و مثله كثير، نذكره في مواضعه.

و أما الرد على من وصف الله عز و جل، فقوله: وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى «7»

قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا، أو تكلموا فيما دون العرش، و لا تكلموا فيما فوق العرش، فإن قوما تكلموا فيما فوق العرش فتاهت عقولهم، حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه، و ينادى من خلفه فيجيب من بين يديه».

و

قوله (عليه السلام): «من تعاطى مأثما هلك»

فلا يوصف الله عز و جل إلا بما وصف به نفسه عز و جل، و من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) و خطبه و كلامه في نفي الصفة. «8»

__________________________________________________

(1) الأنبياء 21: 95.

(2) المحض: الخالص الذي لم يخالطه شي ء. «مجمع البحرين- محض- 4: 229».

(3) آل عمران 3: 81.

(4) النّور 24: 55.

(5) القصص 28: 5 و 6.

(6) القصص 28: 85.

(7) النّجم 53: 42.

(8) قد يكون على تقدير: و من قول أمير المؤمنين (عليه السّلام)

و خطبه و كلامه في نفي الصفة كثير نذكره في مواضعه، أو أن قوله (عليه السّلام) سقط من أيدي النساخ، و من جميل

ما قاله (عليه السّلام) في نفي الصفة: «كمال الإخلاص له نفي الصفة عنه، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف،-

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 92

و أما الترغيب، فقوله: وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «1». و قوله:

هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ يُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. «2»

و مثله قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها «3» و قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «4». و قوله:

مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ. «5»

و أما الترهيب، فمثل قوله: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ ءٌ عَظِيمٌ. «6» و قوله: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ. «7»

و أما القصص، فهو ما أخبر الله تعالى نبيه (عليه و على آله الصلاة و السلام) من أخبار الأنبياء (عليهم الصلاة و السلام) و قصصهم في قوله: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ «8». و قوله: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ «9». و قوله:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ. «10» و مثله كثير، و نحن نذكر

ذلك كله في مواضعه، إن شاء الله، و إنما ذكرنا من الأبواب التي اختصرناها من الكتاب آية واحدة ليستدل بها على غيرها، و يعرف معنى ما ذكرناه مما في هذا الكتاب من العلم، و في الذي ذكرناه كفاية لمن شرح الله قلبه و صدره، و من عليه بدينه الذي ارتضاه لملائكته و أنبيائه و رسله.

__________________________________________________

- و شهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة، فمن وصف اللّه سبحانه فقد قرنه، و من قرنه فقد ثنّاه، و من ثنّاه فقد جزّأه، و من جزّأه فقد جهله، و من جهله فقد أشار إليه، و من أشار إليه فقد حدّه، و من حدّه فقد عدّه». نهج البلاغة: 40 الخطبة 1.

(1) الإسراء 17: 79.

(2) الصّف 61: 10- 12. [.....]

(3) النّمل 27: 89.

(4) الأنعام 6: 160.

(5) غافر 40: 40.

(6) الحجّ 22: 1.

(7) لقمان 31: 33.

(8) الكهف 18: 13.

(9) يوسف 12: 3.

(10) غافر 40: 78.

رهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 93

سورة فاتحة الكتاب ..... ص : 93

اشاره

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 95

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الفاتحة(1): آية 1 ..... ص : 95

ثواب فاتحة الكتاب و فضلها، و البسملة آية منها، و فضلها ..... ص : 95

222/ [1]- (التهذيب): محمد بن الحسن الطوسي، بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن العباس، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن السبع المثاني و القرآن العظيم، أ هي الفاتحة؟ قال: «نعم».

قلت: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من السبع؟ قال: «نعم، هي أفضلهن».

223/ [2]- عنه: بإسناده عن محمد بن الحسين، عن محمد بن حماد بن زيد «1»، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها».

224/ [3]- محمد بن علي بن بابويه، قال: حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف: بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه)، قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن ابن علي، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) أنه قال: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية من فاتحة الكتاب، و هي سبع آيات، تمامها: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: إن الله تعالى قال لي: يا محمد:

وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ «2» فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب، و جعلها بإزاء القرآن العظيم.

و إن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، و إن الله عز و جل خص محمدا (صلى الله عليه و آله) و شرفه بها، و لم

__________________________________________________

1- التّهذيب 2: 289/ 1157.

2- التّهذيب 2: 289/ 1159.

3-

عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 301/ 60، أمالي الصّدوق 148/ 2.

(1) في «س» و «ط»: زياد، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع النجاشي: 371/ 1011، تنقيح المقال 3: 109.

(2) الحجر 15: 87.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 96

يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه، ما خلا سليمان (عليه السلام) فإنه أعطاه منها: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حكى عن بلقيس حين قالت: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. «1»

ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد (صلى الله عليه و آله) و آله الطيبين، منقادا لأمرها، مؤمنا بظاهرها و باطنها، أعطاه الله بكل حرف منها أفضل من الدنيا و ما فيها، من أصناف أموالها و خيراتها.

و من استمع إلى قارئ يقرأها كان له قدر ما للقارى ء، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم فإنه غنيمة، لا يذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة».

225/ [4]- ابن بابويه أيضا مرسلا، قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أ هي من فاتحة الكتاب؟

فقال: «نعم، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقرأها و يعدها منها، و يقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني».

226/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «لو قرئت الحمد على ميت سبعين مرة، ثم ردت فيه الروح، ما كان عجبا».

227/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبدالله بن الفضل، رفعه، قال: «ما قرأت الحمد على وجع سبعين مرة إلا سكن».

228/

[7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن سلمة بن محرز، قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «من لم يبرئه الحمد لم يبرئه شي ء».

229/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، قال: حدثني الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبيه، قال:

قال أبو عبدالله (عليه السلام): «اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب».

230/ [9]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) أنه قال: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها».

__________________________________________________

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 301/ 59، أمالي الصّدوق: 148/ 1. [.....]

5- الكافي 2: 456/ 16.

6- الكافي 2: 456/ 15.

7- الكافي 2: 458/ 22.

8- ثواب الأعمال: 104.

9- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 5/ 11.

(1) النّمل 27: 29 و 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 97

231/ [10]- علي بن إبراهيم في (تفسيره): عن ابن أذينة، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أحق ما جهر به، و هي الآية التي قال الله عز و جل: وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً». «1»

232/ [11]- عنه، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إن إبليس رن رنينا «2»، لما بعث الله نبيه على حين

فترة من الرسل، و حين نزلت أم الكتاب».

233/ [12]- العياشي، بأسانيده عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبيه، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب».

234/ [13]- عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال لأبي حنيفة: «ما سورة أولها تحميد، و أوسطها إخلاص، و آخرها دعاء؟» فبقي متحيرا، ثم قال: لا أدري.

فقال أبو عبدالله (عليه السلام): «السورة التي أولها تحميد، و أوسطها إخلاص، و آخرها دعاء، سورة الحمد».

235/ [14]- عن يونس بن عبدالرحمن، عمن رفعه، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام): وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ «3»؟ فقال: «هي سورة الحمد، و هي سبع آيات منها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و إنما سميت المثاني لأنها تثنى في الركعتين».

236/ [15]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «سرقوا أكرم آية في كتاب الله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».

237/ [16]- عن صفوان الجمال، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «ما أنزل الله من السماء كتابا إلا و فاتحته بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و إنما كان يعرف انقضاء السورة بنزول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ابتداء للأخرى».

238/ [17]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ __________________________________________________

10- تفسير القمي 1: 28.

11- تفسير القمي 1: 29.

12- تفسير العياشي 1: 19/ 1.

13- تفسير العياشي 1: 19/ 2.

14- تفسير العياشي 1: 19/ 3.

15- تفسير العياشي 1: 19/ 4.

16- تفسير العياشي 1: 19/ 5.

17- تفسير العياشي 1: 20/ 6. [.....]

(1) الإسراء 17: 46.

(2) الرنين: الصياح عند

البكاء. «لسان العرب- رنن- 13: 187».

(3) الحجر 15: 87.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 98

و يرفع صوته بها، فإذا سمع المشركون ولوا مدبرين، فأنزل الله: وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً». «1»

239/ [18]- قال الحسن بن خرزاد، و روي عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إذا أم الرجل القوم، جاء شيطان إلى الشيطان الذي هو قريب إلى الإمام، فيقول: هل ذكر الله؟ يعني هل قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فإن قال: نعم، هرب منه، و إن قال: لا، ركب عنق الإمام، و دلى رجليه في صدره، فلم يزل الشيطان إمام القوم حتى يفرغوا من صلاتهم».

240/ [19]- عن عبد الملك بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إبليس رن أربع رنات: أولهن يوم لعن، و حين هبط إلى الأرض، و حين بعث محمد (صلى الله عليه و آله) على فترة من الرسل، و حين أنزلت أم الكتاب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و نخر «2» نخرتين: حين أكل آدم (عليه السلام) من الشجرة، و حين أهبط آدم إلى الأرض- قال-: و لعن من فعل ذلك».

241/ [20]- عن إسماعيل بن أبان، يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه و آله) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لجابر بن عبدالله: «يا جابر، ألا أعلمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه؟».

قال: فقال جابر: بلى- بأبي أنت و أمي، يا رسول الله- علمنيها.

قال: قال: فعلمه الْحَمْدُ لِلَّهِ أم الكتاب.

قال: ثم قال له: «يا جابر، ألا أخبرك عنها؟».

قال: بلى- بأبي أنت و أمي- فأخبرني.

قال: «هي شفاء من كل داء، إلا السام» يعني الموت.

242/ [21]- عن سلمة بن محمد، «3» قال: سمعت أبا

عبدالله (عليه السلام) يقول: «من لم تبرئه الحمد لم يبرئه شي ء».

243/ [22]- عن أبي بكر الحضرمي، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «إذا كانت لك حاجة، فاقرأ المثاني و سورة أخرى، وصل ركعتين، وادع الله».

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 1: 20/ 7.

19- تفسير العيّاشي 1: 20/ 8.

20- تفسير العيّاشي 1: 20/ 9.

21- اللّه 1: 20/ 1.

22- تفسير العيّاشي 1: 21/ 11.

(1) الإسراء 17: 46.

(2) نخر: مدّ الصوت في خياشيمه. «القاموس المحيط- نخر- 2: 144».

(3) في المصدر: سلمة بن محرز.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 99

قلت: أصلحك الله، و ما المثاني؟ قال: «فاتحة الكتاب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ».

244/ [23]- عن عيسى بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: بلغه أن أناسا ينزعون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، فقال: «هي آية من كتاب الله، أنساهم إياها الشيطان».

245/ [24]- عن إسماعيل بن مهران، قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها».

246/ [25]- عن سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «إذا أتى أحدكم أهله، فليكن قبل ذلك ملاطفة، فإنه ألين «1» لقلبها، و أسل لسخيمتها «2»، فإذا أفضى إلى حاجته، قال: بِسْمِ اللَّهِ ثلاثا، فإن قدر أن يقرأ أي آية حضرته من القرآن فعل، و إلا قد كفته التسمية» الحديث.

247/ [26]- عن خالد بن المختار، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: «ما لهم- قاتلهم الله- عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله، فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها، و هي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».

248/ [27]- (أمالي الشيخ) بإسناده، قال: قال الصادق (عليه السلام): «من نالته علة، فليقرأ

الحمد في جيبه «3» سبع مرات، فإن ذهبت، و إلا فليقرأها سبعين مرة، و أنا الضامن له العافية».

249/ [28]- (جامع الأخبار): عن ابن مسعود، عن النبي (صلى الله عليه و آله): «من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر، فليقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فإنها تسعة عشر حرفا، ليجعل الله كل حرف منها عن واحد منهم».

250/ [29]- و عن ابن مسعود، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «من قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتب الله له بكل حرف أربعة آلاف حسنة، و محا عنه أربعة آلاف سيئة، و رفع له أربعة آلاف درجة».

__________________________________________________

23- تفسير العيّاشي 1: 21/ 12.

24- تفسير العيّاشي 1: 21/ 13.

25- تفسير العيّاشي 1: 21/ 14. [.....]

26- تفسير العيّاشي 1: 21/ 16.

27- الأمالي 1: 290.

28- جامع الأخبار: 42.

29- جامع الأخبار: 42.

(1) في المصدر: أبرّ.

(2) السّخيمة: الضغينة و الموجدة في النفس. «الصحاح- سخم- 5: 1948». و المعنى: أكثر إخراجا لحقدها، و ما يستولي عليها من الضغينة و مساوئ الأخلاق.

(3) في «ط» جبينه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 100

251/ [30]- و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «من قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بنى الله له في الجنة سبعين ألف قصر من ياقوتة حمراء، في كل قصر سبعون ألف بيت من لؤلؤة بيضاء، في كل بيت سبعون ألف سرير من زبرجدة خضراء، فوق كل سرير سبعون ألف فراش من سندس و إستبرق، و عليه زوجة من حور العين، و لها سبعون ألف ذؤابة، مكللة بالدر و الياقوت، مكتوب على خدها الأيمن: محمد رسول الله، و على خدها الأيسر:

علي ولي الله، و على جبينها الحسن، و على ذقنها: الحسين، و

على شفتيها: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».

قلت: يا رسول الله، لمن هذه الكرامة؟ قال: لمن يقول بالحرمة و التعظيم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».

252/ [31]- و قال النبي (صلى الله عليه و آله): «إذا مر المؤمن على الصراط، فيقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أطفئ لهب النار، و تقول: جز- يا مؤمن- فإن نورك قد أطفأ لهبي».

253/ [32]- و قال النبي (صلى الله عليه و آله): «إذا قال المعلم للصبي: [قل:] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [فقال الصبي: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتب الله براءة للصبي، و براءة لأبويه، و براءة للمعلم [من النار]».

254/ [33]- و روي أن رجلا يسمى عبد الرحمن، كان معلما للأولاد في المدينة، فعلم ولدا للحسين (عليه السلام) يقال له جعفر، فعلمه الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فلما قرأها على أبيه الحسين (عليه السلام) استدعى المعلم، و أعطاه ألف دينار و ألف حلة، و حشا فاه درا، فقيل له في ذلك؟ فقال (عليه السلام): «و أنى تساوي عطيتي هذه بتعليمه ولدي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ؟!».

255/ [34]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن النبي (صلى الله عليه و آله): «لا يرد دعاء أوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فإن أمتي يأتون يوم القيامة، و هم يقولون: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فتثقل حسناتهم في الميزان، فتقول الأمم: ما أرجح موازين أمة محمد (صلى الله عليه و آله)! فيقول الأنبياء: إن ابتداء كلامهم ثلاثة أسماء من أسماء الله تعالى، لو وضعت في كفة الميزان، و وضعت سيئات الخلق في كفة أخرى، لرجحت حسناتهم».

__________________________________________________

30- جامع الأخبار: 42.

31- جامع الأخبار: 42.

32- جامع الأخبار: 42.

33- مناقب ابن شهر آشوب 4: 66 «نحوه».

34- ربيع الأبرار 2: 336.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 101

بِسْمِ اللَّهِ

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [1]

256/ [1]- علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى ابن جعفر (عليه السلام).

قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن حريز «1»، عن أبي عبدالله (عليه السلام).

قال: و حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن حماد، و عبد الرحمن بن أبي نجران، و ابن فضال، عن علي بن عقبة. «2»

قال: و حدثني أبي، عن النضر بن سويد، و أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام).

قال: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، و هشام بن سالم، و عن كلثوم بن الهرم «3»، عن عبدالله بن سنان، و عبدالله بن مسكان، و عن صفوان، و سيف بن عميرة، و أبي حمزة الثمالي، و عن عبدالله بن جندب، و الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام).

قال: و حدثني أبي، عن حنان، و عبدالله بن ميمون القداح، و أبان بن عثمان، عن عبدالله بن شريك العامري، عن المفضل بن عمر، و أبي بصير، عن أبي جعفر و أبي عبدالله (عليهما السلام)، قالا في تفسير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قال: و حدثني أبي، عن عمرو بن إبراهيم الراشدي، و صالح بن سعيد، و يحيى بن أبي عمران «4» الحلبي، و إسماعيل بن مرار، و أبي طالب عبدالله بن الصلت، عن علي بن يحيى «5»، عن أبي بصير، عن أبي __________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 27.

(1) في المصدر: حريف، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 144/ 375. [.....]

(2) في «س»، «ط»: عن عقبة، و لعلّ الصواب

ما أثبتناه من المصدر. راجع جامع الرواة 1: 593، معجم رجال الحديث 12: 96.

(3) في المصدر: كلثوم بن العدم. راجع معجم رجال الحديث 14: 119.

(4) في «س»: يحيى بن أبي عمير، و الصواب ما في المتن. راجع جامع الرواة 2: 324، معجم رجال الحديث 20: 26.

(5) في «س»، «ط»: عن أبي يحيى، و لعلّ الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع معجم رجال الحديث 12: 221.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 102

عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال: «الباء بهاء الله، و السين سناء الله، و الميم ملك الله، و الله إله كل شي ء، و الرحمن بجميع خلقه، و الرحيم بالمؤمنين خاصة».

257/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن عبدالله بن سنان، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن تفسير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، قال: «الباء بهاء الله، و السين سناء الله، و الميم مجد الله- و روى بعضهم: الميم ملك الله- و الله إله كل شي ء، الرحمن بجميع خلقه، و الرحيم بالمؤمنين خاصة».

258/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن أسماء الله و اشتقاقها، و الله مم هو مشتق؟ فقال: «يا هشام، الله مشتق من إله، و الإله يقتضي مألوها، و الاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر و لم يعبد شيئا، و من عبد الاسم و المعنى فقد أشرك و عبد اثنين، و من عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد، أ فهمت يا هشام؟».

قال:

قلت زدني. قال: «لله تسعة و تسعون اسماء، فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها، و لكن لله معنى يدل عليه بهذه الأسماء، و كلها غيره.

يا هشام، الخبز اسم للمأكول، و الماء اسم للمشروب، و الثوب اسم للملبوس، و النار اسم للمحرق، «1» أ فهمت- يا هشام- فهما تدفع به و تناضل به أعداء الله، المتخذين مع الله عز و جل غيره؟».

قلت: نعم، فقال: «نفعك الله به و ثبتك، يا هشام».

قال هشام: فو الله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا.

259/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن ابن راشد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سئل عن معنى الله، فقال: «استولى على ما دق و جل». «2»

260/ [5]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبدالله، عن محمد بن عبد الله، و موسى بن عمر، و الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن ابن سنان، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاسم، ما هو؟ فقال: «صفة لموصوف».

261/ [6]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن

__________________________________________________

2- الكافي 1: 89/ 1.

3- الكافي 1: 89/ 2.

4- الكافي 1: 89/ 3.

5- معاني الأخبار: 2/ 1.

6- معاني الأخبار: 3/ 2.

(1) في «س»: الحرق.

(2) ما دقّ و جلّ: حقر و عظم. «مجمع البحرين- دقق- 5: 162».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 103

العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عمن حدثه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه سئل عن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ،

فقال: «الباء بهاء الله، و السين سناء الله، و الميم ملك الله».

قال: قلت: الله؟ قال: «الألف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا، و اللام إلزام الله خلقه ولايتنا».

قلت: فالهاء؟ قال: «هوان لمن خالف محمدا و آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)».

قلت: الرحمن؟ قال: «بجميع العالم».

قلت: الرحيم؟ قال: «بالمؤمنين خاصة».

262/ [7]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن سعيد مولى بني هاشم، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) عن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقال: «معنى قول القائل: بسم الله، أي: أسمي على نفسي سمة من سمات الله عز و جل و هي العبادة».

قال: فقلت له: و ما السمة؟ قال: «العلامة».

263/ [8]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن القاسم الجرجاني المفسر (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، و أبو الحسن علي بن محمد بن سيار، و كانا من الشيعة الإمامية، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد (عليهم السلام) في قول الله عز و جل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، فقال: «هو الله الذي يتأله «1» إليه عند الحوائج و الشدائد كل مخلوق، عند انقطاع الرجاء عن كل من هو دونه، و تقطع الأسباب من جميع من سواه، تقول: بسم الله، أي استعين على أموري كلها بالله، الذي لا تحق العبادة إلا له، و المغيث إذا استغيث، و المجيب إذا دعي.

و هو

ما قال رجل للصادق (عليه السلام): يا بن رسول الله، دلني على الله ما هو، فقد أكثر علي المجادلون و حيروني؟ فقال له: يا عبدالله، هل ركبت سفينة

قط؟ قال: نعم. فقال: هل كسرت بك، حيث لا سفينة تنجيك، و لا سباحة تغنيك؟ قال: نعم.

قال الصادق (عليه السلام): فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال:

نعم. قال الصادق (عليه السلام): فذلك الشي ء هو الله، القادر على الإنجاء حيث لا منجي، و على الإغاثة حيث لا مغيث.

ثم قال الصادق (عليه السلام): و لربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فيمتحنه الله عز و جل بمكروه، لينبهه على شكر الله تبارك و تعالى و الثناء عليه، و يمحق عنه وصمة «2» تقصيره،

__________________________________________________

7- معاني الأخبار: 3/ 1.

8- التّوحيد: 230/ 5، معاني الأخبار: 4/ 2.

(1) أله إلى كذا: لجأ إليه، لأنّه سبحانه و تعالى المفزّع الذي يلجأ إليه في كل أمر. «لسان العرب- أله- 13: 469». [.....]

(2) الوصم: العيب و العار. «الصحاح- و صم- 5: 2052».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 104

عند تركه قول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قال: و قام رجل إلى علي بن الحسين (عليه السلام) فقال: أخبرني ما معنى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ؟

فقال علي بن الحسين (عليه السلام): حدثني أبي، عن أخيه الحسن، عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام): أن رجلا قام إليه، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ما معناه؟

فقال: إن قولك: الله، أعظم اسم من أسماء الله عز و جل، و هو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمى به غير الله، و لم يتسم به مخلوق.

فقال الرجل: فما تفسير قول الله؟

قال: هو الذي يتأله إليه عند الحوائج و الشدائد كل مخلوق، عند انقطاع الرجاء من جميع من [هو] دونه، و تقطع الأسباب من كل ما سواه، و ذلك

[أن كل مترئس في هذه الدنيا، و متعظم فيها، و إن عظم غناه و طغيانه، و كثرت حوائج من دونه إليه، فإنهم سيحتاجون حوائج [لا يقدر عليها هذا المتعاظم، و كذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها، فينقطع إلى الله عند ضرورته و فاقته، حتى إذا كفى همه، عاد إلى شركه. أما تسمع الله عز و جل يقول: قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَ غَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَ تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ «1» فقال الله جل و عز لعباده: أيها الفقراء إلى رحمتي، إني قد ألزمتكم الحاجة إلي في كل حال، و ذلة العبودية في كل وقت، فإلي فافزعوا في كل أمر تأخذون و ترجون تمامه و بلوغ غايته، فإني إن أردت أن أعطيكم، لم يقدر غيري على منعكم، و إن أردت أن أمنعكم، لم يقدر غيري على إعطائكم، فأنا أحق من يسأل، و أولى من تضرع إليه.

فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أي: استعين على هذا الأمر، الذي لا تحق العبادة لغيره، إلا له، المجيب إذا دعي، المغيث إذا استغيث، الرحمن الذي يرحم يبسط الرزق علينا، الرحيم بنا في أدياننا، و دنيانا، و آخرتنا، خفف علينا الدين، و جعله سهلا خفيفا، و هو يرحمنا بتمييزنا من أعدائه».

ثم قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من حزنه أمر تعاطاه فقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و هو مخلص لله، و يقبل بقلبه إليه، لم ينفك من إحدى اثنتين: إما بلوغ حاجته في الدنيا، و إما يعد له عند ربه

و يدخر له، و ما عند الله خير و أبقى للمؤمنين».

264/ [9]- العياشي: عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، في تفسير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقال: «الباء بهاء الله، و السين سناء الله، و الميم مجد الله- و رواه غيره عنه: ملك الله- و الله إله الخلق، الرحمن بجميع العالم، الرحيم بالمؤمنين خاصة».

و رواه غيره عنه: «و الله إله كل شي ء».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 22/ 18- 20.

(1) الأنعام 6: 40 و 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 105

265/ [10]- عن الحسن بن خرزاذ، قال: كتبت إلى الصادق (عليه السلام) أسأل عن معنى الله. فقال: «استولى على ما دق و جل».

266/ [11]- تفسير الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام) قال: «قال الصادق (عليه السلام): و لربما ترك في افتتاح أمر بعض شيعتنا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فيمتحنه الله بمكروه، لينبهه على شكر الله و الثناء عليه، و يمحو عنه وصمة تقصيره، عند تركه قول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

لقد دخل عبدالله بن يحيى على أمير المؤمنين (عليه السلام)، و بين يديه كرسي، فأمره بالجلوس عليه، فجلس عليه، فمال به حتى سقط على رأسه، فأوضح عن عظم رأسه، و سال الدم، فأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) بماء، فغسل عنه ذلك الدم. ثم قال: ادن مني، [فدنا منه فوضع يده على موضحته «1»، و قد كان يجد من ألمها ما لا صبر له معه، و مسح يده عليها و تفل فيها، حتى اندمل و صار كأنه لم يصبه شي ء قط.

و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا عبدالله، الحمد لله الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم، لتسلم لهم طاعاتهم، و يستحقوا عليها ثوابها.

فقال عبدالله

بن يحيى: يا أمير المؤمنين، و إنا لا نجازى بذنوبنا إلا في الدنيا؟

قال: نعم، أما سمعت قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): الدنيا سجن المؤمن، و جنة الكافر. إن الله تعالى طهر شيعتنا من ذنوبهم في الدنيا بما يبتليهم به من المحن، و بما يغفره لهم، فإن الله تعالى يقول: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ «2» حتى إذا وردوا يوم القيامة، توفرت عليهم طاعاتهم و عباداتهم.

و إن أعداءنا يجازيهم عن طاعة تكون في الدنيا منهم- و إن كان لا وزن لها، لأنه لا إخلاص معها- حتى إذا وافوا القيامة، حملت عليهم ذنوبهم، و بغضهم لمحمد و آله (صلوات الله عليهم أجمعين) و خيار أصحابه، فقذفوا في النار.

فقال عبدالله بن يحيى: يا أمير المؤمنين، قد أفدتني و علمتني، فإن رأيت أن تعرفني ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس، حتى لا أعود إلى مثله؟

فقال: تركك حين جلست أن تقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فجعل الله ذلك لسهوك عما ندبت إليه تمحيصا بما أصابك، أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حدثني، عن الله عز و جل أنه قال: كل أمر ذي بال لم يذكر فيه اسم الله، فهو أبتر؟

فقلت: بلى- بأبي أنت و أمي- لا أتركها بعدها. قال: إذن تحظى «3» و تسعد.

قال عبدالله بن يحيى: يا أمير المؤمنين، ما تفسير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ؟

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 21/ 15.

11- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 22/ 7.

(1) الموضحة: الشجّة التي تبدي وضح العظم. «الصحاح- وضح- 1: 416».

(2) الشّورى 42: 30.

(3) في المصدر: تحصن بذلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 106

قال: إن العبد

إذا أراد أن يقرأ، أو يعمل عملا، فيقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أي بهذا الاسم أعمل هذا العمل، فكل عمل يعمله، يبدأ فيه ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فإنه مبارك له فيه».

267/ [12]- (ربيع الأبرار) للزمخشري: قال: قال رجل لجعفر بن محمد (عليهما السلام): ما الدليل على الله، و لا تذكر لي العالم و العرض و الجواهر؟ فقال له: «هل ركبت البحر؟» قال: نعم. قال: «فهل عصفت بكم الريح، حتى خفتم الغرق؟» قال: نعم. قال: [قال: «فهل انقطع رجاؤك من المركب و الملاحين؟» قال: نعم.] قال: «فهل تتبعت نفسك أن ثم من ينجيك؟» قال: نعم.

قال: «فإن ذاك هو الله سبحانه و تعالى، قال الله: عز و جل: ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ «1» و إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ». «2»

سورة الفاتحة(1): الآيات 2 الي 7 ..... ص : 106

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [2] الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [3] مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [4] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [5] اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [6] صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ [7]

268/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن هشام، عن ميسر، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «شكر النعمة اجتناب المحارم، و تمام الشكر قول الرجل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ».

269/ [2]- الشيخ الفاضل علي بن عيسى في (كشف الغمة): عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: «فقد أبي بغلة له، فقال: إن ردها الله علي لأحمدنه بمحامد يرضاها، فلما لبث أن أتي بها بسرجها و لجامها، فلما استوى [عليها] و ضم إليه ثيابه، رفع رأسه إلى السماء، و قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ و لم يزد.

ثم قال: ما تركت و لا أبقيت شيئا،

جعلت جميع أنواع المحامد لله عز و جل، فما من حمد إلا و هو داخل فيما قلت».

ثم قال علي بن عيسى: صدق و بر (عليه السلام) فإن الألف و اللام في قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ يستغرق الجنس

__________________________________________________

12- ربيع الأبرار 1: 663.

1- الكافي 2: 78/ 10.

2- كشف الغمّة 2: 118.

(1) الإسراء 17: 67.

(2) النّحل 16: 53.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 107

و تفرده تعالى بالحمد.

270/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن النضر بن سويد، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ قال: «الشكر لله».

و في قوله: رَبِّ الْعالَمِينَ قال: «خالق الخلق. الرَّحْمنِ بجميع خلقه الرَّحِيمِ بالمؤمنين خاصة». مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال: «يوم الحساب، و الدليل على ذلك قوله: وَ قالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ «1» يعني يوم الحساب». إِيَّاكَ نَعْبُدُ «مخاطبة الله عز و جل و وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ مثله». اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ قال: «الطريق، و معرفة الإمام».

271/ [4]- قال: و حدثني أبي، عن حماد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله: الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ.

قال: «هو أمير المؤمنين (عليه السلام) و معرفته، و الدليل على أنه أمير المؤمنين قوله: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ «2» و هو أمير المؤمنين (عليه السلام) في أم الكتاب.

272/ [5]- و عنه: و حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: وصف أبو عبدالله (عليه السلام) الصراط، فقال: «ألف سنة صعود، و ألف سنة هبوط، و ألف سنة حدال». «3»

273/ [6]- و عنه: عن سعدان بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن الصراط، قال: «هو أدق

من الشعر، و أحد من السيف فمنهم من يمر «4» عليه مثل البرق، و منهم من يمر عليه مثل عدو الفرس، و منهم من يمر عليه ماشيا، و منهم من يمر عليه حبوا، «5» متعلقا، فتأخذ النار منه شيئا و تترك بعضا».

274/ [7]- و عنه أيضا، قال: و حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قرأ: «اهدنا الصراط المستقيم صراط من «6» أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين» قال: «المغضوب عليهم:

النصاب، و الضالين: اليهود و النصارى».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 28. [.....]

4- تفسير القمّي 1: 28.

5- تفسير القمّي 1: 29.

6- تفسير القمّي 1: 29.

7- تفسير القمّي 1: 29.

(1) الصّافّات 37: 20.

(2) الزّخرف 43: 4.

(3) حدل: مشى في ميل إلى أحد جانبيه. «المعجم الوسيط- حدل- 1: 161».

(4) في «س»: يمشي.

(5) حبا الصبي على استه حبوا، إذا زحف. «الصحاح- حبا- 6: 2307».

(6)

قرأ صراط من أنعمت عليهم عمر بن الخطّاب، و عمرو بن عبد اللّه الزبيري، و روي ذلك عن أهل البيت (عليهم السّلام).

أنظر مجمع البيان 1: 105.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 108

275/ [8]- و عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ. قال: «المغضوب عليهم: النصاب، و الضالين: الشكاك الذين لا يعرفون الإمام».

276/ [9]- سعد بن عبدالله: عن أحمد بن الحسين، عن علي بن الريان، عن عبيد الله بن عبدالله الدهقان، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن لله خلف هذا النطاق زبرجدة خضراء، منها اخضرت السماء».

قلت: و ما النطاق؟! قال: «الحجاب، و لله عز و جل وراء ذلك سبعون ألف عالم، أكثر من عدة

الجن و الإنس، و كلهم يلعن فلانا و فلانا».

277/ [10]- و عنه: عن سلمة بن الخطاب، عن أحمد بن عبد الرحمن بن «1» عبد ربه الصيرفي، عن محمد بن سليمان، عن يقطين الجواليقي، عن فلفلة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل خلق جبلا محيطا بالدنيا [من زبرجدة خضراء، و إنما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل، و خلق خلفه خلقا، لم يفترض عليهم شيئا مما افترض على خلقه من صلاة و زكاة، و كلهم يلعن رجلين من هذه الأمة» و سماهما.

278/ [11]- و عنه: عن محمد بن هارون بن موسى، عن أبي سهل بن زياد الواسطي، عن عجلان أبي صالح، «2» قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قبة آدم، فقلت له: هذه قبة آدم؟

فقال: «نعم، و لله عز و جل قباب كثيرة، أما إن لخلف مغربكم هذا تسعة و تسعين مغربا، أرضا بيضاء مملوءة خلقا، يستضيئون بنورها، لم يعصوا الله طرفة عين، لا يدرون أخلق الله عز و جل آدم أم لم يخلقه، يبرءون من فلان و فلان و فلان».

قيل له: و كيف هذا، و كيف يبرءون من فلان و فلان و فلان و هم لا يدرون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه؟! فقال للسائل عن ذلك: «أتعرف إبليس؟». فقال: لا، إلا بالخبر. قال: «إذن أمرت بلعنه و البراءة منه؟». قال:

نعم. قال: «فكذلك أمر هؤلاء».

279/ [12]- و عنه: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الصمد بن بشير، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من وراء شمسكم هذه أربعون عين شمس، ما بين عين شمس إلى عين

شمس أربعون عاما، فيها خلق كثير، ما يعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه.

__________________________________________________

8- تفسير القمّي 1: 29.

9- مختصر بصائر الدرجات: 12.

10- مختصر بصائر الدرجات: 11.

11- مختصر بصائر الدرجات: 12. [.....]

12- مختصر بصائر الدرجات: 12.

(1) في «س» و «ط»: عن.

(2) في «س» و «ط»: عجلان بن أبي صالح، و في المصدر: عجلان بن صالح بن صالح، و الظاهر صحّة ما أثبتناه. راجع معجم رجال الحديث 11: 132 و 133.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 109

و إن من وراء قمركم هذا أربعين قرصا، بين القرص إلى القرص أربعون عاما، فيها خلق كثير، ما يعلمون أن الله عز و جل خلق آدم أو لم يخلقه، قد ألهموا- كما ألهمت النحلة- لعنة الأول و الثاني في كل الأوقات، و قد و كل بهم ملائكة، متى لم يلعنوا عذبوا».

280/ [13]- و عنه: عن الحسن بن عبد الصمد، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، «1» قال: حدثنا العباد بن عبد الخالق، عمن حدثه، عن أبي عبدالله (عليه السلام).

و عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إن لله عز و جل ألف عالم، كل عالم منهم أكثر من سبع سماوات و سبع أرضين، ما يرى كل عالم منهم أن لله عالما غيرهم، و أنا الحجة عليهم».

281/ [14]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، «2» عن الحسين بن سعيد، و محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسين بن سعيد جميعا، عن فضالة بن أيوب، عن القاسم بن بريد، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن ميراث العلم ما مبلغه، أ جوامع هو من هذا العلم، أم تفسير

كل شي ء من هذه الأمور التي يتكلم فيها؟

فقال: «إن لله عز و جل مدينتين مدينة بالمشرق، و مدينة بالمغرب، فيهما قوم لا يعرفون إبليس، و لا يعلمون بخلق إبليس، نلقاهم كل حين فيسألوننا عما يحتاجون إليه، و يسألوننا عن الدعاء فنعلمهم، و يسألوننا عن قائمنا متى يظهر.

فيهم عبادة و اجتهاد شديد، لمدينتهم أبواب، ما بين المصراع إلى المصراع مائة فرسخ، لهم تقديس و تمجيد و دعاء و اجتهاد شديد، لو رأيتموهم لاحتقرتم عملكم، يصلي الرجل منهم شهرا لا يرفع رأسه من سجدته، طعامهم التسبيح، و لباسهم الورع، و وجوههم مشرقة بالنور، و إذا رأوا منا واحدا احتوشوه، «3» و اجتمعوا له، و أخذوا من أثره من الأرض يتبركون به، لهم دوي- إذا صلوا- كأشد من دوي الريح العاصف.

منهم جماعة لم يضعوا السلاح مذ كانوا، ينتظرون قائمنا، يدعون الله عز و جل أن يريهم إياه، و عمر أحدهم ألف سنة، إذا رأيتهم رأيت الخشوع و الاستكانة و طلب ما يقربهم إلى الله عز و جل، إذا احتبسنا عنهم ظنوا ذلك من سخط، يتعاهدون أوقاتنا التي نأتيهم فيها، فلا يسأمون و لا يفترون، يتلون كتاب الله عز و جل كما علمناهم، و إن فيما نعلمهم ما لو تلي على الناس لكفروا به و لأنكروه.

يسألوننا عن الشي ء إذا ورد عليهم في القرآن لا يعرفونه، فإذا أخبرناهم به انشرحت صدورهم لما يسمعون منا، و سألوا لنا البقاء و أن لا يفقدونا، و يعلمون أن المنة من الله عليهم فيما نعلمهم عظيمة، و لهم خرجة مع الإمام-

__________________________________________________

13- مختصر بصائر الدرجات: 13.

14- مختصر بصائر الدرجات: 10.

(1) في «س»: عمير، و الظاهر أنّه تصحيف، راجع جامع الرواة 1: 208، معجم رجال الحديث

5: 20.

(2) في المصدر: أحمد بن عيسى، و الصواب ما في المتن، و روى عنه سعد بن عبد اللّه. كما في الفهرست للطوسي 25: 65، جامع الرواة 1: 69.

(3) احتوش القوم الشي ء: أحاطوا به و جعلوه وسطهم. «المعجم الوسيط- حاش- 1: 207».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 110

إذا قام- يسبقون فيها أصحاب السلاح، و يدعون الله عز و جل أن يجعلهم ممن ينتصر بهم لدينه.

فهم كهول و شبان، إذا رأى شاب منهم الكهل، جلس بين يديه جلسة العبد، لا يقوم حتى يأمره، لهم طريق أعلم به من الخلق إلى حيث يريد الإمام (عليه السلام)، فإذا أمرهم الإمام بأمر قاموا إليه أبدا حتى يكون هو الذي يأمرهم بغيره، لو نّهم وردوا على ما بين المشرق و المغرب من الخلق، لأفنوهم في ساعة واحدة، لا يحيك «1» فيهم الحديد، لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد، لو ضرب أحدهم بسيفه جبلا لقده حتّى يفصله. في ساعة يعبر بهم الإمام (عليه السلام) الهند و الديلم «2» و الروم و البربر «3» و فارس، و ما بين جابرس «4» إلى جابلق «5»: و هما مدينتان: واحدة بالمشرق، و واحدة بالمغرب، لا يأتون على أهل دين إلا دعوهم إلى الله عز و جل و إلى الإسلام، و الإقرار بمحمد (صلى الله عليه و آله) و التوحيد، و ولايتنا أهل البيت، فمن أجاب منهم و دخل في الإسلام تركوه، و أمروا أميرا منهم، و من لم يجب، و لم يقر بمحمد (صلى الله عليه و آله) و لم يقر بالإسلام، و لم يسلم قتلوه، حتى لا يبقى بين المشرق و المغرب و ما دون الجبل أحد إلا آمن».

282/ [15]- محمد بن

الحسن الصفار، و سعد بن عبدالله، و الشيخ المفيد- و اللفظ له- كلهم رووا عن يعقوب ابن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه السلام) رفعه إلى الحسن بن علي (عليه السلام)، قال: «إن لله مدينتين: إحداهما بالمشرق، و الأخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد، و على كل مدينة ألف ألف باب، لكل باب مصراعان من ذهب، و فيها ألف ألف لغة، تتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبتها، و أنا أعرف جميع اللغات، و ما فيهما و ما بينهما، و ما عليهما حجة غيري و غير أخي الحسين (عليه السلام)».

283/ [16]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبان بن تغلب، قال: كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) فدخل عليه رجل من أهل اليمن، فقال له: «يا أخا اليمن عندكم علماء؟». قال: نعم. قال: «فما بلغ من علم عالمكم؟». قال: يسير في ليلة واحدة مسيرة شهرين، يزجر الطير، «6» و يقفو الآثار. «7»

فقال أبو عبدالله (عليه السلام): «عالم المدينة أعلم من عالمكم». قال: فما بلغ من علم عالم المدينة؟ قال: «يسير

__________________________________________________

15- بصائر الدرجات: 12. 359/ 4، مختصر بصائر الدرجات: 12، الإختصاص: 291.

16- بصائر الدرجات: 421/ 15.

(1) يقال: ضربه فما أحاك فيه السيف، إذا لم يعمل فيه، و يقال ما يحيك فيه الملام، إذا لم يؤثّر فيه. «الصحاح- حيك- 4: 1582».

(2) الديلم: جيل سمّوا بأرضهم، و هم في جبال قرب جيلان. «مراصد الاطلاع 2: 581».

(3) البربر: هو اسم يشتمل قبائل كثيرة في جبال المغرب، أولها برقة ثمّ إلى آخر المغرب و البحر المحيط و في الجنوب إلى

بلاد السودان، و يقال لمجموع بلادهم بلاد البربر. «معجم البلدان 1: 368».

(4) جابرس: مدينة بأقصى المشرق، يسكنها- على ما زعم اليهود- قوم منهم، و قيل: إنّهم بقايا المؤمنين من ثمود. «مراصد الاطلاع 1: 304». [.....]

(5) جابلق: مدينة بأقصى المغرب، يروى عن ابن عباس ان أهلها من ولد عاد. «مراصد الاطلاع 1: 304».

(6) زجر الطير: أثارها ليتيمّن بسنوحها أو يتشاءم ببروحها. «المعجم الوسيط- زجر- 1: 389».

(7) قفوت أثره: أي اتّبعته. «الصحاح- قفا- 6: 2466».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 111

في ساعة واحدة من النهار مسيرة الشمس سنة، حتى يقطع ألف عالم مثل عالمكم هذا، ما يعلمون أن الله خلق آدم و لا إبليس». قال: يعرفونكم؟! قال: «نعم، ما افترض عليهم إلا ولايتنا، و البراءة من أعدائنا».

284/ [17]- المفيد في (الاختصاص): عن محمد أبي عبدالله «1» الرازي الجاموراني، عن إسماعيل بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن عبد الصمد بن علي، قال: دخل رجل على علي بن الحسين (عليه السلام)، فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): «من أنت؟». قال: رجل منجم قائف «2» عراف. قال: فنظر إليه، ثم قال: «هل أدلك على رجل، قد مر منذ دخلت علينا في أربعة عشر عالما، كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات، لم يتحرك من مكانه؟!». قال: من هو؟! قال: «أنا، و إن شئت أنبأتك بما أكلت، و ما ادخرت في بيتك».

285/ [18]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر (رضي الله عنه)، قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن

علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «جاء رجل إلى الرضا (عليه السلام)، فقال له: يا ابن رسول الله، أخبرني عن قول الله سبحانه: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ما تفسيره؟

قال: لقد حدثني أبي، عن جدي، عن الباقر، عن زين العابدين، عن أبيه (عليهم السلام) أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن قول الله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ما تفسيره؟

فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ هو أن عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل، لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف.

فقال لهم: قولوا: الحمد لله على ما أنعم به علينا رب العالمين و هم الجماعات من كل مخلوق، من الجمادات و الحيوانات. فأما الحيوانات فهو يقلبها في قدرته، و يغذوها من رزقه، و يحوطها بكنفه «3»، و يدبر كلا منها بمصلحته. و أما الجمادات فهو يمسكها بقدرته، يمسك المتصل منها أن يتهافت، و يمسك المتهافت «4» منها أن يتلاصق، و يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، و يمسك الأرض أن تنخسف إلا بأمره، إنه بعباده لرؤوف رحيم.

قال (عليهم السلام): و رَبِّ الْعالَمِينَ مالكهم، و خالقهم، و سائق أرزاقهم إليهم، من حيث يعلمون و من حيث

__________________________________________________

17- الاختصاص: 319.

18- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 282/ 30، علل الشرائع: 416/ 3.

(1) في «س» و المصدر: محمّد بن عبد اللّه، و ما في المتن هو الصواب، و هو أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد. راجع تنقيح المقال 2: 66، معجم رجال الحديث 15: 51.

(2) القائف: الذي يعرف الآثار. «الصحاح- قوف- 4: 1419».

(3) كنف اللّه: رحمته و ستره و حفظه. «المعجم الوسيط- كنف- 2: 801».

(4) التهافت:

التساقط قطعة قطعة. «الصحاح- هفت- 1: 271».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 112

لا يعلمون، فالرزق مقسوم، و هو يأتي ابن آدم على أي مسيرة سارها من الدنيا، ليس بتقوى متق بزائده، و لا فجور فاجر بناقصه، و بينه و بينه ستر و هو طالبه، فلو أن أحدكم يفر من رزقه، لطلبه رزقه كما يطلبه الموت.

فقال الله جل جلاله: قولوا: الحمد لله على ما أنعم علينا، و ذكرنا به من خير في كتب الأولين، قبل أن نكون، ففي هذا إيجاب على محمد و آل محمد (صلوات الله عليهم) و على شيعتهم أن يشكروه بما فضلهم، و ذلك

أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: لما بعث الله موسى بن عمران (عليه السلام)، و اصطفاه نجيا، و فلق له البحر، و نجى بني إسرائيل، و أعطاه التوراة و الألواح، رأى مكانه من ربه عز و جل، فقال: يا رب، لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي.

فقال الله تعالى: يا موسى، أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع ملائكتي و جميع خلقي؟

قال موسى (عليه السلام): يا رب، فإن كان محمدا أكرم عندك من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟

فقال الله تعالى: يا موسى، أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين، كفضل محمد على جميع المرسلين.

قال موسى: يا رب، فإن كان آل محمد كذلك، فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي؟ ظللت عليهم الغمام، «1» و أنزلت عليهم المن «2» و السلوى «3» و فلقت لهم البحر.

فقال الله جل جلاله: يا موسى، أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم، كفضله على جميع خلقي.

قال موسى: يا رب، ليتني

كنت أراهم، فأوحى الله جل جلاله إليه: يا موسى، إنك لن تراهم، و ليس هذا أوان ظهورهم، و لكن سوف تراهم في الجنان، جنات عدن و الفردوس، بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، و في خيراتها يتبحبحون، «4» أ فتحب أن أسمعك كلامهم؟ قال: نعم، إلهي.

قال الله جل جلاله: قم بين يدي و اشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الرب الجليل. ففعل ذلك موسى، فنادى ربنا عز و جل: يا أمة محمد. فأجابوه كلهم و هم في أصلاب آبائهم، و أرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك، قال: فجعل تلك الإجابة شعار الحاج.

ثم نادى ربنا عز و جل: يا أمة محمد، إن قضائي عليكم أن رحمتي سبقت غضبي، و عفوي قبل عقابي، قد استجبت لكم، من قبل أن تدعوني، و أعطيتكم من قبل أن تسألوني، من لقيني منكم بشهادة: أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، صادقا في أقواله، محقا في أفعاله، و أن علي بن أبي طالب أخوه و وصيه و وليه، و يلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، و أن أولياءه المصطفين المطهرين، المبلغين بعجائب آيات الله،

__________________________________________________

(1) الغمام: السّحاب الأبيض، سميي بذلك لأنّه يغمّ السّماء، أي يسترها. «مجمع البحرين- غمم- 6: 128».

(2) المنّ: شي حلو، كان يسقط من السّماء على شجرهم فيجتنونه، و يقال: ما منّ اللّه به على العباد بلا تعب و لا عناء. «مجمع البحرين- منن- 6:

318».

(3) السّلوى: طائر. «الصحاح- سلا- 6: 2380».

(4) بحبح في الشّي ء: توسّع، و بحبح في الدار: تمكّن في المقام و الحلول بها، و بحبح الدّار:

توسّطها. «المعجم الوسيط- بحبح- 1: 39».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 113

و دلائل حجج الله، من بعدهما أولياؤه، أدخلته جنتي، و إن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.

قال: فلما بعث الله تعالى نبينا محمدا (صلى الله عليه و آله) قال: يا محمد وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا «1» أمتك بهذه الكرامة. ثم قال عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله) قل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على ما اختصني به من هذه الفضيلة، و قال لأمته: قولوا أنتم: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على ما اختصنا به من هذه الفضائل».

286/ [19]- و روى في (الفقيه) فيما ذكر الفضل- يعني الفضل بن شاذان- من العلل عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: «أمر الناس بالقراءة في الصلاة، لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا، و ليكون محفوظا مدروسا، فلا يضمحل و لا يجهل.

و إنما بدأ بالحمد دون سائر السور، لأنه ليس شي ء من القرآن و الكلام جمع فيه من جوامع الخير و الحكمة ما جمع في سورة الحمد، و ذلك أن قوله عز و جل: الْحَمْدُ لِلَّهِ هو أداء لما أوجب الله عز و جل على خلقه من الشكر، و الشكر لما وفق عبده من الخير.

رَبِّ الْعالَمِينَ توحيد و تمحيد له، و إقرار بأنه الخالق المالك لا غيره. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ استعطافه و ذكر آلائه و نعمائه على جميع خلقه. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إقرار له بالبعث، و الحساب، و المجازاة، و إيجاب ملك الآخرة له، كإيجاب ملك الدنيا. إِيَّاكَ نَعْبُدُ رغبة و تقرب إلى الله تعالى ذكره، و إخلاص له بالعمل دون غيره.

وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ استزادة من توفيقه، و عبادته، و استدامة لما أنعم عليه و نصره. اهْدِنَا الصِّراطَ

الْمُسْتَقِيمَ استرشاد لدينه، و اعتصام بحبله، و استزادة في المعرفة لربه عز و جل و كبريائه و عظمته. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ تأكيد في السؤل و الرغبة، و ذكر لما قد تقدم من نعمه على أوليائه، و رغبة في مثل تلك النعم. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين، المستخفين به و بأمره و نهيه.

وَ لَا الضَّالِّينَ اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة، و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. و قد اجتمع فيها من جوامع الخير و الحكمة، من أمر الآخرة و الدنيا، ما لا يجمعه شي ء من الأشياء».

287/ [20]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني، قال:

أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم العجلي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عبدالله بن زياد العرزمي، قال: حدثنا علي بن حاتم المنقري، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصراط، فقال: «هو الطريق إلى معرفة الله عز و جل، و هما صراطان: صراط في الدنيا، و صراط في الآخرة. فأما الصراط الذي في الدنيا، فهو الإمام المفترض الطاعة، من عرفه في الدنيا و اقتدى بهداه، مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة،

__________________________________________________

19- من لا يحضره الفقيه 1: 203/ 928. [.....]

20- معاني الأخبار: 32/ 1.

(1) القصص 28: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 114

و من لم يعرفه في الدنيا، زلت قدمه عن الصراط في الآخرة، فتردى في نار جهنم».

288/ [21]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الصلت، عن عبدالله بن الصلت، عن يونس

بن عبد الرحمن، عمن ذكره، عن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصراط المستقيم أمير المؤمنين علي (عليه السلام)».

289/ [22]- و عنه: قال: حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، في قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ قال: «أدم لنا توفيقك، الذي به أطعناك فيما مضى من أيامنا، حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا.

و الصراط المستقيم هو صراطان: صراط في الدنيا، و صراط في الآخرة فأما الطريق المستقيم في الدنيا، فهو ما قصر عن الغلو، و ارتفع عن التقصير، و استقام فلم يعدل إلى شي ء من الباطل.

و أما الطريق الآخر، [فهو] طريق المؤمنين إلى الجنة، الذي هو مستقيم، لا يعدلون عن الجنة إلى النار، و لا إلى غير النار سوى الجنة».

290/ [23]- و عنه، قال: و قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في قوله عز و جل: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، قال: «يقول: أرشدنا إلى الصراط المستقيم، و أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، و المبلغ دينك، و المانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك».

291/ [24]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: حدثني ثابت الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين (صلى الله عليهما) [قال : «ليس بين الله و بين حجته حجاب، و لا لله دون حجته ستر، نحن أبواب الله، و نحن

الصراط المستقيم، و نحن عيبة «1» علمه، و نحن تراجمة وحيه، و نحن أركان توحيده، و نحن موضع سره».

292/ [25]- و عنه، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفي، قال: حدثني محمد بن الحسن بن إبراهيم، قال: حدثنا علوان بن محمد، قال: حدثنا حنان بن سدير، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «قول الله عز و جل في الحمد: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ يعني محمدا و ذريته (صلوات الله عليهم)».

__________________________________________________

21- معاني الأخبار: 32/ 2، شواهد التنزيل 1: 61/ 96 «نحوه».

22- معاني الأخبار: 33/ 4.

23- معاني الأخبار: 33/ ذيل الحديث 4.

24- معاني الأخبار: 35/ 5، ينابيع المودّة: 477.

25-- معاني الأخبار: 36/ 7، شواهد التنزيل 1: 57/ 86.

(1) العيبة: مستودع الثياب أو مستودع أفضل الثياب، و عيبة العلم على الاستعارة. «مجمع البحرين- عيب- 2: 130».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 115

293/ [26]- و عنه، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم، قال:

حدثني عبيد بن كثير، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثنا عبيد بن يحيى بن مهران، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في قول الله عز و جل: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ قال: «شيعة علي الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب، لم يغضب عليهم و لم يضلوا».

294/ [27]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر، قال: حدثني يوسف بن المتوكل، عن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي

بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ قال: «أي قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، بالتوفيق لدينك و طاعتك، و هم الذين قال الله عز و جل: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً» «1». و حكي هذا بعينه عن أمير المؤمنين (عليه السلام).

قال: ثم قال: «ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال و صحة البدن، و إن كان كل هذا نعمة من الله ظاهرة، ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا، فما ندبتم إلى أن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم، و إنما أمرتم بالدعاء بأن ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالإيمان بالله، و التصديق لرسوله، و بالولاية لمحمد و آله الطيبين، و أصحابه الخيرين المنتجبين، و بالتقية الحسنة التي يسلم بها من شر عباد الله، و من الزيادة في آثام أعداء الله و كفرهم، بأن تداريهم و لا تغريهم بأذاك و أذى المؤمنين، و بالمعرفة بحقوق الإخوان».

295/ [28]- العياشي: عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ «2» فقال: «فاتحة الكتاب [يثنى فيها القول، قال: و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله من علي بفاتحة الكتاب من كنز العرش، فيها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الآية التي يقول [فيها]: وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً. «3»

و الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ دعوى أهل

الجنة، حين شكروا الله حسن الثواب. و مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال جبرئيل: ما قالها مسلم قط إلا صدقة الله و أهل سماواته. إِيَّاكَ نَعْبُدُ إخلاص العبادة. وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أفضل ما طلب به العباد حوائجهم. اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صراط الأنبياء، و هم الذين أنعم الله عليهم.

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ اليهود و (و غير الضالين) النصارى».

__________________________________________________

26- معاني الأخبار: 36/ 8، شواهد التنزيل 1: 66/ 105.

27- معاني الأخبار: 36/ 9.

28- تفسير العيّاشي 1: 22/ 17.

(1) النّساء 4: 69.

(2) الحجر 15: 87.

(3) الإسراء 17: 46. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 116

296/ [29]- عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان يقرأ: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.

297/3]- عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقرأ ما لا أحصي: (ملك «1» يوم الدين).

298/ [31]- عن الزهري، قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): «لو مات ما بين المشرق و المغرب لما استوحشت، بعد أن يكون القرآن معي». و كان إذا قرأ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يكررها، و يكاد أن يموت.

299/ [32]- عن الحسن بن محمد بن الجمال، عن بعض أصحابنا، قال: بعث عبد الملك بن مروان إلى عامل المدينة أن وجه إلي محمد بن علي بن الحسين، و لا تهيجه، و لا تروعه، و اقض «2» له حوائجه.

و قد كان ورد على عبد الملك رجل من القدرية، فحضر جميع من كان بالشام فأعياهم جميعا، فقال: ما لهذا إلا محمد بن علي، فكتب إلى صاحب المدينة أن يحمل محمد بن علي (عليه السلام) إليه، فأتاه صاحب المدينة بكتابه، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «إني شيخ كبير، لا أقوى على الخروج، و هذا جعفر ابني

يقوم مقامي، فوجهه إليه».

فلما قدم على الأموي ازدراه «3» لصغره، و كره أن يجمع بينه و بين القدري، مخافة أن يغلبه، و تسامع الناس بالشام بقدوم جعفر لمخاصمة القدري، فلما كان من الغد اجتمع الناس لخصومتهما. فقال الأموي لأبي عبد الله (عليه السلام): إنه قد أعيانا أمر هذا القدري، و إنما كتبت إليك لأجمع بينك و بينه، فإنه لم يدع عندنا أحدا إلا خصمه. فقال: «إن الله يكفيناه».

قال: فلما اجتمعوا، قال القدري لأبي عبد الله (عليه السلام): سل عما شئت. فقال له: «اقرأ سورة الحمد». قال:

فقرأها، و قال الأموي و أنا معه: ما في سورة الحمد علينا! إنا لله و إنا إليه راجعون! قال: فجعل القدري يقرأ سورة الحمد حتى بلغ قول الله تبارك و تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فقال له جعفر (عليه السلام): «قف، من تستعين، و ما حاجتك إلى المعونة إن كان الأمر إليك»؟! فبهت الذي كفر، و الله لا يهدي القوم الظالمين.

300/ [33]- عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ يعني أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)».

__________________________________________________

29- تفسير العيّاشي 1: 22/ 21.

30- تفسير العيّاشي 1: 22/ 22.

31- تفسير العيّاشي 1: 23/ 23.

32- تفسير العيّاشي 1: 23/ 24.

33- اللّه 1: 24/ 25.

(1) قرأ عاصم و الكسائي و خلف (مالك) و الباقون (ملك)، من قرأ (مالك) معناه أنّه مالك يوم الدّين و الحساب لا يملكه غيره و لا يليه سواه، و من قرأ (ملك) معناه أنّه الملك يومئذ لا ملك غيره. «التبيان للطوسي 1: 33».

(2) في «ط»: و امض.

(3) ازدريته، أي حقرته. «الصحاح- زري- 6: 2368».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 117

301/ [34]- و قال محمد

بن علي الحلبي: سمعته ما لا أحصي، و أنا أصلي خلفه، يقرأ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. «1»

302/ [35]- عن معاوية بن وهب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ. قال: «هم اليهود و النصارى».

303/ [36]- عن رجل، عن ابن أبي عمير، رفعه، في قوله: (غير المغضوب عليهم و غير الضالين) قال: «هكذا نزلت» و قال: «المغضوب عليهم: فلان و فلان و فلان و النصاب، و الضالين: الشكاك الذين لا يعرفون الإمام».

304/ [37]- ابن شهر آشوب: عن (تفسير وكيع بن الجراح): عن سفيان الثوري، عن السدي، عن أسباط و مجاهد، عن عبد الله بن عباس في قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. قال: قولوا- معاشر العباد-: أرشدنا إلى حب محمد و أهل بيته (عليهم السلام).

305/ [38]- و عن (تفسير الثعلبي) رواية ابن شاهين، عن رجاله، عن مسلم بن حيان، عن أبي بريدة في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. قال: صراط محمد و آله (عليهم السلام).

306/ [39]- الإمام العسكري أبو محمد (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله أمر عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم، و هم الصديقون، و الشهداء، و الصالحون. و أن يستعيذوا به من طريق المغضوب عليهم، و هم اليهود الذين قال الله فيهم: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ «2». و أن يستعيذوا من طريق الضالين، و هم الذين قال الله فيهم: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ

«3». و هم النصارى.

ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كل من كفر بالله فهو مغضوب عليه، و ضال عن سبيل الله عز و جل. و قال الرضا (عليه السلام) كذلك».

__________________________________________________

34- تفسير العيّاشي 1: 24/ 26.

35- تفسير العيّاشي 1: 24/ 27.

36- تفسير العيّاشي 1: 24/ 28.

37- مناقب ابن شهر آشوب 3: 73.

38- مناقب ابن شهر آشوب 3: 73، شواهد التنزيل 1: 57/ 86، أرجح المطالب: 85 و 319، عنه إحقاق الحقّ 14: 379.

39- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 50/ 23. [.....]

(1) قرأ الكسائي من طريق أبي حمدون، و يعقوب من طريق رويس (السراط) و الباقون (الصراط) فمن قرأ بالسين راعى الأصل لأنّه مشتق من السرط، و من قرأ بالصاد فلما بين الصاد و الطاء من المؤاخاة بالاستعلاء و الاطباق و لكراهة أن يتسفل بالسين ثمّ يتصعّد بالطاء، و مراد الحديث هو ترجيح القراءة بالصاد.

(2) المائدة 5: 60.

(3) المائدة 5: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 119

سورة البقرة مدنية ..... ص : 119

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 121

فضلها ..... ص : 121

307/ [1]- العياشي: عن سعد الإسكاف، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أعطيت الطوال «1» مكان التوراة، و أعطيت المئين «2» مكان الإنجيل، و أعطيت المثاني «3» مكان الزبور، و فضلت بالمفصل «4» سبع و ستين سورة».

308/ [2]- ابن بابويه و العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ البقرة و آل عمران، جاء يوم القيامة تظلانه على رأسه مثل الغمامتين، أو العباءتين». «5»

309/ [3]- العياشي: عن عمرو بن جميع، رفعه إلى علي (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من قرأ أربع آيات من أول البقرة، و آية الكرسي، و آيتين بعدها، و ثلاث آيات من آخرها، لم ير في نفسه و أهله و ماله شيئا يكرهه، و لم يقربه الشيطان، و لم ينس القرآن».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 25/ 1.

2- ثواب الأعمال: 104، تفسير العيّاشي 1: 25/ 2.

3- تفسير العيّاشي 1: 25/ 3.

(1) الطوال: فسّرت بالبقرة و آل عمران و النّساء و المائدة و الأنعام و الأعراف و التّوبة. «مجمع البحرين- طول- 5: 414».

(2) الميين: من سورة بني إسرائيل إلى سبع سور، سمّيت بها لأنّ كلّا منها على نحو مائة آية. «تفسير الصافي 1: 18».

(3) المثاني: قيل: فاتحة الكتاب، و قيل: المثاني سور أوّلها البقرة و آخرها براءة، و قيل: ما كان دون الميين، و قيل: هي القرآن كلّه. «لسان العرب- ثني- 14: 119».

(4) قيل: إنّما سمّي به لكثرة ما يقع فيه من فصول التسمية بين السور، و قيل: لقصر سوره، و اختلف في أوّله، فقيل: من سورة محمّد

(صلى اللّه عليه و آله)، و قيل: من سورة ق، و قيل: من سورة الفتح. «مجمع البحرين- فصل- 5: 441».

(5) في المصدرين: الغيابتين، و الظاهر انّهما تصحيف الغيايتين، و الغياية: كلّ شي ء أظلّ الإنسان فوق رأسه كالسّحابة و نحوها. «النهاية 3: 403».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 123

سورة البقرة(2): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 123

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم [1] ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [2]

310/ [1]- أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الكتاب: علي (عليه السلام) لا شك فيه». هُدىً لِلْمُتَّقِينَ قال: «بيان لشيعتنا».

سورة البقرة(2): آية 3 ..... ص : 123

قوله تعالى:

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ [3] 311/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: مما علمناهم، ينبئون، و مما علمناهم من القرآن يتلون. و قال: الم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم، المقطع «1» في القرآن، الذي خوطب به النبي (عليه الصلاة و السلام) و الإمام، فإذا دعا به أجيب.

312/ [3]- العياشي: عن سعدان بن مسلم، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ، قال: «كتاب علي لا ريب فيه». هُدىً لِلْمُتَّقِينَ قال: «المتقون: شيعتنا».

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 30.

2- تفسير القمي 1: 30.

3- تفسير العياشي 1: 25/ 1. [.....]

(1) اختلف العلماء في

الحروف المعجمة، المفتتحة بها السور، فذهب بعضهم إلى أنها من المتشابهات التي استأثر الله تعالى بعلمها، و لا يعلم تأويلها إلا هو، و هذا هو المروي عن أئمتنا (عليهم السلام).

و

روت العامة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «إن لكل كتاب صفوة، و صفوة هذا الكتاب حروف التهجي».

و عن الشعبي، قال: لله في كل كتاب سر، و سره في القرآن سائر حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور.

و فسرها آخرون على وجوه. أنظر تفسير مجمع البيان 1: 112.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 124

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ

قال: «و مما علمناهم ينبئون».

313/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المقطع في القرآن، الذي يؤلفه النبي (صلى الله عليه و آله) و الإمام، فإذا دعا به أجيب».

ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ قال: «بيان لشيعتنا». الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ قال: «مما علمناهم ينبئون، و ما علمناهم من القرآن يتلون».

314/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد من أصحابنا، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ. قال: «من آمن بقيام القائم (عليه السلام) أنه حق».

315/ [5]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد «1» الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فقال: «المتقون: شيعة علي (عليه السلام)، و الغيب فهو الحجة الغائب، و شاهد ذلك قوله تعالى: وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ

مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ». «2»

316/ [6]- و عنه: بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في حديث يذكر فيه الأئمة الاثني عشر و فيهم القائم (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم، أولئك من وصفهم الله في كتابه، فقال: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ و قال: أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ». «3»

317/ [7]- و عنه: قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن

__________________________________________________

3- معاني الأخبار: 23/ 2.

4- كمال الدّين و تمام النعمة: 17.

5- كمال الدّين و تمام النعمة: 17.

6- كفاية الأثر: 60.

7- معاني الأخبار: 23/ 3.

(1) في المصدر: موسى، و كلاهما من مشايخ الصدوق، و لا يبعد اتحادهما، أنظر معجم رجال الحديث 11: 254 و 255.

(2) يونس 10: 20.

(3) المجادلة 58: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 125

الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن قيس، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)، يحدث: «أن حييا «1» و أبا ياسر ابني أخطب، و نفرا من يهود أهل نجران، «2» أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا له: أليس فيما تذكر فيما أنزل عليك: الم؟ قال: بلى، قالوا: أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال: نعم، قالوا: لقد بعثت أنبياء قبلك، و ما نعلم نبيا منهم أخبر ما مدة ملكه، و ما أجل أمته غيرك! قال: فأقبل حيي بن أخطب على أصحابه، فقال: الألف واحد، و اللام ثلاثون، و

الميم أربعون، فهذه إحدى و سبعون سنة، فعجب ممن يدخل في دين مدة ملكه و أجل أمته إحدى و سبعون سنة! قال: ثم أقبل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، هل من هذا غيره؟ قال: نعم، قال: فهاته، قال:

المص «3»، قال: هذه أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، فهذه مائة و إحدى و ستون! ثم قال لرسول الله (صلى الله عليه و آله): فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: هاته، قال: الر «4»، قال: هذه أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الراء مائتان! ثم قال: هل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: هاته، قال: المر «5» قال: هذه أثقل و أطول، الألف و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الراء مائتان! ثم قال: هل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قالوا: قد التبس علينا أمرك، فما ندري ما أعطيت! ثم قاموا عنه.

ثم قال أبو ياسر لحيي أخيه، ما يدريك، لعل محمدا قد جمع له هذا كله، و أكثر منه».

قال: فذكر أبو جعفر (عليه السلام): «أن هذه الآيات أنزلت فيهم مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ «6»- قال-: و هي تجري في وجه آخر، على غير تأويل حيي و أبي ياسر و أصحابهما».

318/ [8]- و عنه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي

طالب (عليهم السلام): يا ابن رسول الله، ما معنى قول الله عز و جل: الم؟ قال (عليه السلام): «أما الم في أول البقرة، فمعناه أنا الله الملك».

__________________________________________________

8- معاني الأخبار: 22/ 1.

(1) في «س» و «ط»: حيّا، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع طبقات ابن سعد 2: 48، الكامل في التاريخ 2: 173.

(2) نجران: في عدّة مواضع، منها: نجران في مخاليف اليمن من ناحية مكّة. «معجم البلدان 5: 266».

(3) الأعراف 7: 1.

(4) يونس 10: 1. [.....]

(5) الرّعد 13: 1.

(6) آل عمران 3: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 126

319/ [9]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأسترابادي، المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، و أبو الحسن علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن ابن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، أنه قال: «كذبت قريش و اليهود بالقرآن، و قالوا هذا سحر مبين تقوله، فقال الله: الم ذلِكَ الْكِتابُ أي يا محمد، هذا الكتاب الذي أنزلته عليك، هو الحروف المقطعة، التي منها: ألف، لام، ميم، و هو بلغتكم و حروف هجائكم، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، و استعينوا على ذلك بسائر شهدائكم.

ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً. «1»

ثم قال تعالى: الم هو القرآن الذي افتتح ب الم هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى، فمن بعده من الأنبياء، و أخبروا بني إسرائيل: أني سأنزله

عليك- يا محمد- كتابا عربيا عزيزا لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ. «2»

لا رَيْبَ فِيهِ لا شك فيه، لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم: أن محمدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الباطل، يقرؤه هو و أمته على سائر أحوالهم. هُدىً بيان من الضلالة. لِلْمُتَّقِينَ الذين يتقون الموبقات، و يتقون تسليط السفه على أنفسهم، حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه، عملوا بما يجب لهم رضا ربهم».

ثم قال: «و قال الصادق (عليه السلام): الألف حرف من حروف [قول الله، دل بالألف على قولك: الله، و دل باللام على قولك: الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين، و دل بالميم على أنه المجيد المحمود في كل أفعاله، و جعل هذا القول حجة على اليهود، و ذلك أن الله لما بعث موسى بن عمران، ثم من بعده من الأنبياء إلى بني إسرائيل، لم يكن فيهم قوم إلا أخذوا عليهم العهود و المواثيق، ليؤمنن بمحمد العربي المبعوث بمكة، الذي يهاجر إلى المدينة، يأتي بكتاب، بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره، تحفظه أمته، فيقرءونه قياما و قعودا و مشاة، و على كل الأحوال، يسهل الله عز و جل حفظه عليهم.

و يقرنون بمحمد (صلى الله عليه و آله) أخاه و وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الآخذ عنه علومه التي علمها، و المتقلد منه الإمامة التي قلدها، و يذلل كل من عاند محمدا (صلى الله عليه و آله) بسيفه الباتر، و يفحم «3» كل من جادله و خاصمه بدليله القاهر، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب الله، حتى يقودهم إلى قبوله طائعين و كارهين، ثم إذا صار محمد (صلى الله عليه و آله) إلى رضوان

الله عز و جل و ارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الإيمان، و حرفوا تأويلاته، و غيروا معانيه، و وضعوها على خلاف وجوهها، قاتلهم بعده على تأويله، حتى يكون إبليس الغاوي لهم، هو الخاسر

__________________________________________________

9- معاني الأخبار: 24/ 4.

(1) الإسراء 17: 88.

(2) فصّلت 41: 42.

(3) يقال: كلّمته حتّى أفحمته، إذا أسكتّه في خصومة أو غيرها. «الصحاح- فحم- 5: 2000».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 127

الذليل المطرود المغلوب».

قال: «فلما بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله)، و أظهره بمكة، ثم سيره منها إلى المدينة، و أظهره بها، ثم أنزل عليه الكتاب، و جعل افتتاح سورته الكبرى ب الم- يعني الم ذلِكَ الْكِتابُ- الذي أخبرت أنبيائي السالفين أني سأنزله عليك- يا محمد- لا رَيْبَ فِيهِ فقد ظهر- كما أخبرهم به أنبياؤهم- أن محمدا (صلى الله عليه و آله) ينزل عليه كتاب مبارك، لا يمحوه الباطل، يقرؤه هو و أمته على سائر أحوالهم.

ثم اليهود يحرفونه، و يتأولونه على خلاف وجهه، و يتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم، من حال آجال هذه الأمة، و كم مدة ملكهم. فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) [منهم جماعة، فولى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) مخاطبتهم. فقال قائلهم: إن كان ما يقول محمد حقا فقد علمناكم قدر ملك أمته، هو إحدى و سبعون سنة، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون.

فقال علي (عليه السلام): فما تصنعون ب المص و قد أنزلت عليه؟! قالوا: هذه إحدى و ستون و مائة سنة.

قال: فما تصنعون ب الر و قد أنزلت عليه؟! فقالوا: هذه أكثر، هذه مائتان و إحدى و ثلاثون سنة.

فقال علي (عليه

السلام): فما تصنعون بمن أنزل عليه المر؟! قالوا: هذه مائتان و إحدى و سبعون سنة.

فقال علي (عليه السلام): فواحدة من هذه له، أو جميعها له؟ فاختلط كلامهم، فبعضهم قال: له واحدة منها، و بعضهم قال: بل تجمع له كلها، و ذلك سبعمائة و أربع [و ثلاثون سنة، ثم يرجع الملك إلينا، يعني إلى اليهود.

فقال علي (عليه السلام): أ كتاب من كتب الله نطق بهذا، أم آراؤكم دلتكم عليه؟ فقال بعضهم: كتاب الله نطق به، و قال آخرون منهم: بل آراؤنا دلت عليه.

فقال علي (عليه السلام): فأتوا بالكتاب من عند الله ينطق بما تقولون، فعجزوا عن إيراد ذلك، و قال للآخرين:

فدلونا على صواب هذا الرأي، فقالوا: صواب رأينا دليله على أن هذا حساب الجمل. «1»

فقال علي (عليه السلام): كيف دل على ما تقولون، و ليس في هذه الحروف ما اقترحتم به بلا بيان؟! أرأيتم إن قيل لكم: إن عدد ذلك، لكل واحد منا و منكم، بعدد هذا الحساب، دراهم أو دنانير، أو على أن لعلي على كل واحد منكم دينا، عدد ماله مثل عدد هذا الحساب، أو أن كل واحد منكم قد لعن بعدد هذا الحساب.

قالوا: يا أبا الحسن، ليس شي ء مما ذكرته منصوصا في الم و المص و الر و المر فإن بطل قولنا لما قلنا، بطل قولك لما قلت، فقال خطيبهم و منطيقهم «2»: لا تفرح- يا علي- بأن عجزنا عن إقامة حجة على دعوانا، فأي حجة في دعواك؟ إلا أن تجعل عجزنا حجتك، فإذن ما لنا حجة فيما نقول، و لا لكم حجة فيما تقولون. قال علي (عليه السلام): لا سواء، و إن لنا حجة هي المعجزة الباهرة.

__________________________________________________

(1) حساب الجمّل: ما قطع

على حروف: أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت، ثخذ، ضظغ. الألف واحد، و الباء اثنان، ثمّ كذلك إلى الياء، و هي عشرة، ثمّ الكاف عشرون، ثمّ كذلك إلى القاف و هي مائة، ثمّ الراء مائتان، ثمّ كذلك إلى الغين و هي ألف و هكذا. «مجمع البحرين- جمل- 5: 342».

(2) المنطيق: البليغ. «الصحاح- نطق- 4: 1559».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 128

ثم نادى جمال اليهود: يا أيتها الجمال، اشهدي لمحمد و لوصيه، فتبادرت الجمال: صدقت، صدقت- يا وصي محمد- و كذب هؤلاء اليهود.

فقال علي (عليه السلام): هؤلاء جنس من الشهود، يا ثياب اليهود التي عليهم، اشهدي لمحمد و لوصيه، فنطقت ثيابهم كلها: صدقت، صدقت- يا علي- نشهد أن محمدا رسول الله حقا، و أنك- يا علي- وصيه حقا، لم يثبت لمحمد قدم في مكرمة إلا وطئت على موضع قدمه بمثل مكرمته، فأنتما شقيقان من أشرف أنوار الله تعالى، تميزتما اثنين، و أنتما في الفضائل شريكان، إلا أنه لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله).

فعند ذلك خرست اليهود، و آمن بعض النظارة «1» منهم برسول الله (صلى الله عليه و آله) و غلب الشقاء على اليهود، و سائر النظارة الآخرين، فذلك ما قال الله تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ إنه كما قال محمد، و وصي محمد عن قول محمد (صلى الله عليه و آله)، عن قول رب العالمين.

ثم قال: هُدىً بيان و شفاء للمتقين من شيعة محمد و علي، إنهم اتقوا أنواع الكفر فتركوها، و اتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها، و اتقوا إظهار أسرار الله، و أسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمد (صلى الله عليه و آله) فكتموها، و اتقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقين لها، و

فيهم نشروها».

320/ [10]- العياشي: عن محمد بن قيس، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يحدث، قال: «إن حييا و أبا ياسر- ابني أخطب- و نفرا من اليهود- أهل خيبر- «2» أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا له: أليس فيما تذكر، فيما أنزل عليك: الم؟ قال: بلى.

قالوا: أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال: نعم.

قالوا: لقد بعثت أنبياء قبلك، و ما نعلم نبيا منهم أخبر ما مدة ملكه، و ما أجل أمته غيرك! فأقبل حيي على أصحابه، فقال لهم: الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، فهي إحدى و سبعون سنة، فعجب ممن يدخل في دين مدة ملكه و أجل أمته إحدى و سبعون سنة.

ثم أقبل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، هل مع هذا غيره؟ فقال: نعم. قال: فهاته. قال:

المص. قال: هذه أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون».

قلت: تمام هذا الحديث ساقط، و بعده حديث لا يناسبه في نسختين من العياشي. «3»

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 26/ 2.

(1) النظّارة: القوم ينظرون إلى الشّي ء. «المعجم الوسيط- نظر- 2: 932».

(2) و هو الموضع المشهور، الذي غزاه النبيّ (صلى اللّه عليه و آله)، على ثمانية برد من المدينة من جهة الشّام، و يطلق على الولاية، و كان بها سبعة حصون لليهود. «مراصد الاطلاع 1: 494».

(3) اعلم أنّ تمام الحديث في العيّاشي: «الألف واحد و اللّام ثلاثون من الماء المالح الأجاج فصلصلها في كفّه فجمدت ... إلى آخره» و هذا لا يناسب الحديث.

و في معاني الأخبار: 23/ 3! «الألف واحد و اللّام ثلاثون و الميم أربعون و الصّاد تسعون فهذه مائة و إحدى و ستّون سنة ... إلى آخره».

البرهان

في تفسير القرآن، ج 1، ص: 129

321/ [11]- قال علي بن إبراهيم: و الهداية في كتاب الله على وجوه، ف هُدىً هو البيان الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ قال: يصدقون بالبعث و النشور، و الوعد و الوعيد.

322/ [12]- و قال علي بن إبراهيم: و الإيمان في كتاب الله على أربعة وجوه: فمنه إقرار باللسان، و قد سماه الله تبارك و تعالى إيمانا، و منه تصديق بالقلب، و منه الأداء، و منه التأييد.

فأما الإيمان الذي هو إقرار باللسان، و قد سماه الله تبارك و تعالى إيمانا، و نادى أهله به بقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً. «1»

فقال الصادق (عليه السلام): «لو أن هذه الكلمة قالها أهل المشرق و أهل المغرب، لكانوا بها خارجين من الإيمان، و لكن قد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم».

و في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ «2» فقد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم، ثم قال لهم: صدقوا.

و أما الإيمان الذي هو التصديق فقوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ «3» يعني صدقوا، و قوله: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى «4» أي لا نصدقك، و قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أي يا أيها الذين أقروا و صدقوا، فالإيمان الخفي «5» هو التصديق.

و للتصديق شروط، لا يتم التصديق إلا بها و قوله: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ

آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ وَ النَّبِيِّينَ وَ آتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ السَّائِلِينَ وَ فِي الرِّقابِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «6» فمن أقام بهذه الشروط، فهو مؤمن مصدق.

و أما الإيمان الذي هو الأداء، فهو قوله لما حول الله قبلة رسوله إلى الكعبة، قال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله، فصلواتنا إلى بيت المقدس بطلت؟ فأنزل الله تبارك و تعالى:

__________________________________________________

11- تفسير القمي 1: 30.

12- تفسير القمي 4 1: 30. [.....]

(1) النساء 4: 71- 73.

(2) النساء 4: 136.

(3) يونس 10: 63 و 64.

(4) البقرة 2: 55.

(5) في «ط» نسخة بدل: الحق.

(6) البقرة 2: 177.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 130

وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ «1» فسمى الصلاة إيمانا.

و الوجه الرابع من الإيمان هو التأييد، الذي جعله الله في قلوب المؤمنين، من روح الإيمان، فقال: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «2». و الدليل على ذلك،

قوله (عليه الصلاة و السلام): «لا يزني الزاني و هو مؤمن، و لا يسرق السارق و هو مؤمن، يفارقه روح الإيمان ما دام على بطنها، فإذا قام عاد إليه».

قيل: و ما الذي يفارقه؟ قال: «الذي يدعه في قلبه». «3»

ثم

قال (عليه السلام): «ما من قلب إلا و له أذنان، على إحداهما ملك مرشد، و

على الأخرى شيطان مفتن، هذا يأمره و هذا يزجره». «4»

و من الإيمان ما قد ذكره الله في القرآن: خبيث، و طيب، فقال: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ «5». فمنهم من يكون مؤمنا مصدقا، و لكنه يلبس إيمانه بظلم̠و هو قوله:

الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ. «6»

فمن كان مؤمنا، ثم دخل في المعاصي التي نهى الله عنها، فقد لبس إيمانه بظلم، فلا ينفعه الإيمان، حتى يتوب إلى الله من الظلم الذي لبس إيمانه، حتى يخلص لله إيمانه، فهذه وجوه الإيمان في كتاب الله.

323/ [13]- تفسير الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام) في قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ.

قال الإمام (عليه السلام): «وصف هؤلاء المؤمنين، الذين هذا الكتاب هدى لهم، فقال: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ يعني ما غاب عن حواسهم، من الأمور التي يلزمهم الإيمان بها كالبعث، و الحساب، و الجنة، و النار، و توحيد الله، و سائر ما لا يعرف بالمشاهدة، و إنما يعرف بدلائل قد نصبها الله تعالى عليها كآدم، و حواء، و إدريس، و نوح، و إبراهيم، و الأنبياء الذين يلزمهم الإيمان بهم، بحجج الله تعالى، و إن لم يشاهدوهم، و يؤمنون بالغيب: وَ هُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ». «7»

__________________________________________________

13- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 67/ 34.

(1) البقرة 2: 143.

(2) المجادلة 58: 22.

(3) ورد نحوه في قرب الاسناد: 17، الكافي 2: 214/ 13، ثواب الأعمال: 262.

(4) الكافي 2: 205/ 1.

(5) آل عمران 3: 179.

(6) الأنعام 6: 82.

(7) الأنبياء 21: 49. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 131

سورة البقرة(2): آية 4 ..... ص : 131

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ

وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [4] 324/ [1]- قال علي بن إبراهيم: و قوله: وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ قال: بما أنزل من القرآن إليك، و بما أنزل على الأنبياء من قبلك من الكتب.

سورة البقرة(2): آية 6 ..... ص : 131

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [6]

325/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز و جل؟ قال:

«الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه: فمنها كفر الجحود، و الجحود على وجهين، و الكفر بترك ما أمر الله، و كفر البراءة، و كفر النعم.

فأما كفر الجحود، فهو الجحود بالربوبية، و هو قول من يقول: لا رب و لا جنة و لا نار، و هو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم: الدهرية، و هم الذين يقولون: وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ «1» و هو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان على غير تثبت منهم، و لا تحقيق لشي ء مما يقولون، قال الله عز و جل: إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ «2» إن ذلك كما يقولون، و قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ يعني بتوحيد الله تعالى، فهذا أحد وجوه الكفر.

و أما الوجه الآخر من الجحود على معرفة «3»، و هو أن يجحد الجاحد و هو يعلم أنه حق، قد استقر عنده،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 32.

2- الكافي 2: 287/ 1.

(1) الجاثية 45: 24.

(2) الجاثية 45: 24.

(3) كذا، و لعلّ الصواب: و أمّا الوجه

الآخر من الجحود فهو الجحود على معرفة. أنظر مرآة العقول 11: 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 132

و قد قال الله عز و جل: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا «1» و قال الله عز و جل: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ «2» فهذا تفسير وجهي الجحود.

و الوجه الثالث من الكفر كفر النعم، و ذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السلام): هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ «3»، و قال عز و جل: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ «4» و قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ. «5»

و الوجه الرابع من الكفر ترك ما أمر الله عز و جل به، و هو قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ «6» فكفرهم بترك ما أمر الله عز و جل به، و نسبهم إلى الإيمان و لم يقبله منهم، و لم ينفعهم عنده، فقال: فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. «7»

و الوجه الخامس من الكفر كفر البراءة، و ذلك قول الله

عز و جل يحكي قول إبراهيم (عليه السلام): كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ «8» يعني تبرأنا منكم، و قال يذكر إبليس و تبرءه من أوليائه من الإنس يوم القيامة: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ «9» و قال: إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «10» يعني يتبرأ بعضكم من بعض».

__________________________________________________

(1) النّمل 27: 14.

(2) البقرة 2: 89.

(3) النّمل 27: 40.

(4) إبراهيم 14: 7.

(5) البقرة 2: 152.

(6) البقرة 2: 84 و 85.

(7) البقرة 2: 85.

(8) الممتحنة 60: 4.

(9) إبراهيم 14: 22. [.....]

(10) العنكبوت 29: 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 133

سورة البقرة(2): آية 7 ..... ص : 133

قوله تعالى:

خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ [7]

326/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه)، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ.

قال: «الختم: هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم، كما قال الله عز و جل: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا». «1»

327/ [2]- تفسير العسكري (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أيكم وقى بنفسه نفس رجل مؤمن البارحة؟

فقال علي (عليه السلام): أنا هو- يا رسول الله- وقيت بنفسي نفس ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري.

«2»

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): حدث بالقصة إخوانك المؤمنين، و لا تكشف عن اسم المنافقين الكائدين لنا، فقد كفاكم الله شرهم، و أخرهم للتوبة، لعلهم يتذكرون أو يخشون.

فقال علي (عليه السلام): بينا أنا أسير في بني فلان بظاهر المدينة، و بين يدي- بعيدا مني- ثابت بن قيس، إذ بلغ بئرا عادية عميقة بعيدة القعر، و هناك رجل «3» من المنافقين فدفعه ليرميه «4» في البئر، فتماسك ثابت، ثم عاد فدفعه، و الرجل لا يشعر بي حتى وصلت إليه، و قد اندفع ثابت في البئر، فكرهت أن اشتغل بطلب المنافق خوفا على ثابت، فوقعت في البئر لعلي آخذه، فنظرت فإذا أنا قد سبقته إلى قرار البئر.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و كيف لا تسبقه و أنت أرزن «5» منه؟! و لو لم يكن من رزانتك إلا ما في جوفك من علم الأولين و الآخرين، أودعه الله رسوله [و أودعك ، لكان من حقك أن تكون أرزن من كل شي ء، فكيف كان

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 123/ 16.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 108/ 57.

(1) النّساء 4: 155.

(2) و هو خطيب الأنصار، و كان من نجباء الصحابة، سكن المدينة، و استشهد يوم اليمانة. أنظر سير أعلام النبلاء 1: 308، معجم رجال الحديث 3: 397.

(3) في «ط» نسخة بدل: رجال.

(4) في «ط» نسخة بدل: فدفعوه ليرموه.

(5) شي ء رزين: أي ثقيل. «مجمع البحرين- رزن- 6: 255».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 134

حالك و حال ثابت؟

قال: يا رسول الله، صرت إلى البئر، و استقررت قائما، و كان ذلك أسهل علي و أخف على رجلي من خطاي التي كنت أخطوها رويدا

رويدا، ثم جاء ثابت، فانحدر فوقع على يدي، و قد بسطتهما إليه، و خشيت أن يضرني سقوطه علي أو يضره، فما كان إلا كطاقة «1» ريحان تناولتها بيدي.

ثم نظرت، فإذا ذلك المنافق و معه آخران على شفير «2» البئر، و هو يقول لهما: أردنا واحدا فصار اثنين! فجاءوا بصخرة فيها مائة «3» من «4» فأرسلوها [علينا]، فخشيت أن تصيب ثابتا، فاحتضنته و جعلت رأسه إلى صدري، و انحنيت عليه، فوقعت الصخرة على مؤخر رأسي، فما كانت إلا كترويحة بمروحة «5»، تروحت بها في حمارة القيظ، «6» ثم جاءوا بصخرة أخرى، فيها قدر ثلاثمائة من، فأرسلوها علينا، و انحنيت على ثابت، فأصابت مؤخرا رأسي، فكانت كماء صب على رأسي و بدني في يوم شديد الحر، ثم جاءوا بصخرة ثالثة، فيها قدر خمسمائة من، يديرونها على الأرض، لا يمكنهم أن يقلوها، فأرسلوها علينا، فانحنيت على ثابت، فأصابت مؤخر رأسي و ظهري، فكانت كثوب ناعم صببته «7» على بدني و لبسته. فتنعمت به.

فسمعتهم يقولون: لو أن لابن أبي طالب و ابن قيس مائة ألف روح، ما نجت منها واحدة من بلاء هذه الصخور ثم انصرفوا، فدفع الله عنا شرهم، فأذن الله عز و جل لشفير البئر فانحط، و لقرار البئر فارتفع، فاستوى القرار و الشفير بعد بالأرض، فخطونا و خرجنا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) يا أبا الحسن، إن الله عز و جل أوجب لك من الفضائل و الثواب ما لا يعرفه غيره، ينادي مناد يوم القيامة: أين محبو علي بن أبي طالب؟ فيقوم قوم من الصالحين، فيقال لهم: خذوا بأيدي من شئتم من عرصات القيامة، فأدخلوهم الجنة، و أقل رجل منهم ينجو بشفاعته من أهل

تلك العرصات ألف ألف رجل.

ثم ينادي مناد، أين البقية من محبي علي بن أبي طالب؟ فيقوم قوم مقتصدون، «8» فيقال لهم: تمنوا على الله تعالى ما شئتم، فيتمنون، فيفعل لكل واحد منهم ما تمناه، ثم يضعف له مائة ألف ضعف.

__________________________________________________

(1) الطاقة: الحزمة. «المعجم الوسيط- طوق- 2: 571».

(2) شفير كلّ شي ء: حرفه، و شفير الوادي: ناحيته من أعلاه. «لسان العرب- شفر- 4: 419».

(3) في المصدر: مائتي.

(4) المنّ: و هو رطلان و الجمع أمنان. «الصحاح- منن- 6: 2207».

(5) روّح عليه بالمروحة: حرّكها ليجلب إليه نسيم الهواء، و المروحة: أداة يجلب بها نسيم الهواء في الحرّ. «المعجم الوسيط- روح- 1: 380 و 381».

(6) حمارّة القيظ: شدّة حرّه. «مجمع البحرين- حمر- 3: 276». [.....]

(7) صبّ عليه درعه: إذا لبسها. «أساس البلاغة- صبب-: 247».

(8) المقتصد: العادل. و

روي عن الإمام محمّد بن عليّ الباقر (عليه السّلام) في تفسير الآية (32) من سورة فاطر: «أمّا المقتصد فصائم بالنّهار و قائم باللّيل».

(سعد السعود: 107».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 135

ثم ينادي مناد: أين البقية من محبي علي بن أبي طالب؟ فيقوم قوم ظالمون لأنفسهم، معتدون عليها، و يقال: أين المبغضون لعلي بن أبي طالب؟ فيؤتى بهم جم غفير «1»، و عدد كثير، فيقال: ألا نجعل كل ألف من هؤلاء فداء لواحد من محبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) ليدخلوا الجنة؟ فينجي الله عز و جل محبيك، و يجعل أعداءهم فداءهم.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هذا الفضل الأكرم، محبه محب الله و محب رسوله، و مبغضه مبغض الله و مبغض رسوله، هم خيار خلق الله من أمة محمد.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام):

انظر فنظر إلى عبد الله بن أبي «2» و إلى سبعة من اليهود، فقال: قد شاهدت، ختم الله على قلوبهم و أسماعهم و أبصارهم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنت- يا علي- أفضل شهداء الله في الأرض بعد محمد رسول الله.

قال: فذلك قوله: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ تبصرها الملائكة فيعرفونهم بها، و يبصرها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يبصرها خير خلق الله بعده علي بن أبي طالب (عليه السلام).

ثم قال: وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ في الآخرة بما كان من كفرهم بالله، و كفرهم بمحمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

سورة البقرة(2): آية 8 ..... ص : 135

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [8]

328/ [1]- قال الإمام: «قال العالم موسى بن جعفر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أوقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في يوم الغدير موقفه المشهور المعروف، ثم قال: يا عباد الله، انسبوني، فقالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.

ثم قال: أيها الناس، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ فأنا مولاكم، أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، فنظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى السماء، فقال: اللهم اشهد، يقول هو ذلك (صلى الله عليه و آله)، و هم يقولون ذلك،

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 111/ 58.

(1) الجمّ: الكثير، و المعنى: جاءوا بجماعتهم و لم يتخلّف منهم أحد و كانت فيهم كثرة. «مجمع البحرين- جمم- 6 لا 30،- غفر- 3: 427».

(2) عبد اللّه بن أبي

بن مالك بن الحارث بن عبيد الخزرجي، أبو حباب، المشهور بابن سلول، و هي جدّته، رأس المنافقين و كبيرهم، أظهر الإسلام كرها، و كان سيّد الخزرج في آخر جاهليتهم، أنظر طبقات ابن سعد 3: 540، أعلام الزركلي 4: 188.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 136

ثلاثا. «1»

ثم قال: ألا فمن كنت مولاه و أولى به، فهذا مولاه و أولى به، اللهم، وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله.

ثم قال: قم- يا أبا بكر- فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام ففعل ذلك. ثم قال: قم- يا عمر- فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام فبايع. ثم قال بعد ذلك لتمام التسعة، ثم لرؤساء المهاجرين و الأنصار، فبايعوا كلهم.

فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب، فقال: بخ، بخ «2»- يا ابن أبي طالب- أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، ثم تفرقوا عن ذلك و قد «3» وكدت عليهم العهود و المواثيق.

ثم إن قوما من متمردي جبابرتهم «4» تواطؤوا «5» بينهم، إن كانت لمحمد (صلى الله عليه و آله) كائنة «6»، ليدفعه هذا الأمر عن علي (عليه السلام) و لا يتركونه له، فعرف الله تعالى ذلك من قلوبهم «7»، و كانوا يأتون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يقولون له: لقد أقمت عليا، أحب خلق الله إلى الله و إليك و إلينا، كفيتنا به مؤنة الظلمة و الجائرين في سياستنا و علم الله في قلوبهم خلاف ذلك، [و من مواطأة بعضهم لبعض، أنهم على العداوة مقيمون، و لدفع الأمر عن مستحقه مؤثرون.

فأخبر الله عز و جل محمدا (صلى الله عليه و آله) عنهم، فقال: يا محمد، وَ مِنَ النَّاسِ

مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ الذي أمرك بنصب علي (عليه السلام) إماما، و سائسا «8» لأمتك، و مدبرا وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ بذلك، و لكنهم يتواطؤون على إهلاكك و إهلاكه، يوطنون «9» أنفسهم على التمرد على علي (عليه السلام) إن كانت بك كائنة».

329/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قوم منافقين أظهروا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) الإسلام، فكانوا إذا رأوا الكفار، قالوا: إنا معكم، و إذا لقوا المؤمنين قالوا: نحن مؤمنون، و كانوا يقولون للكفار: إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ «10» فرد الله عليهم: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ. «11»

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 34.

(1) في «س»: اللّهمّ إنّي أشهدك بقول هؤلاء و يقولون ذلك ثلاثا.

(2) بخ: كلمة تقال عند المدح و الرّضا بالشّي ء، و تكرّر للمبالغة، و إن وصلت خفضت و نوّنت فقلت: بخ، بخ، و ربّما شدّدت كالاسم.

«الصحاح- بخخ- 1: 418».

(3) في «س»، «ط»: و قال.

(4) الكافي متمرّديهم.

(5) تواطؤوا: أي توافقوا. «الصحاح- وطأ- 1: 82».

(6) الكائنة: الحادثة، و كوّنه: أحدثه. «القاموس المحيط- كون- 4: 266».

(7) في المصدر: قبلهم.

(8) سست الرعية سياسة، وسوّس الرجل أمور النّاس، إذا ملّك أمرهم. «الصحاح- سوس- 3: 938». [.....]

(9) في «س»: يواطؤون، و توطين النفس، كالتمهيد لها. «مجمع البحرين- وطن- 6: 327».

(10) البقرة 2: 14.

(11) البقرة 2: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 137

330/ [3]- محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد، عن الحسين «1» بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن معلي بن عثمان «2»، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله: وَ مِنَ

النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ فليشرق الحكم و ليغرب، أما و الله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل».

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، بباقي السند و المتن. «3»

سورة البقرة(2): آية 9 ..... ص : 137

قوله تعالى:

يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ [9]

331/ [1]- قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): «فاتصل ذلك من مواطأتهم و قيلهم «4» في علي (عليه السلام)، و سوء تدبيريهم عليه برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدعاهم و عاتبهم، فاجتهدوا في الأيمان.

و قال أولهم: يا رسول الله، و الله ما اعتددت بشي ء كاعتدادي بهذه البيعة، و لقد رجوت أن يفسح «5» الله بها لي في قصور الجنان، و يجعلني فيها من أفضل النزال و السكان.

و قال ثانيهم: بأبي أنت و أمي- يا رسول الله- ما وثقت بدخول الجنة، و النجاة من النار إلا بهذه البيعة، و الله ما يسرني- إن نقضتها، أو نكثت بها- ما أعطيت من نفسي ما أعطيت، و إن كان «6» لي طلاع ما بين الثرى إلى العرش لآلئ رطبة و جواهر فاخرة.

و قال ثالثهم: و الله- يا رسول الله- لقد صرت من الفرح بهذه البيعة- من السرور و الفسح من الآمال في رضوان الله- ما أيقنت أنه لو كان على ذنوب أهل الأرض كلها، لمحصت عني بهذه البيعة و حلف على ما قال من ذلك،

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 29/ 2.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 113/ 59.

(1) في المصدر: الحسن. حكى النجاشي في رجاله: 58

عن السورائي أنّه قال: الحسن شريك أخيه الحسين في جميع رجاله ...

(2) في المصدر: معلّى بن أبي عثمان، و لعلّ الصواب ما في المتن. راجع مجمع الرجال 6: 112، جامع الرواة 2: 251.

(3) الكافي 1: 329/ 4.

(4) القيل و القول بمعنى واحد. «مجمع البحرين- قول- 5: 457».

(5) في «س»: يفتح.

(6) (كان) ليس في «ط، س».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 138

و لعن من بلغ عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خلاف ما حلف عليه، ثم تتابع بمثل هذا الاعتذار بعدهم من الجبابرة المتمردين.

فقال الله عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله): يُخادِعُونَ اللَّهَ يعني يخادعون رسول الله بأيمانهم بخلاف ما في جوانحهم وَ الَّذِينَ آمَنُوا كذلك أيضا الذين سيدهم و فاضلهم علي بن أبي طالب (عليه السلام).

ثم قال: وَ ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ما يضرون بتلك الخديعة إلا أنفسهم، فإن الله غني عنهم و عن نصرتهم، و لو لا إمهاله لهم لما قدروا على شي ء من فجورهم و طغيانهم وَ ما يَشْعُرُونَ أن الأمر كذلك، و أن الله يطلع نبيه على نفاقهم، و كفرهم و كذبهم، و يأمره بلعنهم في لعنة الظالمين الناكثين، و ذلك اللعن لا يفارقهم، في الدنيا يلعنهم خيار عباد الله، و في الآخرة يبتلون بشدائد عقاب الله».

332/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد «1»، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام) [قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله)] سئل: فيم النجاة غدا؟ فقال: إنما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع

الله يخدعه، و يخلع الله منه الإيمان، و نفسه يخدع لو يشعر.

فقيل له: كيف يخادع الله؟ فقال: يعمل بما أمر الله عز و جل به، ثم يريد به غيره، فاتقوا الرياء فإنه شرك بالله عز و جل، إن المرائي يدعي يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر حبط عملك، و بطل أجرك، و لا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له».

سورة البقرة(2): آية 10 ..... ص : 138

قوله تعالى:

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ [10]

333/ [1]- قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما اعتذر إليه هؤلاء بما اعتذروا به، تكرم عليهم بأن قبل ظواهرهم و وكل بواطنهم إلى ربهم، لكن جبرئيل أتاه، فقال: يا محمد، إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، و يقول لك: أخرج هؤلاء المردة الذين اتصل بك عنهم في علي و نكثهم لبيعته، و توطينهم

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 340/ 1.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 114/ 60.

(1) في «س»: مسعدة بن صدقة بن زياد، و كأن أحدهما نسخة بدل، إذ روى هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة و مسعدة بن زياد، و رويا عن أبي أبي عبد اللّه (عليه السّلام). أنظر رجال النجاشي: 415، و معجم رجال الحديث 18: 134. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 139

نفوسهم على مخالفتهم عليا، ليظهر «1» من العجائب ما أكرمه الله به، من طاعة الأرض و الجبال و السماء له و سائر ما خلق الله- بما أوقفه موقفك، و أقامه مقامك- ليعلموا أن ولي الله عليا غني عنهم، و أنه لا يكف عنهم انتقامه إلا بأمر الله،

الذي له فيه و فيهم التدبير الذي هو بالغه، و الحكمة التي هو عامل بها، و ممض لما يوجبها.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) الجماعة- من الذين اتصل به عنهم «2» ما اتصل في أمر علي (عليه السلام) و المواطأة على مخالفته- بالخروج، فقال لعلي (عليه السلام)- لما استقر عند سفح بعض جبال المدينة-: يا علي، إن الله تعالى أمر هؤلاء بنصرتك و مساعدتك، و المواظبة على خدمتك، و الجد في طاعتك، فإن أطاعوك فهو خير لهم، يصيرون في جنان الله ملوكا خالدين ناعمين، و إن خالفوك فهو شر لهم، يصيرون في جهنم خالدين معذبين.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لتلك الجماعة: اعلموا أنكم إن أطعتم عليا سعدتم، و إن خالفتموه شقيتم، و أغناه الله عنكم بما سيريكموه، و بما سيريكموه.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، سل ربك- بجاه محمد و آله الطيبين، الذين أنت بعد محمد سيدهم- أن يقلب لك هذه الجبال ما شئت، فسأل ربه تعالى ذلك، فانقلبت فضة.

ثم نادته الجبال: يا علي، يا وصي رسول رب العالمين، إن الله قد أعدنا لك إن أردت إنفاقنا في أمرك، فمتى دعوتنا أجبناك، لتمضي فينا حكمك، و تنفذ فينا قضاءك.

ثم انقلبت ذهبا كلها، و قالت مقالة الفضة ثم انقلبت مسكا و عنبرا و عبيرا «3» و جواهر و يواقيت، و كل شي ء منها ينقلب إليه يناديه: يا أبا الحسن، يا أخا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، نحن مسخرات لك، ادعنا متى شئت. «4»

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، سل الله- بمحمد و آله الطيبين، الذين أنت سيدهم بعد محمد

رسول الله- أن يقلب لك أشجارها رجالا شاكي السلاح «5»، و صخورها أسودا و نمورا و أفاعي.

فدعا الله علي بذلك، فامتلأت تلك الجبال و الهضبات و قرار الأرض «6» من الرجال الشاكي السلاح الذين لا يفي بواحد «7» منهم عشرة آلاف من الناس المعهودين، و من الأسود، و النمور، و الأفاعي، حتى طبقت «8» تلك الجبال و الأرضون و الهضاب بذلك، كل ينادي: يا علي، يا وصي رسول الله، ها نحن قد سخرنا الله لك، و أمرنا

__________________________________________________

(1) في «س، ط»: أن يظهر.

(2) في «ط»: التي اتصل منهم.

(3) العبير: الزّعفران أو أخلاط من الطّيب. «القاموس المحيط- عبر- 2: 86».

(4) في المصدر زيادة: لتنفقنا فيما شئت نجبك، و نتحوّل لك إلى ما شئت، ثم

قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): أرأيتم قد أغنى اللّه عزّ و جلّ عليّا- بما ترون- عن أموالكم؟

(5) رجل شاك في السلاح: و هو اللّابس السلاح التامّ فيه. «مجمع البحرين- شوك- 5: 278».

(6) قرار الأرض: ما قرّ فيه، و المطمئن من الأرض. «القاموس المحيط- قرر- 2: 120».

(7) هذا الشّي ء لا يفي بذلك: أي يقصر عنه و لا يوازيه. «المعجم الوسيط- و فى- 2: 1047».

(8) طبّق الشّي ء: عمى، و طبّق السحاب الجوّ: غشّاه، و طبّق الماء وجه الأرض: غطّاه. «القاموس المحيط- طبق- 3: 264».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 140

بإجابتك- كلما دعوتنا- إلى اصطلام «1» كل من سلطنا عليه، فمتى شئت فادعنا نجبك، و بما شئت فمرنا به نطعك.

يا علي، يا وصي رسول الله، إن لك عند الله من الشأن العظيم ما لو سألت الله أن يصير لك أطراف الأرض و جوانبها هيئة واحدة كصرة كيس لفعل، أو يحط لك السماء إلى الأرض

لفعل، أو يرفع لك الأرض إلى السماء لفعل، أو يقلب لك ماء بحارها الأجاج ماء عذبا أو زئبقا أو بانا «2»، أو ما شئت من أنواع الأشربة و الأدهان لفعل، و لو شئت أن يجمد البحار، أو يجعل سائر الأرض مثل البحار لفعل، فلا يحزنك تمرد هؤلاء المتمردين، و خلاف هؤلاء المخالفين، فكأنهم بالدنيا قد انقضت بهم كأن لم يكونوا فيها، و كأنهم بالآخرة إذا وردت عليهم كأن لم يزالوا فيها.

يا علي، إن الذي أمهلهم- مع كفرهم و فسوقهم و تمردهم- عن طاعتك، هو الذي أمهل فرعون ذا الأوتاد و نمرود بن كنعان، و من ادعى الألوهية من ذوي الطغيان، و أطغى الطغاة إبليس رأس الضلالات.

ما خلقت أنت و هم لدار الفناء، بل خلقتم لدار البقاء، و لكنكم تنقلون من دار إلى دار، و لا حاجة لربك إلى من يسومهم و يرعاهم، لكنه أراد تشريفك عليهم، و إبانتك بالفضل فيهم، و لو شاء لهداهم.

قال: فمرضت قلوب القوم لما شاهدوا من ذلك، مضافا إلى ما كان من مرض حسدهم «3» له و لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال الله تعالى عند ذلك: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي في قلوب هؤلاء المتمردين الشاكين الناكثين، لما أخذت عليهم من بيعة علي (عليه السلام) فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً بحيث تاهت له قلوبهم، جزاء بما أريتهم من هذه الآيات و المعجزات وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ في قولهم: إنا على البيعة و العهد مقيمون».

سورة البقرة(2): الآيات 11 الي 12 ..... ص : 140

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ [11] أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ [12]

334/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال العالم موسى بن جعفر (عليه

السلام): إذا قيل لهؤلاء الناكثين للبيعة

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 118/ 61.

(1) الاصطلاح: الاستئصال. «الصحاح- صلم- 5: 1967».

(2) البان: ضرب من الشجر طيّب الزهر، و منه دهن البان. «الصحاح- بون- 5: 2081».

(3) في «س»: أجسادهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 141

في يوم الغدير لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بإظهار نكث البيعة لعباد الله المستضعفين فتشوشون عليهم دينهم، و تحيرونهم في دينهم و مذاهبهم قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ لأنا لا نعتقد دين محمد، و لا غير دين محمد، و نحن في الدين متحيرون، فنحن نرضى في الظاهر محمدا بإظهار قبول دينه و شريعته، و نقضي في الباطن إلى شهواتنا، فنتمتع و نترفه و نعتق أنفسنا من دين «1» محمد، و نكفها من طاعة ابن عمه علي، لكي إن أديل «2» في الدنيا كنا قد توجهنا عنده، و إن اضمحل أمره كنا قد سلمنا من سبي أعدائه.

قال الله عز و جل: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ بما يفعلون من أمور أنفسهم، لأن الله تعالى يعرف نبيه (صلى الله عليه و آله) نفاقهم، فهو يلعنهم و يأمر المسلمين بلعنهم، و لا يثق بهم أيضا أعداء المؤمنين، لأنهم يظنون أنهم ينافقونهم أيضا كما ينافقون أصحاب محمد، فلا يرفع لهم عندهم منزلة، و لا يحلون عندهم بمحل أهل الثقة».

سورة البقرة(2): آية 13 ..... ص : 141

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا يَعْلَمُونَ [13]

335/ [1]- قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): «إذا قيل لهؤلاء الناكثين للبيعة- قال لهم خيار المؤمنين كسلمان، و المقداد، و أبي ذر، و عمار-: آمنوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) و بعلي (عليه

السلام) الذي أوقفه موقفه، و أقامه مقامه، و أناط «3» مصالح الدين و الدنيا كلها به، آمنوا بهذا النبي، و سلموا لهذا الإمام في ظاهر الأمر و باطنه «4»، كما آمن الناس المؤمنون كسلمان، و المقداد، و أبي ذر، و عمار.

قالوا في الجواب لمن يفضون «5» إليه، لا هؤلاء المؤمنين، لأنهم لا يجسرون «6» على مكاشفتهم بهذا الحديث، و لكنهم يذكرون لمن يفضون إليه من أهليهم الذين يثقون بهم من المنافقين، و من المستضعفين، و من المؤمنين الذين هم بالستر عليهم واثقون يقولون لهم: أَ نُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ يعنون سلمان و أصحابه، لما

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 119/ 62.

(1) في المصدر: رقّ. [.....]

(2) الإدالة: الغلبة، يقال: اللّهمّ أدلني على فلان و انصرني عليه. «الصحاح- دول- 4: 1700»، و في المصدر: لكيلا نزل.

(3) ناط الشّي ء ينوطه نوطا، أي علّقه. «الصحاح- نوط- 3: 1165».

(4) في «س»: و سلموا لظاهره و باطنه.

(5) أفضى إلى فلان بالسّرّ: أعلمه به. «المعجم الوسيط- فضا- 2: 693».

(6) جسر على كذا يجسر جسارة، أي أقدم. «الصحاح- جسر- 2: 614».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 142

أعطوا عليا (عليه السلام) خالص ودهم، و محض طاعتهم، و كشفوا رؤوسهم لموالاة أوليائه، و معاداة أعدائه، حتى إذا اضمحل أمر محمد (صلى الله عليه و آله) طحطحهم «1» أعداؤه، و أهلكهم سائر الملوك و المخالفون لمحمد (صلى الله عليه و آله).

أي فهم بهذا التعرض لأعداء محمد (صلى الله عليه و آله) جاهلون سفهاء. قال الله عز و جل: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا يَعْلَمُونَ الأخفاء العقول و الآراء، الذين لم ينظروا في أمر محمد (صلى الله عليه و آله) حق النظر فيعرفوا

نبوته، و يعرفوا به صحة ما أناط بعلي (عليه السلام) من أمر الدين و الدنيا، حتى بقوا لتركهم تأمل حجج الله جاهلين، و صاروا خائفين وجلين من محمد (صلى الله عليه و آله) و ذويه «2» و من مخالفيهم، لا يأمنون «3» أنه يغلب فيهلكون معه، فهم السفهاء حيث لم يسلم لهم بنفاقهم هذا لا محبة [محمد و] المؤمنين، و لا محبة اليهود و سائر الكافرين، و هم يظهرون لمحمد (صلى الله عليه و آله) موالاته و موالاة أخيه على و معاداة أعدائهم اليهود و النواصب، كما يظهرون لهم من معاداة محمد و علي صلوات الله عليهما».

سورة البقرة(2): الآيات 14 الي 15 ..... ص : 142

قوله تعالى:

وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ [14] اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [15]

336/ [1]- قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): «و إذا لقى هؤلاء الناكثون البيعة، المواطئون على مخالفة علي (عليه السلام) و دفع الأمر عنه الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا كإيمانكم، إذا لقوا سلمان و المقداد و أبا ذر و عمار قالوا لهم: آمنا بمحمد و سلمنا له بيعة علي (عليه السلام) و فضله، و انقدنا لأمره كما آمنتم.

إن أولهم، و ثانيهم، و ثالثهم، إلى تاسعهم ربما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان و أصحابه، فإذا لقوهم اشمأزوا منهم، و قالوا: هؤلاء أصحاب الساحر و الأهوج- يعنون محمدا و عليا (عليهما السلام)- ثم يقول بعضهم لبعض: احترزوا منهم لا يقفون من فلتات كلامكم على كفر محمد فيما قاله في علي فينموا «4» عليكم فيكون فيه هلاككم.

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 120/ 63.

(1) طحطح بهم: إذا بدّدهم، و

طحطحت الشّي ء: كسّرته و فرّقته. «الصحاح- طحح- 1: 386».

(2) في «ط»: و ذرّيته.

(3) في «س» و «ط»: لا يؤمنون.

(4) نمّ الحديث: سعى به ليوقع فتنة أو وحشة. «مجمع البحرين- نمم- 6: 180»، و في «س» و «ط»: فيقفوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 143

فيقول أولهم: انظروا إلي كيف أسخر منهم، و أكف عاديتهم «1» عنكم، فإذا التقوا، قال أولهم: مرحبا بسلمان ابن الإسلام، الذي قال فيه محمد سيد الأنام: لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس، هذا أفضلهم- يعنيك- و قال فيه: سلمان منا أهل البيت فقرنه بجبرئيل (عليه السلام) الذي قال له يوم العباء- لما قال لرسول الله (صلى الله عليه و آله): و أنا منكم؟ قال-: و أنت منا، حتى ارتقى جبرئيل إلى الملكوت الأعلى، يفتخر على أهله و يقول: بخ، بخ، و أنا من أهل بيت محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله).

ثم يقول للمقداد: و مرحبا بك- يا مقداد- أنت الذي قال فيك رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): يا علي، المقداد أخوك في الدين و قد قد منك، فكأنه بعضك حبا لك، و بغضا لأعدائك، و موالاة لأوليائك، لكن ملائكة السماوات و الحجب أشد حبا لك منك لعلي (عليه السلام)، و أشد بغضا على أعدائك منك على أعداء علي (عليه السلام) فطوباك ثم طوباك.

ثم يقول لأبي ذر: مرحبا بك- يا أبا ذر- أنت الذي قال فيك رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أقلت «2» الغبراء و لا أظلت الخضراء «3» على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.

قيل: بما ذا فضله الله تعالى بهذا و شرفه؟ قال رسول الله (صلى الله

عليه و آله): لأنه كان يفضل عليا أخي، و له في كل الأحوال مداحا، و لشانئيه و أعاديه شانئا و لأوليائه و أحبائه مواليا، سوف يجعله الله عز و جل في الجنان من أفضل سكانها، و يخدمه من لا يعرف عدده إلا الله من وصائفها «4» و غلمانها و ولدانها.

ثم يقول لعمار بن ياسر: أهلا و سهلا- يا عمار- نلت بموالاة أخي رسول الله (صلى الله عليه و آله)- مع أنك وادع رافه «5»، لا تزيد على المكتوبات و المسنونات من سائر العبادات- ما لا يناله الكاد «6» بدنه ليله و نهاره- يعني الليل قياما، و النهار صياما- و الباذل أمواله و إن كانت جميع أموال الدنيا له.

مرحبا بك، فقد رضيك رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي أخيه مصافيا، و عنه مناوئا، حتى أخبر أنك ستقتل في محبته، و تحشر يوم القيامة في خيار زمرته، وفقني الله لمثل عملك و عمل أصحابك، ممن توفر «7» على خدمة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أخي محمد علي ولي الله، و معاداة أعدائهما بالعداوة، و مصافاة أوليائهما بالموالاة و المشايعة، سوف يسعدنا الله يومنا هذا إذا التقينا بكم، فيقبل سلمان و أصحابه ظاهرهم كما أمر الله تعالى، و يجوزون عنهم.

__________________________________________________

(1) دفعت عنك عادية فلان: أي ظلمه و شرّه. «الصحاح- عدا- 6: 2422».

(2) أقلّ فلان الشّي ء: طاقه و حمله. «مجمع البحرين- قلل- 5: 453».

(3) المراد بالغبراء الأرض لأنّها تعطي الغبرة في لونها، و بالخضراء السمّاء لأنّها تعطي الخضرة. «مجمع البحرين- خضر- 3: 288».

(4) الوصيفة: الجارية. «مجمع البحرين- وصف- 5: 129». [.....]

(5) الوادع: الساكن. «مجمع البحرين- ودع- 4: 401». و الرافة: المستريح المتنعّم. «القاموس المحيط-

رفعه- 4: 286».

(6) كددت الشّي ء: أتعبته، و الكدّ: الشدّة في العمل و طلب الكسب. «الصحاح- كدد- 2: 530».

(7) توفّر على الشّي ء: صرف إليه همّته. «المعجم الوسيط- وفر- 2: 1046».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 144

فيقول الأول لأصحابه: كيف رأيتم سخريتي بهؤلاء، و كفي عاديتهم عني و عنكم؟

فيقولون له: لا نزال بخير ما عشت لنا.

فيقول لهم: فهكذا فلتكن معاملتكم لهم، إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذه، فإن اللبيب العاقل من تجرع على الغصة «1» حتى ينال الفرصة.

ثم يعودون إلى أخدانهم المنافقين المتمردين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيما أداه إليهم عن الله عز و جل من ذكر و تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) و نصبه إماما على كافة المكلفين قالُوا- لهم- إِنَّا مَعَكُمْ فيما واطأتكم عليه أنفسكم، من دفع علي عن هذا الأمر، إن كانت لمحمد كائنة، فلا يغرنكم و لا يهولنكم ما تسمعونه مني من تقريظهم «2»، و تروني أجترئ عليهم من مداراتهم إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ بهم.

فقال الله عز و جل: يا محمد اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ يجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا و الآخرة وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ يمهلهم فيتأنى بهم برفقه، و يدعوهم إلى التوبة، و يعدهم إذا تابوا المغفرة و هم يَعْمَهُونَ لا يرعوون «3» عن قبيح، و لا يتركون أذى لمحمد و علي (صلوات الله عليهما) يمكنهم إيصاله إليهما إلا بلغوه.

قال العالم (عليه السلام): فأما استهزاء الله تعالى بهم في الدنيا فهو أنه- مع إجرائه إياهم على ظاهر أحكام المسلمين، لإظهارهم ما يظهرونه من السمع و الطاعة، و الموافقة- يأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالتعريض لهم حتى لا يخفي على المخلصين من

المراد بذلك التعريض، و يأمر بلعنهم.

و أما استهزاؤه بهم في الآخرة فهو أن الله عز و جل إذا أقرهم في دار اللعنة و الهوان و عذبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب، و أقر هؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمد (صلى الله عليه و آله) صفي الملك الديان أطلعهم على هؤلاء المستهزئين الذين كانوا يستهزءون بهم في الدنيا، حتى يروا ما هم فيه من عجائب اللعائن و بدائع النقمات، فتكون لذتهم و سرورهم بشماتتهم بهم، كما لذتهم و سرورهم بنعيمهم في جنات ربهم.

فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين و المنافقين بأسمائهم و صفاتهم، و هم على أصناف: منهم من هو بين أنياب أفاعيها تمضغه و تفترسه، و منهم من هو تحت سياط زبانيتها «4» و أعمدتها و مرزباتها «5»، تقع من أيديها عليه ما يشدد في عذابه، و يعظم حزنه و نكاله، و منهم من هو في بحار حميمها يغرق، و يسحب فيها، و منهم من هو في غسلينها «6» و غساقها «7»، تزجره فيها زبانيتها. و منهم من هو في سائر أصناف عذابها.

__________________________________________________

(1) الغصّة: الشّجا في الحلق. «مجمع البحرين- غصص- 4: 176».

(2) التقريظ: مدح الإنسان و هو حيّ، بباطل أو حقّ. «الصحاح- قرظ- 3: 1177».

(3) ارعوى عنه: كفّ و ارتدع. «المعجم الوسيط- رعا- 1: 355».

(4) الزبانية عند العرب: الشرط، و سمّي بذلك بعض الملائكة لدفعهم أهل النّار إليها. «الصحاح- زبن- 5: 2130».

(5) المرزبات: جمع مرزبة: و هي عصيّة من حديد، و هي أيضا المطرقة الكبيرة التي تكون للحدّاد. «لسان العرب- رزب- 1: 416 و 417».

(6) الغسلين: غسالة أجواف أهل النّار، و كلّ جرح و دبر. «مجمع البحرين- غسل- 5: 434».

(7) الغسّاق: ما يغسق من صديد أهل النّار،

أي يسيل. «مجمع البحرين- غسق- 5: 223».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 145

و الكافرون و المنافقون ينظرون، فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا [يسخرون - لما كانوا من موالاة محمد و علي و آلهما (صلوات الله عليهم) يعتقدون- فيرونهم، و منهم من هو على فرشها يتقلب، و منهم من هو في فواكهها يرتع، و منهم من هو في غرفها، أو بساتينها و متنزهاتها يتبحبح، و الحور العين و الوصفاء و الولدان و الجواري و الغلمان قائمون بحضرتهم، و طائفون بالخدمة حواليهم، و ملائكة الله عز و جل يأتونهم من عند ربهم بالحباء «1» و الكرامات، و عجائب التحف و الهدايا و المبرات يقولون لهم: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ. «2»

فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين و المنافقين: يا فلان، و يا فلان، و يا فلان- حتى ينادونهم بأسمائهم- ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون؟! هلموا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتخلصوا من عذابكم، و تلحقوا بنا في نعيمها.

فيقولون: يا ويلنا أنى لنا هذا؟

فيقول المؤمنون: انظروا إلى الأبواب، فينظرون إلى أبواب من الجنان مفتحة يخيل إليهم أنها إلى جهنم التي فيها يعذبون، و يقدرون أنهم يتمكنون أن يتخلصوا إليها، فيأخذون في السباحة في بحار حميمها، و عدوا من بين أيدي زبانيتها و هم يلحقونهم و يضربونهم بأعمدتهم و مرزباتهم و سياطهم، فلا يزالون كذلك يسيرون هناك، و هذه الأصناف من العذاب تمسهم، حتى إذا قدروا أن يبلغوا تلك الأبواب وجدوها مردومة عنهم، و تدهدههم «3» الزبانية بأعمدتها فتنكسهم إلى سواء الجحيم.

و يستلقي أولئك المنعمون على فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم مستهزئين بهم، فذلك قول الله عز و جل: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ

و قوله عز و جل: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ. «4»

337/ [2]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام): «أنها نزلت في ثلاثة- لما قام النبي (صلى الله عليه و آله) بالولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام)- أظهروا الإيمان و الرضا بذلك، فلما خلوا بأعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ».

338/ [3]- و عن (تفسير الهذيل و مقاتل) عن محمد بن الحنفية- في خبر طويل- إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ __________________________________________________

2- المناقب 3: 94 «نحوه».

3- المناقب 3: 94.

(1) الحباء: العطاء. «الصحاح- حبا- 6: 2308».

(2) الرعد 13: 24. [.....]

(3) دهدقت الحجر: دحرجته. «الصحاح- دهده- 6: 2231».

(4) المطفّفين 83: 34 و 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 146

بعلي بن أبي طالب، فقال الله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ يعني يجازيهم في الآخرة جزاء استهزائهم بأمير المؤمنين (عليه السلام).

339/ [4]- قال ابن عباس: و ذلك أنه إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى الخلق بالجواز على الصراط فيجوز المؤمنون إلى الجنة، و يسقط المنافقون في جهنم، فيقول الله: يا مالك، استهزئ بالمنافقين في جهنم فيفتح مالك بابا من جهنم إلى الجنة، و يناديهم: معاشر المنافقين، ها هنا، ها هنا، فاصعدوا من جهنم إلى الجنة فيسبح المنافقون في بحار جهنم سبعين خريفا، حتى إذا بلغوا إلى ذلك الباب و هموا بالخروج أغلقه دونهم، و فتح لهم بابا إلى الجنة من موضع آخر، فيناديهم: من هذا الباب فاخرجوا إلى الجنة فيسبحون مثل الأول، فإذا وصلوا إليه أغلق دونهم، و يفتح من موضع آخر، و هكذا أبد الآبدين.

340/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي «1»، قال: حدثنا أحمد بن محمد

بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ. فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا يستهزئ، و لكن يجازيهم جزاء الاستهزاء».

341/ [6]- قال علي بن إبراهيم: وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أي يدعهم.

سورة البقرة(2): آية 16 ..... ص : 146

قوله تعالى:

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ [16]

342/ [1]- قال الإمام العالم (عليه السلام): «أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ باعوا دين الله و اعتاضوا «2» منه الكفر بالله فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ أي ما ربحوا في تجارتهم في الآخرة، لأنهم اشتروا النار و أصناف عذابها بالجنة التي كانت معدة لهم، لو آمنوا وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ إلى الحق و الصواب».

__________________________________________________

4- المناقب 3: 94.

5- التوحيد: 163/ 1.

6- تفسير القمّي 1: 34.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 125/ 64.

(1) في «س» و «ط»: المعاري، و هو تصحيف صوابه ما في المتن. راجع تنقيح المقال 2: 66، معجم رجال الحديث 14: 219.

(2) اعتاض: أي أخذ العوض «الصحاح- عوض- 3: 1093».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 147

343/ [2]- علي بن إبراهيم: الضلالة ها هنا: الحيرة، و الهدى: البيان، فاختاروا الحيرة و الضلالة على الهدى و البيان، فضرب الله فيهم مثلا.

سورة البقرة(2): الآيات 17 الي 18 ..... ص : 147

قوله تعالى:

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ [17] صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ [18]

344/ [1]- قال موسى بن جعفر (عليه السلام): «مثل هؤلاء المنافقين كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً أبصر بها ما حوله، فلما أبصر ذهب الله بنورها «1» بريح أرسلها فأطفأها، أو بمطر.

كذلك مثل هؤلاء المنافقين، لما أخذ الله تعالى عليهم من البيعة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أعطوا ظاهرا شهادة: أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، و أن عليا وليه و وصيه و وارثه و خليفته في أمته، و قاضي دينه، و منجز عداته «2»، و القائم بسياسة عباد

الله مقامه، فورث موارث المسلمين بها، و نكح في المسلمين بها، فوالوه من أجلها، و أحسنوا عنه الدفاع بسببها، و اتخذوه أخا يصونونه مما يصونون عنه أنفسهم، بسماعهم منه لها. «3»

فلما جاءه الموت وقع في حكم رب العالمين، العالم بالأسرار، الذي لا تخفي عليه خافية، فأخذهم العذاب بباطن كفرهم، فذلك حين ذهب نورهم، و صاروا في ظلمات عذاب الله، ظلمات أحكام الآخرة، لا يرون منها خروجا، و لا يجدون عنها محيصا.

ثم قال: صُمٌّ يعني يصمون في الآخرة في عذابها بُكْمٌ يبكمون هناك بين أطباق نيرانها عُمْيٌ يعمون هناك، و ذلك نظير قوله عز و جل: وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى «4» و قوله:

__________________________________________________

2- تفسير القمي 1: 34.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 130/ 65.

(1) في «س» و «ط»: بنورهم.

(2) نجز عداته: قضاها. «مجمع البحرين- نجز- 4: 37».

(3) قال المجلسي (رحمه الله): الضمير في (منه) راجع إلى أمير المؤمنين، و في (لها) الأنفس، أي بأنهم كانوا يسمعون منه (عليه السلام) ما ينفع أنفسهم من المعارف و الأحكام و المواعظ، أو ضمير (سماعهم) راجع إلى المسلمين، و ضمير (منه) إلى المنافق، و ضمير (لها) إلى الشهادة، أي اتخاذهم له أخا بسبب أنهم سمعوا منه الشهادة.

(4) طه 20: 124. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 148

وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَ بُكْماً وَ صُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً». «1»

345/ [2]- قال العالم (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «ما من عبد و لا أمة أعطى بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الظاهر، و نكثها في الباطن، و أقام على نفاقه إلا و إذا

جاء ملك الموت يقبض روحه تمثل له إبليس و أعوانه، و تمثلت النيران و أصناف عقابها لعينه و قلبه و مقاعده من مضائقها «2»، و تمثل له أيضا الجنان و منازله فيها لو كان بقي على إيمانه، و وفي ببيعته.

فيقول له ملك الموت: انظر فتلك الجنان التي لا يقدر قدر سرائها و بهجتها و سرورها إلا رب العالمين كانت معدة لك، فلو كنت بقيت على ولايتك لأخي محمد (صلى الله عليه و آله) كان إليها مصيرك يوم فصل القضاء، فإذا نكثت و خالفت فتلك النيران و أصناف عذابها و زبانيتها بمرزباتها و أفاعيها الفاغرة أفواهها «3»، و عقاربها الناصبة أذنابها، و سباعها الشائلة «4» مخالبها، و سائر أصناف عذابها هو لك، و إليها مصيرك، فعند ذلك يقول: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا «5» فقبلت ما أمرني و التزمت من موالاة علي بن أبي طالب (عليه السلام) ما ألزمني».

346/ [3]- محمد بن يعقوب: عن ابن محمد «6»، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عز و جل: كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ يقول:

«أضاءت الأرض بنور محمد (صلى الله عليه و آله) كما تضي ء الشمس، فضرب الله مثل محمد (صلى الله عليه و آله) الشمس، و مثل الوصي القمر، و هو قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «7». و قوله: وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ. «8»

و قوله عز و جل: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ يعني قبض محمد (صلى الله عليه و آله) فظهرت

الظلمة، فلم يبصروا فضل أهل بيته، و هو قوله عز و جل: وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ». «9»

__________________________________________________

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 131/ 66.

3- الكافي 8: 380/ 574.

(1) الاسراء 17: 97.

(2) قال المجلسيّ (رحمه اللّه): مقاعده عطف على النيران، و ضميره للناكث، و ضمير مضائقها للنيران. «البحار 24: 18: 30».

(3) فاغر فاه: أي فاتح فاه. «مجمع البحرين- فغر- 3: 441».

(4) شائلة: رافعة.

(5) الفرقان 25: 27.

(6) في المصدر: عليّ بن محمّد.

(7) يونس 10: 5.

(8) يس 36: 37.

(9) الأعراف 7: 198.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 149

347/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه)، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله تعالى: وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه، و لكنه متى علم أنهم لا يرجعون عن الكفر و الضلالة منعهم المعاونة و اللطف، و خلى بينهم و بين اختيارهم».

348/ [5]- قال علي بن إبراهيم: و قوله: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ الصم الذي لا يسمع، و البكم الذي يولد من أمه أعمى، و العمي الذي يكون بصيرا ثم يعمى.

سورة البقرة(2): الآيات 19 الي 20 ..... ص : 149

قوله تعالى:

أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَ اللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ [19] يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَ

لَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [20]

349/ [1]- قال العالم (عليه السلام): «ثم ضرب الله عز و جل مثلا آخر للمنافقين، فقال: مثل ما خوطبوا به من هذا القرآن الذي أنزل عليك- يا محمد- مشتملا على بيان توحيدي، و إيضاح حجة نبوتك، و الدليل الباهر على استحقاق أخيك [علي بن أبي طالب للموقف الذي أوقفته، و المحل الذي أحللته، و الرتبة التي رفعته إليها، و السياسة التي قلدته إياها، فهي كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ.

قال: يا محمد، كما أن في هذا المطر هذه الأشياء، و من ابتلي به خاف، فكذلك هؤلاء في ردهم لبيعة علي، و خوفهم أن تعثر أنت- يا محمد- على نفاقهم كمثل من هو في هذا المطر و الرعد و البرق، يخاف أن يخلع الرعد فؤاده، أو ينزل البرق بالصاعقة عليه، و كذلك هؤلاء يخافون أن تعثر على كفرهم، فتوجب قتلهم و استئصالهم.

يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ [كما يجعل هؤلاء المبتلون بهذا الرعد

__________________________________________________

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 123/ 16.

5- تفسير القمّي 1: 34.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 132/ 67. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 150

و البرق أصابعهم في آذانهم لئلا يخلع صوت الرعد أفئدتهم، فكذلك يجعلون أصابعهم في آذانهم إذا سمعوا لعنك لمن نكث البيعة و وعيدك لهم إذا علمت أحوالهم يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ لئلا يسمعوا لعنك و وعيدك فتغير ألوانهم، فيستدل أصحابك أنهم المعنيون باللعن و الوعيد، لما قد ظهر من التغيير و الاضطراب عليهم، فتقوى التهمة عليهم، فلا يأمنون هلاكهم بذلك على يدك

و في حكمك.

ثم قال: وَ اللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ مقتدر عليهم، لو شاء أظهر لك نفاق منافقيهم، و أبدى لك أسرارهم، و أمرك بقتلهم.

ثم قال: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ و هذا مثل قوم ابتلوا ببرق فلم يغضوا عنه أبصارهم، و لم يستروا منه وجوههم لتسلم عيونهم من تلألئه، و لم ينظروا إلى الطريق الذي يريدون أن يتخلصوا فيه بضوء البرق، و لكنهم نظروا إلى نفس البرق فكاد يخطف أبصارهم.

فكذلك هؤلاء المنافقون، يكاد ما في القرآن من الآيات المحكمة، الدالة على نبوتك، الموضحة عن صدقك، في نصب أخيك علي إماما، و يكاد ما يشاهدونه منك- يا محمد- و من أخيك علي من المعجزات، الدالات على أن أمرك و أمره هو الحق الذي لا ريب فيه، ثم هم- مع ذلك- لا ينظرون في دلائل ما يشاهدون من آيات القرآن، و آياتك و آيات أخيك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، يكاد ذهابهم عن الحق في حججك يبطل عليهم سائر ما قد عملوه من الأشياء التي يعرفونها، لأن من جحد حقا واحدا، أداه ذلك الجحود إلى أن يجحد كل حق، فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه، كالناظر إلى جرم الشمس في ذهاب نور بصره.

ثم قال: كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ إذا ظهر ما اعتقدوا أنه الحجة، مشوا فيه: ثبتوا عليه، و هؤلاء كانوا إذا أنتجت خيولهم «1» الإناث، و نساؤهم الذكور، و حملت نخيلهم، و زكت «2» زروعهم، و نمت تجارتهم، و كثرت الألبان في ضروعهم، قالوا: يوشك أن يكون هذا ببركة بيعتنا لعلي (عليه السلام)، إنه مبخوت «3»، مدال «4» فبذاك ينبغي أن نعطيه ظاهر الطاعة، لنعيش في دولته.

وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا أي إذا أنتجت خيولهم

الذكور، و نساؤهم الإناث، و لم يربحوا في تجارتهم، و لا حملت نخيلهم، و لا زكت زروعهم، وقفوا و قالوا: هذا بشؤم هذه البيعة التي بايعناها عليا، و التصديق الذي صدقنا محمدا، و هو نظير ما قال الله عز و جل: يا محمد، إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ «5». قال الله تعالى: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ «6» بحكمه النافذ و قضائه، ليس ذلك لشؤمي و لا ليمني.

__________________________________________________

(1) أنتجت الفرس: إذا حان نتاجها، و قيل: إذا استبان حملها. «الصحاح- نتج- 1: 343».

(2) زكا الزرع: أي نما. «الصحاح- زكا- 6: 2368».

(3) رجل بخيت: ذو جدّ، قال ابن دريد: لا أحسبها فصيحة و المبخوت: المجدود. «لسان العرب- بخت- 2: 10».

(4) أدال فلانا على فلان أو من فلان: نصره، و غلبه عليه، فالمدال: المنتصر، الغالب الذي دالت له الدولة.

(5، 6) النّساء 4: 78.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 151

ثم قال الله عز و جل: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ حتى لا يتهيأ لهم الاحتراز من أن تقف على كفرهم، أنت و أصحابك المؤمنون، و توجب قتلهم إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ لا يعجزه شي ء».

350/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ أي كمطر، و هو مثل الكفار، قال: و قوله:

يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ أي يعمي.

سورة البقرة(2): آية 21 ..... ص : 151

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [21]

351/ [2]- قال الإمام (عليه السلام): «قال علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ يعني سائر المكلفين من ولد آدم. اعْبُدُوا رَبَّكُمُ أطيعوا ربكم من حيث أمركم، أن

تعتقدوا أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و لا شبيه له و لا مثل، عدل لا يجور، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حكيم لا يخطل «1»، و أن محمدا (صلى الله عليه و آله) عبده و رسوله، و بأن آل محمد أفضل آل النبيين، و أن عليا (عليه السلام) أفضل [آل محمد، و أن أصحاب محمد المؤمنين منهم أفضل صحابة المرسلين، و أن أمة محمد أفضل أمم المرسلين.

ثم قال عز و جل: الَّذِي خَلَقَكُمْ اعبدوا الذي خلقكم من نطفة من ماء مهين، فجعله في قرار مكين، إلى قدر معلوم، فقدره فنعم القادر رب العالمين. «2»

قوله: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أي اعبدوا بتعظيم محمد و علي بن أبي طالب (عليهما السلام) الَّذِي خَلَقَكُمْ نسما، و سواكم من بعد ذلك، و صوركم، فأحسن صوركم.

ثم قال عز و جل: وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال: و خلق الله الذين من قبلكم من سائر أصناف الناس لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قال: لها و جهان:

أحدهما: و خلق الذين من قبلكم لعلكم- كلكم- تتقون، أي لتتقوا كما قال الله عز و جل: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ «3».

و الوجه الآخر: اعبدوا الذي خلقكم، و الذين من قبلكم، لعلكم تتقون، أي اعبدوه لعلكم تتقون النار،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 34.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 139/ 68 و 69 و 71.

(1) الخطل: المنطق الفاسد المضطرب، و قد خطل في كلامه و أخطل، أي أفحش. «الصحاح- خلل- 4: 1685».

(2) في «س» و «ط»: فقدّرنا فنعم القادرون العالمون.

(3) الذّاريات 51: 56.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 152

و (لعل) من الله واجب، لأنه أكرم من

أن يعني «1» عبده بلا منفعة، و يطمعه في فضله ثم يخيبه، ألا تراه كيف قبح من عبد من عباده، إذا قال لرجل: اخدمني لعلك تنتفع بي، و لعلي أنفعك بها فيخدمه، ثم يخيبه و لا ينفعه، فالله عز و جل أكرم في أفعاله، و أبعد من القبيح في أعماله من عباده».

سورة البقرة(2): آية 22 ..... ص : 152

قوله تعالى:

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [22]

352/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن القاسم المفسر (رضي الله عنه)، قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام) في قول الله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً.

قال: «جعلها ملائمة لطبائعكم، موافقة لأجسادكم، و لم يجعلها شديدة الحمي و الحرارة فتحرقكم، و لا شديدة البرودة فتجمدكم، و لا شديدة الريح فتصدع هاماتكم، و لا شديدة النتن فتعطبكم «2»، و لا شديدة اللين كالماء فتغرقكم، و لا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم، و أبنيتكم، و قبور موتاكم. و لكنه عز و جل جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به، و تتماسكون، و تتماسك عليها أبدانكم و بنيانكم، و جعل فيها ما تنقاد به لدوركم، و قبوركم، و كثير من منافعكم، فلذلك جعل الأرض فراشا لكم.

ثم قال عز و جل: وَ السَّماءَ بِناءً

أي سقفا محفوظا، يدير فيها شمسها و قمرها، و نجومها لمنافعكم.

ثم قال تعالى: وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً يعني المطر، [نزله من أعلى ليبلغ قلل جبالكم، و تلالكم، و هضابكم و أوهادكم «3»، ثم فرقه رذاذا «4»، و وابلا «5»، و هطلا «6» لتنشفه «7» أرضوكم، و لم يجعل ذلك المطر نازلا

__________________________________________________

1- التّوحيد: 403/ 11.

(1) العناء: التعب و النصب. «مجمع البحرين- عنا- 1: 308.»

(2) العطب: الهلاك، و أعطبه: أهلكه. «الصحاح- عطب- 1: 184».

(3) الوهدة: المكان المطمئنّ. «الصحاح- وهد- 2: 554». [.....]

(4) الرّذاذ: المطر الضعيف. «الصحاح- رذذ- 2: 565».

(5) الوابل: المطر الشديد. «الصحاح- وبل- 5: 1840».

(6) الهطل: تتابع المطر. «الصحاح- هطل- 5: 1850».

(7) نشف الحوض الماء: شربه، و تنشّفه كذلك. «الصحاح- نشف- 4: 1432».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 153

عليكم قطعة واحدة، فيفسد أرضيكم، و أشجاركم، و زروعكم، و ثماركم.

ثم قال عز و جل: فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ يعني مما يخرجه من الأرض لكم فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً أي أشباها و أمثالا من الأصنام التي لا تعقل، و لا تسمع، و لا تبصر، و لا تقدر على شي ء وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنها لا تقدر على شي ء من هذه النعم الجليلة التي أنعمها عليكم ربكم تبارك و تعالى».

سورة البقرة(2): الآيات 23 الي 25 ..... ص : 152

قوله تعالى:

وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [23] فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ [24] وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ

وَ أُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَ لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ هُمْ فِيها خالِدُونَ [25]

353/ [1]- قال العالم (عليه السلام): «فلما ضرب الله الأمثال للكافرين المجاهرين «1»، الدافعين لنبوة محمد (صلى الله عليه و آله)، و الناصبين المنافقين لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، الدافعين لما قاله محمد (صلى الله عليه و آله) في أخيه علي (عليه السلام)، و الدافعين أن يكون ما قاله عن الله تعالى، و هي آيات محمد (صلى الله عليه و آله) و معجزاته لمحمد، مضافة إلى آياته التي بينها لعلي (عليه السلام) في مكة و المدينة، و لم يزدادوا إلا عتوا و طغيانا.

قال الله تعالى: وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا حتى تجحدوا أن يكون محمد رسول الله، و أن يكون هذا المنزل عليه كلامي، مع إظهاري عليه بمكة الآيات الباهرات، كالغمامة التي يتظلل بها في أسفاره، و الجمادات التي كانت تسلم عليه من الجبال، و الصخور، و الأحجار، و الأشجار، و كدفاعه قاصديه بالقتل عنه، و قتله إياهم، و كالشجرتين المتباعدتين اللتين تلاصقتا فقعد خلفهما لحاجته، ثم تراجعتا إلى مكانيهما كما كانتا، و كدعائه الشجرة فجاءته مجيبة خاضعة ذليلة، ثم أمره لها بالرجوع فرجعت سامعة مطيعة.

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 151/ 76.

(1) جاهره بالعداوة: بادأه بها، و جاهره بالأمر: عالنه به. «المعجم الوسيط- جهر- 1: 142».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 154

فَأْتُوا يا معشر قريش و اليهود، و يا معشر النواصب المنتحلين «1» الإسلام، الذين هم منه برآء، و يا معشر العرب الفصحاء، البلغاء، ذوي الألسن بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ «2» من مثل محمد (صلى الله عليه و آله)، مثل رجل منكم لا يقرأ

و لا يكتب، و لم يدرس كتابا، و لا اختلف إلى عالم، و لا تعلم من أحد، و أنتم تعرفونه في أسفاره و حضره، بقي كذلك أربعين سنة، ثم أوتي جوامع العلم حتى علم الأولين و الآخرين.

فإن كنتم في ريب من هذه الآيات، فأتوا من مثل هذا الرجل بمثل هذا الكلام، ليتبين أنه كاذب كما تزعمون، لأن كل ما كان من عند غير الله فسيوجد له نظير في سائر خلق الله.

و إن كنتم- معاشر قراء الكتب من اليهود و النصارى- في شك مما جاءكم به محمد (صلى الله عليه و آله) من شرائعه، و من نصبه أخاه سيد الوصيين وصيا، بعد أن قد أظهر لكم معجزاته، التي منها: أن كلمته الذراع المسمومة، و ناطقه ذئب، و حن إليه العود و هو على المنبر، و دفع الله عنه السم الذي دسته اليهود في طعامهم، و قلب عليهم البلاء و أهلكهم به، و كثر القليل من الطعام فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ يعني من مثل القرآن من التوراة، و الإنجيل، و الزبور، و صحف إبراهيم، و الكتب الأربعة عشر «3» فإنكم لا تجدون في سائر كتب الله تعالى سورة كسورة من هذا القرآن، فكيف يكون كلام محمد (صلى الله عليه و آله) المتقول «4» أفضل من سائر كلام الله و كتبه، يا معاشر اليهود و النصارى؟! ثم قال لجماعتهم: وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ادعوا أصنامكم التي تعبدونها أيها المشركون، و ادعوا شياطينكم يا أيها النصارى و اليهود، و ادعوا قرناءكم من الملحدين يا منافقي المسلمين من النصاب لآل محمد (صلى الله عليه و آله) الطيبين، و سائر أعوانكم على إرادتكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أن محمدا (صلى

الله عليه و آله) تقول هذا القرآن من تلقاء نفسه، لم ينزله الله عز و جل عليه، و أن ما ذكره من فضل علي (عليه السلام) على جميع أمته و قلده سياستهم ليس بأمر أحكم الحاكمين.

ثم قال الله عز و جل: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا أي إن لم تأتوا، يا أيها المقرعون بحجة رب العالمين وَ لَنْ تَفْعَلُوا أي و لا يكون هذا منكم أبدا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ حطبها الناس و الحجارة، توقد فتكون عذابا على أهلها أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ المكذبين بكلامه و نبيه، الناصبين العداوة لوليه و وصيه.

قال: فاعلموا بعجزكم عن ذلك أنه من قبل الله تعالى، و لو كان من قبل المخلوقين لقدرتم على معارضته،

__________________________________________________

(1) النّحلة: الدعوى، و فلان ينتحل مذهب كذا: إذا انتسب إليه. «الصحاح- نحل- 5: 1826».

(2) قال المجلسي (رحمه اللّه): اعلم أنّ هذا الخبر يدل على أنّ إرجاع الضمير في مثله إلى النبي (صلى اللّه عليه و آله) و إلى القرآن كليهما، مراد اللّه تعالى بحسب بطون الآية الكريمة. «بحار الأنوار 17: 217».

(3) كذا وردت في المخطوط و المصدر، و عنه في البحار في موضعين: 9: 176 و 17: 215، و في موضع ثالث من البحار 92: 29: و الكتب المائة و الأربعة عشر، و لعلّه هو الصواب، انظر معاني الأخبار: 332/ 1 (قطعة)، و الخصال: 523/ 13 (قطعة)، و الاختصاص: 264، و عنه في البحار 11: 43/ 48 (قطعة).

(4) تقوّل قولا: ابتدعه كذبا. «القاموس المحيط- قول- 4: 43».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 155

فلما عجزوا بعد التقريع «1» و التحدي، قال الله عز و جل: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ

لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً» «2».

354/ [2]- قال علي بن الحسين (عليه السلام): «و ذلك قوله عز و جل: وَ إِنْ كُنْتُمْ أيها المشركون و اليهود، و سائر النواصب من المكذبين بمحمد (صلى الله عليه و آله) في القرآن، و في تفضيله أخاه عليا (عليه السلام) المبرز على الفاضلين، الفاضل على المجاهدين، الذي لا نظير له في نصرة المتقين، و قمع الفاسقين، و إهلاك الكافرين، و بث دين الله في العالمين.

وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا في إبطال عبادة الأوثان من دون الله، و في النهي عن موالاة أعداء الله، و معاداة أولياء الله، و في الحث على الانقياد لأخي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و اتخاذه إماما، و اعتقاده فاضلا راجحا، لا يقبل الله عز و جل أمانا إلا به، و لا طاعة إلا بموالاته، و تظنون أن محمدا تقوله من عنده، و ينسبه إلى ربه [فإن كان كما تظنون فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ أي مثل محمد، أمي لم يختلف إلى أصحاب كتب قط، و لا تتلمذ لأحد، و لا تعلم منه، و هو من قد عرفتموه في حضره و سفره، و لم «3» يفارقكم قط إلى بلد و ليس معه جماعة منكم يراعون أحواله، و يعرفون أخباره.

ثم جاءكم بهذا الكتاب، المشتمل على هذه العجائب، فإن كان متقولا- كما تزعمون- فأنتم الفصحاء، و البلغاء، و الشعراء، و الأدباء الذين لا نظير لكم في سائر الأديان، و من سائر الأمم، و إن كان كاذبا فاللغة لغتكم، و جنسه جنسكم، و طبعه طبعكم، و سيتفق لجماعتكم- أو لبعضكم- معارضة كلامه هذا بأفضل منه أو مثله.

لأن ما

كان من قبل البشر، لا عن الله عز و جل، فلا يجوز إلا أن يكون في البشر من يتمكن من مثله، فأتوا بذلك لتعرفوه- و سائر النظائر إليكم في أحوالكم- أنه مبطل كاذب على الله تعالى وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ الذين يشهدون بزعمكم أنكم محقون، و أنما تجيئون به نظير لما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله)، و شهداؤكم الذين تزعمون أنهم شهداؤكم عند رب العالمين لعبادتكم لها، و تشفع لكم إليه إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في قولكم:

إن محمدا (صلى الله عليه و آله) تقوله.

ثم قال الله عز و جل: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا هذا الذي تحديتكم به وَ لَنْ تَفْعَلُوا أي و لا يكون ذلك منكم، و لا تقدرون عليه، فاعلموا أنكم مبطلون، و أن محمدا الصادق الأمين المخصوص برسالة رب العالمين، المؤيد بالروح الأمين، و بأخيه أمير المؤمنين و سيد الوصيين، فصدقوه فيما يخبر به عن الله تعالى من أوامره و نواهيه، و فيما يذكره من فضل علي وصيه و أخيه، فَاتَّقُوا بذلك عذاب النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا- حطبها- النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ حجارة الكبريت، أشد الأشياء حرا أُعِدَّتْ تلك النار لِلْكافِرِينَ بمحمد (صلى الله عليه و آله)،

__________________________________________________

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 200/ 92.

(1) التقريع: التعنيف. «الصحاح- قرع- 3: 1264».

(2) الإسراء 17: 88.

(3) في «س» و «ط»: و لا. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 156

و الشاكين في نبوته، و الدافعين لحق أخيه علي (عليه السلام)، و الجاحدين لإمامته.

ثم قال: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا بالله، و صدقوك في نبوتك فاتخذوك إماما، و صدقوك في أقوالك، و صوبوك في أفعالك، و اتخذوا أخاك عليا بعدك إماما، و لك وصيا مرضيا، و

انقادوا لما يأمرهم به، و صاروا إلى ما أصارهم إليه، و رأوا له ما يرون لك إلا النبوة التي أفردت بها، و أن الجنان لا تصير لهم إلا بموالاته، و بموالاة من ينص لهم عليه من ذريته، و بموالاة سائر أهل ولايته، و معاداة أهل مخالفته و عداوته، و أن النيران لا تهدأ عنهم، و لا تعدل بهم عن عذابها إلا بتنكبهم «1» عن موالاة مخالفيهم، و مؤازرة شانئيهم.

وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ «2» من أداء الفرائض و اجتناب المحارم، و لم يكونوا كهؤلاء الكافرين بك، بشرهم أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ بساتين تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ من تحت شجرها و مساكنها كُلَّما رُزِقُوا مِنْها من تلك الجنان مِنْ ثَمَرَةٍ من ثمارها رِزْقاً طعاما يؤتون به قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ في الدنيا فاسماؤه كأسماء ما في الدنيا من تفاح، و سفرجل، و رمان، و كذا و كذا، و إن كان ما هناك مخالفا لما في الدنيا فإنه في غاية الطيب، و إنه لا يستحيل إلى ما تستحيل إليه ثمار الدنيا من عذرة و سائر المكروهات، من صفراء و سوداء و دم، بل ما يتولد من مأكولهم، إلا العرق، الذي يجري من أعراضهم، أطيب من رائحة المسك.

وَ أُتُوا بِهِ بذلك الرزق من الثمار من تلك البساتين مُتَشابِهاً يشبه بعضه بعضا، بأنها كلها خيار لا رذل «3» فيها، و بأن كل صنف منها في غاية الطيب و اللذة، ليس كثمار الدنيا التي بعضها ني ء «4»، و بعضها متجاوز لحد النضج و الإدراك إلى الفساد من حموضة و مرارة و سائر ضروب المكاره، و متشابها أيضا متفقات الألوان مختلفات الطعوم.

وَ لَهُمْ فِيها في تلك الجنان أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ من أنواع الأقذار

و المكاره، مطهرات من الحيض و النفاس، لا ولاجات، و لا خراجات «5»، و لا دخالات، و لا ختالات «6»، و لا متغايرات، و لا لأزواجهن فاركات «7» و لا صخابات «8»، و لا غيابات «9»، و لا فحاشات، و من كل العيوب و المكاره بريات. وَ هُمْ فِيها خالِدُونَ مقيمون في تلك البساتين و الجنان».

__________________________________________________

(1) تنكّب فلانا: أعرض عنه. «المعجم الوسيط- نكب- 2: 950».

(2) قال المجلسي (رحمه اللّه): استدلّوا بالعطف على عدم دخول الأعمال في الايمان و هو كذلك، لكنّه لا ينفي الاشتراط، بل استدل في بعض الأخبار بالمقارنة عليه. «البحار 67: 19».

(3) الرذل: الدون الخسيس، أو الردي ء من كل شي ء. «القاموس المحيط- رذل- 3: 395».

(4) النّي ء: الذي لم ينضّج. «القاموس المحيط- ناء- 1: 32».

(5) يقال: فلان خرّاج ولاج: كثير الطواف و السعي. «المعجم الوسيط- ولج- 2: 1055».

(6) ختله: خدعه عن غفلة. «المعجم الوسيط- ختل- 1: 218».

(7) الفرك: البغض، و فركت المرأة زوجها، أي أبغضته، فهي فروك و فارك. «الصحاح- فرك- 4: 1603».

(8) رجل صخب و صخّاب: كثيرة اللّغط و الجلبة، و المرأة صخباء و صخّابة. «مجمع البحرين- صخب- 2: 99».

(9) في المصدر: و لا عيّابات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 157

355/ [3]- قال: «و قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا معشر شيعتنا، اتقوا الله، و احذروا أن تكونوا لتلك النار حطبا، و إن [لم تكونوا بالله كافرين، فتوقوها بتوقي ظلم إخوانكم المؤمنين، و إنه ليس من مؤمن ظلم أخاه المؤمن المشارك له في موالاتنا إلا ثقل الله في تلك النار سلاسله و أغلاله، و لم يفكه منها إلا شفاعتنا، و لن نشفع إلى الله إلا بعد أن نشفع له إلى

أخيه المؤمن، فإن عفا عنه شفعنا، و إلا طال في النار مكثه».

356/ [4]- و قال علي بن الحسين (عليه السلام): «معاشر شيعتنا، أما الجنة فلن تفوتكم سريعا كان أو بطيئا، و لكن تنافسوا في الدرجات، و اعلموا أن أرفعكم درجات، و أحسنكم قصورا و دورا و أبنية، أحسنكم إيجابا لإخوانه «1» المؤمنين، و أكثركم مواساة لفقرائهم.

إن الله عز و جل ليقرب الواحد منكم إلى الجنة بكلمة طيبة يكلم بها أخاه المؤمن الفقير، بأكثر من مسيرة ألف عام بقدمه، و إن كان من المعذبين بالنار، فلا تحتقروا الإحسان إلى إخوانكم، فسوف ينفعكم الله تعالى حيث لا يقوم مقام ذلك غيره».

357/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل، عن جابر، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله) هكذا: إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا- في علي- فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ».

358/ [6]- و روى ابن بابويه مرسلا، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قوله عز و جل: وَ لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ قال: «الأزواج المطهرة: اللاتي لا يحضن و لا يحدثن».

359/ [7]- و من طريق المخالفين، عن ابن عباس، قال: فيما نزل من «2» القرآن خاصة في رسول الله و علي (عليهما السلام) و أهل بيته دون الناس من سورة البقرة: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الآية، نزلت في علي، و حمزة، و جعفر، و عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب.

سورة البقرة(2): الآيات 26 الي 27 ..... ص : 157

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ

__________________________________________________

3-

التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 204/ 93.

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 204/ 94.

5- الكافي 1: 345/ 26.

6- من لا يحضره الفقيه 1: 50/ 195.

7- تفسير الحبري: 235/ 4، شواهد التنزيل 1: 74/ 113. [.....]

(1) في «س» و «ط»: إيجابا بإيجاب.

(2) في «س» و «ط»: في.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 158

آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ [26] الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [27]

360/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبدالله (عليه السلام): «إن هذا المثل ضربه الله لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فالبعوضة أمير المؤمنين (عليه السلام) و ما فوقها رسول الله «1» (صلى الله عليه و آله)، و الدليل على ذلك قوله: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) الميثاق عليهم له.

وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً فرد الله عليهم، فقال:

وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ- في على- وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ يعني من صلة أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ».

361/ [2]- تفسير الإمام أبي

محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال الباقر (عليه السلام): فلما قال الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ «2» و ذكر الذباب في قوله: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ «3» الآية، و لما قال: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «4» و ضرب المثل في هذه السورة بالذي استوقد نارا، و بالصيب من السماء. قالت الكفار و النواصب: و ما هذا من الأمثال فيضرب؟! يريدون به الطعن على رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال الله: يا محمد إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي لا يترك حياء أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا للحق «5»، يوضحه به عند

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 34.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 205/ 95 و 96.

(1) قال المجلسيّ (رحمه اللّه): مثّل اللّه بهم (عليهم السّلام) لذاته تعالى من قوله: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و أمثاله، لئلّا يتوهّم أنّ لهم (عليهم السّلام) في جنب عظمته تعالى قدرا، أو لهم مشاركة له تعالى في كنه ذاته و صفاته، أو الحلول أو الاتحاد، تعالى اللّه عن جميع ذلك، فنبّه اللّه تعالى بذلك على أنّهم- و إن كانوا أعظم المخلوقات و أشرفها- فهم في جنب عظمته تعالى كالبعوضة و أشباهها، و اللّه تعالى يعلم حقائق كلامه و حججه (عليهم السّلام). «بحار الأنوار 24: 393».

(2، 3) الحجّ 22: 73.

(4) العنكبوت 29: 41.

(5) في «س»: للخلق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 159

عباده المؤمنين ما بَعُوضَةً أي ما هو بعوضة المثل «1» فَما فَوْقَها فوق البعوضة و هو الذباب، يضرب به المثل إذا علم أن

فيه صلاح عباده المؤمنين و نفعهم.

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله و بولاية محمد (صلى الله عليه و آله) و علي و آلهما الطيبين، و سلم لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأئمة أحكامهم و أخبارهم و أحوالهم و لم يقابلهم في أمورهم، و لم يتعاط «2» الدخول في أسرارهم، و لم يفش شيئا مما يقف عليه منها إلا بإذنهم فَيَعْلَمُونَ يعلم هؤلاء المؤمنون الذين هذه صفتهم أَنَّهُ المثل المضروب الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ أراد به الحق و إبانته، و الكشف عنه و إيضاحه.

وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا بمحمد (صلى الله عليه و آله) بمعارضتهم في علي ب (لم و كيف) و تركهم الانقياد في سائر ما أمر به فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً يقول الذين كفروا: إن الله يضل بهذا المثل كثيرا، و يهدي به كثيرا، فلا معنى للمثل، لأنه و إن نفع به من يهديه فهو يضربه من يضله به.

فرد الله تعالى عليهم قيلهم، فقال: وَ ما يُضِلُّ بِهِ يعني ما يضل الله بالمثل إِلَّا الْفاسِقِينَ الجانين على أنفسهم بترك تأمله، و بوضعه على خلاف ما أمر الله بوضعه عليه.

ثم وصف هؤلاء الفاسقين الخارجين عن دين الله و طاعته، فقال عز و جل: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ المأخوذ عليهم بالربوبية، و لمحمد (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، و لعلي (عليه السلام) بالإمامة، و لشيعتهما بالمحبة «3» و الكرامة مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ إحكامه و تغليظه «4» وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ من الأرحام و القرابات أن يتعاهدوهم و يقضوا حقوقهم.

و أفضل رحم و أوجبه حقا رحم رسول الله (صلى الله عليه و آله)،

فإن حقهم بمحمد كما أن حق قرابات الإنسان بأبيه و أمه، و محمد (صلى الله عليه و آله) أعظم حقا من أبويه، كذلك حق رحمه أعظم، و قطيعته أفظع و أفضح.

وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بالبراءة ممن فرض الله إمامته، و اعتقاد إمامة من قد فرض الله مخالفته أُولئِكَ أهل هذه الصفة هُمُ الْخاسِرُونَ قد خسروا أنفسهم و أهليهم لما صاروا إلى النيران، و حرموا الجنان، فيا لها من خسارة ألزمتهم عذاب الأبد، و حرمتهم نعيم الأبد».

قال: «و قال الباقر (عليه السلام): ألا و من سلم لنا ما لا يدريه ثقة بأنا محقون عالمون لا نقف به إلا على أوضح

__________________________________________________

(1)

قوله (عليه السّلام): ما هو بعوضة المثل ، لعلّه كان في قراءتهم (عليهم السّلام) (بعوضة) بالرفع- كما قرئ به في الشواذ- قال البيضاوي- بعد أن وجّه قراءة النصب بكون كلمة (ما) مزيدة للتنكير و الإبهام أو للتأكيد: و قرئت بالرفع على أنّه خبر مبتدأ، و على هذا تحتمل (ما) وجوها أخر: أن تكون موصولة حذف صدر صلتها، أو موصوفة بصفة كذلك و محلّها النصب بالبدليّة على الوجهين، أو استفهامية هي المبتدأ. أنظر تفسير البيضاوي 1: 44، بحار الأنوار 24: 392.

(2) فلان يتعاطى كذا: أي يخوض فيه. «مختار الصحاح- عطا- 441»

(3) في «ط»: بالجنّة.

(4) غلّظ اليمين: قوّاها و أكّدها، و غلّظ عليه في اليمين: شدّد عليه و أكّد. «المعجم الوسيط- غلظ- 2: 659».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 160

المحجات «1»، سلم الله تعالى إليه من قصور الجنة أيضا ما لا يعلم قدرها هو، و لا يقدر «2» قدرها إلا خالقها أو واهبها.

ألا و من ترك المراء و الجدال و اقتصر على التسليم لنا، و ترك الأذى، حبسه الله

على الصراط، فإذا حبسه الله على الصراط، فجاءته الملائكة تجادله على أعماله، و تواقفه على ذنوبه، فإذا النداء من قبل الله عز و جل: يا ملائكتي، عبدي هذا لم يجادل، و سلم الأمر لأئمته، فلا تجادلوه، و سلموه في جناني إلى أئمته يكون منيخا «3» فيها بقربهم، كما كان مسلما في الدنيا لهم.

و أما من عارض ب (لم و كيف) و نقض الجملة بالتفصيل، قالت له الملائكة على الصراط: واقفنا- يا عبدالله- و جادلنا على أعمالك، كما جادلت أنت في الدنيا الحاكين لك عن أئمتك.

فيأتيهم النداء: صدقتم، بما عامل فعاملوه، ألا فواقفوه، فيواقف و يطول حسابه، و يشتد في ذلك الحساب عذابه، فما أعظم هناك ندامته، و أشد حسراته، لا ينجيه هناك إلا رحمة الله- إن لم يكن فارق في الدنيا جملة دينه- و إلا فهو في النار أبد الأبدين.

قال الباقر (عليه السلام): و يقال للموفي بعهوده في الدنيا، في نذوره و أيمانه و مواعيده: يا أيها الملائكة، و في هذا العبد في الدنيا بعهوده، فأوفوا له ها هنا بما وعدناه، و سامحوه، و لا تناقشوه، فحينئذ تصيره الملائكة إلى الجنان.

و أما من قطع رحمه، فإن كان وصل رحم محمد (صلى الله عليه و آله) و قد قطع رحمه، شفع أرحام محمد إلى رحمه، و قالوا: لك من حسناتنا و طاعتنا ما شئت، فاعف عنه فيعطونه منها ما يشاء، فيعفو عنه، و يعطي الله المعطين ما ينفعهم [و لا ينقصهم .

و إن كان وصل أرحام نفسه، و قطع أرحام محمد (صلى الله عليه و آله) بأن جحد حقهم، و دفعهم عن واجبهم، و سمى غيرهم بأسمائهم، و لقبهم بألقابهم، و نبز بألقاب قبيحة مخالفيه من

أهل ولايتهم، قيل له: يا عبدالله، اكتسبت عداوة آل محمد الطهر أئمتك لصداقة هؤلاء! فاستعن بهم الآن ليعينوك، فلا يجد معينا و لا مغيثا، و يصير إلى العذاب الأليم المهين.

قال الباقر (عليه السلام): و من سمانا بأسمائنا، و لقبنا بألقابنا، و لم يسم أضدادنا بأسمائنا، و لم يلقبهم بألقابنا إلا عند الضرورة التي عند مثلها نسمي نحن و نلقب أعداءنا بأسمائنا و ألقابنا، فإن الله تعالى يقول لنا يوم القيامة:

اقترحوا إلى أوليائكم هؤلاء ما تعينونهم به، فنقترح لهم على الله عز و جل ما يكون قدر الدنيا كلها فيه كقدر خردلة في السماوات و الأرض، فيعطيهم الله تعالى إياه، و يضاعفه لهم أضعافا مضاعفات.

فقيل للباقر (عليه السلام): فإن بعض من ينتحل موالاتكم يزعم أن البعوضة علي (عليه السلام) و أن ما فوقها- و هو الذباب- محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)!

__________________________________________________

(1) المحجّة: جادة الطريق. «مجمع البحرين- حجج- 2: 288».

(2) في «ط»: يقادر. [.....]

(3) أناخ فلان بالمكان: أقام. «المعجم الوسيط- 2: 961».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 161

فقال الباقر (عليه السلام): سمع هؤلاء شيئا لم يضعوه على وجهه، إنما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) قاعدا ذات يوم هو و علي (عليه السلام) إذ سمع قائلا يقول: ما شاء الله و شاء محمد و سمع آخر يقول: ما شاء الله و شاء علي فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تقرنوا محمدا و عليا بالله عز و جل، و لكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمد، [ما شاء الله ، ثم شاء علي.

إن مشيئة الله هي القاهرة التي لا تساوى و لا تكافأ و لا تدانى، و ما محمد

رسول الله في الله و في قدرته إلا كذبابة تطير في هذه المسالك «1» الواسعة، و ما علي في الله و في قدرته إلا كبعوضة في جملة هذه المسالك «2»، مع أن فضل الله تعالى على محمد و علي هو الفضل الذي لا يفي «3» به فضله على جميع خلقه من أول الدهر إلى آخره. هذا ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في ذكر الذباب و البعوضة في هذا المكان فلا يدخل في قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً».

362/ [3]- أبو علي الطبرسي، قال: روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إنما ضرب الله المثل بالبعوضة، لأن البعوضة على صغر حجمها، خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره و زيادة عضوين آخرين، فأراد الله سبحانه أن ينبه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه، و عجيب صنعته».

363/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: قال الصادق (عليه السلام): «إن هذا القول من الله عز و جل رد على من زعم أن الله تبارك و تعالى يضل العباد ثم يعذبهم على ضلالتهم، فقال الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها».

سورة البقرة(2): آية 28 ..... ص : 161

قوله تعالى:

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [28]

364/ [1]- قال الإمام العسكري أبو محمد (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لكفار قريش و اليهود: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ الذي دلكم على طريق الهدى، و جنبكم- إن أطعتموه- سبيل الردى. وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً في أصلاب آبائكم و أرحام أمهاتكم. فَأَحْياكُمْ أخرجكم أحياء ثُمَّ يُمِيتُكُمْ في هذه الدنيا و يقبركم

__________________________________________________

3- مجمع البيان 1:

165.

4- تفسير القمي 1: 34.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 210/ 97.

(1، 2) في المصدر: الممالك.

(3) هذا الشي ء لا يفي بذلك: أي يقصر عنه و لا يوازيه. «المعجم الوسيط- و فى- 2: 1047».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 162

ثُمَّ يُحْيِيكُمْ في القبور، و ينعم فيها المؤمنين بنبوة محمد و ولاية علي (عليهما السلام) و يعذب الكافرين فيها.

ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ في الآخرة بأن تموتوا في القبور بعد، ثم تحيوا للبعث يوم القيامة، ترجعون إلى ما قد وعدكم من الثواب على الطاعات إن كنتم فاعليها، و من العقاب على المعاصي إن كنتم مقارفيها» «1».

365/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: و قوله كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً أي نطفة ميتة و علقة، فأجرى فيكم الروح فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ بعد ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ في القيامة.

قال: و الحياة في كتاب الله على وجوه كثيرة: فمن الحياة: ابتداء خلق الإنسان في قوله: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي «2» فهي الروح المخلوقة التي خلقها الله و أجراها في الإنسان فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ «3».

و الوجه الثاني من الحياة: يعني إنبات الأرض، و هو قوله: يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها «4» و الأرض الميتة:

التي لا نبات بها، فإحياؤها بنباتها.

و وجه آخر من الحياة: و هو دخول الجنة، و هو قوله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ «5» يعني الخلود في الجنة، و الدليل على ذلك قوله: وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ «6».

سورة البقرة(2): آية 29 ..... ص : 162

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [29]

366/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن القاسم

المفسر (رضي الله عنه)، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله عز و جل: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضРجَمِيعاً ˙ϙřљΠاسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ.

__________________________________________________

2- تفسير القمي 1: 35.

1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 12/ 29.

(1) قارف فلان الخطيئة: أي خالطها. «الصحاح- قرف- 4: 1416».

(2، 3) الحجر 15: 29.

(4) الحديد 57: 17.

(5) الأنفال 8: 24.

(6) العنكبوت 29: 64.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 163

قال: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا لتعتبروا به، و لتتوصلوا به إلى رضوانه، و تتوقوا به من عذاب نيرانه. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ أخذ في خلقها و إتقانها فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ و لعلمه بكل شي ء- علم المصالح- فخلق لكم ما في الأرض لمصالحكم، يا بني آدم».

367/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل خلق الجنة قبل أن يخلق النار، و خلق الطاعة قبل أن يخلق المعصية، و خلق الرحمة قبل أن يخلق الغضب، و خلق الخير قبل الشر، و خلق الأرض قبل السماء، و خلق الحياة قبل الموت، و خلق الشمس

قبل القمر، و خلق النور قبل الظلمة».

سورة البقرة(2): الآيات 30 الي 33 ..... ص : 163

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ [30] وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [31] قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [32] قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ [33]

368/ [1]- قال الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام): «لما قيل لهم: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً «1» الآية، قالوا: متى كان هذا؟ فقال الله عز و جل- حين قال ربك للملائكة الذين في الأرض [مع إبليس، و قد طردوا عنها الجن بني الجان، و خفت العبادة]- إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً بدلا منكم و رافعكم منها، فاشتد ذلك عليهم، لأن العبادة عند رجوعهم إلى السماء تكون أثقل عليهم.

__________________________________________________

2- الكافي 8: 145/ 116. [.....]

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 216/ 100.

(1) البقرة 2: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 164

قالُوا ربنا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ و كما فعلته الجن بنو الجان، الذين قد طردناهم عن هذه الأرض وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ننزهك عما لا يليق بك من الصفات وَ نُقَدِّسُ لَكَ نطهر أرضك ممن يعصيك.

قال الله تعالى: إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ إني أعلم من الصلاح الكائن فيمن أجعله بدلا منكم ما لا تعلمون، و أعلم

أيضا أن فيكم من هو كافر في باطنه لا تعلمونه، و هو إبليس لعنه الله.

ثم قال: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها أسماء أنبياء الله، و أسماء محمد (صلى الله عليه و آله)، و علي و فاطمة و الحسن و الحسين، و الطيبين من آلهما، و أسماء رجال من شيعتهم، و عتاة أعدائهم.

ثُمَّ عَرَضَهُمْ عرض محمدا و عليا و الأئمة عَلَى الْمَلائِكَةِ، أي عرض أشباحهم و هم أنوار في الأظلة فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أن جميعكم تسبحون و تقدسون، و أن ترككم ها هنا أصلح من إيراد من بعدكم، أي فكما لم تعرفوا غيب من في خلالكم، فالحري «1» أن لا تعرفوا الغيب إذا لم يكن، كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها.

قالت الملائكة: قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ بكل شي ء الْحَكِيمُ المصيب في كل فعل.

قال الله عز و جل: يا آدم، أنبئ هؤلاء الملائكة بأسمائهم و أسماء الأنبياء و الأئمة، فلما أنبأهم فعرفوها، أخذ عليهم العهد و الميثاق بالإيمان بهم، و التفضيل لهم.

قال الله تعالى عند ذلك: أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ و ما كان يعتقده إبليس من الإباء على آدم إن أمر بطاعته، و إهلاكه إن سلط عليه، و من اعتقادكم أنه لا أحد يأتي بعدكم إلا و أنتم أفضل منه، بل محمد و آله الطيبون أفضل منكم، الذين أنبأكم آدم بأسمائهم».

369/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي «2»، عن الحسين «3» بن سعيد،

عن محمد بن زياد، عن أيمن بن محرز، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى علم آدم (عليه السلام) أسماء حجج الله كلها «4»، ثم

__________________________________________________

2- كمال الدّين و تمام النعمة: 13.

(1) حريّ: أي خليق و جدير. «الصحاح- حرا- 6: 2311».

(2) في المصدر زيادة: عن جعفر بن عبد اللّه الكوفي، و لم نجد له ذكرا في المصادر المتوفّرة لدينا.

(3) في المصدر: الحسن.

(4) قال ابن بابويه (رحمه اللّه): إنّ اللّه سبحانه و تعالى إذا علّم آدم الأسماء كلّها- على ما قاله المخالفون- فلا محالة أنّ أسماء الأئمّة (عليهم السّلام) داخلة في تلك الجملة، فصار ما قلناه في ذلك بإجماع الأمّة، و لا يجوز في حكمة اللّه أن يحرمهم معنى من معاني المثوبة، و لا أن يبخل بفضل من فضائل الأئمّة لانّهم كلّهم شرع واحد، دليل ذلك أن الرسل متى آمن مؤمن بواحد منهم، أو بجماعة و أنكر واحدا منهم، لم يقبل منه إيمانه، كذلك القضية في الأئمّة (عليه السّلام) أوّلهم و آخرهم واحد، و

قد قال الصّادق (عليه السّلام): «المنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا».

و للأسماء معان كثيرة و ليس أحد معانيها بأولى من الآخر، فمعنى الأسماء أنّه سبحانه علّم آدم (عليه السّلام) أوصاف الأئمّة كلّها أوّلها-

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 165

عرضهم- و هم أرواح- على الملائكة، فقال: أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين بأنكم أحق بالخلافة في الأرض- لتسبيحكم و تقديسكم- من آدم (عليه السلام): قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.

قال الله تبارك و تعالى: يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ وقفوا على عظم منزلتهم عند الله عز ذكره، فعلموا أنهم أحق بأن يكونوا خلقاء في

أرضه، و حججه على بريته، ثم غيبهم عن أبصارهم، و استبعدهم بولايتهم و محبتهم، و قال لهم: أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ.

ثم قال ابن بابويه: و حدثنا بذلك أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام).

370/ [3]- العياشي، قال: قال هشام بن سالم، قال أبو عبدالله (عليه السلام): «ما علم الملائكة بقولهم: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ لو لا أنهم قد كانوا رأوا من يفسد فيها و يسفك الدماء».

371/ [4]- عن محمد بن مروان، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «إني لأطوف بالبيت مع أبي (عليه السلام) إذ أقبل رجل طوال جعشم «1» متعمم بعمامة، فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله، قال: فرد عليه أبي.

فقال: أشياء أردت أن أسألك عنها، ما بقي أحد يعلمها إلا رجل أو رجلان.

قال: فلما قضى أبي الطواف دخل الحجر «2» فصلى ركعتين، ثم قال: ها هنا- يا جعفر- ثم أقبل على الرجل، فقال له أبي: كأنك غريب؟

فقال: أجل، فأخبرني عن هذا الطواف كيف كان؟ و لم كان؟

قال: إن الله لما قال للملائكة: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها إلى آخر الآية، كان ذلك من يعصي منهم، فاحتجب عنهم سبع سنين، فلاذوا بالعرش يلوذون يقولون: لبيك ذا المعارج لبيك، حتى تاب عليهم، فلما أصاب آدم الذنب طاف بالبيت حتى قبل الله منه. قال: فقال: صدقت، فعجب أبي من قوله: صدقت.

قال: فأخبرني عن

ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ «3».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 29/ 4.

4- تفسير العيّاشي 1: 29/ 5.

- و آخرها، و من أوصافهم العلم و الحلم و التقوى و الشجاعة و العصمة و السخاء و الوفاء، و قد نطق بمثله كتاب اللّه عزّ و جلّ: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا مريم 19: 41، أنظر كمال الدّين و تمام النعمة: 14- 18.

(1) الجعشم: هو المنتفخ الجنبين الغليظهما. «لسان العرب- جعشم- 12: 102».

(2) الحجر: حجر الكعبة، و هو ما حواه الحطيم بالبيت جانب الشّمال. «الصحاح- حجر- 2: 623».

(3) القلم 68: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 166

قال: نون نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، قال: فأمر الله القلم فجرى بما هو كائن و ما يكون، فهو بين يديه موضوع ما شاء منه زاد فيه، و ما شاء نقص منه، و ما شاء كان، و ما لا يشاء لا يكون. قال: صدقت، فعجب أبي من قوله: صدقت.

قال: فأخبرني عن قوله: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ «1» ما هذا الحق المعلوم؟

قال: هو الشي ء يخرجه الرجل من ماله ليس من الزكاة، فيكون للنائبة و الصلة. قال: صدقت، قال: فعجب أبي من قوله: صدقت. قال: ثم قام الرجل، فقال أبي: علي بالرجل، قال: فطلبته فلم أجده».

372/ [5]- عن محمد بن مروان، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «كنت مع أبي في الحجر، فبينا هو قائم يصلي إذ أتاه رجل فجلس إليه، فلما انصرف سلم عليه ثم قال: إني أسألك عن ثلاثة أشياء، لا يعلمها إلا أنت و رجل آخر. قال: ما هي؟

قال: أخبرني أي شي ء كان سبب الطواف بهذا البيت؟

فقال: إن الله تبارك و تعالى لما أمر

الملائكة أن يسجدوا لآدم، ردت الملائكة فقالت: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ فغضب عليهم، ثم سألوه التوبة فأمرهم أن يطوفوا بالضراح- و هو البيت المعمور- فمكثوا به يطوفون سبع سنين، يستغفرون الله مما قالوا، ثم تاب عليهم من بعد ذلك و رضي عنهم، فكان هذا أصل الطواف. ثم جعل الله البيت الحرام حذاء الضراح، توبة لمن أذنب من بني آدم و طهورا لهم، فقال: صدقت».

ثم ذكر المسألتين نحو الحديث الأول «ثم قال الرجل: صدقت، فقلت: من هذا الرجل، يا أبت؟ فقال: يا بني هذا الخضر (عليه السلام)».

373/ [6]- علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ: «ردوا على الله فقالوا: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ. و إنما قالوا ذلك بخلق مضى، يعني الجان أبا الجن «2». وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ فمنوا على الله بعبادتهم إياه فأعرض عنهم.

ثم علم آدم الأسماء كلها، ثم قال للملائكة أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا قال يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فأنباهم، ثم قال لهم اسْجُدُوا لِآدَمَ «3» فسجدوا، و قالوا في سجودهم- في أنفسهم-: ما كنا نظن أن يخلق الله خلقا أكرم عليه منا، نحن خزان الله و جيرانه، و أقرب الخلق إليه.

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 30/ 6. [.....]

6- تفسير العيّاشي 1: 30/ 7.

(1). 70: 24.

(2) في المصدر: 1: 30/ 7.

(3) البقرة 2: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 167

فلما رفعوا رؤوسهم، قال: الله يعلم

ما تبدون من ردكم علي و ما كنتم تكتمون: ظننا أن لا يخلق الله خلقا أكرم عليه منا».

فلما عرفت الملائكة أنها وقعت في خطيئة لاذوا بالعرش، و إنها كانت عصابة من الملائكة، و هم الذين كانوا حول العرش، لم يكن جميع الملائكة الذين قالوا: ما ظننا أن يخلق خلقا أكرم عليه منا، و هم الذين أمروا بالسجود، فلاذوا بالعرش و قالوا بأيديهم- و أشار بإصبعه يديرها- فهم يلوذون حول العرش إلى يوم القيامة.

فلما أصاب آدم الخطيئة، جعل الله هذا البيت لمن أصاب من ولده الخطيئة [أتاه فلاذ به من ولد آدم (عليه السلام) كما لاذ أولئك بالعرش.

فلما هبط آدم (عليه السلام) إلى الأرض طاف بالبيت، فلما كان عند المستجار دنا من البيت فرفع يديه إلى السماء، فقال: يا رب، اغفر لي. فنودي: إني قد غفرت لك، قال: يا رب، و لولدي، قال: فنودي: يا آدم، من جاءني من ولدك فباء «2» بذنبه بهذا المكان، غفرت له».

374/ [7]- عن عيسى بن حمزة «3»، قال: قال رجل لأبي عبدالله (عليه السلام): جعلت فداك، إن الناس يزعمون أن الدنيا عمرها سبعة آلاف سنة! فقال: «ليس كما يقولون، إن الله خلق لها خمسين ألف عام فتركها قاعا قفراء خاوية «4» عشرة آلاف عام.

ثم بدا لله بداء، فخلق فيها خلقا ليس من الجن و لا من الملائكة و لا من الإنس، و قدر لهم عشرة آلاف عام، فلما قربت آجالهم أفسدوا فيها، فدمر الله عليهم تدميرا. ثم تركها قاعا قفراء خاوية عشرة آلاف عام.

ثم خلق فيها الجن، و قدر لهم عشرة آلاف عام، فلما قربت آجالهم أفسدوا فيها، و سفكوا الدماء، و هو قول الله «5» أَ تَجْعَلُ فِيها

مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ كما سفكت بنو الجان، فأهلكهم الله.

ثم بدا لله فخلق آدم، و قدر له عشرة آلاف عام، و قد مضى من ذلك سبعة آلاف عام و مائتان، و أنتم في آخر الزمان».

375/ [8]- قال: قال زرارة: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: «أي شي ء عندك من أحاديث الشيعة»؟

فقلت: إن عندي منها شيئا كثيرا، قد هممت أن أوقد لها نارا، ثم أحرقها. فقال: «وارها تنس ما أنكرت منها».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 31/ 8.

8- تفسير العيّاشي 1: 32/ 9.

(1) الظاهر أنّ جملة (ظننا) بدل من قوله: (و ما تكتمون) أي إن اللّه يعلم ما تبدون من ردّكم عليّ و يعلم ظنّكم في أنفسكم: أنّ اللّه لا يخلق خلقا أكرم عليه منّا.

(2) بؤت بذنبي: أقررت و اعترف. «مجمع البحرين- بوأ- 1: 68».

(3) في «س»: عيسى بن أبي حمزة، و الظاهر صحّة ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 294، و معجم رجال الحديث 13: 184.

(4) خاوية: خالية، خوى المنزل: خلا من أهله. «مجمع البحرين- خوا- 1: 132».

(5) في المصدر: الملائكة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 168

فخطر على بالي الآدميون، فقال لي: «ما كان علم الملائكة حيث قالوا: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ».

376/ [9]- قال: و كان يقول أبو عبد الله (عليه السلام) إذا حدث بهذا الحديث: «هو كسر على القدرية».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن آدم كان له في السماء خليل من الملائكة، فلما هبط آدم من السماء إلى الأرض استوحش الملك، و شكا إلى الله تعالى و سأله أن يأذن له [فيهبط عليه ، فإذن له فهبط عليه، فوجده قاعدا في قفرة من الأرض، فلما رآه

آدم وضع يده على رأسه و صاح صيحة- قال أبو عبد الله (عليه السلام)-: يروون أنه أسمع عامة الخلق.

فقال له الملك: يا آدم، ما أراك إلا قد عصيت ربك، و حملت على نفسك ما لا تطيق، أ تدري ما قال الله لنا فيك فرددنا عليه؟ قال: لا.

قال: قال: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قلنا: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ فهو خلقك أن تكون في الأرض، يستقيم أن تكون في السماء؟!». فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الله، [عزى بها آدم ثلاثا».

377/ [10]- عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ماذا علمه؟ قال: «الأرضين، و الجبال، و الشعاب «1»، و الأودية- ثم نظر إلى بساط تحته، فقال-: و هذا البساط مما علمه».

378/ [11]- عن الفضل أبي العباس «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ما هي؟ قال: «أسماء الأودية، و النبات، و الشجر، و الجبال من الأرض».

379/ [12]- عن داود بن سرحان العطار، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدعا بالخوان «3» فتغدينا، ثم جاءوا بالطست و الدست سنانه «4»، فقلت: جعلت فداك، قوله: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها الطست و الدست سنانه منه؟ فقال: «الفجاج «5» و الأودية» و أهوى بيده، كذا و كذا.

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 32/ 10.

10- تفسير العيّاشي 1: 32/ 11.

11- تفسير العيّاشي 1: 32/ 12. [.....]

12- تفسير العيّاشي 1: 33/ 13.

(1) الشعاب: جمع شعب، و هو الطريق في الجبل، و هو أيضا: الحيّ العظيم. «الصحاح- شعب- 1: 156».

(2) كذا في «ط»،

و في «س» و المصدر: الفضل بن العبّاس، و لعلّه أبو العبّاس الفضل بن عبد الملك البقباق المعدود من أصحاب الصّادق (عليه السّلام). راجع رجال النجاشي: 308 و معجم رجال الحديث 13: 304.

(3) الخوان: الذي يؤكل عليه. «الصحاح- خون- 5: 211».

(4) الدست سنانه: لعلّها تصحيف (الستشان) و هو عسول اليد، و ليست الكلمة عربية. «مجمع البحرين- دست- 2: 200».

(5) الفجاج: الطريق الواسع بين جبلين! «القاموس المحيط- فجج- 1: 209»، و في «ط»: العجاج، و يطلق على الغبار و الدخان. «الصحاح- عجج- 1: 327».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 169

380/ [13]- حريز، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أن خلق الله آدم، أمر الملائكة أن يسجدوا له.

فقالت الملائكة في أنفسها: ما كنا نظن أن الله خلق خلقا أكرم عليه منا، فنحن جيرانه، و نحن أقرب الخلق إليه.

فقال الله: أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فيما أبدوا من أمر بني الجان، و كتموا ما في أنفسهم، فلاذت الملائكة الذين قالوا ما قالوا بالعرش».

381/ [14]- ابن شاذان: عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهما السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من لم يقل إني رابع الخلفاء الأربعة، فعليه لعنة الله».

قال الحسين «1» بن زيد: فقلت لجعفر بن محمد (عليهما السلام): قد رويتم غير هذا فإنكم لا تكذبون؟! قال (عليه السلام): «نعم قال الله تعالى في محكم كتابه: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فكان آدم أول خليفة الله. و يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ «2» فكان داود الثاني. و كان هارون خليفة موسى قوله تعالى: اخْلُفْنِي

فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ «3»، و هو خليفة محمد (صلى الله عليه و آله)، فلم «4» لم يقل: إني رابع الخلفاء الأربعة؟ «5»».

سورة البقرة(2): آية 34 ..... ص : 169

قوله تعالى:

وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ [34]

382/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عمن أخبره، عن علي بن جعفر، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «لما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) تيما و عديا و بني أمية يركبون منبره

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 1: 33/ 14.

14- مائة منقبة: 125 منقبة 59.

1- الكافي 1: 353/ 73.

(1) في «س، ط»: الحسن، و هو الحسين بن زيد بن علي بن الحسين (عليهما السّلام). راجع رجال النجاشي: 52 و رجال الشيخ 1680/ 55.

(2) سورة ص 38: 26.

(3) الأعراف 7: 142.

(4) في المصدر: فمن.

(5) في المصدر زيادة: فعليه لعنة اللّه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 170

أفظعه «1»، فأنزل الله تبارك و تعالى قرآنا يتأسى به: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى

ثم أوحى إليه: يا محمد، إني أمرت فلم أطع، فلا تجزع أنت [إذا] أمرت فلم تطع في وصيك».

383/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن موسى بن بكر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الكفر و الشرك، أيهما أقدم؟

فقال لي: «ما عهدي بك تخاصم الناس».

قلت: أمرني هشام بن سالم أن أسألك عن ذلك.

فقال لي: «الكفر أقدم و هو الجحود قال الله عز و جل: إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ».

384/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون

بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و قد سئل عن الكفر و الشرك أيهما أقدم؟ فقال: «الكفر أقدم، و ذلك أن إبليس أول من كفر، و كان كفره غير شرك، لأنه لم يدع إلى عبادة غير الله، و إنما دعا إلى ذلك بعد فأشرك».

385/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عما ندب الله الخلق إليه، أدخل فيه الضلال «2»؟

قال: «نعم، و الكافرون دخلوا فيه، لأن الله تبارك و تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم «3»، فدخل في أمره الملائكة و إبليس فإن إبليس كان مع «4» الملائكة في السماء يعبد الله، و كانت الملائكة تظن أنه منهم، و لم يكن منهم، فلما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم، أخرج ما كان في قلب إبليس من الحسد، فعلمت الملائكة عند ذلك أن إبليس لم يكن منهم».

فقيل له (عليه السلام): كيف وقع الأمر على إبليس، و إنما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم؟! فقال: «كان إبليس منهم بالولاء، و لم يكن من جنس الملائكة، و ذلك أن الله خلق خلقا قبل آدم، و كان إبليس «5» حاكما في الأرض، فعتوا و أفسدوا و سفكوا الدماء، فبعث الله الملائكة فقتلوهم، و أسروا إبليس و رفعوه

__________________________________________________

2- الكافي 2: 284/ 6.

3- الكافي 2: 284/ 8.

4- تفسير القمّي 1: 35.

(1) أفظع الأمر فلانا: هاله. «المعجم الوسيط- فظع- 2: 695».

(2) في المصدر: الضلالة.

(3) قال المجلسي (رحمه اللّه): اعلم أنّ المسلمين قد أجمعوا على أن ذلك السجود لم يكن سجود عبادة لأنّها لغير اللّه تعالى توجب الشرك. ثمّ أورد جملة أقوال في معنى السجود

و رجّح إحداها، و هو في الحقيقة عبادة للّه لكونه بأمره. ثمّ قال: اعلم أنّه قد ظهر ممّا أوردنا من الأخبار أن السجود لا يجوز لغير اللّه ما لم يكن عن أمره، و أن المسجود له لا يكون معبودا مطلقا، بل قد يكون السجود تحيّة لا عبادة و إن لم يجز إيقاعه إلّا بأمره تعالى. «بحار الأنوار 11: 140».

(4) في المصدر: من.

(5) في المصدر زيادة: منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 171

إلى السماء، فكان مع الملائكة يعبد الله إلى أن خلق الله تبارك و تعالى آدم».

386/ [5]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن ثابت الحذاء، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: «إن الله تبارك و تعالى أراد أن يخلق خلقا بيده، و ذلك بعد ما مضى من الجن و النسناس «1» في الأرض سبعة آلاف سنة، و كان من شأنه خلق آدم، فكشط «2» عن أطباق السماوات و قال للملائكة: انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن و النسناس، فلما رأوا ما يعملون فيها من المعاصي و سفك الدماء و الفساد في الأرض بغير الحق، عظم ذلك عليهم و غضبوا و تأسفوا على أهل الأرض و لم يملكوا غضبهم.

قالوا: ربنا إنك أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن، و هذا خلقك الضعيف الذليل يتقلبون في قبضتك و يعيشون برزقك و يستمتعون «3» بعافيتك، و هم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام، لا تأسف عليهم و لا تغضب و لا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم و ترى، و قد عظم ذلك

علينا و أكبرناه «4» فيك!».

قال: «فلما سمع ذلك من الملائكة، قال: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «5» يكون حجة لي في أرضي على خلقي.

فقالت الملائكة: سبحانك أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها «6» كما فسد بنو الجان، و يسفكون الدماء كما سفك بنو الجان، و يتحاسدون و يتباغضون، فاجعل ذلك الخليفة منا، فإنا لا نتحاسد و لا نتباغض و لا نسفك الدماء، و نسبح بحمدك و نقدس لك.

قال جل و عز: إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ «7» إني أريد أن أخلق خلقا بيدي، و أجعل من ذريته أنبياء و مرسلين و عبادا صالحين و أئمة مهتدين، و أجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي، ينهونهم عن معصيتي، و ينذرونهم من عذابي، و يهدونهم إلى طاعتي، و يسلكون بهم طريق سبيلي، و أجعلهم لي حجة، و عليهم عذرا و نذرا، و أبين النسناس عن أرضي «8»، و أطهرها منهم، و أنقل مردة الجن العصاة عن بريتي و خلقي و خيرتي، و أسكنهم في الهواء و في أقطار الأرض، و لا يجاورون نسل خلقي، و أجعل بين الجن و بين خلقي حجابا، فلا يرى نسل خلقي الجن، و لا يجالسونهم، و لا يخالطونهم، فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم، أسكنتهم

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 36.

(1) النسناس: جنس من الخلق يثب أحدهم على رجل واحدة. «الصحاح- نسس- 3: 983».

قال ابن الأثير في النهاية- في حديث أبي هريرة «ذهب النّاس و بقي النسناس»

- قال: قيل: هم يأجوج و مأجوج، و قيل: خلق على صورة الناس، أشبهوهم في شي ء، و خالفوهم في شي ء، و ليسوا من بني آدم، و قيل: هم من بني آدم. «النهاية- نسنس- 5: 50».

(2) كشطت الغطاء عن

الشّي ء، إذا كشفته عنه. «الصحاح- كشط- 3: 1155».

(3) في المصدر: و يتمتعون.

(4) أكبرت الشّي ء: استعظمته. «الصحاح- كبر- 2: 802».

(5) البقرة 2: 30. [.....]

(6) البقرة 2: 30.

(7) البقرة 2: 30.

(8) أبان الشّي ء: فصله و أبعده. «المعجم الوسيط- بان- 1: 80»، و في المصدر: و أبيد النسناس من أرضي، أي أهلكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 172

مساكن العصاة، و أوردتهم مواردهم و لا أبالي».

قال: «فقالت الملائكة: يا ربنا، افعل ما شئت لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ «1»».

قال: «فباعدهم الله من العرش [مسيرة] خمسمائة عام- قال-: فلاذوا بالعرش و أشاروا بالأصابع، فنظر الرب عز و جل إليهم و نزلت الرحمة فوضع لهم البيت المعمور «2»، فقال: طوفوا به ودعوا العرش فإنه لي رضا، فطافوا به- و هو البيت الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا- فوضع الله البيت المعمور توبة لأهل السماء، و وضع الكعبة توبة لأهل الأرض.

فقال الله تبارك و تعالى: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ «3»- قال- و كان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه، و احتجاجا منه عليهم».

قال: «فاغترف ربنا عز و جل غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات- و كلتا يديه يمين «4»- فصلصلها في كفه حتى جمدت، فقال لها: منك أخلق النبيين و المرسلين، و عبادي الصالحين، و الأئمة المهتدين، و الدعاة إلى الجنة و أتباعهم إلى يوم القيامة و لا أبالي، و لا أسأل عما أفعل و هم يسألون.

ثم اغترف غرفة أخرى من الماء المالح الأجاج، فصلصلها في كفه فجمدت، فقال لها: منك أخلق الجبارين، و الفراعنة

و العتاة و إخوان الشياطين، و الدعاة إلى النار إلى يوم القيامة و أشياعهم و لا أبالي، و لا أسأل عما أفعل و هم يسألون».

قال: «و شرط «5» البداء «6» فيهم «7»، و لم يشترط في أصحاب اليمين ثم خلط الماءين جميعا في كفه

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 32.

(2) قال الطريحي (رحمه اللّه): قيل: هو في السّماء حيال الكعبة ضجّ من الغرق، فرفعه اللّه إلى السّماء و بقي أسه، يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك ثمّ لا يعودون إليه، و المعمور: المأهول، و عمرانه كثرة غاشية من الملائكة. «مجمع البحرين- عمر- 3: 412».

(3) الحجر 15: 28 و 29.

(4) قال ابن الأثير: أي انّ يديه تبارك و تعالى بصفة الكمال، لا نقص في واحدة منهما، لأنّ الشّمال تنقص عن اليمين، و كلّ ما جاء في القرآن و الحديث من إضافة اليد و الأيدي، و اليمين و غير ذلك من أسماء الجوارح إلى اللّه تعالى، فإنّما هو على سبيل المجاز و الاستعارة، و اللّه منزّه عن التشبيه و التجسيم. «النهاية- يمن- 5: 301».

و قال المجلسيّ (رحمه اللّه): يمكن توجيهه بوجوه ثلاثة: الأوّل: أن يكون المراد باليد القدرة، و اليمين كناية عن قدرته على اللطف و الإحسان و الرحمة، و الشّمال كناية عن قدرته على القهر و البلايا و النقمات، و المراد بكون كلّ منهما يمينا كون قهره و نقمته و بلائه أيضا لطفا و خيرا و رحمة، الثاني: أن يكون المراد على هذا التأويل أيضا أنّ كلّا منهما كامل في ذاته لا نقص في شي ء منهما، الثالث: أن يكون المراد بيمينه يمين الملك الذي أمره بذلك، و يكون كلتا يديه يمينا مساواة قوّة يديه و كمالهما. «بحار الأنوار 11:

107».

(5) في المصدر: و شرطه في ذلك.

(6) بدا له في الأمر: إذا ظهر له استصواب شي ء غير الأوّل، و الاسم منه البداء و هو بهذا المعنى مستحيل على اللّه تعالى.

كما جاءت به الرواية عنهم (عليهم السّلام): «بأن اللّه لم يبد له من جهل»

! و

قوله (عليه السّلام): «ما بدا للّه في شي ء إلّا كان في علمه قبل أن يبدو له».

«مجمع البحرين- بدا- 1- 45».

(7) (فيهم) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 173

فصلصلهما، ثم كفأهما قدام عرشه و هما سلالة «1» من الطين.

ثم أمر الله الملائكة الأربعة: الشمال، و الجنوب، و الصبا «2»، و الدبور أن يجولوا «3» على هذه السلالة الطين فأبرءوها «4» و أنشأوها، ثم جزءوها و فصلوها، و أجروا فيها الطبائع الأربعة: الريح، و الدم، و المرة، و البلغم، فجالت الملائكة عليها، و هي الشمال، و الجنوب، و الصبا، و الدبور، و أجروا فيها الطبائع الأربعة: الريح في الطبائع الأربعة من البدن من ناحية الشمال، و البلغم في الطبائع الأربعة من ناحية الصبا، و المرة في الطبائع الأربعة من ناحية الدبور، و الدم في الطبائع الأربعة من ناحية الجنوب».

قال: «فاستقلت «5» النسمة «6» و كمل البدن، فلزمه من ناحية الريح: حب النساء، و طول الأمل، و الحرص و لزمه من ناحية البلغم: حب الطعام، و الشراب، و البر و الحلم، و الرفق و لزمه من ناحية المرة «7»: الغضب، و السفه، و الشيطنة، و التجبر، و التمرد، و العجلة و لزمه من ناحية الدم: الفساد، و اللذات، و ركوب المحارم، و الشهوات».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «وجدنا هذا في كتاب علي (عليه السلام)، فخلق الله آدم فبقي أربعين سنة مصورا، فكان يمر

به إبليس اللعين، فيقول: لأمر ما خلقت!».

قال العالم (عليه السلام): «فقال إبليس: لئن أمرني الله بالسجود لهذا لأعصينه، قال: ثم نفخ فيه، فلما بلغت الروح فيه إلى دماغه عطس، فقال: لحمد لله، فقال الله، له: يرحمك الله».

قال الصادق (عليه السلام): «فسبقت له من الله الرحمة، ثم قال الله تبارك و تعالى للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا له، فأخرج إبليس ما كان في قلبه من الحسد، فأبى أن يسجد، فقال الله عز و جل: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ «8»، فقال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ «9»».

قال الصادق (عليه السلام): «أول من قاس إبليس و استكبر، و الاستكبار هو أول معصية عصي الله بها- قال-: فقال إبليس: يا رب، أعفني من السجود لآدم، و أنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرب و لا نبي مرسل.

فقال الله تبارك و تعالى: لا حاجة لي إلى عبادتك، أنا أريد أن أعبد من حيث أريد لا من حيث تريد فأبى أن يسجد.

فقال الله: فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَ إِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ «10».

__________________________________________________

(1) سلالة الشّي ء: ما استلّ منه، و النطفة سلالة الإنسان. «الصحاح- سلل- 5: 1731».

(2) الصّباح: ريح تهبّ من مطلع الشّمس تجي ء من ظهرك إذا استقبلت القبلة، الدّبور عكسها. «مجمع البحرين- صبا- 1: 260».

(3) جال يجول: إذا ذهب و جاء. «مجمع البحرين- جول- 5: 345».

(4) في المصدر: فأمرؤها، و في «ط»: فابدءوها. [.....]

(5) استقلت: ارتفعت. «الصحاح- قلل- 5: 1804».

(6) النسمة: النفس، و النسمة: الإنسان. «مجمع البحرين- نسم- 6: 175».

(7) في المصدر زيادة: الحبّ و.

(8، 9) الأعراف 7: 12.

(10) سورة ص 38: 77 و 78.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 174

فقال إبليس: يا

رب، و كيف و أنت العدل الذي لا يجور و لا يظلم، فثواب عملي بطل؟! قال: لا، و لكن سلني من أمر الدنيا ما شئت ثوابا لعملك فأعطيك. فأول ما سأل البقاء إلى يوم الدين، فقال الله: قد أعطيتك. قال: سلطني على ولد آدم، فقال: سلطتك. قال: أجرني فيهم كمجرى الدم في العروق، فقال: قد أجريتك. قال: لا يولد لهم ولد إلا ولد لي اثنان، و أراهم و لا يروني، و أتصور لهم في كل صورة شئت، فقال: قد أعطيتك.

قال: يا رب زدني قال: قد جعلت لك و لذريتك صدورهم «1» أوطانا، قال: رب، حسبي. فقال إبليس عند ذلك: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ «2» ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ «3»».

387/ [6]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أعطى الله تبارك و تعالى إبليس ما أعطاه من القوة، قال آدم: يا رب، سلطت إبليس على ولدي، و أجريته فيهم مجرى الدم في العروق، و أعطيته ما أعطيته، فما لي و لولدي؟ فقال: لك و لولدك السيئة بواحدة، و الحسنة بعشر أمثالها.

قال: رب، زدني. قال: التوبة مبسوطة إلى حين تبلغ النفس الحلقوم.

قال: يا رب، زدني. قال: أغفر و لا أبالي قال: حسبي».

قال: قلت له: جعلت فداك، بماذا استوجب إبليس من الله أن أعطاه ما أعطاه؟ فقال: «بشي ء كان منه شكره الله عليه».

قلت: و ما كان منه، جعلت فداك؟ قال: «ركعتان ركعهما في السماء في أربعة آلاف سنة».

388/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم،

عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: كان الطيار «4» يقول لي: إبليس ليس من الملائكة، و إنما أمرت الملائكة بالسجود لآدم، فقال إبليس: لا أسجد، فما لإبليس يعصي حين لم يسجد، و ليس هو من الملائكة؟! قال: فدخلت أنا و هو على أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: فأحسن و الله في المسألة فقال: جعلت فداك [أ رأيت ما ندب الله عز و جل إليه المؤمنين من قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا «5» أدخل في ذلك المنافقون

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 42.

7- الكافي 2: 303/ 1.

(1) في المصدر: جعلت لك في صدورهم.

(2) سورة ص 38: 82 و 83.

(3) الأعراف 7: 17.

(4) و هو حمزة بن محمّد الطيّار، كوفيّ من أصحاب الصّادق (عليه السّلام). «معجم رجال الحديث 6: 278».

(5) البقرة 2: 104.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 175

معهم؟

قال: «نعم، و الضلال و كل من أقر بالدعوة الظاهرة، و كان إبليس ممن أقر بالدعوة الظاهرة معهم «1»».

389/ [8]- الحسين بن سعيد: عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إياك و الغضب، فإنه مفتاح كل شر».

و قال: «إن إبليس كان مع الملائكة، [و كانت الملائكة] تحسب أنه منهم، و كان في علم الله أنه ليس منهم، فلما أمر بالسجود لآدم حمي و غضب، فأخرج الله ما كان في نفسه بالحمية «2» و الغضب».

390/ [9]- ابن بابويه: قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد بإسناده رفعه، قال: أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) يهودي، فقال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن أشياء، إن أخبرتني بها أسلمت.

قال

علي (عليه السلام): «سلني- يا يهودي- عما بدا لك، فإنك لا تصيب أحدا أعلم منا أهل البيت». و ذكر المسائل إلى أن قال: و لم سمي آدم آدم؟

قال: «و سمي آدم آدم لأنه خلق من أديم الأرض «3»، و ذلك أن الله تبارك و تعالى بعث جبرئيل (عليه السلام)، و أمره أن يأتيه من أديم الأرض بأربع طينات: طينة بيضاء، و طينة حمراء، و طينة غبراء، و طينة سوداء، و ذلك من سهلها و حزنها «4». ثم أمره الله أن يأتيه بأربعة أمواه «5»: ماء عذب، و ماء ملح، و ماء مر، و ماء منتن.

ثم أمره أن يفرغ الماء في الطين و أدمه الله بيده، فلم يفضل شي ء من الطين يحتاج إلى الماء، و لا من الماء شي ء يحتاج إلى الطين، فجعل الماء العذب في حلقه، و جعل الماء الملح في عينيه، و جعل الماء المر في أذنيه، و جعل الماء المنتن في أنفه».

__________________________________________________

8- كتاب الزهد: 26/ 61.

9- علل الشرائع: 1/ 1. [.....]

(1) قال المجلسيّ (رحمه اللّه): حاصله أنّ اللّه تعالى إنّما أدخله في لفظ الملائكة لأنّه كان مخطوطا بهم و كونه ظاهرا منهم، و إنّما وجّه الخطاب في الأمر بالسجود إلى هؤلاء الحاضرين و كان من بينهم فشمله الأمر، أو المراد أنّه خاطبهم ب (يا أيّها الملائكة) مثلا و كان إبليس أيضا مأمورا لكونه ظاهرا منهم و مظهرا لصفاتهم، كما أن خطاب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يشمل المنافقين لكونهم ظاهرا من المؤمنين، و أمّا ظنّ الملائكة فيحتمل أن يكون المراد أنّهم ظنوا أنّه منهم في الطاعة و عدم العصيان، لأنّه يبعد أن لا يعلم الملائكة أنّه ليس منهم مع أنّهم رفعوه إلى السّماء و

أهلكوا قومه، فيكون من قبيل

قولهم (عليهم السّلام): «سلمان منّا أهل البيت»

على أنّه يحتمل أن يكون الملائكة ظنّوا أنّه كان ملكا جعله اللّه حاكما على الجانّ، و يحتمل أن يكون هذا الظنّ من بعض الملائكة الذين لم يكونوا بين جماعة منهم قتلوا الجانّ و رفعوا إبليس.

«بحار الأنوار 11: 148».

(2) كذا، و الظاهر أنّ الصّواب: من الحمية.

(3) أديم الأرض: صعيدها و ما ظهر منها. «مجمع البحرين- أدم- 6: 6».

(4) الحزن: ما غلظ من الأرض، و هو خلاف السهل، و الجمع حزون. «مجمع البحرين- حزن- 6: 232».

(5) يجمع الماء على أمواه في القلة، و يجمع على مياه في الكثرة. «مجمع البحرين- موه- 6: 362».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 176

391/ [10]- و عنه: قال: حدثنا الحسين «1» بن يحيى بن ضريس البجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو جعفر عمارة «2» السكري السرياني، قال: حدثنا إبراهيم بن عاصم بقزوين، قال: حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي، قال:

حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبيد الله مولى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: حدثنا أبي- عبد الله بن يزيد- قال: حدثني يزيد بن سلام «3» أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: أخبرني عن آدم، لم سمي آدم؟ قال: «لأنه خلق من طين الأرض و أديمها».

قال: فآدم خلق من الطين كله، أو من طين واحد؟ قال: «بل من الطين كله، و لو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، و كانوا على صورة واحدة».

قال: فلهم في الدنيا مثل؟ قال: «التراب لأن فيه أبيض، و فيه أخضر، و فيه أشقر، و فيه أغبر، و فيه أحمر، و فيه

أزرق، و فيه عذب، و فيه ملح، و فيه خشن، و فيه لين، و فيه أصهب، فلذلك صار الناس فيهم لين، و فيهم خشن، و فيهم أبيض، و فيهم أصفر و أحمر و أصهب و أسود، على ألوان التراب».

392/ [11]- الطبرسي: عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، و قد سأله طاوس اليماني، قال له: فلم سمي آدم آدم؟

قال: لأنه رفعت طينته من أديم الأرض السفلى».

قال: فلم سميت حواء حواء؟ قال: «لأنها خلقت من ضلع حي» يعني ضلع آدم.

قال له: فلم سمي إبليس إبليس؟ قال: «لأنه أبلس من رحمة الله «4» عز و جل، فلا يرجوها».

قال: فلم سمي الجن جنا؟ قال: «لأنهم استجنوا «5» فلا يروا».

393/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا محمد بن الوليد، عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه ذكر: «أن اسم إبليس (الحارث) و إنما قول الله عز و جل:

يا إِبْلِيسُ «6» يا عاصي، و سمي إبليس لأنه أبلس من رحمة الله».

__________________________________________________

10- علل الشرائع: 471/ 33.

11- الاحتجاج 2: 328.

12- معاني الأخبار: 138/ 1.

(1) في «س»: الحسن. و الظاهر صحّة ما في «س» بقرينة الموارد الأخرى الكثيرة في مرويات الصدوق عنه. راجع معجم رجال الحديث 6:

113.

(2) كذا في «س» و المصدر، و في موارد أخى: أبو جعفر بن عمار-. راجع التّوحيد: 390/ 1 و علل الشرائع: 13/ 9.

(3) زاد في موارد أخرى: عن أبيه سلّام بن عبيد اللّه، عن عبيد اللّه بن سلّام مولى رسول اللّه. راجع المصدرين في التعليقة

السابقة.

(4) أبلس من رحمة اللّه، أي يئس. «الصحاح- بلس- 3: 909».

(5) أستجنّ: أستتر. «المعجم الوسيط- جنن- 1: 141».

(6) الحجر 15: 32. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 177

394/ [13]- العياشي: عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن إبليس أ كان من الملائكة، أو كان يلي شيئا من أمر السماء؟ فقال: «لم يكن من الملائكة، و كانت الملائكة ترى أنه منها، و كان الله يعلم أنه ليس منها، و لم يكن يلي شيئا من أمر السماء و لا كرامة».

فأتيت الطيار فأخبرته بما سمعت فأنكره، و قال: كيف لا يكون من الملائكة و الله يقول للملائكة اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ؟! فدخل عليه الطيار فسأله- و أنا عنده- فقال له: جعلت فداك، قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا «1» في غير مكان في مخاطبة المؤمنين، أ يدخل في هذه المنافقون؟ فقال: «نعم، يدخل في هذه المنافقون و الضلال و كل من أقر بالدعوة الظاهرة».

395/ [14]- عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن إبليس، أ كان من الملائكة، أو هل كان يلي شيئا من أمر السماء؟

قال: «لم يكن من الملائكة، و لم يكن يلي شيئا من أمر السماء، و كان من الجن، و كان مع الملائكة، و كانت الملائكة ترى أنه منها، و كان الله يعلم أنه ليس منها، فلما أمر بالسجود كان منه الذي كان».

396/ [15]- عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن أول كفر كفر بالله- حيث خلق الله آدم- كفر إبليس، حيث رد على الله أمره، و أول الحسد حسد ابن آدم أخاه، و أول الحرص حرص

آدم، نهي عن الشجرة فأكل منها فأخرجه حرصه من الجنة».

397/ [16]- عن بدر بن خليل الأسدي، عن رجل من أهل الشام، قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): «أول بقعة عبد الله عليها ظهر الكوفة، لما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم على ظهر الكوفة».

398/ [17]- عن موسى بن بكر «2» الواسطي، قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن الكفر و الشرك، أيهما أقدم؟ فقال: «ما عهدي بك تخاصم الناس!».

قلت: أمرني هشام بن الحكم أن أسألك عن ذلك. فقال لي: «الكفر أقدم- و هو الجحود- قال الله لإبليس:

أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ».

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 1: 33/ 15.

14- تفسير العيّاشي 1: 34/ 16.

15- تفسير العيّاشي 1 لا 34/ 17.

16- تفسير العيّاشي 1 لا 34/ 18.

17- تفسير العيّاشي 1 لا 34/ 19.

(1) البقرة 2: 104.

(2) في المصدر: بكر بن موسى. و هو سهو، راجع رجال النجاشي: 407/ 1081.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 178

سورة البقرة(2): الآيات 35 الي 36 ..... ص : 178

قوله تعالى:

وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ [35] فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَ قُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ [36]

399/ [1]- قال الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام): «إن الله عز و جل لما لعن إبليس بإبائه «1»، و أكرم الملائكة بسجودها لآدم، و طاعتهم لله عز و جل، أمر بآدم و حواء إلى الجنة، و قال: يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها من الجنة رَغَداً واسعا حَيْثُ شِئْتُما بلا تعب وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ شجرة العلم،

شجرة علم محمد (صلى الله عليه و آله) و آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) الذين آثرهم «2» الله عز و جل بها دون خلقه.

فقال تعالى: وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ شجرة العلم، فإنها لمحمد و آله خاصة دون غيرهم، و لا يتناول منها بأمر الله إلا هم، و منها ما كان يتناوله النبي (صلى الله عليه و آله) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام) بعد إطعامهم اليتيم و المسكين و الأسير، حتى لم يحسوا بعد بجوع و لا عطش و لا تعب و لا نصب.

و هي شجرة تميزت بين أشجار الجنة إن سائر أشجار الجنة كان كل نوع منها يحمل نوعا من الثمار و المأكول، و كانت هذه الشجرة و جنسها تحمل البر «3» و العنب و التين و العناب «4» و سائر أنواع الثمار و الفواكه و الأطعمة، فلذلك اختلف الحاكون لذكر «5» الشجرة، فقال بعضهم: هي برة، و قال آخرون: هي عنبة، و قال آخرون:

هي تينة، و قال آخرون: هي عنابة.

قال الله تعالى: وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ تلتمسان بذلك درجة محمد و آل محمد و فضلهم، فإن الله تعالى خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم، و هي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله ألهم علم الأولين و الآخرين من غير تعلم، و من تناول منها بغير إذن خاب من مراده و عصى ربه. فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ بمعصيتكما و التماسكما

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام) 221/ 103 و 104.

(1) أبى إباء: استعصى. «المعجم الوسيط- أبي- 1: 4».

(2) آثره الشي ء بالشّي ء: خصّه به. «المعجم الوسيط- آثر- 1: 5».

(3) البرّ: جمع برّة من القمح. «الصحاح- برر- 2: 588».

(4)

العنّاب: شجر شائك من الفصيلة السدريّة، يبلغ ارتفاعه ستّة أمتار، و يطلق العنّاب على ثمره أيضا، و هو أحمر حلو لذيذ الطعم على شكل ثمرة النبق. «المعجم الوسيط- عنب- 2: 630».

(5) في المصدر: لتلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 179

درجة قد أوثر بها غيركما- كما أردتما- بغير حكم الله تعالى.

قال الله تعالى: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها عن الجنة، بوسوسته و خديعته و إيهامه و غروره، بأن بدأ بآدم فقال: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ «1» إن تناولتما منها تعلمان الغيب، و تقدران على ما يقدر عليه من خصه الله تعالى بالقدرة أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ «2» لا تموتان أبدا.

وَ قاسَمَهُما «3» حلف لهما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ «4» و كان إبليس بين لحيي «5» الحية أدخلته الجنة، و كان آدم يظن أن الحية هي التي تخاطبه، و لم يعلم أن إبليس قد اختفي بين لحييها.

فرد آدم على الحية: أيتها الحية، هذا من غرور إبليس لعنه الله، كيف يخوننا ربنا؟ أم كيف تعظمين الله بالقسم به و أنت تنسبينه إلى الخيانة و سوء النظر و هو أكرم الأكرمين، أم كيف أروم التوصل إلى ما منعني منه ربي عز و جل، و أتعاطاه بغير حكمه؟! فلما يئس إبليس من قبول أمره «6» منه، عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حواء من حيث يوهمها أن الحية هي التي تخاطبها، و قال: يا حواء، أ رأيت هذه الشجرة التي كان الله عز و جل حرمها عليكما، قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما، و توقير كما إياه؟ و ذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة- التي معها الحراب، يدفعون عنها سائر حيوان الجنة- لا

تدفعك عنها، إن رمتها «7»، فاعلمي بذلك أنه قد أحل لك، و أبشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه، الآمرة الناهية فوقه.

فقالت حواء: سوف أجرب هذا. فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن تدفعها عنها بحرابها، فأوحى الله تعالى إليها: إنما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره، فأما من جعلته متمكنا «8» مختارا، فكلوه إلى عقله «9» الذي جعلته حجة عليه، فإن أطاع استحق ثوابي، و إن عصى و خالف أمري استحق عقابي و جزائي، فتركوها و لم يتعرضوا لها، بعد ما هموا بمنعها بحرابهم، فظنت أن الله تعالى نهاهم عن منعها لأنه قد أحلها بعد ما حرمها.

فقالت: صدقت الحية. و ظنت أن المخاطب لها هي الحية، فتناولت منها و لم تنكر «10» من نفسها شيئا.

فقالت: يا آدم، ألم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا؟ تناولت منها فلم يمنعني أملاكها، و لم أنكر شيئا من ذلك.

__________________________________________________

(1، 2) الأعراف 7: 20. [.....]

(3، 4) الأعراف 7: 21.

(5) اللحي: عظم الحنك، و اللّحيان: العظمان اللّذان تنبت اللحية على بشرتهما. «مجمع البحرين- لحا- 1: 373».

(6) في المصدر: آدم.

(7) رمت الشي ء: إذا طلبته «الصحاح- روم- 5: 1938».

(8) في المصدر: ممكنا مميّزا.

(9) وكل فلانا إلى رأيه: تركه و لم يعنه. «معجم الوسيط 2: 1054».

(10) التنكّر: التغيّر. «لسان العرب- نكر- 5: 234».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 180

فذلك حين اغتر آدم و غلط فتناول، فأصابهما ما قال الله تعالى في كتابه: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما بوسوسته، و غروره، مِمَّا كانا فِيهِ من النعيم وَ قُلْنا يا آدم، و يا حواء، و يا أيتها الحية، و يا إبليس اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ آدم و حواء و ولدهما عدو الحية،

و إبليس و الحية و أولادهما أعداؤكم.

وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ أي منزل و مقر للمعاش وَ مَتاعٌ منفعة إِلى حِينٍ الموت».

400/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان، عن الحسن بن بسام «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن جنة آدم، فقال:

«جنة آدم من جنان الدنيا، تطلع «2» فيها الشمس و القمر، و لو كانت من جنان الخلد ما خرج منها أبدا».

401/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين ابن ميسر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن جنة آدم؟ فقال: «جنة من جنان الدنيا، تطلع فيها الشمس و القمر، و لو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبدا».

402/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي رفعه، قال: سئل الصادق (عليه السلام)، عن جنة آدم، أمن جنان الدنيا كانت، أم من جنان الآخرة؟ فقال: «كانت من جنان الدنيا، تطلع فيها الشمس و القمر، و لو كانت من جنان الآخرة ما أخرج منها أبدا» «3».

قال: «فلما أسكنه الله الجنة و أتى جهالة إلى الشجرة أخرجه، لأن الله خلق خلقة لا تبقى إلا بالأمر و النهي و الغذاء و اللبس و الإسكان «4» و النكاح، و لا يدرك ما ينفعه مما يضره إلا بالتوقيف «5».

فجاءه إبليس، فقال له: إنكما إذا أكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها، صرتما ملكين، و بقيتما في الجنة أبدا، و إن لم تأكلا منها أخرجكما الله من الجنة. و حلف لهما أنه لهما ناصح، كما قال الله عز

و جل حكاية عنه:

ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ «6».

فقبل آدم قوله، فأكلا من الشجرة فكان كما حكى الله: بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما «7» و سقط عنهما ما ألبسهما

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 600/ 55.

3- الكافي 3: 247/ 2.

4- تفسير القمّي 1: 43.

(1) في المصدر: بشّار.

(2) في المصدر زيادة: عليه.

(3) في المصدر زيادة: و لم يدخلها إبليس.

(4) في المصدر: و اللباس و الأكنان، و الكنّ: السترة، و الجمع أكنان. «الصحاح- كنن- 6: 2188». [.....]

(5) التوقيف: نصّ الشارع المتعلّق ببعض الأمور. «المعجم الوسيط- وقف- 2: 1051».

(6) الأعراف 7: 20 و 21.

(7) الأعراف 7: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 181

الله من لباس الجنة، و أقبلا يستتران بورق الجنة وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ «1». فقالا كما حكى الله عنهما: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «2».

فقال الله لهما: اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ- قال-: إلى يوم القيامة».

قال: «فهبط آدم على الصفا، و إنما سميت الصفا لأن صفوة الله نزل عليها، و نزلت حواء على المروة، و إنما سميت المروة لأن المرأة نزلت عليها. فبقي آدم أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنة، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا آدم، ألم يخلقك الله بيده، و نفخ فيك من روحه، و أسجد لك ملائكته؟ قال: بلى. قال:

و أمرك الله أن لا تأكل من الشجرة، فلم عصيته؟! قال: يا جبرئيل، إن إبليس حلف لي بالله أنه لي ناصح، و ما ظننت

أن خلقا يخلقه الله، يحلف به كاذبا!».

403/ [5]- علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن موسى (عليه السلام) سأل ربه أن يجمع بينه و بين آدم (عليه الصلاة و السلام) فجمع، فقال له موسى: يا أبه، ألم يخلقك الله بيده، و نفخ فيك من روحه، و أسجد لك الملائكة، و أمرك أن لا تأكل من الشجرة، فلم عصيته؟! فقال: يا موسى، بكم وجدت خطيئتي قبل خلقي في التوراة؟ قال: بثلاثين ألف سنة «3»، قال: هو ذلك».

قال الصادق (عليه السلام): «فحج «4» آدم موسى (عليهما السلام)».

404/ [6]- و عن الإمام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما عرف الله ملائكته فضل خيار أمة محمد (صلى الله عليه و آله) و شيعة علي (عليه السلام) و خلفائه (عليهم السلام)، و احتمالهم في جنب محبة ربهم ما لا تحتمله الملائكة، أبان بني آدم الخيار المتقين بالفضل عليهم.

ثم قال: فلذلك فاسجدوا لآدم لما كان مشتملا على أنوار هذه الخلائق الأفضلين. و لم يكن سجودهم لآدم، إنما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه لله عز و جل، و كان بذلك معظما مبجلا «5» و لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون الله، يخضع له خضوعه لله، و يعظمه بالسجود له كتعظيمه لله.

و لو أمرت أحدا أن يسجد هكذا لغير الله، لأمرت ضعفاء شيعتنا و سائر المكلفين من شيعتنا أن يسجدوا

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 44.

6- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام) 385/ 265.

(1) الأعراف 7: 22.

(2) الأعراف 7: 23.

(3) في المصدر زيادة: قبل أن خلق آدم.

(4)

حجّه: غلبه بالحجّة. «الصحاح- حجج- 1: 304».

(5) في المصدر زيادة: له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 182

لمن توسط في علوم وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و محض وداد «1» خير خلق الله، علي بعد محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و احتمل المكاره و البلايا في التصريح بإظهار حقوق الله، و لم ينكر علي حقا أرقبه «2» عليه قد كان جهله أو أغفله.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): عصى الله إبليس، فهلك لما كانت معصيته بالكبر على آدم، و عصى الله آدم بأكل الشجرة، فسلم و لم يهلك لما لم يقارن بمعصية التكبر على محمد و آله الطيبين. و ذلك أن الله تعالى قال له: يا آدم، عصاني فيك إبليس، و تكبر عليك فهلك، و لو تواضع لك بأمري، و عظم عز جلالي لأفلح كل الفلاح كما أفلحت، و أنت عصيتني بأكل الشجرة، و بالتواضع لمحمد و آل محمد تفلح كل الفلاح، و تزول عنك وصمة «3» الزلة «4»، فادعني بمحمد و آله الطيبين لذلك. فدعا بهم فأفلح كل فلاح، لما تمسك بعروتنا أهل البيت».

405/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد القاساني «5»، عن القاسم بن محمد، عن سليمان المنقري، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن الزهري- محمد بن مسلم بن شهاب «6»- قال: سئل علي بن الحسين (عليه السلام) أي الأعمال أفضل عند الله عز و جل؟ فقال: «ما من عمل بعد معرفة الله عز و جل و معرفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) أفضل من بغض الدنيا. و إن لذلك شعبا كثيره، و للمعاصي شعبا: فأول ما

عصي الله به الكبر، و هو معصية إبليس حين أبى و استكبر، و كان من الكافرين.

و الحرص، و هو معصية آدم و حواء (عليهما السلام) حين قال الله عز و جل لهما: فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «7» فأخذا ما كان لا حاجة بهما إليه، فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة، و ذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه.

ثم الحسد، و هي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعب من ذلك: حب النساء، و حب الدنيا، و حب الرئاسة، و حب الراحة، و حب الكلام، و حب العلو، و الثروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلهن في حب الدنيا.

فقال الأنبياء و العلماء- بعد معرفة ذلك-: حب الدنيا رأس كل خطيئة، و الدنيا دنياءان: دنيا بلاغ «8»، و دنيا

__________________________________________________

7- الكافي 2: 239/ 8.

(1) محضته المودّة: أخلصتها له. «مجمع البحرين- محض- 4: 229».

(2) رقبت الشّي ء، أرقبه، إذ أرصدته. «الصحاح- رقب- 1: 137»، و الظاهر أنّ المراد هنا: لم ينكر حقّا جعل له ليحققه و يراعيه.

(3) الوصم: العيب و العار. «الصحاح- و صم- 5: 2052». [.....]

(4) الزلّة: السقطة و الخطيئة. «المعجم الوسيط- زلل- 1: 398»، و في المصدر: الذلّة.

(5) في المصدر: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و عليّ بن محمّد جميعا.

(6) في المصدر: محمّد بن مسلم بن عبيد اللّه، و ما في المتن نسبة إلى جدّه الأعلى، راجع رجال الطوسي 299/ 316 و سير أعلام النبلاء 5: 326.

(7) الأعراف 7: 19.

(8) البلاغ: الانتهاء إلى أقصى الحقيقة، قال الطريحي (رحمه اللّه) في

حديث عليّ (عليه السّلام): «فإنّها دار بلغة»

أي دار عمل يتبلّغ فيه من صالح الأعمال و

يتزود، و لعلّه هو المراد بهذا الحديث. «مجمع البحرين- بلغ- 5: 7 و 8».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 183

ملعونة».

406/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، و عبد الله بن جعفر الحميري، قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، و أحمد بن أبي عبد الله البرقي، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قالوا: حدثنا الحسن بن محبوب، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «إنما كان لبث آدم و حواء في الجنة حتى أخرجا منها سبع ساعات من أيام الدنيا حتى أهبطهما الله من يومهما ذلك».

407/ [9]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: أمر الله و لم يشأ، و شاء و لم يأمر: أمر إبليس أن يسجد لآدم و شاء أن لا يسجد، [و لو شاء لسجد]، و نهى آدم عن أكل الشجرة و شاء أن يأكل منها، و لو لم يشأ لم يأكل».

408/ [10]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد الهمداني، و محمد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي، جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «إن لله إرادتين و مشيئتين:

إرادة حتم، و إرادة عزم، ينهى و هو يشاء، و يأمر و هو لا يشاء.

أو ما رأيت أنه نهى آدم و زوجته أن يأكلا من الشجرة و شاء

ذلك، و لو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله، و أمر إبراهيم أن يذبح إسحاق «1» و لم يشأ أن يذبحه، و لو شاء ذبحه لما غلبت مشيئة إبراهيم (عليه السلام) مشيئة الله تعالى».

409/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان «2»، قال: حدثنا أبو محمد بكر «3» بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول [عن أبيه «4»، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم (صلوات الله عليهم) فعرضها على السماوات و الأرض و الجبال، فغشيها نورهم.

__________________________________________________

8- الخصال: 396/ 103.

9- الكافي 1: 117/ 3.

10- الكافي 1: 117/ 4.

11- معاني الأخبار: 108/ 1.

(1) في «ط»: نسخة بدل: إسماعيل.

(2) في «س» و «ط»: العطّار، و الصّواب ما أثبتناه. راجع جامع الرواة 1: 127، معجم رجال الحديث 2: 363، و كذا ورد في من لا يحضره الفقيه 1: 154/ 668.

(3) في «س»: أبو محمّد أبو بكر، و في «ط»: أبو بكر محمّد، و الظاهر صحّة ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 109/ 277، و معجم رجال الحديث 3: 349.

(4) أثبتناه من المصدر، و هو الصّواب. راجع معجم رجال الحديث 3: 374 و 378.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 184

فقال الله تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال: هؤلاء أحبائي، و أوليائي، و حججي على خلقي، و أئمتي

على بريتي، ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم، لهم و لمن تولاهم خلقت جنتي، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري، فمن ادعى منزلتهم و محلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، و جعلته من المشركين، في أسفل درك من ناري، و من أقر بولايتهم و لم يدع منزلتهم مني و مكانهم من عظمتي حططته «1» معهم في روضات جناتي، و كان لهم «2» ما يشاءون عندي، و أبحتهم كرامتي، و أحللتهم جواري، و شفعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي، فولايتهم أمانة عند خلقي، فأيكم يحملها بأثقالها، و يدعيها لنفسه دون خيرتي؟ فأبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها، و أشفقن من ادعاء منزلتها، و تمني محلها من عظمة ربها.

فلما أسكن الله عز و جل آدم و زوجته الجنة، قال لهما: وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ يعني شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فنظرا إلى منزلة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم (عليهم السلام) فوجداها أشرف منازل الجنة. فقالا: يا ربنا، لمن هذه المنزلة؟

فقال الله جل جلاله: ارفعا رءوسكما إلى ساق العرش. فرفعا رؤوسهما فوجدا أسماء محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة (صلوات الله عليهم) مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله الجبار جل جلاله.

فقالا: يا ربنا، ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك! و ما أحبهم إليك! و ما أشرفهم لديك! فقال الله جل جلاله:

لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي و أمنائي على سري، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد، و تتمنيا منزلتهم عندي، و محلهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي

و عصياني فتكونا من الظالمين.

قالا: ربنا، و من الظالمون؟ قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق.

قالا: ربنا، فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك فأمر الله تبارك و تعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من أنواع النكال «3» و العذاب.

و قال الله عز و جل: مكان الظالمين لهم المنزلين «4» لمنزلتهم في أسفل درك منها كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها «5» و كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ «6».

يا آدم، و يا حواء لا تنظرا إلى أنواري و حججي بعين الحسد، فأهبطكما من جواري، و أحل بكما هواني.

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا

__________________________________________________

(1) في المصدر: جعلته. [.....]

(2) في المصدر زيادة: فيها.

(3) النكال: العقوبة. «مجمع البحرين- نكل- 5: 486»، و في المصدر: ألوان النكال.

(4) في المصدر: المدعين.

(5) الحج 22: 22.

(6) النساء 4: 56.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 185

أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ «1»، و حملهما على تمني منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد، فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة، فعاد مكان ما أكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه، و أصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه، فلما أكلا من الشجرة طار الحلي و الحلل عن أجسادهما، و بقيا عريانين وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «2»، قال: اهبطا من

جواري، فلا يجاورني في جنتي من يعصيني، فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش.

فلما أراد الله عز و جل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل (عليه السلام)، فقال لهما: إنكما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما، فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل إلى أرضه، فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتماها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.

فقالا: اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك: محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن و الحسين، و الأئمة (عليهم السلام) إلا تبت علينا و رحمتنا، فتاب الله عليهما إنه هو التواب الرحيم.

فلم يزل أنبياء الله يحفظون هذه الأمانة، و يخبرون بها أوصياءهم و المخلصين من أممهم فيأبون حملها، و يشفقون من ادعائها، و حملها «3» الذي قد عرفت، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة، و ذلك قول الله عز و جل:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا «4»».

410/ [12]- عنه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ فقال: «بلى». قال: فما معنى قول الله تعالى:

وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى «5»؟! قال (عليه السلام): «إن الله تعالى قال لآدم (عليه السلام): اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ- و أشار لهما إلى شجرة الحنطة- فَتَكُونا مِنَ

الظَّالِمِينَ و لم يقل لهما: لا تأكلا من هذه الشجرة، و لا مما كان من جنسها.

__________________________________________________

12- عيون أخبار 1: 195/ 1.

(1) الأعراف 7: 20- 22.

(2) الأعراف 7: 22 و 23.

(3) في المصدر زيادة: الإنسان.

(4) الأحزاب 33: 72.

(5) طه 20: 121.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 186

فلم يقربا تلك الشجرة، و إنما أكلا من غيرها، لما أن وسوس الشيطان إليهما، و قال: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ «1» و إنما نهاكما أن تقربا غيرها، و لم ينهكما عن الأكل منها إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ «2». و لم يكن آدم و حواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ «3» فأكلا منها ثقة بيمينه بالله.

و كان ذلك من آدم قبل النبوة، و لم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار، و إنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم، فلما اجتباه الله تعالى و جعله نبيا، كان معصوما، لا يذنب صغيرة و لا كبيرة، و قال الله عز و جل: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى «4» و قال عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ «5»».

411/ [13]- و عنه، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت للرضا (عليه السلام): يا ابن رسول الله، أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم و حواء، ما كانت، فقد اختلف الناس

فيها فمنهم من يروي أنها الحنطة، و منهم من يروي أنها العنب، و منهم من يروي أنها شجرة الحسد؟ فقال (عليه السلام): «كل ذلك حق».

قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال: «يا أبا الصلت «6»، إن شجرة الجنة تحمل أنواعا و كان شجرة الحنطة و فيها عنب، و ليست كشجر «7» الدنيا، و إن آدم (عليه السلام) لما أكرمه الله تعالى ذكره، بإسجاد ملائكته له، و بإدخاله الجنة، قال في نفسه: هل خلق الله بشرا أفضل مني؟

فعلم الله عز و جل ما وقع في نفسه فناداه: ارفع رأسك- يا آدم- فانظر إلى ساق عرشي فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش، فوجد عليه مكتوبا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، و زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين، و الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة. فقال آدم (عليه السلام): يا رب، من هؤلاء؟

فقال عز و جل: يا آدم، هؤلاء من ذريتك، و هم خير منك و من جميع خلقي، و لولاهم ما خلقتك، و لا خلقت الجنة و لا النار، و لا السماء، و لا الأرض، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد فأخرجك عن جواري.

فنظر إليهم بعين الحسد، و تمنى منزلتهم، فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها،

__________________________________________________

13- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 306/ 67.

(1) الأعراف 7: 20.

(2) الأعراف 7: 20 و 21. [.....]

(3) الأعراف 7: 22.

(4) طه 20: 121 و 122.

(5) آل عمران 3: 33.

(6) في «س» و «ط»: يا ابن الصّلت، و هو تصحيف، و أبو الصّلت كنية عبد السّلام، راجع النجاشي: 245/ 643، رجال الطوسي 380/ 14.

(7) في المصدر: كشجرة.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 1، ص: 187

و تسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة (عليها السلام) بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم (عليه السلام)، فأخرجهما الله تعالى من «1» جنته، و أهبطهما من جواره إلى الأرض».

412/ [14]- العياشي: عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ: «يعني لا تأكلا منها».

413/ [15]- عن عطاء، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «إنما كان لبث آدم و حواء في الجنة حتى خرجا منها سبع ساعات من أيام الدنيا حتى أكلا من الشجرة، فأهبطهما الله إلى الأرض من يومهما ذلك.

قال: فحاج آدم ربه فقال: يا رب، أ رأيتك قبل أن تخلقني كنت قدرت علي هذا الذنب، و كل ما صرت و أنا صائر إليه، أو هذا شي ء فعلته أنا من قبل أن تقدره علي، غلبتني شقوتي، فكان ذلك مني و فعلي، لا منك و لا من فعلك؟

قال له: يا آدم، أنا خلقتك، و علمتك أني أسكنك و زوجتك الجنة، و بنعمتي و ما جعلت فيك من قوتي، قويت بجوارحك على معصيتي، و لم تغب عن عيني، و لم يخل علمي من فعلك، و لا مما أنت فاعله.

قال آدم: يا رب، الحجة لك علي- يا رب- حين خلقتني و صورتني و نفخت في من روحك «2».

قال الله تعالى: يا آدم، أسجدت لك ملائكتي، و نوهت باسمك في سماواتي، و ابتدأتك بكرامتي، و أسكنتك جنتي، و لم أفعل ذلك إلا برضا مني عليك، أبلوك «3» بذلك من غير أن تكون عملت لي عملا تستوجب [به عندي ما فعلت

بك. قال آدم: يا رب، الخير منك، و الشر مني.

قال الله: يا آدم، أنا الله الكريم، خلقت الخير قبل الشر، و خلقت رحمتي قبل غضبي، و قدمت بكرامتي قبل هواني، و قدمت باحتجاجي قبل عذابي- يا آدم- أ لم أنهك عن الشجرة؟ و أخبرك أن الشيطان عدو لك و لزوجتك؟ و أحذر كما قبل أن تصيرا إلى الجنة؟ و أعلمكما أنكما إن أكلتما من الشجرة، كنتما ظالمين لأنفسكما، عاصيين لي؟ يا آدم، لا يجاورني في جنتي ظالم عاص لي.

قال: فقال: بلى- يا رب- الحجة لك علينا، ظلمنا أنفسنا و عصينا، و إن لم تغفر لنا و ترحمنا نكن من الخاسرين. قال: فلما أقرا لربهما بذنبهما، و أن الحجة من الله لهما، تداركتهما رحمة الرحمن الرحيم، فتاب عليهما ربهما، إنه هو التواب الرحيم.

قال الله: يا آدم، اهبط أنت و زوجتك إلى الأرض، فإذا أصلحتما أصلحتكما، و إن عملتما لي قويتكما، و إن

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 35/ 20.

15- تفسير العيّاشي 1: 35/ 21.

(1) في المصدر: عن.

(2) في المصدر: من روحي.

(3) في المصدر: ابتليتك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 188

تعرضتما لرضاي تسارعت إلى رضاكما، و إن خفتما مني آمنتكما من سخطي. قال: فبكيا عند ذلك، و قالا: ربنا، فأعنا على صلاح أنفسنا، و على العمل بما يرضيك عنا.

قال الله لهما: إذا عملتما سوءا فتوبا إلي منه أتب عليكما، و أنا الله التواب الرحيم.

قالا: فأهبطنا برحمتك إلى أحب البقاع إليك قال: فأوحى الله إلى جبرئيل: أن أهبطهما إلى البلدة المباركة مكة، قال: فهبط بهما جبرئيل فألقى آدم على الصفا، و ألقى حواء على المروة.

قال: فلما ألقيا قاما على أرجلهما، و رفعا «1» رؤوسهما إلى السماء، و رفعا أصواتهما بالبكاء

إلى الله تعالى، و خضعا بأعناقهما. قال: فهتف الله بهما: ما يبكيكما بعد رضاي عنكما؟

قال: فقالا: ربنا، أبكتنا خطيئتنا، و هي التي أخرجتنا من جوار ربنا، و قد خفي عنا تقديس ملائكتك لك- ربنا- و بدت لنا عوراتنا، و اضطرنا ذنبنا إلى حرث الدنيا و مطعمها و مشربها، و دخلتنا وحشة شديدة لتفريقك بيننا.

قال: فرحمهما الرحمن الرحيم عند ذلك، و أوحى إلى جبرئيل: أنا الله الرحمن الرحيم، و إني قد رحمت آدم و حواء لما شكيا إلي، فاهبط عليهما بخيمة من خيام الجنة، و عزهما عني بفراق الجنة، و اجمع بينهما في الخيمة، فإني قد رحمتهما لبكائهما و وحشتهما و وحدتهما، و انصب لهما الخيمة على الترعة «2» التي بين جبال مكة.

قال: و الترعة مكان البيت و قواعده التي رفعتها الملائكة قبل ذلك، فهبط جبرئيل على آدم بالخيمة على مكان «3» أركان البيت و قواعده فنصبها، قال: و أنزل جبرئيل آدم من الصفا، و أنزل حواء من المروة، و جمع بينهما في الخيمة، قال: و كان عمود الخيمة قضيب ياقوت أحمر، فأضاء نوره و ضوؤه جبال مكة و ما حولها، قال: و امتد ضوء العمود، فجعله الله حرما «4» لحرمة الخيمة و العمود، لأنهما من الجنة.

قال: و لذلك جعل الله الحسنات في الحرم مضاعفة، و السيئات فيه مضاعفة، قال: و مدت أطناب الخيمة حولها «5»، فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام، قال: و كانت أوتادها من غصون الجنة، و أطنابها من ضفائر الأرجوان «6». قال: فأوحى الله إلى جبرئيل: أهبط على الخيمة سبعين ألف ملك يحرسونها «7» من مردة الجن، و يؤنسون آدم و حواء، و يطوفون حول الخيمة تعظيما للبيت و الخيمة.

قال: فهبطت الملائكة

فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مردة الشياطين و العتاة، و يطوفون حول أركان

__________________________________________________

(1) في المصدر: و ضجّا.

(2) الترعة: الروضة و الباب، و يقال: الدرجة. «الصحاح- ترع- 3: 1191».

(3) في المصدر: على مقدار.

(4) في المصدر زيادة: فهو مواضع الحرم اليوم، كلّ ناحية من حيث بلغ ضوء العمود جعله حرما. [.....]

(5) في المصدر: حولهما.

(6) الأرجوان: شجر من الفصيلة القرنية، له زهر شديد الحمرة حسن المنظر. «المعجم الوسيط- ارج- 1: 13».

(7) في المصدر: يحرسونهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 189

البيت و الخيمة كل يوم و ليلة، كما «1» يطوفون في السماء حول البيت المعمور.

قال: و أركان البيت الحرام في الأرض حيال «2» البيت المعمور الذي في السماء، قال: ثم إن الله أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك: أن أهبط إلى آدم و حواء فنحهما عن مواضع قواعد بيتي، لأني أريد أن أهبط في ظلال من ملائكتي إلى أرضي، فارفع أركان بيتي لملائكتي و لخلقي من ولد آدم.

قال: فهبط جبرئيل على آدم و حواء فأخرجهما من الخيمة، و نحاهما «3» عن ترعة البيت الحرام، و نحى الخيمة عن موضع الترعة، قال: و وضع آدم على الصفا، و وضع حواء على المروة، و رفع الخيمة إلى السماء.

فقال آدم و حواء: يا جبرئيل، بسخط من الله عليكما، و لكن الله لا يسأل عما يفعل- يا آدم- إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض ليؤنسوك و يطوفوا حول أركان البيت و الخيمة، سألوا الله أن يبني لهم مكان الخيمة بيتا على موضع الترعة المباركة، حيال البيت المعمور، فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور، فأوحى الله إلي أن أنحيك و حواء، و أرفع الخيمة إلى السماء.

فقال آدم: رضينا

بتقدير الله و نافذ أمره فينا، فكان آدم على الصفا، و حواء على المروة، قال: فداخل آدم لفراق حواء وحشة شديدة و حزن.

قال: فهبط من الصفا يريد المروة شوقا إلى حواء و ليسلم عليها، و كان فيما بين الصفا و المروة واد، و كان آدم يرى المروة من فوق الصفا، فلما انتهى [إلى موضع الوادي غابت عنه المروة، فسعى في الوادي حذرا لما لم ير المروة مخافة أن يكون قد ضل عن طريقه، [فلما أن جاز الوادي و ارتفع عنه نظر إلى المروة، فمشى حتى انتهى إلى المروة، فصعد عليها، فسلم على حواء.

ثم أقبلا بوجههما نحو موضع الترعة ينظران هل رفع قواعد البيت، و يسألان الله أن يردهما إلى مكانهما حتى هبط من المروة فرجع إلى الصفا فقام عليه، و أقبل بوجهه نحو موضع الترعة فدعا الله، ثم إنه اشتاق إلى حواء، فهبط من الصفا يريد المروة، ففعل مثل ما فعله في المرة الأولى، ثم رجع إلى الصفا ففعل عليه مثل ما فعل في المرة الأولى، ثم إنه هبط من الصفا إلى المروة ففعل مثل ما فعل في المرتين الأوليين.

ثم رجع إلى الصفا فقام عليه، و دعا الله أن يجمع بينه و بين زوجته حواء، قال: فكان ذهاب آدم من الصفا إلى المروة ثلاث مرات، و رجوعه ثلاث مرات، فذلك ستة أشواط، فلما أن دعوا الله و بكيا إليه و سألاه أن يجمع بينهما، استجاب الله لهما من ساعتهما من يومهما ذلك مع زوال الشمس.

فأتاه جبرئيل و هو على الصفا واقف يدعو الله مقبلا بوجهه نحو الترعة، فقال له جبرئيل: انزل- يا آدم- من

__________________________________________________

(1) في المصدر: كما كانوا.

(2) الحيال: قبالة الشي ء. «المعجم الوسيط-

حال- 1: 209».

(3) في المصدر: و نهاهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 190

الصفا فالحق بحواء، فنزل آدم من الصفا إلى المروة، ففعل «1» ما فعل في الثلاث مرات حتى انتهى إلى المروة فصعد عليها، و أخبر حواء بما أخبره جبرئيل، ففرحا بذلك فرحا شديدا، و حمدا الله و شكراه، فلذلك جرت السنة بالسعي بين الصفا و المروة، و لذلك قال الله: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «2».

قال: ثم إن جبرئيل أتاهما فأنزلهما من المروة، و أخبرهما أن الجبار تبارك و تعالى قد هبط إلى الأرض فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا، و حجر من المروة، و حجر من طور سيناء «3» و حجر من جبل السلام، و هو ظهر الكوفة.

فأوحى [الله إلى جبرئيل أن ابنه و أتمه، قال: فاقتلع جبرئيل الأحجار الأربعة بأمر الله من مواضعهن بجناحيه، فوضعها- حيث أمره الله- في أركان البيت على قواعده التي قدرها الله الجبار، و نصب أعلامها.

ثم أوحى الله إلى جبرئيل أن ابنه و أتمه بحجارة من أبي قبيس «4»، و اجعل له بابين: باب شرقي، و باب غربي، قال: فأتمه جبرئيل، فلما أن فرغ منه طافت الملائكة حوله، فلما نظر آدم و حواء إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا بالبيت سبعة أشواط، ثم خرجا يطلبان ما يأكلان، و ذلك من يومهما الذي هبط بهما فيه».

414/ [16]- عن جابر الجعفي، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «إن الله اختار من الأرض جميعا مكة، و اختار من مكة بكة «5»، فأنزل في بكة سرادقا «6» من نور محفوفا بالدر و الياقوت،

ثم أنزل في وسط السرادق عمدا أربعة، و جعل بين العمد الأربعة لؤلؤة بيضاء، و كان طولها سبعة أذرع في ترابيع البيت، و جعل فيها نورا من نور السرادق بمنزلة القناديل «7»، و كانت العمد «8» أصلها في الثرى و الرؤوس تحت العرش.

و كان الربع الأول من زمرد أخضر، و الربع الثاني من ياقوت أحمر، و الربع الثالث من لؤلؤ أبيض، و الربع الرابع من نور ساطع، و كان البيت ينزل فيما بينهم مرتفعا من الأرض، و كان نور القناديل يبلغ إلى موضع الحرم، و كان أكبر القناديل مقام إبراهيم، فكانت القناديل ثلاثمائة و ستين قنديلا. فالركن الأسود باب الرحمة، إلى الركن الشامي فهو

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 39/ 22.

(1) في المصدر زيادة: مثل.

(2) البقرة 2: 158.

(3) طور سيناء: و هو اسم جبل بقرب أيلة، و عنده بليد فتح في زمن النبيّ (صلى اللّه عليه و آله)، و ما أظنّه إلّا كورة بمصر، و قال الجوهري: طور سيناء جبل بالشّام. «معجم البلدان 4: 48».

(4) أبو قبيس: و هو اسم الجبل المشرف على مكّة. «معجم البلدان 1: 80».

(5) بكّة: هي مكّة، بيت اللّه الحرام، و قيل: بطن مكّة، و قيل: موضع البيت المسجد الحرام و مكّة و ما وراءه، و قيل: البيت مكّة و ما والاه بكّة.

«معجم البلدان 1: 475».

(6) السّرادق: كل ما أحاط بشي ء من حائط أو مضرب أو خباء، و قيل: ما يمدّ فوق البيت. «مجمع البحرين- سردق- 5: 186».

(7) القنديل: مصباح كالكوب في وسطه فتيل، يملأ بالماء و الزيت و يشعل. «المعجم الوسيط- قندل- 2: 762». [.....]

(8) «س»: و كانت له أعمد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 191

باب الإنابة، و باب الركن الشامي باب

التوسل، و باب الركن اليماني باب التوبة، و هو باب آل محمد (عليهم السلام) و شيعتهم إلى الحجر فهذا البيت حجة الله في أرضه على خلقه.

فلما هبط آدم إلى الأرض هبط على الصفا، و لذلك اشتق الله له اسما من اسم آدم، لقول الله: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ «1» و نزلت حواء على المروة فاشتق الله لها اسما من اسم المرأة، و كان آدم نزل بمرآة من الجنة، فلما لم يعلق آدم المرآة إلى جنب المقام، و كان يركن إليه، سأل ربه أن يهبط البيت إلى الأرض، فأهبط فصار على وجه الأرض، فكان آدم يركن إليه، و كان ارتفاعه عن الأرض سبعة أذرع، و كانت له أربعة أبواب، و كان عرضها خمسة و عشرين ذراعا في خمسة و عشرين ذراعا ترابيعه، و كان السرادق مائتي ذراع في مائتي ذراع».

415/ [17]- عن جابر بن عبد الله، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «كان إبليس أول من تغنى، و أول من ناح [و أول من حدا] لما أكل آدم من الشجرة تغنى، فلما أهبط حدا، فلما استقر «2» على الأرض ناح، يذكره ما في الجنة».

سورة البقرة(2): الآيات 37 الي 38 ..... ص : 191

قوله تعالى:

فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [37] قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [38]

416/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم صاحب الشعير «3»، عن كثير بن كلثمة، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ قال:

«لا إله إلا أنت سبحانك اللهم و بحمدك عملت سوءا

و ظلمت نفسي فاغفر لي و أنت خير الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم و بحمدك عملت سوءا و ظلمت نفسي فاغفر لي و ارحمني و أنت خير الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم و بحمدك عملت سوءا و ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم».

__________________________________________________

17- تفسير العيّاشي 1: 40/ 23.

1- الكافي 8: 304/ 472.

(1) آل عمران 3: 33.

(2) في المصدر: استتر.

(3) في «س»: إبراهيم صاحب الشعيري، و كأنّ (الشعيري) نسخة بدل عن (صاحب الشعير) حيث عرف بهذين اللقبين. راجع معجم رجال الحديث 1: 360.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 192

417/ [2]- قال الكليني: و في رواية أخرى: في قوله عز و جل: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ قال: «سأله بحق محمد و علي و الحسن و الحسين و فاطمة (صلى الله عليهم)».

418/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن آدم (عليه السلام) بقي على الصفا أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنة و على خروجه «1» من جوار الله «2» عز و جل، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا آدم، مالك تبكي؟ فقال: يا جبرئيل، ما لي لا أبكي و قد أخرجني الله من جواره، و أهبطني إلى الدنيا.

قال: يا آدم، تب إليه، قال: و كيف أتوب؟ فأنزل الله عليه قبة من نور في موضع البيت فسطع نورها في جبال مكة فهو الحرم، فأمر الله عز و جل جبرئيل (عليه السلام) أن يضع عليه الأعلام، قال: قم، يا آدم، فخرج به يوم التروية، و أمره أن يغتسل و يحرم.

و أخرج من الجنة أول يوم من

ذي القعدة، فلما كان اليوم الثامن من ذي الحجة أخرجه جبرئيل إلى منى فبات بها، فلما أصبح أخرجه إلى عرفات، و قد كان علمه حين أخرجه من مكة الإحرام و أمره بالتلبية «3»، فلما زالت الشمس يوم عرفة قطع التلبية و أمره أن يغتسل، فلما صلى العصر وقفه بعرفات، و علمه الكلمات التي تلقاها من ربه، و هي: سبحانك اللهم و بحمدك لا إله إلا أنت، عملت سوءا و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي، فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم، سبحانك اللهم و بحمدك لا إله إلا أنت، عملت سوءا و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي، فاغفر لي إنك خير الغافرين، سبحانك اللهم و بحمدك لا إله إلا أنت، عملت سوءا و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي، فاغفر لي إنك أنت التواب الرحيم.

فبقي آدم إلى أن غابت الشمس رافعا يديه إلى السماء يتضرع و يبكي إلى الله، فلما غربت الشمس رده إلى المشعر فبات به، فلما أصبح قام على المشعر الحرام فدعا الله تعالى بكلمات و تاب عليه، ثم أفاض «4» إلى منى، و أمره جبرئيل أن يحلق الشعر الذي عليه فحلق.

ثم رده إلى مكة فأتى به إلى الجمرة «5» الأولى، فعرض له إبليس عندها، فقال: يا آدم، أين تريد؟ فأمره جبرئيل أن يرميه بسبع حصيات، و أن يكبر مع كل حصاة تكبيرة ففعل ثم ذهب فعرض له إبليس عند الجمرة الثانية، فأمره أن يرميه بسبع حصيات، فرمى و كبر مع كل حصاة تكبيرة ثم ذهب فعرض له إبليس عند الجمرة

__________________________________________________

2- الكافي 8: 305 ذيل الحديث 472. و روى نحوه ابن المغازلي في المناقب: 63/ 89، الدّر المنثور 1: 147، ينابيع المودّة: 67.

3- تفسير القمّي

1: 44.

(1، 2) في المصدر زيادة: من الجنّة.

(3) في المصدر: و علّمه التلبية.

(4) في المصدر: أفضى.

(5) في المصدر: عند الجمرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 193

الثالثة، فأمره أن يرميه بسبع حصيات و يكبر «1» عند كل حصاة، فرمى و كبر مع كل حصاة تكبيرة، فذهب إبليس لعنه الله. و قال له جبرئيل: إنك لن تراه بعد هذا اليوم أبدا، فانطلق به إلى البيت الحرام، و أمره أن يطوف به سبع مرات، ففعل. فقال له: إن الله قد قبل توبتك، و حلت لك زوجتك».

قال: «فلما قضى آدم حجه لقيته الملائكة بالأبطح «2»، فقالوا: يا آدم، بر حجك «3»، أما إنا قد حججنا قبلك هذا البيت بألفي عام».

419/ [4]- علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان عمر آدم يوم خلقه الله إلى يوم قبضه تسعمائة و ثلاثين سنة، و دفن بمكة، و نفخ فيه يوم الجمعة بعد الزوال، ثم برأ زوجته من أسفل أضلاعه، و أسكنه جنته من يومه ذلك، فما استقر فيها إلا ست ساعات من يومه ذلك حتى عصى الله، و أخرجهما من الجنة بعد غروب الشمس، فما بات فيها».

420/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الفضل بن العباس البغدادي، قال: قرأت على أحمد بن محمد بن سليمان بن الحارث، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار، قال: حدثنا حسين الأشقر، قال: حدثنا عمر بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: سألت النبي (صلى الله عليه و آله) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه؟ قال: «سأله بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن

و الحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه».

421/ [6]- و عنه، قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثني محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد «4»، عن العباس بن معروف، عن بكر بن محمد، قال: حدثني أبو سعيد المدائني يرفعه، في قول الله عز و جل: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ قال: «سأله بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)».

422/ [7]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله حين أهبط آدم إلى الأرض، أمره أن يحرث بيده فيأكل من كده بعد الجنة و نعيمها، فلبث يجأر «5» و يبكي على الجنة مائتي

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 45.

5- معاني الأخبار: 125/ 1. [.....]

6- معاني الأخبار: 125/ 2.

7- تفسير العيّاشي 1: 40/ 24.

(1) (و يكبر) ليس في المصدر.

(2) الأبطح: يضاف إلى مكّة و إلى منى، لأنّ المسافة بينه و بينهما واحدة، و ربّما كان إلى منى أقرب، و هو المحصّب، و ذكر بعضهم أنّه إنّما سمّي أبطح لأنّ آدم (عليه السّلام) بطّح فيه. «معجم البلدان 1: 74».

(3) برّ اللّه حجّك، أي قبله. «لسان العرب- برر- 4: 53».

(4) في «س» و «ط»: حدّثني يحيى بن أحمد، و هو سهو، و هما محمّد بن يحيى العطّار و شيخه أحمد بن محمّد بن عيسى، راجع معجم رجال الحديث 2: 296- 318 و 18: 40 و 41.

(5) جأر الرجل إلى اللّه عزّ و جلّ، أي تضرّع بالدعاء. «الصحاح- جأر- 2: 607».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 194

سنة، ثم إنه سجد الله سجدة فلم يرفع رأسه ثلاثة أيام و لياليها. ثم قال: أي رب،

ألم تخلقني؟ فقال الله: قد فعلت «1».

قال: أو لم تسبق لي رحمتك غضبك؟ قال الله: قد فعلت، فهل صبرت أو شكرت؟

قال آدم: لا إله إلا أنت سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم فرحمه الله بذلك و تاب عليه، إنه هو التواب الرحيم».

423/ [8]- محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «الكلمات التي تلقاهن آدم من ربه فتاب عليه و هدى، قال: سبحانك اللهم و بحمدك- رب- إني عملت سوءا و ظلمت نفسي، فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم «2»، اللهم إنه لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك (إني عملت سوءا و ظلمت نفسي، فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين، اللهم إنه لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك) «3»، إني عملت سوءا و ظلمت نفسي، فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم».

424/ [9]- و قال الحسن بن راشد: إذا استيقظت من منامك، فقل الكلمات التي تلقاها آدم من ربه: «سبوح قدوس، رب الملائكة و الروح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلا أنت، إني ظلمت نفسي، فاغفر لي و ارحمني، إنك أنت التواب الرحيم الغفور».

425/ [10]- عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن الله تبارك و تعالى عرض على آدم في الميثاق ذريته، فمر به النبي (صلى الله عليه و آله) و هو متكئ على علي (عليه السلام)، و فاطمة (صلوات الله عليها) تتلوهما، و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهما) يتلوان فاطمة، فقال الله: يا آدم، إياك أن تنظر عليهم بحسد، أهبطك من جواري.

فلما أسكنه الله الجنة، مثل له النبي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم) فنظر

إليهم بحسد، ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها، فلما تاب إلى الله من حسده و أقر بالولاية و دعا بحق الخمسة محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم) غفر الله له، و ذلك قوله: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ الآية».

426/ [11]- عن محمد بن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام) قال: «الكلمات التي تلقاها آدم من ربه، قال: يا رب، أسألك بحق محمد لما تبت علي قال: و ما علمك بمحمد؟ قال: رأيته في سرادقك الأعظم مكتوبا و أنا في الجنة».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 41/ 25.

9- تفسير العيّاشي 1: 41/ 26.

10- تفسير العيّاشي 1: 41/ 27.

11- تفسير العيّاشي 1: 41/ 28.

(1) في المصدر زيادة:

فقال: ألم تنفخ في من روحك؟ قال: قد فعلت. قال: ألم تسكنّي جنّتك؟ قال: قد فعلت.

(2) في المصدر: فاغفر لي إنّك خير الغافرين.

(3) ليس في المصدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 195

427/ [12]- و قال الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام): «قال الله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ يقولها، فقالها فَتابَ عَلَيْهِ بها إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ التواب «1» القابل التوب، الرحيم بالتائبين قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً كان أمر في الأول أن يهبطا، و في الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا، لا يتقدم أحدهم «2» الآخر.

و الهبوط إنما كان هبوط آدم و حواء من الجنة، و هبوط الحية أيضا منها، فإنها كانت من أحسن دوابها، و هبوط إبليس من حواليها، فإنه كان محرما عليه دخولها.

فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ يأتيكم و أولادكم من بعدكم مِنِّي هُدىً يا آدم، و يا إبليس فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ

يَحْزَنُونَ لا خوف عليهم حين يخاف المخالفون، و لا يحزنون إذ يحزنون».

قال: «فلما زلت من آدم الخطيئة، و اعتذر إلى ربه عز و جل، قال: يا رب، تب علي، و اقبل معذرتي، و أعدني إلى مرتبتي، و ارفع لديك درجتي، فلقد تبين نقص الخطيئة و ذلها بأعضائي و سائر بدني.

قال الله تعالى: يا آدم، أما تذكر أمري إياك بأن تدعوني بمحمد و آله الطيبين عند شدائدك و دواهيك، في النوازل التي تبهظك «3»؟ قال آدم: يا رب بلى.

قال الله عز و جل «4»: فتوسل بمحمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين خصوصا، و ادعني أجبك إلى ملتمسك، و أزدك فوق مرادك، فقال آدم: يا رب، يا إلهي، و قد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل بهم تقبل توبتي و تغفر خطيئتي، و أنا الذي أسجدت له ملائكتك، و أسكنته «5» جنتك، و زوجته حواء أمتك، و أخدمته كرام ملائكتك! قال الله تعالى: يا آدم، إنما أمرت الملائكة بتعظيمك- بالسجود لك- إذ كنت وعاء لهذه الأنوار، و لو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها، و أن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحترز منها، لكنت قد فعلت «6» ذلك، و لكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي، و الآن فبهم فادعني لأجيبك.

فعند ذلك قال آدم: اللهم، بجاه محمد و آله الطيبين، بجاه محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبين من آلهم لما تفضلت علي بقبول توبتي، و غفران خطيئتي «7»، و إعادتي من كراماتك إلى مرتبتي.

فقال الله عز و جل: قد قبلت توبتك، و أقبلت برضاي «8» عليك، و صرفت آلائي إليك، و أعدتك إلى

__________________________________________________

12- التفسير المنسوب إلى

الإمام العسكري (عليه السّلام:) 224/ 105 و 106.

(1) في المصدر: للتوبات.

(2) في «ط»: أحدكم.

(3) بهظه الحمل: أثقله و عجز عنه. «مجمع البحرين- بهظ- 4: 283».

(4) في «س» زيادة: فبهم.

(5) في المصدر: و أبحته.

(6) في المصدر: جعلت.

(7) في المصدر: زلّتي.

(8) في المصدر: برضواني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 196

مرتبتك من كراماتي، و وفرت نصيبك من رحماتي. فذلك قوله عز و جل: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

ثم قال الله عز و جل للذين أهبطهم من آدم و حواء و إبليس و الحية: وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ «1» مقام فيها تعيشون، و تحثكم لياليها و أيامها إلى السعي إلى الآخرة، فطوبى لمن تزود منها لدار البقاء وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «2» لكم في الأرض منفعة إلى حين موتكم، لأن الله تعالى منها يخرج زروعكم و ثماركم، و بها ينزلكم «3» و ينعمكم، و فيها أيضا بالبلايا يمتحنكم يلذذكم بنعيم الدنيا تارة ليذكركم بنعيم الآخرة الخالص، مما ينقص نعيم الدنيا و يبطله، و يزهد فيه و يصغره و يحقره، و يمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي قد تكون في خلالها الرحمات «4»، و في تضاعيفها النقمات المجحفة التي «5» تدفع عن المبتلى بها مكارهها، ليحذركم بذلك عذاب الأبد الذي لا يشوبه عافية، و لا يقع في تضاعيفه راحة و لا رحمة».

428/ [13]- و قال الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام): «قال علي بن الحسين (عليه السلام): حدثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: يا عباد الله، إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه، إذ كان تعالى قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور

و لم يتبين الأشباح، فقال: يا رب، ما هذه الأنوار؟ قال الله عز و جل:

أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك، و لذلك أمرت الملائكة بالسجود لك، إذ كنت وعاء لتلك الأشباح.

فقال آدم: يا رب، لو بينتها لي؟ فقال الله عز و جل: انظر- يا آدم- إلى ذروة العرش. فنظر آدم (عليه السلام) و وقع نور أشباحنا من ظهر آدم (عليه السلام) على ذروة العرش، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره- كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية- فرأى أشباحنا.

فقال: ما هذه الأشباح، يا رب؟ قال الله تعالى: يا آدم، هذه أشباح أفضل خلائقي و برياتي، هذا محمد، و أنا المحمود الحميد في أفعالي، شققت له اسما من اسمي، و هذا علي، و أنا العلي العظيم، شققت له اسما من اسمي، و هذه فاطمة، و أنا فاطر السماوات و الأرض، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل القضاء، و فاطم أوليائي مما يعتريهم و يشينهم «6»، فشققت لها اسما من اسمي، و هذان الحسن و الحسين، و أنا المحسن المجمل، شققت اسمهما «7» من اسمي. هؤلاء خيار خليقتي، و كرام بريتي، بهم آخذ و بهم أعطي، و بهم أعاقب و بهم أثيب، فتوسل

__________________________________________________

13- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 219/ 102.

(1، 2) البقرة 2: 36.

(3) في المصدر: ينزّهكم.

(4) في «ط»: الزحمات.

(5) في المصدر: و في تضاعيفها النعم التي. [.....]

(6) في المصدر: عمّا يعرّهم و يسيئهم.

(7) في المصدر: اسميهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 197

بهم إلي- يا آدم- و إذا دهتك داهية فاجعلهم إلي شفعاءك، فإني آليت على نفسي قسما حقا أن لا أخيب لهم آملا، و لا أرد لهم سائلا. فلذلك

حين زلت منه الخطيئة دعا الله عز و جل بهم، فتاب عليه و غفر له».

و سيأتي إن شاء الله تعالى في معنى الذي به تاب الله على آدم حديث في قوله تعالى: وَ قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ الآية «1».

429/1]- ابن بابويه، بإسناده عن معمر بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: «أتى يهودي إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقام بين يديه، و جعل يحد النظر إليه، فقال: يا يهودي، ما حاجتك؟ فقال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله، و أنزل عليه التوراة و العصا، و فلق له البحر، و ظلله الغمام؟

فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): يكره للعبد أن يزكي نفسه، و لكن أقول: إن آدم (عليه السلام) لما أصاب الخطيئة كانت توبته [أن قال : اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما غفرت لي فغفر «2» الله له، و إن نوحا لما ركب السفينة و خاف الغرق، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما نجيتني من الغرق فنجاه الله منه «3»، و إن إبراهيم (عليه السلام) لما ألقي في النار، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما نجيتني منها فجعلها عليه بردا و سلاما، و إن موسى لما ألقى عصاه و أوجس في نفسه خيفة، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما نجيتني «4» فقال الله جل جلاله: لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى «5».

يا يهودي، لو أدركني موسى و لم يؤمن بي و بنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا، و لا نفعته النبوة. يا يهودي، و من ذريتي المهدي، إذا خرج نزل عيسى

بن مريم لنصرته، و قدمه و صلى خلفه».

430/ [15]- ابن شهر آشوب: عن النطنزي في (الخصائص) أنه قال ابن عباس: لما خلق الله آدم و نفخ فيه من روحه عطس، فقال: الحمد لله، فقال له ربه: يرحمك ربك.

فلما أسجد له الملائكة تداخله العجب، فقال: يا رب، خلقت خلقا هو أحب إليك مني؟! قال: نعم، و لولاهم ما خلقتك. قال: يا رب، فأرنيهم، فأوحى الله عز و جل إلى ملائكة الحجب: أن ارفعوا الحجب فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدام العرش. قال: يا رب، من هؤلاء؟ قال: يا آدم، هذا محمد نبيي، و هذا علي أمير المؤمنين ابن عم نبيي و وصيه، و هذه فاطمة بنت نبيي، و هذان الحسن و الحسين ابنا علي و ولدا نبيي.

ثم قال: يا آدم، هم ولدك. ففرح بذلك، فلما اقترف الخطيئة، قال: يا رب، أسألك بحق محمد و علي و فاطمة

__________________________________________________

14- أمالي الصّدوق: 181/ 4.

15- ... أخرجه في إحقاق الحقّ 9: 105 عن أرجح المطالب: 320، غاية المرام: 393/ 2.

(1) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (88) من هذه السورة.

(2) في المصدر: فغفرها.

(3) في المصدر: عنه.

(4) في المصدر: آمنتي.

(5) طه 20: 68.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 198

و الحسن و الحسين لما غفرت لي، فغفر الله له. فهذا الذي قال الله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ إن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه: اللهم بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه.

431/ [16]- و عن القاضي أبي عمرو عثمان بن أحمد أحد شيوخ السنة، يرفعه إلى ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه و آله): «لما شملت آدم الخطيئة

نظر إلى أشباح تضي ء حول العرش، فقال: يا رب، إني أرى أنوار أشباح تشبه خلقي، فما هي؟

قال: هذه الأنوار أشباح اثنين من ولدك: اسم أحدهم محمد أبدأ النبوة بك و أختمها به، و الآخر أخوه و ابن أخي أبيه اسمه علي، أؤيد محمدا به و أنصره على يده، و الأنوار التي حولهما أنوار ذرية هذا النبي من أخيه هذا، يزوجه ابنته تكون له زوجة، يتصل بها أول الخلق إيمانا به و تصديقا له، أجعلها سيدة النسوان، و أفطمها و ذريتها من النيران، فتنقطع الأسباب و الأنساب يوم القيامة إلا سببه و نسبه. فسجد آدم شكرا لله أن جعل ذلك في ذريته، فعوضه الله عن ذلك السجود أن أسجد له ملائكته».

432/ [17]- و عن الصادق (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ: «أن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه: اللهم بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت علي فتاب الله عليه».

433/ [18]- العياشي: عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية في باطن القرآن: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. قال: «تفسير الهدى علي (عليه السلام)، قال الله فيه:

فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ».

سورة البقرة(2): آية 39 ..... ص : 198

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [39]

434/ [1]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال الله تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الدالات على صدق محمد على ما جاء به من أخبار القرون السالفة، و على ما أداه إلى عباد الله من ذكر تفضيله لعلي و آله الطيبين خير

الفاضلين و الفاضلات، بعد محمد سيد البريات أُولئِكَ الدافعون لصدق محمد في إنبائه، و المكذبون له في نصب أوليائه: علي سيد الأوصياء، و المنتجبين من ذريته الطاهرين أصحاب النار هم

__________________________________________________

16- ... غاية المرام: 393/ 3.

17- معاني الأخبار: 125/ 1، المناقب لابن المغازلي 63/ 89 كلاهما عن ابن عباس «نحوه».

18- تفسير العياشي 1: 41/ 29.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 227/ 106.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 199

فيها خالدون».

سورة البقرة(2): آية 40 ..... ص : 199

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ [40]

435/ [1]- قال الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ «1» لما بعثت محمدا و أقررته في مدينتكم، و لم أجشمكم «2» الحط و الترحال إليه، و أوضحت علاماته و دلائل صدقه لئلا يشتبه عليكم حاله.

وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي الذي أخذته على أسلافكم أنبياؤكم، و أمروا «3» أن يؤدوه إلى أخلافهم، ليؤمنن «4» بمحمد العربي القرشي الهاشمي، المبان بالآيات، و المؤيد بالمعجزات التي منها: أن كلمته ذراع مسمومة، و ناطقه ذئب، و حن عليه عود المنبر، و كثر الله له القليل من الطعام، و ألان له الصلب من الأحجار، و صلب له المياه السيالة، و لم يؤيد نبيا من أنبيائه بدلالة إلا جعل له مثلها أو أفضل منها.

و الذي جعل من أكبر أوليائه «5» علي بن أبي طالب (عليه السلام) شقيقه و رفيقه عقله من عقله، و علمه من علمه، و حلمه من حلمه، مؤيد دينه بسيفه الباتر، بعد أن قطع معاذير المعاندين بدليله القاهر، و علمه الفاضل، و فضله الكامل.

أُوفِ بِعَهْدِكُمْ الذي أوجبت لكم به نعيم الأبد

في دار الكرامة، و مستقر الرحمة. وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ في مخالفة محمد (صلى الله عليه و آله)، فإني القادر على صرف بلاء من يعاديكم على موافقتي، و هم الذين لا يقدرون على صرف انتقامي عنكم، إذا آثرتم مخالفتي».

436/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 227/ 107. [.....]

2- علل الشرائع: 43/ 1.

(1) في المصدر: يا بنى إسراءيل ولد يعقوب إسرائيل اللّه اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ.

(2) جشّمته الأمر تجشيما و أجشمته، إذا كلّفته إيّاه. «الصحاح- جشم- 5: 1888».

(3) في المصدر: و أمروهم.

(4) في المصدر: ليؤمنوا.

(5) في المصدر: آياته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 200

يعقوب و عيص توأمين، فولد عيص ثم ولد يعقوب، فسمي يعقوب لأنه خرج بعقب أخيه عيص، و يعقوب هو إسرائيل، و معنى إسرائيل عبد الله، لأن (إسرا) هو عبد، و (ئيل) هو الله عز و جل».

437/ [3]- و روي في خبر آخر: «أن (إسرا) هو القوة، و (إيل) هو الله، فمعنى إسرائيل قوة الله عز و جل».

438/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال له رجل: جعلت فداك، إن الله يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «1» و إنا ندعو فلا يستجاب لنا! قال: «لأنكم لا توفون بعهد الله، لو وفيتم لو في الله لكم».

439/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سماعة، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي قال: «بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) أُوفِ بِعَهْدِكُمْ أوف لكم بالجنة».

440/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا حريز، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما أنزل الله تبارك و تعالى: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ و الله، لقد خرج آدم من الدنيا و قد عاهد [قومه على الوفاء لولده شيث، فما وفى له، و لقد خرج نوح من الدنيا و عاهد قومه على الوفاء لولده «2» سام، فما وفت أمته، و لقد خرج إبراهيم من الدنيا و عاهد قومه على الوفاء لولده «3» إسماعيل، فما وفت أمته، و لقد خرج موسى من الدنيا و عاهد قومه على الوفاء. لوصيه يوشع بن نون فما وفت أمته، و لقد رفع عيسى بن مريم إلى السماء «4» و قد عاهد قومه [على الوفاء] لوصيه شمعون بن حمون الصفا فما وفت أمته.

و إني مفارقكم عن قريب و خارج من بين أظهركم، و قد عهدت إلى أمتي في «5» علي بن أبي طالب، و إنها لراكبة سنن من قبلها من الأمم في مخالفة وصيي و عصيانه، ألا و إني مجدد عليكم عهدي في علي فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً «6».

أيها الناس، إن عليا إمامكم من بعدي، و خليفتي عليكم، و هو وصيي و وزيري و أخي و ناصري، و زوج

ابنتي، و أبو ولدي، و صاحب شفاعتي و حوضي و لوائي، من أنكره فقد أنكرني، و من أنكرني فقد أنكر الله عز و جل،

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 43/ 2، و معاني الأخبار: 49/ 1.

4- تفسير القمّي 1: 46.

5- الكافي 1: 357/ 89.

6- معاني الأخبار: 372/ 1.

(1) غافر 40: 60.

(2، 3) في المصدر: لوصيه.

(4) (إلى السّماء) ليس في «ط».

(5) زاد في «ط»: عهد. [.....]

(6) الفتح 48: 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 201

و من أقر بإمامته فقد أقر بنبوتي، و من أقر بنبوتي فقد أقر بوحدانية الله عز و جل.

أيها الناس، من عصى عليا فقد عصاني، و من عصاني فقد عصى الله عز و جل، و من أطاع عليا فقد أطاعني، و من أطاعني فقد أطاع الله عز و جل.

يا أيها الناس، من رد على علي في قول أو فعل فقد رد علي، و من رد علي فقد رد على الله عز و جل فوق عرشه.

يا أيها الناس، من اختار منكم على علي إماما فقد اختار علي نبيا، و من اختار علي نبيا فقد اختار على الله عز و جل ربا.

يا أيها الناس، إن عليا سيد الوصيين، و قائد الغر المحجلين، و مولى المؤمنين، وليه وليي، و وليي ولي الله، و عدوه عدوي، و عدوي عدو الله عز و جل.

أيها الناس، أوفوا بعهد الله في علي يوف لكم بالجنة «1» يوم القيامة».

441/ [7]- العياشي: عن سماعة بن مهران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ؟ قال: «أوفوا بولاية علي فرضا من الله أوف لكم الجنة».

سورة البقرة(2): آية 41 ..... ص : 201

قوله تعالى:

وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَ

لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ [41]

442/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل لليهود: وَ آمِنُوا أيها اليهود بِما أَنْزَلْتُ على محمد «2» من ذكر نبوته، و انباء إمامة أخيه علي و عترته الطاهرين مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ فإن مثل هذا الذكر في كتابكم: أن محمدا النبي سيد الأولين و الآخرين، المؤيد بسيد الوصيين، و خليفة رسول رب العالمين، فاروق هذه الأمة، و باب مدينة الحكمة، و وصي رسول «3» الرحمة.

وَ لا تَشْتَرُوا بِآياتِي المنزلة بنبوة محمد، و إمامة علي و الطيبين من عترته ثَمَناً قَلِيلًا بأن تجحدوا

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 42/ 30.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 228/ 108.

(1) في المصدر: في الجنّة.

(2) في المصدر زيادة: نبيي.

(3) في المصدر زيادة: رب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 202

نبوة النبي محمد (صلى الله عليه و آله) و إمامة الأئمة (عليهم السلام) «1»، و تعتاضوا عنها عرض الدنيا، فإن ذلك- و إن كثر- إلى نفاد و خسار و بوار «2».

ثم قال عز و جل: وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ في كتمان أمر محمد و أمر وصيه، فإنكم إن تتقوا لم تقدحوا في نبوة النبي و لا في وصية الوصي، بل حجج الله عليكم قائمة، و براهينه بذلك واضحة، قد قطعت معاذيركم، و أبطلت تمويهكم «3».

و هؤلاء يهود المدينة جحدوا نبوة محمد (صلى الله عليه و آله) و خانوه، و قالوا: نحن نعلم أن محمدا نبي، و أن عليا وصيه، و لكن لست أنت ذاك و لا هذا- يشيرون إلى علي- فأنطق الله ثيابهم التي عليهم، و خفافهم التي في أرجلهم، يقول كل واحد منهم للابسه: كذبت يا عدو الله، بل النبي

محمد هذا، و الوصي علي هذا، و لو أذن الله لنا لضغطناكم و عقرناكم «4» و قتلناكم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله عز و جل يمهلهم لعلمه بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات طيبات مؤمنات، و لو تزيلوا «5» لعذب «6» هؤلاء عذابا أليما، إنما يعجل من يخاف الفوت».

443/]- العياشي: عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية في باطن القرآن وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ، قال: «يعني فلانا و صاحبه و من تبعهم و دان بدينهم، قال الله يعنيهم: وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ يعني عليا (عليه السلام)».

سورة البقرة(2): الآيات 42 الي 43 ..... ص : 202

قوله تعالى:

وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [42] وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [43]

444/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «خاطب الله بها قوما من اليهود ألبسوا «7» الحق بالباطل بأن زعموا

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 42/ 31.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 230/ 109 و 110.

(1) في المصدر: و إمامة الإمام (عليه السّلام) و آلهما.

(2) البوار: الهلاك. «الصحاح- بور- 2: 598».

(3) التمويه: التلبيس. و قول مموّه، أي مزخرف أو ممزوج من الحقّ و الباطل. «مجمع البحرين- موه- 6: 363».

(4) عقره، أي جرحه. «الصحاح- عقر- 2: 753».

(5) زيّلته فتزيّل، أي فرّقته فتفرّق. «مجمع البحرين- زيل- 5: 389».

(6) في المصدر زيادة: اللّه. [.....]

(7) في المصدر: لبّسوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 203

أن محمدا نبي، و أن عليا وصي، و لكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله):

أ ترضون التوراة بيني و

بينكم حكما؟ فقالوا: بلى. فجاءوا بها، و جعلوا يقرءون منها خلاف ما فيها، فقلب الله عز و جل الطومار «1» الذي كانوا «2» يقرءون فيه «3»، و هو في يد قراءين منهم، مع أحدهما أوله، و مع الآخر آخره، فانقلب ثعبانا له رأسان، و تناول كل رأس منهما يمين من هو في يده، و جعل يرضضه «4» و يهشمه، و يصيح الرجلان و يصرخان.

و كانت هناك طوامير أخر، فنطقت و قالت: لا تزالان في العذاب حتى تقرءا ما فيها من صفة محمد (صلى الله عليه و آله) و نبوته، و صفة علي (عليه السلام) و إمامته على ما أنزل الله تعالى «5»، فقرءاه صحيحا، و آمنا برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و اعتقدا إمامة علي ولي الله و وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال الله عز و جل: وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ بأن تقروا لمحمد (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) من وجه، و تجحدوهما من وجه، و بأن تَكْتُمُوا الْحَقَّ من نبوة محمد هذا، و إمامة علي هذا وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنكم تكتمونه، و تكابرون علومكم و عقولكم، فإن الله- إذا كان قد جعل أخباركم حجة، ثم جحدتم- لم يضيع هو حجته، بل يقيمها من غير جهتكم، فلا تقدروا أنكم تغالبون ربكم و تقاهرونه.

قال الله عز و جل لهؤلاء: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ قال: أقيموا الصلاة المكتوبة التي جاء بها محمد (صلى الله عليه و آله)، و أقيموا أيضا الصلاة على محمد و آله الطيبين الطاهرين الذين علي (عليه السلام) سيدهم و فاضلهم. وَ آتُوا الزَّكاةَ من أموالكم إذا وجبت،

و من أبدانكم إذا لزمت، و من معونتكم إذا التمست.

وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ تواضعوا مع المتواضعين لعظمة الله عز و جل في الانقياد لأولياء الله محمد نبي الله، و علي ولي الله، و الأئمة بعدهما سادة أصفياء الله».

445/ [2]- الشيخ الطوسي: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن إسحاق بن المبارك، قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن صدقة الفطرة، أ هي مما قال الله: أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ؟ فقال: «نعم».

446/ [3]- العياشي: عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ؟ قال: «هي الفطرة التي افترض الله على المؤمنين».

__________________________________________________

2- التّهذيب 4: 89/ 262.

3- تفسير العيّاشي 1: 42/ 32.

(1) الطومار: الصحيفة. «لسان العرب- طمر- 4: 503».

(2) في المصدر زيادة: منه.

(3) (فيه) ليس في المصدر.

(4) الرضّ: الدقّ و الجرش. «القاموس المحيط- رضض- 2: 343».

(5) في المصدر زيادة: فيها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 204

447/ [4]- عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن صدقة الفطرة، أ واجبة هي بمنزلة الزكاة؟ فقال: «هي مما قال الله: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ هي واجبة».

448/ [5]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)- و ليس عنده غير ابنه جعفر- عن زكاة الفطرة؟ فقال:

«يؤدي الرجل عن نفسه و عياله، و عن رقيقه الذكر منهم و الأنثى، و الصغير منهم و الكبير، صاعا من تمر عن كل إنسان، أو نصف صاع من حنطة، و هي الزكاة التي فرضها الله على المؤمنين مع الصلاة، على الغني و الفقير منهم، و هم جل الناس، و أصحاب الأموال أجل الناس».

قال: و قلت: على الفقير

الذي يتصدق عليه «1»؟ قال: «نعم، يعطي ما يتصدق به عليه».

449/ [6]- عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت الزكاة و ليس للناس الأموال، و إنما كانت الفطرة».

450/ [7]- عن سالم بن مكرم الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أعط الفطرة قبل الصلاة، و هو قول الله وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ و الذي يأخذ الفطرة عليه أن يؤدي عن نفسه و عن عياله، و إن لم يعطها حتى ينصرف من صلاته فلا تعد له فطرة».

451/ [8]- ابن شهر آشوب: عن أبي عبيدة المرزباني و أبي نعيم الأصفهاني في كتابيهما (في ما نزل من القرآن في علي) و النطنزي في (الخصائص) و روى أصحابنا عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ «نزلت في رسول الله و علي بن أبي طالب، و هما أول من صلى و ركع».

و روى موفق بن أحمد في كتابه بإسناده عن أبي صالح، عن ابن عباس، الحديث بعينه «2».

و روى أيضا الحبري، عن ابن عباس، الحديث بعينه. «3»

سورة البقرة(2): آية 44 ..... ص : 204

قوله تعالى:

أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ [44]

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 42/ 33.

5- تفسير العيّاشي 1: 42/ 34.

6- تفسير العيّاشي 1: 43/ 35.

7- تفسير العيّاشي 1: 43/ 36.

8- المناقب 2: 13، النور المشتعل: 40/ 1.

(1) في المصدر: عليهم. [.....]

(2) مناقب الخوارزمي: 198.

(3) تفسير الحبري: 237/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 205

452/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال عز و جل لقوم من مردة اليهود و منافقيهم المحتجبين «1» لأموال الفقراء، المستأكلين «2» للأغنياء، الذين يأمرون بالخير و يتركونه، و ينهون عن

الشر و يرتكبونه، قال: يا معاشر اليهود، أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ بالصدقات و أداء الأمانات وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ ما به تأمرون وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ التوراة الآمرة بالخيرات و الناهية عن المنكرات، المخبرة عن عقاب المتمردين، و [عن عظيم الشرف الذي يتطول الله به على الطائعين المجتهدين أَ فَلا تَعْقِلُونَ ما عليكم من عقاب الله عز و جل في أمركم بما به لا تأخذون، و في نهيكم عما أنتم فيه منهمكون.

و كان هؤلاء قوم من رؤساء اليهود و علمائهم احتجبوا «3» أموال الصدقات و المبرات فأكلوها و اقتطعوها، ثم حضروا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد حشروا «4» عليه عوامهم، يقولون: إن محمدا تعدى طوره، و ادعى ما ليس له.

فجاءوا بأجمعهم إلى حضرته، و قد اعتقد عامتهم أن يقعوا برسول الله فيقتلوه، و لو أنه في جماهير أصحابه، لا يبالون بما آتاهم به الدهر، فلما حضروه و كثروا و كانوا بين يديه، قال لهم رؤساؤهم- و قد واطئوا عوامهم على أنهم إذا أفحموا محمدا وضعوا عليه سيوفهم، فقال رؤساؤهم-: يا محمد، جئت تزعم أنك رسول رب العالمين نظير موسى و سائر الأنبياء المتقدمين؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أما قولي: إني رسول الله فنعم، و أما أن أقول: إني أنا نظير موسى و سائر الأنبياء، فما أقول هذا، و ما كنت لأصغر ما عظمه الله تعالى من قدري، بل قال ربي: يا محمد، إن فضلك على جميع الأنبياء و المرسلين و الملائكة المقربين كفضلي- و أنا رب العزة- على سائر الخلق أجمعين و كذلك ما قال الله تعالى لموسى لما ظن أنه

قد فضله على جميع العالمين. فغلظ ذلك على اليهود، و هموا بقتله، فذهبوا يسلون سيوفهم فما منهم أحد إلا وجد يديه إلى خلفه كالمكتوف، يابسا لا يقدر أن يحركهما و تحيروا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و رأى ما بهم من الحيرة-: لا تجزعوا، فخير أراد الله بكم، منعكم من التوثب «5» على وليه، و حبسكم على استماع حججه في نبوة محمد و وصية أخيه علي.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): معاشر اليهود، هؤلاء رؤساؤكم كافرون، و لأموالكم محتجبون، و لحقوقكم باخسون، و لكم- في قسمة من بعد ما اقتطعوه- ظالمون، يخفضون فيرفعون.

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 233/ 114.

(1) في المصدر: المحتجنين. احتجنته: إذا جذبته بالمحجن إلى نفسك، «الصحاح- حجن- 5: 2097». و المحجن كالصولجان.

(2) يستأكل الضعفا، أي يأخذ أموالهم. «الصحاح- أكل- 4: 1625».

(3) في المصدر: احتجنوا.

(4) حشرت النّاس: جمعتهم. «الصحاح- حشر- 2: 630».

(5) في المصدر: الوثوب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 206

فقالت رؤساء اليهود: حدث عن موضع الحجة، أ حجة نبوتك و وصية علي أخيك هذا، دعواك الأباطيل و إغراؤك قومنا بنا؟ «1».

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا، و لكن الله عز و جل قد أذن لنبيه أن يدعو بالأموال التي تختانونها «2» من هؤلاء الضعفاء و من يليهم فيحضرها ها هنا بين يديه، و كذلك يدعو حساباتكم»

فيحضرها لديه، ثم يدعو من واطأتموه على اقتطاع أموال الضعفاء فينطق باقتطاعهم جوارحهم، و كذلك ينطق باقتطاعكم جوارحكم.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا ملائكة ربي، أحضروني أصناف الأموال التي اقتطعها هؤلاء الظالمون لعوامهم فإذا الدراهم في الأكياس، و الدنانير و «4» الثياب

و الحيوانات و أصناف الأموال منحدرة عليهم سرحا «5» حتى استقرت بين أيديهم.

ثم قال (صلى الله عليه و آله): آتوا بحسابات هؤلاء الظالمين الذين غالطوا بها هؤلاء الفقراء، فإذا الأدراج «6» تنزل عليهم، فلما استقرت على الأرض، قال: خذوها فأخذوها فقرءوا فيها: نصيب كل قوم كذا و كذا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا ملائكة ربي، اكتبوا تحت اسم كل واحد من هؤلاء ما سرقوا منه و بينوه فظهرت كتابة بينة: لا بل نصيب كل واحد «7» كذا و كذا، فإذا إنهم قد خانوهم عشرة أمثال ما دفعوا إليهم.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا ملائكة ربي، ميزوا من هذه الأموال الحاضرة كل ما فضل مما بينه هؤلاء الظالمون، لتؤدى إلى مستحقها فاضطربت تلك الأموال، و جعلت تفصل بعضها من بعض حتى تميزت أجزاؤها كما ظهر في الكتاب المكتوب، و بين أنهم سرقوه و اقتطعوه، فدفع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى من حضر من عوامهم نصيبهم «8»، و بعث إلى من غاب فأعطاه، و أعطى ورثة من قد مات، و فضح الله اليهود و الرؤساء، و غلب الشقاء على بعضهم و بعض العوام، و وفق الله بعضهم.

فقال الرؤساء الذين هموا بالإسلام: نشهد- يا محمد- أنك النبي الأفضل، و أن أخاك هذا هو الوصي الأجل الأكمل، فقد فضحنا الله بذنوبنا، أ رأيت إن تبنا و أقلعنا ماذا تكون حالنا؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذن أنتم رفقاؤنا في الجنان، و تكونون في الدنيا في دين الله إخواننا، و يوسع الله تعالى أرزاقكم، و تجدون في مواضع هذه الأموال التي أخذت منكم أضعافا «9»، و ينسى هؤلاء

الخلق

__________________________________________________

(1) أغرى الإنسان غيره بالشّي ء: حرّضه عليه. «المعجم الوسيط- غرا- 2: 651».

(2) خانّ الشي ء: نقّصه. «المعجم الوسيط- خان- 1: 263». و في المصدر: خنتموها.

(3) في المصدر: حسباناتكم.

(4) في المصدر زيادة: إذا.

(5) سرحا: أي سهلا سريعا. «لسان العرب- سرح- 2: 479»، و في المصدر: من حالق، أي من مكان مشرف. «الصحاح- حلق- 4: 1463».

(6) الدرّج: و هو الذي يكتب فيه. «الصحاح- درج- 1: 314». [.....]

(7) في «ط»: قوم.

(8) في المصدر: نصيبه.

(9) في المصدر: أضعافها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 207

فضيحتكم حتى لا يذكرها أحد منهم.

فقالوا: إنا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنك- يا محمد- عبده و رسوله و صفيه و خليله، و أن عليا أخوك و وزيرك، و القيم بدينك، و النائب عنك، و المناضل دونك، و هو منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فأنتم المفلحون».

453/ [2]- العياشي: عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: قوله: أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ؟ قال: فوضع يده على حلقه، قال كالذابح نفسه. «1»

454/ [3]- و قال الحجال- عن أبي «2» إسحاق، عمن ذكره-: وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ: أي تتركون.

455/ [4]- و قال علي بن إبراهيم في الآية: نزلت في القصاص و الخطاب، و هو

قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «و على كل منبر منهم خطيب مصقع «3»، يكذب على الله و على رسوله و على كتابه».

و قال الكميت في ذلك:

مصيب على الأعواد يوم ركوبها لما قال فيها، مخطئ حين ينزل و لغيره في هذا المعنى:

و غير تقي يأمر الناس بالتقى طبيب يداوي الناس و هو «4»

عليل

سورة البقرة(2): الآيات 44 الي 46 ..... ص : 207

قوله تعالى:

وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ [45] الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ [46]

456/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل لسائر اليهود و الكافرين و المشركين:

__________________________________________________

2- تفسير العياشي 1: 43/ 37.

3- تفسير العياشي 1: 43/ 38.

4- تفسير القمي 1: 46.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 237/ 115- 117.

(1) لعل المراد:

قال الإمام (عليه السلام): إن من يأمر الناس بالبر و ينسى نفسه، فهو كالذابح نفسه.

أو أن الإمام (عليه السلام) أشار كالذابح نفسه و الثاني أظهر.

(2) في المصدر: ابن، و لعله صحيح أيضا، فقد روى الحجال عن أبي إسحاق الشعيري و عبيد بن إسحاق. راجع معجم رجال الحديث 11: 45، 21: 18: 22: 38، 23: 77.

(3) أي بليغ. «الصحاح- صقع- 3: 1244».

(4) في «ط»: يداوي و الطبيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 208

وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ بالصبر عن الحرام، و على تأدية الأمانات، و بالصبر عن الرئاسات الباطلة، و على الاعتراف لمحمد بنبوته و لعلي بوصيته.

و استعينوا بالصبر على خدمتهما، و خدمة من يأمرانكم بخدمته على استحقاق الرضوان و الغفران و دائم نعيم الجنان في جوار الرحمن، و مرافقة خيار المؤمنين، و التمتع بالنظر إلى عترة محمد سيد الأولين و الآخرين، و علي سيد الوصيين و السادة الأخيار المنتجبين. فإن ذلك أقر لعيونكم، و أتم لسروركم، و أكمل لهدايتكم من سائر نعيم الجنان، و استعينوا أيضا بالصلوات الخمس، و بالصلاة على محمد و آله الطيبين سادة الأخيار على قرب الوصول إلى جنات النعيم.

وَ إِنَّها أي هذه الفعلة من الصلوات الخمس، و الصلاة على محمد و آله الطيبين مع الانقياد

لأوامرهم، و الإيمان بسرهم و علانيتهم، و ترك معارضتهم ب (لم و كيف) لَكَبِيرَةٌ عظيمة إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الخائفين من عقاب الله في مخالفته في أعظم فرائضه.

ثم وصف الخاشعين فقال: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ الذين يقدرون أنهم يلقون ربهم، اللقاء الذي هو أعظم كراماته لعباده، و إنما قال: يَظُنُّونَ لأنهم لا يدرون بماذا يختم لهم، و العاقبة مستورة [عنهم وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ إلى كراماته و نعيم جنانه، لإيمانهم و خشوعهم، لا يعلمون ذلك يقينا لأنهم لا يأمنون أن يغيروا و يبدلوا.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزوع روحه، و ظهور ملك الموت له».

457/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد «1» بن عيسى، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان (عليه السلام) إذا أهاله شي ء فزع إلى الصلاة، ثم تلا هذه الآية: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ.

458/ [3]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليمان «2»، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ. قال: «الصبر: الصيام».

و قال: «إذا نزلت بالرجل النازلة الشديدة فليصم، فإن الله عز و جل يقول: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ يعني الصيام».

__________________________________________________

2- الكافي 2: 480/ 1.

3- الكافي 4: 63/ 7.

(1) في «س»: أحمد، و هو تصحيف، إذ أكثر حمّاد من روايته عن شعيب، و روى كتابه أيضا، راجع رجال النجاشي: 195/ 520 و معجم رجال الحديث 9: 34. [.....]

(2) (عن

سليمان) ليس في «س»، و إثباتها أنسب، راجع معجم رجال الحديث 22: 103.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 209

459/ [4]- العياشي: عن مسمع، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا مسمع، ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غم من غموم الدنيا أن يتوضأ، ثم يدخل مسجده فيركع ركعتين فيدعو الله فيهما؟ أما سمعت الله يقول: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ».

460/ [5]- عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ.

قال: «الصبر: هو الصوم».

461/ [6]- عن سليمان الفراء، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ.

قال: «الصبر: الصوم، إذا نزلت بالرجل الشدة أو النازلة فليصم، فإن الله عز و جل يقول: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ و الصبر: الصوم».

462/ [7]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام) و ابن عباس، في قوله: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ «الخاشع: الذليل في صلاته المقبل عليها، يعني رسول الله و أمير المؤمنين (عليهما السلام)».

463/ [8]- و روي ذلك من طريق المخالفين، عن ابن عباس، بزيادة قوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ نزلت في علي و عثمان بن مظعون و عمار بن ياسر و أصحاب لهم.

464/ [9]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر، قال: حدثني محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب الجنديسابوري، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن زيد «1»، عن عبيد الله «2» بن

عبيد، عن أبي معمر السعداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ «يعني يوقنون أنهم يبعثون و يحشرون و يحاسبون، و يجزون بالثواب و العقاب، و الظن ها هنا اليقين».

465/ [10]- العياشي: عن أبي معمر، عن علي (عليه السلام)، في قوله: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ.

يقول: «يوقنون أنهم مبعوثون، و الظن منهم يقين».

466/ [11]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ يعني الصلاة.

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 43/ 39.

5- تفسير العيّاشي 1: 43/ 40.

6- تفسير العيّاشي 1: 43/ 41.

7- المناقب 1: 20، تفسير الحبري: 238/ 6.

8- تفسير الحبري: 239/ 7، شواهد التنزيل 1: 89/ 126.

9- التّوحيد: 267/ 5.

10- تفسير العيّاشي 1: 44/ 42.

11- تفسير القمّي 1: 46.

(1) في المصدر: يزيد.

(2) في «ط»: عبد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 210

و قوله: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ قال علي بن إبراهيم: الظن في كتاب الله على وجهين: فمنه ظن يقين، و منه ظن شك ففي هذا الموضع يقين، و إنما الشك قوله: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ «1» وَ ظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ «2».

سورة البقرة(2): الآيات 47 الي 48 ..... ص : 210

قوله تعالى:

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ [47] وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ [48]

467/ [1]- العياشي: عن هارون بن محمد الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: يا بَنِي إِسْرائِيلَ. قال: «هم نحن خاصة».

468/ [2]- عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن

قوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ.

قال: «هي خاصة بآل محمد».

469/ [3]- عن أبي داود، عمن سمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «أنا عبد الله اسمي أحمد، و أنا عبد الله اسمي إسرائيل، فما أمره فقد أمرني، و ما عناه فقد عناني».

470/ [4]- قال الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ أن بعثت موسى و هارون إلى أسلافكم بالنبوة، فهديناهم إلى نبوة محمد (صلى الله عليه و آله) و وصيه علي (عليه السلام) و إمامة عترته الطيبين، و أخذنا عليكم بذلك العهود و المواثيق، التي إن وافيتم بها كنتم ملوكا في جنان المستحقين «3» لكراماته و رضوانه.

وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ هناك، أي فعلته بأسلافكم، فضلتهم دينا و دنيا: فأما تفضيلهم في الدين

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 44/ 43.

2- تفسير العيّاشي 1: 44/ 44.

3- تفسير العيّاشي 1: 44/ 45. [.....]

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 240/ 118 و 119.

(1) الجاثية 45: 32.

(2) الفتح 48: 12.

(3) في المصدر: جنانه مستحقين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 211

فلقبولهم ولاية «1» محمد (صلى الله عليه و آله) و «2» علي و آلهما الطيبين، و أما في الدنيا فإني ظللت عليهم الغمام، و أنزلت عليهم المن و السلوى، و أسقيتهم من حجر ماء عذبا، و فقلت لهم البحر، و أنجيتهم، و أغرقت أعداءهم فرعون و قومه، و فضلتهم بذلك على عالمي زمانهم الذين خالفوا طرائقهم، و حادوا عن سبيلهم.

ثم قال الله عز و جل: فإذا كنت قد فعلت هذا بأسلافكم في ذلك الزمان بقبولهم ولاية محمد «3»، فبالحري أن أزيدكم فضلا في هذا الزمان، إن أنتم

وفيتم بما أخذ من العهد و الميثاق عليكم.

ثم قال الله عز و جل: وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً لا تدفع عنها عذابا قد استحقته عند النزع وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ يشفع لها بتأخر «4» الموت عنها وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ لا يقبل منها فداء مكانه، يمات و يترك هو فداء «5».

قال الصادق (عليه السلام): و هذا اليوم يوم الموت، فإن الشفاعة و الفداء لا تغني عنه، فأما في القيامة فإنا و أهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء، ليكونن على الأعراف بين الجنة و النار محمد (صلى الله عليه و آله) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام) و الطيبون من آلهم، فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات، ممن كان منهم مقصرا، في بعض شدائدها، فنبعث عليهم خير شيعتنا كسلمان و المقداد و أبي ذر و عمار و نظرائهم في العصر الذي يليهم، و في كل عصر إلى يوم القيامة، فينقضون «6» عليهم كالبزاة «7» و الصقور فيتناولونهم كما تتناول البزاة و الصقور صيدها، فيزفونهم إلى الجنة زفا.

و إنا لنبعث على آخرين من محبينا و خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحب، و ينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا، و سيؤتى بالواحد من مقصري شيعتنا في أعماله، بعد أن قد حاز الولاية و التقية و حقوق إخوانه، و يوقف بإزائه ما بين مائة و أكثر من ذلك إلى مائة ألف من النصاب، فيقال له: هؤلاء فداؤك من النار فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة، و هؤلاء «8» النصاب النار، و ذلك ما قال الله عز و جل: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا «9» يعني بالولاية لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ «10»

في الدنيا منقادين للإمامة، ليجعل مخالفوهم فداءهم من النار».

471/ [5]- ابن بابويه، بإسناده عن أمية بن يزيد القرشي، قال: قيل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): ما العدل، يا

__________________________________________________

5- معاني الأخبار: 265/ 2.

(1) في المصدر: نبوة.

(2) في المصدر: و ولاية.

(3) في المصدر: ولاية محمّد و آله.

(4) في المصدر: بتأخير.

(5) (فداء) ليس في المصدر.

(6) انقضّ الطائر: هوى في طيرانه. «الصحاح- قضض- 3: 1102».

(7) البزاة: جمع بازي، و هو جنس من الصقور الصغيرة أو المتوسطة الحجم، و من أنواعه: الباشق، و البيدق. «المعجم الوسيط- بزا- 1: 55».

(8) في المصدر: و أولئك.

(9، 10) الحجر 15: 2. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 212

رسول الله؟ قال: «الفدية». قال: قيل: ما الصرف، يا رسول الله؟ قال: «التوبة».

قال مؤلف هذا الكتاب: لا منافاة بين التفسيرين في بني إسرائيل بحمل أحد التفسيرين على الظاهر، و الآخر على الباطن.

سورة البقرة(2): آية 49 ..... ص : 212

قوله تعالى:

وَ إِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ [49]

472/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله: و اذكروا، يا بني إسرائيل إِذْ نَجَّيْناكُمْ أنجينا أسلافكم مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ و هم الذين كانوا يدنون إليه بقرابته و بدينه و مذهبه يَسُومُونَكُمْ يعذبونكم سُوءَ الْعَذابِ شدة العذاب، كانوا يحملونه عليكم».

قال: «و كان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلفهم عمل البناء و الطين، و يخاف أن يهربوا عن العمل، فأمر بتقييدهم، فكانوا ينقلون ذلك الطين على السلالم إلى السطوح فربما سقط الواحد منهم فمات أو زمن «1» و لا يحفلون «2» بهم، إلى أن أوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام): قل لهم: لا يبتدئون عملا إلا بالصلاة على محمد

و آله الطيبين ليخف عليهم، فكانوا يفعلون ذلك فيخفف عليهم.

و أمر كل من سقط و زمن، ممن نسي الصلاة على محمد و آله، بأن يقولها على نفسه إن أمكنه- أي الصلاة على محمد و آله- أو يقال عليه إن لم يمكنه، فإنه يقوم و لا يضره ذلك، ففعلوها فسلموا.

يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ و ذلك لما قيل لفرعون: إنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك، و زوال ملكك فأمر بذبح أبنائهم، فكانت الواحدة منهن تصانع «3» القوابل عن نفسها لئلا تنم عليها [و يتم حملها، ثم تلقي ولدها في صحراء، أو غار جبل، أو مكان غامض، و تقول عليه عشر مرات الصلاة على محمد و آله، فيقيض «4» الله له ملكا يربيه و يدر من إصبع له لبنا يمصه، و من إصبع طعاما لينا يتغذاه، إلى أن نشأ بنو إسرائيل، فكان من سلم منهم و نشأ أكثر ممن قتل.

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 242/ 120.

(1) زمن: مرض مرضا يدوم زمانا طويلا، أو ضعف بكبر سنّ أو مطاولة علّة. «المعجم الوسيط- زمن- 1: 401».

(2) الحفل: المبالاة، يقال: ما أحفل بفلان، أي ما أبالي به. «لسان العرب- حفل- 11: 159».

(3) المصانعة: الرشوة. «الصحاح- صنع- 3: 1246».

(4) قيّض اللّه فلانا لفلان، أي جاء به و أتاحه له. «الصحاح- قيض- 3: 1104».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 213

وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ يبقونهن و يتخذونهن إماء، فضجوا إلى موسى (عليه السلام)، و قالوا: يفترشون «1» بناتنا و أخواتنا؟! فأمر الله البنات كلما رابهن ريب من ذلك صلين على محمد و آله الطيبين، فكان الله يرد عنهن أولئك الرجال، إما بشغل أو بمرض أو زمانة أو لطف من

ألطافه، فلم تفترش منهن امرأة، بل دفع الله عز و جل «2» عنهن بصلاتهن على محمد و آله الطيبين.

ثم قال عز و جل: وَ فِي ذلِكُمْ أي في ذلك الإنجاء الذي أنجاكم منه ربكم بَلاءٌ نعمة مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ كبير.

قال الله عز و جل: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا «3» إذ كان البلاء يصرف عن أسلافكم و يخفف بالصلاة على محمد و آله الطيبين، أ فلا تعلمون أنكم إذا شاهدتموهم و آمنتم بهم «4» كان النعمة عليكم أعظم و أفضل، و فضل الله لديكم «5» أكثر و أجزل».

سورة البقرة(2): الآيات 50 الي 53 ..... ص : 213

قوله تعالى:

وَ إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [50] وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ [51] ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [52] وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [53]

473/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: و اذكروا إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ «6» فرقا، ينقطع بعضه من بعض، فَأَنْجَيْناكُمْ هناك و أغرقنا آل «7» فرعون و قومه وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إليهم و هم يغرقون.

و ذلك أن موسى (عليه السلام) لما انتهى إلى البحر، أوحى الله عز و جل إليه: قل لبني إسرائيل: جددوا توحيدي،

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 245/ 121- 123.

(1) افترشه: أي وطئه، و افترش الرجل المرأة للّذة. «الصحاح- فرش- 3: 1014»، «لسان العرب- فرش- 6: 327»، و في المصدر: يفترعون ..

(2) في «ط» و المصدر زيادة: ذلك.

(3) البقرة 2: 47.

(4) في المصدر: شاهدتموه و آمنتم به.

(5) في المصدر: عليكم.

(6) في المصدر: و اذكروا إذ جعلنا ماء البحر.

(7) (آل) ليس

في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 214

و أقروا «1» بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي و إمائي، و أعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي أخي محمد و آله الطيبين، و قولوا: اللهم بجاههم جوزنا على متن هذا الماء فإن الماء يتحول لكم أرضا. فقال لهم موسى (عليه السلام) ذلك، فقالوا: أ تورد علينا ما نكره، و هل فررنا من آل فرعون إلا من خوف الموت؟! و أنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات، و ما يدرينا ما يحدث من هذه علينا؟! فقال لموسى (عليه السلام) كالب بن يوحنا- و هو على دابة له، و كان ذلك الخليج أربعة فراسخ-: يا نبي الله، أمرك الله بهذا أن نقوله و ندخل الماء؟ قال: نعم. قال: و أنت تأمرني به؟ قال: نعم.

فوقف و جدد على نفسه من توحيد الله و نبوة محمد (صلى الله عليه و آله) و ولاية علي (عليه السلام) و الطيبين من آلهما ما أمره به، ثم قال: اللهم بجاههم جوزني على متن هذا الماء ثم أقحم فرسه، فركض على متن الماء، فإذا الماء تحته كأرض لينة حتى بلغ آخر الخليج، ثم عاد راكضا.

ثم قال لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل، أطيعوا الله و أطيعوا موسى فما هذا الدعاء إلا مفاتيح «2» أبواب الجنان، و مغاليق أبواب النيران، و مستنزل «3» الأرزاق، و جالب على عباد الله و إمائه رضا «4» المهيمن الخلاق فأبوا، و قالوا: نحن لا نسير إلا على الأرض.

فأوحى الله تعالى إلى موسى: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ «5» و قل: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين لما فلقته ففعل، فانفلق و ظهرت الأرض إلى آخر الخليج.

فقال موسى (عليه السلام): ادخلوها قالوا: الأرض و

حلة نخاف أن نرسب «6» فيها.

فقال الله عز و جل: يا موسى، قل: اللهم بحق محمد و آله الطيبين جففها فقالها، فأرسل الله عليها ريح الصبا «7» فجفت. و قال موسى (عليه السلام): ادخلوها قالوا: يا نبي الله، نحن اثنتا عشرة قبيلة، بنو اثني عشر أبا، و إن دخلنا رام كل فريق منا تقدم صاحبه، و لا نأمن وقوع الشر بيننا، فلو كان لكل فريق منا طريق على حدة لأمنا ما نخافه.

فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعددهم اثنتي عشرة ضربة في اثني عشر موضعا إلى جانب ذلك الموضع، و يقول: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين بين الأرض لنا و أمط «8» الماء عنا فصار فيه تمام اثني عشر طريقا، و جف

__________________________________________________

(1) في «س»: و أمرّوا. [.....]

(2) في المصدر: مفتاح.

(3) في المصدر: و منزل.

(4) في المصدر زيادة: الرحمن.

(5) الشّعراء 26: 63.

(6) رسب الشّي ء: ثقل و صار إلى أسفل. «مجمع البحرين- رسب- 2: 70».

(7) الصبا: ريح، و مهبّها المستوي أن تهبّ من موضع مطلع الشّمس إذ استوى اللّيل و النّهار. «الصحاح- صبا- 6: 2398».

(8) أماط عنّي الأذى: أي أبعده عنّي و نحّاه. «مجمع البحرين- ميط- 4: 274».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 215

قرار الأرض بريح الصبا. فقال: ادخلوها قالوا: كل فريق منا يدخل سكة من هذه السكك لا يدري ما يحدث على الآخرين.

فقال الله عز و جل: فاضرب كل طود «1» من الماء بين هذه السكك فضرب، فقال: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين لما جعلت في هذا الماء طيقانا «2» واسعة يرى بعضهم بعضا منها فحدثت طيقان واسعة يرى بعضهم بعضا منها، ثم دخلوها.

فلما بلغوا آخرها جاء فرعون و قومه، فدخل بعضهم، فلما دخل

آخرهم، و هم بالخروج أولهم أمر الله تعالى البحر فانطبق عليهم، فغرقوا، و أصحاب موسى ينظرون إليهم، فذلك قوله عز و جل: وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إليهم.

قال الله عز و جل لبني إسرائيل في عهد محمد (صلى الله عليه و آله): فإذا كان الله تعالى فعل هذا كله بأسلافكم لكرامة محمد، و دعاء موسى، دعاء تقرب بهم [إلى الله أ فلا تعقلون أن عليكم الإيمان بمحمد و آله إذ «3» شاهدتموه الآن؟ ثم قال الله عز و جل: وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ».

قال الإمام (عليه السلام): «كان موسى بن عمران (عليه السلام) يقول لبني إسرائيل: إذا فرج الله عنكم و أهلك أعداءكم أتيتكم بكتاب من ربكم، يشتمل على أوامره و نواهيه و مواعظه و عبره و أمثاله.

فلما فرج الله عنهم، أمر الله عز و جل أن يأتي للميعاد، و يصوم ثلاثين يوما عند أصل الجبل، و ظن موسى أنه بعد ذلك يعطيه الكتاب، فصام موسى ثلاثين يوما «4»، فلما كان في آخر الأيام استاك قبل الفطر. فأوحى الله عز و جل إليه: يا موسى، أما علمت أن خلوف «5» فم الصائم أطيب عندي من رائحة المسك؟ صم عشرا أخر و لا تستك عند الإفطار ففعل ذلك موسى (عليه السلام)، و كان وعد الله أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ليلة، فأعطاه إياه.

فجاء السامري فشبه على مستضعفي بني إسرائيل، و قال: وعدكم موسى أن يرجع إليكم بعد أربعين ليلة، و هذه عشرون ليلة و عشرون يوما تمت أربعون، أخطأ موسى ربه، و قد أتاكم ربكم، أراد أن يريكم أنه قادر على أن يدعوكم إلى

نفسه بنفسه، و أنه لم يبعث موسى لحاجة منه إليه فأظهر لهم العجل الذي كان عمله، فقالوا له: كيف يكون العجل إلهنا؟

قال لهم: إنما هذا العجل مكلمكم «6» منه ربكم كما كلم موسى من الشجرة، فالإله في العجل كما كان في الشجرة فضلوا بذلك و أضلوا.

__________________________________________________

(1) الطود: الجبل العظيم. «الصحاح- طود- 2: 502».

(2) الطيقان: جمع طاق: و هو ما عطف من الأبنية. «الصحاح- طوق- 4: 1519».

(3) في المصدر زيادة: قد.

(4) في المصدر زيادة: عند أصل الجبل.

(5) الخلوف: رائحة الفم المتغيّرة. «مجمع البحرين- خلف- 5: 53».

(6) في المصدر: يكلمكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 216

فقال موسى (عليه السلام): يا أيها العجل، أ كان فيك ربنا كما يزعم هؤلاء؟ فنطق العجل، و قال: عز ربنا عن أن يكون العجل حاويا له، أو شي ء من الشجر و الأمكنة عليه مشتملا، و لا له حاويا، لا- و الله، يا موسى- و لكن السامري نصب عجلا مؤخره إلى الحائط، و حفر في الجانب الآخر في الأرض، و أجلس فيه بعض مردته، فهو الذي وضع فاه على دبره، و تكلم لما قال: هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى «1» يا موسى بن عمران، ما خذل هؤلاء بعبادتي و اتخاذي إلها إلا بتهاونهم بالصلاة على محمد و آله الطيبين، و جحودهم بموالاتهم، و نبوة النبي و وصية الوصي حتى أداهم إلى أن اتخذوني إلها.

قال الله تعالى: فإذا كان الله تعالى إنما خذل عبدة العجل لتهاونهم بالصلاة على محمد و وصيه علي، فما تخافون من الخذلان الأكبر في معاندتكم لمحمد و علي و قد شاهدتموهما، و تبينتم آياتهما و دلائلهما؟

ثم قال الله عز و جل: ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي

عفونا عن أوائلكم عبادتهم العجل، لعلكم- يا أيها الكائنون في عصر محمد من بني إسرائيل- تشكرون تلك النعمة على أسلافكم و عليكم بعدهم».

ثم قال (عليه السلام): «و إنما عفا الله عز و جل عنهم لأنهم دعوا الله بمحمد و آله الطيبين، و جددوا على أنفسهم الولاية لمحمد و علي و آلهما الطاهرين، فعند ذلك رحمهم الله و عفا عنهم».

ثم قال عز و جل: وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ قال: «و اذكروا إذ آتينا موسى الكتاب- و هو التوراة- الذي أخذ على بني إسرائيل الإيمان به، و الانقياد لما يوجبه، و الفرقان آتيناه أيضا، فرق به ما بين الحق و الباطل، و فرق ما بين المحقين و المبطلين.

و ذلك أنه لما أكرمهم الله تعالى بالكتاب و الإيمان به، و الانقياد له، أوحى الله بعد ذلك إلى موسى (عليه السلام):

هذا الكتاب قد أقروا به، و قد بقي الفرقان، فرق ما بين المؤمنين و الكافرين، و المحقين و المبطلين، فجدد عليهم العهد به، فإني قد آليت على نفسي قسما حقا لا أتقبل من أحد إيمانا و لا عملا إلا مع الإيمان به.

قال موسى (عليه السلام): ما هو يا رب؟

قال الله عز و جل: يا موسى، تأخذ على بني إسرائيل أن محمدا خير النبيين «2» و سيد المرسلين، و أن أخاه و وصيه علي خير الوصيين، و أن أولياءه الذين يقيمهم سادة الخلق، و أن شيعته المنقادين له، المسلمين له و لأوامره و نواهيه و لخلفائه، نجوم الفردوس الأعلى، و ملوك جنات عدن».

قال: «و أخذ عليهم موسى (عليه السلام) ذلك، فمنهم من اعتقده حقا، و منهم من أعطاه بلسانه دون قلبه، فكان المعتقد منهم حقا

يلوح على جبينه نور مبين، و من أعطاه بلسانه دون قلبه ليس له ذلك النور، فذلك الفرقان الذي أعطاه الله عز و جل موسى (عليه السلام)، و هو فرق ما بين المحقين و المبطلين.

ثم قال الله عز و جل: لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي لعلكم تعلمون أن الذي به يشرف العبد عند الله عز و جل هو

__________________________________________________

(1) طه 20: 88. [.....]

(2) في المصدر: خير البشر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 217

اعتقاد الولاية، كما تشرف به أسلافكم».

474/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. قال: «كان في العلم و التقدير ثلاثين ليلة، ثم بد الله فزاد عشرا، فتم ميقات ربه الأول «1» و الآخر أربعين ليلة».

سورة البقرة(2): آية 54 ..... ص : 217

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [54]

475/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: و اذكروا، يا بني إسرائيل إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ عبدة العجل يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أضررتم بها بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ إلها فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ الذي برأكم و صوركم فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ بقتل بعضكم بعضا، يقتل من لم يعبد العجل من عبده ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ أي ذلك القتل خير لكم عِنْدَ بارِئِكُمْ من أن تعيشوا في الدنيا و هو لم يغفر لكم، فتتم في الحياة الدنيا حياتكم، و يكون إلى النار مصيركم، و إذا قتلتم و أنتم تائبون جعل الله عز و جل ذلك القتل كفارة لكم، و جعل الجنة منزلكم «2» و منقلبكم.

قال الله عز و جل: فَتابَ عَلَيْكُمْ قبل

توبتكم، قبل استيفاء القتل لجماعتكم، و قبل إتيانه على كافتكم، و أمهلكم للتوبة، و استبقاكم للطاعة إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».

قال: «و ذلك أن موسى (عليه السلام) لما أبطل الله تعالى على يديه أمر العجل، فأنطقه بالخبر عن تمويه السامري، و أمر موسى (عليه السلام) أن يقتل من لم يعبده من يعبده، تبرأ أكثرهم، و قالوا: لم نعبده. فقال الله عز و جل لموسى (عليه السلام): ابرد هذا العجل الذهب بالحديد بردا، ثم ذره في البحر، فمن شرب ماءه اسودت شفتاه و أنفه و بان ذنبه ففعل، فبان العابدون للعجل.

و أمر الله تعالى اثني عشر ألفا أن يخرجوا على الباقين شاهرين السيوف يقتلونهم، و نادى مناديه: ألا لعن الله أحدا أبقاهم بيد أو رجل، و لعن الله من تأمل المقتول لعله تبينه حميما أو قريبا «3» فيتعداه إلى الأجنبي فاستسلم

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 44/ 46.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 254/ 124.

(1) في المصدر: للأوّل.

(2) في المصدر: منزلتكم.

(3) في «ط» و المصدر زيادة: فيتوقاه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 218

المقتولون. فقال القاتلون: نحن أعظم مصيبة منهم، نقتل بأيدينا آباءنا و أبناءنا و إخواننا «1» و قراباتنا، و نحن لم نعبد، فقد ساوى بيننا و بينهم في المصيبة.

فأوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام): يا موسى، إني إنما امتحنتهم بذلك لأنهم ما اعتزلوهم لما عبدوا العجل، و لم يهجروهم، و لم يعادوهم على ذلك، قل لهم: من دعا الله بمحمد و آله الطيبين يسهل عليه قتل المستحقين للقتل بذنوبهم فقالوها، فسهل الله عليهم ذلك، و لم يجدوا لقتلهم لهم ألما.

فلما استحر القتل «2» فيهم- و هم ستمائة ألف- إلا اثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا

العجل، وفق الله بعضهم، فقال لبعضهم- و القتل لم يفض «3» بعد إليهم، فقال-: أو ليس قد جعل الله التوسل بمحمد و آله الطيبين أمرا لا تخيب معه طلبة، و لا ترد به مسألة؟ و هكذا توسلت الأنبياء و الرسل، فما لنا لا نتوسل؟!».

قال: «فاجتمعوا و ضجوا: يا ربنا، بجاه محمد الأكرم، و بجاه علي الأفضل الأعظم، و بحق فاطمة الفضلى، و بجاه الحسن و الحسين سبطي سيد المرسلين، و سيدي شباب أهل الجنة أجمعين، و بجاه الذرية الطيبة الطاهرة من آل طه و يس لما غفرت لنا ذنوبنا، و غفرت لنا عقوبتنا «4»، و أزلت هذا القتل عنا فذاك حين نودي موسى (عليه السلام) «5»: أن كف القتل، فقد سألني بعضهم شيئا «6»، و أقسم علي شيئا «7»، لو أقسم به هؤلاء العابدون للعجل، و سألني العصمة لعصمتهم حتى لا يعبدوه، و لو أقسم علي بها إبليس لهديته، و لو أقسم بها علي نمرود أو فرعون لنجيته.

فرفع عنهم القتل، فجعلوا يقولون: يا حسرتنا، أين كنا عن هذا الدعاء بمحمد و آله الطيبين حتى كان الله يقينا شر الفتنة، و يعصمنا بأفضل العصمة؟!».

476/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: إن موسى (عليه السلام) لما خرج إلى الميقات، و رجع إلى قومه و قد عبدوا العجل، قال لهم موسى: يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ.

فقالوا: و كيف نقتل أنفسنا؟ فقال لهم موسى: اغدوا «8»- كل واحد منكم- إلى بيت المقدس، و معه سكين أو حديدة أو سيف، فإذا صعدت أنا منبر بني إسرائيل، فكونوا أنتم ملثمين لا يعرف أحد صاحبه، فاقتلوا بعضكم

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 47.

(1)

في «ط»: و أخواتنا.

(2) أي اشتدّ. «الصحاح- حرر- 2: 629».

(3) الإفضاء: الانتهاء، و أفضى إليه: وصل. «لسان العرب- فضا- 15: 157».

(4) في المصدر: هفواتنا.

(5) في «ط» و المصدر زيادة: من السماء.

(6) في المصدر: مسألة.

(7) في المصدر: قسما. [.....]

(8) الظاهر أن الصواب: يغدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 219

بعضا.

فاجتمع سبعون ألف رجل ممن كانوا عبدوا العجل إلى بيت المقدس، فلما صلى بهم موسى (عليه السلام) و صعد المنبر، أقبل بعضهم يقتل بعضا حتى نزل جبرئيل (عليه السلام)، فقال: قل لهم: يا موسى، ارفعوا القتل فقد تاب الله عليكم فقتل منهم عشرة آلاف، و أنزل الله ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

سورة البقرة(2): الآيات 55 الي 56 ..... ص : 219

قوله تعالى:

وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [55] ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [56]

477/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً قال أسلافكم فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ أخذت أسلافكم الصاعقة وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إليهم ثُمَّ بَعَثْناكُمْ بعثنا أسلافكم مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ من بعد موت أسلافكم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي لعل أسلافكم يشكرون الحياة التي فيها يتوبون و يقلعون، و إلى ربهم ينيبون، لم يدم عليهم ذلك الموت فيكون إلى النار مصيرهم، و هم فيها خالدون».

قال «1»: «و ذلك أن موسى (عليه السلام) لما أراد أن يأخذ عليهم عهد الفرقان «2»، فرق ما بين المحقين و المبطلين لمحمد (صلى الله عليه و آله) بنبوته، و لعلي (عليه السلام) بإمامته، و للأئمة الطاهرين بإمامتهم، قالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أن هذا أمر ربك حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً

عيانا يخبرنا بذلك فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ معاينة، و هم ينظرون إلى الصاعقة تنزل عليهم.

و قال الله عز و جل له: يا موسى، إني أنا المكرم أوليائي و المصدقين بأصفيائي و لا أبالي، و كذلك أنا المعذب لأعدائي الدافعين لحقوق أصفيائي و لا أبالي.

فقال موسى (عليه السلام) للباقين الذين لم يصعقوا: ماذا تقولون، تقبلون «3»، و تعترفون؟ و الا فأنتم بهؤلاء

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 256/ 125.

(1) في المصدر زيادة: الإمام.

(2) في المصدر: عهدا بالفرقان.

(3) في المصدر: أ تقبلون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 220

لاحقون.

قالوا: يا موسى، تدري «1» ما حل بهم، لماذا أصابهم «2»؟ كانت الصاعقة ما أصابتهم لأجلك، إلا أنها كانت نكبة من نكبات الدهر تصيب البر و الفاجر، فإن كانت إنما أصابتهم لردهم عليك في أمر محمد و علي و آلهما، فاسأل الله ربك بمحمد و آله الذين تدعونا إليهم أن يحيي هؤلاء المصعوقين لنسألهم لماذا أصابتهم «3».

فدعا الله عز و جل بهم موسى (عليه السلام)، و أحياهم الله عز و جل، فقال موسى (عليه السلام): سلوهم لماذا أصابهم؟ فسألوهم، فقالوا: يا بني إسرائيل، أصابنا لإبائنا اعتقاد إمامة علي بعد اعتقادنا نبوة محمد (صلى الله عليه و آله)، لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربنا من سماواته و حجبه و عرشه و كرسيه و جنانه و نيرانه، فما رأينا أنفذ أمرا في جميع تلك الممالك و أعظم سلطانا من محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين، و إنا لما متنا بهذه الصاعقة ذهب بنا إلى النيران، فناداهم محمد و علي: كفوا عن هؤلاء عذابكم، فهؤلاء يحيون بمسألة سائل يسأل ربنا عز و جل بنا و بآلنا الطاهرين، و ذلك

حين لم يقذفونا «4» في الهاوية و أخرونا إلى بعثتنا «5» بدعائك- يا موسى بن عمران- بمحمد و آله الطيبين.

فقال الله عز و جل لأهل عصر محمد (صلى الله عليه و آله): فإذا كان بالدعاء بمحمد و آله الطيبين نشر ظلمة أسلافكم المصعوقين بظلمهم، أ فما يجب عليكم أن لا تتعرضوا إلى مثل ما هلكوا به إلى أن أحياهم الله عز و جل؟».

478/ [2]- ابن بابويه: قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان ابن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك: أن الأنبياء معصومون؟ فقال: «بلى».

فسأله عن آيات من القرآن، فكان فيما سأله أن قال له: فما معنى قوله عز و جل: وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي «6» الآية، كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام)، لا يعلم أن الله- تعالى ذكره- لا تجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟

فقال الرضا (عليه السلام): «إن كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) علم أن الله عز «7» عن أن يرى بالأبصار، و لكنه

__________________________________________________

2- التّوحيد 121/ 24، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 200/ 1.

(1) في المصدر: لا ندري.

(2) في المصدر: أصابتهم.

(3) في المصدر: لماذا أصابهم ما أصابهم.

(4) في المصدر زيادة: بعد.

(5) في المصدر: إلى أن بعثنا.

(6) الأعراف 7: 143.

(7) في المصدر: تعالى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 221

لما كلمه الله عز و جل و قربه نجيا، رجع إلى

قومه فأخبرهم أن الله كلمه و قربه، و ناجاه فقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حتى نسمع كلامه كما سمعت، و كان القوم سبعمائة ألف «1»، فاختار منهم سبعين ألفا، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبعمائة، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه. فخرج بهم إلى طور سيناء، فأقامهم في سفح الجبل، و صعد موسى (عليه السلام) إلى الطور فسأل الله تبارك و تعالى أن يكلمه و يسمعهم كلامه فكلمه الله تعالى ذكره و سمعوا كلامه من فوق و أسفل و يمين و شمال و وراء و أمام، لأن الله عز و جل أحدثه في الشجرة، ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه.

فقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ بأن الذي سمعناه كلام الله حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فلما قالوا هذا القول العظيم، و استكبروا و عتوا، بعث الله عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا.

فقال موسى: يا رب، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم، و قالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله عز و جل إياك فأحياهم الله و بعثهم بعد «2»، فقالوا: إنك لو سألت الله أن يريك تنظر إليه لأجابك، و كنت تخبرنا كيف هو، فنعرفه حق معرفته.

فقال موسى (عليه السلام): يا قوم، إن الله لا يرى بالأبصار و لا كيفية له، و إنما يعرف بآياته و يعلم بأعلامه، فقالوا:

لن نؤمن لك حتى تسأله.

فقال موسى (عليه السلام): يا رب، إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل و أنت أعلم بصلاحهم، فأوحى الله عز و جل إليه، يا موسى، سلني عما سألوك فلن أو آخذك بجهلهم.

فعند ذلك قال موسى: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ

انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ و هو يهوي فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ «3» بآية من آياته جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ «4» يقول: رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ «5» منهم بأنك لا ترى».

فقال المأمون: لله درك، يا أبا الحسن!

479/ [3]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسين بن علوان، عن محمد بن داود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في كلامه لابن الكواء- قال له: «اسأل عما بدا لك». فقال: نعم، إن أناسا من أصحابك يزعمون أنهم يردون بعد الموت؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «نعم، تكلم بما سمعت، و لا تزد في الكلام، فما قلت لهم «6»».

__________________________________________________

3- مختصر بصائر الدرجات: 22 [.....]

(1) في المصدر زيادة: رجل.

(2) في المصدر: معه.

(3- 4- 5) الأعراف 7: 143.

(6) في المصدر: ممّا قلت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 222

قال: قلت: لا أؤمن بشي ء مما قلتم؟

فقال له أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): «ويلك، إن الله عز و جل ابتلى قوما بما كان من ذنوبهم، فأماتهم قبل آجالهم التي سميت لهم، ثم ردهم إلى الدنيا ليستوفوا رزقهم، ثم أماتهم بعد ذلك».

قال: فكبر «1» على ابن الكواء و لم يهتد له، فقال له أمير المؤمنين: «ويلك تعلم أن الله عز و جل قال في كتابه:

وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا «2» فانطلق بهم ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني إسرائيل أن ربي قد كلمني، فلو أنهم سلموا ذلك له و صدقوه لكان خيرا لهم، و لكنهم قالوا لموسى (عليه

السلام): لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً قال الله عز و جل: فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ يعني الموت وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فترى- يا ابن الكواء- أن هؤلاء رجعوا إلى منازلهم بعد ما ماتوا؟».

فقال ابن الكواء: و ما ذلك، ثم أماتهم مكانهم؟

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا، ويلك! أ و ليس قد أخبرك في كتاب الله حيث يقول: وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى «3»؟ فهذا بعد الموت إذ بعثهم».

سورة البقرة(2): آية 57 ..... ص : 222

قوله تعالى:

وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [57]

480/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: و اذكروا- يا بني إسرائيل- إذ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ لما كنتم في التيه، يصيبكم «4» حر الشمس و برد القمر وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ الترنجبين، «5» كان يسقط على شجرهم فيتناولونه وَ السَّلْوى السماني «6» طير، أطيب طير لحما، يسترسل لهم «7» فيصطادونه.

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب الى الامام العسكري (عليه السلام): 257/ 126.

(1) كبر عليه الأمر: شقّ و ثقل. «المعجم الوسيط- كبر- 2: 772».

(2) الأعراف 7: 155.

(3) البقرة 2: 57.

(4) في المصدر: يقيكم.

(5) الترنجبين: معرّب الترانگبين، و هو كلّ طلّ ينزل من السّماء على شجر أو حجر، و يحلو و ينعقد عسلا، و يجفّ جفاف الصمغ. «تاج العروس- منن- 9: 350».

(6) السّماني: و هو طائر صغير من رتبة الدجاجيات، جسمه منضغط ممتلئ، و هو من القواطع التي تهاجر شتاء إلى الحبشة و السّودان،-- و يستوطن أوربة و حوض البحر المتوسط. «المعجم الوسيط- سلا- 1: 446».

(7) استرسل إليه: انبسط و استأنس.

«الصحاح- رسل- 4: 1709».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 223

قال الله عز و جل لهم: كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ و اشكروا نعمتي، و عظموا من عظمته، و وقروا من وقرته ممن أخذت عليكم العهود و المواثيق لهم محمدا و آله الطيبين.

قال الله عز و جل: وَ ما ظَلَمُونا لما بدلوا، و قالوا غير ما به أمروا، و لم يفوا بما عليه عاهدوا، لأن كفر الكافر لا يقدح في سلطاننا و ممالكنا، كما أن إيمان المؤمن لا يزيد في سلطاننا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ يصرون بها بكفرهم و تبديلهم».

ثم [قال (عليه السلام):] «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): عباد الله، عليكم باعتقاد ولايتنا أهل البيت، و أن لا تفرقوا بيننا، و انظروا كيف وسع الله عليكم حيث أوضح لكم الحجة ليسهل عليكم معرفة الحق، ثم وسع لكم في التقية لتسلموا من شرور الخلق، ثم إن بدلتم و غيرتم عرض عليكم التوبة و قبلها منكم، فكونوا لنعم الله شاكرين».

481/ [2]- ابن بابويه: عن محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدثنا علي بن محمد بن عنبسة «1»، قال: حدثنا دارم بن قبيصة «2»، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الكمأة «3» من المن الذي نزل على بني إسرائيل، و هي شفاء للعين و العجوة «4» التي من البرني «5» من الجنة، و هي شفاء من السم».

382/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم «6»، عن أبي

عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الكمأة من المن، و المن من الجنة، و ماؤها شفاء العين».

483/ [4]- الشيخ: مرسلا عن الصادق (عليه السلام)، قال: «نومة الغداة مشؤومة تطرد الرزق، و تصفر اللون، و تقبحه و تغيره، و هو نوم كل مشؤوم، إن الله تعالى قسم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و إياكم و تلك النومة، و كان المن و السلوى ينزل على بني إسرائيل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه، و كان إذا انتبه فلا يرى نصيبه احتاج إلى السؤال و الطلب».

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 75/ 349.

3- المحاسن: 527/ 761. [.....]

4- التّهذيب 2: 139/ 540.

(1) في «س»: عيينة، و الصّواب ما في المتن و هو راوي كتابي دارم عنه. راجع رجال النجاشي: 261/ 429.

(2) في «ط»: قتيبة، تصحيف، صوابه ما في «س»، راجع رجال النجاشي: 162/ 429، و معجم رجال الحديث 7: 86.

(3) الكماة: فطر من الفصيلة الكمئية، و هي أرضية تنتفخ حاملات أبواغها، فتجنى و تؤكل مطبوخة. «المعجم الوسيط- كمأ- 2: 797».

(4) العجوة: ضرب من أجود التمر بالمدينة، و نخلتها تسمّى لينة. «الصحاح- عجا- 6: 2419».

(5) البرني: و هو نوع من أجود التمر. «مجمع البحرين- برن 6: 213»، و في المصدر: في البرني.

(6) في «س»: مسلم، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال الطوسي 232/ 138، و معجم رجال الحديث 9: 328.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 224

484/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من «1» أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن بشير «2»، عن موسى بن

قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. قال: «إن الله أعظم و أعز و أجل و أمنع من أن يظلم، و لكنه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، و ولايتنا ولايته، حيث يقول: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا «3» يعني الأئمة منا».

ثم قال في موضع آخر: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ثم ذكر مثله.

485/ [6]- عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، في قوله: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «4».

قال: «إن الله أعز و أمنع من أن يظلم، أو ينسب نفسه إلى الظلم، و لكن الله خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، و ولايتنا ولايته، ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه (صلى الله عليه و آله) فقال: وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ».

قلت: هذا تنزيل؟ قال: «نعم».

486/ [7]- علي بن إبراهيم- في معنى الآية-: أن بني إسرائيل لما عبر موسى بهم البحر نزلوا في مفازة، فقالوا:

يا موسى، أهلكتنا و قتلتنا و أخرجتنا من العمران إلى مفازة لا ظل و لا شجر و لا ماء، و كانت تجي ء بالنهار غمامة تظلهم من الشمس، و ينزل عليهم بالليل المن فيقع على النبات و الشجر و الحجر فيأكلونه، و بالعشي يأتيهم طائر مشوي يقع على موائدهم، فإذا أكلوا و شربوا «5» طار و مر، و كان مع موسى حجر يضعه وسط العسكر ثم يضربه بعصاه فتنفجر منه اثنتا عشرة عينا، كما حكى الله، فيذهب إلى كل

سبط في رحله، و كانوا اثنا عشر سبطا».

سورة البقرة(2): الآيات 58 الي 62 ..... ص : 224

قوله تعالى:

وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ [58]

__________________________________________________

5- الكافي 1: 113/ 11.

6- الكافي 1: 360/ 91.

7- تفسير القمّي 1: 48.

(1) في المصدر: عن بعض.

(2) في المصدر: بشر، و كلاهما وارد، راجع معجم رجال الحديث 11: 41 و 19: 64.

(3) المائدة 5: 55.

(4) النّحل 16: 118. [.....]

(5) في المصدر: و شبعوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 225

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ [59] وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [60] وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها قالَ أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ [61] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى وَ الصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [62]

487/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله تعالى: و اذكروا، يا بني إسرائيل إِذْ قُلْنَا لأسلافكم:

ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ-

و هي أريحا «1» من بلاد الشام، و ذلك حين خرجوا من التيه- فَكُلُوا مِنْها من القرية حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً واسعا، بلا تعب و لا نصب وَ ادْخُلُوا الْبابَ باب القرية سُجَّداً.

مثل الله عز و جل على الباب مثال محمد (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) و أمرهم أن يسجدوا تعظيما لذلك المثال، و يجددوا على أنفسهم بيعتهما، و ذكر موالاتهما، و ليذكروا العهد و الميثاق المأخوذين عليهم لهما.

وَ قُولُوا حِطَّةٌ أي قولوا: إن سجودنا لله تعالى تعظيما لمثال محمد و علي (صلوات الله عليهما)، و اعتقادنا

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 259/ 127- 133.

(1) أريحا: مدينة بفلسطين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 226

لولايتهما، حطة لذنوبنا، و محو لسيئاتنا.

قال الله تعالى: نَغْفِرْ لَكُمْ بهذا الفعل خَطاياكُمْ السالفة، و نزيل عنكم آثامكم الماضية وَ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ من كان منكم لم يقارف «1» الذنوب التي قارفها من خالف الولاية، و ثبت على ما أعطى الله من نفسه من عهد الولاية، فإنا نزيدهم بهذا الفعل زيادة درجات و مثوبات، و ذلك قوله: وَ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ قال الله عز و جل: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ. لم يسجدوا كما أمروا، و لا قالوا ما أمروا، و ظلموا، و لكن دخلوها مستقبليها بأستاههم «2»، و قالوا: هطا سمقانا- يعني حنطة حمراء نتقوتها- أحب إلينا من هذا الفعل، و هذا القول.

قال الله تعالى: فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا غيروا و بدلوا ما قيل لهم، و لم ينقادوا لولاية الله و ولاية محمد (صلى الله عليه و آله) و علي «3» و آلهما الطيبين الطاهرين رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ يخرجون من أمر الله

تعالى و طاعته، و الرجز الذي أصابهم أنه مات منهم بالطاعون في بعض يوم مائة و عشرون ألفا، و هم من علم الله أنهم لا يؤمنون و لا يتوبون، و لا ينزل هذا الرجز على من علم الله أنه يتوب، أو يخرج من صلبه ذرية طيبة توحد الله، و تؤمن بمحمد، و تعرف موالاة علي وصية و أخيه».

قال الله عز و جل: وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ قال (عليه السلام): «و اذكروا، يا بني إسرائيل إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ طلب لهم السقيا، لما لحقهم من العطش في التيه، و ضجوا بالبكاء «4»، و قالوا: هلكنا بالعطش.

فقال موسى: إلهي بحق محمد سيد الأنبياء، و بحق علي سيد الأوصياء، و بحق فاطمة سيدة النساء، و بحق الحسن سيد الأولياء، و بحق الحسين أفضل الشهداء، و بحق عترتهم و خلفائهم سادة الأزكياء لما سقيت عبادك هؤلاء.

فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فضربه بها فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كل قبيلة من «5» أولاد يعقوب مشربهم، فلا يزاحمهم الآخرون في مشربهم.

قال الله عز و جل: كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ الذي آتاكموه وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ لا تسعوا فيها و أنتم مفسدون عاصون.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أقام على ولايتنا أهل البيت، سقاه الله من محبته كأسا لا يبغون به بدلا، و لا يريدون سواه كافيا و لا كالئا «6» و لا ناصرا، و من وطن نفسه «7» على احتمال المكاره في موالاتنا، جعله الله يوم

__________________________________________________

(1) قارف فلان الخطيئة: خالطها. «الصحاح- قرف- 4: 1416».

(2) الأستاه: جمع است، و هو العجز. «الصحاح- سته- 6: 2233».

(3)

في المصدر: و لم ينقادوا لولاية محمّد و عليّ.

(4) في المصدر زيادة: إلى موسى.

(5) في المصدر زيادة: بني أب من.

(6) كلأه اللّه: حفظه و حرسه. «الصحاح- كلأ- 1: 69».

(7) وطّن نفسه على الشّي ء: حملها عليه فتحمّلت و ذلّت له. «لسان العرب- وطن- 13: 451».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 227

القيامة في عرصاتها بحيث تقصر «1» كل من تضمنته تلك العرصات أبصارهم مما يشاهدون من درجاتهم، و إن كل واحد منهم ليحيط بما له من درجاته، كإحاطته في الدنيا بما يتلقاه بين يديه.

ثم يقال له: وطنت نفسك على احتمال المكاره في موالاة محمد و آله الطيبين، فقد جعل الله إليك و مكنك من تخليص كل من تحب تخليصه من أهل الشدائد في هذه العرصات فيمد بصره، فيحيط بهم، ثم ينقد «2» من أحسن إليه أو بره في الدنيا بقول أو فعل أو رد غيبة أو حسن محضر أو إرفاق، فينقده من بينهم كما ينقد الدرهم الصحيح من المكسور.

ثم يقال له: اجعل هؤلاء في الجنة حيث شئت فينزلهم جنات ربنا. ثم يقال له: و قد جعلنا لك، و مكناك من إلقاء من تريد في نار جهنم فيراهم فيحيط بهم، و ينتقد من بينهم كما ينتقد الدينار من القراضة «3». ثم يقال له:

صيرهم من النيران إلى حيث تشاء «4» فيصيرهم حيث يشاء من مضائق النار.

فيقول الله تعالى لبني إسرائيل الموجودين في عصر محمد (صلى الله عليه و آله): فإذا كان أسلافكم إنما دعوا إلى موالاة محمد و آله، فأنتم الآن لما شاهدتموهم، فقد وصلتم إلى الغرض و المطلب الأفضل، إلى موالاة محمد و آله فتقربوا إلى الله عز و جل بالتقرب إلينا، و لا تتقربوا من سخطه، و

تتباعدوا من رحمته بالازورار «5» عنا.

ثم قال الله عز و جل: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ. و اذكروا إذ قال أسلافكم: لن نصبر على طعام واحد، المن و السلوى، و لا بد لنا من خلطة معه فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها قالَ موسى أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ يريد أ تستدعون الأدنى ليكون لكم بدلا من الأفضل؟ ثم قال: اهْبِطُوا مِصْراً من الأمصار من هذا التيه فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ في المصر.

قال الله تعالى: وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ الجزية، أخزوا بها عند ربهم و عند مؤمني عباده وَ الْمَسْكَنَةُ هي الفقر و الذلة وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ احتملوا الغضب و اللعنة من الله ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ قبل أن يضرب عليهم الذلة و المسكنة وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ كانوا يقتلونهم بغير حق، بلا جرم كان منهم إليهم، و لا إلى غيرهم.

ذلِكَ بِما عَصَوْا ذلك الخذلان الذي استولى عليهم حتى فعلوا الآثام التي من أجلها ضربت عليهم الذلة و المسكنة، و باءوا بغضب من الله وَ كانُوا يَعْتَدُونَ يتجاوزون أمر الله تعالى إلى أمر إبليس.

__________________________________________________

(1) في «ط»: يقيم.

(2) نقد الدراهم: ميّز جيّدها من رديئها. «أساس البلاغة: 469».

(3) القراضة: ما سقط بالقرض. «الصحاح- قرض- 3: 1101».

(4) في المصدر: شئت. [.....]

(5) الازورار عن الشي ء: العدول عنه. «الصحاح- زور- 2: 673».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 228

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا فلا تفعلوا كما فعلت بنو إسرائيل، و لا تسخطوا «1» الله تعالى، و لا تقترحوا على الله تعالى،

و إذا ابتلي أحدكم في رزقه أو معيشته بما لا يحب، فلا يحدس «2» شيئا يسأله، لعل في ذلك حتفه و هلاكه، و لكن ليقل: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين إن كان ما كرهته من أمري «3» خيرا لي و أفضل في ديني، فصبرني عليه، و قوني على احتماله، و نشطني على النهوض بثقل أعبائه، و إن كان خلاف ذلك خيرا فجد علي به، و رضني بقضائك على كل حال، فلك الحمد فإنك إذا قلت ذلك قدر الله و يسر لك ما هو خير.

ثم قال (صلى الله عليه و آله): يا عباد الله، فاحذروا الانهماك في المعاصي و التهاون بها، فإن المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها حتى يوقعه فيما هو أعظم منها، فلا يزال يعصي و يتهاون و يخذل و يقع فيما هو أعظم «4»، حتى يوقعه في رد ولاية وصي رسول الله، و دفع نبوة نبي الله، و لا يزال أيضا بذلك حتى يوقعه في دفع توحيد الله، و الإلحاد في دين الله.

ثم قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله، و بما فرض الإيمان به من الولاية لعلي بن أبي طالب و الطيبين من آله وَ الَّذِينَ هادُوا يعني اليهود وَ النَّصارى الذين زعموا أنهم في دين الله متناصرون وَ الصَّابِئِينَ الذين زعموا أنهم صبؤوا «5» إلى دين الله، و هم بقولهم كاذبون.

مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ من هؤلاء الكفار، و نزع من كفره، و من آمن من هؤلاء المؤمنين في مستقبل أعمارهم «6»، و وفى بالعهد و الميثاق المأخوذين عليه لمحمد و علي و خلفائه الطاهرين وَ عَمِلَ صالِحاً من هؤلاء المؤمنين فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ثوابهم عِنْدَ رَبِّهِمْ في الآخرة وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ

هناك حين يخاف الفاسقون وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ إذا حزن المخالفون، لأنهم لم يعملوا من مخالفة الله ما يخاف من فعله، و لا يحزن له.

و نظر أمير المؤمنين (عليه اĘәĘǙũ إلى رجل [فرأى أثر الخوف عليه، فقال: ما بالك؟ فقال: إني أخاف الله.

فقال: يا عبد الله، خف ذنوبك، و خف عدل الله عليك في مظالم عباده، و أطعه فيما كلفك، و لا تعصه فيما يصلحك، ثم لا تخف الله بعد ذلك، فإنه لا يظلم أحدا و لا يعذبه فوق استحقاقه أبدا، إلا أن تخاف سوء العاقبة بأن تغير أو تبدل، فإن أردت أن يؤمنك الله سوء العاقبة، فاعلم أن ما تأتيه من خير فبفضل الله و توفيقه، و ما تأتيه من سوء فبإمهال الله و إنظاره إياك و حلمه عنك».

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: نعم.

(2) الحدس: الظنّ و التخمين، و يحدس: يقول شيئا برأيه. «الصحاح- حدس- 3: 915»! و في «س»: تخزينّ، و في «ط»: تجزينّ.

(3) في المصدر زيادة: هذا.

(4) في المصدر زيادة: ممّا جنى.

(5) صبأ: خرج من دين إلى دين. «الصحاح- صبأ- 1: 59».

(6) في المصدر زيادة: و أخلص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 229

488/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله) هكذا: فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم قولا غير الذي قيل لهم، فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزا من السماء بما كانوا يفسقون».

489/ [3]- العياشي: عن سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، في قول الله وَ

قُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ فقال: «قال أبو جعفر (عليه السلام): نحن باب حطتكم».

490/ [4]- عن أبي إسحاق، عمن ذكره: وَ قُولُوا حِطَّةٌ مغفرة، حط عنا: أي اغفر لنا.

491/ [5]- عن زيد الشحام «1»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل بهذه الآية: فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم غير الذي قيل لهم، فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزا من السماء بما كانوا يفسقون».

492/ [6]- عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال الله لقوم موسى: ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُولُوا حِطَّةٌ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ» الآية.

493/ [7]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أنه تلا هذه الآية: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ. فقال: «و الله، ما ضربوهم بأيديهم، و لا قتلوهم بأسيافهم، و لكن سمعوا أحاديثهم فأذاعوها، فأخذوا عليها، فقتلوا، فصار قتلا و اعتداء و معصية».

494/ [8]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن يونس، عن ابن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و تلا هذه الآية: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ. قال: «و الله، ما قتلوهم بأيديهم، و لا ضربوهم بأسيافهم، و لكن سمعوا أحاديثهم فأذاعوها، فأخذوا عليها، فقتلوا، فصار قتلا و اعتداء و معصية».

495/ [9]- سليم بن قيس الهلالي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث له مع معاوية- قال (عليه السلام): «يا معاوية، إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، و لم يرض لنا بالدنيا ثوابا.

__________________________________________________

2- الكافي 1:

350/ 58.

3- تفسير العيّاشي 1: 45/ 47.

4- تفسير العيّاشي 1: 45/ 48.

5- تفسير العيّاشي 1: 45/ 49.

6- تفسير العيّاشي 1: 45/ 50.

7- تفسير العيّاشي 1: 45/ 51.

8- الكافي 2: 275/ 6. [.....]

9- كتاب سليم بن قيس الهلالي: 158.

(1) زاد في «س»: عن صفوان، و الظاهر أنّها: عن صفوان، عن زيد الشّحام، إذ روى صفوان عن زيد كتابه و روى الأخير عن أبي جعفر (عليه السّلام)، أو أنّ جملة (عن صفوان) أثبتت سهوا من الحديث الآتي، راجع رجال النجاشي 175/ 462 و معجم رجال الحديث 7: 361 و 9: 123- 136.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 230

يا معاوية، إن نبي الله زكريا قد نشر بالمناشير، و يحيى بن زكريا قتله «1» قومه و هو يدعوهم إلى الله، إن أولياء الشيطان قد حاربوا أولياء الرحمن».

496/ [10]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: قلت للرضا (عليه السلام): لم سمي النصارى نصارى؟

قال: «لأنهم كانوا من قرية اسمها الناصرة «2» من بلاد الشام، نزلتها مريم و عيسى (عليهما السلام) بعد رجوعهما من مصر».

497/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: الصابئون: قوم لا مجوس و لا يهود و لا نصارى و لا مسلمون، و هم قوم يعبدون الكواكب و النجوم.

سورة البقرة(2): الآيات 63 الي 66 ..... ص : 230

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [63] ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ [64] وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ

كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ [65] فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَ ما خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ [66]

498/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي القزويني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا المظفر بن أحمد أبو الفرج القزويني، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين

__________________________________________________

10- علل الشرائع: 81/ 1، و عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 79/ 10.

11- تفسير القمّي 1: 48.

1- علل الشرائع: 67/ 1.

(1) في المصدر: و يحيى ذبح و قتله.

(2) الناصرة: قرية بينها و بين طبريّة ثلاثة عشر ميلا، فيها كان مولد المسيح عيسى بن مريم (عليه السّلام)، و منها اشتقّ اسم النّصارى. «معجم البلدان 5: 251».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 231

ابن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس «1»، قال: إنما سمي الجبل الذي كان عليه موسى (عليه السلام) طور سيناء، لأنه جبل كان عليه شجر الزيتون، و كل جبل يكون عليه ما ينتفع به من النبات و الأشجار سمي طور سيناء و طور «2» سينين، و ما لم يكن عليه ما ينتفع به من النبات أو الأشجار من الجبال سمي طور، و لا يقال له: طور سيناء و طور سينين.

499/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: [عن أبيه «3» عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا «4»، عن إسحاق ابن عمار، و يونس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز و جل: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ أ قوة [في الأبدان، أو قوة [في القلب؟ قال: «فيهما جميعا».

500/ [3]- العياشي: عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد

الله (عليه السلام) عن قول الله: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ أ قوة في الأبدان، أم قوة في القلوب؟ قال: «فيهما جميعا».

501/ [4]- عن عبيد الله الحلبي، قال: قال: «اذكروا ما فيه، و اذكروا ما في تركه من العقوبة».

502/ [5]- عن محمد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل:

خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ قال: «السجود، و وضع اليدين على الركبتين في الصلاة و أنت راكع».

503/ [6]- عن عبد الصمد بن برار «5»، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «كانت القردة هم اليهود الذين اعتدوا في السبت، فمسخهم الله قرودا».

504/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله: فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَ ما خَلْفَها وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ. قال: لما معها، ينظر إليها من أهل القرى، و لما خلفها- قال-: و نحن، و لنا فيها موعظة».

505/ [8]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان من السبيل و السنة التي أمر

__________________________________________________

2- المحاسن: 261/ 319.

3- تفسير العيّاشي 1: 45/ 52.

4- تفسير العيّاشي 1: 45/ 53.

5- تفسير العيّاشي 1: 45/ 54.

6- تفسير العيّاشي 1 لا 46/ 55.

7- تفسير العيّاشي 1 لا 46/ 56.

8- الكافي 2: 24/ 1. [.....]

(1) في «س» و «ط»: عبد اللّه بن سنان، و سهو.

(2) طور سيناء: جبل بقرب أيلة، و أضيف إلى سيناء، و هو شجر، و كذلك طور سينين. «معجم البلدان 4: 48».

(3) أثبتناه من المصدر، و هو صحيح، أنظر

معجم رجال الحديث 14: 279 و 22: 101.

(4) في «ط»: المعزا، و هو محل خلاف، راجع رجال النجاشي: 133/ 340، الخلاصة: 58/ 1، تنقيح المقال 1: 379.

(5) كذا، و في نسخة من تفسير العيّاشي: مرار، و الظاهر كونه عبد الصّمد بن بندار، أنظر تفسير العيّاشي 1: 351/ 227.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 232

الله عز و جل بها موسى (عليه السلام) أن جعل الله «1» عليهم السبت، فكان من أعظم السبت و لم يستحل أن يفعل ذلك من خشية الله، أدخله الله الجنة، و من استخف بحقه و استحل ما حرم الله من العمل الذي نهاه الله عنه فيه، أدخله الله عز و جل النار، و ذلك حيث استحلوا الحيتان و احتبسوها و أكلوها يوم السبت، غضب الله عليهم من غير أن يكونوا أشركوا بالرحمن، و لا شكوا في شي ء مما جاء به موسى (عليه السلام)، قال الله عز و جل: وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ».

506/ [9]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذْنا و اذكروا إذ أخذنا مِيثاقَكُمْ و عهودكم أن تعملوا بما في التوراة، و ما في الفرقان الذي أعطيته موسى مع الكتاب المخصوص بذكر محمد و علي و الأئمة «2» الطيبين من آلهما، بأنهم سادة الخلق، و القوامون بالحق.

و إذ أخذنا ميثاقكم أن تقروا به، و أن تؤدوه إلى أخلافكم، و أن تأمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم إلى آخر مقرات «3» في الدنيا، ليؤمنن بمحمد نبي الله، و يسلمن له ما يأمرهم به في علي ولي الله عن الله، و ما يخبرهم به من أحوال خلفائه بعده القوامين

بحق الله، فأبيتم قبول ذلك، و استكبرتموه.

وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ الجبل، أمرنا جبرئيل (عليه السلام) أن يقطع من جبل فلسطين قطعة على قدر معسكر أسلافكم فرسخا في فرسخ، فقطعها، و جاء بها، فرفعها فوق رؤوسهم، و قال موسى (عليه السلام) لهم: إما أن تأخذوا بما أمرتم به فيه، و إما [أن ألقي عليكم هذا الجبل و الجئوا إلى قبوله كارهين إلا من عصمه الله من العباد «4»، فإنه قبله طائعا مختارا، ثم لما قبلوه سجدوا و عفروا، و كثير منهم عفر خديه لا يريد «5» الخضوع لله، و لكن نظر إلى الجبل هل يقع أم لا، و آخرون سجدوا طائعين مختارين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): احمدوا الله- معاشر شيعتنا- على توفيقه إياكم، فإنكم تعفرون في سجودكم لا كما عفر «6» كفرة بني إسرائيل، و لكن كما عفره خيارهم.

قال الله عز و جل: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ من هذه الأوامر و النواهي، من هذا الأمر الجليل، من ذكر محمد (صلى الله عليه و آله) و علي و آلهما الطيبين وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ فيما آتيناكم، اذكروا جزيل ثوابنا على قيامكم به، و شديد عقابنا على إبائكم له لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تتقون المخالفة الموجبة للعقاب، فتستحقون بذلك جزيل الثواب.

__________________________________________________

9- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 266/ 134- 139.

(1) (اللّه) ليس في «ط».

(2) (الأئمّة) ليس في المصدر.

(3) في المصدر: مقدراتي.

(4) في المصدر: العناد.

(5) في المصدر: لارادة.

(6) في المصدر: عفّره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 233

قال الله عز و جل: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ يعني تولى أسلافكم مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عن القيام به، و الوفاء بما عاهدوا عليه فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ يعني على

أسلافكم، لو لا فضل الله عليهم بإمهاله إياهم للتوبة، و إنظارهم لمحو الخطيئة بالإنابة لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ المغبونين، قد خسرتم الآخرة و الدنيا، لأن الآخرة فسدت عليكم بكفركم، و الدنيا كان لا يحصل لكم نعيمها لاخترامنا «1» لكم، و تبقى عليكم حسرات نفوسكم و أمانيكم التي اقتطعتم دونها، و لكنا أمهلناكم للتوبة، و أنظرناكم للإنابة، أي فعلنا ذلك بأسلافكم، فتاب من تاب منهم، فسعد، و خرج من صلبه من قدر أن تخرج منه الذرية الطيبة التي تطيب في الدنيا بالله معيشتها، و تشرف في الآخرة بطاعة الله مرتبتها.

قال الحسين بن علي (عليهما السلام): أما إنهم لو كانوا دعوا الله بمحمد و آله الطيبين بصدق من نياتهم، و صحة اعتقادهم من قلوبهم، أن يعصمهم حتى لا يعاندوه بعد مشاهدة تلك المعجزات الباهرات، لفعل ذلك بجوده و كرمه، و لكنهم قصروا و آثروا الهوى بنا، و مضوا مع الهوى في طلب لذاتهم.

قال الله عز و جل: وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ لما اصطادوا السمك «2» فيه فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ مبعدين عن كل خير فَجَعَلْناها أي جعلنا تلك المسخة التي أخزيناهم و لعناهم بها نَكالًا عقابا و ردعا لِما بَيْنَ يَدَيْها بين يدي المسخة من ذنوبهم الموبقات «3» التي استحقوا بها العقوبات وَ ما خَلْفَها للقوم الذين شاهدوهم بعد مسخهم يرتدعون عن مثل أفعالهم لما شاهدوا ما حل بهم من عقابنا «4» وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ يتعظون بها، فيفارقون المحرمات «5» و يعظون بها الناس، و يحذرونهم المؤذيات «6».

قال علي بن الحسين (عليه السلام): كان هؤلاء قوم يسكنون على شاطئ البحر، نهاهم الله و أنبياؤه عن اصطياد السمك في يوم السبت، فتوصلوا إلى حيلة

ليحلوا بها إلى أنفسهم ما حرم الله، فخدوا أخاديد، و عملوا طرقا تؤدي إلى حياض، يتهيأ للحيتان الدخول فيها من تلك الطرق، و لا يتهيأ لها الخروج إذا همت بالرجوع منها إلى اللجج «7».

فجاءت الحيتان يوم السبت جارية على أمان الله لها، فدخلت الأخاديد و حصلت «8» في الحياض

__________________________________________________

(1) اخترمهم الدهر: أي اقتطعهم و استأصلهم. «الصحاح- خرم- 5: 1910».

(2) في المصدر: السموك، و السموك: جمع سمك، واحدتها سمكة. «الصحاح- سمك- 4: 1592». [.....]

(3) موبقات الذنوب: أي مهلكاتها. «مجمع البحرين- وبق- 5: 243».

(4) في «س» و «ط»: عقابها.

(5) في المصدر: المخزيات.

(6) في المصدر: المرديات.

(7) اللّجج: جمع لجّة! و لجّة الماء: معظمه. «الصحاح- لجج- 1: 338».

(8) حصّلت: تجمّعت و ثبتت. «القاموس المحيط- حصل- 3: 368».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 234

و الغدران، فلما كانت عشية اليوم همت بالرجوع منها إلى اللجج لتأمن من صائدها، فرامت الرجوع فلم تقدر، و بقيت ليلها «1» في مكان يتهيأ أخذها بلا اصطياد لاسترسالها فيه، و عجزها عن الامتناع لمنع المكان لها، فكانوا يأخذونها يوم الأحد، و يقولون: ما اصطدنا يوم السبت، و إنما اصطدنا في الأحد، و كذب أعداء الله، بل كانوا آخذين لها بأخاديدهم التي عملوها يوم السبت حتى كثر من ذلك ما لهم و ثراؤهم، و تنعموا بالنساء و غيرها لا تساع أيديهم «2».

و كانوا في المدينة نيفا و ثمانين ألفا، فعل هذا منهم سبعون ألفا، و أنكر عليهم الباقون، كما قص الله:

وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ «3» الآية و ذلك أن طائفة منهم وعظوهم و زجروهم، و من عذاب «4» الله خوفوهم، و من انتقامه و شديد بأسه حذروهم، فأجابوهم عن وعظهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً

اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ بذنوبهم هلاك الاصطلام «5»: أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً.

أجابوا القائلين هذا لهم: مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ إذ كلفنا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فنحن ننهى عن المنكر ليعلم ربنا مخالفتنا لهم، و كراهتنا لفعلهم، قالوا: وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «6» و نعظهم أيضا لعله تنجع «7» فيهم المواعظ، فيتقون هذه الموبقة، و يحذرون عقوبتها.

قال الله عز و جل: فَلَمَّا عَتَوْا حادوا و أعرضوا و تكبروا عن قبولهم الزجر عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ «8» مبعدين عن الخير، مقصين «9».

قال: فلما نظر العشرة آلاف و النيف أن السبعين ألفا لا يقبلون مواعظهم، و لا يحفلون «10» بتخويفهم إياهم و تحذيرهم لهم، اعتزلوهم إلى قرية أخرى قريبة من قريتهم، و قالوا: نكره أن ينزل بهم عذاب الله، و نحن في خلالهم فأمسوا ليلة، فمسخهم الله تعالى كلهم قردة، و بقي باب المدينة مغلقا لا يخرج منه أحد، و لا يدخل أحد.

و تسامع بذلك أهل القرى فقصدوهم، و تسنموا «11» حيطان البلد، فاطلعوا عليهم، فإذا كلهم رجالهم و نساؤهم قردة، يموج بعضهم في بعض، يعرف هؤلاء الناظرون معارفهم و قراباتهم و خلطاءهم، يقول المطلع

__________________________________________________

(1) في المصدر: و أبقيت ليلتها.

(2) في المصدر زيادة: به.

(3) الأعراف 7: 163.

(4) في «س»: و عذاب.

(5) الاصطلام: الاستئصال. «الصحاح- صلم- 5: 1967».

(6) الأعراف 7: 166.

(7) نجع فيه الخطاب و الوعظ و الدواء: أي دخل و أثر. «الصحاح- نجع- 3: 1288».

(8) الأعراف 7: 166. [.....]

(9) المقصى: المبعد. «الصحاح- قصا- 6 لا 2462».

(10) لا يحفل: لا يبالي. «الصحاح- حفل- 4: 1671».

(11) تسنّمه: علاه. «الصحاح- سنم- 5: 1955».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 235

لبعضهم: أنت فلان، أنت فلانة؟ فتدمع عينه، و يومئ برأسه

أن نعم «1».

فما زالوا كذلك ثلاثة أيام، ثم بعث الله عز و جل عليهم مطرا و ريحا فجرفهم إلى البحر، و ما بقي مسخ بعد ثلاثة أيام، و إنما الذين ترون من هذه المصورات بصورها فإنما هي أشباهها «2»، لا هي بأعيانها، و لا من نسلها.

ثم قال علي بن الحسين (عليه السلام): إن الله تعالى مسخ هؤلاء لاصطياد السمك، فكيف ترى عند الله عز و جل يكون حال من قتل أولاد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هتك حريمه؟! إن الله تعالى و إن لم يمسخهم في الدنيا، فإن المعد لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب هذا المسخ.

فقيل: يا ابن رسول الله، فإنا قد سمعنا مثل «3» هذا الحديث، فقال لنا بعض النصاب: فإن كان قتل الحسين باطلا، فهو أعظم من صيد السمك في السبت، أ فما كان يغضب الله على قاتليه كما غضب على صيادي السمك؟! قال علي بن الحسين (عليه السلام): قل لهؤلاء النصاب: فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه، فأهلك الله من شاء منهم كقوم نوح و قوم فرعون، فلم لم يهلك إبليس لعنه الله، و هو أولى بالهلاك؟ فما باله أهلك هؤلاء الذين قصروا عن إبليس لعنه الله في عمل الموبقات، و أمهل إبليس مع إيثاره لكشف المخزيات؟ ألا كان ربنا عز و جل حكيما و تدبيره حكمة «4» فيمن أهلك و فيمن استبقى، و كذلك هؤلاء الصائدون في السبت، و هؤلاء القاتلون للحسين (عليه السلام)، يفعل في الفريقين ما يعلم أنه أولى بالصواب و الحكمة، لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ «5».

ثم قال علي بن الحسين (عليه السلام): أما إن هؤلاء الذين

اعتدوا في السبت، لو كانوا حين هموا بقبيح أفعالهم، سألوا ربهم بجاه محمد (صلى الله عليه و آله) و آله الطيبين أن يعصمهم من ذلك لعصمهم، و كذلك الناهون لهم لو سألوا الله عز و جل أن يعصمهم بجاه محمد و آله الطيبين لعصمهم، و لكن الله عز و جل لم يلهمهم ذلك، و لم يوفقهم له، فجرت معلومات الله تعالى فيه على ما كانت مسطرة في اللوح المحفوظ.

و قال الباقر (عليه السلام): فلما حدث علي بن الحسين (عليهما السلام) بهذا الحديث، قال له بعض من في مجلسه: يا ابن رسول الله، كيف يعاقب الله و يوبخ هؤلاء الأخلاف على قبائح أتى بها أسلافهم، و هو يقول: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى «6»؟! فقال زين العابدين (عليه السلام): إن القرآن نزل بلغة العرب، فهو يخاطب العرب فيه- أهل اللسان- بلغتهم، يقول

__________________________________________________

(1) في المصدر: برأسه بلا أو نعم.

(2) في «س»: أشباحها.

(3) في المصدر: منك.

(4) في المصدر: بتدبيره و حكمه.

(5) الأنبياء 21: 23.

(6) الأنعام 6: 164.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 236

الرجل التميمي و قد أغار قومه على بلد و قتلوا من فيه: أغرتم على بلد كذا و كذا، و فعلتم «1» كذا و كذا.

و يقول العربي أيضا: نحن فعلنا ببني فلان، و نحن سبينا آل فلان، و نحن خربنا بلد كذا لا يريد أنهم باشروا ذلك، و لكن يريد هؤلاء بالعذل، و هؤلاء بالافتخار «2» أن قومهم فعلوا كذا و كذا.

و قول الله عز و جل في هذه الآيات إنما هو توبيخ لأسلافهم، و توبيخ العذل على هؤلاء الموجودين، لأن ذلك هو اللغة التي بها نزل القرآن، و لأن هؤلاء الأخلاف أيضا راضون بما فعل

أسلافهم، مصوبون ذلك لهم، فجاز أن يقال: أنتم فعلتم إذ رضيتم قبيح فعلهم».

سورة البقرة(2): الآيات 67 الي 73 ..... ص : 236

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ [67] قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ [68] قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ [69] قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَ إِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ [70] قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ [71] وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَ اللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ [72] فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى وَ يُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [73]

507/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل ليهود المدينة: و اذكروا إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 273/ 140.

(1) في المصدر: و قتلتم.

(2) في «س» و «ط»: بالامتحان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 237

و تضربون ببعضها هذا المقتول بين أظهركم ليقوم حيا سويا بإذن الله تعالى، و يخبركم بقاتله و ذلك حين ألقي القتيل بين أظهرهم.

فألزم موسى (عليه السلام) أهل القبيلة بأمر الله تعالى أن يحلف خمسون من أماثلهم «1» بالله القوي الشديد إله بني إسرائيل، مفضل محمد و آله الطيبين على البرايا أجمعين: أنا ما قتلناه،

و لا علمنا له قاتلا، فإن حلفوا بذلك غرموا دية المقتول، و إن نكلوا نصوا على القاتل، أو أقر القاتل فيقاد «2» منه، فإن لم يفعلوا احبسوا في محبس ضنك إلى أن يحلفوا، أو يقروا، أو يشهدوا على القاتل.

فقالوا: يا نبي الله، أما وقت «3» أيماننا أموالنا، و لا أموالنا أيماننا؟ قال: لا، هذا حكم الله.

و كان السبب أن امرأة حسناء ذات جمال، و خلق كامل، و فضل بارع، و نسب شريف، و ستر ثخين كثر خطابها، و كان لها بنو أعمام ثلاثة، فرضيت بأفضلهم علما، و أثخنهم سترا، و أرادت التزويج [به ، فاشتد حسد ابني عمه الآخرين له، و غبطاه «4» عليها، لإيثارها من آثرته «5»، فعمدا إلى ابن عمها المرضي فأخذاه إلى دعوتهما، ثم قتلاه و حملاه إلى محلة تشتمل على أكبر قبيلة من بني إسرائيل، فألقياه بين أظهرهم ليلا، فلما أصبحوا وجدوا القتيل هناك، فعرف حاله، فجاء ابنا عمه القاتلان، فمزقا ثيابهما على أنفسهما، و حثيا التراب على رؤوسهما، و استعديا «6» عليهم، فأحضرهم موسى (عليه السلام) و سألهم، فأنكروا أن يكونوا قتلوه، أو علموا قاتله».

قال: «فحكم الله على من فعل هذه الحادثة ما عرفتموه فالتزموه، فقالوا: يا موسى، أي نفع في أيماننا لنا، إذا لم تدرأ عنا الأيمان الغرامة الثقيلة؟ أم أي نفع لنا في غرامتنا إذا لم تدرأ عنا الأيمان؟ فقال موسى (عليه السلام): كل النفع في طاعة الله، و الائتمار «7» لأمره، و الانتهاء عما نهى عنه.

فقالوا: يا نبي الله، غرم «8» ثقيل و لا جناية لنا، و أيمان غليظة و لا حق في رقابنا، لو أن الله عز و جل عرفنا قاتله بعينه، و كفانا مؤونته، فادع

لنا ربك يبين لنا هذا القاتل لتنزل به ما يستحق من العقاب، و ينكشف أمره لذوي الألباب.

فقال موسى (عليه السلام): إن الله عز و جل قد بين ما أحكم به في هذا، فليس لي أن اقترح عليه غير ما حكم، و لا

__________________________________________________

(1) أماثل القوم: خيارهم. «الصحاح- مثل- 5: 1816».

(2) القود: القصاص، و أقدت القاتل بالقتيل، أي قتلته به. «الصحاح- قود- 2: 528». [.....]

(3) و في «س»: وفت، أي ساوت أو وازت.

(4) الغبطة: أن تتمنّى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه. «الصحاح- غبط- 3: 1146».

(5) في المصدر: لإيثارها إيّاه.

(6) العدوى: طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك، أي ينتقم منه، يقال: استعديت على فلان الأمير فأعداني عليه، أي استعنت به عليه فأعانني «الصحاح- عدا- 6: 2421».

(7) ائتمر الأمر: أي امتثله. «الصحاح- أمر- 2: 582».

(8) الغرم: ما يلزم أداؤه. «الصحاح- غرم- 5: 1996».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 238

أعترض عليه فيما أمر، ألا ترون أنه لما حرم العمل يوم السبت، و حرم لحم الجمل، لم يكن لنا أن نقترح عليه أن يغير ما حكم الله «1» علينا من ذلك، بل علينا أن نسلم له حكمه، و نلتزم ما ألزمنا و هم أن يحكم عليهم بالذي كان يحكم به على غيرهم في مثل حادثتهم.

فأوحى الله عز و جل إليه: يا موسى، أجبهم إلى ما اقترحوا، و سلني أن أبين لهم القاتل ليقتل، و يسلم غيره من التهمة و الغرامة، فإني إنما أريد بإجابتهم إلى ما اقترحوا توسعة الرزق على رجل من خيار أمتك، دينه الصلاة على محمد و آله الطيبين، و التفضيل لمحمد و علي بعده على سائر البرايا، أغنيه في الدنيا في هذه القصة

«2»، ليكون من بعض ثوابه عن تعظيمه لمحمد و آله.

فقال موسى: يا رب، بين لنا قاتله فأوحى الله تعالى إليه: قل لبني إسرائيل: إن الله يبين لكم ذلك، بأن يأمركم أن تذبحوا بقرة، فتضربوا ببعضها المقتول فيحيا، فتقبلوا «3» لرب العالمين ذلك، و إلا فكفوا عن المسألة، و التزموا ظاهر حكمي.

فذلك ما حكى الله عز و جل: وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً إن أردتم الوقوف على القاتل، تضربوا المقتول ببعضها فيحيا، و يخبر بالقاتل قالُوا- يا موسى- أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً سخرية؟ تزعم أن الله أمرنا أن نذبح بقرة، و نأخذ قطعة من الميت، و نضرب بها ميتا، فيحيا أحد الميتين بملاقاته بعض الميت الآخر، كيف يكون هذا؟! قال موسى (عليه السلام): أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ أنسب إلى الله تعالى ما لم يقل لي، و أن أكون من الجاهلين، أعارض أمر الله بقياسي على ما شاهدت، دافعا لقول الله تعالى و أمره.

ثم قال موسى (عليه السلام): أ و ليس ماء الرجل نطفة ميتة، و ماء المرأة كذلك، ميتان يلتقيان فيحدث الله تعالى من التقاء الميتين بشرا حيا سويا؟ أ و ليس بذوركم التي تزرعونها في أرضيكم تتفسخ و تتعفن و هي ميتة، ثم تخرج «4» منها هذه السنابل الحسنة البهيجة، و هذه الأشجار الباسقة «5» المونقة؟

فلما بهرهم موسى (عليه السلام) قالُوا يا موسى ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ أي ما صفتها، لنقف عليها فسأل موسى ربه عز و جل، فقال: إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ كبيرة وَ لا بِكْرٌ صغيرة لم تفرض «6» عَوانٌ وسط بَيْنَ ذلِكَ بين الفارض و البكر فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ إذا ما أمرتم

به. قالُوا يا موسى ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها أي لون هذه البقرة التي تريد أن تأمرنا بذبحها.

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: به.

(2) في المصدر: القضية.

(3) في المصدر: فتسلّمون.

(4) في المصدر: يخرج اللّه.

(5) الباسقة: الطويلة.

(6) فرضت البقرة: كبرت و طعنت في السن. «الصحاح- فرض- 3: 1097»، في المصدر: لم تغبط.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 239

قال الله جل و عز «1» بعد السؤال و الجواب: إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ حسنة لون الصفرة «2»، ليس بناقص يضرب إلى البياض، و لا بمشبع يضرب إلى السواد لَوْنُها هكذا فاقع تَسُرُّ النَّاظِرِينَ إليها، لبهجتها و حسنها و بريقها. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ما صفتها؟ يزيد في صفتها.

قال «3» الله عز و جل: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ لم تذلل لإثارة الأرض، و لم ترض «4» بها وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ و لا هي مما تجر الدوالي «5»، و لا تدير النواعير «6»، قد أعفيت من جميع ذلك مُسَلَّمَةٌ من العيوب كلها، لا عيب فيها لا شِيَةَ فِيها لا لون فيها من غيرها.

فلما سمعوا هذه الصفات، قالوا: يا موسى، فقد أمرنا ربنا بذبح بقرة هذه صفتها؟ قال: بلى و لم يقل موسى في الابتداء بذلك، لأنه لو قال: إن الله أمركم لكانوا إذا قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي، و ما لونها؟ كان لا يحتاج أن يسأله ذلك عز و جل، و لكن كان يجيبهم هو بأن يقول: أمركم ببقرة فأي شي ء وقع عليه اسم بقرة فقد خرجتم من أمره إذا ذبحتموها».

قال: «فلما استقر الأمر عليها «7» طلبوا هذه البقرة، فلم يجدوها إلا عند شاب من بني إسرائيل، أراه

الله عز و جل في منامه محمدا و عليا و طيبي ذريتهما، فقالا له: إنك كنت لنا محبا مفضلا، و نحن نريد أن نسوق إليك بعض جزائك في الدنيا، فإذا راموا شراء بقرتك فلا تبعها إلا بأمر أمك، فإن الله عز و جل يلقنها ما يغنيك به و عقبك «8».

ففرح الغلام و جاءه القوم يطلبون بقرته، فقالوا: بكم تبيع بقرتك؟ فقال: بدينارين، و الخيار لأمي. قالوا:

رضينا بدينار. فسألها فقالت: بأربعة. فأخبرهم، فقالوا: نعطيك دينارين. فأخبر أمه فقالت: بثمانية. فما زالوا يطلبون على النصف مما تقول أمه «9» فتضعف الثمن، حتى بلغ ثمنها مل ء مسك «10» ثور أكبر ما يكون ملؤه دنانير، فأوجب لهم البيع.

__________________________________________________

(1) في المصدر: قال موسى عن اللّه.

(2) في المصدر: حسن الصفرة. [.....]

(3) في المصدر زيادة: عن.

(4) رضت الدابّة: ذلّلتها. «مجمع البحرين- روض- 4: 210».

(5) الدوالي: جمع دالية، و هي خشبة تصنع كهيئة الصليب و تشدّ برأس الدلو، ثمّ يؤخذ حبل يربط طرفه بذلك، و طرفه الآخر، بجذع قائمة على رأس البئر و يستقى بها. «مجمع البحرين- دلا- 1: 146».

(6) النواعير: جمع ناعورة، دولاب ذو دلاء أو نحوها، يدور بدفع الماء أو جرّ الماشية، فيخرج الماء من البئر أو النهر إلى الحقل. «المعجم الوسيط- نعر- 2: 934».

(7) في المصدر: عليهم.

(8) عقب الرجل: ولده و ولد ولده. «الصحاح- عقب- 1: 184».

(9) في المصدر زيادة: و يرجع إلى أمه.

(10) المسك: الجلد. «الصحاح- مسك- 4: 1608».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 240

ثم ذبحوها و أخذوا قطعة- و هي عجب «1» الذنب الذي منه خلق ابن آدم، و عليه يركب إذا أعيد خلقا جديدا- فضربوه بها، و قالوا: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين لما أحييت هذا

الميت، و أنطقته ليخبر عن قاتله فقام سالما سويا، و قال: يا نبي الله، قتلني هذان ابنا عمي، حسداني على بنت عمي فقتلاني، و ألقياني في محلة هؤلاء ليأخذا ديتي منهم.

فأخذ موسى (عليه السلام) الرجلين فقتلهما، فكان قبل أن يقوم الميت ضرب بقطعة من البقرة فلم يحي، فقالوا:

يا نبي الله، أين ما وعدتنا عن الله عز و جل؟ فقال موسى (عليه السلام): قد صدقت، و ذلك إلى الله عز و جل.

فأوحى الله عز و جل إليه: يا موسى، إني لا أخلف وعدي، و لكن لينقدوا إلى الفتى «2» ثمن بقرته مل ء مسك ثور «3» دنانير، ثم أحيي هذا الغلام.

فجمعوا أموالهم، فوسع الله جلد الثور حتى وزن ما ملي ء به جلده فبلغ خمسة آلاف ألف دينار، فقال بعض بني إسرائيل لموسى (عليه السلام)- و ذلك بحضرة المقتول المنشور المضروب ببعض البقرة-: لا ندري أيهما أعجب:

إحياء الله هذا الميت و إنطاقه بما نطق، أو إغناء هذا الفتى بهذا المال العظيم!! فأوحى الله إليه: يا موسى، قل لبني إسرائيل من أحب منكم أن يطيب في الدنيا عيشه، و أعظم في جناني محله، و أجعل لمحمد «4» فيها منادمته، فليفعل كما فعل هذا الصبي، إنه قد سمع من موسى بن عمران (عليه السلام) ذكر محمد و علي و آلهما الطيبين، فكان عليهم مصليا، و لهم على جميع الخلائق من الجن و الإنس و الملائكة مفضلا، فلذلك صرفت إليه المال العظيم ليتنعم بالطيبات و يتكرم بالهبات و الصلات، و يتحبب بمعروفه إلى ذوي المودات، و يكبت «5» بنفقاته ذوي العداوات.

فقال الفتى: يا نبي الله، كيف أحفظ هذه الأموال؟ أم كيف أحذر من عداوة من يعاديني فيها، و حسد من يحسدني

من أجلها؟

قال: قل عليها من الصلاة على محمد و آله الطيبين ما كنت تقول قبل أن تنالها، فإن الذي رزقكها بذلك القول مع صحة الاعتقاد يحفظها عليك أيضا و يدفع عنك «6»، فقالها الفتى فما رامها «7» حاسد له ليفسدها، أو لص ليسرقها، أو غاصب ليغصبها، إلا دفعه الله عز و جل عنها بلطف من ألطافه «8» حتى يمتنع من ظلمه اختيارا، أو

__________________________________________________

(1) العجب: أصل الذنب. «الصحاح- عجب- 1: 177»، و في المصدر: عجز.

(2) في المصدر: ليقدموا للفتى.

(3) في المصدر: مل ء مسكها.

(4) في المصدر: لمحمّد و آله الطيّبين.

(5) الكبت: الصرف و الإذلال. «الصحاح- كبت- 1: 262».

(6) في المصدر: عليك أيضا بهذا القول مع صحّة الاعتقاد. [.....]

(7) في «س»: رآها.

(8) في «ط» نسخة بدل: بلطيفة من لطائفة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 241

منعه منه بآفة أو داهية حتى يكفه عنه، فيكف اضطرارا.

فلما قال موسى (عليه السلام) للفتى ذلك، و صار الله عز و جل له لمقالته حافظا، قال هذا المنشور، اللهم إني أسألك بما سألك هذا الفتى من الصلاة على محمد و آله الطيبين و التوسل بهم أن تبقيني في الدنيا متمتعا بابنة عمي، و تجزي عني أعدائي و حسادي و ترزقني فيها خيرا كثيرا طيبا.

فأوحى الله إليه: يا موسى، إنه كان لهذا الفتى المنشور بعد القتل ستون سنة، و قد وهبته بمسألته «1» و توسله بمحمد و آله الطيبين سبعين سنة، تمام مائة و ثلاثين سنة صحيحة حواسه، ثابت فيها جنانه، قوية فيها شهواته، يمتع بحلال هذه الدنيا، و يعيش و لا يفارقها و لا تفارقه، فإذا حان حينه حان حينها و ماتا جميعا معا فصارا إلى جناتي، و كانا زوجين فيها ناعمين.

و لو سألني-

يا موسى- هذا الشقي القاتل بمثل ما توسل به هذا الفتى على صحة اعتقاده أن أعصمه من الحسد، و أقنعه بما رزقته- و ذلك هو الملك العظيم- لفعلت.

و لو سألني بعد ذلك «2» مع التوبة عن صنيعه أن لا أفضحه لما فضحته «3»، و لصرفت هؤلاء عن اقتراح إبانة القاتل، و لأغنيت هذا الفتى من غير هذا الوجه بقدر هذا المال.

و لو سألني بعد ما افتضح، و تاب إلي، و توسل بمثل وسيلة هذا الفتى أن أنسي الناس فعله- بعد ما ألطف لأوليائه فيعفون عن القصاص- فعلت، فكان لا يعيره أحد بفعله، و لا يذكره فيهم ذاكر، و لكن ذلك فضلي أوتيه من أشاء، و أنا العدل الحكيم «4».

فلما ذبحوها قال الله تعالى: فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ فأرادوا أن لا يفعلوا ذلك من عظم ثمن البقرة، و لكن اللجاج حملهم على ذلك، و اتهامهم لموسى (عليه السلام) حدأهم «5» عليه».

قال: «فضجوا إلى موسى (عليه السلام)، و قالوا: افتقرت القبيلة و دفعت «6» إلى التكفف «7»، فانسلخنا بلجاجنا عن قليلنا و كثيرنا، فادع الله لنا بسعة الرزق.

فقال موسى (عليه السلام): ويحكم ما أعمى قلوبكم! أما سمعتم دعاء الفتى صاحب البقرة، و ما أورثه الله تعالى من الغنى؟ أو ما سمعتم دعاء المقتول المنشور، و ما أثمر له من العمر الطويل و السعادة و التنعم «8» بحواسه و سائر

__________________________________________________

(1) في «س»: بمسألتي.

(2) في المصدر: بذلك.

(3) في «س»: أفضحته.

(4) في المصدر:

و أنا ذو الفضل العظيم، و أعدل بالمنع على من أشاء، و أنا العزيز الحكيم.

(5) حدأت إليه: أي لجأت إليه. «الصحاح- حدأ- 1: 43»، و في «ط»: جرّهم.

(6) في «س» و «ط»: رفعت.

(7) تكفّف: مدّ كفّه يسأل

النّاس. «الصحاح- كفف- 4: 1423».

(8) في المصدر زيادة: و التمتع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 242

بدنه و عقله؟ لم لا تدعون الله بمثل دعائهما، أو تتوسلون إلى الله بمثل توسلهما إليه، ليسد فاقتكم، و يجبر كسركم، و يسد خلتكم؟

فقالوا: اللهم إليك التجأنا «1»، و على فضلك اعتمدنا، فأزل فقرنا و سد خلتنا بجاه محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبين من آلهم.

فأوحى الله إليه: يا موسى، قل لهم ليذهب رؤساؤهم إلى خربة بني فلان، و يكشفوا في موضع كذا و كذا- لموضع عينه- وجه أرضها قليلا، و يستخرجوا ما هناك، فإنه عشرة آلاف ألف دينار، ليردوا «2» على كل من دفع في ثمن هذه البقرة ما دفع، لتعود أحوالهم إلى ما كانت، ثم ليتقاسموا بعد ذلك ما يفضل، و هو خمسة آلاف ألف، على قدر ما دفع كل واحد منهم في هذه المحنة، لتتضاعف أموالهم، جزاء على توسلهم بمحمد و آله الطيبين، و اعتقادهم لتفضيلهم.

فذلك ما قال الله تعالى: وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها اختلفتم فيها و تدارأتم، ألقى بعضكم الذنب في قتل المقتول على بعض، و درأه عن نفسه و ذريته»

وَ اللَّهُ مُخْرِجٌ مظهر ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ما كان من خبر القاتل، و ما كنتم تكتمون من إرادة تكذيب موسى (عليه السلام)، باقتراحكم عليه ما قدرتم أن ربه لا يجيبه إليه.

فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها ببعض البقرة كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى في الدنيا و الآخرة كما أحيا الميت بملاقاة ميت آخر: أما في الدنيا فيلاقي ماء الرجل ماء المرأة، فيحيي الله الذي كان في الأصلاب و الأرحام حيا، و أما في الآخرة فإن الله تعالى ينزل بين نفختي الصور، بعد ما

ينفخ النفخة الأولى من دوين السماء الدنيا، من البحر المسجور الذي قال الله تعالى: وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ «4» و هو «5» مني كمني الرجل، فيمطر ذلك على الأرض، فيلقي الماء المني مع الأموات البالية، فينبتون من الأرض و يحيون.

قال الله عز و جل: وَ يُرِيكُمْ آياتِهِ سائر آياته سوى هذه الدلالات على توحيده، و نبوة موسى (عليه السلام) نبيه، و فضل محمد (صلى الله عليه و آله) على الخلائق، سيد إمائه و عبيده، و تبيين «6» فضله و فضل آله الطيبين على سائر خلق الله أجمعين لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ تتفكرون أن الذي يفعل هذه العجائب لا يأمر الخلق إلا بالحكمة، و لا يختار محمداً إلا و هم أفضل ذوي الألباب».

508/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام): 2: 13/ 31.

(1) في «س»: التجاؤنا.

(2) في «س» و «ط»: و يزدادوا.

(3) في المصدر: و ذويه. [.....]

(4) الطّور 52: 6.

(5) في المصدر: و هي.

(6) في المصدر: و تبيينه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 243

الكمنداني، و محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «إن رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له «1»، ثم أخذه و طرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل «2»، ثم جاء يطلب بدمه. فقالوا لموسى (عليه السلام): إن سبط آل فلان قتلوا فلانا، فأخبرنا «3» من قتله.

قال: ائتوني ببقرة.

قالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ و لو أنهم عمدوا إلى أي بقرة أجزأتهم، و لكن شددوا

فشدد الله عليهم. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ يعني لا صغيرة و لا كبيرة عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ و لو أنهم عمدوا إلى أي بقرة أجزأتهم، و لكن شددوا فشدد الله عليهم.

قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ و لو أنهم عمدوا إلى بقرة لأجزأتهم «4»، و لكن شددوا فشدد الله عليهم. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَ إِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ. فطلبوها، فوجودها عند فتى من بني إسرائيل، فقال: لا أبيعها إلا بمل ء مسك «5» ذهبا. فجاءوا إلى موسى، و قالوا له ذلك، فقال: اشتروها. فاشتروها و جاءوا بها، فأمر بذبحها، ثم أمر أن يضربوا الميت بذنبها، فلما فعلوا ذلك حيي المقتول، و قال: يا رسول الله، إن ابن عمي قتلني دون من يدعي عليه قتلي فعلموا بذلك قاتله.

فقال لرسول «6» الله موسى (عليه السلام) بعض «7» أصحابه: إن هذه البقرة لها نبأ. فقال: و ما هو؟

قالوا: إن فتى من بني إسرائيل كان بارا بأبيه، و إنه اشترى بيعا «8» فجاء إلى أبيه و الأقاليد «9» تحت رأسه، فكره أن يوقظه، فترك ذلك البيع، فاستيقظ أبوه، فأخبره، فقال له: أحسنت، خذ هذه البقرة فهي لك عوضا لما فاتك- قال- فقال له رسول الله موسى (عليه السلام): انظر إلى البر ما بلغ أهله!».

و روى العياشي هذا الحديث، عن أحمد بن محمد بن أبي

نصر البزنطي، قال: سمعت أبا الحسن

__________________________________________________

(1) في «س»، «ط»: قرابته.

(2) الأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب. «الصحاح- سبط- 3: 1129».

(3) في «س»، «ط»: فأخبر.

(4) في المصدر: أجزأتهم.

(5) في المصدر: مسكها.

(6) في المصدر: رسول.

(7) في المصدر: لبعض.

(8) و في المصدر: تبيعا، و التّبيع: ولد البقرة في أوّل سنة. «الصحاح- تبع- 3: 119».

(9) الأقاليد: جمع مقلد أو مقلاد، و هو المفتاح أو الخزانة. و في المصدر: أبيه و رأى أنّ المقاليد، و كلاهما بمعنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 244

الرضا (عليه السلام)، و ذكر الحديث «1».

509/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «إن رجلا من خيار بني إسرائيل و علمائهم خطب امرأة منهم فأنعمت له، و خطبها ابن عم لذلك الرجل، و كان فاسقا رديئا، فلم ينعموا له، فحسد ابن عمه الذي أنعموا له «2»، فقعد له فقتله غيلة، ثم حمله إلى موسى. فقال: يا نبي الله، هذا ابن عمي قد قتل. قال موسى: من قتله؟ قال: لا أدري.

و كان القتل في بني إسرائيل عظيما جدا، فعظم ذلك على موسى، فاجتمع إليه بنو إسرائيل، فقالوا: ما ترى، يا نبي الله؟ و كان في بني إسرائيل رجل له بقرة، و كان له ابن بار، و كان عند ابنه سلعة، فجاء قوم يطلبون سلعته، و كان مفتاح بيته تحت رأس أبيه، و كان نائما، فكره ابنه أن ينبهه و ينغص عليه «3» نومه، فانصرف القوم و لم يشتروا سلعته. فلما انتبه أبوه، قال له: يا بني، ماذا صنعت في سلعتك؟ قال: هي قائمة لم أبعها، لأن المفتاح كان تحت رأسك، فكرهت أن أنبهك، و

أنغص عليك نومك. قال له أبوه: قد جعلت هذه البقرة لك، عوضا عما فاتك من ربح سلعتك و شكر الله لابنه ما فعل بأبيه.

فأمر موسى بني إسرائيل، أن يذبحوا تلك البقرة بعينها، فلما اجتمعوا إلى موسى، و بكوا و ضجوا، قال لهم موسى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فتعجبوا قالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً نأتيك بقتيل، فتقول: اذبحوا بقرة! فقال لهم موسى: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فعلموا أنهم قد أخطؤوا.

قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ الفارض: التي قد ضربها الفحل، و لم تحمل و البكر: التي لم يضربها الفحل. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها أي شديدة الصفرة تَسُرُّ النَّاظِرِينَ إليها. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَ إِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ أي لم تذلل وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ أي و لا تسقي الزرع مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها أي لا بقع «4» فيها إلا الصفرة. قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ هي بقرة فلان، فذهبوا ليشتروها، فقال: لا أبيعها إلا بمل ء جلدها ذهبا.

فرجعوا إلى موسى فأخبروه، فقال لهم موسى: لا بد لكم من ذبحها بعينها فاشتروها بمل ء جلدها ذهبا، فذبحوها، ثم قالوا: ما تأمرنا، يا نبي الله. فأوحى الله تعالى إليه: قل لهم: اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها و قولوا: من قتلك؟

فأخذوا الذنب فضربوه به، و قالوا: من قتلك يا فلان؟ فقال: فلان بن فلان، ابن عمي- الذي جاء به- و هو قوله:

فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى وَ

يُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 49.

(1) تفسير العيّاشي 1: 46/ 57. [.....]

(2) أنعم له: أي قال له: نعم. «الصحاح- نعم- 5: 2043».

(3) نغّض علينا: قطع علينا ما كنا نحبّ الاستكثار منه. «لسان العرب- نغص- 7: 99».

(4) في المصدر: لا نقط.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 245

510/ [4]- العياشي: عن الحسن بن علي بن فضال «1»، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «إن الله أمر بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة، و إنما كانوا يحتاجون إلى ذنبها، فشددوا «2»، فشدد الله عليهم».

511/ [5]- عن الفضل بن شاذان، عن بعض أصحابنا، رفعه إلى أبي عبدالله (عليه السلام)، أنه قال: «من لبس نعلا صفراء لم يزل مسرورا حتى يبليها، كما قال الله: صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ».

و قال: «من لبس نعلا صفراء لم يبلها حتى يستفيد علما أو مالا».

512/ [6]- عن يونس بن يعقوب «3»، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): إن أهل مكة يذبحون البقرة في اللبب «4»، فما ترى في أكل لحومها؟ قال: فسكت هنيئة، ثم قال: «قال الله فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ لا تأكل إلا ما ذبح من مذبحه».

سورة البقرة(2): آية 74 ..... ص : 245

قوله تعالى:

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [74]

513/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ عست «5» و جفت و يبست من الخير و الرحمة قلوبكم، معاشر اليهود مِنْ بَعْدِ ذلِكَ من بعد ما بينت من الآيات الباهرات في زمان موسى (عليه السلام)،

و من الآيات المعجزات التي شاهدتموها من محمد (صلى الله عليه و آله).

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 47/ 58.

5- تفسير العيّاشي 1: 47/ 59 و 60.

6- تفسير العيّاشي 1: 47/ 61.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 283/ 141.

(1) في المصدر: الحسن بن عليّ بن محبوب، عن عليّ بن يقطين، و ما في المتن هو الصحيح، راجع معجم رجال الحديث 5: 50.

(2) (فشدّدوا) ليس في «ط».

(3) في «س»، «ط»: يونس بن عبد الرّحمن، و ما في المتن هو الأصح لأنّه روى عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و اختصّ به، أمّا يونس بن عبد الرّحمن فقد قال النجاشيّ: إنّه رأى جعفر بن محمّد (عليه السّلام) بين الصّفا و المروة، و لم يرو عنه. راجع رجال النجاشيّ: 446/ 1207 و 1208.

(4) اللّبب: المنحر من كل شي ء. «النهاية 4: 223».

(5) عسا الشّي ء: يبس و اشتدّ و صلب. «الصحاح- عسا- 6: 2425». و في «ط»: غشت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 246

فَهِيَ كَالْحِجارَةِ اليابسة لا ترشح برطوبة، و لا ينتفض منها ما ينتفع به، أي أنكم لا حق لله تردون «1»، و لا من أموالكم، و لا من حواشيها «2» تتصدقون، و لا بالمعروف تتكرمون و تجودون، و لا الضيف تقرون «3» و لا مكروبا تغيثون، و لا بشي ء من الإنسانية تعاشرون، و تعاملون.

أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً إنما هي في قساوة الأحجار، أو أشد قسوة، أبهم على السامعين، و لم يبين لهم، كما قال القائل: أكلت خبزا أو لحما، و هو لا يريد به: أني لا أدري ما أكلت، بل يريد أن يبهم على السامع حتى لا يعلم ما أكل، و إن كان يعلم أنه قد أكل.

و ليس معناه

بل أشد قسوة، لأن هذا استدراك غلط، و هو عز و جل يرتفع عن أن يغلط في خبر، ثم يستدرك على نفسه الغلط، لأنه العالم بما كان و ما يكون و ما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، و إنما يستدرك الغلط على نفسه المخلوق المنقوص.

و لا يريد به أيضا فهي كالحجارة أو أشد، أي و أشد قسوة، لأن هذا تكذيب الأول بالثاني، لأنه قال: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ في الشدة لا أشد منها و لا ألين، فإذا قال بعد ذلك: أَوْ أَشَدُّ فقد رجع عن قوله الأول: إنها ليست بأشد.

و هو مثل أن يقول: لا يجي ء من قلوبكم خير، لا قليل و لا كثير، فأبهم عز و جل في الأول حيث قال: أَوْ أَشَدُّ و بين في الثاني أن قلوبهم أشد قسوة من الحجارة، لا بقوله: أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً و لكن بقوله: وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ أي فهي في القساوة بحيث لا يجي ء منها الخير، يا يهود، و في الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، فيجي ء بالخير و الغياث لبني آدم. وَ إِنَّ مِنْها من الحجارة لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ و هو ما يقطر منه الماء، فهو خير منها، دون الأنهار التي تتفجر من بعضها، و قلوبهم لا يتفجر منها الخيرات، و لا تشقق «4» فيخرج منها قليل من الخيرات، و إن لم يكن كثيرا.

ثم قال الله عز و جل: وَ إِنَّ مِنْها يعني من الحجارة لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إذا أقسم عليها باسم الله و بأسماء أوليائه محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبين من آلهم (صلى الله عليهم)، و ليس في قلوبكم شي ء

من هذه الخيرات وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ بل عالم به، يجازيكم عنه بما هو به عادل عليكم، و ليس بظالم لكم، يشدد حسابكم، و يؤلم عقابكم.

و هذا الذي وصف الله تعالى به قلوبهم هاهنا نحو ما قال في سورة النساء: أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً «5» و ما وصف به الأحجار هاهنا نحو ما وصف في قوله:

__________________________________________________

(1) في المصدر: تؤدون.

(2) حواشي الأموال: صغار الإبل، كابن المخاض و ابن اللبون. «لسان العرب- حشا- 14: 180». و في المصدر: مواشيها. [.....]

(3) قريت الضيف: أحسنت إليه. «الصحاح- قرا- 6: 2461».

(4) في «س»: تنشق.

(5) النساء 4: 53.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 247

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ»

و هذا التقريع من الله تعالى لليهود و النواصب، و اليهود جمعوا الأمرين و اقترفوا الخطيئتين، فعظم «2» على اليهود ما وبخهم به رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال جماعة من رؤسائهم و ذوي اللسن و البيان منهم: يا محمد، إنك تهجونا و تدعي على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه، إن فيها «3» خيرا كثيرا، نصوم و نتصدق و نواسي الفقراء.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنما الخير ما أريد به وجه الله تعالى، و عمل على ما أمر الله تعالى، فأما ما أريد به الرياء و السمعة و معاندة «4» رسول الله، و إظهار الغنى له، و التمالك و التشرف عليه، فليس بخير، بل هو الشر الخالص، و وبال على صاحبه، يعذبه الله به أشد العذاب.

فقالوا له: يا محمد، أنت تقول هذا، و نحن نقول: بل ما ننفقه إلا لإبطال أمرك، و دفع رسالتك

«5»، و لتفريق أصحابك عنك «6»، و هو الجهاد الأعظم، نأمل به من الله تعالى الثواب الأجل الأجسم، فأقل أحوالنا أنا تساوينا في الدعاوى، فأي فضل لك علينا؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا إخوة اليهود، إن الدعاوى يتساوى فيها المحقون و المبطلون، و لكن حجج الله و دلائله تفرق بينهم فتكشف عن تمويه المبطلين، و تبين عن حقائق المحقين، و رسول الله محمد لا يغتنم جهلكم، و لا يكلفكم التسليم له بغير حجة، و لكن يقيم عليكم حجة الله تعالى التي لا يمكنكم دفعها، و لا تطيقون الامتناع من موجبها، و لو ذهب محمد يريكم آية من عنده لشككتم، و قلتم: إنه متكلف مصنوع محتال فيه، معمول أو متواطأ عليه، فإذا اقترحتم أنتم فأراكم ما تقترحون، لم يكن لكم أن تقولوا: معمول أو متواطأ عليه أو متأت بحيلة و مقدمات، فما الذي تقترحون؟ فهذا رب العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم، و يزيد في بصائر المؤمنين.

قالوا: قد أنصفتنا- يا محمد- فإن وفيت بما وعدت من نفسك من الإنصاف، و إلا فأنت أول راجع عن دعواك للنبوة، و داخل في غمار «7» الأمة، و مسلم لحكم التوراة لعجزك عما نقترحه عليك، و ظهور الباطل في دعواك «8» فيما ترومه من جهتك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الصدق ينبئ عنكم لا الوعيد «9»، اقترحوا ما تقترحون ليقطع معاذيركم فيما

__________________________________________________

(1) الحشر 59: 21.

(2) في المصدر: فغلّظ.

(3) في «ط» نسخة بدل: فينا.

(4) في المصدر: أو معاندة.

(5) في «ط» نسخة بدل: و رفع رئاستك.

(6) في «ط» نسخة بدل: منك.

(7) دخلت في غمار الناس- يضمّ و يفتح- أي في زحمتهم

و كثرتهم. «الصحاح- غمر- 2: 772».

(8) في «س»: و ظهور باطل دعواك.

(9) مثل لفظه: (الصدق ينبئ عنك لا الوعيد)، و معناه: أنّ ما ينبئ عدوّك عنك أن تصدق في المحاربة و غيرها، لا أن توعده و لا تنفّذ لما توعد به. «مجمع الأمثال 1: 398».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 248

تسألون.

فقالوا له: يا محمد، زعمت أنه ما في قلوبنا شي ء من مواساة الفقراء، و معاونة الضعفاء، و النفقة في إبطال الباطل، و إظهار الحق، و أن الأحجار ألين من قلوبنا، و أطوع لله منا، و هذه الجبال بحضرتنا، فهلم بنا إلى بعضها، فاستشهدها على تصديقك و تكذيبنا، فإن نطق بتصديقك فأنت المحق، يلزمنا اتباعك، و إن نطق بتكذيبك أو صمت فلم يرد جوابك «1»، فاعلم بأنك المبطل في دعواك، المعاند لهواك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): نعم، هلموا بنا إلى أيها شئتم أستشهده ليشهد لي عليكم فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه «2»، فقالوا: يا محمد، هذا الجبل فاستشهده.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للجبل: إني أسألك بجاه محمد و آله الطيبين الذين بذكر أسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة، بعد أن لم يقدروا على تحريكه و هم خلق كثير، لا يعرف عددهم غير الله عز و جل، و بحق محمد و آله الطيبين الذين بذكر أسمائهم تاب الله على آدم، و غفر خطيئته، و أعاده إلى مرتبته، و بحق محمد و آله الطيبين الذين بذكر أسمائهم و سؤال الله بهم رفع إدريس في الجنة مكانا عليا، لما شهدت لمحمد بما أودعك الله بتصديقه على هؤلاء اليهود في ذكر قساوة قلوبهم و تكذيبهم، و في «3» جحدهم لقول محمد

رسول الله.

فتحرك الجبل و تزلزل، و فاض منه الماء، و نادى: يا محمد، أشهد أنك رسول الله رب العالمين، و سيد الخلق أجمعين، و أشهد أن قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت: أقسى من الحجارة، لا يخرج منها خير، كما قد يخرج من الحجارة الماء سيلا «4» أو تفجرا «5»، و أشهد أن هؤلاء كاذبون عليك فيما به يقذفونك «6» من الفرية على رب العالمين.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و أسألك- أيها الجبل- أمرك الله بطاعتي فيما ألتمسه منك بجاه محمد و آله الطيبين الذين بهم نجى الله نوحا من الكرب العظيم، و برد النار على إبراهيم (عليه السلام) و جعلها عليه بردا و سلاما، و مكنه في جوف النار على سرير و فراش وثير، لم ير ذلك «7» الطاغية مثله لأحد من ملوك الأرض أجمعين، و أنبت

__________________________________________________

(1) في «س»: جوابا.

(2) في «س»، «ط»: رآه. [.....]

(3) (في) ليس في المصدر.

(4) في «ط» نسخة بدل: سبيلا.

(5) في المصدر: أو تفجيرا.

(6) في المصدر: يقرفونك. يقال: هو يقرف بكذا: يرمى به و يتّهم. «الصحاح- قرف- 4: 1415».

(7) في «س»: تلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 249

حواليه من الأشجار الخضرة النضرة النزهة، و غمر «1» ما حوله من أنواع المنثور «2»، بما لا يوجد إلا في فصول أربعة من جميع السنة؟

قال الجبل: بلى، أشهد لك- يا محمد- بذلك، و أشهد أنك لو اقترحت على ربك أن يجعل رجال الدنيا قرودا و خنازير لفعل، أو يجعلهم ملائكة لفعل، و أن يقلب النيران جليدا، و الجليد نيرانا «3» لفعل، أو يهبط السماء إلى الأرض، أو يرفع الأرض إلى السماء لفعل، أو يصير «4» أطراف المشارق و المغارب و

الوهاد كلها صرة كصرة الكيس لفعل، و أنه قد جعل الأرض و السماء طوعك، و الجبال و البحار تنصرف بأمرك، و سائر ما خلق الله من الرياح و الصواعق، و جوارح الإنسان و أعضاء الحيوان لك مطيعة، و ما أمرتها به من شي ء ائتمرت.

فقال اليهود: يا محمد: علينا «5» تلبس و تشبه؟ قد أجلست مردة من أصحابك خلف صخور على هذا الجبل، فهم ينطقون بهذا الكلام، و نحن لا ندري أ نسمع من الرجل أم من الجبل؟ لا يغتر بمثل هذا إلا ضعفاؤك الذين تبحبح «6» في عقولهم، فإن كنت صادقا فتنح عن موضعك هذا إلى ذلك القرار، و مر هذا الجبل أن ينقلع «7» من أصله، فيسير إليك إلى هناك، فإذا حضرك- و نحن نشاهده- فمره أن ينقطع نصفين من ارتفاع سمكه، ثم ترتفع السفلى من قطعتيه فوق العليا، و تنخفض العليا تحت السفلى، فإذا أصل الجبل قلته «8»، و قلته أصله، لنعلم أنه من الله، لا يتفق بمواطأة و لا بمعاونة مموهين متمردين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و أشار إلى حجر فيه قدر خمسة أرطال-: يا أيها الحجر، تدحرج فتدحرج.

ثم قال لمخاطبه: خذه و قربه من أذنك، فسيعيد عليك ما سمعته، فإنه جزء من ذلك الجبل فأخذه الرجل، فأدناه إلى أذنه، فنطق «9» الحجر بمثل ما نطق به الجبل أولا من تصديق رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيما ذكر عن قلوب اليهود، و فيما أخبر به من أن نفاقهم في دفع أمر محمد (صلى الله عليه و آله) باطل، و وبال عليهم.

فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أسمعت هذا؟ أخلف هذا الحجر أحد يكلمك، و

يوهمك أنه يكلمك، قال: لا، فآتني بما اقترحت في الجبل.

فتباعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى فضاء واسع، ثم نادى الجبل: يا أيها الجبل، بحق محمد و آله الطيبين،

__________________________________________________

(1) في «س»: و عمّ.

(2) في «ط» نسخة بدل: الميثور.

(3) في «س»: النار.

(4) في «س»: تصير.

(5) في المصدر: أعلينا.

(6) تبحبحت في الدار: إذا توسطتها و تمكّنت منها، و التّبحبح: التمكّن في الحلول و المقام، و الظاهر أنّ المراد هنا: تتمكن من عقولهم، و تسيطر عليها. «لسان العرب- بحح- 2: 407».

(7) في «س»: ينقطع.

(8) القلّة: أعلى الجبل. «الصحاح- قلل- 5: 1804».

(9) في المصدر زيادة: به. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 250

الذين بجاههم و مسألة عباد الله بهم أرسل الله على قوم عاد ريحا صرصرا عاتية، تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل خاوية، و أمر جبرئيل أن يصيح صيحة هائلة في قوم صالح حتى صاروا كهشيم المحتظر «1»، لما انقلعت من مكانك بإذن الله، و جئت إلى حضرتي هذه و وضع يده على الأرض بين يديه، فتزلزل الجبل، و سار كالقارح «2» الهملاج «3» حتى صار بين يديه، و دنا من إصبعه أصله فلزق بها، و وقف و ناداها: أنا لك سامع طائع- يا رسول رب العالمين- و إن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين، مرني بأمرك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن هؤلاء المعاندين اقترحوا علي أن آمرك أن تنقلع من أصلك، فتصير نصفين، ثم ينحط أعلاك، و يرتفع أسفلك، فتصير ذروتك أصلك، و أصلك ذروتك.

فقال الجبل: أ تأمرني بذلك، يا رسول الله؟ قال: بلى فانقطع الجبل نصفين، و انحط أعلاه إلى الأرض، و ارتفع أصله «4» فوق أعلاه، فصار فرعه أصله، و أصله فرعه.

ثم نادى

الجبل: معاشر اليهود، هذا الذي ترون دون معجزات موسى (عليه السلام) الذي تزعمون أنكم به مؤمنون. فنظر اليهود بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم: ما عن «5» هذا محيص و قال آخرون منهم: هذا رجل مبخوت يؤتى «6» له، و المبخوت تتأتى «7» له العجائب، فلا يغرنكم ما تشاهدون.

فناداهم الجبل: يا أعداء الله، قد أبطلتم بما تقولون نبوة موسى، هلا قلتم لموسى: إن قلب العصا ثعبانا، و انفلاق البحر طرقا، و وقوف الجبل كالظلة فوقكم إنك يؤتى لك، يأتيك جدك» بالعجائب، فلا يغرنا ما نشاهده «9» فألقمتهم الجبال- بمقالتها- الصخور، و لزمتهم حجة رب العالمين».

سورة البقرة(2): الآيات 75 الي 77 ..... ص : 250

قوله تعالى:

أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَ قَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ [75]

__________________________________________________

(1) الهشيم: اليابس من النبت، و المحتظر: هو الذي يعمل للحظيرة. «مجمع البحرين- هشم- 6: 186 و- حظر- 3: 273».

(2) القارح: الناقة أوّل ما تحمل. «لسان العرب- قرح- 2: 559».

(3) الهملاج: الحسن السير في سرعة و بخترة. «لسان العرب- هملج- 2: 394».

(4) في المصدر: أسفله.

(5) في «س»: من.

(6) في «س»: به مؤتى.

(7) تأتّى له الأمر: تسهّل و تهيّأ. «مجمع البحرين- أتا- 1: 21».

(8) الجدّ: الحظّ. «مجمع البحرين- جدد- 3: 21».

(9) في المصدر زيادة: منك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 251

وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَ فَلا تَعْقِلُونَ [76] أَ وَ لا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ [77]

414/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «فلما بهر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، هؤلاء اليهود بمعجزته،

و قطع معاذيرهم بواضح دلالته، لم يمكنهم مراجعته «1» في حجته، و لا إدخال التلبيس عليه في معجزته، قالوا: يا محمد، قد آمنا بأنك الرسول الهادي المهدي، و أن عليا أخاك هو الوصي و الولي.

و كانوا إذا خلوا «2» باليهود الآخرين يقولون لهم: إن إظهارنا له الإيمان به أمكن لنا على دفع «3» مكروهه، و أعون لنا على اصطلامه «4» و اصطلام أصحابه، لأنهم عند اعتقادهم أننا معهم يقفوننا على أسرارهم، و لا يكتموننا شيئا، فنطلع عليهم أعداءهم، فيقصدون أذاهم بمعاونتنا و مظاهرتنا، في أوقات اشتغالهم و اضطرابهم، و في أحوال تعذر المدافعة و الامتناع من الأعداء عليهم.

و كانوا مع ذلك ينكرون على سائر اليهود إخبار الناس عما كانوا يشاهدونه من آياته، و يعاينونه من معجزاته، فأظهر الله تعالى محمدا رسوله (صلى الله عليه و آله) على سوء اعتقادهم، و قبح دخائلهم «5»، و على إنكارهم على من اعترف بما شاهده من آيات محمد (صلى الله عليه و آله) و واضح بيناته، و باهر معجزاته.

فقال عز و جل: يا محمد أَ فَتَطْمَعُونَ أنت و أصحابك من علي و آله الطيبين أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ هؤلاء اليهود الذي هم بحجج الله قد بهرتموهم، و بآيات الله و دلائله الواضحة قد قهرتموهم أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ و يصدقوكم بقلوبهم، و يبدوا في الخلوات لشياطينهم شريف أحوالكم.

وَ قَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يعني من هؤلاء اليهود من بني إسرائيل يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ في أصل جبل طور سيناء، و أوامره و نواهيه ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ عما سمعوه، إذا أدوه إلى من ورائهم من سائر بني إسرائيل مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ و علموا أنهم فيما يقولونه كاذبون وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أنهم في قيلهم كاذبون.

و

ذلك أنهم لما صاروا مع موسى إلى الجبل، فسمعوا كلام الله، و وقفوا على أوامره و نواهيه، رجعوا فأدوه إلى من بعدهم فشق عليهم فأما المؤمنون منهم فثبتوا على إيمانهم، و صدقوا في نياتهم، و أما أسلاف هؤلاء

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 291/ 142.

(1) راجعه الكلام مراجعة: حاوره إيّاه. «لسان العرب- رجع- 8: 116».

(2) في «س»، «ط»: دخلوا.

(3) في «س» و المصدر: أمكن لنا من.

(4) الاصطلام: الاستئصال. «الصحاح- صلم- 5: 1967». [.....]

(5) في المصدر: و قبح أخلاقهم و دخلاتهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 252

اليهود الذين نافقوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في هذه القصة «1»، فإنهم قالوا لبني إسرائيل: إن الله تعالى قال لنا هذا، و أمرنا بما ذكرناه لكم و نهانا، و أتبع ذلك بأنكم إن صعب عليكم ما أمرتكم به فلا عليكم أن لا تفعلوه، و إن صعب عليكم ما عنه نهيتكم فلا عليكم أن ترتكبوه و تواقعوه، و هم يعلمون أنهم بقولهم هذا كاذبون.

ثم أظهر الله على نفاقهم الآخر مع جهلهم، فقال الله عز و جل: وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا كانوا إذا لقوا سلمان و المقداد و أبا ذرّ و عمارا، قالوا: آمنا كإيمانكم، آمنا «2» بنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) مقرونة «3» بالإيمان بإمامة أخيه علي بن أبي طالب، و بأنه أخوه الهادي، و وزيره الموالي، و خليفته على أمته، و منجز عدته، و الوافي بذمته، و الناهض بأعباء سياسته، و قيم الخلق، الذائد لهم عن سخط الرحمن، الموجب لهم- إن أطاعوه- رضا الرحمن، و أن خلفاءه من بعده هم النجوم الزاهرة، و الأقمار المنيرة، و الشمس المضيئة الباهرة، و

أن أولياءهم أولياء الله، و أن أعداءهم أعداء الله.

و يقول بعضهم: نشهد أن محمدا (صلى الله عليه و آله) صاحب المعجزات، و مقيم الدلالات الواضحات، هو الذي لما تواطأت قريش على قتله، و طلبوه فقدا لروحه، يبس الله أيديهم فلم تعمل، و أرجلهم فلن تنهض، حتى رجعوا عنه خائبين «4» مغلوبين، و لو شاء محمد وحده قتلهم أجمعين، و هو الذي لما جاءته قريش، و أشخصته إلى هبل ليحكم عليه بصدقهم و كذبه خر هبل لوجهه، و شهد له بنبوته، و لعلي أخيه بإمامته، و لأوليائه من بعده بوراثته، و القيام بسياسته و إمامته. و هو الذي لما ألجأته قريش إلى الشعب «5»، و وكلوا ببابه من يمنع من إيصال قوت، و من خروج أحد عنه، خوفا أن يطلب لهم قوتا، غذا هناك كافرهم و مؤمنهم أفضل من المن و السلوى، و كل ما اشتهى كل واحد منهم من أنواع الأطعمات الطيبات، و من أصناف الحلاوات، و كساهم أحسن الكسوات.

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين أظهرهم إذ يراهم «6» و قد ضاقت لضيق فجهم «7» صدورهم، قال بيده «8» هكذا بيمناه إلى الجبال، و هكذا بيسراه إلى الجبال، و قال لها: اندفعي فتندفع و تتأخر حتى يصيروا بذلك في صحراء لا ترى أطرافها، ثم يقول بيده هكذا، و يقول: أطلعي- يا أيتها المودعات لمحمد و أنصاره- ما أودعكها «9» الله من الأشجار و الأثمار و الأنهار و أنواع الزهر و النبات، فتطلع «10» الأشجار الباسقة، و الرياحين المونقة

__________________________________________________

(1) في المصدر: القضية.

(2) في «ط»: إيمانا.

(3) في «ط»: مقرونا.

(4) في «ط» نسخة بدل: خاسئين.

(5) الشعب: الطريق في الجبل، أو ما انفرج بين جبلين،

و المقصود هنا شعب أبي يوسف بمكّة.

(6) في المصدر: إذ رآهم.

(7) الفجّ: الطريق الواسع بين الجبلين. «الصحاح- فجج- 1: 333».

(8) قال بيده: أشار بها. و في «ط» نسخة بدل: شال.

(9) في المصدر: أودعكموها.

(10) في المصدر زيادة من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 253

و الخضروات النزهة ما تتمتع به القلوب و الأبصار، و تنجلي «1» به الهموم و الغموم و الأفكار، و هم يعلمون أنه ليس لأحد من ملوك الأرض مثل صحرائهم، على ما تشتمل عليه من عجائب أشجارها، و تهدل «2» ثمارها، و اطراد أنهارها، و غضارة رياحينها، و حسن نباتها.

و محمد هو الذي لما جاءه رسول أبي جهل «3» يتهدده و يقول: يا محمد، إن الخيوط «4» التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة، و رمت بك إلى يثرب، و إنها لا تزال بك حتى تنفرك و تحثك على ما يفسدك و يتلفك، إلى أن تفسدها على أهلها، و تصليهم حر نار تعديك طورك، و ما أرى ذلك إلا و سيؤول إلى أن تثور «5» عليك قريش ثورة رجل واحد بقصد آثارك، و دفع ضررك و بلائك، فتلقاهم بسفهائك المغترين بك، و يساعدك على ذلك من هو كافر بك و مبغض لك، فيلجئه إلى مساعدتك و مضافرتك خوفه لأن يهلك بهلاكك، و تعطب «6» عياله بعطبك، و يفتقر هو و من يليه بفقرك، و بفقر شيعتك «7»، أو يعتقدون «8» أن أعداءك إذا قهروك و دخلوا ديارهم عنوة لم يفرقوا بين من والاك و عاداك، و اصطلموهم باصطلامهم لك، و أتوا على عيالاتهم و أموالهم بالسبي و النهب، كما يأتون على أموالك و عيالك، و قد أعذر من أنذر «9»، و بالغ من

أوضح.

أديت هذه الرسالة إلى محمد (صلى الله عليه و آله) و هو بظاهر المدينة، بحضرة كافة أصحابه، و عامة الكفار من يهود بني إسرائيل، و هكذا أمر الرسول، ليجنبوا المؤمنين، و يغروا بالوثوب عليه سائر من هناك من الكافرين، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للرسول: قد أطريت «10» مقالتك، و استكملت رسالتك؟ قال: بلى.

قال: فاسمع الجواب: إن أبا جهل بالمكاره و العطب يهددني، و رب العالمين بالنصر و الظفر يعدني، و خبر الله أصدق، و القبول من الله أحق، لن يضر محمدا من خذله، أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله، و يتفضل بجوده و كرمه عليه، قل له: يا أبا جهل، إنك راسلتني بما ألقاه في خلدك «11» الشيطان، و أنا أجيبك بما ألقاه في خاطري الرحمن، إن الحرب بيننا و بينك كائنة إلى تسعة و عشرين يوما، و إن الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي، و ستلقى

__________________________________________________

(1) في «س»: و تتجلّى.

(2) تهدّلت أغصان الشجرة: تدلّت. «مجمع البحرين- هدل- 5: 497».

(3) في «ط» نسخة بدل: أبي لهب. [.....]

(4) في المصدر: الخبوط.

(5) في «س»: إلّا و ستثور.

(6) العطب: الهلاك. «الصحاح- عطب- 1: 184».

(7) في المصدر: متبعيك.

(8) في المصدر: إذ يعتقدون.

(9) أعذر من أنذر. مثل معناه: من حذرك ما يحلّ بك فقد أعذر إليك، أي صار معذورا عندك. «مجمع الأمثال 2: 29».

(10) في «س»: أطردت، و في «ط» نسخة بدل: أطويت.

(11) الخلد: البال يقال: وقع ذلك في خلدي: أي في روعي و قلبي. «الصحاح- خلد- 2: 469».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 254

أنت و عتبة و شيبة و الوليد و فلان و فلان- و ذكر عددا من قريش- في قليب بدر «1» مقتلين، أقتل

منكم سبعين، و آسر منكم سبعين، أحملهم على الفداء الثقيل.

ثم نادى جماعة من بحضرته من المؤمنين و اليهود و النصارى و سائر الأخلاط: ألا تحبون أن أريكم مصرع كل واحد من هؤلاء؟ هلموا إلى بدر، فإن هناك الملتقى و المحشر، و هناك البلاء الأكبر، لأضع قدمي على مواضع مصارعهم، ثم ستجدونها لا تزيد و لا تنقص، و لا تتغير و لا تتقدم، و لا تتأخر لحظة، و لا قليلا و لا كثيرا فلم يخف ذلك على أحد منهم و لم يجبه إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحده، و قال: نعم، بسم الله فقال الباقون: نحن نحتاج إلى مركوب و آلات و نفقات، فلا يمكننا الخروج إلى هناك و هو مسيرة أيام.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لسائر اليهود: فأنتم، ماذا تقولون؟ قالوا: نحن نريد أن نستقر في بيوتنا، و لا حاجة لنا في مشاهدة ما أنت في ادعائه محيل.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا نصب عليكم في المسير «2» إلى هناك، اخطوا خطوة واحدة فإن الله يطوي الأرض لكم، و يوصلكم في الخطوة الثانية إلى هناك فقال المؤمنون: صدق رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلنتشرف «3» بهذه الآية، و قال الكافرون و المنافقون: سوف نمتحن هذا الكذب لينقطع عذر محمد، و تصير دعواه حجة عليه، و فاضحة له في كذبه».

قال: «فخطا القوم خطوة، ثم الثانية، فإذا هم عند بئر بدر فعجبوا من ذلك، فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: اجعلوا البئر العلامة، و اذرعوا من عندها كذا ذراعا فذرعوا، فلما انتهوا إلى آخرها، قال: هذا مصرع أبي جهل، يجرحه فلان الأنصاري، و يجهز

عليه عبدالله بن مسعود أضعف أصحابي.

ثم قال: اذرعوا من البئر من جانب آخر، ثم جانب آخر، كذا و كذا ذراعا، و ذكر أعداد الأذرع مختلفة، فلما انتهى كل عدد إلى آخره قال محمد (صلى الله عليه و آله): هذا مصرع عتبة، و ذاك مصرع شيبة، و ذاك مصرع الوليد، و سيقتل فلان و فلان- إلى أن سمى تمام سبعين منهم بأسمائهم- و سيؤسر فلان و فلان إلى أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم و أسماء آبائهم و صفاتهم، و نسب المنسوبين إلى الآباء منهم، و نسب الموالي منهم إلى مواليهم.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أوقفتم على ما أخبرتكم به قالوا: بلى قال: و إن ذلك لحق كائن بعد ثمانية و عشرين يوما، في اليوم التاسع و العشرين، وعدا من الله مفعولا، و قضاء حتما لازما.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا معشر المسلمين و اليهود، اكتبوا ما» سمعتم فقالوا: يا رسول الله، قد سمعنا و وعينا و لا ننسى.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الكتابة أفضل و أذكر لكم فقالوا: يا رسول الله، و أين الدواة و الكتف؟

__________________________________________________

(1) القليب: البئر، و بدر: ماء مشهور بين مكّة و المدينة أسفل وادي الصفراء. «معجم البلدان 1: 357».

(2) في «س»: في المصير.

(3) في «س»: فلنشرف.

(4) في المصدر: بما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 255

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك للملائكة، ثم قال: يا ملائكة ربي، اكتبوا ما سمعتم من هذه القصة في أكتاف، و اجعلوا في كم كل واحد منهم كتفا من ذلك.

ثم قال: معاشر المسلمين، فأملوا أكمامكم و ما فيها، و أخرجوه و أقرءوه فتأملوها فإذا

في كم «1» كل واحد منهم صحيفة، قرأها، و إذا فيها ذكر ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في ذلك سواء، لا يزيد و لا ينقص، و لا يتقدم و لا يتأخر.

فقال: أعيدوها في أكمامكم تكن حجة عليكم، و شرفا للمؤمنين منكم، و حجة على أعدائكم «2» فكانت معهم، فلما كان يوم بدر جرت الأمور كلها ببدر، و وجدوها كما قال لا تزيد و لا تنقص، و لا تتقدم و لا تتأخر، قابلوا بها ما في كتبهم فوجدوها كما كتبته الملائكة فيها، لا تزيد و لا تنقص، و لا تتقدم و لا تتأخر، فقبل المسلمون ظاهرهم، و وكلوا باطنهم إلى خالقهم.

فلما أفضى بعض هؤلاء اليهود إلى بعض، قال: أي شي ء صنعتم؟ أخبرتموهم بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ من الدلالات على صدق نبوة محمد، و إمامة أخيه علي لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ بأنكم كنتم قد علمتم هذا و شاهدتموه، فلم تؤمنوا به و لم تطيعوه، و قدروا بجهلهم أنهم إن لم يخبروهم بتلك الآيات لم يكن له عليهم حجة في غيرها.

ثم قال عز و جل: أَ فَلا تَعْقِلُونَ أن هذا الذي تخبرونهم به مما فتح الله عليكم من دلائل نبوة محمد (صلى الله عليه و آله) حجة عليكم عند ربكم؟! قال الله تعالى: أَ وَ لا يَعْلَمُونَ- يعني أولا يعلم هؤلاء القائلون لإخوانهم: أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ- أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ من عداوة محمد و يضمرونه من أن إظهارهم الإيمان به أمكن لهم من اصطلامه، و إبادة «3» أصحابه وَ ما يُعْلِنُونَ من الإيمان ظاهرا ليؤنسوهم، و يقفوا به على أسرارهم فيذيعوها بحضرة من يضرهم «4»، و إن الله لما علم

ذلك دبر لمحمد (صلى الله عليه و آله) تمام أمره، و بلوغ غاية ما أراده ببعثه، و إنه يتم أمره، و إن نفاقهم و كيدهم لا يضره».

515/ [2]- قال أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان): روي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: «كان قوم من اليهود ليسوا من المعاندين المتواطئين، إذا لقوا المسلمين حدثوهم بما في التوراة من صفة محمد (صلى الله عليه و آله)، فنهاهم كبراؤهم عن ذلك، و قالوا: لا تخبروهم بما في التوراة من صفة محمد فيحاجوكم به عند ربكم، فنزلت الآية».

__________________________________________________

2- مجمع البيان 1: 286.

(1) الكم: الردن. «مجمع البحرين- كمم- 6: 159». [.....]

(2) في المصدر: على الكافرين.

(3) في المصدر: و إبارة، أباره اللّه: أهلكه. «مجمع البحرين- بور- 3: 231».

(4) في «س»، «ط»: نصرهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 256

516/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: إنها نزلت في اليهود، و قد كانوا أظهروا الإسلام و كانوا منافقين، و كانوا إذا رأوا رسول الله قالوا: إنا معكم، و إذا رأوا اليهود، قالوا: إنا معكم، و كانوا يخبرون المسلمين بما في التوراة من صفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصحابه، فقال لهم كبراؤهم و علماؤهم: أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَ فَلا تَعْقِلُونَ فرد الله عليهم، فقال: أَ وَ لا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ.

سورة البقرة(2): الآيات 78 الي 79 ..... ص : 250

قوله تعالى:

وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [78] فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [79]

517/ [1]- قال الإمام

العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: يا محمد، و من هؤلاء اليهود أُمِّيُّونَ لا يقرءون الكتاب و لا يكتبون، فالأمي منسوب إلى أمه، أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ و لا يكتب لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ المنزل من السماء و لا المكذب به، و لا يميزون بينهما إِلَّا أَمانِيَّ أي إلا أن يقرأ عليهم، و يقال لهم:

إن هذا كتاب الله و كلامه، و لا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ أي ما يقول لهم رؤساؤهم من تكذيب محمد في نبوته، و إمامة علي سيد عترته، و هم يقلدونهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم».

قال: «فقال رجل للصادق (عليه السلام): فإذا كان هؤلاء القوم «1» لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمهم بتقليدهم و القبول من علمائهم؟ و هل عوام اليهود إلا كعوامنا «2» يقلدون علماءهم، فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم، لم يجز لعوامنا القبول من علمائهم؟

فقال (عليه السلام): بين عوامنا و علمائنا و بين عوام اليهود و علمائهم فرق من جهة، و تسوية من جهة، أما من حيث إنهم استووا، فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم «3» علماءهم، كما قد ذم عوامهم، و أما من حيث أنهم افترقوا فلا.

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 50.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 299/ 143- 145.

(1) في المصدر: العوام من اليهود.

(2) في المصدر: لهؤلاء.

(3) في «س»: تقليد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 257

قال: بين لي ذلك، يا ابن رسول الله.

قال (عليه السلام): إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، و بأكل الحرام و الرشا «1»، و

بتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات و العنايات و المصانعات، و عرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم، و أنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه، و أعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم، و ظلموهم «2» من أجلهم، و عرفوهم بأنهم يقارفون المحرمات، و اضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق، لا يجوز أن يصدق على الله تعالى، و لا على الوسائط بين الخلق و بين الله، فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوا، و من قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره، و لا تصديقه في حكايته، و لا العمل بما يؤديه «3» إليهم عمن لم يشاهدوه «4»، و وجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى، و أشهر من أن لا تظهر لهم.

و كذلك عوام أمتنا، إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، و العصبية «5» الشديدة، و التكالب على حطام الدنيا و حرامها، و إهلاك من يتعصبون عليه، و إن كان لإصلاح أمره مستحقا، و بالترفرف «6» بالبر و الإحسان على من تعصبوا له، و إن كان للإذلال و الإهانة مستحقا، فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم.

فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه «7»، مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه، و ذلك لا يكون إلا في بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فإنه من ركب من القبائح و الفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا، و لا كرامة لهم، و إنما كثر التخليط فيما يتحمل عنا

أهل البيت لذلك، لأن الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه بأسره لجهلهم «8»، و يضعون الأشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم، و آخرين يتعمدون الكذب علينا ليجروا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم.

و منهم قوم نصاب لا يقدرون على القدح فينا، يتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا، و ينتقصون بنا عند نصابنا «9»، ثم يضيفون إليه أضعافه و أضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن براء منها، فيتقبله المسلمون المستسلمون من شيعتنا على أنه من علومنا فضلوا و أضلوا، و هم أضر على ضعفاء شيعتنا من

__________________________________________________

(1) الرشا: جمع رشوة: ما يعطيه الشخص الحاكم و غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد. «مجمع البحرين- رشا- 1: 184».

(2) في «س»: و ظلموا.

(3) في «ط»: يورد به.

(4) في «س»: لم يشاهده.

(5) في «س»: المعصية.

(6) في المصدر: بالترفّق، و في «ط» نسخة بدل: بالترفف. و ترفرف عليه: عطف و تحنّى. [.....]

(7) في «س»، «ط»: على هواه.

(8) في «ط»: نسخة بدل: بجهلهم.

(9) في «س» نسخة بدل: و ينتقصون لنا، و في «ط»: عند أنصارنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 258

جيش يزيد- عليه اللعنة و العذاب- على الحسين بن علي (عليه السلام) و أصحابه، فإنهم يسلبونهم الأرواح و الأموال، و للمسلوبين عند الله أفضل الأحوال لما لحقهم من أعدائهم.

و هؤلاء علماء السوء الناصبون المشبهون بأنهم لنا موالون، و لأعدائنا معادون، يدخلون الشك و الشبهة على ضعفاء شيعتنا، فيضلونهم و يمنعونهم عن قصد الحق المصيب، لا جرم أن من علم الله من قلبه من هؤلاء العوام أنه لا يريد إلا صيانة دينه و تعظيمه وليه، لم يتركه في يد هذا الملبس الكافر، و لكنه يقيض له مؤمنا يقف

به على الصواب، ثم يوفقه الله للقبول منه، فيجمع له بذلك خير الدنيا و الآخرة، و يجمع على من أضله لعن الدنيا و عذاب الآخرة».

ثم قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): شرار علماء أمتنا المضلون عنا، القاطعون للطرق إلينا، المسمون أضدادنا بأسمائنا، الملقبون بألقابنا، يصلون عليهم و هم للعن مستحقون، و يلعنوننا و نحن بكرامات الله مغمورون، و بصلوات الله و صلوات ملائكته المقربين علينا، عن صلواتهم علينا مستغنون».

ثم قال: «قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): من خير الخلق بعد أئمة الهدى و مصابيح الدجى؟ قال: العلماء إذا صلحوا.

قيل: فمن شرار «1» خلق الله بعد إبليس و فرعون و نمرود، و بعد المتسمين بأسمائكم، و المتلقبين بألقابكم، و الآخذين لأمكنتكم، و المتأمرين في ممالككم؟ قال: العلماء إذا فسدوا، و إنهم المظهرون للأباطيل، الكاتمون للحقائق، و فيهم قال الله عز و جل: أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا «2» الآية».

ثم قال الله عز و جل: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا.

قال الإمام (عليه السلام): «قال الله عز و جل [هذا] لقوم من هؤلاء اليهود كتبوا صفة زعموا أنها صفة النبي (صلى الله عليه و آله)، و هي خلاف صفته، و قالوا للمستضعفين منهم: هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان: أنه طويل، عظيم البدن و البطن، أصهب «3» الشعر، و محمد خلافه، و هو يجي ء بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة. و إنما أرادوا بذلك لتبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم، و تدوم لهم منهم إصابتهم، و يكفوا أنفسهم مؤنة خدمة محمد (صلى الله عليه و آله) و خدمة علي (عليه السلام) و أهل

خاصته. فقال الله عز و جل: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ من هذه الصفات المحرفات المخالفات لصفة محمد و علي (عليهما السلام)، الشدة لهم من العذاب في أشق «4» بقاع جهنم وَ وَيْلٌ لَهُمْ من الشدة في «5» العذاب ثانية، مضافة إلى الأولى مِمَّا يَكْسِبُونَ من الأموال التي يأخذونها

__________________________________________________

(1) في المصدر و «ط» نسخة بدل: شرّ.

(2) البقرة 2: 159 و 160.

(3) الصهبة: الشقرة في شعر الرأس. «الصحاح- صهب- 1: 166».

(4) في المصدر و «ط» نسخة بدل: أسوأ.

(5) في المصدر: الشدة لهم من، و في «ط»: الشدّة من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 259

إذا أثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الجحد بوصية «1» أخيه علي ولي الله».

518/ [2]- العياشي: عن محمد بن سالم «2»، عن أبي بصير، قال: قال جعفر بن محمد (عليه السلام): «خرج عبدالله ابن عمرو بن العاص من عند عثمان، فلقي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا علي، بيتنا الليلة في أمر، نرجو أن يثبت الله هذه الأمة.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لن يخفى علي ما بيتم فيه، حرفتم و غيرتم و بدلتم تسعمائة حرف: ثلاثمائة حرفتم، و ثلاثمائة غيرتم، و ثلاثمائة بدلتم فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» إلى آخر الآية.

سورة البقرة(2): الآيات 80 الي 82 ..... ص : 259

قوله تعالى:

وَ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [80] بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [81]

519/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: وَ قالُوا يعني اليهود المصرون للشقاوة،

المظهرون للإيمان، المسرون للنفاق، المدبرون على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ذويه بما يظنون أن فيه عطبهم:

لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً و ذلك أنه كان لهم أصهار و إخوة رضاع من المسلمين، يسترون «3» كفرهم عن محمد «4» (صلى الله عليه و آله) و صحبه، و إن كانوا به عارفين، صيانة لهم لأرحامهم و أصهارهم.

قال لهم هؤلاء: لم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنكم به عند الله مسخوط عليكم معذبون؟

أجابهم هؤلاء اليهود: بأن مدة ذلك العقاب الذي نعذب به لهذه «5» الذنوب أَيَّاماً مَعْدُودَةً تنقضي، ثم

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 47/ 62.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 303/ 146- 148.

(1) في المصدر: لوصيه.

(2) في «ط» و في المصدر نسخة بدل: مسلم.

(3) في المصدر: يسرون.

(4) في «ط» نسخة بدل: بمحمد. [.....]

(5) في «س»، «ط»: لذلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 260

نصير بعد في النعمة في الجنان، فلا نتعجل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو بقدر أيام ذنوبنا، فإنها تفنى و تنقضي، و نكون قد حصلنا لذات الحرية من الخدمة، و لذات نعم الدنيا، ثم لا نبالي بما يصيبنا بعد، فإنه إذا لم يكن دائما فكأنه قد فنى.

فقال الله عز و جل: قُلْ يا محمد: أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً أن عذابكم على كفركم بمحمد و دفعكم لآياته في نفسه، و في علي و سائر خلفائه و أوليائه، منقطع غير دائم؟ بل ما هو إلا عذاب دائم لا نفاد له، فلا تجترئوا على الآثام و القبائح من الكفر بالله و برسوله و بوليه المنصوب بعده على أمته، ليسوسهم و يرعاهم بسياسة الوالد الشفيق الرحيم الكريم لولده، و رعاية الحدب»

المشفق على خاصته.

فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ

عَهْدَهُ فكذلك أنتم بما تدعون من فناء عذاب ذنوبكم هذه في حرز «2» أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ أتخذتم عهدا، أم تقولون؟ بل أنتم- في أيهما ادعيتم- كاذبون».

ثم قال الله عز و جل «3»: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ».

قال الإمام (عليه السلام): «السيئة المحيطة به هي التي تخرجه عن جملة دين الله، و تنزعه عن ولاية الله، و ترميه في سخط الله، و هي الشرك بالله، و الكفر به، و الكفر بنبوة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الكفر بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كل واحدة من هذه سيئة تحيط به، أي تحيط بأعماله «4» فتبطلها و تمحقها فَأُولئِكَ عاملو هذه السيئة المحيطة أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن ولاية علي حسنة لا يضر معها شي ء «5» من السيئات و إن جلت، إلا ما يصيب أهلها من التطهير منها بمحن الدنيا، و ببعض العذاب في الآخرة إلى أن ينجو منها بشفاعة مواليه الطيبين الطاهرين، و إن ولاية أضداد علي و مخالفة علي (عليه السلام) سيئة لا ينفع معها شي ء إلا ما ينفعهم لطاعتهم في الدنيا بالنعم و الصحة و السعة، فيردون الآخرة و لا يكون لهم إلا دائم العذاب.

ثم قال: إن من جحد ولاية علي لا يرى الجنة بعينه أبدا إلا ما يراه بما يعرف به أنه لو كان يواليه لكان ذلك محله و مأواه و منزله، فيزداد حسرات و ندامات، و إن من توالى عليا، و برى ء من أعدائه، و سلم لأوليائه، لا يرى النار بعينه أبدا إلا ما يراه،

فيقال له: لو كنت على غير هذا لكان ذلك مأواك و إلا ما يباشره منها إن كان مسرفا على نفسه بما دون الكفر إلا «6» أن ينظف بجهنم، كما ينظف درنه «7» بالحمام الحامي، ثم ينقل «8» عنها بشفاعة مواليه».

__________________________________________________

(1) حدب فلان على فلان، فهو حدب: تعطف، و حنا عليه. «لسان العرب- حدب- 1: 301». و في «ط» نسخة بدل: الجدّ.

(2) في «س»، «ط»: حذر.

(3) في المصدر زيادة: ردا عليهم.

(4) في «س»: تحبط أعماله.

(5) في «ط» نسخة بدل: سيئة.

(6) في المصدر: إلى.

(7) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: ينظف القذر من بدنه.

(8) في «ط» نسخة بدل: ينتقل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 261

520/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبدالله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس، عن صباح المزني، عن أبي حمزة، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز و جل:

بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ قال: «إذا جحدوا إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ».

521/ [3]- الشيخ في (أماليه) بإسناده عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه تلا هذه الآية: فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ قيل: يا رسول الله، من أصحاب النار؟ قال: «من قاتل عليا بعدي، فأولئك أصحاب النار مع الكفار، فقد كفروا بالحق لما جاءهم، ألا و إن عليا بضعة مني، فمن حاربه فقد حاربني و أسخط ربي». ثم دعا عليا فقال: «يا علي، حربك حربي، و سلمك سلمي، و أنت العلم فيما بيني و بين أمتي».

سورة البقرة(2): آية 83 ..... ص : 261

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلљΘǠاللَّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ

إِحْساناً وَ ذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ [83]

522/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل لبني إسرائيل: و اذكروا إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ عهدهم المؤكد عليهم «1»: لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ أي بأن لا تعبدوا إلا الله، أي لا تشبهوه «2» بخلقه، و لا تجوروه «3» في حكمه، و لا تعملوا بما يراد به وجهه تريدون به وجه غيره.

وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً و أخذنا ميثاقهم بأن يعملوا بوالديهم إحسانا، مكافأة عن إنعامهما عليهم، و إحسانهما إليهم، و احتمال المكروه الغليظ فيهم، لترفيههما و توديعهما وَ ذِي الْقُرْبى قرابات الوالدين بأن

__________________________________________________

2- الكافي 1: 355/ 82.

3- الأمالي 1: 374.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 326/ 174.

(1) في «ط» نسخة بدل: عهد التوكيد.

(2) في المصدر: لا يشبهوه. [.....]

(3) في المصدر: و لا يجوروه، و في «ط»: و لا يجوزوه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 262

يحسنوا إليهم لكرامة الوالدين وَ الْيَتامى أي و أن يحسنوا إلى اليتامى الذين فقدوا آباءهم الكافلين لهم أمورهم، السائقين لهم «1» غذاءهم و قوتهم، المصلحين لهم معاشهم.

وَ قُولُوا لِلنَّاسِ الذين لا مؤونة لهم عليكم حُسْناً عاملوهم بخلق جميل وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ الصلوات الخمس، و أقيموا أيضا الصلاة على محمد و آل محمد الطيبين عند أحوال غضبكم و رضاكم، و شدتكم و رخائكم، و همومكم المعلقة بقلوبكم.

ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ أيها اليهود عن الوفاء بما قد نقل إليكم من العهد الذي أداه أسلافكم إليكم وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ عن ذلك العهد، تاركون له، غافلون عنه».

523/ [2]- ابن الفارسي في (روضة الواعظين) قال: قال

الصادق (عليه السلام) قوله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً قال: «الوالدان «2» محمد و علي (عليهما السلام)».

524/ [3]- محمد بن يعقوب: بسنده عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً. قال: «قولوا للناس حسنا، و لا تقولوا إلا خيرا حتى تعلموا ما هو».

525/ [4]- و عنه: بسنده عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً. قال: «قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال فيكم».

526/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن سدير الصيرفي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أطعم سائلا لا أعرفه مسلما؟

فقال: «نعم، أعط من لا تعرفه بولاية و لا عداوة للحق، إن الله عز و جل يقول: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً و لا تعط «3» من نصب لشي ء من الحق، أو دعا «4» إلى شي ء من الباطل».

527/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و علي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً.

__________________________________________________

2- روضة الواعظين 1: 105.

3- الكافي 2: 132/ 10.

4- الكافي 2: 132/ 1.

5- الكافي 4: 13/ 1.

6- الكافي 5: 11/ 2.

(1) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: إليهم.

(2) في المصدر: الوالد.

(3) في المصدر: تعطعم.

(4) في «س»، «ط»: ادعى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 263

قال: «نزلت هذه الآية في

أهل الذمة، ثم نسخها قوله عز و جل: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ «1» فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منه إلا الجزية أو القتل، و ما لهم في ء، و ذراريهم سبي، و إذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم، و حرمت أموالهم، و حلت لنا مناكحتهم، و من كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم و أموالهم، و لم تحل لنا مناكحتهم، و لم يقبل من أحدهم إلا الدخول في «2» الإسلام، أو الجزية، أو القتل».

528/ [7]- ابن بابويه: عن محمد بن علي ما جيلويه، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن المفضل، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً.

قال: «قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم، فإن الله عز و جل يبغض اللعان السباب «3»، الطعان على المؤمنين، الفاحش المتفحش، السائل الملحف «4»، و يحب الحيي «5» الحليم، العفيف المتعفف».

529/ [8]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً.

قال: «قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم، فإن الله يبغض اللعان السباب «6»، الطعان على المؤمنين، المتفحش، السائل الملحف، و يحب الحيي الحليم، العفيف»

المتعفف».

530/ [9]- عن حريز، عن بريد «8»، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أطعم رجلا سائلا لا أعرفه مسلما؟

قال: «نعم، أطعمه ما لم تعرفه بولاية و لا بعداوة،

إن الله يقول: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً و لا تطعم من نصب لشي ء من الحق، أو دعا إلى شي ء من الباطل».

__________________________________________________

7- الأمالي: 210/ 4.

8- تفسير العيّاشي 1: 48/ 63.

9- تفسير العيّاشي 1: 48/ 64.

(1) التّوبة 9: 29. [.....]

(2) في المصدر زيادة: دار.

(3) في «س»: الساب.

(4) ألحف السائل: ألحّ. «الصحاح- لحف- 4: 1426».

(5) حييت منه: استحييت. «الصحاح- حيا- 6: 2323».

(6) في «س»: الساب.

(7) في المصدر: الضعيف.

(8) في «س»، «ط»: جرير، عن سدير، و في المصدر: حريز، عن برير، تصحيف، و الصواب ما أثبتناه، و هما: حريز بن عبد اللّه السجستانيّ الأزديّ و بريد بن معاوية العجليّ، أنظر معجم رجال الحديث 3: 285 و 4: 249.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 264

531/ [10]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «اتقوا الله و لا تحملوا الناس على أكتافكم، إن الله يقول في كتابه وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً- قال-: و عودوا مرضاهم، و اشهدوا جنائزهم، و صلوا معهم في مساجدهم حتى [ينقطع النفس، و حتى تكون المباينة».

532/ [11]- عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف ... فسيف على أهل الذمة، قال الله: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً نزلت في أهل الذمة، ثم نسختها أخرى، قوله: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ «1»» الآية.

533/ [12]- و قال الإمام العسكري (عليه السلام): «أما قوله: لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: من شغلته عبادة الله عن مسألته، أعطاه الله أفضل ما يعطي السائلين.

و قال علي (عليه السلام): قال الله عز و جل من

فوق عرشه: يا عبادي، اعبدوني فيما أمرتكم به و لا تعلموني ما يصلحكم، فإني أعلم به، و لا أبخل عليكم بصلاحكم «2»».

534/ [13]- و قال الإمام العسكري (عليه السلام): «و قد قال الله عز و جل: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أفضل والديكم و أحقهما لشكركم محمد و علي.

و قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: أنا و علي أبوا هذه الأمة، و لحقنا عليهم أعظم من حق والديهم «3»، فإنا ننقذهم- إن أطاعونا- من النار إلى دار القرار، و لنلحقهم من العبودية بخيار الأحرار.

و أما قوله عز و جل: وَ ذِي الْقُرْبى فهم من قراباتك من أبيك و أمك، قيل لك: اعرف حقهم كما أخذ به العهد على بني إسرائيل، و أخذ عليكم- معاشر أمة محمد (صلى الله عليه و آله)- بمعرفة حق قرابات محمد (صلى الله عليه و آله) الذين هم الأئمة بعده، و من يليهم بعد من خيار أهل دينهم».

قال الإمام (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من رعى حق قرابات والديه أعطي في الجنة ألف درجة، بعد ما بين الدرجتين «4» حضر «5» الفرس الجواد المضمر «6» مائة «7» سنة إحدى الدرجات من فضة، و الأخرى من

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 48/ 65.

11- تفسير العيّاشي 1: 48/ 66.

12- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 327/ 175 و 176.

13- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 330/ 189 و 190 و: 333/ 201 و 202.

(1) التّوبة 9: 29.

(2) في المصدر: بمصالحكم.

(3) في المصدر: أبوي ولادتهم. [.....]

(4) في «ط» نسخة بدل: كل درجتين

(5) الحضر:

العدو. «الصحاح- حضر- 2: 632».

(6) الضمر: الهزال و خفّة اللحم، و تضمير الفرس: أن تعلفه حتّى سمن ثمّ تردّه إلى القوت، و ذلك في أربعين يوما. «الصحاح- ضمر- 2: 722».

(7) في «ط»: مائة ألف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 265

ذهب، و الأخرى من لؤلؤ، و الأخرى من زمرد، و أخرى من زبرجد، و أخرى من مسك، و أخرى من عنبر، و أخرى من كافور، و تلك الدرجات من هذه الأصناف. و من رعى حق قربى محمد و علي، أعطي من فضائل «1» الدرجات و زيادة المثوبات على قدر زيادة فضل محمد و علي على أبوي نسبه «2»».

535/ [14]- و قال الإمام (عليه السلام): «و أما قول الله عز و جل: وَ الْيَتامى فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال:

حث الله عز و جل على بر اليتامى لانقطاعهم عن آبائهم، فمن صانهم صانه الله، و من أكرمهم أكرمه الله، و من مسح يده برأس يتيم رفقا به، جعل الله له في الجنة بكل شعرة مرت تحت يده قصرا أوسع من الدنيا بما فيها، و فيها ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين، و هم فيها خالدون».

536/ [15]- و قال الإمام (عليه السلام): «و أشد من يتم هذا اليتيم، يتيم ينقطع عن إمامه لا يقدر على الوصول إليه، و لا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا، و هذا الجاهل بشريعتنا، المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه و أرشده و علمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى حدثني بذلك أبي، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

537/ [16]- و قال علي

بن أبي طالب (عليه السلام): «من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا، فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه «3»، جاء يوم القيامة و على رأسه تاج من نور يضي ء لأهل جميع تلك العرصات، و حلة «4» لا يقوم لأقل سلك منها، الدنيا بحذافيرها.

ثم ينادي مناد من عند الله: يا عباد الله، هذا عالم من بعض تلامذة آل محمد، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبث بنوره، ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزهة «5» الجنان فيخرج كل من كان علمه في الدنيا خيرا، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا، أو أوضح له عن شبهة».

538/ [17]- و قال الإمام العسكري (عليه السلام): «و أما قوله عز و جل: وَ الْمَساكِينِ فهو من سكن الضر و الفقر حركته ألا فمن واساهم بحواشي ماله، وسع الله عليه جنانه، و أناله غفرانه و رضوانه».

و قال الإمام (عليه السلام): «و إن من محبي محمد (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) مساكين، مواساتهم أفضل من

__________________________________________________

14- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 338/ 213.

15- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 339/ 214.

16- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 339/ 215.

17- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 345/ 226- 228.

(1) في «ط»: اوتي من فضل.

(2) في «ط» نسخة بدل: نفسه.

(3) حبوت الرجل حباء: أعطيته الشّي ء بغير عوض. «مجمع البحرين- حبا- 1: 94».

(4) أي و عليه حلّة.

(5) في المصدر: نزه، و في «ط» نسخة بدل: ذروة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 266

مواساة مساكين الفقراء، و هم الذين سكنت «1» جوارحهم، و ضعفت قواهم عن مقاتلة أعداء الله الذين يعيرونهم

بدينهم، و يسفهون أحلامهم.

ألا فمن قواهم بفقهه، و علمهم «2» حتى أزال مسكنتهم، ثم سلطهم على الأعداء الظاهرين من النواصب، و على الأعداء الباطنين، إبليس و مردته، حتى يهزموهم عن دين الله، و يذودوهم «3» عن أولياء الله (صلى الله عليه و آله)، حول الله تلك المسكنة إلى شياطينهم، فأعجزهم عن إضلالهم، قضى الله تعالى بذلك قضاء حقا على لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): من قوى مسكينا في دينه، ضعيفا في معرفته، على ناصب مخالف، فأفحمه «4» لقنه الله يوم يدلى في قبره أن يقول: الله ربي، و محمد نبيي، و علي وليي، و الكعبة قبلتي، و القرآن بهجتي و عدتي، و المؤمنون إخواني فيقول الله: أدليت بالحجة، فوجبت لك أعالي درجات الجنة فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة».

539/ [18]- و قال الإمام (عليه السلام): «قوله عز و جل: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً قال الصادق (عليه السلام): وَ قُولُوا لِلنَّاسِ كلهم حُسْناً مؤمنهم و مخالفهم: أما المؤمنون فيبسط لهم وجهه «5»، و أما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الإيمان، فإن ييأس من ذلك يكف شرورهم عن نفسه، و عن إخوانه المؤمنين».

540/ [19]- قال الإمام (عليه السلام): «و أما قوله عز و جل: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ فهو أقيموا الصلاة بتمام ركوعها و سجودها و مواقيتها، و أداء حقوقها التي إذا لم تؤد لم يتقبلها رب الخلائق، أ تدرون ما تلك الحقوق؟ فهي اتباعها بالصلاة على محمد و علي و آلهما (عليهم السلام)، منطويا على الاعتقاد بأنهم أفضل خيرة الله، و القوام «6» بحقوق الله، و النصار لدين الله».

541/ [20]- قال الإمام (عليه السلام): «وَ

آتُوا الزَّكاةَ من المال و الجاه و قوة البدن: فمن المال مواساة إخوانك المؤمنين، و من الجاه إيصالهم إلى ما يتقاعسون عنه لضعفهم عن حوائجهم المترددة في صدورهم، و بالقوة معونة أخ لك قد سقط حماره أو جمله في صحراء أو طريق، و هو يستغيث فلا يغاث، تعينه حتى يحمل

__________________________________________________

18- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 353/ 240. [.....]

19- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 364/ 253.

20- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 364/ 254.

(1) في «س»: تنكست.

(2) في المصدر: و علمه.

(3) الذّياد: الطرد، و ذدت الإبل: سقتها و طردتها. «الصحاح- ذود- 2: 471».

(4) كلّمته حتّى أفحمته: إذا أسكتّه في خصومة أو غيرها. «مجمع البحرين- فحم- 6: 130».

(5) في المصدر زيادة: و بشره.

(6) في «س»: القوّامون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 267

عليه متاعه، و تركبه و تنهضه حتى يلحق القافلة، و أنت في ذلك كله معتقد لموالاة محمد و آله الطيبين، فإن الله يزكي أعمالك و يضاعفها بموالاتك لهم، و براءتك من أعدائهم».

542/ [21]- قال الإمام (عليه السلام): «قال الله عز و جل: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ يا معشر اليهود، المأخوذ عليكم من هذه العهود، كما أخذ على أسلافكم وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ عن أمر الله عز و جل الذي فرضه».

قال مؤلف الكتاب: الحديث اختصرناه من كلام الإمام العسكري (عليه السلام) في (تفسيره) و هو حديث حسن، فلتقف عليه من هناك.

سورة البقرة(2): الآيات 84 الي 86 ..... ص : 267

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ [84] ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ

وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [85] أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ [86]

543/]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ و اذكروا- يا بني إسرائيل- حين أخذنا ميثاقكم على أسلافكم، و على كل من يصل إليه الخبر بذلك من أخلافهم الذين أنتم منهم لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ لا يسفك بعضكم دماء بعض وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ و لا يخرج بعضكم بعضا من ديارهم.

__________________________________________________

21- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 365/ 255.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 367/ 257 و 258.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 268

ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ بذلك الميثاق، كما أقر به أسلافكم، و التزمتموه كما التزموه وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ بذلك على أسلافكم و أنفسكم ثُمَّ أَنْتُمْ معاشر اليهود تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ يقتل بعضكم بعضا وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ غصبا و قهرا تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ يظاهر بعضكم بعضا على إخراج من تخرجونه من ديارهم، و قتل من تقتلونه منهم بغير حق بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ بالتعدي تتعاونون و تتظاهرون.

وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ يعني هؤلاء الذين تخرجونهم، أي ترومون إخراجهم و قتلهم ظلما، إن يأتوكم أُسارى قد أسرهم أعداؤكم و أعداؤهم تُفادُوهُمْ من الأعداء بأموالكم وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أعاد قوله عز و جل: إِخْراجُهُمْ و لم يقتصر على أن يقول: وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ لأنه لو قال ذلك لرأى أن المحرم إنما هو مفاداتهم.

ثم قال عز و جل: أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ

الْكِتابِ و هو الذي أوجب عليكم المفاداة وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ و هو الذي حرم قتلهم و إخراجهم، فقال: فإذا كان قد حرم الكتاب قتل النفوس و الإخراج من الديار كما فرض فداء الأسراء، فما بالكم تطيعون في بعض، و تعصون في بعض، كأنكم ببعض كافرون، و ببعض مؤمنون؟! ثم قال عز و جل: فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ يا معشر اليهود إِلَّا خِزْيٌ ذل فِي الْحَياةِ الدُّنْيا جزية تضرب عليه، و يذل بها وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ إلى جنس أشد العذاب، يتفاوت ذلك على قدر تفاوت معاصيهم وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ يعمل هؤلاء اليهود.

ثم وصفهم فقال عز و جل: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ رضوا بالدنيا و حطامها بدلا من نعيم الجنان المستحق بطاعات الله فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ لا ينصرهم أحد يرفع عنهم العذاب.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- لما نزلت هذه الآية في اليهود، هؤلاء اليهود [الذين نقضوا عهد الله، و كذبوا رسل الله، و قتلوا أولياء الله-: أ فلا أنبئكم بمن يضاهئهم من يهود هذه الأمة؟ قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: قوم من أمتي ينتحلون بأنهم من أهل ملتي، يقتلون أفاضل ذريتي، و أطايب أرومتي «1»، و يبدلون شريعتي و سنتي، و يقتلون ولدي الحسن و الحسين، كما قتل أسلاف هؤلاء اليهود زكريا و يحيى.

ألا و إن الله يلعنهم كما لعنهم، و يبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين المظلوم، يحرفهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم.

ألا و لعن الله قتلة الحسين و محبيهم و ناصريهم، و الساكتين عن لعنهم من غير تقية تسكتهم.

ألا

و صلى الله على الباكين على الحسين بن علي رحمة و شفقة، و اللاعنين لأعدائهم و الممتلئين عليهم غيظا و حنقا.

ألا و إن الراضين بقتل الحسين شركاء قتلته.

__________________________________________________

(1) الأرومة: أصل الشجرة و استعملت للحسب يقال: هو طيّب الأرومة. «المعجم الوسيط- آرم- 1: 15».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 269

ألا و إن قتلته و أعوانهم و أشياعهم و المقتدين بهم برآء من دين الله.

ألا و إن الله ليأمر الملائكة المقربين أن ينقلوا «1» دموعهم المصبوبة لقتل «2» الحسين إلى الخزان في الجنان، فيمزجونها بماء الحيوان، فتزيد في عذوبتها و طيبها ألف ضعفها و إن الملائكة ليتلقون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسين فيلقونها في الهاوية، و يمزجونها بحميمها و صديدها و غساقها و غسلينها، فتزيد في شدة حرارتها و عظيم عذابها ألف ضعفها، يشدد بها على المنقولين إليها من أعداء آل محمد عذابهم».

544/ [2]- العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه: فمنها كفر البراءة- و هو على قسمين- و كفر النعم، و الكفر بترك أمر الله، و الكفر بما نقول من أمر الله فهو كفر المعاصي «3»، و ترك ما أمر الله عز و جل، و ذلك قوله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ- إلى قوله-: أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فكفرهم بتركهم ما أمر الله عز و جل، و نسبهم إلى الإيمان و لم يقبله منهم، و لم ينفعهم عنده، فقال: فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ- إلى قوله-: عَمَّا تَعْمَلُونَ.

545/ [3]- و في تفسير علي بن إبراهيم: أن الآية نزلت في أبي ذر و عثمان،

في نفي عثمان له إلى الربذة «4»، و ذكرنا الرواية في (تفسير الهادي).

سورة البقرة(2): آية 87 ..... ص : 269

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ قَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ [87]

546/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل- و هو يخاطب اليهود الذي أظهر

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 48/ 67.

3- تفسير القمّيّ 1: 51.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 371/ 260 و: 379/ 264. [.....]

(1) في «ط» نسخة بدل: أن يتلقّوا، و في «س»: أن يسلكوا.

(2) في «س»، «ط»: بقتل.

(3) العبارة فيها ارتباك ظاهر، و في الكافي: فمنها كفر الجحود- و الجحود على وجهين- و الكفر بترك ما أمر اللّه، و كفر البراءة، و كفر النعم .. الكافي 2: 287/ 1.

(4) الرّبذة: من قرى المدينة على ثلاثة أيّام، قريبة من ذات عرق، و بهذا الموضع قبر أبي ذرّ الغفاري (رضوان اللّه تعالى عليه). «معجم البلدان 3:

24».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 270

محمد (صلى الله عليه و آله) المعجزات لهم عند تلك الجبال و يوبخهم-: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التوراة، المشتمل «1» على أحكامنا، و على ذكر فضل محمد و آله «2» الطيبين، و إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام) و خلفائه بعده، و شرف أحوال المسلمين له، و سوء أحوال المخالفين عليه.

وَ قَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ جعلنا رسولا في إثر رسول وَ آتَيْنا أعطينا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ الآيات الواضحات، مثل: إحياء الموتى، و إبراء الأكمه و الأبرص، و الإنباء بما يأكلون و ما يدخرون في بيوتهم وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ

الْقُدُسِ و هو جبرئيل (عليه السلام)، و ذلك حين رفعه من روزنة «3» بيته إلى السماء، و ألقى شبهه على من رام قتله، فقتل بدلا منه، و قيل: هو المسيح».

و قال الإمام (عليه السلام): «ثم وجه الله عز و جل العذل «4» نحو اليهود المذكورين في قوله: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ «5» فقال: أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ فأخذ عهودكم و مواثيقكم بما لا تحبون: من بذل الطاعة لأوليائه الله الأفضلين و عباده المنتجبين محمد و آله الطيبين الطاهرين، لما قالوا لكم، كما أداه إليكم أسلافكم الذين قيل لهم: إن ولاية محمد و آل محمد هي الغرض الأقصى و المراد الأفضل، ما خلق الله أحدا من خلقه و لا بعث أحدا من رسله «6» إلا ليدعوهم إلى ولاية محمد و علي و خلفائه (عليهم السلام)، و يأخذ بها عليهم العهد ليقيموا عليه، و ليعمل به سائر عوام الأمم فلهذا اسْتَكْبَرْتُمْ كما استكبر أوائلكم حتى قتلوا زكريا و يحيى، و استكبرتم أنتم حتى رمتم قتل محمد و علي (عليهما السلام)، فخيب الله تعالى سعيكم، ورد في نحوركم كيدكم.

و أما قوله عز و جل: تَقْتُلُونَ فمعناه: قتلتم، كما تقول لمن توبخه: ويلك كم تكذب و كم تخرق «7»، و لا تريد ما لم يفعله بعد، و إنما تريد: كم فعلت و أنت عليه موطن «8»».

547/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن عمار بن مروان «9»، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أ فكلما جاءكم محمد (صلى الله عليه و آله) بما لا تهوى أنفسكم بولاية علي (عليه السلام) استكبرتم ففريقا من آل

محمد (عليهم السلام) كذبتم، و فريقا تقتلون».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 346/ 31.

(1) في «س» نسخة بدل: أحكامها.

(2) في المصدر: فضل محمّد و عليّ و آلهما.

(3) الروزنة: الكوّة. «الصحاح- رزق- 5: 2123».

(4) العذل: الملامة. «الصحاح- عذل- 5: 1762». و في «ط»: العدل.

(5) البقرة 2: 74.

(6) في «ط» نسخة بدل: ممّن أرسله.

(7) التخرّق: لغة في التخلّق من الكذب. «الصحاح- خرق- 4: 1467»، و في المصدر: تمخرق.

(8) وطّن نفسه على الشّي ء: حملها عليه و مهّد عليه و مهّد لها. و المعنى و أنت على الكذب مستمر و ثابت.

(9) زاد في المصدر: عن منخل. و يصح السند بكلا الحالين، فقد روى عمّار عن منخل و عن جابر، أنظر معجم رجال الحديث 12: 256. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 271

548/ [3]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: أما قوله: أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ قال أبو جعفر: «ذلك مثل موسى و الرسل من بعده و عيسى (صلوات الله عليهم)، ضرب مثلا لأمة محمد (صلى الله عليه و آله)، فقال الله لهم: فإن جاءكم محمد بما لا تهوى أنفسكم بموالاة علي استكبرتم ففريقا من آل محمد كذبتم، و فريقا تقتلون، فذلك تفسيرها في الباطن».

سورة البقرة(2): آية 88 ..... ص : 271

قوله تعالى:

وَ قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ [88]

549/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: وَ قالُوا يعني هؤلاء اليهود الذي أراهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) المعجزات المذكورات عند قوله: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ «1» الآية قُلُوبُنا غُلْفٌ أوعية للخير و العلوم، قد أحاطت بها و اشتملت عليها، ثم هي مع ذلك لا تعرف لك- يا محمد- فضلا مذكورا في شي ء

من كتب الله، و لا على لسان أحد من أنبياء الله.

فقال الله تعالى ردا عليهم: بَلْ ليس كما يقولون أوعية للعلوم، و لكن قد لَعَنَهُمُ اللَّهُ أبعدهم الله من الخير فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ قليل إيمانهم، يؤمنون ببعض ما أنزل الله، و يكفرون ببعض، فإذا كذبوا محمدا في سائر ما يقول: فقد صار ما كذبوا به أكثر، و ما صدقوا به أقل.

و إذا قرئ (غلف) «2» فإنهم قالوا: قلوبنا غلف في غطاء، فلا نفهم كلامك و حديثك، نحو ما قال الله عز و جل: وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ «3» و كلا القراءتين حق، و قد قالوا بهذا و بهذا جميعا.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): معاشر اليهود، تعاندون رسول الله رب العالمين، و تأبون الاعتراف بأنكم كنتم بذنوبكم من الجاهلين، إن الله لا يعذب بها أحدا، و لا يزيل عن فاعل هذا عذابه أبدا، إن آدم (عليه السلام) لم يقترح على ربه المغفرة لذنبه إلا بالتوبة، فكيف تقترحونها أنتم مع عنادكم؟! قيل: و كيف كان ذاك، يا رسول الله؟

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 49/ 68.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 390/ 266 و 267.

(1) البقرة 2: 74.

(2) القراءة المشهورة (غلف) بسكون اللّام، و روي في الشواذ (غلف) بضمّ اللّام، و الأولى جمع» الأغلف) مثل (أحمر و حمر)، و الثانية جمع (غلاف) مثل (حمار و حمر). «مجمع البيان للطبرسيّ 1: 308».

(3) فصّلت 41: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 272

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما زلت الخطيئة من آدم (عليه السلام) و أخرج من الجنة و

عوتب و وبخ، قال: يا رب، إن تبت و أصلحت، أ تردني إلى الجنة؟ قال: بلى. قال آدم: فكيف أصنع- يا رب- حتى أكون تائبا و تقبل توبتي؟

فقال الله عز و جل: تسبحني بما أنا أهله، و تعترف بخطيئتك كما أنت أهله، و تتوسل إلي بالفاضلين الذين علمتك أسماءهم، و فضلتك بهم على ملائكتي، و هم محمد و آله الطيبون، و أصحابه الخيرون.

فوفقه الله تعالى، فقال: يا رب، لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك، عملت سوءا و ظلمت نفسي، فارحمني و أنت أرحم الراحمين، بحق محمد و آله الطيبين و خيار أصحابه المنتجبين، سبحانك و بحمدك لا إله إلا أنت، عملت سوءا و ظلمت نفسي، فتب علي إنك أنت التواب الرحيم، بحق محمد و آله الطيبين و خيار أصحابه المنتجبين.

فقال الله تعالى: لقد قبلت توبتك، و آية ذلك أن «1» أنقي بشرتك فقد تغيرت- و كان ذلك لثلاثة عشر من شهر رمضان- فصم هذه الثلاثة أيام التي تستقبلك، فهي أيام البيض، ينقي الله في كل يوم بعض بشرتك فصامها فنقى في كل يوم منها ثلث بشرته. فعند ذلك قال آدم: يا رب، ما أعظم شأن محمد و آله و خيار أصحابه؟! فأوحى الله إليه: يا آدم، إنك لو عرفت كنه جلال محمد عندي و آله و خيار أصحابه، لأحببته حبا يكون أفضل أعمالك قال: يا رب، عرفني لأعرف.

قال الله تعالى: يا آدم، إن محمدا لو وزن به جميع الخلق من النبيين و المرسلين و الملائكة المقربين و سائر عبادي الصالحين من أول الدهر إلى آخره و من الثرى إلى العرش لرجح به، و إن رجلا من خيار آل محمد لو وزن به جميع آل

النبيين لرجح بهم، و إن رجلا من خيار أصحاب محمد لو وزن به جميع أصحاب المرسلين لرجح بهم.

يا آدم، لو أحب رجل من الكفار أو جميعهم رجلا من آل محمد و أصحابه الخيرين لكافأه الله عن ذلك بأن يختم له بالتوبة و الإيمان، ثم يدخله الله الجنة، إن الله ليفيض على كل واحد من محبي محمد و آل محمد و أصحابه من الرحمة ما لو قسمت على عدد كعدد كل ما خلق الله تعالى من أول الدهر إلى آخره- و إن كانوا كفارا- لكفاهم، و لأداهم إلى عاقبة محمودة: الإيمان بالله حتى يستحقوا به الجنة، و إن رجلا ممن يبغض آل محمد و أصحابه الخيرين أو واحدا منهم لعذبه الله عذابا لو قسم على مثل عدد ما خلق الله لأهلكهم أجمعين».

سورة البقرة(2): آية 89 ..... ص : 272

قوله تعالى:

وَ لَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ [89]

__________________________________________________

(1) في المصدر: أني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 273

550/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «ذم الله اليهود، فقال: وَ لَمَّا جاءَهُمْ يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم، و إخوانهم من اليهود، جاءهم كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ القرآن مُصَدِّقٌ ذلك الكتاب لِما مَعَهُمْ من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل، المؤيد بخير خلق الله بعده: علي ولي الله وَ كانُوا يعني هؤلاء اليهود مِنْ قَبْلُ ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بالرسالة يَسْتَفْتِحُونَ يسألون الله الفتح و الظفر عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا من أعدائهم و المناوئين لهم، و كان الله يفتح لهم و ينصرهم.

قال الله عز و جل: فَلَمَّا جاءَهُمْ

جاء هؤلاء اليهود ما عَرَفُوا من نعت محمد (صلى الله عليه و آله) و صفته كَفَرُوا بِهِ جحدوا نبوته حسدا له، و بغيا عليه، قال الله عز و جل: فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تعالى أخبر رسوله بما كان من إيمان اليهود بمحمد (صلوات الله عليه و آله) قبل ظهوره، و من استفتاحهم على أعدائهم بذكره، و الصلاة عليه و على آله».

قال (عليه السلام): «و كان الله عز و جل أمر اليهود في أيام موسى (عليه السلام) و بعده إذا دهمهم أمر، أو دهتهم داهية أن يدعوا الله عز و جل بمحمد و آله الطيبين، و أن يستنصروا بهم، و كانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بسنين كثيرة يفعلون ذلك، فيكفون البلاء و الدهماء و الداهية.

و كانت اليهود قبل ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بعشر سنين تعاديهم أسد و غطفان- قوم من المشركين- و يقصدون أذاهم، فكانوا يستدفعون شرورهم و بلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد و آله الطيبين، حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد و غطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود و هم ثلاثمائة فارس، و دعوا الله بمحمد و آله فهزموهم و قطعوهم.

فقالت أسد و غطفان بعضهما لبعضهم: تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل فاستعانوا عليهم بالقبائل و أكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا، و قصدوا هؤلاء الثلاثمائة في قريتهم، فألجئوهم إلى بيوتها، و قطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم، و منعوا عنهم الطعام، و استأمن اليهود «1» فلم يأمنوهم، و قالوا: لا، إلا أن نقتلكم و نسبيكم

و ننهبكم.

فقالت اليهود بعضها لبعض: كيف نصنع؟ فقال لهم أماثلهم و ذوو الرأي منهم: أما أمر موسى أسلافكم و من بعدهم بالاستنصار بمحمد و آله الطيبين؟ أما أمركم بالابتهال إلى الله عز و جل عند الشدائد بهم؟ قالوا: بلى قالوا:

فافعلوا.

فقالوا: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين لما سقيتنا، فقد قطعت الظلمة عنا المياه حتى ضعف شباننا، و تماوت

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 393/ 268- 270.

(1) في المصدر زيادة: منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 274

ولداننا، و أشرفنا على الهلكة فبعث الله تعالى لهم وابلا هطلا سحا «1»، ملأ حياضهم و آبارهم و أنهارهم و أوعيتهم و ظروفهم، فقالوا: هذه إحدى الحسنيين ثم أشرفوا من سطوحهم على العساكر المحيطة بهم، فإذا المطر قد آذاهم غاية الأذى، و أفسد أمتعتهم و أسلحتهم و أموالهم، فانصرف عنهم لذلك بعضهم، لأن ذلك المطر أتاهم في غير أوانه، في حمارة القيظ «2»، حين لا يكون مطر.

فقال الباقون من العساكر: هبكم سقيتم، فمن أين تأكلون؟ و لئن انصرف عنكم هؤلاء، فلسنا ننصرف حتى نقهركم على أنفسكم و عيالاتكم، و أهاليكم و أموالكم، و نشفي غيظنا منكم.

فقالت اليهود: إن الذي سقانا بدعائنا بمحمد و آله قادر على أن يطعمنا، و إن الذي صرف عنا من صرفه، قادر على أن يصرف عنا الباقين.

ثم دعوا الله بمحمد و آله أن يطعمهم، فجاءت قافلة عظيمة من قوافل الطعام قدر ألفي جمل و بغل و حمار موقرة «3» حنطة و دقيقا، و هم لا يشعرون بالعساكر، فانتهوا إليهم و هم نيام، و لم يشعروا بهم، لأن الله تعالى ثقل نومهم حتى دخلوا القرية، و لم يمنعوهم، و طرحوا «4» أمتعتهم و باعوها منهم

فانصرفوا و بعدوا، و تركوا العساكر نائمة ليس في أهلها عين تطرف، فلما بعدوا انتبهوا، و نابذوا «5» اليهود الحرب، و جعل يقول بعضهم لبعض: الوحى الوحى «6»، فإن هؤلاء اشتد بهم الجوع و سيذلون لنا.

قال لهم اليهود: هيهات، بل قد أطعمنا ربنا و كنتم نياما، جاءنا من الطعام كذا و كذا، و لو أردنا قتالكم «7» في حال نومكم لتهيأ لنا، و لكنا كرهنا البغي عليكم، فانصرفوا عنا، و إلا دعونا عليكم بمحمد و آله، و استنصرنا بهم أن يخزيكم كما قد أطعمنا و سقانا فأبوا إلا طغيانا، فدعوا الله تعالى بمحمد و آله و استنصروا بهم، ثم برز الثلاثمائة إلى ثلاثين ألفا «8»، فقتلوا منهم و أسروا و طحطحوهم «9»، و استوثقوا منهم بأسرائهم، فكان لا ينالهم «10» مكروه من جهتهم، لخوفهم على من لهم في أيدي اليهود فلما ظهر محمد (صلى الله عليه و آله) حسدوه، إذ كان من العرب، فكذبوه.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هذه نصرة الله تعالى لليهود على المشركين بذكرهم لمحمد و آله، ألا فاذكروا- يا أمة محمد- محمدا و آله عند نوائبكم و شدائدكم، لينصر الله به ملائكتكم على الشياطين الذين يقصدونكم،

__________________________________________________

(1) سحّ الماء سحّا: سال من فوق. «الصحاح- سحح 1: 373».

(2) حمارّة القيظ: شدّة حرّه. «مجمع البحرين- حمر- 3: 276».

(3) الوقر: الحمل. «الصحاح- وقر- 2: 848».

(4) في المصدر زيادة: فيها.

(5) نابذه الحرب: كاشفه. «الصحاح- نبذ- 2: 571».

(6) الوحى: السرعة، و يقال الوحى الوحى، يعني البدار البدار. «الصحاح- وحى- 6: 2520». [.....]

(7) في «ط» نسخة بدل: قتلكم.

(8) في المصدر: إلى النّاس للقاء.

(9) طحطحت الشي ء: كسّرته و فرقته .. «الصحاح- طحح- 1: 386».

(10) في المصدر:

فكانوا لا ينداهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 275

فإن كل واحد منكم معه ملك عن يمينه يكتب حسناته، و ملك عن يساره يكتب سيئاته، و معه شيطانان من عند إبليس يغويانه، فإذا وسوسا في قلبه، ذكرا الله، و قال: لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، و صلى الله على محمد و آله الطيبين خنس «1» الشيطانان ثم صارا إلى إبليس فشكواه، و قالا له: قد أعيانا أمره، فأمددنا «2» بالمردة فلا يزال يمدهما حتى يمدهما بألف مارد فيأتونه، فكلما راموه ذكر الله، و صلى على محمد و آله الطيبين لم يجدوا عليه طريقا و لا منفذا.

قالوا لإبليس: ليس له غيرك تباشره بجنودك فتغلبه و تغويه، فيقصده إبليس بجنوده، فيقول الله تعالى للملائكة: هذا إبليس قد قصد عبدي فلانا، أو أمتي فلانة بجنوده ألا فقاتلوهم فيقاتلهم بإزاء كل شيطان رجيم منهم مائة ألف ملك، و هم على أفراس من نار، بأيديهم سيوف من نار و رماح من نار، و قسي «3» و نشاشيب «4» و سكاكين، و أسلحتهم من نار، فلا يزالون يخرجونهم و يقتلونهم بها، و يأسرون إبليس، فيضعون عليه تلك الأسلحة، فيقول: يا رب، وعدك وعدك، قد أجلتني إلى يوم الوقت المعلوم.

فيقول الله تعالى للملائكة: وعدته أن لا أميته، و لم أعده أن لا أسلط عليه السلاح و العذاب و الآلام، اشتفوا منه ضربا بأسلحتكم فإني لا أميته، فيثخنونه بالجراحات، ثم يدعونه، فلا يزال سخين العين على نفسه و أولاده المقتولين، و لا يندمل شي ء من جراحاته إلا بسماعه أصوات المشركين، بكفرهم.

فإن بقي هذا المؤمن على طاعة الله و ذكره و الصلاة على محمد و آله، بقي على إبليس تلك الجراحات،

و إن زال العبد عن ذلك، و انهمك في مخالفة الله عز و جل و معاصيه، اندملت جراحات إبليس، ثم قوي على ذلك العبد حتى يلجمه و يسرج على ظهره و يركبه، ثم ينزل عنه و يركب على ظهره شيطانا من شياطينه، و يقول لأصحابه: أما تذكرون ما أصابنا من شأن هذا؟ ذل و انقاد لنا الآن حتى صار يركبه «5» هذا.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فإن أردتم أن تديموا على إبليس سخينة «6» عينه و ألم جراحاته فدوموا على طاعة الله و ذكره، و الصلاة على محمد و آله، و إن زلتم عن ذلك كنتم أسراء إبليس فيركب أقفيتكم بعض مردته».

551/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن زرعة بن محمد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

2- الكافي 8: 308/ 481.

(1) خنس: تأخر. «الصحاح- خنس- 3: 925».

(2) في «س»: فأيدنا.

(3) القسي: جمع قوس. «الصحاح- قوس- 3: 967».

(4) النشاشيب: السهام. «أساس البلاغة: 456».

(5) في «ط»: نركبه.

(6) في المصدر: سخنة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 276

وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ.

قال: «كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد (صلى الله عليه و آله) ما بين عير «1» و أحد، فخرجوا يطلبون الموضع، فمروا بجبل يسمى حددا، فقالوا: حدد و أحد «2» سواء فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بتيماء «3»، و بعضهم بفدك، و بعضهم بخيبر، فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم، فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا «4» منه،

و قال لهم: أمر بكم ما بين عير و أحد؟ فقالوا له: إذا مررت بهما فآذنا «5» بهما. فلما توسط بهم أرض المدينة، قال لهم: ذاك عير، و هذا أحد فنزلوا عن ظهر إبله، و قالوا: قد أصبنا بغيتنا فلا حاجة لنا في إبلك، فاذهب حيث شئت.

فكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك و خيبر: أنا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا. فكتبوا إليهم: أنا قد استقرت بنا الدار و اتخذنا الأموال و ما أقربنا منكم، فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم! فاتخذوا بأرض المدينة الأموال، فلما كثرت أموال بلغ تبع «6» فغزاهم، فتحصنوا منه فحاصرهم، و كانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع، فيلقون إليهم بالليل التمر و الشعير، فبلغ ذلك تبع فرق لهم و آمنهم فنزلوا إليه، فقال لهم: إني قد استطبت بلادكم، و لا أراني إلا مقيما فيكم.

فقالوا: إنه ليس ذاك لك، إنها مهاجر نبي، و ليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك.

فقال لهم: إني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك يساعده و ينصره «7» فخلف حيين: الأوس، و الخزرج. فلما كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود، و كانت اليهود تقول لهم: أما لو قد بعث محمد لنخرجنكم «8» من ديارنا و أموالنا فلما بعث الله عز و جل محمدا (صلى الله عليه و آله) آمنت به الأنصار، و كفرت به اليهود، و هو قول الله عز و جل: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ.

و روى العياشي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) الحديث بعينه «9».

552/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق

بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تبارك و تعالى: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ؟

__________________________________________________

3- الكافي 8: 310/ 482.

(1) عير: جبل في المدينة، و قيل: في الحجاز. «معجم البلدان 4: 172».

(2) حدد: جبل مطل على تيماء. «معجم البلدان 2: 229». [.....]

(3) التيماء: الفلاة، و تيماء: بليد في أطراف الشام ما بين الشام و وادي القرى. «معجم البلدان 2: 67».

(4) تكاروا: استأجروا.

(5) آذنتك بالشي ء: أعلمتكه. «الصحاح- أذن- 5: 2069».

(6) تبع: من ملوك حمير. «مجمع البحرين- تبع- 4: 305».

(7) في «ط» نسخة بدل: ساعده و نصره.

(8) في المصدر: ليخرجنكم.

(9) تفسير العياشي 1: 49/ 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 277

قال: «كان قوم فيما بين محمد و عيسى (صلوات الله عليهما)، كانوا يتوعدون أهل الأصنام بالنبي (صلى الله عليه و آله)، و يقولون: ليخرجن نبي، و ليكسرن أصنامكم، و ليفعلن بكم ما يفعلن فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) كفروا به».

553/ [4]- العياشي: عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية، عن قول الله: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ.

قال: «تفسيرها في الباطن: لما جاءهم ما عرفوا في علي (عليه السلام) كفروا به، فقال الله فيهم: فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ في باطن القرآن». قال أبو جعفر (عليه السلام): «يعني بني أمية، هم الكافرون في باطن القرآن».

سورة البقرة(2): آية 90 ..... ص : 277

قوله تعالى:

بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ [90]

554/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «ذم الله تعالى

اليهود و عاب فعلهم في كفرهم بمحمد (صلى الله عليه و آله)، فقال: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أي اشتروها بالهدايا و الفضول «1» التي كانت تصل إليهم، و كان الله أمرهم بشرائها من الله بطاعتهم له، ليجعل «2» لهم أنفسهم و الانتفاع بها دائما في نعيم الآخرة فلم يشتروها، بل اشتروها بما أنفقوه في عداوة رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليبقى لهم عزهم في الدنيا، و رئاستهم على الجهال، و ينالوا المحرمات، و أصابوا الفضولات من السفلة و صرفوهم عن سبيل الرشاد، و وقفوهم على طريق الضلالات.

ثم قال الله عز و جل: أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أي بما أنزل الله على موسى (عليه السلام) من تصديق محمد (صلى الله عليه و آله) بغيا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ».

قال: «و إنما كان كفرهم لبغيهم و حسدهم له، لما أنزل الله من فضله عليه، و هو القرآن الذي أبان فيه نبوته، و أظهر به آيته و معجزته، ثم قال: فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ يعني رجعوا و عليهم الغضب من الله على غضب

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 50/ 70.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 401/ 272.

(1) فضول الغنائم: ما فضل منها حين تقسم، و فضول المال: بقاياه الزائدة من الحاجة.

(2) في «ط» نسخة بدل: ليحصل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 278

في إثر غضب- قال-: «و الغضب الأول حين كذبوا بعيسى بن مريم (عليه السلام)، و الغضب الثاني حين كذبوا محمد (صلى الله عليه و آله)».

قال: «و الغضب الأول أن جعلهم قردة خاسئين، و لعنهم على لسان عيسى (عليه السلام)، و الغضب الثاني حين سلط الله عليهم سيوف محمد

و آله و أصحابه و أمته حتى ذللهم بها فإما دخلوا في الإسلام طائعين، و إما أدوا الجزية صاغرين داخرين «1»».

555/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله) هكذا: بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في علي بغيا».

556/ [3]- العياشي: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) [هكذا]: بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في علي بغيا و قال الله في علي (عليه السلام): أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ يعني عليا، قال الله: فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ يعني بني أمية وَ لِلْكافِرِينَ يعني بني أمية عَذابٌ مُهِينٌ».

سورة البقرة(2): آية 91 ..... ص : 278

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ يَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [91]

557/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «وَ إِذا قِيلَ لهؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ على محمد من القرآن المشتمل على الحلال و الحرام، و الفرائض و الأحكام قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا و هو التوراة وَ يَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ يعني ما سواه، لا يؤمنون به وَ هُوَ الْحَقُّ و الذي يقول هؤلاء اليهود: إنه وراءه، هو الحق، لأنه هو الناسخ و المنسوخ «2» الذي قدمه الله عز و جل.

قال الله

تعالى: قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أي: لم كان يقتل أسلافكم أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ __________________________________________________

2- الكافي 1: 345/ 25.

3- تفسير العيّاشي 1: 50/ 70.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 403/ 275 و 276. [.....]

(1) الدّخور: الصغار و الذّل. «الصحاح- دخر- 2: 655».

(2) في المصدر: للمنسوخ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 279

بالتوراة، أي ليست التوراة الآمرة «1» بقتل الأنبياء، فإذا كنتم تَقْتُلُونَ الأنبياء، فما آمنتم بما أنزل عليكم من التوراة، لأن فيها تحريم قتل الأنبياء، كذلك إذا لم تؤمنوا بمحمد، و بما أنزل عليه و هو القرآن، و فيه الأمر بالإيمان به، فأنتم ما آمنتم بعد بالتوراة.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أخبر الله تعالى أن من لا يؤمن بالقرآن، فما آمن بالتوراة، لأن الله تعالى أخذ عليهم الإيمان بهما، لا يقبل الإيمان بأحدهما إلا مع الإيمان بالآخر. فكذلك فرض الله الإيمان بولاية علي بن أبي طالب «2» كما فرض الإيمان بمحمد، فمن قال: آمنت بنبوة محمد و كفرت بولاية علي بن أبي طالب، فما آمن بنبوة محمد.

إن الله تعالى إذا بعث الخلائق يوم القيامة، نادى منادي ربنا نداء تعريف الخلائق في إيمانهم و كفرهم، فقال:

الله أكبر، الله أكبر و مناد آخر ينادي: معاشر الخلائق ساعدوه على هذه المقالة فأما الدهرية «3» و المعطلة فيخرسون عن ذلك، و لا تنطق «4» ألسنتهم، و يقولها سائر الناس من الخلائق، فيمتاز الدهرية و المعطلة من سائر الناس بالخرس.

ثم يقول المنادي: أشهد أن لا إله إلا الله فيقول الخلائق كلهم ذلك، إلا من كان يشرك بالله تعالى من المجوس و النصارى و عبدة الأوثان، فإنهم يخرسون فيتبينون بذلك من سائر الخلائق.

ثم يقول المنادي:

اشهد أن محمدا رسول الله فيقولها المسلمون أجمعون، و تخرس عنها اليهود و النصارى و سائر المشركين.

ثم ينادي مناد آخر من عرصات القيامة: ألا فسوقوهم إلى الجنة لشهادتهم لمحمد بالنبوة، فإذا النداء من قبل الله تعالى: لا، بل وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ «5».

يقول الملائكة- الذين قالوا: سوقوهم إلى الجنة لشهادتهم لمحمد بالنبوة: لماذا يوقفون، يا ربنا؟

فإذا النداء من قبل الله تعالى: قفوهم إنهم مسئولون عن ولاية علي بن أبي طالب و آل محمد- يا عبادي و إمائي- إني أمرتهم مع الشهادة بمحمد بشهادة أخرى، فإن جاءوا بها يعطوا «6» ثوابهم، و أكرموا مآبهم، و إن لم يأتوا بها، لم تنفعهم الشهادة لمحمد بالنبوة و لا لي بالربوبية، فمن جاء بها فهو من الفائزين، و من لم يأت بها فهو من الهالكين».

__________________________________________________

(1) في المصدر: أي ليس في التوراة الأمر.

(2) في «ط» نسخة بدل: بولاية أمير المؤمنين.

(3) الدهريّة: و هم القائلون بقدم العالم و قدم الدهر، و تدبيره للعالم و تأثيره فيه، و إنّه ما أبلى الدهر من شي ء إلّا أحدث شيئا آخر. و كلّهم متّفقون على نفي الربوبية عن اللّه الجليل الخالق، تبارك و تعالى عمّا يصفون علوّا كبيرا. «المقالات و الفرق: 194».

(4) في المصدر: و لا تنطلق.

(5) الصّافات 37: 24.

(6) في المصدر: فعظّموا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 280

قال: «فمنهم من يقول: قد كنت لعلي بن أبي طالب بالولاية شاهدا، و لآل محمد محبا و هو في ذلك كاذب، يظن أن كذبه ينجيه. فيقال له: سوف نستشهد على ذلك عليا. فتشهد أنت- يا أبا حسن- فتقول: الجنة لأوليائي شاهدة، و النار على أعدائي شاهدة فمن كان منهم صادقا خرجت إليه رياح الجنة و نسيمها فاحتملته،

فأوردته علالي الجنة و غرفها، و أحلته دار المقامة من فضل ربه «1»، لا يمسه فيها نصب، و لا يمسه فيها لغوب، و من كان منهم كاذبا، جاءته «2» سموم النار و حميمها و ظلها الذي هو ثلاث شعب، لا ظليل و لا يغنى من اللهب «3» فتحمله، فترفعه في الهواء، و تورده في نار جهنم.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فلذلك أنت قسيم الجنة و النار، تقول لها: هذا لي، و هذا لك».

558/ [2]- العياشي: قال جابر: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزلت هذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله) هكذا و الله (و إذا قيل لهم ما ذا أنزل ربكم في علي) يعني بني أمية، قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا يعني في قلوبهم، بما أنزل الله عليه وَ يَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ بما أنزل الله في علي وَ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ يعني عليا».

559/ [3]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال الله في كتابه يحكى قول اليهود: إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ «4» الآية، و قال: فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ و إنما أنزل هذا في قوم يهود، و كانوا على عهد محمد (صلى الله عليه و آله) لم يقتلوا أنبياء الله بأيديهم، و لا كانوا في زمانهم، و إنما قتل أوائلهم «5» الذين كانوا من قبلهم، فنزلوا بهم أولئك القتلة، فجعلهم الله منهم، و أضاف إليهم فعل أوائلهم بما تبعوهم و تولوهم».

سورة البقرة(2): آية 92 ..... ص : 280

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ [92]

560/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه

السلام): «قال الله عز و جل لليهود الذين تقدم ذكرهم: وَ لَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ __________________________________________________

2- تفسير العياشي 1: 51/ 71.

3- تفسير العياشي 1: 51/ 27.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 408/ 278.

(1) في «ط» نسخة بدل: ربي.

(2) في «ط» نسخة بدل: أصابته.

(3) تضمين من سورة المرسلات 77: 30 و 31. [.....]

(4) آل عمران 3: 183.

(5) في «س»، «ط»: أوليائهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 281

الدالات على نبوته، و على ما وصفه من فضل محمد (صلى الله عليه و آله)، و شرفه على الخلائق، و أبان عنه من خلافة علي و وصيته، و أمر خلفائه بعده ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ إلها مِنْ بَعْدِهِ بعد انطلاقه إلى الجبل، و خالفتم خليفته الذي نص عليه و تركه عليكم، و هو هارون (عليه السلام) وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ كافرون بما فعلتم من ذلك»

سورة البقرة(2): آية 93 ..... ص : 281

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [93]

561/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: و اذكروا إذ فعلنا ذلك بأسلافكم لما أبوا قبول ما جاءهم به موسى (عليه السلام) من دين الله و أحكامه، و من الأمر بتفضيل محمد و علي (صلوات الله عليهما) و خلفائهما على سائر الخلق.

خُذُوا ما آتَيْناكُمْ قلنا لهم: خذوا ما آتيناكم من هذه الفرائض بِقُوَّةٍ قد جعلناها لكم، و مكناكم بها، و أزحنا عللكم «1» في تركيبها فيكم وَ اسْمَعُوا ما يقال لكم، و تؤمرون به قالُوا سَمِعْنا قولك وَ عَصَيْنا أمرك، أي إنهم عصوا بعد، و أضمروا في

الحال أيضا العصيان وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ أمروا بشرب العجل الذي كان قد ذريت سحالته «2» في الماء الذي أمروا بشربه، ليتبين من عبده ممن لم يعبده بِكُفْرِهِمْ لأجل كفرهم، أمروا بذلك.

قُلْ يا محمد بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ بموسى كفركم بمحمد و علي و أولياء الله من آلهما إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بتوراة موسى، و لكن معاذ الله، لا يأمركم إيمانكم بالتوراة الكفر بمحمد و علي (عليهما السلام)».

قال الإمام (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تعالى ذكر بني إسرائيل في عصر محمد (صلى الله عليه و آله) أحوال آبائهم الذين كانوا في أيام موسى (عليه السلام)، كيف أخذ عليهم العهد و الميثاق لمحمد و علي و آلهما الطيبين المنتجبين للخلافة على الخلائق، و لأصحابهما و شيعتهما و سائر أمة محمد (صلى الله عليه و آله).

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 424/ 290 و 291.

(1) في «ط» نسخة بدل: و أرحنا عليكم.

(2) السّحالة: ما سقط من الذهب و الفضّة و نحوهما كالبرادة. «الصحاح- سحل- 5: 1727».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 282

فقال: وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ اذكروا لما أخذنا ميثاق آبائكم وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ الجبل، لما أبوا قبول ما أريد منهم و الاعتراف به خُذُوا ما آتَيْناكُمْ أعطيناكم بِقُوَّةٍ يعني بالقوة التي أعطيناكم تصلح لذلك وَ اسْمَعُوا أي أطيعوا فيه.

قالُوا سَمِعْنا بآذاننا وَ عَصَيْنا بقلوبنا، فأما في الظاهر فأعطوا كلهم الطاعة داخرين صاغرين، ثم قال: وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ عرضوا لشرب العجل الذي عبدوه حتى وصل ما شربوه [من ذلك إلى قلوبهم».

و قال: «إن بني إسرائيل لما رجع إليهم موسى و قد عبدوا العجل تلقوه بالرجوع عن

ذلك، فقال لهم موسى:

من الذي عبده منكم حتى أنفذ فيه حكم الله؟ خافوا من حكم الله الذي ينفذه فيهم، فجحدوا أن يكونوا عبدوه، و جعل كل واحد منهم يقول: أنا لم أعبده و إنما عبده غيري، و وشى «1» بعضهم ببعض فذلك «2» ما حكى الله عز و جل عن موسى من قوله للسامري: وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً «3» فأمره الله، فبرده بالمبارد، و أخذ سحالته فذرأها في البحر العذب، ثم قال لهم: اشربوا منه فشربوا، فكل من كان عبده اسودت شفتاه و أنفه ممن كان أبيض اللون، و من كان منهم أسود اللون ابيضت شفتاه و أنفه، فعند ذلك أنفذ فيهم حكم الله».

562/ [2]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ.

قال: «لما ناجى موسى (عليه السلام)، ربه أوحى إليه: أن يا موسى، قد فتنت قومك. قال: و بماذا، يا رب؟ قال:

بالسامري. قال: و ما [فعل السامري؟ قال: صاغ لهم من حليهم عجلا.

قال: يا رب، إن حليهم لتحتمل [أن يصاغ منها غزال أو تمثال أو عجل، فكيف يفتنهم «4»؟ قال: إنه صاغ لهم عجلا فخار «5». قال: يا رب، و من أخاره؟ قال: أنا. فقال عندها موسى: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ «6»- قال-: فلما انتهى موسى إلى قومه و رءاهم يعبدون العجل، ألقى الألواح من يده فتكسرت».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 51/ 73.

(1) وشى به: أي سعى. «الصحاح- وشى- 6: 2524».

(2) في المصدر: فكذلك.

(3) طه 20: 97.

(4) في المصدر: فتنتهم.

(5) خار الثور:

صاح. «الصحاح- 2: 651».

(6) الأعراف 7: 155.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 283

قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان ينبغي أن يكون ذلك عند إخبار الله إياه- قال-: فعمد موسى فبرد «1» العجل من أنفه إلى طرف ذنبه، ثم أحرقه بالنار فذره «2» في اليم، فكان أحدهم ليقع في الماء و ما به إليه من حاجة، فيتعرض بذلك للرماد فيشربه، و هو قول الله: وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ».

سورة البقرة(2): الآيات 94 الي 96 ..... ص : 283

قوله تعالى:

قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [94] وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ [95] وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ [96]

563/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): إن الله تعالى لما وبخ هؤلاء اليهود على لسان رسوله محمد (صلى الله عليه و آله) و قطع معاذيرهم، و أقام عليهم الحجج الواضحة بأن محمدا سيد النبيين «3»، و خير الخلائق أجمعين، و أن عليا سيد الوصيين، و خير من يخلفه بعده في المسلمين و أن الطيبين من آله هم القوام بدين الله، و الأئمة لعباد الله عز و جل، و انقطعت معاذيرهم، و هم لا يمكنهم إيراد حجة و لا شبهة، فجاءوا إلى أن تكاثروا «4» فقالوا: ما ندري ما نقول، و لكنا نقول: إن الجنة خالصة لنا من دونك- يا محمد- و دون علي، و دون أهل دينك و أمتك، و إنا بكم مبتلون ممتحنون، و نحن

أولياء الله المخلصون، و عباده الخيرون، و مستجاب دعاؤنا، غير مردود علينا شي ء «5» من سؤالنا ربنا.

فلما قالوا ذلك، قال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله) قل: يا محمد، لهؤلاء اليهود: إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ الجنة و نعيمها خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ محمد و علي و الأئمة، و سائر الأصحاب و مؤمني الأمة، و أنكم بمحمد و ذريته ممتحنون، و أن دعاءكم مستجاب غير مردود فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ للكاذبين منكم و من

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 442/ 294.

(1) بردة: سحله أو نحته بالمبرد، أي براه و سحقه. [.....]

(2) في «ط» نسخة بدل: فقذفه.

(3) في «ط» نسخة بدل: سيّد الأولين.

(4) في المصدر: كابروا.

(5) في المصدر: بشي ء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 284

مخالفيكم.

فإن محمدا و عليا و ذريتهما «1» يقولون: إنهم هم أولياء الله عز و جل من دون الناس الذين يخالفونهم في دينهم، و هم المجاب دعاؤهم فإن كنتم- يا معشر اليهود- كما تزعمون «2»، فتمنوا الموت للكاذبين منكم و من مخالفيكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بأنكم أنتم المحقون المجاب دعاؤكم على مخالفيكم، فقولوا: اللهم أمت الكاذب منا و من مخالفينا ليستريح منه الصادقون، و لتزداد حجتكم وضوحا بعد أن «3» صحت و وجبت.

ثم قال لهم رسول الله محمد (صلى الله عليه و آله) بعد ما عرض هذا عليهم: لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه فمات مكانه و كانت اليهود علماء بأنهم هم الكاذبون، و أن محمدا (صلى الله عليه و آله) و عليا (عليه السلام) و مصدقيهما هم الصادقون، فلم يجسروا «4» أن يدعوا بذلك، لعلمهم بأنهم إن دعوا فهم الميتون.

فقال الله تعالى: وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ

يعني اليهود، لن يتمنوا الموت بما قدمت أيديهم من الكفر «5» بالله، و بمحمد رسوله و نبيه و صفيه، و بعلي أخي نبيه و وصيه، و بالطاهرين من الأئمة المنتجبين.

قال الله تعالى: وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ اليهود، أنهم لا يجسرون أن يتمنوا الموت للكاذب، لعلمهم أنهم هم الكاذبون، و لذلك آمرك أن تبهرهم بحجتك، و تأمرهم أن يدعوا على الكاذب، ليمتنعوا من الدعاء، و يبين «6» للضعفاء أنهم هم الكاذبون.

ثم قال: يا محمد وَ لَتَجِدَنَّهُمْ يعني تجد هؤلاء اليهود أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ و ذلك ليأسهم من نعيم الآخرة، لانهماكهم في كفرهم، الذين يعلمون أنهم لا حظ لهم معه في شي ء من خيرات الجنة.

وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا قال تعالى: هؤلاء اليهود أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ و أحرص مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا على حياة- يعني المجوس- لأنهم لا يرون النعيم إلا في الدنيا، و لا يأملون خيرا في الآخرة، فلذلك هم أشد الناس حرصا على حياة.

ثم وصف اليهود فقال: يَوَدُّ يتمنى أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ التعمير ألف سنة بِمُزَحْزِحِهِ بمباعده مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ تعميره.

و إنما قال: وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ و لم يقل: وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ فقط، لأنه لو قال: و ما هو بمزحزحه من العذاب و الله بصير، لكان يحتمل أن يكون وَ ما هُوَ يعني وده و تمنيه

__________________________________________________

(1) في «ط» و المصدر: و ذويهما.

(2) في المصدر: تدّعون.

(3) في المصدر زيادة: قد.

(4) في «ط» نسخة بدل: لا يجرءون.

(5) في المصدر: كفرهم.

(6) في المصدر: يتبيّن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 285

بِمُزَحْزِحِهِ فلما أراد و ما تعميره، قال: وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ «1» ثم

قال: وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ فعلى حسبه يجازيهم، و يعدل فيهم و لا يظلمهم».

564/ [2]- قال الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): «لما كاعت «2» اليهود عن هذا التمني، و قطع الله معاذيرهم، قالت طائفة منهم، و هم بحضرة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد كاعوا و عجزوا: يا محمد، فأنت و المؤمنون المخلصون لك مجاب دعاؤكم، و علي أخوك و وصيك أفضلهم و سيدهم؟ قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): بلى.

قالوا: يا محمد، فإن كان هذا كما زعمت، فقل لعلي يدعو «3» لابن رئيسنا هذا، فقد كان من الشباب جميلا نبيلا و سيما قسيما «4»، لحقه برص و جذام، و قد صار حمى «5» لا يقرب، و مهجورا لا يعاشر، يتناول الخبز على أسنة الرماح.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ائتوني به. فأتي به، فنظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصحابه منه إلى منظر فظيع، سمج «6»، قبيح، كريه.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أبا حسن، ادع الله له بالعافية، فإن الله تعالى يجيبك فيه. فدعا له. فلما كان عند «7» فراغه من دعائه إذا «8» الفتى قد زال عنه كل مكروه، و عاد إلى أفضل ما كان عليه من النبل و الجمال و الوسامة و الحسن في المنظر.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للفتى: يا فتى آمن بالذي أغاثك من بلائك. قال الفتى: قد آمنت، و حسن إيمانه.

فقال أبوه: يا محمد، ظلمتني و ذهبت مني بابني، ليته كان أجذم و أبرص كما كان و لم يدخل في دينك، فإن ذلك كان أحب إلي.

قال رسول الله

(صلى الله عليه و آله): لكن الله عز و جل قد خلصه من هذه الآفة، و أوجب له نعيم الجنة.

قال أبوه: يا محمد، ما كان هذا لك و لا لصاحبك، إنما جاء وقت عافيته فعوفي، و إن كان صاحبك هذا- يعني عليا (عليه السلام)- مجابا في الخير، فهو أيضا مجاب في الشر، فقل له يدعو علي بالجذام و البرص، فإني أعلم

__________________________________________________

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 444/ 295.

(1) هو: كناية عن أحدهم الذي جرى ذكره. أن يعمّر: في موضع رفع بأنّه فاعل تقديره: و ما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره. كما يقال:

مررت برجل معجب قيامه. أنظر «مجمع البيان للطبرسي 1: 322».

(2) كعت عن الشّي ء: لغة في كععت عنه، إذا عبته و جبنت عنه. «لسان العرب- كوع- 8: 317».

(3) في المصدر زيادة: اللّه. [.....]

(4) القسام: الحسن، و فلان قسيم الوجه، و مقسّم الوجه. «الصحاح- قسم- 5: 2011».

(5) يقال: هذا الشي ء حمى: أي محظور لا يقرب. «الصحاح- حمى- 6: 2319».

(6) سمج: قبح. الصحاح- سمج- 1: 322».

(7) في المصدر: بعد.

(8) في المصدر: إذ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 286

أنه لا يصيبني، ليتبين لهؤلاء الضعفاء الذين قد اغتروا بك أن زواله عن ابني لم يكن بدعائه.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا يهودي، اتق الله، و تهنأ بعافية الله إياك، و لا تتعرض للبلاء و لما لا تطيقه، و قابل النعمة بالشكر، فإن من كفرها سلبها، و من شكرها امترى «1» مزيدها.

فقال اليهودي: من شكر نعم الله تكذيب عدو الله المفتري عليه، و إنما أريد بهذا أن أعرف ولدي أنه ليس مما قلت له و أدعيته قليل و لا كثير، و أن الذي أصابه من

خير لم يكن بدعاء علي صاحبك. فتبسم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا يهودي، هبك قلت أن عافية ابنك لم تكن بدعاء علي، و إنما صادف دعاؤه وقت مجي ء عافيته، أ رأيت لو دعا عليك علي بهذا البلاء الذي اقترحته فأصابك، أتقول: إن ما أصابني لم يكن بدعائه، و لكن لأنه صادف دعاؤه وقت بلائي؟

فقال: لا أقول هذا، لأن هذا احتجاج مني على عدو الله في دين الله، و احتجاج منه علي، و الله أحكم من أن يجيب إلى مثل هذا فيكون قد فتن عباده، و دعاهم إلى تصديق الكاذبين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فهذا في دعاء علي لابنك كهو في دعائه عليك، لا يفعل الله تعالى ما يلبس به على عباده دينه، و يصدق به الكاذب عليه.

فتحير اليهودي لما أبطلت عليه «2» شبهته، و قال: يا محمد، ليفعل علي هذا بي إن كنت صادقا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن، قد أبى الكافر إلا عتوا و طغيانا و تمردا، فادع عليه بما اقترح، و قل: اللهم ابتله ببلاء ابنه من قبل. فقالها، فأصاب اليهودي داء ذلك الغلام، مثل ما كان فيه الغلام من الجذام و البرص، و استولى عليه الألم و البلاء، و جعل يصرخ و يستغيث، و يقول: يا محمد، قد عرفت صدقك فأقلني «3».

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو علم الله تعالى صدقك لنجاك، و لكنه عالم بأنك لا تخرج عن هذا الحال إلا ازددت كفرا، و لو علم أنه إن نجاك آمنت به لجاد عليك بالنجاة، فإنه الجواد الكريم».

ثم قال: «فبقي اليهودي في ذلك

الداء و البرص أربعين سنة آية للناظرين، و عبرة للمعتبرين «4»، و علامة و حجة بينة لمحمد (صلى الله عليه و آله) باقية في الغابرين، و بقي ابنه كذلك معافى صحيح الأعضاء و الجوارح ثمانين سنة عبرة للمعتبرين، و ترغيبا للكافرين في الإيمان، و تزهيدا لهم في الكفر و العصيان.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين حل ذلك البلاء باليهودي بعد زوال البلاء عن ابنه: عباد الله، إياكم و الكفر بنعم الله، فإنه مشؤوم على صاحبه، ألا و تقربوا إلى الله بالطاعات يجزل لكم المثوبات، و قصروا أعماركم في الدنيا

__________________________________________________

(1) الريح تمري السّحاب: أي تستدرّه. «الصحاح- مرا- 6: 2491».

(2) في المصدر: لما أبطل (صلى اللّه عليه و آله).

(3) أقال اللّه فلانا عثرته: بمعنى الصفح عنه. «لسان العرب- قيل- 11: 580»، و في «ط» نسخة بدل: فاقبلني.

(4) في المصدر: للمتفكّرين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 287

بالتعرض لأعداء الله في الجهاد، لتنالوا طول الأعمار في «1» الآخرة، في النعيم الدائم الخالد، و ابذلوا أموالكم في الحقوق اللازمة ليطول غناكم في الجنة.

فقام أناس، فقالوا: يا رسول الله، نحن ضعفاء الأبدان، قليلو الأموال، لا نفي بمجاهدة الأعداء، و لا تفضل أموالنا عن نفقات العيالات، فما ذا نصنع؟ قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا فلتكن صدقاتكم من قلوبكم و ألسنتكم.

قالوا: كيف يكون ذلك، يا رسول الله؟

قال (صلى الله عليه و آله): أما القلوب فتقطعونها على حب الله، و حب محمد رسول الله، و حب علي ولي الله و وصي رسول الله، و حب المنتجبين للقيام بدين الله، و حب شيعتهم و محبيهم، و حب إخوانكم المؤمنين، و الكف عن اعتقادات العداوة و الشحناء و

البغضاء، و أما الألسنة فتطلقونها بذكر الله تعالى بما هو أهله، و الصلاة على نبيه محمد و على آله الطيبين، فإن الله تعالى بذلك يبلغكم أفضل الدرجات، و ينيلكم به المراتب العاليات».

سورة البقرة(2): الآيات 97 الي 98 ..... ص : 287

قوله تعالى:

قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ [97] مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ [98]

565/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الحسن بن علي «2» (عليهما السلام): إن الله تعالى ذم اليهود في بغضهم لجبرئيل (عليه السلام) الذي كان ينفذ قضاء الله تعالى فيهم بما يكرهون، و ذمهم أيضا و ذم النواصب في بغضهم لجبرئيل و ميكائيل و ملائكة الله النازلين لتأييد علي بن أبي طالب (عليه السلام) على الكافرين حتى أذلهم بسيفه الصارم.

فقال: قل: يا محمد مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ من اليهود، لدفعه عن بخت نصر أن يقتله دانيال، من غير ذنب كان جناه بخت نصر، حتى بلغ كتاب الله في اليهود أجله، و حل بهم ما جرى في سابق علمه. و من كان أيضا عدوا لجبرئيل من سائر الكافرين و أعداء محمد و علي الناصبين «3»، لأن الله تعالى بعث جبرئيل لعلي (عليه السلام) مؤيدا، و له على أعدائه ناصرا، و من كان عدوا لجبرئيل لمظاهرته محمدا و عليا (عليهما السلام)، و معاونته لهما،

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 448/ 296- 298.

(1) في المصدر: طول أعمار.

(2) في «س»: الحسين بن عليّ بن أبي طالب.

(3) في المصدر: المناصبين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 288

و انقياده «1» لقضاء ربه عز و جل في إهلاك أعدائه على

يد من يشاء من عباده. فَإِنَّهُ يعني جبرئيل نَزَّلَهُ يعني نزل هذا القرآن عَلى قَلْبِكَ يا محمد بِإِذْنِ اللَّهِ بأمر الله، و هو كقوله: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ «2».

مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ موافقا لما بين يديه من التوراة و الإنجيل و الزبور، و صحف إبراهيم، و كتب شيث و غيرهم من الأنبياء.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن هذا القرآن هو النور المبين، و الحبل المتين، و العروة الوثقى، و الدرجة العليا، و الشفاء الأشفى، و الفضيلة الكبرى، و السعادة العظمى، من استضاء به نوره الله، و من عقد به أموره «3» عصمه الله، و من تمسك به أنقذه الله، و من لم يفارق أحكامه رفعه الله، و من استشفى به شفاه الله، و من آثره على ما سواه هداه الله، و من طلب الهدى في غيره أضله الله، و من جعله شعاره و دثاره «4» أسعده الله، و من جعله إمامه الذي يقتدي به، و معوله الذي ينتهي إليه، آواه «5» الله إلى جنات النعيم، و العيش السليم.

فلذلك قال: وَ هُدىً يعني هذا القرآن هدى وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ يعني بشارة لهم في الآخرة، و ذلك أن القرآن يأتي يوم القيامة بالرجل الشاحب، يقول لربه عز و جل: يا رب، هذا أظمأت نهاره، و أسهرت ليله، و قويت في رحمتك طمعه، و فسحت في مغفرتك أمله، فكن عند ظني فيك و ظنه.

يقول الله تعالى: أعطوه الملك بيمينه، و الخلد بشماله، و أقرنوه بأزواجه من الحور العين، و اكسوا والديه حلة لا تقوم لها الدنيا بما فيها. فتنظر إليهما الخلائق فيغبطونهما «6»، و ينظران إلى أنفسهما

فيعجبان منها، و يقولان: يا ربنا، أنى لنا هذه و لم تبلغهما أعمالنا؟! فيقول الله عز و جل: و مع هذا تاج الكرامة، لم ير مثله الراءون، و لا يسمع بمثله السامعون، و لا يتفكر في مثله المتفكرون.

فيقال: هذا بتعليمكما ولدكما القرآن، و تبصيركما إياه بدين الإسلام، و رياضتكما «7» إياه على حب رسول الله، و علي ولي الله، و تفقيهكما إياه بفقههما. لأنهما اللذان لا يقبل الله لأحد عملا إلا بولايتهما، و معاداة أعدائهما، و إن كان مل ء ما بين الثرى إلى العرش ذهبا يتصدق «8» به في سبيل الله، فتلك من البشارات التي يبشرون بها،

__________________________________________________

(1) في المصدر: و إنفاذه. [.....]

(2) الشّعراء 26: 193- 195.

(3) في المصدر و «ط» نسخة بدل: و من اعتقد به في أموره.

(4) الشّعار: الثوب الذي يلي الجسد، و الدّثار: الثياب التي فوق الشّعار. و المراد هنا: ممارسته و مزاولته و المداومة عليه ظاهرا و باطنا.

(5) يقال: أنت معوّلي: أي ثقتي و معتمدي. «مجمع البحرين- عول- 5: 432»، و في «ط» نسخة بدل: و معاده الذي ينتهي إليه أراه.

(6) الغبطة: أن تتمنّى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه، و ليس بحسد. «الصحاح- غبط- 3: 1146»، و في المصدر و «ط»:

فيعظمونهما.

(7) في «ط» نسخة بدل: رياضاتكما.

(8) في المصدر: تصدق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 289

و ذلك قوله عز و جل: وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ شيعة محمد و علي و من تبعهم من أخلافهم و ذراريهم.

ثم قال: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ لإنعامه على محمد و علي، و على آلهما الطيبين، و هؤلاء الذين بلغ من جهلهم أن قالوا: نحن نبغض الله الذي أكرم محمدا و عليا بما يدعيان.

وَ جِبْرِيلَ و

من كان عدوا لجبرئيل، لأن الله تعالى جعله ظهيرا لمحمد و علي (عليهما السلام) على أعداء الله، و ظهيرا لسائر الأنبياء و المرسلين كذلك.

وَ مَلائِكَتِهِ يعني و من كان عدوا لملائكة الله المبعوثين لنصرة دين الله، و تأييد أولياء الله، و ذلك قول بعض النصاب المعاندين: برئت من جبرئيل الناصر لعلي.

و قوله تعالى: وَ رُسُلِهِ و من كان عدوا لرسل الله موسى و عيسى، و سائر الأنبياء الذين دعوا إلى نبوة محمد و إمامة علي، و ذلك قول النواصب: برئنا من هؤلاء الرسل الذين دعوا إلى إمامة علي.

ثم قال: وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكالَ أي و من كان عدوا لجبرئيل و ميكائيل، و ذلك كقول من قال من النصاب، لما قال النبي (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام): جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، و إسرافيل من خلفه، و ملك الموت أمامه، و الله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه و ناصره.

قال بعض النواصب: فأنا أبرأ من الله و من جبرئيل و ميكائيل و الملائكة الذين حالهم مع علي على ما قاله محمد.

فقال: من كان عدوا لهؤلاء تعصبا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ فاعل بهم ما يفعل العدو بالعدو من إحلال النقمات، و تشديد العقوبات.

و كان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء الله من قول سي ء في الله تبارك و تعالى و في جبرئيل و ميكائيل و سائر ملائكة الله، و ما كان من أعداء الله النصاب من قول أسوء منه في الله تبارك و تعالى و في جبرئيل و ميكائيل و سائر ملائكة الله.

أما ما كان من النصاب، فهو أن رسول

الله (صلى الله عليه و آله) لما كان لا يزال يقول في علي (عليه السلام) الفضائل التي خصه الله عز و جل بها، و الشرف الذي أهله الله تعالى له، و كان في كل ذلك يقول: أخبرني به جبرئيل عن الله.

و يقول في بعض ذلك: جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره و يفتخر جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي (عليه السلام) الذي هو أفضل من اليسار، كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره، و يفتخران على إسرافيل الذي خلفه بالخدمة، و ملك الموت الذي أمامه بالخدمة، و أن اليمين و الشمال أشرف من ذلك، كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم.

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول في بعض أحاديثه: إن الملائكة أشرفها عند الله أشدها لعلي بن أبي طالب حبا، و إن قسم الملائكة فيما بينهم: و الذي شرف عليا على جميع الورى بعد محمد المصطفى.

و يقول مرة [أخرى : إن ملائكة السماوات و الحجب ليشتاقون إلى رؤية علي بن أبي طالب كما تشتاق الوالدة الشفيقة إلى ولدها البار الشفيق، آخر من بقي عليها بعد عشرة دفنتهم. البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 290

فكان هؤلاء النصاب يقولون: إلى متى يقول محمد: جبرئيل و ميكائيل و الملائكة كل ذلك تفخيم لعلي و تعظيم لشأنه؟ و يقول الله تعالى لعلي خاص من دون سائر الخلق؟ برئنا من رب و من ملائكة «1» و من جبرئيل و ميكائيل هم لعلي بعد محمد مفضلون، و برئنا من رسل الله الذين هم لعلي بن أبي طالب بعد محمد مفضلون.

و أما

ما قاله اليهود، فهو أن اليهود أعداء الله لما قدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) المدينة أتوه بعبد الله بن صوريا «2»، فقال: يا محمد، كيف نومك، فإنا قد أخبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في آخر الزمان؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): تنام عيني و قلبي يقظان.

قال: صدقت، يا محمد. قال: فأخبرني- يا محمد- الولد يكون من الرجل، أو من المرأة؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): أما العظام و العصب و العروق فمن الرجل، و أما اللحم و الدم و الشعر فمن المرأة.

قال: صدقت، يا محمد. ثم قال: فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه من شبه أخواله شي ء، و يشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شي ء؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أيهما علا ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له.

قال: صدقت- يا محمد- فأخبرني عمن لا يولد له، و من يولد له؟ فقال: إذا مغرت النطفة لم يولد له- أي إذا احمرت و كدرت- فإذا كانت صافية ولد له.

قال: فأخبرني عن ربك، ما هو؟ فنزلت «3»: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «4» إلى آخرها.

قال ابن صوريا: صدقت- يا محمد- و بقيت واحدة إن «5» قلتها آمنت بك و اتبعتك «6»، أي ملك يأتيك بما تقوله عن الله؟ قال: جبرئيل.

قال ابن صوريا: ذلك عدونا من بين الملائكة، ينزل بالقتال و الشدة و الحرب، و رسولنا ميكائيل يأتي بالسرور و الرخاء، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك، لأن ميكائيل كان يشدد ملكنا، و جبرئيل كان يهلك ملكنا، فهو عدونا لذلك».

ثم ذكر احتجاج سلمان على ابن صوريا: «ثم قال سلمان: فإني أشهد أن من كان

عدوا لجبرئيل، فإنه عدو لميكائيل، و إنهما جميعا عدوان لمن عاداهما، سلمان لمن سالمهما، فأنزل الله تعالى عند ذلك موافقا لقول سلمان (رحمه الله): قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ في مظاهرته لأولياء الله على أعداء الله، و نزوله بفضائل علي ولي

__________________________________________________

(1) في «ط» نسخة بدل: و ملائكته.

(2) عبد اللّه بن صوريا الأعور: من بني ثعلبة بن الفيطون، و لم يكن في الحجاز أحد أعلم بالتوراة منه، و كان شديد الاحتجاج على رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، و نزل قوله تعالى: وَ قالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى إلى قوله-: وَ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ سورة البقرة 2: 135- 141 عند ما قال ابن صوريا لرسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): ما الهدى إلّا ما نحن عليه، فاتّبعنا يا محمّد تهتد، و قالت النّصارى مثل ذلك. «سيرة ابن هشام 2: 161 و 198، طبقات ابن سعد 1: 180».

(3) كما في الاحتجاج للطبرسي: 43.

(4) الإخلاص 112: 1.

(5) في المصدر: يا محمّد خصلة بقيت إن.

(6) في «ط» نسخة بدل: و اتبعك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 291

الله من عند الله فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ فإن جبرئيل نزل هذا القرآن من عند الله عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ بأمره مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ من سائر كتب الله وَ هُدىً من الضلالة وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ بنبوة محمد و ولاية علي و من بعده الأئمة بأنهم أولياء الله حقا، إذا ماتوا على موالاتهم لمحمد و علي و آلهما الطيبين. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا سلمان، إن الله صدق قيلك و وثق رأيك».

ثم ذكر حديثا طويلا يؤخذ من تفسير مولانا الإمام العسكري (عليه السلام).

سورة البقرة(2): آية 99 ..... ص : 291

قوله تعالى:

وَ

لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَ ما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ [99]

566/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله تعالى: وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ يا محمد آياتٍ دالات على صدقك في نبوتك بَيِّناتٍ عن إمامة علي أخيك و وصيك و صفيك، موضحات عن كفر من يشك فيك أو في أخيك، أو قابل أمر كل واحد منكما بخلاف القبول و التسليم، ثم قال: وَ ما يَكْفُرُ بِها بهذه الآيات الدالات على تفضيلك، و تفضيل علي بعدك على جميع الورى إِلَّا الْفاسِقُونَ عن دين الله و طاعته، من اليهود الكاذبين، و النواصب المتشبهين «1» بالمسلمين».

سورة البقرة(2): آية 100 ..... ص : 291

قوله تعالى:

أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [100]

567/ [2]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الباقر (عليه السلام): قال الله عز و جل، و هو يوبخ هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكر عنادهم، و هؤلاء النصاب الذين نكثوا ما أخذ من العهد عليهم، فقال: أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً واثقوا و عاقدوا ليكونوا لمحمد (صلى الله عليه و آله) طائعين، و لعلي (عليه السلام) بعده مؤتمرين، و إلى أمره صائرين نَبَذَهُ نبذ العهد فَرِيقٌ مِنْهُمْ و خالفه.

قال الله: بَلْ أَكْثَرُهُمْ أكثر هؤلاء اليهود و النواصب لا يُؤْمِنُونَ أي في مستقبل أعمارهم لا يراعون «2»، و لا يتوبون مع مشاهدتهم للآيات، و معاينتهم للدلالات».

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 459/ 300. [.....]

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 464/ 302.

(1) في المصدر: المتسمّين.

(2) راعيت الأمر: نظرت إلى أين يصير. «الصحاح- رعى- 6: 2358».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 292

سورة البقرة(2): آية 101 ..... ص : 292

قوله تعالى:

وَ لَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ [101]

568/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الصادق (عليه السلام): وَ لَمَّا جاءَهُمْ هؤلاء اليهود، و من يليهم من النواصب رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ القرآن مشتملا على وصف فضل محمد و علي، و إيجاب ولايتهما، و ولاية أوليائهما، و عداوة أعدائهما نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كتاب اليهود التوراة، و كتب أنبياء الله (عليهم السلام) وَراءَ ظُهُورِهِمْ تركوا العمل بما فيها، و حسدوا محمدا على نبوته، و عليا على وصيته، و جحدوا «1» ما وقفوا عليه من فضائلهما كَأَنَّهُمْ لا

يَعْلَمُونَ فعلوا فعل من جحد ذلك و الرد له فعل من لا يعلم، مع علمهم بأنه حق».

سورة البقرة(2): الآيات 102 الي 103 ..... ص : 292

قوله تعالى:

وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَ لكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ [102] وَ لَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ [103]

569/ [2]- قال الإمام العسكري (عليه السلام) في (تفسيره): «قال الصادق (عليه السلام): وَ اتَّبَعُوا هؤلاء اليهود

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 471/ 304.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 719/ 304.

(1) في المصدر زيادة: على.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 293

و النواصب ما تَتْلُوا ما تقرأ الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ و زعموا أن سليمان بذلك السحر و التدبير و النيرنجات «1»، نال ما ناله من الملك العظيم، فصدوهم به عن كتاب الله.

و ذلك أن اليهود الملحدين و النواصب المشاركين لهم في إلحادهم لما سمعوا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و شاهدوا منه و من علي (عليهما السلام) المعجزات التي أظهرها الله تعالى لهم على أيديهما، أفضى بعض اليهود و النصاب إلى بعض، و قالوا: ما محمد إلا طالب الدنيا بحيل و مخاريق

و سحر و نيرنجات تعلمها، و علم عليا بعضها، فهو يريد أن يتملك علينا في حياته، و يعقد الملك لعلي بعده، و ليس ما يقوله عن الله بشي ء، إنما هو قوله، فيعقد علينا و على ضعفاء عباد الله بالسحر و النيرنجات التي يستعملها.

و أوفر الناس كان حظا من هذا السحر سليمان بن داود، الذي ملك بسحره الدنيا كلها من الجن و الإنس و الشياطين، و نحن إذا تعلمنا بعض ما كان تعلمه سليمان بن داود، تمكنا من إظهار مثل ما يظهره محمد و علي، و ادعينا لأنفسنا بما يجعله محمد لعلي، و قد استغنينا عن الانقياد لعلي.

فحينئذ ذم الله تعالى الجميع من اليهود و النواصب، فقال الله عز و جل: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ الآمر بولاية محمد و علي وَراءَ ظُهُورِهِمْ «2» فلم يعملوا به وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا كفرة الشَّياطِينُ من السحر و النيرنجات عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ الذين يزعمون أن سليمان به ملك، و نحن أيضا به نظهر العجائب حتى ينقاد لنا الناس، و نستغني عن الانقياد لعلي.

قالوا: و كان سليمان كافرا ساحرا ماهرا، بسحره ملك ما ملك، و قدر على ما قدر، فرد الله تعالى عليهم، و قال:

وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ و لا استعمل السحر، كما قال هؤلاء الكافرون وَ لكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ أي بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان كفروا.

ثم قال عز و جل: وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ قال: كفر الشياطين بتعليمهم الناس السحر، و بتعليمهم إياهم بما أنزل على الملكين ببابل هاروت و ماروت، اسم الملكين.

قال الصادق (عليه السلام): و كان بعد نوح (عليه السلام) قد كثر السحرة

و المموهون، فبعث الله تعالى ملكين إلى نبي ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة، و ذكر ما يبطل به سحرهم، و يرد به كيدهم، فتلقاه النبي عن الملكين، و أداه إلى عباد الله بأمر الله، و أمرهم أن يقفوا به على السحر و أن يبطلوه، و نهاهم أن يسحروا به الناس، و هذا كما يدل على السم ما هو، و على ما يدفع به غائلة «3» السم، ثم يقال لمتعلم ذلك: هذا السم فمن رأيته سم فادفع غائلته بكذا، و إياك أن تقتل بالسم أحدا.

ثم قال: وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ و هو أن ذلك النبي أمر الملكين أن يظهرا للناس بصورة بشرين، و يعلماهم

__________________________________________________

(1) النّيرنج: أخذ كالسحر و ليس به، أي ليس، بحقيقته و لا كالسحر، إنّما هو تشبيه و تلبيس. «تاج العروس- نرج- 2: 105».

(2) سورة البقرة 2: 101.

(3) الغائلة: الشر، و المراد هنا: المضرّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 294

ما علمهما الله تعالى من ذلك و يعظاهم فقال الله تعالى: وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ ذلك السحر و إبطاله حَتَّى يَقُولا للمتعلم: إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ امتحان للعباد ليطيعوا الله تعالى فيما يتعلمون من هذا، و يبطلوا به كيد السحرة، فلا يسحرونهم «1».

قوله تعالى: فَلا تَكْفُرْ باستعمال هذا السحر و طلب الإضرار به و دعاء الناس إلى أن يعتقدوا به أنك تحيي و تميت، و تفعل ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فإن ذلك كفر.

قال الله تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ يعني طالبي السحر مِنْهُما يعني مما كتبت الشياطين على ملك سليمان من النيرنجات، و ما أنزل على الملكين ببابل هاروت و ماروت، فيتعلمون من هذين الصنفين ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ

هذا يتعلم للإضرار بالناس، يتعلمون التفريق بضروب من الحيل و التمائم «2»، و الإيهام أنه قد دفن كذا و عمل كذا، ęʘژ֘Ƞ«3» قلب المرأة على «4» الرجل، و قلب الرجل على «5» المرأة، و يؤدي إلى الفراق بينهما.

ثم قال الله عز و جل: وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أي ما المتعلمون لذلك بضاљʙƠبه من أحϠإلا بإذن الله، بتخلية «6» الله و علمه، فإنه لو شاء لمنعهم بالجبر و القهر.

ثم قال: وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ لأنهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به و يضروا، فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم و لا ينفعهم فيه، بل ينسلخون عن دين الله بذلك وَ لَقَدْ عَلِمُوا هؤلاء المتعلمون لَمَنِ اشْتَراهُ بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ نصيب «7» في ثواب الجنة.

وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ رهنوها بالعذاب لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أي لو كانوا يعلمون أنهم قد باعوا الآخرة، و تركوا نصيبهم من الجنة، لأن المتعلمين لهذا السحر هم الذين يعتقدون أن لا رسول، و لا إله، و لا بعث، و لا نشور.

فقال: وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ لأنهم يعتقدون أن لا آخرة، و هم يعتقدون أنها إذا لم تكن آخرة فلا خلاق لهم في دار بعد الدنيا، و إن كانت آخرة فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم فيها.

ثم قال: وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ باعوا به أنفسهم، إذ «8» باعوا الآخرة بالدنيا، و رهنوا بالعذاب «9» أنفسهم لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أنهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب، و لكن لا يعلمون ذلك لكفرهم به، لما تركوا «10»

__________________________________________________

(1) في المصدر:

كيد الساحر و لا يسحروا لهم، و في «ط» نسخة بدل: كيد السحر و لا يسحروا لهم.

(2) التمائم: جمع تميمة، و هي عوذة تعلّق على الإنسان. «الصحاح- تمم- 5: 1878».

(3) في المصدر: ليجلب.

(4، 5) في المصدر: عن.

(6) التخلية: الترك. «مجمع البحرين- خلا- 1: 129». [.....]

(7) في المصدر: من نصيب.

(8) في المصدر: أنفسهم بالعذاب إذا.

(9) في المصدر زيادة: الدائم.

(10) في «ط» نسخة بدل: و قلما تركوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 295

النظر في حجج الله تعالى حتى يعلموا، عذبهم على اعتقادهم الباطل، و جحدهم الحق».

قال أبو يعقوب و أبو الحسن: قلنا للحسن أبي القائم (عليهم السلام): فإن عندنا قوما يزعمون أن هاروت و ماروت ملكان اختارتهما الملائكة لما كثر عصيان بني آدم، و أنزلهما الله تعالى مع ثالث لهما إلى الدنيا، و أنهما افتتنا بالزهرة، و أرادا الزنا بها، و شربا الخمر، و قتلا النفس المحرمة، و أن الله يعذبهما ببابل، و أن السحرة منهما يتعلمون السحر، و أن الله تعالى مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة.

فقال الإمام (عليه السلام): «معاذ الله من ذلك، إن الملائكة معصومون من الخطأ محفوظون من الكفر و القبائح بألطاف الله تعالى، فقال الله عز و جل فيهم: لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ «1» و قال: وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ يعني الملائكة لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ «2».

و قال في الملائكة: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ «3»».

ثم قال

(عليه السلام): لو كان كما يقولون كان الله قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاء «4» على الأرض، فكانوا كالأنبياء في الدنيا أو كالأئمة «5»، أ فيكون من الأنبياء و الأئمة قتل النفس و فعل الزنا؟!».

ثم قال: «أ و لست تعلم أن الله تعالى لم يخل الدنيا قط من نبي أو إمام من البشر؟ أو ليس الله تعالى يقول:

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ يعني إلى الخلق إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى «6» فأخبر الله أنه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمة و حكاما، و إنما أرسلوا إلى أنبياء الله».

قالا: قلنا له (عليه السلام): فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا؟

فقال: «لا، بل كان من الجن، أما تسمعان أن الله تعالى يقول: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ «7» فأخبر أنه كان من الجن، و هو الذي قال الله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ «8»».

ثم قال الإمام (عليه السلام): «حدثني أبي، عن جدي، عن الرضا (عليهم السلام)، عن آبائه (صلوات الله عليهم)، عن

__________________________________________________

(1) التحريم 66: 6.

(2) الأنبياء 21: 19 و 20.

(3) الأنبياء 21: 26- 28.

(4) في المصدر: خلفاءه.

(5) في المصدر: و كالأئمّة.

(6) يوسف 12: 109.

(7) الكهف 18: 50.

(8) الحجر 15: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 296

علي (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): أن الله اختارنا معاشر آل محمد، و اختار النبيين، و اختار الملائكة المقربين، و ما اختارهم إلا على علم منه بهم أنهم لا يواقعون ما يخرجون به عن ولايته، و ينقطعون به عن عصمته، و ينضمون به إلى المستحقين لعذابه و نقمته».

قالا: فقلنا: لقد روي لنا أن عليا

(عليه السلام) لما نص عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالولاية و الإمامة عرض الله في السماوات ولايته على فئام «1» و فئام و فئام من الملائكة، فأبوها فمسخهم الله تعالى ضفادع.

فقال: «معاذ الله، هؤلاء المكذبون علينا، الملائكة هم رسل الله، فهم كسائر أنبياء الله إلى الخلق، أ فيكون منهم الكفر بالله؟» قلنا: لا. قال: «فكذلك الملائكة، إن شأن الملائكة عظيم، و إن خطبهم جليل».

570/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن أحمد ابن علي الأنصاري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: سمعت المأمون يسأل الرضا علي بن موسى (عليه السلام) عما يرويه الناس من أمر الزهرة، و أنها كانت امرأة فتن بها هاروت و ماروت، و ما يروونه من أمر سهيل، و أنه كان عشارا «2» باليمن.

فقال الرضا (عليه السلام): «كذبوا في قولهم: إنهما كوكبان، و إنما كانتا دابتين من دواب البحر، و غلط الناس [و ظنوا] أنهما كوكبان، و ما كان الله تعالى ليمسخ أعداءه أنوارا مضيئة، ثم يبقيهما ما بقيت السماء و الأرض، و إن المسوخ لم تبق أكثر من ثلاثة أيام حتى تموت، و ما تناسل منها شي ء، و ما على وجه الأرض اليوم مسخ، و إن التي وقع عليها اسم المسوخية مثل القرة و الخنزير و الدب و أشباهها، إنما هي مثل ما مسخ الله على صورها قوما غضب الله عليهم و لعنهم بإنكارهم توحيد الله، و تكذيبهم رسله.

و أما هاروت و ماروت، فكانا ملكين علما الناس السحر، ليحترزوا به من سحر السحرة، و يبطلوا به كيدهم، و ما علما أحدا من ذلك شيئا إلا

قالا له: إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فكفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز منه، و جعلوا يفرقون بما تعلموه بين المرء و زوجه، قال الله تعالى: وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ يعني بعلمه».

571/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن سليمان بن داود (عليهما السلام) أمر الجن أن يبنوا «3» له بيتا من قوارير- قال-: فبينا هو متكئ على عصاه ينظر إلى الشياطين كيف يعملون، و ينظرون إليه إذ حانت منه التفاتة، فإذا هو برجل معه في القبة ففزع منه، و قال: من أنت؟ قال: أنا الذي لا أقبل الرشا، و لا أهاب الملوك، أنا ملك الموت، فقبضه و هو متكئ على

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 271/ 2.

3- تفسير القمّي 1: 54. [.....]

(1) الفئام: الجماعة الكثيرة. «مجمع البحرين- فأم- 6: 130».

(2) العشّار: قابض العشر. «لسان العرب- عشر- 4: 570».

(3) في المصدر: الجنّ و الإنس فبنوا له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 297

عصاه.

فمكثوا سنة يبنون و ينظرون إليه، و يدانون له، و يعملون حتى بعث الله الأرضة، فأكلت منسأته- و هي العصا- فلما خر تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب، ما لبثوا سنة في العذاب المهين، فالجن تشكر الأرضة بما عملت بعصا سليمان، فلا تكاد تراها في مكان إلا وجد عندها ماء و طين.

فلما هلك سليمان وضع إبليس السحر و كتبه في كتاب، ثم طواه و كتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم، و من أراد كذا و كذا

فليفعل «1» كذا و كذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استثاره لهم فقرأه فقال الكافرون: ما كان سليمان يغلبنا إلا بهذا، و قال المؤمنون: بل هو عبد الله و نبيه، فقال الله جل ذكره: وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَ لكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ- إلى قوله-: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ».

العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و ذكر الحديث بعينه «2».

سورة البقرة(2): آية 104 ..... ص : 297

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ [104]

572/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما قدم المدينة كثر حوله المهاجرون و الأنصار، و كثرت عليه المسائل، و كانوا يخاطبونه بالخطاب الشريف العظيم الذي يليق به، و ذلك أن الله تعالى كان قال لهم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ «3».

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهم رحيما، و عليهم عطوفا، و في إزالة الآثام عنهم مجتهدا، حتى أنه كان ينظر إلى كل من كان يخاطبه فيعمد «4» على أن يكون صوته (صلى الله عليه و آله) مرتفعا على صوته، ليزيل عنه ما توعده الله به من إحباط أعماله، حتى أن رجلا أعرابيا ناداه يوما و هو خلف حائط بصوت له جهوري: يا محمد،

فأجابه بأرفع من

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 477/ 305.

(1) في «ط» نسخة بدل: فليعمل.

(2) تفسير العيّاشي 1: 52/ 74.

(3) الحجرات 49: 2.

(4) في المصدر: فيعمل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 298

صوته، يريد أن لا يأثم الأعرابي بارتفاع صوته.

فقال له الأعرابي: أخبرني عن التوبة إلى متى تقبل؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخا العرب، إن بابها مفتوح لابن آدم، لا ينسد حتى تطلع الشمس من مغربها و ذلك قوله عز و جل: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ و هو طلوع الشمس من مغربها لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً «1».

و قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): و كانت هذه اللفظة راعِنا من ألفاظ المسلمين الذين يخاطبون بها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقولون: راعنا، أي ارع أحوالنا، و اسمع منا كما نسمع منك، و كان في لغة اليهود معناها:

اسمع، لا سمعت.

فلما سمع اليهود المسلمين يخاطبون بها رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقولون: راعنا، و يخاطبون بها، قالوا «2»:

كنا نشتم محمدا إلى الآن سرا، فتعالوا الآن نشتمه جهرا، و كانوا يخاطبون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يقولون: راعنا، يريدون شتمه.

ففطن لهم سعد بن معاذ الأنصاري «3»، فقال: يا أعداء الله، عليكم لعنة الله، أراكم تريدون سب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، توهمونا أنكم تجرون في مخاطبته مجرانا، و الله، لا أسمعها من أحد منكم إلا ضربت عنقه، و لولا أني أكره أن أقدم عليكم قبل التقدم و الاستئذان له و

لأخيه و وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، القيم بأمور الأمة نائبا عنه فيها، لضربت عنق من قد سمعته منكم يقول هذا.

فأنزل الله: يا محمد مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ يَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِي الدِّينِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اسْمَعْ وَ انْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَقْوَمَ وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا «4».

و أنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا فإنها لفظة يتوصل بها أعداؤكم من اليهود إلى سب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سبكم وَ قُولُوا انْظُرْنا أي قولوا بهذه اللفظة، لا بلفظة راعنا، فإنه ليس فيها ما في قولكم:

__________________________________________________

(1) الأنعام 6: 158.

(2) في المصدر زيادة: إنّا.

(3) سعد بن معاذ بن النّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج. أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى و الثانية على يدي مصعب بن عمير، و شهد بدرا و أحدا و الخندق، و رمي يوم الخندق بسهم فعاش بعد ذلك شهرا ثمّ مات على أثر الجرح، و الذي رماه بالسهم حبان بن العرقة، و قال: خذها و أنا ابن العرقة.

فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): «عرق اللّه وجهه في النّار». تهذيب الكمال 10: 300، سير أعلام النبلاء 1: 279.

(4) النّساء 4: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 299

راعنا، و لا يمكنهم أن يتوصلوا بها إلى الشتم، كما يمكنهم بقولكم «1»: راعنا. وَ اسْمَعُوا إذا قال لكم رسول الله (صلى الله عليه و آله) قولا، و أطيعوا.

وَ لِلْكافِرِينَ يعني اليهود الشاتمين لرسول الله

(صلى الله عليه و آله) عَذابٌ أَلِيمٌ وجيع في الدنيا إن عادوا لشتمهم، و في الآخرة بالخلود في النار».

سورة البقرة(2): آية 105 ..... ص : 299

قوله تعالى:

ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ لَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [105]

573/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال علي بن موسى الرضا (عليه السلام): إن الله تعالى ذم اليهود [و النصارى و المشركين و النواصب فقال: ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ اليهود و النصارى وَ لَا الْمُشْرِكِينَ و لا من المشركين الذين هم نواصب، يغتاظون لذكر الله و ذكر محمد و فضائل علي (عليهما السلام)، و إبانته عن شريف فضله و محله أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ لا يودون أن ينزل عليكم مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ من الآيات الزائدات في شرف محمد و علي و آلهما الطيبين (عليهم السلام)، و لا يودون أن ينزل دليل معجز من السماء يبين عن محمد و علي و آلهما.

فهم لأجل ذلك يمنعون أهل دينهم من أن يحاجوك، مخافة أن تبهرهم حجتك، و تفحمهم معجزتك، فيؤمن بك عوامهم، أو يضطربون على رؤسائهم، فلذلك يصدون من يريد لقاءك- يا محمد- ليعرف أمرك، بأنه لطيف خلاق ساحر اللسان، لا تراه و لا يراك خير لك، و أسلم لدينك و دنياك، فهم بمثل هذا يصدون العوام عنك.

ثم قال الله عز و جل: وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ و توفيقه لدين الإسلام، و موالاة محمد و علي (عليهما السلام) مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ على من يوفقه لدينه، و يهديه لموالاتك و موالاة علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

قال: «فلما قرعهم «2» بهذا رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، حضره منهم جماعة فعاندوه، و قالوا: يا محمد، إنك تدعي على قلوبنا خلاف ما فيها، ما نكره أن تنزل عليك حجة تلزم الانقياد لها فننقاد.

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 488/ 310.

(1) في المصدر: بقولهم. [.....]

(2) قرّعت الرجل: إذا و تخته و عذلته. «لسان العرب- قرع- 8: 266».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 300

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لئن عاندتم ها هنا محمدا، فستعاندون رب العالمين إذا «1» أنطق صحائفكم بأعمالكم، و تقولون: ظلمتنا الحفظة، فكتبوا علينا ما لم نفعل، فعند ذلك يستشهد جوارحكم، فتشهد عليكم.

فقالوا: لا تبعد شاهدك، فإنه فعل الكذابين، بيننا و بين القيامة بعد، أرنا في أنفسنا ما تدعي لنعلم صدقك، و لن تفعله لأنك من الكذابين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): استشهد جوارحهم. فاستشهدها علي (عليه السلام) فشهدت كلها عليهم أنهم لا يودون أن ينزل على أمة محمد، على لسان محمد خير من عند ربكم آية بينة، و حجة معجزة لنبوته، و إمامة أخيه علي (عليه السلام)، مخافة أن تبهرهم حجته، و يؤمن به عوامهم، و يضطرب عليهم كثير منهم.

فقالوا: يا محمد، لسنا نسمع هذه الشهادة التي تدعي أن جوارحنا تشهد بها.

فقال: يا علي، هؤلاء من الذين قال الله: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَ لَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ «2» ادع عليهم بالهلاك، فدعا عليهم علي (عليه السلام) بالهلاك، فكل جارحة نطقت بالشهادة على صاحبها انفتقت «3» حتى مات مكانه.

فقال قوم آخرون حضروا من اليهود: ما أقساك- يا محمد- قتلتهم أجمعين! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما كنت لألين

على من اشتد عليه غضب الله تعالى، أما إنهم لو سألوا الله تعالى بمحمد و علي و آلهما الطيبين أن يمهلهم و يقيلهم لفعل بهم، كما كان فعل بمن كان من قبل من عبدة العجل لما سألوا الله بمحمد و علي و آلهما الطيبين، و قال الله لهم على لسان موسى: لو كان دعا بذلك على من قد قتل لأعفاه الله من القتل كرامة لمحمد و علي و آلهما الطيبين».

574/ [2]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: عمن رواه، بإسناده عن أبي صالح، عن حماد بن عثمان، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر (صلوات الله عليهم أجمعين)، في قوله تعالى: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ.

قال: «المختصون «4» بالرحمة نبي الله و وصيه و عترتهما، إن الله تعالى خلق مائة رحمة، فتسع و تسعون رحمة عنده مذخورة لمحمد و علي و عترتهما، و رحمة واحدة مبسوطة على سائر الموجودين».

سورة البقرة(2): الآيات 106 الي 107 ..... ص : 300

قوله تعالى:

ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [106]

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 77/ 55.

(1) في المصدر: إذ.

(2) يونس 10: 96 و 97.

(3) في المصدر: انفتّت.

(4) في المصدر: المختص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 301

أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ [107]

575/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال محمد بن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أي «1» نرفع حكمها أَوْ نُنْسِها بأن نرفع رسمها، و نزيل عن القلوب حفظها، و عن قلبك- يا محمد- كما قال الله تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما

شاءَ اللَّهُ «2» أن ينسيك، فرفع ذكره عن قلبك نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها يعني بخير لكم «3»، فهذه الثانية أعظم لثوابكم، و أجل لصلاحكم من الآية الأولى المنسوخة أَوْ مِثْلِها من مثلها في الصلاح لكم، أي إنا لا ننسخ و لا نبدل إلا و غرضنا في ذلك مصالحكم.

ثم قال: يا محمد أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ فإنه قدير يقدر على النسخ و غيره أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و هو العالم بتدبيرها و مصالحها، و هو يدبركم بعلمه وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ يلي صلاحكم إذ كان العالم بالمصالح هو الله عز و جل دون غيره وَ لا نَصِيرٍ و ما لكم من ناصر ينصركم من مكروه إن أراد الله إنزاله بكم، أو عقاب إن أراد إحلاله بكم.

و قال محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): و ربما قدر الله عليه النسخ و التنزيل «4» لمصالحكم و منافعكم، لتؤمنوا بها، و يتوفر عليكم الثواب بالتصديق بها، فهو يفعل من ذلك ما فيه صلاحكم و الخيرة لكم.

ثم قال: أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فهو يملكهما «5» بقدرته، و يصلحهما «6» بحسب «7» مشيئته، لا مقدم لما أخر، و لا مؤخر لما قدم.

ثم قال الله تعالى: وَ ما لَكُمْ يا معشر اليهود، و المكذبين بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و الجاحدين لنسخ الشرائع مِنْ دُونِ اللَّهِ سوى الله تعالى مِنْ وَلِيٍّ يلي مصالحكم، إن لم يدلكم ربكم للمصالح «8» وَ لا نَصِيرٍ ينصركم من دون الله، فيدفع عنكم عذابه».

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 491/ 311.

(1) في المصدر: بأن.

(2)

الأعلى 87: 6 و 7.

(3) في «س»: عملك، و في «ط»: عملكم.

(4) في المصدر: و التبديل.

(5) في المصدر: يملكها.

(6) في المصدر: و يصرفها.

(7) في «ط» نسخة بدل: تحت. [.....]

(8) في المصدر: يل لكم ربكم المصالح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 302

576/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها.

قال: «الناسخ ما حول، و ما ينساها مثل الغيب الذي لم يكن بعد، كقوله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ «1»». قال: «فيفعل الله ما يشاء و يحول ما يشاء، مثل قوم يونس إذ بدا له فرحمهم، و مثل قوله:

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ «2»- قال-: أدركهم برحمته «3»».

577/ [3]- عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها؟ فقال: «كذبوا ما هكذا هي، إذا كان «4» ينسخها و يأتي بمثلها لم ينسخها».

قلت: هكذا قال الله! قال: «ليس هكذا قال تبارك و تعالى».

قلت: فكيف؟ قال: «ليس فيها ألف و لا واو، قال: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها مثلها)، يقول: ما نميت من إمام أو ننس ذكره نأت بخير منه من صلبه مثله».

578/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن يونس، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الرجم في القرآن في قوله تعالى: الشيخ و الشيخة إذا زنيا «5» فارجموهما البتة «6» فإنهما قضيا الشهوة».

سورة البقرة(2): آية 108 ..... ص : 302

قوله تعالى:

أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ

سَواءَ السَّبِيلِ [108]

579/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام):

__________________________________________________

2 تفسير العياشي 1: 55/ 77.

3- تفسير العياشي 1: 56/ 78.

4- التهذيب 10: 3/ 7.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 496/ 313.

(1) الرعد 13: 39.

(2) الذاريات 51: 54.

(3) في المصدر: أدركتم رحمته.

(4) في المصدر زيادة: ينسى و.

(5) في المصدر: إذا زنى الشيخ و الشيوخ.

(6) يقال: لا أفعله البتة: لكل أمر لا رجعة فيه. «الصحاح- بتت- 1: 242».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 303

أَمْ تُرِيدُونَ بل تريدون، يا كفار قريش و اليهود أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ ما تقترحونه من الآيات التي لا تعلمون هل فيها صلاحكم أو فسادكم كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ و اقترح عليه، لما قيل له: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ «1».

وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ بعد جواب الرسول له: أن ما سأله لا يصلح اقتراحه على الله، أو بعد ما يظهر الله تعالى له ما اقترح، إن كان صوابا «2».

وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ بأن لا يؤمن عند مشاهدة ما يقترح من الآيات، أو لا يؤمن إذا عرف أنه ليس له أن يقترح، و أنه يجب أن يكتفي بما قد أقامه الله تعالى من الدلالات، و أوضحه من الآيات البينات، فيتبدل الكفر بالإيمان بأن يعاند و لا يلتزم الحجة القائمة عليه فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أخطأ قصد الطريق المؤدية إلى الجنان، و أخذ في الطريق المؤدية إلى النيران».

قال (عليه السلام): «قال الله عز و جل لليهود: يا أيها اليهود أَمْ تُرِيدُونَ بل تريدون من بعد ما آتيناكم أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ و ذلك أن النبي (صلى الله عليه و

آله) قصده عشرة من اليهود يريدون أن يتعنتوه «3»، و يسألوه عن أشياء يريدون أن يعانتوه «4» بها، فبينا هم كذلك إذ جاء أعرابي كأنه «5» يدفع في قفاه، قد علق على عصا- على عاتقه- جرابا مشدود الرأس، فيه شي ء قد ملأه، لا يدرون ما هو، فقال: يا محمد، أجبني عما أسألك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخا العرب، قد سبقك اليهود ليسألوا، أ فتأذن لهم حتى أبدأ بهم؟ فقال الأعرابي: لا، فإني غريب مجتاز.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فأنت إذن أحق منهم لغربتك و اجتيازك. فقال الأعرابي: و لفظة أخرى.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما هي؟ قال: إن هؤلاء أهل كتاب، يدعونه بزعمهم «6» حقا، و لست آمن أن تقول شيئا يواطئونك عليه و يصدقونك، ليفتن الناس عن دينهم، و أنا لا أقنع بمثل هذا، لا أقنع إلا بأمر بين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أين علي بن أبي طالب؟ فدعي بعلي فجاء حتى قرب من رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال الأعرابي: يا محمد، و ما تصنع بهذا في محاورتي إياك؟

قال: يا أعرابي، سألت البيان، و هذا البيان الشافي، و صاحب العلم الكافي، أنا مدينة الحكمة و هذا بابها، فمن أراد الحكمة و العلم فليأت الباب.

فلما مثل بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأعلى صوته: يا عباد الله، من أراد أن

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 55.

(2) (بعد جواب الرسول ... صوابا) ليس في «س».

(3) تعنّته: سأله عن شي ء أراد به اللبس عليه و المشقّة. «لسان العرب- عنت- 2: 61». [.....]

(4) في

المصدر: يتعانتوه.

(5) في المصدر: كأنّما.

(6) في المصدر: و يزعمونه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 304

ينظر إلى آدم في جلالته، و إلى شيث في حكمته، و إلى إدريس في نباهته و مهابته، و إلى نوح في شكره لربه و عبادته، و إلى إبراهيم في وفائه و خلته، و إلى موسى في بغض كل عدو لله و منابذته، و إلى عيسى في حب كل مؤمن و حسن معاشرته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب هذا.

فأما المؤمنون فازدادوا بذلك إيمانا، و أما المنافقون فازداد نفاقهم، فقال الأعرابي: يا محمد، هكذا مدحك لابن عمك، إن شرفه شرفك، و عزه عزك، و لست أقبل من هذا شيئا إلا بشهادة من لا تحتمل شهادته بطلانا و لا فسادا، بشهادة هذا الضب.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخا العرب، فأخرجه من جرابك لتستشهده، فيشهد لي بالنبوة، و لأخي هذا بالفضيلة. فقال الأعرابي: لقد تعبت في اصطياده، و أنا خائف أن يطفر «1» و يهرب.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تخف، فإنه لا يطفر، بل يقف و يشهد لنا بتصديقنا و تفضيلنا. فقال الأعرابي:

إني أخاف أن يطفر.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فإن طفر فقد كفاك به تكذيبا لنا، و احتجاجا علينا، و لن يطفر، و لكنه سيشهد لنا بشهادة الحق، فإذا فعل ذلك فخل سبيله فإن محمدا يعوضك عنه ما هو خير لك منه.

فأخرجه الأعرابي من الجراب، و وضعه على الأرض، فوقف و استقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و مرغ خديه في التراب، ثم رفع رأسه، و أنطقه الله تعالى، فقال: أشهد أن إله إلا الله، وحده لا شريك له، و

أشهد أن محمدا عبده و رسوله و صفيه و سيد المرسلين، و أفضل الخلق أجمعين، و خاتم النبيين، و قائد الغر المحجلين، و أشهد أن أخاك علي بن أبي طالب على الوصف الذي وصفته، و بالفضل الذي ذكرته، و أن أولياءه في الجنان مكرمون «2»، و أن أعداءه في النار خالدون «3».

فقال الأعرابي و هو يبكي: يا رسول الله، و أنا أشهد بما شهد به هذا الضب، فقد رأيت و شاهدت و سمعت ما ليس لي عنه معدل و لا محيص.

ثم أقبل الأعرابي إلى اليهود، فقال: ويلكم، أي آية بعد هذه تريدون؟! و معجزة بعد هذه تقترحون؟! ليس إلا أن تؤمنوا أو تهلكوا أجمعين، فآمن أولئك اليهود كلهم، و قالوا: عظمت بركة ضبك علينا، يا أخا العرب.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخا العرب، خل الضب على أن يعوضك الله عز و جل عنه ما هو خير منه، فإنه ضب مؤمن بالله و برسوله، و بأخي رسوله، شاهد بالحق، ما ينبغي أن يكون مصيدا و لا أسيرا، لكنه يكون مخلى سربه «4» [تكون له مزية] على سائر الضباب، بما فضله الله أميرا.

فناداه الضب: يا رسول الله، فخلني و ولني تعويضه لأعوضه. فقال الأعرابي: و ما عساك تعوضني؟

__________________________________________________

(1) طفر: وثب في ارتفاع. «لسان العرب- طفر- 4: 502».

(2) في المصدر: يكرمون.

(3) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: يهانون.

(4) السّرب: الطريق. «لسان العرب- سرب- 1: 464».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 305

قال: تذهب إلى الجحر الذي أخذتني منه ففيه عشرة آلاف دينار خسروانية، و ثمانمائة «1» ألف درهم، فخذها.

فقال الأعرابي: كيف أصنع؟ قد سمع هذا من الضب جماعات الحاضرين هاهنا، و أنا تعب، فإن

من «2» هو مستريح يذهب إلى هناك فيأخذه.

فقال الضب: يا أخا العرب، إن الله قد جعله لك عوضا مني، فما كان ليترك أحدا يسبقك إليه، و لا يروم أحد أخذه إلا أهلكه الله.

و كان الأعرابي تعبا فمشى قليلا، و سبقه إلى الجحر جماعة من المنافقين كانوا بحضرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأدخلوا أيديهم إلى الجحر ليتناولوا منه ما سمعوا فخرجت عليهم أفعى عظيمة، فلسعتهم و قتلتهم، و وقفت حتى حضر الأعرابي، فنادته: يا أخا العرب، انظر إلى هؤلاء، كيف أمرني الله بقتلهم دون مالك، الذي هو عوض ضبك، و جعلني حافظته، فتناوله.

فاستخرج الأعرابي الدراهم و الدنانير، فلم يطق احتمالها، فنادته الأفعى: خذ الحبل الذي في وسطك، و شده بالكيسين، ثم شد الحبل في ذنبي فإني سأجره لك إلى منزلك، و أنا فيه خادمك «3» و حارسة مالك «4»، فجاءت الأفعى، فما زالت تحرسه و المال إلى أن فرقه الأعرابي في ضياع و عقار و بساتين اشتراها، ثم انصرفت الأفعى»

سورة البقرة(2): آية 109 ..... ص : 305

قوله تعالى:

وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [109]

580/ [1]- قال الإمام الحسن بن علي العسكري أبو القائم (عليهما السلام)، في قوله تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً. «بما يوردونه عليكم من الشبهة حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ لكم،

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 515/ 315.

(1) في المصدر: و ثلاثمائة.

(2) في المصدر: متعب فلن آمن ممّن.

(3) في المصدر، و في «ط» نسخة بدل: حارسك.

(4) في المصدر زيادة: هذا.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 1، ص: 306

بأن أكرمكم بمحمد و علي و آلهما الطيبين مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ المعجزات «1» الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه و آله)، و فضل علي (عليه السلام) و آلهما «2».

فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا عن جهلهم و قابلوهم بحجج الله، و ادفعوا بها باطلهم حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ فيهم بالقتل يوم فتح مكة، فحينئذ تحولونهم عن بلد مكة و عن «3» جزيرة العرب، و لا تقرون بها كافرا.

إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ و لقدرته على الأشياء، قدر ما هو أصلح لكم في تعبده إياكم من مداراتهم و مقابلتهم بالجدال بالتي هي أحسن».

سورة البقرة(2): آية 110 ..... ص : 306

قوله تعالى:

وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [110]

581/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «أَقِيمُوا الصَّلاةَ بإتمام وضوئها و تكبيراتها و قيامها و قراءتها و ركوعها و سجودها و حدودها وَ آتُوا الزَّكاةَ مستحقيها، لا تؤتوها كافرا و لا منافقا «4»، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): المتصدق على أعدائنا كالسارق في حرم الله.

وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ من مال تنفقونه في طاعة الله، فإن لم يكن لكم مال، فمن جاهكم تبذلونه لإخوانكم المؤمنين، تجرون به إليهم المنافع، و تدفعون به عنهم المضار تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ينفعكم الله تعالى بجاه محمد و علي و آلهما الطيبين يوم القيامة، فيحط به عن سيئاتكم، و يضاعف به حسناتكم، و يرفع به درجاتكم.

إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ عالم ليس يخفى عليه ظاهر بطن، و لا باطن ظهر «5»، فهو يجازيكم على حسب اعتقاداتكم و نياتكم، و ليس هو كملوك الدنيا الذين يلبس «6»

على بعضهم، فينسب فعل بعض «7» إلى غير

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 520/ 318.

(1) في المصدر: بالمعجزات. [.....]

(2) في المصدر زيادة: الطّيبين من بعده.

(3) في المصدر: فحينئذ تجلونهم من بلد مكّة و من.

(4) في المصدر: و لا مناصبا.

(5) في المصدر: يخفى عليه شي ء، ظاهر فعل، و لا باطن ضمير.

(6) في المصدر: يلتبس.

(7) في المصدر: بعضهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 307

فاعله، و جناية بعض «1» إلى غير جانيه، فيقع ثوابه و عقابه- بجهله بما لبس عليه- بغير مستحقه.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): مفتاح الصلاة الطهور، و تحريمها التكبير، و تحليلها التسليم، و لا يقبل الله الصلاة بغير طهور، و لا صدقة من غلول «2»، و إن أعظم طهور الصلاة الذي لا تقبل الصلاة إلا به، و لا شي ء من الطاعات مع فقده، موالاة محمد، و أنه سيد المرسلين و موالاة علي، و أنه سيد الوصيين، و موالاة أوليائهما، و معاداة أعدائهما».

سورة البقرة(2): الآيات 111 الي 112 ..... ص : 307

قوله تعالى:

وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [111] بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [112]

582/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ قالُوا يعني اليهود و النصارى، قالت اليهود: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً، و قوله: أَوْ نَصارى يعني و قالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): و قد قال غيرهم، قالت الدهرية: الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة، و من خالفنا في هذا فهو ضال

مخطئ مضل. و قالت الثنوية: النور و الظلمة هما المدبران، و من خالفنا في هذا فقد ضل. و قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة، من خالفنا في هذا ضل. فقال الله تعالى: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ التي يتمنونها قُلْ لهم: هاتُوا بُرْهانَكُمْ على مقالتكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

و قال الصادق (عليه السلام)، و قد ذكر عنده الجدال في الدين، و أن رسول الله و الأئمة (صلوات الله عليهم) قد نهوا عنه، فقال الصادق (عليه السلام): لم ينه عنه مطلقا، لكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله عز و جل يقول: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «3» و قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «4».

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 526/ 321 و 322 و: 543/ 324.

(1) في المصدر: بعضهم.

(2) الغلول: الخيانة، و كلّ من خان في شي ء خفية فقد غلّ. «النهاية- غلل- 3: 380».

(3) العنكبوت 29: 46.

(4) النّحل 16: 125.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 308

فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، و الجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله تعالى على شيعتنا، و كيف يحرم الله الجدال جملة، و هو يقول: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى و قال الله تعالى: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ فجعل الله علم الصدق و الإيمان بالبرهان، [و هل يؤتى بالبرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأصحابه: قولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ «1» أي نعبد واحدا، لا نقول كما قالت الدهرية:

إن الأشياء لا بدء لها

و هي دائمة، و لا كما قالت الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران، و لا كما قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة، فلا نشرك بك شيئا، و لا ندعو من دونك إلها، كما يقول هؤلاء الكفار، و لا نقول كما قالت اليهود و النصارى: إن لك ولدا، تعاليت عن ذلك [علوا كبيرا]».

قال: «فذلك قوله: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى و قال غيرهم من هؤلاء الكفار ما قالوا، قال الله تعالى: يا محمد تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ التي يتمنونها بلا حجة قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ حجتكم على دعواكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ كما أتى محمد ببراهينه التي سمعتموها.

ثم قال: بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ يعني كما فعل هؤلاء الذين آمنوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) لما سمعوا براهينه و حججه وَ هُوَ مُحْسِنٌ في عمله لله فَلَهُ أَجْرُهُ ثوابه عِنْدَ رَبِّهِ يوم فصل القضاء وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ حين يخاف الكافرون مما يشاهدونه من العذاب «2» وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ عند الموت، لأن البشارة بالجنان تأتيهم».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- معنى الجدال بالتي هي أحسن في تفسير قوله تعالى: وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ من سورة النحل عن الصادق (عليه السلام) «3» و الحديث طويل مذكور في تفسير العسكري (عليه السلام)، في تفسير قوله تعالى: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى اختصرناه مخافة الإطالة.

سورة البقرة(2): آية 113 ..... ص : 308

قوله تعالى:

وَ قالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْ ءٍ وَ قالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْ ءٍ وَ هُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [113]

__________________________________________________

(1) الفاتحة 1: 5.

(2)

في المصدر: العقاب.

(3) يأتي في الحديث (3) من تفسير الآية (125) من سورة النحل. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 309

583/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: وَ قالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْ ءٍ من الدين، بل دينهم باطل و كفر وَ قالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْ ءٍ من الدين، بل دينهم باطل و كفر وَ هُمْ اليهود يَتْلُونَ الْكِتابَ التوراة».

فقال: «هؤلاء و هؤلاء مقلدون بلا حجة، و هم يتلون الكتاب فلا يتأملونه، ليعملوا بما يوجبه فيتخلصوا من الضلالة، ثم قال: كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ الحق، و لم ينظروا فيه من حيث أمرهم الله، فقال بعضهم لبعض و هم مختلفون، كقول اليهود و النصارى بعضهم لبعض، هؤلاء يكفر هؤلاء، و هؤلاء يكفر هؤلاء.

ثم قال الله تعالى: فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ في الدنيا يبين ضلالتهم و فسقهم، و يجازي كل واحد منهم بقدر استحقاقه.

و قال الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): إنما أنزلت الآية لأن قوما من اليهود، و قوما من النصارى جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا محمد، اقض بيننا. فقال (صلى الله عليه و آله): قصوا علي قصتكم.

فقالت اليهود: نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم و أوليائه، و ليست النصارى على شي ء من الدين و الحق.

و قالت النصارى: بل نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم و أوليائه، و ليست اليهود على شي ء من الدين و الحق.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كلكم مخطئون مبطلون، فاسقون عن دين الله و أمره.

فقالت اليهود: كيف نكون كافرين و فينا كتاب الله التوراة نقرؤه؟

و قالت النصارى: كيف نكون كافرين و

لنا كتاب الله الإنجيل نقرؤه؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنكم خالفتم- أيها اليهود و النصارى- كتاب الله و لم تعملوا به، فلو كنتم عاملين بالكتابين لما كفر بعضكم بعضا بغير حجة، لأن كتب الله أنزلها شفاء من العمى، و بيانا من الضلالة، يهدي العاملين بها إلى صراط مستقيم، و كتاب الله إذا لم تعملوا به «1» كان وبالا عليكم، و حجة الله إذا لم تنقادوا لها كنتم لله عاصين، و لسخطه متعرضين.

ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على اليهود، فقال: احذروا أن ينالكم بخلاف أمر الله و بخلاف كتابه ما أصاب أوائلكم الذين قال الله فيهم: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ «2» و أمروا بأن يقولوه.

قال الله تعالى: فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ «3» عذابا من السماء، طاعونا نزل بهم فمات

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 544/ 325 و 326.

(1) في «ط» نسخة بدل: ما فيه.

(2، 3) البقرة 2: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 310

منهم مائة و عشرون ألفا، ثم أخذهم بعد ذلك «1» فمات منهم مائة و عشرون ألفا أيضا، و كان خلافهم أنهم لما بلغوا الباب رأوا بابا مرتفعا، فقالوا: ما بالنا نحتاج إلى أن نركع عند الدخول هاهنا، ظننا أنه باب منحط «2» لا بد من الركوع فيه، و هذا باب مرتفع، إلى متى يسخر بنا هؤلاء؟- يعنون موسى و يوشع بن نون- و يسجدوننا في الأباطيل، و جعلوا أستاههم نحو الباب، و قالوا بدل قولهم: حطة، الذي أمروا به: هطا سمقانا- يعنون حنطة حمراء- فذلك تبديلهم.

و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فهؤلاء بنو إسرائيل نصب لهم باب

حطة، و أنتم- يا معشر أمة محمد- نصب لكم باب حطة أهل بيت محمد (عليه و عليهم السلام)، و أمرتم باتباع هداهم و لزوم طريقتهم، ليغفر لكم بذلك خطاياكم و ذنوبكم، و ليزداد المحسنون منكم، و باب حطتكم أفضل من باب حطتهم، لأن ذلك كان باب خشب، و نحن الناطقون الصادقون المؤمنون «3» الهادون الفاضلون، كما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن النجوم في السماء أمان من الغرق، و إن أهل بيتي أمان لأمتي من الضلالة في أديانهم، لا يهلكون فيها ما دام فيهم من يتبعون هداه «4» و سنته.

أما إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد قال: من أراد أن يحيا حياتي، و أن يموت مماتي، و أن يسكن جنة عدن «5» التي و عدني ربي، و أن يمسك قضيبا غرسه بيده، و قال له: كن فكان، فليتول علي بن أبي طالب، و ليوال وليه، و ليعاد عدوه، و ليتول ذريته الفاضلين المطيعين لله من بعده، فإنهم خلقوا من طينتي، فرزقوا فهمي و علمي، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي».

سورة البقرة(2): آية 114 ..... ص : 310

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَ سَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ [114]

584/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): قال الحسن بن علي (عليهما السلام) «6»: لما بعث الله

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 554/ 329 و: 558/ 330.

(1) في المصدر: بعد قباع، و في «ط» زيادة: قباع.

(2) في المصدر: متطامن.

(3) في المصدر: المرتضون.

(4) في المصدر: هديه.

(5) في المصدر:

الجنّة.

(6) في المصدر: عليّ بن الحسين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 311

محمدا (صلى الله عليه و آله) بمكة و أظهر بها دعوته، و نشر بها كلمته، و عاب أديانهم في عبادتهم الأصنام، و أخذوه و أساءوا معاشرته، و سعوا في خراب المساجد المبنية، كانت لقوم من خيار أصحاب محمد «1» (صلى الله عليه و آله) و شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كان بفناء الكعبة مساجد يحيون فيها ما أماته المبطلون، فسعى هؤلاء المشركون في خرابها، و أذى محمد (صلى الله عليه و آله) و سائر أصحابه، و ألجؤوه إلى الخروج من مكة نحو المدينة، التفت خلفه إليها، فقال: الله يعلم أني أحبك، و لولا أن أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بلدا، و لا ابتغيت عنك بدلا، و إني لمغتم على مفارقتك.

فأوحى الله تعالى إليه: يا محمد، إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، و يقول: سأردك إلى هذا البلد ظافرا غانما سالما قادرا قاهرا، و ذلك قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ «2» يعني إلى مكة ظافرا غانما، و أخبر بذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصحابه، فاتصل بأهل مكة، فسخروا منه.

فقال الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه و آله): سوف أظفرك «3» بمكة، و أجري «4» عليهم حكمي، و سوف أمنع من «5» دخولها المشركين حتى لا يدخلها أحد منهم إلا خائفا، أو دخلها مستخفيا من أنه إن عثر عليه قتل.

فلما حتم قضاء الله بفتح مكة و استوسقت «6» له، أمر عليهم عتاب بن أسيد «7»، فلما اتصل بهم خبره، قالوا:

إن محمدا لا يزال يستخف بنا حتى ولى علينا غلاما حدث السن ابن ثماني عشرة سنة،

و نحن مشايخ ذوو الأسنان، و خدام بيت الله الحرام، و جيران حرمه الآمن، و خير بقعة له على وجه الأرض.

و كتب رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعتاب بن أسيد عهدا على [أهل مكة، و كتب في أوله: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى جيران بيت الله، و سكان حرم الله. أما بعد» و ذكر العهد و قرأه عتاب بن أسيد على أهل مكة.

ثم قال الإمام (عليه السلام) بعد ذلك: «ثم بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعشر آيات من سورة براءة مع أبي بكر بن أبي قحافة، و فيها ذكر نبذ العهود إلى الكافرين، و تحريم قرب مكة على المشركين، و أمر أبا بكر على الحج، ليحج بمن ضمه الموسم، و يقرأ الآيات عليهم، فلما صدر عنه أبو بكر جاءه المطوق بالنور جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، و يقول: يا محمد، إنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فابعث عليا

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: و شيعته.

(2) القصص 28: 85.

(3) في المصدر: أظهرك.

(4) في «ط»: يظفرك اللّه بمكّة و يجري. [.....]

(5) في المصدر: عن.

(6) استوسق لك الأمر: إذا أمكنك. «لسان العرب- وسق- 10: 380».

(7) عتّاب بن أسيد بن أبي العيص بن أميّة، وال أموي من الصحابة، أسلم يوم فتح مكّة، و استعمله النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) عليها عند مخرجه إلى حنين في 8 ه، و أمّره أبو بكر، فاستمر فيها إلى أن مات يوم مات أبو بكر في 13 ه، و قيل في 23 ه. الكامل في التاريخ 2: 262، الاصابة 4:

211/ 5383، أعلى الزركلي 4: 199.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 1، ص: 312

ليتناول الآيات، فيكون هو الذي ينبذ العهود و يقرأ الآيات.

و قال جبرئيل: يا محمد، ما أمرك ربك بدفعها إلى علي (عليه السلام) و نزعها من أبي بكر سهوا و لا شكا، و لا استدراكا على نفسه غلطا، و لكن أراد أن يبين لضعفاء المسلمين أن المقام الذي يقومه أخوك علي (عليه السلام) لن يقومه غيره سواك- يا محمد- و إن جلت في عيون هؤلاء الضعفاء مرتبته، و عرفت «1» عندهم منزلته.

فلما انتزع علي (عليه السلام) الآيات من يده، لقي أبو بكر بعد ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: بأبي أنت و أمي- يا رسول الله- أنت أمرت عليا أن يأخذ هذه الآيات من يدي؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا، و لكن العلي العظيم أمرني أن لا ينوب عني إلا من هو مني، و أما أنت فقد عوضك الله بما «2» حملك من آياته، و كلفك من طاعاته الدرجات الرفيعة، و المراتب الشريفة، أما إنك إن دمت على موالاتنا، و وافيتنا في عرصات القيامة، وفيا بما أخذنا به عليك من العهود و المواثيق، [فأنت من خيار شيعتنا، و كرام أهل مودتنا، فسري «3» بذلك عن أبي بكر».

قال: «فمضى علي (عليه السلام) لأمر الله، و نبذ العهود إلى أعداء الله، و أيس المشركون من الدخول بعد عامهم ذلك إلى حرم الله، و كانوا عددا كثيرا و جما غفيرا غشاه الله نوره، و كساه فيهم هيبة و جلالا، لم يجسروا معها على إظهار خلاف و لا قصد بسوء- قال-: و ذلك قوله: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ.

و هي مساجد خيار

المؤمنين بمكة، لما منعوهم من التعبد فيها بأن ألجؤوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الخروج عن مكة وَ سَعى فِي خَرابِها خراب تلك المساجد لئلا تعمر بطاعة الله، قال الله تعالى: أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ أن يدخلوا بقاع تلك المساجد في الحرم إلا خائفين من عذابه «4» و حكمه النافذ عليهم، إن يدخلوها كافرين، بسيوفه و سياطه لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ و هو طرده إياهم عن الحرم، و منعهم أن يعودوا إليه وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ».

585/ [2]- أبو علي الطبرسي- في معنى الآية- عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنهم قريش حين منعوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) دخول مكة و المسجد الحرام».

سورة البقرة(2): آية 115 ..... ص : 312

قوله تعالى:

وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ [115]

__________________________________________________

2- مجمع البيان 1: 361.

(1) في المصدر: و شرفت.

(2) في المصدر زيادة: قد.

(3) سرّي عنه: تجلّى همّه. «لسان العرب- سرا- 14: 380».

(4) في المصدر: من عدله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 313

586/ [1]- علي بن إبراهيم: قال العالم (عليه السلام) «1»: «فإنها نزلت في صلاة النافلة، فصلها حيث توجهت إذا كنت في سفر، و أما الفرائض فقوله: وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ «2» يعني الفرائض، لا تصليها إلا إلى القبلة».

587/ [2]- الشيخ في (التهذيب)، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحصين، قال: كتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام): الرجل يصلي في يوم غيم في فلاة من الأرض و لا يعرف القبلة، فيصلي حتى إذا فرغ من صلاته بدت له الشمس، فإذا هو قد صلى لغير القبلة أ يعتد بصلاته، أم يعيدها؟

فكتب: «يعيدها

ما لم يفت الوقت، أو لم يعلم أن الله يقول و قوله الحق: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ».

588/ [3]- عنه: بإسناده عن أحمد بن الحسين، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن عبد الله بن مروان، قال: رأيت يونس بمنى يسأل أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل إذا حضرته صلاة الفريضة و هو في الكعبة، فلم يمكنه الخروج من الكعبة؟

قال: «استلقى على قفاه و صلى إيماء» و ذكر قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ.

589/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يقرأ السجدة و هو على ظهر دابته؟

قال: «يسجد حيث توجهت به، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يصلي على ناقته و هو مستقبل المدينة، يقول الله عز و جل: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ».

590/ [5]- العياشي: عن حريز، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «أنزل الله هذه الآية في التطوع خاصة فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ و صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إيماء على راحلته أينما توجهت به حين «3» خرج إلى خيبر، و حين رجع من مكة، و جعل الكعبة خلف ظهره».

__________________________________________________

1- تفسير القمّيّ 1: 59.

2- التّهذيب 2: 49/ 160.

3- التّهذيب 5: 453/ 1583.

4- علل الشرائع: 358/ 1.

5- تفسير العيّاشي 1: 56/ 80.

(1) (قال العالم (عليه السّلام) ليس في المصدر. [.....]

(2) البقرة 2: 144.

(3) في المصدر: حيث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 314

591/ [6]- قال:

قال زرارة: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الصلاة في السفر في السفينة و المحمل سواء؟

قال: «النافلة كلها سواء تومئ إيماء أينما توجهت دابتك و سفينتك، و الفريضة تنزل لها من المحمل إلى الأرض إلا من خوف، فإن خفت أو أومأت، و أما السفينة فصل فيها قائما و توجه إلى القبلة «1» بجهدك، فإن نوحا (عليه السلام) قد صلى الفريضة فيها قائما متوجها إلى القبلة و هي مطبقة عليهم».

قال: و ما كان علمه بالقبلة فيتوجهها و هي مطبقة عليهم؟ قال: «كان جبرئيل (عليه السلام) يقومه نحوها».

قال: قلت: فأتوجه نحوها في كل تكبيرة؟ قال: «أما في النافلة فلا، إنما تكبر في النافلة على غير القبلة، الله أكبر». ثم قال: «كل ذلك قبلة للمتنفل، فإنه تعالى قال: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ».

592/ [7]- عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل يقرأ السجدة و هو على ظهر دابته، قال: «يسجد حيث توجهت، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يصلي على ناقته النافلة و هو مستقبل المدينة، يقول: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ».

سورة البقرة(2): آية 116 ..... ص : 314

قوله تعالى:

وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ [116]

593/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط، عن سليمان مولى طربال، عن هشام الجواليقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول: سبحان الله «2»، ما يعنى به؟ قال: «تنزيهه».

و ستأتي- إن شاء الله- في ذلك الروايات بكثرة في معنى قوله تعالى: وَ سُبْحانَ اللَّهِ وَ ما

أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ «3» في سورة يوسف «4».

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 56/ 81.

7- تفسير العيّاشي 1: 57/ 82.

1- الكافي 1: 92/ 11.

(1) في المصدر: و توخّ القبلة.

(2) في المصدر: عن قوله اللّه عزّ و جلّ: سُبْحانَ اللَّهِ.

(3) يوسف 12: 108.

(4) تأتي في الأحاديث (12- 16) من تفسير الآية (108) من سورة يوسف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 315

سورة البقرة(2): آية 117 ..... ص : 315

قوله تعالى:

بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [117]

594/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير الصيرفي، قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله عز و جل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات و الأرضين و لم يكن قبلهن سماوات و لا أرضون، أما تسمع لقوله: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ «1»».

و روى هذا الحديث محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير، قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر (عليه السلام) الحديث «2».

595/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن الإرادة من الله و من الخلق؟

قال: فقال: «الإرادة من الخلق الضمير، و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل، و أما من الله تعالى فإرادته للفعل إحداثه لا غير ذلك، لأنه لا يروي «3» و لا

يهم و لا يتفكر، و هذه الصفات منفية عنه، و هي صفات الخلق، فإرادة الله الفعل لا غير ذلك، يقول له: كن فيكون بلا لفظ و لا نطق بلسان، و لا همة و لا تفكر، و لا كيف لذلك، كما أنه لا كيف له».

سورة البقرة(2): آية 121 ..... ص : 315

قوله تعالى:

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [121]

596/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز و جل: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ؟

__________________________________________________

1- الكافي 1: 200/ 2.

2- الكافي 1: 85/ 3.

3- الكافي 1: 168/ 4.

(1) هود 11: 7.

(2) بصائر الدرجات: 133/ 1. [.....]

(3) روّيت في الأمر: إذا نظرت فيه و فكّرت. «الصحاح- روى- 6: 2364».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 316

قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

597/ [2]- العياشي: عن أبي ولاد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ.

قال: فقال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

598/ [3]- عن منصور، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ.

فقال: «الوقوف عند الجنة و النار».

599/ [4]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، في قوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ.

قال: «يرتلون آياته، و يتفقهون به، و يعملون بأحكامه، و يرجون وعده، و يخافون وعيده، و يعتبرون بقصصه، و يأتمرون بأوامره، و ينتهون بنواهيه «1» ما هو- و الله- حفظ آياته، و درس حروفه، و تلاوة سوره، و درس أعشاره و أخماسه،

حفظوا حروفه و أضاعوا حدوده، و إنما هو تدبر آياته و العمل بأحكامه، قال الله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ «2»».

سورة البقرة(2): آية 123 ..... ص : 316

قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ [123] تقدم تفسير الآية في صدر السورة «3»، و نزيد هاهنا في معنى العدل:

600/ [5]- العياشي: عن يعقوب الأحمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «العدل: الفريضة».

601/ [6]- عن إبراهيم بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «العدل في قول أبي جعفر (عليه السلام):

الفداء».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 57/ 84.

3- تفسير العيّاشي 1: 57/ 84.

4- إرشاد القلوب: 78.

5- تفسير العيّاشي 1: 57/ 85.

6- تفسير العيّاشي 1: 57/ 86.

(1) في المصدر: يتناهون عن نواهيه.

(2) سورة ص 38: 29.

(3) تقدّم في تفسير الآية (48) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 317

602/ [3]- و رواه أسباط الزطي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله: «لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا»؟

قال: «الصرف: النافلة، و العدل: الفريضة»

سورة البقرة(2): آية 124 ..... ص : 317

قوله تعالى:

وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [124]

603/ [1]- محمد بن علي بن بابويه: قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق «1» (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ ما هذه الكلمات؟

قال: «هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، و هو

أنه قال: يا رب، أسألك بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت علي فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم».

فقلت له: يا بن رسول الله، فما يعني عز و جل بقوله: فَأَتَمَّهُنَّ؟

قال: «يعني فأتمهن إلى القائم (عليه السلام) اثني عشر إماما، تسعة من ولد الحسين (عليه السلام)».

قال المفضل: فقلت له: يا ابن رسول الله، فأخبرني عن قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ «2»؟

قال: «يعني بذلك الإمامة، جعلها الله في عقب الحسين إلى يوم القيامة».

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن، و هما جميعا ولدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سبطاه، و سيدا شباب أهل الجنة؟

فقال (عليه السلام): «إن موسى و هارون كانا نبيين مرسلين أخوين، فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى، و لم يكن لأحد أن يقول: لم فعل الله ذلك؟ و إن الإمامة خلافة الله عز و جل، ليس لأحد أن يقول: لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن؟ لأن الله هو الحكيم في أفعاله

__________________________________________________

3- تفسير العياشي 1: 57/ 87.

1- الخصال: 304/ 84.

(1) في المصدر: علي بن أحمد بن موسى، و كلاهما من مشايخ الصدوق، و لا يبعد اتحادهما، انظر معجم رجال الحديث 11: 254 و 255.

(2) الزخرف 43: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 318

لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ «1»».

و لقول الله تبارك و تعالى «2»: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ وجه آخر، و ما ذكرناه أصله.

و الابتلاء على ضربين: أحدهما مستحيل «3» على الله تعالى ذكره، و الآخر جائز.

فأما ما يستحيل:

فهو أن يختبره ليعلم ما تكشف الأيام عنه، و هذا ما لا يصلح «4» لأنه عز و جل علام الغيوب.

و الضرب الآخر من الابتلاء: أن يبتليه حتى يصبر فيما يبتليه به، فيكون ما يعطيه من العطاء على سبيل الاستحقاق، و لينظر إليه الناظر فيقتدي به، فيعلم من حكمة الله تعالى أنه لم يكمل «5» أسباب الإمامة إلا إلى الكافي المستقل، الذي كشفت الأيام عنه بخير «6».

فأما الكلمات، فمنها ما ذكرناه، و منها:

اليقين، و ذلك قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «7».

و منها: المعرفة بقدم بارئه، و توحيده و تنزيهه من التشبيه: حين نظر إلى الكواكب و القمر و الشمس، و استدل بأفول كل واحد منها على حدوثه، و بحدوثه على محدثه.

ثم علمه (عليه السلام) بأن الحكم بالنجوم خطأ: في قوله عز و جل: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ «8» و إنما قيده الله سبحانه بالنظرة الواحدة، لأن النظرة الواحدة لا توجب الخطأ إلا بعد النظرة الثانية، بدلالة قول النبي (صلى الله عليه و آله) لما قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): «يا علي أول النظرة لك، و الثانية عليك لا لك».

و منها: الشجاعة: و قد كشفت الأيام عنه، بدلالة قوله عز و جل: إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قالُوا أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَ أَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَ تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا

كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ «9» و مقاومة الرجل الواحد الوفا من أعداء الله عز و جل تمام الشجاعة.

__________________________________________________

(1) سورة الأنبياء 21: 23. [.....]

(2) الظاهر أنّ هذا الكلام و ما بعده للصدوق (قدّس سرّه)، و ليس للإمام (عليه السّلام).

(3) في المصدر: يستحيل.

(4) في المصدر: يصحّ.

(5) في المصدر: لم يكل.

(6) في المصدر: بخبره.

(7) الأنعام 6: 75.

(8) الصّافّات 37: 88 و 89.

(9) الأنبياء 21: 52- 58.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 319

ثم الحلم: مضمن معناه في قوله عز و جل: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ «1».

ثم السخاء: و بيانه في حديث ضيف إبراهيم المكرمين.

ثم العزلة عن أهل البيت و العشيرة: مضمن معناه في قوله: وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ «2» الآية.

و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر: بيان ذلك في قوله عز و جل: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا «3».

و دفع السيئة بالحسنة: و ذلك لما قال له أبوه: أَ راغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَ اهْجُرْنِي مَلِيًّا فقال في جواب أبيه: سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا «4».

و التوكل: بيان ذلك في قوله: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَ الَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ «5».

ثم الحكم و الانتماء إلى الصالحين: في

قوله: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ «6» يعني بالصالحين الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عز و جل، و لا يحكمون بالآراء و المقاييس حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق، بيان ذلك في قوله: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ «7» أراد في هذه الأمة الفاضلة، فأجابه الله و جعل له و لغيره من الأنبياء لسان صدق في الآخرين، و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ذلك قوله: وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا «8».

و المحنة في النفس: حين جعل في المنجنيق و قذف به في النار.

ثم المحنة في الولد: حين امر بذبح ولده إسماعيل.

ثم المحنة بالأهل: حين خلص الله عز و جل حرمته من عرارة «9» القبطي، في الخبر المذكور في القصة.

ثم الصبر على سوء خلق سارة.

__________________________________________________

(1) هود 11: 75.

(2) مريم 19: 48.

(3) مريم 19: 42- 45.

(4) مريم 19: 46 و 47.

(5) الشّعراء 26: 78- 82.

(6) الشّعراء 26: 83. [.....]

(7) الشّعراء 26: 84.

(8) مريم 19: 50.

(9) في المصدر: عزازة، و القصة كاملة في الكافي 8: 370/ 560.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 320

ثم استقصار النفس في الطاعة: في قوله: وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ «1».

ثم النزاهة: في قوله عز و جل: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «2».

ثم الجمع لأشراط الطاعات «3»: في قوله: إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ «4» فقد جمع في قوله: مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ جميع أشراط الطاعات كلها حتى لا تعزب «5» عنها

عازبة، و لا تغيب عن معانيها غائبة.

ثم استجابة الله دعوته: حين قال: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى «6» و هذه الآية متشابهة، و معناها أنه سأل عن الكيفية، و الكيفية من فعل الله عز و جل، متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب، و لا عرض له في توحيده نقص. فقال الله عز و جل: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى «7» هذا شرط عام لمن آمن به، متى سئل واحد منهم: أو لم تؤمن؟ وجب أن يقول: بلى، كما قال إبراهيم، و لما قال الله عز و جل لجميع أرواح بني آدم: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «8» كان أول من قال: بلى، محمد (صلى الله عليه و آله)، فصار بسبقه إلى بلى سيد الأولين و الآخرين، و أفضل النبيين و المرسلين، فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم (عليه السلام) فقد رغب عن ملته، قال الله عز و جل: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ «9».

ثم اصطفاء الله عز و جل إياه في الدنيا، ثم شهادته له في العاقبة أنه من الصالحين: في قوله عز و جل:

وَ لَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ «10» و الصالحون هم النبي و الأئمة (صلوات الله عليهم)، الآخذون عن الله أمره و نهيه، الملتمسون للصلاح من عنده، و المجتنبون للرأي و القياس في دينه، في قوله عز و جل: إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ «11».

ثم اقتداء من بعده من الأنبياء (عليهم السلام) به: في قوله: وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ __________________________________________________

(1) الشعراء 26: 87.

(2) آل عمران 3: 67.

(3)

في المصدر: الكلمات.

(4) الأنعام 6 لا 162 و 163.

(5) عزب عني فلان يعزب و يعزب: أي بعد و غبا. «الصحاح- عزب- 1: 181».

(6) البقرة 2: 260.

(7) البقرة 2: 260.

(8) الأعراف 7: 172.

(9) البقرة 2: 130.

(10) البقرة 2: 130.

(11) البقرة 2: 131. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 321

اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «1»، و في قوله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «2»، و في قوله عز و جل: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ «3».

و أشراط كلمات الإمام مأخوذة من جهته مما تحتاج إليه الأمة من مصالح «4» الدنيا و الآخرة.

و قول إبراهيم (عليه السلام): وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي من: حرف تبعيض، ليعلم أن من الذرية من يستحق الإمامة، و منهم من لا يستحقها، هذا من جملة المسلمين، و ذلك أنه يستحيل أن يدعو إبراهيم بالإمامة للكافر أو للمسلم الذي ليس بمعصوم، فصح أن باب التبعيض وقع على خواص المؤمنين، و الخواص إنما صاروا خواصا بالبعد عن الكفر، ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص. أخص، ثم المعصوم هو الخاص الأخص، و لو كان للتخصيص صورة أربى عليه «5»، لجعل ذلك من أوصاف الإمام.

و قد سمى الله عز و جل عيسى من ذرية إبراهيم، و كان ابن بنته من بعده، و لما صح أن ابن البنت ذرية، و دعا إبراهيم لذريته بالإمامة، وجب على محمد (صلى الله عليه و آله) الاقتداء به في وضع الإمامة في المعصومين من ذريته حذو النعل بالنعل بعد ما أوحى الله عز و جل إليه، و حكم

عليه بقوله: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً «6» الآية، و لو خالف ذلك لكان داخلا في قوله: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ جل نبي الله عن ذلك.

قال الله عز و جل: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا «7» و أمير المؤمنين (عليه السلام) أبو ذرية النبي (صلى الله عليه و آله)، و وضع الإمامة فيه وضعها في ذريته المعصومين بعده.

و قوله عز و جل: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ يعني بذلك أن الإمامة لا تصلح لمن قد عبد وثنا أو صنما، أو أشرك بالله طرفة عين، و إن أسلم بعد ذلك، و الظلم وضع الشي ء في غير موضعه، و أعظم الظلم الشرك، قال الله عز و جل: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ «8» و كذلك لا يصلح للإمامة من «9» قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا، و إن تاب منه بعد ذلك، و كذلك لا يقيم الحد من في جنبه حد، فإذن لا يكون الإمام إلا معصوما، و لا تعلم عصمته إلا بنص الله عز و جل عليه على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله)، لأن العصمة ليست في ظاهر الخلقة فترى

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 132.

(2) النّحل 16: 123.

(3) الحج 22: 78.

(4) في المصدر: مأخوذة ممّا تحتاج إليه الأمّة من جهة من مصالح.

(5) أي أعلى و أرفع مرتبة.

(6) النّحل 16: 123.

(7) آل عمران 3: 68.

(8) لقمان 31: 13.

(9) في المصدر: لا تصلح الإمامة لمن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 322

كالسواد و البياض و ما أشبه ذلك، و هي مغيبة لا تعرف إلا بتعريف علام الغيوب عز و جل.

604/ [2]- محمد

بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام ابن سالم و درست بن أبي منصور، عنه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قد كان إبراهيم نبيا و ليس بإمام حتى قال الله له: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي فقال الله: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما».

605/ [3]- عنه: عن محمد بن الحسن، عمن ذكره، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك و تعالى اتخذ إبراهيم (عليه السلام) عبدا قبل أن يتخذه نبيا، و إن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، و إن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، و إن الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما، فلما جمع له الأشياء قال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً».

قال: «فمن عظمها في عين إبراهيم (عليه السلام): قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ- قال-: لا يكون السفيه إمام التقي».

606/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن إسحاق بن عبد العزيز أبي السفاتج، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله اتخذ إبراهيم (عليه السلام)، عبدا قبل أن يتخذه نبيا، و اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، و اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، و اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما، فلما جمع له هذه الأشياء- و قبض يده «1»- قال له: يا إبراهيم إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فمن عظمها في عين إبراهيم، قال: يا رب وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي

قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ».

607/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا في أيام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بمرو، فاجتمعنا في مسجد جامعها يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأدار الناس أمر الإمامة، و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها.

فدخلت على سيدي و مولاي الرضا (عليه السلام) فأعلمته ما خاض الناس فيه فتبسم (عليه السلام)، ثم قال: «يا عبد العزيز، جهله القوم و خدعوا عن أديانهم، إن الله عز و جل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه و آله) حتى أكمل له الدين،

__________________________________________________

2- الكافي 1: 133/ 1.

3- الكافي 1: 133/ 2.

4- الكافي 1: 134/ 1.

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 216/ 1.

(1) هذه الجملة إمّا اعتراضية من كلام الراوي، يعني أنّ الإمام (عليه السّلام) قبض أصابعه ليحكي اجتماع هذه الصفات في إبراهيم (عليه السّلام)، و إمّا من كلام الإمام (عليه السّلام) أي قبض اللّه يد إبراهيم (عليه السّلام) كناية عن كمال لطفه تبارك و تعالى بإبراهيم (عليه السّلام) حين خاطبه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 323

و أنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شي ء، بين فيه الحلال و الحرام، و الحدود و الأحكام، و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز و جل ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «1» و أنزل في حجة الوداع و هي آخر عمره (صلى الله عليه و آله): الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ

دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «2» فأمر الإمامة من تمام الدين، و لم يمض (صلى الله عليه و آله) حتى بين لامته تمام دينهم «3»، و أوضح لهم سبيلهم، و تركهم على قصد الحق، و أقام لهم عليا (عليه السلام) علما و إماما، و ما ترك شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه.

فمن زعم أن الله عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله و من رد كتاب الله فهو كافر، هل يعرفون قدر الإمامة و محلها من الامة، فيجوز فيها اختيارهم؟! إن الامامة أجل قدرا، و أعظم شأنا، و أعلى مكانا، و أمنع جانبا، و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم.

إن الإمامة خص الله بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة، و الخلة مرتبة ثالثة، و فضيلة شرفه بها، و أشاد بها ذكره، فقال عز و جل: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فقال الخليل (عليه السلام) مسرورا «4» بها: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قال الله تبارك و تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة فصارت في الصفوة (عليهم السلام)» الحديث.

608/ [6]- العياشي: رواه بأسانيد عن صفوان الجمال، قال: كنا بمكة فجرى الحديث في قول الله: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قال: أتمهن بمحمد و علي و الأئمة من ولد علي (صلى الله عليهم) في قول الله:

ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «5»، ثم قال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قال: يا رب، و يكون من ذريتي ظالم؟ قال: نعم، فلان و فلان و

فلان و من اتبعهم.

قال: يا رب، فاجعل «6» لمحمد و علي ما وعدتني فيهما، و عجل نصرك لهما، و إليه أشار بقوله: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَ لَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ «7» فالملة:

الإمامة.

فلما أسكن ذريته بمكة، قال: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ «8»، فاستثنى مَنْ آمَنَ خوفا أن يقول له: لا، كما قال له في الدعوة الأولى:

__________________________________________________

6- تفسير العياشي 1: 57/ 88.

(1) الأنعام 6: 38.

(2) المائدة 5: 3.

(3) في المصدر: معالم دينهم.

(4) في المصدر: سرورا.

(5) آل عمران 3: 34.

(6) في المصدر: فعجل.

(7) البقرة 2: 130.

(8) البقرة 2: 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 324

قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ.

فلما قال الله: وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ «1» قال: يا رب، و من الذي متعتهم؟ قال: الذين كفروا بآياتي فلان و فلان و فلان.

609/ [7]- عن حريز، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ، أي لا يكون إماما ظالما.

610/ [8]- عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً.

قال: فقال: «لو علم الله أن اسما أفضل منه لسمانا به».

611/ [9]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن خالد البرقي، عن فضالة بن أيوب، عن عبد الحميد بن النضر «2»، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ينكرون الإمام المفروض الطاعة و يجحدونه؟! و الله، ما

في الأرض منزلة «3» عند الله أعظم من منزلة مفترض الطاعة، لقد كان إبراهيم (عليه السلام) دهرا ينزل عليه الوحي [و الأمر من الله و ما كان مفترض الطاعة] حتى بدا لله أن يكرمه و يعظمه فقال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فعرف إبراهيم (عليه السلام) ما فيها من الفضل فقال: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي أي و اجعل ذلك في ذريتي، قال الله عز و جل: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنما هو في ذريتي لا يكون في غيرهم».

612/ [10]- الشيخ المفيد: عن أبي الحسن الأسدي، عن أبي الخير «4» صالح بن أبي حماد الرازي، يرفعه، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: «إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا، و إن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، و إن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، و إن الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما، فلما جمع له الأشياء، قال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً».

قال: «فمن عظمها في عين إبراهيم (عليه السلام): قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ- قال-: لا يكون السفيه إمام التقي.

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 58/ 89.

8- تفسير العيّاشي 1: 58/ 90.

9- مختصر بصائر الدرجات: 60.

10- الاختصاص: 22.

(1) البقرة 2: 126. [.....]

(2) في «س، ط»: قصي، و في المصدر: نصر، و الظاهر أنّ الصواب ما في المتن، انظر معجم رجال الحديث 9: 281.

(3) في المصدر زيادة: إمام.

(4) في «س و ط»: أبي الحسن، و في المصدر: أبي الحسين، تصحيف صوابه ما في المتن من رجال النجاشي: 198/ 526 و معجم رجال الحديث 9: 53.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 325

613613/ [11]- و عنه:

عن أبي محمد الحسن «1» بن حمزة الحسيني، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم و درست بن أبي منصور، عنهم- في حديث- قال: «قد كان إبراهيم نبيا و ليس بإمام حتى قال الله تبارك و تعالى: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي فقال الله تبارك و تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ من عبد صنما أو وثنا أو مثالا لا يكون إماما».

614/ [12]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا، و اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، و اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، و إن الله اتخذ إبراهيم خليلا قبل أن يتخذه إماما، فلما جمع له الأشياء- و قبض يده- قال له: يا إبراهيم إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فمن عظمها في عين إبراهيم (عليه السلام) قال: يا رب وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ».

615/ [13]- الشيخ في (أماليه): عن الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبي و إسحاق بن إبراهيم الدبري «2»، قال حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا أبي، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنا دعوة أبي إبراهيم».

قلنا: يا رسول الله، و كيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟

قال: «أوحى الله عز و جل إلى إبراهيم: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فاستخف إبراهيم الفرح، فقال:

يا رب، و من ذريتي أئمة مثلي؟ فأوحى الله عز و جل إليه: أن- يا إبراهيم- إَّي لا أعطيك عهدا لا أفي لك به.

قال: يا رب،

ما العهد الذي لا تفي لي به؟ قال: لا أعطيك عهدا لظالم من ذريتك.

قال: يا رب، و من الظالم من ولدي الذي لا ينال عهدك؟ قال: من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا، و لا يصلح «3» أن يكون إماما.

قال إبراهيم: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ «4»».

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «فانتهت الدعوة إلي و إلى أخي علي، لم يسجد أحد منا لصنم قط، فاتخذني الله نبيا و عليا وصيا» «5».

__________________________________________________

11- الاختصاص: 23.

12- الاختصاص: 23.

13- الأمالي 1: 388.

(1) في المصدر: أبو محمّد بن الحسن، و الصواب ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 64/ 150، الفهرست 52: 184.

(2) في «س» و المصدر: الديري، و في «ط»: الزبيري، كلاهما تصحيف، و الصواب ما في المتن نسبة إلى (دبر) من قرى صنعاء اليمن. راجع معجم البلدان 2: 437، و سير أعلام النبلاء 13: 416.

(3) في المصدر: و لا يصح.

(4) إبراهيم 14: 35- 36.

(5) في «ط» نسخة بدل: وليا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 326

616/ [14]- و من طريق المخالفين: ما رواه الشافعي ابن المغازلي في كتاب (المناقب) بإسناده، يرفعه إلى عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنا دعوة أبي إبراهيم (عليه السلام)».

قلت: يا رسول الله، و كيف صرت دعوة إبراهيم أبيك (عليه السلام)؟

و ساق الحديث السابق بعينه إلى قوله (صلى الله عليه و آله): «فانتهت الدعوة إلي و إلى علي (عليه السلام) لم يسجد أحدنا «1» لصنم قط، فاتخذني الله نبيا و اتخذ عليا وصيا».

سورة البقرة(2): آية 125 ..... ص : 326

قوله تعالى:

وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ

مُصَلًّى [125] 617/ [1]- قال علي بن إبراهيم: المثابة: العود إليه.

618/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي أن يصلي الركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام) في طواف الحج و العمرة؟

فقال: «إن كان بالبلد صلى الركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام)، فان الله عز و جل يقول: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى و إن كان قد ارتحل فلا آمره أن يرجع».

619/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليس لأحد أن يصلي ركعتي طواف الفريضة إلا خلف المقام، لقول الله: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى إن صليتهما في غيره فعليك إعادة الصلاة».

620/ [4]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام، و قد قال الله تعالى:

وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى حتى ارتحل.

__________________________________________________

14- المناقب: 276/ 322.

1- تفسير القمّي 1: 59.

2- الكافي 4: 425/ 1. [.....]

3- التهذيب 5: 137/ 451.

4- التهذيب 5: 140/ 461.

(1) في المصدر: لم نسجد أحد منّا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 327

فقال: «إن كان ارتحل فإني لا أشق عليه و لا آمره أن يرجع، و لكن يصلي حيث يذكر».

621/ [5]- و عنه: عن موسى بن القاسم، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله الأبزاري، قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي أن يصلي «1» ركعتي طواف الفريضة في الحجر.

قال: «يعيدهما خلف المقام، لأن الله يقول: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى يعني بذلك ركعتي طواف الفريضة».

622/ [6]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، قال حدثني من سأله عن الرجل ينسى «2» ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج. فقال: «يوكل».

قال ابن مسكان: و في حديث آخر: «إن كان جاوز ميقات أهل أرضه فليرجع و ليصلهما، فإن الله تعالى يقول:

وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى».

623/ [7]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي أن يصلي ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام) في الطواف، في الحج أو العمرة.

فقال: «إن كان بالبلد صلى ركعتين عند مقام إبراهيم، فإن الله يقول: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى، و إن كان ارتحل و سار، فلا آمره أن يرجع».

624/ [8]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة، في حج كان أو عمرة، و جهل أن يصلي ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام).

قال: «يصليها و لو بعد أيام، لأن الله يقول: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى».

سورة البقرة(2): الآيات 126 الي 129 ..... ص : 327

قوله تعالى:

وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ [125]

625/ [1]- علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «يعني نحيا عنه المشركين».

__________________________________________________

5- التهذيب 5: 138/ 454.

6- التهذيب 5: 140/ 463.

7- تفسير العيّاشي 1: 58/ 91.

8- تفسير العيّاشي 1: 58/ 92.

1- تفسير القمّي 1: 59.

(1) في المصدر: نسي فصلّى.

(2) في المصدر: نسي.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 1، ص: 328

و قال: «لما بنى إبراهيم البيت و حج الناس، شكت الكعبة إلى الله تبارك و تعالى ما تلقاه من أيدي المشركين و أنفاسهم، فأوحى الله إليها، قري كعبتي، فإني أبعث في آخر الزمان قوما يتنظفون بقضبان الشجر و يتخللون».

626/ [2]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل يقول في كتابه: طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا و هو طاهر، قد غسل عرقه و الأذى و تطهر».

627/ [3]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن عمران الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): أ تغتسل النساء إذا أتين البيت؟ فقال: «نعم، إن الله تعالى يقول: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ و ينبغي للعبد أن لا يدخل إلا و هو طاهر، قد غسل عنه العرق و الأذى و تطهر».

628/ [4]- محمد بن علي بن بابويه: عن محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله بن علي الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): أ تغتسل النساء إذا أتين البيت؟ قال: «نعم، إن الله عز و جل يقول: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ فينبغي للعبد أن لا يدخل إلا و هو طاهر، قد غسل عنه العرق و الأذى و تطهر».

629/ [5]- العياشي: عن

الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته: أ تغتسل النساء إذا أتين البيت؟ قال:

«نعم، إن الله يقول: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ ينبغي للعبد أن لا يدخل إلا و هو طاهر، قد غسل عنه العرق و الأذى و تطهر».

630/ [6]- أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان): سبب النزول، عن ابن عباس، قال: لما أتى إبراهيم بإسماعيل و هاجر فوضعهما بمكة و أتت على ذلك مدة و نزلها الجرهميون، و تزوج إسماعيل امرأة منهم، و ماتت هاجر و استأذن إبراهيم سارة أن يأتي هاجر فأذنت له، و شرطت عليه أن لا ينزل، فقدم إبراهيم (عليه السلام)، و قد ماتت هاجر، فذهب إلى بيت إسماعيل، فقال لامرأته: «أين صاحبك؟» قالت: له ليس ها هنا، ذهب يتصيد و كان إسماعيل يخرج من الحرم يتصيد و يرجع.

فقال لها إبراهيم: «هل عندك ضيافة؟» قالت: ليس عندي شي ء، و ما عندي أحد.

فقال لها إبراهيم: «إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام و قولي له: فليغير عتبة بابه» و ذهب إبراهيم (عليه السلام)، فجاء إسماعيل (عليه السلام) و وجد ريح أبيه، فقال لامرأته: «هل جاءك أحد؟». قالت: جاءني شيخ صفته كذا و كذا،

__________________________________________________

2- الكافي 4: 400/ 3.

3- التهذيب 5: 251/ 852.

4- علل الشرائع: 411/ 1.

5- تفسير العيّاشي 1: 59/ 95. [.....]

6- مجمع البيان 2: 383.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 329

كالمستخفة بشأنه.

قال: «فما قال لك؟» قالت: قال لي: أقرئي زوجك السلام، و قولي له: فليغير عتبة بابه. فطلقها و تزوج اخرى، فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل (عليه السلام) فأذنت له، و اشترطت عليه أن لا ينزل، فجاء إبراهيم (عليه السلام)

حتى انتهى إلى باب إسماعيل (عليه السلام)، فقال لامرأته: «أين صاحبك؟». قالت:

يتصيد، و هو يجيئني الآن- إن شاء الله- فانزل يرحمك الله.

فقال لها: «هل عندك ضيافة؟». قالت: نعم، فجاءت باللبن و اللحم، فدعا لها «1» بالبركة، فلو جاءت يومئذ بخبز أو بر أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض الله برا و شعيرا و تمرا.

فقالت له: انزل حتى اغسل رأسك فلم ينزل، فجاءت بالمقام فوضعته على شقه الأيمن فوضع قدمه عليه، فبقي أثر قدمه عليه، فغسلت شق رأسه الأيمن، ثم حولت المقام إلى شقه الأيسر، فبقي أثر قدمه عليه، فغسلت شق رأسه الأيسر.

فقال لها: «إذا جاء زوجك فأقرئيه مني السلام، و قولي له: قد استقامت عتبة بابك».

فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه، فقال لامرأته: «هل جاءك أحد؟». قالت: نعم، شيخ أحسن الناس وجها، و أطيبهم ريحا، و قال لي: كذا و كذا، و قلت له: كذا، و غسلت رأسه، و هذا موضع قدميه على المقام، فقال لها إسماعيل (عليه السلام): «ذاك إبراهيم (عليه السلام)».

631/ [7]- ثم قال أبو علي: و قد روى هذه القصة بعينها علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن الصادق (عليه السلام)، و إن اختلفت بعض ألفاظه، و قال في آخرها: «إذا جاء زوجك، فقولي له: قد جاء ها هنا شيخ و هو يوصيك بعتبة بابك خيرا، فأكب إسماعيل (عليه السلام) على المقام يبكي و يقبله».

632/ [8]- ثم قال: و في رواية اخرى، عنه (عليه السلام): «أن إبراهيم (عليه السلام) استأذن سارة أن يزور إسماعيل (عليه السلام)، فأذنت له على أن لا يلبث عنها و أن لا ينزل من حماره، فقيل: كيف كان ذلك؟ فقال: إن الأرض

طويت له».

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ

__________________________________________________

7- مجمع البيان 1: 384.

8- مجمع البيان 1: 384.

(1) في المصدر: لهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 330

قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ- إلى قوله تعالى- إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [129]

633/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و الحسين بن محمد، عن عبدويه بن عامر، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن عقبة ابن بشير، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن الله عز و جل أمر إبراهيم (عليه السلام) ببناء الكعبة، و أن يرفع قواعدها و يري الناس مناسكهم، فبنى إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام) البيت كل يوم سافا «1» حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود».

و قال أبو جعفر (عليه السلام) «فنادى أبو قبيس إبراهيم (عليه السلام): أن لك عندي وديعة فأعطاه الحجر، فوضعه موضعه، ثم إن إبراهيم (عليه السلام) أذن في الناس بالحج، فقال: أيها الناس، إني إبراهيم خليل الله، و إن الله يأمركم أن تحجوا هذا البيت فحجوه، فأجابه من يحج إلى يوم القيامة، و كان أول من أجابه من أهل اليمن- قال: و حج إبراهيم (عليه السلام) هو و أهله و ولده، فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق فمن هاهنا كان ذبحه».

و

ذكر عن أبي بصير أنه سمع أبا جعفر و أبا عبد الله (عليهما السلام) يزعمان أنه إسحاق،

فأما زرارة فزعم أنه إسماعيل.

634/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: دعا إبراهيم ربه أن يرزق من آمن منهم، فقال الله: يا إبراهيم وَ مَنْ كَفَرَ- أيضا أرزقه- فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ.

635/ [3]- أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان)، قال: روي عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن المراد بذلك أن الثمرات تحمل إليهم من الآفاق».

و

روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إنما هي ثمرات القلوب، أي حببهم إلى الناس ليثوبوا «2» إليهم».

636/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إبراهيم (عليه السلام) كان نازلا في بادية الشام، فلما ولد له من هاجر إسماعيل (عليه السلام) اغتمت سارة من ذلك غما شديدا، لأنه لم يكن له منها ولد، و كانت تؤذي إبراهيم (عليه السلام) في هاجر و تغمه،

__________________________________________________

1- الكافي 4: 205/ 4.

2- تفسير القمّي 1: 60.

3- مجمع البيان 1: 387.

4- تفسير القمّي 1: 60.

(1) الساف في البناء: كلّ صف من اللّبن. «لسان العرب- سوف- 9: 166».

(2) أي يجتمعوا و يجيئوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 331

فشكا إبراهيم (عليه السلام) ذلك إلى الله عز و جل، فأوحى الله إليه: إنما مثل المرأة مثل الضلع العوجاء، إن تركتها استمتعت «1» بها، و إن أقمتها كسرتها، ثم أمره أن يخرج إسماعيل (عليه السلام) و أمه. فقال: يا رب إلى أي مكان؟ قال:

إلى حرمي و أمني، و أول بقعة خلقتها من الأرض، و هي مكة.

فأنزل الله عليه جبرئيل بالبراق، فحمل هاجر و إسماعيل و إبراهيم (عليهما السلام)، و كان إبراهيم لا يمر بموضع حسن فيه شجر و نخل و

زرع إلا و قال: يا جبرئيل، إلى هاهنا، إلى هاهنا، فيقول جبرئيل: لا، امض، امض، حتى وافى «2» مكة، فوضعه في موضع البيت، و قد كان إبراهيم (عليه السلام) عاهد سارة أن لا ينزل حتى يرجع إليها.

فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجر، فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها، فاستظلوا تحته، فلما سرحهم «3» إبراهيم و وضعهم و أراد الانصراف عنهم إلى سارة، قالت له هاجر: يا إبراهيم، أ تدعنا «4» في موضع ليس فيه أنيس و لا ماء و لا زرع؟ فقال إبراهيم: الله الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان هو يكفيكم «5».

ثم انصرف عنهم، فلما بلغ كداء- و هو جبل بذي طوى- التفت إليهم إبراهيم، فقال: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ «6» ثم مضى، و بقيت هاجر.

فلما ارتفع النهار عطش إسماعيل و طلب الماء، فقامت هاجر في الوادي في موضع السعي، و نادت: هل في الوادي من أنيس؟ فغاب عنها إسماعيل (عليه السلام) فصعدت على الصفا، و لمع لها السراب في الوادي، فظنت أنه ماء، فنزلت في بطن الوادي وسعت، فلما بلغت المسعى غاب عنها إسماعيل (عليه السلام)، ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا، فهبطت إلى الوادي تطلب الماء، فلما غاب عنها إسماعيل (عليه السلام) عادت حتى بلغت الصفا، فنظرت حتى فعلت ذلك سبع مرات، فلما كانت في الشوط السابع و هي على المروة، نظرت إلى إسماعيل (عليه السلام) و قد ظهر الماء من تحت رجليه، فعادت حتى جمعت حوله رملا، فإنه كان سائلا، فزمته «7»

بما جعلته حوله، فلذلك سميت زمزم.

و كانت جرهم نازلة بذي المجاز «8» و عرفات، فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطير و الوحش على الماء، فنظرت جرهم إلى تعكف الطير و الوحش على ذلك المكان، فأتبعوها «9» حتى نظروا إلى امرأة و صبي نازلين في

__________________________________________________

(1) في المصدر: استمتعتها.

(2) في المصدر: أتى.

(3) سرّحت فلانا إلى موضع كذا: إذا أرسلته. «الصحاح- سرح- 1: 374».

(4) في المصدر: لم تدعنا. [.....]

(5) في المصدر: المكان حاضر عليكم.

(6) إبراهيم 14: 37.

(7) زمّته شدّته و حجزته بما جعلت حوله من الرمل.

(8) ذو المجاز: موضع سوق بعرفة على ناحية كبكب. «معجم البلدان 5: 55».

(9) في «س و ط»: فأتبعتها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 332

ذلك الموضع قد استظلا بشجرة، و قد ظهر الماء لهما، فقالوا لهاجر: من أنت، و ما شأنك و شأن هذا الصبي؟ قالت:

أنا ام ولد إبراهيم خليل الرحمن، و هذا ابنه، أمره الله أن ينزلنا هاهنا. فقالوا لها: أ تأذنين «1» لنا أن نكون بالقرب منكما؟ فقالت لهم: حتى يأتي إبراهيم.

فلما زارهما إبراهيم (عليه السلام) في اليوم الثالث، قالت هاجر: يا خليل الله، إن هاهنا قوما من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منا، أ فتأذن لهم في ذلك؟ فقال إبراهيم: نعم، فأذنت هاجر لجرهم فنزلوا بالقرب منهم و ضربوا خيامهم، فأنست هاجر و إسماعيل بهم، فلما زارهم إبراهيم في المرة الثانية «2» نظر إلى كثرة الناس حولهم فسر بذلك سرورا شديدا، فلما ترعرع إسماعيل (عليه السلام)، و كانت جرهم قد وهبوا لإسماعيل كل واحد منهم شاة أو شاتين، فكانت هاجر و إسماعيل يعيشان [بها].

فلما بلغ إسماعيل (عليه السلام) مبلغ الرجال أمر الله إبراهيم (عليه السلام) أن يبني البيت،

فقال: يا رب، في أي بقعة؟

قال: في البقعة التي أنزلت على آدم القبة فأضاء لها الحرم، فلم تزل القبة التي أنزلها الله على آدم (عليه السلام) قائمة حتى كان أيام الطوفان أيام نوح (عليه السلام)، فلما غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة و غرقت الدنيا إلا موضع البيت، فسميت البيت العتيق، لأنه أعتق من الغرق.

فلما أمر الله عز و جل إبراهيم (عليه السلام) أن يبني البيت لم يدر في أي مكان يبنيه، فبعث الله عز و جل جبرئيل (عليه السلام) فخط له موضع البيت، فأنزل الله عليه القواعد من الجنة، و كان الحجر الذي أنزله الله على آدم (عليه السلام) أشد بياضا من الثلج، فلما مسته أيدي الكفار اسود.

فبنى إبراهيم (عليه السلام) البيت، و نقل إسماعيل (عليه السلام) الحجر من ذي طوى، فرفعه في «3» السماء تسعة أذرع، ثم دله على موضع الحجر، فاستخرجه إبراهيم (عليه السلام) و وضعه في موضعه الذي هو فيه الآن، و جعل له بابين: بابا إلى الشرق، و بابا إلى الغرب و الباب الذي إلى الغرب يسمى المستجار، ثم ألقى عليه الشجر و الإذخر، و ألقت «4» هاجر على بابه كساء كان معها، و كانوا يكنون تحته.

فلما بناه و فرغ منه حج إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام)، و نزل عليهما جبرئيل (عليه السلام) يوم التروية لثمان من ذي الحجة، فقال: يا إبراهيم قم فارتو من الماء. لأنه لم يكن بمنى و عرفات ماء. فسميت التروية لذلك، ثم أخرجه إلى منى فبات بها، ففعل به ما فعل بآدم (عليه السلام).

فقال إبراهيم (عليه السلام) لما فرغ من بناء البيت و الحج: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ

آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ: قال: من ثمرات القلوب، أي حببهم إلى الناس لينتابوا إليهم «5» و يعودوا

__________________________________________________

(1) في المصدر: فقالوا لها: أيّها المباركة أ فتأذني.

(2) في المصدر: الثالثة.

(3) في المصدر: إلى.

(4) في المصدر: و علّقت.

(5) انتاب الرجل القوم انتيابا: إذا قصدهم و أتاهم مرّة بعد مرّة. «لسان العرب- نوب- 1: 775».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 333

إليهم».

637/ [5]- العياشي: عن المنذر الثوري، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن الحجر. فقال: «نزلت ثلاثة أحجار من الجنة: الحجر الأسود استودعه إبراهيم (عليه السلام)، و مقام إبراهيم، و حجر بني إسرائيل».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله استودع إبراهيم الحجر الأبيض، و كان أشد بياضا من القراطيس، فاسود من خطايا بني آدم».

638/ [6]- عن جابر الجعفي، قال: قال محمد بن علي (عليهما السلام): «يا جابر، ما أعظم فرية أهل الشام على الله، يزعمون أن الله تبارك و تعالى حيث صعد إلى السماء وضع قدمه على صخرة بيت المقدس، و لقد وضع عبد من عباد الله قدمه على حجر، فأمرنا الله تبارك و تعالى أن نتخذه مصلى.

يا جابر، إن الله تبارك و تعالى لا نظير له و لا شبيه، تعالى الله عن صفة الواصفين، و جل عن أوهام المتوهمين، و احتجب عن عين الناظرين، لا يزول مع الزائلين، و لا يأفل مع الآفلين، ليس كمثله شي ء، و هو السميع العليم».

639/ [7]- عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن رجل، عن علي بن الحسين (عليه السلام): «قول إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ إيانا عنى بذلك و أولياءه و شيعة وصيه».

قال: «وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا

ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ قال: عنى بذلك من جحد وصيه و لم يتبعه من أمته، و كذلك و الله حال هذه الامة».

640/ [8]- عن أحمد بن محمد، عنه (عليه السلام)، قال: «إن إبراهيم لما أن دعا ربه أن يرزق أهله من الثمرات قطع قطعة من الأردن، فأقبلت حتى طافت بالبيت سبعا، ثم أقرها الله في موضعها، و إنما سميت الطائف للطواف بالبيت».

641/ [9]- عن أبي سلمة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن الله أنزل الحجر الأسود من الجنة لآدم، و كان البيت درة بيضاء فرفعه الله إلى السماء و بقي أساسه، فهو حيال هذا البيت».

و قال: «يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون إليه أبدا، فأمر الله إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام) أن يبنيا البيت على القواعد».

642/ [10]- قال الحلبي: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن البيت، أ كان يحج قبل أن يبعث

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 59/ 93.

6- تفسير العيّاشي 1: 59/ 94.

7- تفسير العيّاشي 1: 59/ 96.

8- تفسير العيّاشي 1: 60/ 97. [.....]

9- تفسير العيّاشي 1: 60/ 98.

10- تفسير العيّاشي 1: 60/ 99.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 334

النبي (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «نعم، و تصديقه في القرآن قول شعيب حين قال لموسى (عليهما السلام) حيث تزوج: عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ «1» و لم يقل ثماني سنين، و إن آدم و نوحا (عليهما السلام) حجا، و سليمان بن داود (عليهما السلام) قد حج البيت بالجن و الإنس و الطير و الريح، و حج موسى (عليه السلام) على جمل أحمر، يقول: لبيك لبيك. و إنه كما قال الله: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً

لِلْعالَمِينَ «2» و قال: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ و قال: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ «3» و إن الله أنزل الحجر لآدم و كان البيت».

643/ [11]- عن أبي الورقاء، قال: قلت لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أول شي ء نزل من السماء، ما هو؟ قال:

«أول شي ء نزل من السماء إلى الأرض فهو البيت الذي بمكة، أنزله الله ياقوتة حمراء، ففسق قوم نوح في الأرض، فرفعه حيث يقول: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ».

644/ [12]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن أمة محمد (عليه الصلاة و السلام)، من هم؟ قال: «امة محمد بنو هاشم خاصة».

قلت: فما الحجة في امة محمد أنهم أهل بيته الذين ذكرت دون غيرهم؟ قال: «قول الله: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ فلما أجاب الله إبراهيم و إسماعيل، و جعل من ذريتهم أمة مسلمة، و بعث فيها رسولا منها- يعني من تلك الامة- يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة، ردف إبراهيم (عليه السلام) دعوته الاولى بدعوته الاخرى، فسأل لهم تطهيرا من الشرك و من عبادة الأصنام، ليصح أمره فيهم، و لا يتبعوا غيرهم، فقال: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «4» ففي هذه دلالة على أنه لا تكون الأئمة

و الامة المسلمة التي بعث فيها محمدا (صلى الله عليه و آله) إلا من ذرية إبراهيم (عليه السلام)، لقوله: اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ».

645/ [13]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ قال: يعني من ولد إسماعيل (عليه السلام)، فلذلك

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنا دعوة أبي إبراهيم (عليه السلام)»

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 60/ 100.

12- تفسير العيّاشي 1: 60/ 101.

13- تفسير القمّي 1: 62.

(1) القصص 28: 27.

(2) آل عمران 3: 96.

(3) البقرة 2: 125.

(4) إبراهيم 14: 35- 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 335

سورة البقرة(2): الآيات 130 الي 132 ..... ص : 335

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَ لَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [130] إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [131] وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [132]

646/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق «1» (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة ابن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، عن محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)- في حديث له [ذكر فيه الكلمات التي ابتلى الله بهن إبراهيم (عليه السلام)]- قال: [ «ثم استجابة الله دعوته حين قال: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى «2» و هذه آية متشابهة، و معناها أنه سأل عن الكيفية، و الكيفية من فعل الله عز و جل، متى لم يعلمها العالم لم يلحقه

عيب، و لا عرض في توحيده نقص، فقال الله عز و جل: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى «3».

هذه شرط عام، لمن آمن به، متى سئل واحد منهم: أ و لم تؤمن؟ وجب آن يقول: بلى، كما قال إبراهيم (عليه السلام)، و لما قال الله عز و جل لجميع أرواح بني آدم: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «4»، كان أول من قال بلى، محمد (صلى الله عليه و آله)، فصار بسبقه إلى بلى سيد الأولين و الآخرين، و أفضل النبيين و المرسلين، فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم فقد رغب عن ملته ، قال الله عز و جل: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ.

ثم اصطفاء الله عز و جل إياه في الدنيا، ثم شهادته له في العاقبة أنه من الصالحين في قوله عز و جل: وَ لَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ. و الصالحون هم النبي و الأئمة (صلوات الله عليهم)، الآخذون عن الله أمره و نهيه، و الملتمسون الصلاح من عنده، و المجتنبون للرأي و القياس في دينه في قوله عز و جل: إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.

ثم اقتداء من بعده من الأنبياء (عليهم السلام) به في قوله عز و جل:

__________________________________________________

1- الخصال: 308/ 84.

(1) في المصدر: علي بن أحمد بن موسى، و كلاهما من مشايخ الصدوق، و لا يبعد اتحادهما، انظر معجم رجال الحديث 11: 254 و 255.

(2، 3) البقرة 2: 260.

(4) الأعراف 7: 172.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 336

وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ».

647/

[2]- ابن شهر آشوب و غيره، عن صاحب (شرح الأخبار) قال أبو جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى:

وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ قال: «بولاية علي (عليه السلام) «1»».

سورة البقرة(2): آية 133 ..... ص : 336

قوله تعالى:

أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ- إلى قوله تعالى- وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [133]

648/ [3]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير هذه الآية من قول الله: إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً، قال: «جرت في القائم (عليه السلام)».

سورة البقرة(2): آية 135 ..... ص : 336

قوله تعالى:

وَ قالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [135]

649/ [4]- العياشي: عن الوليد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الحنيفية هي الإسلام».

650/ [5]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «ما أبقت الحنيفية شيئا، حتى إن منها قص الشارب و قلم الأظفار و الختان».

651/ [6]- الي بن إبراهيم: أنزل الله تعالى على إبراهيم (عليه السلام) الحنيفية، و هي الطهارة، و هي عشرة أشياء:

__________________________________________________

2- المناقب 3: 95، شرح الأخبار 1: 236/ 238. [.....]

3- تفسير العيّاشي 1: 61/ 102.

4- تفسير العيّاشي 1: 61/ 103.

5- تفسير العيّاشي 1: 61/ 104.

6- تفسير القمّي 1: 59.

(1) في المناقب: لولاية علي (عليه السّلام)، و في شرح الأخبار: مسلمون بولاية عليّ (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 337

خمسة في الرأس، و خمسة في البدن فأما التي في الرأس: فأخذ الشارب، و إعفاء اللحى، و طم الشعر «1»، و السواك، و الخلال، و أما التي في البدن: فحلق الشعر من البدن، و الختان، و قلم الأظفار، و الغسل من الجنابة، و الطهور بالماء، و هي الحنيفية الطاهرة التي جاء بها إبراهيم فلم تنسخ و لا تنسخ إلى يوم القيامة.

سورة البقرة(2): الآيات 136 الي 137 ..... ص : 337

قوله تعالى:

قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى وَ عِيسى وَ ما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [136] فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [137]

652/ [1]- العياشي: عن المفضل بن صالح،

عن بعض أصحابه، في قوله تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ أما قوله: قُولُوا منه آل محمد (صلى الله عليه و آله) و قوله: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا سائر الناس.

653/ [2]- عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: كان ولد يعقوب أنبياء؟ قال:

«لا، و لكنهم كانوا أسباط أولاد الأنبياء، و لم يكونوا فارقوا الدنيا إلا سعداء تابوا و تذكروا ما صنعوا».

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب بإسناده عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) بزيادة بعد قوله:

«و تذكروا ما صنعوا» و هي قوله (عليه السلام): «إلا «2» الشيخين، فارقا الدنيا و لم يتوبا و لم يذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين (عليه السلام)، فعليهما لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين» «3».

654/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد ابن النعمان، عن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا. قال: «إنما عنى

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 61/ 105.

2- تفسير العيّاشي 1: 62/ 106.

3- الكافي 1: 344/ 19.

(1) طمّ الشعر: جزّه أو قصّه. «مجمع البحرين- طمم- 6: 107».

(2) في المصدر: إنّ.

(3) في «ط»: 8: 246/ 343.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 338

بذلك عليا و فاطمة و الحسن و الحسين، و جرت بعدهم في الأئمة (عليهم السلام)، [ثم يرجع القول من الله في الناس، فقال: فَإِنْ آمَنُوا يعني الناس بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ يعني عليا و فاطمة و الحسن و

الحسين و الأئمة (عليهم السلام): فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ».

العياشي: عن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و ذكر الحديث بعينه «1».

655/ [4]- قال علي بن إبراهيم: قوله فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ يعني في كفر.

و رواه في (مجمع البيان) عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2».

سورة البقرة(2): آية 138 ..... ص : 338

قوله تعالى:

صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَ نَحْنُ لَهُ عابِدُونَ [138]

656/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً. قال: «صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق».

657/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً قال: «الإسلام».

658/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن عبد الله بن فرقد، عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً قال: «الصبغة هي الإسلام».

659/ [8]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن محمد ابن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً قال: «الصبغة هي الإسلام».

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 62.

5- الكافي 1:

350/ 53.

6- الكافي 2: 12/ 1. [.....]

7- الكافي 2: 12/ 2.

8- الكافي 2: 12/ 3.

(1) تفسير العيّاشي 1: 62/ 107.

(2) مجمع البيان 1: 406.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 339

660/ [5]- ابن بابويه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن فضالة، عن أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً قال: «هي الإسلام».

661/ [6]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «الصبغة الإسلام».

662/ [7]- و عن عبد الرحمن «1» بن كثير الهاشمي- مولى أبي جعفر-، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله:

صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً قال: «الصبغة أمير المؤمنين (عليه السلام) بالولاية في الميثاق».

سورة البقرة(2): آية 142 ..... ص : 339

قوله تعالى:

سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [142]

663/ [1]- الشيخ بإسناده عن الطاطري، عن وهيب، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله:

سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

فقلت له: أمره الله أن يصلي إلى بيت المقدس؟

قال: «نعم، ألا ترى أن الله تعالى يقول: وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ «2»؟

قال: «إن بني عبد الأشهل أتوهم و هم في الصلاة، و قد صلوا ركعتين إلى بيت المقدس،

فقيل لهم: إن نبيكم

__________________________________________________

5- معاني الأخبار: 188/ 1.

6- تفسير العيّاشي 1: 62/ 108.

7- تفسير العيّاشي 1: 62/ 109.

1- التهذيب 2: 43/ 138.

(1) في «س و ط»: عمران بن عبد الرحمن، و في المصدر: عمر بن عبد الرحمن، و كلاهما سهو أو هما تصحيف (عن عمّه) لتشابه الرسم و لأنّ علي بن حسّان روى هذا الحديث عن عمّه عبد الرحمن كما في الكافي المتقدّم برقم (1) و هو الموافق للبحار 3: 281/ 20، و معجم رجال الحديث 9: 343، و حذف مع سائر أسانيد تفسير العيّاشي.

(2) البقرة 2: 143.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 340

قد صرف إلى الكعبة، فتحول النساء مكان الرجال، و الرجال مكان النساء، و صلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة، فصلوا صلاة واحدة إلى قبلتين، فلذلك سمي مسجدهم مسجد القبلتين».

664/ [2]- أبو علي الطبرسي عن علي بن إبراهيم، بإسناده عن الصادق (عليه السلام)، قال: «تحولت القبلة إلى الكعبة بعد ما صلى النبي (صلى الله عليه و آله) بمكة ثلاث عشرة سنة إلى بيت المقدس، و بعد مهاجرته إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس سبعة أشهر- قال-: ثم وجهه الله إلى الكعبة، و ذلك أن اليهود كانوا يعيرون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يقولون له: أنت تابع لنا، تصلي إلى قبلتنا فاغتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ذلك غما شديدا، و خرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء، ينتظر من الله في ذلك أمرا، فلما أصبح و حضر وقت صلاة الظهر، كان في مسجد بني سالم قد صلى من الظهر ركعتين، فنزل عليه جبرئيل و أخذ بعضديه و حوله إلى الكعبة، و أنزل عليه: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ

فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ «1» و كان قد صلى ركعتين إلى بيت المقدس، و ركعتين إلى الكعبة، فقالت اليهود و السفهاء: ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها».

665/ [3]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما كان بمكة أمره أن يتوجه نحو بيت المقدس في صلاته، و يجعل الكعبة بينه و بينها إذا أمكن، و إذا لم يكن «2» استقبل بيت المقدس كيف كان، فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يفعل ذلك طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة.

فلما كان بالمدينة، و كان متعبدا باستقبال بيت المقدس استقبله و انحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا، و جعل قوم من مردة اليهود يقولون: و الله، ما درى محمد كيف صلى حتى صار يتوجه إلى قبلتنا، و يأخذ في صلاته بهدينا و نسكنا فاشتد ذلك على رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما اتصل به عنهم، و كره قبلتهم و أحب الكعبة، فجاءه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس إلى الكعبة، فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبلتهم. فقال جبرئيل: فاسأل ربك أن يحولك إليها، فإنه لا يردك عن طلبتك، و لا يخيبك من بغيتك.

فلما استتم دعاءه صعد جبرئيل (عليه السلام)، ثم عاد من ساعته، فقال: اقرأ، يا محمد: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ «3» الآيات. فقال اليهود عند ذلك: ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا

عَلَيْها. فأجابهم الله أحسن جواب، فقال: قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ و هو يملكهما، و تكليفه التحول إلى جانب كتحويله لكم إلى جانب آخر

__________________________________________________

2- مجمع البيان 1: 413.

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 492/ 312.

(1) البقرة 2: 144.

(2) في المصدر: يتمّكن. [.....]

(3) البقرة 2: 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 341

يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو مصلحهم و مؤديهم بطاعتهم «1» إلى جنات النعيم.

و جاء قوم من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا محمد، هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربع عشرة سنة ثم تركتها الآن، أ فحقا كان ما كنت عليه، فقد تركته إلى باطل؟ فإن ما يخالف الحق فهو باطل، أو كان باطلا فقد كنت عليه طول هذه المدة؟ فما يأمنا أن تكون الآن على باطل؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): بل ذلك كان حقا، و هذا حق، يقول الله تعالى: قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ إذا عرف صلاحكم- يا أيها العباد- في استقبال المشرق أمركم به، و إذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب أمركم به، و إن عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به، فلا تنكروا تدبير الله في عباده، و قصده إلى مصالحكم.

ثم قال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): لقد تركتم العمل يوم السبت، ثم عملتم بعده في سائر الأيام، و تركتموه في يوم السبت، ثم عملتم بعده، أ فتركتم الحق إلى الباطل، أو الباطل إلى الحق؟ أو الباطل إلى الباطل أو الحق إلى الحق؟ قولوا كيف شئتم فهو قول محمد و جوابه لكم.

قالوا: بل ترك العمل في السبت حق، و العمل

بعده حق.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فكذلك قبلة بيت المقدس في وقتها حق، ثم قبلة الكعبة في وقتها حق.

فقالوا: يا محمد: أ فبدا لربك فيما كان أمرك به بزعمك من الصلاة إلى بيت المقدس حتى «2» نقلك إلى الكعبة؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما بدا له عن ذلك، لأنه العالم بالعواقب، و القادر على المصالح، لا يستدرك على نفسه غلطا، و لا يستحدث له رأيا بخلاف المتقدم، جل عن ذلك، و لا يقع أيضا عليه مانع يمنعه عن مراده، و ليس يبدو إلا لمن كان هذا وصفه، و هو عز و جل يتعالى عن هذه الصفات علوا كبيرا.

ثم قال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أيها اليهود، أخبروني عن الله، أليس يمرض ثم يصح، و يصح ثم يمرض، أ بدا له في ذلك؟ أليس يحيي و يميت «3»، أليس يأتي بالليل في أثر النهار، ثم النهار في أثر الليل، أ بدا له في كل واحد من ذلك؟ قالوا: لا.

قال: فكذلك الله تعبد نبيه محمدا بالصلاة إلى الكعبة بعد أن كان تعبده بالصلاة إلى بيت المقدس، و ما بدا له في الأول، ثم قال: أليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف، و الصيف في أثر الشتاء، أ بدا له في كل واحد منهما؟

قالوا: لا. قال: فكذلك لم يبد له في القبلة».

قال: «ثم قال: أليس قد ألزمكم أن تحترزوا في الشتاء من البرد بالثياب الغليظة، و ألزمكم في الصيف أن

__________________________________________________

(1) في المصدر: و هو مصلحتهم، و تؤديهم طاعتهم.

(2) في المصدر: حين.

(3) في المصدر زيادة: أبدا له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 342

تحترزوا من الحر، أ فبدا له في الصيف

حين «1» أمركم بخلاف ما أمركم به في الشتاء؟ قالوا: لا. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فكذلك تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشي ء، ثم بعده في وقت آخر لصلاح آخر «2» بشي ء آخر، فإن أطعتم في الحالين استحققتم ثوابه، فأنزل الله: وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «3» أي إذا توجهتم بأمره فثم الوجه الذي تقصدون منه «4» الله تعالى، و تؤملون ثوابه.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا عباد الله، أنتم كالمرضى، و الله رب العالمين كالطبيب، فصلاح المرضى فيما يعلمه الطبيب و يدبره به، لا فيما يشتهيه المريض و يقترحه، ألا فسلموا لله أمره تكونوا من الفائزين».

فقيل: يا بن رسول الله، فلم أمر بالقبلة الأولى؟

فقال: «لما قال الله عز و جل: وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها و هي بيت المقدس إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ «5» إلا لنعلم ذلك منه موجودا بعد أن علمناه سيوجد، و ذلك أن هوى أهل مكة كان في الكعبة، فأراد الله يبين متبع محمد (صلى الله عليه و آله) من مخالفه باتباع القبلة التي كرهها، و محمد (صلى الله عليه و آله) يأمر بها، و لما كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس أمرهم بمخالفتها و التوجه إلى الكعبة، ليبين من يوافق محمدا (صلى الله عليه و آله) في ما يكرهه، فهو مصدقه و موافقه.

ثم قال: وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ «6» أي كان «7» التوجه إلى بيت المقدس في ذلك الوقت كبيرة إلا على من يهدي الله، فعرف أن الله يتعبد بخلاف ما يريده المرء ليبتلي طاعته

في مخالفة هواه».

سورة البقرة(2): آية 143 ..... ص : 342

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [143]

666/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن

__________________________________________________

1- الكافي 1: 146/ 2.

(1) في المصدر: حتى.

(2) في المصدر زيادة: يعلمه.

(3) البقرة 2: 115.

(4) في «ط» نسخة بدل: الذي تعبدون فيه.

(5) البقرة 2: 143.

(6) البقرة 2: 143.

(7) في «س و ط»: و إن كان ما كان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 343

أحمد بن عائذ، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ. فقال: «نحن الأمة الوسطى، و نحن شهداء الله على خلقه، و حججه في أرضه».

667/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله تبارك و تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً؟ قال: «نحن الامة الوسط، و نحن شهداء الله تبارك و تعالى على خلقه، و حججه في أرضه».

668/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، [عن ابن أذينة] «1»، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً. قال: «نحن أمة الوسط، و نحن شهداء الله على خلقه، و حججه في أرضه».

669/ [4]- و عنه: عن عبد الله بن محمد،

عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: في (كتاب بندار بن عاصم) عن الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً. قال: «نحن الشهداء على الناس بما عندهم من الحلال و الحرام، و بما ضيعوا منه».

670/ [5]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد، و محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد ابن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله تعالى وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ؟ قال: «نحن الأمة «2» الوسط، و نحن شهداء الله على خلقه» «3».

671/ [6]- سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن علي بن النعمان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول

__________________________________________________

2- الكافي 1: 147/ 4.

3- بصائر الدرجات: 83/ 11. [.....]

4- بصائر الدرجات: 102/ 1.

5- بصائر الدرجات: 102/ 3.

6- مختصر بصائر الدرجات: 65.

(1) أثبتناه من المصدر، و هو الصواب كما في الحديثين (2 و 5) و معجم رجال الحديث 3: 290.

(2) في المصدر: الأئمّة.

(3) في المصدر زيادة: و حجته في أرضه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 344

الله عز و جل وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً. قال:

«نحن الشهداء على الناس بما عندنا من الحلال و الحرام» «1».

672/ [7]- العياشي: عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ

أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً؟ قال: «نحن الأمة الوسطى، و نحن شهداء الله على خلقه، و حججه في أرضه».

673/ [8]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «نحن نمط الحجاز» فقلت: و ما نمط الحجاز؟

قال: «أوسط الأنماط، إن الله يقول: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً- ثم قال- إلينا يرجع الغالي، و بنا يلحق المقصر».

674/ [9]- و قال أبو بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ، قال: «بما عندنا من الحلال و الحرام، و بما ضيعوا منه».

675/ [10]- و روى عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «هم الأئمة».

676/ [11]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال الله تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً فإن ظننت أن الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين، أفترى أن من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر، يطلب الله شهادته يوم القيامة و يقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية؟ كلا، لم يعن الله مثل هذا من خلقه، يعني الامة التي وجبت لها دعوة إبراهيم (عليه السلام): كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ «2» و هم الأمة الوسطى، و هم خير أمة أخرجت للناس».

قوله تعالى:

وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَ ما

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 62/ 110.

8- تفسير العيّاشي 1: 63/ 111.

9- تفسير العيّاشي 1: 63/ 113.

10- تفسير العيّاشي 1: 63/ 112.

11- تفسير العيّاشي 1: 63/ 114.

(1) في

المصدر زيادة: و بما ضيّعوا.

(2) آل عمران 3: 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 345

كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [143] قد تقدم من تفسير هذه الآية في قوله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ الآية «1»، و نزيد هاهنا:

677/ [1]- الشيخ، بإسناده عن الطاطري، عن محمد بن أبي حمزة، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله الله: وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ أمره به؟

قال: «نعم، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يقلب وجهه في السماء، فعلم الله ما في نفسه، فقال: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها «2»».

678/ [2]- عنه: عن الطاطري، عن وهيب، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت له: الله أمره أن يصلي إلى البيت المقدس؟

قال: «نعم، ألا ترى أن الله تعالى يقول: وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ».

679/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما صرف الله نبيه (صلى الله عليه و آله) إلى الكعبة عن بيت المقدس، أنزل الله عز و جل: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ فسمى الصلاة إيمانا».

680/ [4]- العياشي: قال أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)، قال: قلت له: ألا تخبرني عن الإيمان، أقول هو و عمل، أم قول بلا عمل؟

فقال: «الإيمان عمل كله، و القول بعض ذلك العمل، مفروض من الله، مبين في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجته، يشهد له بها الكتاب و يدعو إليه.

و لما أن صرف الله نبيه (صلى الله عليه و آله) إلى الكعبة عن بيت المقدس، قال المسلمون للنبي (صلى الله عليه و آله):

أ رأيت صلاتنا التي كنا نصلي إلى بيت المقدس، ما حالنا فيها، و ما حال من مضي من أمواتنا و هم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ فسمى الصلاة إيمانا، فمن اتقى الله حافظا لجوارحه موفيا كل جارحة من جوارحه بما فرض الله عليه، لقي الله مستكملا لإيمانه من أهل الجنة، و من خان في شي ء منها، أو تعدى ما أمر فيها، لقي الله ناقص الإيمان».

__________________________________________________

1- التهذيب 2: 43/ 137. [.....]

2- التهذيب 2: 44/ 138.

3- الكافي 2: 38/ 1.

4- تفسير العيّاشي 1: 63/ 115.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (142) من هذه السورة.

(2) البقرة 2: 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 346

سورة البقرة(2): آية 144 ..... ص : 346

قوله تعالى:

فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [144]

681/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك، فإن الله عز و جل قال لنبيه (صلى الله عليه و آله) في الفريضة: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ و اخشع ببصرك

و لا ترفعه إلى السماء، و ليكن حذاء وجهك في موضع سجودك».

682/ [2]- العياشي: عن حريز، قال أبو جعفر (عليه السلام): «استقبل القبلة بوجهك و لا تقلب وجهك عن «1» القبلة فتفسد صلاتك، فإن الله يقول لنبيه (صلى الله عليه و آله) في الفريضة: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ».

سورة البقرة(2): الآيات 146 الي 147 ..... ص : 346

قوله تعالى:

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ [146- 147]

683/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه رفعه، عن محمد ابن داود الغنوي، عن الأصبغ نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «أما أصحاب المشأمة فهم اليهود و النصارى، يقول الله عز و جل: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ يعرفون محمدا و الولاية في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ أنك أنت الرسول إليهم فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ.

__________________________________________________

1- الكافي 3: 300/ 6.

2- تفسير العيّاشي 1: 64/ 116.

3- الكافي 2: 215/ 16.

(1) في المصدر: من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 347

فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك فسلبهم روح الإيمان، و أسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة، و روح الشهوة، و روح البدن، ثم أضافهم إلى الأنعام، فقال: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ «1» لأن الدابة إنما تحمل بروح القوة، و تعتلف بروح الشهوة، و تسير بروح البدن».

684/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

«نزلت هذه الآية في اليهود و النصارى، يقول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يعني التوراة و الإنجيل يَعْرِفُونَهُ يعني يعرفون رسول الله كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ لأن الله عز و جل قد أنزل عليهم في التوراة و الإنجيل و الزبور صفة محمد (صلى الله عليه و آله) و صفة أصحابه و مهاجرته «2»، و هو قول الله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ «3» و هذه صفة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) في التوراة [و الإنجيل و صفة أصحابه، فلما بعثه الله عز و جل عرفه أهل الكتاب، كما قال جل جلاله: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ «4»».

سورة البقرة(2): آية 148 ..... ص : 347

قوله تعالى:

سْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [148]

685/ [1]- محمد بن إبراهيم- المعروف بابن زينب- قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن ضريس، عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين، أو عن محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: «الفقداء قوم يفقدون من فرشهم فيصبحون بمكة، و هو قول الله عز و جل:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

، و هم أصحاب القائم (عليه السلام)».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 32.

1- الغيبة للنعماني: 313/ 4.

(1) الفرقان 25: 44.

(2) في المصدر: أصحابه و مبعثه و هجرته.

(3) الفتح 48: 29. [.....]

(4) البقرة 2: 89.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 1، ص: 348

686/ [2]- و عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، قال:

حدثنا الحسن و محمد ابنا علي بن يوسف، عن سعدان بن مسلم، عن رجل، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا اذن الإمام دعا الله عز و جل باسمه العبراني، فانتجب له أصحابه «1»، الثلاث مائة و ثلاثة عشر، قزعا كقزع الخريف «2»، و هم أصحاب الألوية منهم من يفتقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة، و منهم من يرى يسير في السحاب نهارا، يعرف باسمه و اسم أبيه و حسبه «3» و نسبه».

قلت: جعلت فداك، أيهما أعظم إيمانا؟

قال: «الذي يسير في السحاب نهارا، و هم المفقودون، و فيهم نزلت هذه الآية:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً».

687/ [3]- و عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن يوسف، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي، عن أبيه و وهيب «4»، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

سْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً قال: «نزلت في القائم (عليه السلام) و أصحابه يجتمعون على غير ميعاد».

688/ [4]- و عنه، قال: أخبرنا محمد بن يعقوب الكليني أبو جعفر، قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه. قال: و حدثني محمد بن يحيى بن عمران «5»، عن أحمد بن محمد بن عيسى. و حدثني علي بن محمد و غيره، عن سهل بن زياد «6»، عن الحسن بن محبوب. و حدثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي أحمد بن محمد بن أبي ناشر، عن أحمد

بن هلال، عن الحسن بن محبوب، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه علامات القائم (عليه السلام)، إلى أن قال-: «فيجمع الله له «7» أصحابه ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلا، و يجمعهم الله له على غير ميعاد، قزعا كقزع الخريف،

__________________________________________________

2- الغيبة للنعماني: 312/ 3.

3- الغيبة للنعماني: 241/ 37.

4- الغيبة للنعماني: 282/ 67.

(1) انتجب: اختار و انتخب، و في المصدر: فأتيحت له صحابته: أي تهيّأت.

(2) أي قطع كقطع السحاب المتفرّقة، قيل، و إنّما خصّ الخريف لأنّه أوّل الشتاء و السحاب فيه يكون متفرّقا غير متراكم و لا مطبق، ثمّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك. «مجمع البحرين- قزع- 4: 378».

(3) في المصدر: و حليته.

(4) في «س و ط»: وهب، و الظاهر أنّ الصواب ما في المتن، و هو الموافق لسائر الروايات. انظر معجم رجال الحديث 19: 215.

(5) في المصدر: محمّد بن عمران.

(6) في المصدر زيادة: جميعا.

(7) في المصدر: عليه.

رهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 349

و هم «1»- يا جابر- الآية التي ذكرها الله في كتابه:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ

فيبايعونه بين الركن و المقام، و معه عهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد توارثته الأبناء من الآباء».

689/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط، عن ضريس، عن أبي خالد الكابلي، عن سيد العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «المفقودون من فرشهم ثلاث مائة و

ثلاثة عشر رجلا، عدة أهل بدر، فيصبحون بمكة، و هو قوله عز و جل:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

و هم أصحاب القائم».

690/ [6]- عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم «2»، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي «3»، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لقد نزلت هذه الآية في المفقودين «4» من أصحاب القائم (عليه السلام)، قوله عز و جل:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

إنهم المفقودون في «5» فرشهم ليلا فيصبحون بمكة، و بعضهم يسير في السحاب نهارا، يعرف باسمه و اسم أبيه و حليته و نسبه».

قال: فقلت: جعلت فداك، أيهم أعظم إيمانا؟ قال: «الذي يسير في السحاب نهارا».

691/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «6»

، في قول الله عز و جل:اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

.قال: «الخيرات الولاية، و قوله:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً يعني أصحاب القائم (عليه السلام) الثلاث مائة و البضعة عشر رجلا- قال- «هم و الله الامة المعدودة- قال-: يجتمعون و الله في ساعة واحدة قزعا كقزع الخريف».

692/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي خالد

__________________________________________________

5- كمال الدين و تمام النعمة: 654/ 21.

6- كمال الدين و تمام النعمة: 672/ 24.

7- الكافي 8: 313/ 487، ينابيع المودة: 421. [.....]

8- تفسير القمّي 2: 205.

(1) في المصدر: و هي.

(2)

في «س» و «ط»: زيادة: عن أحمد بن أبي القاسم، و الصواب ما في المتن، و هو تصحيف محمّد بن أبي القاسم الذي يروي عن أحمد البرقي.

راجع: جامع الرواة 1: 64، معجم رجال الحديث 2: 268.

(3) في المصدر: الكوفي، و هو صحيح أيضا لأنّ أصله من الكوفة، انظر رجال النجاشي: 76/ 182.

(4) في المصدر: المفتقدين.

(5) في المصدر: ليفتقدون عن.

(6) في المصدر: عن أبي جعفر (عليه السّلام)، و أبو خالد يروي عن الباقر و الصادق (عليهما السّلام). انظر معجم رجال الحديث 21: 138.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 350

الكابلي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه خروج القائم (عليه السلام)- قال: «ثم ينتهي إلى المقام فيصلي ركعتين، و ينشد الله حقه».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): هو- و الله- المضطر في قوله: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ «1» فيكون أول من يبايعه جبرئيل، ثم الثلاث مائة و الثلاثة عشر رجلا فمن كان ابتلى بالمسير وافاه، و من لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه، و هو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): هم المفقودون عن فرشهم، و ذلك قول الله:اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

- قال-: الخيرات الولاية».

693/ [9]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة)، قال: حدثني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثنا أبي هارون بن موسى «2» بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال:

حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبيد الله القمي القطان- المعروف بابن الخزاز- قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي عبد الله الخراساني، قال: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن

الحسن الزهري «3»، قال: حدثنا أبو حسان «4» سعيد ابن جناح، عن مسعدة «5» بن صدقة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه رجال القائم (عليه السلام) من البلدان- قال (عليه السلام): «إن أصحاب القائم (عليه السلام) يلقى بعضهم بعضا كأنهم بنو أب و ام، و إن افترقوا افترقوا عشاء و التقوا غدوة، و ذلك تأويل هذه الآية:اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

.قال أبو بصير: قلت: جعلت فداك، ليس على الأرض يومئذ مؤمن غيرهم؟

قال: «بلى، و لكن هذه التي يخرج الله فيها القائم، و هم النجباء و القضاة و الحكام و الفقهاء في الدين، يمسح الله بطونهم و ظهورهم فلا يشتبه عليهم حكم».

694/ [10]- العياشي: عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، يقول: «الزم الأرض، لا تحرك يدك و لا رجلك أبدا حتى ترى علامات أذكرها لك في سنة و ترى مناديا ينادي بدمشق، و خسفا بقرية من قراها، و تسقط طائفة من مسجدها، فإذا رأيت الترك جازوها، فأقبلت الترك حتى نزلت الجزيرة «6»، و أقبلت الروم حتى نزلت الرملة «7»، و هي سنة اختلاف في كل أرض من أرض العرب.

__________________________________________________

9- دلائل الإمامة: 310.

10- تفسير العيّاشي 1: 64/ 117.

(1) النّمل 27: 62.

(2) في «س و ط»: أبو هارون موسى، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 17: 318.

(3) سقط اسم هذا الراوي من دلائل الامامة المطبوع، و اثبت في بعض نسخه المخطوطة.

(4) في نسخة من «ط»، أبو حنان.

(5) في «س و ط»: مسعود، تصحيف صوابه ما في المتن، انظر: رجال النجاشي: 415/ 1108 و معجم رجال الحديث 18: 135. [.....]

(6) الجزيرة: و هي

التي بين دجلة و الفرات. «معجم البلدان 2: 134».

(7) الرملة: و تطلق على عدّة أماكن، منها: مدينة عظيمة بفلسطين، و محلّة خربت نحو شاطئ مقابل للكرخ ببغداد، و قرية في البحرين. «معجم- البلدان 3: 69».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 351

و إن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: الأصهب «1»، و الأبقع «2»، و السفياني، مع بني ذنب الحمار مضر، و مع السفياني أخواله من كلب، فيظهر السفياني و من معه على بني ذنب الحمار حتى يقتلوا قتلا لم يقتله شي ء قط. و يحضر رجل بدمشق، فيقتل هو و من معه قتلا لم يقتله شي ء قط، و هو من بني ذنب الحمار، و هي الآية التي يقول الله تبارك و تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ «3».

و يظهر السفياني و من معه حتى لا يكون له همة إلا آل محمد (صلى الله عليه و آله) و شيعتهم، فيبعث- و الله- بعثا إلى الكوفة، فيصاب بأناس من شيعة آل محمد بالكوفة قتلا و صلبا، و تقبل راية من خراسان حتى تنزل ساحل الدجلة، يخرج رجل من الموالي ضعيف و من تبعه فيصاب بظهر الكوفة، و يبعث بعثا إلى المدينة فيقتل بها رجلا، و يهرب المهدي و المنصور منها، و يؤخذ آل محمد صغيرهم و كبيرهم، لا يترك منهم أحد إلا حبس، و يخرج الجيش في طلب الرجلين.

و يخرج المهدي (عليه السلام) منها على سنة موسى (عليه السلام) خائفا يترقب حتى يقدم مكة، و يقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء «4»- و هو جيش الهلاك «5»- خسف بهم، فلا يفلت منهم إلا مخبر، فيقوم القائم بين الركن و المقام

فيصلي و ينصرف، و معه وزيره، فيقول: يا أيها الناس، إنا نستنصر الله على من ظلمنا و سلب حقنا، من يحاجنا في الله فإنا أولى بالله، و من يحاجنا في آدم (عليه السلام) فإنا أولى الناس بآدم (عليه السلام)، و من حاجنا في نوح (عليه السلام) فإنا أولى الناس بنوح (عليه السلام)، و من حاجنا في إبراهيم (عليه السلام) فإنا أولى الناس بإبراهيم (عليه السلام)، و من حاجنا في محمد (صلى الله عليه و آله) فإنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و من حاجنا في النبيين فنحن أولى الناس بالنبيين، و من حاجنا في كتاب الله فنحن أولى الناس بكتاب الله. إنا نشهد و كل مسلم اليوم أنا قد ظلمنا، و طردنا، و بغي علينا، و أخرجنا من ديارنا و أموالنا و أهلينا، و قهرنا، ألا إنا نستنصر الله اليوم و كل مسلم.

و يجي ء- و الله- ثلاث مائة و بضعة عشر رجلا، فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمكة على غير ميعاد، قزعا كقزع الخريف، يتبع بعضهم بعضا، و هي الآية التي قال الله:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ فيقول رجل من آل محمد (صلى الله عليه و آله): اخرج منها، فهي القرية الظالم أهلها.

ثم يخرج من مكة هو و من معه الثلاث مائة و بضعة عشر يبايعونه بين الركن و المقام، و معه عهد نبي الله (صلى الله عليه و آله) و رايته، و سلاحه، و وزيره معه، فينادي المنادي بمكة باسمه و أمره من السماء، حتى يسمعه أهل

__________________________________________________

(1) الصهبة: الشّقرة في شعر الرأس. «الصحاح- صهب- 1: 166».

(2) الأبقع: الذي يخالط لونّه لون آخر.

(3) مريم 19:

37.

(4) البيداء: اسم لأرض ملساء بين مكّة و المدينة، «معجم البلدان 1: 523».

(5) في المصدر: الهملات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 352

الأرض كلهم: اسمه اسم نبي، إن «1» أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله (صلى الله عليه و آله)، و رايته، و سلاحه، و النفس الزكية من ولد الحسين (عليه السلام)، فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه و أمره، و إياك و شذاذا من آل محمد، فإن لآل محمد و علي (عليهم السلام) راية، و لغيرهم رايات، فالزم الأرض و لا تتبع منهم رجلا أبدا حتى ترى رجلا من ولد الحسين (عليه السلام)، معه عهد نبي الله (صلى الله عليه و آله) و رايته و سلاحه، فإن عهد نبي الله (صلى الله عليه و آله) صار عند علي بن الحسين (عليهما السلام)، ثم صار عند محمد بن علي، (عليهما السلام)، و يفعل الله ما يشاء، فالزم هؤلاء أبدا، و إياك و من ذكرت لك.

فإذا خرج رجل منهم معه ثلاث مائة و بضعة عشر رجلا، و معه راية رسول الله (صلى الله عليه و آله)، عامدا إلى المدينة حتى يمر بالبيداء حتى يقول: هذا مكان القوم الذين يخسف بهم، و هي الآية التي قال الله: أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ «2».

فإذا قدم المدينة أخرج محمد بن الشجري على سنة يوسف (عليه السلام)، ثم يأتي الكوفة فيطيل بها المكث ما شاء الله أن يمكث حتى يظهر عليها، ثم يسير حتى يأتي العذراء «3» هو و من معه، و قد لحق به

ناس كثير، و السفياني يومئذ بوادي الرملة، حتى إذا التقوا- و هو يوم الأبدال- يخرج أناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمد، و يخرج ناس كانوا مع آل محمد إلى السفياني، فهم من شيعته حتى يلحقوا بهم، و يخرج كل أناس إلى رايتهم، و هو يوم الأبدال.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): و يقتل يومئذ السفياني و من معه حتى لا يترك منهم مخبر، و الخائب يومئذ من خاب من غنيمة بني كلب، ثم يقبل إلى الكوفة فيكون منزله بها، فلا يترك عبدا مسلما إلا اشتراه و أعتقه، و لا غارما إلا قضى دينه، و لا مظلمة لأحد من الناس إلا ردها، و لا يقتل منه عبد إلا أدى ثمنه، دية مسلمة إلى أهله «4»، و لا يقتل قتيل إلا قضى عنه دينه، و ألحق عياله في العطاء، حتى يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا و عدوانا.

و يسكن هو و أهل بيته الرحبة «5»، و الرحبة إنما كانت مسكن نوح (عليه السلام)، و هي أرض طيبة، و لا يسكن الرجل من آل محمد (عليهم السلام) و لا يقتل إلا بأرض طيبة زاكية، فهم الأوصياء الطيبون».

__________________________________________________

(1) في «ط»: ما، و نسخة بدل: فما.

(2) النّحل 16: 45- 46.

(3) العذراء: هي قرية بغوطة دمشق من إقليم خولان. «معجم البلدان 4: 91».

(4) في المصدر: أهلها.

(5) الرّحبة: تطلق على عدّة أماكن، منها: قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة، و قرية قريبة من صنعاء اليمن، و ناحية بين المدينة و الشام قريبة من وادي القرى. «معجم البلدان 3: 33».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 353

695/ [11]- عن أبي سمينة، عن مولى لأبي الحسن (عليه السلام)، قال:

سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله:

ْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً. قال: «و ذلك- و الله- أن لو قد قام قائمنا يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان».

696/ [12]- عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا اذن الإمام دعا الله باسمه العبراني الأكبر، فانتجب «1» له أصحابه الثلاث مائة و الثلاثة عشر، قزعا كقزع الخريف و هم أصحاب الولاية، و منهم من يفتقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة، و منهم من يرى يسير في السحاب نهارا، يعرف باسمه و اسم أبيه و حسبه و نسبه».

قلت: جعلت فداك، أيهم أعظم إيمانا؟

قال: «الذي يسير في السحاب نهارا، و هم المفقودون، و فيهم نزلت هذه الآية:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً».

697/ [13]- الشيخ المفيد في كتاب (الإختصاص) عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا جابر، الزم الأرض، و لا تحرك يدا و لا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها: أولها اختلاف ولد فلان، و ما أراك تدرك ذلك، و لكن حدث به بعدي، و مناد ينادي من السماء، و يجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح، و يخسف بقرية من قرى الشام تسمى الجابية «2»، و تسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، و مارقة تمرق من ناحية الترك، و تعقبها من ناحية «3» الروم، و يستقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة، و يستقبل مارقة الروم حتى تنزل الرملة.

فتلك السنة- يا جابر- فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب فأول أرض المغرب تخرب الشام، يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، و راية الأبقع، و راية السفياني، فيلقى

السفياني الأبقع فيقتتلون فيقتله و من معه، و يقتل الأصهب، ثم لا يكون همه إلا الإقبال نحو العراق، و يمر جيشه بقرقيسياء «4» فيقتلون بها مائة ألف رجل من الجبارين.

و يبعث السفياني جيشا إلى الكوفة و عدتهم سبعون ألف رجل، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا و صلبا و سبيا، فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات من ناحية خراسان، تطوي المنازل طيا حثيثا، و معهم نفر من أصحاب

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 66/ 117.

12- تفسير العيّاشي 1: 67/ 118. [.....]

13- الإختصاص: 255.

(1) في «ط»: فانتخب، و كلاهما بمعنى، و في المصدر: فانتحيت: أي قصدت.

(2) الجابية: قرية من أعمال دمشق. «معجم البلدان 2: 91».

(3) في المصدر: و يعقّبها مرج.

(4) قرقيسياء: بلد على نهر الخابور، و عندها مصبّ الخابور في الفرات، فهي في مثلث بين الخابور و الفرات. «معجم البلدان 4: 328».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 354

القائم (عليه السلام)، و خرج رجل من موالي أهل الكوفة فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة و الكوفة.

و يبعث السفياني بعثا إلى المدينة فيفر «1» المهدي منها إلى مكة، فبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج من المدينة، فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى بن عمران (عليه السلام)، و ينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء، أبيدي القوم. فتخسف بهم البيداء، فلا ينفلت منهم إلا ثلاثة يحول الله وجوههم في أقفيتهم، و هم من كلب، و فيهم نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها «2» الآية».

قال: «و القائم يومئذ بمكة، قد أسند ظهره إلى

البيت الحرام مستجيرا به، ينادي: يا أيها الناس، إنا نستنصر الله، و من أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم، و نحن أولى الناس بالله و بمحمد (صلى الله عليه و آله)، فمن حاجني في آدم (عليه السلام) فأنا أولى الناس بآدم (عليه السلام)، و من حاجني في نوح (عليه السلام) فأنا أولى الناس بنوح (عليه السلام)، و من حاجني في إبراهيم (عليه السلام) فأنا أولى الناس بإبراهيم (عليه السلام)، و من حاجني في محمد (صلى الله عليه و آله) فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و من حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين.

أليس الله يقول في محكم كتابه: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «3» فأنا بقية من آدم (عليه السلام) و خيرة من نوح (عليه السلام)، و مصطفى من إبراهيم (عليه السلام)، و صفوة من محمد (صلى الله عليه و آله).

إلا و من حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا و من حاجني في سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سيرته فأنا أولى الناس بسنة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سيرته، فانشد الله من سمع كلامي اليوم لما أبلغه الشاهد منكم الغائب، و اسألكم بحق الله و حق رسوله و حقي- فإن لي عليكم حق القربى برسوله- لما أعنتمونا و منعتمونا ممن يظلمنا، فقد أخفنا، و ظلمنا، و طردنا من ديارنا و أبنائنا، و بغي علينا، و دفعنا عن حقنا، و اثر علينا أهل الباطل، الله الله فينا، لا تخذلونا، و انصرونا ينصركم الله.

فيجمع

الله له أصحابه الثلاث مائة و الثلاثة عشر رجلا، فيجمعهم الله له على غير ميعاد، قزعا كقزع الخريف، و هي- يا جابر- الآية التي ذكرها الله:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ فيبايعونه بين الركن و المقام، و معه عهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد توارثه الأبناء عن الآباء.

و القائم- يا جابر- رجل من ولد الحسين بن علي (صلى الله عليهما)، يصلح الله له أمره في ليلة واحدة، فما أشكل على الناس من ذلك- يا جابر- فلا يشكل عليهم ولادته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و وراثته العلماء عالما بعد عالم، فإن أشكل عليهم هذا كله فإن الصوت من السماء لا يشكل عليهم، إذا نودي باسمه و اسم أبيه و اسم أمه».

و سيأتي- إن شاء الله- هذا الحديث مسندا من طريق محمد بن إبراهيم النعماني، في قوله تعالى:

__________________________________________________

(1) في المصدر: فينفر.

(2) النساء 4: 47.

(3) آل عمران 3: 33- 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 355

يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ «1» الآية، من سورة النساء.

698/ [14]- الطبرسي في (الاحتجاج) عن عبد العظيم الحسني (رضي الله عنه)، قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى (عليه السلام): إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد (صلى الله عليه و آله)، الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا؟.

فقال (عليه السلام): «ما منا إلا قائم بأمر الله [و هاد إلى دين الله ، و لكن القائم الذي يطهر الله به الأرض من الكفر و الجحود، و يملأها قسطا و عدلا، هو الذي تخفى على الناس ولادته،

و يغيب عنهم شخصه، و تحرم عليهم تسميته، و هو سمي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كنيه، و هو الذي تطوى له الأرض و يذل له كل صعب. يجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض، و ذلك قوله الله عز و جل:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الأرض «2» أظهر الله أمره، فإذا أكمل له العقد و هو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز و جل».

قال عبد العظيم: [فقلت له:] يا سيدي، و كيف يعلم أن الله قد رضي؟

قال: «يلقي في قلبه الرحمة، فإذا دخل المدينة أخرج اللات و العزى فأحرقهما».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث يوافق ما هنا في معنى الآية، في قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ من سورة سبأ، حديث عن الباقر (عليه السلام) «3».

سورة البقرة(2): آية 150 ..... ص : 355

قوله تعالى:

وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِي [150] 699/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني: و لا الذين ظلموا منهم، و (إلا) في موضع (و لا) «4» و ليست هي استثناء.

__________________________________________________

14- الإحتجاج: 449.

1- تفسير القمّي 1: 63.

(1) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (47) من سورة النساء.

(2) في المصدر: أهل الإخلاص.

(3) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (51) من سورة سبأ.

(4) و هو ما قاله أبو عبيدة: إنّ (إلّا) ها هنا بمعنى الواو، أي و لا الذين ظلموا،

و أنكره عليه الفرّاء و المبرّد. مجمع البيان 1: 427. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 356

سورة البقرة(2): آية 152 ..... ص : 356

قوله تعالى:

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ [152]

700/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، قال:

حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن سعيد البجلي ابن أخي صفوان بن يحيى، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح بن نعيم العبدي «1»، عن محمد بن مسلم، في حديث يقول في آخره: «تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) ذكر الله الكثير [الذي قال الله عز و جل: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ».

701/ [2]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال النبي (صلى الله عليه و آله): إن الملك ينزل الصحيفة أول النهار و أول الليل، يكتب فيها عمل ابن آدم، فاعملوا «2» في أولها خيرا «3» و في آخرها خيرا، يغفر لكم ما بين ذلك- إن شاء الله- فإن الله قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ».

702/ [3]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: للشكر حد إذا فعله الرجل كان شاكرا، قال: «نعم» قلت: و ما هو؟ قال: «الحمد لله على كل نعمة أنعمها علي، و إن كان لكم فيما أنعم عليه حق أداه- قال- و منه [قوله تعالى سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا «4»» حتى عد آيات.

703/ [4]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه، فمنها: كفر النعم، و ذلك قول الله يحكي قول سليمان (عليه السلام): هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ «5» الآية، و

قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ «6»، [و قال:] فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ».

704/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) من ذكر الله الكثير الذي قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 194/ 5.

2- تفسير العيّاشي 1: 67/ 119.

3- تفسير العيّاشي 1: 67/ 120.

4- تفسير العيّاشي 1: 67/ 121.

5- تفسير العيّاشي 1: 67/ 122.

(1) في «س»: أبي الصبّاح، عن نعيم العايدي، و في «ط»: أبي الصبّاح، عن نعيم العابدي، و في المصدر: أبي الصبّاح بن نعيم العائذي، و الصواب ما أثبتناه، و هو إبراهيم بن نعيم العبدي أبو الصبّاح الكناني. انظر: رجال النجاشيّ: 19: 24، مجمع الرجال 1: 76 و 78.

(2) في المصدر: فأملوا.

(3) في المصدر زيادة: فان اللّه.

(4) الزّخرف 43: 13.

(5) النّمل 27: 40.

(6) إبراهيم 14: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 357

705/ [6]- عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: إن الله عز و جل يقول لك: أعطيت أمتك ما لم أعطه أحدا من الأمم، قال: «و ما هو، يا أخي؟» قال: قوله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ و لقد أجزل العطاء و الموهبة من جلالك بهذه المنقبة حيث يخلق الفلك و النور العلوي و السفلي، و العرش و الكرسي، و البهائم و الهوام، و الوحش و الأنعام، و لم يقل لصنف منهم: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ فمتى تؤدي شكر مولاك على ما أولاك، أنعم عليك و أعطاك.

سورة البقرة(2): آية 153 ..... ص : 357

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [153]

706/ [1]- العياشي: عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «يا فضيل، بلغ من لقيت من

موالينا عنا السلام، و قل لهم: إني أقول: إني لا اغني عنكم من الله شيئا إلا بورع، فاحفظوا ألسنتكم، و كفوا أيديكم، و عليكم بالصبر و الصلاة، إن الله مع الصابرين».

707/ [2]- عن عبد الله بن طلحة، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الصبر هو الصوم».

708/ [3]- صحيفة الامام الرضا (عليه السلام): «ليس في القرآن آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا في حقنا».

709/ [4]- و من طريق المخالفين: روى موفق بن أحمد، و هو من أعيان علماء المخالفين، بإسناده عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ما أنزل الله آية فيها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا علي رأسها و أميرها».

710/ [5]- و عنه أيضا، بإسناده عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ما أنزل الله تعالى في القرآن آية يقول فيها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) شريفها و أميرها.

__________________________________________________

6- .........

1- تفسير العيّاشي 1: 68/ 123.

2- تفسير العيّاشي 1: 68/ 124. [.....]

3- أخرجه ابن شهر آشوب في مناقبه 3: 53، عن صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام).

4- مناقب الخوارزمي: 188، حلية الأولياء 1: 64، كفاية الطالب: 139، شواهد التنزيل 1: 51/ 78، كنز العمال 11: 604/ 32920.

5- مناقب الخوارزمي: 198، كفاية الطالب: 140، الصواعق المحرقة: 127، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 136، الرياض النضرة 3: 180.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 358

سورة البقرة(2): الآيات 155 الي 157 ..... ص : 358

قوله تعالى:

وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ [155] الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ [156] أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [157]

711/

[1]- محمد بن إبراهيم النعماني- المعروف بابن زينب- قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن هلال، قال: حدثنا الحسن بن محبوب «1»، عن علي بن رئاب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «إن قدام [قيام القائم علامات، بلوى من الله تعالى لعباده المؤمنين».

قلت: و ما هي؟ قال: «فذلك قول الله عز و جل: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ- قال-: لَنَبْلُوَنَّكُمْ يعني المؤمنين بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم وَ الْجُوعِ بغلاء أسعارهم وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ فساد التجارات و قلة الفضل فيها وَ الْأَنْفُسِ موت ذريع وَ الثَّمَراتِ قلة ريع ما يزرع و قلة بركة الثمار وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ عند ذلك بخروج القائم (عليه السلام)».

ثم قال: «يا محمد، هذا تأويله، إن الله عز و جل يقول: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «2»».

712/ [2]- و عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: أخبرني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا بد أن يكون قدام قيام القائم سنة يجوع فيها الناس، و يصيبهم خوف شديد من القتل، و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات، و إن ذلك في كتاب الله لبين» ثم تلا هذه الآية:

__________________________________________________

1- الغيبة: 250/ 5، ينابيع المودة: 421.

2- الغيبة: 250/ 6.

(1)

في «س»: عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد بن هلال، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، و في المصدر: عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، و الظاهر أن الصواب ما أثبتناه، لروآية عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن هلال، و روآية أحمد بن هلال عن الحسن ابن محبوب دون محمد بن هلال، راجع رجال النجاشي 83/ 119، معجم رجال الحديث 2: 355 و 359 و الحديثين (2 و 3).

(2) آل عمران 3: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 359

وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ.

و رواه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة (عليها السلام) قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال حدثني أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن هلال، قال: حدثني الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، و أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن لقيام قائمنا علامات» و ذكر الحديث إلى آخره «1».

713/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثني عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، و العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن قبل قيام «2» القائم علامات تكون من الله عز و جل للمؤمنين».

قلت: و ما هي جعلني الله فداك؟ قال: «يقول «3» الله عز و جل: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ يعني المؤمنين قبل خروج القائم بِشَيْ ءٍ

مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ- قال-: يبلوهم بشي ء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم، و الجوع بغلاء أسعارهم، و نقص من الأموال- قال-: كساد التجارات و قلة الفضل، و نقص من الأنفس- قال-: موت ذريع، و نقص من الثمرات، قلة ريع ما يزرع، وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ عند ذلك بتعجيل الفرج «4»».

ثم قال لي: يا محمد، هذا تأويله، إن الله عز و جل يقول: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «5»».

714/ [4]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، و عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قال الله عز و جل: إني جعلت الدنيا بين عبادي قرضا، فمن أقرضني منها قرضا، أعطيته بكل واحدة عشرا إلى سبع مائة ضعف، و ما شئت من ذلك، و من لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه شيئا قسرا فصبر، أعطيته ثلاث خصال، لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا بها مني».

قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قول الله تعالى: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ فهذه واحدة من ثلاث خصال وَ رَحْمَةٌ اثنتان وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ __________________________________________________

3- كمال الدين و تمام النعمة: 649/ 3.

4- الكافي 2: 76/ 21.

(1) دلائل الإمامة: 259.

(2) في المصدر: إن قدام.

(3) في المصدر: قال: ذلك قول.

(4) في المصدر: بتعجيل خروج القائم (عليه السلام).

(5) آل عمران 3: 7. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص:

360

ثلاث- ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام)- هذا لمن أخذ الله منه شيئا قسرا فصبر».

715/ [5]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود بن زربي «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من ذكر مصيبته، و لو بعد حين، فقال: إنا لله و إنا إليه راجعون، و الحمد لله رب العالمين، اللهم أجرني على مصيبتي، و اخلف علي «2» منها، كان له من الأجر مثل ما كان عند أول صدمة».

716/ [6]- و عنه: عن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، رفعه، قال: جاء أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الأشعث بن قيس يعزيه بأخ له، يقال له: عبد الرحمن، فقال له أمير المؤمنين: «إن جزعت فحق الرحم أتيت، و إن صبرت فحق الله أديت، على أنك إن صبرت جرى عليك القضاء و أنت محمود، و إن جزعت جرى عليك القضاء و أنت مذموم».

فقال له الأشعث: إنا لله و إنا إليه راجعون! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أ تدري ما تأويلها؟» فقال الأشعث «3»: أنت غاية العلم و منتهاه.

فقال له: «أما قولك: إنا لله، فإقرار منك بالملك، و أما قولك: و إنا إليه راجعون، فإقرار منك بالهلاك».

717/ [7]- السيد الرضي في (الخصائص): قال علي (عليه السلام) و قد سمع رجلا يقول: إنا لله و إنا إليه راجعون:

«يا هذا، إن قولنا: إنا لله، إقرار منا بالملك، و قولنا: إليه راجعون، إقرار منا بالهلاك «4»».

718/ [8]- ابن شهر آشوب، قال: لما نعى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) بحال جعفر في أرض مؤتة «5»، قال: «إنا لله و إنا إليه راجعون» فأنزل الله: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ

مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ الآية.

719/ [9]- العياشي: عن الثمالي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ.

قال: «ذلك جوع خاص، و جوع عام فأما بالشام فإنه عام، و أما الخاص بالكوفة يخص و لا يعم و لكنه يخص

__________________________________________________

5- الكافي 3: 224/ 6.

6- الكافي 3: 261/ 40.

7- خصائص الأئمة: 95.

8- المناقب 2: 120.

9- تفسير العيّاشي 1: 68/ 125.

(1) في «س»: داود بن زرين، و في المصدر: داود بن رزين، و الصواب ما أثبتناه، و هو أبو سليمان الخندقي روى عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام). راجع رجال النجاشي: 160/ 424، الفهرست: 68/ 270 و استظهر صاحب جامع الرواة 1: 304 أنّ ابن رزين سهو لعدم وجوده في كتب الرجال.

(2) في المصدر زيادة: أفضل.

(3) في المصدر زيادة: لا.

(4) في المصدر: بالهلك.

(5) مؤتة: قرية من قرى البلقاء في حدود الشام. «معجم البلدان 5: 220».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 361

بالكوفة أعداء آل محمد (صلى الله عليه و آله) فيهلكهم الله بالجوع، و أما الخوف فإنه عام بالشام، و ذلك الخوف إذا قام القائم (عليه السلام)، و أما الجوع فقبل قيام القائم، و ذلك قوله: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ».

720/ [10]- عن إسحاق بن عمار، قال: لما قبض أبو جعفر (عليه السلام) جعلنا نعزي أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال بعض من كان معنا في المجلس: رحمه الله عبدا و صلى عليه، كان إذا حدثنا قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله). قال:

فسكت أبو عبد الله (عليه السلام) طويلا و نكت في الأرض «1»، ثم التفت

إلينا، فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قال الله تبارك و تعالى: إني أعطيت الدنيا بين عبادي قرضا «2»، فمن أقرضني منها قرضا، أعطيته لكل واحدة منهن عشرا إلى سبع مائة ضعف، و ما شئت، فمن لم يقرضني منها قرضا فأخذتها منه قسرا فصبر «3»، أعطيته ثلاث خصال، لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي رضوا بها». ثم قال: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ إلى قوله: وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.

721/ [11]- عن إسماعيل بن زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) أربع من كن فيه كتبه الله من أهل الجنة: من كانت عصمته شهادة أن لا إله إلا الله، و من إذا أنعم الله عليه النعمة، قال: الحمد لله، و من إذا أصاب ذنبا، قال: استغفر الله، و من إذا أصابته مصيبة، قال: إنا لله و إنا إليه راجعون».

722/ [12]- عن أبي علي المهلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أربع من كن فيه كان في نور الله الأعظم: من كان عصمة أمره شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و من إذا أصابته مصيبة، قال: إنا لله و إنا إليه راجعون، و من إذا أصاب خيرا، قال: الحمد لله، و من إذا أصاب خطيئة، قال:

استغفر الله و أتوب إليه».

723/ [13]- عن عبد الله بن صالح الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قال الله: عبدي المؤمن،

إن خولته و أعطيته و رزقته و استقرضته، فإن أقرضني عفوا أعطيته مكان الواحد مائة ألف فما زاد، و إن لا يفعل أخذته قسرا بالمصائب في ماله، فإن يصبر أعطيته ثلاث خصال، إن أخير الواحدة «4» منهن ملائكتي اختاروها». ثم تلا هذه الآية: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ- إلى قوله- الْمُهْتَدُونَ.

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 68/ 126.

11- تفسير العيّاشي 1: 69/ 127.

12- تفسير العيّاشي 1: 69/ 128.

13- تفسير العيّاشي 1: 69/ 129. [.....]

(1) النكت: أن تنكت في الأرض بقضيب، أي تضرب بقضيب فتؤثر فيها. «الصحاح- نكت- 1: 269».

(2) في المصدر: فيضا.

(3) في المصدر: منه قهرا.

(4) في المصدر: إن اخʙʘѠبواحدة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 362

724/ [14]- قال إسحاق بن عمار: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هذا إن أخذ الله منه شيئا فصبر و استرجع».

725/ [15]- و عن الصادق (عليه السلام): «قال الله عز و جل: وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ أي بالجنة و المغفرة».

سورة البقرة(2): آية 158 ..... ص : 362

قوله تعالى:

إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ [158]

726/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سمي الصفا صفا، لأن المصطفى آدم (عليه السلام) هبط عليه، فقطع للجبل اسم من اسم آدم (عليه السلام)، يقول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ «1» و هبطت

حواء على المروة، و إنما سميت المروة، لأن المرأة هبطت عليها، فقطع للجبل اسم من اسم المرأة».

727/ [2]- و عنه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إبراهيم (عليه السلام) لما خلف إسماعيل (عليه السلام) بمكة عطش الصبي، و كان فيما بين الصفا و المروة شجر، فخرجت امه حتى قامت على الصفا، فقالت: هل بالوادي من أنيس؟ فلم يجبها أحد، فمضت حتى انتهت إلى المروة، فقالت: هل بالوادي من أنيس؟

فلم يجبها أحد، ثم رجعت إلى الصفا، فقالت كذلك حتى صنعت ذلك سبعا، فأجرى الله ذلك سنة. فأتاها جبرئيل، فقال لها: من أنت؟ فقالت: أنا ام ولد إبراهيم، فقال لها: إلى من وكلكم؟ فقالت: أما إذا قلت ذلك، فقد قلت له حيث أراد الذهاب: يا إبراهيم، إلى من تكلنا؟ فقال: إلى الله عز و جل، فقال جبرئيل: لقد وكلكم إلى كاف.

قال: «و كان الناس يتجنبون الممر بمكة لمكان الماء، ففحص الصبي برجله فنبعت زمزم، و رجعت من المروة إلى الصبي و قد نبع الماء، فأقبلت تجمع التراب حوله مخافة أن يسيح الماء، و لو تركته لكان سيحا».

قال: «فلما رأته الطير حلقت عليه- قال-: فمر ركب من اليمن، فلما رأوا الطير حلقت عليه، قالوا: ما حلقت

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 69/ 130.

15- مصباح الشريعة: 186.

1- علل الشرائع: 431/ 1.

2- علل الشرائع: 432/ 1.

(1) آل عمران 3: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 363

إلا على الماء، فأتوهم ليستقوهم فسقوهم من الماء، و أطعمهم «1» الركب من الطعام، و أجرى الله عز و جل

لهم بذلك رزقا، فكان الركب يمر بمكة فيطعمونهم من الطعام، و يسقونهم من الماء».

728/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن معاوية بن حكيم، عن محمد ابن أبي عمير، عن الحسن بن علي الصيرفي، عن بعض أصحابنا، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن السعي بين الصفا و المروة، فريضة أم سنة؟ فقال: «فريضة».

قلت: أ و ليس قال الله عز و جل: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما؟ قال: «كان ذلك في عمرة القضاء، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام من الصفا و المروة، فتشاغل رجل «2» و ترك السعي حتى انقضت الأيام، و أعيدت الأصنام، فجاءوا إليه، فقالوا: يا رسول الله، إن فلانا لم يسع بين الصفا و المروة، و قد أعيدت الأصنام؟ فأنزل الله عز و جل: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [أي و عليهما الأصنام ».

729/ [4]- عنه: عن علي بن إبرهيم، عنه أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث حج النبي (صلى الله عليه و آله)-: «أنه (عليه السلام) بعد ما طاف بالبيت و صلى ركعتيه، قال (صلى الله عليه و آله): إن الصفا و المروة من شعائر الله، فابدأ بما بدأ الله عز و جل به، و إن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا و المروة شي ء صنعه المشركون، فأنزل الله عز و جل: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما».

730/ [5]- الشيخ في

(التهذيب): بإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة تطوف بين الصفا و المروة و هي حائض؟ قال: «لا، لأن الله تعالى يقول:

إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ».

731/ [6]- و

قال علي بن إبراهيم في (تفسيره): إن قريشا كانت وضعت أصنامها بين الصفا و المروة، و كانوا يتمسحون بها إذا سعوا، فلما كان من أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما كان في غزوة الحديبية، و صدوه عن البيت، و شرطوا له أن يخلوا له البيت في عام قابل حتى يقضي عمرته ثلاثة أيام، ثم يخرج عنها، فلما كانت عمرة القضاء في سنة سبع من الهجرة دخل مكة، و قال لقريش: «ارفعوا أصنامكم من بين الصفا و المروة حتى أسعى» فرفعوها، فسعى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين الصفا و المروة، و قد رفعت الأصنام.

و بقي رجل من المسلمين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يطف، فلما فرغ رسول

__________________________________________________

3- الكافي 4: 435/ 8.

4- الكافي 4: 245/ 4.

5- التهذيب 5: 394/ 1373.

6- تفسير القمّي 1: 64.

(1) في المصدر: و أطعموا. [.....]

(2) في «س و ط»: و سئل عن رجل قد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 364

الله (صلى الله عليه و آله) من الطواف ردت قريش الأصنام بين الصفا و المروة، فجاء الرجل الذي لم يسع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: قد ردت قريش الأصنام بين الصفا و المروة، و لم أسع؟ فأنزل الله عز و جل: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ

عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما و الأصنام فيهما.

732/ [7]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «أي لا حرج عليه أن يطوف بهما».

733/ [8]- عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ [يقول: «لا حرج عليه أن يطوف بهما] فنزلت هذه الآية».

فقلت: هي خاصة، أو عامة؟ قال: «هي بمنزلة قوله: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا «1» فمن دخل فيهم من الناس كان بمنزلتهم، يقول الله: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «2».

734/ [9]- عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن السعي بين الصفا و المروة، فريضة هو أو سنة؟ قال: «فريضة».

قال: قلت: أ ليس الله يقول: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما؟ قال: «كان ذلك في عمرة القضاء، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان شرطه عليهم أن يرفعوا الأصنام، فتشاغل رجل من أصحابه حتى أعيدت الأصنام.

[فجاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فسألوه، و قيل له: إن فلانا لم يطف، و قد أعيدت الأصنام؟]- قال- فانزل الله:

إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما أي و الأصنام عليهما».

735/ [10]- عن ابن مسكان، عن الحلبي، قال: سألته، فقلت: و لم جعل السعي بين الصفا و المروة؟ قال: «إن إبليس تراءى لإبراهيم (عليه السلام)

في الوادي، فسعى إبراهيم (عليه السلام) منه كراهية أن يكلمه، و كان منازل الشياطين».

736/ [11]- و قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في خبر حماد بن عثمان: «إنه كان على الصفا و المروة أصنام، فلما أن حج الناس لم يدروا كيف يصنعون، فأنزل الله هذه الآية، فكان الناس يسعون و الأصنام على حالها، فلما حج النبي (صلى الله عليه و آله) رمى بها».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 69/ 131.

8- تفسير العيّاشي 1: 70/ 132.

9- تفسير العيّاشي 1: 70/ 133.

10- تفسير العيّاشي 1: 70/ 134.

11- تفسير العيّاشي 1: 70/ 135.

(1) فاطر 35: 32.

(2) النّساء 4: 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 365

سورة البقرة(2): آية 159 ..... ص : 365

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [159]

737/ [1]- العياشي: عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى في علي (عليه السلام)».

738/ [2]- عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ «يعني بذلك نحن، و الله المستعان».

739/ [3]- عن زيد الشحام، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن عذاب القبر، فقال: «إن أبا جعفر (عليه السلام) حدثنا أن رجلا أتى سلمان الفارسي، فقال: حدثني، فسكت عنه، ثم عاد فسكت، فأدبر الرجل و هو يقول، و يتلو هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ فقال له: أقبل، إنا لو وجدنا أمينا لحدثناه، و لكن أعد «1»

لمنكر و نكير إذا أتياك في القبر فسألاك عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإن شككت أو التويت «2»، ضرباك على رأسك بمطرقة معهما تصير منها رمادا، فقلت: ثم مه؟ قال: يعود، ثم يعذب، قلت: و ما منكر و نكير؟ قال: هما قعيدا القبر، قلت: أ ملكان يعذبان الناس في قبورهم؟ قال: نعم».

740/ [4]- عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال قلت له: أخبرني عن قول الله: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ. قال: «نحن يعني بها، و الله المستعان، إن الرجل منا إذا صارت إليه، لم يكن له- أو لم يسعه- إلا أن يبين للناس من يكون بعده».

741/ [5]- و رواه محمد بن مسلم، قال: هم أهل الكتاب.

742/ [6]- عن عبد الله بن بكير، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ قال: «نحن هم «3». و قد قالوا: هوام الأرض».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 71/ 136.

2- تفسير العيّاشي 1: 71/ 137.

3- تفسير العيّاشي 1: 71/ 138.

4- تفسير العيّاشي 1: 71/ 139.

5- تفسير العيّاشي 1: 72/ 140.

6- تفسير العيّاشي 1: 72/ 141. [.....]

(1) أعدّ: استعد و تهيّأ.

(2) التوى: ماطل و أعرض.

(3) قوله (عليه السّلام): «نحن هم» أي نحن هم اللاعنون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 366

743/ [7]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): من خير الخلق بعد أئمة الهدى، و مصابيح الدجى؟ قال: العلماء إذا صلحوا.

قيل: فمن شرار خلق الله بعد إبليس و فرعون «1»، و بعد المتسمين بأسمائكم، و المتلقبين بألقابكم، و الآخذين لأمكنتكم، و

المتأمرين في ممالككم؟ قال: العلماء إذا فسدوا و إنهم المظهرون للأباطيل، الكاتمون للحقائق، و فيهم قال الله عز و جل: أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ «2»».

744/ [8]- أبو علي الطبرسي: في معنى الآية، قال: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «من سئل عن علم يعلمه فكتمه، الجم يوم القيامة بلجام من نار، و هو قوله: أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ».

745/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: كل من قد لعنه الله من الجن و الإنس يلعنهم.

سورة البقرة(2): الآيات 163 الي 164 ..... ص : 366

قوله تعالى:

وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ- إلى قوله تعالى- لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [163- 164]

746/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، [رفعه «3»، عن هشام بن الحكم، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى أكمل للناس الحجج بالعقول، و نصر النبيين بالبينات «4»، و دلهم على ربوبيته بالأدلة، فقال: إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ».

747/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد

__________________________________________________

7- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 302/ 144.

8- مجمع البيان 1: 442.

9- تفسير القمّي 1: 64.

1- الكافي 1: 10/ 12.

2- معاني الأخبار: 5: 1، التوحيد: 82/ 1.

(1)

في المصدر زيادة: و نمرود.

(2) الآية ليس في المصدر.

(3) أثبتناه من المصدر. و انظر: معجم رجال الحديث: 19: 412.

(4) في المصدر: بالبيان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 367

ابن عيسى، عن أبي هاشم الجعفري، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الثاني (عليه السلام)، ما معنى الواحد؟ فقال:

«المجتمع عليه جميع الألسن بالوحدانية».

748/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، جميعا، عن أبي هاشم الجعفري، قال: سألت أبا جعفر الثاني، ما معنى الواحد؟

فقال: «إجماع الألسن عليه بالوحدانية، كقوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «1»».

749/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن سعيد بن يحيى البزوري «2»، قال حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، قال: حدثنا أبي، عن المعافى بن عمران، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح بن هاني، عن أبيه، قال: إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، أتقول: إن الله واحد؟ قال: فحمل الناس عليه، و قالوا: يا أعرابي، أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب؟! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): دعوه، فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم» ثم قال: «يا أعرابي، إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام: فوجهان منها لا يجوزان على الله عز و جل، و وجهان يثبتان فيه فأما اللذان لا يجوزان عليه: فقول القائل: واحد، يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز، لأن من «3» لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، أما ترى

أنه كفر من قال: ثالث ثلاثة؟! و قول القائل: هو واحد «4» من الناس، يريد به النوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز عليه لأنه تشبيه، و جل ربنا عن ذلك و تعالى.

و أما الوجهان اللذان يثبتان فيه: فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبه، كذلك ربنا، و قول القائل: إنه ربنا «5» أحدي المعنى، يعني به أنه لا ينقسم في وجود، و لا عقل، و لا وهم، كذلك ربنا عز و جل».

سورة البقرة(2): الآيات 165 الي 167 ..... ص : 367

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً

__________________________________________________

3- الكافي 1: 92/ 12.

4- التوحيد: 83/ 3. [.....]

(1) الزّخرف 43: 87.

(2) في «س»: البزوفري، تصحيف، صوابه ما في المتن، انظر ترجمته في تاريخ بغداد 5: 310.

(3) في المصدر: ما.

(4) في «س و ط»: القائل الواحد.

(5) في المصدر: إنّه عزّ و جلّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 368

- إلى قوله- وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ [165- 167]

750/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت «1»، عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ.

قال: «هم و الله أولياء فلان و فلان، اتخذوهم أئمة دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما، فلذلك قال: وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَ

رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ وَ قالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «هم- و الله، يا جابر- أئمة الظلمة و أشياعهم».

و روى هذا الحديث الشيخ المفيد في كتاب (الاختصاص) «2».

751/ [2]- (أمالي الشيخ): قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش «3»: أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم النبي داود (عليه السلام)، فيأتي النداء من عند الله عز و جل:

لسنا إياك أردنا، و إن كنت لله تعالى خليفة.

ثم ينادي ثانية: أين خليفة الله في أرضه. فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيأتي النداء من قبل الله عز و جل: يا معشر الخلائق، هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه، و حجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم، ليستضي ء بنوره، و ليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنات. فيقوم الناس الذين تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة.

ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله: ألا من ائتم «4» بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب، فحينئذ

__________________________________________________

1- الكافي 1: 305/ 11.

2- أمالي الطوسي 1: 61.

(1) في «س و ط»: عمر بن ثابت، و الصواب ما

أثبتناه، و هو عمرو بن أبي المقدام ثابت بن هرمز الحدّاد مولى بن عجل، روى عن عليّ بن الحسين و أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهم السّلام)، راجع رجال النجاشيّ: 290/ 777، معجم رجال الحديث 13: 72.

(2) الاختصاص: 334.

(3) من بطنان العرش: أي من وسطه، و قيل: من أصله، و قيل: البطنان جمع بطن، و هو الغامض من الأرض، يريد من دواخل العرض- النهاية 1: 137.

(4) في المصدر: من تعلق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 369

تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ وَ قالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ».

و روى هذا الحديث الشيخ المفيد في (أماليه) «1».

752/ [3]- العياشي: عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ.

قال: فقال: «هم أولياء فلان و فلان و فلان، اتخذوهم أئمة من دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما، فلذلك قال الله تبارك و تعالى: وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا- إلى قوله- مِنَ النَّارِ».

قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «و الله- يا جابر- هم أئمة الظلم و أشياعهم».

753/ [4]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قول الله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا

لِلَّهِ قالا: «هم آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

754/ [5]- الشيخ المفيد في (أماليه): قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد القمي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن القاسم بن عروة، عن رجل، عن أحدهما (عليهما السلام)، في معنى قوله عز و جل: كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ.

قال: «الرجل يكسب مالا فيحرم أن يعمل فيه خيرا فيموت، فيرثه غيره، فيعمل فيه عملا صالحا، فيرى الرجل ما كسب حسنات في ميزان غيره».

755/ [6]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ.

قال: «هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله بخلا، ثم يموت، فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله، أو في معصية الله فإن عمل به في طاعة الله رآه في ميزان غيره، فزاده «2» حسرة و قد كان المال له، و إن كان عمل به في معصية الله قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 72/ 142.

4- تفسير العيّاشي 1: 72/ 143.

5- الأمالي: 205/ 35. [.....]

6- الكافي 4: 42/ 2.

(1) أمالي المفيد: 285/ 3.

(2) في المصدر: فرآه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 370

756/ [7]- العياشي: عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ.

قال: «هو الرجل يدع المال لا ينفقه في طاعة الله بخلا، ثم يموت فيدعه لمن «1» يعمل به في طاعة الله، أو في معصيته

فإن عمل به في طاعة الله رآه في ميزان غيره، فزاده حسرة و قد كان المال له، و إن عمل به في معصية الله قواه بذلك حتى عمل به في معاصي الله».

757/ [8]- عن منصور بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ؟

قال: «أعداء علي (عليه السلام) هم المخلدون في النار أبد الآبدين، و دهر الداهرين».

758/ [9]- أبو علي الطبرسي: في معنى الآية، قال: روى أصحابنا عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «هو الرجل يكسب «2» المال و لا يعمل فيه خيرا، فيرثه من يعمل فيه عملا صالحا، فيرى الأول ما كسبه حسرة في ميزان غيره».

سورة البقرة(2): آية 168 ..... ص : 370

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [168]

759/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي خالد الكوفي، رفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب الحلال».

760/ [2]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد و فضالة «3»، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل حلف أن ينحر ولده، قال: «ذلك من خطوات الشيطان».

761/ [3]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور بن حازم، قال: قال لي أبو

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 72/ 144.

8- تفسير العيّاشي 1: 73/ 145.

9- مجمع البيان 1: 458.

1- التهذيب 6 لا 324/ 891.

2- التهذيب 8: 288/ 1063.

3- التهذيب 8: 287/ 1058.

(1) في المصدر زيادة: هو.

(2) في المصدر: يكتسب.

(3) (و

فضالة) ليس في المصدر. و قد عدّ القاسم و فضالة من الرواة عن أبان، انظر معجم رجال الحديث 1: 164.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 371

عبد الله (عليه السلام): «أما سمعت بطارق؟ إن طارقا كان نخاسا بالمدينة فأتى أبا جعفر (عليهم السلام)، فقال: يا أبا جعفر، إني هالك، إني حلفت بالطلاق و العتاق و النذر «1»، فقال له: يا طارق، إن هذه من خطوات الشيطان».

762/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا حلف الرجل على شي ء، و الذي حلف عليه إتيانه خير من تركه، فليأت الذي هو خير و لا كفارة عليه، و إنما ذلك من خطوات الشيطان».

763/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أنه سئل عن رجل يقول: علي ألف بدنة و هو محرم بألف حجة. قال (عليه السلام): «ذلك من خطوات الشيطان».

764/ [6]- العياشي: عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام): أنه سئل عن امرأة جعلت مالها هديا، و كل مملوك لها حرا، إن كلمت أختها أبدا؟ قال: «تكلمها و ليس هذا بشي ء، إنما هذا و أشباهه من خطوات الشيطان».

765/ [7]- عن محمد بن مسلم: أن امرأة من آل المختار حلفت على أختها، أو ذات قرابة لها، قالت: ادني- يا فلانة- فكلي معي، فقالت: لا. فحلفت عليها بالمشي إلى بيت الله، و عتق ما تملك، إن لم تدني فتأكلي معي، أن

لا يظلني و إياك سقف بيت، أو أكلت معك على خواني أبدا؟ قال: فقالت الاخرى مثل ذلك، فحمل عمر بن حنظلة إلى أبي جعفر (عليه السلام) مقالتهما، فقال: «أنا أقضي في ذا، قل لها: فلتأكل معها، و ليظلها و إياها سقف بيت، و لا تمشي، و لا تعتق، و لتتق الله ربها و لا تعود إلى ذلك، فإن هذا من خطوات الشيطان».

766/ [8]- عن منصور بن حازم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أما سمعت بطارق؟ و إن طارقا كان نخاسا بالمدينة فأتى أبا جعفر (عليه السلام)، فقال: يا أبا جعفر، إني هالك، حلفت بالطلاق و العتاق و النذر «3»، فقال له: يا طارق، إن هذه من خطوات الشيطان».

767/ [9]- عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل حلف أن ينحر ولده.

فقال: «ذلك من خطوات الشيطان».

__________________________________________________

4- الكافي 7: 443/ 1.

5- الكافي 7: 441/ 12. [.....]

6- تفسير العيّاشي 1: 73/ 146.

7- تفسير العيّاشي 1: 73/ 147.

8- تفسير العيّاشي 1: 73/ 148.

9- تفسير العيّاشي 1: 73/ 149.

(1) في المصدر: النذور.

(2) في «س» و «ط» عبد الرحمن بن الحجّاج، و الصواب ما في المتن، انظر معجم رجال الحديث 1: 163 و 9: 296، و الحديث (2).

(3) في المصدر: و النذور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 372

768/ [10]- عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ- قال- كل يمين بغير الله فهي من خطوات الشيطان».

سورة البقرة(2): الآيات 170 الي 171 ..... ص : 372

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ [170]

وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَ نِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ [171].

769/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، [رفعة] «1»، عن هشام بن الحكم، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): «يا هشام، إن الله تبارك و تعالى بشر أهل العقل و الفهم في كتابه، فقال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ» «2» الآية.

و ذكر الحديث بطوله إلى أن قال: «و ذم «3» الذين لا يعقلون، فقال: وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ و قال: وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَ نِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ».

770/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ الآية.

قال: إن البهائم إذا زجرها صاحبها فإنها تسمع الصوت، و لا تدري ما يريد، و كذلك الكفار إذا قرأت عليهم و عرضت عليهم الإيمان لا يعلمون مثل البهائم.

سورة البقرة(2): آية 173 ..... ص : 372

قوله تعالى:

فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [173]

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 74/ 150.

1- الكافي 1: 10/ 12.

2- تفسير القمّي 1: 64.

(1) أثبتناه من المصدر. انظر معجم رجال الحديث 19: 412.

(2) الزّمر 39: 17 و 18.

(3) في المصدر: قال: يا هشام ثمّ ذمّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 373

771/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله

(عليه السلام) في قول الله عز و جل: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ. قال: «الباغي باغي الصيد، و العادي السارق، ليس لهما أن يأكلا الميتة، إذا اضطرا إليها، هي حرام عليهما، ليس هي عليهما كما هي على المسلمين، و ليس لهما أن يقصرا في الصلاة».

772/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن البزنطي، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ. قال: «الباغي الذي يخرج على الإمام، و العادي الذي يقطع الطريق، لا تحل لهما الميتة».

و يروى أن العادي اللص، و الباغي الذي يبغي الصيد، لا يجوز لهما التقصير في السفر، و لا أكل الميتة في حال الاضطرار.

773/ [3]- العياشي: عن محمد بن إسماعيل، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ. قال: «الباغي الظالم، و العادي الغاصب».

774/ [4]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «المضطر لا يشرب الخمر، لأنها لا تزيده إلا شرا، فإن شربها قتلته، فلا يشربن منها قطرة».

775/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في المرأة أو الرجل يذهب بصره، فيأتيه الأطباء، فيقولون: نداويك شهرا أو أربعين ليلة مستلقيا، كذلك يصلي؟ فرجعت إليه له «1»، فقال: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ.

776/ [6]- عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ قال:

«الباغي الخارج على الإمام، و العادي اللص».

777/ [7]- عن بعض أصحابنا، قال: أتت امرأة إلى عمر، فقالت: يا أمير

المؤمنين، إني فجرت، فأقم في الحد،

__________________________________________________

1- الكافي 3: 438/ 7. [.....]

2- معاني الأخبار: 213/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 74/ 151.

4- تفسير العيّاشي 1: 74/ 152.

5- تفسير العيّاشي 1: 74/ 153.

6- تفسير العيّاشي 1: 74/ 154.

7- تفسير العيّاشي 1: 74/ 155.

(1) في الكافي 3: 410/ 4: فرخّص في ذلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 374

فأمر برجمها، و كان علي أمير المؤمنين (عليه السلام) حاضرا، قال: فقال له: «سلها كيف فجرت؟» قالت: كنت في فلاة من الأرض، أصابني عطش شديد، فرفعت لي خيمة فأتيتها، فأصبت فيها رجلا أعرابيا، فسألته الماء، فأبى علي «1» إلا أن امكنه من نفسي، فوليت عنه هاربة، فاشتد بي العطش حتى غارت «2» عيناي، و ذهب لساني، فلما بلغ ذلك مني أتيته فسقاني و وقع علي.

فقال له علي (عليه السلام): «هذه التي قال الله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ [باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ و هذه غير] باغية و لا عادية، فخل سبيلها». فقال عمر: لولا علي لهلك عمر.

778/ [8]- عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله في قوله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ. قال: «الباغي:

طالب الصيد، و العادي: السارق، ليس لهما أن يقصرا من الصلاة، و ليس لهما- إذا اضطرا إلى الميتة- أن يأكلاها، و لا يحل لهما ما يحل للناس إذا اضطروا».

779/ [9]- أبو علي الطبرسي: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «غير باغ على إمام المسلمين، و لا عاد بالمعصية طريق المحقين».

سورة البقرة(2): آية 175 ..... ص : 374

قوله تعالى:

فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [175]

780/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عمن ذكره، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ.

قال: «ما أصبرهم على فعل ما يعلمون أنه يصيرهم إلى النار!».

781/ [2]- العياشي: عن ابن مسكان، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ. قال: «ما أصبرهم على فعل ما يعلمون «3» أنه يصيرهم إلى النار!».

782/ [3]- أبو علي الطبرسي: عن علي بن إبراهيم، بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ما أجرأهم على

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 75/ 156.

9- مجمع البيان 1: 467.

1- الكافي 2: 206/ 2.

2- تفسير العيّاشي 1: 75/ 157.

3- مجمع البيان 1: 470.

(1) في المصدر: فأبى على أن يسقيني.

(2) غارت عينه: دخلت في الرأس. «الصحاح- غور- 2: 774». [.....]

(3) في المصدر: يعملون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 375

النار!».

783/ [4]- و عن أبي عبد الله (عليه السلام) «ما أعملهم بأعمال أهل النار!».

سورة البقرة(2): آية 177 ..... ص : 375

قوله تعالى:

لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ وَ النَّبِيِّينَ وَ آتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ السَّائِلِينَ وَ فِي الرِّقابِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا [177] 784/ [5]- علي بن إبراهيم: شرط «1» الإيمان الذي هو التصديق بالملائكة و الكتاب و النبيين.

785/ [6]- أبو علي الطبرسي: المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) «ذوي القربى: قرابة النبي (صلى الله عليه و آله)».

786/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان،

عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ «2»؟ قال: «الفقير الذي لا يسأل الناس، و المسكين أجهد منه، و البائس أجهدهم».

787/ [8]- أبو علي الطبرسي: «ابن السبيل: المنقطع به» عن أبي جعفر (عليه السلام).

788/ [9]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي إسحاق، عن بعض

__________________________________________________

4- مجمع البيان 1: 470.

5- تفسير القمّي 1: 64.

6- مجمع البيان 1: 477.

7- الكافي 3: 501/ 16.

8- مجمع البيان 1: 477.

9- التهذيب 8: 275/ 1002.

(1) في المصدر: شروط.

(2) التوبة 9: 60.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 376

أصحابنا، عن الصادق (عليه السلام)، قال: سئل عن مكاتب «1» عجز عن مكاتبته و قد أدى بعضها. قال: «يؤدى عنه من مال الصدقة، فإن الله عز و جل يقول: وَ فِي الرِّقابِ».

قوله تعالى:

وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [177] 789/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في الجوع و العطش و الخوف وَ حِينَ الْبَأْسِ قال: عند القتل

سورة البقرة(2): آية 178 ..... ص : 376

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ [178]

790/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى

. قال: فقال: «لا يقتل حر بعبد، و لكن يضرب ضربا شديدا، و يغرم ثمنه دية العبد».

791/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ «2». فقال: «يكفر عنه من ذنوبه

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 64.

2- الكافي الكافي 7: 304/ 1.

3- الكافي 7: 358/ 1.

(1) المكاتب: العبد المعتق يكاتب على نفسه بثمنه، فإذا سعى و أدّاه عتق. «مجمع البحرين- كتب- 2: 154».

(2) المائدة 5: 45. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 377

بقدر ما عفا».

و سألته عن قوله عز و جل: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ. فقال:

«ينبغي للذي له الحق أن لا يعسر أخاه إذا كان قد صالحه على دية، و ينبغي للذي عليه الحق أن لا يمطل «1» أخاه إذا قدر على ما يعطيه، و يؤدي إليه بإحسان».

و سألته عن قول الله عز و جل: فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ. فقال: «هو الرجل يقبل الدية أو يعفو أو يصالح، ثم يعتدي فيقتل: فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ كما قال الله عز و جل».

792/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ «2». قال: «يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا من جراح أو غيره».

قال: و سألته عن قول الله عز و جل: فَمَنْ عُفِيَ

لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ.

قال: «هو الرجل يقبل الدية، فينبغي للطالب أن يرفق به و لا يعسره، و ينبغي للمطلوب أن يؤدي إليه بإحسان، و لا يمطله إذا قدر».

793/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ. قال:

«الرجل يعفو أو يأخذ الدية، ثم يجرح صاحبه أو يقتله فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ».

794/ [5]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ما ذلك الشي ء؟ قال:

«هو الرجل يقبل الدية، فأمر الله عز و جل الرجل الذي له الحق أن يتبعه بمعروف و لا يعسره، و أمر الذي عليه الحق أن يؤدي إليه بإحسان إذا أيسر».

قلت: أ رأيت قوله عز و جل فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ؟ قال: «هو الرجل يقبل الدية أو يصالح، ثم يجي ء بعد ذلك فيمثل أو يقتل، فوعده الله عذابا أليما».

795/ [6]- العياشي: عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى بِالْأُنْثى قال: «لا يقتل حر بعبد، و لكن يضرب ضربا شديدا، و يغرم دية العبد و إن قتل رجل امرأة،

__________________________________________________

3- الكافي 7: 358/ 2.

4- الكافي 7: 359/ 3.

5- الكافي 7: 359/ 4.

6- تفسير العيّاشي 1: 75/ 158.

(1) المطل: اللي و التسويف

و التعلّل في أداء الحقّ، و تأخيره من وقت إلى وقت. «مجمع البحرين- مطل- 5: 473».

(2) المائدة 5: 45.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 378

فأراد أولياء المقتول أن يقتلوا، أدوا نصف ديته إلى أهل الرجل».

796/ [7]- محمد بن خالد البرقي: عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ أ هي لجماعة المسلمين؟ قال: «هي للمؤمنين خاصة».

797/ [8]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ. قال: «ينبغي للذي له الحق أن لا يضر أخاه إذا كان قادرا على ديته «1»، و ينبغي للذي عليه الحق أن لا يمطل أخاه إذا قدر على ما يعطيه، و يؤدي إليه بإحسان».

قال: «يعني إذا وهب القود «2» أتبعوه بالدية إلى أولياء المقتول، لكي لا يبطل دم امرئ مسلم».

798/ [9]- عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ ما ذلك؟

قال: «هو الرجل يقبل الدية «3»، فأمر الله الذي له الحق أن يتبعه بمعروف و لا يعسره، و أمر الله الذي عليه الدية أن لا يمطله، و أن يؤدي إليه بإحسان إذا أيسر».

799/ [10]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ. قال: «هو الرجل يقبل الدية، أو يعفو، أو يصالح، ثم يعتدي فيقتل فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ».

و في نسخة أخرى: «فيلقى صاحبه بعد الصلح فيمثل به فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ»

سورة البقرة(2): آية 179 ..... ص : 378

قوله تعالى:

وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [179]

800/ [1]- (إحتجاج الطبرسي): بالإسناد

عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، في تفسير قوله تعالى: وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ الآية.

قال: «وَ لَكُمْ يا امة محمد فِي الْقِصاصِ حَياةٌ لأن من هم بالقتل فعرف أنه يقتص منه، فكف

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 75/ 159.

8- تفسير العيّاشي 1: 75/ 160.

9- تفسير العيّاشي 1: 76/ 161.

10- تفسير العيّاشي 1: 76/ 162.

1- الاحتجاج: 319.

(1) في المصدر: دية.

(2) القود: القصاص. «الصحاح- قود- 2: 528».

(3) في «س، ط»: هو الرجل يقتل. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 379

لذلك عن القتل، كان حياة للذي كان هم بقتله، و حياة لهذا الجاني «1» الذي أراد أن يقتل، و حياة لغيرهما من الناس، إذا علموا أن القصاص واجب لا يجسرون على القتل مخافة القصاص يا أُولِي الْأَلْبابِ أولي العقول لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».

ثم قال (عليه السلام): «عباد الله، هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا و تفنون روحه، أ و لا أنبئكم بأعظم من هذا القتل، و ما يوجب «2» الله على قاتله مما هو أعظم من هذا القصاص؟». قالوا: بلى، يا ابن رسول الله.

قال: «أعظم من هذا القتل أن يقتله قتلا لا ينجبر و لا يحيا بعده أبدا». قالوا: ما هو؟

قال: «أن يضله عن نبوة محمد، و عن ولاية علي بن أبي طالب (صلى الله عليهما)، و يسلك به غير سبيل الله، و يغريه «3» باتباع طريق أعداء علي (عليه السلام) و القول بإمامتهم، و رفع علي (عليه السلام) عن حقه، و جحد فضله، و أن لا يبالي بإعطائه واجب تعظيمه، فهذا هو القتل الذي هو تخليد المقتول في نار جهنم، خالدا مخلدا أبدا، فجزاء هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنم».

801/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: لو لا

القصاص لقتل بعضكم بعضا.

سورة البقرة(2): آية 180 ..... ص : 379

قوله تعالى:

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [180]

802/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ابن بكير، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن الوصية للوارث، فقال: «تجوز». قال: ثم تلا هذه الآية: إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ.

الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد، عن ابن بكير، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «4».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 65.

1- الكافي 7: 10/ 5.

(1) في المصدر: الجافي.

(2) في المصدر: يوحيه.

(3) في المصدر: و يغير به.

(4) التهذيب 9: 199/ 793.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 380

803/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن محمد ابن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. قال: «هو شي ء جعله الله عز و جل لصاحب هذا الأمر».

قال: قلت: فهل لذلك حد؟ قال: «نعم».

قلت: و ما هو؟ قال: «أدنى ما يكون ثلث الثلث».

804/ [3]- العياشي: عن عمار بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ. قال: «حق جعله الله في أموال الناس لصاحب هذا الأمر».

قال: قلت: لذلك حد محدود؟ قال: «نعم».

قلت: كم؟ قال: «أدناه السدس، و أكثره الثلث».

805/ [4]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)،

قال: سألته عن الوصية، تجوز للوارث؟ قال: «نعم».

ثم تلا هذه الآية: إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ.

806/ [5]- عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من أوصى بوصية لغير الوارث من صغير أو كبير بالمعروف غير المنكر، فقد جازت وصيته».

807/ [6]- عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: «من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممن لا يرث، فقد ختم عمله بمعصية».

808/ [7]- عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. قال: «هي منسوخة، نسختها آية الفرائض التي هي المواريث فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ «1» يعني بذلك الوصي».

809/ [8]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ قال: «شي ء جعله الله لصاحب هذا الأمر».

__________________________________________________

2- من لا يحضره الفقيه 4: 175/ 615.

3- تفسير العيّاشي 1: 76/ 163.

4- تفسير العيّاشي 1: 76/ 164.

5- تفسير العيّاشي 1: 76/ 165.

6- تفسير العيّاشي 1: 76/ 166.

7- تفسير العيّاشي 1: 77/ 167.

8- تفسير العيّاشي 1: 77/ 168.

(1) البقرة 2: 181. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 381

قال: قلت: فهل لذلك حد؟ قال: «نعم».

قلت: و ما هو؟ قال: «أدنى ما يكون ثلث الثلث».

سورة البقرة(2): الآيات 181 الي 182 ..... ص : 381

قوله تعالى:

فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [181- 182]

810/ [1]- محمد بن يعقوب: عن

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أوصى بماله في سبيل الله.

فقال: «أعطه لمن أوصى به له، و إن كان يهوديا أو نصرانيا، إن الله تعالى يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

811/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن الحكم، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، في رجل أوصى بماله في سبيل الله.

قال: «أعط لمن أوصى به له، و إن كان يهوديا أو نصرانيا، إن الله تبارك و تعالى يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ.

812/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن مهزيار، قال: كتب أبو جعفر (عليه السلام) إلى جعفر و موسى: «و فيما أمرتكما من الإشهاد بكذا و كذا، نجاة لكما في آخرتكما، و إنفاذا لما أوصى به أبواكما، وبرا منكما لهما، و احذرا أن «1» تكونا بدلتما وصيتهما أو «2» غيرتماها عن حالها، لأنهما قد خرجا من ذلك (رضي الله عنهما)، و صار ذلك في رقابكما، و قد قال الله تبارك و تعالى في كتابه في الوصية: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

813/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب: أن

__________________________________________________

1- الكافي 7: 14/ 1.

2- الكافي 7: 14/ 2.

3- الكافي 7: 14/ 3.

4- الكافي 7: 14/ 4.

(1) في المصدر زيادة: لا.

(2) في المصدر:

و لا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 382

رجلا كان بهمذان، ذكر أن أباه مات، و كان لا يعرف هذا الأمر، فأوصى بوصيته عند الموت، و أوصى أن يعطى شي ء في سبيل الله، فسئل عنه أبو عبد الله (عليه السلام)، كيف يفعل به؟ و أخبرناه أنه كان لا يعرف هذا الأمر.

فقال: «لو أن رجلا أوصى إلي أن أضع في يهودي أو نصراني لوضعته فيهما، إن الله عز و جل يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فانظروا إلى من يخرج إلى هذا الوجه- يعني الثغور- فابعثوا به إليه».

814/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن حجاج الخشاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن امرأة أوصت إلي بمال أن يجعل في سبيل الله، فقيل لها: نحج به؟ فقالت: اجعله في سبيل الله. فقالوا لها: نعطيه آل محمد (عليهم السلام)؟ قالت: اجعله في سبيل الله. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «اجعله في سبيل الله كما أمرت».

قلت: مرني كيف أجعله؟

قال: «اجعله كما أمرتك، إن الله تبارك و تعالى يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أ رأيتك لو أمرتك ان تعطيه يهوديا كنت تعطيه نصرانيا؟!». قال: فمكثت بعد ذلك ثلاث سنين، ثم دخلت عليه، فقلت له مثل الذي قلت أول مرة، فسكت هنيئة، ثم قال: «هاتها» قلت: من أعطيها؟

قال: «عيسى شلقان «1»».

815/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي سعيد، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، قال: سئل عن رجل أوصى بحجة، فجعلها وصيه في نسمة.

فقال: «يغرمها وصيه، و يجعلها في حجة كما أوصى به، فإن الله تبارك و تعالى يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ».

816/ [7]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل أوصى بماله في سبيل الله.

قال: «أعطه لمن أوصى له، و إن كان يهوديا أو نصرانيا، لأن الله يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ».

__________________________________________________

5- الكافي 7: 15/ 1.

6- الكافي 7: 22/ 2.

7- تفسير العيّاشي 1: 77/ 169.

(1) عيسى شلقان: و هو عيسى بن أبي منصور مولى كوفي، و قد عدّ من أصحاب الباقر و الصادق (عليهما السّلام)، و هو من الفقهاء الأفاضل الأعلام، و الرؤساء المأخوذ منهم الحلال و الحرام، و الفتيا و الأحكام، الذي لا يطعن علين، و لا طريق لذم واحد منهم. رجال الطوسي: 257، معجم رجال الحديث 13: 176.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 383

817/ [8]- عن أبي سعيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن رجل أوصى بحجة، فجعلها وصيه في نسمة.

قال: «يغرمها وصيه، و يجعلها في حجة كما أوصى به، إن الله يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ».

818/ [9]- عن مثنى بن عبد السلام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل أوصي له بوصية، فمات قبل أن يقبضها و لم يترك عقبا. قال: «اطلب له وارثا أو مولى فادفعها إليه، فإن الله يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ».

قلت: إن الرجل كان من أهل فارس، دخل في الإسلام، لم يسم، و

لا يعرف له ولي؟ قال: «اجهد أن تقدر له على ولي، فإن لم تجده و علم الله منك الجهد، تتصدق بها».

819/ [10]- عن محمد بن سوقة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ.

قال: «نسختها التي بعدها فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً يعني الموصى إليه، إن خاف جنفا «1» من الموصي إليه في ثلثه جميعا، فيما أوصى به إليه، مما لا يرضى الله به في خلاف الحق، فلا إثم على الموصى إليه أن يبدله إلى الحق، و إلى ما يرضى الله به من سبيل الخير».

820/ [11]- عن يونس، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ. قال: «يعني إذا ما اعتدى في الوصية و زاد في الثلث».

821/ [12]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه «2»، عن رجاله، قال: «إن الله عز و جل أطلق للموصى إليه أن يغير الوصية إذا لم تكن بالمعروف، و كان فيها حيف، و يردها إلى المعروف، لقوله عز و جل:

فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ».

822/ [13]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن سوقة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ.

__________________________________________________

8- تفسير العياشي 1: 77/ 170.

9- تفسير العياشي 1: 77/ 171.

10- تفسير العياشي 1: 78/ 172.

11- تفسير العياشي 1: 78/ 173. [.....]

12- الكافي 7: 20/ 1.

13- الكافي

7: 21/ 2.

(1) الجنف: هو الميل و العدول عن الحق. «مجمع البحرين- جنف- 5: 33».

(2) (عن أبيه) أثبتناه من المصدر، و الظاهر صحته، انظر معجم رجال الحديث 1: 556.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 384

قال: «نسختها [الآية] التي بعدها قوله عز و جل: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ أي على «1» الموصى إليه إن خاف جنفا من الموصى فيما أوصى به إليه، مما لا يرضى الله به من خلاف الحق، فلا إثم عليه- أي على الموصى إليه- أن يبدله إلى الحق، و إلى ما يرضى الله به من سبيل الخير».

823/ [14]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمي، عن يونس بن عبد الرحمن، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ. قال: يعني إذا اعتدى في الوصية، إذا ازداد على الثلث».

824/ [15]- و قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «إذا أوصى الرجل بوصية، فلا يحل للوصي أن يغير وصية يوصيها، بل يمضيها على ما أوصى، إلا أن يوصي بغير ما أمر الله، فيعصي في الوصية و يظلم، فالموصى إليه جائز له أن يرده إلى الحق مثل رجل يكون له ورثة، فيجعل المال كله لبعض ورثته و يحرم بعضا، فالوصي جائز له أن يرده إلى الحق، و هو قوله: جَنَفاً أَوْ إِثْماً و الجنف: الميل إلى بعض ورثته دون بعض، و الإثم أن يأمر بعمارة بيوت النيران و اتخاذ المسكر، فيحل للوصي أن لا يعمل بشي ء من

ذلك».

825/ [16]- أبو علي الطبرسي، قال: الجنف أن يكون على جهة الخطأ من حيث لا يدري أنه يجوز. قال:

روي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة البقرة(2): آية 183 ..... ص : 384

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ [183- 184]

826/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن أبيه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في

__________________________________________________

14- علل الشرائع: 567/ 4.

15- تفسير القمّي 1: 65.

16- مجمع البيان 1: 486.

1- أمالي الصدوق: 161/ 1.

(1) في المصدر: قال يعني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 385

مسائل سأل عنها اليهود، منها: قال اليهودي: يا محمد، فأخبرني لأي شي ء فرض الله الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما، و فرض على الأمم أكثر من ذلك؟ قال النبي (صلى الله عليه و آله): «إن آدم (عليه السلام) لما أكل من الشجرة بقيت في بطنه ثلاثين يوما، ففرض الله على ذريته الجوع و العطش ثلاثين يوما، و الذي يأكلونه تفضل من الله عز و جل عليهم، و كذلك كان على آدم (عليه السلام)، ففرض الله عز و جل على أمتي ذلك» ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله) هذه الآية: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ.

قال اليهودي: صدقت- يا محمد- فما جزاء من صامها؟

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «ما من

مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا، إلا أوجب الله له سبع خصال: أولها:

يذوب الحرام في جسده، و الثانية: يقرب من رحمة الله، و الثالثة: يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم (عليه السلام)، و الرابعة:

يهون الله عليه سكرات الموت، و الخامسة: أمان من الجوع و العطش يوم القيامة، و السادسة: يعطيه الله براءة من النار، و السابعة: يطعمه الله من ثمرات الجنة».

قال: صدقت، يا محمد.

827/ [2]- و عنه، في (الفقيه): بإسناده عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن شهر رمضان لم يفرض الله صيامه على أحد من الأمم قبلنا».

فقلت له: فقول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ؟

قال: «إنما فرض الله عز و جل صيام شهر رمضان على الأنبياء دون الأمم، ففضل الله به هذه الامة، و جعل صيامه فرضا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على أمته».

828/ [3]- العياشي: عن البرقي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ قال: «هي للمؤمنين خاصة».

829/ [4]- عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ «1» و يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ.

قال: فقال: «هذه كلها تجمع الضلال و المنافقين، و كل من أقر بالدعوة الظاهرة».

__________________________________________________

2- من لا يحضره الفقيه 2: 61/ 267.

3- تفسير العيّاشي 1: 78/ 174.

4- تفسير العيّاشي 1: 78/ 175.

(1) البقرة 2: 246.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 386

سورة البقرة(2): آية 184 ..... ص : 386

قوله تعالى:

فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَ

عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [184]

830/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن داود، عن سفيان بن عيينة «1»، عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «فأما صوم السفر و المرض، فإن العامة قد اختلفت في ذلك فقال قوم: يصوم، و قال آخرون: لا يصوم، و قال قوم: إن شاء صام، و إن شاء أفطر، و أما نحن فنقول يفطر في الحالين جميعا فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء، فإن الله عز و جل يقول: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ».

831/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصوم في السفر تطوعا و لا فريضة، يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، نزلت هذه الآية و رسول الله (صلى الله عليه و آله) بكراع الغميم «2» عند صلاة الفجر، فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بإناء فشرب، و أمر الناس أن يفطروا، فقال قوم: قد توجه النهار، و لو صمنا يومنا هذا؟ فسماهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) العصاة، فلم يزالوا يسمون بذلك الاسم حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

832/ [3]- و عن الصباح بن سيابة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن ابن أبي يعفور أمرني أن أسألك عن مسائل، فقال: «و ما هي؟». قال: يقول لك: إذا

دخل شهر رمضان و أنا في منزلي، ألي أن أسافر؟

قال: «إن الله يقول: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ «3» فمن دخل عليه شهر رمضان و هو في أهله، فليس له أن يسافر إلا لحج، أو عمرة، أو في طلب مال يخاف تلفه».

833/ [4]- و عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ «4».

__________________________________________________

1- الكافي 4: 86/ 1. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1: 81/ 190.

3- تفسير العيّاشي ك 1: 80/ 186.

4- تفسير العيّاشي 1: 81/ 187.

(1) في «س»: سفيان عن عتيبة و في «ط»: سفيان عن عيينة، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو سفيان بن عيينة الهلالي الكوفي، من أتقن أصحاب الزّهري، و أثبت الناس في حديثه، انظر ترجمته في تهذيب الكمال 11: 177 و معجم رجال الحديث 8: 157.

(2) كراع الغميم: موضع بناحية الحجاز بين مكّة و المدينة. «معجم البلدان 4: 443».

(3) البقرة 2: 185.

(4) البقرة 2: 185.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 387

قال: فقال: «ما أبينها لمن عقلها!- قال- من شهد رمضان فليصمه، و من سافر فيه فليفطر».

834/ [5]- و عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن حد المرض الذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السفر [في قوله: وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ «1».

قال: «هو مؤتمن عليه، مفوض إليه، فإن وجد ضعفا فليفطر، و إن وجد قوة فليصم، كان المريض على ما كان».

835/ [6]- و عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «صوم السفر و المرض، إن العامة اختلفت في ذلك فقال قوم: يصوم، و قال قوم: لا يصوم، و قال قوم: إن شاء صام،

و إن شاء أفطر، و أما نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعا فإن صام في السفر أو حال المرض فعليه قضاء ذلك، فإن الله يقول: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، و قوله: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ «2»».

836/ [7]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبيد بن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله عز و جل: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ «3»؟

قال: «ما أبينها! من شهد فليصمه، و من سافر فلا يصمه».

837/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ.

قال: «الشيخ الكبير، و الذي يأخذه العطاش».

و عن قوله عز و جل: فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً «4» قال: « [من مرض أو عطاش».

838/ [9]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ.

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 81/ 189.

6- تفسير العيّاشي 1: 82/ 192.

7- الكافي 4: 126/ 1.

8- الكافي 4: 116/ 1.

9- الكافي 4: 116/ 5.

(1) البقرة 2: 185.

(2) البقرة 2: 185. [.....]

(3) البقرة 2: 185.

(4) المجادلة 58: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 388

قال: «الذين كانوا يطيقون الصوم فأصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك، فعليهم لكل يوم

مد «1»».

839/ [10]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ. قال: «الشيخ الكبير، و الذي يأخذه العطاش».

و عن قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً «2» قال: «من مرض أو عطاش».

840/ [11]- ابن بابويه: بإسناده عن ابن بكير، أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ.

قال: «على الذين كانوا يطيقون الصوم ثم أصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك، فعليهم لكل يوم مد».

841/ [12]- أبو علي الطبرسي، قال: روى علي بن إبراهيم بإسناده عن الصادق (عليه السلام)، قال: «وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ من مرض في شهر رمضان فأفطر، ثم صح فلم يقض ما فاته حتى جاء شهر رمضان آخر، فعليه أن يقضي و يتصدق لكل يوم مدا من طعام».

842/ [13]- العياشي: عن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألته عن قول الله: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ.

قال: «هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع، و المريض».

843/ [14]- و عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ.

قال: «الشيخ الكبير، و الذي يأخذه العطاش».

844/ [15]- و عن أبي بصير، قال: سألته عن رجل مرض من رمضان إلى رمضان قابل، و لم يصح بينهما، و لم يطق الصوم.

قال: «تصدق مكان كل يوم أفطر على مسكين مدا من طعام، و إن لم يكن حنطة فمد من تمر، و هو قول الله:

فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فإن استطاع أن يصوم رمضان الذي يستقبل،

و إلا فليتربص إلى رمضان قابل فيقضيه، فإن

__________________________________________________

10- التهذيب 4: 237/ 695.

11- من لا يحضره الفقيه 2: 84/ 377.

12- مجمع البيان 2: 494.

13- تفسير العيّاشي 1: 78/ 177.

14- تفسير العيّاشي 1: 78/ 176.

15- تفسير العيّاشي 1 لا 79/ 178.

(1) المدّ: مقدّر بأن يمدّ يديه فيملأ كفّيه طعاما، و هو ربع الصاع. «مجمع البحرين- مدد- 3: 144».

(2) المجادلة 58: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 389

لم يصح حتى جاء رمضان قابل، فليتصدق- كما تصدق- مكان كل يوم أفطر مدا، و إن صح فيما بين الرمضانين فتوانى أن يقضيه حتى جاء الرمضان الآخر، فإن عليه الصوم و الصدقة جميعا يقضي الصوم و يتصدق، من أجل أنه ضيع ذلك الصيام».

845/ [16]- و عن العلاء، عن محمد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ.

قال: «الشيخ الكبير، و الذي يأخذه العطاش».

846/ [17]- و عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ.

قال: «المرأة تخاف على ولدها، و الشيخ الكبير».

847/ [18]- و عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: « [الشيخ الكبير، و الذي به العطاش، لا حرج عليهما أن يفطرا في رمضان، و تصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد «1» من طعام، و لا قضاء عليهما، فإن لم يقدرا فلا شي ء عليهما»

سورة البقرة(2): آية 185 ..... ص : 389

قوله تعالى:

شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ [185]

848/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الشهور

عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات و الأرض فغرة الشهور شهر الله عز ذكره و هو شهر رمضان، و قلب شهر رمضان ليلة القدر، و نزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان، فاستقبل الشهر بالقرآن».

849/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و علي بن محمد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 79/ 179.

17- تفسير العيّاشي 1: 79/ 180.

18- تفسير العيّاشي 1: 79/ 181.

1- الكافي 4: 65/ 1. [.....]

2- الكافي 2: 460/ 6.

(1) في المصدر و «ط» نسخة بدل: بمدّين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 390

داود «1»، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ و إنما انزل في عشرين سنة بين أوله و آخره.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثم نزل في طول عشرين سنة».

ثم قال: «قال النبي (صلى الله عليه و آله): نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان، و أنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، و أنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، و انزل الزبور لثمان عشرة خلون من شهر رمضان، و انزل القرآن في ثلاث و عشرين من شهر رمضان».

850/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنا عنده ثمانية رجال، فذكرنا رمضان، فقال: «لا تقولوا: هذا رمضان، و لا ذهب رمضان، و لا

جاء رمضان، فإن رمضان اسم من أسماء الله عز و جل لا يجي ء و لا يذهب، و إنما يجي ء و يذهب الزائل، و لكن قولوا: شهر رمضان، فالشهر مضاف إلى الاسم، و الاسم اسم الله عز ذكره، و هو الشهر الذي انزل فيه القرآن جعله مثلا وعيدا».

851/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن سنان- أو عن غيره «2»- عمن ذكره، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القرآن و الفرقان، أ هما شيئان، أو شي ء واحد؟

فقال (عليه السلام): «القرآن: جملة الكتاب، و الفرقان: المحكم الواجب العمل به».

852/ [5]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت التوراة في ست مضين من شهر رمضان، و نزل الإنجيل في اثنتي عشرة مضت من شهر رمضان، و نزل الزبور في ثماني عشرة مضت من شهر رمضان، و نزل القرآن في ليلة القدر».

853/ [6]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن خالد الأصم، عن ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن يحيى، أنه سمع أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا يسأل الله عز و جل عبدا عن صلاة بعد الفريضة، و لا عن صدقة بعد الزكاة، و لا عن صوم بعد شهر رمضان».

__________________________________________________

3- الكافي 4: 69/ 2.

4- الكافي 2: 461/ 11.

5- التهذيب 4: 193/ 552.

6- التهذيب 4: 153/ 242.

(1) في المصدر: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، و محمّد بن القاسم، عن محمّد بن سليمان، عن داود، و الصواب ما في المتن، لعدم رواية الكليني أو إبراهيم بن هاشم عن محمّد بن القاسم،

بل روى الكليني عن عليّ بن محمّد، و روى هو عن القاسم، و روى الأخير عن سليمان راجع معجم رجال الحديث 14: 37 و 17: 154 و 18: 54.

(2) في «س و ط»: عليّ بن إبراهيم، عن ابن سنان و غيره، و الصواب ما أثبتناه، كما أورده السيد الخوئي في تفصيل طبقات الرواة. انظر معجم رجال الحديث 1: 319 و 22: 404.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 391

854/ [7]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن أحمد بن صبيح، عن الحسين بن علوان، عن عبد الله بن الحسن، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «شهر رمضان نسخ كل صوم، و النحر نسخ كل ذبيحة، و الزكاة نسخت كل صدقة، و غسل الجنابة نسخ كل غسل».

855/ [8]- العياشي: عن الحارث البصري «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال في آخر شعبان: «إن هذا الشهر المبارك الذي أنزلت فيه القرآن، و جعلته هدى للناس، و بينات من الهدى و الفرقان، قد حضر، فسلمنا فيه، و سلمه لنا، و سلمه منا في يسر منك و عافية».

856/ [9]- عن عبدوس العطار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا حضر شهر رمضان، فقل:

اللهم قد حضر شهر رمضان، و قد افترضت علينا صيامه، و أنزلت فيه القرآن هدى للناس، و بينات من الهدى و الفرقان، اللهم أعنا على صيامه و تقبله منا، و سلمنا فيه، و سلمه منا، و سلمنا له في يسر منك و عافية، إنك على كل شي ء قدير، يا أرحم الراحمين».

857/ [10]- عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله: شَهْرُ رَمَضانَ

الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ كيف انزل فيه القرآن، و إنما انزل القرآن في طول عشرين سنة من أوله إلى آخره؟

فقال (عليه السلام): «نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثم انزل من البيت المعمور في طول عشرين سنة».

ثم قال: «قال النبي (صلى الله عليه و آله): نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان، و أنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، و انزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، و انزل الزبور لثماني عشرة من رمضان، و انزل القرآن لأربع و عشرين من رمضان».

858/ [11]- عن ابن سنان، عمن ذكره، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القرآن و الفرقان، أ هما شيئان، أو شي ء واحد؟

قال: فقال: «القرآن: جملة الكتاب، و الفرقان: المحكم الواجب العمل به».

859/ [12]- أبو علي الطبرسي، قال: روى الثعلبي، بإسناده عن أبي ذر، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال:

__________________________________________________

7- التهذيب 4: 153/ 425.

8- تفسير العيّاشي 1: 80/ 182.

9- تفسير العيّاشي 1: 80/ 183.

10- تفسير العيّاشي 1: 80/ 185.

11- تفسير العيّاشي 1: 80/ 185.

12- مجمع البيان 2: 497. [.....]

(1) في المصدر: النصري، و كلاهما صحيح، و هو الحارث بن المغيرة النصري، من نصر بن معاوية. انظر رجال النجاشي: 139/ 361 و معجم رجال الحديث 4: 204.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 392

«أنزلت صحف إبراهيم (عليه السلام) لثلاث مضين من شهر رمضان- و في رواية الواحدي: في أول ليلة منه- و أنزلت توراة موسى (عليه السلام) لست مضين من رمضان، و انزل إنجيل عيسى لثلاث عشرة خلت من رمضان، و انزل زبور داود لثماني عشرة ليلة خلت من رمضان، و انزل الفرقان

على محمد لأربع و عشرين من شهر رمضان».

ثم قال أبو علي: و هذا بعينه رواه العياشي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

860/ [13]- و روى علي بن إبراهيم في (تفسيره)، قال: روي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: «نزلت صحف إبراهيم (عليه السلام) أول شهر رمضان، و نزلت التوراة لست خلون من شهر رمضان، و نزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، و نزل القرآن لأربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان».

861/ [14]- و قال علي بن إبراهيم: أول ما فرض الله الصوم، لم يفرضه الله في شهر رمضان، قال: و

قال العالم (عليه السلام): فرض الله شهر رمضان «2» على الأنبياء و لم يفرضه على الأمم، فلما بعث الله نبيه (صلى الله عليه و آله) خصه بفضل شهر رمضان هو و أمته، و كان الصوم قبل أن ينزل شهر رمضان يصوم الناس أياما».

قوله تعالى:

فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [185]

862/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبيد بن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله عز و جل: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ؟ قال: «ما أبينها! من شهد فليصمه، و من سافر فلا يصمه».

863/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا دخل شهر رمضان فلله فيه شرط قال الله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فليس للرجل- إذا دخل شهر رمضان- أن يخرج

إلا في حج أو عمرة، أو مال يخاف تلفه، أو أخ يخاف هلاكه، و ليس له أن يخرج في إتلاف مال أخيه، فإذا مضت ليلة ثلاث و عشرين فليخرج حيث

__________________________________________________

13- تفسير القمّي (النسخة المخطوطة): 12.

14- تفسر القمّي 1: 65.

1- الكافي 4: 126/ 1.

2- التهذيب 4: 216/ 626.

(1) تقدم في الحديث (10) من تفسير هذه الآيات.

(2) (قال و قال ... شهر رمضان) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 393

شاء».

864/ [3]- و عنه: بإسناده عن هارون بن الحسن بن جبلة، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، يدخل علي شهر رمضان فأصوم بعضه، فتحضرني نية زيارة قبر أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فأزوره و أفطر ذاهبا و جائيا، أو أقيم حتى أفطر، و أزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين. فقال:

«أقم حتى تفطر».

قلت له: جعلت فداك، فهو أفضل. قال: «نعم، أما تقرأ في كتاب الله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ».

865/ [4]- العياشي: عن الصباح بن سيابة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن ابن أبي يعفور أمرني أن أسألك عن مسائل، فقال: «و ما هي؟». قال: يقول لك: إذا دخل شهر رمضان و أنا في منزلي ألي أن أسافر؟

قال: «إن الله يقول: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فمن دخل عليه شهر رمضان و هو في أهله، فليس له أن يسافر إلا لحج أو عمرة، أو في طلب مال يخاف تلفه».

866/ [5]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ. قال: فقال: «ما أبينها لمن عقلها!- قال- من شهد رمضان فليصمه، و من سافر فيه فليفطر».

867/ [6]- و عنه:

قال أبو عبد الله (عليه السلام) فَلْيَصُمْهُ قال: «الصوم فوه لا يتكلم إلا بالخير».

قوله تعالى:

يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [185]

868/ [1]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.

قال: «اليسر: أمير المؤمنين، و العسر: فلان و فلان».

869/ [2]- العياشي: عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ

__________________________________________________

3- التهذيب 4: 316/ 961.

4- تفسير العياشي 1: 80/ 186.

5- تفسير العياشي 1: 81/ 187.

6- تفسير العياشي 1: 81/ 188.

1- المناقب 3: 103.

2- تفسير العياشي 1: 82/ 191.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 394

. قال: «اليسر: علي (عليه السلام)، و فلان و فلان العسر، فمن كان من ولد آدم (عليه السلام) لم يدخل في ولاية فلان و فلان».

870/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن بعض أصحابه، رفعه، في قول الله عز و جل: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ «اليسر: الولاية، و العسر: الخلاف، و موالاة أعداء الله».

871/ [4]- و عنه: عن بعض أصحابنا، رفعه، في قول الله عز و جل: وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ.

قال: «التكبير: التعظيم «1»، و الهداية: الولاية».

872/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، [عن أبيه «2»، عن خلف بن حماد، عن سعيد النقاش، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لي: «أما إن في ليلة الفطر تكبيرا، و لكنه مسنون «3»».

قال: قلت: و أين هو؟ قال: «في ليلة الفطر في المغرب

و العشاء الآخرة، و في صلاة الفجر، و في صلاة العيد، ثم يقطع».

قال: قلت: كيف أقول؟ قال: «تقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر، و لله الحمد، الله أكبر على ما هدانا و هو قول الله عز و جل: وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ يعني الصيام وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ».

873/ [6]- العياشي: عن سعيد النقاش، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن في الفطر لتكبيرا، و لكنه مسنون، كبر في المغرب ليلة الفطر، و في العتمة، و الفجر، و في صلاة العيد، و هو قول الله تعالى: وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ و التكبير أن تقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر «4»، و لله الحمد».

قال: و في رواية أبي عمرو: التكبير الأخير أربع مرات.

874/ [7]- عن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، ما يتحدث به عندنا أن النبي (صلى الله عليه و آله) صام تسعة و عشرين أكثر مما صام ثلاثين، أحق هذا؟

قال: «ما خلق الله من هذا حرفا، ما صامه النبي (صلى الله عليه و آله) إلا ثلاثين، لأن الله يقول: وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ينقصه؟!».

__________________________________________________

3- المحاسن: 186/ 199. [.....]

4- المحاسن: 142/ 36.

5- الكافي 4: 166/ 1.

6- تفسير العيّاشي 1: 82/ 193.

7- تفسير العيّاشي 1: 82/ 194.

(1) في المصدر زيادة: للّه.

(2) أثبتناه من المصدر، و هو الصواب، انظر مجمع الرجال 2: 271، معجم رجال الحديث 7: 63.

(3) في المصدر: مستور.

(4) (اللّه أكبر) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص:

395

875/ [8]- عن سعيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن في الفطر تكبيرا».

قال: قلت: ما التكبير إلا في يوم النحر.

قال: «فيه تكبير و لكنه مسنون: في المغرب و العشاء و الفجر و الظهر و العصر و ركعتي العيد».

سورة البقرة(2): آية 186 ..... ص : 395

قوله تعالى:

وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [186]

876/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري «1»، عن حماد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أشغل نفسي بالدعاء لإخواني و لأهل الولاية، فما ترى في ذلك؟

قال: «إن الله تبارك و تعالى يستجيب دعاء غائب لغائب، و من دعا للمؤمنين و المؤمنات و لأهل مودتنا، رد الله عليه من آدم إلى أن تقوم الساعة، لكل مؤمن حسنة».

ثم قال: «إن الله فرض الصلوات في أفضل الساعات، فعليكم بالدعاء في أدبار الصلوات» ثم دعا لي «2» و لمن حضره.

877/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): جعلت فداك، إني قد سألت الله حاجة منذ كذا و كذا سنة، و قد دخل قلبي من إبطائها شي ء.

فقال: «يا أحمد، إياك و الشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك، إن أبا جعفر (صلوات الله عليه) كان يقول:

إن المؤمن يسأل الله عز و جل حاجة، فيؤخر عنه تعجيل إجابتها، حبا لصوته و استماع نحيبه».

ثم قال: «و الله، ما أخر الله عز و جل عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا، خير لهم مما عجل لهم فيها، و أي شي ء

الدنيا! إن أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه، في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة، ليس إذا أعطي فتر، فلا تمل الدعاء، فإنه من الله عز و جل بمكان.

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 82/ 195.

1- تفسير القمّي 1: 67.

2- الكافي 2: 354/ 1.

(1) في «س و ط»: داود بن سليمان المنقريّ، و الصواب ما في المتن، انظر رجال النجاشيّ: 184/ 488، و فهرست الطوسيّ: 77/ 316.

(2) في «ط»: له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 396

و عليك بالصبر، و طلب الحلال، و صلة الرحم، و إياك و مكاشفة الناس، فإنا أهل بيت نصل من قطعنا، و نحسن إلى من أساء إلينا، فنرى- و الله- في ذلك العاقبة «1» الحسنة.

إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فاعطي طلب غير الذي سأل، و صغرت النعمة في عينه، فلا يشبع من شي ء، و إن كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق التي تجب عليه، و ما يخاف من الفتنة فيها، أخبرني عنك لو أني قلت لك قولا أ كنت تثق به مني؟».

فقلت: جعلت فداك، إذا لم أثق بقولك فبمن أثق و أنت حجة الله على خلقه؟

قال: «فكن بالله أوثق، فإنك على موعد من الله عز و جل، أليس الله عز و جل يقول: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ و قال: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ «2» و قال: وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا «3» فكن بالله عز و جل أوثق منك بغيره، و لا تجعلوا في أنفسكم إلا خيرا، فإنه يغفر لكم» «4».

878/ [3]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن

عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: آيتان في كتاب الله عز و جل أطلبهما فلا أجدهما. قال: «و ما هما؟» قلت: قول الله عز و جل:

ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «5» فندعوه و لا نرى إجابة! قال: «أفترى الله عز و جل أخلف وعده؟» قلت: لا. قال: «فمم ذلك؟» فقلت: لا أدري.

قال: «لكني أخبرك: من أطاع الله عز و جل فيما أمره ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه».

قلت: و ما جهة الدعاء؟

قال: «تبدأ فتحمد الله، و تذكر نعمه عندك، ثم تشكره، ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم تذكر ذنوبك فتقر بها، ثم تستعيذ منها، فهذا جهة الدعاء».

ثم قال: «و ما الآية الاخرى؟».

قلت: قول الله عز و جل: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ «6» فإني أنفق و لا أرى خلفا! قال: «افترى الله عز و جل أخلف وعده؟ قلت: لا. قال: «مم ذلك؟» قلت: لا أدري.

قال: «لو أن أحدكم اكتسب المال من حله، و أنفقه في ذلك، لم ينفق درهما إلا اخلف عليه».

__________________________________________________

3- الكافي 2: 352/ 8. [.....]

(1) في «ط»: العافية.

(2) الزّمر 39: 53.

(3) البقرة 2: 268.

(4) في المصدر: فإنّه مغفور لكم.

(5) غافر 40: 60.

(6) سبأ 34: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 397

879/ [4]- العياشي: عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي.

قال: «يعلمون أني أقدر على أن أعطيهم ما يسألون».

880/ [5]- أبو علي الطبرسي: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «أعجز الناس من عجز عن الدعاء، و أبخل الناس من بخل بالسلام».

881/ [6]- و روي عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «وَ لْيُؤْمِنُوا بِي أي و ليتحققوا أني قادر على إعطائهم ما سألوه لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ أي لعلهم يصيبون الحق، أي يهتدون إليه».

سورة البقرة(2): آية 187 ..... ص : 397

قوله تعالى:

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَ عَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَ ابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ [187]

882/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و أحمد بن إدريس، عن محمد ابن عبد الجبار، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ.

قال: «نزلت في خوات بن جبير الأنصاري «1»، و كان مع النبي (صلى الله عليه و آله) في الخندق و هو صائم، فأمسى و هو على تلك الحال، و كانوا قبل أن تنزل هذه الآية، إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام و الشراب، فجاء خوات إلى

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 83/ 196.

5- مجمع البيان 2: 500.

6- مجمع البيان 2: 500.

1- الكافي 4: 98/ 4.

(1) خوّات بن جبير بن النّعمان، كان أحد فرسان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، شهد بدرا هو و أخوه عبد اللّه بن جبر، و هو من صحابة الإمام عليّ (عليه السّلام)، توفّي سنة 40 ه، و قيل 42 ه، و عمره أربع و سبعون سنة. انظر رجال الطوسي: 40، اسد الغابة 2: 125، الخلاصة: 66، الإصابة 1: 457.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1،

ص: 398

أهله حين أمسوا «1»، فقال: هل عندكم طعام؟ فقالوا: لا، لا تنم حتى نصلح لك طعاما فاتكأ فنام، فقالوا له: قد فعلت، قال: نعم.

فبات على تلك الحال فأصبح، ثم غدا إلى الخندق فجعل يغشى «2» عليه، فمر به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره، فأنزل الله عز و جل فيه الآية: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ».

883/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ.

فقال: «بياض النهار من سواد الليل».

884/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام): أن عليا (صلوات الله عليه) قال: يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان، لقول الله عز و جل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ و الرفث: المجامعة».

885/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن قوم صاموا شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس، فظنوا أنه ليل فأفطروا، ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس.

فقال: «على الذي أفطر قضاء «3» ذلك اليوم، إن الله عز و جل يقول: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ.

886/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد

بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي بصير، و سماعة، عن أبي عبد الله (عليهم السلام)، في قوم صاموا شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس، فرأوا أنه الليل، فأفطر بعضهم، ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس.

قال: «على الذي أفطر صيام ذلك اليوم، إن الله عز و جل يقول: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ، فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا».

__________________________________________________

2- الكافي 4: 98/ 3.

3- الكافي 4: 180/ 3.

4- الكافي 4: 100/ 1. [.....]

5- الكافي 4: 100/ 2.

(1) في المصدر: أمسى.

(2) غشيّ عليه: أغمي عليه. «لسان العرب- غشا- 15: 127».

(3) في المصدر: صيام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 399

887/ [6]- الشيخ في (الʙǘЙʘȩ: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحصين بن أبي الحصين، قال: كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، اختلف مواليك في صلاة الفجر فمنهم من يصلي إذا طلع الفجر الأول المستطيل في السماء، و منهم من يصلي إذا اعترض في أسفل الأرض و استȘǙƮ

و ذكر الحديث إلى أن قال: فكتب بخطه (عليه السلام): «الفجر- رحمك الله- الخيط الأبيض، و ليس هو الأبيض صعداء، و لا تصل في سفر و لا «1» حضر حتى تتبينه- رحمك الله- فإن الله لم يجعل خلقه في شبهة من هذا، فقال:

كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فالخيط الأبيض هو الفجر الذي يحرم به الأكل و الشرب في الصيام، و كذلك هو الذي يوجب الصلاة».

888/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، رفعه، قال: قال الصادق (عليه السلام): «كان الأكل و النكاح محرمين في شهر رمضان بالليل بعد

النوم، يعني كل من صلى العشاء و نام و لم يفطر ثم انتبه، حرم عليه الإفطار، و كان النكاح حراما في الليل و النهار في شهر رمضان.

و كان رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقال له: خوات بن جبير الأنصاري، أخو عبد الله بن جبير، الذي كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كله بفم الشعب يوم احد مع خمسين من الرماة، ففارقه أصحابه و بقي في أثني عشر رجلا، فقتل على باب الشعب.

و كان أخوه هذا خوات بن جبير شيخا كبيرا ضعيفا، و كان صائما مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الخندق، فجاء إلى أهله حين أمسى، فقال: عندكم طعام؟ فقالوا: لا تنم حتى نصنع لك طعاما فأبطأت عليه أهله بالطعام، فنام قبل أن يفطر، فلما انتبه قال لأهله: قد حرم «2» علي الأكل في هذه الليلة. فلما أصبح حضر حفر الخندق، فأغمي عليه، فرآه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فرق له.

و كان قوم من الشباب ينكحون بالليل سرا في شهر رمضان، فأنزل الله عز و جل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ الآية، فأحل الله تبارك و تعالى النكاح بالليل في شهر رمضان، و الأكل بعد النوم إلى طلوع الفجر، لقوله: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ- قال-: هو بياض النهار من سواد الليل».

889/ [8]- العياشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله الله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ إلى قوله: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا.

__________________________________________________

6- التهذيب 2: 36/ 115.

7- تفسير القمّي 1: 66.

8- تفسير العيّاشي 1: 83/ 197.

(1) في المصدر

زيادة: في.

(2) في المصدر: حرّم اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 400

قال: «نزلت في خوات بن جبير، و كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الخندق و هو صائم، فأمسى على ذلك، و كانوا من قبل أن تنزل هذه الآية، إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام، فرجع خوات إلى أهله حين أمسى، فقال:

عندكم طعام؟ فقالوا: ألا تنام حتى نصنع لك طعاما، فاتكأ فنام، فقالوا: قد فعلت؟ قال: نعم. فبات على ذلك و أصبح، فغدا إلى الخندق، فجعل يغشى عليه، فمر به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما رأى الذي به، سأله، و أخبره كيف كان أمره، فنزلت هذه الآية: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ إلى قوله: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ».

890/ [9]- عن سعد، عن بعض أصحابه، عنهما، في رجل تسحر و هو يشك «1» في الفجر.

قال: «لا بأس وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ و أرى أن يستظهر «2» في شهر رمضان و يتسحر قبل ذلك».

891/ [10]- عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين قاما في شهر رمضان، فقال أحدهما:

هذا الفجر، و قال الآخر: ما أرى شيئا.

قال «ليأكل الذي لم يستيقن الفجر، و قد حرم الأكل على الذي زعم قد رأى، إن الله يقول: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ».

892/ [11]- عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أناس صاموا في شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند مغرب

الشمس، فظنوا أنه الليل، فأفطروا، أو أفطر بعضهم، ثم إن السحاب فصل عن السماء، فإذا الشمس لم تغب.

قال: «على الذي أفطر قضاء ذلك اليوم، إن الله يقول: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا».

893/ [12]- عن القاسم بن سليمان، عن جراح، عن الصادق (عليه السلام)، قال: «قال الله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ يعني صوم شهر رمضان، فمن رأى هلالا «3» بالنهار فليتم صيامه».

894/ [13]- عن سماعة، قال: «على الذي أفطر القضاء لأن الله يقول: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ، فمن

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 83/ 198.

10- تفسير العيّاشي 1: 83/ 199.

11- تفسير العيّاشي 1: 84/ 200.

12- تفسير العيّاشي 1: 84/ 201.

13- تفسير العيّاشي 1: 84/ 202. [.....]

(1) في المصدر: شاكّ.

(2) الاستظهار: طلب الاحتياط بالشي ء. «مجمع البحرين- ظهر- 3: 392».

(3) في المصدر: هلال شوّال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 401

أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا».

895/ [14]- عن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الخيط الأبيض، و عن «1» الخيط الأسود؟ فقال: «بياض النهار من سواد الليل»

سورة البقرة(2): آية 188 ..... ص : 401

قوله تعالى:

وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [188]

896/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن زياد بن عيسى «2»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ. فقال: «كانت قريش تقامر الرجل بأهله و ماله، فنهاهم الله عز و جل عن

ذلك».

897/ [2]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل في كتابه: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ.

فقال: «يا أبا بصير، إن الله عز و جل قد علم أن في الامة حكاما يجورون، أما إنه لم يعن حكام أهل العدل، و لكنه عنى حكام أهل الجور.

يا أبا محمد، إنه لو كان [لك على رجل حق، فدعوته إلى حكام أهل العدل، فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، لكان ممن حاكم إلى الطاغوت، و هو قول الله عز و جل: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ «3»».

898/ [3]- الشيخ، بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 84/ 203.

1- الكافي 5: 122/ 1.

2- الكافي 7: 411/ 3.

3- التهذيب 6: 219/ 518.

(1) في المصدر: من.

(2) في المصدر زيادة: و هو أبو عبيدة الحذّاء.

(3) النّساء 4: 60.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 402

فضال، قال: قرأت في كتاب أبي الأسد إلى أبي الحسن الثاني (عليه السلام) و قرأته بخطه «1»: ما تفسير قوله: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ؟

قال: فكتب إليه بخطه: «الحكام: القضاة» ثم كتب تحته: «هو أن يعلم الرجل أنه ظالم فيحكم له القاضي، فهو غير معذور في أخذه ذلك الذي يحكم له به إذ «2»

قد علم أنه ظالم».

899/ [4]- العياشي: عن زياد بن عيسى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ. قال: «كانت قريش تقامر الرجل في أهله و ماله، فنهاهم الله عن ذلك».

900/ [5]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ؟

فقال: «يا أبا بصير، إن الله قد علم أن في الأمة حكاما يجورون، أما إنه لم يعن حكام أهل العدل، و لكنه عنى حكام أهل الجور.

يا أبا محمد، أما إنه لو كان لك على رجل حق، فدعوته إلى حكام أهل العدل، فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، كان ممن يحاكم إلى الطاغوت».

901/ [6]- عن الحسن بن علي، قال: قرأت في كتاب أبي الأسد إلى أبي الحسن الثاني (عليه السلام) و جوابه بخطه، سأل ما تفسير قوله: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ؟

قال: فكتب إليه: «الحكام: القضاة». قال: ثم كتب تحته: «هو أن يعلم الرجل أنه ظالم عاص، [و هو] غير معذور في أخذه ذلك الذي حكم له به، إذا كان قد علم أنه ظالم».

902/ [7]- عن سماعة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يكون عنده الشي ء يتبلغ به «3» و عليه الدين، أ يطعمه عياله حتى يأتيه الله بميسرة فيقضي دينه، أو يستقرض على ظهره؟

فقال: «يقضي بما عنده دينه، و لا يأكل أموال الناس إلا و عنده ما يؤدي إليهم حقوقهم، إن الله يقول: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ».

903/ [8]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن

سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن ابن محبوب،

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 84/ 204.

5- تفسير العيّاشي 1: 85/ 205.

6- تفسير العيّاشي 1: 85/ 206.

7- تفسير العيّاشي 1: 85/ 207. [.....]

8- الكافي 5: 95/ 2.

(1) في المصدر زيادة: سأله.

(2) في المصدر: الذي حكم له، إذا كان.

(3) يتبلّغ به: يكتفي به، و في المصدر: تبلّغ به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 403

عن أبي أيوب، عن سماعة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل منا يكون عنده الشي ء يتبلغ به و عليه دين، أ يطعمه عياله حتى يأتي الله عز و جل بميسرة فيقضي دينه، أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان و شدة المكاسب، أو يقبل الصدقة.

قال: «يقضي بما عنده دينه، و لا يأكل أموال الناس [إلا و عنده ما يؤدي إليهم حقوقهم، إن الله عز و جل يقول: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ «1».

و لا يستقرض على ظهره إلا و عنده وفاء، و لو طاف على أبواب الناس فردوه باللقمة و اللقمتين و التمرة و التمرتين، إلا أن يكون له ولي يقضي عنه، فيقضي دينه و عدته «2»، ليس منا من ميت إلا جعل الله له وليا يقوم في عدته و دينه من بعده» «3».

904/ [9]- علي بن إبراهيم: قال العالم (عليه السلام): «قد علم الله أنه يكون حكام يحكمون بغير الحق، فنهي أن يتحاكموا إليهم، لأنهم لا يحكمون بالحق، فتبطل الأموال».

905/ [10]- أبو علي الطبرسي، قال: روي عن أبي جعفر (عليه السلام): أنه يعني بالباطل: اليمين الكاذبة تقتطع بها الأموال.

سورة البقرة(2): آية 189 ..... ص : 403

اشارة

قوله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّ [189]

906/ [1]- الشيخ، بإسناده عن

أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن القاسم «4»، عن علي بن إبراهيم، قال: حدثني أحمد بن عيسى بن عبد الله، عن عبد الله بن علي بن الحسين «5»، عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، في قوله عز و جل: قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّ.

قال: «لصومهم و فطرهم و حجهم».

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 1: 67.

10- مجمع البيان 2: 506.

1- التهذيب 4: 166/ 472.

(1) النّساء 4: 29.

(2) في المصدر: دينه من بعده.

(3) في المصدر: و دينه فيقضي عدته و دينه.

(4) في «س»: أحمد بن محمّد بن سعيد بن القاسم، و في المصدر: أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أبي الحسن بن القاسم، و قد ذكره في معجم رجال الحديث 5: 82 و 21: 113 مرّة موافقا لما أثبتناه من «ط» و أخرى موافقا للمصدر.

(5) في المصدر: الحسن، و كلاهما وارد، انظر جامع الرواة 1: 498 و معجم رجال الحديث 10: 263.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 404

907/ [2]- العياشي: عن زيد بن أبي أسامة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الأهلة. قال: «هي الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم، و إذا رأيته فأفطر».

قلت: أ رأيت إن كان الشهر تسعة و عشرين، أ يقضى ذلك اليوم؟. قال: «لا، إلا أن يشهد ثلاثة عدول، فإنهم إن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك، فإنه يقضى ذلك اليوم».

908/ [3]- عن زياد بن المنذر، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «صم حين يصوم الناس، و أفطر حين يفطر الناس، فإن الله جعل الأهلة مواقيت».

909/ [4]- علي بن إبراهيم: إن المواقيت منها معروفة مشهورة «1»، و منها مبهمة.

فاما

المواقيت المعروفة المشهورة فأربعة: الأشهر الحرم التي ذكرها الله في قوله: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ «2».

و الاثنا عشر شهرا التي خلقها الله تعرف بالهلال أولها المحرم، و أخرها ذو الحجة.

و الأربعة الحرم: رجب مفرد، و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم متصلة، حرم الله فيها القتال، و يضاعف فيها الذنوب، و كذلك الحسنات.

و أشهر السياحة معروفة: و هي عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و ربيع الأول، و عشر من ربيع الآخر و هي التي أجل الله فيها قتال المشركين في قوله: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ «3».

و أشهر الحج معروفة: و هي شوال، و ذو القعدة و ذو الحجة [و إنما صارت أشهر الحج، لأنه من اعتمر في هذه الأشهر في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة، و نوى أن يقيم بمكة حتى يحج، فقد تمتع بالعمرة إلى الحج و من اعتمر في غير هذه الأشهر، ثم نوى أن يقيم إلى الحج أو لم ينو، فهو ليس ممن تمتع بالعمرة إلى الحج، لأنه لم يدخل مكة في أشهر الحج، فسميت هذه: أشهر الحج، قال الله تبارك و تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ «4»، و شهر رمضان معروف.

و أما المواقيت المبهمة التي إذا حدث الأمر وجب فيها انتظار تلك الأشهر: فعدة النساء في الطلاق، و المتوفى عنها زوجها، فإذا طلقها زوجها، إن كانت تحيض تعتد بالأقراء «5» التي قال الله عز و جل و إن كانت

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 85/ 208.

3- تفسير العيّاشي 1: 86/ 209. [.....]

4- تفسير القمّي 1: 67.

(1) في المصدر زيادة: في أوقات معروفة.

(2) التّوبة 9: 36.

(3) التّوبة 9: 2.

(4) البقرة 2: 197.

(5) الأقراء: جمع قرء، و

هو الطهر عند أهل الحجاز، و الحيض عند أهل العراق، و قيل: القرء: الوقت، و منه قوله تعالى: ثَلاثَةَ قُرُوءٍ سورة البقرة 2: 228.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 405

لا تحيض فعدتها ثلاثة «1» أشهر بيض لا دم فيها، و عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر و عشر، و عدة المطلقة الحبلى أن تضع ما في بطنها، و عدة الإيلاء «2» أربعة أشهر.

و كذلك في الديون إلى الأجل الذي يكون بينهم، و شهران متتابعان في الظهار «3»، و شهران متتابعان في كفارة قتل الخطأ، و أيام الصوم «4» في الحج لمن لم يجد الهدي، و صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب، فهذه المواقيت المعروفة و المبهمة التي ذكرها الله عز و جل في كتابه: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّ.

فائدة ..... ص : 405

في معرفة الهلال، بقواعد ذكرها السيد الأجل أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس في كتاب (الإقبال) القاعدة الاولى:

910/ [1]- قال بعضهم «5»: دخلت على الحسن العسكري (عليه السلام) في أول شهر رمضان و الناس بين شاك و متيقن، فلما نظر إلي، قال: «تحب أن أعطيك شيئا تعرف به شهر رمضان، لم تشك فيه «6» أبدا؟».

فقلت: بلى- يا مولاي- من علي بذلك.

فقال: «تعرف أي يوم دخل المحرم به، فإنك إذا عرفت ذلك كفيت الشك في «7» هلال رمضان».

قلت: و كيف تجزئ معرفة هلال المحرم عن طلب هلال رمضان؟

قال: «إنه يدلك عليه، فتستغني عن ذلك».

قلت: يا سيدي، بين لي كيف ذلك؟

__________________________________________________

1- إقبال الأعمال: 14.

(1) في المصدر: تعتد بثلاثة.

(2) الإيلاء: الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة المدخول بها أبدا أو مطلقا. «مجمع البحرين- ولا-- 1: 463».

(3) الظّهار: تحريم الزوجة

كتحريم ظهر الأمّ.

(4) في المصدر: الخطأ و عشرة أيام للصوم.

(5) في المصدر: فمن ذلك ما وجدته مرويا عن جدّي أبي جعفر الطوسي باسناده، قال: أخبر أبو أحمد (أيّده اللّه تعالى)، قال: حدثنا أبو الهيثم محمّد بن إبراهيم المعروف بابن رمثة من أهل كفرتوثا بنصيبين، قال: حدّثني أبي، قال.

(6) في المصدر:

فلمّا بصر بي، قال لي: «يا أبا إبراهيم، في أيّ الحزبين أنت في يومك؟» قلت: جعلت فداك يا سيّدي، إنّي في هذا قصدت. قال:

فانّي أعطيك أصلا إذا ضبطته لم تشكّ بعد هذا.

(7) في المصدر: كفيت طلب. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 406

فقال لي: «انظر «1» أي يوم يدخل المحرم به فإن كان أوله الأحد فخذ واحدا، و إن كان أوله الاثنين فخذ اثنين، و إن كان الثلاثاء فخذ ثلاثة، و إن كان الأربعاء فخذ أربعة، و إن كان الخميس فخذ خمسة، و إن كان الجمعة فخذ ستة، و إن كان السبت فخذ سبعة. ثم احفظ ما يكون، و زد عليه عدد أئمتك- و هو اثنا عشر- ثم اطرح مما معك سبعة سبعة، فما بقي مما لا يتم سبعة، فانظركم هو فإن كان سبعة فالصوم السبت، و إن كان ستة فالصوم الجمعة، و إن كان خمسة فالصوم الخميس، و إن كان أربعة فالصوم الأربعاء، و إن كان ثلاثة فالصوم الثلاثاء، و إن كان اثنين فالصوم الاثنين و إن كان واحدا فالصوم الأحد، و على هذا فإن حسابك تصبه، وفقك الله للحق، إن شاء الله تعالى».

القاعدة الثانية:

911/ [2]- قال أيضا: وجدنا تعليقة غريبة على ظهر كتاب عتيق، وصل إلينا رابع عشر من صفر، سنة ستين و ستمائة، و نحن ذاكروها حسب ما رأيناها قريبة من الصواب، و

هذا لفظها:

إذا أردت أن تعرف الوقفة، و أول شهر رمضان من كل شهر في السنة، فارتقب هلال محرم، فإذا رأيته فعد منه أربعة أيام، خامسه الوقفة، و سادسه أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال محرم، فارتقب هلال صفر، و عد منه يومين، و ثالثه الوقفة، و رابعه أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال صفر، فارتقب هلال شهر ربيع الأول، فإذا رأيته فعد منه يوما واحدا، و ثانيه الوقفة، و ثالثه أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال شهر ربيع الأول، فارتقب شهر ربيع الآخر، فإذا رأيته فعد منه ستة أيام، و سابعه الوقفة، و ثامنه أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك شهر ربيع الآخر، فارتقب هلال جمادى الاولي، فإذا رأيته فعد منه خمسة أيام، و سادسه الوقفة، و سابعه أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال جمادى الاولى، فارتقب هلال جمادى الاخرى، فإذا رأيته فعد منه ثلاثة أيام، و رابعه الوقفة، و خامسة أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال جمادى الاخرى، فارتقب هلال رجب، فعد منه يومين، و ثالثه الوقفة، و رابعه أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال رجب، فارتقب هلال شعبان، أوله الوقفة، و ثانيه أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال شعبان، فارتقب هلال شهر رمضان، فإذا رأيته فعد منه ستة أيام و سابعه الوقفة،

__________________________________________________

2- إقبال الأعمال: 15.

(1) في المصدر: فانتظر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 407

و ثامنه شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال شهر رمضان، فارتقب هلال شوال، فإذا رأيته فعد منه أربعة أيام، و خامسه الوقفة و سادسه أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال شوال، فارتقب هلال ذي القعدة، فإذا رأيته فعد منه ثلاثة أيام، و رابعه الوقفة، و خامسه أول شهر رمضان.

فإذا استتر عنك هلال

ذي القعدة، فارتقب هلال ذي الحجة، فعد منه ثمانية أيام و تاسعه الوقفة و عاشره أول شهر رمضان.

هذا آخر ما وجدنا فصنه إلا عمن يستحق التحديث «1».

القاعدة الثالثة:

912/ [3]- ثم قال ابن طاوس: و من ذلك ما سمعناه، و لم نقف على إسناده عن أحدهم (عليهم السلام): «يوم صومكم يوم نحركم».

انتهى كلام ابن طاوس (رحمه الله تعالى).

قوله تعالى:

وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها [189]

913/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها.

قال: «يعني أن يأتي الأمر من وجهه، أي الأمور كان».

914/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى، عن محمد بن جمهور، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الأوصياء هم أبواب الله عز و جل التي يؤتى منها، و لولاهم ما عرف الله عز و جل، و بهم احتج الله تبارك و تعالى على خلقه».

__________________________________________________

3- إقبال الأعمال: 16.

1- المحاسن: 224/ 143.

2- الكافي 1: 149/ 2.

(1) في المصدر: يستحقّ التعريف بمعناه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 408

915/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن حمران، عن أسود بن سعيد، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، فأنشأ يقول ابتداء من غير أن أسأله: «نحن حجة الله، و نحن باب الله، و نحن لسان الله، و نحن وجه الله،

و نحن عين الله [في خلقه ، و نحن ولاة أمر الله في عباده».

916/ [4]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فجاءه ابن الكواء، فقال: يا أمير المؤمنين، [من البيوت في قول الله عز و جل وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها؟

فقال (عليه السلام): «نحن البيوت التي أمر الله بها أن تؤتى من أبوابها، نحن باب الله و بيوته التي يؤتى منها، فمن بايعنا «1» و أقر بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها، و من خالفنا و فضل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها».

917/ [5]- العياشي: عن سعد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها.

فقال: «آل محمد (صلى الله عليه و آله) أبواب الله و سبيله، و الدعاة إلى الجنة، و القادة إليها، و الأدلاء عليها إلى يوم القيامة».

918/ [6]- عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها الآية. قال: «يعني أن يأتي الأمور عن وجهها، في أي الأمور كان».

919/ [7]- و عنه، قال: و روى سعيد بن منخل، في حديث له رفعه، قال: «البيوت الأئمة (عليهم السلام)، و الأبواب أبوابها».

920/ [8]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها قال: «ائتوا الأمور من وجهها».

921/ [9]- أبو علي الطبرسي: كان المحرمون لا يدخلون بيوتهم من أبوابها، و لكن كانوا ينقبون «2» في ظهور بيوتهم- أي في

مؤخرها- نقبا «3» يدخلون و يخرجون منه، فنهوا عن التدين بذلك. قال: و رواه أبو الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام).

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 81/ 1.

4- الاحتجاج: 227.

5- تفسير العيّاشي 1: 86/ 210.

6- تفسير العيّاشي 1: 86/ 211.

7- تفسير العيّاشي 1: 86/ 212.

8- تفسير العيّاشي 1: 86/ 213.

9- مجمع البيان 2: 508.

(1) في المصدر: تابعنا. [.....]

(2) في «س»: يثقبون.

(3) في «س»: ثقبا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 409

922/ [10]- و عنه، قال: و قال أبو جعفر (عليه السلام): «آل محمد أبواب الله و سبله «1»، و الدعاة إلى الجنة، و القادة إليها، و الأدلاء عليها إلى يوم القيامة».

923/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)

لقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنا مدينة العلم، و علي بابها و لا تأتوا «2» المدينة إلا من بابها».

924/ [12]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن بعض أصحابه، عن ظريف «3»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «من أتى آل محمد (صلوات الله عليهم) أتى عينا صافية، تجري بعلم الله، ليس لها نفاد و لا انقطاع، ذلك بأن الله لو شاء لأراهم شخصه حتى يأتوه من بابه، و لكن جعل آل محمد (صلوات الله عليهم) أبوابه «4» التي يؤتى منها، و ذلك قوله عز و جل: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها»

سورة البقرة(2): آية 193 ..... ص : 409

قوله تعالى:

وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ [193]

925/ [1]- أبو علي الطبرسي: وَ

قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ أي شرك. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

926/ [2]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه: عن محمد بن جعفر الرزاز «5»، عن محمد بن الحسين، عن __________________________________________________

10- مجمع البيان 2: 509.

11- تفسير القمّي 1: 6.

12- مختصر بصائر الدرجات: 54.

1- مجمع البيان 2: 513.

2- كامل الزيارات: 63/ 6.

(1) في «س»: و سبيله.

(2) في المصدر: لا تدخلوا.

(3) في المصدر: سعد بن طريف، و كلاهما صحيح، لروايتهما عن الباقر (عليه السّلام)، و لعلّ ما في المصدر هو الأرجح لكثرة رواية سعد عن أبي جعفر (عليه السّلام). انظر معجم رجال الحديث 8: 67 و 9: 173.

(4) في المصدر: جعل محمّدا و آل محمّد (عليهم السّلام) الأبواب.

(5) في «س و ط»: قال حدّثني أبي (رحمه اللّه)، عن جعفر بن محمّد الرزّاز، و الصواب ما في المتن، لرواية ابن قولويه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، راجع معجم رجال الحديث 15: 171- 173.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 410

عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ.

قال: «أولاد قتلة الحسين (عليه السلام)».

927/ [3]- العياشي: عن الحسن بياع الهروي، يرفعه، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ. قال: «إلا على ذرية قتلة الحسين (عليه السلام)».

928/ [4]- عن إبراهيم، قال: أخبرني من رواه عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ؟ قال: «لا يعتدي الله سبحانه على أحد، إلا على نسل قتلة «1» الحسين (عليه السلام)».

929/ [5]- ابن بابويه محمد بن علي، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمذاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي

بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): يا ابن رسول الله، ما تقول في حديث روي عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «إذا قام «2» القائم (عليه السلام) قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائها؟» فقال (عليه السلام): «هو كذلك».

قلت: فقول الله عز و جل: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى «3» ما معناه؟ فقال: «صدق الله في جميع أقواله، لكن ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) يرضون أفعال آبائهم، و يفتخرون بها، و من رضي شيئا كان كمن أتاه، و لو أن رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب، لكان الراضي عند الله عز و جل شريك القاتل، و إنما يقتلهم بالقائم (عليه السلام) «4» إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم».

قال: فقلت له: بأي شي ء يبدأ القائم (عليه السلام) فيهم إذا قام (عليه السلام) «5»؟ قال: «يبدأ ببني شيبة و يقطع أيديهم، لأنهم سراق بيت الله عز و جل»

سورة البقرة(2): آية 194 ..... ص : 410

قوله تعالى:

الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [194]

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 86/ 214.

4- تفسير العيّاشي 1: 87/ 216. [.....]

5- علل الشرائع: 229/ 1، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 273/ 5.

(1) زاد في «س»: ولد.

(2) في المصدر: إذا خرج.

(3) الأنعام 6: 164، الإسراء 17: 15، فاطر 35: 18، الزمر 39: 7.

(4) في المصدر: القائم.

(5) في «ط»: القائم فيكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 411

930/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن

الفضيل، قال: سألته عن المشركين، أ يبتدئهم المسلمون بالقتال في الشهر الحرام؟

فقال: «إذا كان المشركون يبتدئونهم باستحلاله، ثم رأى المسلمون أنهم يظهرون عليهم فيه، و ذلك قول الله عز و جل: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ و الروم في هذه بمنزلة المشركين، لأنهم لم يعرفوا للشهر الحرام حرمة و لا حقا، فهم يبتدءون بالقتال فيه، و كان المشركون يرون له حقا و حرمة فاستحلوه، فاستحل منهم، و أهل البغي يبتدءون بالقتال».

931/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا في الحل، ثم دخل الحرم. فقال: «لا يقتل و لا يطعم و لا يسقى و لا يبايع و لا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد».

قال: قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال: «يقام عليه الحد في الحرم، لأنه «1» لم ير للحرم حرمة، و قد قال الله عز و جل: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ- فقال-: هذا هو في الحرم- فقال- فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ» «2».

932/ [3]- العياشي: عن العلاء بن الفضيل، قال: سألته عن المشركين، أ يبتدئ بهم المسلمون بالقتال في الشهر الحرام؟

فقال: «إذا كان المشركون ابتدءوهم باستحلالهم، و رأى المسلمون أنهم يظهرون عليهم فيه، و ذلك قوله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ».

933/ [4]- أبو علي الطبرسي الْحُرُماتُ قِصاصٌ بالمراغمة «3» بدخول البيت في الشهر الحرام.

قال مجاهد: لأن قريشا فخرت بردها رسول الله (صلى الله عليه و آله) عام

الحديبية محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام، فأدخله الله تعالى مكة في العام المقبل في ذي القعدة و قضى عمرته، و أقصه بما حيل بينه و بينه و هو معنى قول قتادة و الضحاك و الربيع و عبد الرحمن بن يزيد، و روي عن ابن عباس و أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

__________________________________________________

1- التهذيب 6: 142/ 243.

2- الكافي 4: 227/ 4.

3- تفسير العيّاشي 1: 86/ 215.

4- مجمع البيان 2: 514.

(1) في المصدر: الحرم صاغرا أنّه.

(2) البقرة 2: 193.

(3) المراغمة: الهجران و التباعد و المغاضبة. «مجمع البحرين- رغم- 6 لا 74».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 412

سورة البقرة(2): آية 195 ..... ص : 412

قوله تعالى:

وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [195]

934/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، و سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن حماد اللحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو أن رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبل الله ما كان أحسن و لا وفق، أليس يقول الله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ يعني المقتصدين».

935/ [2]- العياشي: عن حماد اللحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو أن رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبل الله ما كان أحسن و لا وفق، أ ليس الله يقول: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ يعني المقتصدين».

936/ [3]- عن حذيفة، قال: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ قال: هذا في النفقة «1».

937/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي

بن بشار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم القطان، قال:

حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا أحمد بن بكر، قال: حدثنا محمد «2» بن مصعب، قال: حدثنا حماد ابن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «طاعة السلطان واجبة، و من ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة الله عز و جل، و دخل في نهيه، إن الله عز و جل يقول: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ».

سورة البقرة(2): آية 196 ..... ص : 412

قوله تعالى:

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ

__________________________________________________

1- الكافي 4 لا 53/ 7. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1 لا 87/ 217.

3- تفسير العيّاشي 1 لا 87/ 218.

4- الأمالي: 277/ 20.

(1) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: التقىّ-.

(2) في «س و ط»: أحمد، تصحيف صوابه ما في المتن، انظر تهذيب التهذيب 9: 458.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 413

بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [196]

938/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حماد بن عيسى، عن حماد بن عثمان «1»، عمن أخبره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: لم سمي الحج حجا؟ قال: «حج فلان: أي أفلح فلان».

939/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) مسائل بعضها مع ابن بكير، و بعضها مع أبي

العباس، فجاء الجواب بإملائه: «سألت عن قول الله عز و جل: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا «2» يعني به الحج و العمرة جميعا، لأنهما مفروضان».

و سألته عن قول الله عز و جل: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ. قال: «يعني بتمامهما: أدائهما، و اتقاء ما يتقي المحرم فيهما».

و سألته عن قوله تعالى: الْحَجِّ الْأَكْبَرِ «3» ما يعني بالحج الأكبر؟ قال: «الحج الأكبر: الوقوف بعرفة و رمي الجمار، و الحج الأصغر: العمرة».

940/ [3]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، في قول الله عز و جل: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ. قال: «إتمامهما أن لا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج».

941/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين، عن فضالة، عن أبان، عن الفضل أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ. قال: «هما مفروضان».

942/ [5]- عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن زرارة بن أعين، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما الذي يلي الحج في الفضل؟ قال: «العمرة المفردة، ثم يذهب حيث شاء».

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 411/ 1.

2- الكافي 4: 264/ 1.

3- الكافي 4: 337/ 2.

4- التهذيب 5: 459/ 1593.

5- التهذيب 5: 433/ 1502.

(1) في المصدر: أبان بن عثمان. و كلاهما صحيح، لرواية حمّاد بن عيسى عنهما، انظر معجم رجال الحديث 6: 217 و 231.

(2) آل عمران 3: 97.

(3) التّوبة 9: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص:

414

و قال: «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج، لأن الله تعالى يقول: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ و إنما نزلت العمرة بالمدينة، فأفضل العمرة عمرة رجب».

و قال: «المفرد للعمرة إذا اعتمر في رجب ثم أقام للحج «1» بمكة، كانت عمرته تامة، و حجته ناقصة» «2».

943/ [6]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى، و ابن أبي عمير، عن يعقوب بن شعيب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ: يكفي الرجل إذا تمتع بالعمرة إلى الحج مكان «3» العمرة المفردة؟ قال: «كذلك أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصحابه».

944/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، و حماد، و صفوان بن يحيى، و فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج، من استطاع، لأن الله عز و جل يقول: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ و إنما نزلت العمرة بالمدينة، و أفضل العمرة عمرة رجب».

945/ [8]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن معاوية بن عمار، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «المحصور غير المصدود».

و قال: «المحصور: هو المريض، و المصدود: هو الذي يرده المشركون، كما ردوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إنه «4» ليس من مرض، و المصدود تحل له النساء، و المحصور لا تحل له

النساء».

946/ [9]- عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن مثنى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا حصر الرجل فبعث بهديه، و آذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه فإنه يذبح في المكان الذي أحصر فيه، أو يصوم، أو يطعم ستة مساكين».

947/ [10]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن زرعة، قال: سألته عن رجل أحصر في الحج.

قال: «فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه، و محله أن يبلغ الهدي محله، و محله منى يوم النحر إذا كان في

__________________________________________________

6- التهذيب 5: 433/ 1504. [.....]

7- علل الشرائع: 408/ 1.

8- التهذيب 5: 423/ 1467.

9- التهذيب 5: 423/ 1469.

10- التهذيب 5: 423/ 1470.

(1) في المصدر: إلى الحجّ.

(2) في المصدر زيادة: مكية.

(3) في المصدر زيادة: تلك.

(4) (و إنّه) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 415

الحج، و إن كان في عمرة نحر بمكة، و إنما عليه أن يعدهم لذلك يوما، فإذا كان ذلك اليوم فقد و فى، و إن اختلفوا في الميعاد لم يضره، إن شاء الله تعالى».

948/ [11]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين حج حجة الإسلام، خرج في أربع بقين من ذي القعدة، حتى أتى الشجرة «1» و صلى بها، ثم قاد راحلته حتى أتى البيداء «2» فأحرم منها، و أهل بالحج و ساق مائة بدنة، و أحرم الناس كلهم بالحج، لا ينوون «3» عمرة، و لا يدرون ما المتعة، حتى إذا قدم

رسول الله (صلى الله عليه و آله) مكة طاف بالبيت، و طاف الناس معه، ثم صلى ركعتين عند المقام، و استلم الحجر. ثم قال: ابدءوا «4» بما بدأ الله عز و جل به فأتى الصفا فبدأ بها، ثم طاف بين الصفا و المروة سبعا، فلما قضى طوافه عند المروة قام خطيبا، و أمرهم أن يحلوا و يجعلوها عمرة، و هو شي ء أمر الله عز و جل به، فأحل الناس.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت، لفعلت كما أمرتكم و لم يكن يستطيع أن يحل من أجل الهدي الذي كان معه، إن الله عز و جل يقول: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ.

فقال سراقة بن مالك بن جعشم الكناني «5»: يا رسول الله، علمنا كأنا خلقنا اليوم، أ رأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا، أو لكل عام؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا، بل للأبد «6».

و إن رجلا قام فقال: يا رسول الله، نخرج حجاجا و رؤوسنا تقطر؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) إنك لن تؤمن بها «7» أبدا».

قال: «و أقبل علي (عليه السلام) من اليمن حتى وافى الحج، فوجد فاطمة (عليها السلام) قد أحلت، و وجد ريح الطيب، فانطلق إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) مستفتيا، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، بأي شي ء أهللت، فقال: أهللت

__________________________________________________

11- الكافي 4: 248/ 6.

(1) الشجرة: و هي السّمرة التي كان النبي (صلى اللّه عليه و آله) ينزلها من المدينة و يحرم منها، و هي على ستّة أميال من المدينة. «معجم البلدان 3:

325».

(2) البيداء: اسم

لأرض ملساء بين مكّة و المدينة، و هي إلى مكّة أقرب. «معجم البلدان 1: 523».

(3) في «ط» نسخة بدل: لا يريدون.

(4) في المصدر: أبدأ.

(5) سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي الكناني، أبو سفيان: صحابي، له شعر، كان ينزل قديدا. كان في الجاهلية قائفا يقتصّ الأثر، أخرجه أبو سفيان ليقتاف أير رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) حين خرج إلى الغار، و أسلم بعد غزوة الطائف سنة 8 ه، و توفّي في 24 ه. اسد الغابة 2: 264، تقريب التهذيب 1: 284/ 60، الاصابة 2: 19/ 3115. [.....]

(6) في المصدر زيادة: الأبد.

(7) في المصدر: بهذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 416

بما أهل به النبي (صلى الله عليه و آله). فقال: لا تحل أنت فأشركه في الهدي، و جعل له سبعا و ثلاثين، و نحر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثلاثا و ستين، فنحرها بيديه، ثم أخذ من كل بدنة بضعة، فجعلها في قدر واحد، ثم أمر به فطبخ، فأكل منه و حسا «1» من المرق، و قال: قد أكلنا الآن منها جميعا، و المتعة خير من القارن السائق، و خير من الحاج المفرد «2»».

قال: و سألته أ ليلا أحرم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) أم نهارا، فقال: «نهارا».

فقلت: أية ساعة، قال: «صلاة الظهر».

949/ [12]- عنه: عن علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «مر رسول الله (صلى الله عليه و آله) على كعب بن عجرة «3» و القمل يتناثر من رأسه و هو محرم، فقاله: أ تؤذيك هوامك؟ فقال:

نعم، فأنزلت هذه الآية: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ

رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ «4» فأمره رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يحلق، و جعل الصيام ثلاثة أيام، و الصدقة على ستة مساكين، لكل مسكين مدان، و النسك شاة».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و كل شي ء من القرآن (أو) فصاحبه بالخيار و يختار ما شاء، و كل شي ء في «5» القرآن (فمن لم يجد كذا [فعليه كذا]) فالأولى الخيار».

الشيخ، بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، [عن حماد] «6»، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر الحديث بعينه «7».

950/ [13]- عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن محمد بن عمر بن يزيد، عن محمد بن عذافر، عن عمر ابن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال الله تعالى في كتابه: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فمن عرض له أذى أو وجع، فتعاطى ما لا نبغي للمحرم إذا كان صحيحا فالصيام: ثلاثة أيام، و الصدقة: على عشرة مساكين، شبعهم «8» من الطعام، و النسك: شاة يذبحها فيأكل و يطعم،

__________________________________________________

12- الكافي 4: 358/ 2.

13- التهذيب 5: 333/ 1148.

(1) أي شرب منه شيئا بعد شي ء. «مجمع البحرين- حسا- 1: 99».

(2) القارن في الحجّ و المفرد صفتهما واحدة إلّا أن القارن يفضل المفرد بسياق الهدي، «مجمع البحرين- قرن- 6: 300».

(3) كعب بن عجرة بن اميّة بن عديّ البلويّ، حليف الأنصار: صحابي، يكنّى أبا محمّد، شهد المشاهد كلّها، و سكن الكوفة، و توفّي بالمدينة في 51 ه، أسد الغابة 4: 243، الكامل في التاريخ 3: 191، 492، تقريب التهذيب 2: 135/ 48، الإصابة 3: 297/ 7419.

(4)

أسباب النزول للواحدي: 35.

(5) في المصدر: من.

(6) أثبتناه من المصدر، و هو الصواب. راجع معجم رجال الحديث 6: 189 و 190، و 9: 289 و 508.

(7) التهذيب 5: 333/ 1147.

(8) في المصدر: يشبعهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 417

و إنما عليه واحد من ذلك».

951/ [14]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن العمرة واجبة بمنزلة الحج، لأن الله يقول:

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ هي واجبة مثل الحج، و من تمتع أجزأته، و العمرة في أشهر الحج متعة».

952/ [15]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ.

قال: «إتمامهما: إذا أداهما، يتقي ما يتقي المحرم فيهما».

953/ [16]- عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ.

قال: «الحج: جميع المناسك، [و العمرة]: لا يجاوز بها مكة».

954/ [17]- عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ قلت: يكتفي الرجل إذا تمتع بالعمرة إلى الحج مكان ذلك العمرة المفردة؟ قال: «نعم، كذلك أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

955/ [18]- عن معاوية بن عمار الدهني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج، لأن الله تعالى يقول: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ و إنما نزلت العمرة بالمدينة، و أفضل العمرة عمرة رجب».

956/ [19]- عن أبان، عن الفضل أبي العباس «1»

، في قول الله: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ. قال: «هما مفروضان».

957/ [20]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالوا: سألناهما عن

قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ قالا: «فإن تمام الحج و العمرة أن لا يرفث و لا يفسق و لا يجادل».

958/ [21]- عن عبد الله بن فرقد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الهدي: من الإبل و البقر و الغنم، و لا يجب حتى يعلق عليه، يعني إذا قلده فقد وجب- قال- و ما استيسر من الهدي: شاة».

959/ [22]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.

قال: «يجزيه شاة، و البدنة و البقرة أفضل».

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 87/ 219.

15- تفسير العيّاشي 1: 87/ 220. [.....]

16- تفسير العيّاشي 1: 87/ 221.

17- تفسير العيّاشي 1: 88/ 222.

18- تفسير العيّاشي 1: 88/ 223.

19- تفسير العيّاشي 1: 88/ 224.

20- تفسير العيّاشي 1: 88/ 225.

21- تفسير العيّاشي 1: 88/ 226.

22- تفسير العيّاشي 1: 89/ 227.

(1) في المصدر: الفضل بن أبي العبّاس، و الصواب ما في المتن، لأن أبا العبّاس كنية الفضل، انظر معجم رجال الحديث 13: 278 و الحديث (4).

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 418

960/ [23]- عن زيد بن أبي اسامة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن رجل بعث يهدي مع قوم يساق فواعدهم يوم يقلدون فيه هديهم و يحرمون فيه؟ قال: «يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم حتى يبلغ الهدي محله».

قلت: أ رأيت إن اختلفوا في ميعادهم، أو أبطئوا في السير، عليه جناح أن يحل في اليوم الذي واعدهم؟

قال: «لا».

961/ [24]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين حج حجة الوداع، خرج في أربع بقين من ذي القعدة حتى أتى الشجرة

فصلى، ثم قاد راحلته حتى أتى البيداء فأحرم منها، و أهل بالحج و ساق مائة بدنة، و أحرم الناس كلهم بالحج لا يريدون عمرة، و لا يدرون ما المتعة حتى إذا قدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) مكة طاف بالبيت، و طاف الناس معه، ثم صلى عند مقام إبراهيم (عليه السلام) فاستلم الحجر، ثم قال:

ابدأ بما بدأ الله به. ثم أتى الصفا فبدأ بها، ثم طاف بين الصفا و المروة، فلما قضى طوافه ختم بالمروة، قام يخطب أصحابه، و أمرهم أن يحلوا و يجعلوها عمرة و هي شي ء أمر الله به، فأحل الناس.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت، لفعلت ما أمرتكم و لم يكن يستطيع أن يحل من أجل الهدي الذي كان معه، لأن الله يقول: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ.

فقال سراقة بن جعشم الكناني: يا رسول الله، علمنا ديننا كما «1» خلقنا اليوم، أ رأيت لهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أول لكل عام؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا، بل للأبد» «2».

962/ [25]- عن حريز، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ.

قال: «مر رسول الله (صلى الله عليه و آله) على كعب بن عجرة و القمل يتناثر من رأسه و هو محرم، فقال له: أ تؤذيك هو أمك؟ قال: نعم، فأنزل الله هذه الآية: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فأمره رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يحلق رأسه، و

جعل الصيام ثلاثة أيام، و الصدقة على ستة مساكين، مدان لكل مسكين، و النسك شاة».

قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كل شي ء في القرآن (أو) فصاحبه بالخيار، يختار ما شاء، و كل شي ء في القرآن (فإن لم يجد) فعليه ذلك» «3».

__________________________________________________

23- تفسير العيّاشي 1: 89/ 228.

24- تفسير العيّاشي 1: 89/ 229 و 230.

25- تفسير العيّاشي 1: 90/ 231 و 232.

(1) في المصدر: علّمتنا ديننا كأنما.

(2) في «ط»: للأبد الأبد.

(3) في الحديث (12) المروي عن الكافي: فمن لم يجد كذا فعليه كذا، فالأولى الخيار. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 419

قوله تعالى:

فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ [196]

963/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليس لأهل سرف «1» و لا لأهل مر «2»، و لا لأهل مكة متعة، لقول الله تعالى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ».

964/ [2]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: لأهل مكة متعة؟ قال: «لا، و لا لأهل بستان «3»، و لا لأهل ذات عرق «4»، و لا لأهل عسفان «5» و نحوها».

965/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم،

عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ.

قال: «من كان منزله على ثمانية عشر ميلا من بين يديها، و ثمانية عشر ميلا من خلفها، و ثمانية عشر ميلا عن يمينها، و ثمانية عشر ميلا عن يسارها، فلا متعة له، مثل مر و أشباهه».

966/ [4]- الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى، و ابن أبي عمير، عن عبد الله بن

__________________________________________________

1- الكافي 4: 299/ 1.

2- الكافي 4: 299/ 2.

3- الكافي 4: 300/ 3.

4- التهذيب 5: 32/ 96.

(1) سرف: موضع على ستّة أميال من مكّة. «معجم البلدان 3: 212».

(2) مرّ: موضع على مرحلة من مكّة. «معجم البلدان 5: 104».

(3) المراد به بستان ابن معمر: و هو مجمع النخلتين: النخلة اليمانية و النخلة الشامية، و هما واديان، قرب مكّة. «معجم البلدان 1: 414»، «القاموس المحيط- بسن- 4: 203».

(4) عرق: جبل بطريق مكّة، و منه ذات عرق. «معجم البلدان 4: 107».

(5) عسفان: تطلق على عدّة مواضع، فيها موضع على مرحلتين من مكّة عل طريق المدينة، أو منهل من مناهل الطريق بين الجحفة و مكّة.

«معجم البلدان 4: 121».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 420

مسكان، عن عبيد الله بن علي الحلبي، و سليمان بن خالد، و أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليس لأهل مكة، و لا لأهل مر، و لا لأهل سرف متعة، و ذلك لقول الله عز و جل: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ».

967/ [5]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، قال: قلت لأخي موسى بن

جعفر (عليه السلام): لأهل مكة أن يتمتعوا بالعمرة إلى الحج؟

فقال: «لا يصلح أن يتمتعوا لقول الله عز و جل: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ».

968/ [6]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل في كتابه: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ؟

قال: «يعني أهل مكة ليس عليهم متعة، كل من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلا: ذات عرق و عسفان، كما «1» يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية، و كل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة».

969/ [7]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن أبي الحسن النخعي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ.

قال: «ما دون المواقيت إلى مكة فهو حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ و ليس له متعة».

970/ [8]- و عن: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «لما فرغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) من سعيه بين الصفا و المروة، أتاه جبرئيل (عليه السلام) عند فراغه من السعي، و هو على المروة، فقال: إن الله يأمرك أن تأمر الناس أن يحلوا إلا من ساق الهدي.

فأقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الناس بوجهه، فقال: يا أيها الناس، هذا جبرئيل- و أشار بيده إلى خلفه- يأمرني عن الله عز و جل أن

آمر الناس أن يحلوا إلا من ساق الهدي.

فأمرهم بما أمر الله به، فقام إليه رجل، و قال: يا رسول الله، نخرج إلى منى و رؤوسنا تقطر من النساء؟ و قال آخرون: يأمر بالشي ء «2» و يصنع هو غيره؟!

__________________________________________________

5- التهذيب 5: 32/ 97.

6- التهذيب 5: 33/ 98.

7- التهذيب 5: 33/ 99.

8- التهذيب 5: 25/ 74.

(1) كذا و الظاهر: و كلّما. [.....]

(2) في المصدر: يأمرنا بشي ء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 421

فقال: يا أيها الناس، لو استقبلت من أمري ما استدبرت، صنعت كما يصنع «1» الناس، و لكني سقت الهدي، فلا يحل لمن ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محله، فقصر الناس و أحلوا و جعلوها عمرة.

فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، فقال: يا رسول الله، هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟

فقال: بل للأبد إلى يوم القيامة- و شبك بين أصابعه- و أنزل الله في ذلك قرآنا: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ».

971/ [9]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، لأن الله تعالى يقول: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فليس لأحد إلا أن يتمتع، لأن الله أنزل ذلك في كتابه، و جرت به السنة من رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

972/ [10]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في: حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ. قال: ما دون الأوقات [إلى مكة]».

973/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)،

قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الحج متصل بالعمرة، لأن الله عز و جل يقول: فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فليس ينبغي لأحد أن لا «2» يتمتع، لأن الله عز و جل أنزل ذلك في كتابه و سنة رسوله (صلى الله عليه و آله)».

974/ [12]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، و سهل بن زياد، جميعا «3»، عن رفاعة بن موسى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المتمتع لا يجد الهدي، قال: «يصوم قبل يوم التروية بيوم، و يوم التروية، و يوم عرفة».

قلت: فإن «4» قدم يوم التروية؟ قال: «يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق».

قلت: فإن لم يقم عليه جماله؟ قال: «يصوم يوم الحصبة و بعده يومين».

__________________________________________________

9- التهذيب 5: 25/ 75.

10- التهذيب 5: 476/ 1683.

11- علل الشرائع: 411/ 1 باب 149.

12- الكافي 4: 506/ 1.

(1) في المصدر: صنع.

(2) في المصدر: إلّا أن.

(3) الظاهر وجود سقط هنا، لأنّ أحمد بن محمّد، و سهل بن زياد، لا يرويان عن رفاعة بدون واسطة أو أكثر، و يؤيّد ما ذكرنا أنّ الشيخ رواها بعينها بسنده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان و فضالة، عن رفاعة في التهذيب 5: 232/ 785، الاستبصار 2: 280/ 995. كذا في معجم رجال الحديث 7: 199.

(4) في المصدر: فإنّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 422

قال: قلت: و ما الحصبة؟ قال: «يوم نفره» «1».

قلت: يصوم و هو مسافر؟ قال: «نعم، أليس [هو] يوم عرفة مسافرا؟ إنا أهل بيت

نقول ذلك لقول الله عز و جل: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ يقول: في ذي الحجة».

975/ [13]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، رفعه، في قوله عز و جل: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ. قال: «كمالها كمال الاضحية».

976/ [14]- الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن أبي الحسين النخعي، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: كنت قائما اصلي، و أبو الحسن (عليه السلام) قاعدا قدامي، و أنا لا أعلم، فجاءه عباد البصري، قال: فسلم ثم جلس، فقال له: يا أبا الحسن، ما تقول في رجل تمتع و لم يكن له هدي؟ قال: «يصوم الأيام التي قال الله تعالى».

قال: فجعلت اصغي إليهما، فقال له عباد: و أي الأيام هي؟ قال: «قبل يوم التروية بيوم، و يوم التروية، و يوم عرفة».

قال: فإن فاته ذلك؟ قال: «يصوم صبيحة الحصبة، و يومين بعد ذلك».

قال: أ فلا تقول كما قال عبد الله بن الحسن؟ قال: «فأي شي ء قال؟». قال: قال: يصوم أيام التشريق.

قال: «إن جعفرا كان يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بديلا «2» أن ينادي: أن هذه أيام أكل و شرب، فلا يصومن أحد».

قال: يا أبا الحسن، إن الله قال: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ؟ قال: «كان جعفر (عليه السلام) يقول: ذو الحجة كله من أشهر الحج».

977/ [15]- عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان و فضالة، عن رفاعة بن موسى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن متمتع لا يجد هديا؟ قال: «يصوم يوما قبل يوم التروية، و يوم التروية، و يوم عرفة».

قلت:

فإنه قدم يوم التروية، فخرج إلى عرفات؟ قال: «يصوم ثلاثة أيام بعد النفر».

قلت: فإن جماله لم يقم عليه؟ قال: «يصوم يوم الحصبة، و بعده يومين «3»».

قلت: يصوم و هو مسافر؟ قال: «نعم، أ ليس هو يوم عرفة مسافرا؟ و الله تعالى يقول: ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ».

__________________________________________________

13- الكافي 4: 510/ 15.

14- التهذيب 5: 230/ 779.

15- التهذيب 5: 232/ 785.

(1) يو النفر: و هو اليوم الذي ينفر فيه الناس من منى، فالنفر الأول من منى هو اليوم الثاني من أيام العشر، و النفر الثاني هو اليوم الثالث منها. «مجمع البحرين- نفر- 3: 500».

(2) يأتي في الحديث (20): أمر بلالا. [.....]

(3) في المصدر: بيومين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 423

قال: قلت: قول الله فِي الْحَجِّ؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و نحن أهل البيت نقول في ذي الحجة».

978/ [16]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن محمد، عن زكريا المؤمن «1»، عن عبد الرحمن بن عتبة، عن عبد الله بن سليمان الصيرفي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لسفيان الثوري «2»: «ما تقول في قول الله عز و جل:

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ أي شي ء يعني بكاملة؟». قال: سبعة و ثلاثة. قال: «و يخفى «3» ذا على ذي حجا «4»، إن سبعة و ثلاثة عشرة؟!».

قال: فأي شي ء هو، أصلحك الله. قال: [ «انظر» قال: لا علم لي، فأي شي ء هو، أصلحك الله؟ قال : «الكامل كمالها كمال الاضحية، سواء أتيت بها أو أتيت بالاضحية، تمامها كمال الاضحية».

979/ [17]- العياشي: عن أبي بصير، عنه (عليه السلام)، قال:

«إن استمتعت بالعمرة إلى الحج فإن عليك الهدي، ما «5» استيسر من الهدي، إما جزور «6»، و إما بقرة، و إما شاة، فإن لم تقدر فعليك الصيام، كما قال الله».

980/ [18]- و ذكر أبو بصير، عنه (عليه السلام)، قال: «نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) المتعة و هو على المروة بعد فراغه من السعي».

981/ [19]- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.

قال: «ليكن كبشا سمينا، فإن لم يجد فعجلا من البقر، و الكبش أفضل، فإن لم يجد «7» فموجوءا «8» من

__________________________________________________

16- التهذيب 5: 40/ 120.

17- تفسير العيّاشي 1: 90/ 233.

18- تفسير العيّاشي 1: 91/ 234.

19- تفسير العيّاشي 1: 91/ 235.

(1) في «س و ط»: محمّد، عن ابن زكريّا المؤمن، و الصواب ما أثبتناه لرواية زكريّا عن عبد الرحمن بن عتبة كما في معجم رجال الحديث 9:

337، و لرواية محمّد عن زكريا، كما في معجم رجال الحديث 7: 292.

(2) سفيان بن سعيد بن مسروق الثّوريّ: كان حافظا للحديث و عارفا في علوم الدين، ولد و نشأ في الكوفة و خرج منها سنة 144 ه، فسكن مكّة و المدينة، و انتقل إلى البصرة فمات فيها مستخفيا بعد أن طلبه المهدي العبّاسيّ، و له «الجامع الكبير» و «الجامع الصغير» في الحديث، توفّي في 161 ه، حلية الأولياء 6: 356، تاريخ بغداد 9: 151/ 4763، وفيات الأعيان 2: 386/ 266، سير أعلام النبلاء 7: 229/ 82، تهذيب التهذيب 4: 111/ 199.

(3) في المصدر: و يختل.

(4) الحجا: العقل. «الصحاح- حجا- 6: 2309».

(5) في المصدر: فما.

(6) الجزور: من الإبل خاصّة، ما كمل خمس سنين

و دخل في السادسة يقع على الذكر و الأنثى. «مجمع البحرين- جزر- 3: 245».

(7) زاد في المصدر: جذع. و في البحار 99: 278/ 5: فإن لم يجد فهو جذع من الضأن.

(8) الموجوء: الخصيّ. «النهاية 5: 152».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 424

الضأن، و إلا ما استيسر من الهدي شاة».

982/ [20]- عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: كنت قاعدا «1» اصلي، و أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قاعدا قدامي، و أنا لا أعلم، قال: فجاءه عباد البصري، فسلم عليه و جلس، و قال: يا أبا الحسن، ما تقول في رجل تمتع و لم يكن له هدي؟ قال: «يصوم الأيام التي قال الله».

قال: فجعلت سمعي إليهما، قال عباد: و أي أيام هي؟ قال: «قبل التروية، و يوم التروية، و يوم عرفة».

قال: فإن فاته؟ قال: «يصوم الحصبة، و يومين بعده».

قال: أ فلا تقول كما قال عبد الله بن الحسن؟ قال: «و أي شي ء قال؟». قال: قال: يصوم أيام التشريق.

قال: «إن جعفرا (عليه السلام) كان يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بلالا ينادي: أن هذه أيام أكل و شرب، فلا يصومن أحد».

فقال: يا أبا الحسن، إن الله قال: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ؟ قال: «كان جعفر (عليه السلام) يقول: ذو القعدة و ذو الحجة كلتان «2» أشهر الحج».

983/ [21]- عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا تمتع بالعمرة إلى الحج و لم يكن معه هدي، صام قبل يوم التروية بيوم «3»، و يوم التروية، و يوم عرفة فإن لم يصم هذه الأيام صام بمكة، فإن أعجلوا صام في الطريق، و إن أقام بمكة قدر

مسيره إلى بلده «4»، فشاء أن يصوم السبعة أيام فعل».

984/ [22]- عن ربعي بن عبد الله بن الجارود «5»، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ.

قال: «قبل التروية يصوم، و يوم التروية، و يوم عرفة، فمن فاته ذلك فليقض ذلك في بقية ذي الحجة، فإن الله يقول في كتابه: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ «6»».

985/ [23]- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ __________________________________________________

20- تفسير العياشي 1: 91/ 236. [.....]

21- تفسير العياشي 1: 92/ 237.

22- تفسير العياشي 1: 29/ 238.

23- تفسير العياشي 1: 92/ 239.

(1) في المصدر: قائما.

(2) في «س»: كلان.

(3) (بيوم) ليس في المصدر.

(4) في المصدر: إلى منزله.

(5) في «س و ط»: ربعي بن عبد الله الجارود، و الصواب ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 167/ 441، معجم رجال الحديث 7: 161.

(6) البقرة 2: 197.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 425

قال: «إذا رجعت إلى أهلك».

986/ [24]- عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، فيمن لم يصم الثلاثة أيام في ذي الحجة حتى يهل الهلال؟ قال: «عليه دم، لأن الله يقول: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ في ذي الحجة».

قال ابن أبي عمير: و سقط عنه السبعة أيام.

987/ [25]- عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سألته عن صوم ثلاثة أيام في الحج، و السبعة، أ يصومها متوالية أم يفرق بينهما؟

قال: «يصوم الثلاثة لا يفرق بينها، و السبعة لا يفرق بينها «1»، و لا يجمع الثلاثة و السبعة جميعا».

988/ [26]- عن علي بن جعفر، عن أخيه (عليه

السلام)، قال: سألته عن صوم الثلاثة أيام في الحج، و السبعة، أ يصومها متوالية أو يفرق بينها؟ «2» قال: «يصوم الثلاثة و السبعة لا يفرق بينها، و لا يجمع السبعة و الثلاثة جميعا».

989/ [27]- عن عبد الرحمن بن محمد العرزمي، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، في صيام ثلاثة أيام في الحج. قال: «قبل التروية بيوم، و يوم التروية، و يوم عرفة، فإن فاته ذلك تسحر ليلة الحصبة».

990/ [28]- عن غياث بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال «3»: «صيام ثلاثة أيام في الحج: قبل التروية بيوم، و يوم التروية، و يوم عرفة، فإن فاته ذلك تسحر ليلة الحصبة، فصيام ثلاثة أيام و سبعة إذا رجع».

و قال علي (عليه السلام): «إذا فات الرجل الصيام فليبدأ صيامه من ليلة النفر».

991/ [29]- عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «يصوم المتمتع قبل التروية بيوم، و يوم التروية، و يوم عرفة، فإن فاته أن يصوم ثلاثة أيام في الحج و لم يكن عنده دم، صام إذا انقضت أيام التشريق، تسحر «4» ليلة الحصبة ثم يصبح صائما».

992/ [30]- عن حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ. قال: «هو لأهل مكة، ليست لهم متعة و لا عليهم عمرة».

__________________________________________________

24- تفسير العيّاشي 1: 92/ 240.

25- تفسير العيّاشي 1: 92/ 241.

26- تفسير العيّاشي 1: 63/ 242.

27- تفسير العيّاشي 1: 93/ 243.

28- تفسير العيّاشي 1: 93/ 244 و 245. [.....]

29- تفسير العيّاشي 1: 93/ 246.

30- تفسير العيّاشي 1: 93/ 247.

(1) (و السبعة لا

يفرق بينها) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: بينهما.

(3) في «س و ط»: عن عليّ (عليه السّلام).

(4) في المصدر: فيتسحّر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 426

قلت: فما حد ذلك؟ قال: «ثمانية و أربعين ميلا من نواحي مكة، كل شي ء دون عسفان و دون ذات عرق فهو من حاضري المسجد الحرام».

993/ [31]- عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في: حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ.

قال: «دون المواقيت إلى مكة فهم من حاضري المسجد الحرام، و ليس لهم متعة».

994/ [32]- عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن أهل مكة، هل يصلح لهم أن يتمتعوا في العمرة إلى الحج؟

قال: «لا يصلح لأهل مكة المتعة، و ذلك قول الله: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ».

995/ [33]- عن سعيد الأعرج، عنه (عليه السلام)، قال: «ليس لأهل سرف، و لا لأهل مر، و لا لأهل مكة متعة، يقول الله تعالى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ»

سورة البقرة(2): آية 197 ..... ص : 426

قوله تعالى:

الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ [197]

996/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مثنى الحناط، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ: شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة، ليس لأحد أن يحج فيما سواهن».

997/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الْحَجُّ

أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ.: «و الفرض: التلبية و الإشعار و التقليد، فأي «1» ذلك فعل فقد فرض الحج، و لا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله عز و جل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ: و هو شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة».

__________________________________________________

31- تفسير العيّاشي 1: 94/ 248.

32- تفسير العيّاشي 1: 94/ 249.

33- تفسير العيّاشي 1: 94/ 250.

1- الكافي 4: 289/ 1.

2- الكافي 4: 289/ 2.

(1) في «ط»: فإن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 427

998/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، بإسناده، قال: «أشهر الحج: شوال، و ذو القعدة، و عشر من ذي الحجة و أشهر السياحة: عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر من شهر ربيع الثاني».

999/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ. فقال: «إن الله عز و جل اشترط على الناس شرطا، و شرط لهم شرطا».

قلت: فما الذي اشترط عليهم، و ما الذي شرط «1» لهم؟

قال: فأما الذي اشترط عليهم، فإنه قال: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ، و أما الذي شرط لهم، فإنه قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى «2»- قال- يرجع لا ذنب له» «3».

قلت: أ رأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ قال: «لم يجعل له حد

«4»، يستغفر الله و يلبي».

قلت: فمن ابتلي بالجدال ما عليه؟ قال: «إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه، و على المخطئ بقرة».

1000/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، و ابن أبي عمير «5»، عن معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا أحرمت فعليك بتقوى الله، و ذكر الله كثيرا، و قلة الكلام إلا بخير، فإن من تمام الحج و العمرة أن يحفظ المرء لسانه إلا من خير، كما قال الله عز و جل، فإن الله عز و جل يقول: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ. و الرفث: الجماع، و الفسوق: الكذب و السباب، و الجدال: قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله، و اعلم أن الرجل إذا حلف ثلاث «6» أيمان ولاء «7» في مقام واحد و هو محرم، فقد جادل، فعليه دم يهريقه، و ليتصدق به، [و إذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل، و عليه دم يهريقه و يتصدق به ».

__________________________________________________

3- الكافي 4: 290/ 3.

4- الكافي 4: 337/ 1. [.....]

5- الكافي 4: 337/ 3.

(1) في المصدر: اشترط.

(2) البقرة 2: 203.

(3) في المصدر زيادة: قال.

(4) في المصدر: يجعل اللّه له حدّا.

(5) في المصدر زيادة: جميعا.

(6) في المصدر: بثلاث.

(7) الولاء: التتابع، و ولاء عنها: مصدر في موضع الحال، أي: متوالية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 428

و قال: «اتق المفاخرة، و عليك بورع يحجزك عن معاصي الله، فإن الله عز و جل يقول: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ «1» وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا

بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ «2»».- قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح، فإذا دخلت مكة و طفت بالبيت و تكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة».

قال: و سألته عن الرجل يقول: لا لعمري، و بلى لعمري؟ قال: «ليس هو «3» من الجدال، إنما الجدال: لا و الله، و بلى و الله».

1001/ [6]- الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، قال: سألت أخي موسى (عليه السلام) عن الرفث و الفسوق و الجدال ما هو، و ما على من فعله؟

قال: «الرفث: جماع النساء، و الفسوق: الكذب و المفاخرة، و الجدال: قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله. فمن رفث فعليه بدنة ينحرها، و إن لم يجد فشاة، و كفارة الفسوق يتصدق به «4» إذا فعله و هو محرم».

1002/ [7]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن أبان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ. قال: «شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة، ليس لأحد أن يحرم بالحج فيما سواهن».

1003/ [8]- عنه: بإسناده عن محمد بن مسلم [و الحلبي، جميعا] «5»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ.

فقال: «إن الله عز و جل اشترط على الناس شرطا، و شرط لهم شرطا، فمن وفى لله «6» وفى الله له».

فقالا له: فما «7» اشترط عليهم، و ما اشترط «8» لهم؟

فقال: «أما الذي اشترط عليهم، فإنه قال: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ

و أما الذي «9» شرط لهم، فإنه قال:

__________________________________________________

6- التهذيب 5: 297/ 1005.

7- من لا يحضره الفقيه 2: 277/ 1357.

8- من لا يحضره الفقيه 2: 212/ 968.

(1) التفث: هو التنظيف من الوسخ، و قيل: ما يفعله المحرم عند إحلاله كقص الشارب و الظفر و نتف الإبط و حلق العانة، و قيل: هو ذهاب الشعث و الدرن و الوسخ مطلقا. «مجمع البحرين- تفث- 2: 238».

(2) الحج 22: 29.

(3) في المصدر: ليس هذا. [.....]

(4) في قرب الاسناد ص 104: و كفارة الفسوق شي ء يتصدق به.

(5) أثبتناه من المصدر، و هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 17: 233 و 23: 82.

(6) في المصدر: فمن و فى له.

(7) في المصدر زيادة: الذي.

(8) في المصدر: و ما الذي شرط.

(9) في المصدر: و أما ما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 429

فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى «1»- قال-: يرجع لا ذنب له».

قالا: أ رأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ قال: «لم يحد «2» الله عز و جل له حدا، يستغفر الله و يلبي».

فقالا: من ابتلي بالجدال فما عليه. فقال: «إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم شاة يهريقه، و على المخطئ بقرة».

1004/ [9]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرفث و الفسوق و الجدال.

قال: «أما الرفث: فالجماع، و أما الفسوق: فهو الكذب، ألا تسمع قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ

فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ «3» و الجدال: هو قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله» «4».

1005/ [10]- و عنه: قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المثنى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ. قال: «شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة».

و

في حديث آخر: «و شهر مفرد العمرة رجب».

1006/ [11]- العياشي: عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ، قال: «هو شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة».

1007/ [12]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ- قال- شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة، و ليس لأحد أن يحرم بالحج فيما سواهن».

1008/ [13]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ، قال: «الأهلة».

1009/ [14]- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ.

__________________________________________________

9- معاني الأخبار: 294/ 1.

10- معاني الأخبار: 293/ 1.

11- تفسير العياشي 1: 94/ 251.

12- تفسير العياشي 1: 94/ 253.

13- تفسير العياشي 1: 94/ 253.

14- تفسير العياشي 1: 94/ 254.

(1) البقرة 2: 203.

(2) في المصدر: لم يجعل. [.....]

(3) الحجرات 49: 6.

(4) في المصدر زيادة: و سباب الرجل الرجل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 430

قال: «و الفرض فرض الحج: التلبية، و الإشعار، و التقليد، فأي ذلك فعل فقد فرض الحج، و لا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ و

هي: شوال، و ذو القعدة و ذو الحجة».

1010/ [15]- عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «من جادل في الحج فعليه إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، إن كان صادقا أو كاذبا، فإن عاد مرتين فعلى الصادق شاة، و على الكاذب بقرة، لأن الله عز و جل يقول: فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ و الرفث: الجماع، و الفسوق: الكذب، و الجدال: قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله. و المفاخرة».

1011/ [16]- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قول الله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ و الرفث هو الجماع، و الفسوق: الكذب و السباب، و الجدال: قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله».

1012/ [17]- عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ.

قال: «يا محمد، إن الله اشترط على الناس شرطا، و شرط لهم شرطا، و من وفى لله وفى الله له».

قلت: فما الذي اشترط عليهم، و ما الذي شرط لهم؟

قال: «أما الذي اشترط عليهم، فإنه قال: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ و أما ما شرط لهم، فإنه قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى «1»- قال-: يرجع لا ذنب له».

1013/ [18]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا حلف ثلاث أيمان

متتابعات صادقا فقد جادل، فعليه دم، و إذا حلف بواحدة كاذبا فقد جادل، فعليه دم».

1014/ [19]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما، عن رجل محرم قال لرجل: لا، لعمري؟

قال: «ليس ذلك بجدال، إنما الجدال: لا و الله، و بلى و الله».

1015/ [20]- عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله:

__________________________________________________

15- تفسير العياشي 1: 95/ 255.

16- تفسير العياشي 1: 95/ 256.

17- تفسير العياشي 1: 95/ 257.

18- تفسير العياشي 1: 95/ 258.

19- تفسير العياشي 1: 95/ 259.

20- تفسير العياشي 1: 96/ 260.

(1) البقرة 2: 203.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 431

الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ.

فقال: «يا محمد، إن الله اشترط على الناس، و شرط لهم، فمن وفى لله وفى الله له».

قال: قلت: ما الذي اشترط عليهم، و شرط لهم؟

قال: «أما الذي اشترط في الحج، فإنه قال: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ و أما الذي شرط لهم، فإنه قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى «1» يرجع لا ذنب له».

قلت: أ رأيت من ابتلي بالرفث- و الرفث: هو الجماع- ما عليه؟ قال: «يسوق الهدي، و يفرق ما بينه و بين أهله حتى يقضيا المناسك، و حتى يعودا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا».

قلت: أ رأيت إن أرادا أن يرجعا في غير ذلك الطريق الذي ابتليا فيه؟ قال: «فليجتمعا، إذا قضيا المناسك».

قلت: فمن ابتلي بالفسوق- و الفسوق: الكذب- و لم يجعل له حد؟ قال: «يستغفر الله، و يلبي».

قلت: فمن ابتلي

بالجدال- و الجدال: قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله- ما عليه؟ قال: «إذا جادل قوما مرتين فعلى المصيب دم شاة، و على المخطئ دم بقرة».

1016/ [21]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن الرجل المحرم قال لأخيه: لا، لعمري.

قال: «ليس هذا بجدال، إنما الجدال: لا و الله و بلى و الله».

سورة البقرة(2): آية 198 ..... ص : 431

قوله تعالى:

لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [198]

1017/ [1]- العياشي: عن عمر بن يزيد بياع السابري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ: «يعني الرزق، إذا أحل الرجل من إحرامه و قضى نسكه، فليشتر و ليبع في الموسم».

1018/ [2]- أبو علي الطبرسي: قيل: كانوا يتأثمون بالتجارة في الحج، فرفع الله سبحانه بهذه اللفظة [الإثم عمن يتجر في الحج» و في هذا تصريح بالإذن في التجارة، قال: و هو المروي عن أئمتنا (عليهم السلام).

و قال: و قيل: معناه لا جناح عليكم أن تطلبوا المغفرة من ربكم. قال: و رواه جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام).

__________________________________________________

21- تفسير العيّاشي 1: 96/ 261.

1- تفسير العيّاشي 1: 96/ 262.

2- مجمع البيان 2: 527.

(1) البقرة 2: 203.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 432

سورة البقرة(2): آية 199 ..... ص : 432

قوله تعالى:

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [199]

1019/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و ذكر (عليه السلام) حج النبي (صلى الله عليه و آله)، إلى أن قال-: و كانت قريش تفيض من المزدلفة و هي جمع، و يمنعون الناس أن يفيضوا منها، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون، فأنزل الله عز و جل عليه: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ يعني إبراهيم و إسماعيل و إسحاق

في إفاضتهم منها، و من كان بعدهم».

1020/ [2]- عنه: بإسناده عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال:

سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: «إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: أخبرني- إن كنت عالما- عن الناس، و أشباه الناس، و عن النسناس.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا حسين، أجب الرجل، فقال الحسين (عليه السلام): أما قولك: أخبرني عن الناس. فنحن الناس، فلذلك قال الله تبارك و تعالى ذكره في الكتاب: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الذي أفاض بالناس.

و أما قولك: أشباه الناس. فهم شيعتنا و موالينا، و هم منا، و لذلك قال إبراهيم (عليه السلام): فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي «1».

و أما قولك: النسناس. فهم السواد الأعظم- و أشار بيده إلى جماعة الناس، ثم قال-: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا «2»».

1021/ [3]- العياشي: عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ.

قال: «أولئك قريش، كانوا يقولون: نحن أولى الناس بالبيت، و لا يفيضون إلا من المزدلفة، فأمرهم الله أن

__________________________________________________

1- الكافي 4: 247/ 4. [.....]

2- الكافي 8: 244/ 339.

3- تفسير العيّاشي 1: 96/ 263.

(1) إبراهيم 14: 36.

(2) الفرقان 25: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 433

يفيضوا من عرفة».

1022/ [4]- عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ.

قال: «إن أهل الحرم كانوا يقفون على المشعر الحرام، و يقف الناس بعرفة، و لا يفيضون حتى يطلع عليهم أهل عرفة، و كان رجل يكنى أبا سيار، و

كان له حمار فاره «1»، و كان يسبق أهل عرفة، فإذا طلع عليهم، قالوا: هذا أبو سيار ثم أفاضوا، فأمرهم الله أن يقفوا بعرفة، و أن يفيضوا منه».

1023/ [5]- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ.

قال: «يعني إبراهيم و إسماعيل».

1024/ [6]- عن علي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ.

قال: «كانت قريش تفيض من المزدلفة في الجاهلية، يقولون: نحن أولى بالبيت من الناس، فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس، من عرفة».

1025/ [7]- و في رواية حريز «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن قريشا كانت تفيض من جمع «3»، و مضر و ربيعة من عرفات».

1026/ [8]- عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إبراهيم أخرج إسماعيل إلى الموقف فأفاضا منه، ثم إن الناس كانوا يفيضون منه، حتى إذا كثرت قريش، قالوا: لا نفيض من حيث أفاض الناس، و كانت قريش تفيض من المزدلفة، و منعوا الناس أن يفيضوا معهم إلا من عرفات، فلما بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) أمره أن يفيض من حيث أفاض الناس، و عنى بذلك إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام)».

1027/ [9]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ.

قال: «هم أهل اليمن» «4».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 97/ 264.

5- تفسير العيّاشي 1: 97/ 265.

6- تفسير العيّاشي 1: 97/ 266.

7- تفسير العيّاشي 1: 97/ 267.

8- تفسير العيّاشي 1: 97/ 268.

9- تفسير العيّاشي 1: 98/ 269.

(1) الحمار الفاره: النشيط، السّيور. «لسان العرب- فره- 13: 521».

(2) في المصدر:

و في رواية اخرى.

(3) جمع: هو المزدلفة، و هو قزّح، و هو المشعر، سمّي جمعا لاجتماع الناس به، و الظاهر أنّ المراد هنا الأوّل، «معجم البلدان 2: 163».

(4) في «ط»: اليمين. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 434

سورة البقرة(2): الآيات 200 الي 202 ..... ص : 334

قوله تعالى:

فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ- إلى قوله- الْحِسابِ [202]

1028/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ «1».

قال: «هي أيام التشريق، و كانوا إذا قاموا بمنى بعد النحر تفاخروا، فقال الرجل منهم: كان أبي يفعل كذا و كذا، فقال الله جل ثناؤه: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ «2» فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً».

قال: «و التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر «3»، و لله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام».

1029/ [2]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً.

قال: «رضوان الله و الجنة في الآخرة، و المعاش و حسن الخلق في الدنيا».

1030/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد

القاشاني، جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف فقال: أ ترى الله يجيب «4» هذا الخلق كله؟

فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحد إلا غفر الله له مؤمنا كان أو كافرا، إلا أنهم في مغفرتهم على ثلاث منازل: مؤمن غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، و أعتقه من النار و ذلك قوله عز و جل:

__________________________________________________

1- الكافي 4: 516/ 3.

2- الكافي 5: 71/ 2.

3- الكافي 4: 521/ 10.

(1) البقرة 2: 203.

(2) البقرة 2: 198.

(3) في المصدر زيادة: الله أكبر.

(4) في المصدر: أ ترى يخيب الله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 435

رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَ اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ.

و منهم من غفر الله له ما تقدم من ذنبه، و قيل له: أحسن فيما بقي من عمرك و ذلك قوله عز و جل: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «1» يعنى من مات قبل أن يمضي فلا إثم عليه، و من تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى الكبائر.

و أما العامة، فيقولون: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ يعني في النفر الأول: وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «2» يعني لمن اتقى الصيد، أ فترى أن الصيد يحرمه الله بعد ما أحله في قوله عز و جل: وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا و في تفسير العامة معناه: فإذا حللتم فاتقوا الصيد.

و كافر وقف هذا الموقف يريد زينة الحياة الدنيا، فغفر الله له ما

تقدم من ذنبه إن تاب من الشرك فيما بقي من عمره، و إن لم يتب وافاه أجره و لم يحرمه أجر هذا الموقف و ذلك قوله عز و جل: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «3»».

1031/ [4]- العياشي: عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) في قول الله: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً. قال: «كان الرجل في الجاهلية يقول: كان أبي، و كان أبي، فأنزلت هذه الآية في ذلك».

1032/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام). و الحسين، عن فضالة بن أيوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله، مثله سواء: «أي كانوا يفتخرون بآبائهم، يقولون: أبي الذي حمل الديات̠و الذي قاتل كذا و كذا. إذا قاموا بمنى بعد النحر، و كانوا يقولون أيضا- يحلفون بآبائهم-: لا و أبي، لا و أبي».

1033/ [6]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً. قال: «إن أهل الجاهلية كان من قولهم: كلا و أبيك، بلى و أبيك. فأمروا أن يقولوا: لا و الله، و بلى و الله».

1034/ [7]- و روى عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً. قال: «كان الرجل يقول: كان أبي، و كان أبي. فنزلت عليهم في ذلك».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 98/ 270.

5- تفسير العيّاشي 1: 98/ 271.

6- تفسير العيّاشي 1:

98/ 272.

7- تفسير العيّاشي 1: 98/ 273.

(1) البقرة 2: 203.

(2) المائدة 5: 2.

(3) هود 11: 15- 16. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 436

1035/ [8]- عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ. قال: «رضوان الله و الجنة في الآخرة، و السعة في المعيشة و حسن الخلق في الدنيا».

1036/ [9]- عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «رضوان الله، و التوسعة في المعيشة، و حسن الصحبة، و في الآخرة الجنة».

1037/ [10]- أبو علي الطبرسي: في قوله تعالى: أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَ اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «معناه أنه يحاسب الخلق دفعة، كما يرزقهم دفعة».

سورة البقرة(2): آية 203 ..... ص : 436

قوله تعالى:

وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [203]

1038/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ.

قال: «التكبير في أيام التشريق، من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث، و في الأمصار عشر صلوات، فإذا نفر بعد الاولى أمسك أهل الأمصار، و من أقام بمنى فصلى بها الظهر و العصر فليكبر».

1039/ [2]- عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في

قول الله عز و جل: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ.

قال: «هي أيام التشريق- و ساق الحديث إلى أن قال-: و التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر، و لله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام».

1040/ [3]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 98/ 274.

9- تفسير العيّاشي 1: 99/ 275.

10- مجمع البيان 2: 531.

1- الكافي 4: 516/ 1.

2- الكافي 4: 516/ 3.

3- الكافي 4: 519/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 437

أبي أيوب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نريد أن نتعجل السير- و كانت ليلة النفر حين سألته- فأي ساعة ننفر؟

فقال لي: «أما اليوم الثاني، فلا تنفر حتى تزول الشمس، و كانت ليلة النفر، و أما اليوم الثالث، فإذا ابيضت الشمس فانفر على بركة الله فإن الله جل ثناؤه يقول: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل، و لكنه قال: وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ».

1041/ [4]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن معاوية بن وهب، عن إسماعيل بن نجيح الرماح، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) بمنى ليلة من الليالي، فقال: «ما يقول هؤلاء [في : فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ؟». قلنا: ما ندري.

قال: «بلى، يقولون: فمن تعجل من أهل البادية فلا إثم عليه، و من تأخر من أهل الحضر فلا إثم عليه و ليس كما يقولون، قال

الله جل ثناؤه: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «1» وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ألا لا إثم عليه لمن اتقى، إنما هي لكم، و الناس سواد، و أنتم الحاج».

1042/ [5]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك «2» حتى تزول الشمس، فإن تأخرت إلى آخر أيام التشريق- و هو يوم النفر الأخير- فلا عليك أي ساعة نفرت، و رميت قبل الزوال أو بعده».

قال: و سمعته يقول في قول الله عز و جل: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى قال: «يتقي الصيد حتى ينفر أهل منى» «3».

1043/ [6]- ثم قال ابن بابويه: و في رواية ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «لمن اتقى الرفث و الفسوق و الجدال و ما حرم الله [عليه في إحرامه».

1044/ [7]- و قال: في رواية علي بن عطية، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام): «لمن اتقى الله عز و جل».

1045/ [8]- و قال: في رواية سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ: «يعني من مات فلا إثم عليه وَ مَنْ تَأَخَّرَ «4» فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ __________________________________________________

4- الكافي 4: 523/ 12.

5- من لا يحضره الفقيه 2: 287/ 1414 و 1415.

6- من لا يحضره الفقيه 2: 288/ 1416.

7- من لا يحضره الفقيه 2: 288/ 1417.

8- من لا يحضره الفقيه 2: 288/

1420.

(1) في المصدر زيادة: ألا لا إثم عليه.

(2) في المصدر زيادة: أن تنفر.

(3) في المصدر زيادة: في النفر الأخير. [.....]

(4) في المصدر زيادة: أجله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 438

لمن اتقى الكبائر».

1046/ [9]- و قال: و سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ قال: «ليس هو على أن ذلك واسع إن شاء صنع ذا، [و إن شاء صنع ذا]، لكنه يرجع مغفورا له لا إثم عليه و لا ذنب له».

1047/ [10]- و عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن علي بن أحمد بن علي بن الصلت، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن المفضل بن صالح، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ.

قال: «المعلومات و المعدودات واحدة، و هي أيام التشريق».

1048/ [11]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عبد الأعلى، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي يقول: من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرءا من الكبر، رجع من ذنوبه كيوم «1» ولدته امه» ثم قرأ: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى

قلت: ما الكبر؟ قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن أعظم الكبر غمص الخلق، و سفه الحق».

قلت: ما غمص الخلق و سفه الحق؟ قال: «يجهل الحق، و يطعن على أهله، و من فعل ذلك نازع الله رداءه».

1049/ [12]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن

العباس، و علي بن السندي، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في قول الله عز و جل: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ «2» قال: «أيام العشر». و قوله: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ قال: «أيام التشريق».

1050/ [13]- عنه: بإسناده عن محمد بن الحسين، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله «3» بن جبلة، عن محمد بن يحيى الصيرفي، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى «الصيد، يعني في إحرامه، فإن أصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول».

__________________________________________________

9- من لا يحضره الفقيه 2: 289/ 1427.

10- معاني الأخبار: 297/ 3.

11- الكافي 4: 252/ 2.

12- التهذيب 5: 487/ 1736.

13- التهذيب 5: 273/ 933.

(1) في المصدر: كهيئة يوم.

(2) الحج 22: 28.

(3) في «س و ط»: عبد الرحمن، و هو سهو صوابه ما في المتن، انظر معجم رجال الحديث 10: 133.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 439

1051/ [14]- و عنه: بإسناده عن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول، و من نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الناس و هو قول الله: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى قال-: اتقى الصيد».

1052/ [15]- العياشي: عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته

عن الأيام المعدودات، قال: «هي أيام التشريق».

1053/ [16]- عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المعدودات و المعلومات هي واحدة، أيام التشريق».

1054/ [17]- عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ. قال: «التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات» «1».

1055/ [18]- عن حماد بن عيسى، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال علي (عليه السلام) في قول الله:

وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ قال: «أيام التشريق» «2».

1056/ [19]- عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى «منهم الصيد، و اتقى الرفث و الفسوق و الجدال، و ما حرم الله عليه في إحرامه».

1057/ [20]- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ. قال: «يرجع مغفورا له، لا ذنب له».

1058/ [21]- عن أبي أيوب الخزاز، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نريد أن نتعجل؟

فقال: «تنفروا في اليوم الثاني حتى تزول الشمس، فأما اليوم الثالث، فإذا انتصف فانفروا فإن الله يقول:

فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل، و لكنه قال جل و عز: وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ».

__________________________________________________

14- التهذيب 5: 490/ 1758.

15- تفسير العياشي 1: 99/ 276.

16- تفسير العياشي 1: 99/ 277.

17- تفسير العياشي 1: 99/ 279.

18- تفسير العياشي 1: 99/ 278. [.....]

19- تفسير العياشي 1: 99/ 281.

20- تفسير العياشي 1: 99/ 281.

21- تفسير

العياشي 1: 99/ 282.

(1) في المصدر: الصلاة.

(2) في «س و ط»: قال: التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات. و هو تكرار للحديث السابق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 440

1059/ [22]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن العبد المؤمن حين يخرج من بيته حاجا لا يخطو خطوة و لا تخطو به راحلته إلا كتب الله له بها حسنة، و محا عنه سيئة، و رفع له بها درجة، فإذا وقف بعرفات، فلو كانت له ذنوب عدد الثرى، رجع كما ولدته أمه، يقال «1» له: استأنف العمل، يقول الله: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى .

1060/ [23]- عن أبي بصير، في رواية اخرى: نحوه، و زاد فيه: «فإذا حلق رأسه لم تسقط شعرة إلا جعل الله له بها نورا يوم القيامة، و ما أنفق من نفقة كتبت له، فإذا طاف بالبيت رجع كما ولدته امه».

1061/ [24]- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى الآية.

قال: «أنتم- و الله- هم، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: لا يثبت على ولاية علي إلا المتقون».

1062/ [25]- عن حماد، عنه، في قوله: لِمَنِ اتَّقى «الصيد، فإن ابتلي بشي ء من الصيد ففداه، فليس له أن ينفر في يومين».

سورة البقرة(2): الآيات 204 الي 205 ..... ص : 340

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ

الْفَسادَ [204- 205]

1063/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن محمد بن سليمان الأزدي، عن أبي الجارود، عن أبي إسحاق، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ بظلمه و سوء سيرته وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ.

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 1: 100/ 283.

23- تفسير العيّاشي 1: 100/ 284.

24- تفسير العيّاشي 1: 100/ 285.

25- تفسير العيّاشي 1: 100/ 286.

1- الكافي 8: 289/ 435.

(1) في المصدر: فقال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 441

1064/ [2]- العياشي: عن الحسين بن بشار، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا. قال: «فلان و فلان». وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ: «النسل: هم الذرية، و الحرث: الزرع».

1065/ [3]- عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قال: سألتهما عن قوله: وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ إلى آخر الآية. فقالا: «النسل: الولد، و الحرث: الأرض».

1066/ [4]- و عنه: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الحرث: الذرية».

1067/ [5]- عن أبي إسحاق السبيعي، عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، في قوله: وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ بظلمه و سوء سيرته وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ.

1068/ [6]- عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله يقول في كتابه: وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ بل هم يختصمون «1»».

قال: قلت: ما ألد؟ قال: «شديد الخصومة».

1069/ [7]- أبو علي الطبرسي: قال ابن عباس: نزلت الآيات الثلاث في المرائي، لأنه يظهر خلاف ما يبطن قال: و هو المروي

عن الصادق (عليه السلام).

1070/ [8]- و عنه: قال: و روي عن الصادق (عليه السلام): «أن الحرث في هذا الموضع: الدين، و النسل: الناس».

1071/ [9]- و ذكر علي بن إبراهيم ذلك، ثم قال: و نزلت في الثاني، و يقال: في معاوية.

سورة البقرة(2): آية 207 ..... ص : 441

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ [207]

1072/ [1]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 100/ 287.

3- تفسير العيّاشي 1: 100/ 288.

4- تفسير العيّاشي 1: 100/ 289. [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 101/ 290.

6- تفسير العيّاشي 1: 101/ 291.

7- مجمع البيان 2: 534.

8- مجمع البيان 2: 534.

9- تفسير القمّي 1: 71.

1- الأمالي 2: 61.

(1) في «ط»: يخصمون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 442

ابن صفوان «1» الإمام بأنطاكية، قال: حدثنا محفوظ بن بحر، قال: حدثنا الهيثم بن جميل، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليه)، في قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ. قال: «نزلت في علي (عليه السلام) حين بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

1073/ [2]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصي «2»، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني «3»، قال: حدثنا الربيع بن سيار «4»، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه): أن عليا (عليه السلام) و عثمان و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص، أمرهم عمر بن

الخطاب أن يدخلوا بيتا و يغلق عليهم بابه، و يتشاوروا في أمرهم، و أجلهم ثلاثة أيام، فإن توافق خمسة على قول واحد و أبى رجل منهم، قتل ذلك الرجل، و إن توافق أربعة و أبى اثنان، قتل الاثنان.

فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه، و إن يكن باطلا فأنكروه» قالوا: قل. فذكر فضائله (عليه السلام)، و يقولون بالموافقة، و ذكر علي (عليه السلام) في ذلك: «فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ لما وقيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليلة الفراش غيري» قالوا: لا.

1074/ [3]- و عنه في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي «5»، قال: حدثني محمد بن كثير الملائي «6»، عن عوف الأعرابي من أهل البصرة «7»، عن الحسن بن أبي الحسن، عن أنس بن مالك، قال: لما توجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الغار و معه أبو بكر، أمر النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) أن ينام على فراشه، و يتغشى «8»

__________________________________________________

2- الأمالي 2: 159 و 165.

3- الأمالي 2: 61.

(1) في المصدر: محمد بن يحيى بن الصفّار، و الظاهر صحّة ما في المتن، ترجم له السمعاني في الأنساب 1: 221 و قال: كان إمام الجامع بأنطاكية.

(2) في المصدر: العاصمي، ترجم له في تاريخ بغداد 7: 381 و لسان الميزان 2: 228 و لقباه بالعدوي البصري الذئب.

(3) في المصدر: العدلي، تصحيف صوابه

ما في المتن نسبة إلى غدانة بن يربوع، انظر ترجمته في تهذيب الكمال 1: 400 و تهذيب التهذيب 1: 59.

(4) في المصدر: يسار، لم نعثر عليه بهذا الضبط، و الظاهر أنّه الربيع بن بدر بن عمرو بن جراد شيخ الغداني و الراوي عن الأعمش، انظر تهذيب الكمال 9: 63.

(5) في «س و ط»: و المصدر: الجرجاني، و الصحيح أنّه منسوب إلى جرجرايا قرية بين واسط و بغداد، عدّه الذهبي في السير 14: 383 من مشايخ الباغندي، و ترجم له في 10: 672. [.....]

(6) في المصدر: المدائني، ترجم له في تاريخ بغداد 3: 191 و الجرح و التعديل 8: 70 و غيرهما و لم يذكروا لقبه هذا.

(7) في «س و ط»: عون الأعرابي من أهل البصرة، و في المصدر: عرف الأعرابيّ عن أهل البصرة، و الصواب ما أثبتناه، و هو: عرف بن أبي جميلة البصري المعروف بالأعرابيّ من أهل البصرة يروي عن الحسن بن أبي الحسن البصريّ، راجع سير أعلام النبلاء 6: 383، تهذيب التهذيب 8: 166.

(8) في المصدر: و يتوشّح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 443

ببردته، فبات علي (عليه السلام) موطنا نفسه على القتل، و جاءت رجال من قريش، من بطونها، يريدون قتل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم، لا يشكون أنه محمد (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: أيقظوه، ليجد ألم القتل، و يرى السيوف تأخذه فلما أيقظوه و رأوه عليا تركوه، و تفرقوا في طلب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ.

1075/ [4]- و عنه: بإسناده، قال: أخبرنا

أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا الحسن «1» بن عبد الرحمن ابن محمد الأزدي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد النور بن عبد الله بن المغيرة القرشي، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد «2»، عن ابن عباس، قال: بات علي (عليه السلام) ليلة خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن «3» المشركين على فراشه ليعمي على قريش، و فيه نزلت هذه: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ.

1076/ [5]- ابن الفارسي في (الروضة)، قال: قال ابن عباس: إن النبي (صلى الله عليه و آله) أمر عليا (عليه السلام) أن ينام على فراشه، فانطلق النبي (صلى الله عليه و آله) و قريش يختلفون، فينظرون إلى علي (عليه السلام) نائما على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عليه برد أخضر لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال بعضهم: شدوا عليه، فقالوا: الرجل نائم، و لو كان يريد [أن يهرب لفعل. فلما أصبح قام علي (عليه السلام) فأخذوه، فقالوا: أين صاحبك؟ فقال: «ما أدري» فأنزل الله تعالى في علي (عليه السلام) حين نام على الفراش: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ.

1077/ [6]- العياشي: عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «و أما قوله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ فإنها نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين بذل نفسه لله و لرسوله، ليلة اضطجع على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما طلبته كفار قريش».

1078/ [7]- عن ابن عباس، قال: شرى علي (عليه السلام) نفسه، فلبس ثوب النبي (صلى الله عليه و

آله)، ثم نام مكانه، فكان المشركون يرمون رسول الله (صلى الله عليه و آله). قال: فجاء أبو بكر و علي (عليه السلام) نائم، و أبو بكر يحسب أنه نبي الله، فقال: أين نبي الله؟ فقال علي (عليه السلام): «إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون «4»، فأدرك» قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار. و جعل (عليه السلام) يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو يتضور «5»، قد لف

__________________________________________________

4- الأمالي 1: 258.

5- روضة الواعظين: 106.

6- تفسير العيّاشي 1: 101/ 292.

7- تفسير العيّاشي 1: 101/ 293.

(1) في المصدر في عدّة مواضع: الحسين.

(2) في «س و ط»: سعيد، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، انظر تهذيب الكمال 2: 130، و تهذيب التهذيب 1: 137.

(3) في المصدر: إلى.

(4) بئر ميمون: بمكّة، منسوبة إلى ميمون بن خالد بن عامر بن الحضرمي. «معجم البلدان 1: 302 و 5: 245».

(5) يتضوّر: يتلوى و يصيح. «مجمع البحرين- ضور- 3: 375».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 444

رأسه، فقالوا: إنك «1»! لكنه كان صاحبك لا يتضور، قد استنكرنا «2» ذلك؟! و روى هذا الحديث من طريق المخالفين موفق بن أحمد، بإسناده عن ابن عباس، و ذكر الحديث بعينه «3».

1079/ [8]- ابن شهر آشوب في (المناقب)، قال: نزل قوله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ، في علي (عليه السلام) حين بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و رواه إبراهيم الثقفي، و الفلكي الطوسي، بالإسناد عن الحكم «4»، عن السدي، و عن أبي مالك، عن ابن عباس.

و رواه أبو المفضل الشيباني بإسناده عن زين العابدين (عليه السلام) و عن الحسن البصري،

عن أنس و عن أبي زيد الأنصاري، عن أبي عمرو بن العلاء.

و رواه الثعلبي عن ابن عباس، و السدي، و معبد: أنها نزلت في علي (عليه السلام)، بين مكة و المدينة، لما بات علي (عليه السلام) على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله).

1080/ [9]- (فضائل الصحابة): عن عبد الملك العكبري، و عن أبي المظفر السمعاني «5»، بإسنادهما عن علي ابن الحسين (عليه السلام)، قال: «أول من شرى نفسه علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان المشركون يطلبون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقام من فراشه و انطلق هو و أبو بكر، و اضطجع علي (عليه السلام) على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجاء المشركون فوجدوا عليا (عليه السلام)، و لم يجدوا رسول الله (صلى الله عليه و آله).

1081/ [10]- الثعلبي في (تفسيره)، و ابن عقب «6» في (ملحمته)، و أبو السعادات (في فضائل العشرة)، و الغزالي في (الإحياء) «7» برواياتهم عن أبي اليقظان.

و جماعة من أصحابنا «8»، نحو: ابن بابويه، و ابن شاذان، و الكليني، و الطوسي، و ابن عقدة، و البرقي، و ابن فياض، و العبدكي، و الصفواني، و الثقفي، بأسانيدهم عن ابن عباس، و أبي رافع، و هند بن أبي هالة: أنه قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أوحى الله إلى جبرئيل و ميكائيل: أني آخيت بينكما، و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر

__________________________________________________

8- المناقب 2: 64.

9- مناقب ابن شهر آشوب 2: 64. [.....]

10- مناقب ابن شهر آشوب 2: 64، شواهد التنزيل 1: 96/ 133، كفاية الطالب: 239، الفصول المهمة: 48.

(1) في مسند أحمد و مناقب الخوارزمي: «إنّك للئيم» و اللئيم هنا: الشبيه، يقال:

هو لئيمه: أي مثله و شبهه.

(2) في «ط»: استكثرنا.

(3) مناقب الخوارزمي: 73، مسند أحمد بن حنبل 1: 331، تذكره الخواص: 34.

(4) في «س و ط»: الحاكم، و هو تصحيف صوابه ما في المتن. انظر تهذيب الكمال 3: 133، تهذيب التهذيب 2: 427.

(5) في «س»: ابن المظفّر الشفاني، و في «ط»: ابن المظفّر السمنانيّ، و الصواب ما أثبتناه، راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء 19: 114.

(6) في «س و ط»: ابن عقبة، و هو تصحيف، ذكر ملحمته في كشف الظنون 2: 1818 و الذريعة 22: 200.

(7) في المصدر زيادة: و في كيمياء السعادة أيضا.

(8) في المصدر زيادة: و من ينتمي إلينا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 445

صاحبه، فأيكما يؤثر أخاه؟ فكلاهما كرها الموت. فأوحى الله إليهما: ألا كنتما مثل ولي علي بن أبي طالب، آخيت بينه و بين محمد نبيي، فآثره بالحياة على نفسه، ثم ظل راقدا على فراشه، يقيه بمهجته، اهبطا إلى الأرض جميعا و احفظاه من عدوه. فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه، و ميكائيل عند رجليه، و جعل جبرئيل يقول: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب، و الله يباهي بك الملائكة! فأنزل الله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ» الآية.

1082/ [11]- و قال علي بن إبراهيم، في معنى الآية، قال: ذاك أمير المؤمنين، و معنى يَشْرِي نَفْسَهُ: أي يبذل.

1083/ [12]- و في (نهج البيان): نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ذلك أن قريشا تحالفوا على قتله ليلا، و أجمعوا أمرهم بينهم، أن ينتدب له من كل قبيلة شاب، فيكبسوا عليه «1» ليلا و هو

نائم، فيضربوه ضربة رجل واحد، فلا يؤخذ بثأره من حيث إن قاتله لا يعرف بعينه، و لا يقوم أحد منهم بذلك من حيث إن له في ذلك مماسة.

فنزل جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه و آله) فأخبره بذلك و أمره أن يبيت ابن عمه عليا (عليه السلام) على فراشه، و يخرج هو مهاجرا إلى المدينة، ففعل ذلك، و جاءت الفتية- لما تعاهدوا عليه و تعاقدوا- يطلبونه، فكبسوا عليه البيت، فوجدوا عليا (عليه السلام) نائما على فراشه، فتنحنح فعرفوه، فرجعوا خائبين خاسرين، و نجى الله نبيه (صلى الله عليه و آله) من كيدهم.

روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

1084/ [13]- الموفق بن أحمد الخوارزمي في (المناقب): بإسناده عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «إن أول من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

سورة البقرة(2): آية 208 ..... ص : 445

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [208]

1085/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 1: 71.

12- ... نهج البيان (مخطوط) 1: 50.

13- مناقب الخوارزمي: 74.

1- الكافي 1: 345/ 29.

(1) كبسوا عليه: أغاروا عليه. «الصحاح- كبس- 3: 969». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 446

مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. قال: «في ولايتنا».

1086/ [2]- الشيخ في (أماليه): عن أبي محمد الفحام، قال: حدثني محمد بن

عيسى بن هارون، قال:

حدثني أبو عبد الصمد إبراهيم، عن أبيه، عن جده محمد بن إبراهيم، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً، قال: «في ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ قال: «لا تتبعوا غيره».

1087/ [3]- سعد بن عبد الله القمي: عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً. قال: «هي ولايتنا».

1088/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ قال: «أ تدري ما السلم؟» قال: قلت: أنت أعلم.

قال: «ولاية علي و الأئمة الأوصياء من بعده- قال- و خطوات الشيطان- و الله- ولاية فلان و فلان».

1089/ [5]- عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالوا: سألناهما عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً؟ قالا: أمروا بمعرفتنا».

1090/ [6]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً.

قال: «السلم: هم آل محمد (صلى الله عليه و آله)، أمر الله بالدخول فيه».

1091/ [7]- عن أبي بكر الكلبي، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قوله: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً: «هو ولايتنا».

1092/ [8]- و روى جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «السلم: هو آل محمد، أمر الله بالدخول فيه، و هم حبل الله الذي أمر بالاعتصام به، قال

الله: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا «1»».

__________________________________________________

2- الأمالي 1: 306، ينابيع المودة: 250.

3- مختصر بصائر الدرجات: 64، ينابيع المودة: 111.

4- تفسير العيّاشي 1: 102/ 294.

5- تفسير العيّاشي 1: 102/ 295.

6- تفسير العيّاشي 1: 102/ 296.

7- تفسير العيّاشي 1: 102/ 297.

8- تفسير العيّاشي 1: 102/ 298.

(1) آل عمران 3: 103.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 447

1093/ [9]- و في رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ.

قال: «هي ولاية الثاني و الأول».

1094/ [10]- عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا إن العلم الذي هبط به آدم، و جميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين و المرسلين في عترة خاتم النبيين و المرسلين، فأين يتاه بكم؟ و أين تذهبون، يا معاشر من فسخ من أصلاب أصحاب السفينة؟

فهذا مثل ما فيكم، فكما نجا في هاتيك منهم من نجا، فكذلك ينجو في هذه منكم من نجا، و رهن ذمتي، و ويل لمن تخلف عنهم، إنهم فيكم كأصحاب الكهف، و مثلهم باب حطة، و هم باب السلم، فادخلوا في السلم كافة و لا تتبعوا خطوات الشيطان».

1095/ [11]- ابن شهر آشوب: عن زين العابدين، و جعفر الصادق (عليهما السلام)، قالا: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً: «في ولاية علي (عليه السلام)» وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ قالا: «لا تتبعوا غيره».

1096/ [12]- عن أبي جعفر (عليه السلام) ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً: «في ولايتنا».

سورة البقرة(2): آية 210 ..... ص : 447

قوله تعالى:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ [210]

1097/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا

محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعادي «1»، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ. قال:

«يقول: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بالملائكة في ظلل من الغمام، و هكذا نزلت».

و عن قول الله عز و جل: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «2». فقال: «إن الله عز و جل لا يوصف بالمجي ء و الذهاب، تعالى عن الانتقال، و إنما يعني بذلك: و جاء أمر ربك و الملك صفا صفا».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 102/ 299.

10- تفسير العيّاشي 1: 102/ 300، ينابيع المودة: 111.

11- مناقب ابن شهر آشوب 3: 96.

12- مناقب ابن شهر آشوب 3: 96، ينابيع المودة: 111.

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 125/ 19، بتقديم و تأخير.

(1) في «س و ط»: المعالي، تصحيف، و في المصدر: محمّد بن أحمد بن إبراهيم المعاذي، و هما متّحدان، راجع معجم رجال الحديث 14: 219 و 312. [.....]

(2) الفجر 89: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 448

1098/ [2]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن إبليس قال:

أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ «1» فأبى الله ذلك عليه، فقال: فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ «2» فإذا كان يوم [الوقت المعلوم ظهر إبليس (لعنه الله) في جميع أشياعه، منذ خلق الله

آدم (عليه السلام) إلى يوم الوقت المعلوم، و هي آخر كرة «3» يكرها أمير المؤمنين (عليه السلام)».

فقلت: و إنها لكرات؟

قال: «نعم، إنها لكرات و كرات، ما من إمام في قرن «4»، إلا و يكر في قرنه، يكر معه البر و الفاجر في دهره، حتى يديل «5» الله عز و جل المؤمن من الكافر، فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين (عليه السلام) في أصحابه، و جاء إبليس و أصحابه، و يكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات، يقال لها: روحاء، قريب من كوفتكم، فيقتتلون قتالا لم يقتتل مثله منذ خلق الله عز و جل العالمين.

فكأني أنظر إلى أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) قد رجعوا إلى خلفهم القهقرى «6» مائة قدم، و كأني أنظر إليهم و قد وقعت بعض أرجلهم في الفرات، فعند ذلك يهبط الجبار عز و جل «7» في ظلل من الغمام و الملائكة و قضي الأمر، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) «8» بيده حربة من نور، فإذا نظر إليها «9» إبليس رجع القهقرى، ناكصا على عقبيه، فيقول له أصحابه: أين تريد و قد ظفرت؟ فيقول: إني أرى ما لا ترون، إنى أخاف الله رب العالمين «10» فيلحقه النبي (صلى الله عليه و آله) فيطعنه طعنة بين كتفيه، فيكون هلاكه و هلاك جميع أشياعه، فعند ذلك يعبد الله عز و جل، و لا يشرك به شيئا، و يملك أمير المؤمنين (عليه السلام) أربعا و أربعين ألف سنة، حتى يلد الرجل من شيعة علي (عليه السلام) ألف ولد من صلبه ذكرا، في كل سنة ذكر، و عند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة و ما حوله بما شاء الله».

__________________________________________________

2- مختصر

بصائر الدرجات: 26.

(1) الأعراف 7: 14.

(2) الحجر 15: 37- 38.

(3) الكرّة: الرجعة، و هي المرّة. «مجمع البحرين- كرر- 3: 471».

(4) القرن: أهل زمان واحد. «مجمع البحرين- قرن- 6: 298».

(5) أدالنا اللّه من عدونا: نصرنا، و جعل الغلبة لنا.

(6) القهقرى: الرجوع إلى خلف «الصحاح- قهر- 2: 801».

(7) هبوط الجبّار تعالى كناية عن نزول آيات عذابه.

(8) في «ط» زيادة: أمامه.

(9) في المصدر: إليه.

(10) تضمين من سورة الأنفال 8: 48.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 449

1099/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن عمرو بن أبي شيبة «1»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول ابتداء منه: «إن الله إذا بدا له أن يبين خلقه و يجمعهم لما لا بد منه، أمر مناديا ينادي فتجتمع الإنس و الجن في أسرع من طرفة عين، ثم أذن للسماء الدنيا فتنزل، و كانت من وراء الناس، و أذن للسماء الثانية فتنزل، و هي ضعف التي تليها، فإذا رآها أهل السماء الدنيا، قالوا: جاء ربنا «2»، و هو آت، يعني أمره، حتى تنزل كل سماء، تكون كل واحدة منها من وراء الاخرى، و هي ضعف التي تليها، ثم ينزل أمر الله:

فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ».

و للحديث تتمة، تأتي- إنشاء الله تعالى- في قوله: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ من سورة الأنبياء «3».

1100/ [4]- العياشي: عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ. قال: «ينزل في سبع قباب من نور، لا يعلم في أيها هو، حين ينزل في ظهر الكوفة، فهذا حين ينزل».

1101/

[5]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يا أبا حمزة، كأني بقائم أهل بيتي قد علا نجفكم، فإذا علا فوق نجفكم، نشر «4» راية رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا نشرها انحطت عليه ملائكة بدر». و قال أبو جعفر (عليه السلام): «إنه نازل في قباب من نور، حين ينزل بظهر الكوفة على الفاروق، فهذا حين ينزل، و أما قُضِيَ الْأَمْرُ: فهو الوسم على الخرطوم يوم يوسم الكافر».

سورة البقرة(2): آية 211 ..... ص : 449

قوله تعالى:

سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَ مَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ [211]

1102/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 77.

4- تفسير العيّاشي 1: 103/ 301. [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 103/ 301.

1- الكافي 8: 290/ 400.

(1) في «س»: منصور بن يونس بن عمرو بن أبي شيبة. و الصواب ما في المتن. كما في معجم الثقات و ترتيب الطبقات: 221/ 165.

(2) في المصدر زيادة: قالوا لا.

(3) يأتي في الحديث (8) من تفسر الآية (103) من سورة الأنبياء.

(4) في «ط»: نشرت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 450

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ بولاية الشياطين عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ «1».

و يقرأ أيضا: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ فمنهم من آمن، و منهم من جحد، و منهم من أقر، و منهم من بدل وَ مَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

1103/ [1]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ

كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ: «فمنهم من آمن، و منهم من جحد، و منهم من أقر، و منهم من أنكر، و منهم من يبدل نعمة الله».

سورة البقرة(2): آية 213 ..... ص : 450

قوله تعالى:

كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ [213]

1104/ [2]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الكندي، عن أحمد بن عديس، عن أبان بن عثمان، عن يعقوب بن شعيب، أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً.

فقال: «كان [الناس قبل نوح (عليه السلام) امة ضلال، فبدا لله فبعث المرسلين، و ليس كما يقولون: لم يزل «2».

و كذبوا، يفرق الله في كل ليلة قدر ما كان من شدة أو رخاء أو مطر بقدر ما يشاء الله عز و جل أن يقدر إلى مثلها من قابل».

1105/ [3]- العياشي: عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قوله: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ.

قال: «كانوا ضلالا، فبعث الله فيهم أنبياء، و لو سألت الناس لقالوا: قد فرغ من الأمر».

1106/ [4]- عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً.

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 103/ 304.

2- الكافي 8: 82/ 40.

3- تفسير العيّاشي 1: 104/ 305.

4- تفسير العيّاشي 1: 104/ 306.

(1) البقرة 2: 102.

(2)

قوله (عليه السّلام): «ليس كما يقولون: لم يزل»

أي ليس الأمر كما يقولون إنّ اللّه تعالى قدّر الأمور في الأزل، و قد فرغ منها، فلا تتغيّر تقديراته تعالى، بل اللّه البداء فيما كتب في لوح المحو و الإثبات، كما قال تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ

وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ، الرعد 13: 39. مرآة العقول 25: 189.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 451

قال: «كان هذا قبل نوح امة واحدة، فبدا لله فأرسل الرسل قبل نوح».

قلت: أعلى هدى كانوا أم على ضلالة؟ قال: «بل كانوا ضلالا، كانوا لا مؤمنين، و لا كافرين، و لا مشركين».

1107/ [4]- عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً.

قال: «قبل آدم و بعد نوح «1» (عليهما السلام) ضلالا فبدا لله، فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين أما أنك لو لقيت هؤلاء قالوا: إن ذلك لم يزل، و كذبوا، إنما هو شي ء بدا لله فيه».

1108/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ.

فقال: «كان هذا قبل نوح (عليه السلام) كانوا ضلالا، فبدا لله، فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين».

1109/ [6]- عن مسعدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ. فقال: «كان ذلك قبل نوح».

فقيل: فعلى هدى كانوا؟

قال: «بل كانوا ضلالا، و ذلك أنه لما انقرض آدم (عليه السلام) و صالح ذريته، بقي شيث وصيه لا يقدر على إظهار دين الله الذي كان عليه آدم (عليه السلام) و صالح ذريته، و ذلك أن قابيل توعده بالقتل، كما قتل أخاه هابيل، فسار فيهم بالتقية و الكتمان، فازدادوا كل يوم ضلالة حتى لم يبق على الأرض معهم إلا من هو سلف، و لحق الوصي بجزيرة في البحر يعبد الله، فبدا لله تبارك و تعالى أن يبعث الرسل، و لو سئل هؤلاء الجهال

لقالوا: قد فرغ من الأمر، و كذبوا، إنما شي ء يحكم به الله في كل عام».

ثم قرأ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «2» «فيحكم الله تبارك و تعالى ما يكون في تلك السنة من شدة أو رخاء أو مطر أو غير ذلك».

قلت: أ فضلالا كانوا قبل النبيين أم على هدى؟

قال: «لم يكونوا على هدى، كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها، لا تبديل لخلق الله، و لم يكونوا ليهتدوا حتى يديهم الله، أ ما تسمع يقول إبراهيم: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ «3» أي ناسيا للميثاق».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 104/ 307.

5- تفسير العيّاشي 1: 104/ 308. [.....]

6- تفسير العيّاشي 1: 104/ 309.

(1) هكذا في جميع النسخ، و الصواب: «بعد آدم و قبل نوح» كما في الأحاديث السابقة و الأحاديث اللاحقة.

(2) الدخان 44: 4.

(3) الأنعام 6: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 452

1110/ [7]- أبو علي الطبرسي: روى أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «كان قبل نوح (عليه السلام) أمة واحدة على فطرة الله لا مهتدين، و لا ضلالا، فبعث الله النبيين.

و روى ذلك أيضا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، محمد الشيباني في (نهج البيان)، إلا أن فيه زيادة: (بل في حيرة) بعد قوله: لا مهتدين و لا ضلالا «1».

سورة البقرة(2): آية 214 ..... ص : 452

قوله تعالى:

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [214]

1111/ [1]- العياشي: عن محمد بن سنان، قال: حدثني المعافى بن إسماعيل، قال: لما قتل الوليد، خرج من هذه العصابة نفر بحيث أحدث القوم، قال: فدخلنا على

أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «ما الذي أخرجكم عن غير الحج و العمرة؟» قال: فقال القائل منهم: الذي شتت الله من كلمة أهل الشام، و قتل «2» خليفتهم، و اختلافهم فيما بينهم.

قال: «ما تجدون أعينكم إليهم؟- فأقبل يذكر حالاتهم- أليس الرجل منكم يخرج من بيته إلى سوقه فيقضي حوائجه، ثم يرجع و لم تختلف «3»، إن كان لمن كان قبلكم أتى هو على مثل ما أنتم عليه، ليأخذ الرجل منهم فيقطع يديه و رجليه، و ينشره بالمناشير، و يصلب على جذع النخلة، و لا يدع ما كان عليه».

ثم ترك هذا الكلام، ثم انصرف إلى آية من كتاب الله: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ __________________________________________________

7- مجمع البيان 2: 543.

1- تفسير العيّاشي 1: 105/ 310.

(1) نهج البيان (مخطوط) 1: 52.

(2) في المصدر: و قتلهم.

(3) في المصدر: يختلف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 453

سورة البقرة(2): آية 217 ..... ص : 453

قوله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ [217]

1112/ [1]- علي بن إبراهيم: إنه كان سبب نزولها: أنه لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة، بعث السرايا إلى الطرقات التي تدخل مكة، تتعرض لعير «1» قريش، حتى بعث عبد الله بن جحش «2» في نفر من أصحابه إلى نخلة- و هي بستان بني عامر- ليأخذوا عير قريش [حين أقبلت من الطائف. عليها الزبيب

و الأدم و الطعام، فوافوها و قد نزلت العير، و فيها عمرو بن عبد الله الحضرمي، و كان حليفا لعتبة بن ربيعة. فلما نظر الحضرمي إلى عبد الله بن جحش و أصحابه، فزعوا و تهيئوا للحرب، و قالوا: هؤلاء أصحاب محمد، و أمر عبد الله بن جحش أصحابه أن ينزلوا و يحلقوا رؤوسهم، فنزلوا و حلقوا رؤوسهم.

فقال ابن الحضرمي: هؤلاء قوم عباد ليس علينا منهم [بأس ، فلما اطمأنوا و وضعوا السلاح، حمل عليهم عبد الله بن جحش، فقتل ابن الحضرمي، و قتل «3» أصحابه، و أخذوا العير بما فيها، و ساقوها إلى المدينة، و كان ذلك في أول يوم من رجب من أشهر الحرم، فعزلوا العير و ما كان عليها، و لم ينالوا منها شيئا.

فكتبت قريش إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إنك استحللت الشهر الحرام، و سفكت فيه الدم، و أخذت المال، و كثر القول في هذا، و جاء أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، أ يحل القتل في الشهر الحرام؟

فأنزل الله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ. قال: القتال في الشهر الحرام عظيم، و لكن الذي فعلت بك قريش- يا محمد- من الصد عن المسجد الحرام، و الكفر بالله، و إخراجك منه «4» أكبر عند الله، و الفتنة- يعني الكفر بالله- أكبر من القتل.

ثم أنزلت عليه: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ __________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 71.

(1) العير: القافلة. «مجمع البحرين-

عير- 3: 418».

(2) عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر الأسدي: صحابي، قديم الإسلام، هاجر إلى بلاد الحبشة، ثم إلى المدينة، و كان من أمراء السرايا، و هو صهر الرسول (صلى الله عليه و آله) و ابن عمته، أخو زينب ام المؤمنين، قتل يوم أحد شهيدا في 3 ه، فدفن هو و الحمزة في قبر واحد. حلية الأولياء 1: 108/ 13، الاصابة 2: 286/ 4583.

(3) في المصدر: و أفلت.

(4) في المصدر: و إخراجك منها هو. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 454

بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ «1».

1113/ [2]- و في (نهج البيان) عن أبي جعفر (عليه السلام): «الفتنة هنا هنا: الشرك».

1114/ [3]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أبان، عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن المغيرية «2» يزعمون أن هذا اليوم لهذه الليلة المستقبلة.

فقال: «كذبوا، هذا اليوم لليلة الماضية لأن أهل بطن نخلة حيث رأوا الهلال، قالوا: قد دخل الشهر الحرام».

سورة البقرة(2): آية 219 ..... ص : 454

قوله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما [219]

1115/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن بعض أصحابنا، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة «3»، عن أبيه، عن علي بن يقطين، قال: سأل المهدي أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمر، قال: هل هي محرمة في كتاب الله عز و جل، فإن الناس إنما يعرفون النهي عنها، و لا يعرفون التحريم لها؟

فقال له أبو الحسن (عليه السلام): «بل هي محرمة في كتاب الله» «4».

فقال: في أي موضع [هي محرمة في كتاب الله جل اسمه، يا أبا الحسن؟

فقال: «قول الله

جل و عز: إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ «5».

__________________________________________________

2- نهج البيان (مخطوط) 1: 52.

3- الكافي 8: 332/ 517.

1- الكافي 6: 406/ 1.

(1) البقرة 2: 194.

(2) المغيرية: و هم أتباع المغيرة بن سعيد، الذين قالوا: لا إمامة في بني عليّ (عليه السّلام) بعد أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السّلام)، و إنّ الإمامة في المغيرة بن سعيد إلى خروج المهدي، و هو عندهم محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ- كما هو في أغلب المصادر- و في الأنوار النعمانية للسيّد الجزائري (قدس سره) قال: هو عندهم زكريا بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ (عليه السّلام). فرق الشيعة: 63، مقالات الاسلاميين 1: 68، المقالات و الفرق: 50 و 74، الفرق بين الفرق، 238، الملل و النحل 1: 157، الأنوار النعمانية 2: 236.

(3) في «س و ط»: عن عليّ بن أبي حمزة، و الصواب ما في المتن، لرواية إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، دون أبيه، كما في معجم رجال الحديث 1: 319، و عليّ بن أبي حمزة يروي عن عليّ بن يقطين. كما في معجم رجال الحديث 12: 237.

(4) في المصدر زيادة: يا أمير المؤمنين.

(5) الأعراف 7: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 455

فأما قوله: ما ظَهَرَ مِنْها يعني الزنا المعلن، و نصب الرايات التي كانت تعرف بها الفواحش «1» في الجاهلية.

و أما قوله تعالى: ما بَطَنَ يعني ما نكح آباؤكم «2» لأن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه و آله) إذا كان للرجل زوجة و مات عنها، تزوج بها «3» ابنه من

بعده، إذا لم تكن امه، فحرم الله عز و جل ذلك.

و أما الإثم: فإنها الخمرة بعينها، و قد قال الله عز و جل في موضع آخر: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ فأما الإثم في كتاب الله عز و جل فهي الخمرة و الميسر و إثمهما أكبر، كما قال الله تعالى».

فقال المهدي: يا علي بن يقطين، هذه و الله فتوى هاشمية.

قال: قلت له: صدقت- و الله- يا أمير المؤمنين، الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت.

قال: فو الله، ما صبر المهدي أن قال لي: صدقت، يا رافضي.

1116/ [2]- و عنه: عن بعض أصحابنا، مرسلا، قال: «إن أول ما نزل في تحريم الخمر، قول الله جل و عز:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ فلما نزلت هذه الآية أحس القوم بتحريمها و تحريم الميسر و الأنصاب و الأزلام «4»، و علموا أن الإثم مما ينبغي اجتنابه، و لا يحمل الله عز و جل عليهم من كل طريق لأنه قال: وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ.

ثم أنزل الله عز و جل: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «5» فكانت هذه الآية أشد من الاولى و أغلظ في التحريم.

ثم ثلث بآية اخرى، فكانت أغلظ من الأولى و الثانية [و أشد]، فقال الله عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ عَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ «6» فأمر الله عز و جل باجتنابها، و فسر عللها التي لها و من أجلها حرمها.

ثم بين الله عز

و جل تحريمها و كشفه في الآية الرابعة مع «7» ما دل عليه في هذه الآي المذكورة المتقدمة، بقوله عز و جل: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ «8».

و قال الله عز و جل في الآية الاولى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ __________________________________________________

2- الكافي 6: 406/ 2.

(1) في المصدر: كانت ترفعها الفواجر للفواحش.

(2) في المصدر: من الآباء.

(3) في المصدر: تزوجها.

(4) (و الأنصاب و الأزلام) ليس في المصدر.

(5) المائدة 5: 90. [.....]

(6) المائدة 5: 91.

(7) في «ط»: و كشف في الآية الرابعة منع.

(8) الأعراف 7: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 456

ثم قال في الآية الرابعة: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ. فخبر عز و جل أن الإثم في الخمر و غيرها، و أنه حرام، و ذلك أن الله عز و جل إذا أراد أن يفترض فريضة، أنزلها شيئا بعد شي ء حتى يوطن الناس أنفسهم عليها، و يسكنوا إلى أمر الله جل و عز و نهيه فيها، و كان ذلك من [فعل الله عز و جل على وجه التدبير فيهم أصوب و أقرب لهم إلى الأخذ بها، و أقل لنفارهم عنها».

1117/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الوشاء، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول: «الميسر: هو القمار».

1118/ [4]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما نزل قول الله عز و جل على

رسوله (صلى الله عليه و آله): إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ «1» قيل: يا رسول الله، ما الميسر؟ قال: كل ما تقومر به حتى الكعاب و الجوز.

قيل: فما الأنصاب؟ قال: ما ذبحوا «2» لآلهتهم.

قيل: فما الأزلام؟ قال: قداحهم التي يستقسمون بها».

1119/ [5]- العياشي: عن حمدويه: عن محمد بن عيسى، قال: سمعته يقول: كتب إليه إبراهيم بن عنبسة- يعني إلى علي بن محمد (عليه السلام)-: إن رأى سيدي و مولاي أن يخبرني عن قول الله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ الآية، فما الميسر «3»، جعلت فداك؟ فكتب: «كل ما قومر به فهو الميسر، و كل مسكر حرام».

1120/ [6]- الحسين، عن موسى بن القاسم البجلي، عن محمد بن علي بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أخيه موسى، عن أبيه جعفر (عليهم السلام)، قال: «النرد و الشطرنج من الميسر».

1121/ [7]- عن عامر بن السمط، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «الخمر من ستة «4»: التمر، و الزبيب، و الحنطة، و الشعير، و العسل، و الذرة».

__________________________________________________

3- الكافي 5: 124/ 9.

4- الكافي 5: 122/ 2.

5- تفسير العيّاشي 1: 105/ 311.

6- تفسير العيّاشي 1: 106/ 312.

7- تفسير العيّاشي 1: 106/ 313.

(1) المائدة 5: 90.

(2) في المصدر: ما ذبحوه.

(3) في «ط»: فما المنفعة.

(4) في المصدر زيادة: أشياء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 457

قوله تعالى:

وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ [219]

1122/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام). في قوله عز و جل: وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ. قال: «العفو: الوسط».

1123/ [2]- العياشي: عن

جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله: وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ. قال: «العفو: الوسط».

1124/ [3]- عن عبد الرحمن، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ.

قال: «الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً «2»- قال-: نزلت هذه بعد هذه، هي الوسط».

1125/ [4]- عن يوسف، عن أبي عبد الله، أو أبي جعفر «3» (عليهما السلام)، في قوله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ. قال: «الكفاف».

و في رواية أبي بصير: «القصد».

1126/ [5]- أبو علي الطبرسي: العفو: الوسط، من غير إسراف و لا إقتار. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

1127/ [6]- و عنه، قال: و عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «العفو: ما فضل عن قوت السنة».

سورة البقرة(2): آية 220 ..... ص : 457

قوله تعالى:

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ

__________________________________________________

1- الكافي 4: 52/ 3.

2- تفسير العيّاشي 1: 106/ 314. [.....]

3- تفسير العيّاشي 1: 106/ 315.

4- تفسير العيّاشي 1: 106/ 316 و 317.

5- مجمع البيان 2: 558.

6- مجمع البيان 2: 558.

(1) في المصدر: عن بعض أصحابه.

(2) الفرقان 25: 67.

(3) في «ط»: و أبي جعفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 458

فَإِخْوانُكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ- إلى قوله- لَأَعْنَتَكُمْ [220]

1128/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير. قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «سألني عيسى بن موسى عن القيم للأيتام في الإبل و ما يحل له منها؟ فقلت «1»: إذا لاط حوضها «2»، و طلب ضالتها، و

هنأ «3» جرابها، فله أن يصيب من لبنها في غير نهك «4» لضرع «5»، و لا فساد لنسل».

1129/ [2]- أحمد بن محمد: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «6». قال: «ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة، فلا بأس أن يأكل بالمعروف، إذا كان يصلح لهم أموالهم فإن كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا».

قال: قلت: أ رأيت قول الله عز و جل: وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ؟ قال: «تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم، و تخرج من مالك قدر ما يكفيك، ثم تنفقه».

قلت: أ رأيت إن كانوا يتامى صغارا و كبارا، و بعضهم أعلى كسوة من بعض، و بعضهم آكل من بعض، و مالهم جميعا؟ فقال: «أما الكسوة، فعلى كل إنسان منهم ثمن كسوته، و أما الطعام فاجعلوه جميعا، فإن الصغير يوشك أن يأكل مثل الكبير».

1130/ [3]- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ.

قال: «يعني اليتامى، إذا كان الرجل يلي الأيتام في حجره فليخرج من ماله على قدر ما يحتاج إليه، على قدر ما يخرجه لكل إنسان منهم، فيخالطوهم، و يأكلون جميعا، و لا يرزأن «7» من أموالهم شيئا، إنما هي النار».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 130/ 4.

2- الكافي 5: 130/ 5.

3- التهذيب 6: 340/ 949.

(1) في «س و ط»: فقال.

(2) لاط الحوض: ملطه و طينته. «مجمع البحرين- لوط- 4: 272».

(3) هنا البعير: طلاه بالهناء، و هو القطران. «الصحاح- هنأ- 1: 84».

(4) نهكت الناقة حلبا، إذا

لم تبق في ضرعها لبنا. «النهاية 5: 137». [.....]

(5) في المصدر: لبنها من غير نهك بضرع.

(6) النساء 4: 6.

(7) ما رزأ منه شيئا: أي ما نقص و لا أخذ منه شيئا. «النهاية 2: 218».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 459

1131/ [4]- عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام، و معهم خادم لهم، فنقعد على بساطهم، و نشرب من مائهم، و يخدمنا خادمهم، و ربما طعمنا من «1» الطعام من عند صاحبنا و فيه من طعامهم، فما ترى في ذلك؟

فقال: إن كان دخولكم عليهم منفعة لهم «2» فلا بأس، و إن كان فيه ضرر «3» فلا- و قال-: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

«4» و أنتم لا يخفى عليكم، و قد قال الله عز و جل: وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ».

1132/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه لما نزلت: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «5» خرج كل من كان عنده يتيم، و سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في إخراجهم، فأنزل الله تعالى:

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ».

1133/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: و قال الصادق (عليه السلام): «لا بأس بأن تخلط طعامك بطعام اليتيم، فإن الصغير يوشك أن يأكل كما يأكل الكبير «6»، و أما الكسوة و غيرها

فيحسب على كل رأس صغير و كبير كما يحتاج إليه».

1134/ [7]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى: وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ. قال: «تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم، و خرج من مالك قدر ما يكفيك».

قلت: أ رأيت أيتاما صغارا و كبارا، و بعضهم أعلى في الكسوة من بعض؟ فقال: «أما الكسوة فعلى كل إنسان من كسوته، و أما الطعام فاجعله جميعا، فأما الصغير فإنه أوشك أن يأكل كما يأكل الكبير».

1135/ [8]- عن سماعة، عن أبي عبد الله، أو أبي الحسن «7» (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله:

__________________________________________________

4- التهذيب 6: 339/ 947.

5- تفسير القمي 1: 72.

6- تفسير القمي 1: 72.

7- تفسير العياشي 1: 107/ 318.

8- تفسير العياشي 1: 107/ 319.

(1) في المصدر: فيه.

(2) في «ط»: دخولكم منفعة عليهم.

(3) في المصدر زيادة: لهم.

(4) القيامة 75: 14.

(5) النساء 4: 10.

(6) في المصدر: يوشك أن يأكل الكبير معه. [.....]

(7) في «ط»: و أبي الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 460

وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ.

قال: «يعني اليتامى، يقول: إذا كان الرجل يلي يتامى و هو في حجره، فليخرج من ماله على قدر ما يخرج لكل إنسان منهم، فيخالطهم، فيأكلون جميعا، و لا يرزأن من أموالهم شيئا، فإنما هو نار».

1136/ [9]- عن الكاهلي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فسأله رجل ضرير البصر، فقال: إنا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام معهم خادم لهم، فنقعد على بساطهم، و نشرب من مائهم، و يخدمنا خادمهم، و ربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا و فيه من طعامهم، فما ترى، أصلحك الله؟

فقال: «قد قال الله: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ «1»

فأنتم لا يخفى عليكم، و قد قال الله: وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ إلى لَأَعْنَتَكُمْ». ثم قال: «إن يكن دخولكم عليهم فيه منفعة لهم فلا بأس، و إن كان فيه ضرر فلا».

1137/ [10]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، إن أخي هلك، و ترك أيتاما و لهم ماشية، فما يحل لي منها؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن كنت تليط حوضها، و ترد نادتها «2»، و تقوم على رعيتها، فاشرب من ألبانها غير مجتهد للحلب، و لا ضار بالولد وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ».

1138/ [11]- عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن رجل بيده الماشية لابن أخ له يتيم في حجره، أ يخلط أمرها بأمر ماشيته؟

قال: «فإن كان يليط حوضها، و يقوم على هنائها، و يرد نادتها، فليشرب من ألبانها غير مجتهد للحلاب، و لا مضر بالولد». ثم قال: وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «3»، وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ.

1139/ [12]- عن محمد الحلبي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله: وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ.؟ قال: «تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم، و تخرج من مالك قدر ما يكفيك، ثم تنفقه».

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 107/ 320.

10- تفسير العيّاشي 1: 107/ 321.

11- تفسير العيّاشي 1: 108/ 322.

12- تفسير العيّاشي 1: 108/ 323.

(1) القيامة 75: 14.

(2) ندّ البعير: شرد و ذهب على وجهه. «النهاية 5: 35».

(3) النّساء 4: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 461

1140/

[13]- عن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله في اليتامى: وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ.

قال: «يكون لهم التمر و اللبن، و يكون لك مثله، على قدر ما يكفيك و يكفيهم، و لا يخفى على الله المفسد من المصلح».

1141/ [14]- عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، قال: قلت له: يكون لليتيم عندي الشي ء و هو في حجري أنفق عليه منه، و ربما أصبت مما يكون له من الطعام، و ما يكون مني إليه أكثر؟

فقال: «لا بأس بذلك، إن الله يعلم المفسد من المصلح».

سورة البقرة(2): آية 221 ..... ص : 461

قوله تعالى:

وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [221]

1142/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: قال لي أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «يا أبا محمد، ما تقول في رجل يتزوج نصرانية على مسلمة؟» قلت: جعلت فداك، و ما قولي بين يديك؟! قال: «لتقولن فإن ذلك تعلم به قولي».

قلت: لا يجوز تزوج نصرانية على مسلمة، و لا على غير مسلمة. قال: «و لم؟». قلت: لقول الله عز و جل:

وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ.

قال: «فما تقول في هذه الآية: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ «1». قلت: فقوله: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ نسخت هذه الآية. فتبسم ثم سكت.

سورة البقرة(2): الآيات 222 الي 223 ..... ص : 461

قوله تعالى:

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 1: 108/ 324.

14- تفسير العيّاشي 1: 108/ 325.

1- الكافي 5: 357/ 6.

(1) المائدة 5: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 462

نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [222- 223]

1143/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما للرجل من الحائض؟ قال: «ما بين أليتيها، و لا يوقب».

1144/ [2]- ابن بابويه، في (الفقيه): بإسناده، قال: سأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحائض، ما يحل لزوجها منها؟ قال: «تتزر بإزار إلى الركبتين و تخرج سرتها، ثم له ما فوق الإزار».

1145/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن

محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في المرأة ينقطع عنها دم الحيض في آخر أيامها.

قال: «إذا أصاب زوجها شبق، فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسها- إن شاء- قبل أن تغتسل».

1146/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط، عن محمد ابن حمران، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يأتي المرأة في دبرها. قال: «لا بأس، إذا رضيت».

قلت: فأين قول الله: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ؟ قال: «هذا في طلب الولد، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله، إن الله تعالى يقول: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ».

1147/ [5]- عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى «1»، عن معمر بن خلاد، قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): «أي شي ء يقولون في إتيان النساء في أعجازهن؟». قلت: إنه بلغني أن أهل المدينة لا يرون به بأسا.

فقال: «إن اليهود كانت تقول: إذا أتى الرجل المرأة من «2» خلفها خرج الولد أحول، فأنزل الله عز و جل:

نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ من خلف أو قدام، خلافا لقول اليهود، و لم يعن في أدبارهن».

1148/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: قال الصادق (عليه السلام): «أَنَّى شِئْتُمْ أي متى شئتم في الفرج».

__________________________________________________

1- التهذيب 1: 55/ 443.

2- من لا يحضره الفقيه 1: 54/ 204. [.....]

3- الكافي 5: 539/ 1.

4- التهذيب 1: 414/ 1657.

5- التهذيب 7: 415/ 1660.

6- تفسير القمّي 1: 73.

(1) في المصدر: أحمد بن عيسى. و هو تصحيف أشار له في معجم رجال الحديث 18: 263.

(2) في المصدر: في.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1،

ص: 463

1149/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و محمد ابن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن محمد بن النعمان الأحول، عن سلام بن المستنير، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فدخل عليه حمران بن أعين، و سأله عن أشياء، فلما هم حمران بالقيام، قال لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرك- أطال الله بقاءك لنا، و أمتعنا بك- أنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى ترق قلوبنا، و تسلو أنفسنا عن الدنيا، و يهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال، ثم نخرج من عندك، فإذا صرنا مع الناس و التجار أحببنا الدنيا. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إنما هي القلوب مرة تصعب، و مرة تسهل».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «أما إن أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) قالوا: يا رسول الله، نخاف علينا من النفاق- قال-: فقال: و لم تخافون ذلك؟

قالوا: إذا كنا عندك فذكرتنا و رغبتنا، وجلنا «1» و نسينا الدنيا، و زهدنا حتى كأنا نعاين الآخرة و الجنة و النار و نحن عندك، فإذا خرجنا من عندك، و دخلنا هذه البيوت، و شممنا الأولاد، و رأينا العيال و الأهل، يكاد أن نحول عن الحالة «2» التي كنا عليها عندك، و حتى كأنا لم نكن على شي ء، أ فتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا؟

فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): كلا، إن هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدنيا، و الله لو تدومون على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة، و مشيتم على الماء، و لولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله تعالى،

لخلق الله خلقا حتى يذنبوا ثم يستغفروا الله فيغفر لهم، إن المؤمن مفتن «3» تواب، أ ما سمعت قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ و قال تعالى: وَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ «4»؟».

1150/ [8]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، رفعه، قال: «إن الله عز و جل أعطى التوابين «5» ثلاث خصال، لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات و الأرض لنجوا بها، قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فمن أحبه الله تعالى لم يعذبه» الحديث. و ذكر فيه الثلاث، و سيأتي- إن شاء الله تعالى- تمامه في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ من سورة الفرقان «6».

__________________________________________________

7- الكافي 2: 309/ 1.

8- الكافي 2: 315/ 5.

(1) وجل: خاف. «مجمع البحرين- وجل- 5: 490».

(2) في المصدر: الحال.

(3) المفتن: الممتحن، يمتحنه اللّه بالذنب ثمّ يتوب، ثمّ يعود يتوب. «النهاية 3: 410».

(4) هود 11: 90.

(5) في المصدر: التائبين.

(6) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (68) من سورة الفرقان. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 464

1151/ [9]- العياشي: عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «كان الناس يستنجون بالحجارة و الكرسف «1»، ثم أحدث الوضوء، و هو خلق حسن، فأمر به رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صنعه، و أنزل «2» الله في كتاب: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ».

1152/ [10]- عن سلام، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فدخل عليه حمران بن أعين، و سأله عن أشياء، فلما هم حمران بالقيام، قال لأبي جعفر (عليه

السلام): أخبرك- أطال الله بقاءك، و أمتعنا بك- أنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى ترق قلوبنا، و تسلو أنفسنا عن الدنيا، و يهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال، ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس و التجار أحببنا الدنيا. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إنما هي القلوب مرة يصعب عليها الأمر، و مرة يسهل».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «أما إن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) قالوا: يا رسول الله، نخاف علينا النفاق- قال-: فقال لهم: و لم تخافون ذلك؟ قالوا: إنا إذا كنا عندك فذكرتنا، روعنا «3» و وجلنا، و نسينا الدنيا، و زهدنا فيها حتى كأنا نعاين الآخرة و الجنة و النار و نحن عندك، فإذا خرجنا من عندك، و دخلنا هذه البيوت، و شممنا الأولاد، و رأينا العيال و الأهل و المال، يكاد أن نحول عن الحال التي كنا عليها عندك، حتى كأنا لم نكن على شي ء، أ فتخاف علينا أن يكون هذا النفاق؟

فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): كلا، هذا من خطوات الشيطان ليرغبكم في الدنيا، و الله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها و أنتم عندي، في الحال التي وصفتم أنفسكم بها، لصافحتكم الملائكة، و مشيتم على الماء، و لولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله، لخلق الله خلقا لكي يذنبوا ثم يستغفروا فيغفر لهم، إن المؤمن مفتن تواب، أما تسمع لقوله: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ «4»؟».

1153/ [11]- عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كانوا يستنجون بثلاثة أحجار، لأنهم كانوا يأكلون البسر، و كانوا يبعرون بعرا، فأكل رجل

من الأنصار الدباء «5»، فلان بطنه و استنجى بالماء، فبعث إليه النبي (صلى الله عليه و آله)- قال-: فجاء الرجل و هو خائف أن يكون قد نزل فيه أمر يسوء في استنجائه بالماء- قال-: فقال

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 109/ 326.

10- تفسير العيّاشي 1: 109/ 327.

11- تفسير العيّاشي 1: 109/ 328.

(1) الكرسف: القطن. «لسان العرب- كرسف- 9: 297».

(2) في المصدر: و أنزله.

(3) الروع: الفزع. «مجمع البحرين- روع- 4: 340».

(4) هود 11: 90.

(5) الدبّاه: القرع. «الصحاح- دبا- 6: 2334».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 465

رسول الله (صلى الله عليه و آله): هل عملت في يومك هذا شيئا؟

فقال: نعم- يا رسول الله- إني و الله ما حملني على الاستنجاء بالماء إلا أني أكلت طعاما فلان بطني، فلم تغنني الحجارة، فاستنجيت بالماء.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هنيئا لك، فإن الله عز و جل قد أنزل فيك آية: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فكنت أول من صنع ذا، و أول التوابين، و أول المتطهرين».

1154/ [12]- عن عيسى بن عبد الله، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «المرأة تحيض تحرم على زوجها أن يأتيها في فرجها، لقول الله تعالى: وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ، فيستقيم للرجل أن يأتي امرأته و هي حائض فيما دون الفرج».

1155/ [13]- عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن إتيان النساء في أعجازهن. قال:

«لا بأس» ثم تلا هذه الآية: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ.

1156/ [14]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ. قال: «حيث شاء».

1157/ [15]- عن صفوان بن يحيى، عن

بعض أصحابنا، قال: سالت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ. فقال: «من قدامها و من خلفها، في القبل».

1158/ [16]- عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، أنه قال: «أي شي ء يقولون في إتيان النساء في أعجازهن؟». قلت: بلغني أن أهل المدينة لا يرون به بأسا.

قال: «إن اليهود كانت تقول إذا أتى الرجل من خلفها خرج ولده أحول، فأنزل الله: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ يعني من خلف أو قدام، خلافا لقول اليهود، و لم يعن في أدبارهن».

و عن الحسن بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله.

1159/ [17]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ. قال: «من قبل».

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 1: 220/ 329.

13- تفسير العيّاشي 1: 110/ 330.

14- تفسير العيّاشي 1: 111/ 331.

15- تفسير العيّاشي 1: 111/ 332.

16- تفسير العيّاشي 1: 111/ 333.

17- تفسير العيّاشي 1: 111/ 334. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 466

1160/ [18]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يأتي أهله في دبرها، فكره ذلك، و قال: «و إياكم و محاشي «1» النساء». و قال: «إنما معنى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ أي ساعة شئتم».

1161/ [19]- عن الفتح بن يزيد الجرجاني، قال: كتبت إلى الرضا (عليه السلام) في مثله، فورد الجواب: «سألت عمن أتى جاريته في دبرها، و المرأة لعبة الرجل فلا تؤذى، و هي حرث كما قال الله تعالى».

1162/ [20]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان،

و علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ.

قال: «كان الناس يستنجون بالكرسف و الأحجار، ثم أحدث الوضوء، و هو خلق كريم، فأمر به رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صنعه، فأنزل الله في كتابه: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ».

سورة البقرة(2): آية 224 ..... ص : 466

قوله تعالى:

وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [224]

1163/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ. قال: «إذا دعيت لتصلح بين اثنين، فلا تقل: علي يمين أن لا أفعل».

1164/ [2]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا تحلفوا بالله صادقين و لا كاذبين، فإنه عز و جل يقول: وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ».

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 1: 111/ 335.

19- تفسير العيّاشي 1: 111/ 336.

20- الكافي 1: 18/ 13.

1- الكافي 2: 167/ 6.

2- الكافي 7: 434/ 1.

(1) المحاشي: جمع محشاة، و هي أسفل مواضع الطعام من الأمعاء، فكنّى بها عن الأدبار. «النهاية 1: 392».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 467

1165/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم، عن أبيه،

عن أبي سلام المتعبد، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لسدير: «يا سدير، من حلف بالله كاذبا كفر، و من حلف بالله صادقا أثم، إن الله عز و جل يقول: وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ».

و روى هذا الحديث الشيخ المفيد في (الاختصاص) عن الصادق (عليه السلام) «1».

1166/ [4]- العياشي: عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى و لا إله غيره: وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ. قال:

«هو قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله».

1167/ [5]- عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ. قالا: «هو الرجل يصلح بين الرجلين، فيحمل ما بينهما من الإثم».

1168/ [6]- عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ. قال: «يعني الرجل يحلف أن لا يكلم أخاه، و ما أشبه ذلك، أولا يكلم امه».

1169/ [7]- عن أيوب، قال: سمعته يقول: «لا تحلفوا بالله صادقين و لا كاذبين، فإن الله يقول: وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ- قال-: إذا استعان رجل برجل على صلح بينه و بين رجل، فلا يقولن: إن علي يمينا أن لا أفعل و هو قول الله: وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ».

سورة البقرة(2): آية 225 ..... ص : 467

قوله تعالى:

لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ

[225]

1170/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي

__________________________________________________

3- الكافي 7: 434/ 4.

4- تفسير العيّاشي 1: 111/ 337.

5- تفسير العيّاشي 1: 112/ 338.

6- تفسير العيّاشي 1: 112/ 339.

7- تفسير العيّاشي 1: 112/ 340.

1- الكافي 7: 443/ 1.

(1) الاختصاص: 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 468

عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في قول الله عز و جل: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ. قال: «اللغو:

قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله، و لا يعقد على شي ء».

1171/ [2]- العياشي: عن أبي الصباح، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ. قال: «هو لا و الله، و بلى و الله، و كلا و الله، و لا يعقد عليها، أولا يعقد على شي ء».

1172/ [3]- أبو علي الطبرسي، قال: اختلفوا في يمين اللغو، فقيل: ما يجري على عادة الناس، من قول: لا و الله، و بلى و الله، من غير عقد على يمين يقتطع بها مال، و لا يظلم بها أحد.

قال: و هو المروي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة البقرة(2): الآيات 226 الي 227 ..... ص : 468

قوله تعالى:

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [226]

1173/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سيف، عن محمد بن سليمان، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، كيف صارت عدة المطلقة ثلاث حيض، أو ثلاثة أشهر، و صارت عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر و عشرا؟

فقال: «أما عدة المطلقة ثلاثة قروء فلاستبراء الرحم من الولد، و أما عدة المتوفى

عنها زوجها، فإن الله عز و جل شرط للنساء شرطا، و شرط عليهن شرطا، فلم يحابهن فيما شرط لهن، و لم يجر فيما شرط عليهن فأما ما شرط لهن في الإيلاء أربعة أشهر إن الله عز و جل يقول: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فلم يجوز لأحد أكثر من أربعة أشهر في الإيلاء، لعلمه تبارك و تعالى أنه غاية صبر المرأة عن الرجل، و أما ما شرط عليهن، فإنه أمرها أن تعتد إذا مات عنها زوجها أربعة أشهر و عشرا، فأخذ منها له عند موته ما أخذلها منه في حياته عند إيلائه قال الله تبارك و تعالى: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً «1» و لم يذكر العشرة أيام في العدة إلا مع الأربعة أشهر، و علم أن غاية صبر المرأة الأربعة أشهر في ترك الجماع، فمن ثم أوجبه لها و عليها» «2».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 112/ 341. [.....]

3- مجمع البيان 2: 568.

1- الكافي 6: 113/ 1.

(1) البقرة 2: 234.

(2) في المصدر: أوجبه عليها و لها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 469

1174/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يهجر امرأته من غير طلاق و لا يمين سنة لم يقرب فراشها. قال: «ليأت أهله».

و قال: «أيما رجل آلى من امرأته- و الإيلاء: أن يقول: لا و الله لا أجامعك كذا و كذا، و يقول: و الله، لأغيظنك.

ثم يغاضبها «1»- فإنه يتربص بها أربعة أشهر، ثم يؤخذ بعد الأربعة أشهر فيوقف، فإن فاء- و الإيفاء: أن يصالح أهله- فإن الله غفور رحيم، فإن لم يفئ جبر

على أن يطلق، و لا يقع بينهما طلاق حتى يوقف، و إن كان أيضا بعد الأربعة أشهر يجبر على أن يفي ء أو يطلق».

1175/ [3]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن بكير بن أعين، و بريد بن معاوية، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: «إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته، فليس لها قول و لا حق في الأربعة أشهر، و لا إثم عليه في كفه عنها في الأربعة أشهر، فإن مضت الأربعة أشهر قبل أن يمسها، فما سكتت و رضيت فهو في حل وسعة، فإن رفعت أمرها، قيل له: إما أن تفي ء فتمسها، و إما أن تطلق، و عزم الطلاق أن يخلي عنها، فإذا حاضت و طهرت طلقها، و هو أحق برجعتها ما لم تمض ثلاثة قروء، فهذا الإيلاء الذي أنزل الله تبارك و تعالى في كتابه و سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

1176/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل آلى من امرأته بعد ما دخل بها.

فقال: «إذا مضت أربعة أشهر وقف، و إن كان بعد حين، فإن فاء فليس بشي ء و هي امرأته، و إن عزم الطلاق فقد عزم».

و قال: «الإيلاء ان يقول الرجل لا مرأته: و الله، لأغيظنك و لأسوءنك، ثم يهجرها و لا يجامعها حتى تمضي أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر فقد وقع الإيلاء، و ينبغي للإمام أن يجبره «2» على أن يفي ء أو يطلق، فإن فاء فإن الله

غفور رحيم، و إن عزم الطلاق فإن الله سميع عليم، و هو قول الله عز و جل في كتابه».

1177/ [5]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، و محمد بن عبد الجبار، و أبي العباس محمد بن جعفر، عن أيوب ابن نوح، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و حميد بن زياد، عن ابن سماعة، جميعا، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الإيلاء، ما هو؟

__________________________________________________

2- الكافي 6: 130/ 2.

3- الكافي 6: 131/ 7.

4- الكافي 6: 132/ 7.

5- الكافي 6: 132/ 9.

(1) في «ط»: يغاظها.

(2) في «ط»: يخيّره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 470

فقال: «هو أن يقول الرجل لامرأته: و الله، لا أجامعك كذا و كذا. و يقول: و الله، لأغيظنك. فيتربص بها أربعة أشهر، ثم يؤخذ فيوقف بعد الأربعة أشهر، فإن فاء- و هو أن يصالح الرجل أهله- فإن الله غفور رحيم، و إن لم يفئ جبر على أن يطلق، و لا يقع طلاق فيما بينهما، و لو كان بعد الأربعة أشهر، ما لم ترفعه إلى الإمام».

1178/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قال فيه: «فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عز و جل: فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي رجعوا، ثم قال: وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «1»».

1179/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)، قال: «الإيلاء: هو أن يحلف الرجل على امرأته أن لا يجامعها، فإن صبرت عليه فلها أن تصبر، و إن رافعته إلى الإمام أنظره أربعة أشهر، ثم يقول له بعد ذلك: إما أن ترجع إلى المناكحة، و إما أن تطلق، و إلا حبستك أبدا».

1180/ [8]- قال: «و روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه بنى حظيرة من قصب، و جعل فيها رجلا آلى من امرأته بعد أربعة أشهر، فقال له: إما أن ترجع إلى المناكحة، و إما «2» أن تطلق و إلا أحرقت عليك الحظيرة».

1181/ [9]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن رجل آلى من امرأته.

فقال: «الإيلاء: أن يقول الرجل: و الله، لا أجامعك كذا و كذا. فإنه يتربص أربعة أشهر، فإن فاء- و الإيفاء أن يصالح أهله- فإن الله غفور رحيم، و إن لم يفئ بعد الأربعة أشهر حبس حتى يصالح أهله أو يطلق، جبر على ذلك، و لا يقع طلاق فيما بينهما حتى يوقف، و إن كان بعد الأربعة أشهر، فإن أبى فرق بينهما الإمام».

1182/ [10]- العياشي: عن بريد بن معاوية، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في الإيلاء: «إذا آلى الرجل من امرأته، لا يقربها و لا يمسها و لا يجمع رأسه و رأسها، فهو في سعة ما لم يمض الأربعة أشهر، فإذ مضى «3» الأربعة أشهر فهو في حل ما سكتت عنه، فإذا طلبت حقها بعد الأربعة أشهر وقف فإما أن يفي ء فيمسها، و إما أن

__________________________________________________

6- الكافي 5: 16/ 1.

7- تفسير القمّي 1: 73.

8- تفسير القمّي 1: 73.

9- التهذيب 8: 8/ 24. [.....]

10- تفسير العيّاشي 1: 113/ 342.

(1) البقرة

2: 227.

(2) في المصدر: أو.

(3) في «ط»: أمضى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 471

يعزم على الطلاق فيخلي عنها، حتى إذا حاضت و تطهرت من محيضها، طلقها تطليقة من قبل أن يجامعها بشهادة عدلين، ثم هو أحق برجعتها ما لم يمض الثلاثة أقراء».

1183/ [11]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أيما رجل آلى من امرأته- و الإيلاء: أن يقول الرجل: و الله، لا أجامعك كذا و كذا. و يقول: و الله، لأغيظنك. ثم يغايظها، و لأسوءنك. ثم يهجرها فلا يجامعها- فإنه يتربص بها أربعة أشهر، فإن فاء- و الإيفاء: أن يصالح- فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و إن لم يفئ جبر على الطلاق، و لا يقع بينهما طلاق حتى توقف، و إن عزم الطلاق فهي تطليقة».

1184/ [12]- عن أبي بصير، في رجل آلى من امرأته حتى مضت أربعة أشهر. قال: «يوقف، فإن عزم الطلاق اعتدت امرأته كما تعتد المطلقة، و إن أمسك فلا بأس».

1185/ [13]- عن منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل آلى من امرأته، فمضت أربعɠأشهر. قال: «يوقف، فإن عزم الطلاق بانت منه، و عليها عدة المطلقة، و إلا كفر يمينه و أمسكها».

1186/ [14]- عن العباس بن هلال، عن الرضا (عليه السلام)، قال: ذكر لنا: «أن أجل الإيلاء أربعة أشهر بعد ما يأتيان السلطان، فإذا مضت الأربعة أشهر فإن شاء أمسك، و إن شاء طلق، و الإمساك: المسيس».

1187/ [15]- سئل أبو عبد الله (عليه السلام): إذا بانت المرأة من الرجل، هل يخطبها مع الخطاب؟ قال: «يخطبها على تطليقتين، و لا يقربها حتى يكفر عن يمينه».

1188/ [16]- عن صفوان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

في المؤلي إذا أبى أن يطلق. قال:

«كان علي (عليه السلام) يجعل له حظيرة من قصب، و يحبسه فيها، و يمنعه من الطعام و الشراب حتى يطلق».

1189/ [17]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل إذا آلى من امرأته، فمضت أربعة أشهر و لم يفئ، فهي مطلقة، ثم يوقف فإن فاء فهي عنده على تطليقتين، و إن عزم فهي بائنة منه».

سورة البقرة(2): آية 228 ..... ص : 471

قوله تعالى:

وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 113/ 343.

12- تفسير العيّاشي 1: 113/ 344.

13- تفسير العيّاشي 1: 113/ 345.

14- تفسير العيّاشي 1: 113/ 346.

15- تفسير العيّاشي 1: 113/ 347.

16- تفسير العيّاشي 1: 114/ 348.

17- تفسير العيّاشي 1: 114/ 349.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 472

ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ [228] 1190/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، قال: سمعت ربيعة الرأي «1» يقول: من رأيي الإقراء التي سمى الله عز و جل في القرآن: إنما هو الطهر ما بين الحيضتين «2». فقال: «كذب لم يقله برأيه، و إنما بلغه عن علي (صلوات الله عليه)».

قلت: أصلحك الله، أ كان علي (عليه السلام) يقول ذلك؟ فقال: «نعم، إنما القرء الطهر، يقري فيه الدم فيجمعه، و إذا جاء المحيض دفعه» «3».

1191/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، جميعا، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «القرء ما بين الحيضتين».

1192/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «القرء ما بين الحيضتين».

1193/ [4]- و عنه عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن ثعلبة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الأقراء: الأطهار».

1194/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: أصلحك الله، رجل طلق «4» امرأته على طهر من غير جماع بشهادة عدلين؟ فقال: «إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها، و حلت للأزواج».

قلت له: أصلحك الله، إن أهل العراق يروون عن علي (صلوات الله عليه)، [أنه قال: هو أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة؟ فقال: «كذبوا».

__________________________________________________

1- الكافي 6: 89/ 1.

2- الكافي 6: 89/ 2.

3- الكافي 6: 89/ 3. [.....]

4- الكافي 6: 89/ 4.

5- الكافي 6: 86/ 1.

(1) ربيعة الرأي: و هو ربيعة بن فرّوخ التيميّ بالولاء، المدني، أبو عثمان، كان يأخذ بالرأي و القياس فلقّب ربيعة الرأي، و كان صاحب فتوى في المدينة، و به تفقّه مالك بن أنس، و توفّي بالهاشميّة من أرض الأنبار في 136 ه. تاريخ بغداد 8: 420/ 4531، صفوة الصفوة 2: 148/ 183، وفيات الأعيان 2: 288/ 232، تذكرة الحفاظ 1: 157/ 153، تهذيب التهذيب 3: 258/ 491.

(2) بعد كلمة (الحيضتين) سقط، هو: [فدخلت على أبي جعفر (عليه السّلام) فحدّثته بما قال ربيعة] بدليل الحديث (10) من تفسير هذه الآية.

(3) في المصدر: دفقه.

(4) في «ط»: يطلق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 473

1195/ [6]- الشيخ في (التهذيب):

بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة أقراء، و هي ثلاث حيض».

قال الشيخ: فالوجه في هذين الخبرين «1» التقية لأنهما يتضمنان تفسير الأقراء بأنها الحيض، و قد بينا نحن أن الأقراء هي الأطهار.

على أن قوله: «ثلاث حيض» يحتمل أن يكون إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة لأنه يكون قد مضى لها حيضتان، و ترى الدم من «2» الثالثة، فتصير ثلاثة قروء، و ليس في الخبر أنها تستوفي الحيضة الثالثة، انتهى كلامه.

1196/ [7]- عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «العدة و الحيض للنساء».

1197/ [8]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل ابن أبي زياد، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في امرأة ادعت أنها حاضت في شهر واحد ثلاث حيض. فقال: «كلفوا نسوة من بطانتها، إن حيضها كان فيما مضى على ما ادعت، فإن شهدن صدقت، و إلا فهي كاذبة».

قال الشيخ في (التهذيب): الوجه في الجمع أن المرأة إذا كانت مأمونة قبل قولها في العدة و الحيض، و إذا كانت متهمة كلفت نسوة غيرها.

1198/ [9]- العياشي: عن محمد بن مسلم، و عن زرارة، قالا: قال أبو جعفر (عليه السلام): «القرء: ما بين الحيضتين».

1199/ [10]- عن زرارة، قال: سمعت ربيعة الرأي و هو يقول: إن من رأيي أن الإقراء التي سمى الله في القرآن إنما هي الطهر فيما بين الحيضتين، و ليس

بالحيض. قال: فدخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فحدثته بما قال ربيعة، فقال: «كذب، و لم يقل برأيه، و إنما بلغه عن علي (عليه السلام)».

فقلت: أصلحك الله، أ كان علي (عليه السلام) يقول ذلك؟ قال: «نعم، كان يقول: إنما القرء الطهر، تقرأ فيه الدم فتجمعه، فإذا جاءت دفعته» «3».

__________________________________________________

6- التهذيب 8: 126/ 434.

7- التهذيب 1: 398/ 1243.

8- التهذيب 1: 398/ 1242.

9- تفسير العيّاشي 1: 114/ 350.

10- تفسير العيّاشي 1: 114/ 351، 352.

(1) أي هذا الخبر و الذي بعده في التهذيب 8: 126/ 435، بنفس اللفظ، و بالإسناد عن سعد بن عبد اللّه، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي بصير: الحديث.

(2) في المصدر زيادة: الحيضة.

(3) في المصدر: فإذا حاضت قذفته. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 474

قلت: أصلحك الله، رجل طلق امرأته، طاهرا من غير جماع، بشهادة عدلين؟ قال: «إذا دخلت في الحيضة الثالثة، فقد انتقضت عدتها، و حلت للأزواج».

قال: قلت: إن أهل العراق يروون عن علي (عليه السلام) أنه كان يقول: هو أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة؟ فقال: «كذبوا، و كان يقول علي (عليه السلام): إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها».

و

في رواية ربيعة الرأي: «و لا سبيل له عليها، و إنما القرء ما بين الحيضتين، و ليس لها أن تتزوج حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، فإنك إذا نظرت في ذلك لم تجد الأقراء إلا ثلاثة أشهر، فإذا كانت لا تستقيم مما تحيض في الشهر مرارا و في الشهر مرة، كانت عدتها عدة المستحاضة ثلاثة أشهر، و إن كانت تحيض حيضا مستقيما، فهو في كل شهر حيضة، بين كل حيضتين «1» شهر، و

ذلك القرء».

1200/ [11]- عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: عدة التي تحيض و تستقيم حيضها ثلاثة أقراء، و هي ثلاث حيض.

1201/ [12]- و عنه، قال: أحمد بن محمد: القرء: و هو الطهر، إنما تقرأ فيه الدم حتى إذا جاء الحيض دفعتها.

1202/ [13]- عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) في رجل طلق امرأته، متى تبين منه؟

قال: «حين يطلع الدم من الحيضة الثالثة».

1203/ [14]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ: «يعني لا يحل لها أن تكتم الحمل إذا طلقت و هي حبلى، و الزوج لا يعلم بالحمل، فلا يحل لها أن تكتم حملها، و هو أحق بها في ذلك الحمل ما لم تضع».

1204/ [15]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المطلقة تبين عند أول قطرة من الحيضة الثالثة».

1205/ [16]- عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في المرأة إذا طلقها زوجها، متى تكون أملك بنفسها؟ قال: «إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت».

1206/ [17]- قال زرارة: قال أبو جعفر (عليه السلام): «الأقراء: هي الأطهار» و قال: «القرء: ما بين حيضتين».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 115/ 353.

12- تفسير العيّاشي 1: 115/ 354.

13- تفسير العيّاشي 1: 115/ 355.

14- تفسير العيّاشي 1: 115/ 356.

15- تفسير العيّاشي 1: 115/ 357.

16- تفسير العيّاشي 1: 115/ 358.

17- تفسير العيّاشي 1: 115/ 359.

(1) في المصدر: حيضة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 475

قوله تعالى:

وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [228]

1207/ [1]- ابن

بابويه في (الفقيه): بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «جاءت امرأة إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت: يا رسول الله، ما حق الزوج على المرأة؟

فقال لها: تطيعه و لا تعصيه، و لا تتصدق من بيتها شيئا إلا بإذنه، و لا تصوم تطوعا إلا بإذنه، و لا تمنعه نفسها، و إن كانت على ظهر قتب «1»، و لا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها.

فقالت: يا رسول الله، من أعظم الناس حقا على الرجل؟ قال: والداه «2».

قالت: فمن أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال: زوجها.

قالت: فما لي من الحق عليه مثل ما له علي؟ قال: لا، و لا من كل مائة واحدة.

فقالت: و الذي بعثك بالحق نبيا لا يملك رقبتي رجل أبدا».

1208/ [2]- و في (تفسير علي بن إبراهيم) قال: حق الرجال على النساء أفضل من حق النساء على الرجال.

سورة البقرة(2): آية 229 ..... ص : 475

قوله تعالى:

الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ [229]

1209/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، و محمد بن جعفر، و أبي العباس الرزاز، عن أيوب بن نوح و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن أبي نجران، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «طلاق

__________________________________________________

1- من لا يحضر الفقيه 3: 276/ 1314.

2- تفسير القمّي 1: 74.

3- التهذيب 8: 25/ 82.

(1) القتب: رحل صغير على قدر السّنام. «الصحاح- قتب- 1:

198».

(2) في «ط»: والده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 476

السنة يطلقها تطليقة- يعني على طهر، من غير جماع، بشهادة شاهدين- ثم يدعها حتى تمضي أقراؤها، فإذا مضت أقراؤها فقد بانت منه، و هو خاطب من الخطاب، إن شاءت نكحته، و إن شاءت فلا. و إن أراد أن يراجعها، أشهد على رجعتها قبل أن تمضي أقراؤها، فتكون عنده على التطليقة الماضية».

1210/ [2]- قال: و قال أبو بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «هو قول الله عز و جل: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ التطليقة الثالثة تسريح بإحسان».

1211/ [3]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن العلة التي من أجلها لا تحل المطلقة للعدة لزوجها حتى تنكح زوجا غيره.

فقال: «إن الله عز و جل إنما أذن في الطلاق مرتين، فقال عز و جل: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ يعني في التطليقة الثالثة، و لدخوله فيما كره الله عز و جل له من الطلاق الثالث حرمها عليه، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، لئلا يوقع الناس في الاستخفاف بالطلاق، و لا تضار «1» النساء، فالمطلقة للعدة إذا رأت أول قطرة من الدم الثالث بانت به من زوجها، و لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره».

1212/ [4]- العياشي: عن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في الرجل إذا تزوج المرأة.

قال: «أقرت بالميثاق الذي أخذ الله: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ».

1213/ [5]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المرأة التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره: التي تطلق، ثم تراجع، ثم تطلق، ثم تراجع،

ثم تطلق الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره إن الله جل و عز يقول: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ و التسريح: هو التطليقة الثالثة».

1214/ [6]- قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ «2»: «هي هنا التطليقة الثالثة، فإن طلقها الأخير فلا جناح عليهما أن يتراجعا بتزويج جديد».

1215/ [7]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله يقول: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ و التسريح بالإحسان: التطليقة الثالثة».

1216/ [8]- عن سماعة بن مهران، قال سألته عن المرأة التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره.

__________________________________________________

2- التهذيب 8: 25 ذيل الحديث 82. [.....]

3- من لا يحضره الفقيه 3: 324/ 1570.

4- تفسير العيّاشي 1: 115/ 360.

5- تفسير العيّاشي 1: 116/ 361.

6- تفسير العيّاشي 1: 116/ 362.

7- تفسير العيّاشي 1: 116/ 363.

8- تفسير العيّاشي 1: 116/ 364.

(1) في المصدر: و لا يضارّوا.

(2) البقرة 2: 230.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 477

قال: «هي التي تطلق، ثم تراجع، ثم تطلق، ثم تراجع، ثم تطلق الثالثة، فهي التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره، و تذوق عسيلته «1»، و يذوق عسيلتها و هو قول الله: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ التسريح بالإحسان: التطليقة الثالثة».

1217/ [9]- عن أبي القاسم الفارسي، قال: قلت للرضا (عليه السلام): جعلت فداك، إن الله يقول في كتابه:

فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ما يعني بذلك؟

قال: «أما الإمساك بالمعروف فكف الأذى و إحباء «2» النفقة، و أما التسريح بإحسان فالطلاق على ما نزل به الكتاب».

قوله تعالى:

وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا

أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- افْتَدَتْ بِهِ [229] 1218/ [1]- علي بن إبراهيم: هذه الآية نزلت في الخلع.

1219/ [2]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الخلع لا يكون إلا أن تقول المرأة لزوجها: لا أبر لك قسما «3»، و لأخرجن بغير إذنك، و لأوطئن فراشك غيرك، و لا أغتسل لك من جنابة، أو تقول: لا أطيع لك أمرا أو تطلقني. فإذا قالت ذلك، فقد حل له أن يأخذ منها جميع ما أعطاها، و كل ما قدر عليه مما تعطيه من مالها، فإذا تراضيا على ذلك طلقها على طهر بشهود، فقد بانت منه بواحدة، و هو خاطب من الخطاب، فإن شاءت زوجته نفسها، و إن شاءت لم تفعل، فإن تزوجها فهي عنده على اثنتين باقيتين، و ينبغي له أن يشترط عليها كما اشترط صاحب المباراة: إذا ارتجعت في شي ء مما أعطيتني فأنا أملك ببضعك».

و قال: «لا خلع و لا مباراة و لا تخيير إلا على طهر، من غير جماع، بشهادة شاهدين عدلين، و المختلعة إذا تزوجت زوجا آخر ثم طلقها، تحل للأول أن يتزوج بها».

و قال: «لا رجعة للزوج على المختلعة و لا على المباراة، إلا أن يبدو للمرأة فيرد عليها ما أخذ منها».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 117/ 365.

1- تفسير القمّي 1: 75.

2- تفسير القمّي 1: 75.

(1) العسيلة: تصغير العسلة، و هي القطعة من العسل، فشبّه لذّة الجماع بذوق العسل. «مجمع البحرين- عسل- 5: 423».

(2) الإحباء: إعطاء الشي ء بغير عوض. «مجمع البحرين- حبا 1: 94».

(3) لا أبرّ لك قسما: لا أصدّقك. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 478

1220/ [3]-

ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن محمد بن حمران، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا قالت المرأة لزوجها جملة: لا أطيع لك أمرا. مفسرة أو غير مفسرة، حل له أن يأخذ «1» منها، و ليس له عليها رجعة».

1221/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته، و لا المرأة فيما تهب لزوجها، حيز أو لم يحز «2»، أليس الله تعالى يقول: وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً، و قال: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً «3»؟ و هذا يدخل في الصداق و الهبة».

1222/ [5]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا ينبغي لمن أعطى الله شيئا أن يرجع فيه، و ما لم يعط لله و في الله فله أن يرجع فيه، نحلة كانت أو هبة، حيزت أ و لم تحز «4»، و لا يرجع الرجل فيما يهب لا مرأته، و لا المرأة فيما تهب لزوجها. حيزت أ و لم تحز، أليس الله يقول: وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً، و قال: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً «5»».

1223/ [6]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المختلعة، كيف يكون خلعها؟

فقال: «لا يحل خلعها حتى تقول: و الله لا أبر لك قسما، و لا أطيع لك أمرا، و لأوطئن فراشك، و لأدخلن عليك بغير إذنك فإذا هي قالت ذلك حل خلعها، و أحل «6» له

ما أخذ منها من مهرها، و ما زاد، و هو قول الله: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ و إذا فعل ذلك فقد بانت منه بتطليقة، و هي أملك بنفسها، إن شاءت نكحته، و إن شاءت فلا، فإن نكحته فهي عنده على ثنتين».

قوله تعالى:

تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [229]

__________________________________________________

3- من لا يحضره الفقيه 3: 339/ 1633.

4- التهذيب 9: 152/ 624.

5- تفسير العيّاشي 1: 117/ 366.

6- تفسير العيّاشي 1: 117/ 367.

(1) في المصدر: حلّ له ما أخذ.

(2) في «ط»: جيز أو لم يجز.

(3) النساء 4: 4.

(4) في «ط»: «جيزت أو لم تجز» في الموضعين.

(5) النساء 4: 4.

(6) في المصدر: و حلّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 479

1224/ [1]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.

فقال: «إن الله غضب على الزاني فجعل له مائة جلدة، فمن غضب عليه فزاد، فأنا إلى الله منه بري ء فذلك قوله تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها».

سورة البقرة(2): آية 230 ..... ص : 479

قوله تعالى:

فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا- إلى قوله- إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ [230]

1225/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المثنى، عن عبد الكريم، عن الحسن الصيقل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، و تزوجها «1» رجل متعة، أ يحل له أن ينكحها؟ قال:

«لا، حتى تدخل في مثل ما خرجت منه».

1226/ [3]- أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المثنى، عن إسحاق بن عمار، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فتزوجها عبد ثم طلقها، هل يهدم الطلاق؟ قال:

«نعم، لقول الله عز و جل في كتابه: حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ «2»».

1227/ [4]- و عنه: عن الرزاز، عن أيوب بن نوح و أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، و محمد بن إسماعيل «3»، عن الفضل بن شاذان و حميد بن زياد، عن ابن سماعة، كلهم عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي __________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 117/ 368.

2- الكافي 5: 425/ 2.

3- الكافي 5: 425/ 3.

4- الكافي 6: 76/ 3. [.....]

(1) في المصدر: و يزوجها.

(2) في المصدر زيادة: و قال: «هو أحد الأزواج».

(3) في «ط»: عن محمّد بن إسماعيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 480

بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المرأة التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره؟ قال: «هي التي تطلق، ثم تراجع، ثم تطلق، ثم تراجع، ثم تطلق الثالثة، و هي التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره و يذوق عسيلتها».

1228/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل تزوج امرأة ثم طلقها فبانت، ثم تزوجها رجل آخر متعة، هل تحل لزوجها الأول؟ قال: «لا، حتى تدخل فيما خرجت منه».

1229/ [5]- عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن أيوب بن نوح،

عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن الحسن الصيقل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: رجل طلق امرأته، طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فتزوجها و جل متعة، أ تحل للأول؟ قال: «لا، لأن الله تعالى يقول: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا و المتعة ليس فيها طلاق».

1230/ [6]- و عنه: بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن محمد بن مضارب، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الخصي يحلل؟ قال: «لا يحلل».

1231/ [7]- أبو علي الطبرسي، قال: بين سبحانه حكم التطليقة الثالثة، فقال: فَإِنْ طَلَّقَها يعني التطليقة الثالثة، على ما روي عن أبي جعفر (عليه السلام).

1232/ [8]- العياشي: عن عبد الله بن فضالة، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل طلق امرأته عند قرئها تطليقة، ثم لم يراجعها، ثم طلقها عند قرئها الثالثة، فبانت منه، أله أن يراجعها؟ قال: «نعم».

قلت: قبل أن تتزوج زوجا غيره؟ قال: «نعم».

قلت: فرجل طلق امرأته تطليقة، ثم راجعها، ثم طلقها، ثم راجعها، ثم طلقها؟ قال: «لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره».

1233/ [9]- عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن طلاق التي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره؟

قال لي: «أخبرك بما صنعت أنا بامرأة كانت عندي، فأردت أن أطلقها، فتركتها حتى إذا طمثت ثم طهرت، طلقتها من غير جماع بشاهدين، ثم تركتها حتى إذا كادت أن تنقضي عدتها، راجعتها و دخلت بها و مسستها، و تركتها حتى طمثت و طهرت، ثم طلقتها من غير جماع بشاهدين، ثم

تركتها حتى إذا كادت أن تنقضي عدتها،

__________________________________________________

4- التهذيب 8: 33/ 102.

5- التهذيب 8: 34/ 103.

6- التهذيب 8: 34/ 104.

7- مجمع البيان 2: 580.

8- تفسير العيّاشي 1: 117/ 369.

9- تفسير العيّاشي 1: 118/ 370.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 481

راجعتها و دخلت بها و مسستها، ثم تركتها حتى طمثت و طهرت، ثم طلقتها بشهود من غير جماع، و إنما فعلت ذلك بها لأنه لم يكن لي فيها حاجة».

1234/ [10]- عن الحسن بن زياد، قال: سألته عن رجل طلق امرأته فتزوجت بالمتعة، أ تحل لزوجها الأول؟

قال: «لا، لا تحل له حتى تدخل في مثل الذي خرجت من عنده و ذلك قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ و المتعة ليس فيها طلاق».

1235/ [11]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن طلاق التي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. قال: «هو الذي يطلق، ثم يراجع- و الرجعة: هي الجماع- [ثم يطلق، ثم يراجع، ثم يطلق الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره و إلا فهي واحدة».

1236/ [12]- عن عمر بن حنظلة، عنه (عليه السلام)، قال: «إذا قال الرجل لا مرأته: أنت طالقة. ثم راجعها، ثم قال:

أنت طالقة، ثم راجعها، ثم قال: أنت طالقة. لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فإن طلقها و لم يشهد فهو يتزوجها إذا شاء».

1237/ [13]- محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل طلق امرأته، ثم تركها حتى انقضت عدتها، ثم تزوجها، ثم طلقها من غير أن يدخل بها، حتى فعل ذلك بها

ثلاثا. قال: «لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره».

1238/ [14]- عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فتزوجها عبد، ثم طلقها، هل يهدم الطلاق؟ قال: «نعم لقول الله: حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ و هو أحد الأزواج».

1239/ [15]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «إذا أراد الرجل الطلاق طلقها من قبل عدتها في غير جماع، فانه إذا طلقها واحدة ثم تركها حتى يخلو أجلها، و شاء أن يخطب مع الخطاب فعل، فإن راجعها قبل أن يخلو الأجل أو العدة فهي عنده على تطليقة، فإن طلقها الثانية، فشاء أيضا أن يخطب مع الخطاب، إن كان تركها حتى يخلو أجلها، و إن شاء راجعها قبل أن ينقضي أجلها، فإن فعل فهي عنده على تطليقتين، فإن طلقها ثلاثا فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، و هي ترث و تورث ما كانت في الدم في

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 118/ 371.

11- تفسير العيّاشي 1: 118/ 372.

12- تفسير العيّاشي 1: 118/ 373.

13- تفسير العيّاشي 1: 119/ 374.

14- تفسير العيّاشي 1: 119/ 375. [.....]

15- تفسير العيّاشي 1: 119/ 376.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 482

التطليقتين الأولتين».

سورة البقرة(2): آية 231 ..... ص : 482

قوله تعالى:

وَ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَ لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [231]

1240/ [1]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن المفضل بن صالح، [عن الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: وَ لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا. قال: «الرجل يطلق، حتى

إذا كاد أن يخلو أجلها راجعها، ثم طلقها، يفعل ذلك ثلاث مرات [فنهى الله عز و جل عن ذلك ».

1241/ [2]- عنه: بإسناده عن البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته ثم يراجعها، و ليس له فيها حاجة، ثم يطلقها، فهذا الضرار الذي نهى الله عز و جل عنه، إلا أن يطلق ثم يراجع و هو ينوي الإمساك».

1242/ [3]- (تفسير علي بن إبراهيم)، في معنى الآية، قال: إذا طلقها لم يجز له أن يراجعها إن لم يردها.

1243/ [4]- العياشي: عن زرارة و حمران ابني أعين، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالوا: سألناهما عن قوله: وَ لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا. فقالا: «هو الرجل يطلق المرأة تطليقة واحدة، ثم يدعها حتى إذا كان آخر عدتها راجعها، ثم يطلقها اخرى، فيتركها مثل ذلك، فنهى عن ذلك».

1244/ [5]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا. قال: «الرجل يطلق، حتى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها، ثم طلقها، ثم راجعها، يفعل ذلك ثلاث مرات، فنهى الله عنه».

__________________________________________________

1- من لا يحضره الفقيه 3: 323/ 1567.

2- من لا يحضره الفقيه 3: 3: 323/ 1567.

3- تفسير القمّي 1: 76.

4- تفسير العيّاشي 1: 119/ 377.

5- تفسير العيّاشي 1: 119/ 378.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 483

قوله تعالى:

وَ لا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً [231]

1245/ [1]- العياشي: عن عمرو بن جميع، رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «مكتوب في التوراة: من أصبح على الدنيا حزينا، فقد أصبح لقضاء الله ساخطا،

و من أصبح يشكو مصيبة نزلت به، فقد أصبح يشكو الله، و من أتى غنيا فتواضع لغناه، ذهب الله بثلثي دينه، و من قرأ القرآن من هذه الامة ثم دخل النار، فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا. و من لم يستشر يندم، و الفقر الموت الأكبر».

سورة البقرة(2): آية 232 ..... ص : 483

قوله تعالى:

وَ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ [232] 1246/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ: أي لا تحبسوهن: أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ يعني إذا رضيت المرأة بالتزويج الحلال.

قوله تعالى:

سورة البقرة(2): آية 233 ..... ص : 483

وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَ تَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما [233]

1247/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 120/ 379.

2- تفسير القمّي 1: 76.

3- الكافي 5: 443/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 484

عن حماد بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا رضاع بعد فطام».

قال: قلت: جعلت فداك، و ما الفطام؟ قال: «الحولان اللذان قال الله عز و جل».

1248/ [2]- عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها، و هي أحق بولدها إن ترضعه بما تقبله امرأة اخرى إن الله عز و جل يقول: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ». قال: «كانت امرأة منا ترفع يدها إلى زوجها، إذا أراد مجامعتها، تقول: لا أدعك، لأني أخاف أن أحمل على ولدي. و يقول الرجل: لا أجامعك، إني أخاف أن تعلقي «1»

فأقتل ولدي. فنهى الله عز و جل أن تضار المرأة الرجل، و أن يضار الرجل المرأة».

و أما قوله: وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فإنه نهى أن يضار بالصبي، أو يضار امه في الرضاعة، و ليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين، و إن أرادا فصالا عن تراض منهما قبل ذلك، كان حسنا، و الفصال: هو الفطام».

1249/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل و الحسين بن سعيد، جميعا، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ.

فقال: «كانت المراضع مما تدفع إحداهن الرجل إذا أراد الجماع، تقول: لا أدعك، إني أخاف أن أحبل، فأقتل ولدي هذا الذي أرضعه. و كان الرجل تدعوه المرأة، فيقول: أخاف أن أجامعك، فأقتل ولدي. فيدعها و لم يجامعها، فنهى الله عز و جل عن ذلك، أن يضار الرجل المرأة، و المرأة الرجل».

1250/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، نحوه، [و زاد]: و أما قوله: وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فإنه نهى أن يضار بالصبي، أو يضار امه في رضاعه، و ليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين، فإن أرادا فصالا عن تراض منهما و تشاور قبل ذلك، كان حسنا، و الفصال هو الفطام.

1251/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل

مات و ترك امرأته و معها منه ولد، فألقته على خادم لها، فأرضعته، ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصي. فقال: «لها أجر مثلها، و ليس للوصي أن يخرجه من حجرها حتى يدرك، و يدفع إليه ماله».

__________________________________________________

2- الكافي 6: 103/ 3.

3- الكافي 6: 41/ 6.

4- الكافي 6: 41/ 6.

5- الكافي 6: 41/ 7، التهذيب 8: 106/ 356.

(1) علقت المرأة: حبلت. «الصحاح- علق- 4: 1529». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 485

1252/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا ينبغي للرجل أن يمتنع من جماع المرأة فيضارها «1»، إذا كان لها ولد مرضع، و يقول لها: لا أقربك، فإني أخاف عليك الحبل فتقتلين ولدي، و كذلك المرأة لا يحل لها أن تمتنع على الرجل، فتقول: إني أخاف أن أحبل فأقتل ولدي فهذه المضارة في الجماع على الرجل و المرأة».

1253/ [7]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ، قال: لا تضار المرأة التي لها ولد و قد توفي زوجها، فلا يحل للوارث أن يضار أم الولد في النفقة، فيضيق عليها.

1254/ [8]- و قال علي بن إبراهيم أيضا: وَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، قال: يعني إذا مات الرجل و ترك ولدا رضيعا، لا ينبغي للوارث أن يضر بنفقة المولود الرضيع، و على الولي للمولود «2» أن يجري عليه بالمعروف.

1255/ [9]- العياشي: عن داود بن الحصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ.

قال: «ما دام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين بالسوية، فإذا فطم فالوالد أحق به [من الام،

فإذا مات الأب فالام أحق به من العصبة. و إن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم، و قالت الأم: لا أرضعه إلا بخمسة دراهم. فإن له أن ينزعه منها، إلا أن ذلك أجبر «3» له و أقدم و أرفق به أن يترك مع امه».

1256/ [10]- عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ. قال: «الجماع».

1257/ [11]- عن الحلبي، قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ.

قال: «كانت المرأة ممن ترفع يدها إلى الرجل، إذا أراد مجامعتها، فتقول: لا أدعك، إني أخاف أن أحمل على ولدي و يقول الرجل للمرأة: لا أجامعك، أني أخاف أن تعلقي، فأقتل ولدي فنهى الله عن أن يضار الرجل المرأة و المرأة الرجل».

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 76.

7- تفسير القمّي 1: 77.

8- تفسير القمّي 1: 76.

9- تفسير العيّاشي 1: 120/ 380.

10- تفسير العيّاشي 1: 120/ 381.

11- تفسير العيّاشي 1: 120/ 382.

(1) في المصدر: فيضارّ بها.

(2) في المصدر: بنفقة المولود بل ينبغي له.

(3) في المصدر: أخير، و نسخة بدل: أجير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 486

1258/ [12]- عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما، قال: سألته عن قوله: وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ. قال: «هو في النفقة، على الوارث مثل ما على الولد».

و عن جميل، عن سورة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

1259/ [13]- عن أبي الصباح، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ.

قال: «لا ينبغي للوارث أيضا أن يضار المرأة، فيقول: لا أدع ولدها يأتيها، و يضار ولدها إن كان لهم عنده

شي ء، و لا ينبغي له أن يقتر عليه».

1260/ [14]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها، و هي أحق بولدها أن ترضعه مما تقبله امرأة اخرى، إن الله يقول: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَ عَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ إنه نهى أن يضار بالصبي، أو يضار بامه في رضاعه، و ليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين، فإن أرادا الفصال قبل ذلك عن تراض منهما، كان حسنا، و الفصال: هو الفطام».

سورة البقرة(2): آية 234 ..... ص : 486

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً [234]

1261/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سيف، عن محمد بن سليمان، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، كيف صارت عدة المطلقة ثلاث حيض، أو ثلاثة أشهر، و عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر و عشرا؟

فقال: «أما عدة المطلقة ثلاثة قروء فلاستبراء الرحم من الولد، و أما عدة المتوفى عنها زوجها فإن الله عز و جل شرط للنساء شرطا، و شرط عليهن شرطا، فلم يحابهن «1» في ما شرط لهن، و لم يجر في ما شرط «2» عليهن فأما ما شرط لهن في الإيلاء أربعة أشهر، إذ يقول الله عز و جل:

__________________________________________________

12- تفسير العياشي 1: 121/ 383.

13- تفسير العياشي 1: 121/ 384.

14- تفسير العياشي 1: 121/ 385.

1- الكافي 6: 113/ 1.

(1) في المصدر: فلم يجأبهم. [.....]

(2) في المصدر: اشترط.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 487

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ «1» فلم يجوز لأحد أكثر من أربعة أشهر في الإيلاء، لعلمه تبارك و

تعالى أنه غاية صبر المرأة من الرجل.

و أما ما شرط عليهن، فإنه أمرها أن تعتد- إذا مات عنها زوجها- أربعة أشهر و عشرا، فأخذ منها له عند موته ما أخذ منه لها في حياته عند الإيلاء، قال الله تبارك و تعالى: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً و لم يذكر العشرة أيام في العدة إلا مع الأربعة أشهر، و علم أن غاية صبر المرأة الأربعة أشهر في ترك الجماع، فمن ثم أوجبه عليها و لها».

1262/ [2]- عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: جاءت امرأة إلى أبي عبد الله (عليه السلام) تستفتيه في المبيت «2» في غير بيتها، و قد مات زوجها.

فقال: «إن أهل الجاهلية كان إذا مات زوج المرأة أحدت «3» عليه امرأته اثني عشر شهرا، فلما بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) رحم ضعفهن، فجعل عدتهن أربعة أشهر و عشرا، و أنتن لا تصبرن على هذا!».

1263/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة يتوفى عنها زوجها، و تكون في عدتها، أ تخرج في حق؟

فقال: «إن بعض نساء النبي (صلى الله عليه و آله) سألته، فقالت: إن فلانة توفي عنها زوجها، فتخرج في حق ينوبها؟

فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): أف لكن، قد كنتن قبل أن ابعث فيكن، و إن المرأة منكن إذا توفي عنها زوجها، أخذت بعرة فرمت بها خلف ظهرها، ثم قالت: لا أمتشط و لا اكتحل و لا اختضب حولا كاملا،

و إنما أمرتكن بأربعة أشهر و عشر ثم لا تصبرن! لا تمتشط، و لا تكتحل، و لا تختضب، و لا تخرج من بيتها نهارا، و لا تبيت عن بيتها.

فقالت: يا رسول الله، فكيف تصنع إن عرض لها حق؟ فقال: تخرج بعد زوال الشمس «4»، و ترجع عند المساء، فتكون لم تبت عن بيتها».

قلت له: فتحج؟ قال: «نعم».

1264/ [4]- العياشي: عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية: وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً جئن النساء يخاصمن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قلن: لا نصبر. فقال لهن رسول الله (صلى الله عليه و آله): كانت إحداكن إذا مات زوجها، أخذت بعرة فألقتها خلفها في دويرتها، في خدرها، ثم قعدت، فإذا كان مثل ذلك اليوم من الحول، أخذتها ففتتها، ثم اكتحلت

__________________________________________________

2- الكافي 6: 117/ 10.

3- الكافي 6: 117/ 13.

4- تفسير العيّاشي 1: 121/ 386.

(1) البقرة 2: 226.

(2) في «ط» نسخة بدل: التبييت.

(3) أحدّت المرأة: امتنعت عن الزّينة و الخضاب بعد وفاة زوجها. «الصحاح- حدد- 2: 463».

(4) في المصدر: زوال الليل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 488

بها، ثم تزوجت، فوضع الله عنكن ثمانية أشهر».

1265/ [5]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في امرأة توفي عنها زوجها لم يمسها. قال: «لا تنكح حتى تعتد أربعة أشهر و عشرا، عدة المتوفى عنها زوجها».

1266/ [6]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله: مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ «1».

قال: «منسوخة، نسختها: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً، و نسختها آية الميراث».

1267/ [7]-

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، كيف صارت عدة المطلقة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر، و صارت عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر و عشرا؟

فقال: «أما عدة المطلقة ثلاثة قروء، فلأجل استبراء الرحم من الولد، و أما عدة المتوفى عنها زوجها، فإن الله شرط للنساء شرطا و شرط عليهن شرطا فلم يحابهن «2» فيما شرط لهن، و لم يجر فيما شرط عليهن أما ما شرط لهن ففي الإيلاء أربعة أشهر إذ يقول: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ «3» فلن يجوز لأحد أكثر من أربعة أشهر في الإيلاء، لعلمه تبارك و تعالى أنها غاية صبر المرأة عن الرجل.

و أما ما شرط عليهن فإنه أمرها أن تعتد إذا مات زوجها أربعة أشهر و عشرا، فأخذ له منها عند موته، ما أخذ لها منه في حياته».

سورة البقرة(2): آية 235 ..... ص : 488

قوله تعالى:

وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَ لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ [235]

1268/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 122/ 387.

6- تفسير العيّاشي 1: 122/ 388.

7- تفسير العيّاشي 1: 122/ 389.

1- الكافي 5: 434/ 1.

(1) البقرة 2: 240.

(2) في المصدر: فلم يجر. [.....]

(3) البقرة 2: 226.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 489

أبي عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً.

قال: «هو الرجل يقول للمرأة قبل أن تنقضي عدتها:

أواعدك بيت آل فلان. ليعرض لها بالخطبة. و يعني بقوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً التعريض بالخطبة «1»، و لا يعزم عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله».

1269/ [2]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَ لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ.

فقال: «السر أن يقول الرجل: موعدك بيت آل فلان، ثم يطلب إليها أن لا تسبقه بنفسها، إذا انقضت عدتها».

قلت: فقوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً؟ قال: «هو طلب الحلال في غير أن يعزم عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله».

1270/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا.

قال: «يقول الرجل: أواعدك بيت آل فلان. يعرض لها بالرفث و يرفث يقول الله عز و جل: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً و القول المعروف: التعريض بالخطبة على وجهها و حلها وَ لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ».

1271/ [4]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن غير واحد، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً.

قال: «يلقاها فيقول: إني فيك لراغب، و إني للنساء لمكرم، فلا

تسبقيني بنفسك. و السر: لا يخلو معها حيث وعدها».

1272/ [5]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً.

قال: «هو طلب الحلال: وَ لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ أليس الرجل يقول للمرأة قبل أن تنقضي عدتها: موعدك بيت فلان. ثم طلب إليها ألا تسبقه بنفسها، إذا انقضت عدتها؟».

__________________________________________________

2- الكافي 5: 434/ 2.

3- الكافي 5: 435/ 3.

4- الكافي 5: 435/ 4.

5- تفسير العيّاشي 1: 122/ 390.

(1) في «س»: التعرّض للنكاح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 490

قلت: فقوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً؟ قال: «هو طلب الحلال في غير أن يعزم عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله».

1273/ [6]- و في خبر رفاعة، عنه (عليه السلام)، قَوْلًا مَعْرُوفاً، قال: «يقول خيرا».

1274/ [7]- و في رواية أبي بصير، عنه (عليه السلام) لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا. قال: «هو قول الرجل للمرأة قبل أن تنقضي عدتها: أواعدك بيت آل فلان، أو أعدك بيت فلان. لترفث و يرفث معها».

1275/ [8]- و في رواية عبد الله بن سنان، قال: أبو عبد الله (عليه السلام): «هو الرجل يقول للمرأة قبل أن تنقضي عدتها: موعدك بيت آل فلان. ثم يطلب إليها أن لا تسبقه بنفسها، إذا انقضت عدتها».

1276/ [9]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً. قال: «المرأة في عدتها تقول لها قولا جميلا ترغبها في نفسك، و لا تقول: إني أصنع كذا، و أصنع كذا.

القبيح من الأمر في البضع، و كل أمر قبيح».

1277/ [10]- عن مسعدة بن صدقة،

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً.

قال: «يقول الرجل للمرأة و هي في عدتها: يا هذه، لا أحب إلا ما أسرك، و لو قد مضى عدتك لا تفوتيني إن شاء الله، فلا تسبقيني بنفسك. و هذا كله من غير أن يعزموا عقدة النكاح».

سورة البقرة(2): آية 236 ..... ص : 490

قوله تعالى:

لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [236]

1278/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يطلق امرأته، أ يمتعها؟ قال: «نعم، أما يحب أن يكون من المحسنين، أما يحب أن يكون من المتقين؟».

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 123/ 391.

7- تفسير العيّاشي 1: 123/ 392.

8- تفسير العيّاشي 1: 123/ 393.

9- تفسير العيّاشي 1: 123/ 394.

10- تفسير العيّاشي 1: 123/ 395.

1- الكافي 6: 104/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 491

1279/ [2]- عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها. قال: «عليه نصف المهر، إن كان فرض لها شيئا، و إن لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها على نحو ما يمتع مثلها من النساء».

1280/ [3]- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن رجل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يريد أن يطلق امرأته قبل أن يدخل. قال: «يمتعها قبل أن يطلقها، فإن الله تعالى قال: وَ مَتِّعُوهُنَّ

عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ».

1281/ [4]- عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يطلق امرأته. قال: «يمتعها قبل أن يطلق فإن الله سبحانه و تعالى يقول:

وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ».

1282/ [5]- العياشي: عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يطلق امرأته، أ يمتعها؟

فقال: «نعم، أما تحب أن تكون من المحسنين أما تحب أن تكون من المتقين؟!».

1283/ [6]- عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا طلق الرجل امرأته قبل ان يدخل بها، فلها نصف مهرها، و إن لم يكن سمى لها مهرا فمتاع بالمعروف على الموسع قدره، و على المقتر قدره، و ليس لها عدة، و تتزوج من شاءت من ساعتها».

1284/ [7]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الموسع يمتع بالعبد و الأمة، و المعسر يمتع بالحنطة و الزبيب و الثوب و الدراهم- قال-: إن الحسن بن علي (عليهما السلام) متع امرأة طلقها أمة، و لم يكن يطلق امرأة إلا متعها بشي ء».

1285/ [8]- عن ابن بكير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ما قدر الموسع و المقتر؟ قال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يمتع براحلته» يعني حملها الذي عليها.

1286/ [9]- عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل يريد أن يطلق امرأته. قال: «يمتعها قبل أن يطلقها

__________________________________________________

2- الكافي 6: 106/ 3.

3- التهذيب 8: 141/ 489. [.....]

4- التهذيب 8: 142/ 492.

5- تفسير العيّاشي 1: 124/ 396.

6- تفسير العيّاشي 1:

124/ 397.

7- تفسير العيّاشي 1: 124/ 398 و 399.

8- تفسير العيّاشي 1: 124/ 400.

9- تفسير العيّاشي 1: 124/ 401.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 492

قال الله في كتابه وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ».

و سيأتي إن شاء الله تعالى في ما على الموسع و المقتر زيادة على ذلك في قوله تعالى: وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ «1».

سورة البقرة(2): آية 237 ..... ص : 492

قوله تعالى:

وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [237]

1287/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار و أبي العباس محمد بن جعفر الرزاز، [عن أيوب بن نوح «2» عن ابن سماعة، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فقد بانت منه، و تتزوج إن شاءت من ساعتها، و إن كان فرض لها مهرا فلها نصف المهر، و إن لم يكن فرض لها مهرا فليمتعها».

1288/ [2]- صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، و علي بن إبراهيم، عن أبيه و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عثمان بن عيسى، عن سماعة، جميعا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ.

قال: «هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصى إليه، و الذي يجوز

أمره في مال المرأة، فيبتاع لها فتجيز، فإذا عفا فقد جاز».

1289/ [3]- عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها. قال: «عليه نصف المهر، إن كان فرض لها شيئا، و إن لم يكن فرض لها، فليمتعها على نحو ما يمتع مثلها من النساء».

قال: و قال في قول الله عز و جل: أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ، قال: «هو الأب و الأخ و الرجل

__________________________________________________

1- الكافي 6: 106/ 1.

2- الكافي 6: 106/ 2.

3- الكافي 6: 106/ 3.

(1) يأتي في الأحاديث (1- 10) من تفسير الآية (241) من سورة البقرة.

(2) أثبتناه من المصدر، و هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 3: 263.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 493

يوصى إليه، و الرجل يجوز أمره في مال المرأة، فيبيع لها و يشتري، فإذا عفا فقد جاز».

1290/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها. قال: «عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئا، و إن لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها على نحو ما يمتع مثلها من النساء».

1291/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يأتي على الناس زمان عضوض «1»، يعض كل امرئ على ما في يديه، و ينسى الفضل و قد قال الله عز و جل:

وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ينبري في ذلك الزمان أقوام «2» يعاملون المضطرين، هم شرار الخلق».

1292/ [6]- الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن معاوية بن وهب، عن أبي أيوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يأتي على الناس زمان عضوض، يعض كل امرئ على ما في يده، و ينسى الفضل، و قد قال الله عز و جل: وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ و لا ينبري في ذلك الزمان أقوام، يبايعون المضطرين، أولئك هم شرار الناس».

1293/ [7]- عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الذي بيده عقدة النكاح هو ولي أمرها».

1294/ [8]- و عنه: بإسناده عن فضالة، عن رفاعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذي بيده عقدة النكاح. قال: «الولي الذي يأخذ بعضا و يترك بعضا، و ليس له ان يدع كله».

1295/ [9]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، أو غيره، عن صفوان، عن عبد الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الذي بيده عقدة النكاح. قال: «هو الأب و الأخ و الرجل يوصى إليه، و الذي يجوز أمره في مال المرأة، فيبتاع لها و يشتري، فأي هؤلاء عفا فقد جاز».

1296/ [10]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير، و علاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، كليهما عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الذي بيده عقدة النكاح. قال:

__________________________________________________

4- الكافي 6: 108/ 11.

5- الكافي 5:

310/ 28.

6- التهذيب 7: 18/ 80. [.....]

7- التهذيب 7: 392/ 1570.

8- التهذيب 7: 392/ 1572.

9- التهذيب 7: 393/ 1573.

10- التهذيب 7: 484/ 1946.

(1) أي يصيب الرعية فيه عسف و ظلم، كأنّهم يعضّون فيه عضّا. «النهاية 3: 253».

(2) في المصدر: قوم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 494

«هو الأب و الأخ و الموصى إليه، و الذي يجوز أمره في مال المرأة من قرابتها، فيبيع لها و يشتري- قال-: فأي هؤلاء عفا، فهو «1» جائز في المهر، إذا عفا عنه».

1297/ [11]- و عنه: بإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل قبض صداق ابنته من زوجها، ثم مات، هل لها أن تطالب زوجها بصداقها أو قبض أبيها قبضها؟

فقال (عليه السلام): «إن كانت و كلته يقبض صداقها من زوجها، فليس لها أن تطالبه، و إن لم تكن وكلته فلها ذلك، و يرجع الزوج على ورثة أبيها بذلك، إلا أن تكون صبية في حجره، فيجوز لأبيها أن يقبض عنها، و متى طلقها قبل الدخول بها، فلأبيها أن يعفو عن بعض الصداق، و يأخذ بعضا، و ليس له أن يدع ذلك كله، و ذلك قول الله عز و جل:

إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ يعني الأب و الذي توكله المرأة و توليه أمرها من أخ أو قرابة أو غيرهما».

1298/ [12]- العياشي: عن اسامة بن حفص، عن موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: سله عن رجل يتزوج المرأة و لم يسم لها مهرا. قال: لها الميراث، و عليها العدة، و لا مهر لها- و قال-: أ ما تقرأ ما قال الله في كتابه:

وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ

قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ».

1299/ [13]- عن منصور بن حازم، قال: قلت له: رجل تزوج امرأة و سمى لها صداقا ثم مات عنها و لم يدخل بها؟ قال: «لها المهر كاملا، و لها الميراث».

قلت: فإنهم رووا عنك أن لها نصف المهر؟ قال: «لا يحفظون عني، إنما ذلك للمطلقة».

1300/ [14]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الذي بيده عقدة النكاح هو ولي أمره».

1301/ [15]- عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في قوله: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ. قال: «هو الولي و الذين يعفون عن «2» الصداق أو يحطون منه «3» بعضه أو كله».

1302/ [16]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ.

__________________________________________________

11- التهذيب 6: 215/ 507.

12- تفسير العيّاشي 1: 124/ 402.

13- تفسير العيّاشي 1: 125/ 403.

14- تفسير العيّاشي 1: 125/ 404.

15- تفسير العيّاشي 1: 125/ 405.

16- تفسير العيّاشي 1: 125/ 406.

(1) في المصدر: فعفوه.

(2) في المصدر: عند. [.....]

(3) في المصدر: عنه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 495

قال: «هو الأب و الأخ الموصى إليه «1»، و الذي يجوز أمره في مال المرأة، فيبتاع لها و يشتري، فأي هؤلاء عفا فقد جاز».

1303/ [17]- عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الذي بيده عقدة النكاح هو الولي الذي أنكح، يأخذ بعضا و يدع بعضا، و ليس له أن يدع كله».

1304/ [18]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ.

قال: «هو الأخ

و الأب و الرجل يوصى إليه، و الذي يجوز أمره في مال بقيمته «2»».

قلت له: أ رأيت إن قالت: لا أجيز. ما يصنع؟ قال: «ليس ذلك لها، أ تجيز بيعه في مالها، و لا تجيز هذا؟!».

1305/ [19]- عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الذي بيده عقدة النكاح. فقال: «هو الذي يزوج، يأخذ بعضا و يترك بعضا، و ليس له أن يترك كله».

1306/ [20]- عن إسحاق بن عمار، قال: سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قول الله: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ.

قال: المرأة تعفو عن نصف الصداق».

قلت: أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ؟ قال: «أبوها إذا عفا جاز له، و أخوها إذا كان يقيم بها، و هو القائم عليها، و هو بمنزلة الأب يجوز له، و إذا كان الأخ لا يقيم بها، و لا يقوم عليها، لم يجز عليها أمره».

1307/ [21]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ. قال: «الذي يعفو عن الصداق أو يحط بعضه أو كله».

1308/ [22]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ. قال: «هو الأب و الأخ و الرجل الذي يوصى إليه، و الذي يجوز أمره في مال المرأة، فيبتاع لها و يشتري، فأي هؤلاء عفا فقد جاز».

قلت: أ رأيت إن قالت: لا أجيز. ما يصنع؟ قال: «ليس لها ذلك، أ تجيز بيعه في مالها، و لا تجيز هذا؟!».

1309/ [23]- عن بعض بني عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في مال اليتيم يعمل به الرجل. قال: «ينيله من الربح شيئا إن الله يقول: وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ

بَيْنَكُمْ».

__________________________________________________

17- تفسير العيّاشي 1: 125/ 407.

18- تفسير العيّاشي 1: 125/ 408.

19- تفسير العيّاشي 1: 126/ 409.

20- تفسير العيّاشي 1: 126/ ه 41.

21- تفسير العيّاشي 1: 126/ 411.

22- تفسير العيّاشي 1: 126/ 412.

23- تفسير العيّاشي 1: 126/ 413.

(1) في «ط» نسخة بدل: و الذي يوصى إليه.

(2) في المصدر: بقيمة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 496

1310/ [24]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يأتي على الناس زمان عضوض، يعض كل امرئ على ما في يديه، و ينسون الفضل بينهم قال الله: وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ»

سورة البقرة(2): آية 238 ..... ص : 496

قوله تعالى:

حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ [238]

1311/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عما فرض الله عز و جل من الصلاة. فقال: خمس صلوات في الليل و النهار».

فقلت: فهل سماهن الله و بينهن في كتابه؟

قال: «نعم، قال الله تبارك و تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله): أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ «1»، و دلوكها: زوالها، ففي ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات سماهن و بينهن و وقتهن، و غسق الليل: هو انتصافه، ثم قال تبارك و تعالى: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً «2»، فهذه الخامسة.

و قال الله تعالى في ذلك: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ، و طرفاه: المغرب و الغداة وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ «3»،

و هي صلاة العشاء الآخرة، و قال الله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى و هي صلاة الظهر، و هي أول صلاة صلاها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هي وسط النهار، و وسط صلاتين بالنهار: صلاة الغداة، و صلاة العصر».

و في بعض القراءات: «حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى صلاة العصر و قوموا لله قانتين».

قال: «و نزلت هذه الآية يوم الجمعة، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في سفره، فقنت فيها رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تركها على حالها في السفر و الحضر، و أضاف للمقيم ركعتين، و إنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي (صلى الله عليه و آله) يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الإمام، فمن صلى يوم الجمعة في غير

__________________________________________________

24- تفسير العيّاشي 1: 126/ 414.

1- الكافي 3: 271/ 1.

(1) الإسراء 17: 78.

(2) الإسراء 17: 78. [.....]

(3) هود 11: 114.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 497

جماعة، فليصلها أربع ركعات كصلاة الظهر في سائر الأيام».

1312/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي المغرا حميد بن المثنى العجلي، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «صلاة الوسطى صلاة الظهر، و هي أول صلاة أنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله)».

1313/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قرأ: «حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى صلاة العصر و قوموا لله قانتين».

1314/ [4]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي

جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: الصلاة الوسطى؟

فقال: «حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى و صلاة العصر و قوموا لله قانتين. و الوسطى: هي الظهر، و كذلك كان يقرأها رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

1315/ [5]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى و الوسطى: هي أول صلاة صلاها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هي وسط صلاتين بالنهار: صلاة الغداة، و صلاة العصر، و قوموا لله قانتين في الصلاة الوسطى».

و قال: «نزلت هذه الآية يوم الجمعة، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في سفر فقنت فيها و تركها على حالها في السفر و الحضر، و أضاف لمقامه ركعتين، و إنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الإمام، فمن صلى الجمعة في غير الجماعة، فليصلها أربعا كصلاة الظهر في سائر الأيام».

قال: قوله: وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ قال: «مطيعين راغبين».

1316/ [6]- عن زرارة، و محمد بن مسلم، أنهما سألا أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى قال: «صلاة الظهر و فيها فرض الله الجمعة، و فيها الساعة التي لا يوافقها عبد مسلم فيسأل خيرا إلا أعطاه الله إياه».

1317/ [7]- عن عبد الله بن سنان: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصلاة الوسطى: الظهر وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ إقبال الرجل على صلاته، و محافظته على وقتها حتى لا يلهيه عنها و لا يشغله شي ء».

1318/ [8]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصلاة الوسطى: هي الوسطى من صلاة

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 331/ 1.

3- تفسير القمّي 1: 79.

4- تفسير العيّاشي 1:

127/ 415.

5- تفسير العيّاشي 1: 127/ 416.

6- تفسير العيّاشي 1: 127/ 417.

7- تفسير العيّاشي 1: 127/ 418.

8- تفسير العيّاشي 1: 128/ 419.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 498

النهار، و هي الظهر، و إنما يحافظ أصحابنا على الزوال من أجلها».

1319/ [9]- و في رواية سماعة: وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ قال: «هو الدعاء».

1320/ [10]- عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ. قال: «الصلوات: رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين (سلام الله عليهم)، و الوسطى: أمير المؤمنين وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ طائعين للأئمة».

1321/ [11]- أبو علي الطبرسي، قال: القنوت: هو الدعاء في الصلاة حال القيام. و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة البقرة(2): آية 239 ..... ص : 498

قوله تعالى:

فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً [239]

1322/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً كيف يصلي، و ما يقول إذا خاف من سبع أو لص، كيف يصلي؟ قال: «يكبر و يومئ إيماء برأسه».

1323/ [2]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن صلاة الموافقة «1».

فقال: «فإذا لم يكن النصف «2» من عدوك صليت إيماء، راجلا كنت أو راكبا، فإن الله يقول: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً تقول في الركوع: لك ركعت و أنت ربي. و في السجود: لك سجدت و أنت ربي. أينما توجهت بك دابتك، غير

أنك توجه حين تكبر أول تكبيرة».

1324/ [3]- عن أبان بن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فات أمير المؤمنين (عليه السلام) و الناس يوما [بصفين - يعني صلاة الظهر و العصر و المغرب و العشاء- فأمرهم أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يسبحوا و يكبروا و يهللوا قال: و قال الله: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فأمرهم علي (عليه السلام) فصنعوا ذلك ركبانا و رجالا».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 128/ 420.

10- تفسير العيّاشي 1: 128/ 421.

11- مجمع البيان 2: 600.

1- الكافي 3: 457/ 6.

2- تفسير العيّاشي 1: 128/ 422.

3- تفسير العيّاشي 1: 128/ 423. [.....]

(1) المواقفة: المحاربة. «مجمع البحرين- وقف- 5: 130».

(2) أي الإنصاف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 499

و رواه الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فات الناس الصلاة مع علي (عليه السلام) يوم صفين» إلى آخره.

1325/ [1]- عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً كيف يفعل، و ما يقول، و من يخاف سبعا أو لصا، كيف يصلي؟ قال: «يكبر و يومئ إيماء برأسه».

1326/ [2]- عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في صلاة الزحف، قال: «يكبر و يهلل يقول: الله أكبر.

يقول الله: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً»

سورة البقرة(2): آية 240 ..... ص : 499

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ [240]

1327/ [3]- العياشي: عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، قال: سألته عن قول الله: وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ. قال: «منسوخة، نسختها آية: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً «1»،

و نسختها آية الميراث».

1328/ [4]- عن أبي بصير، قال: سألته عن قول الله: وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ. قال: «هي منسوخة».

قلت: و كيف كانت؟ قال: «كان الرجل إذا مات أنفق على امرأته من صلب المال حولا، ثم أخرجت بلا ميراث، ثم نسختها آية الربع و الثمن، فالمرأة ينفق عليها من نصيبها».

سورة البقرة(2): آية 241 ..... ص : 499

قوله تعالى:

وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [241]

1329/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 128/ 424.

2- تفسير العيّاشي 1: 129/ 425.

3- تفسير العيّاشي 1: 129/ 426.

4- تفسير العيّاشي 1: 129/ 427.

5- الكافي 6: 104/ 1.

(1) البقرة 2: 234.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 500

أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يطلق امرأته، أ يمتعها؟ قال: «نعم، أما يحب أن يكون من المحسنين، أما يحب أن يكون من المتقين».

1330/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن البزنطي، قال: ذكر بعض أصحابنا: أن متعة المطلقة فريضة.

1331/ [3]- أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. قال: «متاعها بعد ما تنقضي عدتها، على الموسع قدره، و على المقتر قدره، و كيف يمتعها و هي في عدتها، ترجوه و يرجوها، و يحدث الله بينهما ما يشاء؟!».

قال: «إذا كان الرجل موسعا عليه، متع امرأته بالعبد و الأمة، و المقتر يمتع بالحنطة «1» و الزبيب و الثوب و الدرهم، و إن

الحسن بن علي (عليهما السلام) متع امرأة بأمة، و لم يطلق امرأة إلا متعها».

1332/ [4]- عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد، عن عبد الله بن سنان، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، جميعا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ.

قال: «متاعها بعد ما تنقضي عدتها، على الموسع قدره، و على المقتر قدره- و قال-: كيف يمتعها في عدتها، و هي ترجوه و يرجوها، و يحدث الله ما يشاء؟ أما إن الرجل الموسع يمتع المرأة بالعبد و الأمة، و يمتع الفقير بالحنطة «2» و الزبيب و الثوب و الدراهم، و إن الحسن بن علي (عليهما السلام) متع امرأة طلقها بأمة، و لم يكن يطلق امرأة إلا متعها».

و عنه، عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله، إلا أنه قال: «و كان الحسن بن علي (عليهما السلام) يمتع نساءه بالأمة».

1333/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ما أدنى ذلك المتاع، إذا كان معسرا لا يجد؟

قال: خمار، أو شبهه».

__________________________________________________

2- الكافي 6: 105/ 2.

3- الكافي 6: 105/ 3.

4- الكافي 6: 105/ 4.

5- الكافي 6: 105/ 5.

(1) في المصدر زيادة: و الشعير.

(2) في المصدر نسخة بدل: بالتمر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 501

1334/ [6]- الشيخ: بإسناده عن

صفوان بن يحيى، عن عبد الله، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) «1»: وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ما أدنى ذلك المتاع، إذا كان الرجل معسرا لا يجد؟

قال: «الخمار و شبهه».

1335/ [7]- العياشي: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ: ما أدنى ذلك المتاع، إذا كان الرجل معسرا لا يجد؟

قال: «الخمار و شبهه».

1336/ [8]- و عنه: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. قال: «متاعها بعد ما تنقضي عدتها، على الموسع قدره، و على المقتر قدره، أما في عدتها، فكيف يمتعها و هي ترجوه و يرجوها، و يجري الله بينهما ما يشاء؟! أما و إن الرجل الموسر يمتع المرأة العبد و الأمة، و يمتع الفقير الحنطة و الزبيب و الثوب و الدراهم، و إن الحسن بن علي (عليهما السلام) متع امرأة كانت له بأمة، و لم يطلق امرأة إلا متعها».

1337/ [9]- و عنه، قال: و قال الحلبي: متاعها بعد ما تنقضي عدتها، على الموسع قدره، و على المقتر قدره.

1338/ [10]- و عنه: عن أبي عبد الله و أبي الحسن موسى (عليهما السلام)، [قال: سألت أحدهما] عن المطلقة مالها من المتعة؟ قال: «على قدر مال زوجها».

1339/ [11]- و عنه: عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله «2» (عليه السلام)، عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها.

قال: فقال: «إن كان سمى لها مهرا، فلها نصف المهر، و لا عدة عليها، و إن لم يكن سمى لها مهرا، فلا مهر لها و لكن يمتعها فإن الله يقول

في كتابه: وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ».

__________________________________________________

6- التهذيب 8: 140/ 486.

7- تفسير العيّاشي 1: 129/ 427.

8- تفسير العيّاشي 1: 129/ 429.

9- تفسير العيّاشي 1: 130/ 430.

10- تفسير العيّاشي 1: 130/ 431.

11- تفسير العيّاشي 1: 130/ 432.

(1) في «س»: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و هو يروي عن كليهما، كما في معجم رجال الحديث 21: 45، لكن الظاهر صحّة ما في المصدر و «ط»، بقرينة الحديثين (5) و (7).

(2) في «ط» و «س» عن أبي الحسن (عليه السّلام)، و ما أثبتناه من المصدر، و لم تذكّر للحسن بن زياد رواية عن أبي الحسن (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 4: 330.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 502

1340/ [12]- و عنه: قال أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا «1»: إن متعة المطلقة فريضة

سورة البقرة(2): آية 243 ..... ص : 502

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ [243] 1341/ [1]

- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، و غيره، عن بعضهم، [عن أبي عبد الله (عليه السلام)] «2»، و بعضهم عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ.

فقال: «إن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام، و كانوا سبعين ألف بيت، و كان الطاعون يقع فيهم في كل أوان، فكانوا إذا أحسوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوتهم، و بقي فيها الفقراء

لضعفهم، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا، و يقل في الذين خرجوا. فيقول الذين خرجوا: لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت، و يقول الذين أقاموا: لو كنا خرجنا لقل فينا الموت».

قال: «فاجتمع رأيهم جميعا، أنه إذا وقع الطاعون فيهم و أحسوا به خرجوا كلهم من المدينة، فلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميعا، و تنحوا عن الطاعون، حذر الموت، فساروا في البلاد ما شاء الله، ثم إنهم مروا بمدينة خربة قد جلا عنها أهلها و أفناهم الطاعون، فنزلوا بها، فلما حطوا رحالهم و اطمأنوا بها، قال الله عز و جل: موتوا جميعا. فماتوا من ساعتهم، و صاروا رميما يلوح. و كانوا على طريق المارة، فكنستهم المارة، فنحوهم، و جمعوهم في موضع، فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل، يقال له: حزقيل، فلما رأى تلك العظام بكى و استعبر، و قال: يا رب، لو شئت لأحييتهم الساعة، كما أمتهم، فعمروا بلادك، و ولدوا عبادك، و عبدوك مع من يعبدك من خلقك.

فأوحى الله تعالى إليه أ فتحب ذلك؟ قال: نعم- يا رب- فأحيهم».

قال: «فأوحى الله عز و جل إليه، أن قل كذا و كذا. فقال الذي أمره الله عز و جل أن يقوله- فقال أبو عبد الله (عليه السلام): و هو الاسم الأعظم- فلما قال حزقيل ذلك الكلام، نظر إلى العظام يطير بعضها إلى بعض، فعادوا

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 1: 130 ذيل الحديث 432، التهذيب 8: 141/ 490.

1- الكافي 8: 198/ 237.

(1) في التهذيب زيادة: عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال.

(2) أثبتناه من المصدر، و ذكر السيد الخوئي في (تفصيل طبقات الرواة): أنى عمر بن يزيد روى عن بعضهم، عن أبي عبد اللّه، و أبي جعفر (عليهما السّلام)، و

روى عنه ابن محبوب. معجم رجال الحديث 13: 384.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 503

أحياء ينظر بعضهم إلى بعض، يسبحون الله عز و جل، و يكبرونه، و يهللونه. فقال حزقيل عند ذلك: أشهد أن الله على كل شي ء قدير».

قال عمر بن يزيد: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فيهم نزلت هذه الآية».

1342/ [2]- العياشي: عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: حدثني عن قول الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ قلت: أحياهم حتى نظر الناس إليهم، ثم أماتهم من يومهم، أو ردهم إلى الدنيا حتى سكنوا الدور، و أكلوا الطعام، و نكحوا النساء؟

قال: بل ردهم الله حتى سكنوا الدور، و أكلوا الطعام، و نكحوا النساء، و لبثوا بذلك ما شاء الله، ثم ماتوا بآجالهم».

و روى هذا الحديث سعد بن عبد الله، بإسناده عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1».

1343/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج) في حديث عن الصادق (عليه السلام) قال: أحيا الله قوما خرجوا من أوطانهم هاربين من الطاعون، لا يحصى عددهم، فأماتهم الله دهرا طويلا حتى بليت عظامهم، و تقطعت أوصالهم، و صاروا ترابا، فبعث الله- في وقت أحب أن يري خلقه قدرته- نبيا، يقال له: حزقيل فدعاهم فاجتمعت أبدانهم، و رجعت فيها أرواحهم، و قاموا كهيئة يوم ماتوا، لا يفتقدون من أعدادهم رجلا، فعاشوا بعد ذلك دهرا طويلا».

سورة البقرة(2): آية 245 ..... ص : 503

قوله تعالى:

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً [245]

1344/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن عيسى بن سليمان النحاس، عن المفضل بن

عمر، عن الخيبري و يونس بن ظبيان، قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما من شي ء أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام، و إن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل احد- ثم قال-:

إن الله تعالى يقول في كتابه: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً- قال-: هو- و الله- في صلة الإمام».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 130/ 433.

3- الاحتجاج: 344. [.....]

1- الكافي 1: 45/ 2.

(1) مختصر بصائر الدرجات: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 504

1345/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لما نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه و آله): مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها «1» قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم زدني، فأنزل اللّه و تعالى عليه: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «2»، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله):

اللهم زدني. فأنزل الله تبارك و تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً فعلم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن الكثير من الله عز و جل لا يحصى، و ليس له منتهى».

1346/ [3]- العياشي: عن علي بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما نزلت هذه الآية: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها «3» قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): رب زدني. فأنزل الله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «4»، فقال رسول الله (صلى

الله عليه و آله): رب زدني. فأنزل الله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً و الكثيرة عند الله لا تحصى».

1347/ [4]- عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً؟

قال: «هي صلة الإمام».

1348/ [5]- عن محمد بن عيسى بن زياد، قال: كنت في ديوان ابن عباد، فرأيت كتابا ينسخ فسألت عنه، فقالوا: كتاب الرضا إلى ابنه (عليهما السلام) من خراسان فسألتهم أن يدفعوه إلي، فإذا فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، أبقاك الله طويلا، و أعاذك من عدوك- يا ولدي، فداك أبوك- قد فسرت «5» لك ما لي و أنا حي سوي، رجاء أن ينميك «6» الله بالصلة لقرابتك، و لموالي موسى و جعفر (رضي الله عنهما)، فأما سعيدة «7» فإنها امرأة قوية الجزم في النحل، و الصواب في دقة النظر «8»، و ليس ذلك كذلك: قال الله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً،

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 397/ 54.

3- تفسير العياشي 1: 131/ 434.

4- تفسير العياشي 1: 131/ 435.

5- تفسير العياشي 1: 131/ 436.

(1) النمل 27: 89، القصص 28: 84.

(2) الأنعام 6: 160.

(3) النمل 27: 89، القصص 28: 84.

(4) الأنعام 6: 160.

(5) كذا في «س، ط» و المصدر، و لعلها تصحيف، قسمت، أو خيرت، أي: فوضت.

(6) في المصدر: يمنك.

(7) سعيدة: كانت من ثقات الامام الكاظم (عليه السلام). أعلام النساء 2: 195، معجم رجال الحديث 23: 192.

(8) في المصدر: في رقة الفطر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 505

و قال: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ «1» و قد أوسع الله عليك

كثيرا- يا بني، فداك أبوك- لا تستر دوني الأمور لحبها «2» فتخطئ حظك، و السلام».

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [245]

1349/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ:

«يعني يعطي و يمنع» «3».

سورة البقرة(2): الآيات 246 الي 250 ..... ص : 505

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [246- 250]

1350/ [2]- ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ. قال: «كان القليل ستين ألفا».

1351/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن بني إسرائيل من بعد موسى (عليه السلام) عملوا بالمعاصي،

__________________________________________________

1- التوحيد: 161/ 2.

2- معاني الأخبار: 151/ 1.

3- تفسير القمّي 1: 81، و الزيادة التي في آخر الحديث وردت في الطبعة الحجرية: 403.

(1) الطّلاق 65: 7.

(2) في «ط» و المصدر: لا يستر في الأمور بحسبها.

(3) في المصدر: يعني يعطي و يوسع و يمنع

و يضيق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 506

و غيروا دين الله، و عتوا عن أمر ربهم، و كان فيهم نبي يأمرهم و ينهاهم فلم يطيعوه، و روي أنه إرميا النبي (عليه السلام)، فسلط الله عليهم جالوت، و هو من القبط، فأذلهم، و قتل رجالهم، و أخرجهم من ديارهم و أموالهم، و استعبد نساءهم، ففزعوا إلى نبيهم، و قالوا: سل الله ان يبعث لنا ملكا، نقاتل في سبيل الله.

و كانت النبوة في بني إسرائيل في بيت، و الملك و السلطان في بيت آخر، لم يجمع الله تعالى لهم النبوة و الملك في بيت واحد، فمن ذلك قالوا لنبي لهم: ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله.

فقال لهم نبيهم: هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَ ما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ قَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَ أَبْنائِنا و كان كما قال الله: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ.

فقال لهم نبيهم: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً. فغضبوا من ذلك: و قالوا: أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ و كانت النبوة في ولد لاوي، و الملك في ولد يوسف، و كان طالوت من ولد بنيامين أخي يوسف لامه، لم يكن من بيت النبوة، و لا من بيت المملكة.

فقال لهم نبيهم: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ و كان أعظمهم جسما، و كان شجاعا قويا، و كان أعلمهم، إلا أنه كان فقيرا، فعابوه بالفقر، فقالوا: لم يؤت سعة من المال، وَ

قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ.

و كان التابوت الذي أنزل الله على موسى، فوضعته فيه امه و ألقته في اليم، فكان في بني إسرائيل معظما، يتبركون به، فلما حضرت موسى الوفاة وضع فيه الألواح، و درعه، و ما كان عنده من آيات النبوة، و أودعه يوشع وصيه، فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به، و كان الصبيان يلعبون به في الطرقات.

فلم يزل بنو إسرائيل في عز و شرف ما دام التابوت عندهم، فلما عملوا بالمعاصي، و استخفوا بالتابوت، رفعه الله عنهم، فلما سألوا النبي بعث الله تعالى طالوت عليهم ملكا، يقاتل معهم، فرد الله عليهم التابوت كما قال:

إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ- قال-: البقية ذرية الأنبياء».

1352/ [3]- قال علي بن إبراهيم: و قوله: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فإن التابوت كان يوضع بين يدي العدو و بين المسلمين، فتخرج منه ريح طيبة، لها وجه كوجه الإنسان.

1353/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «السكينة ريح من الجنة، لها وجه كوجه الإنسان، فكان إذا وضع التابوت بين يدي المسلمين و الكفار فإن تقدم التابوت

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 82.

4- تفسير القمّي 1: 82.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 507

رجل لا يرجع حتى يقتل أو يغلب، و من رجع عن التابوت كفر، و قتله الإمام.

فأوحى الله إلى نبيهم: أن جالوت يقتله من تستوي عليه درع موسى، و هو رجل من ولد لاوي بن يعقوب

(عليه السلام) اسمه داود بن آسي «1»، و كان آسي راعيا، و كان له عشرة بنين أصغرهم داود. فلما بعث طالوت إلى بني إسرائيل، و جمعهم لحرب جالوت، بعث إلى آسي: أن أحضر ولدك، فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده، فألبسه الدرع، درع موسى (عليه السلام)، فمنهم من طالت عليه، و منهم من قصرت عنه. فقال لآسي: هل خلفت من ولدك أحدا؟ قال: نعم، أصغرهم تركته في الغنم راعيا «2»، فبعث إليه [ابنه فجاء به، فلما دعي أقبل و معه مقلاع «3»- قال- فنادته ثلاث صخرات في طريقه، قالت: يا داود، خذنا. فأخذها في مخلاته، و كان شديد البطش، قويا في بدنه، شجاعا.

فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوت عليه، ففصل طالوت بالجنود، و قال لهم نبيهم: يا بني إسرائيل، إن الله مبتليكم بنهر، في هذه المفازة، فمن شرب منه فليس من حزب الله، و من لم يشرب فإنه من حزب الله إلا من اغترف غرفة بيده. فلما وردوا النهر، أطلق الله لهم أن يغرف كل واحد منهم غرفة بيده، فشربوا منه إلا قليلا منهم، فالذين شربوا منه كانوا ستين ألفا، و هذا امتحان امتحنوا به، كما قال الله».

1354/ [5]- و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «القليل الذين لم يشربوا و لم يغترفوا ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، فلما جاوزوا النهر و نظروا إلى جنود جالوت قال الذين شربوا منه: لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ و قال الذين لم يشربوا: رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «4».

فجاء داود حتى وقف بحذاء جالوت، و كان جالوت على الفيل، و على رأسه

التاج، و في جبهته «5» ياقوتة، يلمع نورها، و جنوده بين يديه. فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا، فرمى به في ميمنة جالوت، فمر في الهواء و وقع عليهم فانهزموا، و أخذ حجرا آخر، فرمى به في ميسرة جالوت، فوقع عليهم فانهزموا، و رمى جالوت بحجر ثالث فصك الياقوتة في جبهته، و وصل إلى دماغه، و وقع إلى الأرض ميتا».

1355/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ.

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 83.

6- الكافي 8: 316/ 498.

(1) كذا، و في أغلب المصادر: إيشا.

(2) في المصدر: يرعاها.

(3) المقلاع: الذي يرمى به الحجر. «الصحاح- قلع- 3: 1271».

(4) ما يأتي من بقيّة هذا الحديث هو تتمّة للحديث المتقدّم آنفا. [.....]

(5) في نسخة م «ط»: و في وجهه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 508

قال: «لم يكن من سبط النبوة، و لا من سبط المملكة، قال: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ، و قال: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وΠبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ، فجاءت به الملائكة تحمله.

و قال الله عز ذكره: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إلا ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا منهم من اژʘљX̠و منهم مƠلم يشرب. فلما برزوا، قال الذين

اغترفوا: لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ، و قال الذين لم يغترفوا: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ».

1356/ [7]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ- قال-: كانت تحمله في صورة البقرة».

1357/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ. قال: «رضراض «1» الألواح فيها العلم و الحكمة».

1358/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أسباط، و محمد بن أحمد، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: قلنا: أصلحك الله، ما السكينة؟

قال: «ريح تخرج من الجنة، لها صورة كصورة الإنسان، و رائحة طيبة، و هي التي نزلت على إبراهيم (عليه السلام)، فأقبلت تدور حول أركان الكعبة «2»، و هو يضع الأساطين» «3».

فقيل له: هي «4» التي قال الله عز و جل: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ؟

قال: «تلك السكينة في التابوت، و كانت فيه طست تغسل فيها قلوب الأنبياء، و كان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء». ثم أقبل علينا، فقال: «ما تابوتكم؟»

قلنا: السلاح، قال: «صدقتم، هو تابوتكم».

__________________________________________________

7- الكافي 8: 317/ 499.

8- الكافي 8: 317/ 500.

9- الكافي 3: 471/ 5.

(1) الرضراض: ما دقّ من الحصى، و المراد هنا فتات الألواح. «الصحاح- رضض- 3: 1077».

(2) في المصدر: أركان البيت.

(3) الأساطين: جمع اسطوانة: العمود أو السارية.

(4) في المصدر زيادة: من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 509

1359/ [10]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته فقلت: جعلت فداك، ما كان تابوت موسى (عليه السلام)، و كم كانت سعته؟ قال: «ثلاثة أذرع في ذراعين».

قلت: ما كان فيه؟ قال: «عصا موسى و السكينة».

قلت: و ما السكينة؟ قال: «روح الله يتكلم، كانوا إذا اختلفوا في شي ء كلمهم و أخبرهم ببيان ما يريدون».

1360/ [11]- العياشي: عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أَ لَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

قال: «و كان الملك في ذلك الزمان هو الذي يسير بالجنود، و النبي يقيم له أمره و ينبئه بالخبر من عند ربه، فلما قالوا ذلك لنبيهم، قال لهم: إنه ليس عندكم وفاء و لا صدق و لا رغبة في الجهاد. فقالوا: إنا كنا نهاب الجهاد، فإذا أخرجنا من ديارنا و أبنائنا، فلا بد لنا من الجهاد، و نطيع ربنا في جهاد عدونا.

قال: فإن الله قد بعث لكم طالوت ملكا. فقالت عظماء بني إسرائيل: و ما شأن طالوت يملك علينا، و ليس في بيت النبوة و المملكة. و قد عرفت

أن النبوة و المملكة في آل لاوي و يهودا، و طالوت من سبط بنيامين بن يعقوب.

فقال لهم: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ و الملك بيد الله يجعله حيث يشاء، ليس لكم أن تختاروا، و إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ من قبل الله تحمله الملائكة فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ و هو الذي كنتم تهزمون به من لقيتم. فقالوا: إن جاء التابوت رضينا و سلمنا».

1361/ [12]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ.

قال: «كان القليل ستين ألفا».

1362/ [13]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ.

قال: «لم يكن من سبط النبوة، و لا من سبط المملكة، قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ، قال: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ، فجاءت به الملائكة تحمله».

__________________________________________________

10- معاني الأخبار: 284/ 2.

11- تفسير العيّاشي 1: 132/ 437.

12- تفسير العيّاشي 1: 132/ 438.

13- تفسير العيّاشي 1: 133/ 439.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 510

1363/ [14]- عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله الله: أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ.

قال: «رضراض «1» الألواح فيها العلم و الحكمة، العلم جاء من السماء، فكتب في الألواح، و جعل في التابوت».

1364/ [15]- عن أبي الحسن «2»، عن أبي عبد

الله (عليه السلام)، أنه سئل عن قول الله: وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ. فقال: «ذرية الأنبياء».

1365/ [16]- عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته و هو يقول للحسن: «أي شي ء السكينة عندكم؟» و قرأ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ «3». فقال له الحسن: جعلت فداك، لا أدري، فأي شي ء هي؟

قال: «ريح تخرج من الجنة طيبة، لها صورة كصورة وجه الإنسان- قال-: فتكون مع الأنبياء».

فقال له علي بن أسباط: تنزل على الأنبياء و الأوصياء؟ فقال: «تنزل على الأنبياء». قال: «و هي التي نزلت على إبراهيم (عليه السلام) حيث بنى الكعبة، فجعلت تأخذ كذا و كذا، و بنى الأساس عليها».

فقال له محمد بن علي: قول الله: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ. قال: «هي من هذا».

ثم أقبل على الحسن، فقال: «أي شي ء التابوت فيكم؟». فقال: السلاح. فقال: «نعم هو تابوتكم».

قال: فأي شي ء [في التابوت الذي كان في بني إسرائيل؟ قال: «كان فيه ألواح موسى التي تكسرت، و الطست التي تغسل فيها قلوب الأنبياء».

1366/ [17]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي: «فشربوا منه إلا ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، منهم من اغترف، و منهم من لم يشرب، فلما برزوا قال الذين اغترفوا: لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ، و قال الذين لم يغترفوا: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.

1367/ [18]- عن حماد بن عثمان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يخرج القائم (عليه السلام) في أقل من الفئة،

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 133/ 440.

15- تفسير

العيّاشي 1: 133/ 441. [.....]

16- تفسير العيّاشي 1: 133/ 442.

17- تفسير العيّاشي 1: 134/ 443.

18- تفسير العيّاشي 1: 134/ 444.

(1) في المصدر: رضاض.

(2) في المصدر: عن أبي المحسن.

(3) الفتح 48: 26.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 511

و لا تكون الفئة أقل من عشرة آلاف».

1368/ [19]- عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان داود (عليه السلام) و إخوة له أربعة و معهم أبوهم شيخ كبير، و تخلف داود في غنم لأبيه، ففصل طالوت بالجنود، فدعا أبوهم داود (عليه السلام)، و هو أصغرهم، فقال: يا بني، اذهب إلى إخوتك بهذا الذي قد صنعناه لهم، يتقوون به على عدوهم. و كان رجلا قصيرا أزرق، قليل الشعر، طاهر القلب، فخرج و قد تقارب القوم بعضهم من بعض- فذكر عن أبي بصير، قال: سمعته يقول-: فمر داود (عليه السلام) على حجر، فقال: الحجر: يا داود، خذني فاقتل بي جالوت، فإني إنما خلقت لقتله. فأخذه فوضعه في مخلاته التي تكون فيها حجارته، التي كان يرمي بها عن غنمه بمقذافه «1».

فلما دخل العسكر سمعهم يتعظمون أمر جالوت، فقال لهم داود: ما تعظمون من أمره؟! فو الله، لئن عاينته لأقتلنه. فتحدثوا بخبره حتى ادخل على طالوت، فقال: يا فتى، و ما عندك من القوة، و ما جربت من نفسك؟ قال:

كان الأسد يعدو على الشاة من غنمي، فأدركه فآخذه برأسه، فأفك لحييه عنها، فآخذها من فيه- قال-: فقال: ادع لي بدرع سابغة «2». فأتي بدرع فقذفها في عنقه، فتملأ «3» منها حتى راع طالوت و من حضره من بني إسرائيل. فقال طالوت: و الله لعسى الله أن يقتله به».

قال: «فلما أن أصبحوا و رجعوا إلى طالوت و التقى الناس، قال

داود: أروني جالوت. فلما رآه أخذ الحجر فجعله في مقذافه فرماه فصك به بين عينيه فدمغه و نكس عن دابته. فقال الناس: قتل داود جالوت. و ملكه الناس حتى لم يكن يسمع لطالوت ذكر، و اجتمعت بنو إسرائيل على داود (عليه السلام)، و أنزل الله عليه الزبور، و علمه صنعة الحديد فلينه له، و أمر الجبال و الطير يسبحن معه- قال-: و لم يعط أحد مثل صوته، فأقام داود في بني إسرائيل مستخفيا، و اعطي قوة في عبادته».

1369/ [20]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، و قد سأله طاوس اليماني، قال: فأخبرني عن شي ء قليله حلال و كثيره حرام، ذكره الله عز و جل في كتابه؟ قال: «نهر طالوت قال الله عز و جل: إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ».

1370/ [21]- الطبرسي أبو علي، قيل: إن النبي هو إشموئيل، و هو بالعربية إسماعيل عن أكثر المفسرين. قال:

و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

__________________________________________________

19- تفسير العيّاشي 1: 134/ 445.

20- الاحتجاج: 329.

21- مجمع البيان 2: 610.

(1) المقذاف: أداة للقذف، يرمى بها الشي ء فيبعد مداه.

(2) سابغة: واسعة. «الصحاح- سبغ- 4: 1321».

(3) تملّأ: امتلأ. «الصحاح- ملأ- 1: 73».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 512

1371/ [22]- و عنه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان الملك في ذلك الزمان هو الذي يسير بالجنود، و النبي يقيم له أمره و ينبئه بالخبر من عند ربه».

1372/ [23]- و عنه، قال: قيل: إن السكينة التي كانت فيه ريح هفافة من الجنة، لها وجه كوجه الإنسان. عن علي (عليه السلام).

سورة البقرة(2): آية 251 ..... ص : 512

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى

الْعالَمِينَ [251]

1373/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله يدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا، و لو اجتمعوا على ترك الصلاة لهلكوا. و إن الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي من شيعتنا، و لو اجتمعوا على ترك الزكاة لهلكوا. و إن الله ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج «1»، و لو اجتمعوا على ترك الحج لهلكوا و هو قول الله عز و جل: وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ».

1374/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله ليدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا، و لو اجتمعوا على ترك الصلاة لهلكوا. و إن الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي، و لو اجتمعوا على ترك الزكاة لهلكوا. و إن الله ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج، و لو اجتمعوا على ترك الحج لهلكوا و هو قول الله عز و جل: وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ، فو الله ما نزلت إلا فيكم، و لا عنى بها غيركم».

1375/ [3]- العياشي: عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله يدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا، و لو اجتمعوا على ترك الصلاة

لهلكوا. و إن الله ليدفع بمن يصوم منهم عمن لا

__________________________________________________

22- مجمع البيان 2: 611.

23- مجمع البيان 2: 614. [.....]

1- تفسير القمّي 1: 83.

2- الكافي 2: 326/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 135/ 446.

(1) في المصدر زيادة: من شيعتنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 513

يصوم من شيعتنا، و لو اجتمعوا على ترك الصيام لهلكوا. و إن الله يدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي «1»، و لو اجتمعوا على ترك الزكاة لهلكوا. و إن الله يدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج منهم، و لو اجتمعوا على ترك الحج لهلكوا و هو قول الله تعالى: وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ، فو الله ما نزلت إلا فيكم، و لا عنى بها غيركم».

1376/ [4]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إن الله ليدفع بالمسلم الصالح نحو مائة ألف بيت من جيرانه البلاء» ثم قرأ: وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ الآية.

سورة البقرة(2): آية 253 ..... ص : 513

قوله تعالى:

تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ [253]

1377/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه، عن محمد بن داود الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أناسا زعموا أن العبد لا يزني و هو مؤمن، و لا يسرق و هو مؤمن، و لا يشرب الخمر و هو مؤمن، و لا يأكل الربا و هو مؤمن،

و لا يسفك الدم الحرام و هو مؤمن. فقد ثقل علي هذا، و حرج منه صدري حين أزعم أن العبد يصلي صلاتي، و يدعو دعائي، و يناكحني و أناكحه، و يوارثني و أوارثه، و قد خرج من الإيمان لأجل ذنب يسير أصابه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «صدقت، سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقوله، و الدليل عليه كتاب الله جل و عز: خلق الله الناس على ثلاث طبقات، و أنزلهم ثلاث منازل و ذلك قول الله عز و جل: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «2». فأما ما ذكر من أمر السابقين، فإنهم أنبياء مرسلون و غير مرسلين، جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس، و روح الإيمان، و روح القوة، و روح الشهوة، و روح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين و غير مرسلين، و بها علموا الأشياء، و بروح الإيمان عبدوا الله، و لم يشركوا به شيئا، و بروح القوة جاهدوا عدوهم، و عالجوا معاشهم، و بروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام، و نكحوا الحلال من شباب النساء، و بروح البدن دبوا و درجوا فيها، فهؤلاء مغفور لهم، مصفوح عن ذنوبهم».

__________________________________________________

4- ربيع الأبرار 1: 804.

1- الكافي 2: 214/ 16.

(1) في المصدر زيادة: من شيعتنا.

(2) الواقعة 56: 8- 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 514

ثم قال: «قال الله عز و جل: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ثم قال في جماعتهم: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1» يقول: أكرمهم بها، و فضلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم،

مصفوح عن ذنوبهم».

1378/ [2]- الشيخ في (أماليه): قال: أخبرنا محمد بن محمد- يعني المفيد- قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال، [قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثنا سليمان بن الربيع النهدي، قال:

حدثنا نصر بن مزاحم المنقري قال أبو الحسن علي بن بلال:] «2» و حدثني علي بن عبد الله بن أسد بن منصور الأصفهاني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن هلال الثقفي، قال: حدثني محمد بن علي، قال: حدثنا نصر بن مزاحم، عن يحيى بن يعلى الأسلمي، عن علي بن الحزور، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلى علي (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، هؤلاء القوم الذين نقاتلهم «3» الدعوة واحدة، و الرسول واحد، و الصلاة واحدة، و الحج واحد، فبم نسميهم؟ فقال: «بما سماهم «4» الله تعالى في كتابه». فقال: ما كل ما في كتاب الله أعلمه.

قال: «أما سمعت الله تعالى يقول في كتابه: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ، فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله عز و جل، و بالنبي (صلى الله عليه و آله)، و بالكتاب، و بالحق، فنحن الذين آمنوا، و هم الذين كفروا، و شاء الله قتالهم بمشيئته و إرادته».

و روى هذا الحديث الشيخ المفيد في (أماليه) بإسناده عن علي بن الحزور، قال: جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ذكر الحديث بعينه «5».

1379/ [3]- العياشي: عن أبي عمرو

الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «بالزيادة بالإيمان يتفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله».

قلت: و إن للإيمان درجات و منازل يتفاضل بها المؤمنون عند الله؟ قال: «نعم».

قلت: صف لي ذلك- رحمك الله- حتى أفهمه.

قال: «ما فضل الله به أولياءه بعضهم على بعض فقال: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ،

__________________________________________________

2- الأمالي 1: 200، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 5: 258.

3- تفسير العياشي 1: 135/ 447.

(1) المجادلة 58: 22.

(2) أثبتناه من المصدر، و هو الطريق الأول لروآية هذا الحديث.

(3) في المصدر: تقاتلهم.

(4) في المصدر: سمهم بما سماهم. [.....]

(5) أمالي المفيد: 101/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 515

الآية، و قال: وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ «1»، و قال: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ «2»، و قال: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ «3»، فهذا ذكر درجات الإيمان و منازله عند الله».

1380/ [4]- عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت واقفا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الجمل، فجاء رجل حتى وقف بين يديه، فقال: يا أمير المؤمنين، كبر القوم و كبرنا، و هلل القوم و هللنا، و صلى القوم و صلينا، فعلام نقاتلهم؟

فقال: «على هذه الآية: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ، فنحن الذين من بعدهم مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما

يُرِيدُ فنحن الذين آمنا، و هم الذين كفروا».

فقال الرجل: كفر القوم، و رب الكعبة، ثم حمل فقاتل حتى قتل (رحمه الله).

1381/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الجمل، فقال: يا علي، علام تقاتل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و من شهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله؟ قال: «على آية في كتاب الله، أباحت لي قتالهم». فقال: و ما هي؟

قال: «قوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ».

فقال الرجل: كفر- و الله- القوم.

سورة البقرة(2): آية 254 ..... ص : 515

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خُلَّةٌ وَ لا شَفاعَةٌ [254] 1382/ [1]- علي بن إبراهيم: أي صداقة.

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 136/ 448.

5- تفسير القمّي 1: 84.

1- تفسير القمّي 1: 84.

(1) الإسراء 17: 55.

(2) الإسراء 17: 21.

(3) آل عمران 3: 163.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 516

سورة البقرة(2): آية 255 ..... ص : 515

قوله تعالى:

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ- إلى قوله تعالى- وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [255]

1383/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد: أنه قرأ أبو الحسن الرضا (عليه السلام) «1»:

«الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سنة- أي نعاس- و لا نوم، له ما في السماوات و ما في الأرض، و ما بينهما و ما تحت الثرى، عالم الغيب و الشهادة، هو الرحمن الرحيم، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم».

قال: «ما بين أيديهم: فأمور الأنبياء، و ما كان، و ما خلفهم: أي ما لم يكن بعد، إلا بما شاء، أي بما يوحى إليهم، و لا يؤده حفظهما، أي لا يثقل عليه حفظ ما في السماوات و الأرض».

1384/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، بإسناده، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ «2»؟ قال: «نحن أولئك الشافعون».

1385/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل، قال: سألت أبا عبد الله

(عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فقال: «يا فضيل، كل شي ء في الكرسي السماوات و الأرض، و كل شي ء في الكرسي».

1386/ [4]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل و عز: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ السماوات و الأرض وسعن الكرسي، أم الكرسي وسع السماوات و الأرض؟ فقال: «بل الكرسي وسع السماوات و الأرض و العرش، و كل شي وسع الكرسي».

1387/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 84.

2- المحاسن: 183/ 184.

3- الكافي 1: 102/ 3.

4- الكافي 1: 102/ 4.

5- الكافي 1: 102/ 5.

(1) في المصدر زيادة: الم.

(2) في المصدر زيادة: أي من هم؟ [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 517

عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ السماوات و الأرض وسعن الكرسي، أو الكرسي وسع السماوات و الأرض؟ فقال: «إن كل شي ء في الكرسي».

1388/ [6]- ابن بابويه: قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني «1»، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم العجلي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن زياد العرزمي، قال: حدثنا علي بن حاتم المنقري، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش و الكرسي، ما هما؟

فقال: «العرش في

وجه: هو جملة الخلق، و الكرسي وعاؤه، و في وجه آخر: العرش هو العلم الذي أطلع الله عليه أنبياءه و رسله و حججه. و الكرسي: هو العلم الذي لم يطلع الله عليه أحدا من أنبيائه و رسله «2» و حججه (عليهم السلام)».

1389/ [7]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ. قال: «علمه».

1390/ [8]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، [عن أبيه، عن ابن أبي عمير] «3»، عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ.

فقال: «السماوات و الأرض و ما بينهما في الكرسي، و العرش: هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره».

1391/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ سألته أيما أوسع، الكرسي أو السماوات و الأرض؟

قال: «بل «4» الكرسي وسع السماوات و الأرض، و كل شي ء خلق الله في الكرسي».

1392/ [10]- و عنه، قال: حدثنا أبي، عن إسحاق بن الهيثم، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة: أن

__________________________________________________

6- معاني الأخبار: 29/ 1.

7- معاني الأخبار: 30/ 2، التوحيد: 327/ 1.

8- التوحيد: 327/ 2.

9- تفسير القمّي 1: 85.

10- تفسير القمّي 1: 85.

(1) في «ط» و المصدر: الحسيني، انظر معجم رجال الحديث 9: 350.

(2) في المصدر: و رسوله.

(3) أثبتناه من المصدر،

و هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 1: 316 و 10: 203.

(4) في المصدر: لا، بل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 518

عليا (عليه السلام) سئل عن قول الله عز و جل: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ.

فقال: «السماوات و الأرض و ما فيهما من مخلوق، في جوف الكرسي، و له أربعة أملاك يحملونه بإذن الله:

فأما ملك منهم «1» ففي صورة الآدميين، و هي أكرم الصور على الله، و هو يدعو الله و يتضرع إليه، و يطلب الشفاعة و الرزق لبني آدم. و الملك الثاني في صورة الثور، و هو سيد البهائم، و هو يطلب الرزق من «2» الله و يتضرع إليه، و يطلب الشفاعة لجميع البهائم. و الملك الثالث في صورة النسر، و هو سيد الطير، و هو يتضرع إلى الله «3» و يطلب الشفاعة و الرزق لجميع الطير. و الملك الرابع في صورة الأسد، و هو سيد السباع، و هو يرغب إلى الله و يتضرع إليه «4»، و يطلب من الله «5» الشفاعة و الرزق لجميع السباع.

و لم يكن في هذه الصور أحسن من الثور، و لا أشد انتصابا منه، حتى اتخذ الملأ من بني إسرائيل العجل [إلها]، فلما عكفوا عليه و عبدوه من دون الله، خفض الملك الذي في صورة الثور رأسه، استحياء من الله أن عبد من دون الله شي ء يشبهه، و تخوف أن ينزل به العذاب».

ثم قال (عليه السلام): «إن الشجر لم يزل حصيدا كله حتى دعي للرحمن ولد- عز الرحمن و جل أن يكون له ولد- فكادت السماوات أن يتفطرن منه، و تنشق الأرض، و تخر الجبال هدا، فعند ذلك اقشعر الشجر، و صار له شوك، حذار أن ينزل به العذاب،

فما بال قوم غيروا سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عدلوا عن وصيته في حق علي و الأئمة، و لا يخافون أن ينزل بهم العذاب؟!» ثم تلا هذه الآية: الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ «6» ثم قال: «نحن- و الله- نعمة الله التي أنعم «7» بها على عباده، و بنا فاز من فاز».

1393/ [11]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن «8» عبد الرحمن بن أبي نجران، عن صفوان، عن خلف بن حماد، عن الحسين بن زيد الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاءت زينب العطارة الحولاء «9» إلى نساء النبي (صلى الله عليه و آله) و بناته، و كانت تبيع منهن العطر، فجاء النبي (صلى الله عليه و آله) و هي عندهن، فقال: إذا أتيتنا طابت بيوتنا. فقالت: بيوتك بريحك أطيب، يا رسول الله. قال: فإذا بعت فأحسني،

__________________________________________________

11- الكافي 8: 153/ 143.

(1) في المصدر: فأمّا الملك الأوّل.

(2) في المصدر: إلى.

(3) في المصدر: و هو يطلب إلى اللّه و يتضرّع إليه.

(4) (و يتضرع إليه) ليس في المصدر. [.....]

(5) (من اللّه) ليس في المصدر.

(6) إبراهيم 14: 28- 29.

(7) في المصدر زيادة: اللّه.

(8) في «س و ط»: بن، و هو تصحيف، انظر معجم رجال الحديث 9: 301.

(9) صحابية، عدّها البرقي ممّن روى عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، تراجم أعلام النساء 2: 164، معجم رجال الحديث 23: 191.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 519

و لا تغشي، فإنه أتقى، و أبقى للمال.

فقالت: يا رسول الله، ما أتيت بشي ء من بيعي، و إنما أتيت أن أسألك عن

عظمة الله عز و جل.

فقال: جل جلال الله، سأحدثك عن بعض ذلك. ثم قال: إن هذه الأرض بمن عليها عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فلاة قي «1»، و هاتان بمن فيهما و من عليهما عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فلاة قي، و الثالثة، حتى انتهى إلى السابعة، و تلا هذه الآية: خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ «2». و السبع الأرضين بمن فيهن و من عليهن على ظهر الديك كحلقة ملقاة في فلاة قي، و الديك له جناحان: جناح في المشرق، و جناح في المغرب، و رجلاه في التخوم «3»، و السبع و الديك بمن فيه و من عليه على الصخرة كحلقة ملقاة في فلاة قي، و الصخرة بمن فيها و من عليها على ظهر الحوت كحلقة ملقاة في فلاة قي، و السبع و الديك و الصخرة و الحوت بمن فيه و من عليه على البحر المظلم كحلقة ملقاة في فلاة قي، و السبع و الديك و الصخرة و الحوت و البحر المظلم على الهواء الذاهب كحلقة ملقاة في فلاة قي، و السبع و الديك و الصخرة و الحوت و البحر المظلم و الهواء على الثرى كحلقة ملقاة في فلاة قي. ثم تلا هذه الآية: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى «4».

ثم انقطع الخبر عند الثرى و السبع و الديك و الصخرة و الحوت و البحر المظلم و الهواء، و الثرى و من «5» فيه و من عليه عند السماء الاولى كحلقة في فلاة قي، [و هذا كله و سماء الدنيا بمن عليها و من فيها عند التي فوقها كحلقة في فلاة قي

و هاتان السماءان و من فيهما و من عليهما عند التي فوقهما كحلقة في فلاة قي، و هذه الثلاث بمن فيهن و من عليهن عند الرابعة كحلقة في فلاة قي، حتى انتهى إلى السابعة. و هن و من فيهن و من عليهن عند البحر المكفوف عن أهل الأرض كحلقة في فلاة قي، و هذه السبع و البحر المكفوف عند جبال البرد «6» كحلقة في فلاة قي، و تلا هذه الآية: وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ «7».

و هذه السبع و البحر المكفوف و جبال البرد عند الهواء الذي تحار فيه القلوب كحلقة في فلاة قي، و هذه السبع و البحر المكفوف و جبال البرد عند حجب النور كحلقة في فلاة قي، و هذه السبع و البحر المكفوف و جبال البرد و الهواء و حجب النور عند الكرسي كحلقة في فلاة قي. ثم تلا هذه الآية: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

و هذه السبع و البحر المكفوف و جبال البرد و الهواء و حجب النور و الكرسي عند العرش كحلقة في فلاة قي،

__________________________________________________

(1) القيّ: القفر. «الصحاح- قوا- 6: 2469».

(2) الطّلاق 65: 12.

(3) التخوم: جمع تخم، و هو المنتهى أو الحدّ. «الصحاح- تخم- 5: 1877».

(4) طه 20: 6.

(5) في المصدر: بمن.

(6) البرد: شي ء ينزل من السماء يشبه الحصى. «مجمع البحرين- برد- 3: 11».

(7) النور 24: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 520

و تلا هذه الآية: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «1»».

و

في رواية الحسن: الحجب قبل الهواء الذي تحار فيه القلوب.

1394/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن

محمد ابن عبد الله، و موسى بن عمر، و الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته: هل كان الله عز و جل عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ قال: «نعم».

قلت: يراها و يسمعها؟

قال: «ما كان محتاجا إلى ذلك، لأنه لم يكن يسألها، و لا يطلب منها، هو نفسه، و نفسه هو، قدرته نافذة، فليس يحتاج أن يسمي نفسه، و لكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها، لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف، فأول ما اختار لنفسه العلي العظيم، لأنها أعلى الأشياء كلها، فمعناه الله، و اسمه العلي العظيم، و هذا أول أسمائه، لأنه على كل شي ء قدير».

1395/ [13]- العياشي: عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ؟ قال: «نحن أولئك الشافعون».

1396/ [14]- عن حماد، عنه (عليه السلام)، قال: رأيته جالسا متوركا برجله على فخذه، فقال له رجل عنده:

جعلت فداك، هذه جلسة مكروهة؟ فقال: «لا، إن اليهود قالت: إن الرب لما فرغ من خلق السماوات و الأرض جلس على الكرسي هذه الجلسة ليستريح، فأنزل الله: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لم يكن متوركا كما كان».

1397/ [15]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «السماوات و الأرض و جميع ما خلق الله في الكرسي».

1398/ [16]- عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أوسع الكرسي السماوات و الأرض، أم السماوات و الأرض وسعن

الكرسي؟ فقال: «إن كل شي ء في الكرسي».

1399/ [17]- عن الحسن المثنى «2»، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أبو ذر: يا رسول الله، ما

__________________________________________________

12- التوحيد 191/ 4.

13- تفسير العيّاشي 1: 136/ 450. [.....]

14- تفسير العيّاشي 1: 137/ 452.

15- تفسير العيّاشي 1: 137/ 453.

16- تفسير العيّاشي 1: 137/ 454.

17- تفسير العيّاشي 1: 137/ 455.

(1) طه 20: 5.

(2) في المصدر: محسن المثنى و الظاهر أنّه تصحيف: الحسن- أو المحسن- الميثمي. انظر معجم رجال الحديث 5: 166 و 14: 196.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 521

أفضل ما أنزل عليك؟

قال: آية الكرسي، ما السماوات السبع و الأرضون السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، ثم و إن فضل العرش على الكرسي «1» كفضل الفلاة على الحلقة».

1400/ [18]- عن زرارة، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن قوله: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أيهما وسع الآخر؟

قال: «الأرضون كلها، و السماوات كلها، و جميع ما خلق الله في الكرسي».

1401/ [19]- عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السماوات و الأرض و سعن الكرسي، أو الكرسي وسع السماوات و الأرض؟

قال: «لا، بل الكرسي وسع السماوات و الأرض و العرش، و كل شي ء خلق الله في الكرسي».

1402/ [20]- عن الأصبع بن نباتة، قال: «سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول الله: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ. فقال: «إن السماء و الأرض و ما فيهما من خلق مخلوق في جوف الكرسي، و له أربعة أملاك يحملونه بإذن الله».

1403/ [21]- (احتجاج الطبرسي): في حديث عن الصادق (عليه السلام) و قد سأله رجل، قال له: الكرسي أكبر أم العرش؟

قال (عليه السلام): «كل شي ء خلق «2»

الله في جوف الكرسي ما خلا عرشه، فإنه أعظم من أن يحيط به الكرسي».

قال: فخلق النهار قبل الليل؟

قال: «نعم، خلق النهار قبل الليل، و الشمس قبل القمر، و الأرض قبل السماء، و وضع الأرض على الحوت [و الحوت في الماء، و الماء] في صخرة مخرمة «3»، و الصخرة على عاتق ملك، و الملك على الثرى، و الثرى على الريح العقيم، و الريح على الهواء، و الهواء تمسكه القدرة، و ليس تحت الريح العقيم إلا الهواء و الظلمات، و لا وراء ذلك سعة و لا ضيق، و لا شي ء يتوهم، ثم خلق الكرسي فحشاه السماوات و الأرض، و الكرسي أكبر من كل شي ء خلق «4»، ثم خلق العرش فجعله أكبر من الكرسي».

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 1: 137/ 456.

19- تفسير العيّاشي 1: 137/ 457.

20- تفسير العيّاشي 1: 137/ 458.

21- الاحتجاج: 352.

(1) في المصدر: بأرض بلاقع، و انّ فضله على العرش.

(2) في المصدر: خلقه.

(3) في المصدر: مجوّفة.

(4) في المصدر: خلقه اللّه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 522

سورة البقرة(2): الآيات 256 الي 257 ..... ص : 522

اشارة

قوله تعالى:

لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [256] فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [256- 257] 1404/ [1]- علي بن إبراهيم: أي لا يكره أحد على دينه إلا بعد أن قد تبين له الرشد من الغي.

1405/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز، عن عبد الله بن أبي يعفور،

قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني أخالط الناس، فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم، و يتولون فلانا و فلانا، لهم أمانة و صدق و وفاء، و أقوام يتولونكم، و ليس لهم تلك الأمانة، و لا الوفاء، و لا الصدق! قال: فاستوى أبو عبد الله (عليه السلام) جالسا، فأقبل علي كالغضبان، ثم قال: «لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، و لا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله».

قلت: لا دين لأولئك، و لا عتب على هؤلاء؟

قال: «نعم، لا دين لأولئك و لا عتب على هؤلاء- ثم قال-: ألا تسمع لقول الله عز و جل: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ يعني من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة و المغفرة، بولايتهم كل إمام عادل من الله. و قال: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الإسلام، فلما تولوا كل إمام جائر ليس من الله عز و جل، خرجوا بولايتهم إياه من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب الله لهم النار مع الكفار، فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 84.

2- الكافي 1: 307/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 523

1406/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى

قال: «هي الإيمان بالله وحده لا شريك له».

1407/ [3]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة،

عن غير واحد، عن أبان، عن محمد ابن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قال: «هي الإيمان».

1408/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أحب أن يستمسك «1» بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، فليستمسك «2» بولاية أخي و وصيي علي بن أبي طالب، فانه لا يهلك من أحبه و تولاه، و لا ينجو من أبغضه و عاداه».

1409/ [5]- و عنه، بإسناده عن حذيفة بن أسيد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا حذيفة، إن حجة الله عليكم بعدي علي بن أبي طالب، الكفر به كفر بالله، و الشرك به شرك بالله، و الشك فيه شك في الله، و الإلحاد فيه إلحاد في الله، و الإنكار له إنكار لله، و الإيمان به إيمان بالله، لأنه أخو رسول الله و وصيه، و إمام أمته، و هو حبل الله المتين، و عروته الوثقى لا انفصام لها، و سيهلك فيه اثنان و لا ذنب له: غال، و مقصر.

يا حذيفة، لا تفارقن عليا فتفارقني، و لا تخالفن عليا فتخالفني، إن عليا مني، و أنا منه، من أسخطه فقد أسخطني، و من أرضاه فقد أرضاني».

1410/ [6]- و عنه: بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الأئمة من ولد الحسين،

من أطاعهم فقد أطاع الله، و من عصاهم فقد عصى الله، هم العروة الوثقى، و هم الوسيلة إلى الله تعالى».

1411/ [7]- و عنه: بإسناده، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أحب أن يستمسك بالعروة الوثقى فليستمسك

__________________________________________________

2- الكافي 2: 12/ 1.

3- الكافي 2: 12/ 3.

4- معاني الأخبار: 368/ 1.

5- أمالي الصدوق: 165/ 2.

6- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 58/ 217، ينابيع المودة: 259 و 445.

7- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 58/ 216.

(1) في المصدر: يتمسّك.

(2) في المصدر: فليتمسّك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 524

بحب علي و أهل بيته».

1412/ [8]- سعد بن عبد الله القمي، بإسناده عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في خطبة طويلة له: «مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و خلف في أمته كتاب الله و وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمير المؤمنين، و إمام المتقين، و حبل الله المتين، و العروة الوثقى لا انفصام لها، و عهده المؤكد، صاحبان مؤتلفان، يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق».

1413/ [9]- و من طريق المخالفين، ما رواه موفق بن أحمد، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): «أنت العروة الوثقى».

1414/ [10]- و روى الحسين بن جبير في (نخب المناقب): بإسناده إلى الرضا (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أحب أن يستمسك بالعروة الوثقى فليستمسك بحب علي بن أبي طالب».

1415/ [11]- ابن شاذان: عن الرضا (عليه السلام) «1»، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ستكون بعدي فتنة مظلمة، الناجي

منها من استمسك «2» بالعروة الوثقى. فقيل: يا رسول الله، و ما العروة الوثقى؟

قال: ولاية سيد الوصيين. قيل: يا رسول الله، و من سيد الوصيين؟ قال: أمير المؤمنين.

قيل: يا رسول الله، و من أمير المؤمنين؟ قال: مولى المسلمين، و إمامهم بعدي.

قيل: يا رسول الله، من مولى المسلمين و إمامهم بعدك؟ قال: أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

1416/ [12]- العياشي: عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) و أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قال: «هي الإيمان بالله، يؤمن بالله وحده».

1417/ [13]- عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني أخالط الناس، فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم، فيتولون فلانا و فلانا، لهم أمانة و صدق و وفاء، و أقوام يتولونكم، ليس لهم تلك الأمانة، و لا الوفاء، و لا الصدق! قال: فاستوى أبو عبد الله (عليه السلام) جالسا، و أقبل علي كالغضبان، ثم قال: «لا دين لمن دان بولاية إمام جائر ليس من الله، و لا عتب على من دان بولاية إمام عدل من الله».

قال: قلت: لا دين لأولئك، و لا عتب على هؤلاء؟

__________________________________________________

8- مختصر بصائر الدرجات: 89.

9- مناقب الخوارزمي: 24.

10- ... مناقب ابن شهر آشوب 3: 76.

11- مائة منقبة: 149/ 81. [.....]

12- تفسير العيّاشي 1: 138/ 459.

13- تفسير العيّاشي 1: 138/ 460.

(1) رواه في المصدر بهذا السند: حدّثنى قاضي القضاة أبو عبد اللّه الحسين بن هارون الضّبّي (رحمه اللّه)، قال: حدّثني أحمد بن محمّد، قال: حدّثني عليّ بن الحسن، عن أبيه، قال حدثني عليّ بن موسى (عليه السّلام).

(2) في المصدر: من تمسّك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1،

ص: 525

فقال: «نعم، لا دين لأولئك، و لا عتب على هؤلاء- ثم قال-: أما تسمع لقول الله: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة و المغفرة، لولايتهم كل إمام عادل من الله، قال الله تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ».

قال: قلت: أليس الله عنى بها الكفار حين قال: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا؟

قال: قال: «و أي نور للكافر و هو كافر، فاخرج منه إلى الظلمات؟! إنما عنى الله بهذا أنهم كانوا على نور الإسلام، فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله، خرجوا بولايتهم إياهم من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب لهم النار مع الكفار، فقال: أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ».

1418/ [14]- عن مسعدة بن صدقة، قال: قص أبو عبد الله قصة الفريقين جميعا في الميثاق، حتى بلغ الاستثناء من الله في الفريقين، فقال: «إن الخير و الشر خلقان من خلق الله، له فيهما المشيئة في تحويل ما يشاء فيما قدر فيها حال عن حال، و المشيئة فيما خلق لها من خلقه في منتهى ما قسم لهم من الخير و الشر، و ذلك أن الله قال في كتابه: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ فالنور هم آل محمد (صلوات الله عليهم)، و الظلمات عدوهم».

1419/ [15]- عن مهزم الأسدي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال الله تبارك و تعالى: لأعذبن كل رعية دانت بإمام ليس من الله، و إن كانت الرعية في أعمالها برة تقية، و لأغفرن عن كل رعية دانت بكل إمام من الله،

و إن كانت الرعية في أعمالها سيئة».

قلت: فيعفو عن هؤلاء، و يعذب هؤلاء؟ قال: «نعم، إن الله يقول: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ».

ثم ذكر الحديث الأول- حديث ابن أبي يعفور، برواية محمد بن الحسين- و زاد فيه: «فأعداء علي أمير المؤمنين (عليه السلام) هم الخالدون في النار، و إن كانوا في أديانهم على غاية الورع و الزهد و العبادة، و المؤمنون بعلي (عليه السلام) هم الخالدون في الجنة، و إن كانوا في أعمالهم على ضد ذلك».

1420/ [16]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ نزلت في أعدائه و من تبعهم، أخرجوا الناس من النور- و النور: ولاية علي- فصاروا إلى ظلمة ولاية أعدائه.

1421/ [17]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل راية ترفع قبل قيام

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 138/ 461.

15- تفسير العيّاشي 1: 139/ 462.

16- المناقب 3: 81.

17- الكافي 8: 295/ 452.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 526

القائم فصاحبها طاغوت، يعبد من دون الله عز و جل».

باب فضل آية الكرسي ..... ص : 526

1422/ [1]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ، عن عمرو بن جميع، رفعه إلى علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من قرأ أربع آيات من أول البقرة، و آية الكرسي، و آيتين بعدها، و ثلاث آيات من آخرها، لم ير في نفسه و ماله شيئا يكرهه،

و لا يقربه شيطان، و لا ينسى القرآن».

1423/ [2]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن الحسن بن الجهم، عن إبراهيم بن مهزم، عن رجل سمع أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «من قرأ آية الكرسي عند منامه، لم يخف الفالج إن شاء الله، و من قرأها في دبر كل فريضة، لم يضره ذو حمة» «1».

1424/ [3]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن «2» بن محمد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن يعقوب ابن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أمر الله عز و جل هذه الآيات أن يهبطن إلى الأرض، تعلقن بالعرش، و قلن: أي رب، إلى أين تهبطنا، إلى أهل الخطايا و الذنوب؟

فأوحى الله عز و جل إليهن: أن اهبطن، فوعزتي و جلالي لا يقولكن «3» أحد من آل محمد و شيعتهم في دبر ما افترضت عليه [من المكتوبة في كل يوم إلا نظرت إليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة، أقضي له في كل نظرة سبعين حاجة، و قبلته على ما فيه من المعاصي، و هي أم الكتاب، شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ «4» و آية الكرسي، و آية الملك».

1425/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر الأزدي، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: «من قرأ آية الكرسي مرة، صرف الله عنه ألف مكروه من مكروه الدنيا، و ألف مكروه من مكروه الآخرة، أيسر مكروه الدنيا الفقر، و أيسر مكروه الآخرة عذاب القبر».

__________________________________________________

1- الكافي 2:

454/ 5.

2- الكافي 2: 455/ 8.

3- الكافي 2: 454/ 2.

4- الأمالي: 88/ 6.

(1) الحمة: السمّ أو الضرر، و المراد بذي حمة: ما كان من الدوابّ سامّا أو ضارا.

(2) في المصدر: الحسين، و هو تصحيف أشار له في معجم رجال الحديث 6: 291. [.....]

(3) في المصدر: لا يتلوكنّ.

(4) آل عمران 3: 18، و في المصدر زيادة: و الملائكة و أولو العلم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 527

1426/ [5]- عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: «سمع بعض آبائي [رجلا] يقرأ ام الكتاب، فقال: شكر و اجر. ثم سمعه يقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «1». فقال: آمن و أمن. و سمعه يقرأ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ «2». فقال: صدق و غفر له. ثم سمعه يقرأ آية الكرسي، فقال: بخ بخ، نزلت براءة هذا من النار».

1427/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مروان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ألا أخبركم بما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول إذا أوى إلى فراشه؟» قلت: بلى. قال: «كان يقرأ آية الكرسي، و يقول: بسم الله آمنت بالله، و كفرت بالطاغوت، اللهم احفظني في منامي و في يقظتي».

1428/ [7]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن لكل شي ء ذروة، و ذروة القرآن آية الكرسي من قرأها مرة صرف الله عنه ألف مكروه من مكاره الدنيا،

و ألف مكروه من مكاره الآخرة، أيسر مكروه الدنيا الفقر، و أيسر مكروه الآخرة عذاب القبر، و إني لأستعين بها على صعود الدرجة».

1429/ [8]- (أمالي الشيخ): بإسناده عن أبي امامة الباهلي، أنه سمع علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) يقول: «ما أرى رجلا أدرك عقله الإسلام و دله في الإسلام يبيت ليلة [في سوادها- قلت: و ما سوادها؟ قال: جميعها- حتى يقرأ هذه الآية: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، فقرأ الآية إلى قوله: وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، ثم قال: «فلو تعلمون ما هي- أو قال: ما فيها- ما تركتموها على حال. إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال:

أعطيت آية الكرسي من كنز تحت العرش، و لم يؤتها نبي كان قبلي». قال علي (عليه السلام): «فما بت ليلة قط منذ سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى أقرأها». ثم قال: يا أبا امامة، إني أقرأها ثلاث مرات في ثلاثة أحايين من كل ليلة».

قلت: و كيف تصنع في قراءتك لها، يا بن عم محمد؟ قال: «أقرأها قبل الركعتين بعد صلاة العشاء الآخرة، فو الله ما تركتها منذ سمعت هذا الخبر من نبيكم حتى أخبرتك به».

قال أبو امامة: و الله، ما تركت قراءتها منذ سمعت الخبر من علي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

5- الأمالي: 485/ 10.

6- الكافي 2: 389/ 4.

7- تفسير العيّاشي 1: 136/ 451.

8- الأمالي 2: 122.

(1) الإخلاص 112: 1.

(2) القدر 97: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 528

1430/ [9]- و عن الرضا (عليه السلام)، عن آبائه، قال: «قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): إذا أراد أحدكم الحاجة فليباكر في طلبها يوم الخميس،

و ليقرأ إذا خرج من منزله آخر سورة آل عمران و آية الكرسي و إِنَّا أَنْزَلْناهُ «1» و أم الكتاب، فإن فيها حوائج الدنيا و الآخرة».

سورة البقرة(2): آية 258 ..... ص : 528

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [258]

1431/ [1]- العياشي: عن أبان، عن حجر «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «خالف إبراهيم (عليه السلام) قومه، و عاب آلهتهم حتى ادخل على نمرود فخاصمهم. فقال إبراهيم: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ. قال: أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ، قال إبراهيم: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ».

1432/ [2]- عن أبي بصير، قال: لما دخل يوسف على الملك، قال له: كيف أنت يا إبراهيم؟ قال: «إني لست بإبراهيم، أنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم».

قال: و هو صاحب إبراهيم الذي حاج إبراهيم في ربه. قال: و كان أربع مائة سنة شابا.

1433/ [3]- عن حنان بن سدير، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن أشد الناس عذابا يوم القيامة سبعة نفر: أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه، و نمرود بن كنعان الذي حاج إبراهيم في ربه».

1434/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: إنه لما ألقى نمرود إبراهيم (عليه السلام) في النار، و جعلها الله عليه بردا و سلاما، قال: نمرود: يا إبراهيم، من ربك؟ قال: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ. قال له نمرود: أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ.

__________________________________________________

9- الخصال: 623/ 10.

1- تفسير العيّاشي 1: 139/ 464.

2- تفسير

العيّاشي 1: 139/ 463.

3- تفسير العيّاشي 1: 140/ 465.

4- تفسير القمّي 1: 86.

(1) القدر 97: 1. [.....]

(2) في «س، ط»: و المصدر: عن أبان بن حجر، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، انظر روضة الكافي: 368/ 559، معجم رجال الحديث 1: 163.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 529

فقال له إبراهيم (عليه السلام): «كيف تحيي و تميت؟». قال: أعمد إلى رجلين ممن قد وجب عليهما القتل فأطلق عن واحد، و أقتل واحدا، فأكون «1» قد أحييت و أمت.

قال إبراهيم (عليه السلام): «إن كنت صادقا فأحيى الذي قتلته» ثم قال: «دع هذا، فإن ربي يأتي بالشمس من المشرق، فأت بها من المغرب» فكان كما قال الله عز و جل: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ أي انقطع، و ذلك أنه علم أن الشمس أقدم منه.

1435/ [5]- أبو علي الطبرسي، قال: اختلف في وقت هذه المحاجة: فقيل: عند كسر الأصنام، قبل إلقائه في النار عن مقاتل. و قيل بعد إلقائه في النار «2» و جعلها عليه بردا و سلاما. عن الصادق (عليه السلام).

و

قال: و روي عن الصادق (عليه السلام): «أن إبراهيم (عليه السلام) قال له: أحيى من قتلته إن كنت صادقا».

سورة البقرة(2): آية 259 ..... ص : 529

أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها- إلى قوله تعالى- قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [259]

1436/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما عملت بنو إسرائيل المعاصي و عتوا عن أمر ربهم، أراد الله أن يسلط عليهم من يذلهم و يقتلهم، فأوحى الله تعالى إلى إرميا: يا إرميا، ما بلد

انتجبته «3» من بين البلدان، فغرست فيه من كرائم الشجر، فأخلف فأنبت خرنوبا؟ «4» فأخبر إرميا أحبار «5» بني إسرائيل، فقالوا له: راجع ربك، ليخبرنا ما معنى هذا المثل.

فصام إرميا سبعا، فأوحى الله إليه: يا إرميا، أما البلد فبيت المقدس، و أما ما أنبت فيه فبنو إسرائيل الذين

__________________________________________________

5- مجمع البيان 2: 635.

1- تفسير القمّي 1: 86.

(1) في «س، ط»: فيكون.

(2) (عن مقاتل، و قيل بعد إلقائه في النار) ليس في المصدر.

(3) في المصدر: انتخبته.

(4) الخرنوب: شجر برّيّ من الفصيلة القرنية، ذو شو و حمل كالتّفاح لكنّه بشع. «القاموس المحيط- خرب- 1: 63، المعجم الوسيط- خرب- 1: 223».

(5) في المصدر: أخيار علماء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 530

أسكنتهم فيها، فعملوا بالمعاصي، و غيروا ديني، و بدلوا نعمتي كفرا، فبي حلفت، لأمتحننهم بفتنة يظل الحليم فيها حيرانا، و لا سلطن عليهم شر عبادي ولادة، و شرهم طعاما، فيسلطن عليهم بالجبرية فيقتل مقاتليهم، و يسبي حريمهم، و يخرب ديارهم التي يغترون بها، و يلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة.

فأخبر إرميا أحبار بني إسرائيل، فقالوا له: راجع ربك، فقل له: ما ذنب الفقراء و المساكين و الضعفاء؟

فصام إرميا سبعا، ثم أكل أكلة فلم يوح إليه شي ء، ثم صام سبعا «1»، فأوحى الله إليه: يا إرميا، لتكفن عن هذا، أو لأردن وجهك إلى «2» قفاك». قال: «ثم أوحى الله تعالى إليه: قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه.

فقال أرميا: رب، أعلمني من هو حتى آتيه، فآخذ لنفسي و أهل بيتي منه أمانا؟ قال: ائت موضع كذا و كذا، فانظر إلى غلام أشدهم زمانة «3»، و أخبثهم ولادة، و أضعفهم جسما، و شرهم غذاء، فهو ذلك.

فأتى

إرميا ذلك البلد فإذا هو بغلام في خان، زمن «4»، ملقى على مزبلة وسط الخان، و إذا له أم ترمي بالكسر، و تفت الكسر في القصعة، و تحلب عليه خنزيرة لها، ثم تدنيه من ذلك الغلام فيأكله.

فقال إرميا: إن كان في الدنيا الذي وصفه الله فهو هذا. فدنا منه، فقال له: ما اسمك؟ قال: بخت نصر. فعرف أنه هو، فعالجه حتى برئ. ثم قال له: تعرفني؟ قال: لا، أنت رجل صالح. قال: أنا إرميا نبي بني إسرائيل، أخبرني الله أنه سيسلطك على بني إسرائيل فتقتل رجالهم، و تفعل بهم كذا و كذا- قال-: فتاه «5» الغلام في نفسه في ذلك الوقت، ثم قال إرميا: اكتب لي كتابا بأمان منك. فكتب له كتابا، و كان يخرج إلى الجبل و يحتطب، و يدخله المدينة و يبيعه، فدعا إلى حرب بني إسرائيل فأجابوه، و كان مسكنهم في بيت المقدس، و أقبل بخت نصر و من أجابه نحو بيت المقدس، و قد اجتمع إليه بشر كثير، فلما بلغ إرميا إقباله نحو بيت المقدس، استقبله على حمار له و معه الأمان الذي كتبه له بخت نصر، فلم يصل إليه إرميا من كثرة جنوده و أصحابه، فصير الأمان على قصبة أو خشبة و رفعها، فقال: من أنت؟ فقال: أنا أرميا النبي الذي بشرتك بأنك سيسلطك الله على بني إسرائيل، و هذا أمانك لي.

فقال: أما أنت فقد أمنتك، و أما أهل بيتك فإني أرمي من هاهنا إلى بيت المقدس، فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي، و إن لم تصل فهم آمنون. و انتزع قوسه و رمى نحو بيت المقدس، فحملت الريح النشابة حتى علقتها في بيت المقدس، فقال:

لا أمان لهم عندي.

فلما وافى نظر إلى جبل من تراب وسط المدينة، و إذا دم يغلي وسطه، كلما ألقي عليه التراب خرج و هو يغلي، فقال: ما هذا؟ فقالوا: هذا [دم نبي كان لله، فقتله ملوك بني إسرائيل و دمه يغلي، و كلما ألقينا عليه التراب خرج يغلي.

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: و أكل أكلة، و لم يوح إليه شي ء، ثمّ صام سبعا.

(2) في المصدر: في.

(3) الزّمانة: مرض يدوم. «المعجم الوسط- زمن- 1: 401».

(4) الزّمن: وصف من الزّمانة، أي مريض.

(5) تاه: تحيّر أو تكبّر. «الصحاح- تيه- 6: 2229».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 531

فقال بخت نصر: لأقتلن بني إسرائيل أبدا حتى يسكن هذا الدم. و كان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا (عليه السلام)، و كان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني إسرائيل، و كان يمر بيحيى بن زكريا، فقال له يحيى: اتق الله- أيها الملك- لا يحل لك هذا. فقالت له امرأة من اللواتي كان يزني بهن حين سكر: أيها الملك اقتل يحيى. فأمر أن يؤتى برأسه، فأتي «1» برأس يحيى (عليه السلام) في طست، و كان الرأس يكلمه، و يقول له: يا هذا، اتق الله، لا يحل لك هذا. ثم غلى الدم في الطست حتى فاض إلى الأرض، فخرج يغلي و لا يسكن، و كان بين قتل يحيى و بين خروج بخت نصر مائة سنة.

و لم يزل بخت نصر يقتلهم، و كان يدخل قرية قرية، فيقتل الرجال و النساء و الصبيان، و كل حيوان، و الدم يغلي حتى أفناهم، فقال: بقي أحد في هذه البلاد؟ فقالوا: عجوز في موضع كذا و كذا. فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن، و كانت آخر

من بقي.

ثم أتى بابل فبنى بها مدينة، و أقام و حفر بئرا، فألقى فيها دانيال، و ألقى معه اللبوة، فجعلت اللبوة تأكل «2» طين البئر، و يشرب دانيال لبنها، فلبث بذلك زمانا. فأوحى الله إلى النبي الذي كان في بيت المقدس: أن اذهب بهذا الطعام و الشراب إلى دانيال، و أقرئه مني السلام. قال: و أين دانيال، يا رب؟ قال: في بئر ببابل في موضع كذا و كذا.

فأتاه فاطلع في البئر، فقال: يا دانيال؟ فقال: لبيك، صوت غريب «3». قال: إن ربك يقرئك السلام، و قد بعث إليك بالطعام و الشراب. فدلاه إليه- قال- فقال دانيال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه، الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه، الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا، الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة، الحمد لله الذي يكشف ضرنا عند كربتنا، الحمد لله الذي هو ثقتنا حين تنقطع الحيل منا، الحمد لله الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا».

قال: «فرأى بخت نصر في منامه «4» كأن رأسه من حديد، و رجليه من نحاس، و صدره من ذهب- قال-:

فدعا المنجمين، فقال لهم: ما رأيت في المنام؟ قالوا: ما ندري، و لكن قص علينا ما رأيت. فقال: أنا اجري عليكم الأرزاق منذ كذا و كذا، و لا تدرون ما رأيت في المنام؟! و أمر بهم فقتلوا».

قال: «فقال له بعض من كان عنده: إن كان عند أحد شي ء فعند صاحب الجب، فإن اللبوة لم تتعرض له، و هي تأكل الطين و ترضعه، فبعث إلى دانيال، فقال: ما رأيت في المنام؟ قال: رأيت كأن

رأسك من حديد، و رجليك من نحاس، و صدرك من ذهب.

فقال: هكذا رأيت، فما ذاك؟ قال: قد ذهب ملكك، و أنت مقتول إلى ثلاثة أيام، يقتلك رجل من ولد فارس».

__________________________________________________

(1) في المصدر: فأتوا. [.....]

(2) في المصدر زيادة: من.

(3) في «ط» نسخة بدل: بصوت غريب.

(4) في المصدر: نومه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 532

قال: «فقال: إن علي سبع مدائن، على باب كل مدينة حرس، و ما رضيت بذلك حتى وضعت بطة من نحاس على باب كل مدينة، لا يدخل غريب إلا صاحت عليه، حتى يؤخذ- قال- فقال له: إن الأمر كما قلت لك».

قال: «فبث الخيل، و قال: لا تلقون أحدا من الخلق إلا قتلتموه كائنا من كان. و كان دانيال جالسا عنده، و قال:

لا تفارقني هذه الثلاثة أيام، فإن مضت هذه الثلاثة أيام و أنا سالم قتلتك.

فلما كان في اليوم الثالث ممسيا أخذه الغم، فخرج فتلقاه غلام كان يخدم ابنا له، من أهل فارس، و هو لا يعلم أنه من أهل فارس، فدفع إليه سيفه، و قال: يا غلام، لا تلقى أحدا من الخلق إلا و قتلته، و إن لقيتني أنا فاقتلني.

فأخذ الغلام سيفه فضرب به بخت نصر ضربة فقتله.

فخرج إرميا على حمار و معه تين قد تزوده، و شي ء من عصير، فنظر إلى سباع البر و سباع البحر و سباع الجو تأكل الجيف، ففكر في نفسه ساعة، ثم قال: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها و قد أكلتهم السباع، فأماته الله مكانه و هو قول الله تبارك و تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أي أحياه.

فلما رحم

الله بني إسرائيل، و أهلك بخت نصر، رد بني إسرائيل إلى الدنيا، و كان عزير لما سلط الله بخت نصر على بني إسرائيل، هرب و دخل في عين و غاب فيها، و بقي إرميا «1» ميتا مائة سنة، ثم أحياه الله تعالى، فأول ما أحيا منه عيناه في مثل غرقئ «2» البيض، فنظر، فأوحى الله تعالى إليه: كم لبثت؟ قال لبثت يوما. ثم نظر إلى الشمس و قد ارتفعت فقال: أو بعض يوم.

فقال الله تعالى: بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ أي لم يتغير وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فجعل ينظر إلى العظام البالية المنفطرة تجتمع إليه و إلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من هاهنا و هاهنا، و يلتزق بها حتى قام، و قام حماره، فقال: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ».

1437/ [1]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها.

فقال: «إن الله بعث إلى بني إسرائيل نبيا يقال له إرميا، فقال: قل لهم: ما بلد تنقيته من كرائم البلدان، و غرست فيه من كرائم الغرس، و نقيته من كل غريبة، فأخلف فأنبت خرنوبا؟- قال- فضحكوا و استهزءوا به، فشكاهم إلى الله- قال-: فأوحى الله إليه: أن قل لهم: إن البلد بيت المقدس، و الغرس بنو إسرائيل تنقيته من كل غريبة، و نحيت عنهم كل جبار، فأخلفوا فعملوا بمعاصي الله، فلا سلطن عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم،

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي

1: 140/ 466.

(1) في «ط» نسخة بدل: دانيال.

(2) الغرقى: القشرة الرقيقة الملتزقة ببياض البيض. «المعجم الوسيط- غرقأ- 2: 650».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 533

و يأخذ أموالهم، فإن بكوا إلي فلم أرحم بكاءهم، و إن دعوا لم أستجب دعاءهم «1» ثم لأخربنها مائة عام، ثم لا عمرنها.

فلما حدثهم جزعت العلماء، فقالوا: يا رسول الله، ما ذنبنا نحن، و لم نكن نعمل بعملهم، فعاود لنا ربك.

فصام سبعا، فلم يوح إليه شي ء، فأكل أكلة ثم صام سبعا فلم يوح إليه شي ء، فأكل أكلة، ثم صام سبعا. فلما كان يوم الواحد و العشرين أوحى الله إليه: لترجعن عما تصنع، أ تراجعني في أمر قضيته، أو لأردن وجهك على دبرك. ثم أوحى إليه: قل لهم: لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه. فسلط الله عليهم بخت نصر، فصنع بها ما قد بلغك، ثم بعث بخت نصر إلى النبي (عليه السلام)، فقال: إنك قد نبئت عن ربك، و حدثتهم بما أصنع بهم، فإن شئت فأقم عندي فيمن شئت، و إن شئت فاخرج.

فقال: لا بل أخرج، فتزود عصيرا و تينا و خرج. فلما أن كان «2» مد البصر التفت إليها، فقال: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ، أماته غدوة، و بعثه عشية قبل أن تغيب الشمس، و كان أول شي ء خلق منه عينيه في مثل غرقئ البيض، ثم قيل له: كم لبثت؟ قال: لبثت يوما. فلما نظر إلى الشمس لم تغب، قال: أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً».

قال: «فجعل ينظر إلى عظامه، كيف

يصل بعضها إلى بعض، و يرى العروق كيف تجري، فلما استوى قائما، قال: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ».

و في رواية هارون: فتزود عصيرا و لبنا.

1438/ [3]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) هكذا: ألم تر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له- قال: ما تبين لرسول الله (صلى الله عليه و آله) أنها في السماوات- قال الرسول: أعلم أن الله على كل شي ء قدير. سلم رسول الله (صلى الله عليه و آله) للرب، و آمن بقول الله: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ».

1439/ [4]- أبو طاهر العلوي، عن علي بن محمد العلوي، عن علي بن مرزوق، عن إبراهيم بن محمد، قال: ذكر جماعة من أهل العلم أن ابن الكواء قال لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا؟

قال: «نعم، أولئك ولد عزيز، حين مر على قرية خربة و قد جاء من ضيعة له، تحته حمار، و معه شنة «3» فيها تين، و كوز فيه عصير، فمر على قرية خربة، فقال: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ فتوالد

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 141/ 467.

4- تفسير العيّاشي 1: 141/ 468.

(1) زاد في «ط»: فشّلتهم و فشّلت.

(2) في المصدر: أن غاب.

(3) الشّنّ: القربة الخلق، و هي الشّنّة أيضا. «الصحاح- شنن- 5: 2146».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 534

ولده و تناسلوا، ثم بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه، فأولئك ولده أكبر من أبيهم».

1440/ [5]- الطبرسي في (الاحتجاج): في حديث عن الصادق (عليه السلام) و

قد سأله زنديق، فقال: فلو أن الله رد إلينا من الأموات في كل مائة عام [واحدا]، لنسأله عمن مضى منا إلى ما صاروا و كيف حالهم، و ماذا لقوا بعد الموت، أي شي ء صنع بهم، لعمل الناس على اليقين، و اضمحل الشك، و ذهب الغل عن القلوب.

قال (عليه السلام): «إن هذه مقالة من أنكر الرسل و كذبهم [و لم يصدق بما جاءوا به من عند الله، [إذ] أخبروا و قالوا: إن الله عز و جل أخبر في كتابه على لسان الأنبياء (عليهم السلام) حال من مات منا، أ فيكون أحدا أصدق من الله قولا و من رسله، و قد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير، منهم: أصحاب الكهف، أماتهم الله ثلاث مائة عام و تسعة، ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث، ليقطع حجتهم، و ليريهم قدرته، و ليعلموا أن البعث حق.

و أمات الله إرميا النبي (عليه السلام) الذي نظر إلى خراب بيت المقدس و ما حوله حين غزاهم بخت نصر، فقال:

أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثم أحياه و نظر إلى أعضائه كيف تلتئم، و كيف تلبس اللحم، و إلى مفاصله و عروقه كيف توصل، فلما استوى قائما «1»، قال: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ».

1441/ [6]- أبو علي الطبرسي، قال: الذي مر على قرية هو عزير. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

قال: و قيل:

هو إرميا. و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

1442/ [7]- عنه، قال: و روي عن علي (عليه السلام): «أن عزيرا خرج من أهله، و امرأته حامل، و له خمسون سنة، فأماته الله مائة سنة، ثم بعثه فرجع إلى

أهله ابن خمسين سنة، و له ابن له مائة سنة، فكان ابنه أكبر منه، فذلك من آيات الله».

1443/ [8]- قلت: و روى سعد بن عبد الله القمي في (بصائر الدرجات) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «أن الآية في عزير و عزرة «2»».

سورة البقرة(2): آية 260 ..... ص : 534

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ

__________________________________________________

5- الاحتجاج: 343.

6- مجمع البيان 2: 639.

7- مجمع البيان 2: 641. [.....]

8- مختصر بصائر الدرجات: 23.

(1) في المصدر: قاعدا.

(2) (و عزرة) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 535

ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [260]

1444/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق «1» (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «استجاب الله عز و جل دعوة إبراهيم (عليه السلام) حين قال: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى و هذه آية متشابهة، و معناها: أنه سأل عن الكيفية، و الكيفية من فعل الله عز و جل، متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب، و لا عرض في توحيده نقص. فقال الله عز و جل: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى هذا شرط عام، من آمن به متى سئل واحد منهم: أ و لم تؤمن. وجب أن يقول: بلى كما قال إبراهيم، و

لما قال الله عز و جل لجميع أرواح بني آدم: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «2» كان أول من قال: بلى محمد (صلى الله عليه و آله)، فصار بسبقه إلى (بلى) سيد الأولين و الآخرين، و أفضل النبيين و المرسلين. فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم فقد رغب عن ملته قال الله عز و جل: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ «3» ثم اصطفاه الله عز و جل في الدنيا».

1445/ [2]- عنه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».

فسأله عن آيات من القرآن، فكان فيما سأله أن قال له: فأخبرني عن قول الله: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي.

قال الرضا (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى كان أوحى إلى إبراهيم (عليه السلام): أني متخذ من عبادي خليلا، إن سألني إحياء الموتى أجبته، فوقع في نفس إبراهيم (عليه السلام) أنه ذلك الخليل، فقال: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي على الخلة قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. فأخذ إبراهيم (عليه السلام) نسرا و بطا و طاوسا و ديكا فقطعهن و خلطهن، ثم جعل على كل جبل من الجبال

التي كانت حوله- و كانت عشرة-

__________________________________________________

1- الخصال: 308/ 84.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 198/ 1.

(1) في المصدر: عليّ بن أحمد بن موسى، و كلاهما من مشايخ الصدوق، و لا يبعد اتحادهما، انظر معجم رجال الحديث 11: 254 و 255.

(2) الأعراف 7: 172.

(3) البقرة 2: 130.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 536

منهن جزءا، و جعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم دعاهن بأسمائهن، و وضع عنده حبا و ماء، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان، و جاء كل بدن حتى انضم إلى رقبته و رأسه، فخلى إبراهيم (عليه السلام) عن مناقيرهن فطرن، ثم وقعن و شربن من ذلك الماء، و التقطن من ذلك الحب، و قلن: يا نبي الله، أحييتنا أحياك الله.

فقال إبراهيم (عليه السلام): بل الله يحيي و يميت، و هو على كل شي ء قدير».

قال المأمون: بارك الله فيك يا أبا الحسن.

1446/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إبراهيم (عليه السلام) نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع البر و سباع البحر، ثم تثب «1» السباع بعضها على بعض، فيأكل بعضها بعضا، فتعجب إبراهيم (عليه السلام)، فقال: يا رب، أرني كيف تحيي الموتى؟ فقال الله تعالى: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ؟ قال: بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي. قال: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. فأخذ إبراهيم (عليه السلام) الطاوس و الديك و الحمام و الغراب، فقال الله عز و جل: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ أي قطعهن، ثم اخلط

لحمهن و فرقهن على عشرة جبال، ثم خذ مناقيرهن و ادعهن يأتينك سعيا. ففعل إبراهيم (عليه السلام) ذلك، و فرقهن على عشرة جبال، ثم دعاهن، فقال: أجيبيني بإذن الله تعالى. فكانت تجتمع و تتألف لحم كل واحد و عظمه إلى رأسه، فطارت إلى إبراهيم (عليه السلام)، فعند ذلك قال إبراهيم (عليه السلام): إن الله عزيز حكيم».

1447/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن الحكم، قال: كتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) أخبره أني شاك، و قد قال إبراهيم (عليه السلام): رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى فإني أحب أن تريني شيئا من ذلك.

فكتب (عليه السلام) إليه: «إن إبراهيم كان مؤمنا و أحب أن يزداد إيمانا، و أنت شاك و الشاك لا خير فيه».

و كتب إليه: «إنما الشك ما لم يأت اليقين، فإذا جاء اليقين لم يجز الشك».

و كتب: «إن الله عز و جل يقول: ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ «2»- قال- نزلت في الشاك».

1448/ [5]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن نصر بن قابوس، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا أحببت أحدا من إخوانك فأعلمه ذلك، فإن إبراهيم (عليه السلام) قال: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 91.

4- الكافي 2: 293/ 1.

5- الكافي 2: 470/ 1.

(1) في المصدر: تحمل.

(2) الأعراف 7: 102.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 537

1449/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن محمد بن عبد الحميد،

عن صفوان بن يحيى، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله لإبراهيم: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أ كان في قلبه شك؟

قال: «لا، كان على يقين، و لكنه أراد من الله الزيادة في يقينه».

1450/ [7]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول إبراهيم (عليه السلام): رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما رأى «1» إبراهيم (عليه السلام) ملكوت السماوات و الأرض، رأى رجلا يزني، فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر، فدعا عليه فمات، حتى رأى ثلاثة، فدعا عليهم فماتوا. فأوحى الله إليه: أن- يا إبراهيم- إن دعوتك مجابة، فلا تدع على عبادي، فإني لو شئت لم أخلقهم، إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبدا يعبدني و لا يشرك بي شيئا فأثيبه، و عبدا يعبد «2» غيري فلن يفوتني، و عبدا يعبد غيري فاخرج من صلبه من يعبدني.

ثم التفت فرأى جيفة على ساحل، بعضها في الماء، و بعضها في البر «3»، تجي ء سباع البحر فتأكل ما في الماء، ثم ترجع فيشد بعضها على بعض، و يأكل بعضها بعضا، و تجي ء سباع البر فتأكل منها، فيشد بعضها على بعض و يأكل بعضها بعضا. فعند ذلك تعجب مما رأى، و قال: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قال: كيف تخرج ما تناسخ! هذه أمم أكل بعضها بعضا. قال: أو لم تؤمن؟ قال: بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي يعني حتى أرى هذا كما أراني «4» الله الأشياء كلها. قال: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ تقطعهن و تخلطهن، كما اخلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكلت بعضها بعضا ثُمَّ اجْعَلْ عَلى

كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً، فلما دعاهن أجبنه، و كانت الجبال عشرة».

1451/ [8]- و روى أبو بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كانت الجبال عشرة، و كانت الطيور: الديك، و الحمامة، و الطاوس، و الغراب. و قال: فخذ أربعة من الطير فصرهن و قطعهن بلحمهن و عظامهن و ريشهن ثم أمسك رؤوسهن، ثم فرقهن على عشرة جبال، على كل جبل منهن جزء. فجعل ما كان في هذا الجبل يذهب إلى هذا الجبل بريشه و لحمه و دمه، ثم يأتيه حتى يضع رأسه في عنقه حتى فرغ من أربعتهن».

__________________________________________________

6- المحاسن: 247/ 249. [.....]

7- تفسير العيّاشي 1: 142/ 469.

8- تفسير العيّاشي 1: 142/ 470.

(1) في المصدر: أري.

(2) في «ط»: عبد.

(3) في «ط»: نسخة بدل: نصفها في الماء، نصفها في البرّ.

(4) في المصدر: رأى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 538

1452/ [9]- عن معروف بن خربوذ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الله لما أوحى إلى إبراهيم (عليه السلام): أن خذ أربعة من الطير، عمد إبراهيم فأخذ النعامة و الطاوس و الوزة و الديك، فنتف ريشهن بعد الذبح، ثم جمعهن في مهراسة «1» فهرسهن، ثم فرقهن على جبال الأردن، و كانت يومئذ عشرة جبال، فوضع على كل جبل منهن جزءا، ثم دعاهن بأسمائهن، فأقبلن إليه سعيا- يعني مسرعات- فقال إبراهيم عند ذلك: أعلم أن الله على كل شي ء قدير».

1453/ [10]- عن علي بن أسباط: أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) سئل عن قول الله: قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أ كان في قلبه شك؟ قال: «لا، و لكن أراد من الله الزيادة في يقينه». قال: و الجزء واحد من عشرة «2».

1454/

[11]- عن عبد الصمد بن بشير، قال: جمع لأبي جعفر المنصور القضاة، فقال لهم: رجل أوصى بجزء من ماله، فكم الجزء؟ فلم يعلموا كم الجزء و اشتكوا إليه فيه، فأبرد بريدا إلى صاحب المدينة أن يسأل جعفر بن محمد (عليه السلام): رجل أوصى بجزء من ماله فكم الجزء؟ و قد أشكل ذلك على القضاة، فلم يعلموا كم الجزء. فإن هو أخبرك به و إلا فاحمله على البريد و وجهه إلي.

فأتى صاحب المدينة أبا عبد الله (عليه السلام) فقال له: إن أبا جعفر بعث إلي أن أسألك عن رجل أوصى بجزء من ماله، و سأل من قبله من القضاة فلم يخبروه ما هو، و قد كتب إلي إن فسرت ذلك له و إلا حملتك على البريد إليه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هذا في كتاب الله بين، إن الله يقول لما قال إبراهيم: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى إلى قوله تعالى: ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً فكانت الطير أربعة و الجبال عشرة، يخرج الرجل من كل عشرة أجزاء جزءا واحدا.

و إن إبراهيم (عليه السلام) دعا بمهراس فدق فيه الطيور جميعا، و حبس الرؤوس عنده، ثم إنه دعا بالذي امر به، فجعل ينظر إلى الريش كيف يخرج، و إلى العروق عرقا عرقا حتى تم جناحه مستويا، فأهوى نحو إبراهيم (عليه السلام) فأخذ «3» إبراهيم ببعض الرؤوس فاستقبله به، فلم يكن الرأس الذي استقبله به لذلك البدن حتى انتقل إليه غيره، فكان موافقا للرأس، فتمت العدة، و تمت الأبدان».

1455/ [12]- عن عبد الرحمن بن سيابة، قال: إن امرأة أوصت إلي، و قالت لي: ثلثي تقضي به دين ابن أخي،

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 143/ 471.

10- تفسير العيّاشي

1: 143/ 472.

11- تفسير العيّاشي 1: 143/ 473.

12- تفسير العيّاشي 1: 144/ 474.

(1) المهراسة: الآلة المهروس بها. «لسان العرب- هرس- 6: 247».

(2) هذه الجملة توضيح

لقوله في الحديث السابق «فوضع على كلّ جبل منهن جزءا»

أو للأحاديث الآتية.

(3) في «س»: فقال، و المراد فأشار، و في المصدر: فمال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 539

و جزء منه لفلانة «1». فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى، فقال: ما أرى لها شيئا، و ما أدري ما الجزء.

فسألت أبا عبد الله (عليه السلام) و أخبرته كيف قالت المرأة، و ما قال ابن أبي ليلى. فقال: «كذب ابن ليلى، لها عشر الثلث، إن الله أمر إبراهيم (عليه السلام)، فقال: اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً و كانت الجبال يومئذ عشرة، و هو العشر من الشي ء».

1456/ [13]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل أوصى بجزء من ماله. فقال: «جزء من عشرة، كانت الجبال عشرة، و كانت الطير: الطاوس، و الحمامة، و الديك، و الهدهد، فأمره الله أن يقطعهن، و أن يضع على كل جبل منهن جزءا، و أن يأخذ رأس كل طير منها بيده- قال-: فكان إذا أخذ رأس الطير منها بيده، تطاير إليه ما كان منه حتى يعود كما كان».

1457/ [14]- عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن عبد الله، قال: جاءني أبو جعفر بن سليمان الخراساني، و قال: نزل بي رجل من خراسان من الحجاج فتذاكرنا الحديث، فقال: مات لنا أخ بمرو، و أوصى إلي بمائة ألف درهم، و أمرني أن اعطي أبا حنيفة منها جزءا، و لم أعرف الجزء كم هو مما ترك؟ فلما قدمت الكوفة أتيت أبا حنيفة، فسألته عن الجزء، فقال لي:

الربع. فأبى قلبي ذلك، فقلت: لا أفعل حتى أحج و استقصي المسألة. فلما رأيت أهل الكوفة قد أجمعوا على الربع، قلت لأبي حنيفة: لا سوءة بذلك، لك أوصى بها يا أبا حنيفة، و لكن أحج و استقصي المسألة. فقال أبو حنيفة: و أنا أريد الحج.

فلما أتينا مكة، و كنا في الطواف فإذا نحن برجل شيخ قاعد، قد فرغ من طوافه، و هو يدعو و يسبح، إذ التفت أبو حنيفة، فلما رآه قال: إن أردت أن تسأل غاية الناس فسل هذا، فلا أحد بعده. قلت: و من هذا؟ قال: جعفر بن محمد.

فلما قعدت و استمكنت، إذ استدار أبو حنيفة خلف ظهر جعفر بن محمد (عليه السلام)، فقعد قريبا مني فسلم عليه و عظمه، و جاء غير واحد مزدلفين مسلمين عليه و قعدوا. فلما رأيت ذلك من تعظيمهم له اشتد ظهري، فغمزني أبو حنيفة أن تكلم. فقلت: جعلت فداك، إني رجل من أهل خراسان، و إن رجلا مات و أوصى إلي بمائة ألف درهم، و أمرني أن أعطي منها جزءا، و سمى لي الرجل، فكم الجزء، جعلت فداك؟

فقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «يا أبا حنيفة، لك أوصى، قل فيها» فقال: الربع، فقال لابن أبي ليلي: «قل فيها» فقال: الربع.

فقال جعفر (عليه السلام): «من أين قلتم الربع؟».

قال: لقول الله: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) لهم، و أنا أسمع هذا: «قد علمت أن الطير أربعة، فكم كانت الجبال، إنما الأجزاء

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 1: 144/ 475. [.....]

14- تفسير العيّاشي 1: 144/ 476.

(1) في «ط»: لفلان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 540

للجبال ليس للطير؟» فقالوا: ظننا أنها

أربعة. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «و لكن الجبال عشرة».

1458/ [15]- عن صالح بن سهل الهمداني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً.

فقال: «أخذ الهدهد و الصرد «1» و الطاوس، و الغراب، فذبحهن و عزل رؤوسهن، ثم نحز «2» أبدانهم بالمنحاز «3» بريشهن، و لحومهن، و عظامهن حتى اختلطت، ثم جزأهن عشرة أجزاء على عشرة جبال، ثم وضع عنده حبا و ماء «4»، ثم جعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم قال: ائتيني سعيا بإذن الله، فتطايرت بعض «5» إلى بعض، اللحوم و الريش و العظام حتى استوت الأبدان «6» كما كانت، و جاء كل بدن حتى التزق برقبته التي فيها المنقار، فخلى إبراهيم (عليه السلام) عن مناقيرها، فرفعن و شربن من ذلك الماء، و التقطن من ذلك الحب، ثم قلن: يا نبي الله، أحييتنا أحياك الله. فقال: بل الله يحيي و يميت.

فهذا تفسيره في الظاهر، و أما تفسيره في باطن القرآن، قال: خذ أربعة «7» ممن يحتمل الكلام فاستودعهم علمك، ثم ابعثهم في أطراف الأرض حججا لك على الناس، فإذا أردت أن يأتوك دعوتهم بالاسم الأكبر يأتونك سعيا، بإذن الله تعالى».

سورة البقرة(2): آية 261 ..... ص : 540

قوله تعالى:

مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ [261]

1459/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، قال: سمعت أبا

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 145/ 477.

1- المحاسن: 254/ 283.

(1) الصّرد: طائر أكبر من العصفور، ضخم الرأس و المنقار يصيد صغار الحشرات، و ربما صاد العصفور، و

كانوا يتشاءمون به. «المعجم الوسيط- صرد- 1: 512».

(2) نحز الشي ء: دقّه و سحقه بالمنحاز. و في المصدر: نخر.

(3) المنحاز: الهاون. «لسان العرب- نحز- 5: 414»، و في المصدر: بالمنخار.

(4) في «س و ط»: عنده أكبادها.

(5) في المصدر: بعضهن.

(6) في المصدر: بالأبدان.

(7) في المصدر زيادة: من الطير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 541

عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا أحسن العبد المؤمن عمله ضاعف الله تعالى عمله، لكل حسنة سبع مائة، و ذلك قول الله: وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ فأحسنوا أعمالكم التي تعملونها لثواب الله». فقلت له: و ما الإحسان؟

قال: فقال: «إذا صليت فأحسن ركوعك و سجودك، و إذا صمت فتوق كل ما فيه فساد صومك، و إذا حججت فتوق ما يحرم عليك في حجك و عمرتك- قال-: و كل عمل تعمله لله فليكن نقيا من الدنس».

1460/ [2]- الشيخ في (أماليه): قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «إذا أحسن العبد المؤمن عمله ضاعف الله عمله بكل حسنة سبع مائة ضعف و ذلك قوله عز و جل: وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ».

1461/ [3]- العياشي: عن عمر بن يونس، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف الله تعالى «1» عمله بكل حسنة سبع مائة ضعف فذلك قول الله عز و جل: وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ فأحسنوا أعمالكم التي تعملونها لثواب الله». قلت: و ما الإحسان؟

قال: إذا صليت

فأحسن ركوعك و سجودك، و إذا صمت فتوق «2» ما فيه فساد صومك، و إذا حججت فتوق كل ما يحرم عليك في حجتك و عمرتك- قال- و كل عمل تعمله فليكن نقيا من الدنس».

1462/ [4]- عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: أ رأيت المؤمن له فضل على المسلم في شي ء من المواريث و القضايا و الأحكام حتى يكون للمؤمن أكثر مما يكون للمسلم في المواريث أو غير ذلك؟

قال: «لا، هما يجريان في ذلك مجرى واحدا إذا حكم الإمام عليهما، و لكن للمؤمن فضلا على المسلم في أعمالهما، و ما يتقربان به إلى الله تعالى».

قال: فقلت: أ ليس الله يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «3»، و زعمت أنهم مجتمعون على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج من المؤمن؟

قال: فقال: «أليس الله قد قال: وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ أضعافا كثيرة؟ فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله لهم الحسنات، لكل حسنة سبعين ضعفا، فهذا من فضلهم، و يزيد الله المؤمن في حسناته على قدر صحة إيمانه أضعافا مضاعفة كثيرة، و يفعل الله بالمؤمن ما يشاء».

__________________________________________________

2- الأمالي 1: 227.

3- تفسير العيّاشي 1: 146/ 478.

4- تفسير العيّاشي 1: 146/ 479. [.....]

(1) في المصدر زيادة: له.

(2) في المصدر زيادة: كلّ.

(3) الأنعام 6: 160.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 542

1463/ [5]- عن محمد الوابشي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف الله له عمله بكل حسنة سبع مائة ضعف، و ذلك قول الله تبارك و تعالى: وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ».

1464/ [6]- عن المفضل بن محمد الجعفي «1»، قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ

سَنابِلَ. قال: «الحبة: فاطمة (صلى الله عليها)، و السبع سنابل: سبعة من ولدها، سابعهم قائمهم».

قلت: الحسن (عليه السلام)؟ قال: «الحسن إمام من الله مفترض طاعته، و لكن ليس من السنابل السبعة، أولهم الحسين (عليه السلام)، و آخرهم القائم» «2».

فقلت: قوله: فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ. قال: يولد الرجل منهم في الكوفة مائة من صلبه، و ليس ذلك إلا هؤلاء السبعة».

1465/ [7]- أبو علي الطبرسي: الآية عامة في النفقة في جميع ذلك. و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

و قال: و قيل: هي خاصة بالجهاد، فأما غيره من الطاعات فإنما يجزي بالواحد عشر أمثالها.

1466/ [8]- و عنه: قال: و روي عن ابن عمر أنه قال: لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رب زد أمتي» فنزل قوله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً «3» قال: «رب زد أمتي» فنزل:

إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ «4».

سورة البقرة(2): الآيات 262 الي 266 ..... ص : 542

قوله تعالى:

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [262- 266]

1467/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: الصادق (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أسدى إلى مؤمن

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 147/ 481.

6- تفسير العيّاشي 1: 147/ 480.

7- مجمع البيان 2: 646.

8- مجمع البيان 2: 646.

1- تفسير القمّي 1: 91.

(1) كذا في «س و ط»: و المصدر، و الظاهر أنّه: الضبي، الذي عدّه الشيخ الطوسي في رجاله: 315/ 556 من أصحاب الإمام الصادق (عليه السّلام).

(2) قال الحرّ العاملي في (إثبات الهداة 7: 95/ 550): هؤلاء السبعة من جملة الاثني عشر،

و ليس فيه إشعار بالحصر كما هو واضح، و لعلّ المراد السابع من الصادق (عليه السّلام)، لأنّه هو المتكلّم بهذا الكلام، انتهى.

و الحديث مجهول و فيه اضطراب بيّن، إذا إنّ ظاهره لا ينسجم مع مسلّمات المذهب، إلّا على تأويل التوسعة في العدد (سبعة)، لأنّ العرب تستخدمه كثيرا و لا تريد به حصر العدد، بل تريد التكثير و التضعيف.

(3) البقرة 2: 245.

(4) الزّمر 39: 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 543

معروفا، ثم آذاه بالكلام أو من عليه، فقد أبطل الله صدقته، ثم ضرب فيه مثلا، فقال: كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْ ءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ.

و قال: من كثر امتنانه «1» و أذاه لمن يتصدق عليه بطلت صدقته، كما يبطل التراب الذي يكون على الصفوان».

و الصفوان: الصخرة الكبيرة التي تكون في المفازة «2» فيجي ء المطر فيغسل التراب عنها و يذهب به، فضرب الله هذا المثل لمن اصطنع معروفا ثم اتبعه بالمن و الأذى.

1468/ [2]- و عنه: قال الصادق (عليه السلام): «ما شي ء أحب إلي من رجل سلفت مني إليه يد أتبعتها «3» أختها و أحسنت بها له، لأني رأيت منع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل».

ثم ضرب مثل المؤمنين الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله، و تثبيتا من أنفسهم عن المن و الأذى، فقال:

وَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ تَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ قال: مثلهم كمثل جنة: أي بستان، في موضع مرتفع، أصابها وابل:

أي مطر، فآتت أكلها ضعفين: أي يتضاعف ثمرها كما يتضاعف أجر من أنفق ماله ابتغاء مرضاة الله، و الطل: ما يقع بالليل على الشجر و النبات.

1469/ [3]- و عنه: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الله يضاعف لمن يشاء: لمن أنفق ماله ابتغاء مرضاة الله- قال- فمن أنفق ماله ابتغاء مرضاة الله ثم امتن على من تصدق عليه، كان كما قال الله: أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَ أَصابَهُ الْكِبَرُ وَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ- قال-: الإعصار: الرياح، فمن امتن على من تصدق عليه، كان كمن له جنة كثيرة الثمار، و هو شيخ ضعيف و له أولاد «4» ضعفاء فتجي ء ريح أو نار فتحرق ماله كله».

1470/ [4]- العياشي: عن المفضل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن جعفر بن محمد، أو أبي جعفر (عليهما السلام)، في قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى إلى آخر الآية. قال:

«نزلت في عثمان، و جرت في معاوية و أتباعهما».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 91.

3- تفسير القمّي 1: 91. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 147/ 482.

(1) في المصدر: أكثر منّه.

(2) في المصدر: على مفازة.

(3) في المصدر: أتبعته.

(4) في المصدر زيادة: صغار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 544

1471/ [5]- عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى «لمحمد و آل محمد (عليه الصلاة و السلام)، هذا تأويل. قال: أنزلت في عثمان».

1472/ [6]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: يا

أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى إلى قوله: لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْ ءٍ مِمَّا كَسَبُوا. قال: «صفوان: أي حجر، و الذين ينفقون أموالهم رياء الناس: فلان، و فلان، و فلان، و معاوية، و أشياعهم».

1473/ [7]- عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ.

قال: «نزلت في علي (عليه السلام)».

1474/ [8]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ، قال: «علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أفضلهم، و هو ممن ينفق ماله ابتغاء مرضاة الله».

1475/ [9]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام): إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ، قال: «ريح».

سورة البقرة(2): آية 267 ..... ص : 544

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ [267]

1476/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ.

قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا أمر بالنخل أن يزكى، يجي ء قوم بألوان من التمر، و هو من أردأ التمر

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 147/ 483.

6- تفسير العيّاشي 1: 148/ 484.

7- تفسير العيّاشي 1: 148/ 485، شواهد التنزيل 1: 104/ 144.

8- تفسير العيّاشي 1: 148/ 486.

9- تفسير العيّاشي 1: 148/ 4987.

1- الكافي 4: 48/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 545

يؤدونه عن زكاتهم

تمرا، يقال له: الجعرور و المعافارة، قليلة اللحاء «1»، عظيمة النوى، و كان بعضهم يجي ء بها عن التمر الجيد، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تخرصوا «2» هاتين النخلتين، و لا تجيئوا منها بشي ء، و في ذلك نزل:

وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ و الإغماض: أن تأخذ هاتين التمرتين».

1477/ [2]- و في رواية اخرى: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ.

قال: «كان القوم قد كسبوا مكاسب سوء في الجاهلية، فلما أسلموا أرادوا أن يخرجوها من أموالهم ليتصدقوا بها، فأبى الله تبارك و تعالى إلا أن يخرجوا من أطيب ما كسبوا».

1478/ [3]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن داود، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إذا زنى الزاني «3» فارقه روح الإيمان».

قال: فقال: «هو مثل قول الله عز و جل: وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ- ثم قال- غير هذا أبين منه، ذلك قول الله عز و جل: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «4» هو الذي فارقه».

1479/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ.

قال: «كان أناس على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتصدقون بشر ما عندهم من التمر الرقيق القشر، الكبير النوى، يقال له: المعافارة، ففي ذلك أنزل الله: وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ».

1480/ [5]- عن أبي

بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ؟

قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا أمر بالنخل أن يزكى، يجي ء قوم بألوان من التمر، هو من أردأ التمر يؤدونه عن زكاتهم تمرا، يقال له: الجعرور و المعافارة، قليلة اللحاء، عظيمة النوى، فكان بعضهم يجي ء بها عن التمر الجيد، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تخرصوا هاتين، و لا تجيئوا منها بشي ء، و في ذلك أنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ- إلى قوله:- إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ و الإغماض: أن يأخذ هاتين التمرتين من التمر».

__________________________________________________

2- الكافي 4: 48/ 10.

3- الكافي 2: 216/ 17.

4- تفسير العيّاشي 1: 148/ 488. [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 148/ 489.

(1) في «س»: اللحم.

(2) خرص النخلة: حزر ما عليها من الرّطب. «مجمع البحرين- خرص- 4: 167».

(3) في المصدر: الرجل.

(4) المجادلة 58/ 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 546

و قال: «لا يصل إلى الله صدقة من كسب حرام».

1481/ [6]- عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ.

قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعث عبد الله بن رواحة، فقال: لا تخرصوا جعرورا و لا معافارة، و كان أناس يجيئون بتمر سوء، فأنزل الله جل ذكره: وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ، و ذكر أن عبد الله خرص عليهم تمر سوء، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): يا عبد الله، لا تخرصوا «1» جعرورا و لا معافارة».

1482/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ.

قال: «كانت بقايا في أموال

الناس أصابوها من الربا، [من المكاسب الخبيثة قبل ذلك، فكان أحدهم يتيممها «2» فينفقها و يتصدق بها، فنهاهم الله عن ذلك».

1483/ [8]- عن أبي الصباح، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ.

قال: «كان الناس حين أسلموا عندهم مكاسب من الربا و من أموال خبيثة، فكان الرجل يتعمدها من بين ماله فيتصدق بها، فنهاهم الله عن ذلك، و إن الصدقة لا تصلح إلا من كسب طيب».

1484/ [9]- عن إسحاق بن عمار، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «كان أهل المدينة يأتون بصدقة الفطر إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و فيه عذق يسمى الجعرور، و يسمى معافارة، كانا عظيم نواهما، رقيق لحاؤهما، في طعمهما مرارة، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للخارص: لا تخرص عليهم هذين اللونين، لعلهم يستحيون لا يأتون بهما، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ- إلى قوله تعالى:- تُنْفِقُونَ».

1485/ [10]- عن محمد بن خالد الضبي، قال: مر إبراهيم النخعي على امرأة و هي جالسة على باب دارها بكرة، و كان يقال لها: ام بكر، و في يدها مغزل تغزل به، فقال: يا أم بكر، أما كبرت، ألم يأن لك أن تضعي هذا المغزل؟ فقالت: و كيف أضعه، و سمعت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «هو من طيبات الكسب».

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 149/ 490.

7- تفسير العيّاشي 1: 149/ 491.

8- تفسير العيّاشي 1: 149/ 492.

9- تفسير العيّاشي 1: 150/ 493.

10- تفسير العيّاشي 1: 150/ 494.

(1) في المصدر: لا تخرص.

(2) في «ط»: تيمّمها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 547

سورة البقرة(2): آية 268 ..... ص : 547

قوله تعالى:

الشَّيْطانُ

يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ [268]

1486/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن يحيى، قال: حدثنا الحسن بن علي، عن عباس، عن أسباط «1»، عن أبي عبد الرحمن، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني ربما حزنت فلا أعرف في أهل و لا مال و لا ولد، و ربما فرحت فلا أعرف في أهل و لا مال و لا ولد.

فقال: «إنه ليس من أحد إلا و معه ملك و شيطان، فإذا كان فرحه كان من دنو الملك منه، و إذا كان حزنه كان من دنو الشيطان منه، و ذلك قول الله تبارك و تعالى: الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ».

1487/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: إن الشيطان يقول: لا تنفقوا فإنكم تفتقرون «2» وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ أي يغفر لكم إن أنفقتم لله وَ فَضْلًا، قال: يخلف عليكم.

1488/ [3]- العياشي: عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: إني أفرح من غير فرح أراه في نفسي، و لا في مالي، و لا في صديقي، و أحزن من غير حزن أراه في نفسي، و لا في مالي، و لا في صديقي.

قال: نعم، إن الشيطان يلم بالقلب، فيقول: لو كان ذلك عند الله خيرا ما أدال عليك عدوك «3»، و لا جعل بك إليه حاجة، هل تنتظر إلا مثل الذي انتظر الذين من قبلك، فهل قالوا شيئا؟ فذلك الذي يحزن من غير حزن.

و أما

عن الفرح، فإن الملك يلم بالقلب فيقول: إن كان الله أدال عليك عدوك، و جعل بك إليه حاجة، فإنما هي أيام قلائل، أبشر بمغفرة من الله و فضل، و هو قول الله: الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا».

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 93/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 92. [.....]

3- تفسير العيّاشي 1: 150/ 495.

(1) في «س»: و أسباط، و لعله الصواب لرواية الحسن بن علي عنه، انظر معجم رجال الحديث 3: 27.

(2) في المصدر: لا تنفق فانّك تفتقر.

(3) أدال عليك عدوّك: جعله يغلبك و ينتصر عليك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 548

سورة البقرة(2): آية 269 ..... ص : 548

قوله تعالى:

يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ [269]

1489/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أيوب بن الحر، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً.

فقال: طاعة الله، و معرفة الإمام».

1490/ [2]- عنه: بإسناده، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً. قال: «معرفة الإمام، و اجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار».

1491/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً. قال: «هي طاعة الله، و معرفة الإمام «1» (عليه السلام)».

1492/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، قال:

سألته عن قول الله تعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً. قال: «هي طاعة الله، و معرفة الإمام».

1493/ [5]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: «المعرفة».

1494/ [6]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: «معرفة الإمام و اجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار».

1495/ [7]- عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً.

__________________________________________________

1- الكافي 1: 142/ 11.

2- الكافي 2: 216/ 20.

3- المحاسن: 148/ 40.

4- تفسير العياشي 1: 151/ 496.

5- هذا الحديث ساقط من تفسير العياشي المطبوع، و مثبت في نسخه المخطوطة.

6- تفسير العياشي 1: 151/ 497.

7- تفسير العياشي 1: 151/ 498.

(1) في «س»: و معرفة الإسلام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 549

فقال: «إن الحكمة: المعرفة و التفقه في الدين، فمن فقه منكم فهو حكيم، و ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه».

1496/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: الخير الكثير: معرفة أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الأئمة (عليهم السلام).

1497/ [9]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، و إقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، و لا بعث الله نبيا و لا رسولا حتى يستكمل العقل، و يكون عقله أفضل من جميع عقول أمته، و ما يضمر النبي

في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، و ما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه، و لا بلغ جميع العابدين في فضل عباداتهم ما بلغ العاقل، و العقلاء هم اولوا الألباب، قال الله تبارك و تعالى: وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ».

1498/ [10]- و عن الصادق (عليه السلام) قال: «الحكمة ضياء المعرفة، و ميزان «1» التقوى، و ثمرة الصدق، و ما أنعم الله على عباده بنعمة أعظم و أنعم و أرفع و أجزل و أبهى من الحكمة للقلب قال الله عز و جل: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ».

سورة البقرة(2): آية 271 ..... ص : 549

قوله تعالى:

إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [271]

1499/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ. قال: «يعني الزكاة المفروضة».

قال: قلت: وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ. قال: «يعني النافلة، إنهم يستحبون إظهار الفرائض، و كتمان النوافل».

1500/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبي المغرا،

__________________________________________________

8- تفسير القمّي 1: 92.

9- الكافي 1: 10/ 11. [.....]

10- مصباح الشريعة: 198.

1- الكافي 4: 60/ 1.

2- الكافي 3: 499/ 9.

(1) في «ط»: و ميراث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 550

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. قال: «ليس من الزكاة، و صلتك

قرابتك ليس من الزكاة».

1501/ [1]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. فقال: «هي سوى الزكاة، إن الزكاة علانية غير سر».

1502/ [2]- العياشي: عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. قال: «ليس تلك الزكاة، و لكن الرجل يتصدق لنفسه، و الزكاة علانية ليس بسر».

سورة البقرة(2): آية 273 ..... ص : 550

قوله تعالى:

لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً [273] 1503/ [3]- قال علي بن إبراهيم: هم الذين لا يسألون الناس إلحافا من الراضين، و المتجملين في الدين الذين لا يسألون الناس إلحافا، و لا يقدرون أن يضربوا في الأرض فيكسبوا، فيحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف عن السؤال».

1504/ [4]- أبو علي الطبرسي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزلت الآية في أصحاب الصفة».

قال: و كذلك رواه الكلبي عن ابن عباس، و هم نحو من أربع مائة رجل لم يكن لهم مساكن بالمدينة و لا عشائر يأوون إليهم فجعلوا أنفسهم في المسجد، و قالوا: نخرج في كل سرية «1» يبعثها رسول الله (صلى الله عليه و آله). فحث الله الناس عليهم، فكان الرجل إذا أكل و عنده فضل أتاهم به إذا أمسى.

1505/ [5]- العياشي: عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله يبغض الملحف» «2».

__________________________________________________

1- الكافي 3: 502/ 17.

2- تفسير العيّاشي 1: 151/ 499.

3- تفسير القمّي 1: 93.

4- مجمع البيان

2: 666.

5- تفسير العيّاشي 1: 151/ 500.

(1) السريّة: القطعة من الجيش. «مجمع البحرين- سرا- 1: 216».

(2) الملحف: أي الملح بالسؤال. «مجمع البحرين- لحف- 5: 119».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 551

سورة البقرة(2): آية 274 ..... ص : 555

قوله تعالى:

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [274]

1506/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: قوله عز و جل: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً؟ قال: «ليس من الزكاة».

1507/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن عمر بن محمد الجعابي، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي التميمي، قال: حدثني أبي «1»، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و ذكر عدة أحاديث، ثم قال:- قال: «نزلت: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً في علي».

1508/ [3]- العياشي عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً؟ قال: «ليس من الزكاة».

1509/ [4]- عن أبي إسحاق، قال: كان لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أربعة دراهم، لم يملك غيرها، فتصدق بدرهم ليلا، و بدرهم نهارا، و بدرهم سرا، و بدرهم علانية، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: «يا علي، ما حملك على ما صنعت»؟ قال: «إنجاز موعود الله» فأنزل الله:

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً إلى آخر الآيات.

1510/ [5]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي ما عملت في ليلتك»؟ قال: «و لم يا رسول الله؟». قال: «نزلت فيك أربعة معان».

قال: «بأبي أنت و أمي، كانت معي أربعة دراهم، فتصدقت بدرهم ليلا، و بدرهم نهارا، و بدرهم سرا، و بدرهم علانية».

قال: «فإن الله أنزل فيك: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ».

__________________________________________________

1- الكافي 3: 499/ 9.

2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 62/ 255.

3- تفسير العياشي 1: 151/ 501. [.....]

4- تفسير العياشي 1: 151/ 502، شواهد التنزيل 1: 109/ 155، أسباب النزول للواحدي: 52.

5- الاختصاص: 150.

(1) (قال: حدثني أبي) ليس في المصدر، و هو سهو، راجع رجال النجاشي: 228/ 603.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 552

1511/ [6]- و من طريق المخالفين، ما رواه موفق بن أحمد في كتاب (المناقب): بإسناده عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، قال: كان لعلي (عليه السلام) أربعة دراهم فأنفقها، واحدا ليلا، و واحدا نهارا، و واحدا سرا، و واحدا علانية، فنزل قوله تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ».

1512/ [7]- و من طريقهم ما رواه ابن المغازلي، يرفعه إلى ابن عباس، في قوله تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً. قال: هو علي بن أبي طالب، كان له أربعة دراهم، فأنفق درهما سرا، و درهما علانية، و درهما بالليل، و درهما بالنهار.

و من (تفسير

الثعلبي) «1» مثل هذا.

1513/ [8]- ابن شهر آشوب في (المناقب): عن ابن عباس، و السدي، و مجاهد، و الكلبي، و أبي صالح، و الواحدي، و الطوسي، و الثعلبي، و الطبرسي، و الماوردي، و القشيري، و الثمالي، و النقاش، و الفتال، و عبد الله «2» بن الحسين، و علي بن حرب الطائي في تفاسيرهم: أنه كان عند علي بن أبي طالب (عليه السلام) أربعة دراهم فضة، فتصدق بواحد ليلا، و بواحد نهارا، و بواحد سرا، و بواحد علانية، فنزل: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فسمى كل درهم مالا، و بشره بالقبول.

رواه النطنزي في (الخصائص).

1514/ [9]- أبو علي الطبرسي (رحمه الله)، قال: سبب النزول، عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في علي (عليه السلام)، كانت معه أربعة دراهم فتصدق بواحد ليلا، و بواحد نهارا، و بواحد سرا، و بواحد علانية. قال أبو علي الطبرسي:

و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة البقرة(2): الآيات 275 الي 276 ..... ص : 552

قوله تعالى:

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ [275]

__________________________________________________

6- مناقب الخوارزمي: 198، مجمع الزوائد 6: 324، ينابيع المودة: 92.

7- مناقب ابن المغازلي: 280/ 325، فرائد السمطين 1: 356/ 282، ينابيع المودة: 290.

8- المناقب 2: 71.

9- مجمع البيان 2: 667.

(1) تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار: 111 «مخطوط».

(2) في المصدر: و عبيد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 553

1515/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء رأيت قوما يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر أن يقوم من عظم

بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟». قال هؤلاء: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ «1» و إذا هم بسبيل آل فرعون، يعرضون على النار غدوا و عشيا، و يقولون: ربنا متى تقوم الساعة؟».

1516/ [2]- العياشي: عن شهاب بن عبد ربه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «آكل الربا لا يخرج من الدنيا حتى يتخبطه الشيطان».

قوله تعالى:

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَ مَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَ يُرْبِي الصَّدَقاتِ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [275- 276]

1517/ [3]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن عمر بن يزيد بياع السابري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

جعلت فداك، إن الناس يزعمون أن الربح على المضطر حرام و هو من الربا؟ فقال: «و هل رأيت أحدا اشترى- غنيا أو فقيرا- إلا من ضرورة؟ يا عمر، قد أحل الله البيع و حرم الربا، فاربح و لا ترب».

قلت: و ما الربا؟ قال: «دراهم بدراهم، مثلان بمثل».

و روى هذا الحديث الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن عمر بن يزيد بياع السابري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثله، إلا أن في آخره: قلت: و ما الربا؟ قال: «دراهم بدراهم، مثلين بمثل، و حنطة بحنطة،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 93.

2- تفسير العيّاشي 1: 152/ 503.

3- من لا يحضره الفقيه 3: 176/ 793.

(1) ما بعد الآية ليس في المصدر المطبوع، و مثبت في الطبعة الحجرية: 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 554

مثلين بمثل» «1».

1518/

[2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ.

قال: «الموعظة: التوبة».

1519/ [3]- عنه: بإسناده عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن».

1520/ [4]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: دخل رجل على أبي جعفر (عليه السلام)، من أهل خراسان، قد عمل بالربا حتى كثر ماله، ثم أنه سأل الفقهاء، فقالوا: ليس يقبل منك شي ء إلا أن ترده إلى أصحابه، فجاء إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقص عليه قصته، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «مخرجك من كتاب الله عز و جل: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ و الموعظة: التوبة».

1521/ [5]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ. قال: «الموعظة: التوبة».

1522/ [6]- عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن».

1523/ [7]- عن محمد بن مسلم: أن رجلا سأل أبا جعفر (عليه السلام)، و قد عمل بالربا حتى كثر ماله، بعد أن سأل غيره من الفقهاء، فقالوا له: ليس يقبل «2» منك شي ء إلا أن ترده إلى أصحابه. فلما قص على أبي جعفر «3» (عليه السلام)، قال له أبو جعفر (عليه السلام): «مخرجك في كتاب

الله تعالى قوله: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ و الموعظة: التوبة».

1524/ [8]- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)

__________________________________________________

2- الكافي 2: 314/ 2. [.....]

3- الكافي 5: 146/ 10.

4- التهذيب 7: 15/ 68.

5- تفسير العيّاشي 1: 152/ 505.

6- تفسير العيّاشي 1: 152/ 504.

7- تفسير العيّاشي 1: 152/ 506.

8- التهذيب 7: 15/ 65.

(1) التهذيب 7: 18/ 78.

(2) في المصدر: يقيك.

(3) في «ط»: قصّ أبا جعفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 555

قال: قلت له: سمعت الله يقول: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَ يُرْبِي الصَّدَقاتِ، و قد أرى من يأكل الربا يربو ماله! فقال: «أي محق أمحق من درهم الربا، يمحق الدين، و إن تاب منه ذهب ماله و افتقر».

1525/ [9]- عنه: بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن سماعة بن مهران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): سمعت الله عز و جل يقول في كتابه: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَ يُرْبِي الصَّدَقاتِ، و قد أرى من يأكل الربا يربو ماله! فقال: «فأي محق أمحق من درهم الربا، يمحق الدين، و إن تاب ذهب ماله و افتقر».

1526/ [10]- العياشي: عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله يقول: ليس من شي ء إلا وكلت به من يقبضه غيري، إلا الصدقة فإني أتلقفها بيدي تلقفا، حتى إن الرجل و المرأة يتصدق بالتمرة و بشق تمرة، فأربيها له كما يربي الرجل فلوه «1» و فصيله «2»، فيلقاني يوم القيامة و هي مثل احد، و أعظم من احد».

1527/ [11]- عن محمد القمام، عن علي بن

الحسين (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إن الله ليربي لأحدكم الصدقة كما يربي أحدكم ولده، حتى يلقاها يوم القيامة و هي مثل احد».

1528/ [12]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله تبارك و تعالى: أنا خالق كل شي ء، و كلت بالأشياء غيري إلا الصدقة، فإني أقبضها بيدي، حتى أن الرجل و المرأة يتصدق بشق التمرة، فأربيها له كما يربي الرجل منكم فصيله و فلوه، حتى أتركها يوم القيامة أعظم من احد».

1529/ [13]- عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنه ليس شي ء إلا و قد وكل به ملك، غير الصدقة، فإن الله يأخذها بيده و يربيها، كما يربي أحدكم ولده، حتى يلقاها يوم القيامة و هي مثل احد».

1530/ [14]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه و آله: أنه تلا هذه الآية:

فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ قيل: يا رسول الله من أصحاب النار؟ قال: «من قاتل عليا بعدي فأولئك أصحاب النار مع الكفار، فقد كفروا بالحق لما جاءهم، و إن عليا بضعة «3» مني، فمن حاربه فقد حاربني، و أسخط ربي».

__________________________________________________

9- التهذيب 7: 19/ 83.

10- تفسير العيّاشي 1: 152/ 507.

11- تفسير العيّاشي 1: 153/ 508.

12- تفسير العيّاشي 1: 153/ 509.

13- تفسير العيّاشي 1: 153/ 510. [.....]

14- الأمالي 1: 374، مناقب ابن المغازلي: 50/ 73 «قطعة منه».

(1) الفلو: المهر يفطم أو يبلغ السّنة. «المعجم الوسيط- فلا- 2: 702».

(2) الفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن امّه. «مجمع البحرين- فصل- 5: 442».

(3) (بضعة) ليس في المصدر.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 1، ص: 556

ثم دعا عليا (عليه السلام)، فقال: «يا علي حربك حربي، و سلمك سلمي، و أنت العلم فيما بيني و بين أمتي بعدي»

سورة البقرة(2): الآيات 277 الي 279 ..... ص : 556

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ [278- 279]

1531/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) و ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنهما قالا في الرجل يكون عليه الدين إلى أجل مسمى، فيأتيه غريمه، فيقول له: أنقد لي من الذي لي كذا و كذا، و أضع عنك بقيته، أو يقول: أنقد لي بعضا، و أمد لك في الأجل فيما بقي.

قال: «لا أرى به بأسا، ما لم يزد على رأس ماله شيئا، يقول الله: فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ».

ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله «1».

1532/ [2]- العياشي: عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن الرجل يكون عليه الدين إلى أجل مسمى فيأتيه غريمه، فيقول: أنقد لي.

فقال: «لا أرى به بأسا، لأنه لم يزد على رأس ماله، و قال الله: فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ».

1533/ [3]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن التوبة مطهرة من دنس الخطيئة، قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ-

إلى قوله:- تَظْلِمُونَ فهذا ما دعا الله إليه عباده من التوبة، و وعد عليها من ثوابه، فمن خالف ما أمر الله به من التوبة سخط الله عليه، و كانت النار أولى به و أحق».

__________________________________________________

1- التهذيب 6: 207/ 475.

2- تفسير العيّاشي 1: 153/ 511.

3- تفسير العيّاشي 1: 153/ 512.

(1) من لا يحضره الفقيه 3: 21/ 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 557

1534/ [4]- أبو علي الطبرسي، قال: روي عن الباقر (عليه السلام): «أن الوليد بن المغيرة كان يربي في الجاهلية، و قد بقي له بقايا على ثقيف، فأراد خالد بن الوليد المطالبة بعد أن أسلم، فنزلت الآية».

1535/ [5]- علي بن إبراهيم: سبب نزولها أنه لما أنزل الله: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ «1» قام خالد بن الوليد إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا رسول الله أربى أبي في ثقيف، و قد أوصاني عند موته بأخذه. فأنزل الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ. فقال: «من أخذ من «2» الربا وجب عليه القتل، و كل من أربى وجب عليه القتل».

1536/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «درهم من ربا أعظم عند الله من سبعين زنية بذات محرم في بيت الله الحرام».

1537/ [7]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كل الربا أكله الناس بجهالة

ثم تابوا، فإنه يقبل منهم إذا عرف منهم التوبة».

و قال: «لو أن رجلا ورث من أبيه مالا، و قد عرف أن في ذلك المال ربا، و لكن اختلط في التجارة بغيره، فإنه له حلال طيب فليأكله، و إن عرف منه شيئا معزولا أنه ربا، فليأخذ رأس ماله و ليرد الزيادة».

1538/ [8]- عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أتى رجل إلى أبي (عليه السلام)، فقال: إني ورثت مالا، و قد علمت أن صاحبه الذي ورثته منه قد كان يربي، و قد عرفت أن فيه ربا و أستيقن ذلك، و ليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه، و قد سألت فقهاء من أهل العراق، و أهل الحجاز، فقالوا: لا يحل لك أكله من أجل ما فيه.

فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «إن كنت تعرف أن فيه مالا معروفا ربا، و تعرف أهله فخذ رأس مالك و رد ما سوى ذلك، و إن كان مختلطا فكله هنيئا مريئا، فإن المال مالك، و اجتنب ما كان يصنع صاحبه، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد وضع ما مضى من الربا، و حرم عليهم ما بقي، فمن جهله وسع له جهله حتى يعرفه، فإذا عرف تحريمه حرم عليه، و وجب عليه فيه العقوبة إذا ركبه، كما يجب على من يأكل الربا».

__________________________________________________

4- مجمع البيان 2: 673.

5- تفسير القمّي 1: 93.

6- تفسير القمّي 1: 93.

7- التهذيب 7: 16/ 69.

8- التهذيب 7: 16/ 70.

(1) البقرة 2: 275. [.....]

(2) (من) ليس في «ط» و المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 558

سورة البقرة(2): آية 280 ..... ص : 558

قوله تعالى:

وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ

فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [280]

1539/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن يحيى ابن عبد الله، عن الحسن بن الحسن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «صعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنبر ذات يوم، فحمد الله و أثنى عليه و صلى على أنبيائه (صلى الله عليهم)، ثم قال: أيها الناس ليبلغ الشاهد منكم الغائب، ألا و من أنظر معسرا، كان له على الله عز و جل في كل يوم صدقة بمثل ماله حتى يستوفيه».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنه معسر، فتصدقوا عليه بمالكم فهو خير لكم».

1540/ [2]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سليمان، عن رجل من أهل الجزيرة يكنى أبا محمد، قال: سأل الرضا (صلوات الله عليه) رجل و أنا أسمع، فقال له: جعلت فداك، إن الله تبارك و تعالى يقول: وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ أخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها الله تعالى في كتابه، لها حد يعرف إذا صار هذا المعسر [إليه لا بد له من أن ينظر، و قد أخذ مال هذا الرجل و أنفقه على عياله، و ليس له غلة ينتظر إدراكها، و لا دين ينتظر محله، و لا مال غائب ينتظر قدومه؟

قال: «نعم، ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام، فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عز و جل، فإن كان أنفقه في

معصية الله فلا شي ء له على الإمام».

قلت: فما لهذا الرجل الذي ائتمنه و هو لا يعلم فما أنفقه، في طاعة الله أم في معصية الله؟ قال: «يسعى له في ماله فيرده و هو صاغر».

1541/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن السكوني، عن مالك بن المغيرة، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان «1»، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، أنها قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «ما من غريم ذهب بغريمه إلى وال من ولاة المسلمين و استبان للوالي عسرته إلا برى ء هذا المعسر من دينه، و صار دينه على والي المسلمين فيما في يديه من أموال المسلمين».

__________________________________________________

1- الكافي 4: 35/ 4.

2- الكافي 5: 93/ 5.

3- تفسير القمّي 1: 94.

(1) في «س و ط»: عن جرعان، و في المصدر: عن جذعان، و الصواب ما أثبتناه، روى عن سعيد، و روى عنه حمّاد، أنظر تهذيب الكمال 7: 255 و 11: 69، و تهذيب التهذيب 7: 322.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 559

و قال (عليه السلام): «و من كان له على رجل مال أخذه و لم ينفقه في إسراف أو معصية فعسر عليه أن يقضيه، فعلى من له المال أن ينظره حتى يرزقه الله فيقضيه، و إن كان الإمام العادل قائما فعليه أن يقضي عنه دينه، لقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): من ترك مالا فلورثته، و من ترك دينا أو ضياعا فعلى الإمام ما ضمنه الرسول، و إن كان صاحب المال موسرا و تصدق بماله عليه، أو تركه فهو خير له وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ».

1542/ [4]- العياشي: عن معاوية بن عمار

الدهني، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أراد أن يظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فلينظر معسرا، أو ليدع له من حقه».

1543/ [5]- عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من سره أن يقيه الله من نفحات جهنم، فلينظر معسرا، أو ليدع له من حقه».

1544/ [6]- عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن أبا اليسر رجل من الأنصار من بني سلمة «1»، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أيكم يحب أن ينفصل من فور «2» جهنم؟» فقال القوم: نحن يا رسول الله. فقال: «من أنظر غريما أو وضع لمعسر».

1545/ [7]- عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما للرجل أن يبلغ من غريمه؟

قال: «لا يبلغ به شيئا الله أنظره».

1546/ [8]- عن أبان، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في يوم حار: من سره أن يظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فلينظر غريما أو ليدع لمعسر».

1547/ [9]- عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يبعث الله أقواما من تحت العرش يوم القيامة، وجوههم من نور، و لباسهم من نور، و رياشهم من نور، جلوسا على كراسي من نور».

قال: «فيشرف الله لهم الخلق فيقولون: هؤلاء الأنبياء فينادي مناد من تحت العرش: هؤلاء ليسوا بأنبياء».

قال: «فيقولون: هؤلاء شهداء؟» قال: «فينادي مناد من تحت العرش: ليس هؤلاء شهداء، و لكن هؤلاء قوم

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي

1: 153/ 513.

5- تفسير العيّاشي 1: 154/ 514.

6- تفسير العيّاشي 1: 154/ 515.

7- تفسير العيّاشي 1: 154/ 516.

8- تفسير العيّاشي 1: 154/ 517.

9- تفسير العيّاشي 1: 154/ 518.

(1) في الحديث سقط واضح، تجده كاملا في أمالي المفيد: 315/ 7، و أمالي الطوسي 1: 81 و 2: 74، و اسد الغابة 4: 245 و في سنده: غانم بن سليمان عن عون بن عبد اللّه.

و أبو اليسر هو كعب بن عمرو الأنصاري السّلمي، هو الذي أسر العبّاس بن عبد المطلب، و شهد صفّين مع عليّ (عليه السّلام). أنظر ترجمته في مستدرك الحاكم 3: 505، و سير أعلام النبلاء 2: 537.

(2) في «ط»: فوج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 560

ييسرون على المؤمنين، و ينظرون المعسر حتى ييسر».

1548/ [10]- عن ابن سنان، عن أبي حمزة، قال: ثلاثة يظلهم الله يوم القيامة [يوم لا ظل إلا ظله: رجل دعته امرأة ذات حسن إلى نفسها فتركها، و قال: إني أخاف الله رب العالمين. و رجل أنظر معسرا أو ترك له من حقه و رجل معلق قلبه بحب المساجد، وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ يعني أن تصدقوا بمالكم عليه فهو خير لكم، فليدع [معسرا] أو ليدع له من حقه نظرا.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أنظر معسرا كان له على الله في كل يوم صدقة، بمثل ما له عليه، حتى يستوفي حقه».

1549/ [11]- عن عمر بن سليمان، عن رجل من أهل الجزيرة، قال: سأل الرضا (عليه السلام) رجل، فقال له:

جعلت فداك، إن الله تبارك و تعالى يقول: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ، فأخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها الله، لها حد يعرف إذا صار

هذا المعسر لا بد له من أن ينتظر، و قد أخذ مال هذا الرجل و أنفق على عياله، و ليس له غلة ينتظر إدراكها، و لا دين ينتظر محله، و لا مال غائب ينتظر قدومه؟

قال: «ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام، فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله، فإن كان أنفقه في معصية الله فلا شي ء له على الإمام».

قلت: فما لهذا الرجل الذي ائتمنه، و هو لا يعلم فيم أنفقه في طاعة الله أو في معصية؟ قال: «يسعى له في ماله فيرده و هو صاغر».

سورة البقرة(2): آية 281 ..... ص : 560

قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ [281]

1550/ [1]- ابن شهر آشوب، قال: في (أسباب النزول) عن الواحدي، أنه روى عكرمة، عن ابن عباس، قال:

لما أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزوة حنين، و أنزل الله سورة الفتح، قال: يا علي بن أبي طالب، و يا فاطمة إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ ... «1» إلى آخر السورة.

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 154/ 519. [.....]

11- تفسير العيّاشي 1: 155/ 520.

1- المناقب 1: 234.

(1) النصر 110/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 561

و قال السدي و ابن عباس: ثم نزل لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ «1» الآية، فعاش بعدها ستة أشهر، فلما خرج إلى حجة الوداع نزلت عليه في الطريق يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ «2» الآية، فسميت آية الصيف، ثم نزل عليه و هو واقف بعرفة الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ «3» فعاش بعدها واحدا و ثمانين يوما، ثم نزلت عليه آيات الربا، ثم نزل بعدها وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ

فِيهِ إِلَى اللَّهِ و هي آخر آية نزلت من السماء، فعاش بعدها واحدا و عشرين يوما.

سورة البقرة(2): آية 282 ..... ص : 561

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ- إلى قوله تعالى- بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [282] 1551/ [1]- قال علي بن إبراهيم: أما قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ

فقد روي في الخبر: أن في البقرة خمس مائة حكم

، و في هذه الآية خمسة عشر حكما، و هو قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَ لا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ ثلاثة أحكام فَلْيَكْتُبْ أربعة أحكام وَ لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ خمسة أحكام، و هو إقراره إذا أملاه.

وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً و لا يخونه ستة أحكام فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ أي لا يحسن أن يمل فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ يعني ولي المال سبعة أحكام وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ثمانية أحكام فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى يعني أن تنسى إحداهما فتذكر الاخرى تسعة أحكام وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا عشرة أحكام.

وَ لا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ أي لا تضجروا أن تكتبوه صغير السن أو كبيرا أحد عشر حكما ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَ أَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا أي لا تشكوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها اثنا عشر حكما وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ثلاثة عشر حكما وَ

لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ أربعة عشر حكما وَ إِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ خمسة عشر حكما

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 94.

(1) التوبة 9: 128.

(2) النساء 4: 176.

(3) المائدة 5: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 562

وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ.

1552/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد و أحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن أحمد بن عمر، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سأله أبي و أنا حاضر عن قول الله عز و جل: حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ «1» قال: «الاحتلام». قال: فقال: «يحتلم في ست عشرة و سبع عشرة سنة و نحوها».

قال: إذا أتت عليه ثلاث عشرة سنة و نحوها؟ فقال: «لا، إذا أتت ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنات، و كتبت عليه السيئات، و جاز أمره إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا».

فقال: و ما السفيه؟ فقال: «الذي يشتري الدرهم بأضعافه».

فقال: و ما الضعيف؟ قال: «الأبله».

1553/ [3]- العياشي: عن ابن سنان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) متى يدفع إلى الغلام ماله؟ قال: «إذا بلغ و أونس منه رشد، و لم يكن سفيها أو ضعيفا».

قال: قلت: فإن منهم من يبلغ خمس عشرة سنة و ست عشرة سنة، و لم يبلغ؟ قال: «إذا بلغ ثلاث عشرة سنة جاز أمره، إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا».

قال: قلت: و ما السفيه و الضعيف؟ قال: «السفيه: شارب الخمر، و الضعيف: الذي يأخذ واحدا باثنين».

1554/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد و علي بن حديد، عن علي

بن النعمان، عن داود بن الحصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ.

فقال: «ذلك في الدين إذا لم يكن رجلان فرجل و امرأتان، و رجل واحد و يمين المدعي إذا لم يكن امرأتان، قضى بذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام)».

1555/ [5]- و قال الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) في قوله عز و جل: وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ قال: «قال: أمير المؤمنين (عليه السلام) شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ قال: من أحراركم من المسلمين العدول قال (عليه السلام): استشهدوهم لتحوطوا بهم «2» أديانكم و أموالكم، و لتستعملوا أدب الله و وصيته، و إن فيها «3» النفع

__________________________________________________

2- التهذيب 9: 182/ 731.

3- تفسير العيّاشي 1: 155/ 521.

4- التهذيب 6: 281/ 774.

5- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 651/ 372.

(1) الأحقاف 46: 15.

(2) في «ط»: استشهدوا بهم لتحوطوا به.

(3) في المصدر: فيهما. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 563

و البركة، و لا تخالفوها «1» فيلحقكم الندم حيث لا ينفعكم الندم.

ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول: ثلاثة لا يستجيب الله دعاءهم، بل يعذلهم «2» و يوبخهم:

أما أحدهم: فرجل ابتلي بامرأة سوء فهي تؤذيه و تضاره، و تعيب عليه دنياه فتنغصها و تكدرها «3»، و تفسد عليه آخرته، فهو يقول: اللهم يا رب خلصني منها. يقول الله تعالى: يا أيها الجاهل قد خلصتك منها و جعلت بيدك طلاقها، و التخلص «4» منها طلاقها «5».

و الثاني: رجل مقيم في بلد قد استوبله «6» و لا يحضر له فيه كل ما يريده، و كل ما التمسه حرمه، يقول: اللهم خلصني من

هذا [البلد] الذي استوبلته. يقول الله عز و جل: يا عبدي، قد خلصتك من هذا البلد، و قد أوضحت لك طرق الخروج، و مكنتك من ذلك، فاخرج منه إلى غيره تجتلب عافيتي و تسترزقني.

و الثالث: رجل أوصاه الله تعالى بأن يحتاط لدينه بشهود، و كتاب، فلم يفعل، و دفع ماله إلى غير ثقة، بغير وثيقة فجحده أو بخسه، و هو يقول: اللهم يا رب، رد علي مالي. يقول الله عز و جل: يا عبدي، قد علمتك كيف تستوثق لمالك فيكون محفوظا لئلا يتعرض للتلف فأبيت، فأنت الآن تدعوني، و قد ضيعت مالك و أتلفته، و غيرت وصيتي، فلا أستجيب لك.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا فاستعملوا وصية الله تفلحوا و تنجحوا «7»، و لا تخالفوها فتندموا».

1556/ [6]- و قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله عز و جل: فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ قال: عدلت امرأتان في الشهادة برجل واحد، فإذا كان رجلان أو رجل و امرأتان أقاموا الشهادة قضي بشهادتهم.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): و بينا نحن مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو يذاكرنا بقوله تعالى: وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ قال: أحراركم دون عبيدكم، فإن الله عز و جل قد شغل بخدمة مواليهم عن تحمل الشهادات، و عن أدائها، و ليكونوا من المسلمين منكم، فإن الله عز و جل إنما شرف المسلمين العدول بقبول شهادتهم، و جعل ذلك من الشرف العاجل لهم، و من ثواب دنياهم قبل أن ينقلوا «8» إلى الآخرة. إذ جاءت امرأة

__________________________________________________

6- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 656/ 374.

(1) في المصدر: و لا

تخالفوهما.

(2) العذل: الملامة. «مجمع البحرين- عذل- 5: 422»، و في المصدر: يعذبهم.

(3) في «ط» فيبغضها و يكدّرها.

(4) في المصدر: و التفصّي.

(5) في المصدر: طلّقها، و فيه زيادة: و انبذها عنك نبذ الجورب الخلق الممزّق.

(6) استوبلوا المدينة: أي استوخموها و لم توافق أبدانهم، يقال: هذه أرض وبلة: أي وبئة وخمة. «النهاية 5: 146».

(7) في المصدر: و تنجوا.

(8) في المصدر: يصلوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 564

فوقفت قبالة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قالت: بأبي أنت و أمي، يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، فما من امرأة يبلغها مسيري هذا إليك إلا سرها ذلك، يا رسول الله، إن الله عز و جل رب الرجال و النساء، و إنك رسول الله.

للرجال و النساء، فما بال المرأتين برجل في الشهادة و في الميراث؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أيتها المرأة، ذلك قضاء من عدل حكيم لا يجور و لا يحيف و لا يتحامل، لا ينفعه ما منعكن، و لا ينقصه ما بذله لكن، يدبر الأمر بعلمه. يا أيتها المرأة، لأنكن ناقصات الدين و العقل.

قالت: يا رسول الله، و ما نقصان ديننا؟ قال: إن إحداكن تقعد نصف دهرها لا تصلي بحيضة عن الصلاة لله تعالى، و إنكن تكثرن اللعن و تكفرن بالعشرة، تمكث إحداكن عند الرجل عشر سنين فصاعدا، يحسن إليها و ينعم عليها، فإذا ضاقت يده يوما أو خاصمها، قالت له: ما رأيت منك خيرا قط. و من لم يكن من النساء هذه خلقها فالذي يصيبها من هذا النقصان محنة عليها، لتصبر فيعظم الله تعالى ثوابها، فأبشري.

ثم قال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنه ما من رجل ردي ء

إلا و المرأة الرديئة أردأ منه، و لا من امرأة صالحة إلا و الرجل الصالح أفضل منها، و ما ساوى الله قط امرأة برجل إلا ما كان من تسوية الله فاطمة بعلي (عليهما السلام) أي في الشهادة».

1557/ [7]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا، قال: «قبل الشهادة».

و قوله: وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ «1» قال: «بعد الشهادة».

1558/ [8]- عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا. قال: «لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة يشهد عليها أن يقول: لا أشهد لكم عليها».

1559/ [9]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا دعيت إلى الشهادة فأجب».

1560/ [10]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا. فقال: «لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة يشهد عليها أن يقول: لا أشهد لكم».

__________________________________________________

7- التهذيب 6: 275/ 750.

8- التهذيب 6: 275/ 751.

9- التهذيب 6: 275/ 752.

10- التهذيب 6: 275/ 753.

(1) البقرة 2: 283. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 565

1561/ [11]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن

الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا. فقال: «إذا دعاك الرجل لتشهد له [على دين، أو حق لم ينبغ لك أن تتقاعس عنها» «1».

1562/ [12]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا.

قال: «لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى الشهادة «2» أن يقول. لا أشهد لكم».

1563/ [13]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله، و قال: «فذلك قبل الكتاب».

1564/ [14]- العياشي: عن زيد أبي اسامة «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا. قال: «لا ينبغي لأحد إذا ما دعي إلى الشهادة ليشهد عليها، أن يقول: لا أشهد لكم».

1565/ [15]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، في قول الله: وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا. قال: «إذا دعاك «4» الرجل لتشهد على دين أو حق لا ينبغي لأحد أن يتقاعس عنه «5»».

1566/ [16]- عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا.

قال: «قبل الشهادة- قال-: لا ينبغي لأحد إذا ما دعي للشهادة أن يشهد عليها، أن يقول: لا أشهد لكم. و ذلك قبل الكتاب».

1567/ [17]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ

لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا.

__________________________________________________

11- التهذيب 6: 276/ 754.

12- الكافي 7: 379/ 2.

13- الكافي 7: 280/ 2.

14- تفسير العيّاشي 1: 155/ 522.

15- تفسير العيّاشي 1: 156/ 523.

16- تفسير العيّاشي 1: 156/ 524.

17- تفسير العيّاشي 1: 156/ 527.

(1) في المصدر: تقاعس عنه.

(2) في المصدر: إلى شهادة يشهد عليها.

(3) في المصدر: يزيد بن اسامة، و في «ط»: زيد بن أبي اسامة، و الصواب ما في المتن، لأنّ أبا اسامة كنيته، و هو زيد بن يونس أبو أسامة الشحّام، المعروف بزيد الشحّام، روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السّلام)، راجع رجال النجاشيّ: 175/ 462، معجم رجال الحديث 7: 367.

(4) «ط»: دعاكم.

(5) في المصدر: عنها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 566

قال: «قبل الشهادة».

سورة البقرة(2): آية 283 ..... ص : 566

قوله تعالى:

وَ إِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ- إلى قوله- أَمانَتَهُ [283]

1568/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد و علي بن حديد، عن علي بن النعمان، عن داود بن الحصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ إِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ: «أي يأخذ منه رهنا، فإن أمنه و لم يأخذ منه رهنا فليتق الله ربه، الذي يأخذ المال».

1569/ [2]- العياشي: عن محمد بن عيسى، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا رهن إلا مقبوضا».

قوله تعالى:

وَ لا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ [283]

1570/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في

قوله عز و جل: وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ. قال: «بعد الشهادة».

1571/ [4]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من كتم الشهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم، أو ليتوي «1» بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة و لوجهه ظلمة مد البصر، و في وجهه كدوح «2» تعرفه الخلائق باسمه و نسبه، و من شهد شهادة حق ليحيي بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة و لوجهه نور مد البصر، تعرفه الخلائق باسمه و نسبه» ثم قال أبو

__________________________________________________

1- ......

2- تفسير العيّاشي 1: 156/ 525. [.....]

3- الكافي 7: 381/ 2.

4- من لا يحضره الفقيه 3: 35/ 114.

(1) التوى: مقصور و يمد، و هو هلاك المال. «مجمع البحرين- توا- 1: 71».

(2) الكدوح: الخدوش، و كلّ أثر من خدش أو عضّ فهو كدح. «النهاية 4: 155».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 567

جعفر (عليه السلام): «ألا ترى أن الله عز و جل يقول: وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ «1»».

1572/ [3]- و عنه: و قال (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ، قال: «كافر قلبه».

1573/ [4]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: وَ لا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ؟

قال: «بعد الشهادة».

سورة البقرة(2): الآيات 284 الي 286 ..... ص : 567

قوله تعالى:

لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ

لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ- إلى قوله تعالى:- فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [284- 286]

1574/ [1]- (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)- في حديث طويل مع يهودي يسأله «2» عن فضائل الأنبياء، و يأتيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بما لرسول الله (صلى الله عليه و آله) بما هو أفضل مما اوتي الأنبياء (عليهم السلام)، فكان فيما سأله «3» اليهودي، أنه قال له: فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح، فسارت به في بلاده غدوها شهر و رواحها شهر؟

فقال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) أعطي ما هو أفضل من هذا: إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، و عرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة، حتى انتهى إلى ساق العرش، فدنا بالعلم فتدلى من الجنة رفرف «4» أخضر، و غشي النور بصره،

__________________________________________________

3- من لا يحضره الفقيه 3: 35/ 115.

4- تفسير العيّاشي 1: 156/ 526.

1- الاحتجاج: 220.

(1) الطّلاق 65: 2.

(2) في «س» نسخة بدل: يخبره.

(3) في «س» نسخة بدل: أخبره.

(4 الرّفرف: البساط. «النهاية 2: 242».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 568

فرأى عظمة ربه عز و جل بفؤاده، و لم يرها بعينه، فكان كقاب قوسين بينها و بينه أو أدنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى «1» فكان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة، قوله تعالى: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ

وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

و كانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم (عليه السلام) إلى أن بعث الله تبارك اسمه محمدا (صلى الله عليه و آله)، و عرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها، و قبلها رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عرضها على أمته فقبلوها، فلما رأى الله تبارك و تعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها، فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه، فقال: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، فأجاب (صلى الله عليه و آله) مجيبا عنه و عن أمته، فقال:

وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ فقال جل ذكره: لهم الجنة و المغفرة علي إن فعلوا ذلك، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): أما إذا فعلت بنا ذلك غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ يعني المرجع في الآخرة.

قال: فأجابه الله جل ثناؤه: و قد فعلت ذلك بك و بأمتك. ثم قال عز و جل: أما إذا قبلت الآية بتشديدها و عظم ما فيها، و قد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها، و قبلتها أمتك، فحق علي أن أرفعها عن أمتك. و قال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ من خير وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ من شر.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله) لما سمع ذلك: أما فعلت ذلك بي و بأمتي فزدني. قال: سل. قال: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا، قال الله عز و جل: لست او آخذ أمتك بالنسيان و الخطأ لكرامتك علي، و كانت الأمم السالفة إذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب

العذاب، و قد رفعت «2» ذلك عن أمتك، و كانت الأمم السالفة إذا أخطأوا أخذوا بالخطإ و عوقبوا عليه، و قد رفعت ذلك عن أمتك لكرامتك علي.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): اللهم إذا أعطيتني ذلك فزدني. فقال الله تعالى له: سل. قال: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا، يعني بالإصر: الشدائد التي كانت على من كان من قبلنا. فأجابه الله عز و جل إلى ذلك، فقال تبارك اسمه: قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على من كان من قبلنا. فأجابه الله عز و جل إلى ذلك، فقال تبارك اسمه: قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة: كنت لا أقبل صلاتهم إلا في بقاع من الأرض معلومة «3» اخترتها لهم و إن بعدت، و قد جعلت الأرض كلها لامتك مسجدا و ترابها طهورا، فهذه من الآصار التي كانت على الأمم قبلك، فرفعتها عن أمتك كرامة لك.

و كانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم، و قد جعلت الماء لامتك طهورا، فهذه من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك.

و كانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبلت ذلك منه أرسلت عليه نارا

__________________________________________________

(1) النجم 53: 10.

(2) في المصدر: دفعت.

(3) في المصدر: بقاع معلومة من الأرض. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 569

فأكلته فرجع مسرورا، و من لم أقبل ذلك منه رجع مثبورا، و قد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها و مساكينها، فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة، و من لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا، و قد رفعت ذلك عن أمتك، و

هي من الآصار التي كانت على الأمم من قبلك «1».

و كانت الأمم السالفة صلاتها مفروضة [عليها] في ظلم الليل و أنصاف النهار، و هي من الشدائد التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك و فرضت صلاتهم في أطراف الليل و النهار، و في أوقات نشاطهم.

و كانت الأمم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتا، و هي من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك و جعلتها خمسا في خمسة أوقات، و هي إحدى و خمسون ركعة، و جعلت لهم أجر خمسين صلاة.

و كانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة، و سيئتهم بسيئة، و هي من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك، و جعلت الحسنة بعشرة و السيئة بواحدة.

و كانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة ثم لم يعملها لم تكتب له، و إن عملها كتبت له حسنة، و إن أمتك إذا نوى «2» أحدهم حسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة و إن لم يعملها، و إن عملها كتبت له عشرة، و هي من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك.

و كانت الأمم السالفة إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها لم تكتب عليه، و إن عملها كتبت عليه سيئة، و إن أمتك إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها كتبت له حسنة، و هذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك.

و كانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم، و جعلت توبتهم من الذنوب: أن حرمت عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم، و قد رفعت ذلك عن أمتك، و جعلت ذنوبهم فيما بيني و بينهم، و جعلت عليهم ستورا كثيفة، و قبلت توبتهم بلا عقوبة، و لا أعاقبهم بأن احرم عليهم أحب

الطعام إليهم.

و كانت الأمم السالفة يتوب أحدهم «3» من الذنب الواحد مائة سنة، أو ثمانين سنة أو خمسين سنة، ثم لا أقبل توبتهم دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة، و هي من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك، و إن الرجل من أمتك ليذنب عشرين سنة، أو ثلاثين سنة، أو أربعين سنة، أو مائة سنة، ثم يتوب و يندم طرفة عين، فأغفر له ذلك كله.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): اللهم إذا أعطيتني ذلك كله فزدني. قال: سل. قال: رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ، فقال تبارك اسمه: قد فعلت ذلك بأمتك، و قد رفعت عنهم جميع «4» بلايا الأمم، و ذلك حكمي في جميع الأمم: أن لا اكلف خلقا فوق طاقتهم.

__________________________________________________

(1) في المصدر: من كان من قبلك.

(2) في المصدر: إذا همّ.

(3) في المصدر زيادة: إلى اللّه.

(4) في المصدر: عظم، و في «ط»: جميع عظيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 570

قال (صلى الله عليه و آله): وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا، قال الله عز و جل: قد فعلت ذلك بتائبي أمتك.

ثم قال (صلى الله عليه و آله): فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ قال الله عز اسمه: إن أمتك في الأرض كالشامة البيضاء في الثور الأسود، هم القادرون، و هم القاهرون، يستخدمون و لا يستخدمون لكرامتك علي، و حق علي أن اظهر دينك على الأديان حتى لا يبقى في شرق الأرض و غربها دين إلا دينك، و يؤدون إلى أهل دينك الجزية».

1575/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن هذه الآية مشافهة الله تعالى

لنبيه (صلى الله عليه و آله) ليلة أسري به إلى السماء، قال النبي (صلى الله عليه و آله): لما انتهيت إلى محل سدرة المنتهى، فإذا الورقة منها تظل أمة من الأمم، فكنت من ربي قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «1»، كما حكى الله عز و جل، فناداني ربي تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ. فقلت: أنا مجيب عني و عن أمتي:

وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فقال الله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ.

فقلت: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا، و قال الله: لا او آخذك.

فقلت: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا فقال الله: لا أحملك.

فقلت: رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ فقال الله تعالى: قد أعطيتك ذلك لك و لامتك».

فقال الصادق (عليه السلام): «ما وفد إلى الله تعالى أحد أكرم من رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث سأل لأمته هذه الخصال».

1576/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق، قال:

حدثني عمرو بن مروان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): رفع عن امتي أربع خصال: خطأها، و نسيانها، و ما اكرهوا عليه، و ما لم يطيقوا و ذلك قول الله عز و جل: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ

لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ، و قوله:

إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ «2»».

1577/ [4]- و روى صاحب كتاب (المقتضب في إمامة الاثني عشر): [عن أبي الحسن علي بن سنان

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 95.

3- الكافي 2: 335/ 1.

4- مقتضب الأثر: 10، فرائد السمطين 2: 319/ 571.

(1) النجم 53: 9.

(2) النّحل 16: 106.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 571

الموصلي المعدل «1»، عن أحمد بن [محمد الخليلي الآملي، عن «2» محمد بن صالح، عن سليمان بن محمد «3»، عن زياد «4» بن مسلم، عن عبد الرحمن بن «5» يزيد بن جابر، عن سلام بن أبي عمرة «6»، عن أبي سلمى راعي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله): يقول: «ليلة أسري بي إلى السماء، قال لي الجليل جل جلاله:

آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ. فقلت: و المؤمنون. فقال تعالى: صدقت- يا محمد- من خلفت في أمتك؟

قلت: خيرها. قال الله تعالى علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم.

قال: يا محمد، إني اطلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي، فلا اذكر في موضع إلا و ذكرت معي، فأنا المحمود و أنت محمد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا، و شققت له اسما من أسمائى، فأنا الأعلى و هو علي.

يا محمد، إني خلقتك و خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولده «7» من [سنخ «8» نوري، و عرضت ولايتكم على أهل السماوات و الأرض «9»، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، و من جحدها كان

عندي من الكافرين.

يا محمد، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي «10»، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم.

يا محمد، تحب أن تراهم؟ قلت: نعم. فقال لي: التفت عن يمين العرش. فالتفت فإذا بعلي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و علي بن الحسين، و محمد بن علي، و جعفر بن محمد، و موسى بن جعفر، و علي بن موسى، و محمد بن علي، و علي بن محمد، و الحسن بن علي، و المهدي، في ضحضاح «11» من نور، قيام يصلون، و هو في

__________________________________________________

(1) من المصادر، و هو شيخ الجوهري صاحب المقتضب.

(2) أثبتناه من المصادر، و محمّد بن صالح هو الهمداني كما في المصدر و غيبة الطوسي 147/ 109، و لعلّه أبو إسماعيل الواسطي البطيخي الراوي عن سليمان بن محمّد كما في الجرح و التعديل 7: 288 و تاريخ بغداد 5: 355.

(3) في المصدر: سليمان بن أحمد، راجع التعليقة السابقة.

(4) في المصدر: الريان.

(5) في «س و ط»: عن، و الظاهر أنّه تصحيف، و لعلّه الأزدي الشامي الداراني، وثّقه غير واحد، في الطبقة الثانية من فقهاء أهل الشام بعد الصحابة، انظر طبقات ابن سعد 7: 466 و تهذيب التهذيب 6: 297، و انظر التعليقة الآتية. [.....]

(6) في «س و ط»: عن سلامة، و الظاهر أنّه تصحيف، انظر الجرح و التعديل 4: 258، و معجم رجال الحديث 8: 170.

و لعلّه أبو سلام ممطور الحبشي الراوي عن أبي سلمى، و روى عنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، انظر تهذيب التهذيب 10: 296.

(7) (و الأئمة من ولده) ليس في المصدر.

(8) السّنخ: الأصل.

(9) في المصدر: و الأرضين.

(10) أي القربة الخلق.

(11) الضّحضاح

في الأصل: ما رقّ من الماء على وجه الأرض، و استعير هنا للنور. «النهاية 3: 75».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 572

وسطهم- يعني المهدي- كأنه كوكب دري.

فقال: يا محمد، هؤلاء الحجج، و هو الثائر من عترتك، و عزتي و جلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي، و المنتقم من أعدائي».

و روى هذا الحديث من طريق المخالفين موفق بن أحمد بإسناد حذفناه للاختصار، عن أبي سلمى «1» راعي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذكر الحديث بعينه «2».

و رواه الشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة) بإسناده عن أبي سلمى راعي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذكر الحديث «3».

1578/ [5]- محمد بن إبراهيم النعماني: بإسناده عن أبي أيوب المؤدب، عن أبيه، و كان مؤدبا لبعض ولد جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال: «لما توفي رسول الله (صلى الله عليه و آله) دخل المدينة يهودي- و ذكر مسائل مع علي (عليه السلام)- و كان فيما سأله اليهودي أن قال له: ما أول حرف كلم به نبيكم لما أسري به و رجع من عند ربه؟

فقال له علي (عليه السلام): أما أول ما كلم به نبينا (عليه و آله السلام)، قول الله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ قال: ليس هذا أردت.

قال: فقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ قال: ليس هذا أردت.

فقال: اترك الأمر مستورا. قال: لتخبرني، أو لست أنت هو؟

فقال: أما إذا أبيت فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما رجع من عند ربه، و الحجب ترفع له قبل أن يصير إلى موضع جبرئيل، ناداه ملك: يا أحمد قال: لبيك، فقال «4»: إن الله يقرأ

عليك السلام، و يقول لك: اقرأ على السيد الولي السلام. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من السيد الولي؟ قال الملك: علي بن أبي طالب.

قال اليهودي: صدقت و الله، إنى لأجده في كتاب أبي، و اليهودي من ولد داود».

1579/ [6]- العياشي: عن سعدان، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ. قال: «حقيق على الله أن لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من حبهما».

1580/ [7]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله فرض الإيمان على جوارح بني

__________________________________________________

5- الغيبة للنعماني: 100/ 30.

6- تفسير العيّاشي 1: 156/ 528.

7- تفسير العيّاشي 1: 157/ 529.

(1) في «س و ط»: أبي سليمان، و هو تصحيف، صوابه ما في المتن من الغيبة و المقتل و أسد الغابة 5: 219 و تهذيب التهذيب 12: 115.

(2) مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوارزمي 1: 95.

(3) الغيبة: 147/ 109.

(4) (لبيك، فقال) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 573

آدم و قسمه عليها و فرقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلا و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها قلبه الذي به يعقل و يفقه و يفهم، و هو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح و لا تصدر إلا عن رأيه و أمره.

و أما ما فرض على القلب من الإيمان: فالإقرار، و المعرفة، و العقد، و الرضا، و التسليم بأن لا إله إلا هو وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، و أن محمدا

عبده و رسوله، و الإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب. فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار و المعرفة، و هو عمله، و هو قول الله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً «1»، و قال: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ «2»، و قال: الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «3»، و قال: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار و المعرفة، و هو عمله، و هو رأس الإيمان».

1581/ [8]- عن عبد الصمد بن بشير «4»، قال: ذكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) بدء الأذان، فقال: إن رجلا من الأنصار رأى في منامه الأذان، فقصه على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمره رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يعلمه بلالا «5».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كذبوا، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان نائما في ظل الكعبة، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) و معه طاس فيه ماء من الجنة، فأيقظه و أمره أن يغتسل، ثم وضع في محمل له ألف ألف لون من نور، ثم صعد به حتى انتهى إلى أبواب السماء، فلما رأته الملائكة نفرت عن أبواب السماء، و قالت: إليهن: إله في الأرض، و إله في السماء؟! فأمر الله جبرئيل (عليه السلام)، فقال: الله أكبر، الله أكبر. فتراجعت الملائكة نحو أبواب السماء و علمت أنه مخلوق، ففتحت الباب، فدخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى إلى السماء الثانية، فنفرت

الملائكة عن أبواب السماء، فقالت: إلهين: إله في الأرض، و إله في السماء؟! فقال جبرئيل: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، فتراجعت الملائكة و علمت أنه مخلوق، ثم فتح الباب، فدخل (صلى الله عليه و آله)، و مر حتى انتهى إلى السماء الثالثة، فنفرت الملائكة عن أبواب السماء، فقال جبرئيل: أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، فتراجعت الملائكة، و فتح الباب.

و مر النبي (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى إلى السماء الرابعة، فإذا هو بملك متكى و هو على سرير، تحت يده ثلاث مائة ألف ملك، تحت كل ملك ثلاث مائة ألف ملك، فهم النبي (صلى الله عليه و آله): بالسجود، و ظن أنه هو، فنودي: أن قم- قال- فقام الملك على رجليه- قال- فعلم النبي (صلى الله عليه و آله) أنه عبد مخلوق- قال- فلا يزال قائما

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 157/ 530. [.....]

(1) النّحل 16: 106.

(2) الرّعد 13: 28.

(3) المائدة 5: 41.

(4) في «س و ط»: شبية، تصحيف صواب ما في المتن، انظر رجال النجاشي: 248/ 654 و معجم رجال الحديث 10: 22 و الحديث الآتي.

(5) زاد في «ط، س»: قال محمّد بن الحسن في حديثه: نفرت عن أبواب السماء، إلهنا. و لم ترد هذه الزيادة في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 574

إلى يوم القيامة».

قال: «و فتح الباب، و مر النبي (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى إلى السماء السابعة- قال- و انتهى إلى سدرة المنتهى- قال- فقالت السدرة: ما جاوزني مخلوق قبلك ثم مضى فتدانى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى «1»- قال- فدفع

إليه كتابين: كتاب أصحاب اليمين بيمينه، و [كتاب أصحاب الشمال بشماله، فأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه، و فتحه و نظر فيه، فإذا فيه أسماء أهل الجنة، و أسماء آبائهم و قبائلهم- قال- فقال الله: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ، فقال الله: وَ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا، فقال النبي (صلى الله عليه و آله) غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ، قال الله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ.

قال النبي (صلى الله عليه و آله): رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا،- قال- فقال الله: قد فعلت.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا، قال: قد فعلت.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ، كل ذلك يقول الله: قد فعلت.

ثم طوى الصحيفة فأمسكها بيمينه، و فتح الاخرى، صحيفة أصحاب الشمال، فإذا فيها أسماء أهل النار، و أسماء آبائهم و قبائلهم،- قال- فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. فقال الله: يا محمد، فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ «2»».

قال: «فلما فرغ من مناجاة ربه، رد إلى البيت المعمور، و هو في السماء السابعة بحذاء الكعبة- قال- فجمع له النبيين و المرسلين و الملائكة، ثم أمر جبرئيل فأتم الأذان، و أقام الصلاة، و تقدم

رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فصلى بهم، فلما فرغ التفت إليهم، فقال الله له: فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ «3» فسألهم يومئذ النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم نزل و معه صحيفتان، فدفعهما إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فهذا كان بدء الأذان».

1582/ [9]- عن عبد الصمد بن بشير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو بالأبطح بالبراق، أصغر من البغل، و أكبر من الحمار، عليه ألف ألف محفة «4» من نور،

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 159/ 531.

(1) تضمين من سورة النجم 53: 8- 10.

(2) الزخرف 43: 89.

(3) يونس 10: 94.

(4) المحفّة: هودج لا قبّة له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 575

فشمس» البراق حين أدناه منه ليركبه، فلطمه جبرئيل (عليه السلام) لطمة عرق البراق منها، ثم قال: اسكن، فإنه محمد. ثم زف به- أي أسرع به- من بيت المقدس إلى السماء، فتطايرت الملائكة من أبواب السماء، فقال جبرئيل: الله أكبر. فقالت الملائكة: عبد مخلوق- قال-: ثم لقوا جبرئيل، فقالوا: يا جبرئيل، من هذا؟ قال: هذا محمد. فسلموا عليه.

ثم زف به إلى السماء الثانية، فتطايرت الملائكة، فقال جبرئيل: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله.

فقالت الملائكة: عبد مخلوق. فلقوا جبرئيل، فقالوا: من هذا؟ فقال: هذا محمد. فسلموا عليه.

و لم يزل كذلك في سماء سماء، ثم أتم الأذان، ثم صلى بهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) في السماء السابعة، و أمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم مضى به جبرئيل

(عليه السلام) حتى انتهى به إلى موضع، فوضع إصبعه على منكبه ثم رفعه «2»، فقال له: امض، يا محمد. فقال له: يا جبرئيل، تدعني في هذا الموضع؟- قال-: فقال له: يا محمد، ليس لي أن أجوز هذا المقام، و لقد وطئت موضعا ما وطئه أحد قبلك، و لا يطؤه أحد بعدك».

قال: «ففتح الله له من العظيم ما شاء الله- قال- فكلمه الله: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، قال:

نعم، يا رب وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ، قال الله تبارك و تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ، قال محمد (صلى الله عليه و آله): رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ».

قال: «قال الله: يا محمد، من لامتك بعدك؟ فقال: الله أعلم. قال: علي أمير المؤمنين».

قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الله، ما كانت ولايته إلا من الله مشافهة لمحمد (صلى الله عليه و آله)».

1583/ [10]- عن قتادة، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا قرأ هذه الآية: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ حتى يختمها، قال: «و حق الله، إن لله كتابا قبل أن يخلق السماوات و الأرض بألفي سنة، فوضعه عنده فوق العرش، فأنزل آيتين فختم بهما البقرة، فأيما بيت قرئتا فيه لم

يدخله الشيطان».

1584/ [11]- عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، في آخر البقرة، قال: «لما دعوا أجيبوا لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها- قال-: ما افترض الله عليها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ، و قوله: لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا».

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 160/ 532.

11- تفسير العيّاشي 1: 160/ 533.

(1) شمست الدابّة: نفرت.

(2) في «ط»: دفعه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 576

1585/ [12]- عن عمرو بن مروان الخزاز، قال: سمعت أبا عبد الله (ٙęʙǠالسلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) رفعت عن امتي أربع خصال: ما أخطأوا، و ما نسوا، و ما أكرهوا عليه، و ما لم يطيقوا، و ذلك في كتاب الله، قول تبارك و تعالى: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ، و قوله: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ «1»».

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 1: 160/ 534.

(1) النّحل 16: 106.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 577

المستدرك (سورة البقرة)

سورة البقرة(2): آية 82 ..... ص : 577

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [82]

[1]- (مناقب ابن شهر آشوب): عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ نزلت في علي (عليه السلام)، و هو أول مؤمن، و أول مصل.

رواه الفلكي في (إبانة ما في التنزيل) عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.

[2]- و عنه: عن المرزباني، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ

آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ نزلت في علي (عليه السلام) خاصة، و هو أول مؤمن و أول مصل بعد النبي (صلى الله عليه و آله).

سورة البقرة(2): آية 140..... ص : 577

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [140]

__________________________________________________

1- المناقب 2: 9.

2- المناقب 2: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 578

[1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي الحكم الأرمني، قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط الزيدي.

قال أبو الحكم: و أخبرني عبد الله بن محمد بن عمارة الجرمي عن يزيد بن سليط، عن الإمام الكاظم (عليه السلام)- في حديث طويل ذكر فيه النص و الإشارة على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)- قال: «يا يزيد، إنها وديعة عندك فلا تخبر بها إلا عاقلا، أو عبدا تعرفه صادقا، و إن سئلت عن الشهادة فاشهد بها، و هو قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها «1» و قال لنا أيضا: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ».

[2]- (إرشاد القلوب): في خبر حذيفة بن اليمان- في حديث طويل يذكر فيه حال المنافقين بعد خطبة النبي (صلى الله عليه و آله) بغدير خم منصرفه من حجة الوداع- قال: فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المسير أتوه، فقال لهم: «فيم كنتم تتناجون في يومكم هذا، و قد نهيتكم عن النجوى»؟

فقالوا: يا رسول الله ما التقينا غير وقتنا هذا فنظر إليهم النبي (صلى الله عليه و آله) مليا، ثم قال لهم: «أنتم أعلم

أم الله، وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ».

سورة البقرة(2): آية 154..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ [154]

[3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن محمد، عن الحسين بن أحمد، عن يونس بن ظبيان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «ما يقول الناس في أرواح المؤمنين؟». فقلت: يقولون: تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «سبحان الله! المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير. يا يونس، إذا كان ذلك أتاه محمد (صلى الله عليه و آله) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام) و الملائكة المقربون (عليهم السلام)،

__________________________________________________

1- الكافي 1: 252/ 14.

2- إرشاد القلوب: 333.

3- الكافي 3: 245/ 6.

(1) النساء: 58.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 579

فإذا قبضه الله عز و جل صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا، فيأكلون و يشربون، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا».

و روى الشيخ الطوسي في (التهذيب): عن علي بن مهزيار، عن الحسن، عن القاسم بن محمد، مثله «1».

[1]- و في (التهذيب): عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أرواح المؤمنين؟ فقال: «في الجنة على صور أبدانهم، لو رأيته لقلت فلان».

[2]- و أخرج أحمد و مسلم و النسائي و الحاكم و صححه، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يؤتى بالرجل من أهل

الجنة فيقول الله عز و جل له: يا ابن آدم، كيف وجدت منزلك؟ فيقول: أي رب خير منزل. فيقول:

سل و تمن. فيقول: أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك عشر مرات. لما رأى من فضل الشهادة.

قال: «و يؤتى بالرجل من أهل النار فيقول الله: يا ابن آدم، كيف وجدت منزلك؟ فيقول: أي رب، شر منزل.

فيقول: فتفتدي منه بطلاع الأرض ذهبا؟ فيقول: نعم. فيقول: كذبت، قد سألتك دون ذلك فلم تفعل».

سورة البقرة(2): آية 160..... ص : 579

قوله تعالى:

إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ بَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [160]

[3]- (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا من كتمانه وَ أَصْلَحُوا أعمالهم، و أصلحوا ما كانوا أفسدوه بسوء التأويل، فجحدوا به فضل الفاضل و استحقاق المحق، وَ بَيَّنُوا ما ذكره الله تعالى من نعت محمد (صلى الله عليه و آله) و صفته، و من ذكر علي (عليه السلام) و حليته، و ما ذكره رسول الله (صلى الله عليه و آله) فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ أقبل توبتهم وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».

سورة البقرة(2): الآيات 161 الي 162 ..... ص : 579

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ماتُوا وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ [161- 162]

__________________________________________________

1- التهذيب 1: 466/ 1527، عنه مجمع البيان 1: 434.

2- مسند أحمد 3: 131 و 239، سنن النسائي 6: 36، مستدرك الحاكم 2: 75، الدر المنثور 1: 276 و 2: 377.

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 571/ 333.

(1) التهذيب 1: 466/ 1526، عنه مجمع البيان 1: 434.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 580

[1]- (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): قال الإمام (عليه السلام): «قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بالله في ردهم نبوة محمد (صلى الله عليه و آله) و ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ ماتُوا وَ هُمْ كُفَّارٌ على كفرهم أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ يوجب الله تعالى لهم البعد من الرحمة، و السحق «1» من الثواب وَ الْمَلائِكَةِ و عليهم لعنة الملائكة يلعنونهم وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ و لعنة الناس أجمعين كل يلعنهم، لأن كل المأمورين المنهيين

يلعنون الكافرين، و الكافرين أيضا يقولون: لعن الله الكافرين، فهم في لعن أنفسهم أيضا خالِدِينَ فِيها في اللعنة، في نار جهنم لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ يوما و لا ساعة وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ لا يؤخرون ساعة، إلا يحل بهم العذاب».

[2]- و عنه: «قال الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن هؤلاء الكاتمين لصفة محمد رسول الله، و الجاحدين لحلية علي ولي الله، إذا أتاهم ملك الموت ليقبض أرواحهم، أتاهم بأفظع المناظر، و أقبح الوجوه، فيحيط بهم عند نزع أرواحهم مردة شياطينهم الذين كانوا يعرفونهم، ثم يقول ملك الموت: أبشري أيتها النفس الخبيثة، الكافرة بربها بجحد نبوة نبيه، و إمامة علي وصيه، بلعنة من الله و غضبه. ثم يقول: ارفع رأسك و طرفك و انظر. فينظر فيرى دون العرش محمدا (صلى الله عليه و آله) على سرير بين يدي عرش الرحمن، و يرى عليا (عليه السلام) على كرسي بين يديه، و سائر الأئمة (عليهم السلام) على مراتبهم الشريفة بحضرته، ثم يرى الجنان قد فتحت أبوابها، و يرى القصور و الدرجات و المنازل التي تقصر عنها أماني المتمنين، فيقول له: لو كنت لأولئك مواليا كانت روحك يعرج بها إلى حضرتهم، و كان يكون مأواك في تلك الجنان، و كانت تكون منازلك فيها و إن كنت على مخالفتهم، فقد حرمت [من حضرتهم، و منعت مجاورتهم، و تلك منازلك، و أولئك مجاوروك و مقاربوك، فانظر. فيرفع له عن حجب الهاوية، فيراها بما فيها من بلاياها و دواهيها و عقاربها و حياتها و أفاعيها و ضروب عذابها و أنكالها، فيقال له: فتلك إذن منازلك. ثم تمثل له شياطينه، هؤلاء الذين كانوا

يغوونه و يقبل منهم، مقرنين معه هناك في تلك الأصفاد و الأغلال، فيكون موته بأشد حسرة و أعظم أسف».

سورة البقرة(2): آية 169..... ص : 580

قوله تعالى:

إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَ الْفَحْشاءِ وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [169]

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 572/ 334.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 572/ 335. [.....]

(1) السّحق: البعد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 581

[1]- (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): «إِنَّما يَأْمُرُكُمْ الشيطان بِالسُّوءِ بسوء المذهب و الاعتقاد في خير خلق الله محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و جحود ولاية أفضل أولياء الله بعد محمد رسول الله وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بإمامة من لم يجعل الله له في الإمامة حظا، و من جعله من أراذل أعدائه و أعظمهم كفرا به»

سورة البقرة(2): آية 172..... ص : 581

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [172]

[2]- (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بتوحيد الله، و نبوة محمد رسول الله، و بإمامة علي ولي الله كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ على ما رزقكم منها بالمقام على ولاية محمد و علي ليقيكم الله تعالى بذلك شرور الشياطين المتمردة على ربها عز و جل، فإنكم كلما جددتم على أنفسكم ولاية محمد و علي (عليهما السلام) تجدد على مردة الشياطين لعائن الله، و أعاذكم الله من نفخاتهم و نفثاتهم. فلما قاله رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قيل: يا رسول الله و ما نفخاتهم؟

قال: هي ما ينفخون به عند الغضب في الإنسان الذي يحملونه على هلاكه في دينه و دنياه، و قد ينفخون في غير حال الغضب بما يهلكون به.

أ تدرون ما أشد ما ينفخون به؟ هو

ما ينفخون بأن يوهموه أن أحدا من هذه الامة فاضل علينا، أو عدل لنا أهل البيت، كلا- و الله- بل جعل الله تعالى محمدا ثم آل محمد فوق جميع هذه الامة، كما جعل الله تعالى السماء فوق الأرض، و كما زاد نور الشمس و القمر على السها.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و أما نفثاته: فأن يرى أحدكم أن شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت و من الصلاة علينا، فإن الله عز و جل جعل ذكرنا أهل البيت شفاء للصدور، و جعل الصلوات علينا ماحية للأوزار و الذنوب، و مطهرة من العيوب و مضاعفة للحسنات».

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 581/ 342.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 584/ 348.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 582

[2]- و عنه: «قال الله عز و جل: إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ أي إن كنتم إياه تعبدون فاشكروا نعمة الله بطاعة من أمركم بطاعته من محمد و علي و خلفائهم الطيبين».

[3]- (شرح نهج البلاغة): قال: و اعلم أن الذي رويته عن الشيوخ و رأيته بخط عبد الله بن أحمد بن الخشاب (رحمه الله): أن الربيع بن زياد الحارثي أصابته نشابة في جبينه فكانت تنتقض عليه في كل عام، فأتاه علي (عليه السلام) عائدا، فقال: «كيف تجدك أبا عبد الرحمن؟» قال: أجدني- يا أمير المؤمنين- لو كان لا يذهب ما بي إلا بذهاب بصري لتمنيت ذهابه.

قال: «و ما قيمة بصرك عندك؟» قال: لو كانت لي الدنيا لفديته بها.

قال: «لا جرم ليعطينك الله على قدر ذلك، إن الله يعطي على قدر الألم و المصيبة، و عنده تضعيف كثير».

قال الربيع: يا أمير المؤمنين، ألا أشكوا

إليك عاصم بن زياد أخي؟ قال: «ما له»؟ قال: لبس العباء و ترك الملاء «1»، و غم أهله و حزن ولده.

فقال (عليه السلام): «ادعوا لي عاصما» فلما أتاه عبس في وجهه، و قال: «ويحك- يا عاصم- أ ترى الله أباح لك اللذات، و هو يكره ما أخذت منها؟ لأنت أهون على الله من ذلك، أو ما سمعته يقول: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ «2» ثم قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ «3» و قال: وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها «4».

أما و الله ابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال، و قد سمعتم الله يقول: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ «5»، و قوله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ «6».

إن الله خاطب المؤمنين بما خاطب به المرسلين، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ و قال: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً «7»، و قال رسول (صلى الله عليه و آله) لبعض نسائه: مالي أراك شعثاء «8» مرهاء «9» سلتاء «10»؟».

__________________________________________________

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 585/ 349.

3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11: 35.

(1) الملاء و الملاءة: ثوب رقيق ذو شقّين.

(2) الرحمن 55: 19.

(3) الرحمن 55: 22.

(4) فاطر 35: 12.

(5) الضحى 93: 11.

(6) الأعراف 7: 32.

(7) المؤمنون 23: 51.

(8) الشّعثاء: التي أغبر رأسها و تلبّد شعرها و انتشر لبعد عهده بالدّهن.

(9) المرهاء: التي تركت الاكتحال حتّى تبيضّ بواطن أجفانها. [.....]

(10) السلتاء: التي لا تختضب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 583

قال عاصم: فلم اقتصرت- يا أمير المؤمنين- على لبس الخشن، و أكل الجشب؟

قال: «إن الله تعالى

افترض على أئمة العدل أن يقدروا لأنفسهم بالقوام «1» كيلا يتبيغ «2» بالفقير فقره» فما قام علي (عليه السلام) حتى نزع عاصم العباءة و لبس ملاءة.

سورة البقرة(2): آية 174..... ص : 581

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [174]

[1]- (تفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): «قال الله عز و جل في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ المشتمل على ذكر فضل محمد (صلى الله عليه و آله) على جميع النبيين و فضل علي (عليه السلام) على جميع الوصيين.

وَ يَشْتَرُونَ بِهِ بالكتمان ثَمَناً قَلِيلًا يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدنيا يسيرا، و ينالوا به في الدنيا عند جهال عباد الله رئاسة، قال الله تعالى: أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ يوم القيامة إِلَّا النَّارَ بدلا من إصابتهم اليسير من الدنيا لكتمانهم الحق وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ بكلام خير، بل يكلمهم بأن يلعنهم و يخزيهم و يقول: بئس العباد أنتم، غيرتم ترتيبي، و أخرتم من قدمته، و قدمتم من أخرته، و واليتم من عاديته، و عاديتم من واليته.

وَ لا يُزَكِّيهِمْ من ذنوبهم، لأن الذنوب إنما تذوب و تضمحل إذا قرن بها موالاة محمد و علي و آلهما الطيبين (عليهم السلام). فأما ما يقرن بها الزوال عن موالاة محمد و آله (عليهم السلام)، فتلك ذنوب تتضاعف، و أجرام تتزايد، و عقوباتها تتعاظم، وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ موجع في النار».

]- (دعائم الإسلام): عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة

و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: الشيخ الزاني، و الديوث- و هو الذي لا يغار، و يجتمع الناس في بيته على الفجور- و المرأة توطئ فراش زوجها».

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 585/ 352.

2- دعائم الإسلام 2: 448/ 1570.

(1) القوام: ما يقيم الإنسان من القوت.

(2) تبيّغ به الفقر: غلب عليه و تجاوز الحدّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 584

سورة البقرة(2): آية 176..... ص : 584

قوله تعالى:

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ [176]

[1]- (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): «ذلِكَ يعني ذلك العذاب الذي وجب على هؤلاء بآثامهم و إجرامهم لمخالفتهم لإمامهم، و زوالهم عن موالاة سيد خلق الله بعد محمد نبيه، أخيه و صفيه، بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ نزل الكتاب الذي توعد فيه من خالف المحقين و جانب الصادقين، و شرع في طاعة الفاسقين، نزل الكتاب بالحق أن ما يوعدون به يصيبهم و لا يخطئهم.

وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ فلم يؤمنوا به، قال بعضهم: إنه سحر. و بعضهم: إنه شعر. و بعضهم: إنه كهانة لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ مخالفة بعيدة عن الحق، كأن الحق في شق و هم في شق غيره يخالفه.

قال علي بن الحسين (عليهما السلام): هذه أحوال من كتم فضائلنا، و جحد حقوقنا، و سمى بأسمائنا، و لقب بألقابنا، و أعان ظالمنا على غصب حقوقنا، و مالأ علينا أعداءنا، و التقية عليكم لا تزعجه، و المخالفة على نفسه و ماله و حاله لا تبعثه.

فاتقوا الله معاشر شيعتنا، لا تستعملوا الهوينا و لا تقية عليكم، و لا تستعملوا المهاجرة و التقية تمنعكم، و سأحدثكم في ذلك بما يردعكم و يعظكم:

دخل على أمير المؤمنين (عليه السلام)

رجلان من أصحابه، فوطئ أحدهما على حية فلدغته، و وقع على الآخر في طريقه من حائط عقرب فلسعته و سقطا جميعا فكأنهما لما بهما يتضرعان و يبكيان، فقيل لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: دعوهما، فانه لم يحن حينهما، و لم تتم محنتهما، فحملا إلى منزليهما، فبقيا عليلين أليمين في عذاب شديد شهرين.

ثم إن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعث إليهما، فحملا إليه، و الناس يقولون: سيموتان على أيدي الحاملين لهما.

فقال لهما: كيف حالكما؟ قالا: نحن بألم عظيم، و في عذاب شديد. قال لهما: استغفر الله من كل ذنب أداكما إلى هذا، و تعوذا بالله مما يحبط أجركما، و يعظم وزركما.

قالا: و كيف ذلك يا أمير المؤمنين؟

فقال علي (عليه السلام): ما أصيب واحد منكما إلا بذنبه، أما أنت يا فلان- و أقبل على أحدهما- فتذكر يوم غمز على سلمان الفارسي (رحمه الله) فلان و طعن عليه لموالاته لنا، فلم يمنعك من الرد و الاستخفاف به خوف على نفسك و لا على أهلك و لا على ولدك و مالك، أكثر من أنك استحييته، فلذلك أصابك، فإن أردت أن يزيل الله ما

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 586/ 352.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 585

بك، فاعتقد أن لا ترى مزريا على ولي لنا تقدر على نصرته بظهر الغيب إلا نصرته، إلا أن تخاف على نفسك أو أهلك أو ولدك أو مالك.

و قال للآخر: فأنت، أ فتدري لما أصابك ما أصابك؟ قال: لا. قال: أما تذكر حيث أقبل قنبر خادمي و أنت بحضرة فلان العاتي، فقمت إجلالا له لإجلالك لي؟ فقال لك: و تقوم لهذا بحضرتي؟! فقلت له: و ما بالي لا أقوم و ملائكة الله تضع له

أجنحتها في طريقه، فعليها يمشي. فلما قلت هذا له، قام إلى قنبر و ضربه، و شتمه، و آذاه، و تهدده و تهددني، و ألزمني الإغضاء على قذى، فلهذا سقطت عليك هذه الحية، فإن أردت أن يعافيك الله تعالى من هذا، فاعتقد أن لا تفعل بنا، و لا بأحد من موالينا بحضرة أعدائنا ما يخاف علينا و عليهم منه.

أما إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان مع تفضيله لي لم يكن يقوم لي عن مجلسه إذا حضرته، كما كان يفعله ببعض من لا يعشر معشار جزء من مائة ألف جزء من إيجابه لي، لأنه علم أن ذلك يحمل بعض أعداء الله على ما يغمه، و يغمني، و يغم المؤمنين، و قد كان يقوم لقوم لا يخاف على نفسه و لا عليهم مثل ما خاف علي لو فعل ذلك بي»

سورة البقرة(2): آية 190..... ص : 585

قوله تعالى:

وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [190]

[1]- (مناقب الخوارزمي): أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني نزيل بغداد، حدثنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن عبد الله، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسن، أخبرني محمد بن العباس بن محمد بن زكريا، قال: قرأ علي ابن أبي الحسن ابن معروف، حدثني الحسن بن الفهم، حدثني محمد بن إسماعيل بن سعد، أخبرني خالد بن مخلد و محمد بن الصلت، قالا: أخبرنا الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن محمد بن الحنفية، قال: دخل علينا ابن الملجم (لعنة الله) الحمام، و أنا و الحسن و الحسين جلوس في الحمام، فلما دخل، كأنهما اشمأزا منه، فقالا: «ما أجرأك تدخل علينا؟» قال: فقلت لهما: دعاه عنكما، فلعمري ما يريد بكما إثما من

هذا. فلما كان يوم أتي به أسيرا، قال ابن الحنفية: ما أنا اليوم بأعرف به من يوم دخل علينا الحمام.

فقال علي (عليه السلام): «إنه أسير، فأحسنوا إليه و أكرموا مثواه، فإن بقيت قتلت أو عفوت، و إن مت فاقتلوه قتلتي وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ».

__________________________________________________

1- مناقب الخوارزمي: 282.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 586

سورة البقرة(2): آية 206..... ص : 586

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ [206]

[1]- (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): «وَ إِذا قِيلَ لَهُ لهذا الذي يعجبك قوله اتَّقِ اللَّهَ و دع سوء صنيعك أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ الذي هو محتقبه «1»، فيزداد إلى شره شرا، و يضيف إلى ظلمه ظلما فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ جزاء له على سوء فعله، و عذابا وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ يمهدها و يكون دائما فيها».

[2]- و عنه: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «ذم الله تعالى هذا الظالم المعتدي من المخالفين و هو على خلاف ما يقول منطو، و الإساءة إلى المؤمنين مضمر. فاتقوا الله عباد الله المنتحلين لمحبتنا، و إياكم و الذنوب التي قلما أصر عليها صاحبها إلا أداه إلى الخذلان المؤدي إلى الخروج عن ولاية محمد و علي (عليهما السلام) و الطيبين من آلهما، و الدخول في موالاة أعدائهما، فإن من أصر على ذلك فأدى خذلانه إلى الشقاء الأشقى من مفارقة ولاية سيد اولي النهى، فهو من أخسر الخاسرين.

قالوا: يا ابن رسول الله، و ما الذنوب المؤدية إلى الخذلان العظيم؟

قال: ظلمكم لإخوانكم الذين هم لكم في تفضيل علي (عليه السلام)، و القول بإمامته، و إمامة من انتجبه الله من ذريته موافقون، و معاونتكم الناصبين عليهم، و لا تغتروا بحلم الله عنكم،

و طول إمهاله لكم، فتكونوا كمن قال الله عز و جل: كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ «2» كان هذا رجل فيمن كان قبلكم في زمان بني إسرائيل، يتعاطى الزهد و العبادة، و قد كان قيل له: إن أفضل الزهد، الزهد في ظلم إخوانك المؤمنين بمحمد و علي (عليهما السلام) و الطيبين من آلهما، و إن أشرف العبادة خدمتك إخوانك المؤمنين، الموافقين لك على تفضيل سادة الورى محمد المصطفى، و علي المرتضى، و المنتجبين المختارين للقيام بسياسة الورى.

فعرف الرجل لما كان يظهر من الزهد، فكان إخوانه المؤمنون يودعونه فيدعي أنها سرقت، و يفوز بها، و إذا لم يمكنه دعوى السرقة جحدها و ذهب بها.

و ما زال هكذا و الدعاوى لا تقبل فيه، و الظنون تحسن به، و يقتصر منه على أيمانه الفاجرة إلى أن خذله الله تعالى، فوضعت عنده جارية من أجمل النساء قد جنت ليرقيها برقية فتبرأ، أو يعالجها بدواء، فحمله الخذلان

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 617/ 362.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 618/ 363.

(1) أي جامعه.

(2) الحشر 59: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 587

عند غلبة الجنون عليها على وطئها، فأحبلها. فلما اقترب وضعها جاءه الشيطان، فأخطر بباله أنها تلد و تعرف بالزنا بها فتقتل، فاقتلها و ادفنها تحت مصلاك. فقتلها و دفنها، و طلبها أهلها، فقال: زاد بها جنونها فماتت. فاتهموه و حفروا تحت مصلاه، فوجدوها مقتولة مدفونة حبلى مقربة. فأخذوه و انضاف إلى هذه الخطيئة دعاوى القوم الكثيرة الذين جحدهم، فقويت عليه التهمة، و ضويق عليه الطريق فاعترف على نفسه بالخطيئة بالزنا بها، و قتلها،

فملئ بطنه و ظهره سياطا، و صلب على شجرة.

فجاءه بعض شياطين الإنس و قال له: ما الذي أغنى عنك عبادة من كنت تعبده، و موالاة من كنت تواليه، من محمد و علي و الطيبين من آلهما الذين زعموا أنهم في الشدائد أنصارك، و في الملمات أعوانك، و ذهب ما كنت تأمل هباء منثورا، و انكشفت أحاديثهم لك، و إطماعهم إياك من أعظم الغرور، و أبطل الأباطيل، و أنا الإمام الذي كنت تدعي إليه، و صاحب الحق الذي كنت تدل عليه، و قد كنت باعتقاد إمامة غيري من قبل مغرورا، فإن أردت أن أخلصك من هؤلاء، و أذهب بك إلى بلاد نازحة، و أجعلك هناك رئيسا سيدا، فاسجد لي على خشبتك هذه سجدة معترف بأني أنا الملك لإنقاذك، لأنقذك. فغلب عليه الشقاء و الخذلان، و اعتقد قوله و سجد له، ثم قال:

أنقذني. فقال له: إني بري ء منك، إني أخاف الله رب العالمين. و جعل يسخر و يطنز «1» به، و تحير المصلوب، و اضطرب عليه اعتقاده، و مات بأسوأ عاقبة، فذلك الذي أداه إلى هذا الخذلان».

[3]- (مكارم الأخلاق): عن عبد الله بن مسعود- في حديث طويل- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا بن مسعود، إذا قيل لك: اتق الله فلا تغضب، فإنه يقول: وَ إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ».

سورة البقرة(2): آية 209..... ص : 587

قوله تعالى:

فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [209]

[1]- (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام):- في حديث طويل- قال: «فَإِنْ زَلَلْتُمْ عن السلم و الإسلام الذي تمامه باعتقاد ولاية علي (عليه السلام)، و لا ينفع الإقرار بالنبوة مع جحد إمامة علي (عليه

السلام)، كما لا ينفع الإقرار بالتوحيد مع جحد النبوة، إن زللتم مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ من قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) و فضيلته، و أتتكم الدلالات الواضحات الباهرات على أن محمدا (صلى الله عليه و آله) الدال على إمامة علي (عليه السلام) نبي صدق، و دينه دين حق فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ قادر على معاقبة المخالفين لدينه و المكذبين لنبيه، لا

__________________________________________________

3- مكارم الأخلاق: 452.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 627/ 366.

(1) أي يستهزئ. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 588

يقدر أحد على صرف انتقامه من مخالفيه، و قادر على إثابة الموافقين لدينه و المصدقين لنبيه (صلى الله عليه و آله) لا يقدر أحد على صرف ثوابه عن مطيعيه، حكيم فيما يفعل من ذلك، غير مسرف على من أطاعه و إن أكثر له الخيرات، و لا واضع لها في غير موضعها و إن أتم له الكرامات، و لا ظالم لمن عصاه و إن شدد عليه العقوبات.

قال علي بن الحسين (عليهما السلام): و بهذه الآية و غيرها احتج علي (عليه السلام) يوم الشورى على من دافعه عن حقه، و أخره عن رتبته، و إن كان ما ضر الدافع إلا نفسه، فإن عليا (عليه السلام) كالكعبة التي أمر الله باستقبالها للصلاة، جعله الله ليؤتم به في امور الدين و الدنيا، كما لا ينقص الكعبة، و لا يقدح في شي ء من شرفها و فضلها أن ولى عنها الكافرون، فكذلك لا يقدح في علي (عليه السلام) أن أخره عن حقه المقصرون، و دافعه عن واجبه الظالمون.

قال لهم علي (عليه السلام) يوم الشورى في بعض مقاله بعد أن أعذر و أنذر، و بالغ و

أوضح: معاشر الأولياء العقلاء، ألم ينه الله تعالى عن أن تجعلوا له أندادا ممن لا يعقل و لا يسمع و لا يبصر و لا يفهم؟ أو لم يجعلني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لدينكم و دنياكم قواما؟ أو لم يجعل إلي مفزعكم؟ أو لم يقل لكم: علي مع الحق و الحق معه؟ أو لم يقل: أنا مدينة العلم و علي بابها؟ أ و لا تروني غنيا عن علومكم و أنتم إلى علمي محتاجون؟ أ فأمر الله تعالى العلماء باتباع من لا يعلم، أم من لا يعلم باتباع من يعلم؟

يا أيها الناس، لم تنقضون ترتيب الألباب، لم تؤخرون من قدمه الكريم الوهاب؟ أو ليس رسول الله (صلى الله عليه و آله) أجابني إلى ما رد عنه أفضلكم فاطمة لما خطبها؟ أ و ليس قد جعلني أحب خلق الله إلى الله لما أطعمني معه من الطائر؟ أ و ليس جعلني أقرب الخلق شبها بمحمد نبيه (صلى الله عليه و آله)؟ أ فأقرب الناس به شبها تؤخرون، و أبعد الناس به شبها تقدمون، ما لكم لا تتفكرون و لا تعقلون»؟! قال: «فما زال يحتج بهذا و نحوه عليهم و هم لا يغفلون عما دبروه، و لا يرضون إلا بما آثروه»!

سورة البقرة(2): آية 216..... ص : 588

قوله تعالى:

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ [216]

[1]- (دعائم الإسلام): عن علي (عليه السلام) أنه قال: «الجهاد فرض على جميع المسلمين لقول الله تعالى:

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ فإن قامت بالجهاد طائفة من المسلمين وسع سائرهم التخلف عنه ما لم يحتج الذين يلون الجهاد إلى المدد، فإن احتاجوا لزم الجميع أن يمدوهم حتى يكتفوا، قال الله تعالى: وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً «1» فإن دهم أمر يحتاج فيه إلى جماعتهم

نفروا كلهم، قال الله عز و جل:

__________________________________________________

1- دعائم الإسلام 1: 341.

(1) التوبة 9: 122.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 589

انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ «1»»

سورة البقرة(2): آية 218..... ص : 589

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا- إلى قوله تعالى- رَحْمَتَ اللَّهِ [218]

[1]- (إعلام الورى)- في ذكر مغازي الرسول (صلى الله عليه و آله)- قال: ثم رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من العشيرة «2» إلى المدينة، فلم يقم بها عشر ليال حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في طلبه حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر، و هي غزوة بدر الأولى، و حامل لوائه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و استخلف على المدينة زيد بن حارثة، و فاته كرز فلم يدركه.

فرجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أقام جمادى و رجب و شعبان، و كان بعث بين ذلك سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط، فرجع و لم يلق كيدا، ثم بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) عبد الله بن جحش إلى نخلة و قال: «كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش» و لم يأمره بقتال، و ذلك في الشهر الحرام، و كتب له كتابا، و قال: «اخرج أنت و أصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك و انظر ما فيه، و امض لما أمرتك».

فلما سار يومين و فتح الكتاب فإذا فيه: «أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من أخبار قريش بما يصل إليك منهم».

فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب: سمعا و طاعة، من كان له رغبة في الشهادة فلينطلق معي. فمضى

معه القوم حتى نزلوا النخلة، فمر بهم عمرو بن الحضرمي، و الحكم بن كيسان، و عثمان و المغيرة ابنا عبد الله، معهم تجارة قدموا بها من الطائف أدم و زبيب، فلما رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله، و كان قد حلق رأسه، فقالوا: عمار «3» ليس عليكم منهم بأس. و ائتمر أصحاب رسول الله، و هو آخر يوم من رجب، فقالوا: لئن قتلتموهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، و لئن تركتموهم ليدخلن هذه الليلة مكة فليمنعن منكم، فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، و استأمن «4» عثمان بن عبد الله و الحكم بن كيسان، و هرب المغيرة فأعجزهم، و استاقوا العير، فقدموا بها على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال لهم: «و الله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام» و أوقف الأسيرين، و العير و لم يأخذ منها شيئا، و أسقط في أيدي القوم، و ظنوا أنهم قد هلكوا،

__________________________________________________

1- إعلام الورى: 73.

(1) التوبة 9: 41.

(2) العشيرة: موضع بناحية ينبع.

(3) أي معتمرون يريدون زيارة البيت الحرام.

(4) كذا في المصدر، و الظاهر استؤسر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 590

و قالت قريش: استحل محمد الشهر الحرام فأنزل الله سبحانه: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ الآية «1»، فلما نزل ذلك أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) المال و فداء الأسيرين، و قال المسلمون: نطمع لنا أن يكون غزاة، فأنزل الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا إلى قوله: أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ و كانت هذه قبل بدر بشهرين.

سورة البقرة(2): آية 252..... ص : 590

قوله تعالى:

تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ [252]

[1]- فرات بن إبراهيم: عن محمد بن

موسى صاحب الأكسية، قال: سمعت زيد بن علي يقول في هذه الآية:

تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ و ما يعقلها إلا العالمون، قال زيد: نحن هم. ثم تلا: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ «2».

__________________________________________________

1- تفسير فرات بن إبراهيم: 319/ 432.

(1) البقرة 2: 217.

(2) العنكبوت 29: 49.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 591

سورة آل عمران مدنية ..... ص : 591

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 59

فضلها: ..... ص : 593

1586/ [1]- ابن بابويه و العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة البقرة و آل عمران جاءتا يوم القيامة تظلانه على رأسه، مثل الغمامتين، أو مثل العباءتين» «1».

1587/ [2]- و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله بكل حرف أمانا من حر جهنم، و إن كتبت بزعفران و علقت على امرأة لم تحمل، حملت بإذن الله تعالى، و إن علقت على نخل أو شجر يرمي ثمره أو ورقه، أمسك بإذن الله تعالى».

1588/ [3]- عن الصادق (عليه السلام)، قال: «إن كتبت بزعفران و علقت على امرأة تريد الحمل، حملت بإذن الله تعالى، و إن علقها معسر، يسر الله أمره، و رزقه الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 104، تفسير العيّاشي 1: 25/ 2 و: 161/ 535.

2- .... مجمع البيان 2: 693 «قطعة منه».

3- خواص القرآن: 1.

(1) في المصدرين: الغيابتين، و غيابة كلّ شي ء: ما سترك. «تاج العروس- غيب- 1: 416»، و الذي

في النهاية: «تجي ء البقرة و آل عمران كأنّهما غمامتان أو غيايتان»

، الغياية: كلّ شي ء أضلّ الإنسان فوق رأسه كالسّحابة و غيرها. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 59

سورة آل عمران(3): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 595

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ- إلى قوله تعالى- وَ أَنْزَلَ الْفُرْقانَ [1- 4]

1589/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي

بن أبي طالب (عليهم السلام): ما معنى قول الله عز و جل الم؟

قال (عليه السلام): «أما الم في أول البقرة فمعناه: أنا الله الملك، و أما في أول آل عمران فمعناه: أنا الله المجيد».

1590/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى: الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ أَنْزَلَ الْفُرْقانَ.

قال: «الفرقان: هو كل أمر محكم، و الكتاب: هو جملة القرآن، الذي يصدقه من كان قبله من الأنبياء».

1591/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن سنان أو عن غيره، عمن ذكره، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القرآن و الفرقان، أ هما شيئان، أو شي ء واحد؟

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 22/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 96.

3- الكافي 1: 461/ 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 596

فقال (عليه السلام): «القرآن: جملة الكتاب، و الفرقان: المحكم الواجب العمل به».

1592/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القرآن و الفرقان.

قال: «القرآن: جملة الكتاب و أخبار ما يكون، و الفرقان: المحكم الذي يعمل به و كل محكم فهو فرقان».

1593/ [5]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ أَنْزَلَ الْفُرْقانَ.

قال: «هو كل

أمر محكم، و الكتاب هو جملة القرآن الذي يصدق فيه من كان «1» قبله من الأنبياء».

1594/ [6]- أبو علي الطبرسي، قال: روي عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «الفرقان هو كل آية محكمة في الكتاب، و هو الذي يصدق فيه من كان قبله من الأنبياء»

سورة آل عمران(3):آية 6 ..... ص : 596

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ [6] 1595/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني ذكرا و أنثى، و أسود و أبيض و أحمر، و صحيحا و سقيما.

سورة آل عمران(3):آية 7 ..... ص : 596

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ [7]

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 9/ 2.

5- تفسير العيّاشي 1: 162/ 1.

6- مجمع البيان 2: 697.

1- تفسير القمّي 1: 96.

(1) في المصدر: من كتاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 597

1596/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن أناسا تكلموا في القرآن بغير علم، و ذلك أن الله تبارك و تعالى يقول: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ الآية، فالمنسوخات من المتشابهات، و المحكمات من الناسخات».

1597/ [2]- عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ قال: «أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)». وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ قال:

«فلان و فلان».

فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ: «أصحابهم و أهل ولايتهم». فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ: «أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)».

1598/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن أيوب بن الحر و عمران بن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نحن الراسخون في العلم، و نحن نعلم تأويله».

1599/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد، عن عبد الله بن علي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن بريد بن معاوية، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز و جل: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ: «فرسول الله أفضل الراسخين في العلم، قد علمه الله عز و جل جميع ما أنزل عليه من التنزيل و التأويل، و ما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله، و أوصياؤه من بعده يعلمونه كله، و الذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم، فأجابهم الله بقوله: يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا و القرآن خاص و عام، و محكم و متشابه، و ناسخ و منسوخ، فالراسخون في العلم يعلمونه».

1600/ [5]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن قوم فرض الله عز و جل طاعتنا، لنا الأنفال و لنا صفو المال، و نحن الراسخون في العلم».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 24/ 1.

2- الكافي 1: 343/ 14.

3- الكافي

1: 166/ 1.

4- الكافي 1: 166/ 2.

5- الكافي 1: 143/ 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 598

1601/ [6]- سليم بن قيس الهلالي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث له مع معاوية- قال (عليه السلام): «يا معاوية، إن القرآن، حق، و نور و هدى، و رحمة و شفاء للمؤمنين الذين آمنوا «1» وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى «2».

يا معاوية، إن الله عز و جل لم يدع صنفا من أصناف الضلالة و الدعاة إلى النار إلا و قد رد عليهم و احتج في القرآن، و نهى عن اتباعهم، و أنزل فيهم قرآنا ناطقا عليهم، علمه من علمه، و جهله من جهله، و إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: ليس من القرآن آية إلا و لها ظهر و بطن، و لا منه حرف إلا و له حد، و لكل حد مطلع على ظهر القرآن و بطنه و تأويله، و ما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم، و أمر الله عز و جل سائر الأمة أن يقولوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا و أن يسلموا لنا، و أن يردوا علمه إلينا، و قال الله عز و جل: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «3» و يطلبونه».

1602/ [7]- علي بن إبراهيم: قال: حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن القرآن زاجر و آمر، يأمر بالجنة و يزجر عن النار، و فيه محكم و متشابه: فأما

المحكم فيؤمن به و يعمل به و يعتبر به، و أما المتشابه فيؤمن به و لا يعمل به، و هو قوله: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا- قال-: آل محمد (عليهم السلام) الراسخون في العلم».

1603/ [8]- عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أفضل الراسخين في العلم، فقد علم جميع ما أنزل الله عليه من التنزيل و التأويل، و ما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه التأويل، و أوصياؤه من بعده يعلمونه كله».

قال: قلت: جعلت فداك، إن أبا الخطاب كان يقول فيكم قولا عظيما، قال: «و ما كان يقول»؟

قلت: إنه يقول: إنكم تعلمون علم الحلال و الحرام و القرآن، قال: «إن علم الحلال و الحرام و القرآن يسير في جنب العلم الذي يحدث في الليل و النهار».

1604/ [9]- العياشي: عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله:

__________________________________________________

6- كتاب سليم بن قيس الهلالي: 156. [.....]

7- تفسير القمي 2: 451.

8- تفسير القمي 1: 96.

9- تفسير العياشي 1: 162/ 2.

(1) (الذين آمنوا) ليس في المصدر.

(2) فصلت 41: 44.

(3) النساء 4: 83.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 599

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ قال: «أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فلان و فلان فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ أصحابهم و أهل ولايتهم فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ

وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ».

1605/ [10]- و سئل أبو عبد الله (عليه السلام)، عن المحكم و المتشابه، فقال: «المحكم ما يعمل به، و المتشابه ما اشتبه على جاهله».

1606/ [11]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن القرآن محكم و متشابه، فأما المحكم فنؤمن به و نعمل به و ندين به، و أما المتشابه فنؤمن به و لا نعمل به، و هو قول الله عز و جل: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا و الراسخون في العلم هو آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)».

1607/ [12]- عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن رجلا قال لأمير المؤمنين (عليه السلام):

هل تصف ربنا نزداد له حبا و به معرفة؟ فغضب (عليه السلام) و خطب الناس، فقال فيما قال: «عليك- يا عبد الله- بما ذلك عليه القرآن من صفته، و تقدمك فيه الرسول من معرفته، فائتم به و استضى ء بنور هدايته، فإنما هي نعمة و حكمة أوتيتها، فخذ ما أوتيت و كن من الشاكرين، و ما كلفك الشيطان عليه مما ليس عليك في الكتاب فرضه، و لا في سنة الرسول و الأئمة الهداة أثره، فكل علمه إلى الله، و لا تقدر عظمة الله [على قدر عقلك فتكون من الهالكين .

و اعلم- يا عبد الله- أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب، و أقروا بجهل ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فقالوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا و قد مدح الله

اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، و سمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عنه [رسوخا]».

1608/ [13]- عن بريد بن معاوية، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ؟

قال: «يعني تأويل القرآن كله إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ فرسول الله أفضل الراسخين، قد علمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل و التأويل، و ما كان الله منزلا عليه شيئا لم يعلمه تأويله، و أوصياؤه من بعده يعلمونه كله، فقال الذين لا يعلمون: ما نقول إذا لم نعلم تأويله؟ فأجابهم الله يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا و القرآن له خاص و عام، و ناسخ و منسوخ، و محكم و متشابه، فالراسخون في العلم يعلمونه».

1609/ [14]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ __________________________________________________

10- تفسير العياشي 1: 162/ 3.

11- تفسير العياشي 1: 162/ 4.

12- تفسير العياشي 1: 163/ 5.

13- تفسير العياشي 1: 164/ 6.

14- تفسير العياشي 1: 164/ 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 600

نحن نعلمه».

1610/ [15]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نحن الراسخون في العلم، فنحن نعلم تأويله».

1611/ [16]- علي بن إبراهيم في قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ: أي شك.

سورة آل عمران(3):آية 8 ..... ص : 600

قوله تعالى:

رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [8] 1612/ [17]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا: أي لا نشك.

1613/ [18]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه،

عن هشام بن الحكم، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، و ذكر الحديث إلى أن قال: «يا هشام، إن الله حكى عن قوم صالحين: أنهم قالوا: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ حين علموا أن القلوب تزيغ و تعود إلى عماها و رداها، إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله، و من لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة ينظرها و يجد حقيقتها في قلبه، و لا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا، و سره لعلانيته موافقا، لأن الله تعالى اسمه لم يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه و ناطق عنه».

1614/ [19]- العياشي: عن سماعة بن مهران، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أكثروا من أن تقولوا: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا و لا تأمنوا الزيغ»

سورة آل عمران(3): الآيات 10 الي 13 ..... ص : 600

قوله تعالى:

وَ أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ- إلى قوله- لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ [10- 13] 1615/ [20]- علي بن إبراهيم، قوله: وَ أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ: يعني حطب النار. و قال: قوله تعالى:

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 164/ 8.

16- تفسير القمّي 1: 96.

17- تفسير القمّي 1: 97. [.....]

18- الكافي 1: 14/ 12.

19- تفسير العيّاشي 1: 164/ 9.

20- تفسير القمّي 1: 97.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 601

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ: أي فعل آل فرعون.

و

قال: قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمِهادُ: إنها نزلت بعد بدر، لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من بدر أتى بني قينقاع و هو يناديهم، و كان بها سوق يسمى بسوق النبط،

فأتاهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «يا معشر اليهود، قد علمتم ما نزل بقريش و هم أكثر عددا و سلاحا و كراعا منكم، فادخلوا في الإسلام».

فقالوا: يا محمد، إنك تحسب حربنا مثل حرب قومك، و الله لو لقيتنا للقيت رجالا. فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمِهادُ قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ أُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ أي لو كانوا مثل المسلمين وَ اللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم بدر إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ.

سورة آل عمران(3):آية 14 ..... ص : 601

قوله تعالى:

زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [14]

1616/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن أبي قتادة، عن رجل، عن جميل بن دراج، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما تلذذ الناس في الدنيا و الآخرة بلذة أكثر لهم من لذة النساء، و هو قول الله عز و جل: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ إلى آخر الآية- ثم قال-: و إن أهل الجنة ما يتلذذون بشي ء من الجنة أشهى عندهم من النكاح، لا طعام و لا شراب».

العياشي: عن جميل بن دراج، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما تلذذ الناس ...» و ذكر الحديث بعينه «1».

1617/ [2]- أبو علي الطبرسي: القنطار: مل ء مسك ثور ذهبا. و

هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

1618/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: القناطير: جلود الثيران مملوءة ذهبا وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ يعني الراعية

__________________________________________________

1- الكافي 5: 321/ 10.

2- مجمع البيان 2: 712.

3- تفسير القمّي 1: 97.

(1) تفسير العيّاشي 1: 164/ 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 602

وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ يعني الزرع وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ أي حسن المرجع إليه.

سورة آل عمران(3): الآيات 15 الي 17 ..... ص : 602

قوله تعالى:

قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ- إلى قوله تعالى- وَ الْقانِتِينَ وَ الْمُنْفِقِينَ وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ [15- 17] 1619/ [1]- من طريق المخالفين، عن ابن عباس، في قوله تعالى: قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ الآيات:

نزلت في علي و حمزة و عبيدة بن الحارث.

1620/ [2]- علي بن إبراهيم: قال: أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ثم أخبر أن هذا للذين يقولون: رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ قِنا عَذابَ النَّارِ- إلى قوله- وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ثم أخبر أن هؤلاء هم الصَّابِرِينَ وَ الصَّادِقِينَ وَ الْقانِتِينَ وَ الْمُنْفِقِينَ وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ و هم الدعاءون.

1621/ [3]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير، قال: قلت له: المستغفرين بالأسحار؟ فقال: «استغفر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في وتره سبعين مرة».

1622/ [4]- ابن بابويه: بإسناده عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قال في وتره إذا أوتر:

أستغفر الله و أتوب إليه، سبعين مرة، و واظب «1» على ذلك حتى تمضي سنة، كتبه الله من المستغفرين بالأسحار، و وجبت المغفرة له من الله عز

و جل».

1623/ [5]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فِيها وَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ «2».

قال: «لا يحضن و لا يحدثن».

1624/ [6]- عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «من داوم على صلاة الليل و الوتر، و استغفر الله في كل

__________________________________________________

1- تفسير الحبري: 245/ 11.

2- تفسير القمّي 1: 97.

3- التهذيب 2: 130/ 501.

4- الخصال: 581/ 3.

5- تفسير العيّاشي 1: 164/ 11.

6- تفسير العيّاشي 1: 165/ 12.

(1) في المصدر: مرة و هو قائم، فواظب. [.....]

(2) البقرة 2: 25، النّساء 4: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 603

وتر سبعين مرة، ثم واظب على ذلك سنة، كتب من المستغفرين بالأسحار».

1625/ [7]- عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله تبارك و تعالى: وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ؟

قال: «استغفر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في وتره سبعين مرة».

1626/ [8]- عن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قال في آخر الوتر في السحر: أستغفر الله و أتوب إليه سبعين مرة و دام على ذلك سنة، كتبه الله من المستغفرين بالأسحار».

و

في رواية اخرى، عنه (عليه السلام): «وجبت له المغفرة».

1627/ [9]- عن عمر بن يزيد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من استغفر الله سبعين مرة في الوتر بعد الركوع، فدام على ذلك سنة، كان من المستغفرين بالأسحار».

1628/ [10]- عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، تفوتني صلاة الليل فأصلي الفجر، فلي أن اصلي بعد صلاة الفجر ما فاتني من صلاة و أنا في صلاة قبل طلوع الشمس؟

قال: «نعم، و لكن لا تعلم به أهلك فتتخذه سنة، فتبطل قول الله عز

و جل: وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ»

سورة آل عمران(3):آية 18 ..... ص : 603

قوله تعالى:

شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [18]

1629/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: على الأئمة من الفرائض ما ليس على شيعتهم، و على شيعتنا ما أمرهم الله ما ليس علينا، إن عليهم أن يسألونا وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ الإمام «1».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 165/ 13.

8- تفسير العيّاشي 1: 165/ 14، 15.

9- تفسير العيّاشي 1: 165/ 16.

10- تفسير العيّاشي 1: 165/ 17.

1- بصائر الدرجات: 63/ 28.

(1) لم نجد في بصائر الدرجات المطبوع و المخطوط، بل روى فيه حديثا نحوه ص 63/ 28 دون ذكر ذيل الحديث، و روى في نور الثقلين 1:

323/ 69 و كنز الدقائق 3: 55 الحديث عن بصائر الدرجات بنفس الإسناد، و متنه هكذا «قال: قلت: وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ قال:

الإمام».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 604

1630/ [2]- العياشي: عن جابر، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فإن الله تبارك و تعالى يشهد بها لنفسه، و هو كما قال.

فأما قوله: وَ الْمَلائِكَةُ فإنه أكرم الملائكة بالتسليم لربهم، و صدقوا و شهدوا كما شهد لنفسه. و أما قوله:

وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ فإن اولي العلم الأنبياء و الأوصياء، و هم قيام بالقسط، و القسط: العدل في الظاهر، و العدل

في الباطن: أمير المؤمنين (عليه السلام)».

1631/ [3]- عن مرزبان القمي، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ قال: «هو الإمام».

1632/ [4]- عن إسماعيل، رفعه إلى سعيد بن جبير، قال: كان على الكعبة ثلاث مائة و ستون صنما، لكل حي من أحياء العرب الواحد و الاثنان، فلما نزلت هذه الآية: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إلى قوله الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ خرت الأصنام في الكعبة سجدا.

1633/ [5]- سعد بن عبد الله القمي: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن النضر بن سويد و جعفر بن بشير البجلي، عن هارون بن خارجة، عن عبد الملك بن عطاء، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «نحن أولو الذكر، و نحن أولو العلم، و عندنا الحرام و الحلال»

سورة آل عمران(3):آية 19 ..... ص : 604

قوله تعالى:

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [19]

1634/ [6]- روى العياشي: عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ فقال: «الذي فيه الإيمان».

1635/ [7]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ- قال- يعني الدين فيه الإيمان «1»».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 165/ 18.

3- تفسير العيّاشي 1: 166/ 19.

4- تفسير العيّاشي 1: 166/ 20.

5- مختصر بصائر الدرجات: 67.

6- تفسير العيّاشي 1: 166/ 21.

7- تفسير العيّاشي 1: 166/ 22.

(1) في «ط»: الإمام. [.....]

رهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 605

1636/ [3]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ. قال:

«التسليم لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالولاية».

1637/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن

علي بن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله فضل الإيمان على الإسلام بدرجة، كما فضل الكعبة على المسجد الحرام بدرجة».

1638/ [5]- و عنه، قال: و حدثني محمد بن يحيى البغدادي، رفع الحديث إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي، و لا ينسبها أحد بعدي، الإسلام هو التسليم، و التسليم هو اليقين، و اليقين هو التصديق، و التصديق هو الإقرار، و الإقرار هو الأداء، و الأداء هو العمل، و المؤمن من أخذ دينه عن ربه، إن المؤمن يعرف إيمانه في عمله، و إن الكافر يعرف كفره بإنكاره، يا أيها الناس دينكم دينكم، فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره، إن السيئة فيه تغفر، و إن الحسنة في غيره لا تقبل».

سورة آل عمران(3):آية 21 ..... ص : 605

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ يَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [21]

1639/ [1]- سليم بن قيس الهلالي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث له مع معاوية- قال له: «يا معاوية، إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، و لم يرض لنا بالدنيا ثوابا. يا معاوية، إن نبي الله زكريا قد نشر بالمناشير، و يحيى بن زكريا قتله «1» قومه و هو يدعوهم إلى الله عز و جل [و ذلك لهوان الدنيا على الله . إن أولياء الشيطان قد حاربوا أولياء الرحمن، و قد قال الله عز و جل في كتابه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ يَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ».

1640/ [2]- أبو علي الطبرسي: روى أبو عبيدة بن

الجراح، قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد عذابا يوم القيامة؟

__________________________________________________

3- المناقب 3: 95.

4- تفسير القمّي 1: 99.

5- تفسير القمّي 1: 99.

1- كتاب سليم بن قيس: 158.

2- مجمع البيان 2: 720.

(1) في المصدر: و يحيى ذبح و قتله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 606

قال: «رجل قتل نبيا أو رجلا أمر بمعروف أو نهى عن منكر» ثم قرأ (عليه السلام): وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ يَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ ثم قال (عليه السلام): «يا أبا عبيدة، قتلت بنو إسرائيل ثلاثة و أربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة رجل و اثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل، فأمروا من قتلهم بالمعروف و نهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعا في آخر النهار في ذلك اليوم، و هو الذي ذكره الله».

1641/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله عز و جل يقول: ويل للذين يختلون الدنيا بالدين، و ويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، و ويل للذين يسير المؤمن فيهم بالتقية، أبي يغترون «1»، أم علي يجترءون «2»؟ فبي حلفت لأمتحننهم بفتنة «3» تترك الحكيم منهم حيرانا».

سورة آل عمران(3):آية 26 ..... ص : 606

قوله تعالى:

قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ [26]

1642/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن إبراهيم بن أبي بكر بن أبي سمال «4»، عن داود بن فرقد، عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له:

قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ أليس قد آتى الله عز و جل بني امية الملك؟

قال: «ليس حيث تذهب، إن الله عز و جل آتانا الملك و أخذته بنو امية، بمنزلة الرجل يكون له الثوب فيأخذه الآخر، فليس هو للذي أخذه».

1643/ [2]- العياشي: عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ فقد آتى الله بني أمية الملك!

__________________________________________________

3- الكافي 2: 226/ 1.

1- الكافي 8: 266/ 389.

2- تفسير العيّاشي 1: 166/ 23.

(1) في «ط»: يفترون.

(2) في «س»: تتجبّرون.

(3) في المصدر: لأتيحن لهم فتنة.

(4) في المصدر: سماك. أنظر رجال النجاشي: 21/ 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 607

فقال: «ليس حيث يذهب الناس إليه، إن الله آتانا الملك و أخذه بنو امية، بمنزلة الرجل يكون له الثوب و يأخذه الآخر، فليس هو للذي أخذه».

سورة آل عمران(3):آية 27 ..... ص : 607

قوله تعالى:

وَ تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ تُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [27]

1644/]- ابن بابويه، قال: سئل الحسن بن علي بن محمد (عليهم السلام) عن الموت، ما هو؟

قال: «هو التصديق بما لا يكون، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده الصادق (عليه السلام) قال: إن المؤمن إذا مات لم يكن ميتا، و إن الميت هو الكافر، إن الله عز و جل يقول: تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ تُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ يعني المؤمن من الكافر، و الكافر من المؤمن».

1645/ [2]- أبو علي الطبرسي قيل: معناه يخرج المؤمن من الكافر، و الكافر من المؤمن. قال: و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة آل عمران(3):آية 28 ..... ص : 607

قوله تعالى:

لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْ ءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً [28]

1646/ [3]- العياشي: عن الحسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليه السلام) قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: لا إيمان لمن لا تقية له، و يقول: قال الله: إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً».

1647/ [4]- علي بن إبراهيم: إن هذه الآية رخصة، ظاهرها خلاف باطنها، يدان بظاهرها و لا يدان بباطنها إلا عند التقية، لأن التقية رخصة للمؤمن يدين بدين الكافر، و يصلي «1» بصلاته، و يصوم بصيامه إذا اتقاه في الظاهر، و في الباطن يدين الله بخلاف ذلك.

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 290/ 10. [.....]

2- مجمع البيان 2: 728.

3- تفسير العيّاشي 1: 166/ 24.

4- تفسير القمّي 1: 100.

(1) في المصدر: للمؤمن أن يراه الكافر، فيصلي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 608

سورة آل عمران(3):آية 30 ..... ص : 608

قوله تعالى:

يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ [30]

1648/ [1]- محمد بن يعقوب: قال: حدثني محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي بن إبراهيم، [عن أبيه «1» جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يعظ الناس، و يزهدهم في الدنيا، و يرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و حفظ عنه و كتب، كان يقول: «أيها الناس، اتقوا الله، و اعلموا أنكم إليه ترجعون، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضرا،

و ما عملت من سوء تود لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا، و يحذركم الله نفسه، و يحك يا بن آدم، الغافل و ليس بمغفول عنه.

يا بن آدم، إن أجلك أسرع شي ء إليك، قد أقبل نحوك حثيثا «2»، يطلبك و يوشك أن يدركك، و كأن قد أوفيت أجلك و قبض الملك روحك، و صرت إلى قبرك وحيدا، فرد إليك فيه روحك، و اقتحم عليك فيه ملكان:

نكير، و ناكر لمساءلتك، و شديد امتحانك.

ألا و إن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده، و عن نبيك الذي أرسل إليك، و عن دينك الذي كنت تدين به، و عن كتابك الذي كنت تتلوه، و عن إمامك الذي كنت تتولاه، ثم عن عمرك فيما كنت أفنيته، و مالك من أين اكتسبته، و فيما أنفقته.

فخذ حذرك، و انظر لنفسك، و أعد الجواب قبل الامتحان و المساءلة و الاختبار، فإن تك مؤمنا عارفا بدينك، متبعا للصادقين مواليا لأولياء الله لقاك الله حجتك، و أنطق لسانك بالصواب، و أحسنت الجواب، و بشرت بالرضوان و الجنة من الله عز و جل، و استقبلتك الملائكة بالروح و الريحان. و إن لم تكن كذلك تلجلج لسانك، و دحضت حجتك، و عييت عن الجواب، و بشرت بالنار، و استقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم، و تصلية جحيم.

و اعلم يا ابن آدم، إن من وراء هذا أعظم و أفظع و أوجع للقلوب يوم القيامة ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ «3» يجمع الله عز و جل فيه الأولين و الآخرين، ذلك يوم ينفخ في الصور، و يبعثر فيه من في

__________________________________________________

1- الكافي 8: 72/ 29.

(1) أثبتناه من المصدر و هو الصواب لعدم ثبوت

رواية عليّ بن إبراهيم عن الحسن بن محبوب مباشرة و دون واسطة، و قد روى إبراهيم عن الحسن كثيرا، انظر معجم رجال الحديث 1: 319، و 5: 94.

(2) حثيثا: أي سريعا! «مجمع البحرين- حثث- 2: 244».

(3) هود 11: 103.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 609

القبور، و ذلك يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ «1» و ذلك يوم لا تقال فيه عثرة، و لا يؤخذ من أحد فدية، و لا تقبل من أحد معذرة، و لا لأحد فيه مستقبل توبة، ليس إلا الجزاء بالحسنات، و الجزاء بالسيئات.

فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده، و من كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده»

سورة آل عمران(3):آية 31 ..... ص : 609

قوله تعالى:

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [31]

1649/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال الله في محكم كتابه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً «2» فقرن طاعته بطاعته، و معصيته بمعصيته، فكان ذلك دليلا على ما فوض إليه، و شاهدا له على من اتبعه و عصاه، و بين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم، فقال تبارك و تعالى في التحريض على اتباعه، و الترغيب في تصديقه، و القبول لدعوته: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فاتباعه (صلى الله عليه و آله) محبة الله، و رضاه غفران الذنوب، و كمال الفوز، و وجوب الجنة، و في التولي عنه و الاعراض محادة الله و غضبه

و سخطه، و البعد منه مسكن النار، و ذلك قوله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ «3» يعني الجحود به و العصيان له».

1650/ [2]- عنه، قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن حفص المؤذن، عن أبي عبد الله (عليه السلام). و عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في صحيفة أخرجها لأصحابه: «و اعلموا أن الله إذا أراد بعبد خيرا شرح صدره للإسلام، فإذا أعطاه ذلك نطق لسانه بالحق، و عقد قلبه عليه و عمل به، فإذا جمع الله له ذلك تم له إسلامه، و كان عند الله إن مات على ذلك الحال من المسلمين حقا.

و إذا لم يرد الله بعبد خيرا وكله إلى نفسه، و كان صدره ضيقا حرجا، فإن جرى على لسانه حق لم يعقد قلبه

__________________________________________________

1- الكافي 8: 26/ 4.

2- الكافي 8: 13/ 1.

(1) غافر 40: 18.

(2) النّساء 4: 80.

(3) هود 11: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 610

عليه، و إذا لم يعقد قلبه عليه لم يعطه الله العمل به، فإذا اجتمع ذلك عليه حتى يموت و هو على تلك الحال كان عند الله من المنافقين، و صار ما جرى على لسانه من الحق الذي لم يعطه الله أن يعقد قلبه عليه، و لم يعطه العمل به حجة عليه يوم القيامة.

فاتقوا الله و اسألوه أن يشرح صدوركم للإسلام، و أن يجعل ألسنتكم تنطق بالحق حتى يتوفاكم و أنتم على ذلك، و أن يجعل منقلبكم منقلب الصالحين قبلكم، و لا قوة إلا بالله، و الحمد لله رب العالمين.

و من سره أن يعلم أن الله يحبه

فليعمل بطاعة الله و ليتبعنا، ألم يسمع قول الله عز و جل لنبيه: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ؟

و الله لا يطيع الله عبد أبدا إلا أدخل الله عليه في طاعته اتباعنا، و لا و الله لا يتبعنا عبد أبدا إلا أحبه الله، و لا و الله لا يدع أحد اتباعنا أبدا إلا أبغضنا، و لا و الله لا يبغضنا أحد أبدا إلا عصى الله، و من مات عاصيا لله أخزاه الله و أكبه على وجهه في النار، و الحمد لله رب العالمين».

1651/ [3]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إني لأرجو النجاة لمن عرف حقنا من هذه الأمة، إلا لأحد ثلاثة:

صاحب سلطان جائر، و صاحب هوى، و الفاسق المعلن» ثم تلا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ.

1652/ [4]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبيدة زياد الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث له، قال (عليه السلام): «يا زياد، و يحك، و هل الدين إلا الحب، ألا ترى إلى قول الله: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ».

1653/ [5]- ابن بابويه: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران «1»، عن سعيد بن يسار، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «هل الدين إلا الحب، إن الله عز و جل يقول: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ

فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ».

1654/ [6]- عنه: عن محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: حدثني حمران، عمن سمع «2» أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما أحب الله عز و جل من

__________________________________________________

3- الكافي 8: 128/ 98. [.....]

4- المحاسن: 262/ 327.

5- الخصال: 21: 74.

6- أمالي الصدوق: 396/ 3.

(1) في «س و ط»: مروان، و الظاهر أنّه تصحيف، إذ روى ابن أبي عمير عن محمّد بن حمران في عدّة موارد، و لم تثبت روايته عن محمّد بن مروان، انظر معجم رجال الحديث 14: 287، و 22: 104.

(2) في المصدر: حدّثني من سمع. و المذكور رواية ابن أبي عمير عن حمران بواسطة ولده حمزة بن حمران، انظر معجم رجال الحديث 6: 267.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 611

عصاه» ثم تمثل فقال:

«تعصي إلا له و أنت تظهر حبه هذا محال في الفعال بديع!

لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع»

1655/ [7]- العياشي: عن زياد، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت: بأبي أنت و أمي، ربما خلا بي الشيطان فخبثت نفسي، ثم ذكرت حبي إياكم، و انقطاعي إليكم فطابت نفسي، فقال (عليه السلام): «يا زياد، و يحك، و ما الدين إلا الحب، ألا ترى إلى قول الله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ».

1656/ [8]- عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قد عرفتم في منكرين كثيرا، و أحببتم في مبغضين كثيرا، و قد يكون حبا لله في الله و رسوله، و حبا في الدنيا، فما كان في الله و رسوله فثوابه على الله تعالى، و

ما كان في الدنيا فليس في شي ء» ثم نفض يده، ثم قال: «إن هذه المرجئة، و هذه القدرية، و هذه الخوارج ليس منهم أحد إلا يرى أنه على الحق، و إنكم إنما أحببتمونا في الله». ثم تلا: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «1»، وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «2» و مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «3»، إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ».

1657/ [9]- عن بريد بن معاوية العجلي، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) إذ دخل عليه قادم من خراسان ماشيا، فأخرج رجليه و قد تغلفتا، و قال: أما و الله ما جاء بي من حيث جئت إلا حبكم أهل البيت.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و الله لو أحبنا حجر حشره الله معنا، و هل الدين إلا الحب، إن الله يقول: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ و قال: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ «4» و هل الدين إلا الحب».

1658/ [10]- عن ربعي بن عبد الله، قال: قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، إنا نسمي بأسمائكم و أسماء آبائكم، فينفعنا ذلك؟

فقال: «إي و الله، و هل الدين إلا الحب، قال الله: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 167/ 25.

8- تفسير العيّاشي 1: 167/ 26.

9- تفسير العيّاشي 1: 167/ 27.

10- تفسير العيّاشي 1: 167/ 28.

(1) النّساء 4: 59.

(2) الحشر 59: 7.

(3) النساء 4: 80.

(4) الحشر 59: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 612

سورة آل عمران(3): الآيات 33 الي 34 ..... ص : 612

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ

اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [33- 34]

1659/ [1]- الشيخ في (أماليه): عن أبي محمد الفحام، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن هارون، قال:

حدثني أبو عبد الصمد إبراهيم، عن أبيه، عن جده- و هو إبراهيم بن عبد الصمد بن محمد بن إبراهيم- قال:

سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقرأ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ- و آل محمد- عَلَى الْعالَمِينَ قال: «هكذا أنزلت».

1660/ [2]- علي بن إبراهيم: قال العالم (عليه السلام): «نزل آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ- و آل محمد- عَلَى الْعالَمِينَ فأسقطوا (آل محمد) من الكتاب».

1661/ [3]- و قال الطبرسي في (مجمع البيان): و في قراءة أهل البيت: «و آل محمد على العالمين».

1662/ [4]- ابن بابويه: قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون، و قد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من أهل العراق و خراسان، و ذكر الحديث إلى أن قال فيه: قال المأمون: هل فضل الله العترة على سائر الامة؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إن الله عز و جل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه».

فقال المأمون: و أين ذلك من كتاب الله؟

فقال له الرضا (عليه السلام): «في قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ- قال-: يعني أن العترة داخلون في آل إبراهيم، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ولد إبراهيم (عليه السلام)»، و هو دعوة إبراهيم على

ما تقدم الحديث فيه عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1»، و عترته منه (صلى الله عليه و آله).

1663/]- محمد بن إبراهيم المعروف بابن زينب النعماني: عن أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني، قال:

__________________________________________________

1- الأمالي 1: 306. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 100.

3- مجمع البيان 2: 735.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 230/ 1.

5- الغيبة: 281/ 67.

(1) تقدّم في الحديث (13) من تفسير الآيات (126- 129) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 613

حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عنه أبيه، و حدثني محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و حدثني علي بن محمد و غيره، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن بن محبوب، و حدثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي أحمد بن محمد بن أبي ناشر، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام): «يا جابر الزم الأرض و لا تحرك يدا و لا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها» و ذكر علامات القائم (عليه السلام) إلى أن قال في الحديث:

«فينادي- يعني القائم (عليه السلام)-: يا أيها الناس، إنا نستنصر الله، فمن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم، و نحن أولى الناس بالله و بمحمد (صلى الله عليه و آله)، فمن حاجني في آدم (عليه السلام) فأنا أولى الناس بآدم (عليه السلام)، و من حاجني في نوح (عليه السلام) فأنا أولى الناس بنوح (عليه السلام)، و من حاجني في إبراهيم (عليه السلام) فأنا أولى الناس بإبراهيم (عليه السلام)، و من

حاجني في محمد (صلى الله عليه و آله) فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و من حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين، أليس الله يقول في محكم كتابه: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فأنا بقية من آدم، و ذخيرة من نوح، و مصطفى من إبراهيم، و صفوة من محمد (صلى الله عليهم أجمعين)».

1664/ [6]- محمد بن الحسن الصفار: عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي عبد الله البرقي، عن خلف بن حماد، عن محمد بن القبطي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «الناس غفلوا قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام) يوم غدير خم، كما غفلوا يوم مشربة «1» ام إبراهيم. أتاه الناس يعودونه فجاء علي (عليه السلام) ليدنو من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يجد مكانا، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنهم لا يوسعون لعلي (عليه السلام) نادى: يا معشر الناس، أفرجوا لعلي. ثم أخذ بيده و أقعده معه على فراشه ثم قال: يا معشر الناس، هؤلاء أهل بيتي تستخفون بهم و أنا حي بين ظهرانيكم، أما و الله لئن غبت عنكم فإن الله لا يغيب عنكم، إن الروح و الراحة، و الرضوان و البشر و البشارة، و الحب و المحبة لمن ائتم بعلي و ولايته، و سلم له و للأوصياء من بعده حقا لأدخلنهم في شفاعتي لأنهم أتباعي، و من تبعني فإنه مني، مثل جرى فيمن اتبع إبراهيم، [لأني من إبراهيم و إبراهيم مني، و دينه ديني و

ديني دينه، و سنته سنتي، و فضله من فضلي، و أنا أفضل منه، و فضلي من فضله «2»، و تصديق «3» قولي قوله تعالى: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مشربة أم إبراهيم حين عاده الناس في مرضه، قال هذا».

__________________________________________________

6- بصائر الدرجات: 73/ 1.

(1) المشربة: الغرفة «أقرب الموارد- شرب- 1: 580».

(2) زاد في «ط»: و فضله من فضلي.

(3) في المصدر: و فضلي له فضل تصديق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 614

1665/ [7]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن علي بن الحكم، عن سعد بن خلف، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الروح و الراحة، و الفلج «1» و الفلاح، و النجاح و البركة، و العفو و العافية و المعافاة، و البشر و النضرة و الرضا، و القرب و القرابة، و النصر و الظفر، و التمكين و السرور، و المحبة من الله تبارك و تعالى على من أحب علي بن أبي طالب و والاه و ائتم به و أقر بفضله و تولى الأوصياء من بعده «2»، حق علي أن أدخلهم في شفاعتي، و حق على ربي أن يستجيب لي فيهم و إنهم أتباعي، و من تبعني فإنه مني.

جرى في مثل إبراهيم (عليه السلام) و في الأوصياء من بعدي، لأني من إبراهيم و إبراهيم مني، و دينه ديني، و سنته سنتي، و أنا أفضل منه، و فضلي من فضله، و فضله من فضلي، و تصديق قولي قول ربي: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

1666/ [8]- العياشي: عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن

أبي جعفر (عليه السلام) قال: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ قال: «نحن منهم، و نحن بقية تلك العترة».

1667/ [9]- عن هشام بن سالم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ. فقال: «هو: آل إبراهيم و آل محمد على العالمين. فوضعوا اسما مكان اسم».

1668/ [10]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لما قضى محمد (صلى الله عليه و آله) نبوته و استكملت أيامه، أوحى الله: يا محمد، قد قضيت نبوتك، و استكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك من الإيمان، و الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة في العقب من ذريتك، فإني لم أقطع العلم و لا الإيمان و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة من العقب من ذريتك، كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك و بين أبيك آدم. و ذلك قول الله: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

و إن الله جل و تعالى لم يجعل العلم جهلا، و لم يكل أمره إلى أحد من خلقه، لا إلى ملك مقرب، و لا إلى نبي مرسل، و لكنه أرسل رسلا من ملائكته، فقال له: كذا و كذا. فأمرهم بما يحب، و نهاهم عما يكره، فقص عليه أمر خلقه بعلم، فعلم ذلك العلم، و علم أنبياءه و أصفياءه من الأنبياء و الأعوان و الذرية التي بعضها من بعض، فذلك

__________________________________________________

7- المحاسن: 152/ 74.

8- تفسير العيّاشي 1: 168/

29.

9- تفسير العيّاشي 1: 168/ 30.

10- تفسير العيّاشي 1: 168/ 31.

(1) الفلج: الظّفر و الفوز. «لسان العرب- فلج- 2: 347». [.....]

(2) (و والاه و ائتم به و أقرّ بفضله و تولى الأوصياء من بعده) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 615

قول الله: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً «1» فأما الكتاب فهو النبوة، و أما الحكمة فهم الحكماء من الأنبياء في الصفوة، و أما الملك العظيم فهم الأئمة الهداة في الصفوة، و كل هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض التي جعل فيهم البقية و فيهم العاقبة، و حفظ الميثاق حتى تنقضي الدنيا، و للعلماء و لولاة «2» الأمر الاستنباط للعلم و الهداية».

1669/ [11]- عن أحمد بن محمد، عن الرضا (عليه السلام)، عن أبي جعفر (عليه السلام): «من زعم أنه قد فرغ من الأمر فقد كذب، لأن المشيئة لله في خلقه، يريد ما يشاء، و يفعل ما يريد، قال الله: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ آخرها من أولها، و أولها من آخرها، فإذا أخبرتم بشي ء منها بعينه أنه كائن و كان في غيره منه، فقد وقع الخبر على ما أخبرتم عنه».

1670/ [12]- عن أبي عبد الرحمن، عن أبي كلدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الروح و الراحة، و الرحمة و النضرة «3»، و اليسر و اليسار، و الرضا و الرضوان، و المخرج و الفلج، و القرب و المحبة من الله و من رسوله لمن أحب عليا و ائتم بالأوصياء من بعده، حق علي أن أدخلهم في شفاعتي، و حق على ربي أن يستجيب لي فيهم، لأنهم

أتباعي، و من تبعني فإنه مني، مثل إبراهيم جرى في، لأنه «4» مني، و أنا منه، دينه ديني، و ديني دينه، و سنته سنتي، و سنتي سنته، و فضلي فضله، و أنا أفضل منه، و فضلي له فضل، و ذلك تصديق قول ربي: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

1671/ [13]- عن أيوب، قال: سمعني أبو عبد الله (عليه السلام) و أنا أقرأ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ فقال لي: «و آل محمد. كانت فمحوها، و تركوا آل إبراهيم و آل عمران».

1672/ [14]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما الحجة في كتاب الله أن آل محمد هم أهل بيته؟

قال: «قول الله تبارك و تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ و آل محمد. هكذا نزلت عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و لا تكون الذرية من القوم إلا نسلهم من أصلابهم».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 169/ 32.

12- تفسير العيّاشي 1: 169/ 33.

13- تفسير العيّاشي 1: 169/ 34.

14- تفسير العيّاشي 1: 169/ 35.

(1) النّساء 4: 54.

(2) في «ط» و المصدر: و بولاة.

(3) في المصدر: و النصرة.

(4) في «ط» و المصدر: في ولايته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 616

و قال: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ «1» و آل عمران و آل محمد.

رواية أبي خالد القماط، عنه.

1673/ [15]- و عن الشيخ الطوسي قدس سره، قال: روى أبو جعفر القلانسي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن يونس بن حباب، عن أبي جعفر

محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما بال أقوام إذا ذكروا آل إبراهيم و آل عمران استبشروا، و إذا ذكروا آل محمد اشمأزت قلوبهم؟! و الذي نفس محمد بيده، لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل الله منه حتى يوافي بولايتي و ولاية علي بن أبي طالب».

1674/ [16]- و قال أيضا: روى روح بن روح، عن رجاله، عن إبراهيم النخعي، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقلت: يا أبا الحәƘ̠أخبرنا بما أوصى إليك رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال: «سأخبركم، إن الله اصطفى لكم الدين و ارتضاه لكم، و أتم عليكم نعمته، و كنتم أحق بها و أهلها، و إن الله أوحى إلى نبيه أن يوصي إلي، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): يا علي، احفظ وصيتي، و ارفع ذمامي، و أوف بعهدي، و أنجز عداتي، و اقض ديني و قومها، و أحيي سنتي، و ادع إلى ملتي، لأن الله تعالى اصطفاني و اختارني، فذكرت دعوة أخʠموسى (عليه السلام)، فقلت: اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى، فأوحى الله عز و جل إلي: أن عليا وزيرك و ناصرك و الخليفة من بعدك.

ثم- يا علي- أنت من أئمة الهدى و أولادك منك، فأنتم قادة الهدى و التقى، و الشجرة التي أنا أصلها، و أنتم فرعها، فمن تمسك بها فقد نجا، و من تخلف عنها فقد هلك، الذين أوجب الله تعالى مودتهم و ولايتهم «2» و الذين ذكرهم

الله في كتابه و وصفهم لعباده، فقال عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فأنتم صفوة الله من آدم و نوح و آل إبراهيم و آل عمران، و أنتم الاسرة من إسماعيل، و العترة الهادية من محمد».

1675/ [17]- و من طريق المخالفين، من (تفسير الثعلبي) رفعه إلى أبي وائل، قال: قرأت في مصحف ابن مسعود: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ و آل محمد عَلَى الْعالَمِينَ.

__________________________________________________

15- مصباح الأنوار: 158. «مخطوط».

16- مصباح الأنوار: 156. «مخطوط».

17- أخرجه في إحقاق الحقّ 14: 384 عن تفسير الثعلبي، شواهد التنزيل 1: 118/ 165.

(1) سبأ 34: 13.

(2) في «ط»: مودتكم و ولايتكم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 617

سورة آل عمران(3): الآيات 35 الي 44 ..... ص : 617

قوله تعالى:

إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ- إلى قوله تعالى:- وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ [35- 42]

1676/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن المغيرة بن سعيد «1» روى عنك أنك قلت له: إن الحائض تقضي الصلاة.

فقال: «ما له. لا وفقه الله، إن امرأة عمران نذرت ما في بطنها محررا، و المحرر للمسجد يدخله ثم لا يخرج منه أبدا فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى فلما وضعتها أدخلتها المسجد، فساهمت عليها الأنبياء، فأصابت القرعة زكريا، فكفلها زكريا، فلم تخرج من المسجد حتى بلغت، فلما بلغت ما تبلغ النساء

خرجت، فهل كانت تقدر على أن تقضي تلك الأيام التي خرجت، و هي عليها أن تكون الدهر في المسجد؟».

1677/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن قلنا لكم في الرجل منا قولا فلم يكن فيه، فكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك، إن الله أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا مباركا يبرئ الأكمه و الأبرص، و يحيي الموتى بإذني، و جاعله رسولا إلى بني إسرائيل فحدث امرأته حنة بذلك و هي ام مريم، فلما حملت بها كان حملها عند نفسها غلاما ذكرا، فلما وضعتها أنثى قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى لأن البنت لا تكون رسولا، يقول الله: وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ.

فلما وهب الله لمريم عيسى (عليه السلام) كان هو الذي بشر الله به عمران و وعده إياه، فإذا قلنا لكم في الرجل منا شيئا فكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك.

فلما بلغت مريم صارت في المحراب و أرخت على نفسها سترا و كان لا يراها أحد، و كان يدخل عليها زكريا المحراب فيجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، و فاكهة الشتاء في الصيف، فكان يقول: أَنَّى لَكِ هذا فتقول:

__________________________________________________

1- الكافي 3: 105/ 4.

2- تفسير القمّي 1: 101.

(1) في «س و ط»: شعبة، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، انظر رجال الكشي: 223 و معجم رجال الحديث 18: 275، و المغيرة بن شعبة صحابي معروف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 618

هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ

قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ. و الحصور: الذي لا يأتي النساء. قال: رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَ امْرَأَتِي عاقِرٌ و العاقر: التي قد يئست من المحيض كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ. قال زكريا:

رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً و ذلك أن زكريا ظن أن الذين بشروه هم الشياطين، فقال: رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً فخرس ثلاثة أيام».

1678/ [3]- ابن بابويه: قال: حدثني محمد بن علي ما جيلويه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن شبيب، قال: دخلت على الرضا (عليه السلام) في أول يوم من المحرم. فقال لي: «يا بن شبيب، أ صائم أنت»؟

فقلت: لا. فقال: «هذا اليوم الذي دعا فيه زكريا (عليه السلام) ربه عز و جل، فقال: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ فاستجاب الله له و أمر الملائكة، فنادت زكريا: وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عز و جل، استجاب له كما استجاب لزكريا (عليه السلام)».

1679/ [4]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ قال: اصطفاها مرتين: أما الاولى: فاصطفاها أي اختارها، و أما الثانية: فإنها حملت من غير فحل، فاصطفاها بذلك على نساء العالمين.

1680/ [5]- أبو علي الطبرسي: قال أبو جعفر (عليه

السلام): «معنى الآية اصطفاك من ذرية الأنبياء، و طهرك من السفاح، و اصطفاك لولادة عيسى (عليه السلام) من غير فحل».

1681/ [6]- و قال الطبرسي أيضا: وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ أي على نساء عالمي زمانك لأن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليها و على أبيها و بعلها و بنيها) سيدة نساء العالمين. قال: و هو قول أبي جعفر (عليه السلام).

1682/]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) في فاطمة: «إنها سيدة نساء العالمين» أ هي سيدة نساء عالمها؟

قال: «ذاك لمريم كانت سيدة نساء عالمها، و فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين».

1683/ [8]- الشيخ في (مجالسه): قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الرزاق بن سليمان

__________________________________________________

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 299/ 58.

4- تفسير القمّي 1: 102.

5- مجمع البيان 2: 746.

6- مجمع البيان 2: 746.

7- معاني الأخبار: 107/ 1.

8- الأمالي 2: 227.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 619

ابن غالب الأزدي بأرتاج «1»، قال: حدثنا أبو عبد الغني الحسن بن علي الأزدي المعاني، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام الحميري، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي البصري- قدم علينا من اليمن- قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن ربيعة السعدي، قال: حدثني حذيفة بن اليمان، قال: لما خرج جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى النبي (صلى الله عليه و آله) قدم جعفر (رحمه الله) و النبي (عليه السلام) بأرض خيبر، فأتاه

بالقدح من الغالية «2» و القطيفة، فقال (صلى الله عليه و آله): «لأدفعن هذه القطيفة إلى رجل يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله» فمد أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) أعناقهم إليها، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «أين علي»؟ فوثب عمار بن ياسر (رضي الله عنه)، فدعا عليا (عليه السلام)، فلما جاء قال له النبي (صلى الله عليه و آله): «يا علي، خذ هذه القطيفة إليك»، فأخذها علي (عليه السلام)، و أمهل حتى قدم المدينة، و انطلق إلى البقيع- و هو سوق المدينة- فأمر صائغا ففصل القطيفة سلكا سلكا، فباع الذهب و كان ألف مثقال، ففرقه علي (عليه السلام) في فقراء المهاجرين و الأنصار، ثم رجع إلى منزله و لم يترك من الذهب قليلا و لا كثيرا، فلقيه النبي (صلى الله عليه و آله) من غد في نفر من أصحابه فيهم حذيفة و عمار، فقال: «يا علي أخذت بالأمس ألف مثقال، فاجعل غدائي اليوم و أصحابي هؤلاء عندك» و لم يكن علي (عليه السلام) يرجع يومئذ إلى شي ء من العروض ذهب أو فضة، فقال حياء منه و تكرما: «نعم، يا رسول الله، و في الرحب و السعة، ادخل- يا نبي الله- أنت و من معك»، قال: فدخل النبي (صلى الله عليه و آله) ثم قال لنا: ادخلوا».

قال حذيفة: و كنا خمسة نفر: أنا و عمار و سلمان و أبو ذر و المقداد (رضي الله عنهم) فدخلنا، و دخل علي (عليه السلام) على فاطمة (عليهما السلام) يبتغي شيئا من الزاد، فوجد في وسط البيت جفنة من ثريد تفور و عليها عراق كثير، و كأن رائحتها المسك، فحملها علي (عليه السلام)

حتى وضعها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و من حضر معه، فأكلنا منها حتى تملأنا، و لا ينقص منها قليل و لا كثير.

و قام النبي حتى دخل على فاطمة (عليها السلام)، و قال: «أنى لك هذا، يا فاطمة»؟ فردت عليه، و نحن نسمع قولهما، فقالت: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ فخرج النبي (صلى الله عليه و آله) مستعبرا و هو يقول: «الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيت لا بنتي ما رأى زكريا لمريم، كان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا، فيقول: يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا فتقول: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ».

قلت: و من هذا كثير تركناه مخافة الإطالة.

1684/ [9]- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني «3» (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد

__________________________________________________

9- معاني الأخبار: 139/ 1.

(1) كذا، و الظاهر انّها تصحيف بأرتاح، اسم حصن منيع، كان من العواصم، من أعمال حلب. «معجم البلدان 1: 140».

(2) الغالية: نوع من الطيّب مركّب من مسك و عنبر و عود و دهن. «لسان العرب- غلا- 15: 134».

(3) في المصدر: الشيباني، و كلاهما من مشايخ الصدوق، و السّناني هنا أرجح لروايته عن محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، انظر معجم رجال الحديث 15: 20 و 53 و 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 620

العسكري (عليه السلام) يقل: «معنى الرجيم أنه مرجوم باللعن، مطرود من مواضع الخير، لا يذكره مؤمن إلا لعنه، و إن في علم

الله السابق أنه إذا خرج القائم (عليه السلام) لا يبقى مؤمن في زمانه إلا رجمه بالحجارة، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن».

قوله تعالى:

يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [43- 44] 1685/ [1]- قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ إنما هو و اركعي و اسجدي، ثم قال الله لنبيه (عليه و آله السلام): ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ يا محمد وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ.

1686/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: لما ولدت اختصموا آل عمران فيها، فكلهم قالوا: نحن نكفلها. فخرجوا و ضربوا «1» بالسهام بينهم، فخرج سهم زكريا، فكفلها زكريا.

1687/ [3]- ابن بابويه: قال: روي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أول من سوهم عليه مريم بنت عمران، و هو قول الله عز و جل: وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ و السهام ستة» «2».

1688/ [4]- العياشي: عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: «إن امرأة عمران لما نذرت ما في بطنها محررا- قال-: و المحرر للمسجد إذا وضعته دخل المسجد فلم يخرج أبدا، فلما ولدت مريم قالت:

رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَ إِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَ إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَ ذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «3» فساهم عليها النبيون فأصاب القرعة زكريا، و هو زوج أختها، و كفلها و أدخلها المسجد،

فلما بلغت ما تبلغ النساء من الطمث و كانت أجمل النساء، فكانت تصلي فيضي ء المحراب لنورها،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 102. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 102.

3- الخصال 156/ 198.

4- تفسير العيّاشي 1: 170/ 36.

(1) في المصدر: و قارعوا.

(2) زاد في «ط»: في ستّة.

(3) آل عمران 3: 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 621

فدخل عليها زكريا فإذا عندها فاكهة الشتاء في الصيف، و فاكهة الصيف في الشتاء، فقال: أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ «1» فهنا لك دعا زكريا ربه، قال: إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي «2» إلى ما ذكر الله من قصة يحيى و زكريا».

1689/ [5]- عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً «3»: «المحرر: يكون في الكنيسة و لا يخرج منها، فلما وضعتها أنثى قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى «4» إن الأنثى تحيض و تخرج من المسجد، و المحرر لا يخرج من المسجد».

1690/ [6]- و في رواية حريز، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «نذرت ما في بطنها للكنيسة أن تخدم العباد، و ليس الذكر كالأنثى في الخدمة- قال-: فشبت و كانت تخدمهم و تناولهم حتى بلغت، فأمر زكريا أن تتخذ لها حجابا دون العباد، فكان يدخل عليها فيرى عندها ثمرة الشتاء في الصيف، و ثمرة الصيف في الشتاء، فهنالك دعا و سأل ربه أن يهب له ذكرا، فوهب له يحيى».

1691/ [7]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «أوحى الله إلى عمران: أني واهب لك ذكرا مباركا يبرئ الأكمه و الأبرص، و يحيي الموتى بإذن الله، و رسولا

إلى بني إسرائيل، فأخبر بذلك امرأته حنة، فحملت فوضعت مريم قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى «5» و الأنثى لا تكون رسولا. فقال لها عمران: إنه ذكر يكون منها نبيا. فلما رأت ذلك قالت ما قالت، فقال الله و قوله الحق: وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ «6»».

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فكان ذلك عيسى بن مريم (عليه السلام)، فإن قلنا لكم: إن الأمر يكون في أحدنا، فكان «7» في ابنه، أو ابن ابنه، أو ابن ابن ابنه، فقد كان فيه، فلا تنكروا ذلك».

1692/ [8]- عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لقي إبليس عيسى بن مريم (عليه السلام)، فقال:

هل نالني من حبائلك شي ء؟ قال: جدتك التي قالت: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى إلى قوله:

__________________________________________________

5- تفسير العياشي 1: 170/ 37.

6- تفسير العياشي 1: 170/ 38.

7- تفسير العياشي 1: 171/ 39.

8- تفسير العياشي 1: 171/ 40.

(1) آل عمران 3: 37.

(2) مريم 19: 5.

(3) آل عمران 3: 35.

(4) آل عمران 3: 36. [.....]

(5، 6) آل عمران 3: 36.

(7) زاد في «ط»: الأمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 622

الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ» «1».

1693/ [9]- عن سيف، عن نجم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن فاطمة (عليها السلام) ضمنت لعلي (عليه السلام) عمل البيت و العجين و الخبز و قم البيت، و ضمن لها علي (عليه السلام) ما كان خلف الباب نقل الحطب، و أن يجي ء بالطعام، فقال لها يوما: يا فاطمة، هل عندك شي ء؟

قالت: لا، و الذي عظم حقك، ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شي ء نقريك به.

قال: أ فلا أخبرتني؟

قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهاني أن أسألك شيئا، فقال: لا تسألي ابن عمك شيئا، إن

جاءك بشي ء عفوا، و إلا فلا تسأليه».

قال: «فخرج (صلوات الله عليه) فلقي رجلا فاستقرض منه دينارا، ثم أقبل به و قد أمسى، فلقي المقداد بن الأسود، فقال للمقداد: ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال: الجوع، و الذي عظم حقك، يا أمير المؤمنين- قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): و رسول الله (صلى الله عليه و آله) حي؟ قال: و رسول الله (صلى الله عليه و آله) حي- قال (عليه السلام): فهو أخرجني و قد استقرضت دينارا و سأوثرك به فدفعه إليه فأقبل فوجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالسا و فاطمة تصلي و بينهما شي ء مغطى، فلما فرغت أحضرت ذلك الشي ء فإذا جفنة من خبز و لحم قال: يا فاطمة، أنى لك هذا؟ قالت: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا أحدثك بمثلك و مثلها؟ قال: بلى، قال: مثل زكريا إذ دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقا قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ «2» فأكلوا منها شهرا، و هي الجفنة التي يأكل منها القائم (عليه السلام) و هي عندنا».

1694/ [10]- عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المغيرة يزعم «3» أن الحائض تقضي الصلاة كما تقضي الصوم، فقال: «ماله! لا وفقه الله، إن امرأة عمران نذرت ما في بطنها محررا، و المحرر للمسجد لا يخرج منه أبدا، فلما وضعت مريم قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى «4» فلما وضعتها أدخلتها «5» المسجد، فلما بلغت

مبلغ النساء أخرجت من المسجد، أنى

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 171/ 41.

10- تفسير العيّاشي 1: 172/ 42.

(1) قال العلامة المجلسي (رحمه اللّه): يعني كيف ينالك من حبائلي وجدّتك دعت حين ولدت والدتك أن يعيذها اللّه و ذريّتها من شر الشيطان الرجيم و أنت من ذرّيتها؟ «بحار الأنوار 14: 271»، و الآية من سورة آل عمران 3: 36.

(2) آل عمران: 3: 37.

(3) تفسير العيّاشي يقول المغيرة بن عمر، تصحيف، و الصواب: المغيرة بن سعيد، الذي كان يكّذب على الامام الباقر (عليه السّلام). انظر رجال الكشي: 223.

(4) آل عمران 3: 36.

(5) في «س» و «ط» نسخة بدل: أدخلت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 623

كانت تجد أياما تقضيها «1» و هي عليها أن تكون الدهر في المسجد؟».

1695/ [11]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن زكريا لما دعا ربه أن يهب له ذكرا فنادته الملائكة بما نادته به، فأحب أن يعلم أن ذلك الصوت من الله، أوحى إليه أن آية ذلك أن يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيام- قال-: فلما أمسك لسانه و لم يتكلم علم أنه لا يقدر على ذلك إلا الله، و ذلك قول الله: رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً «2»».

1696/ [12]- عن حماد، عمن حدثه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لما سأل زكريا ربه أن يهب له ذكرا، فوهب الله تعالى له يحيى، فدخله من ذلك، فقال: رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً «3» فكان يومئ برأسه، و هو الرمز».

1697/1]- عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام): «وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً و الحصور: الذي لا يأتي

«4» النساء وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ «5»».

1698/ [14]- عن حسين بن أحمد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن طاعة الله خدمته في الأرض، فليس شي ء من خدمته تعدل الصلاة، فمن ثم نادت الملائكة زكريا و هو قائم يصلي في المحراب».

1699/ [15]- عن الحكم بن عيينة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله في الكتاب: وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ «6» اصطفاها مرتين، و الاصطفاء إنما هو مرة واحدة؟ قال: فقال لي: «يا حكم، إن لهذا تأويلا و تفسيرا».

فقلت له: فسره لنا، أبقاك الله. قال: «يعني اصطفاها «7» أولا من ذرية الأنبياء المصطفين المرسلين، و طهرها من أن يكون في ولادتها من آبائها و أمهاتها سفاح، و اصطفاها بهذا في القرآن يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي __________________________________________________

11- تفسير العياشي 1: 172/ 43.

12- تفسير العياشي 1 لا 172/ 44.

13- تفسير العياشي 1 لا 172/ 45.

14- تفسير العياشي 1 لا 173/ 46.

15- تفسير العياشي 1 لا 173/ 47. [.....]

(1) في «س» و «ط» نسخة بدل و المصدر: فما تجد أياما تقضيه.

(2) آل عمران 3: 41.

(3) آل عمران 3: 41.

(4) في المصدر: الذي يأبى.

(5) آل عمران 3: 39.

(6) آل عمران 3: 42.

(7) في «ط»: اصطفيه لها، و في المصدر: اصطفاها إياها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 624

شكرا لله.

ثم قال لنبيه محمد (صلى الله عليه و آله) يخبره بما غاب عنه من خبر مريم و عيسى: يا محمد ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ في مريم و ابنها و بما خصهما الله به و فضلهما و أكرمهما حيث

قال: وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ يا محمد، يعني بذلك لرب الملائكة إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ حين أيتمت من أبيها».

1700/ [16]- و في رواية ابن خرزاد: أيهم يكفل مريم حين أيتمت من أبويها وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ يا محمد إِذْ يَخْتَصِمُونَ في مريم عند ولادتها بعيسى أيهم يكفلها و يكفل ولدها، قال: فقلت له: أبقاك الله فمن كفلها؟

فقال: «أما تسمع لقوله: وَ كَفَّلَها زَكَرِيَّا «1» الآية».

و زاد علي بن مهزيار في حديثه: فلما وضعتها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَ إِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَ إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَ ذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «2».

قال: قلت: أ كان يصيب مريم ما يصيب النساء من الطمث؟ قال: «نعم، ما كانت إلا امرأة من النساء».

1701/ [17]- و في رواية اخرى: إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ قال: قال: «استهموا عليها فخرج سهم زكريا فكفل بها».

قال زيد بن ركانة: اختصموا في بنت حمزة كما اختصموا في مريم، قال: قلت له: جعلت فداك، حمزة استن السنن و الأمثال، كما اختصموا في مريم اختصموا في بنت حمزة؟ قال: «نعم».

وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ «3» قال: «نساء عالميها- قال-: و كانت فاطمة (عليها السلام) سيدة نساء العالمين»

سورة آل عمران(3):آية 45 ..... ص : 624

قوله تعالى:

وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ [45] 1702/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ أي ذا وجه و جاه.

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 73/ 48.

17- تفسير العيّاشي 1: 174، ذيل الحديث (48).

1- تفسير القمّي 1: 102.

(1) آل عمران: 3: 37.

(2) آل عمران: 3: 36.

(3) الظاهر أنّ في الحديث سقطا، و أشار لذلك أيضا المجلسي في

البحار 14: 193.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 625

سورة آل عمران(3): الآيات 49 الي 50 ..... ص : 625

قوله تعالى:

أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ- إلى قوله تعالى- وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ [49- 50] 1703/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ أي أقدر، و هو خلق تقدير.

1704/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثني جعفر بن عبد الله، قال:

حدثني كثير بن عياش، عن زياد بن المنذر أبي الجارود، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، في قوله تعالى:

وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ.

قال: «فإن عيسى (عليه السلام) كان يقول لبني إسرائيل: إني رسول الله إليكم أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ الأكمه هو الأعمى، قالوا: ما نرى الذي تصنع إلا سحرا فأرنا آية نعلم أنك صادق؟ قال: أرأيتم إن أخبرتكم بما تأكلون و ما تدخرون في بيوتكم «1»، يقول: ما أكلتم في بيوتكم قبل أن تخرجوا، و ما ادخرتم إلى الليل، تعلمون أني صادق؟ قالوا: نعم. فكان يقول للرجل: أكلت كذا و كذا، و شربت كذا و كذا، و رفعت كذا و كذا. فمنهم من يقبل منه فيؤمن، و منهم من ينكر فيكفر، و كان لهم في ذلك آية إن كانوا مؤمنين».

1705/ [3]- و قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ و هو السبت و الشحوم و الطير الذي حرم الله على بني إسرائيل.

1706/ [4]- قال: و روى ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و

جل: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ «2»: «أي لما سمع و رأى أنهم يكفرون. و الحواس الخمس التي قدرها الله في الناس:

السمع للصوت، و البصر للألوان و تمييزها، و الشم لمعرفة الروائح الطيبة و النتنة «3»، و الذوق للطعوم و تمييزها، و اللمس لمعرفة الحار و البارد و اللين و الخشن».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 102. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 102.

3- تفسير القمّي 1: 103.

4- تفسير القمّي 1: 103.

(1) (في بيوتكم) ليس في المصدر.

(2) آل عمران: 3: 52.

(3) في المصدر: الخبيثة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 626

1707/ [5]- العياشي: عن الهذلي، عن رجل، قال: «مكث عيسى (عليه السلام) حتى بلغ سبع سنين أو ثمان سنين، فجعل يخبرهم بما يأكلون و ما يدخرون في بيوتهم، فأقام بين أظهرهم يحيي الموتى و يبرئ الأكمه و الأبرص، و يعلمهم التوراة، و أنزل الله عليهم الإنجيل لما أراد الله عليهم حجة».

1708/ [6]- عن محمد بن أبي عمير، عمن ذكره، رفعه، قال: «إن أصحاب عيسى (عليه السلام) سألوه أن يحيي لهم ميتا، قال: فأتى بهم إلى قبر سام بن نوح، فقال له: قم بإذن الله، يا سام بن نوح. قال: فانشق القبر، ثم أعاد الكلام فتحرك، ثم أعاد الكلام فخرج سام بن نوح، فقال له عيسى: أيهما أحب إليك تبقى أو تعود؟ قال: فقال: يا روح الله، بل أعود، إني لأجد حرقة الموت- أو قال: لذعة «1» الموت- في جوفي إلى يومي هذا».

1709/ [7]- عن أبان بن تغلب، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام): هل كان عيسى بن مريم أحيى أحدا بعد موته حتى كان له أكل و رزق و مدة و ولد؟

فقال: «نعم، إنه كان له صديق مؤاخ له

في الله، و كان عيسى يمر به فينزل عليه، و إن عيسى غاب عنه حينا ثم مر به ليسلم عليه، فخرجت إليه أمه لتسلم عليه، فسألها عنه، فقالت أمه: مات، يا رسول الله. فقال لها: أ تحبين أن تريه، قالت: نعم، قال لها: إذا كان غدا أتيتك حتى أحييه لك بإذن الله تعالى. فلما كان من الغد أتاها، فقال لها:

انطلقي معي إلى قبره، فانطلقا حتى أتيا قبره، فوقف عيسى (عليه السلام) ثم دعا الله فانفرج القبر، و خرج ابنها حيا، فلما رأته امه و رآها بكيا فرحمهما عيسى (عليه السلام) فقال له: أ تحب أن تبقى مع أمك في الدنيا؟ قال: يا رسول الله، بأكل و برزق و مدة، أو بغير مدة و لا رزق و لا أكل؟ فقال له عيسى: بل برزق و أكل و مدة، تعمر عشرين سنة، و تزوج و يولد لك قال: فنعم إذن. فدفعه عيسى (عليه السلام) إلى أمه، فعاش عشرين سنة و ولد له».

1710/ [8]- عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان بين داود و عيسى بن مريم أربع مائة سنة، و كانت شريعة عيسى أنه بعث بالتوحيد و الإخلاص، و بما أوصى به نوح و إبراهيم و موسى، و أنزل عليه الإنجيل، و أخذ عليه الميثاق الذي أخذ على النبيين، و شرع له في الكتاب إقام الصلاة مع الدين و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و تحريم الحرام و تحليل الحلال.

و أنزل عليه في الإنجيل مواعظ و أمثال و حدود، و ليس فيها قصاص و لا أحكام حدود، و لا فرض مواريث، و أنزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى (عليه السلام)

في التوراة، و هو قول الله تعالى في الذي قال عيسى بن مريم لبني إسرائيل: وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ و أمر عيسى من معه ممن اتبعه من المؤمنين أن يؤمنوا بشريعة التوراة و الإنجيل».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 174/ 49.

6- تفسير العيّاشي 1: 174/ 50.

7- تفسير العيّاشي 1: 174/ 51.

8- تفسير العيّاشي 1: 175/ 52.

(1) في «ط» نسخة بدل: لدغة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 627

سورة آل عمران(3):آية 52 ..... ص : 627

قوله تعالى:

قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [52]

1711/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: قلت: لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): لم سمي الحواريون حواريين؟

قال: «أما عند الناس فإنهم سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل، و هو اسم مشتق من الخبز الحوارى «1»، و أما عندنا فسمي الحواريون حواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم و مخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ و التذكر».

سورة آل عمران(3):آية 54 ..... ص : 627

قوله تعالى:

وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [54]

1712/ [2]- ابن بابويه: عن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي»، قال: حدثني أحمد بن محمد ابن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قوله:

وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ. فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا يمكر، و لكنه عز و جل يجازيهم جزاء المكر».

سورة آل عمران(3):آية 55 ..... ص : 627

قوله تعالى:

إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ جاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ [55]

1713/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن حمران بن

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 80/ 1 باب 72.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 126/ 19، التوحيد: 163/ 1.

3- تفسير القمّي 1: 103. [.....]

(1) الحوّارى: الدقيق الأبيض، و هو لباب الدقيق. و الخبر الحوّارى: الخبز المعمول من هذا الدقيق.

(2) في العيون: محمّد بن أحمد بن إبراهيم المعاذي، و كلاهما واحد، انظر معجم رجال الحديث 14: 219 و 312.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 628

أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن عيسى (عليه السلام) وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا إليه عند المساء، و هم اثنا عشر رجلا، فأدخلهم بيتا ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت، و هو ينفض رأسه من الماء فقال: إن الله أوحى إلي أنه رافعي إليه الساعة، و مطهري من اليهود، فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل، و يصلب، و يكون معي في درجتي؟ فقال شاب منهم: أنا يا روح الله. قال: فأنت هوذا.

فقال لهم عيسى (عليه السلام):

إن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة. فقال له رجل منهم: أنا هو يا نبي الله. فقال عيسى (عليه السلام): أ تحس بذلك في نفسك؟ فلتكن هو.

ثم قال لهم عيسى (عليه السلام): إنكم ستفترقون بعدي على ثلاث فرق فرقتين مفتريتين على الله في النار، و فرقة تتبع شمعون صادقة على الله في الجنة. ثم رفع الله تعالى عيسى (عليه السلام) إليه من زاوية البيت و هم ينظرون إليه».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن اليهود جاءت في طلب عيسى (عليه السلام) من ليلتهم، فأخذوا الرجل الذي قال له عيسى: إن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة، و أخذوا الشاب الذي القي عليه شبح عيسى (عليه السلام)، فقتل و صلب، و كفر الذي قال له عيسى: تكفر قبل أن تصبح اثنتي عشرة كفرة».

1714/ [2]- العياشي: عن ابن عمر، عن بعض أصحابنا، عن رجل حدثه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «رفع عيسى بن مريم (عليه السلام) بمدرعة صوف من غزل مريم، و من نسج مريم، و من خياطة مريم، فلما انتهى إلى السماء نودي: يا عيسى، ألق عنك زينة الدنيا».

1715/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى (عليه السلام)، قال: «إنه ما شبه أمر أحد من أنبياء الله و حججه للناس إلا أمر عيسى (عليه السلام) وحده، لأنه رفع من الأرض حيا و قبض روحه بين السماء و الأرض، ثم رفع إلى السماء

و رد عليه روحه، و ذلك قوله عز و جل: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ و قال الله تعالى حكاية لقول عيسى يوم القيامة: وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ «1»».

سورة آل عمران(3):آية 59 ..... ص : 628

قوله تعالى:

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [59]

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 175/ 53.

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 215/ 2.

(1) المائدة 5: 117.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 629

1716/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كان سيدهم الأهتم و العاقب و السيد، و حضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون بالناقوس، و صلوا، فقال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله، هذا في مسجدك؟ فقال: دعوهم.

فلما فرغوا دنوا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا له: إلى ما تدعونا؟ فقال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، و أني رسول الله، و أن عيسى عبد مخلوق، يأكل و يشرب و يحدث.

قالوا: فمن أبوه؟ فنزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: قل لهم: ما تقولون في آدم أ كان عبدا مخلوقا يأكل و يشرب و يحدث و ينكح؟ فسألهم النبي (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: نعم. فقال: فمن أبوه؟ فبهتوا و بقوا ساكتين، فأنزل الله: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ

فَيَكُونُ إلى قوله:

فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «1».

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فباهلوني، فإن كنت صادقا أنزلت اللعنة عليكم، و إن كنت كاذبا نزلت علي.

فقالوا: أنصفت. فتواعدوا للمباهلة، فلما رجعوا إلى منازلهم، قال رؤساؤهم السيد و العاقب و الأهتم: إن باهلنا بقومه باهلناه، فإنه ليس بنبي، و إن باهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله فإنه لا يقدم على أهل بيته إلا و هو صادق، فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و معه أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم)، فقال النصارى: من هؤلاء؟ فقيل لهم: هذا ابن عمه و وصيه و ختنه علي بن أبي طالب، و هذه ابنته فاطمة، و هذان ابناه الحسن و الحسين. ففرقوا، فقالوا «2» لرسول الله: نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة.

فصالحهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الجزية و انصرفوا».

سورة آل عمران(3):آية 61 ..... ص : 629

قوله تعالى:

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ [61]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 104.

(1) آل عمران 3: 61.

(2) في المصدر: فعرفوا و قالوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 630

1717/ [1]- الشيخ في (أماليه) بإسناده، قال: حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس، قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ، قال: حدثنا محمد بن إسحاق السراج، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم، عن بكير بن مسمار «1»، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي ثلاثا، لأن تكون لي واحدة منهن

أحب إلي من حمر النعم «2»:

سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي و خلفه في بعض مغازيه، فقال: «يا رسول الله، تخلفني مع النساء و الصبيان»؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي!».

و سمعته يقول يوم خيبر: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله» قال: فتطاولنا لهذا، قال: «ادعوا لي عليا». فأتى علي (عليه السلام) أرمد العينين، فبصق في عينيه و دفع إليه الراية ففتح الله عليه.

و لما نزلت هذه الآية: نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا (عليهم السلام)، و قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي».

1718/ [2]- عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثني علي بن حسان الواسطي، قال: حدثني عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، عن عمه الحسن (عليه السلام)، قال: «قال الحسن: قال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله) حين جحده كفرة الكتاب و حاجوه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فأخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الأنفس معه أبي، و من البنين أنا و أخي، و من النساء فاطمة أمي من

الناس جميعا، فنحن أهله و لحمه و دمه و نفسه، و نحن منه و هو منا».

1719/ [3]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن الحسن بن أحمد- يعني ابن الوليد- عن أحمد ابن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل العلوي، قال: حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني الشيخ، قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): «اجتمعت الامة برها و فاجرها أن حديث النجراني حين

__________________________________________________

1- الأمالي 1: 313، صحيح مسلم 4: 1871/ 32، مسند أحمد بن حنبل 1: 185.

2- الأمالي 2: 177.

3- الاختصاص: 56.

(1) في «س» و «ط»: حاتم بن بكير بن يسار، و في المصدر: حاتم عن بكير بن يسار، و الصواب ما أثبتناه، حيث روى قتيبة، عن حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر. راجع تهذيب الكمال 4: 251 و 5: 187، تهذيب التهذيب 1: 495 و 2: 128.

(2) هي الإبل الحمر، و هي أنفس أموال النّعم و أقومها و أجلدها، فجعلت كناية عن خير الدنيا كلّه. «مجمع البحرين- حمر- 3: 276».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 631

دعاه النبي (صلى الله عليه و آله) إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلا النبي (صلى الله عليه و آله) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فقال الله تبارك و تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ فكان تأويل أبنائنا الحسن و الحسين، و نسائنا فاطمة، و أنفسنا علي بن أبي طالب (عليهم السلام)».

1720/ [4]- الشيخ في (مجالسه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن

زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني «1»، قال: حدثنا الربيع بن سيار، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم ابن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه): أن عليا (عليه السلام) و عثمان و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا و يغلقوا عليهم بابه، و يتشاوروا في أمرهم، و أجلهم ثلاثة أيام، فإن توافق خمسة على قول واحد و أبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، و إن توافق أربعة و أبى اثنان قتل الاثنان.

فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه، و إن يكن باطلا فأنكروه» قالوا: قل. و ذكر فضائله عليهم و هم يعترفون به. فمما قال لهم: «فهل فيكم أحد أنزل الله عز و جل فيه و في زوجته و ولديه آية المباهلة، و جعل الله عز و جل نفسه نفس رسوله غيري؟» قالوا: لا.

1721/ [5]- و من طريق المخالفين ما رواه موفق بن أحمد- و هو من عظماء علمائهم- قال: أخبرنا قتيبة، قال:

حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار «2»، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا، فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟

قال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأن تكون لي واحدة أحب إلي من حمر النعم:

سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي و خلفه في بعض مغازيه: «تكون أنت في بيتي إلى أن أعود» «3»

فقال له علي: «يا رسول الله، تخلفني مع النساء و الصبيان»؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي!».

و سمعته يقول يوم خيبر: «لأعطين الراية رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله». قال: فتطاولنا لها، فقال: «ادعوا لي عليا» قال: فأتى علي (عليه السلام) و به رمد، فبصق في عينيه، و دفع الراية إليه، ففتح الله عليه.

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 163. [.....]

5- مناقب الخوارزمي 59، صحيح مسلم 4: 1871/ 32، مسند أحمد بن حنبل 1: 185.

(1) في المصدر: أحمد بن عبيد اللّه العدلي، و الصواب ما في المتن، كما في تهذيب التهذيب 1: 59.

(2) في «س و ط»: بكير بن يسار، و في المصدر: بكير بن عمّار، تصحيف، و الصواب ما أثبتناه، روى عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، و عنه حاتم بن إسماعيل، كذا في تهذيب الكمال 4: 251 و 5: 187، و تهذيب التهذيب 1: 495 و 2: 128.

(3) (تكون أنت ... أعود) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 632

و أنزلت هذه الآية: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ الآية، و دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في المباهلة عليا و فاطمة و حسنا و حسينا (عليهم السلام)، ثم قال: «اللهم هؤلاء أهلي».

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه.

قال (رضي الله عنه): قوله (صلى الله عليه و آله) «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» أخرجه الشيخان في صحيحيهما بطرق كثيرة.

انتهى كلام موفق بن أحمد.

1722/ [6]- الشيخ المفيد في كتاب (الاختصاص) قال:

حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم العلاف الهمداني بهمدان، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان البزاز «1»، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز- المعروف بابن المطبقي- و جعفر الدقاق، قالا: حدثنا أبو الحسن محمد بن الفيض بن فياض الدمشقي بدمشق، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أخي عبد الرزاق، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام الصنعاني، قال: حدثنا معمر بن راشد، قال: حدثنا محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جده، قال: لما قدم السيد و العاقب أسقفا نجران في سبعين راكبا و فدا على النبي (صلى الله عليه و آله) كنت معهم، فبينا كزز يسير- و كزز صاحب نفقاتهم- إذ عثرت بغلته، فقال: تعس من تأتيه- يعني النبي (صلى الله عليه و آله)- فقال له صاحبه، و هو العاقب: [بل تعست و انتكست ، فقال: و لم ذلك؟

قال: لأنك أتعست النبي الأمي أحمد.

قال: و ما علمك بذلك؟

قال: أما تقرأ من المفتاح «2» الرابع من الوحي إلى المسيح: أن قل لبني إسرائيل: ما أجهلكم، تتطيبون بالطيب لتطيبوا به في الدنيا عند أهلها و أهلكم، و أجوافكم عندي كجيفة الميتة «3»؟! يا بني إسرائيل، آمنوا برسولي النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان، صاحب الوجه الأقمر، و الجمل و الأحمر، المشرب بالنور، ذي الجناب «4» الحسن، و الثياب الخشن، سيد الماضين عندي و أكرم الباقين علي، المستن بسنتي، و الصائر في دار جنتي، و المجاهد بيده المشركين من أجلي، فبشر به بني إسرائيل، و مر بني إسرائيل أن يعزروه، و أن ينصروه.

قال عيسى (صلى الله عليه و آله): قدوس قدوس، من هذا العبد الصالح الذي قد أحبه

قلبي و لم تره عيني؟

قال: هو منك و أنت منه، و هو صهرك على أمك، قليل الأولاد كثير الأزواج، يسكن مكة من موضع أساس وطئ «5» إبراهيم، نسله من مباركة، و هي ضرة أمك في الجنة، له شأن من الشأن، تنام عيناه و لا ينام قلبه، يأكل

__________________________________________________

6- الاختصاص: 112.

(1) في المصدر: عبد اللّه بن محمّد بن جعفر بن موسى بن شاذان البزّاز، كلاهما صحيح، كما في تاريخ بغداد 10: 128.

(2) في نسخة من المصدر: المصباح.

(3) في المصدر: كالجيفة المنتنة.

(4) في «ط»: ذي الثياب.

(5) في «ط»: أساس من وطن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 633

الهدية و لا يقبل الصدقة، له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس، يدفق فيه ميزابان «1» من الرحيق و التسنيم فيه أكاويب عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، و ذلك بتفضيلي إياه على سائر المرسلين «2»، يوافق قوله فعله، و سريرته علانيته، فطوبى له و طوبى لامته الذين على ملته يحيون، و على سنته يموتون، و مع أهل بيته يميلون، آمنين مؤمنين، مطمئنين مباركين، يظهر في زمن قحط و جدب، فيدعوني فترخي السماء عزاليها «3» حتى يرى أثر بركاتها في أكنافها، و أبارك فيما يضع فيه يده.

قال: إلهي سمه؟ قال: نعم، هو أحمد، و هو محمد، رسولي إلى الخلق كافة، و أقربهم مني منزلة، و أخصصهم «4» عندي شفاعة، لا يأمر إلا بما أحب و ينهى لما أكره.

قال له صاحبه: فأنى تقدم بنا «5» على من هذه صفته؟ قال: نشهد أحواله و ننظر آياته «6»، فإن يكن هو ساعدناه بالمسألة، و نكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا، و إن يك كاذبا كفيناه

بكذبه على الله عز و جل.

قال: و لم- إذا رأيت العلامة- لا تتبعه؟ قال: أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم؟ أكرمونا و مولونا، و نصبوا لنا الكنائس و أعلوا فيها ذكرنا، فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوي فيه الشريف و الوضيع؟

فلما قدموا المدينة، قال من رآهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما رأينا و فدا من وفود العرب كانوا أجمل منهم، لهم شعور و عليهم ثياب الحبر، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) متناء عن المسجد، و حضرت صلاتهم، فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) تلقاء المشرق، فهم بهم رجال من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) تمنعهم، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «دعوهم» فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه و ناظروه، فقالوا: يا أبا القاسم، حاجنا في عيسى؟ قال: «هو عبد الله، و رسوله، و كلمته ألقاها إلى مريم، و روح منه».

فقال أحدهم: بل هو ولده و ثاني اثنين. و قال آخر: بل هو ثالث ثلاثة، أب و ابن و روح القدس، و قد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول: فعلنا و جعلنا و خلقنا، و لو كان واحدا لقال: خلقت و جعلت و فعلت. فتغشى النبي (صلى الله عليه و آله) الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ إلى آخر الآية.

فقص عليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) [القصة و تلا] القرآن، فقال بعضهم لبعض:

قد- و الله- أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله عز و جل قد أمرني بمباهلتكم».

__________________________________________________

(1) في المصدر: الشمس حيث يغرب فيه شرابام

(2) في «ط» نسخة بدل: المسلمين.

(3) عزاليها: مطرها. «لسان العرب- عزل- 11: 443».

(4) في «ط» و المصدر: و أحضرهم. [.....]

(5) في «ط»: فأين تعدّينا.

(6) في «ط»: أيامه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 634

فقالوا: إذا كان غدا باهلناك، فقال القوم بعضهم لبعض: حتى ننظر بما يباهلنا غدا بكثرة أتباعه من أوباش الناس، أم بالقلة «1» من أهل الصفوة و الطهارة، فإنهم وشيج «2» الأنبياء، و موضع نهلهم.

فلما كان من الغد غدا النبي (صلى الله عليه و آله) بيمينه علي، و بيساره الحسن و الحسين، و من ورائهم فاطمة (صلى الله عليهم)، عليهم النمار النجرانية «3»، و على كتف رسول الله (صلى الله عليه و آله) كساء قطواني»

رقيق خشن ليس بكثيف و لا لين، فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما، و نشر الكساء عليهما، و أدخلهم تحت الكساء، و أدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه النبع، و رفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة، و أشرف «5» الناس ينظرون و اصفر لون السيد و العاقب و زلزلا «6» حتى كادا أن تطيش عقولهما.

فقال أحدهما لصاحبه: أ نباهله؟ قال: أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم أو بقي كبيرهم؟

و لكن أره أنك غير مكترث، و أعطه من المال و السلاح ما أراد، فإن الرجل محارب، و قل له: أ بهؤلاء تباهلنا؟ لئلا يرى أنه قد تقدمت معرفتنا بفضله و فضل أهل بيته.

فلما رفع النبي (صلى الله عليه و آله) يده إلى السماء

للمباهلة، قال أحدهما لصاحبه: و أي رهبانية؟ دارك الرجل، فإنه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل و لا مال. فقالا: يا أبا القاسم، أ فبهؤلاء تباهلنا؟ قال: «نعم، هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى الله عز و جل وجيهة، و أقربهم إليه وسيلة».

قال: فبصبصا- يعني ارتعدا و كرا- و قالا له: يا أبا القاسم، نعطيك ألف سيف، و ألف درع، و ألف حجفة «7» و ألف دينار كل عام، على أن الدرع و السيف و الحجفة عندك إعارة حتى يأتي من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأينا و شاهدنا، فيكون الأمر على ملأ منهم، فإما الإسلام، و إما الجزية، و إما المقاطعة في كل عام.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «قد قبلت ذلك منكما، أما و الذي بعثني بالكرامة، لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم الله عز و جل عليكم الوادي نارا تأجج تأججا، حتى يساقها إلى من ورائكم في أسرع من طرفة عين فأحرقتهم تأججا».

فهبط عليه جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، و يقول لك: و عزتي و جلالي و ارتفاع مكاني لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات و أهل الأرض لتساقطت السماء كسفا متهافتة،

__________________________________________________

(1) في المصدر: بأهله.

(2) الوشيجة: عرق الشجرة. و استعير هنا لاشتباك القرابة و الصّلة.

(3) النّمار: جمع نمرة: كساء مخطط. «مجمع البحرين- نمر- 3: 503».

(4) في «ط»: قرقف، و لعلّه تصحيف قرطف: القطيفة، و القطواني: نوع من الأكسية منسوبة إلى موضع في الكوفة، و القطوانيّة: عباءة بيضاء قصيرة الخمل. «القاموس المحيط- قطا- 4: 381»، «لسان العرب- قطا- 15: 191».

(5) في المصدر: و اشرأبّ: أي رفع رأسه لينظر إليه.

(6) في «ط»

و المصدر: و كرّا.

(7) الحجفة: الترس، و ذلك إن كانت من جلود و ليس فيها خشب، و تسمى درقة أيضا. «مجمع البحرين- حجف- 5: 35».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 635

و لتقطعت الأرضون زبرا سابحة «1»، فلم يستقر عليها بعد ذلك، فرفع النبي (صلى الله عليه و آله) يديه حتى رؤي بياض إبطيه. ثم قال: «و على من ظلمكم حقكم، و بخسني «2» الأجر الذي افترضه الله فيكم عليهم، بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة».

1723/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في حديثه (عليه السلام) مع المأمون و العلماء، في الفرق بين العترة و الامة، و فضل العترة على الامة، و اصطفاء العترة- و ذكر الحديث بطوله- و في الحديث: قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا (عليه السلام): «فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن، في اثني عشر موضعا- و ذكر المواضع من القرآن و قال (عليه السلام) فيها- و أما الثالثة: حين ميز الله تعالى الطاهرين من خلقه، و أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) بالمباهلة بهم في آية الابتهال، فقال عز و جل: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ».

قالت العلماء: عنى به نفسه.

قال أبو الحسن (عليه السلام): «غلطتم، إنما عنى به علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و مما يدل على ذلك قول النبي (صلى الله عليه

و آله) حين قال: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي- يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)- و عنى بالأبناء الحسن و الحسين، و عنى بالنساء فاطمة (عليها السلام)، فهذه خصوصية لا يتقدم فيها أحد، و فضل لا يلحقهم فيه بشر، و شرف لا يسبقهم إليه خلق، إذ جعل نفس علي (عليه السلام) كنفسه (صلوات الله عليه و على آله)، فهذه الثالثة، و أما الرابعة» و ذكرها و ما بعدها إلى آخر الحديث.

1724/ [8]- عنه، قال: حدثنا أبو أحمد هانئ بن أبي محمد بن محمود العبدي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي بإسناده، رفعه إلى موسى بن جعفر (عليهما السلام) في حديث له مع الرشيد، قال الرشيد له: كيف قلتم: إنا ذرية النبي، و النبي (صلى الله عليه و آله) لم يعقب، و إنما العقب للذكر لا للأنثى، و أنتم ولد البنت و لا يكون لها عقب؟

فقلت: «أسألك بحق القرابة و القبر و من فيه إلا ما عفيتني عن هذه المسألة».

فقال: تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي، و أنت- يا موسى- يعسوبهم و إمام زمانهم كذا أنهي إلي، و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، و أنتم تدعون- معشر ولد علي- أنه لا يسقط عنكم منه شي ء لا ألف و لا واو إلا و تأويله عندكم، و احتججتم بقوله عز و جل:

__________________________________________________

7- أمالي الصدوق: 423/ 1.

8- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 84/ 9.

(1) في «ط» و المصدر: سائحة.

(2) في «ط»: و بخس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 636

ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «1» و قد استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم.

فقلت: «تأذن لي

في الجواب»؟ قال: هات.

قلت: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ «2» من أبو عيسى، يا أمير المؤمنين؟».

فقال: ليس له أب.

فقلت: «إنما ألحقه الله «3» بذراري الأنبياء (عليهم السلام) من طريق مريم، و كذلك ألحقنا الله تعالى بذراري النبي (صلى الله عليه و آله) من قبل امنا فاطمة (عليها السلام) أزيدك يا أمير المؤمنين»؟ قال: هات.

قلت: «قول الله عز و جل: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ و لم يدع أحد أنه إذ أدخل النبي (صلى الله عليه و آله) تحت الكساء عند المباهلة مع النصارى إلا علي بن أبي طالب، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، فكان تأويل قوله عز و جل: أَبْناءَنا الحسن و الحسين وَ نِساءَنا فاطمة وَ أَنْفُسَنا علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

1725/ [9]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) سئل عن فضائله فذكر بعضها، ثم قالوا له: زدنا. فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أتاه حبران من أحبار النصارى من أهل نجران، فتكلما في أمر عيسى، فأنزل الله هذه الآية: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ إلى آخر الآية، فدخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخذ بيد علي و الحسن و الحسين و فاطمة، ثم خرج و رفع كفه إلى

السماء، و فرج بين أصابعه، و دعاهم إلى المباهلة- قال: و قال أبو جعفر (عليه السلام): و كذلك المباهلة يشبك يده في يده يرفعهما إلى السماء- فلما رآه الحبران، قال أحدهما لصاحبه: و الله لئن كان نبيا لنهلكن، و إن كان غير نبي كفانا قومه. فكفا و انصرفا».

1726/ [10]- عن محمد بن سعيد الأردني «4»، عن موسى بن محمد بن الرضا، عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام): «أنه قال في هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ و لو قال: تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم، لم يكونوا يجيبون للمباهلة، و قد علم أن نبيه مؤد عنه رسالاته، و ما هو من الكاذبين».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 175/ 54. [.....]

10- تفسير العيّاشي 1: 176/ 55.

(1) الأنعام 6: 38.

(2) الأنعام 6: 84- 85.

(3) في المصدر: إنّما ألحقناه.

(4) في المصدر: الأزدي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 637

17271727/ [11]- عن أبي جعفر الأحول، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما تقول قريش في الخمس»؟

قال: قلت: تزعم أنه لها.

قال: «ما أنصفونا، و الله لو كان مباهلة ليباهلن بنا، و لئن كان مبارزة ليبارزن بنا، ثم نكون و هم على سواء!».

1728/ [12]- عن الأحول، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له شيئا مما أنكرته الناس، فقال: «قل لهم: إن قريشا قالوا: نحن أولو القربى الذين هم لهم الغنيمة. فقل لهم: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يدع للبراز يوم بدر غير أهل بيته، و عند المباهلة جاء بعلي و الحسن و الحسين و فاطمة (عليهم السلام)، أ فيكون لنا

المر، و لهم الحلو؟!».

1729/ [13]- عن المنذر، قال: حدثنا علي (عليه السلام) قال: «لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ الآية، قال: أخذ بيد علي و فاطمة و ابنيهما (عليهم السلام)، فقال رجل من النصارى: لا تفعلوا فيصيبكم عنت «1». فلم يدعوه».

1730/ [14]- عن عامر بن سعد، قال: قال معاوية لأبي: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟

قال: لثلاث رويتهن عن النبي (صلى الله عليه و آله): لما نزلت آية المباهلة تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ الآية، أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام) قال: «هؤلاء أهلي».

1731/ [15]- و روي من طريق المخالفين كثير في معنى ذلك، منها: ما رواه مسلم في (صحيحه) من طرق، منها: في الجزء الرابع، في باب فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في تفسير قوله تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فرفع مسلم الحديث إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و هو طويل يتضمن عدة فضائل لعلي (عليه السلام) خاصة يقول في آخره: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا، و قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي» «2».

و رواه مسلم أيضا في آخر الجزء المذكور «3».

و رواه الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) في مسند سعد بن أبي وقاص، في الحديث الثالث من أفراد مسلم «4».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 176/ 56.

12- تفسير العيّاشي 1: 176/ 57.

13- تفسير العيّاشي

1: 177/ 58.

14- تفسير العيّاشي 1: 77/ 59.

15- صحيح مسلم 4: 1871 ذيل الحديث 32.

(1) العنت: دخول المشقّة على الإنسان و لقاء الشدّة. «لسان العرب- عنت- 2: 61».

(2) في المصدر: أهلي.

(3) عنه في العمدة لابن البطريق: 188/ 289.

(4) عنه في جامع الأصول 9: 469/ 6479. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 638

1732/ [16]- و رواه الثعلبي في تفسير هذه الآية، عن مقاتل و الكلبي، قال: لما قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله) هذه الآية على وفد نجران و دعاهم إلى المباهلة، فقالوا: نرجع و ننظر في أمرنا و نأتيك غدا. فخلا بعضهم إلى بعض، فقالوا للعاقب و كان ديانهم و ذا رأيهم: يا عبد المسيح، ما ترى؟

فقال: و الله لقد عرفتم- يا معاشر النصارى- أن محمدا نبي مرسل، و لقد جاءكم بالفضل من أمر صاحبكم، و الله ما لاعن قوم قط نبيا فعاش كبيرهم، و لا نبت صغيرهم، و لئن فعلتم ذلك لتهلكن، و إن أبيتم إلا دينكم و الإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم.

فأتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد غدا محتضنا للحسن و آخذا بيد الحسين و فاطمة تمشي خلفه و علي يمشي خلفها، و هو يقول لهم: «إذا أنا دعوت فأمنوا» فقال اسقف نجران: يا معاشر النصارى، إني لأرى وجوها لو أقسموا على الله أن يزيل جبلا لأزاله، فلا تباهلوا فتهلكوا، و لا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.

فقالوا: يا أبا القاسم، لقد رأينا أننا لا نباهلك، و أن نتركك على دينك و نثبت على ديننا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «فإن أبيتم المباهلة

فأسلموا، يكن لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم». فأبوا، فقال: «إني أنابذكم للحرب» فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، و لكن نصالحك على أن لا تغزونا، و لا تخيفنا، و لا تردنا عن ديننا، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة: ألفا في صفر، و ألفا في رجب. فصالحهم النبي (صلى الله عليه و آله) على ذلك.

و رواه أيضا أبو بكر بن مردويه بأكمل من هذه الألفاظ و هذه المعاني، عن ابن عباس و الحسن و الشعبي و السدي.

و في رواية الثعلبي زيادة، و هي: قال: «و الذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران، و لو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير، و لاضطرم الوادي عليهم نارا، و لاستأصل الله نجران و أهله حتى الطير على رؤوس الشجر، و ما حال الحول على النصارى حتى هلكوا». فأنزل الله تعالى: إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ «1» الآية.

1733/ [17]- و رواه الشافعي ابن المغازلي في كتاب (المناقب) عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله، قال: قدم أهل نجران على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، العاقب و السيد «2»، فدعاهما إلى الإسلام، فقالا: أسلمنا- يا محمد- قبلك. قال: «كذبتما، إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام؟». قالا: هات «3».

قال: «حب الصليب، و شرب الخمر، و أكل الخنزير» فدعاهما إلى الملاعنة، فوعداه أن يغادياه بالغداة،

__________________________________________________

16- عنه في العمدة لابن البطرق: 189/ 290، و عنه في غاية المرام: 300/ 3، و عنه في إحقاق الحق 3: 49.

17- مناقب المغازلي: 263/ 310، شواهد التنزيل 1: 122/ 170، النور المشتعل: 49/ 3.

(1) آل عمران 3: 62.

(2) في المصدر: الطيّب.

(3)

في المصدر: فهات أنبئنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 639

فغدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخذ بيد علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، ثم أرسل إليهما، فأبيا أن يجيباه، فأقر الخراج عليهما «1»، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «و الذي بعثني بالحق نبيا لو فعلا لأمطر الله عليهما الوادي نارا».

قال جابر: نزلت فيهم هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ.

قال الشعبي: أَبْناءَنا الحسن و الحسين وَ نِساءَنا فاطمة وَ أَنْفُسَنا علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم).

قلت: الأخبار بذلك من الفريقين متضافرة، اقتصرنا على هذا اليسير مخافة الإطالة، و الله الموفق.

سورة آل عمران(3):آية 64 ..... ص : 639

قوله تعالى:

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَ لا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَ لا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [64]

1734/ [1]- محمد بن الحسن الشيباني: روي عن جعفر بن محمد (عليهما السلام): «أن الكلمة هاهنا هي شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أن عيسى عبد الله، و أنه مخلوق كآدم».

سورة آل عمران(3): الآيات 65 الي 67 ..... ص : 639

قوله تعالى:

يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَ ما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَ الْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ- إلى قوله تعالى:- حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [65- 67] 1735/ [2]- قال علي بن إبراهيم: قوله: يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَ ما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ

__________________________________________________

1- نهج البيان 1: 70 (مخطوط).

2- تفسير القمي 1: 105.

(1) في المصدر: و اقرا بالخراج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 640

وَ الْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ ثم قال: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ أي أنتم يا هؤلاء حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ يعني بما في التوراة و الإنجيل فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ يعني بما في صحف إبراهيم وَ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ثم قال: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

1736/ [2]- العياشي: عن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا لا يهوديا يصلي إلى المغرب، و لا نصرانيا يصلي إلى المشرق وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً يقول: كان على دين محمد (صلى الله

عليه و آله)».

سورة آل عمران(3): الآيات 68 الي 72 ..... ص : 640

قوله تعالى:

إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [68- 72]

1737/]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أنتم و الله من آل محمد».

فقلت: من أنفسهم، جعلت فداك؟ قال: «نعم و الله من أنفسهم» ثلاثا. ثم نظر إلي و نظرت إليه، فقال: «يا عمر، إن الله يقول في كتابه: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ».

1738/ [4]- أحمد بن محمد بن خالد: عن ابن فضال، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان الصيرفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا» ثم قال: «أنتم و الله على دين إبراهيم (عليه السلام) و منهاجه، و أنتم أولى الناس به».

1739/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) و من اتبعهم».

1740/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرني محمد بن محمد- يعني المفيد- قال: أخبرني أبو عبد الله

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 177/ 60.

3- تفسير القمّي 1: 105.

4- المحاسن: 147/ 57.

5- الكافي 1: 344/ 20.

6- الأمالي 1: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 641

الحسين بن أحمد بن المغيرة، قال: أخبرني حيدر بن محمد السمرقندي، قال:

حدثني محمد بن عمر الكشي، قال حدثني محمد بن مسعود العياشي، قال: حدثني جعفر بن معروف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمد ابن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا ابن يزيد، أنت و الله منا أهل البيت».

قلت: جعلت فداك، من آل محمد؟ قال: «إي و الله».

قلت: من أنفسهم، جعلت فداك؟ قال: «إي و الله من أنفسهم- يا عمر- أما تقرأ كتاب الله عز و جل إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ؟! أو ما تقرأ قول الله عز اسمه:

فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «1»؟!».

1741/ [5]- العياشي: عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «أنتم و الله من آل محمد».

قال: فقلت: جعلت فداك، من أنفسهم؟ قال: «من أنفسهم و الله» قالها ثلاثا. ثم نظر إلي فقال لي: «يا عمر، إن الله يقول: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ».

1742/ [6]- عن علي بن النعمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ قال: «هم الأئمة و أتباعهم».

1743/ [7]- عن أبي الصباح الكناني، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ- ثم قال:- علي و الله على دين إبراهيم و منهاجه، و أنتم أولى الناس به».

1744/ [8]- و روى الشيخ الطبرسي، قال: قال علي (عليه السلام):

«إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به» ثم تلا (عليه السلام): إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ الآية، ثم قال: «إن ولي محمد (صلى الله عليه و آله) من أطاع الله و إن بعدت لحمته، و إن عدو محمد (صلى الله عليه و آله) من عصى الله و إن قربت قرابته».

1745/ [9]- الزمخشري فى (ربيع الأبرار): قال على عليه السلام «ان اولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به» ثم تلى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ الآية، ثم قال: «ان ولى محمد (صلى الله عليه و آله) من أطاع الله و ان بعدت لحمته، و ان عدو محمد (صلى الله عليه و آله) من عصى الله و ان قربت قرابته».

1746/ [10]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ: أي تعلمون ما في التوراة من صفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تكتمونه.

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 177/ 61. [.....]

6- تفسير العيّاشي 1: 177/ 62.

7- تفسير العيّاشي 1: 178/ 63.

8- مجمع البيان 2: 770.

9- ربيع الأبرار 3: 560.

10- تفسير القمّي 1: 105.

(1) إبراهيم 14: 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 642

1747/ [1]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

وَ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَ اكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ: «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما قدم المدينة و هو يصلي نحو بيت المقدس، أعجب ذلك اليهود، فلما صرفه الله عن بيت المقدس إلى البيت الحرام وجدت «1» اليهود من

ذلك، و كان صرف القبلة صلاة الظهر، فقالوا:

صلى محمد الغداة و استقبل قبلتنا، فآمنوا بالذي انزل على محمد وجه النهار، و اكفروا آخره، يعنون القبلة حين استقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) المسجد الحرام: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إلى قبلتنا».

سورة آل عمران(3):آية 75 ..... ص : 642

وَ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ- إلى قوله تعالى- وَ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ [75] 1748/ [2]- قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ: فإن اليهود قالوا: يحل لنا أن نأخذ مال الأميين. و الأميون: الذين ليس معهم كتاب، فرد الله عليهم فقال: وَ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ.

سورة آل عمران(3):آية 77 ..... ص : 642

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [77]

1749/ [3]- الشيخ في (أماليه): عن الحفار، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة، قال: حدثنا

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 105.

2- تفسير القمّي 1: 106.

3- الأمالي 1: 368.

(1) وجدت: غضبت. «لسان العرب- وجد- 3: 446».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 643

وهب بن جرير و أبو زيد- يعني الهروي- قالا: حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «من حلف على يمين «1» يقتطع بها مال أخيه لقي الله عز و جل و هو عليه غضبان» فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا قال: فبرز الأشعث بن قيس، فقال:

في نزلت، خاصمت إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقضى علي باليمين.

1750/ [2]- عنه: عن الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة، قال:

حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثني أبي، قال: سمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حيوة، و العرس بن عميرة، و قال: حدثنا عدي ابن عدي، عن أبيه، قال: اختصم امرؤ القيس و رجل من حضر موت إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أرض، فقال:

«أ لك بينة؟» قال: لا. قال: «فبيمينه» قال: إذن و الله يذهب بأرضي قال: «إن ذهب بأرضك بيمينه كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة، و لا يزكيه، و له عذاب أليم» قال: ففزع الرجل و ردها إليه.

1751/ [3]- و عنه: عن الحفار، قال: حدثنا عثمان بن أحمد، قال: حدثنا أبو قلابة، قال: حدثنا أبو الوليد، قال:

حدثنا أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، قال: اختصم رجل من حضرموت و امرؤ القيس إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أرض، فقال: إن هذا ابتز «2» أرضي في الجاهلية. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أ لك بينة؟» قال: لا. قال: «فبيمينه» فقال: يذهب- و الله يا رسول الله- بأرضي. فقال: «إن ذهب بأرضك كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة، و لا يزكيه، و له عذاب أليم».

1752/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم «3»، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أنزل في العهد إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ

عَذابٌ أَلِيمٌ و الخلاق: النصيب، فمن لم يكن له نصيب في الآخرة فبأي شي ء يدخل الجنة؟!».

1753/ [5]- العياشي: عن علي بن ميمون الصائغ أبي الأكراد، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، و لا يزكيهم، و لهم عذاب أليم: من أدعى إمامة من الله ليست له، و من جحد إماما من الله، و من قال: إن لفلان و فلان في الإسلام نصيبا».

__________________________________________________

2- الأمالي 1: 368.

3- الأمالي 1: 368.

4- الكافي 2: 27/ 1.

5- تفسير العيّاشي 1: 178/ 64. [.....]

(1) في المصدر: حلف يمينا.

(2) بزّه: غلبه و غصبه. «لسان العرب- بزز- 5: 312».

(3) في «ط»: محمّد بن مسلم، راجع معجم رجال الحديث 16: 101 و 17: 233.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 644

1754/ [6]- عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، و لا ينظر إليهم، و لا يزكيهم، و لهم عذاب أليم: من جحد إماما من الله، أو ادعى إماما من غير الله، أو زعم أن لفلان و فلان في الإسلام نصيبا».

1755/ [7]- عن إسحاق بن أبي هلال، قال: قال علي (عليه السلام): «ألا أخبركم بأكبر الزنا؟» قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.

قال: «هي المرأة تفجر و لها زوج، فتأتي بولد فتلزمه زوجها، فتلك التي لا يكلمها الله، و لا ينظر إليها، و لا يزكيها، و لها عذاب أليم».

1756/ [8]- عن محمد الحلبي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، و لا يزكيهم، و لهم عذاب أليم: الديوث من الرجال، و الفاحش المتفحش، و الذي يسأل الناس

و في يده ظهر غنى».

1757/ [9]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، و لا ينظر إليهم، و لا يزكيهم، و لهم عذاب أليم: شيخ زان، و مقل مختال، و ملك جبار».

1758/ [10]- عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، و لا يزكيهم، و لهم عذاب أليم: المرخي ذيله من العظمة، و المزكي سلعته بالكذب، و رجل استقبلك بود صدره فيواري و قلبه ممتلئ غشا».

1759/ [11]- عن أبي ذر، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، و لا يزكيهم، و لهم عذاب أليم». قلت: من هم، خابوا و خسروا؟

قال: «المسبل «1»، و المنان، و المنفق سلعته بالحلف الكاذب». أعادها ثلاثا.

1760/ [12]- عن سلمان، قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: الأشمط «2» الزاني، و رجل مفلس مرح «3» مختال، و رجل اتخذ يمينه بضاعة فلا يشتري إلا بيمين، و لا يبيع إلا بيمين.

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 178/ 65.

7- تفسير العيّاشي 1: 178/ 66.

8- تفسير العيّاشي 1: 178/ 67.

9- تفسير العيّاشي 1: 179/ 68.

10- تفسير العيّاشي 1: 179/ 69.

11- تفسير العيّاشي 1: 179/ 70.

12- تفسير العيّاشي 1: 179/ 71.

(1) المسبل: هو المرسل ذيله تكبّرا.

(2) الشّمط: بياض شعر الرأس يخالط سواده. «مجمع البحرين- شمط- 4: 258». و هي كناية عن كبير السنّ.

(3) في «س»: مرخ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 645

1761/]- عن أبي معمر السعدي، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله: وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ» يعني

لا ينظر إليهم بخير، أي لا يرحمهم، و قد يقول العرب للرجل السيد أو الملك: لا تنظر إلينا. يعني أنك لا تصيبنا بخير، و ذلك النظر من الله إلى خلقه».

سورة آل عمران(3): الآيات 78 الي 79 ..... ص : 645

قوله تعالى:

وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَ ما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ ما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ [78- 79] 1762/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ- إلى قوله تعالى- هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قال: كان اليهود يقولون شيئا ليس في التوراة، و يقولون هو في التوراة فكذبهم الله.

1763/ [3]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ: إن عيسى لم يقل للناس: إني خلقتكم فكونوا عبادا لي من دون الله، و لكن قال لهم: كونوا ربانيين، أي علماء.

سورة آل عمران(3):آية 80 ..... ص : 645

قوله تعالى:

وَ لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَ النَّبِيِّينَ أَرْباباً [80] 1764/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: كان قوم يعبدون الملائكة، و قوم من النصارى زعموا أن عيسى (عليه السلام) رب، و اليهود قالوا: عزير ابن الله. فقال الله: وَ لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَ النَّبِيِّينَ أَرْباباً.

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 180/ 72. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 106.

3- تفسير القمّي 1: 106.

4- تفسير القمّي 1: 106.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 646

سورة آل عمران(3):آية 81 ..... ص : 646

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ- إلى قوله- مِنَ الشَّاهِدِينَ [81] 1765/ [1]- علي بن إبراهيم: إن الله أخذ ميثاق نبيه (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء أن يؤمنوا به و ينصروه و يخبروا أممهم بخبره.

1766/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما بعث الله نبيا من لدن آدم (عليه السلام) فهلم جرا إلا و يرجع إلى الدنيا و ينصر أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو قوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ يعني رسول الله وَ لَتَنْصُرُنَّهُ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قال لهم في الذر: أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي أي عهدي: قالُوا أَقْرَرْنا قالَ الله للملائكة:

فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ». و هذه مع الآية التي في سورة الأحزاب في قوله: وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ «1» الآية، و الآية التي في سورة الأعراف في قوله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ «2» قد كتبت هذه الثلاث

آيات في ثلاث سور.

1767/ [3]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن فيض بن أبي شيبة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، و تلا هذه الآية: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ الآية: «لتؤمنن برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لتنصرن عليا أمير المؤمنين (عليه السلام)- قال-: نعم و الله من لدن آدم و هلم جرا، فلم يبعث الله نبيا و لا رسولا إلا رد جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

1768/ [4]- و روى صاحب كتاب (الواحدة) قال: روى أبو محمد الحسن بن عبد الله الأطروش الكوفي، قال:

حدثنا عبد الله بن جعفر بن محمد البجلي «3»، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «قال __________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 106.

2- تفسير القمّي 1: 106.

3- مختصر بصائر الدرجات: 25.

4- .... مختصر بصائر الدرجات: 32، تأويل الآيات 1: 116/ 30.

(1) الأحزاب 33: 7.

(2) الأعراف 7: 172.

(3) في المصدرين: أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد البجلي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 647

أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تبارك و تعالى أحد واحد، تفرد في وحدانيته، ثم تكلم بكلمة فصارت نورا، ثم خلق من ذلك النور محمدا (صلى الله عليه و آله)، و خلقني و ذريتي، ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنها الله تعالى في ذلك النور، و أسكنه في أبداننا، فنحن روح الله، و كلماته، و بنا احتج على خلقه، فما زلنا

في ظلة خضراء حيث لا شمس و لا قمر، و لا ليل و لا نهار، و لا عين تطرف نعبده و نقدسه و نسبحه قبل أن يخلق خلقه، و أخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان و النصرة لنا، و ذلك قوله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ يعني لَتُؤْمِنُنَّ بمحمد (صلى الله عليه و آله) و لتنصرن وصيه، فقد آمنوا بمحمد (صلى الله عليه و آله) و لم ينصروا وصيه، و سينصرونه جميعا. و إن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد (صلى الله عليه و آله) بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمدا (صلى الله عليه و آله) و جاهدت بين يديه، و قتلت عدوه، و وفيت الله بما أخذ علي من الميثاق و العهد و النصرة لمحمد (صلى الله عليه و آله)، و لم ينصرني أحد من أنبيائه و رسله، و ذلك لما قبضهم الله إليه، و سوف ينصرونني».

1769/ [5]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي، في (كتابه) بإسناده عن فرج بن أبي شيبة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول و قد تلا هذه الآية: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ: «يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ لَتَنْصُرُنَّهُ يعني وصيه أمير المؤمنين، و لم يبعث الله نبيا و لا رسولا إلا و أخذ عليه الميثاق لمحمد (صلى الله عليه و آله) بالنبوة و لعلي (عليه السلام) بالإمامة».

1770/ [6]- العياشي: عن حبيب السجستاني، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول

الله: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ فكيف يؤمن موسى بعيسى (عليهما السلام) و ينصره و لم يدركه؟ و كيف يؤمن عيسى بمحمد (عليهما السلام) و ينصره و لم يدركه؟

فقال: «يا حبيب، إن القرآن قد طرح منه آي كثيرة، و لم يزد فيه إلا حروف أخطأت بها الكتبة «1»، و توهمتها الرجال، و هذا وهم، فاقرأها: «وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ- امم- النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ هكذا أنزلها- يا حبيب- فو الله ما وفت امة من الأمم التي كانت قبل موسى (عليه السلام) بما أخذ الله عليها من الميثاق لكل نبي بعثه الله بعد نبيها، و لقد كذبت الامة التي جاءها موسى (عليه السلام)، لما جاءها موسى (عليه السلام)، و لم يؤمنوا به و لا نصروه إلا القليل منهم، و لقد كذبت امة عيسى (عليه السلام) بمحمد (صلى الله عليه و آله) و لم يؤمنوا به و لا نصروه لما جاء إلا القليل منهم.

و لقد جحدت هذه الأمة بما أخذ عليها رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الميثاق لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، يوم أقامه للناس و نصبه لهم، و دعاهم إلى ولايته و طاعته في حياته، و أشهدهم بذلك على أنفسهم، فأي ميثاق

__________________________________________________

5- ... تأويل الآيات 1: 116/ 29.

6- تفسير العيّاشي 1: 180/ 73.

(1) لم يصرّح أحد من أصحاب الرجال بوثاقة حبيب السجستاني، و الحديث مرسل، معارض لما عليه إجماع الأمّة و علماء الطائفة من أنّ القرآن الكريم هو ما بين الدفّتين،

لم يزد فيه و لم ينقص عنه، و هو باق إلى قيام الساعة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 648

أوكد من قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟! فو الله ما وفوا، بل جحدوا و كذبوا».

1771/ [7]- عن بكير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا و هم ذر يوم أخذ الميثاق على الذر بالإقرار له بالربوبية، و لمحمد (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، و عرض الله على محمد (صلى الله عليه و آله) أئمته الطيبين و هم أظلة- قال-: خلقهم من الطينة التي خلق منها آدم- قال-: و خلق أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام، و عرض عليهم و عرفهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)، و نحن نعرفهم في لحن القول».

1772/ [8]- عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أ رأيت حين أخذ الله الميثاق على الذر في صلب آدم (عليه السلام)، فعرضهم على نفسه، كانت معاينة منهم له؟

قال: «نعم، يا زرارة، و هم ذر بين يديه، و أخذ عليهم بذلك الميثاق بالربوبية له، و لمحمد (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، ثم كفل لهم بالأرزاق و أنساهم رؤيته، و أثبت في قلوبهم معرفته، فلا بد من أن يخرج الله إلى الدنيا كل من أخذ عليه الميثاق، فمن جحد ما «1» أخذ عليه [من الميثاق لمحمد (صلى الله عليه و آله) لم ينفعه إقراره لربه بالميثاق، و من لم يجحد ميثاق محمد نفعه الميثاق لربه».

1773/ [9]- عن فيض بن أبي شيبة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، و تلا هذه الآية:

وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ إلى آخر الآية. قال: «لتؤمنن برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لتنصرن أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قلت: و لتنصرن أمير المؤمنين؟! قال: «نعم، من آدم فهلم جرا، و لا يبعث الله نبيا و لا رسولا إلا رد إلى الدنيا حتى يقاتل بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام)».

1774/ [10]- عن سلام بن المستنير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لقد تسموا باسم ما سمى الله به أحدا إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ما جاء تأويله».

قلت: جعلت فداك متى يجي ء تأويله؟

قال: «إذا جاء جمع الله أمامه النبيين و المؤمنين حتى ينصروه، و هو قول الله: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ إلى قوله تعالى: وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ فيومئذ «2» يدفع رسول الله (صلى الله عليه و آله) اللواء إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيكون أمير الخلائق كلهم أجمعين، يكون الخلائق كلهم تحت لوائه، و يكون هو أميرهم، فهذا تأويله».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 180/ 74. [.....]

8- تفسير العيّاشي 1: 181/ 75.

9- تفسير العيّاشي 1: 181/ 76.

10- تفسير العيّاشي 1: 181/ 77.

(1) في «ط»: ممّا.

(2) زاد في «ط» و المصدر: راية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 649

سورة آل عمران(3): الآيات 83 الي 91 ..... ص : 649

قșęǠتعالى:

أَ فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ- إلى قوله تعالى:- وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ [83- 91]

1775/ [1]- العياشي: عن عمار بن أبي الأحوص، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى خلق في مبتدأ الخلق بحرين: أحدهما عذب فرات،

و الآخر ملح أجاج، ثم خلق تربة آدم (عليه السلام) من البحر العذب الفرات، ثم أجراه على البحر الأجاج، فجعله حمأ مسنونا، و هو خلق آدم (عليه السلام)، ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيمن، فذرأها في صلب آدم، فقال: هؤلاء في الجنة و لا أبالي [ثم قبض من كتف آدم الأيسر فذرأها في صلب آدم، فقال:

هؤلاء في النار و لا أبالي و لا اسأل عما أفعل و لي في هؤلاء البداء بعد و في هؤلاء، و هؤلاء سيبتلون» «1».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فاحتج يومئذ أصحاب الشمال و هم ذر على خالقهم، فقالوا: يا ربنا بم أوجبت لنا النار و أنت الحكم العدل من قبل أن تحتج علينا و تبلونا بالرسل و تعلم طاعتنا لك و معصيتنا؟ فقال الله تبارك و تعالى: فأنا أخبركم بالحجة عليكم الآن في الطاعة و المعصية و الإعذار بعد الإخبار».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فأوحى الله إلى مالك خازن النار، أن مر النار تشهق، ثم تخرج عنقا منها، فخرجت لهم، ثم قال الله لهم: ادخلوها طائعين. فقالوا: لا ندخلها طائعين. ثم قال: ادخلوها طائعين أو لأعذبنكم بها كارهين.

قالوا: إنما هربنا إليك منها، و حاججناك فيها حيث أو جبتها علينا، و صيرتنا من أصحاب الشمال، فكيف ندخلها طائعين؟ و لكن ابدأ بأصحاب اليمين في دخولها كي تكون قد عدلت فينا و فيهم».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فأمر أصحاب اليمين و هم ذر بين يديه، فقال: ادخلوا هذه النار طائعين. قال:

فطفقوا يتبادرون في دخولها فولجوا فيها جميعا، فصيرها الله عليهم بردا و سلاما، ثم أخرجهم منها، ثم إن الله تبارك و تعالى نادى في أصحاب اليمين و

أصحاب الشمال: أ لست بربكم؟ فقال أصحاب اليمين: بلى يا ربنا، نحن بريتك و خلقك مقرين طائعين. و قال أصحاب الشمال: بلى يا ربنا نحن بريتك و خلقك كارهين. و ذلك قول الله: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ- قال-: توحيدهم لله».

1776/ [2]- عن عباية الأسدي: أنه سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ أ كان ذلك بعد؟». قلت: نعم، يا أمير المؤمنين.

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 182/ 78.

2- تفسير العيّاشي 1: 183/ 79.

(1) في «ط»: سيسألون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 650

قال: «كلا و الذي نفسي بيده، حتى يدخل المرأة بمن عذب آمنين، لا يخاف حية و لا عقربا فما سوى ذلك» «1».

1777/ [3]- عن صالح بن ميثم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً.

قال: «ذلك حين يقول علي (عليه السلام): أنا أولى الناس بهذه الآية وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ إلى قوله: كاذِبِينَ «2»».

1778/ [4]- عن رفاعة بن موسى، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً. قال: «إذا قام القائم (عليه السلام) لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله».

1779/ [5]- عن ابن بكير، قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً. قال:

«أنزلت في القائم (عليه السلام) إذا خرج باليهود و النصارى و الصابئين و الزنادقة و أهل الردة و الكفار في شرق الأرض و غربها، فعرض عليهم الإسلام، فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة و الزكاة و ما يؤمر به المسلم و يجب لله تعالى عليه، و من لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق و المغارب أحد إلا وحد الله».

قلت له: جعلت فداك، إن الخلق أكثر من ذلك؟ فقال: «إن الله إذا أراد أمرا قلل الكثير و كثر القليل».

1780/ [6]- ابن بابويه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم و يعقوب بن يزيد جميعا، عن ابن فضال، عن ابن بكير «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول في قوله عز و جل: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً. قال: «هو توحيدهم لله عز و جل».

1781/ [7]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري بالبصرة، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: حدثني أبي، قال: سمعت محمد بن عون ابن عبد الله بن الحارث يحدث عن أبيه، عن عبد الله بن العباس في هذه الآية: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً. قال: أسلمت الملائكة في السماء، و المؤمنون في الأرض طوعا، أولهم و سابقهم من

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 183/ 80.

4- تفسير العيّاشي 1: 183/ 81، ينابيع المودة: 421.

5- تفسير العيّاشي 1: 183/ 82.

6- التوحيد: 46/ 7.

7- الأمالي 2: 117.

(1) كذا، و لا يخلو الحديث من اضطراب في ألفاظه، و الظاهر أنّه «حتّى تدخل المرأة بمن عزب آمنة،

و لا تخاف حيّة و لا عقرب ...». [.....]

(2) النّحل 16: 38- 39.

(3) في المصدر: ابن بكير، عن زرارة، و ابن بكير يروي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و عن زرارة، انظر معجم رجال الحديث 7: 248 و 22: 161.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 651

هذه الامة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و لكل امة سابق، و أسلم المنافقون كرها، و كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) أول الامة إسلاما، و أولهم من رسول الله للمشركين قتالا، و قاتل من بعده المنافقين و من أسلم كرها.

1782/ [8]- عنه: بإسناده قال أبو محمد الفحام: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي المنصوري، قال: حدثني عم أبي: أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور، قال: حدثني الإمام علي بن محمد العسكري، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليهم السلام) قال: «كنت عند سيدنا الصادق (عليه السلام) إذ دخل عليه أشجع السلمي «1» يمدحه فوجده عليلا، فجلس و أمسك، فقال له سيدنا الصادق (عليه السلام): عد عن العلة، و اذكر ما جئت له. فقال له:

ألبسك الله منه عافية في نومك المعتري و في أرقك يخرج من جسمك السقام كما أخرج ذل السؤال من عنقك فقال: يا غلام، أي شي ء معك؟ قال: أربعمائة درهم. قال: أعطها للأشجع. قال: فأخذها و شكر، و ولى. فقال: ردوه.

فقال: يا سيدي، سألت فأعطيت فأغنيت، فلم رددتني؟ قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: خير العطاء ما أبقى نعمة باقية، و إن الذي أعطيتك لا يبقي لك

نعمة باقية، و هذا خاتمي فإن أعطيت به عشرة آلاف درهم، و إلا فعد إلي وقت كذا و كذا اوفك إياها.

قال: يا سيدي، قد أغنيتني و أنا كثير الأسفار، و أحصل في المواضع المفزعة فتعلمني ما آمن به على نفسي؟

قال: إذا خفت أمرا فاترك يمينك على ام رأسك، و اقرأ برفيع صوتك أَ فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ.

قال أشجع: فحصلت في واد «2» تعبث فيه الجن، فسمعت قائلا يقول: خذوه. فقرأتها، فقال قائل: كيف نأخذه و قد احتجز بآية طيبة؟».

1783/]

- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ قال: أغير هذا الدين «3» قلت لكم أن تقروا بمحمد و وصيه وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً أي فرقا من السيف. ثم أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) بالإقرار بالأنبياء و الرسل و الكتب، فقال: قُلْ يا محمد آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى وَ عِيسى وَ ما أوتي

__________________________________________________

8- الأمالي 1: 287.

9- تفسير القمي 1: 107.

(1) هو أشجع بن عمرو السلمي، كان شاعرا مفلقا، مكثرا سائر الشعر، معدودا في فحول الشعراء، عده ابن شهر آشوب من شعراء أهل البيت المتكلفين. انظر ترجمته في تاريخ بغداد 7: 45، معالم العلماء: 153، أعيان الشيعة 3: 447- 459.

(2) في المصدر: دار.

(3) في المصدر: الذي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 652

النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.

1784/ [10]- العياشي: عن حنان بن سدير، عن أبيه،

قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): هل كان ولد يعقوب أنبياء؟ قال: «لا، و لكنهم كانوا أسباط أولاد الأنبياء، لم يكونوا فارقوا الدنيا إلا سعداء، تابوا و تذكروا ما صنعوا».

1785/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: و قوله: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ فإنه محكم، ثم ذكر الله عز و جل: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ «1» في أمير المؤمنين (عليه السلام) و كفروا بعد الرسول، فقال: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَ شَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَ جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ماتُوا وَ هُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْ ءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَ لَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ فهذه كلها في أعداء آل محمد (صلى الله عليه و آله).

1786/ [12]- الطبرسي في (مجمع البيان)، في قوله: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ- إلى قوله تعالى- إِلَّا الَّذِينَ تابُوا قيل: نزلت الآيات في رجل من الأنصار يقال له: الحارث بن سويد بن الصامت، و كان قتل المجذر بن زياد البلوي غدرا و هرب، و ارتد عن الإسلام، و لحق بمكة، ثم ندم فأرسل إلى قومه أن يسألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) هل لي من توبة؟ فسألوا، فنزلت الآيات إلى قوله: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا

فحملها إليه رجل من قومه، فقال: إني لأعلم أنك لصدوق، و أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصدق منك، و أن الله تعالى أصدق الثلاثة. و رجع إلى المدينة، و تاب و حسن إسلامه. قال الطبرسي: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة آل عمران(3):آية 92 ..... ص : 652

قوله تعالى:

لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [92]

1787/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمر بن عبد العزيز، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «لن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون، هكذا فاقرأها».

1788/ [2]- عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا،

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 184/ 83.

11- تفسير القمّي 1: 107.

12- مجمع البيان 2: 789.

1- الكافي 8: 183/ 209.

2- الكافي 2: 126/ 1.

(1) البقرة 2: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 653

عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «1» ما هذا الإحسان؟

فقال: «الإحسان أن تحسن صحبتهما، و أن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا [مما يحتاجان إليه ، و إن كانا مستغنيين، أليس الله عز و جل يقول: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ».

1789/ [3]- العياشي: عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون». هكذا قرأها.

1790/ [4]- عن المفضل بن عمر، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) يوما و معي شي ء فوضعته بين يديه، فقال: «ما هذا»؟ فقلت: هذه صلة مواليك و عبيدك. قال: فقال لي: «يا مفضل، إني

لا أقبل ذلك، و ما أقبله من حاجة بي «2» إليه، و ما أقبله إلا ليزكوا به».

ثم قال: «سمعت أبي يقول: من مضت له سنة لم يصلنا من ماله، قل أو كثر، لم ينظر الله إليه يوم القيامة، إلا أن يعفو الله عنه».

ثم قال: «يا مفضل، إنها فريضة، فرضها الله على شيعتنا في كتابه إذ يقول: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ فنحن البر و التقوى، و سبيل الهدى، و باب التقوى، و لا يحجب دعاؤنا عن الله، اقتصروا على حلالكم، و حرامكم، فسلوا عنه، و إياكم أن تسألوا أحدا من الفقهاء عما لا يعنيكم «3» و عما ستر الله عنكم».

1791/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن شعيب، عن الحسين بن الحسن، عن عاصم، عن يونس، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان يتصدق بالسكر، فقيل له:

أ تتصدق بالسكر؟ فقال: «نعم، إنه ليس شي ء أحب إلي منه، فأنا أحب أن أتصدق بأحب الأشياء إلي».

1792/ [6]- علي بن إبراهيم: أي لن تنالوا الثواب حتى تردوا إلى آل محمد (صلى الله عليه و آله) حقهم من الخمس و الأنفال و الفي ء.

1793/ [7]- أبو علي الطبرسي: يروى عن ابن عمر: أن النبي (صلى الله عليه و آله) سئل عن هذه الآية، فقال: «هو أن ينفق العبد المال و هو شحيح يأمل الدنيا، و يرجو الغنى، و يخاف الفقر».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 184/ 84. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 184/ 85.

5- الكافي 4: 61/ 3.

6- تفسير القمّي 1: 107.

7- مجمع البيان 2: 793.

(1) البقرة 2: 83، النّساء 4: 36، الأنعام 6: 151، الأسراء 17: 23.

(2)

في المصدر: من حاجتي.

(3) في «ط»: لا يغنيكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 654

سورة آل عمران(3):آية 93 ..... ص : 654

قوله تعالى:

كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ- إلى قوله تعالى- إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [93] 1794/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: إن يعقوب كان يصيبه عرق النسا، فحرم على نفسه لحم الجمل، فقالت اليهود: إن لحم الجمل محرم في التوراة. فقال الله عز و جل لهم: قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إنما حرم هذا إسرائيل على نفسه، و لم يحرمه على الناس، و هذا حكاية عن اليهود و لفظه لفظ الخبر.

1795/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد أو غيره، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة، فحرم على نفسه لحم الإبل، و ذلك قبل أن تنزل التوراة، فلما نزلت التوراة لم يحرمه و لم يأكله».

1796/ [3]- العياشي: عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ.

قال: «إن إسرائيل كان إذا أكل لحوم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة، فحرم على نفسه لحم الإبل، و ذلك من قبل أن تنزل التوراة، فلما أنزلت التوراة لم يحرمه و لم يأكله».

1797/ [4]- عن عمر بن يزيد، قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن رجل دبر مملوكه، هل له أن يبيع «1» عنقه «2»؟ قال: كتب: كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ

إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ.

سورة آل عمران(3):آية 95 ..... ص : 654

قوله تعالى:

قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [95]

1798/ [5]- العياشي: عن حبابة الوالبية، قالت: سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام) يقول: «ما أعلم أحدا

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 107.

2- الكافي 5: 306/ 9.

3- تفسير العيّاشي 1: 184/ 86.

4- تفسير العيّاشي 1: 185/ 87.

5- تفسير العيّاشي 1: 185/ 88.

(1) في «س، ط»: يتبع.

(2) في «ط» و المصدر: عتقه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 655

على ملة إبراهيم (عليه السلام) إلا نحن و شيعتنا» قال صالح: ما أحد على ملة إبراهيم (عليه السلام) قال جابر: ما أعلم أحدا على ملة إبراهيم (عليه السلام).

سورة آل عمران(3): الآيات 96 الي 97 ..... ص : 655

قوله تعالى:

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً [96- 97]

1799/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن أبي زرارة التميمي، عن أبي حسان، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لما أراد الله عز و جل أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربن وجه الماء حتى صار موجا، ثم أزبد فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحا الأرض من تحته، و هو قول الله عز و جل: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً».

و روى أيضا عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله.

1800/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن محبوب، عن ابن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي

بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ ما هذه الآيات البينات؟

قال: «مقام إبراهيم (عليه السلام) حيث قام على الحجر فأثرت فيه قدماه، و الحجر الأسود، و منزل إسماعيل».

1801/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أقوم اصلي بمكة، و المرأة بين يدي جالسة أو مارة؟

فقال: «لا بأس، إنما سميت بكة لأنها تبك فيها الرجال و النساء».

1802/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً البيت عنى أم الحرم؟

قال: «من دخل الحرم من الناس مستجيرا به فهو آمن من سخط الله، و من دخله من الوحوش و الطير كان آمنا

__________________________________________________

1- الكافي 4: 189/ 7.

2- الكافي 4: 223/ 1.

3- الكافي 4: 526/ 7.

4- الكافي 4: 226/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 656

من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم».

1803/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال سألته عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

قال: «إذا أحدث العبد جناية في غير الحرم ثم فر إلى الحرم لم ينبغ «1» لأحد أن يأخذه في الحرم، و لكن يمنع من السوق، و لا يبايع، و لا يطعم، و لا يسقى، و لا يكلم، فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيؤخذ، و إذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد

في الحرم، لأنه لم يرع للحرم حرمة» «2».

1804/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

قال: «إن سرق سارق بغير مكة أو جنى جناية على نفسه ففر إلى مكة، لم يؤخذ ما دام في الحرم حتى يخرج منه، و لكن يمنع من السوق، و لا يبايع، و لا يجالس حتى يخرج منه فيؤخذ، و إذا أحدث في الحرم ذلك الحدث أخذ فيه».

1805/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، و الحجال، عن ثعلبة، عن أبي خالد القماط، عن عبد الخالق الصيقل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً. فقال: «لقد سألتني عن شي ء ما سألني أحد إلا من شاء الله».

قال: «من أم هذا البيت و هو يعلم أنه البيت الذي أمره الله عز و جل به، و عرفنا أهل البيت حق معرفتنا، كان آمنا في الدنيا و الآخرة».

1806/]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن طير أهلي أقبل فدخل الحرم.

قال: «لا يمس، لأن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً».

1807/ [9]- عنه: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

قال: «في قائمنا

أهل البيت، فمن بايعه، و دخل معه، و مسح على يده، و دخل في عقد أصحابه، كان آمنا».

__________________________________________________

5- الكافي 4: 226/ 2.

6- الكافي 4: 227/ 3.

7- الكافي 4: 545/ 25.

8- علل الشرائع: 451/ 1 باب 206.

9- علل الشرائع: 91/ 5.

(1) في المصدر: لم يسع.

(2) في المصدر: حرمته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 657

1808/ [10]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن العرزمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنما سميت مكة بكة لأن الناس يتباكون فيها».

1809/ [11]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) لم سميت الكعبة بكة؟ فقال: «لبكاء الناس حولها و فيها».

1810/ [12]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس «1»، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن سعيد بن عبد الله الأعرج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «موضع البيت بكة، و القرية مكة».

1811/ [13]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن فضالة، عن أبان، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إنما سميت مكة بكة لأنها تبك بها الرجال و النساء، و المرأة تصلي بين يديك و عن يمينك و عن شمالك و معك، و لا بأس بذلك، إنما يكره ذلك في سائر البلدان».

1812/

[14]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) لم سميت مكة بكة؟ قال: «لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها بالأيدي».

1813/ [15]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يجني الجناية في غير الحرم، ثم يلجأ إلى الحرم.

قال: «لا يقام عليه الحد، و لا يكلم، و لا يسقى، و لا يطعم، و لا يباع، فإذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيقام عليه الحد، و إذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم، لأنه لم ير للحرم حرمة».

1814/ [16]- العياشي: عن عبد الصمد بن سعد، قال: طلب أبو جعفر أن يشتري من أهل مكة بيوتهم أن يزيده في المسجد، فأبوا، فأرغبهم فامتنعوا، فضاق بذلك فأتى أبا عبد الله (عليه السلام) فقال له: إني سألت هؤلاء شيئا

__________________________________________________

10- علل الشرائع: 397/ 1 باب 137.

11- علل الشرائع: 397/ 2.

12- علل الشرائع: 397/ 3. [.....]

13- علل الشرائع: 397/ 4.

14- علل الشرائع: 398/ 5.

15- تفسير القمّي 1: 108.

16- تفسير العيّاشي 1: 185/ 89.

(1) في المصدر: حدثنا إدريس، و الصواب ما في المتن، و هو من مشايخ ابن بابويه، و الراوي عن ابن عيسى كثيرا، راجع معجم رجال الحديث 2: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 658

من منازلهم و أفنيتهم، لنزيد في المسجد، و قد منعوني ذلك فقد غمني غما شديدا.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «لم يغمك ذلك و

حجتك عليهم فيه ظاهرة؟». فقال: و بما أحتج عليهم؟ فقال:

«بكتاب الله».

فقال: في أي موضع؟

فقال: «قول الله: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ قد أخبرك الله تعالى أن أول بيت وضع للناس هو الذي ببكة، فإن كانوا هم تولوا قبل البيت فلهم أفنيتهم، و إن كان البيت قديما قبلهم فله فناؤه».

فدعاهم أبو جعفر فاحتج عليهم بهذا، فقالوا له: اصنع ما أحببت.

1815/ [17]- عن الحسن بن علي بن النعمان، قال: لما بنى المهدي في المسجد الحرام بقيت دار في تربيع المسجد فطلبها من أربابها فامتنعوا، فسأل عن ذلك الفقهاء، فكل قال له: أنه لا ينبغي أن يدخل شيئا في المسجد الحرام غصبا.

فقال له علي بن يقطين: يا أمير المؤمنين، لو كتبت إلى موسى بن جعفر (عليهما السلام) لأخبرك بوجه الأمر في ذلك. فكتب إلى و الي المدينة أن يسأل موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن دار أردنا أن ندخلها في المسجد الحرام، فامتنع علينا صاحبها، فكيف المخرج من ذلك؟ فقال ذلك لأبي الحسن (عليه السلام)، فقال أبو الحسن (عليه السلام):

«و لا بد من الجواب في هذا؟» فقال له: الأمر لا بد منه.

فقال له: «اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، إن كانت الكعبة هي النازلة بالناس فالناس أولى بفنائها، و إن كان الناس هم النازلون بفناء الكعبة فالكعبة أولى بفنائها» فلما أتى الكتاب المهدي أخذ الكتاب فقبله ثم أمر بهدم الدار، فأتى أهل الدار أبا الحسن (عليه السلام) فسألوه أن يكتب لهم إلى المهدي كتابا في ثمن دارهم، فكتب إليه «أن أرضخ «1» لهم شيئا». فأرضاهم.

1816/ [18]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان الله تبارك و تعالى كما وصف نفسه، و كان عرشه

على الماء و الماء على الهواء و الهواء لا يجري، و لم يكن غير الماء خلق، و الماء يومئذ عذب فرات، فلما أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرياح الأربع فضربن الماء حتى صار موجا، ثم أزبد زبدة واحدة، فجمعه في موضع البيت، فأمر الله فصار جبلا من الزبد، ثم دحا الأرض من تحته، ثم قال: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ».

1817/ [19]- عن زرارة، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن البيت، أ كان يحج إليه قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه و آله)؟

__________________________________________________

17- تفسير العيّاشي 1: 185/ 90.

18- تفسير العيّاشي 1: 186/ 91.

19- تفسير العيّاشي 1: 186/ 92.

(1) الرّضخ: العطاء. «لسان العرب- رضخ- 3: 19».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 659

قال: «نعم، لا يعلمون أن الناس قد كانوا يحجون، و نخبركم أن آدم و نوحا و سليمان (عليهم السلام) قد حجوا البيت بالجن و الإنس و الطير، و لقد حجه موسى (عليه السلام) على جمل أحمر، يقول: لبيك لبيك، فإنه كما قال الله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ».

1818/ [20]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «مكة جملة القرية، و بكة موضع الحجر الذي يبك الناس بعضهم بعضا».

1819/ [21]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن بكة موضع البيت، و إن مكة الحرم، و ذلك قوله:

وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً».

1820/ [22]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته: لم سميت مكة ببكة؟ قال: «لأن الناس يبك بعضهم بعضا بالأيدي».

1821/ [23]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن بكة

موضع البيت، و إن مكة جميع ما اكتنفه الحرم».

1822/ [24]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنه وجد في حجر «1» من حجرات البيت مكتوبا:

إني أنا الله ذو بكة، خلقتها يوم خلقت السماوات و الأرض، و يوم خلقت الشمس و القمر، و خلقت الجبلين و حففتهما بسبعة أملاك حفا. و في حجر آخر: هذا بيت الله الحرام ببكة تكفل الله برزق أهله من ثلاث سبل، مبارك «2» لهم في اللحم و الماء، أول من نحله إبراهيم (عليه السلام)».

1823/ [25]- عن علي بن جعفر بن «3» محمد، عن أخيه موسى (عليهم السلام)، قال: سألته عن مكة لم سميت بكة؟ قال: «لأن الناس يبك بعضهم بعضا بالأيدي» يعني يدفع بعضهم بعضا بالأيدي في المسجد حول الكعبة.

1824/ [26]- عن ابن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ فما هذه

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 1: 187/ 93.

21- تفسير العيّاشي 1: 187/ 94.

22- تفسير العيّاشي 1: 187/ 95.

23- تفسير العيّاشي 1: 187/ 96.

24- تفسير العيّاشي 1: 187/ 97. [.....]

25- تفسير العيّاشي 1: 187/ 98.

26- تفسير العيّاشي 1: 187/ 99.

(1) في المصدر: حجرين.

(2) في المصدر: منازل.

(3) في «س و ط»: عن، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو يروي عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) كثيرا. راجع رجال النجاشي: 251، مجمع الرجال 4: 173.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 660

الآيات البينات؟ قال: «مقام إبراهيم (عليه السلام) حين قام عليه، فأثرت قدماه فيه، و الحجر، و منزل إسماعيل (عليه السلام)».

1825/ [27]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قوله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

قال: «يأمن فيه كل

خائف ما لم يكن عليه حد من حدود الله ينبغي أن يؤخذ به».

قلت: فيأمن فيه من حارب الله و رسوله و سعى في الأرض فسادا؟ قال: «هو مثل الذي يكمن» بالطريق فيأخذ الشاة أو الشي ء، فيصنع به الإمام ما شاء».

قال: و سألته عن طائر يدخل الحرم؟ قال: «لا يؤخذ و لا يمس، لأن الله يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً».

1826/ [28]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قلت: أ رأيت قوله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً البيت عنى أو الحرم؟

قال: «من دخل الحرم من الناس مستجيرا به فهو آمن، و من دخل البيت من المؤمنين مستجيرا به فهو آمن من سخط الله، و من دخل الحرم من الوحش و السباع و الطير فهو آمن من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم».

1827/ [29]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من دخل مكة المسجد الحرام يعرف من حقنا و حرمتنا ما عرف من حقها و حرمتها غفر الله له ذنبه، و كفاه ما أهمه من أمر الدنيا و الآخرة، و هو قوله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً».

1828/ [30]- عن المثنى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) و سألته عن قول الله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

قال: «إذا أحدث السارق في غير الحرم ثم دخل الحرم لم ينبغ لأحد أن يأخذه، و لكن يمنع من السوق، و لا يبايع، و لا يكلم، فإنه إذا فعل ذلك به أوشك أن يخرج فيؤخذ، و إذا أخذ أقيم عليه الحد، فإن أحدث في الحرم أخذ و أقيم عليه الحد في الحرم، لأن من جنى في الحرم أقيم عليه الحد

في الحرم».

1829/ [31]- و قال عبد الله بن سنان: سمعته (عليه السلام) يقول فيما ادخل الحرم مما صيد في الحل، قال: «إذا دخل الحرم فلا يذبح، إن الله يقول: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً».

1830/ [32]- عن عمران الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

قال: «إذا أحدث العبد في غير الحرم ثم فر إلى الحرم لم ينبغ أن يؤخذ، و لكن يمنع منه السوق، و لا يبايع،

__________________________________________________

27- تفسير العيّاشي 1: 188/ 100.

28- تفسير العيّاشي 1: 189/ 101.

29- تفسير العيّاشي 1: 189/ 102.

30- تفسير العيّاشي 1: 189/ 103.

31- تفسير العيّاشي 1: 189/ 104.

32- تفسير العيّاشي 1: 189/ 105.

(1) في «ط»: يكن، و في المصدر: نكر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 661

و لا يطعم، و لا يسقى، و لا يكلم، فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيؤخذ، و إن كان إحداثه في الحرم أخذ في الحرم».

1831/ [33]- عن عبد الخالق الصيقل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

فقال: «لقد سألتني عن شي ء ما سألني عنه أحد، إلا ما شاء الله- ثم قال-: إن من أم هذا البيت و هو يعلم أنه البيت الذي أمر الله به، و عرفنا أهل البيت حق معرفتنا كان آمنا في الدنيا و الآخرة».

1832/ [34]- عن علي بن عبد العزيز، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، قول الله: آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً و قد يدخله المرجئ و القدري و الحروري و الزنديق الذي لا يؤمن بالله؟

قال: «لا، و لا كرامة».

قلت: فمن جعلت فداك؟ قال: «من دخله و هو عارف

بحقنا كما هو عارف له، خرج من ذنوبه و كفي هم الدنيا و الآخرة».

1833/ [35]- المفيد في (الاختصاص): عن النبي (صلى الله عليه و آله) و قد سئل عن أول ركن وضع الله في الأرض.

قال (صلى الله عليه و آله): «الركن الذي بمكة، و ذلك قوله: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً». قال:

صدقت، يا محمد.

1834/ [36]- ابن شهر آشوب: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ فقال له رجل: أهو أول بيت؟

قال: «لا، قد كان قبله بيوت، و لكنه أول بيت وضع للناس مباركا، فيه الهدى و الرحمة و البركة، و أول من بناه إبراهيم (عليه السلام)، ثم بناه قوم من العرب من جرهم «1»، ثم هدم فبنته «2» العمالقة، ثم هدم فبنته قريش».

قوله تعالى:

وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ [97]

__________________________________________________

33- تفسير العيّاشي 1: 189/ 106.

34- تفسير العيّاشي 1: 190/ 107. [.....]

35- الاختصاص: 50.

36- المناقب 2: 43.

(1) جرهم: حيّ من اليمن، نزلوا مكّة، و تزوج فيهم إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام). «لسان العرب- جرهم- 12: 7»

(2) (العمالقة ثم هدم فبنته) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 662

1835/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي، و محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي جميعا، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل فرض الحج على أهل الجدة «1» في كل عام، و ذلك قوله عز و جل: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا

وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ».

قال: قلت: فمن لم يحج منا فقد كفر؟ فقال: «لا، و لكن من قال: ليس هذا هكذا، فقد كفر».

1836/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير «2»، عن عمر بن أذينة، قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) مسائل بعضها مع ابن بكير، و بعضها مع أبي العباس، فجاء الجواب بإملائه (عليه السلام): «سألت عن قول الله عز و جل: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا يعني به الحج و العمرة جميعا لأنهما مفروضان».

1837/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ما السبيل؟

قال: «أن يكون له ما يحج به».

قال: قلت: من عرض عليه ما يحج به فاستحيا من ذلك، أهو ممن يستطيع إليه سبيلا؟ قال: «نعم، ما شأنه يستحيي؟ و لو يحج على حمار أجدع «3» أبتر «4»، فإن كان يطيق أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليحج».

1838/ [4]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعمي، قال: سأل حفص الكناسي أبا عبد الله (عليه السلام) و أنا حاضر «5»، عن قول الله عز و جل: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ما يعني بذلك؟

__________________________________________________

1- الكافي 4: 265/ 5.

2- الكافي 4: 264/ 1.

3- الكافي 4: 266/ 1.

4- الكافي 4: 267/ 2.

(1) الجدة: الغنى. «مجمع البحرين- وجد- 3: 155».

(2) في «ط» زيادة: عن عمر

بن أذينة، و الصواب ما في المتن، لأنّ عمر بن أذينة لا يروي عن حمّاد بن عثمان، و روى ابن أبي عمير عن حمّاد بلا واسطة في موارد كثيرة، راجع معجم رجال الحديث 6: 217 و 14: 287.

(3) الأجدع: المقطوع الاذن. «مجمع البحرين- جدع- 4: 309».

(4) الأبتر: المقطوع الذنب. «مجمع البحرين- بتر- 3: 213».

(5) في المصدر: و أنا عنده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 663

قال: «من كان صحيحا في بدنه، مخلى سر به «1»، له زاد و راحلة، فهو ممن يستطيع الحج- أو قال-: ممن كان له مال».

قال: فقال له حفص الكناسي: فإذا كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد و راحلة، فلم يحج، فهو ممن يستطيع الحج؟ فقال: «نعم».

1839/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. فقال (عليه السلام):

«ما يقول الناس؟» قال: فقيل له: الزاد، و الراحلة.

قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «قد سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن هذا فقال: هلك الناس إذن، لئن كان من كان له زاد و راحلة قدر ما يقول عليا له، و يستغني به عن الناس، ينطلق إليه «2»، فيسلبهم إياه، فقد هلكوا».

فقيل له: فما السبيل؟ فقال: «السعة في المال، إذا كان يحج ببعض و يبقي بعضا يقوت به عياله، أليس قد فرض الله الزكاة، فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم؟».

1840/ [6]- و عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن السكوني، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سأله رجل من أهل القدر، فقال: يا ابن رسول الله، أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا أليس قد جعل الله لهم الاستطاعة؟ فقال:

«ويحك، إنما يعني بالاستطاعة الزاد و الراحلة، ليس استطاعة البدن».

فقال الرجل: أ فليس إذا كان الزاد و الراحلة فهو مستطيع للحج؟

فقال: «ويحك، ليس كما تظن، قد ترى الرجل عنده المال الكثير أكثر من الزاد و الراحلة فهو لا يحج حتى يأذن الله تعالى في ذلك».

1841/ [7]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا؟

قال: «هذه لمن كان عنده مال و صحة، و إن كان سوفه «3» للتجارة فلا يسعه، فإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام، إذ هو يجد ما يحج به، و إن كان دعاه قوم أن يحجوه فاستحيا فلم يفعل، فإنه لا يسعه إلا الخروج و لو على حمار أجدع أبتر».

__________________________________________________

5- الكافي 4: 267/ 3. [.....]

6- الكافي 4: 268/ 5.

7- التهذيب 5: 18/ 52.

(1) أي موسّع عليه غير مضيّق عليه. «أقرب الموارد- سرب- 1: 508».

(2) أي إلى الحجّ. و في «ط»: ينطلق إليهم فيسألهم.

(3) التسويف: التأخير. «مجمع البحرين- سوف- 5: 73».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 664

و عن قوله عز و جل: وَ مَنْ كَفَرَ قال: «يعني: من ترك».

1842/ [8]- عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن معاوية بن وهب، عن صفوان، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي

جعفر (عليه السلام): قوله تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا؟ قال: «إن يكون له ما يحج به».

قلت: فإن عرض عليه الحج فاستحيا؟ قال: «هو ممن يستطيع، و لم يستحيي؟! و لو على حمار أجدع أبتر- قال-: فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليفعل».

1843/ [9]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين «1»، عن القاسم بن محمد، عن علي، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال: «يمشي إن لم يكن عنده».

قلت: لا يقدر على المشي؟ قال: «يمشي و يركب».

قلت: لا يقدر على ذلك؟ قال: «يخدم القوم و يخرج [معهم ».

قال الشيخ: هذا الخبر محمول على الاستحباب.

1844/ [10]- العياشي: عن إبراهيم بن علي، عن عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.

قال: «هذا لمن كان عنده مال و صحة، فإن سوفه للتجارة فلا يسعه ذلك، و إن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام، إذا ترك الحج و هو يجد ما يحج به، و إن دعاه أحد إلى أن يحمله فاستحيا فلا يفعل، فإنه لا يسعه إلا أن يخرج و لو على حمار أجدع أبتر، و هو قول الله: وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ- قال-:

و من ترك فقد كفر، و لم لا يكفر و قد ترك

شريعة من شرائع الإسلام؟! يقول الله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ «2» فالفريضة: التلبية و الإشعار و التقليد، فأي ذلك فعل فقد فرض الحج، و لا فرض إلا في هذه الشهور التي قال الله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ».

1845/ [11]- عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «بني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، و الزكاة، و الصوم، و الحج، و الولاية».

__________________________________________________

8- التهذيب 5: 3/ 4.

9- التهذيب 5: 10/ 26، الاستبصار 2: 141.

10- تفسير العيّاشي 1: 190/ 108.

11- تفسير العيّاشي 1: 191/ 109.

(1) في المصدر: الحسين بن سعيد.

(2) البقرة 2: 197.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 665

قال: قلت: فأي ذلك أفضل؟ قال: «الولاية أفضلهن لأنها مفتاحهن، و الوالي هو الدليل عليهن».

قال: قلت: ثم الذي يلي في الفضل؟ قال: قال: «فالصلاة، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: الصلاة عمود دينكم».

قال: قلت: الذي يليها في الفضل؟ قال: «الزكاة، لأنه قرنها بها، و بدأ بالصلاة قبلها، و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الزكاة تذهب الذنوب».

قال: قلت: فالذي يليها في الفضل؟ قال: «الحج، لأن الله يقول: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ، و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لحجة متقبلة خير من عشرين صلاة نافلة، و من طاف بهذا البيت طوافا أحصى فيه سبوعه»

و أحسن ركعتيه غفر له. و قال يوم عرفة و يوم المزدلفة ما قال».

قال: قلت: ثم ماذا يتبعه؟ قال: «ثم الصوم».

قال: قلت: فما بال الصوم آخر ذلك أجمع؟ فقال: «قال رسول الله (صلى الله

عليه و آله): الصوم جنة من النار». قال:

ثم قال: «إن أفضل الأشياء ما إذا كان فاتك لم يكن لك منه التوبة دون أن ترجع إليه فتؤديه بعينه، إن الصلاة و الزكاة و الحج و الولاية ليس ينفع شي ء مكانها دون أدائها، و إن الصوم إذا فاتك أو أفطرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها، و فديت ذلك الذنب بفدية، و لا قضاء عليك، و ليس مثل تلك الأربعة شي ء يجزيك مكانها غيرها».

1846/ [12]- عن عمر بن أذينة، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا يعني به الحج دون العمرة؟ قال: «و لكنه الحج و العمرة جميعا لأنهما مفروضان».

1847/ [13]- عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. قال: «من كان صحيحا في بدنه، مخلي سربه، له زاد و راحلة، فهو مستطيع للحج».

1848/ [14]- و عنه: في حديث الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «و إن كان يقدر أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليفعل وَ مَنْ كَفَرَ- قال-: ترك».

1849/ [15]- عن أبي الربيع الشامي، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. فقال: «ما يقول الناس»؟ فقيل له: الزاد و الراحلة.

قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن هذا، فقال: لقد هلك الناس إذن، لئن كان من كان له زاد و راحلة قدر ما يقوت به عياله، و يستغني به عن الناس ينطلق إليهم فيسألهم إياه

و يحج به لقد هلكوا إذن.

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 1: 191/ 110.

13- تفسير العيّاشي 1: 192/ 111.

14- تفسير العيّاشي 1: 192/ 112. [.....]

15- تفسير العيّاشي 1: 192/ 113.

(1) في المصدر: أسبوعه، و كلاهما بمعنى، و الأسبوع من الطّواف: أي سبع طوافات. «مجمع البحرين- سبع- 4: 344».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 666

فقيل له: فما السبيل؟- قال- فقال: «السعة في المال، إذا كان يحج ببعض و يبقي بعضا يقوت به عياله، أليس الله قد فرض الزكاة فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم؟».

1850/ [16]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: رجل عرض عليه الحج فاستحيا أن يقبله، أهو ممن يستطيع الحج؟

قال: «نعم، مره فلا يستحيي و لو على حمار أبتر، و إن كان يستطيع أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليفعل».

1851/ [17]- عن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال: سألته ما السبيل؟ قال: «يكون له ما يحج به».

قلت: أ رأيت إن عرض عليه مال يحج به فاستحيا من ذلك؟ قال: «هو ممن استطاع إليه سبيلا- قال-: و إن كان يطيق المشي بعضا و الركوب بعضا فليفعل».

قلت: أ رأيت قول الله وَ مَنْ كَفَرَ أهو في الحج؟ قال: «نعم- قال-: هو كفر النعم» و قال: «و من ترك» في خبر آخر.

1852/ [18]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله تعالى: مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا؟ قال: «تخرج، و إذا لم يكن عندك تمشي».

قال: قلت: لا نقدر على ذلك. قال: «تمشي و تركب أحيانا».

قلت: لا نقدر

على ذلك. قال: «تخدم قوما و تخرج معهم».

1853/ [19]- عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. قال: «الصحة في بدنه، و القدرة في ماله».

و في رواية حفص الأعور، عنه، قال: «القوة في البدن، و اليسار في المال».

سورة آل عمران(3):آية 101 ..... ص : 666

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [101]

1854/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الفضل بن العباس البغدادي بالري، المعروف أبي الحسن

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 192/ 114.

17- تفسير العيّاشي 1: 193/ 115.

18- تفسير العيّاشي 1: 193/ 116.

19- تفسير العيّاشي 1: 193/ 117، 118.

1- معاني الأخبار: 132/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 667

الخيوطي «1»، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان بن الحارث، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار، قال: حدثنا الحسين الأشقر، قال: قلت لهشام بن الحكم: ما معنى قولكم: إن الإمام لا يكون إلا معصوما؟

فقال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك. فقال: «المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله، و قد قال الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ».

سورة آل عمران(3):آية 102 ..... ص : 667

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [102]

1855/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن النضر، عن أبي الحسين، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ. قال: «يطاع و لا يعصى، و يذكر فلا ينسى، و يشكر فلا يكفر».

أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عنه أبيه، عن النضر بن سويد، عن أبي الحسين، عن أبي بصير، قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، مثله «2».

الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن أبي الحسين «3»، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، مثله.

«4»

1856/ [2]- ابن شهر آشوب:

عن (تفسير وكيع)، قال: حدثنا سفيان بن مرة الهمداني، عن عبد خير، قال: سألت علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ.

قال: «و الله ما عمل بها غير أهل بيت رسول الله، نحن ذكرنا الله فلا ننساه، و نحن شكرناه فلن نكفره، و نحن أطعناه فلم نعصه، فلما نزلت هذه الآية، قالت الصحابة: لا نطيق ذلك. فأنزل الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ». قال وكيع: ما أطقتم. ثم قال: وَ اسْمَعُوا ما تؤمرون به وَ أَطِيعُوا «5» يعني أطيعوا الله و رسوله و أهل بيته فيما يأمرونكم به.

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 240/ 1.

2- المناقب 2: 177.

(1) في المصدر: الحنوطيّ، و الصواب ما في المتن. راجع تاريخ بغداد 12: 48، أنساب السمعاني 2: 433.

(2) المحاسن: 204/ 50.

(3) في «س و ط»: عن حصين، و في المصدر: عن حسن، و الظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه. لروايته عن أبي بصير، و بقرينة السندين الأوّلين.

(4) كتاب الزهد: 17/ 37.

(5) التغابن 64: 16. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 668

1857/ [3]- العياشي: عن الحسين بن خالد، قال: قال أبو الحسن الأول (عليه السلام): «كيف تقرأ هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ماذا؟» قلت: مسلمون. فقال: «سبحان الله! يوقع عليهم الإيمان فيسميهم مؤمنين، ثم يسألهم الإسلام، و الإيمان فوق الإسلام!».

قلت: هكذا تقرأ في قراءة زيد. قال: «إنما هي في قراءة علي (عليه السلام)، و هي التنزيل الذي نزل به جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله) (إلا و أنتم مسلمون) لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم للإمام من بعده».

1858/

[4]- عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ.

قال: «يطاع فلا يعصى، و يذكر فلا ينسى و يشكر فلا يكفر».

1859/ [5]- عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ قال:

«منسوخة».

قلت: و ما نسخها؟ قال: «قول الله فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «1»».

1860/ [6]- أبو علي الطبرسي، في الآية: اختلف فيها على قولين: أحدهما أنها منسوخة بقوله تعالى:

فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ «2». قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

و الآخر أنها غير منسوخة، عن ابن عباس و طاوس.

سورة آل عمران(3):آية 103 ..... ص : 668

قوله تعالى:

وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [103] 1861/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً، قال: التوحيد و الولاية.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 193/ 119.

4- تفسير العيّاشي 1: 195/ 120.

5- تفسير العيّاشي 1: 194/ 121.

6- مجمع البيان 2: 805.

1- تفسير القمّي 1: 108.

(1) التغابن 64: 16.

(2) التغابن 64: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 669

1862/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني- المعروف بابن زينب- قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن معمر الطبراني بطبرية سنة ثلاث و ثلاثين و ثلاثمائة- و كان هذا الرجل يوالي يزيد بن معاوية و من النصاب- قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن هاشم، و الحسن «1» بن السكن، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام، قال: أخبرني أبي، عن ميناء «2» مولى عبد الرحمن

بن عوف، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: و قد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أهل اليمن، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «جاءكم أهل اليمن يبسون بسيسا» «3» فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «قوم رقيقة قلوبهم، راسخ إيمانهم، منهم المنصور يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي و خلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك» «4».

فقالوا: يا رسول الله، و من وصيك؟ فقال: «هو الذي أمركم الله بالاعتصام به، فقال عز و جل: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا».

فقالوا: يا رسول الله، بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: «هو قول الله: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ «5» فالحبل من الله كتابه، و الحبل من الناس وصيي».

فقالوا: يا رسول الله، و من وصيك؟ فقال: «هو الذي أنزل الله فيه: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «6»».

فقالوا: يا رسول الله، و ما جنب الله هذا؟ فقال: «هو الذي يقول الله فيه: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا «7» هو وصيي و السبيل إلي من بعدي».

فقالوا: يا رسول الله، بالذي بعثك بالحق نبيا، أرناه فقد اشتقنا إليه. فقال: «هو الذي جعله الله آية للمتوسمين «8»، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب، أو ألقى السمع و هو شهيد، عرفتم أنه وصيي كما عرفتم أني نبيكم، فتخللوا الصفوف و تصفحوا الوجوه، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لأن الله عز و جل يقول في كتابه:

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ «9» إليه و إلى ذريته».

ثم قال: فقام أبو عامر الأشعري في الأشعريين،

و أبو غرة الخولاني في الخولانيين، و ظبيان و عثمان بن قيس

__________________________________________________

2- الغيبة: 39/ 1.

(1) في المصدر: و الحسين، أنظر الجرح و التعديل 3: 17 و 54، و تاريخ بغداد 7: 323 و 8: 50.

(2) في «س و ط»: أخبرني مينا، و الصواب ما في المتن لرواية همّام عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، كما في تهذيب التهذيب 10: 397.

(3) بسست الناقة و أبسستها: إذا سقتها و زجرتها و قلت لها: بس بس بكسر الباء و فتحها. «النهاية- بسس- 1: 127».

(4) حمائل سيوفهم المسك: أي علائق سيوفهم الجلد.

(5) آل عمران 3: 112.

(6) الزّمر 39: 56. [.....]

(7) الفرقان 25: 27.

(8) في المصدر: للمؤمنين المتوسّمين.

(9) إبراهيم 14: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 670

في بني قيس، و عرفة الدوسي في الدوسيين، و لا حق به علاقة، فتخللوا الصفوف، و تصفحوا الوجوه، و أخذوا بيد «1» الأصلع البطين، و قالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «أنتم نخبة الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه، فبم عرفتم أنه هو»؟

فرفعوا أصواتهم يبكون، و قالوا: يا رسول الله، نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم [قلوبنا]، و لما رأيناه رجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا، فانجاشت» أكبادنا، و هملت أعيننا، و تبلجت «3» صدورنا حتى كأنه لنا أب و نحن عنده بنون.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «4» أنتم منه «5» بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى، و أنتم عن النار مبعدون».

قال: فبقي هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين الجمل و صفين فقتلوا بصفين (رحمهم الله)، و كان النبي

(صلى الله عليه و آله) بشرهم بالجنة و أخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب (عليه السلام).

1863/ [3]- عنه، قال: أخبرنا محمد بن همام بن سهيل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحميري «6»، قال: حدثنا محمد بن زيد بن عبد الرحمن التميمي، عن الحسن بن الحسين الأنصاري، عن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم جالسا و معه أصحابه في المسجد، فقال: يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة يسأل عما يعنيه، فطلع عليه رجل، طوال شبيه برجال مضر، فتقدم فسلم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و جلس، فقال: يا رسول الله، إني سمعت الله عز و جل يقول فيما أنزل: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به و ألا نتفرق عنه؟ فأطرق رسول الله (صلى الله عليه و آله) مليا ثم رفع رأسه و أشار بيده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قال: هذا حبل الله الذي من تمسك به عصم به في دنياه، و لم يضل به في آخرته. فوثب الرجل إلى علي (عليه السلام) فاحتضنه من وراء ظهره و هو يقول: اعتصمت بحبل الله و حبل رسوله، ثم قام فولى فخرج.

فقام رجل من الناس فقال: يا رسول الله، ألحقه فأسأله أن يستغفر الله لي؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذن تجده موفقا. قال: فلحقه الرجل فسأله أن يستغفر الله له، فقال له: أ فهمت

ما قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ما قلت له؟ قال: نعم. قال: فإن كنت متمسكا بذلك الحبل يغفر الله لك، و إلا فلا يغفر الله لك».

__________________________________________________

3- الغيبة: 41/ 2.

(1) في المصدر زيادة: الأنزع.

(2) الجأش: الاضطراب عند الفزع. «مجمع البحرين- جوش- 4: 132».

(3) في المصدر: و انثلجت.

(4) آل عمران 3: 7.

(5) في المصدر: أنتم منهم.

(6) الظاهر أنّ الصحيح في نسبته: الأحمري، كما في رجال النجاشي: 19، و فهرست الطوسي: 7، و عدّا من كتبه كتابا في الغيبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 671

1864/ [4]- الشيخ في (أماليه): بالإسناد، قال: أخبرنا أبو عمر، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا جعفر بن علي ابن نجيح الكندي، قال: حدثنا حسن بن حسين، قال: حدثنا أبو حفص الصائغ- قال أبو العباس: هو عمر بن راشد أبو سليمان- عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قوله: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ «1» قال: «نحن من النعيم».

و في قوله: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً قال: «نحن الحبل».

1865/ [5]- السيد الرضي في (الخصائص): قال: حدثني هارون بن موسى، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عمار «2»، قال: حدثنا أبو موسى عيسى الضرير البجلي، عن أبي الحسن (عليه السلام) في خطبة خطبها رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مرضه، و في الخبر: «فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ادعوا لي عمي- يعني العباس (رحمه الله)- فدعي له، فحمله و علي (عليه السلام)، حتى أخرجاه، فصلى بالناس و إنه لقاعد، ثم حمل فوضع على المنبر بعد ذلك، فاجتمع لذلك جميع أهل المدينة من المهاجرين و الأنصار، حتى برزت العواتق «3» من خدورها، فبين باك و صائح و

مسترجع [و واجم «4» و النبي (صلى الله عليه و آله) يخطب ساعة و يسكت ساعة، و كان فيما ذكر من خطبته أن قال:

يا معاشر المهاجرين و الأنصار، و من حضر في يومي هذا و ساعتي هذه من الإنس و الجن، ليبلغ شاهدكم غائبكم، ألا إني قد خلفت فيكم كتاب الله فيه النور و الهدى، و البيان لما فرض الله تبارك و تعالى من شي ء، حجة الله عليكم و حجتي و حجة وليي، و خلفت فيكم العلم الأكبر، علم الدين و نور الهدى و ضياءه، و هو علي بن أبي طالب، ألا و هو حبل الله وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.

أيها الناس، هذا علي، من أحبه و تولاه اليوم و بعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله، و من عاداه و أبغضه اليوم و بعد اليوم جاء يوم القيامة أصم و أعمى، لا حجة له عند الله».

1866/ [6]- و عنه في كتاب (المناقب): عن أبي المبارك بن مسرور، قال: حدثني علي بن محمد بن علي الأندركي بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو القاسم عيسى بن علي الموصلي، عن القاضي أبي طاهر محمد بن أحمد ابن عمرو النهاوندي قاضي البصرة (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن سليمان بن مطير، عن الحسين بن

__________________________________________________

4- الأمالي 1: 278، الصواعق المحرقة: 151، شواهد التنزيل 1: 131/ 180، ينابيع المودة: 274.

5- خصائص أمير المؤمنين: 74.

6- عنه في غاية المرام: 243/ 3، ينابيع المودة: 119.

(1)

التكاثر 102: 8. [.....]

(2) في «س و ط»: بن عليّ، و الصواب ما في المتن، روى عنه هارون بن موسى بعض مصنّفاته، راجع فهرست الطوسي: 29، و معجم رجال الحديث 2: 293.

(3) العواتق: جمع عاتق: و هي الشابّة أوّل ما تدرك، و قيل: هي التي لم تبن من والديها و لم تزوّج و قد أدركت و شبّت. «النهاية 3: 179».

(4) الواجم: الذي اشتدّ حزنه حتّى أمسك عن الكلام. «مجمع البحرين- وجم- 6: 182».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 672

عبد الملك، عن أسباط، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذ جاء أعرابي، فقال: يا رسول الله، سمعتك تقول: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً فما حبل الله الذي أعتصم به؟ فضرب النبي (صلى الله عليه و آله) يده في يد علي (عليه السلام) و قال: «تمسكوا بهذا، فهذا هو الحبل المتين».

1867/ [7]- العياشي: عن ابن يزيد، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً.

قال: «علي بن أبي طالب حبل الله المتين».

1868/ [8]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «آل محمد (عليهم السلام) هم حبل الله الذي أمرنا «1» بالاعتصام به، فقال: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا».

1869/ [9]- ابن شهر آشوب: عن محمد بن علي العنبري، بإسناده عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه سأل أعرابي عن هذه الآية: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام)، و قال «2»: «يا أعرابي، هذا حبل الله فاعتصم به» فدار الأعرابي من خلف علي (عليه

السلام) و احتضنه، و قال «3»: اللهم إني أشهدك أني قد اعتصمت بحبلك. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا».

ثم قال ابن شهر آشوب: و روي نحو من ذلك عن الباقر و الصادق (عليهما السلام).

1870/ [10]- (تفسير الثعلبي): يرفعه بإسناده إلى جعفر بن محمد (عليهما السلام) في قوله تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا. قال: «نحن حبل الله الذي قال الله: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا».

1871/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لا تَفَرَّقُوا.

قال: «إن الله تبارك و تعالى علم أنهم سيفترقون بعد نبيهم و يختلفون، فنهاهم عن التفرق كما نهى من كان قبلهم، فأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمد (عليهم الصلاة و السلام)، و لا يتفرقوا».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 194/ 122.

8- تفسير العيّاشي 1: 194/ 123.

9- المناقب 3: 76.

10- عنه في غاية المرام: 242/ 1، العمدة: 288/ 467، الصواعق المحرقة: 151، ينابيع المودة: 119!

11- تفسير القمّي 1: 108.

(1) في «ط»: أمر.

(2) في المصدر: رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) يده فوضعها على كتف عليّ فقال.

(3) في المصدر: علي (عليه السّلام) و التزمه ثمّ قال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 673

1872/ [12]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ: فإنها نزلت في الأوس و الخزرج، كانت الحرب بينهم مائة سنة، لا يضعون السلاح لا بالليل، و لا بالنهار، حتى ولد عليه الأولاد، فلما بعث الله نبيه (صلى الله عليه و آله)

أصلح بينهم فدخلوا في الإسلام، و ذهبت العداوة من قلوبهم برسول الله (صلى الله عليه و آله) و صاروا إخوانا.

1873/ [13]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن أبيه «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها- بمحمد- هكذا و الله نزل بها «2» جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله)».

1874/ [14]- العياشي: عن محمد بن سليمان البصري الديلمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: «وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها بمحمد».

1875/ [15]- عن أبي الحسن علي بن محمد بن ميثم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ابشروا بأعظم المنن عليكم، قول الله: وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها فالإنقاذ من الله «3» هبة، و الله لا يرجع من هبته».

1876/ [16]- عن ابن هارون، قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا ذكر النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «بأبي و امي و نفسي و قومي و عترتي، عجب للعرب كيف لا تحملنا على رؤوسها! و الله يقول في كتابه: وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها فبرسول الله (صلى الله عليه و آله) و الله أنقذوا».

سورة آل عمران(3):آية 104 ..... ص : 673

قوله تعالى:

وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [104]

1877/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ:

__________________________________________________

12- تفسير القمي 1: 108.

13- الكافي 8: 183/

208.

14- تفسير العياشي 1: 194/ 124. [.....]

15- تفسير العياشي 1: 194/ 125.

16- تفسير العياشي 1: 194/ 126.

1- تفسير القمي 1: 108.

(1) (محمد بن سليمان، عن أبيه) ليس في المصدر، و الظاهر صحة ما في المتن لعدم إمكان روآية البرقي عن الصادق (عليه السلام) إلا مرسلا، راجع الحديث الآتي و رجال النجاشي: 365/ 987 و معجم رجال الحديث 16: 129.

(2) أي بهذا المعنى.

(3) في «س»: فالإنقاذ منها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 674

«فهذه الآية لآل محمد (صلى الله عليه و آله) و من تابعهم يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ».

1878/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: و سئل عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، أ واجب هو على الامة جميعا؟

فقال: «لا».

فقيل له: و لم؟ قال: «إنما هو على القوي، المطاع، العالم بالمعروف و المنكر، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى أي من أي، يقول من الحق إلى الباطل، و الدليل على ذلك كتاب الله عز و جل، قوله: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فهذا خاص غير عام، كما قال الله عز و جل: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ»

و لم يقل على امة موسى، و لا على كل قومه، و هم يومئذ أمم مختلفة، و الامة واحد فصاعدا، كما قال الله عز و جل: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ «2» يقول:

مطيعا لله عز و جل و ليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان

لا قوة له، و لا عذر، و لا طاعة».

قال مسعدة: و سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، و سئل عن الحديث الذي جاء عن النبي (صلى الله عليه و آله): «إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر» ما معناه؟ قال: «هذا على أن يأمره بعد معرفته و هو مع ذلك يقبل منه و إلا فلا».

1879/ [3]- العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قوله: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ.

قال: «في هذه الآية تكفير أهل القبلة بالمعاصي، لأنه من لم يكن يدعوا إلى الخيرات و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر من المسلمين، فليس من الامة التي وصفها، لأنكم تزعمون أن جميع المسلمين من امة محمد (صلى الله عليه و آله)، قد بدت هذه الآية و قد وصفت امة محمد (صلى الله عليه و آله) بالدعاء إلى الخير و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و من لم يوجد فيه الصفة التي وصفت، بها، فكيف يكون من الامة و هو على خلاف ما شرطه الله على الامة و وصفها به؟!».

1880/ [4]- أبو علي الطبرسي: يروى عن أبي عبد الله (عليه السلام): «و لتكن منكم أئمة»: «و كنتم خير أئمة

__________________________________________________

2- الكافي 5: 59/ 16.

3- تفسير العيّاشي 1: 195/ 127.

4- مجمع البيان 2: 807.

(1) الأعراف 7: 159.

(2) النّحل 16: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 675

أخرجت للناس».

سورة آل عمران(3): الآيات 106 الي 107 ..... ص : 675

قوله تعالى:

يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ- إلى قوله تعالى:- فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [106- 107]

1881/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الجارود،

عن عمران بن هيثم، عن مالك بن ضمرة، عن أبي ذر (رحمه الله)، قال: لما نزلت هذه الآية: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ترد علي أمتي يوم القيامة على خمس رايات: فراية مع عجل هذه الامة، فأسألهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فحرفناه و نبذناه وراء ظهورنا، و أما الأصغر فعاديناه و أبغضناه و ظلمناه.

فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية مع فرعون هذه الامة، فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فحرفناه و مزقناه و خالفناه، و أما الأصغر فعاديناه و قاتلناه. فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية مع سامري هذه الامة، فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فعصيناه و تركناه، و أما الأصغر فخذلناه و ضيعناه [و صنعنا به كل قبيح . فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية ذي الثدية مع أول الخوارج و آخرهم، فأسألهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فمزقناه فبرئنا منه، و أما الأصغر فقاتلناه و قتلناه. فأقول: ردوا إلى «1» النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية مع إمام المتقين، و سيد الوصيين «2»، و قائد الغر المحجلين، و وصي رسول رب العالمين، فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فاتبعناه و أطعناه، و أما الأصغر فأحببناه و واليناه و وازرناه و نصرناه حتى أهريقت فيهم دماؤنا. فأقول: ردوا إلى الجنة رواء مرويين، مبيضة وجوهكم» ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله): يَوْمَ

تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.

سورة آل عمران(3): الآيات 110 الي 112 ..... ص : 675

قوله تعالى:

كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 109.

(1) (إلى) ليس في المصدر.

(2) في «ط»: المسلمين. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 676

- إلى قوله تعالى:- وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ [110- 112]

1882/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، قال: قرئت عند أبي عبد الله (عليه السلام): كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ الآية، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «خير امة يقتلون أمير المؤمنين و الحسن و الحسين ابني علي (عليهم السلام)؟!».

فقال القارئ: جعلت فداك، كيف نزلت؟ قال: «نزلت (كنتم خير أئمة أخرجت للناس) ألا ترى مدح الله لهم تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ؟».

1883/ [2]- العياشي: عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «في قراءة علي (عليه السلام) «كنتم خير أئمة أخرجت للناس»- قال-: هم آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

1884/ [3]- أبو بصير، عنه (عليه السلام)، قال: قال: «إنما أنزلت هذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله) فيه و في الأوصياء خاصة، فقال: (كنتم «1» خير أئمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر) هكذا و الله نزل بها جبرئيل، و ما عنى بها إلا محمدا و أوصياءه (صلوات الله عليهم)».

1885/ [4]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ.

قال:

«يعني الامة التي وجبت لها دعوة إبراهيم (عليه السلام)، فهم الامة التي بعث الله فيها و منها و إليها، و هم الامة الوسطى، و هم خير امة أخرجت للناس».

1886/ [5]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ: يعني بعهد من الله و عهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد مر في تفسير قوله تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً «2» معنى الحبل من الله: كتابه، و الحبل من الناس: وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ: الجوع.

1887/ [6]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ قال:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 110.

2- تفسير العيّاشي 1: 195/ 128.

3- تفسير العيّاشي 1: 195/ 129.

4- تفسير العيّاشي 1: 195/ 130.

5- تفسير القمّي 1: 110.

6- المناقب 3: 75.

(1) في «ط»: أنتم.

(2) تقدم في الأحاديث (2- 10) من تفسير الآية (103) من سورة آل عمران.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 677

«حبل من الله: كتاب الله «1»، و حبل من الناس: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

1888/ [7]- العياشي: عن يونس بن عبد الرحمن، عن عدة من أصحابنا، رفعوه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ. قال: «الحبل من الله: كتاب الله، و الحبل من الناس: هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

قوله تعالى:

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ- إلى قوله تعالى:- عَضُّوا عَلَيْكُمُ

الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ [112- 119]

1889/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ. فقال: «أما و الله ما قتلوهم بالسيف، و لكن أذاعوا سرهم و أفشوا عليهم فقتلوا».

و رواه محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، ببقية السند و المتن «2».

1890/ [2]- العياشي: عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و تلا هذه الآية: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ. قال: «و الله ما ضربوهم بأيديهم، و لا قتلوهم بأسيافهم و لكن سمعوا أحاديثهم و أسرارهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا، فصار قتلا و اعتداء و معصية».

1891/ [3]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ ما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ: أي لن يجحدوه. ثم ضرب للكفار، و من ينفق «3» ماله في غير طاعة الله مثلا، فقال:ثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ

__________________________________________________

7- تفسير العياشي 1: 196/ 131.

1- المحاسن: 256/ 290.

2- تفسير العياشي 1: 196/ 132.

3- تفسير القمي 1: 110.

(1) (قال: حبل من الله كتاب الله) ليس في المصدر.

(2) الكافي 2: 275/ 7، و فيه: ما قتلوهم بأسيافهم. [.....]

(3) في المصدر: من أنفق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 678

أي بردصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ أي زرعهم ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَ لكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .و قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ نزلت في اليهود لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا أي عداوة. و

قوله تعالى: عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قال: أطراف الأصابع.

سورة آل عمران(3):آية 121 ..... ص : 678

قوله تعالى:

وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [121]

1892/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سبب نزول هذه الآية أن قريشا خرجت من مكة تريد حرب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فخرج يبتغي موضعا للقتال».

1893/ [2]- ابن شهر آشوب: في شوال غزاة احد- و هو يوم المهراس «1»- قال ابن عباس و مجاهد و قتادة و الربيع و السدي و ابن إسحاق، نزل قوله: وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ فيها، و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

1894/ [3]- و عنه: عن الصادق (عليه السلام) و ابن مسعود: لما قصد أبو سفيان في ثلاثة آلاف من قريش إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و يقال: في ألفين. منهم مائتا فارس، و الباقون ركب، لهم سبعمائة درع».

سورة آل عمران(3):آية 122 ..... ص : 678

قوله تعالى:

إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا [122] 1895/ [4]- علي بن إبراهيم: نزلت في عبد الله بن أبي و قوم من أصحابه اتبعوا رأيه في ترك الخروج، و القعود عن نصرة رسول الله (صلى الله عليه و آله).

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 110.

2- المناقب 1: 191.

3- مناقب ابن شهر آشوب 1: 191.

4- تفسير القمّي 1: 110.

(1) المهراس: اسم ماء بأحد، و يوم المهراس: يوم أحد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 679

سورة آل عمران(3):آية 123 ..... ص : 679

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ [123]

1896/ [1]- علي بن إبراهيم: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما كانوا أذلة و فيهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إنما نزل: و لقد نصركم الله ببدر و أنتم ضعفاء».

و روى نحو ذلك الطبرسي في (مجمع البيان) عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

1897/ [2]- العياشي: عن أبي بصير، قال: قرأت عند أبي عبد الله (عليه السلام): وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ. فقال: «مه، ليس هكذا أنزلها الله إنما أنزلت: و أنتم قليل».

1898/ [3]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأله أبي عن هذه الآية: وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ. قال: «ليس هكذا أنزله الله، ما أذل الله رسوله قط، إنما أنزلت: و أنتم قليل».

عيسى، عن صفوان، عن ابن سنان مثله.

1899/ [4]- عن ربعي بن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قرأ: «لقد نصركم الله ببدر و أنتم ضعفاء، و ما كانوا أذلة و رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيهم».

1900/ [5]- القصة: علي بن إبراهيم، قال: و كان سبب غزوة احد أن قريشا لما رجعت

من بدر إلى مكة، و قد أصابهم ما أصابهم من القتل و الأسر لأنه قتل منهم سبعون و أسر منهم سبعون، فلما رجعوا إلى مكة، قال أبو سفيان: يا معشر قريش، لا تدعوا نساءكم يبكين على قتلاكم، فإن البكاء و الدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن و الحرقة «2» و العداوة لمحمد، و يشمت بنا محمد و أصحابه. فلما غزوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم احد أذنوا لنسائهم بعد ذلك في البكاء و النوح.

فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى احد ساروا في حلفائهم من كنانة و غيرها، فجمعوا الجموع و السلاح و خرجوا من مكة في ثلاثة آلاف فارس و ألفي راجل، و أخرجوا معهم النساء يذكرنهم و يحثنهم على حرب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أخرج أبو سفيان هند بنت عتبة، و خرجت معهم عمره بنت علقمة الحارثية.

فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك جمع أصحابه و أخبرهم أن الله قد أخبره أن قريشا قد تجمعت تريد

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 122.

2- تفسير العيّاشي 1: 196/ 133.

3- تفسير العيّاشي 196/ 134.

4- تفسير العيّاشي 1: 196/ 135.

5- تفسير القمّي 1: 110.

(1) مجمع البيان 2: 828.

(2) في «ط»: القرحة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 680

المدينة، و حث أصحابه على الجهاد و الخروج، فقال عبد الله بن أبي و قومه: يا رسول الله، لا تخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها، فيقاتل الرجل الضعيف و المرأة و العبد و الأمة على أفواه السكك و على السطوح، فما أرادنا قوم قط فظفروا بنا و نحن في حصوننا و دورنا، و ما خرجنا إلى أعدائنا قط

إلا كان لهم الظفر علينا.

فقام سعد بن معاذ (رحمه الله) و غيره من الأوس، فقالوا: يا رسول الله، ما طمع فينا أحد من العرب و نحن مشركون نعبد الأصنام، فكيف يطمعون فينا و أنت فينا؟! لا، حتى نخرج إليهم فنقاتلهم، فمن قتل منا كان شهيدا، و من نجا منا كان قد جاهد في سبيل الله. فقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) قوله، و خرج مع نفر من أصحابه يبتغون موضعا للقتال»، كما قال الله، وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ إلى قوله تعالى: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا «2» يعني عبد الله بن أبي و أصحابه، فضرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) معسكره مما يلي طريق العراق، و قعد عنه عبد الله بن أبي و قومه و جماعة من الخزرج اتبعوا رأيه، و وافت قريش إلى أحد، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) عد أصحابه، و كانوا سبعمائة رجل، فوضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب و أشفق أن يأتي كمينهم من ذلك المكان. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعبد الله بن جبير و أصحابه: «إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تخرجوا من هذا المكان، و إن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا، و الزموا مراكزكم».

و وضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا، و قال لهم: إذا رأيتمونا قد اختلطنا بهم فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم. فلما أقبلت الخيل و اصطفوا، و عبأ «3» رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصحابه، و دفع الراية

إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فحملت الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة، و وقع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في سوادهم، و انحط خالد بن الوليد في مائتي فارس، فلقي عبد الله بن جبير، فاستقبلوهم بالسهام فرجعوا، و نظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) ينهبون سواد القوم، فقالوا لعبد الله بن جبير: تقيمنا هاهنا و قد غنم أصحابنا و نبقى نحن بلا غنيمة! فقال لهم عبد الله: اتقوا الله، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد تقدم إلينا أن لا نبرح، فلم يقبلوا منه، و أقبل ينسل رجل فرجل حتى أخلوا مراكزهم، و بقي عبد الله بن جبير في اثني عشر رجلا، و قد كانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العدوي من بني عبد الدار، فبرز و نادى: يا محمد، تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار، و نجهزكم بأسيافنا إلى الجنة، فمن شاء أن يلحق بجنته فليبرز إلي. فبرز إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو يقول:

يا طلح إن كنت كما تقول لكم خيول و لنا نصول «4»

فاثبت لننظر أينا المقتول و أينا أولى بما تقول __________________________________________________

(1) في المصدر: موضع القتال. [.....]

(2) آل عمران 3: 121/- 122.

(3) عبّأت الجيش: رتّبتهم في مواضعهم و هيأتهم للحرب. «مجمع البحرين- عبا- 1: 281».

(4) النّصل: حديدة السّهم و الرمح و السّكّين و السيف ما لم يكن له مقبض. «مجمع البحرين- نصل- 5: 484».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 681

فقد أتاك الأسد الصؤول «1» بصارم ليس به فلول «2»

ينصره القاهر و الرسول فقال طلحة: من أنت، يا غلام؟ قال: «أنا علي بن أبي

طالب». قال: قد علمت- يا قضيم «3»- أن لا يجسر علي أحد غيرك. فشد عليه طلحة فضربه، فاتقاه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالجحفة «4»، ثم ضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) على فخذيه فقطعهما جميعا، فسقط على ظهره و سقطت الراية، فذهب علي (عليه السلام) ليجهز عليه فحلفه بالرحم فانصرف عنه. فقال المسلمون: ألا أجهزت عليه! قال (عليه السلام): «قد ضربته ضربة لا يعيش منها أبدا».

ثم أخذ الراية أبو سعيد بن أبي طلحة: فقتله علي (عليه السلام) و سقطت رايته إلى الأرض، فأخذها عثمان بن أبي طلحة، فقتله علي (عليه السلام) و سقطت الراية إلى الأرض، فأخذها مسافع بن أبي طلحة، فقتله علي (عليه السلام) و سقطت الراية إلى الأرض، فأخذها الحارث بن أبي طلحة، فقتله علي (عليه السلام) و سقطت الراية إلى الأرض، فأخذها أبو عزيز «5» بن عثمان، فقتله علي (عليه السلام) و سقطت الراية إلى الأرض، فأخذها عبد الله بن جميلة بن زهير، فقتله علي (عليه السلام) و سقطت الراية إلى الأرض. فقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) التاسع من بني عبد الدار و هو أرطاة بن شرحبيل مبارزة، فسقطت الراية إلى الأرض، فأخذها مولاهم صؤاب، فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) على يمينه فقطعها، و سقطت الراية إلى الأرض، فأخذها بشماله فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) على شماله فقطعها، و سقطت الراية إلى الأرض، فاحتضنها بيديه المقطوعتين، ثم قال: يا بني عبد الدار، هل أعذرت فيما بيني و بينكم؟ فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) على رأسه فقتله، و سقطت الراية إلى الأرض، فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثية، فقبضتها.

و انحط خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير، و قد فر أصحابه و بقي في

نفر قليل، فقتلوهم على باب الشعب، فاستعقبوا المسلمين «6» فوضعوا فيهم السيف، و نظرت قريش في هزيمتها إلى الراية قد رفعت فلا ذوا بها، و أقبل خالد بن الوليد على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقتلهم، فانهزم أصحاب رسول الله هزيمة قبيحة، و أقبلوا يصعدون في الجبال و في كل وجه، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الهزيمة كشف البيضة عن رأسه، و قال: «إني أنا رسول الله، إلى أين تفرون عن الله و عن رسوله»؟.

1901/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 114.

(1) الصؤول: الشديد الصّول. «المعجم الوسيط- صول- 1: 529».

(2) فلول السيف: هي كسور في حدّه. «مجمع البحرين- فلل- 5: 445».

(3) أنظر معناها في الحديث الآتي.

(4) الجحفة: بالتحريك التّرس، و ذلك إذا كانت من جلود و ليس فيها خشب. «مجمع البحرين- جحف- 5: 35».

(5) في المصدر: أبو عذير، و الظاهر أنّها تصحيف أبو عزيز بن عمير، انظر مغازي الواقدي 1: 308.

(6) في «ط» نسخة بدل: و استقفوا، ثمّ أتى المسلمين من أدبارهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 682

سئل عن معنى قول طلحة بن أبي طلحة لما بارزه علي (عليه السلام): يا قضيم.

قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان بمكة لم يجسر عليه أحد لموضع أبي طالب فأغروا به الصبيان، و كانوا إذا خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) يرمونه بالحجارة و التراب، فشكا ذلك إلى علي (عليه السلام)، فقال: بأبي أنت و أمي يا رسول الله، إذا خرجت فأخرجني معك. فخرج رسول الله (صلى الله عليه

و آله) و معه أمير المؤمنين (عليه السلام) فتعرض الصبيان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) كعادتهم، فحمل عليهم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، و كان يقضمهم في وجوههم و آنافهم و آذانهم، فكان الصبيان يرجعون باكين إلى آبائهم و يقولون: قضمنا علي، قضمنا علي، فسمي لذلك:

القضيم».

1902/ [7]- علي بن إبراهيم: و روي عن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: كنت اماشي عمر بن الخطاب «1» إذ سمعت منه همهمة، فقلت له: مه، ماذا يا عمر؟ فقال: ويحك، أما ترى الهزبر «2» القضم بن القضم «3»، و الضارب بالبهم «4»، الشديد على من طغى و بغى بالسيفين و الراية؟ فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقلت له: يا عمر، هو علي بن أبي طالب. فقال: ادن مني حتى أحدثك من شجاعته و بطولته: بايعنا النبي (صلى الله عليه و آله) يوم احد على أن لا نفر، و من فر منا فهو ضال، و من قتل منا فهو شهيد، و النبي زعيمه، إذ حمل علينا مائة صنديد تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون، فأزعجونا عن طاحونتنا «5»، فرأيت علينا كالليث يتقي الذر، إذا حمل كفا من حصى فرمى به في وجوهنا، ثم قال: «شاهت الوجوه و قطعت «6» و بطت «7» و لطت «8»، إلى أين تفرون، إلى النار؟!» فلم نرجع، ثم كر علينا الثانية و بيده صفيحة «9» يقطر منها الموت، فقال: «بايعتم ثم نكثتم، فو الله لأنتم أولى بالقتل ممن أقتل» فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان «10» يتوقدان نارا، أو كالقدحين المملوءين دما، فما ظننت إلا و يأتي علينا كلنا، فبادرت أنا إليه من بين أصحابي، فقلت: يا أبا

الحسن، الله الله، فإن العرب تكر و تفر، فإن الكرة تنفي الفرة.

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 114.

(1) في المصدر: أماشي فلانا، و كذا في الموارد الآتية.

(2) الهزبر: من أسماء الأسد. «لسان العرب- هزر- 5: 263».

(3) في «ط»: القضيم بن القضيم، و القضم: الذي يقضم الناس فيهلكهم. «النهاية 4: 78». [.....]

(4) قال المجلسي: البهم: جمع بهمة، و هي الحيلة الشديدة، و الشجاع الذي لا يدرى من أين يؤتى، و الصخرة، و الجيش، و الأنسب هنا الأوّل و الآخر. «بحار الأنوار 20: 67».

(5) قال المجلسي: الطاحونة استعيرت هنا لمجتمع القوم و مستقرّهم. «بحار الأنوار 20: 67» و في المصدر: طحونتنا، و الطحون: الكتيبة العظيمة.

«القاموس المحيط- طحن- 4: 247».

(6) قطّت: قطعت عرضا.

(7) بطّت: شقّت.

(8) لطّت: منعت حقها.

(9) الصفيحة: السيف العريض.

(10) السّلط: ما يضاء به و من هذا قيل للزيت: سلط. «لسان العرب سلط- 7: 321».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 683

فكأنه استحيا فولى وجهه عني، فما زلت اسكن روعة فؤادي، فو الله ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة.

و لم يبق مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا أبو دجانة الأنصاري سماك بن خرشة و أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كلما حملت طائفة على رسول الله (صلى الله عليه و آله) استقبلهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فيدفعهم عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يقتلهم حتى انقطع سيفه، و بقيت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) نسيبة بنت كعب المازنية، و كانت تخرج مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في غزواته تداوي الجرحى، و كان ابنها معها فأراد أن ينهزم و يتراجع، فحملت عليه، فقالت: يا بني، إلى أين تفر

عن الله و عن رسوله؟! فردته، فحمل عليه رجل فقتله، فأخذت سʙ`ابنها فحملت على الرجل فضربته على فخذه فقتلته، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بارك الله عليك يا نسيبة» و كانت تقي رسول الله بصدرها و ثدييها و يديها حتى أصابتها جراحات كثيرة.

و حمل ابن قميئة على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال: أروني محمدا لا نجوت إن نجا. فضربه على حبل عاتقه، و نادى: قتلت محمدا و اللات و العزى. و نظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ظهره و هو في الǘҙʙŘɘ̠فناداه: «يا صاحب الترس، ألق ترسك و سر «1» إلى النار» فرمى بترسه، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا نسيبة، خذي الترس» فأخذت الترس و كانت تقاتل المشركين، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«لمقام نسيبة أفضل من مقام فلان و فلان و فلان».

فلما انقطع سيف أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «يا رسول الله، إن الرجل يقاتل بالسلاح، و قد انقطع سيفي» فدفع إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) سيفه ذا الفقار، فقال: «قاتل بهذا» و لم يكن يحمل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد إلا و يستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإذا رأوه رجعوا، فانحاز رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ناحية احد فوقف، و كان القتال من وجه واحد، و قد انهزم أصحابه، فلم يزل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقاتلهم حتى أصابته في وجهه و رأسه و صدره و بطنه و يديه و رجليه

تسعون جراحة، فتحاموه و سمعوا مناديا ينادي من السماء:

لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: هذه و الله المواساة يا محمد. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«لأني منه و هو مني» فقال جبرئيل: و أنا منكما.

و كانت هند بنت عتبة في وسط العسكر، فكلما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلا و مكحلة، و قالت له:

إنما أنت امرأة فاكتحل بهذا.

و كان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم فإذا رأوه انهزموا، و لم يثبت له أحد، و كانت هند بنت عتبة قد أعطت وحشيا عهدا: لئن قتلت محمدا أو عليا أو حمزة لأعطينك رضاك. و كان وحشي عبدا لجبير بن مطعم، حبشيا، فقال وحشي: أما محمد فلا أقدر عليه، و أما علي فرأيته رجلا حذرا كثير الالتفات، فلم أطمع فيه، فكمنت

__________________________________________________

(1) في المصدر: و مرّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 684

لحمزة، فرأيته يهد الناس هدا، فمر بي فوطئ على جرف نهر فسقط، فأخذت حربتي فهززتها، و رميته فوقعت في خاصرته، فخرجت من مثانته مغمسة بالدم، فسقط، فأتيته فشققت بطنه و أخذت كبده، و أتيت بها إلى هند، فقلت لها: هذه كبد حمزة. فأخذتها في فيها فلاكتها، فجعلها الله في فيها مثل الداغصة «1» فلفظتها و رمت بها، فبعث الله ملكا فحملها و ردها إلى موضعها- قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أبى الله أن يدخل شيئا من بدن حمزة النار»- فجاءت إليه هند فقطعت مذاكيره، و قطعت أذنيه و جعلتهما خرصين و شدتهما في عنقها، و قطعت يديه و رجليه.

و تراجع الناس، فصارت قريش على الجبل، فقال أبو سفيان

و هو على الجبل: اعل هبل. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين: «قل له: الله أعلى و أجل». فقال: يا علي إنه قد أنعم علينا «2». فقال علي (عليه السلام):

«بل الله أنعم علينا».

ثم قال أبو سفيان: يا علي، أسألك باللات و العزى، هل قتل محمد؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «لعنك الله، و لعن اللات و العزى معك، و الله ما قتل محمد، و هو يسمع كلامك». فقال: أنت أصدق، لعن الله ابن قميئة، زعم أنه قتل محمدا.

و كان عمرو بن قيس «3» قد تأخر إسلامه، فلما بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الحرب أخذ سيفه و ترسه و أقبل كالليث العادي، يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله. ثم خالط القوم فاستشهد، فمر به رجل من الأنصار فرآه صريعا بين القتلى، فقال: يا عمرو، أنت على دينك الأول؟ فقال: لا و الله «4»، إني أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله. ثم مات، فقال رجل من أصحاب رسول الله: يا رسول الله، إن عمرو بن قيس قد أسلم و قتل، فهو شهيد؟ فقال: «إي و الله شهيد، ما رجل لم يصل لله ركعة و دخل الجنة غيره».

و كان حنظلة بن أبي عامر رجل من الخزرج، قد تزوج في تلك الليلة التي كانت صبيحتها حرب احد، بنت عبد الله بن أبي سلول، و دخل بها في تلك الليلة، و استأذن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقيم عندها، فأنزل الله:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا

حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ «5» فأذن له رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هذه الآية في سورة النور، و أخبار احد في سورة آل عمران، فهذا دليل على أن التأليف على خلاف ما أنزل الله.

__________________________________________________

(1) الدّاغصة: العظم المدوّر المتحرّك في رأس الرّكبة، «المعجم الوسيط- دغص- 1: 287».

(2) كان الرجل من قريش إذا أراد ابتداء أمر، عمد إلى سهمين، فكتب على أحدهما: نعم، و على الآخر: لا، ثمّ يتقدّم إلى الصّنم و يجيل سهامه، فإن خرج سهم نعم أقدم، و إن خرج سهم لا امتنع، و كان أبو سفيان لمّا أراد الخروج إلى أحد استفتى هبل، فخرج له سهم الإنعام «النهاية 3:

294» و لعلّه المراد بقوله: أنعم علينا.

(3) الظاهر أنّه عمرو بن ثابت بن وقش. انظر أسد الغابة 4: 90.

(4) في المصدر: فقال معاذ اللّه.

(5) النور 24: 62.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 685

فدخل حنظلة بأهله و واقع عليها، فأصبح و خرج و هو جنب، فحضر القتال فبعثت امرأته إلى أربعة نفر من الأنصار، لما أراد حنظلة أن يخرج من عندها، و أشهدت عليه أنه قد واقعها، فقيل لها: لم فعلت ذلك؟

قال: رأيت في هذه الليلة في نومي كأن السماء قد انفرجت فرفع فيها حنظلة، ثم انضمت، فعلمت أنها الشهادة، فكرهت أن لا اشهد عليه. فحملت منه.

فلما حضر حنظلة القتال نظر إلى أبي سفيان على فرس يجول بين الصفين «1»، فحمل عليه فضرب عرقوب «2»، فرسه، فاكتسعت «3» الفرس، و سقط أبو سفيان إلى الأرض، و صاح: يا معشر قريش، أنا أبو سفيان و هذا حنظلة يريد قتلي. و

عدا أبو سفيان، و مر حنظلة في طلبه، فعرض له رجل من المشركين فطعنه، فمشى إلى المشرك في طعنته فضربه فقتله، و سقط حنظلة إلى الأرض بين حمزة و عمرو بن الجموح و عبد الله بن حزام و جماعة من الأنصار، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رأيت الملائكة تغسل حنظلة بين السماء و الأرض، بماء المزن في صحاف «4» من ذهب». فكان يسمى غسيل الملائكة.

1903/ [1]- أبو علي الطبرسي، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى جبرئيل بين السماء و الأرض على كرسي من ذهب، و هو يقول:

لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي».

سورة آل عمران(3):آية 125 ..... ص : 685

قوله تعالى:

يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ [125]

1904/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي همام «5»، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: مُسَوِّمِينَ. قال: «العمائم، اعتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فسدلها من بين يديه و من خلفه، و أعتم جبرئيل (عليه السلام) فسدلها من بين يديه و من خلفه».

1905/ [3]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن

__________________________________________________

1- مجمع البيان 2: 826 مناقب ابن المغازلي: 197/ 234، ذخائر العقبى: 74 الرياض النضرة 3: 155 ينابيع المودة: 209. [.....]

2- الكافي 6: 460/ 2.

3- الكافي 6: 461/ 3.

(1) في المصدر: العسكرين.

(2) العرقوب: الوتر الذي خلف الكعبين بين مفصل القدم و الساق من ذوات الأربع، و هو في الإنسان فويق العقب. «النهاية 3: 221».

(3) أي سقطت من ناحية مؤخّرها رومت به. «النهاية 4:

173».

(4) في «س»: و الأرض على كرسيّ. و الصحاف: جمع صحفة، القصعة. و في «ط» و المصدر: صحائف.

(5) و هو إسماعيل بن همّام بن عبد الرحمن البصري، مولى كندة، يكنّى أبا همّام، ثقة، راجع الحديث الرابع و رجال النجاشي: 30/ 62.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 686

أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر».

1906/ [3]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر».

1907/ [4]- عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله: مُسَوِّمِينَ. قال: «العمائم، اعتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فسدلها من بين يديه و من خلفه».

1908/ [5]- عن ضريس بن عبد الملك، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الملائكة الذين نصروا محمدا (صلى الله عليه و آله) يوم بدر في الأرض ما صعدوا بعد و لا يصعدون حتى ينصروا صاحب هذا الأمر، و هم خمسة آلاف».

سورة آل عمران(3):آية 128 ..... ص : 686

قوله تعالى:

لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ [128]

1909/ [1]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن خالد الطيالسي، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، قال: تلوت على أبي جعفر (عليه السلام) هذه الآية من قول الله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ.

قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حرص أن يكون علي (عليه السلام) ولي الأمر من بعده، و ذلك الذي عنى الله لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ و كيف لا يكون له من الأمر شي ء و قد فوض إليه فقال: ما

أحل النبي فهو حلالت، و ما حرم النبي فهو حرام؟».

1910/ [2]- العياشي: عن جابر الجعفي، قال: قرأت عند أبي جعفر (عليه السلام) قول الله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ.

قال: «بلى و الله، إن له من الأمر شيئا و شيئا و شيئا، و ليس حيث ذهبت، و لكني أخبرك أن الله تبارك و تعالى لما أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يظهر ولاية علي (عليه السلام) فكر في عداوة قومه له، و معرفته بهم. و ذلك الذي فضله الله

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 196/ 136.

4- تفسير العيّاشي 1: 196/ 137.

5- تفسير العيّاشي 1: 197/ 138.

1- الاختصاص: 332.

2- تفسير العيّاشي 1: 197/ 139.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 687

به عليهم في جميع خصاله: كان أول من آمن برسول الله (صلى الله عليه و آله) و بمن أرسله، و كان أنصر الناس لله تعالى و لرسوله (صلى الله عليه و آله)، و أقتلهم لعدوهما، و أشدهم بغضا لمن خالفهما، و فضل علمه الذي لم يساوره أحد، و مناقبه التي لا تحصى شرفا.

فلما فكر النبي (صلى الله عليه و آله) في عداوة قومه له في هذه الخصال، و حسدهم له عليها ضاق عن ذلك، فأخبر الله تعالى أنه ليس له من هذا الأمر شي ء، إنما الأمر فيه إلى الله أن يصير عليا (عليه السلام) وصيه و ولي الأمر بعده، فهذا عني الله، و كيف لا يكون له من الأمر شي ء، و قد فوض الله إليه أن جعل ما أحل فهو حلال، و ما حرم فهو حرام، قوله: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا؟» «1».

1911/ [3]- عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله

لنبيه (صلى الله عليه و آله): لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ فسره لي؟

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «لشي ء قاله الله، و لشي ء أراده الله، يا جابر، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان حريصا على أن يكون علي (عليه السلام) من بعده على الناس، و كان عند الله خلاف ما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله) «2».

قال: قلت له: فما معنى ذلك؟

قال: «نعم، عنى بذلك قول الله لرسوله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ يا محمد، في علي (عليه السلام) «3» و في غيره، ألم أتل عليك يا محمد، فيما أنزلت من كتابي إليك الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ إلى قوله: فَلَيَعْلَمَنَّ «4»- قال-: فوض رسول الله (صلى الله عليه و آله) الأمر إليه».

1912/ [4]- عن الجرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قرأ: «ليس لك من الأمر شي ء أن يتوب عليهم أو يعذبهم «5» فإنهم ظالمون».

سورة آل عمران(3):آية 133 ..... ص : 687

قوله تعالى:

وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [133]

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 197/ 140.

4- تفسير العيّاشي 1: 198/ 141. [.....]

(1) الحشر 59: 7.

(2) أي كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) حريصا على أن تقع خلافته بعده بلا فصل كما أمره اللّه تعالى تشريعا في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ... المائدة 5: 67، و كان عند اللّه تعالى خلاف ذلك حيث إنّه علم بأنها ستغصب منه و أنّ الامّة تفتن بعده (صلى اللّه عليه و آله) بدليل الآية الكريمة التي في ذيل الحديث.

(3) في المصدر زيادة: الأمر إليّ في عليّ.

(4) العنكبوت 29: 1-

3.

(5) في «س»: أن تتوب عليهم أو تعذّبهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 688

1913/ [1]- العياشي: عن داود بن سرحان، عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ. قال: «إذا وضعوها «1» كذا» و بسط يديه إحداهما مع الأخرى.

1914/ [2]- ابن شهر آشوب في (المناقب): قال في تفسير يوسف القطان، عن وكيع، عن الثوري، عن السدي، قال: كنت عند عمر بن الخطاب إذ أقبل عليه كعب بن الأشرف و مالك بن الصيف «2» و حيي بن أخطب، فقالوا: إن في كتابكم جنة عرضها السماوات و الأرض، إذا كانت سعة جنة واحدة كسبع سماوات و سبع أرضين، فالجنان كلها يوم القيامة أين تكون؟ فقال عمر: لا أدري «3».

فبينما هم في ذلك إذ دخل علي (عليه السلام) فقال: «في أي شي ء أنتم»؟ فألقى اليهودي «4» المسألة عليه.

فقال (عليه السلام) لهم: «خبروني أن النهار إذا أقبل الليل أين يكون [و الليل إذا أقبل النهار أين يكون ؟» قالوا له: في علم الله تعالى يكون. فقال علي (عليه السلام): «كذلك الجنان تكون في علم الله تعالى» فجاء علي (عليه السلام). إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و أخبره بذلك، فنزل فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «5».

1915/ [3]- ابن الفارسي في (روضة الواعظين) قال: سئل أنس بن مالك، فقيل له: يا أبا حمزة، الجنة في الأرض أم في السماء؟ قال: و أي الأرض تسع الجنة، و أي سماء تسع الجنة، قيل: فأين هي؟ قال: فوق السماء السابعة تحت العرش.

سورة آل عمران(3):آية 134 ..... ص : 688

قوله تعالى:

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعافِينَ

__________________________________________________

1- تفسير

العيّاشي 1: 198/ 142.

2- المناقب 2: 352.

3- روضة الواعظين: 505.

(1) في «ط»: و صفوها.

(2) في المصدر: الصيفي.

(3) في المصدر: لا أعلم.

(4) في المصدر: فالتفت اليهودي و ذكر.

(5) النّحل 16: 43، الأنبياء 21: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 689

عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [134]

1916/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه «1»، عن بعض أصحابه، عن مالك بن حصين السكوني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما من عبد كظم غيظا إلا زاده الله عز و جل عزا في الدنيا و الآخرة، و قال الله عز و جل: وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [و أثابه الله مكان غيظه ذلك ».

1917/ [2]- المفيد في (إرشاده)، قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد، قال: حدثني جدي، قال:

حدثني محمد بن جعفر و غيره، قالوا: وقف على علي بن الحسين (عليهما السلام) رجل من أهل بيته، فأسمعه و شتمه، فلم يكلمه، فلما انصرف قال لجلسائه: «قد سمعتم ما قال هذا الرجل، و أنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا ردي عليه». قال: فقالوا له: نفعل، و لقد كنا نحب أن تقول له و نقول.

قال: فأخذ نعليه و مشى و هو يقول: وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ فعلمنا أنه لا يقول شيئا. قال: فخرج حتى أتى منزل الرجل فصرخ به، فقال: «قولوا له: هذا علي بن الحسين» قال:

فخرج إلينا متوثبا للشر، و هو لا يشك أنه إنما جاء مكافئا له على بعض ما كان منه، فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): «يا أخي، إنك كنت وقعت علي آنفا و قلت، فإن

كنت قد قلت ما في فإني استغفر الله منه، و إن كنت قلت ما ليس في فغفر الله لك» قال: فقبل الرجل بين عينيه، و قال: بل قلت فيك ما ليس فيك، و أنا أحق به.

قال الراوي للحديث: و الرجل هو الحسن بن الحسن.

1918/ [3]- عنه، قال: أخبرني الحسن بن محمد، عن جده، قال: حدثني شيخ من أهل اليمن، قد أتت عليه بضع و سبعون «2» سنة، قال: أخبرني رجل يقال له: عبد الله «3» بن محمد، قال: سمعت عبد الرزاق يقول: جعلت فداك، جارية لعلي بن الحسين (عليهما السلام)، تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة، فنعست «4» فسقط الإبريق من يد الجارية فشجه، فرفع رأسه إليها، فقالت له الجارية: إن الله تعالى يقول: وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ قال: «قد كظمت غيظي» قالت: وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ قال لها: «عفا الله عنك» قالت: وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قال: «اذهبي فأنت حرة لوجه الله».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 89/ 5. [.....]

2- الإرشاد: 257.

3- الإرشاد 257.

(1) (عن أبيه) ليس في المصدر. انظر معجم رجال الحديث 14: 166.

(2) في المصدر: و تسعون.

(3) في المصدر: عبيد اللّه، تصحيف، و هو الحافظ عبد اللّه بن محمّد بن عبد اللّه الجعفي المسندي، شيخ البخاري و أستاذه، روى عن عبد الرزّاق. سير أعلام النبلاء 10: 658.

(4) في المصدر: فتعبت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 690

سورة آل عمران(3): الآيات 135 الي 136 ..... ص : 690

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ- إلى قوله تعالى- وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ [135- 136]

1919/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد

بن النضر، عن عمرو ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ.

قال: «الإصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله، و لا يحدث نفسه بتوبة، فذلك الإصرار».

1920/ [2]- عنه، قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن حفص بن المؤذن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1»- في حديث طويل- قال يعظ أصحابه: «و إياكم و الإصرار على شي ء مما حرم الله تعالى في ظهر القرآن و بطنه، و قد قال الله تعالى: وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ «2» يعني المؤمنين قبلكم، إذا نسوا شيئا مما اشترط الله في كتابه عرفوا أنهم قد عصوا في تركهم ذلك الشي ء، فاستغفروا و لم يعودوا إلى تركه، فذلك معنى قول الله: وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ».

1921/ [3]- العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «رحم الله عبدا لم يرض من نفسه أن يكون إبليس نظيرا له في دينه، و في كتاب الله نجاة من الردى، و بصيرة من العمى، و دليل إلى الهدى، و شفاء لما في الصدور فيما أمركم الله تعالى به من الاستغفار و التوبة، قال الله: وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ و قال:

وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ

يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً «3» فهذا ما أمر الله به من الاستغفار، و اشترط معه بالتوبة و الإقلاع عما حرم الله، فإنه يقول: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ «4»

__________________________________________________

1- الكافي 2: 219/ 2.

2- الكافي 8: 10/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 198/ 143.

(1) في المصدر زيادة: قال: و حدثني الحسن بن محمّد، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن القاسم بن الربيع الصّحّاف، عن إسماعيل بن مخلّد السّرّاج، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام).

(2) في المصدر زيادة: إلى ها هنا رواية القاسم بن الربيع.

(3) النّساء 4: 110.

(4) فاطر 35: 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 691

و هذه الآية تدل على أن الاستغفار لا يرفعه إلى الله تعالى إلا العمل الصالح و التوبة».

1922/ [4]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ.

قال: «الإصرار أن يذنب العبد و لا يستغفر الله، و لا يحدث نفسه بالتوبة، فذلك الإصرار».

الشيخ ورام: عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ مثله «1».

1923/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن علي بن معبد، عن علي بن سليمان النوفلي، عن فطر بن خليفة، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية: وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ صعد إبليس جبلا بمكة، يقال له: ثور، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا

إليه، فقالوا: يا سيدنا، لم تدعونا «2»؟! قال: نزلت هذه الآية، فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين، فقال: أنا لها بكذا و كذا. فقال: لست لها.

فقام آخر فقال مثل ذلك، فقال: لست لها. فقال الوسواس الخناس: أنا لها. فقال: بماذا؟ قال: أعدهم و أمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار. فقال: أنت لها. فوكله بها إلى يوم القيامة».

1924/ [6]- عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: أخبرنا أحمد بن صالح بن سعد التميمي، قال: حدثنا موسى بن داود، قال: حدثنا الوليد بن هشام، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن الحسن بن أبي الحسن «3» البصري، عن عبد الرحمن بن تميم الدوسي، قال: دخل معاذ بن جبل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) باكيا، فسلم فرد عليه السلام، ثم قال: «ما يبكيك، يا معاذ»؟

فقال: يا رسول الله، إن بالباب شابا طري الجسد، نقي اللون، حسن الصورة، يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها، يريد الدخول عليك.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «أدخل علي الشاب، يا معاذ» فأدخله عليه، فسلم، فرد عليه السلام، فقال: «ما يبكيك، يا شاب»؟ فقال: و كيف لا أبكي و قد ركبت ذنوبا إن أخذني الله عز و جل ببعضها أدخلني نار جهنم، و لا أراني إلا سيأخذني بها، و لا يغفرها لي أبدا.

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 198/ 144. [.....]

5- الأمالي: 376/ 5.

6- الأمالي: 45/ 3.

(1) مجموعة ورام 1: 18.

(2) في المصدر: دعوتنا.

(3) في «س و ط»: الحسن بن الحسن، و الصواب ما في المتن، روى عنه هشام بن حسّان، راجع تهذيب الكمال 6: 95- 126، سير أعلام

النبلاء 4:

563- 588.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 692

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «هل أشركت بالله شيئا»؟ قال: أعوذ بالله أن أشرك بربي شيئا.

قال: «أقتلت النفس التي حرم الله»؟ قال: لا.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يغفر الله لك ذنوبك، و إن كانت مثل الجبال الرواسي» قال الشاب: فإنها أعظم من الجبال الرواسي.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يغفر الله لك ذنوبك، و إن كانت مثل الأرضين السبع، و بحارها، و رمالها، و أشجارها، و ما فيها من الخلق» قال: فإنها أعظم من الأرضين و بحارها و رمالها و أشجارها و ما فيها من الخلق «1».

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يغفر الله لك ذنوبك، و إن كانت مثل السماوات و نجومها، و مثل العرش و الكرسي» قال: فإنها أعظم من ذلك.

فنظر النبي (صلى الله عليه و آله) كهيئة الغضبان، ثم قال: «ويحك يا شاب، ذنوبك أعظم من ربك»؟ فخر الشاب على وجهه، و هو يقول: سبحان الله ربي، ما من شي ء أعظم من ربي، ربي أعظم يا نبي الله، الله أعظم من كل عظيم.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «فهل يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم»؟ فقال الشاب: لا و الله، يا رسول الله. ثم سكت الشاب. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «ويحك- يا شاب- ألا تخبرني بذنب واحد من نوبك»؟.

قال: بلى، أخبرك، أني كنت أنبش القبور سبع سنين، أخرج الأموات و أنزع الأكفان، فماتت جارية من بعض بنات الأنصار، فلما حملت إلى قبرها و دفنت، و انصرف عنها أهلها، و جن عليهم الليل، أتيت قبرها فنبشتها، ثم استخرجتها و نزعت ما كان عليها

من أكفانها، و تركتها مجردة على شفير قبرها و مضيت منصرفا، فأتاني الشيطان فأقبل يزينها لي، و يقول: أما ترى بطنها و بياضها، أما ترى وركيها؟! فلم يزل يقول لي هذا حتى رجعت إليها، و لم أملك نفسي حتى جامعتها و تركتها مكانها، فإذا أنا بصوت من ورائي، يقول: يا شاب، ويل لك من ديان يوم الدين، يوم يقفني و إياك كما تركتني عريانة في عسكر الموتى «2»، و نزعتني من حفرتي و سلبتني أكفاني، و تركتني أقوم جنبة إلى حسابي، فويل لشبابك من النار. فما أظن أني أشم رائحة الجنة أبدا، فما ترى لي، يا رسول الله؟

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «تنح عني يا فاسق، إني أخاف أن أحترق بنارك، فما أقربك من النار!».

ثم لم يزل (صلى الله عليه و آله) يقول و يشير إليه حتى أمعن من بين يديه فذهب، فأتى المدينة فتزود منها، ثم أتى بعض جبالها فتعبد فيها، و لبس مسحا، و غل يديه جميعا إلى عنقه، و نادى: يا رب، هذا عبدك بهلول، بين يديك مغلول، يا رب أنت الذي تعرفني، و زل مني ما تعلم يا سيدي، يا رب، إني أصبحت من النادمين، و أتيت نبيك تائبا فطردني و زادني خوفا، فأسألك باسمك و جلالك و عظمة سلطانك أن لا تخيب رجائي، سيدي و لا تبطل دعائي و لا تقنطني من رحمتك. فلم يزل يقول ذلك أربعين يوما و ليلة، تبكي له السباع و الوحوش، فلما تم له أربعون يوما و ليلة رفع يديه إلى السماء، و قال: اللهم ما فعلت في حاجتي؟ إن كنت استجبت دعائي، و غفرت خطيئتي، فأوح

__________________________________________________

(1) (قال فإنّها أعظم من الأرضين ...

الخلق) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: عساكر الموت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 693

إلى نبيك، و إن لم تستجب دعائي، و لم تغفر لي خطيئتي، و أردت عقوبتي، فعجل بنار تحرقني أو عقوبة في الدنيا تهلكني، و خلصني من فضيحة يوم القيامة. فأنزل الله تبارك و تعالى على نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً يعني الزنا أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ يعني بارتكاب ذنب أعظم من الزنا، و نبش القبور، و أخذ الأكفان ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ يقول: خافوا الله فعجلوا التوبة وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ يقول الله عز و جل: أتاك عبدي- يا محمد- تائبا فطردته، فأين يذهب، و إلى من يقصد، و من يسأل أن يغفر له ذنبا غيري؟! ثم قال عز و جل: وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ يقول: لم يقيموا على الزنا، و نبش القبور، و أخذ الأكفان أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ.

فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) خرج و هو يتلوها و يتبسم «1». فقال لأصحابه: «من يدلني على ذلك الشاب»؟ فقال معاذ: يا رسول الله، بلغنا أنه في موضع كذا و كذا. فمضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأصحابه حتى انتهوا إلى ذلك الجبل، فصعدوا إليه يطلبون الشاب، فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين، مغلولة يداه إلى عنقه، قد اسود وجهه، و تساقطت أشفار عينيه من البكاء، و هو يقول: سيدي، قد أحسنت خلقي و أحسنت صورتي، فليت شعري ما ذا تريد بي، أفي النار تحرقني أم في جوارك تسكنني؟

اللهم

إنك قد أكثرت الإحسان إلي و أنعمت علي، فليت شعري ماذا يكون آخر أمري، إلى الجنة تزفني، أم إلى النار تسوقني؟ اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات و الأرضين، و من كرسيك الواسع، و عرشك العظيم، فليت شعري تغفر خطيئتي، أم تفضحني بها يوم القيامة؟

فلم يزل يقول نحو هذا و هو يبكي و يحثو التراب على رأسه، و قد أحاطت به السباع، و صفت فوقه الطير و هم يبكون لبكائه، فدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأطلق يديه من عنقه، و نفض التراب عن رأسه، و قال: «يا بهلول، أبشر فإنك عتيق الله من النار» ثم قال (عليه السلام) لأصحابه: «هكذا تداركوا الذنوب، كما تداركها بهلول» ثم تلا عليه ما أنزل الله عز و جل فيه، و بشره بالجنة.

سورة آل عمران(3):آية 140 ..... ص : 693

قوله تعالى:

إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [140]

__________________________________________________

(1) في «ط»: يتلوها في تبسّم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 694

1925/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و تآمرت قريش على أن يرجعوا و يغيروا «1» على المدينة، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أي رجل يأتينا بخبر القوم» فلم يجبه أحد، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أنا آتيك بخبرهم» قال:

«اذهب، فإن كانوا ركبوا الخيل و جنبوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، و الله لئن أرادوا المدينة لأنازلن «2» الله فيهم، و إن كانوا ركبوا الإبل و جنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة».

فمضى أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما به من الألم و الجراحات حتى كان قريبا من القوم، فرآهم قد ركبوا الإبل و جنبوا

الخيل، فرجع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أرادوا مكة».

فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) المدينة نزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم و لا يخرج معك إلا من كانت به جراحة. فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) مناديا ينادي: يا معشر المهاجرين و الأنصار، من كانت به جراحة فليخرج، و من لم يكن به جراحة فليقم. فأقبلوا يضمدون جراحاتهم و يداوونها، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ «3» و هذه الآية في سورة النساء، و يجب أن تكون في هذه السورة.

قال الله عز و جل: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ فخرجوا على ما بهم من الألم و الجراح، فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بحمراء الأسد «4»، و قريش قد نزلت الروحاء، قال عكرمة بن أبي جهل، و الحارث بن هشام، و عمرو بن العاص، و خالد بن الوليد: نرجع فنغير على المدينة، فقد قتلنا سراتهم «5» و كبشهم «6»- يعنون حمزة- فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر، فقال: تركت محمدا و أصحابه بحمراء الأسد يطلبونكم أجد الطلب. فقال أبو سفيان: هكذا النكد و البغي، قد ظفرنا بالقوم و بغينا، و الله ما أفلح قوم قط بغوا.

فوافاهم نعيم بن مسعود

الأشجعي، فقال أبو سفيان: أين تريد؟ قال: المدينة، لأمتار «7» لأهلي طعاما. قال:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 124.

(1) (و يغيروا) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: لا يأذن.

(3) النّساء 4: 104.

(4) حمراء الأسد: موضع على ثمانية أميال من المدينة. «معجم البلدان 2: 301».

(5) أي أشرافهم. «النهاية 2: 363». [.....]

(6) الكبش: سيّد القوم و قائدهم. «تاج العروس- كبش- 4: 341».

(7) الميرة: الطعام. «تاج العروس- مير- 3: 552».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 695

هل لك أن تمر بحمراء الأسد و تلقى أصحاب محمد و تعلمهم أن حلفاءنا و موالينا قد وافونا من الأحابيش «1» حتى يرجعوا عنا، و لك عندي عشرة قلائص «2» أملأها تمرا و زبيبا؟ قال: نعم.

فوافى من غد ذلك اليوم حمراء الأسد، فقال لأصحاب محمد (صلى الله عليه و آله): أين تريدون؟ قالوا: قريش.

قال: ارجعوا، فإن قريشا قد اجتمع «3» إليهم حلفاؤهم، و من كان تخلف عنهم، و ما أظن إلا و أوائل القوم قد طلعوا عليكم الساعة. فقالوا: حسبنا الله و نعم الوكيل، ما نبالي أن يطلعوا علينا.

فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: ارجع- يا محمد- فإن الله قد أرعب قريشا، و مروا لا يلوون على شي ء. فرجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة فأنزل الله: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَ اتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ يعني نعيم بن مسعود، فهذا لفظه عام و معناه خاص إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ

ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ «4».

فلما دخلوا المدينة، قال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما هذا الذي أصابنا، و لقد كنت تعدنا النصر؟

فأنزل الله: أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ «5» و ذلك أن يوم بدر قتل من قريش سبعون، و أسر منهم سبعون، و كان الحكم في الأسارى القتل، فقامت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا رسول الله، هبهم لنا، و لا تقتلهم حتى نفاديهم. فنزل به جبرئيل، و قال: إن الله قد أباح لهم الفداء، أن يأخذوا من هؤلاء و يطلقوهم، على أن يستشهد منهم في عام قابل بقدر من يأخذون منه الفداء من هؤلاء. فأخبرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهذا الشرط، فقالوا: قد رضينا به، نأخذ العام الفداء من هؤلاء و نتقوى به، و يقتل منا في عام قابل بعدد ما نأخذ منه الفداء و ندخل الجنة، فأخذوا منهم الفداء و أطلقوهم.

فلما كان في هذا اليوم- و هو يوم احد- قتل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) سبعون، فقالوا: يا رسول الله، ما هذا الذي قد أصابنا، و قد كنت تعدنا النصر؟ فأنزل الله: أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ بما اشترطتم يوم بدر.

1926/ [2]- العياشي: عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ.

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 199/ 145.

(1) الأحابيش: الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة واحدة.

(2) القائص: الشوابّ من الإبل، و النوق الطويلة القوائم. «تاج العروس- قلص- 4: 426».

(3) في

المصدر: أجنحت.

(4) آل عمران 3: 172- 174.

(5) آل عمران 3: 165.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 696

قال: «ما زال منذ خلق الله تعالى آدم دولة لله و دولة لإبليس، فأين دولة الله تعالى، أما «1» هو إلا قائم واحدا؟».

سورة آل عمران(3):آية 141 ..... ص : 696

قوله تعالى:

وَ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ [141]

1927/ [1]- العياشي: عن الحسن بن علي الوشاء، بإسناد له يرسله إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «و الله لتمحصن، و الله لتميزن، و الله لتغربلن حتى لا يبقى منكم إلا الأندر».

قلت: و ما الأندر؟ قال: «البيدر «2»، و هو أن يدخل الرجل بيته «3» الطعام يطين عليه، ثم يخرجه قد أكل بعضه بعضا، فلا يزال ينقيه، ثم يكن عليه، ثم يخرجه، حتى يفعل ذلك ثلاث مرات، حتى يبقى ما لا يضره شي ء».

سورة آل عمران(3):آية 142 ..... ص : 696

قوله تعالى:

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [142]

1928/ [2]- العياشي: عن داود الرقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ.

قال: «إن الله هو أعلم بما هو مكونه قبل أن يكونه، و هم ذر، و علم من يجاهد ممن لا يجاهد، كما علم أنه يميت خلقه قبل أن يميتهم، و لم يرهم موتهم و هم أحياء».

1929/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: روي أن المغيرة بن العاص كان رجلا أعسر، فحمل في طريقه إلى احد ثلاثة أحجار، فقال: بهذه أقتل محمدا. فلما حضر القتال نظر إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و بيده السيف، فرماه

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 199/ 146.

2- تفسير العيّاشي 1: 199/ 147.

3- تفسير القمّي 1: 118.

(1) في «ط»: فإنّ دولة اللّه ما.

(2) في «س، ط»: الأندر. و في القاموس المحيط- ندر. 2: 145: الأندر: البيدر، أو كدس القمح.

(3) في «س، ط»: فيه، و ما أثبتناه من نسخة من البحار 5: 216/ 1. [.....]

البرهان في تفسير

القرآن، ج 1، ص: 697

بحجر فأصاب به «1» رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسقط السيف من يده، فقال: قتلته و اللات و العزى. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «كذبت، لعنك «2» الله» فرماه بحجر آخر فأصاب جبهته، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اللهم حيره» فلما انكشف الناس تحير، فلحقه عمار بن ياسر فقتله. و سلط الله على ابن قميئة الشجر، و كان يمر بالشجرة فيقع وسطها فتأخذ من لحمه، فلم يزل كذلك حتى صار مثل الصر «3»، و مات لعنه الله.

و رجع المنهزمون من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله على رسوله: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ يعني و لما ير، لأنه عز و جل قد علم قبل ذلك من يجاهد و من لا يجاهد، فأقام العلم مقام الرؤية، لأنه يعاقب الناس بفعلهم لا بعلمه.

1930/ [3]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن جعفر (عليه السلام)، قال: كان يقول: «و الله [لا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا و تمحصوا، ثم يذهب من كل عشرة شي ء، و لا يبقى منكم إلا الأندر، ثم تلا هذه الآية: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ».

سورة آل عمران(3):آية 143 ..... ص : 697

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [143]

1931/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ الآية: «فإن المؤمنين لما أخبرهم الله بالذي فعل بشهدائهم يوم بدر و منازلهم في الجنة رغبوا

في ذلك، فقالوا: اللهم أرنا قتالا نستشهد فيه. فأراهم الله إياه يوم احد، فلم يثبتوا إلا من شاء الله منهم، فذلك قوله: وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ» الآية.

سورة آل عمران(3):آية 144 ..... ص : 697

قوله تعالى:

وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ

__________________________________________________

3- قرب الإسناد: 162.

1- تفسير القمّي 1: 119.

(1) في «ط»: يد.

(2) في المصدر: كذب لعنه.

(3) الصرّ: طائر كالعصفور أصفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 698

انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [144] 1932/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما خرج يوم احد و عهد العاهد به على تلك الحال، فجعل الرجل يقول لمن لقيه: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد، قتل النجاء النجاء «1». فلما رجعوا إلى المدينة أنزل الله: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إلى قوله تعالى: انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ يقول: إلى الكفر.

1933/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان الناس أهل ردة بعد النبي (صلى الله عليه و آله) إلا ثلاثة».

فقلت: و من الثلاثة؟ فقال: «المقداد بن الأسود، و أبو ذر الغفاري، و سلمان الفارسي (رحمة الله و بركاته عليهم)، ثم عرف أناس بعد يسير». و قال: «هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى، و أبوا أن يبايعوا حتى جاءوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) مكرها فبايع، و ذلك قول الله عز و جل: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً

وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ».

1934/ [3]- عنه: بإسناده عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضا لله عز ذكره، و ما كان الله تعالى ليفتن امة محمد (صلى الله عليه و آله) من بعده.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أو ما يقرءون كتاب الله؟ أو ليس الله يقول: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ؟.

قال: فقلت له: إنهم يفسرون على وجه آخر.

فقال: «أو ليس قد أخبر الله عز و جل عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، حيث قال: وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ «2»».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 119.

2- الكافي 8: 245/ 341.

3- الكافي 8: 270/ 398.

(1) أي انجوا بأنفسكم.

(2) البقرة 2: 253.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 699

1935/ [4]- أمالي الشيخ: بإسناده عن ابن عباس (رحمه الله): أن عليا (عليه السلام) كان يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله عز و جل يقول: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ و الله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ

هدانا الله و لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل «1» عليه حتى أموت، و الله إني لأخوه و ابن عمه و وارثه، فمن أحق به مني؟».

1936/ [5]- ابن شهر آشوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله تعالى: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ يعني بالشاكرين «2» علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و المرتدين على أعقابهم: الذين ارتدوا عنه.

1937/ [6]- العياشي: عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان الناس أهل ردة بعد النبي (صلى الله عليه و آله) إلا ثلاثة».

فقلت: و من الثلاثة؟

قال: «المقداد، و أبو ذر، و سلمان الفارسي» ثم عرف أناس بعد يسير، فقال: «هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى، و أبوا أن يبايعوا حتى جاءوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) مكرها فبايع، و ذلك قول الله: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ».

1938/ [7]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما قبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة: علي (عليه السلام)، و المقداد، و سلمان، و أبو ذر» فقلت: فعمار؟ فقال: «إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شي ء فهؤلاء الثلاثة».

1939/ [8]- عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في كلام له يوم الجمل: «يا أيها الناس، إن الله تبارك اسمه و عز جنده لم يقبض نبيا قط

حتى يكون له في أمته من يهدي بهداه، و يقصد سيرته، و يدل على معالم سبيل الحق الذي فرض الله على عباده» ثم قرأ: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ.

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 116، ترجمة الإمام عليّ (عليه السّلام) لابن عساكر 1: 127/ 153، الرياض النضرة 3: 206، فرائد السمطين 1: 224/ 175.

5- المناقب 2: 120.

6- تفسير العيّاشي 1: 199/ 148.

7- تفسير العيّاشي 1: 199/ 149. [.....]

8- تفسير العيّاشي 1: 200/ 150.

(1) في «ط»: أو قتل قاتلت.

(2) في المصدر زيادة: صاحبك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 700

1940/ [9]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن العامة تزعم أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع لها الناس كانت رضا لله، و ما كان الله ليفتن امة محمد من بعده.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أو ما يقرءون كتاب الله؟ أليس الله يقول: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ؟» الآية.

قال: فقلت له: إنهم يفسرون هذا على وجه آخر.

قال: فقال: «أو ليس قد أخبر الله عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، حين قال: وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ إلى قوله: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ «1» الآية، ففي هذا ما يستدل به على أن أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) قد اختلفوا من بعده، فمنهم من آمن، و منهم من كفر».

1941/ [10]- عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال «تدرون مات النبي (صلى الله عليه و آله) أو

قتل، إن الله يقول: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فسم قبل الموت، إنهما سقتاه» فقلنا: إنهما و أبويهما شر من خلق الله.

1942/ [11]- عن الحسين بن المنذر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ القتل أو الموت؟ قال: «يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا».

سورة آل عمران(3): الآيات 145 الي 146 ..... ص : 700

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [145- 146]

1943/ [1]- العياشي: عن منصور بن الصيقل، أنه سمع أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقرأ: «و كاين من نبي قتل «2» معه ربيون كثير» قال: «ألوف و ألوف- ثم قال- إي و الله يقتلون».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 200/ 151.

10- تفسير العيّاشي 1: 200/ 152.

11- تفسير العيّاشي 1: 200/ 153.

1- تفسير العيّاشي 1: 201/ 154.

(1) البقرة 2: 253.

(2) قال الطبرسيّ (رحمه اللّه): قرأ أهل البصرة و ابن كثير و نافع (قتل) بضم القاف بغير ألف، و هي قراءة ابن عبّاس، و الباقون «قاتل» بألف، و هي قراءة ابن مسعود. «مجمع البيان 2: 853».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 701

1944/ [2]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): في حديث سبعين منقبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) دون الصحابة، بإسناده عن ابن دأب، و ذكر مناقبه إلى أن قال: ثم ترك الوهن و الاستكانة، إنه انصرف من احد و به ثمانون جراحة، تدخل الفتائل من موضع و تخرج من موضع، فدخل عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) عائدا و هو مثل المضغة على نطع «1»، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بكى و قال له: «إن رجلا يصيبه

هذا في الله تعالى لحق على الله أن يفعل به و يفعل» فقال مجيبا له و بكى: «بأبي أنت و أمي، الحمد لله الذي لم يرني وليت عنك و لا فررت، بأبي أنت و أمي كيف حرمت الشهادة» قال: «إنها من ورائك إن شاء الله».

قال: فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن أبا سفيان قد أرسل موعده: بيننا و بينكم حمراء الأسد» فقال:

«بأبي أنت و أمي، و الله لو حملت على أيدي الرجال ما تخلفت عنك» قال: فنزل القرآن: وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ و نزلت الآية فيه قبلها: وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَ سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ.

ثم ترك الشكاية من ألم الجراحات، و شكت المرأتان إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما يلقى، و قالتا: يا رسول الله، قد خشينا عليه مما تدخل الفتائل في موضع الجراحات من موضع إلى موضع، و كتمانه ما يجد من الألم. قال:

فعد ما به من أثر الجراحات عند خروجه من الدنيا، فكانت ألف جراحة من قرنه إلى قدمه (صلوات الله عليه).

1945/ [3]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ إلى قوله تعالى: وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ «2» يقول: كأين من نبي قبل محمد (صلى الله عليه و آله) قتل معه ربيون كثير، و الربيون: الجموع الكثيرة، و الربوة الواحدة عشرة آلاف.

1946/ [4]- أبو علي الطبرسي:

الربيون عشرة آلاف. و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، يقول الله تعالى:

فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ من قتل نبيهم.

1947/ [5]- و قال أبو علي الطبرسي: من أسند الضمير الذي في «قتل» إلى «نبي»، فالمعنى: كم من نبي قتل قبل ذلك النبي، و كان مع ذلك النبي جماعة كثيرة، فقاتل أصحابه بعده و ما وهنوا و ما فتروا. و قال: فعلى هذا يكون النبي المقتول و الذين معه لا يهنون، بين الله سبحانه لو كان قتل النبي (صلى الله عليه و آله) كما ارجف بذلك يوم أحد، لما أوجب ذلك أن يضعفوا و يهنوا، كما لم يهن من كان مع الأنبياء بقتلهم. قال: و هو المروي عن أبي

__________________________________________________

2- الإختصاص: 158.

3- تفسير القمّي 1: 119.

4- مجمع البيان 2: 854.

5- مجمع البيان 2: 854.

(1) النّطع: بساط من الجلد. «مجمع البحرين- نطع- 4: 397». [.....]

(2) آل عمران 3: 161.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 702

جعفر (عليه السلام).

سورة آل عمران(3):آية 147 ..... ص : 702

قوله تعالى:

وَ ما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ إِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [147] 1948/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ ما كانَ قَوْلَهُمْ إلى قوله: فِي أَمْرِنا يعنون خطاياهم.

سورة آل عمران(3): الآيات 149 الي 154 ..... ص : 702

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [149- 154] 1949/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يعني عبد الله ابن أبي حيث خرج مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم رجع يجبن أصحابه.

1950/ [3]- أبو علي الطبرسي: في قوله: بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَ هُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ قيل: نزلت في المنافقين إذ قالوا للمؤمنين يوم احد، يوم الهزيمة: ارجعوا إلى إخوانكم، و ارجعوا إلى دينهم، عن علي (عليه السلام).

1951/ [4]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ يعني قريشا بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ.

قوله تعالى: وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ يعني أن ينصركم الله عليهم إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ إذ تقتلونهم بإذن الله حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَ تَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَ عَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا يعني أصحاب عبد الله بن جبير الذين تركوا مراكزهم و فروا للغنيمة.

و قوله تعالى: وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ يعني عبد الله بن جبير و أصحابه الذين بقوا حتى قتلوا ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ أي يختبركم وَ لَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ثم ذكر المنهزمين من

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 120.

2- تفسير القمّي 1: 120.

3- مجمع البيان 2: 856.

4- تفسير القمّي 1: 120.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 1، ص: 703

أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ إلى قوله:

وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.

1952/ [4]- و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ «فأما الغم الأول فالهزيمة و القتل، و أما الآخر فإشراف خالد بن الوليد عليهم، يقول: لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ من الغنيمة وَ لا ما أَصابَكُمْ يعني قتل إخوانهم وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ يعني الهزيمة».

1953/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: و تراجع أصحاب رسول الله المجروحون و غيرهم، فأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأحب الله أن يعرف رسوله من الصادق منهم و من الكاذب، فأنزل الله عليهم النعاس في تلك الحالة حتى كانوا يسقطون إلى الأرض، و كان المنافقون الذين يكذبون لا يستقرون، قد طارت عقولهم، و هم يتكلمون بكلام لا يفهم عنهم، فأنزل الله: يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ يعني المؤمنين وَ طائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْ ءٍ قال الله لمحمد (صلى الله عليه و آله): قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا يقولون: لو كنا في بيوتنا ما أصابنا القتل، قال الله: لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَ لِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَ لِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ فأخبر الله رسوله ما في قلوب القوم و من كان منهم مؤمنا، و من كان

منهم منافقا كاذبا بالنعاس، فأنزل الله عليه: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ «1» يعني المنافق الكاذب من المؤمن الصادق بالنعاس الذي ميز بينهم.

1954/ [6]- العياشي: عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر يوم احد: «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كسرت رباعيته، و إن الناس ولوا مصعدين في الوادي، و الرسول يدعوهم في أخراهم فأثابهم غما بغم، ثم انزل عليهم النعاس».

فقلت: النعاس ما هو؟ قال: «الهم، فلما استيقظوا قالوا: كفرنا. و جاء أبو سفيان، فعلا فوق الجبل بإلهه هبل، فقال: اعل هبل. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) يومئذ: الله أعلى و أجل. فكسرت رباعية رسول الله (صلى الله عليه و آله) و شكت لثته «2»، و قال: نشدتك يا رب ما وعدتني، فإنك إن شئت لم تعبد.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، أين كنت؟ فقال: يا رسول الله، لزقت «3» بالأرض. فقال: ذاك الظن بك،

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 120.

5- تفسير القمّي 1: 120.

6- تفسير العيّاشي 1: 201/ 155.

(1) آل عمران 3: 179.

(2) في «ط» و المصدر: و اشتكت لثّته، و في «ط» نسخة بدل: و شكّت ثنيّته.

(3) أي لم أخرّ و لم أبرح مكاني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 704

فقال: يا علي، ائتني بماء أغسل عني. فأتاه في صحفة «1»، فإذا رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد عافه. و قال: ائتني في يدك. فأتاه بماء في كفه، فغسل رسول الله عن لحيته (صلى الله عليه و آله)».

سورة آل عمران(3): الآيات 155 الي 156 ..... ص : 704

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ

بِبَعْضِ ما كَسَبُوا- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [155- 156]

1955/ [1]- العياشي: عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله: إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا: «فهو في عقبة بن عثمان، و عثمان بن سعد».

1956/ [2]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما انهزم الناس عن النبي (صلى الله عليه و آله) يوم احد، نادى رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله قد وعدني أن يظهرني على الدين كله. فقال له بعض المنافقين، و سماهما: فقد هزمنا و تسخر بنا».

1957/ [3]- عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا. قال: «هم أصحاب العقبة».

1958/ [4]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ: أي خدعهم حتى طلبوا الغنيمة بِبَعْضِ ما كَسَبُوا قال: بذنوبهم وَ لَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ.

ثم قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا يعني عبد الله بن أبي و أصحابه الذين قعدوا عن الحرب وَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَ اللَّهُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.

سورة آل عمران(3): الآيات 157 الي 158 ..... ص : 704

قوله تعالى:

وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 201/ 156.

2- تفسير العيّاشي 1: 201/ 157.

3- تفسير العيّاشي 1: 201/ 158. [.....]

4- تفسير القمّي 1: 121.

(1) الصّحفة: القصعة الكبيرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 705

- إلى

قوله تعالى- لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ [157- 158]

1959/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية في قول الله عز و جل: وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ. قال: فقال: «أ تدري ما سبيل الله»؟ قلت: لا و الله حتى أسمعه منك.

قال: «سبيل الله: علي (عليه السلام) و ذريته، من قتل في ولايته قتل في سبيل الله، و من مات في ولايته مات في سبيل الله».

1960/ [2]- سعد بن عبد الله القمي: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الله بن المغيرة، عمن حدثه، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله عز و جل: وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ.

قال: «يا جابر، أ تدري ما سبيل الله»؟ قلت: لا و الله إلا إذا سمعت منك. فقال: «القتل في سبيل الله في ولاية علي (عليه السلام) و ذريته، فمن قتل في ولايته قتل في سبيل الله، و ليس من أحد يؤمن بهذه الآية إلا و له قتلة و ميتة، إنه من قتل ينشر حتى يموت، و من يموت ينشر حتى يقتل».

1961/ [3]- عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و عبد الله بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: كرهت أن سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجعة، فاحتلت مسألة لطيفة لأبلغ بها حاجتي منها، فقلت: أخبرني عمن قتل، مات؟

قال: «لا، الموت موت، و القتل قتل».

قلت: ما أحد يقتل إلا و قد مات؟ قال: «قد فرق بين الموت و القتل في القرآن، فقال: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ «1» و قال: وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ فليس كما قلت- يا زرارة- فالموت موت و القتل قتل، و قد قال الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا «2»».

قال: قلت: إن الله عز و جل يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «3» أ فرأيت من قتل لم يذق الموت؟ فقال:

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 167/ 1.

2- مختصر بصائر الدرجات: 25.

3- مختصر بصائر الدرجات: 19.

(1) آل عمران 3: 144.

(2) التّوبة 9: 111.

(3) آل عمران 3: 185، الأنبياء 21: 35، العنكبوت 29: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 706

«ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه، إن من قتل لا بد أن يرجع إلى الدنيا حتى يذوق الموت».

1962/ [4]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ. قال لي: «يا جابر أ تدري ما سبيل الله»؟ قال: [قلت:] لا أعلم إلا أن أسمعه منك.

قال: «سبيل الله علي و ذريته (عليهم السلام)، و من قتل في ولايتهم قتل في سبيل الله، و من مات في ولايتهم مات في سبيل الله».

1963/ [5]- عن زرارة، قال: كرهت أن أسأل أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجعة، و استخفيت ذلك، قلت: لأسألن مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: أخبرني عمن قتل، أمات؟ قال: «لا، الموت موت، و القتل قتل».

قلت: ما أحد يقتل

إلا و قد مات؟ فقال: «قول الله أصدق من قولك، فرق بينهما في القرآن، فقال: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ «1» و قال: وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ و ليس كما قلت- يا زرارة- الموت موت، و القتل قتل».

قلت: فإن الله يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «2». قال: «من قتل لم يذق الموت- ثم قال-: لا بد من أن يرجع حتى يذوق الموت».

1964/ [6]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ، و قد قال الله: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «3»؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «قد فرق الله بينهما- ثم قال-: أ كنت قاتلا رجلا لو قتل أخاك»؟ قلت: نعم. قال: «فلو مات موتا، أ كنت قاتلا به أحدا؟» قلت: لا. قال: «ألا ترى كيف فرق الله بينهما؟».

1965/ [7]- عن عبد الله بن المغيرة، عمن حدثه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله:

وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ. قال: «أ تدري- يا جابر- ما سبيل الله»؟ فقلت: لا و الله، إلا أن أسمعه منك.

قال: «سبيل الله علي (عليه السلام) و ذريته، فمن قتل في ولايته قتل في سبيل الله، و من مات في ولايته مات في سبيل الله، ليس من مؤمن في «4» هذه الامة إلا و له قتلة و ميتة- قال-: إنه من قتل ينشر حتى يموت، و من مات ينشر حتى يقتل».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 202/ 159.

5- تفسير العيّاشي 1: 202/ 160.

6- تفسير العيّاشي 1: 202/ 161.

7- تفسير العيّاشي 1: 202/ 162.

(1) آل عمران 3: 144.

(2) آل عمران 3: 185، الأنبياء 21: 35،

العنكبوت 29: 57. [.....]

(3) آل عمران 3: 185، الأنبياء 21: 35، العنكبوت 29: 57.

(4) في المصدر: يؤمن من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 707

سورة آل عمران(3): الآيات 159 الي 160 ..... ص : 707

قوله تعالى:

فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [159- 160] 1966/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم قال لنبيه: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ أي انهزموا و لم يقيموا معك، ثم قال تأديبا لرسوله: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

1967/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق، و محمد بن أحمد السناني، و علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن جعفر بن سليمان البصري، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: قلت: قوله عز و جل: وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ «1» و قوله عز و جل: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ.

فقال: «إذ فعل العبد ما أمره الله عز و جل به من الطاعة كان فعله وفقا لأمر الله عز و جل و سمي العبد موفقا، و إذا أراد العبد أن يدخل في شي ء من معاصي الله فحال الله تبارك و تعالى

بينه و بين تلك المعصية فتركها كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره، و متى خلى بينه و بين المعصية، فلم يحل بينه و بينها حتى يركبها، فقد خذله و لم ينصره «2» و لم يوفقه».

1968/ [3]- العياشي: عن صفوان، قال: استأذنت لمحمد بن خالد على الرضا أبي الحسن (عليه السلام)، و أخبرته أنه ليس يقول بهذا القول، و إنه قال: و الله لا أريد بلقائه إلا لأنتهي إلى قوله، فقال: «أدخله» فدخل، فقال له: جعلت فداك، إنه كان فرط مني شي ء، و أسرفت على نفسي، و كان فيما يزعمون أنه كان يعيبه، فقال: و أنا أستغفر الله مما كان مني فأحب أن تقبل عذري و تغفر لي ما كان مني.

فقال: «نعم، أقبل، إن لم أقبل كان إبطال ما يقول هذا و أصحابه- و أشار إلي بيده- و مصداق ما يقول الآخرون- يعني المخالفين- قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 121.

2- التوحيد: 242/ 1.

3- تفسير العياشي 1: 203/ 163.

(1) هود 11: 88.

(2) في المصدر زيادة: و لم يوفقه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 708

مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ». ثم سأله عن أبيه، فأخبره أنه قد مضى، و استغفر له.

1969/ [4]- عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «جاء أعرابي- أحد بني عامر- فسأل عن النبي (صلى الله عليه و آله) فلم يجده، قالوا: هو يفرج «1». فطلبه فلم يجده، قالوا: هو بمنى- قال-: فطلبه فلم يجده، فقالوا: هو بعرفة.

فطلبه فلم يجده، قالوا: هو بالمشعر- قال-: فوجده في الموقف، قال: حلوا «2» لي النبي. فقال الناس: يا أعرابي، ما أنكرك، إذا وجدت النبي وسط القوم وجدته مفخما «3».

قال: بل حلوه لي حتى لا أسأل عنه أحدا.

قالوا: فإن نبي الله أطول من الربعة «4»، و أقصر من الطويل الفاحش، كأن لونه فضة و ذهب، أرجل «5» الناس جمة «6»، و أوسع الناس جبهة، بين عينيه غرة، أقنى الأنف «7»، واسع الجبين، كث اللحية، مفلح الأسنان، على شفته السفلى خال، كأن رقبته إبريق فضة، بعيد ما بين مشاشة «8» المنكبين، كأن بطنه و صدره سواء، سبط البنان، عظيم البراثن «9»، إذا مشى مشى متكفئا، و إذا التفت التفت بأجمعه، كأن يده من لينها متن أرنب، إذا قام مع إنسان لم ينفتل «10» حتى ينفتل صاحبه، و إذا جلس لم يحل حبوته «11» حتى يقوم جليسه.

فجاء الأعرابي، فلما نظر إلى النبي (صلى الله عليه و آله) عرفه، قال بمحجنه «12» على رأس ناقة رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ذنب ناقته، فأقبلت الناس تقول: ما أجرأك، يا أعرابي! قال النبي (صلى الله عليه و آله): دعوه فإنه أرب «13». ثم قال: ما حاجتك؟

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 203/ 164.

(1) كذا، و الظاهر أنّ الصواب «هو بقزح» قال يا قوت: هو القرن الذي يقف الامام عنده بالمزدلفة، و في مجمع البحرين: قزّح: اسم جبل بالمزدلفة. معجم البلدان 4: 341، مجمع البحرين- قزح- 2: 404.

(2) أي اذكروا أوصافه.

(3) مفخّما: معظّما. «مجمع البحرين- فخم- 6: 130».

(4) أي الوسيط القامة.

(5) الشعر الرّجل: الذي بين السبوطة و الجعودة. «أقرب الموارد- رجل- 1: 393».

(6) الجمّة: مجتمع شعر الناصية. «مجمع البحرين- جمم- 6:

30». [.....]

(7) القنا في الأنف: طوله ورقّة أرتبته مع حدب في وسطه. «مجمع البحرين- قنا- 1: 351».

(8) المشاشة: واحدة المشاش، و هي رءوس العظام اللّينة. «الصحاح- مشش- 3: 1019».

(9) البراثن: جمع برثن: الكفّ مع الأصابع. «مجمع البحرين- برثن- 6: 213».

(10) انفتل: انصرف. «لسان العرب- فتل- 11: 514».

(11) قال العلامة المجلسيّ (رحمه اللّه) نقلا عن الكازروني: من عادة العرب إذا جلس أحدهم متمكنا أن يحتبي بثوبه، فإذا أراد الرجل أن يقوم حلّ حبوته، يعني إذا جلس إليه رجل لم يقم من عنده حتّى يكون الرجل هو الذي يبدأ بالقيام. «بحار الأنوار 16: 186» و الحبوة: ما يحتبى به، أي يشتمل به، من ثوب أو عمامة.

(12) المحجن: عصا معقوفة الرأس كالصّولجان «النهاية 1: 347» و لعل المعنى: مال أو أشار بمحجنه.

(13) في «ط»: أديب. و الأرب: المحتاج، أو الحادق الكامل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 709

قال: جاءتنا رسلك أن تقيموا الصلاة، و تؤتوا الزكاة، و تحجوا البيت، و تغتسلوا من الجنابة، و بعثني قومي إليك [رائدا] أبغي أن أستحلفك، و أخشى أن تغضب.

قال: لا أغضب، إني أنا الذي سماني الله في التوراة و الإنجيل محمد رسول الله، المجتبى المصطفى، ليس بفحاش و لا سخاب «1» في الأسواق، و لا يتبع السيئة السيئة، و لكن يتبع السيئة الحسنة، فسلني عما شئت، و أنا الذي سماني الله في القرآن وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فاسأل عما شئت.

قال: إن الله الذي رفع السماوات بغير عمد هو أرسلك؟ قال: نعم، هو أرسلني.

قال: بالله الذي قامت السماوات بأمره هو الذي أنزل عليك الكتاب، و أرسلك بالصلاة المفروضة و الزكاة المعقولة؟ قال: نعم.

قال: و هو أمرك بالاغتسال من الجنابة،

و بالحدود كلها؟ قال: نعم.

قال: فإنا آمنا بالله، و رسله، و كتابه، و اليوم الآخر، و البعث، و الميزان، و الموقف، و الحلال، و الحرام، صغيره و كبيره. قال: فاستغفر له النبي (صلى الله عليه و آله) و دعا له».

1970/ [5]- أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار، قال: كتب إلي أبو جعفر (عليه السلام) أن «سل فلانا أن يشير علي و يتخير لنفسه «2»، فهو يعلم ما يجوز في بلده، و كيف يعامل السلاطين، فإن المشورة مباركة، قال الله لنبيه في محكم كتابه: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ فإن كان ما يقول مما يجوز كنت أصوب رأيه، و إن كان غير ذلك رجوت أن أضعه على الطريق الواضح إن شاء الله وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ يعني الاستخارة»

سورة آل عمران(3):آية 161 ..... ص : 709

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ [161]

1971/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، في حديث طويل قال (عليه السلام) فيه: «ألم ينسبوا نبينا محمدا (صلى الله عليه و آله) إلى أنه يوم بدر أخذ [لنفسه من المغنم

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 204/ 165.

1- الأمالي 92/ 3، سنن أبي داود 4: 31/ 3971، سنن الترمذي 5: 230/ 3009، تفسير الطبري 4: 102.

(1) السّخب: الصياح. «النهاية 2: 349».

(2) لعلّ المراد من قوله (عليه السّلام) (يشير عليّ) أي سله يظهر لي ما عنده من مصلحتي

في أمر كذا (و يتخيّر لنفسه) أي يتخيّر لي تخيّرا كتخيّره لنفسه، كما هو شأن الأخ المحبّ المحبوب الذي يخشى اللّه (تعالى) «من هامش بعض نسخ المصدر».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 710

قطيفة حمراء، حتى أظهره الله عز و جل على القطيفة، و برأ نبيه (صلى الله عليه و آله) من الخيانة، و أنزل في كتابه: وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ؟!».

1972/ [1]- العياشي: عن سماعة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الغلول كل شي ء غل من الإمام، و أكل مال اليتيم شبهة، و السحت شبهة».

1973/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ: «فصدق الله، لم يكن الله ليجعل نبيا غالا وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ و من غل شيئا رآه يوم القيامة في النار، ثم يكلف أن يدخل إليه فيخرجه من النار».

سورة آل عمران(3): الآيات 162 الي 167 ..... ص : 710

قوله تعالى:

أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ [162- 167]

1974/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ.

فقال: «الذين اتبعوا رضوان الله هم الأئمة، و هم- و الله، يا عمار- درجات للمؤمنين، و بولايتهم و معرفتهم إيانا يضاعف الله لهم

أعمالهم، و يرفع الله لهم الدرجات العلا».

1975/ [4]- العياشي: عن عمار بن مروان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ.

فقال: «هم الأئمة، و هم- و الله، يا عمار- درجات للمؤمنين عند الله، و بموالاتهم و بمعرفتهم إيانا يضاعف الله للمؤمنين حسناتهم، و يرفع الله لهم الدرجات العلا.

و أما قوله، يا عمار: كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ إلى قوله: الْمَصِيرُ فهم و الله الذين جحدوا حق علي ابن أبي طالب (عليه السلام) و حق الأئمة منا أهل البيت، فباءوا بذلك بسخط من الله».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 205/ 166.

2- تفسير القمّي 1: 122.

3- الكافي 1: 356/ 84. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 205/ 167.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 711

1976/ [3]- عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه ذكر قول الله: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ قال: «الدرجة ما بين السماء إلى الأرض».

1977/ [4]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ: فهذه الآية لآل محمد (صلى الله عليه و آله).

1978/ [5]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ يقول: بمعصيتكم أصابكم ما أصابكم إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ ما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَ لِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَ قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فهم ثلاث مائة منافق رجعوا مع عبد الله بن أبي سلول، فقال لهم جابر بن عبد الله: أنشدكم في نبيكم

و دينكم و دياركم، فقالوا: و الله لا يكون القتال اليوم، و لو نعلم أن يكون القتال لا تبعناكم، يقول الله: هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ.

1979/ [6]- العياشي: عن محمد بن أبي حمزة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها.

قال: «كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة و أربعين رجلا: قتلوا سبعين رجلا، و أسروا سبعين رجلا، فلما كان يوم احد أصيب من المسلمين سبعون رجلا، فاغتموا بذلك، فأنزل الله تبارك و تعالى: أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها».

سورة آل عمران(3): الآيات 169 الي 170 ..... ص : 711

قوله تعالى:

وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ- إلى قوله تعالى- وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [169- 170]

1980/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «هم و الله شيعتنا، إذا دخلوا الجنة و استقبلوا الكرامة من الله استبشروا بمن لم يلحقوا بهم من إخوانهم من المؤمنين في الدنيا».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 205/ 168.

4- تفسير القمّي 1: 122.

5- تفسير القمّي 1: 122.

6- تفسير العيّاشي 1: 205/ 169.

1- تفسير القمّي 1: 127.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 712

أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و هو رد على من يبطل الثواب و العقاب بعد الموت.

1981/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن الحارث بن محمد بن النعمان، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ

يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ.

قال: «هم و الله شيعتنا حين صارت أرواحهم في الجنة، و استقبلوا الكرامة من الله عز و جل، علموا و استيقنوا أنهم كانوا على الحق و على دين الله جل ذكره، فاستبشروا بمن لم يلحقوا بهم من إخوانهم من خلفهم من المؤمنين أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ».

1982/ [3]- عنه: بإسناده قال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لأبي بكر يوما: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ و أشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) مات شهيدا، و الله ليأتينك، فأيقن إذا جاءك، فإن الشيطان غير متخيل به، فأخذ علي (عليه السلام) بيد أبي بكر فأراه النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال (عليه السلام): «يا أبا بكر، آمن بعلي و بأحد عشر من ولده، إنهم مثلي إلا النبوة و تب إلى الله مما في يدك فإنه لا حق لك فيه. قال: ثم ذهب فلم يره».

1983/ [4]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أتى رجل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: إني راغب نشيط في الجهاد في سبيل الله قال: فجاهد في سبيل الله، فإنك إن تقتل كنت حيا عند الله ترزق، و إن مت فقد وقع أجرك على الله، و إن رجعت خرجت من الذنوب إلى الله، هذا تفسير وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً».

سورة آل عمران(3): الآيات 172 الي 174 ..... ص : 712

قوله تعالى:

الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [172- 174] تقدمت الرواية في الآية في هذه السورة «1»

و نزيد هنا:

1984/ [1]- ابن شهر آشوب، قال: ذكر الفلكي المفسر، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، و عن أبي

__________________________________________________

2- الكافي 8: 156/ 146.

3- الكافي 1: 448/ 13.

4- تفسير العيّاشي 1: 206/ 170.

1- المناقب 1: 194.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (140) من سورة آل عمران.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 713

رافع: أنها نزلت في علي (عليه السلام)، و ذلك أنه نادى يوم الثاني من احد في المسلمين فأجابوه، و تقدم علي (عليه السلام) براية المهاجرين في سبعين رجلا حتى انتهى إلى حمراء الأسد ليرهب العدو، و هي سوق على ثلاثة أميال من المدينة، ثم رجع إلى المدينة يوم الجمعة و خرج أبو سفيان حتى انتهى إلى الروحاء، فلقي معبد الخزاعي، فقال: ما وراءك؟ فأنشده:

كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل تردي «1» بأسد كرام لا تنابلة عند اللقاء و لا خرق معازيل فقال أبو سفيان لركب من عبد القيس: أبلغوا محمدا أني قتلت صناديدكم و أردت الرجعة لأستأصلكم.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «حسبنا الله و نعم الوكيل».

قال أبو رافع: قال ذلك علي (عليه السلام) فنزل الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ الآية.

1985/ [2]- و ذكر ابن شهر آشوب أيضا، قال: روي عن أبي رافع بطرق كثيرة، أنه لما انصرف المشركون يوم احد بلغوا الروحاء، قالوا: لا الكواعب أردفتم، و لا محمدا قتلتم، ارجعوا. فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فبعث في آثارهم عليا (عليه السلام) في نفر من الخزرج، فجعل لا يرتحل المشركون من منزل إلا نزله علي (عليه السلام)، فأنزل الله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ.

و

في خبر

أبي رافع: أن النبي (صلى الله عليه و آله) تفل على جراحه و دعا له، و بعثه خلف المشركين، فنزلت فيه الآية.

1986/ [3]- و روي من طريق الجمهور: أن النبي (صلى الله عليه و آله) وجه عليا (عليه السلام) في نفر في طلب أبي سفيان، فلقيه أعرابي من خزاعة، فقال له: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم- يعني أبا سفيان و أصحابه- فقالوا: يعني عليا و أصحابه: «حسبنا الله و نعم الوكيل» فنزلت هذه الآية إلى قوله: ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ.

1987/ [4]- العياشي: عن سالم بن أبي مريم، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعث عليا (عليه السلام) في عشرة اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ إلى أَجْرٌ عَظِيمٌ إنما نزلت في علي (عليه السلام)».

1988/ [5]- عن جابر، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «لما وجه النبي (صلى الله عليه و آله) أمير

__________________________________________________

2- المناقب 3: 125.

3- ... «نحوه» في كشف الغمة 1: 317 و الدر المنثور 2: 389 و انظر احقاق الحق 3: 374 و 14: 326 و 20: 43.

4- تفسير العيّاشي 1: 206/ 171، شواهد التنزيل 1: 133/ 184 و 185. [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 206/ 172.

(1) أي تسرع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 714

المؤمنين (عليه السلام) و عمار بن ياسر إلى أهل مكة قالوا: بعث هذا الصبي، و لو بعث غيره إلى أهل مكة، و في مكة صناديد قريش و رجالها؟! و الله، الكفر أولى بنا مما نحن فيه فساروا، و قالوا لهما، و خوفوهما بأهل مكة و غلظوا عليهما الأمر، فقال علي (عليه السلام): «حسبنا الله و نعم الوكيل».

و

مضيا، فلما دخلا مكة أخبر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) بقولهم لعلي (عليه السلام)، و بقول علي (عليه السلام) لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه، و ذلك قول الله: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ و إنما نزلت: ألم تر إلى فلان و فلان لقوا عليا و عمارا فقالا: إن أبا سفيان و عبد الله بن عامر و أهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم. فزادهم إيمانا، و قالوا: حسبنا الله و نعم الوكيل».

سورة آل عمران(3):آية 178 ..... ص : 714

قوله تعالى:

وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ [178]

1989/ [1]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له أخبرني عن الكافر، الموت خير له أم الحياة؟ فقال: «الموت خير للمؤمن و الكافر».

قلت: و لم؟ قال: «لأن الله يقول: وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ «1»، و يقول: وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ».

1990/ [2]- عن يونس، رفعه، قال: قلت له: زوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) ابنته فلانا؟ قال: «نعم».

قلت: فكيف زوجه الأخرى؟ قال: «قد فعل، فأنزل الله: وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إلى عَذابٌ مُهِينٌ».

سورة آل عمران(3):آية 179 ..... ص : 714

قوله تعالى:

ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [179]

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 206/ 173.

2- تفسير العيّاشي 1 لا 207/ 174.

(1) آل عمران 3: 198.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 715

1991/ [1]- العياشي: عن عجلان أبي صالح «1»، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا تمضي الأيام و الليالي حتى ينادي مناد من السماء: يا أهل الحق اعتزلوا «2». يا أهل الباطل، اعتزلوا. فيعزل هؤلاء من هؤلاء، و يعزل هؤلاء من هؤلاء».

قال: قلت: أصلحك الله، يخالط هؤلاء هؤلاء بعد ذلك النداء؟ قال: «كلا، إنه يقول في الكتاب: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ».

سورة آل عمران(3):آية 180 ..... ص : 715

قوله تعالى:

وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [180]

1992/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ.

فقال: «يا محمد، ما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله عز و جل ذلك يوم القيامة ثعبانا من النار مطوقا في عنقه، ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب، و هو قول الله عز و جل: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يعني ما بخلوا به من الزكاة».

1993/ [3]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب بن راشد، قال: سمعت أبا

عبد الله (عليه السلام) يقول: «مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء تأكل من دماغه، و ذلك قوله عز و جل: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 207/ 175.

2- الكافي 3: 502/ 1.

3- الكافي 3: 505/ 16.

(1) في «س و ط»: عجلان بن صالح، و الصواب ما في المتن، قال السيّد الخوئي: في بعض الموارد عجلان بن صالح، لكن الصواب عجلان أبي صالح بقرينة سائر الروايات، راجع معجم رجال الحديث 11: 133.

(2) (يا أهل الحقّ اعتزلوا) ليس في «ط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 716

و روى هذا الحديث الشيخ في (مجالسه) قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا محمد بن وهبان، عن محمد بن أحمد بن زكريا، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن أسباط «1»، عن أيوب ابن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «مانع الزكاة» و ذكر الحديث بعينه «2».

1994/ [3]- العياشي: عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

قال: «ما من عبد منع زكاة ماله إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه، ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب، و هو قول الله: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ- قال-: ما بخلوا من الزكاة».

1995/ [4]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما من ذي زكاة مال: إبل و لا بقر و لا غنم، يمنع زكاة ماله، إلا أقيم يوم القيامة بقاع قفرة تنطحه كل ذات قرن

بقرنها، و تنهشه كل ذات ناب بأنيابها، و تطؤه كل ذات ظلف بظلفها حتى يفرغ الله من حساب خلقه، و ما من ذي زكاة مال: نخل و لا زرع و لا كرم، يمنع زكاة ماله، إلا قلدت أرضه في سبع أرضين يطوق بها إلى يوم القيامة».

1996/ [5]- عن يوسف الطاطري أن «3» ه سمع أبا جعفر (عليه السلام) يقول، و قد ذكر الزكاة، فقال: «الذي يمنع الزكاة يحول الله ماله يوم القيامة شجاعا «4» من نار، له زنمتان «5»، فيطوقه إياه، ثم يقال له: الزمه كما لزمك في الدنيا.

و هو قول الله: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ» الآية.

1997/ [6]- و عنهم (عليهم السلام)، قال: «مانع الزكاة يطوق بشجاع أقرع يأكل من لحمه، و هو قوله: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ» الآية.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 207/ 176.

4- تفسير العيّاشي 1: 207/ 177.

5- تفسير العيّاشي 1: 208/ 178.

6- تفسير العيّاشي 1: 208/ 179. [.....]

(1) في «ط»: عليّ بن أسباط، و الصواب ما في المتن، لرواية عليّ بن عقبة، عن أسباط بن سالم، و ليس عن عليّ بن أسباط. راجع معجم رجال الحديث 12: 95.

(2) الأمالي 2: 305.

(3) في المصدر: عمّن، و الطاطري معدود من أصحاب أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، أنظر معجم رجال الحديث 20: 161 و 177.

(4) الشجاع، بالكسر و الضمّ: الحيّة العظيمة. «مجمع البحرين- شجع- 4: 351».

(5) في «ط» و المصدر: ريمتان، و زنمتا الاذن: هنتان تليان الشحمة، و تقابلان الوترة. «لسان العرب- زنم- 12: 275»، و لعلّها تصحيف (زبيبتان) و الزّبيبة: نكتة سوداء فوق عين الحيّة. «النهاية 2: 292».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 717

سورة آل عمران(3):آية 181 ..... ص : 717

قوله تعالى:

لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ

اللَّهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ [181] 1998/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و الله ما رأوا الله فيعلمون أنه فقيј̠و لكنهم رأوا أولياء الله فقراء، فقالوا: لو كان الله غنيا لأغنى أولياءه، فافتخروا على الله في الغناء «1».

سورة آل عمران(3):آية 183 ..... ص : 717

قوله تعالى:

الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ- إلى قوله تعالى- إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [183] 1999/ [2]- علي بن إبراهيم: إن قوما من اليهود قالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لن نؤمن لك حتى تأتينا بقربان تأكله النار. و كان عند بني إسرائيل طست، كانوا يقربون القربان فيضعونه في الطست، فتجي ء نار فتقع فيه فتحرقه، فقالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لن نؤمن لك حتى تأتينا بقربان تأكله النار كما كان لبني إسرائيل، فقال الله تعالى: قُلْ لهم يا محمد: قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

2000/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لعن الله القدرية، لعن الله الخوارج، لعن الله المرجئة، لعن الله المرجئة».

قال: قلت: لعنت هؤلاء مرة مرة، و لعنت هؤلاء مرتين؟

قال: «إن هؤلاء يقولون: إن قتلتنا مؤمنون، فدماؤنا متلطخة بثيابهم إلى يوم القيامة، إن الله حكى عن قوم في كتابه: أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ- قال-: «كان بين القائلين و القاتلين خمسمائة عام، فألزمهم الله القتل برضاهم ما فعلوا».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 127.

2- تفسير القمّي 1: 127.

3- الكافي 1:

300/ 1.

(1) (فافتخروا على اللّه في الغناء) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 718

2001/ [3]- العياشي: عن سماعة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ: «و قد علم أن هؤلاء لم يقتلوا، و لكن فقد كان هواهم مع الذين قتلوا، فسماهم الله تعالى قاتلين لمتابعة هواهم و رضاهم لذلك الفعل».

2002/ [4]- عن عمر بن معمر، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لعن الله القدرية، لعن الله الحرورية، لعن الله المرجئة، لعن الله المرجئة».

قال: قلت له: جعلت فداك، كيف لعنت هؤلاء مرة، و لعنت هؤلاء مرتين؟

فقال: «إن هؤلاء زعموا أن الذين قتلونا كانوا مؤمنين، فثيابهم ملطخة بدمائنا إلى يوم القيامة، أما تسمع لقول الله: الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ إلى قوله: صادِقِينَ؟- قال-: فكان بين الذين خوطبوا بهذا القول، و بين القاتلين خمس مائة سنة، فسماهم الله قاتلين برضاهم بما صنع أولئك».

2003/ [5]- محمد بن هاشم، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ و قد علم أنهم قالوا: و الله ما قتلنا و لا شهدنا- قال-: و إنما «1» قيل لهم: ابرءوا من قتلتهم، فأبوا».

2004/ [6]- عن محمد بن الأرقط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال لي: «تنزل الكوفة»؟ قلت: نعم. قال: «فترون قتلة الحسين بين أظهركم؟». قال: قلت: جعلت فداك ما رأيت منهم أحدا «2»! قال:

«فإذن أنت لا ترى القاتل إلا من قتل، أو من ولي القتل، ألم تسمع إلى قول الله: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فأي رسول قتل «3» الذين كان محمد (صلى الله عليه و آله) بين أظهرهم، و لم يكن بينه و بين عيسى (عليهما السلام) رسول؟! إنما رضوا قتل أولئك فسموا قاتلين».

سورة آل عمران(3):آية 184 ..... ص : 718

قوله تعالى:

فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَ الزُّبُرِ وَ الْكِتابِ الْمُنِيرِ [184]

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 208/ 180.

4- تفسير العيّاشي 1: 208/ 181.

5- تفسير العيّاشي 1: 209/ 182.

6- تفسير العيّاشي 1: 209/ 183.

(1) في «ط»: و إذا. [.....]

(2) في «س»: ما لبث منهم أحد.

(3) في «ط» و المصدر: قبل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 719

2005/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ هي الآيات وَ الزُّبُرِ هو كتب الأنبياء بالنبوة وَ الْكِتابِ الْمُنِيرِ الحلال و الحرام.

سورة آل عمران(3):آية 185 ..... ص : 719

قوله تعالى:

كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ [185]

2006/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة يدعى محمد (صلى الله عليه و آله) فيكسى حلة و ردية، ثم يقام على يمين العرش، ثم يدعى إبراهيم (عليه السلام) فيكسى حلة بيضاء، فيقام على يسار العرش، ثم يدعى بعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) فيكسى حلة و ردية، فيقام على يمين النبي، ثم يدعى بإسماعيل (عليه السلام) فيكسى حلة بيضاء، فيقام على يسار إبراهيم (عليه السلام)، ثم يدعى بالحسن (عليه السلام) فيكسى حلة و ردية، فيقام على يمين أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم يدعى بالحسين (عليه السلام) فيكسى حلة و ردية، فيقام على يمين الحسن (عليه السلام)، ثم يدعى بالأئمة فيكسون حللا و ردية، فيقام كل واحد عن يمين صاحبه، ثم يدعى بالشيعة فيقومون

أمامهم، ثم يدعى بفاطمة (عليها السلام) و نسائها من ذريتها و شيعتها فيدخلون الجنة بغير حساب.

ثم ينادي مناد من بطنان العرش من قبل رب العزة و الأفق الأعلى: نعم الأب أبوك يا محمد، و هو إبراهيم، و نعم الأخ أخوك، و هو علي بن أبي طالب و نعم السبطان سبطاك، و هما الحسن و الحسين، و نعم الجنين جنينك، و هو محسن، و نعم الأئمة الراشدون ذريتك، و هم فلان و فلان إلى آخرهم، و نعم الشيعة شيعتك. ألا إن محمدا و وصيه و سبطيه و الأئمة من ذريته هم الفائزون ثم يؤمر بهم إلى الجنة، و ذلك قوله: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 127.

2- تفسير القمّي 1: 128.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 720

2007/ [2]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن عليا (عليه السلام) لما غمض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ «1» يا لها من مصيبة خصت الأقربين، و عمت المؤمنين، لم يصابوا بمثلها قط، و لا عاينوا مثلها. فلما قبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، سمعوا مناديا ينادي من سقف البيت: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «2» و السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله و بركاته كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ إن في الله خلفا من كل ذاهب، و عزاء من كل مصيبة، و دركا من كل ما فات، فبالله فثقوا، و عليه

فتوكلوا، و إياه فارجوا، إن المصاب من حرم الثواب».

2008/ [3]- عن الحسين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما قبض رسول الله جاءهم جبرئيل و النبي (صلى الله عليه و آله) مسجى، و في البيت علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فقال: السلام عليكم، يا أهل بيت الرحمة كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ إلى مَتاعُ الْغُرُورِ إن في الله عزاء من كل مصيبة، و دركا من كل ما فات، و خلفا من كل هالك، فبالله فثقوا، و إياه فارجوا، إنما المصاب من حرم الثواب، و هذا آخر وطئي من الدنيا- قال- قالوا: فسمعنا صوتا، فلم نر شخصا».

2009/ [4]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) سمعوا صوتا من جانب البيت، و لم يروا شخصا، يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ إلى قوله: فَقَدْ فازَ ثم قال: في الله خلفا و عزاء من كل مصيبة، و دركا لما فات، فبالله فثقوا، و إياه فارجوا، و إنما المحروم من حرم الثواب، و استروا عورة نبيكم. فلما وضعه على السرير نودي: يا علي، لا تخلع القميص- قال-: فغسله علي (عليهما السلام) في قميصه».

2010/ [5]- عن محمد بن يونس، عن بعض أصحابنا، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): « (كل نفس ذائقة الموت و منشورة) كذا نزل بها على محمد (صلى الله عليه و آله)، أنه ليس أحد من هذه الأمة إلا سينشر، فأما المؤمنون فينشرون إلى قرة عين، و أما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم».

2011/ [6]- عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ لم يذق الموت

من قتل».

- و قال-: «لا بد من أن يرجع حتى يذوق الموت».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 209/ 184.

3- تفسير العيّاشي 1: 209/ 185.

4- تفسير العيّاشي 1: 210/ 186.

5- تفسير العيّاشي 1: 210/ 187.

6- تفسير العيّاشي 1: 210/ 188.

(1) البقرة 2: 156.

(2) الأحزاب 33: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 721

2012/ [7]- سعد بن عبد الله: قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار ابن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ليس من مؤمن إلا و له قتلة و موتة، إنه من قتل نشر حتى يموت، و من مات نشر حتى يقتل».

ثم تلوت على أبي جعفر (عليه السلام) هذه الآية كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ فقال: «و منشورة».

قلت: قولك: «و منشورة» ما هو؟

قال: «هكذا انزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله): كل نفس ذائقة الموت و منشورة» ثم قال: «ما في هذه الامة أحد بر و لا فاجر إلا و ينشر، فأما المؤمنون فينشرون الى قرة أعينهم، و أما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم، ألم تسمع إن الله تعالى يقول: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ «1»، و قوله: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ «2» يعني بذلك محمدا (صلى الله عليه و آله) و قيامه في الرجعة ينذر فيها، و قوله: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ نَذِيراً لِلْبَشَرِ «3» يعني محمدا (صلى الله عليه و آله) نذيرا للبشر في الرجعة، و قوله: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «4» يظهره الله عز و جل في الرجعة، و قوله:

حَتَّى إِذا

فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ «5» هو علي بن أبي طالب إذا رجع في الرجعة».

قال جابر: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله عز و جل: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ «6» قال: هو أنا، إذا خرجت أنا و شيعتي، و خرج عثمان و شيعته، و نقتل بني أمية فعندها يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ».

قلت: قد تقدمت روايات في الآية في قوله تعالى: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ «7»

سورة آل عمران(3):آية 186 ..... ص : 721

قوله تعالى:

لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [186]

__________________________________________________

7- مختصر بصائر الدرجات: 17.

(1) السجدة 32: 21.

(2) المدثّر 32: 21. [.....]

(3) المدثّر 74: 35، 36.

(4) التّوبة 9: 33.

(5) المؤمنون 23: 77.

(6) الحجر 15: 2.

(7) آل عمران 3: 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 722

2013/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن الحكم بن أيمن، عن ضريس الكناسي، عن أبي خالد الكابلي، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «لوددت أني تركت فكلمت الناس ثلاثا، ثم قضى الله تعالى في ما أحب، و لكن عزمة «1» من الله أن نصبر» ثم تلا هذه الآية:

وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ «2» ثم تلا أيضا قوله تعالى: وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ

ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ.

2014/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان و حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، و محمد بن أحمد السناني، و علي بن عبد الله الوراق، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب (رضي الله عنهم)، قالوا:

حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان: أن علي بن موسى (عليه السلام) كتب إليه في جواب مسائله في قوله: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ: «في أموالكم بإخراج الزكاة، و في أنفسكم بتوطين النفس «3» على الصبر».

2015/ [3]- العياشي: عن أبي خالد الكابلي، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «لوددت أنه اذن لي فكلمت الناس ثلاثا، ثم صنع الله بي ما أحب» قال «4» بيده على صدره، ثم قال: «و لكنها عزمة من الله أن نصبر» ثم تلا هذه الآية: وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ و أقبل يرفع يده و يضعها على صدره.

سورة آل عمران(3): الآيات 187 الي 188 ..... ص : 722

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ

__________________________________________________

1- الغيبة: 198/ 11.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 89/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 210/ 189.

(1) العزمة: الفرض «لسان العرب- عزم- 12: 400».

(2) سورة ص 38: 88.

(3) في المصدر: الأنفس.

(4) أي أشار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 723

- إلى قوله تعالى- وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [187-

188]

2016/ [1]- علي بن إبراهيم، في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ: «و ذلك أن الله أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب في محمد (صلى الله عليه و آله) ليبيننه للناس إذا خرج و لا يكتمونه فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ يقول: نبذوا عهد الله وراء ظهورهم وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ».

و قال: قوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَ يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا نزلت في المنافقين الذين يحبون أن يحمدوا على غير فعل.

2017/ [2]- و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ يقول: ببعد من العذاب وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.

سورة آل عمران(3): الآيات 190 الي 199 ..... ص : 723

قوله تعالى:

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ [190]

2018/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى «1».

قال: «من لم يدله خلق السماوات و الأرض، و اختلاف الليل و النهار، و دوران الفلك و الشمس و القمر، و الآيات العجيبات على أن وراء ذلك أمرا أعظم منه، فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا- قال-: فهو عما لم يعاين أعمى و أضل».

2019/ [4]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، عن هشام بن الحكم، قال: قال

__________________________________________________

1- تفسير القمّي

1: 128.

2- تفسير القمّي 1: 129. [.....]

3- التوحيد: 455/ 6.

4- الكافي 1: 10 و 12/ 12.

(1) الإسراء 17: 72.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 724

لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): «يا هشام، إن الله تبارك و تعالى بشر أهل العقل و الفهم في كتابه، فقال:

فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «1»».

و ساق الحديث بطوله، و قال (عليه السلام) فيه:

«ثم ذكر اولي الألباب بأحسن الذكر، و حلاهم بأحسن الحلية، فقال: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ «2»، و قال: وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ «3»، و قال: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ و قال: أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ «4»، و قال: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ «5»، و قال: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ «6»، و قال: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَ أَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ «7».

يا هشام، إن لكل شي ء دليلا، و دليل العقل التفكر، و دليل التفكر الصمت».

2020/ [3]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نبه

بالتفكر قلبك، و جاف عن الليل جنبك، و اتق الله ربك».

2021/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن الحسن الصيقل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يروي الناس: أن تفكر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف يتفكر؟

قال: «يمر بالخربة أو بالدار، فيقول: أين ساكنوك، أين بانوك، ما لك لا تتكلمين؟».

2022/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أفضل العبادة إدمان التفكر في الله تعالى و في قدرته».

__________________________________________________

3- الكافي 2: 45/ 1.

4- الكافي 2: 45/ 2.

5- الكافي 2: 45/ 3.

(1) الزّمر 39: 17، 18.

(2) البقرة 2: 269.

(3) آل عمران 3: 7.

(4) الرّعد 13: 19.

(5) الزّمر 39: 9.

(6) سورة ص 38: 29.

(7) غافر 40: 53، 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 725

2023/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «ليس العبادة كثرة الصلاة و الصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز و جل».

2024/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد، عن ربعي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): التفكر يدعوا إلى البر و العمل به».

2025/ [8]- قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أفضلكم منزلة عند الله تعالى أطولكم جوعا و تفكرا، و أبغضكم إلى الله كل نئوم أكول».

2026/ [9]- و قال ابن عباس: إن قوما تفكروا

في الله تعالى،

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «تفكروا في خلق الله، و لا تفكروا في الله، فإنكم لم تقدروا قدره».

2027/ [10]- خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم على قوم و هم يتفكرون، فقال: «ما لكم لا تتكلمون؟» فقالوا: نتفكر في خلق الله تعالى. فقال: «و كذلك فافعلوا و تفكروا في خلقه، و لا تتفكروا فيه».

2028/ [11]- و سئل عيسى (عليه السلام): من أفضل الناس؟ فقال: «من كان منطقه ذكرا، و صمته فكرا، و نظره عبرة».

2029/ [12]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أعطوا أعينكم حظها من العبادة» [قالوا: و ما حظها من العبادة، يا رسول الله؟] «1» قال: «النظر في المصحف، و التفكر فيه، و الاعتبار عند عجائبه».

2030/ [13]- و قال ابن عباس: ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة بلا قلب. و كان لقمان يطيل الجلوس وحده، فكان يمر به مولاه، فيقول: يا لقمان، إنك تديم الجلوس وحدك، فلو جلست مع الناس كان آنس لك. فيقول لقمان: إن طول الوحدة أفهم للفكر، و طول الفكر دليل على طريق الجنة.

__________________________________________________

6- الكافي 2: 45/ 4. [.....]

7- الكافي 2: 45/ 5.

8- ... المحجة البيضاء 5: 146.

9- ... الدر المنثور 2: 409، المحجة البيضاء 8: 193.

10- ... الدر المنثور 2: 408، المحجة البيضاء 8: 193.

11- ... المحجة البيضاء 8: 195.

12- ... كنز العمال 1: 510/ 6262، المحجة البيضاء 8: 195.

13- ... المحجة البيضاء 8: 195 و 196.

(1) أضفناه من المحجّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 726

قوله تعالى:

الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ- إلى قوله تعالى- خاشِعِينَ لِلَّهِ [191- 199] 2031/ [1]- و في قوله تعالى:

وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ويل لمن قرأ هذه الآية ثم مسح بها سبلته «1»» أي تجاوز عنها من غير فكر، و ذم المعرضين عنها.

2032/ [2]- قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه: «الحمد لله الدال على وجوده بخلقه، و بمحدث خلقه على أزليته، و باشتباههم على أن لا شبيه له، لا تستلمه المشاعر «2»، و لا تحجبه السواتر، لافتراق الصانع من المصنوع، و الحاد من المحدود، و الرب من المربوب الأحد بلا تأويل عدد، و الخالق لا بمعنى حركة و نصب، و السميع لا بأداة، و البصير لا بتفريق آلة «3»، و الشاهد لا بمماسة، و البائن لا بتراخي مسافة، و الظاهر لا برؤية، و الباطن لا بلطافة، بان من الأشياء بالقهر لها، و القدرة عليها، و بانت الأشياء منه بالخضوع له و الرجوع إليه من وصفه فقد حده، و من حده فقد عده، و من عده فقد أبطل أزليته، و من قال: (كيف) فقد استوصفه، و من قال: (أين) فقد حيزه، عالم إذ لا معلوم، و رب إذ لا مربوب، و قادر إذ لا مقدور».

2033/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ.

قال: «الصحيح يصلي قائما و قعودا، و المريض يصلي جالسا، وَ عَلى جُنُوبِهِمْ الذي يكون الأضعف من المريض الذي يصلي جالسا».

2034/ [4]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد- يعني المفيد- قال: أخبرنا المظفر البلخي الوراق، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي

الكاتب، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال:

حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر (عليهما السلام)، قال: «لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله، قائما أو جالسا أو مضطجعا، إن

__________________________________________________

1- المحجة البيضاء 8: 231.

2- نهج البلاغة: 211/ خطبة (152).

3- الكافي 3: 411/ 11.

4- الأمالي 1: 76.

(1) سبلة الرجل: مجتمع شاربيه، و قيل: مقدّم لحيته، و في «ط»: شبكته.

(2) أي لا تصل إليه الحواس، و في «ط»: لا تسلمه المشاعر. [.....]

(3) في المصدر: «بلا تفريق آلة».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 727

الله تعالى يقول: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ».

و روى هذا الحديث الشيخ المفيد في (أماليه) قال: أخبرنا المظفر بن محمد البلخي «1» الوراق، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي الكاتب، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، و ساق الحديث بباقي السند و المتن سواء «2».

2035/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثني رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام)، قال: «خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة منصرفه من النهروان،- و ذكر خطبة فيها أسماؤه من كتاب الله سبحانه، قال فيها- و أنا الذاكر، يقول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ

عَلى جُنُوبِهِمْ».

2036/ [6]- و روى الشيباني في (نهج البيان): عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن هذه الآيات التي أواخر آل عمران نزلت في علي (عليه السلام) و في جماعة من أصحابه، و ذلك أن النبي (صلى الله عليه و آله) لما أمره الله تعالى بالمهاجرة إلى المدينة بعد موت عمه أبي طالب (رحمة الله عليه)، و كان قد تحالفت عليه قريش بأن يكبسوا عليه ليلا و هو نائم، فيضربوه ضربة رجل واحد، فلم يعلم من قاتله، فلا يؤخذ بثاره، فأمر الله بأن يبيت مكانه ابن عمه عليا (عليه السلام)، و يخرج ليلا إلى المدينة، ففعل ما أمره الله به، و بيت مكانه على فراشه عليا (عليه السلام)، و أوصاه أن يحمل أزواجه إلى المدينة، فجاء المشركون من قريش لما تعاقدوا عليه و تحالفوا، فوجدوا عليا (عليه السلام) مكانه فرجعوا القهقرى، و أبطل الله ما تعاقدوا عليه و تحالفوا.

ثم إن عليا (عليه السلام) حمل أهله و أزواجه إلى المدينة فعلم أبو سفيان بخروجه و سيره إلى المدينة فتبعه ليردهم، و كان معهم عبد له أسود، فيه شدة و جرأة في الحرب، فأمره سيده أن يلحقه فيمنعه عن المسير حتى يلقاه بأصحابه، فلحقه، فقال له: لا تسر بمن معك إلى أن يأتي مولاي. فقال (عليه السلام) له: ويلك، ارجع إلى مولاك و إلا قتلتك. فلم يرجع، فشال علي (عليه السلام) سيفه و ضربه، فأبان عنقه عن جسده، و سار بالنساء و الأهل، و جاء أبو سفيان فوجد عبده مقتولا، فتبع عليا (عليه السلام) و أدركه، فقال له: يا علي، تأخذ بنات عمنا من عندنا من غير إذننا، و تقتل عبدنا! فقال: أخذتهم بإذن

من له الإذن، فامض لشأنك. فلم يرجع، و حاربه على ردهم بأصحابه يومه أجمع، فلم يقدروا على رده، و عجزوا عنه هو و أصحابه، فرجعوا خائبين.

و سار علي (عليه السلام) بأصحابه و قد كلوا من الحرب و القتال، فأمرهم علي (عليه السلام) بالنزول ليستريحوا و يسير بمن

__________________________________________________

5- معاني الأخبار: 59/ 9.

6- نهج البيان 1: 79.

(1) في «س و ط»: البجلي، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 422/ 1130.

(2) الأمالي: 310/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 728

معه، فنزلوا و صلوا على ما يتمكنون، و طرحوا أنفسهم عجزا يذكرون الله تعالى في هذه الحالات كلها إلى الصباح، و يحمدونه، و يشكرونه، و يعبد. ثم سار بهم إلى المدينة، إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، و نزل جبرئيل (عليه السلام) قبل وصولهم، فحكى للنبي (صلى الله عليه و آله) حكايتهم، و تلا عليه الآيات من آخر آل عمران إلى قوله: إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ فلما وصل (عليه السلام) بهم إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، قال له: إن الله سبحانه قد أنزل فيك و في أصحابك قرآنا، و تلا عليه الآيات من آخر آل عمران إلى آخرها» و الحمد لله رب العالمين.

2037/ [7]- و روى الشيخ المفيد في (الاختصاص): بإسناده إلى علي بن أسباط، عن غير واحد من أصحاب ابن دأب، و ذكر حديثا يتضمن أن لأمير المؤمنين (عليه السلام) سبعين منقبة لا يشركه فيها أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، منها: أول خصاله المواساة. قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) له: «إن قريشا قد أجمعوا على قتلي، فنم على فراشي» فقال: «بأبي أنت و امي،

السمع و الطاعة لله و لرسوله» فنام على فراشه، و مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) لوجهه، و أصبح علي (عليه السلام) و قريش تحرسه، فأخذوه فقالوا: أنت الذي غدرتنا منذ الليلة؟

فقطعوا له قضبان الشجر، فضرب حتى كادوا يأتون على نفسه، ثم أفلت من بين أيديهم، و أرسل إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو في الغار أن «اكثر ثلاثة أباعر: واحدا لي، و واحدا لأبي بكر، و واحدا للدليل، و احمل أنت بناتي إلى أن تلحق بي» ففعل.

[و منه خصاله (عليه السلام) الحفيظة و الكرم قال ابن دأب: فما الحفيظة و الكرم؟ قالوا: مشى على رجليه، و جعل بنات رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الظهر، و كمن النهار و سار بهن الليل ما شيا على رجليه، فقدم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد تعلقت قدماه دما و مدة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أ تدري ما نزل فيك»؟ فأعلمه بما لا عوض له لو بقي في الدنيا ما كانت الدنيا باقية. قال: «يا علي، نزل فيك فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى فالذكر أنت، و الإناث بنات رسول الله، يقول الله تبارك و تعالى: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ إلى قوله: وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ».

2038/ [8]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله، إن كان قائما أو جالسا أو مضطجعا، لأن الله يقول:

الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ» الآية.

عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله، في رواية اخرى.

2039/ [9]- و في رواية عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال سمعته يقول في قول الله: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً: «الأصحاء وَ قُعُوداً يعني المرضى وَ عَلى جُنُوبِهِمْ- قال:- اعل ممن يصلي جالسا و أوجع».

__________________________________________________

7- الإختصاص: 146.

8- تفسير العيّاشي 1: 211/ 190.

9- تفسير العيّاشي 1: 211/ 191.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 729

2040/ [10]- و في رواية اخرى عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ قال: «الصحيح يصلي قائما و قعودا، و المريض يصلي جالسا، و على جنوبهم أضعف من المريض الذي يصلي جالسا».

2041/ [11]- عن يونس بن ظبيان، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ.

قال: «ما لهم من أئمة يسمونهم «1» بأسمائهم».

2042/ [12]- عن عبد الرحمن «2» بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا.

قال: «هو «3» أمير المؤمنين (عليه السلام) نودي من السماء: أن آمن برسول الله فآمن به».

2043/ [13]- عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، في قوله تعالى: ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ. قال: «قال رسول الله: أنت الثواب، و أصحابك «4» الأبرار».

2044/ [14]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الموت خير للمؤمن، لأن الله يقول: وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ».

2045/ [15]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ يعني رسول الله

(صلى الله عليه و آله) ينادي للإيمان، إلى قوله: إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ثم ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه، فقال: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، و سلمان، و أبا ذرّ حين اخرج، و عمار، الذين أوذوا في سبيل الله «5»: وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ، ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ.

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 211/ 192.

11- تفسير العيّاشي 1: 211/ 193.

12- تفسير العيّاشي 1: 211/ 194.

13- تفسير العيّاشي 1: 212/ 195، شواهد التّنزيل 1: 138/ 190.

14- تفسير العيّاشي 1: 212/ 196.

15- تفسير القمّي 1: 129. [.....]

(1) في «ط»: يسمّوا.

(2) في «س، ط»: و بعض نسخ المصدر: عن عمر بن عبد الرحمن، و هو تصحيف (عن عمّه عبد الرحمن) بسبب حذف أسانيد تفسير العيّاشي، و الراوي عن عبد الرحمن هو ابن أخيه علي بن حسّان. راجع رجال النجاشي: 234، معجم رجال الحديث 9: 343.

(3) في «ط»: هذا.

(4) في المصدر: و أنصارك.

(5) (و عمار ... اللّه) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 730

و أما قوله: وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ فهم قوم من اليهود و النصارى دخلوا في الإسلام، منهم النجاشي و أصحابه.

سورة آل عمران(3):آية 200 ..... ص : 730

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [200]

2046/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي

بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا قال: «اصبروا على الفرائض».

2047/ [2]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا قال:

«اصبروا على الفرائض، و صابروا على المصائب، و رابطوا على الأئمة».

2048/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن ابن أبي حمزة «1»، عن أبي بصير، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا.

فقال: «اصبروا على المصائب، و صابروهم على التقية، و رابطوا على ما تقتدون به، وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

2049/ [4]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن البندنيجي، عن عبيد الله بن موسى العباسي، عن هارون بن مسلم، عن القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا.

قال: «اصبروا على أداء الفرائض، و صابروا عدوكم، و رابطوا إمامكم المنتظر».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 66/ 2.

2- الكافي 2: 66/ 3.

3- معاني الأخبار: 369/ 1.

4- الغيبة: 199/ 13.

(1) في المصدر: عن أبي حمزة، و الصواب ما في المتن. لرواية

ابن أبي حمزة عن أبي بصير، كما أثبت ذلك في معجم رجال الحديث 21: 45.

و 58.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 731

و روى هذا الحديث الشيخ المفيد في (الغيبة) بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، الحديث بعينه «1».

2050/ [5]- عنه، قال: أخبرنا علي بن أحمد، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام): «أن ابن عباس بعث إليه من يسأله عن هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا فغضب علي بن الحسين (عليهما السلام) و قال للسائل: وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني به- ثم قال-: نزلت في أبي وفينا، و لم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد، و سيكون ذلك ذرية من نسلنا المرابط».

ثم قال: «أما إن في صلبه- يعني ابن عباس- وديعة ذرئت لنار جهنم، سيخرجون أقواما من دين الله أفواجا، و ستصبغ الأرض بدماء فراخ من فراخ آل محمد (عليهم السلام)، تنهض تلك الفراخ في غير وقت، و تطلب غير مدرك، و يرابط الذين آمنوا، و يصبرون و يصابرون حتى يحكم الله و هو خير الحاكمين».

و سيأتي نحو هذا الحديث في قوله تعالى: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا «2» بوجه آخر.

2051/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اصبروا على المصائب، و صابروا على الفرائض، و رابطوا على

الأئمة».

2052/ [7]- عنه، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الصابرون؟ فيقوم فئام «3» من الناس، ثم ينادي: أين المتصبرون؟ فيقوم فئام من الناس».

قلت: جعلت فداك، و ما الصابرون؟ قال: «على أداء الفرائض، و المتصبرون على اجتناب المحارم».

2053/ [8]- سعد بن عبد الله: عن يعقوب بن يزيد و إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تخلوا الأرض من عالم منكم حي ظاهر يفزع إليه الناس في حلالهم و حرامهم؟

فقال: «لا يا أبا يوسف، و إن ذلك لشي ء في كتاب الله عز و جل قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا

__________________________________________________

5- الغيبة: 199/ 12.

6- تفسير القمي 1: 129.

7- تفسير القمي 1: 129.

8- مختصر بصائر الدرجات: 8. [.....]

(1) انظر تأويل الآيات 1: 127/ 47.

(2) يأتي في الحديث (4) من تفسير الآية (72) من سورة الاسراء.

(3) الفئام: الجماعة الكثيرة. «النهاية 3: 406».

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 732

اصبروا على دينكم، و صابروا على «1» عدوكم، و رابطوا إمامكم فيما أمركم، و فرض عليكم».

2054/ [9]- الشيخ في (مجالسه) بإسناده، حذفناه اختصارا، في حديث أبي ذر، قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أبا ذر، أتعلم في أي شي ء أنزلت هذه الآية اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»؟ قلت: لا، فداك أبي و أمي. قال: «في انتظار الصلاة خلف الصلاة».

2055/ [10]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى:

«اصْبِرُوا يقول: عن المعاصي وَ صابِرُوا على الفرائض وَ اتَّقُوا اللَّهَ

يقول: مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر- ثم قال- و أي منكر أنكر من ظلم الامة لنا و قتلهم إيانا! وَ رابِطُوا يقول: في سبيل الله، و نحن السبيل فيما بين الله تعالى و خلقه، و نحن الرباط الأدنى، فمن جاهد عنا، فقد جاهد عن النبي (صلى الله عليه و آله) و ما جاء به من عند الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يقول: لعل الجنة توجب لكم إن فعلتم ذلك، و نظيرها من قول الله: وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «2» و لو كانت هذه الآية في المؤذنين كما فسرها المفسرون لفاز القدرية و أهل البدع معهم».

1056/ [11]- عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا. قال: «اصبروا على الفرائض، و صابروا على المصائب، و رابطوا على الأئمة».

2057/ [12]- عن يعقوب السراج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تبقى الأرض يوما بغير عالم منكم يفزع الناس إليه؟

قال: فقال لي: «إذن لا يعبد الله، يا أبا يوسف، لا تخلوا الأرض من عالم منا ظاهر يفزع الناس إليه في حلالهم و حرامهم، و إن ذلك لمبين في كتاب الله قال الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا اصبروا على دينكم، و صابروا على عدوكم ممن يخالفكم، و رابطوا إمامكم، و اتقوا الله فيما أمركم به، و افترض عليكم».

2058/ [13]- و في رواية اخرى عنه «اصْبِرُوا على الأذى فينا» قلت: وَ صابِرُوا؟ قال: «على عدوكم مع وليكم» قلت: وَ رابِطُوا؟ قال: «المقام مع إمامكم»، وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قلت: تنزيل؟

قال:

«نعم».

__________________________________________________

9- ورد هذا الحديث في الأمالي 2: 138- 155، و لكن لم نجد هذه القطعة فيه، و وردت في مكارم الأخلاق: 467، الوسائل 3: 86/ 8، البحار 77:

85.

10- تفسير العيّاشي 1: 212/ 197.

11- تفسير العيّاشي 1: 212/ 198.

12- تفسير العيّاشي 1: 212/ 199!

13- تفسير العيّاشي 1: 213/ 200.

(1) (على) ليس في المصدر.

(2) فصّلت 41: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 733

2059/ [14]- عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في هذه الآية، قال: «نزلت فينا، و لم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد، و سيكون ذلك يكون من نسلنا المرابط، و من نسل ابن ناثل «1» المرابط».

2060/ [15]- عن بريد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: اصْبِرُوا يعني بذلك عن المعاصي وَ صابِرُوا يعني التقية وَ رابِطُوا يعني الأئمة (عليهم السلام)».

ثم قال: «أ تدري ما معنى البدوا ما لبدنا، فإذا تحركنا فتحركوا؟ وَ اتَّقُوا اللَّهَ ما لبدنا، ربكم لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

قال: قلت: جعلت فداك، إنما نقرؤها وَ اتَّقُوا اللَّهَ قال: «أنتم تقرؤنها كذا، و نحن نقرؤها هكذا» «2».

2061/ [16]- و روى الحسين بن مساعد من طريق المخالفين: أن الآية نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) و حمزة (رضي الله عنه).

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 213/ 201.

15- تفسير العيّاشي 1: 213/ 202.

16- تحفة الأبرار: 114 «مخطوط»، تفسير الحبري: 252/ 17، شواهد التنزيل 1: 139/ 192.

(1) في «س»: ناتل، قال المجلسي (رحمه اللّه): ابن ناتل كناية عن ابن عبّاس، و الناتل: المتقدّم و الزاجر، أو بالثاء المثلثة كناية عن امّ العبّاس: نثيلة، فقد وقع في الأشعار المنشدة في ذمّهم نسبتهم إليها، و الحاصل أنّ من نسلنا من ينتظر الخلافة و

من نسلهم أيضا، و لكن دولتنا باقية، و دولتهم زائلة. «بحار الأنوار 24: 218». [.....]

(2) قال المجلسي (رحمه اللّه): و المعنى لا تستعجلوا في الخروج على المخالفين، و أقيموا في بيوتكم ما لم يظهر منا ما يوجب الحركة من النداء و الصيحة و علامات خروج القائم (عليه السّلام)، و ظاهره أن تلك الزيادات كانت داخلة في الآية، و يحتمل أن يكون تفسيرا للمرابطة و المصابرة بارتكاب تجوّز في

قوله (عليه السّلام): «نحن نقرؤها كذا»

و يحتمل أن يكون لفظ الجلالة زيد من النساخ، و يكون: و اتّقوا ما لبدنا ربّكم. كما يؤمي إليه كلام الراوي، بحار الأنوار 24: 218.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 735

المستدرك (سورة آل عمران) ..... ص : 735

سورة آل عمران(3):آية 5 ..... ص : 735

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْ ءٌ [5]

[1]- (الاحتجاج) للطبرسي- في احتجاج الإمام الصادق (عليه السلام) على الزنادقة- قال: أ و ليس توزن الأعمال؟

قال (عليه السلام): «لا، إن الأعمال ليست بأجسام، و إنما هي صفة ما عملوا، و إنما يحتاج إلى وزن الشي ء من جهل عدد الأشياء، و لا يعرف ثقلها أو خفتها، و إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْ ءٌ».

سورة آل عمران(3):آية 25..... ص : 735

قوله تعالى:

فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَ وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ [25]

[2]- (مكارم الأخلاق): عن عبد الله بن مسعود- في حديث- أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال له: «يا بن مسعود،

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 351.

2- مكارم الأخلاق: 452.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 736

إذا تلوت كتاب الله تعالى فأتيت على آية فيها أمر و نهي، فرددها نظرا و اعتبارا فيها، و لا تسه عن ذلك، فإن نهيه يدل على ترك المعاصي، و أمره يدل على عمل البر و الصلاح، فإن الله تعالى يقول: فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَ وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ»

سورة آل عمران(3):آية 32 ..... ص : 736

قوله تعالى:

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ [32]

[1]- (تحف العقول): من خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) عند ما أنكر عليه قوم تسويته بين الناس في الفي ء:

«أما بعد- أيها الناس- فإنا نحمد ربنا و إلهنا و ولي النعمة علينا، ظاهرة و باطنة بغير حول منا و لا قوة إلا امتنانا علينا و فضلا، ليبلونا أ نشكر أم نكفر، فمن شكر زاده، و من كفر عذبه.

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحدا صمدا، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله بعثه رحمة للعباد و البلاد و البهائم و الأنعام، نعمة أنعم بها و منا و فضلا.

فأفضل الناس- أيها الناس- عند الله منزلة، و أعظمهم عند الله خطرا، أطوعهم لأمر الله، و أعملهم بطاعة الله، و أتبعهم لسنة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أحياهم لكتاب الله، فليس لأحد من خلق الله عندنا فضل إلا بطاعة الله و

طاعة رسوله (صلى الله عليه و آله)، و اتباع كتابه و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، هذا كتاب الله بين أظهرنا و عهد نبي الله و سيرته فينا، لا يجهلها إلا جاهل مخالف معاند، عن الله عز و جل، يقول الله: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «1» فمن اتقى الله فهو الشريف المكرم المحب، و كذلك أهل طاعته و طاعة رسول الله، يقول الله في كتابه: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2». و قال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ».

سورة آل عمران(3):آية 48 ..... ص : 736

قوله تعالى:

وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ [48] [2]- (مناقب ابن شهر آشوب): عن ابن جريج، في قوله تعالى: وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ، إن الله تعالى

__________________________________________________

1- تحف العقول: 183.

2- المناقب 1: 226.

(1) الحجرات 49: 13.

(2) آل عمران 3: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 737

أعطى عيسى (عليه السلام) تسعة أشياء من الحظ، و لسائر الناس جزءا.

[2]- (مجمع البيان): عن أبي علي الجبائي، في قوله: وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ، قيل: أراد به بعض الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه سوى التوراة و الإنجيل، مثل: الزبور و غيره.

[3]- و عنه: عن النبي (صلى الله عليه و آله)، في قوله: وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ. قال (صلى الله عليه و آله): «أوتيت القرآن و مثليه» قالوا: أراد به السنن، و قيل: أراد به جميع ما علمه من اصول الدين.

سورة آل عمران(3):آية 53 ..... ص : 737

قوله تعالى:

فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ [53]

[4]- (مناقب ابن شهر آشوب): عن الإمام الكاظم (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ.

قال: «نحن هم، نشهد للرسل على أممها».

سورة آل عمران(3): الآيات 73 الي 74 ..... ص : 737

قوله تعالى:

الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [73- 74]

[5]- (بشارة المصطفى): عن سعيد بن زيد بن أرطاة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)- في حديث- قال: «يا كميل، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لي قولا، و المهاجرون و الأنصار متوافرون يوما بعد العصر، يوم النصف من شهر رمضان، قائما على قدميه فوق منبره: علي و ابناي منه الطيبون مني، و أنا منهم، و هم الطيبون بعد أمهم، و هم سفينة، من ركبها نجا و من تخلف عنها هوى، الناجي في الجنة، و الهاوي في لظى.

يا كميل: الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ يا كميل: علام يحسدوننا، و الله أنشأنا من قبل أن يعرفونا، أ فتراهم بحسدهم إيانا عن ربنا يزيلوننا؟!».

__________________________________________________

2- مجمع البيان 2: 752.

3- مجمع البيان 2: 752.

4- المناقب 4: 283.

5- بشارة المصطفى: 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 738

سورة آل عمران(3):آية 105 ..... ص : 738

قوله تعالى:

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ [105]

[1]- (الاحتجاج) للطبرسي: عن محمد و يحيى ابني عبد الله بن الحسين، عن أبيهما، عن جدهما، عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام)- في حديث- قال: «لما خطب أبو بكر قام إليه أبي بن كعب، و كان يوم الجمعة أول يوم من شهر رمضان، و قال: و ايم الله ما أهملتم، لقد نصب لكم علم، يحل لكم الحلال، و يحرم عليكم الحرام، و لو أطعتموه ما اختلفتم، و لا تدابرتم، و لا تقاتلتم و لا برى ء بعضكم من بعض، فو الله إنكم بعده لناقضون عهد رسول الله

(صلى الله عليه و آله)، و إنكم على عترته لمختلفون، و إن سئل هذا عن غير ما يعلم أفتى برأيه، فقد أبعدتم، و تخارستم، و زعمتم أن الخلاف رحمة، هيهات، أبى الكتاب ذلك عليكم، يقول الله تعالى جده «1»: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.

ثم أخبرنا باختلافكم، فقال سبحانه: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ «2» أي للرحمة، و هم آل محمد (صلى الله عليه و آله).

سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: يا علي، أنت و شيعتك على الفطرة و الناس منها براء. فهلا قبلتم من نبيكم، كيف و هو خبركم بانتكاصتكم عن وصيه علي بن أبي طالب و أمينه، و وزيره، و أخيه، و وليه دونكم أجمعين! و أطهركم قلبا، و أقدمكم سلما، و أعظمكم وعيا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أعطاه تراثه، و أوصاه بعداته، فاستخلفه على أمته، و وضع عنده سره، فهو وليه دونكم أجمعين، و أحق به منكم أكتعين «3»، سيد الوصيين، و وصي خاتم المرسلين، أفضل المتقين، و أطوع الأمة لرب العالمين، سلمتم عليه بإمرة المؤمنين في حياة سيد النبيين، و خاتم المرسلين، فقد أعذر من أنذر، و أدى النصيحة من وعظ، و بصر من عمى، فقد سمعتم كما سمعنا، و رأيتم كما رأينا، و شهدتم كما شهدنا».

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 114.

(1) الجدّ: العظمة.

(2) هود 11: 118 و 119. [.....]

(3) أي كلّكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 739

سورة آل عمران(3):آية 138 ..... ص : 739

قوله تعالى:

هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [138] [1]- (مناقب ابن شهر آشوب): إن الله تعالى سمى عليا (عليه السلام)

مثل ما سمى به كتبه، قال في القرآن هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ، و لعلي (عليه السلام) أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ «1».

[2]- (دلائل الامامة): روى الحسن بن معاذ الرضوي، قال: حدثنا لوط بن يحيى الأزدي، عن عمارة بن زيد الواقدي، قال: حج هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين، و كان حج في تلك السنة محمد بن علي الباقر و ابنه جعفر (عليهم السلام)، فقال جعفر بن محمد (عليهما السلام) في بعض كلامه: «فقال له هشام: إن عليا كان يدعي علم الغيب و الله لم يطلع على غيبه أحدا، فكيف ادعى ذلك، و من أين؟

فقال أبي: إن الله أنزل على نبيه (صلى الله عليه و آله) كتابا بين فيه ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة، في قوله تعالى:

وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ «2»، وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ و في قوله تعالى: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ «3»، و في قوله: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «4» و في قوله: وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «5» و أوحى إلى نبيه (عليه السلام) أن لا يبقي في غيبه و سره و مكنون علمه شيئا إلا يناجي به عليا، و أمره أن يؤلف القرآن من بعده، و يتولى غسله و تحنيطه و تكفينه من دون قومه، و قال لأهله و أصحابه: حرام أن تنظروا إلى عورتي غير أخي علي، فهو مني و أنا منه، له مالي و عليه ما علي، و هو قاضي ديني و منجز وعدي. و قال لأصحابه: علي يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. و

لم يكن عند احد تأويل القرآن بكماله و تمامه إلا عند علي (عليه السلام)، و لذلك قال لأصحابه: أقضاكم علي. و قال عمر بن الخطاب: لو لا علي لهلك عمر. أ فيشهد له عمر و يجحد غيره؟!».

سورة آل عمران(3): الآيات 181 الي 182 ..... ص : 739

قوله تعالى:

ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [181- 182]

__________________________________________________

1- المناقب 3: 240.

2- دلائل الإمامة: 105.

(1) هود 11: 17.

(2) النحل 16: 89.

(3) يس 36: 12!

(4) الانعام 6: 38.

(5) النمل 27: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص: 740

[1]- (الاختصاص): سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث صفة النار- قال: «و تقول الملائكة: يا معشر الأشقياء، ادنوا فاشربوا منها، فإذا أعرضوا عنها ضربتهم الملائكة بالمقامع، و قيل لهم: ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ».

تم بحمد الله و منه الجزء الأول من تفسير البرهان، و يتلوه الجزء الثاني، أوله تفسير سورة النساء

__________________________________________________

1- الاختصاص: 362

الجزء الثاني

سورة النساء ..... ص : 9

فضلها: ..... ص : 9

2062/ [1]- العياشي: عن زر بن حبيش، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة النساء في كل جمعة أمن من ضغطة القبر».

سورة النساء(4): آية 1 ..... ص : 9

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً [1]

2063/ [2]- عن الشيباني في (نهج البيان): سئل الصادق (عليه السلام) عن التقوى، فقال (عليه السلام): «هي طاعته فلا يعصى، و أن يذكر فلا ينسى، و أن يشكر فلا يكفر».

2064/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن محمد بن أحمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سميت حواء حواء لأنها خلقت من حي، قال الله عز و جل: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 215/ 1.

2- نهج البيان 1: 80 (مخطوط).

3- علل الشرائع: 16/ 1 باب 14.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 10

2065/ [3]- عنه: عن علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء «1»».

2066/ [4]- في (نهج البيان): عن الباقر (عليه السلام): «أنها خلقت من فضل طينة آدم (عليه السلام) عند دخوله الجنة».

2067/ [5]- العياشي: عن محمد بن عيسى، عن عبد الله العلوي «2»، عن أبيه، عن

جده، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «خلقت حواء من قصيرى جنب آدم- و القصيرى: هو الضلع الأصغر- و أبدل الله مكانه لحما».

2068/ [6]- و بإسناده عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «خلقت حواء من جنب آدم و هو راقد».

2069/ [7]- عن أبي علي الواسطي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله خلق آدم (عليه السلام) من الماء و الطين، فهمة ابن آدم في الماء و الطين، و إن الله خلق حواء من آدم (عليه السلام)، فهمة النساء في الرجال، فحصنوهن في البيوت».

2070/ [8]- عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن آدم ولد له أربعة ذكور، فأهبط الله تعالى إليهم أربعة من الحور العين، فزوج كل واحد منهم واحدة فتوالدوا، ثم إن الله رفعهن، و زوج هؤلاء الاربعة أربعة من الجن، فصار النسل فيهم، فما كان من حلم فمن آدم (عليه السلام)، و ما كان من جمال فمن قبل الحور العين، و ما كان من قبح أو سوء خلق فمن الجن».

2071/ [9]- عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال لي: «ما يقول الناس في تزويج آدم (عليه السلام) و ولده؟» قال: قلت: يقولون: إن حواء كانت تلد لادم في كل بطن غلاما و جارية، فتزوج الغلام الجارية التي من البطن الاخر الثاني، و تزوج الجارية الغلام الذي من البطن الاخر الثاني حتى توالدوا.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ليس هذا كذاك، يحجكم المجوس، و لكنه لما ولد آدم هبة الله و كبر سأل الله تعالى

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 16/ 1.

4- نهج البيان 1: 81 (مخطوط). [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 215/ 2.

6- تفسير العيّاشي 1: 215/ 3.

7-

تفسير العيّاشي 1: 215/ 4.

8- تفسير العيّاشي 1: 215/ 5.

9- تفسير العيّاشي 1: 216/ 6.

(1) في المصدر زيادة: يعني خلقت حوّاء من آدم.

(2) كذا في «س» و «ط» و الظاهر أنّ الصواب محمد بن علي، عن عيسى بن عبد اللّه العلوي. انظر معجم رجال الحديث 10: 387.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 11

أن يزوجه، فأنزل الله تعالى له حوراء من الجنة فزوجها إياه، فولدت له أربعة بنين، ثم ولد لادم (عليه السلام) ابن آخر، فلما كبر أمره فتزوج إلى الجان، فولد له أربع بنات، فتزوج بنو هذا بنات هذا، فما كان من جمال فمن قبل الحوراء «1»، و ما كان من حلم فمن قبل آدم (عليه السلام)، و ما كان من حقد «2» فمن قبل الجان، فلما توالدوا أصعد الحوراء إلى السماء».

2072/ [10]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): من أي شي ء خلق الله تعالى حواء؟ فقال: «أي شي ء يقول هذا الخلق»؟

قلت: يقولون: إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم، فقال: «كذبوا، أ كان الله يعجزه أن يخلقها من غير ضلعه»؟

فقلت: جعلت فداك- يا بن رسول الله- من أي شي ء خلقها؟ فقال: «أخبرني أبي، عن آبائه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله تبارك و تعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه- و كلتا يديه يمين- فخلق منها آدم، و فضلت فضلة من الطين فخلق منها حواء».

2073/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى العطار، قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، قال:

حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أحمد بن إبراهيم بن عمار، قال: حدثنا ابن توبة «3»، عن زرارة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام): كيف بدأ النسل من ذرية آدم (عليه السلام)، فإن عندنا أناس يقولون: إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يزوج بناته من بنيه، و إن هذا الخلق كله أصله من الإخوة و الأخوات؟

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «سبحان الله و تعالى عن ذلك علوا كبيرا! يقول من يقول هذا: إن الله عز و جل جعل أصل صفوة خلقه و أحباءه و أنبياءه و رسله «4» و المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات من حرام، و لم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال، و قد أخذ ميثاقهم على الحلال و الطهر الطاهر الطيب! و الله لقد نبئت أن بعض البهائم تنكرت له أخته، فلما نزا عليها و نزل، كشف له عنها، و علم أنها أخته، أخرج غرموله «5» ثم قبض عليه بأسنانه، ثم قلعه ثم خر ميتا».

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 216/ 7.

11- علل الشرائع: 17/ 1 باب 17.

(1) في المصدر: الحور العين.

(2) في البحار 11: 244/ 40: خفّة.

(3) في «س»: ابن نوله، و في «ط» و المصدر: ابن نويه، و الظاهر أنّ ما أثبتناه هو الصواب، و هو عمر بن توبة أبو يحيى الصنعاني، عاصر الامام الصادق (عليه السّلام) وعدّ من أصحابه. راجع معجم رجال الحديث 13: 22.

(4) في المصدر: و حججه.

(5) الغرمول: الذّكر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 12

قال زرارة: ثم سئل (عليه السلام) عن خلق حواء، و قيل له: إن أناسا عندنا يقولون: إن الله عز و جل خلق

حواء من ضلع آدم (عليه السلام) الأيسر الأقصى؟

قال: «سبحان الله و تعالى عن ذلك علوا كبيرا! يقول من يقول هذا: إن الله تبارك و تعالى لم يكن له من القدرة أن يخلق لآدم زوجته من غير ضلعه! و جعل لمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام، يقول: إن آدم كان ينكح بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه، ما لهؤلاء، حكم الله بيننا و بينهم؟!» ثم قال: «إن الله تبارك و تعالى لما خلق آدم من طين أمر الملائكة فسجدوا له و ألقى عليه السبات، ثم ابتدع له خلقا، ثم جعلها في موضع النقرة التي بين وركيه، و ذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه، فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن تشبه صورته غير أنها أنثى، فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها: من أنت؟ فقالت: خلق خلقني الله كما ترى، فقال آدم (عليه السلام) عند ذلك: يا رب، من هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه و النظر إليه؟ فقال الله: هذه أمتي حواء، أ فتحب أن تكون معك، فتؤنسك، و تحدثك، و تأتمر لأمرك؟ قال: نعم يا رب، و لك بذلك الشكر و الحمد علي ما بقيت. فقال الله تبارك و تعالى:

فاخطبها إلي، فإنها أمتي، و قد تصلح أيضا للشهوة، فألقى الله تعالى عليه الشهوة، و قد علمه قبل ذلك المعرفة.

فقال: يا رب فإني أخطبها إليك، فما رضاك لذلك؟ قال: رضاي أن تعلمها معالم ديني. فقال: ذلك لك- يا رب- إن شئت ذلك.

فقال عز و جل: قد شئت ذلك، و قد زوجتكها، فضمها إليك. فقال: أقبلي. فقالت: بل أنت فأقبل إلي. فأمر الله عز و جل

آدم (عليه السلام) أن يقوم إليها، فقام، و لولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حين خطبن على أنفسهن، فهذه قصة حواء (صلوات الله عليها)».

2074/ [12]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد ابن أورمة، عن النوفلي، عن علي بن داود اليعقوبي «1»، عن الحسن بن مقاتل، عمن سمع «2» زرارة، يقول: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن بدء النسل من آدم كيف كان؟ و عن بدء النسل من ذرية آدم، فإن أناسا من عندنا يقولون: إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يزوج بناته ببنيه «3»، و إن هذا الخلق كله أصله من الإخوة و الأخوات؟! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا! يقول من قال هذا: بأن الله جل و عز خلق صفوة خلقه و أحباءه و أنبياءه و رسله و المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات من حرام، و لم يكن له من القدرة أن يخلقهم من حلال، و قد أخذ ميثاقهم على الحلال الطهر الطاهر الطيب.

__________________________________________________

12- علل الشرائع: 18/ 2.

(1) في «ط»: داود بن علي اليعقوبي.

(2) زاد في «ط»: عن.

(3) في «ط»: من بنيه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 13

فو الله لقد نبئت أن بعض البهائم تنكرت له أخته، فلما نزا عليها و نزل، كشف له عنها، فلما علم «1» أنها أخته، أخرج غرموله، ثم قبض عليه بأسنانه حتى قطعه فخر ميتا، و آخر تنكرت له امه ففعل هذا بعينه، فكيف الإنسان في انسيته و فضله و علمه؟! غير أن جيلا من هذا الخلق الذي ترون رغبوا عن علم أهل

بيوتات أنبيائهم، و أخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه، فصاروا إلى ما قد ترون من الضلالة و الجهل بالعلم كيف كانت الأشياء الماضية من بدء أن خلق الله ما خلق و ما هو كائن أبدا».

ثم قال: «ويح هؤلاء، أين هم عما لم يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز، و لا فقهاء أهل العراق، فإن الله عز و جل أمر القلم فجرى على اللوح المحفوظ بما هو كائن إلى يوم القيامة قبل خلق آدم بألفي عام، و إن كتب الله كلها فيما جرى فيه القلم، في كلها تحريم الأخوات على الإخوة مع ما حرم، هذا و نحن قد نرى منها هذه الكتب الأربعة المشهورة في هذا العالم: التوراة، و الإنجيل، و الزبور، و القرآن، أنزلها الله من اللوح المحفوظ على رسله (صلوات الله عليهم أجمعين)، منها: التوراة على موسى، و الزبور على داود، و الإنجيل على عيسى، و الفرقان على محمد (صلى الله عليه و آله و على النبيين) ليس فيها تحليل شي ء من ذلك. حقا أقول: ما أراد من يقول هذا و شبهه إلا تقوية حجج المجوس، فما لهم قاتلهم الله؟!» ثم أنشأ يحدثنا كيف كان بدء النسل من آدم، و كيف كان بدء النسل من ذريته، فقال: «إن آدم (صلوات الله عليه) ولد له سبعون بطنا، في كل بطن غلام و جارية، إلى أن قتل هابيل، فلما قتل قابيل هابيل، جزع آدم (عليه السلام) على هابيل جزعا شديدا قطعه عن إتيان النساء، فبقي لا يستطيع أن يغشى حواء خمس مائة عام ثم تجلى «2» ما به من الجزع عليه فغشي حواء، فوهب الله له شيئا وحده ليس معه ثان، و اسم شيث هبة الله، و

هو أول من أوصي إليه من الآدميين في الأرض، ثم ولد له من بعد شيث يافث ليس معه ثان، فلما أدركا و أراد الله عز و جل أن يبلغ بالنسل ما ترون، و أن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرم الله عز و جل من الأخوات على الإخوة، أنزل الله بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنة اسمها بركة «3»، فأمر الله عز و جل آدم أن يزوجها من شيث، فزوجها منه، ثم نزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة اسمها نزلة «4»، فأمر الله عز و جل آدم أن يزوجها من يافث، فزوجها منه، فولد لشيث غلام، و ولد ليافث جارية، فأمر الله عز و جل آدم (عليه السلام) حين أدركا أن يزوج بنت يافث من ابن شيث، ففعل فولد الصفوة من النبيين و المرسلين من نسلهما، و معاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوا من الإخوة و الأخوات».

2075/ [13]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله

__________________________________________________

13- علل الشرائع: 15/ 1 باب 12.

(1) في «ط»: فعلم.

(2) في المصدر: تخلّى.

(3) في المصدر: منزلة.

(4) في «ط»: بركة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 14

الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): لأي علة خلق الله عز و جل آدم من غير أب و أم و خلق عيسى من غير أب، و خلق سائر الناس من الآباء و الأمهات؟

فقال: «ليعلم الناس تمام قدرته و كمالها، و يعلموا أنه قادر

على أن يخلق خلقا من أنثى من غير ذكر، كما هو قادر على أن يخلقه من غير ذكر و لا أنثى، و أنه عز و جل فعل ذلك ليعلم أنه على كل شي ء قدير».

2076/ [14]- و عنه: عن أبيه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث طويل، قال: «سمي النساء نساء لأنه لم يكن لآدم (عليه السلام) انس غير حواء».

قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [1]

2077/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عز ذكره): وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. قال: فقال: «هي أرحام الناس، إن الله عز و جل أمر بصلتها، و عظمها، ألا ترى أن الله جعلها معه «1»؟!».

2078/ [2]- و عنه: بإسناده عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صلوا أرحامكم و لو بالتسليم، يقول الله تبارك و تعالى:

وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً».

2079/ [3]- و عنه: بإسناده عن الوشاء، عن محمد بن الفضيل الصيرفي، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «إن رحم آل محمد- الأئمة- لمعلقة بالعرش، تقول: اللهم صل من وصلني، و اقطع

من قطعني، ثم هي جارية «2» في أرحام المؤمنين». ثم تلا هذه الآية وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ.

2080/ [4]- الحسين بن سعيد: عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)

__________________________________________________

14- علل الشرائع: 17/ 1 باب 16.

1- الكافي 2: 120/ 1.

2- الكافي 2: 124/ 22.

3- الكافي 2: 125/ 26.

4- كتاب الزهد: 39/ 105. [.....]

(1) في المصدر: منه.

(2) في المصدر زيادة: بعدها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 15

عن قول الله تبارك و تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ. قال: «هي أرحام الناس، إن الله أمر بصلتها و عظمها، ألا ترى أنه جعلها معه؟!».

2081/ [5]- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «إن أحدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار، فأيما رجل منكم غضب على ذي رحمه فليدن منه، فإن الرحم إذا مسها الرحم استقرت، و إنها متعلقة بالعرش، تنتقض «1» انتقاض الحديد، فتنادي: اللهم صل من وصلني، و اقطع من قطعني، و ذلك قول الله في كتابه: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً و أيما رجل غضب و هو قائم فليلزم الأرض من فوره، فإنه يذهب رجز الشيطان».

2082/ [6]- عن عمر بن حنظلة، عنه (عليه السلام)، عن قول الله: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ، قال: «هي أرحام الناس، إن الله أمر بصلتها و عظمها، ألا ترى أنه جعلها معه؟».

2083/ [7]- عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ، قال: «هي أرحام الناس،

أمر الله تبارك و تعالى بصلتها و عظمها، ألا ترى أنه جعلها معه».

2084/ [8]- ابن شهر آشوب: عن المرزباني، بإسناده عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ، نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته، و ذوي أرحامه، و ذلك أن كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة، إلا ما كان من سببه و نسبه (صلى الله عليه و آله).

2085/ [9]- أبو علي الطبرسي: في معنى الآية: و اتقوا الأرحام أن تقطعوها، و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2086/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: تساءلون يوم القيامة عن التقوى، هل اتقيتم؟ و عن الأرحام، هل وصلتموها؟

2087/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «الرقيب: الحفيظ».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 217/ 8.

6- تفسير العيّاشي 1: 217/ 9.

7- تفسير العيّاشي 1: 217/ 10.

8- المناقب 2: 168، تفسير الحبري: 253/ 18.

9- مجمع البيان 3: 6.

10- تفسير القمّي 1: 130.

11- تفسير القمّي 1: 130.

(1) في «س» و «ط»: ينتقضنه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 16

سورة النساء(4): آية 2 ..... ص : 16

قوله تعالى:

وَ آتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً [2] 2088/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني: لا تأكلوا مال اليتيم ظلما فتسرفوا، و تبدلوا الخبيث بالطيب، و الطيب ما قال الله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «1»، وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ يعني مال اليتيم إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً أي إثما عظيما.

2089/ [2]- و قال الشيباني في (نهج البيان)، في قوله تعالى: وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ

بِالطَّيِّبِ، قال ابن عباس: لا تتبدلوا الحلال من أموالكم بالحرام من أموالهم لأجل الجودة و الزيادة فيه، قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

2090/ [3]- الطبرسي أبو علي: روي أنه لما نزلت هذه الآية كرهوا مخالطة اليتامى، فشق ذلك عليهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله سبحانه وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ «2» الآية، قال: و هو المروي عن السيدين الباقر و الصادق (عليهما السلام).

2091/ [4]- العياشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل أكل مال اليتيم، هل له توبة؟ فقال: «يؤدي إلى أهله، لأن الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «3»، و قال: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً».

2092/ [5]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام) «4»، أنه قال: «حُوباً كَبِيراً هو مما قال: تخرج الأرض من أثقالها».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 130.

2- نهج البيان 1: 81 (مخطوط).

3- مجمع البيان 3: 7.

4- تفسير العيّاشي 1: 217/ 12. [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 217/ 11.

(1) النّساء 4: 6.

(2) البقرة 2: 220.

(3) النّساء 4: 10.

(4) في المصدر: و أبي الحسن (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 17

سورة النساء(4): آية 3 ..... ص : 17

قوله تعالى:

وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ- إلى قوله تعالى- ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا [3] 2093/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت مع قوله تعالى: وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ

فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَ تَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فنصف الآية في أول السورة، و نصفها على رأس المائة و العشرين آية، و ذلك أنهم كانوا لا يستحلون أن يتزوجوا يتيمة و قد ربوها، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن ذلك، فأنزل الله تعالى: وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ إلى قوله: مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا أي لا تتزوجوا ما لا تقدرون أن تعولوا.

2094/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب، و محمد بن الحسن، قال: سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم، فقال: أليس الله حكيما؟ قال: بلى، هو أحكم الحاكمين.

قال: فأخبرني عن قوله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أليس هذا فرض؟ قال: بلى.

قال: فأخبرني عن قوله عز و جل: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ «1» أي حكيم يتكلم بهذا؟ فلم يكن عنده جواب، فرحل إلى المدينة، إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «يا هشام في غير وقت حج و لا عمرة؟» قال: نعم جعلت فداك، لأمر أهمني، إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شي ء قال: «و ما هي»؟ قال: فأخبره بالقصة.

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «أما قوله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ

أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً يعني في النفقة، و أما قوله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ «2» يعني في المودة».

قال: فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب و أخبره، قال: و الله، ما هذا من عندك.

2095/ [3]- علي بن إبراهيم: سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر الأحول، فقال: أخبرني عن قول الله:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 130.

2- الكافي 5: 362/ 1.

3- تفسير القمي 1: 130.

(1) النساء 4: 129.

(2) النساء 4: 129.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 18

فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً و قال في آخر السورة: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ «1» فبين القولين فرق؟

قال أبو جعفر الأحوال: فلم يكن عندي في ذلك جواب، فقدمت المدينة، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و سألته عن الآيتين، فقال: «أما قوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً فإنما عنى به النفقة، و قوله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فإنما عنى به في المودة، فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين المرأتين في المودة».

فرجع أبو جعفر الأحول إلى الرجل فأخبره، فقال: هذا حملته الإبل من الحجاز.

2096/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا جمع الرجل أربعا فطلق إحداهن فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المرأة التي طلق».

و قال: «لا يجمع الرجل ماءه في خمس».

2097/ [5]- ابن بابويه،

قال: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان، أن الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: «علة تزويج الرجل أربع نسوة و يحرم أن تتزوج المرأة أكثر من واحد، لأن الرجل إذا تزوج أربع نسوة كان الولد منسوبا إليه، و المرأة لو كان لها زوجان أو أكثر من ذلك، لم يعرف الولد لمن هو، إذ هم مشتركون في نكاحها، و في ذلك فساد الأنساب و المواريث و المعارف».

قال محمد بن سنان: و من علل النساء الحرائر و تحليل أربع نسوة لرجل واحد، لأنهن أكثر من الرجال، فلما نظر- و الله أعلم- لقول الله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فذلك تقدير قدره الله تعالى ليتسع فيه الغني و الفقير فيتزوج الرجل على قدر طاقته، وسع ذلك في ملك اليمين، و لم يجعل فيه حدا، لأنهن مال و جلب، فهو يسع أن يجمعوا من الأموال، و علة تزويج العبد اثنتين لا أكثر، أنه نصف رجل حر في الطلاق و النكاح، لا يملك نفسه، و لا مال له، إنما ينفق عليه مولاه، و ليكون ذلك فرقا بينه و بين الحر، و ليكون أقل لاشتغاله عن خدمة مواليه.

2098/ [6]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن سعد الجلاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل لم يجعل

الغيرة للنساء، إنما تغار المنكرات منهن، فأما المؤمنات فلا، إنما جعل الله عز و جل

__________________________________________________

4- الكافي 5: 429/ 1.

5- علل الشرائع: 504/ 1. باب (271).

6- علل الشرائع: 504/ 1 باب (272).

(1) النّساء 4: 129. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 19

الغيرة للرجال، لأنه قد أحل الله عز و جل له أربعا و ما ملكت يمينه، و لم يجعل للمرأة إلا زوجها وحده، فإن بغت معه غيره كانت زانية».

2099/ [7]- العياشي: عن يونس بن عبد الرحمن، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «في كل شي ء إسراف إلا في النساء، قال الله: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ، و قال: و أحل الله ما ملكت أيمانكم».

2100/ [8]- عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحل لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحرائر».

سورة النساء(4): آية 4 ..... ص : 19

قوله تعالى:

وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [4]

2101/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، امرأة دفعت إلى زوجها مالا من مالها ليعمل به، و قالت حين دفعت إليه: أنفق منه، فإن حدث بك حدث فما أنفقت منه كان حلالا طيبا، فإن حدث بي حدث فما أنفقت منه فهو حلال طيب؟ فقال: «أعد علي- يا سعيد- المسألة» فلما ذهبت أعيدها «1» عليه اعترض «2» فيها صاحبها، و كان معي حاضرا، فأعاد عليه مثل ذلك، فلما فرغ أشار بإصبعه إلى صاحب المسألة، فقال: «يا

هذا إن كنت تعلم أنها قد أفضت بذلك إليك فيما بينك [و بينها] و بين الله عز و جل فحلال طيب» ثلاث مرات. ثم قال: «يقول الله عز و جل في كتابه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً».

2102/ [2]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته، و لا المرأة فيما تهب

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 218/ 13.

8- تفسير العيّاشي 1: 218/ 14.

1- الكافي 5: 136/ 1.

2- الكافي 7: 30/ 3.

(1) في المصدر: أعيد المسألة.

(2) في «ط»: عرض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 20

لزوجها حيز أو لم يحز «1» أليس الله تبارك و تعالى يقول: وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً «2» و قال: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً فهذا يدخل في الصداق و الهبة».

2103/ [3]- العياشي: عن عبد الله بن القداح، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، بي وجع في بطني. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لك زوجة؟ قال:

نعم.

قال: استوهب منها شيئا طيبة به نفسها من مالها، ثم اشتر به عسلا، ثم اسكب عليه من ماء السماء، ثم اشربه فإني أسمع الله يقول في كتابه: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً «3» و قال: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ «4» و قال: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً شفيت إن شاء الله

تعالى». قال: «ففعل ذلك فشفي».

2104/ [4]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله:

فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً، قال: «يعني بذلك أموالهن التي في أيديهن مما ملكن».

2105/ [5]- عن سعيد بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، امرأة دفعت إلى زوجها مالا ليعمل به، و قالت له حين دفعته إليه: أنفق منه، فإن حدث بي حدث فما أنفقت منه فلك حلال طيب، و إن حدث بك حدث فما أنفقت منه فلك حلال طيب؟

قال: «أعد علي المسألة» فلما ذهبت أعرض عليه المسألة عرض فيها صاحبها، و كان معي، فأعاد عليه مثل ذلك، فلما فرغ أشار بإصبعه إلى صاحب المسألة، فقال: «يا هذا إن كنت تعلم أنها قد أفضت بذلك إليك فيما بينك و بينها و بين الله فحلال طيب» ثلاث مرات. ثم قال: «يقول الله: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً».

2106/ [6]- عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اشتكى رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له:

سل من امرأتك درهما من صداقها، فاشتر به عسلا فاشربه بماء السماء، ففعل ما أمر به فبرى ء، فسئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ذلك: أ شي ء سمعته من النبي (صلى الله عليه و آله)؟ قال: لا، و لكني سمعت الله يقول في كتابه:

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 218/ 15.

4- تفسير العيّاشي 1: 219/ 16.

5- تفسير العيّاشي 1: 219/ 17.

6- تفسير العيّاشي 1: 219/ 18.

(1) في «ط»: أجازت أو لم تجز.

(2) البقرة 2: 229.

(3) سورة ق 50: 9.

(4) النّحل 16: 69. [.....]

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 21

فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً و قال: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ «1» و قال: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً «2» فاجتمع الهني ء المري ء و البركة و الشفاء، فرجوت بذلك البرء».

2107/ [7]- عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: لا ترجع المرأة فيما تهب لزوجها، حيزت أو لم تحز، أليس الله يقول: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً.

سورة النساء(4): آية 5 ..... ص : 21

قوله تعالى:

وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَ ارْزُقُوهُمْ فِيها وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً [5]

2108/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ: «فالسفهاء: النساء و الولد، إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة، و ولده سفيه مفسد، لم ينبغ له أن يسلط واحدا منهما على ماله الذي جعل الله له قياما، يقول: معاشا، قال: وَ ارْزُقُوهُمْ فِيها وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً فالمعروف: العدة».

2109/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): شارب الخمر لا تصدقوه إذا حدث، و لا تزوجوه إذا خطب، و لا تعودوه إذا مرض، و لا تحضروه إذا مات، و لا تأتمنوه على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأهلكها فليس على الله أن يخلفه عليه، و لا أن يأجره عليها، لأن الله يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ و أي سفيه أسفه من شارب الخمر؟!».

2110/ [3]- محمد بن يعقوب: عن حميد

بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان ابن عثمان، عن حماد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شرب الخمر بعد أن حرمها الله تعالى على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب، و لا يصدق إذا حدث، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيعها فليس للذي ائتمنه على الله عز و جل أن يأجره، و لا يخلف عليه».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 219/ 19.

1- تفسير القمّي 1: 131.

2- تفسير القمّي 1: 131.

3- الكافي 6: 397/ 9.

(1) النّحل 16: 69.

(2) سورة ق 50: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 22

2111/ [4]- و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إني أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن، فأتيت أبا جعفر (عليه السلام)، فقلت له: إني أريد أن أستبضع فلانا بضاعة، فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟

فقلت: قد بلغني من المؤمنين أنهم يقولون ذلك، فقال لي: صدقهم، فإن الله عز و جل يقول: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ «1» ثم قال: إنك إذا استبضعته فهلكت أو ضاعت، فليس لك على الله عز و جل أن يأجرك، و لا يخلف عليك. فاستبضعته فضيعها، فدعوت الله عز و جل أن يأجرني، فقال: يا بني مه، ليس لك على الله أن يأجرك، و لا يخلف عليك. قال: قلت له: و لم؟

فقال لي: إن الله عز و جل يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً فهل تعرف سفيها أسفه من شارب الخمر؟!».

2112/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن حريز، قال: كان لإسماعيل بن أبي عبد الله (عليه السلام) دنانير، و أراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن، فقال إسماعيل: يا أبت كأن فلانا يريد الخروج إلى اليمن، و عندي كذا و كذا دينارا أفترى أن أدفعها إليه يبتاع بها إلي بضاعة من اليمن؟

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بني، أما بلغك أنه يشرب الخمر»؟ فقال إسماعيل: هكذا يقول الناس.

فقال: «يا بني لا تفعل» فعصى إسماعيل أباه و دفع إليه دنانيره، فاستهلكها و لم يأت «2» بشي ء منها، فخرج إسماعيل، و قضى أن أبا عبد الله (عليه السلام) حج و حج إسماعيل تلك السنة فجعل يطوف بالبيت، و يقول: اللهم أجرني و اخلف علي، فلحقه أبو عبد الله (عليه السلام) فهزه بيده من خلفه، و قال له: «مه يا بني، فلا و الله مالك على الله هذا، و لا لك أن يأجرك و لا يخلف عليك، و قد بلغك أنه يشرب الخمر، فائتمنته».

فقال إسماعيل: يا أبت إني لم أره يشرب الخمر، إنما سمعت الناس يقولون.

فقال: «يا بني إن الله عز و جل يقول في كتابه: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ يقول: يصدق الله عز و جل، و يصدق للمؤمنين، فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم و لا تأتمن شارب الخمر، فإن الله عز و جل يقول في كتابه:

وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟! إن شارب الخمر لا يزوج إذا خطب، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي ائتمنه على الله أن يأجره و لا يخلف عليه».

2113/ [6]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم «3»، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد الله بن __________________________________________________

4- الكافي 6: 397 ذيل الحديث 9.

5- الكافي 5: 299/ 1.

6- الكافي 1: 48/ 5.

(1) التّوبة 9: 61.

(2) في المصدر: و لم يأته.

(3) في المصدر زيادة: عن أبيه، و قد روى علي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى مباشرة، و لم يرو عنه إبراهيم، انظر معجم رجال الحديث 1: 340- 343 و 17: 112.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 23

سنان، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا حدثتكم بشي ء فاسألوني من كتاب الله» ثم قال في بعض حديثه: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى عن القيل و القال، و فساد المال، و كثرة السؤال».

فقيل له: يا ابن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟

قال: «إن الله عز و جل يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ «1» و قال: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً و قال: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ «2»».

2114/ [7]- العياشي: عن يونس بن يعقوب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ. قال: «من لا تثق به».

2115/ [8]- عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في من شرب الخمر بعد أن حرمها الله على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله). قال: «ليس بأهل أن يزوج إذا خطب، و أن يصدق إذا حدث، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأهلكها أو ضيعها، فليس

للذي ائتمنه أن يأجره الله و لا يخلف عليه».

2116/ [9]- قال أبو عبد الله: «إني أردت أن أستبضع فلانا بضاعة إلى اليمن، فأتيت أبا جعفر (عليه السلام)، فقلت:

إني أردت أن أستبضع فلانا، فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟ فقلت: قد بلغني عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك.

فقال: صدقهم لأن الله تعالى يقول: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ «3» ثم قال: إنك ان استبضعته فهلكت أو ضاعت فليس على الله أن يأجرك و لا يخلف عليك.

فقلت: و لم؟ قال: لأن الله تعالى يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً فهل سفيه أسفه من شارب الخمر؟ إن العبد لا يزال في فسحة من ربه ما لم يشرب الخمر، فإذا شربها خرق الله عليه سرباله، فكان ولده و أخوه و سمعه و بصره و يده و رجله إبليس، يسوقه إلى كل شر، و يصرفه عن كل خير».

2117/ [10]- عن إبراهيم بن عبد الحميد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ. قال: «كل من يشرب المسكر فهو سفيه».

2118/ [11]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ.

__________________________________________________

7- تفسير العياشي 1: 220/ 20.

8- تفسير العياشي 1: 220/ 21. [.....]

9- تفسير العياشي 1: 220 ذيل الحديث 21.

10- تفسير العياشي 1: 220/ 22.

11- تفسير العياشي 1: 220/ 23.

(1) النساء 4: 114.

(2) المائدة 5: 101.

(3) التوبة 9: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 24

قال: «هم اليتامى، لا تعطوهم أموالهم حتى تعرفوا منهم الرشد».

فقلت: فكيف يكون أموالهم أموالنا؟ فقال: «إذا كنت أنت الوارث لهم».

2119/ [12]- عن عبد الله بن سنان،

عنه (عليه السلام)، قال: «لا تؤتوها شراب «1» الخمر، و النساء».

2120/ [13]- ابن بابويه في (الفقيه): روى السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال:

«قال أمير المؤمنين (عليه السلام): المرأة لا يوصى إليها، لأن الله عز و جل يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ».

2121/ [14]- و في خبر آخر: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ قال: «لا تؤتوها شراب «2» الخمر، و لا النساء» ثم قال: «و أي سفيه أسفه من شراب «3» الخمر؟».

قال ابن بابويه: إنما يعني كراهة «4» اختيار المرأة للوصية، فمن أوصى إليها لزمها القيام بالوصية على ما تؤمر به، و يوصى إليها فيه إن شاء الله تعالى.

سورة النساء(4): آية 6 ..... ص : 24

قوله تعالى:

وَ ابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَ بِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً [6] 2122/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: من كان في يده مال بعض اليتامى، فلا يجوز له أن يعطيه حتى يبلغ النكاح و يحتلم، فإذا احتلم وجبت عليه الحدود، و إقامة الفرائض، و لا يكون مضيعا و لا شارب خمر و لا زانيا، فإذا أنس منه الرشد دفع إليه المال، و أشهد عليه، و إن كانوا لا يعلمون أنه قد بلغ، فإنه يمتحن بريح إبطه، أو نبت عانته، فإذا كان ذلك فقد بلغ، فيدفع إليه ماله إذا كان رشيدا، و لا يجوز أن يحبس عنه ماله و يعتل عليه بأنه «5» لم يكبر بعد».

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي

1: 221/ 24.

13- من لا يحضره الفقيه 4: 168/ 585.

14- من لا يحضره الفقيه 4: 168/ 586.

1- تفسير القمّي 1: 131.

(1) في «س»: شارب.

(2، 3) في المصدر: شارب.

(4) في المصدر: كراهية.

(5) في المصدر: أن يحبس عليه ماله و يعلل أنّه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 25

2123/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه): روي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله عز و جل: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ. قال: «إيناس الرشد: حفظ المال».

2124/ [3]- و في رواية محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن المغيرة، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في تفسير هذه الآية: «إذا رأيتموهم و هم يحبون آل محمد فارفعوهم درجة».

قال ابن بابويه: الحديث غير مخالف لما تقدمه، و ذلك أنه إذا أونس منه الرشد- و هو حفظ المال- دفع إليه ماله، و كذلك إذا أونس منه الرشد في قبول الحق اختبر به، و قد تنزل الآية في شي ء و تجري في غيره.

2125/ [4]- و عنه: بإسناده عن منصور بن حازم، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «انقطاع يتم اليتيم الاحتلام. و هو أشده، و إن احتلم و لم يؤنس منه رشد، و كان سفيها أو ضعيفا، فليمسك عنه وليه ماله».

2126/ [5]- و عنه: بإسناده عن صفوان، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن اليتمية، متى يدفع إليها مالها؟ قال: «إذا علمت أنها لا تفسد و لا تضيع».

فسألته إن كانت قد تزوجت «1»؟ فقال: «إذا تزوجت فقد انقطع ملك الوصي عنها».

قال ابن بابويه: يعني بذلك إذا بلغت تسع سنين.

2127/ [6]-

محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، [عن سماعة] «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ.

قال: «من كان يلي شيئا لليتامى و هو محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم، و يقوم في ضيعتهم، فليأكل بقدر الحاجة «3» و لا يسرف، فإذا كانت ضيعتهم لا تشغله عما يعالج لنفسه فلا يرزأن «4» أموالهم شيئا».

2128/ [7]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «المعروف هو القوت، و إنما عنى الوصي أو القيم في أموالهم و ما يصلحهم».

__________________________________________________

2- من لا يحضره الفقيه 4: 164/ 575.

3- من لا يحضره الفقيه 4: 165/ 576.

4- من لا يحضره الفقيه 4: 163/ 569.

5- من لا يحضره الفقيه 4: 164/ 572.

6- الكافي 5: 129/ 1.

7- الكافي 5: 130/ 3.

(1) في المصدر: زوجت.

(2) من المصدر، و هو الصواب، راجع رجال النجاشي: 194/ 517 و معجم رجال الحديث 8: 297.

(3) (الحاجة) ليس في المصدر.

(4) رزأ ماله: أصاب منه شيئا، و في «ط»: يرزأ من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 26

2129/ [8]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) و أنا حاضر، عن القيم لليتامى في الشراء لهم و البيع فيما يصلحهم، أله أن يأكل من أموالهم؟

فقال: «لا بأس أن يأكل من أموالهم بالمعروف، كما قال الله تعالى في كتابه: وَ

ابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَ بِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ هو القوت، و إنما عنى فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ الوصي لهم، أو القيم في أموالهم و ما يصلحهم».

2130/ [9]- عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «فذاك رجل يحبس نفسه عن المعيشة، فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم، فإن كانت المال قليلا، فلا يأكل منه شيئا».

2131/ [10]- العياشي: عن عبد الله بن أسباط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن اليتيم: متى ينقضي يتمه؟ فكتب إليه: أما اليتيم فانقطاع يتمه أشده- و هو الاحتلام- إلا أن لا يؤنس منه رشد بعد ذلك، فيكون سفيها، أو ضعيفا، فليشد «1» عليه».

2132/ [11]- عن يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قول الله: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ أي شي ء الرشد الذي يؤنس منهم؟ قال: «حفظ ماله».

2133/ [12]- عن عبد الله بن المغيرة، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، في قول الله: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ، قال: فقال: «إذا رأيتموهم يحبون آل محمد فارفعوهم درجة».

2134/ [13]- عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن رجل بيده ماشية لابن أخ يتيم في حجره، أ يخلط أمرها بأمر ماشيته؟ فقال: «إن كان يليط حياضها، و يقوم على هنائها «2»، و يرد شاردها، فليشرب

من ألبانها غير مجتهد للحلاب، و لا مضر بالولد، ثم قال: وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ.

2135/ [14]- أبو اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، فقال: «ذلك رجل يحبس نفسه على أموال اليتامى فيقوم لهم فيها، و يقوم لهم عليها، فقد شغل نفسه عن طلب المعيشة، فلا بأس أن

__________________________________________________

8- التهذيب 9: 244/ 949.

9- الكافي 5: 130/ 5.

10- تفسير العيّاشي 1: 221/ 25.

11- تفسير العيّاشي 1: 221/ 26. [.....]

12- تفسير العيّاشي 1: 221/ 27.

13- تفسير العيّاشي 1: 221/ 28.

14- تفسير العيّاشي 1: 221/ 29.

(1) كذا، و الظاهر أنّها تصحيف (فليشهد عليه) أي يشهد أن حجر المال كان بسبب.

(2) الهناء: القطران تطلى به الإبل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 27

يأكل بالمعروف إذا كان يصلح أموالهم، و إن كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا».

2136/ [15]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «بلى، من كان يلي شيئا لليتامى، و هو محتاج و ليس له شي ء، و هو يتقاضى أموالهم، و يقوم في ضيعتهم، فليأكل بقدر الحاجة و لا يسرف، و إن كان ضيعتهم لا تشغله عما يعالج لنفسه فلا يرز أن من أموالهم شيئا».

2137/ [16]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، فقال: «هذا رجل يحبس نفسه لليتيم على حرث أو ماشية و يشغل فيها نفسه، فليأكل منه بالمعروف، و ليس ذلك له في

الدنانير و الدراهم التي عنده موضوعة».

2138/ [17]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «ذلك إذا حبس نفسه في أموالهم فلا يحترث لنفسه، فليأكل بالمعروف من أموالهم».

2139/ [18]- عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، قال: «كان أبي يقول:

إنها منسوخة».

2140/ [19]- عن زرارة، و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «مال اليتيم إن عمل به من وضع على يديه ضمنه، و لليتيم ربحه».

قال: قلنا له: قوله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ؟ قال: «إنما ذلك إذا حبس نفسه عليهم في أموالهم فلم يتخذ «1» لنفسه، فليأكل بالمعروف من مالهم».

2141/ [20]- أبو علي الطبرسي: اختلف في معنى قوله رُشْداً و ذكر الأقوال، قال: و الأقوى أن يحمل على أن المراد به العقل، و إصلاح المال، قال: و هو المروي عن الباقر (عليه السلام).

2142/ [21]- و قال الطبرسي في قوله تعالى: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ: معناه: من كان فقيرا فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة و الكفاية على جهة القرض، ثم يرد عليه ما أخذ [منه إذا وجد]. قال: و هو المروي عن الباقر (عليه السلام).

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 221/ 30.

16- تفسير العيّاشي 1: 222/ 31.

17- تفسير العيّاشي 1: 222/ 32.

18- تفسير العيّاشي 1: 222/ 33.

19- تفسير العيّاشي 1: 224/ 43.

20- مجمع البيان 3: 16.

21- مجمع البيان 3: 17.

(1) في «ط» يتجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 28

سورة النساء(4): آية 7 ..... ص : 28

قوله تعالى:

لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً [7] 2143/

[1]- علي بن إبراهيم: هي منسوخة بقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ «1».

سورة النساء(4): آية 8 ..... ص : 28

قوله تعالى:

وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً [8]

2144/ [2]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ. قال: «نسختها آية الفرائض».

2145/ [3]- و في رواية أخرى: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى قال: «نسختها آية الفرائض».

قلت: يمكن الجمع بين روايتي النسخ و عدمه، بحمل رواية النسخ على نسخ وجوب الإعطاء، و بحمل رواية عدم النسخ على جواز الإعطاء و استحبابه، فلا تنافي بين الروايتين على هذا التقدير، و الله أعلم.

2146/ [4]- قال أبو علي الطبرسي: اختلف الناس في هذه الآية على قولين: أحدهما أنها محكمة غير منسوخة. قال: و هو المروي عن الباقر (عليه السلام).

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 131. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1: 222/ 34.

3- تفسير العيّاشي 1: 223/ 36.

4- مجمع البيان 3: 19.

(1) النّساء 4: 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 29

2147/ [4]- و قال محمد الشيباني في (نهج البيان): و قال قوم: إنها ليست منسوخة يعطى من ذكرهم الله على سبيل الندب و الطعمة. قال: و هو المروي عن الباقر و الصادق (عليهما السلام).

قلت: و هذه الرواية عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) تؤيد ما ذكرناه من الحمل بأن الآية محكمة غير منسوخة، و يعطون على سبيل الندب و الطعمة، و رواية النسخ «1» ناسخة وجوب إعطائهم بآية الميراث.

سورة النساء(4): الآيات 9 الي10 ..... ص : 29

قوله تعالى:

وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ

أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [9- 10]

2148/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أوعد الله تبارك و تعالى في مال اليتيم عقوبتين: إحداهما عقوبة الآخرة النار، و أما عقوبة الدنيا فقوله عز و جل: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ الآية، يعني ليخش أن أخلفه في ذريته كما صنع بهؤلاء اليتامى».

2149/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عجلان أبي صالح «2»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن آكل مال اليتيم.

فقال: «هو كما قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً». ثم قال (عليه السلام) من غير أن أسأله: «من عال يتيما حتى ينقطع يتمه، أو يستغني بنفسه، أوجب عز و جل له الجنة كما أوجب النار لمن أكل مال اليتيم».

__________________________________________________

4- نهج البيان 1: 83 (مخطوط).

1- الكافي 5: 128/ 1.

2- الكافي 5: 128/ 2.

(1) في هامش «س»: اختلف الاصوليون في أنّ نسخ الوجوب يقتضى نسخ الجواز أم لا، قولان، و يحتجّ الذين يقولون: بأنّ نسخ الوجوب لا يقتضي نسخ الجواز، إنّ الوجوب دالّ على الإذن في الفعل مع النهي عن الترك، و النسخ للوجوب يتحقّق برفع النهي عن التّرك، فيبقى الإذن في الفعل و هو يقتضي الجواز في الفعل «منه قدّس سرّه».

(2) في «س» و «ط»: عجلان بن أبي صالح، و الصواب ما في المتن، بقرينة سائر الروايات راجع معجم رجال الحديث 11:

133.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 30

2150/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يكون في يده مال لأيتام فيحتاج إليه، فيمد يده فيأخذه و ينوي أن يرده؟

فقال: «لا ينبغي له أن يأكل إلا بقصد، و لا يسرف، فإن كان من نيته أن لا يرده عليهم فهو بالمنزل الذي قال الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً».

2151/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «انزل في مال اليتيم من أكله ظلما: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً و ذلك أن آكل مال اليتيم يجي ء يوم القيامة و النار تلتهب في بطنه حتى يخرج لهب النار من فيه، و يعرفه «1» أهل الجمع أنه آكل مال اليتيم».

2152/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء رأيت قوما تقذف في أفواههم «2» النار و تخرج من أدبارهم. فقلت: من هؤلاء، يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما».

2153/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل «3»، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان، أن

أبا الحسن علي ابن موسى الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب إليه من جواب مسائله: «حرم أكل مال اليتيم ظلما لعلل كثيرة من وجوه الفساد: أول ذلك إذا أكل مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله، إذ اليتيم غير مستغن، و لا محتمل لنفسه، و لا قائم بشأنه، و لا له من يقوم عليه و يكفيه كقيام والديه، فإذا أكل ماله فكأنه قد قتله و صيره إلى القتل «4» و الفاقة مع ما خوف الله تعالى من العقوبة في قوله: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ و لقول أبي جعفر (عليه السلام): إن الله عز و جل وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين: عقوبة في الدنيا، و عقوبة في الآخرة، ففي تحريم مال اليتيم استبقاء اليتيم و استقلاله بنفسه، و السلامة للعقب أن يصيبه ما أصابهم، لما وعد الله فيه من العقوبة، مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدركه، و وقوع الشحناء و العداوة و البغضاء حتى يتفانوا».

__________________________________________________

3- الكافي 5: 128/ 3.

4- الكافي 5: 126/ 3.

5- تفسير القمّي 1: 132.

6- علل الشرائع: 480/ 1.

(1) في المصدر: فيه حتّى يعرفه كلّ. [.....]

(2) في المصدر: أجوافهم.

(3) في «س» و «ط»: محمّد بن سعيد، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو محمّد بن إسماعيل البرمكي الرازي، روى عن علي بن العبّاس، و روى عنه محمّد بن أبي عبد اللّه في موارد كثيرة، راجع معجم رجال الحديث 15: 92.

(4) في المصدر: الفقر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 31

2154/ [7]- العياشي: عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) مبتدئا: «من ظلم سلط الله

عليه من يظلمه، أو على عقبه، أو على عقب عقبه».

قال: فذكرت في نفسي، فقلت: يظلم هو فيسلط على عقبه أو عقب عقبه!! فقال لي قبل أن أتكلم: «إن الله يقول: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً».

2155/ [8]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام): «أن الله أوعد في مال اليتيم عقوبتين اثنتين: أما إحداهما: فعقوبة الآخرة النار، و أما الاخرى. فعقوبة الدنيا، قوله: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً- قال- يعني بذلك ليخش أن أخلفه في ذريته كما صنع بهؤلاء اليتامى».

2156/ [9]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن في كتاب علي بن أبي طالب (عليه السلام): أن آكل مال اليتيم ظلما سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده و يلحقه، فقال: ذلك في الدنيا، فإن الله قال: وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ و أما في الآخرة فإن الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً».

2157/ [10]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت: في كم تجب لآكل مال اليتيم النار؟

قال: «في درهمين».

2158/ [11]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن آكل «1» مال اليتيم، هل له توبة؟ قال: «يرده إلى أهله- قال- ذلك بأن الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً».

2159/ [12]- عن أحمد بن محمد، قال: سألت أبا

الحسن (عليه السلام) عن الرجل يكون في يده مال لأيتام فيحتاج فيمد يده فينفق منه عليه و على عياله، و هو ينوي أن يرده إليهم، أهو ممن قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً الآية؟ قال: «لا، و لكن ينبغي له ألا يأكل إلا بقصد، و لا يسرف».

قلت له: كم أدنى ما يكون من مال اليتيم إن هو أكله و هو لا ينوي رده حتى يكون يأكل في بطنه نارا؟ قال:

«قليله و كثيره واحد، إذا كان من نفسه و نيته أن لا يرده إليهم».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 223/ 37.

8- تفسير العيّاشي 1: 223/ 38.

9- تفسير العيّاشي 1: 223/ 39.

10- تفسير العيّاشي 1: 223/ 40.

11- تفسير العيّاشي 1: 224/ 41.

12- تفسير العيّاشي 1: 224/ 42.

(1) في المصدر: عن رجل أكل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 32

2160/ [13]- عن زرارة، و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «مال اليتيم إن عمل به من وضع على يديه ضمنه، و لليتيم ربحه».

قالا: قلنا له، قوله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «1»؟ قال: «إنما ذلك إذا حبس نفسه عليهم في أموالهم فلم يتخذ لنفسه، فليأكل بالمعروف من مالهم».

2161/ [14]- عن عجلان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من أكل مال اليتيم؟ فقال: «هو كما قال الله تعالى:

إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً».

و قال هو من غير أن أسأله: «من عال يتيما حتى ينقضي يتمه، أو يستغني بنفسه أوجب الله له الجنة، كما أوجب لآكل مال اليتيم النار».

2162/ [15]- عن أبي إبراهيم، قال: سألته عن الرجل يكون للرجل عنده المال أما ببيع أو بقرض «2» فيموت و لم يقضه إياه،

فيترك أيتاما صغارا فيبقى لهم عليه فلا يقضيهم، أ يكون ممن يأكل مال اليتيم ظلما؟ قال: «إذا كان ينوي أن يؤدي إليهم فلا».

2163/ [16]- و عنه: قال الأحول: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام): إنما هو الذي يأكله و لا يريد أداءه، من الذين يأكلون أموال اليتامى؟ قال: «نعم».

2164/ [17]- عن عبيد «3» بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الكبائر. فقال: «منه أكل مال اليتيم ظلما» و ليس في هذا بين أصحابنا اختلاف، و الحمد لله.

2165/ [18]- عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يبعث أناس من قبورهم يوم القيامة تؤجج أفواههم نارا، فقيل له: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً».

2166/ [19]- عن أبي بصير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أصلحك الله، ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟

قال: «من أكل من مال اليتيم درهما، و نحن اليتيم».

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 1: 224/ 43.

14- تفسير العيّاشي 1: 224/ 44.

15- تفسير العيّاشي 1: 225/ 45.

16- تفسير العيّاشي 1: 225/ ذيل 45. [.....]

17- تفسير العيّاشي 1: 225/ 46.

18- تفسير العيّاشي 1: 225/ 47.

19- تفسير العيّاشي 1: 225/ 48.

(1) النّساء 4: 6.

(2) في «ط» يبيع أو يقرض.

(3) في «س»: عمر، و في «ط»: عمران، كلاهما تصحيف، راجع رجال النجاشي: 233، و معجم رجال الحديث 11: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 33

سورة النساء(4): آية11 ..... ص : 38

قوله تعالى:

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [11] 2167/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قال: إذا مات الرجل و ترك بنين للذكر مثل حظ الأنثيين.

2168/ [2]-

العياشي: عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن فاطمة (صلوات الله عليها) انطلقت إلى أبي بكر فطلبت ميراثها من نبي الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: إن نبي الله لا يورث، فقالت: أكفرت بالله و كذبت بكتابه؟ قال الله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ».

2169/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان، أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: «علة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث، لأن المرأة إذا تزوجت أخذت، و الرجل يعطي، فلذلك وفر على الرجال، و علة أخرى في إعطاء الذكر مثلي ما تعطى الأنثى، لأن الأنثى من عيال الذكر إن احتاجت، و عليه أن يعولها و عليه نفقتها، و ليس على المرأة أن تعول الرجل، و لا تؤخذ بنفقته إن احتاج، فوفر على الرجال لذلك، و ذلك قول الله عز و جل الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ «1»».

2170/ [4]- عنه، قال: أخبرني علي بن حاتم، قال: أخبرني القاسم بن محمد، قال: حدثنا حمدان بن الحسين، عن الحسين بن الوليد، عن ابن بكير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: لأي علة صارت الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين؟ قال: «لما جعل لها من الصداق».

2171/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن

يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، كيف صار الرجل إذا مات و ولده من القرابة سواء، ترث النساء نصف ميراث الرجال، و هن أضعف من الرجال، و أقل حيلة؟

فقال: «لأن الله تبارك و تعالى فضل الرجال على النساء درجة، و لأن النساء يرجعن عيالا على الرجال».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 132.

2- تفسير العيّاشي 1: 225/ 49.

3- علل الشرائع: 570/ 1، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 98/ 1.

4- علل الشرائع: 570/ 2.

5- الكافي 7: 84/ 1.

(1) النّساء 4: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 34

2172/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام و حماد «1»، عن الأحول، قال: قال لي ابن أبي العوجاء: ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهما واحدا، و يأخذ الرجل سهمين؟ قال: فذكر ذلك بعض أصحابنا لأبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «إن المرأة ليس عليها جهاد و لا نفقة و لا معقلة «2»، فإنما ذلك على الرجل، فلذلك جعل للمرأة سهما «3» و للرجل سهمين».

2173/ [7]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن علي، عن عبد الملك حيدر «4»، عن حمزة بن حمران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من ورث رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟

قال: «فاطمة (عليها السلام)، ورثت متاع البيت و الخرثي «5» و كل ما كان له».

2174/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ورث علي (عليه السلام) علم رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، و ورثت فاطمة (عليها السلام) تركته».

قوله تعالى:

فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ [11]

2175/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن الحسن بن محبوب، عن حماد ذي الناب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل مات و ترك ابنتين و أباه، قال: «للأب السدس،

__________________________________________________

6- الكافي 7: 85/ 3.

7- الكافي 7: 86/ 2. [.....]

8- الكافي 7: 86/ 1.

1- التهذيب 9: 274/ 990.

(1) في المصدر: عن حمّاد، عن هشام، و في «ط»: هشام عن حمّاد، انظر معجم رجال الحديث 19: 257 و 258.

(2) المعقلة: الدّية. «لسان العرب- عقل- 11: 462».

(3) في المصدر زيادة: واحدا.

(4) في المصدر: الحسن بن علي بن عبد الملك حيدر، انظر جامع الرواة 1: 281، معجم رجال الحديث 5: 40 و 6: 268.

(5) الخرثيّ: أثاث البيت و متاعه. «النهاية 2: 19».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 35

و للابنتين الباقي» قال: «لو «1» ترك بنات و بنين لم ينقص الأب من السدس شيئا».

قلت له: فإنه ترك بنات و بنين و أما؟ قال: «للام السدس، و الباقي يقسم لهم، للذكر مثل حظ الأنثيين».

2176/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن جميعا، عن صفوان- أو قال: عن عمر بن أذينة- عن

محمد بن مسلم، قال: أقرأني أبو جعفر (عليه السلام) صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خط علي (عليه السلام) بيده فوجدت فيها: «رجل ترك ابنته و امه فلابنته النصف ثلاثة أسهم، و للام السدس سهم، يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، و ما أصاب سهما فهو للأم».

قال: و قرأت فيها: «رجل ترك ابنته و أباه فللابنة النصف ثلاثة أسهم، و للأب السدس سهم، يقسم المال على أربعة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة، و ما أصاب سهما فللأب».

قال محمد: و وجدت فيها: «رجل ترك أبويه و ابنته، فللابنة النصف ثلاثة أسهم، و للأبوين لكل واحد منهما السدس، يقسم المال على خمسة أسهم، فما أصاب ثلاثة فللابنة، و ما أصاب سهمين فللأبوين».

قلت: فقه ذلك أن الرجل إذا مات و ترك بنتا و أحد الأبوين، كان النصف للبنت بالفرض، و لأحد الأبوين السدس، و الباقي يرد على البنت و أحد الأبوين أرباعا، فيكون الفريضة في ذلك من ستة، للبنت النصف ثلاثة، و لأحد الأبوين سهم، و هو السدس، فيبقى سهمان يرد عليها و على أحد الأبوين، فما أصاب النصف و هو الثلاثة التي للبنت، لها ثلاثة أرباع المردود، و ما أصاب سهم أحد الأبوين و هو السدس، له ربع المردود، فيحصل للبنت بعد الرد ثلاثة أرباع المال، و لأحد الأبوين الربع، إلا أنه هذه الفريضة تنكسر في الرد، و تصح في اثني عشر، للبنت ستة منها، و لأحد الأبوين اثنان، يبقى أربعة، للبنت ثلاثة، و لأحد الأبوين واحد، و يحصل للبنت تسعة، و هو ثلاثة أرباع الاثني عشر، و لأحد الأبوين ثلاثة من الاثني عشر،

و هو ربعها.

و إذا مات الرجل و ترك بنتا و أبويه: الفريضة من ستة يبقى منها سهم واحد للرد على البنت و الأبوين أخماسا، إلا أن الستة تنكسر في الرد كما ترى، و تصح من ثلاثين، النصف و هو خمسة عشر للبنت، و للأبوين السدسان و هما عشرة، يبقى خمسة للبنت ثلاثة منها، و لكل واحد من الأبوين واحد، فيحصل للبنت من المال ثلاثة أخماس المال، و لكل واحد من الأبوين خمس المال.

و لو ترك بنتين و أحد الأبوين: الفريضة من ستة للبنتين الثلثان، و لأحد الأبوين السدس، يبقى واحد يرد على البنتين، و على أحد الأبوين أخماسا، و هي تصح من ثلاثين، الثلثان عشرون، و السدس خمسة، تبقى خمسة للرد، للبنتين أربعة، و لأحد الأبوين واحد، يحصل للبنتين أربعة و عشرون، و ستة لأحد الأبوين.

2177/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، و عدة من أصحابنا، عن أحمد

__________________________________________________

2- الكافي 7: 93/ 1.

3- الكافي 7: 91/ 1. باب (16).

(1) في «س» و «ط»: و لقد، بدل (قال: لو).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 36

بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، و أبي أيوب الخزار، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في رجل مات و ترك أبويه، قال: «للأب سهمان، و للام سهم».

2178/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى، عن يونس جميعا، عن عمر بن أذينة، قال: قلت لزرارة: إن أناسا حدثوني عنه- يعني أبا عبد الله- و عن أبيه (صلوات الله عليهما) بأشياء في الفرائض، فأعرضها عليك،

فما كان منها باطلا فقل: هذا باطل، و ما كان منها حقا، فقل: هذا حق، و لا تروه و اسكت.

و قلت له: حدثني رجل عن أحدهما (عليهما السلام) في أبوين و إخوة لام أنهم يحجبون و لا يرثون.

فقال: و الله هذا هو الباطل، و لكني سأخبرك و لا أروي لك شيئا، و الذي أقول لك هو و الله الحق، إن الرجل إذا ترك أبويه فللام الثلث، و للأب الثلثان في كتاب الله، فإن كان له إخوة- يعني للميت اخوة لأب و ام، أو إخوة لأب- فلامه السدس و للأب خمسة أسداس، و إنما وفر للأب من أجل عياله، و أما الإخوة للام ليسوا للأب، فإنهم لا يحجبون الام عن الثلث و لا يرثون. و إن مات رجل و ترك أمه و إخوة و أخوات لأب و ام و إخوة و أخوات للأب، و إخوة و أخوات لأم، و ليس الأب حيا، فإنهم لا يرثون و لا يحجبونها، لأنه لا يورث كلالة.

2179/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا ترك الميت أخوين فهم اخوة من «1» الميت حجبا الام عن الثلث، و إن كان واحدا لم يحجب الام- و قال- إذا كن أربع أخوات حجبن الام عن الثلث، لأنهن بمنزلة الأخوين، و إن كن ثلاثا لم يحجبن».

2180/ [6]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحجب الام عن الثلث إذا

لم يكن ولد «2» إلا أخوان أو أربع أخوات».

2181/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله ابن بحر، عن حريز، عن زرارة، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا زرارة، ما تقول في رجل ترك أبويه و إخوته من امه»؟ قال: قلت: السدس لامه و ما بقي فللأب.

فقال: «من أين قلت هذا»؟ قلت: سمعت الله عز و جل يقول في كتابه: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ.

فقال لي: «ويحك، يا زرارة، أولئك الإخوة من الأب، و إذا كان الاخوة من الام لم يحجبوا الام عن الثلث».

__________________________________________________

4- الكافي 7: 91/ 1. باب (17).

5- الكافي 7: 92/ 2.

6- الكافي 7: 92/ 4.

7- الكافي 7: 93/ 7. [.....]

(1) في المصدر: مع.

(2) في «س» و «ط»: و لولد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 37

2182/ [8]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن رجل، عن عبد الله بن «1» وضاح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: في امرأة توفيت و تركت زوجها و أمها و أباها و إخوتها، قال (عليه السلام): «هي من ستة أسهم، للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للأب الثلث سهمان، و للام السدس سهم، و ليس للاخوة شي ء نقصوا الام و زادوا الأب، إن الله تعالى قال: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ».

2183/ [9]- و عنه: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «أول شي ء يبدأ به من المال الكفن، ثم الدين، ثم الوصية، ثم الميراث».

2184/ [10]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده

عن عاصم بن حميد، عن «2» محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الدين قبل الوصية، ثم الوصية على أثر الدين، ثم الميراث بعد الوصية، فإن أولى القضاء كتاب الله عز و جل».

2185/ [11]

- العياشي: عن سالم الأشل، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن تبارك و تعالى أدخل الوالدين على جميع أهل المواريث فلم ينقصهما من السدس».

2186/ [12]- عن بكير بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الولد و الإخوة هم الذين يزادون و ينقصون».

2187/ [13]- عن أبي العباس، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا يحجب من الثلث الأخ و الاخت حتى يكونا أخوين أو أخا و أختين، فإن الله يقول: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ».

2188/ [14]- عن الفضل بن عبد الملك، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ام و أختين؟ قال (عليه السلام):

«الثلث، لأن الله يقول: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ و لم يقل: فإن كان له أخوات».

2189/ [15]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) [في قول الله: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ «يعني إخوة لأب و ام، أو إخوة لأب».

__________________________________________________

8- التهذيب 9: 283/ 1023.

9- التهذيب 9: 171/ 698.

10- من لا يحضره الفقيه 4: 143/ 489.

11- تفسير العيّاشي 1: 225/ 50.

12- تفسير العيّاشي 1: 226/ 51.

13- تفسير العيّاشي 1: 226/ 52.

14- تفسير العيّاشي 1: 226/ 53.

15- تفسير العيّاشي 1: 226/ 54.

(1) في «س» و «ط»: عن، و الصواب ما في المتن، و هو: عبد اللّه بن وضاح أبو محمّد كوفيّ، ثقة، من الموالي، صاحب أبا بصير يحيى بن القاسم كثيرا، له كتب، يعرف منه: كتاب

الصلاة، أكره عن أبي بصير. راجع رجال النجاشي: 215/ 560، معجم رجال الحديث 10: 364.

(2) في «س»: بن، و الصواب ما في المتن، لرواية عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس عن الباقر (عليه السّلام)، ذكره الشيخ في طريقه إليه في الفهرست: 131/ 579، و كذا في رجال النجاشيّ: 323/ 881.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 38

2190/ [16]- عن محمد بن قيس قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)] يقول في الدين و الوصية، فقال: «إن الدين قبل الوصية، ثم الوصية على أثر الدين، ثم الميراث، و لا وصية لوارث».

قوله تعالى:

آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً [11]

2191/ [17]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن إسماعيل ابن بزيع، عن إبراهيم بن مهزم، عن إبراهيم الكرخي، عن ثقة حدثه من أصحابنا، قال: تزوجت بالمدينة، فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «كيف رأيت؟» فقلت: ما رأى رجل من خير في امرأة إلا و قد رأيته فيها، و لكن خانتني.

فقال: «و ما هو؟» فقلت: ولدت جارية، فقال: «لذلك «1» كرهتها، إن الله (جل ثناؤه) يقول: آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعا

سورة النساء(4): آية12 ..... ص : 24

قوله تعالى:

وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ [12]

2192/ [18]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل

الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في زوج و أبوين، قال: «للزوج النصف، و للام الثلث، و للأب ما بقي».

و قال في امرأة و أبوين، قال: «للمرأة الربع و للام «2» الثلث، و ما بقي للأب».

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 226/ 55.

17- الكافي 6: 4/ 1. [.....]

18- التهذيب 9: 284/ 1028.

(1) في المصدر: لعلك.

(2) في «س»: و للأب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 39

2193/ [2]- و عنه: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في زوج و أبوين، قال: «للزوج النصف، و للام الثلث، و ما بقي للأب».

2194/ [3]- و عنه: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى بن يونس جميعا، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، أن أبا جعفر (عليه السلام) أقرأه صحيفة الفرائض التي إملاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خط علي (عليه السلام) بيده، فقرأت فيها: امرأة ماتت و تركت زوجها و أبويها، فللزوج النصف ثلاثة أسهم، و للام الثلث تاما سهمان، و للأب السدس سهم».

2195/ [4]- العياشي: عن سالم الأشل، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الله أدخل الزوج و المرأة على جميع أهل المواريث، فلم ينقصهما من الربع و الثمن».

2196/ [5]- عن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو أن امرأة تركت زوجها و أبويها و أولادا ذكورا و إناثا، كان للزوج الربع في كتاب الله، و للأبوين السدسان، و ما بقي فللذكر مثل حظ الأنثيين».

2197/ [6]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن إبراهيم،

عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى و يونس جميعا، عن عمر بن أذينة، قال: قلت لزرارة: إني سمعت محمد بن مسلم و بكيرا «1» يرويان عن أبي جعفر (عليه السلام) في زوج و أبوين و بنت: «للزوج الربع، ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما، و للأبوين السدسان، أربعة أسهم من اثني عشر، و بقي خمسة أسهم فهو للبنت، لأنها لو كانت ذكرا لم يكن لها غير خمسة من اثني عشر، و إن كانتا اثنتين فلهما خمسة من اثني عشر سهما، لأنهما لو كانا ذكرين لم يكن لهما غير ما بقي، خمسة».

قال: فقال زرارة: هذا هو الحق إذا أردت أن تلقي العول فتجعل الفريضة لا تعول، فإنما يدخل النقصان على الذين لهم الزيادة من الولد و الأخوات من الأب و الام، فأما الزوج و الإخوة من الام فإنهم لا ينقصون مما سمى الله شيئا».

2198/ [7]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن رئاب، عن علاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في امرأة ماتت و تركت زوجها و أبويها و ابنتها، قال: «للزوج الربع، ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما، و للأبوين لكل واحد منهما السدس، سهمان من اثني عشر سهما، و بقي خمسة أسهم فهي للبنت، لأنه لو

__________________________________________________

2- التهذيب 9: 284/ 1029.

3- التهذيب 9: 284/ 1030.

4- تفسير العيّاشي 1: 226/ 56.

5- تفسير العيّاشي 1: 226/ 57.

6- التهذيب 9: 288/ 1040.

7- التهذيب 9: 288/ 1042.

(1) في «س»: و بريدا، و ما في المتن في هذا المورد أرجح، انظر معجم رجال الحديث 13: 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 40

كان ذكرا لم يكن له أكثر من

خمسة أسهم من اثني عشر سهما، لأن الأبوين لا ينقصان كل واحد منهما من السدس شيئا، و إن الزوج لا ينقص من الربع شيئا».

2199/ [8]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، قال: دفع إلي صفوان كتابا لموسى بن بكر، فقال لي: هذا سماعي عن موسى بن بكر، و قرأته عليه، فإذا فيه: موسى بن بكر، عن علي بن سعيد عن زرارة، قال: هذا ما ليس فيه اختلاف عند أصحابنا، عن أبي عبد الله و أبي جعفر (عليهما السلام) أنه سئل عن امرأة تركت زوجها و أمها و ابنتيها. فقال: «للزوج الربع، و للأم السدس، و للابنتين الباقي «1»، لأنهما لو كانا رجلين لم يكن لهما إلا ما بقي، و لا تزاد المرأة أبدا على نصيب الرجل لو كان مكانها.

فإن ترك الميت اما و أبا أو امرأة و بنتا، فإن الفريضة من أربعة و عشرين سهما، للمرأة الثمن ثلاثة أسهم من أربعة و عشرين، و لأحد الأبوين السدس أربعة أسهم، و للبنت النصف اثنا عشر سهما، و بقي خمسة أسهم مردودة على سهام البنت و أحد الأبوين على قدر سهامهم، و لا يرد على المرأة شي ء.

و إن ترك أبوين و امرأة و بنتا فهي أيضا من أربعة و عشرين سهما، للأبوين السدسان ثمانية أسهم، لكل واحد أربعة أسهم، و للمرأة الثمن ثلاثة أسهم، و للبنت النصف اثنا عشر سهما، و بقي سهم واحد، مردود على البنت و الأبوين على قدر سهامهم، و لا يرد على المرأة شي ء.

و إن تركت أبا و زوجا و بنتا فللأب سهمان من اثني عشر و هو السدس، و للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما، و للبنت

النصف ستة أسهم من اثني عشر، و بقي سهم واحد مردود على البنت و الأب على قدر سهامهم، و لا يرد على الزوج شي ء.

و لا يرث أحد من خلق الله مع الولد إلا الأبوين و الزوج و الزوجة، فإن لم يكن له ولد، و كان ولد الولد، ذكورا كانوا أو إناثا فإنهم بمنزلة الولد، ولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين، و ولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات، و يحجبون الأبوين و الزوج و الزوجة عن سهامهم الأكثر، و إن سفلوا ببطنين و ثلاثة و أكثر، يورثون ما يورث ولد الصلب و يحجبون ما يحجب ولد الصلب».

قوله تعالى:

وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ [12]

__________________________________________________

8- التهذيب 9: 288/ 1043.

(1) في المصدر: ما بقي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 41

2200/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن عيسى، عن يونس جميعا، عن عمر بن أذينة، عن بكير بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): امرأة تركت زوجها، و إخوتها لأمها، و إخوتها و أخواتها لأبيها؟

فقال: «للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الام الثلث، الذكر و الأنثى فيه سواء، و بقي سهم فهو للإخوة و الأخوات للأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن السهام لا تعول و لا ينقص الزوج من النصف، و لا الإخوة من الام من ثلثهم، لأن الله عز و جل يقول: فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ.

و إن كانت واحدة فلها

السدس، و الذي عنى الله تبارك و تعالى في قوله: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ إنما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الام خاصة. و قال في آخر سورة النساء: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ يعني أختا لأب و ام أو أختا لأب فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «1» فهم الذين يزادون و ينقصون و كذلك أولادهما الذين يزادون و ينقصون.

و لو أن امرأة تركت زوجها و إخوتها لامها و أختيها لأبيها، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الام سهمان، و بقي سهم فهو للأختين من الأب، و إن كانت واحدة فهو لها لأن الأختين لأب لو كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي، و لو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي، و لا تزاد أنثى من الأخوات، و لا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه».

2201/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين و أبي أيوب و عبد الله «2» بن بكير، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: ما تقول في امرأة ماتت و تركت زوجها و إخوتها لامها و

إخوة و أخوات لأبيها؟

قال: «للزوج النصف ثلاثة أسهم، و لإخوتها لامها الثلث سهمان، الذكر و الأنثى فيه سواء، و بقي سهم فهو للإخوة و الأخوات من الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن السهام لا تعول، و إن الزوج لا ينقص من النصف، و لا الإخوة من الام من ثلثهم، لأن الله عز و جل يقول: فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ.

__________________________________________________

1- الكافي 7: 101/ 3.

2- الكافي 7: 103/ 5. [.....]

(1) النّساء 4: 176.

(2) في «س» و «ط»: عن عبد اللّه، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 10: 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 42

و إن كان واحدا فله السدس، و إنما عنى الله بقوله: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ إنما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الام خاصة. و قال في آخر سورة النساء:

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ يعني بذلك أختا لأب و ام أو أختا لأب فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «1» و هم الذين يزادون و ينقصون».

قال: «و لو أن امرأة تركت زوجها و أختيها لامها، و أختيها لأبيها، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم، و لأختيها لامها الثلث سهمان، و لأختيها لأبيها السدس سهم، و إن كانت واحدة فهو لها لأن الأختين من الأب لا يزادون على ما بقي، و إن «2» كان أخ لأب لم يزد على ما بقي».

2202/

[3]- العياشي: عن بكير بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الذي عنى الله في قوله: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ إنما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الام خاصة».

2203/ [4]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: ما تقول في امرأة ماتت و تركت زوجها و إخوتها و إخوة و أخوات لأبيها؟

قال: «للزوج النصف ثلاثة أسهم، و لإخوتها من الام الثلث سهمان، الذكر فيه و الأنثى سواء، و بقي سهم للإخوة و الأخوات من الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن السهام لا تعول و لأن الزوج لا ينقص من النصف و لا الأخوات من الام من ثلثهم فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ و إن كان واحدا فله السدس، و أما الذي عنى الله في قوله: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ إنما عنى بذلك الإخوة و الأخوات من الام خاصة».

سورة النساء(4): الآيات 15 الي16 ..... ص : 42

قوله تعالى:

وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً [15- 16]

2204/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 227/ 58.

4- تفسير العيّاشي 1: 227/ 59.

1- الكافي 2: 24/ 27.

(1) النّساء 4: 176.

(2) في المصدر: و لو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 43

ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن

محمد بن سالم «1»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كل سورة النور نزلت بعد سورة النساء، و تصديق ذلك أن الله عز و جل أنزل عليه في سورة النساء وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا و السبيل الذي قال الله عز و جل: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «2»».

2205/ [2]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ- إلى- سَبِيلًا، قال: «هذه منسوخة، و السبيل هو الحدود».

2206/ [3]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ، قال: هذه منسوخة».

قال: قلت: كيف كانت؟ قال: «كانت المرأة إذا فجرت، فقام عليها أربعة شهود، ادخلت بيتا و لم تحدث، و لم تكلم، و لم تجالس، و أوتيت فيه بطعامها و شرابها حتى تموت».

قلت: فقوله: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا؟ قال: «جعل السبيل الجلد، و الرجم، و الإمساك في البيوت».

قلت: قوله: وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ؟ قال: «يعني البكر إذا أتت الفاحشة التي أتتها هذه الثيب فَآذُوهُما- قال- تحبس فَإِنْ تابا وَ أَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً».

2207/ [4]- أبو علي الطبرسي: حكم هذه الآية منسوخة عند جمهور المفسرين، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة النساء(4): الآيات 17 الي18 ..... ص : 43

قوله تعالى:

إِنَّمَا

التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً- إلى قوله

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 227/ 60.

3- تفسير العيّاشي 1: 227/ 61.

4- مجمع البيان 3: 34.

(1) في «س»: محمّد بن مسلم، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 6: 107 و 16: 101.

(2) النّور 24: 1- 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 44

تعالى- أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً [17- 18]

2208/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا بلغت النفس ها هنا- و أشار بيده إلى حلقه- لم يكن للعالم توبة». ثم قرأ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ.

2209/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يا محمد بن مسلم، ذنوب المؤمن إذا تاب عنها مغفورة له، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة و المغفرة، أما و الله إنها ليست إلا لأهل الإيمان».

قلت: فإن عاد بعد التوبة و الاستغفار من الذنوب و عاد في التوبة»؟ فقال: «يا محمد بن مسلم، أ ترى العبد المؤمن يندم على ذنبه و يستغفر منه و يتوب ثم لا يقبل الله توبته»؟

قلت: فإن فعل ذلك مرارا، يذنب ثم يتوب و يستغفر؟ فقال: «كلما عاد المؤمن بالاستغفار و التوبة عاد الله عليه بالمغفرة، و إن الله غفور رحيم، يقبل التوبة و يعفو عن السيئات، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله».

2210/

[3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب و غيره، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من كان مؤمنا فعمل خيرا في إيمانه فأصابته «1» فتنة و كفر، ثم تاب بعد كفره، كتب له، و حوسب بكل شي ء كان عمله في إيمانه، و لا يبطله الكفر إذا تاب بعد كفره».

2211/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن علي، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من كان مؤمنا فحج و عمل في إيمانه ثم قد أصابته في إيمانه فتنة فكفر، ثم تاب و آمن، يحسب له كل عمل صالح عمله في إيمانه، و لا يبطل منه شي ء».

2212/ [5]- ابن بابويه في (الفقيه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في آخر خطبة خطبها: «من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه». ثم قال: «إن السنة لكثيرة، و من تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه». ثم قال: «و إن الشهر لكثير [و من تاب قبل موته بجمعة تاب الله عليه». ثم قال: «إن الجمعة لكثير] و من تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه». ثم قال: «و إن يوما لكثير، و من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه». ثم قال: «و إن الساعة لكثيرة، و من تاب

__________________________________________________

1- الكافي 1: 37/ 3.

2- الكافي 2: 315/ 6. [.....]

3- الكافي 2: 334/ 1.

4- التهذيب 5: 459/ 1597.

5- من لا يحضره الفقيه 1: 79/ 354.

(1) في المصدر: ثمّ أصابته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 45

[قبل موته و قد بلغت روحه «1» هذه- و

أهوى بيده إلى حلقه- تاب الله عليه».

2213/ [6]- و عنه: قال: و سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ. قال: «ذلك إذا عاين أحوال «2» الآخرة».

2214/ [7]- العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «3».

قال: «لهذه الآية تفسير يدل على ذلك التفسير، إن الله لا يقبل من عبد عملا إلا ممن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير، و ما اشترط فيه على المؤمنين، و قال: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ يعني كل ذنب عمله العبد و إن كان به عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه، و قد قال فيه تبارك و تعالى يحكي قول يوسف لإخوته: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ «4» فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله».

2215/ [8]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ.

قال: «هو الفرار «5» تاب حين لم تنفعه التوبة، و لم تقبل منه».

2216/ [9]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا بلغت النفس هذه- و أهوى بيده إلى حنجرته- لم يكن للعالم توبة، و كانت للجاهل توبة».

2217/ [10]- أبو علي الطبرسي: اختلف في معنى قوله: بِجَهالَةٍ على وجوه، أحدها أنه كل معصية يفعلها العبد بجهالة، و إن كانت على سبيل العمد، لأنه يدعو إليها الجهل و يزينها للعبد، قال و

هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

2218/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

__________________________________________________

6- من لا يحضره الفقيه 1: 79/ 355.

7- تفسير العيّاشي 1: 228/ 62.

8- تفسير العيّاشي 1: 228/ 63.

9- تفسير العيّاشي 1: 228/ 64.

10- مجمع البيان 3: 36.

11- تفسير القمّي 1: 133.

(1) في المصدر: نفسه.

(2) في المصدر: أمر.

(3) طه 20: 82.

(4) يوسف 12: 89. [.....]

(5) في «ط»: هو لفرعون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 46

قال: «نزلت «1» في القرآن أن زعلون تاب حين «2» لم تنفعه التوبة و لم تقبل منه».

2219/ [12]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام): في حديث عن الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) في حديث طلحة و معاوية: قال الحسن (عليه السلام): «أما القرابة فقد نفعت المشرك و هي و الله للمؤمن أنفع، قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمه أبي طالب و هو في الموت: قل لا إله إلا الله اشفع لك بها يوم القيامة، و لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول و يعد إلا ما يكون منه على يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا- أعني أبا طالب- يقول الله عز و جل:

وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ

الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً».

2220/ [13]- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسروا الإيمان، و أظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين».

2221/ [14]- و عن ابن عباس، عن أبيه، قال أبو طالب للنبي (صلى الله عليه و آله): يا بن أخي، الله أرسلك؟ قال: «نعم» قال: فأرني آية. قال: «أدعو لك تلك الشجرة»، فدعاها [فأقبلت حتى سجدت بين يديه، ثم انصرفت، فقال أبو طالب: أشهد أنك صادق رسول، يا علي، صل جناح ابن عمك.

سورة النساء(4): آية19 ..... ص : 46

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [19]

2222/ [1]- العياشي: عن إبراهيم بن ميمون، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله:

__________________________________________________

12- الأمالي 2: 180.

13- الكافي 1: 474/ 28.

14- أمالي الصدوق: 491/ 10.

1- تفسير العياشي 1: 228/ 65.

(1) في المصدر: نزل.

(2) في المصدر: حيث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 47

لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ، قال: «الرجل تكون في حجره اليتيمة فيمنعها من التزويج ليرثها بما «1» تكون قريبة له».

قلت: وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ؟ قال: «الرجل تكون له المرأة فيضربها حتى تفتدي منه، فنهى الله عن ذلك».

2223/ [2]- عن هاشم بن عبد الله، عن السري البجلي، «2» قال: سألته عن قوله: وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ، قال: فحكى كلاما، ثم قال:

«كما يقولون بالنبطية «3» إذا طرح عليها الثوب عضلها فلا تستطيع أن تتزوج غيره، و كان هذا في الجاهلية».

2224/ [3]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية، قال: لا يحل للرجل إذا نكح امرأة و لم يردها و كرهها أن لا يطلقها إذا لم يجر «4» عليها، و يعضلها أي يحبسها و يقول لها: حتى تؤدي ما أخذت مني، فنهى الله عن ذلك إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ و هو ما وصفناه في الخلع، فإن قالت له ما تقول المختلعة يجوز له أن يأخذ منها ما أعطاها و ما فضل.

2225/ [4]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً: «فإنه كان في الجاهلية في أول ما أسلموا من قبائل العرب إذا مات حميم الرجل و له امرأة ألقى الرجل ثوبه عليها، فورث نكاحها بصداق حميمه الذي كان أصدقها، يرث نكاحها كما يرث ماله، فلما مات أبو قيس بن الأسلت ألقى محصن بن أبي قيس ثوبه على امرأة أبيه و هي كبيشة بنت معمر بن معبد، فورث نكاحها ثم تركها لا يدخل بها و لا ينفق عليها، فأتت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت: يا رسول الله، مات أبو قيس بن الأسلت، فورث ابنه محصن نكاحي فلا يدخل علي و لا ينفق علي، و لا يخلي سبيلي فألحق بأهلي؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ارجعي إلى بيتك، فإن يحدث الله في شأنك شيئا أعلمتك، فنزل: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ مَقْتاً وَ ساءَ سَبِيلًا

«5» فلحقت بأهلها. و كانت نساء في المدينة قد ورث نكاحهن كما ورث نكاح كبيشة غير أنه ورثهن من الأبناء، فأنزل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 229/ 66.

3- تفسير القمّي 1: 133.

4- تفسير القمّي 1: 134.

(1) في «ط»: ليضرّبها.

(2) في المصدر: هاشم بن عبد اللّه بن السّري الجبلي، و في البحار 1103: 373/ 11: العجلي.

(3) في المصدر: كما يقول النبطية.

(4) في «س»: يجبر. [.....]

(5) النّساء 4: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 48

2226/ [5]- أبو علي الطبرسي: و قيل: نزلت في الرجل يحبس المرأة عنده، لا حاجة له إليها، و ينتظر موتها حتى يرثها. قال: و روي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام).

2227/ [6]- قال الشيباني: الفاحشة، يعني الزنا، و ذلك إذا اطلع الرجل منها على فاحشة منها فله أخذ الفدية.

قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2228/ [7]- و قال أبو علي الطبرسي: الأولى حمل الآية على كل معصية، يعني في الفاحشة. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2229/ [8]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً يعني الرجل يكره أهله، فإما أن يمسكها فيعطفه الله عليها، و إما أن يخلي سبيلها فيتزوجها غيره، فيرزقها الله الود و الولد، ففي ذلك قد جعل الله خيرا كثيرا.

سورة النساء(4): الآيات 20 الي21 ..... ص : 48

قوله تعالى:

وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً- إلى قوله تعالى- مِيثاقاً غَلِيظاً [20- 21] 2230/ [1]- قال علي بن إبراهيم: و ذلك إذا كان

الرجل هو الكاره للمرأة، فنهاه الله أن يسي ء إليها حتى تفتدي منه، يقول الله: وَ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ و الإفضاء هو المباشرة، يقول الله: وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً و الميثاق الغليظ الذي اشترطه الله للنساء على الرجال: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ «1».

2231/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد «2»، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً.

__________________________________________________

5- مجمع البيان 3: 39.

6- نهج البيان 1: 85 (مخطوط).

7- مجمع البيان 3: 40.

8- تفسير القمّي 1: 134.

1- تفسير القمّي 1: 135.

2- الكافي 5: 560/ 19.

(1) البقرة 2: 229.

(2) في المصدر: بريد العجلي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 49

قال: «الميثاق هي الكلمة التي عقد بها النكاح، و أما قوله: غَلِيظاً فهو ماء الرجل يفضيه إلى امرأته».

2232/ [3]- العياشي: عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عمن تزوج على أكثر من مهر السنة، أ يجوز له ذلك؟

قال: «إن جاز «1» مهر السنة فليس هذا مهرا، إنما هو نحل، لأن الله يقول: وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً إنما عنى النحل و لم يعن المهر، ألا ترى أنها إذا أمهرها مهرا ثم اختلعت، كان له أن يأخذ «2» المهر كاملا، فما زاد على مهر السنة فإنما هو نحل كما أخبرتك، فمن ثم وجب لها مهر نسائها لعلة من العلل».

قلت: كيف يعطي، و كم مهر نسائها؟

قال: «إن مهر المؤمنات خمس مائة، و هو مهر السنة، و قد يكون أقل من خمس مائة و لا يكون

أكثر من ذلك، و من كان مهرها و مهر نسائها أقل من خمس مائة أعطي ذلك الشي ء، و من فخر و بذخ بالمهر فازداد على مهر السنة «3» ثم وجب لها مهر نسائها في علة من العلل، لم يزد على مهر السنة خمس مائة درهم».

2233/ [4]- عن يونس العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً.

قال: «الميثاق الكلمة التي عقد بها النكاح، و أما قوله: غَلِيظاً فهو ماء الرجل الذي يفضيه إلى المرأة».

2234/ [5]- الطبرسي: الميثاق الغليظ هو العهد «4» المأخوذ على الزوج حالة العقد من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة النساء(4): الآيات 22 الي23 ..... ص : 49

قوله تعالى:

وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً [22- 23] 2235/ [1]- قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ: فإن العرب كانوا ينكحون نساء آبائهم، فكان إذا كان للرجل أولاد كثيرة و له أهل و لم تكن أمهم، ادعى كل

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 229/ 67.

4- تفسير العيّاشي 1: 229/ 68.

5- مجمع البيان 3: 42.

1- تفسير القمّي 1: 135.

(1) في المصدر: إذا جاوز. [.....]

(2) في «ط» و المصدر: كان لها أن تأخذ.

(3) في المصدر: على خمسمائة.

(4) في «ط»: العقد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 50

واحد فيها، فحرم الله تعالى مناكحتهم، ثم قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ وَ أُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ الآية.

2236/ [2]- محمد بن

يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لو لم يحرم على الناس أزواج النبي (صلى الله عليه و آله) بقول الله عز و جل: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً «1» حرمن «2» على الحسن و الحسين (عليهما السلام)، بقول الله تبارك و تعالى اسمه: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ و لا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده».

2237/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من أهل العراق «3»، و ذكر الحديث بطوله، إلى أن قال فيه الرضا (عليه السلام): «فيقول الله عز و جل في آية التحريم: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ إلى آخرها فأخبروني هل تصلح ابنتي «4» أو ابنة ابنتي و ما تناسل من صلبي لرسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا. [قال: «فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها لو كان حيا»؟ قالوا:

نعم.]

قال: «ففي هذا بيان أننا من آله و لستم من آله، و إلا لحرمت عليه بناتكم كما حرمت عليه بناتي، لأنا من آله و أنتم من أمته».

2238/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أبو أحمد هاني من محمد بن محمود

العبدي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي محمد بن محمود، بإسناد رفعه إلى موسى بن جعفر (عليه السلام)، في حديثه (عليه السلام) مع الرشيد، قال (عليه السلام): «قلت له: يا أمير المؤمنين، لو أن النبي (صلى الله عليه و آله) نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه»؟ فقال: سبحان الله! و لم لا أجيبه، بل افتخر على العرب و العجم و قريش بذلك.

فقلت له: «لكنه (عليه السلام) لا يخطب إلي و لا أزوجه». فقال: و لم؟ فقلت: «لأنه (صلى الله عليه و آله) ولدني و لم

__________________________________________________

2- الكافي 5: 420/ 1.

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 239/ 1.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 81/ 9.

(1) الأحزاب 33: 53.

(2) في «ط»: حرم.

(3) في المصدر: من علماء أهل العراق و خراسان.

(4) في المصدر: ابنتي و ابنة ابني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 51

يلدك». فقال: أحسنت، يا موسى.

2239/ [5]- العياشي: عن الحسين بن زيد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله تعالى قد حرم علينا نساء النبي (صلى الله عليه و آله) بقول الله: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ».

2240/ [6]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام): «يقول الله: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ فلا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده».

2241/ [7]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت له: أ رأيت قول الله: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ «1»؟ قال: «إنما عنى به التي حرم الله عليه في هذه الآية حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ».

2242/ [8]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، عن رجل

كانت له جارية يطؤها، قد باعها من رجل، فأعتقها فتزوجت فولدت، أ يصلح لمولاها الأول أن يتزوج ابنتها؟

قال: «لا، هي حرام عليه فهي ربيبته، و الحرة و المملوكة في هذا سواء». ثم قرأ هذه الآية وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ.

2243/ [9]- عن أبي العباس، في الرجل تكون له الجارية يصيب منها ثم يبيعها، هل له أن ينكح ابنتها؟

قال: «لا، هي مما قال الله: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ».

2244/ [10]- عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة و طلقها قبل أن يدخل بها، أ تحل له ابنتها؟

قال: فقال: «قد قضى في هذه أمير المؤمنين (عليه السلام)، لا بأس به، إن الله يقول: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ لكنه لو تزوج الابنة ثم طلقها قبل أن يدخل بها، لم تحل له أمها».

قال: قلت له: أليس هما سواء؟ قال: فقال: «لا، ليس هذه مثل هذه، إن الله يقول: وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ لم يستثن في هذه كما اشترط في تلك، هذه ها هنا مبهمة ليس فيها شرط، و تلك فيها شرط».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 230/ 70.

6- تفسير العيّاشي 1: 230/ 69.

7- تفسير العيّاشي 1: 230/ 71.

8- تفسير العيّاشي 1: 230/ 72. [.....]

9- تفسير العيّاشي 1: 230/ 73.

10- تفسير العيّاشي 1: 230/ 74.

(1) الأحزاب 33: 52.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 52

2245/ [11]- عن منصور بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها، تحل له أمها؟ قال: فقال: «قد فعل ذلك رجل منا فلم ير به بأسا».

قال: فقلت له: و الله

ما تفخر «1» الشيعة على الناس إلا بهذا، إن ابن مسعود أفتى في هذه الشمخية «2» أنه لا بأس بذلك، فقال له علي (عليه السلام): «و من أين أخذتها»؟ قال: من قول الله: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ قال: فقال علي (عليه السلام): «إن هذه مستثناة، و تلك مرسلة» قال: فسكت، فندمت على قولي، فقلت له: أصلحك الله، فما تقول فيها؟

قال: فقال: «يا شيخ، تخبرني أن عليا (عليه السلام) قد قضى فيها، و تسألني «3» ما تقول فيها!» «4».

2246/ [12]- عن عبيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل تكون له الجارية فيصيب منها، ثم يبيعها، هل له أن ينكح ابنتها؟ قال: «لا، هي مثل قول الله: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ».

2247/ [13]- عن إسحاق بن عمار، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أن عليا (عليه السلام) كان يقول: الربائب عليكم حرام مع الأمهات اللاتي قد دخل «5» بهن في الحجور أو غير الحجور، و الأمهات مبهمات دخل بالبنات أو لم يدخل بهن، فحرموا و أبهموا ما أبهم الله».

2248/ [14]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن ظريف، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، ما يقولون لكم في الحسن و الحسين (عليهما السلام)؟» قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله (صلى الله عليه و آله).

قال: «فأي شي ء احتججتم عليهم»؟ قلت: احتججنا عليهم بقول الله عز و جل في عيسى

بن مريم (عليه السلام):

وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ __________________________________________________

11- تفسير العياشي 1: 231/ 75.

12- تفسير العياشي 1: 231/ 76.

13- تفسير العياشي 1: 231/ 77. 14- الكافي 8: 317/ 501.

14- الكافي 8: 317/ 501.

(1) في «ط»: تفتي.

(2) في «ط»: السمحة، و في المصدر: الشخينة، و قيل في معنى الشمخية: المسألة العالية، و قيل: نسبة إلى ابن مسعود فإنه عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ، و قيل: من الشموخ بمعنى التكبر و الرفعة، فسميت شمخية لتكبر ابن مسعود فيها عن متابعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قيل أيضا: شمخ بن فزارة بطن، و لعل هذه المسألة حدثت في امرأة من تلك القبيلة. انظر مرآة العقول 20: 178.

(3) في المصدر: و تقول لي.

(4) قال الحر العاملي: لا يخفى أنه (عليه السلام) أفتى أولا بالتقية كما ذكره الشيخ و غيره، و قرينتها قوله: «قد فعله رجل منا» فنقل ذلك عن غيره. و قول الرجل المذكور ليس بحجة إذ لا تعلم عصمته، ثم ذكر أخيرا أن قوله في ذلك هو ما أفتى به علي (عليه السلام). وسائل الشيعة طبعة مؤسسة آل البيت (ع) 20: 463.

(5) في المصدر: دخلتم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 53

وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى «1» فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح (عليه السلام).

قال: «فأي شي ء قالوا لكم؟» قلت: قالوا: قد يكون ابن «2» الابنة من الولد و لا يكون من الصلب.

قال: «فأي شي ء احتججتم عليهم»؟ قلت: احتججنا عليهم بقوله تعالى للرسول (صلى الله عليه و آله): فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ

أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ «3».

قال: «و أي شي ء قالوا لكم؟». قلت: قالوا: قد يكون في كلام العرب أبناء رجل و آخر يقول: أبناؤنا. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، لأعطينكها من كتاب الله عز و جل إنهما من صلب الرسول (صلى الله عليه و آله)، لا يردهما إلا كافر». قلت: و أين ذلك، جعلت فداك؟

قال: «من حيث قال الله عز و جل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ- الآية إلى أن انتهى إلى قوله تعالى:- وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ فسلهم- يا أبا الجارود- هل كان يحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) نكاح حليلتهما؟ فإن قالوا: نعم، كذبوا و فجروا، و إن قالوا: لا، فهما ابناه لصلبه».

2249/ [15]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها، أ يتزوج بأمها؟ فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): «قد فعله رجل منا فلم نر به بأسا».

فقلت: جعلت فداك، ما تفخر الشيعة إلا بقضاء علي (عليه السلام) في هذه الشمخية التي أفتى ابن مسعود أنه لا بأس بذلك، ثم أتى عليا (عليه السلام) فسأله، فقال له علي (عليه السلام): «من أين أخذتها»؟ فقال: من قول الله عز و جل:

وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فقال علي (عليه السلام): «إن هذه مستثناة و هذه مرسلة وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للرجل:

«أما تسمع ما يروي هذا عن علي (عليه السلام)»؟ فلما قمت ندمت، و قلت:

أي شي ء صنعت، يقول هو: «قد فعله رجل منا، و لم نر به بأسا»، و أقول أنا: قضى علي (عليه السلام) فيها، فلقيته بعد ذلك فقلت: جعلت فداك، مسألة الرجل إنما كان الذي قلت زلة مني فما تقول فيها؟

فقال: «يا شيخ، تخبرني أن عليا (عليه السلام) قضى بها، و تسألني ما تقول فيها».

2250/ [16]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل كانت له جارية فعتقت فتزوجت فولدت، أ يصلح لمولاها الأول أن يتزوج ابنتها؟

__________________________________________________

15- الكافي 5: 422/ 4.

16- الكافي 5: 433/ 10. [.....]

(1) الأنعام 6: 84- 85.

(2) في المصدر: ولد.

(3) آل عمران 3: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 54

قال: «هي عليه حرام، و هي ابنته، و الحرة و المملوكة في هذا سواء» ثم قرأ هذه الآية وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ.

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، مثله.

2251/ [17]- أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عبيد ابن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته في الرجل تكون له الجارية فيصيب منها، أله أن ينكح ابنتها؟

قال: «لا، هي مثل قول الله تعالى: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ».

2252/ [18]- الشيخ في (الاستبصار): بإسناده، عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد الله بن جبلة عن ابن بكير،

عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1»، قال: سألته عن الرجل تكون له الجارية فيصيب منها، أله أن ينكح ابنتها؟ قال: «لا، هي كما قال الله تعالى: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ».

2253/ [19]- عنه: بإسناده، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): «أن عليا (عليه السلام) كان يقول: الربائب عليكم حرام مع الأمهات اللاتي قد دخلتم بهن «2» في الحجور و غير الحجور سواء، و الأمهات مبهمات دخل بالبنات أو لم يدخل «3»، فحرموا و أبهموا ما أبهم الله».

2254/ [20]- علي بن إبراهيم، قال: فإن الخوارج زعمت أن الرجل إذا كانت لأهله بنت و لم يربها، و لم تكن في حجره حلت له لقول الله تعالى: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ. قال الصادق (عليه السلام): «لا تحل له».

2255/ [21]- الشيباني في (نهج البيان): عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ في زمن يعقوب (عليه السلام)».

2256/ [22]- العياشي: عن عيسى بن عبد الله «4»، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن أختين مملوكتين ينكح

__________________________________________________

17- الكافي 5: 433/ 12.

18- الاستبصار 3: 160/ 581.

19- الاستبصار 3: 156/ 569.

20- تفسير القمّي 1: 135.

21- نهج البيان 1: 86 (مخطوط).

22) تفسير العيّاشي 1: 232/ 78.

(1) في «س» و «ط»: عن أبي جعفر (عليه السّلام)، و الصواب ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 7: 459.

(2) في المصدر زيادة: هنّ.

(3) في المصدر زيادة: بهنّ.

(4) في المصدر: عيسى بن أبي عبد اللّه، و الصواب ما في المتن، و هو عيسى بن عبد اللّه الأشعري، روى عن أبي عبد اللّه (عليه

السّلام). راجع جامع الرواة 1: 652، معجم رجال الحديث 13: 194.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 55

إحداهما، أ تحل له الاخرى؟

فقال: «ليس ينكح الاخرى إلا دون الفرج، و إن لم يفعل فهو خير له، نظير تلك المرأة تحيض فتحرم على زوجها أن يأتيها في فرجها لقول الله: وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ «1» قال: وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ يعني في النكاح فيستقيم للرجل أن يأتي امرأته و هي حائض فيما دون الفرج».

2257/ [23]- عن أبي عون، قال: سمعت أبا صالح الحنفي، قال: قال علي (عليه السلام) ذات يوم: «سلوني» فقال ابن الكواء: أخبرني عن بنت الاخت من الرضاعة، و عن المملوكتين الأختين. فقال: «إنك لذاهب في التيه، سل عما يعنيك أو ما ينفعك». فقال ابن الكواء: إنما نسألك عما لا نعلم، فأما ما نعلم فلا نسألك عنه، ثم قال: «أما الأختان المملوكتان أحلتهما آية، و حرمتهما آية و لا أحله و لا احرمه، و لا أفعله أنا، و لا واحد من أهل بيتي».

2258/ [24]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا كانت عند الإنسان «2» الأختان المملوكتان فنكح إحداهما ثم بدا له في الثانية فنكحها، فليس ينبغي له أن ينكح الاخرى حتى تخرج الاولى من ملكه، يهبها أو يبيعها، فإن وهبها لولده يجزيه».

2259/ [25]- و عنه: بإسناده، عن البزوفري، عن حميد بن زياد، عن الحسن، عن محمد بن زياد، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل كانت عنده جاريتان اختان فوطأ إحداهما، ثم بدا له

في الاخرى. فقال: «يعتزل «3» هذه، و يطأ الاخرى».

قال: قلت له: تنبعث نفسه للأولى؟ قال: «لا يقرب هذه حتى تخرج تلك عن ملكه».

2260/ [26]- ثم قال الشيخ: و أما ما رواه البزوفري، عن حميد، عن الحسن بن سماعة، قال: حدثني الحسين ابن هاشم، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال محمد بن علي (عليهما السلام) في أختين مملوكتين تكونان عند الرجل جميعا، قال: قال علي (عليه السلام): أحلتهما آية، و حرمتهما آية اخرى، و أنا أنهى عنهما نفسي و ولدي». فلا ينافي ما ذكرناه لأن قوله (عليه السلام): «أحلتهما آية» يعني آية الملك دون الوطء. و قوله (عليه السلام):

«و حرمتهما آية اخرى» يعني في الوطء دون الملك، و لا تنافي بين الآيتين، و لا بين القولين، و قوله (عليه السلام): «و أنا أنهى عنهما نفسي و ولدي» يجوز أن يكون أراد به على الوطء على جهة التحريم، و يجوز أيضا أن يكون أراد

__________________________________________________

23- تفسير العيّاشي 1: 232/ 79. [.....]

24- التهذيب 7: 288/ 1212.

25- التهذيب 7: 288/ 1213.

26- التهذيب 7: 289/ 1215.

(1) البقرة 2: 222.

(2) في المصدر: الرجل.

(3) في «ط»: يعزل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 56

الكراهة في الجمع بينهما في الملك حسب ما قدمناه.

2261/ [27]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد و أحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن يحيى بن سام «1»، قال: سألنا أبا جعفر (عليه السلام) عما تروي الناس عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن أشياء من الفروج لم يكن يأمر بها و لا ينهى عنها إلا نفسه و ولده، فقلنا: كيف يكون ذلك؟

قال: «أحلتها آية،

و حرمتها آية اخرى».

فقلنا: هل إلا أن يكون إحداهما نسخت الاخرى، أم هما محكمتان ينبغي أن يعمل بهما؟ فقال: «قد بين لهم إذ نهى نفسه و ولده».

قلنا: ما منعه أن يبين ذلك للناس؟ قال: «خشي ألا يطاع، فلو أن أمير المؤمنين (عليه السلام) ثبت قدماه أقام كتاب الله كله، و الحق كله».

سورة النساء(4): آية 24 ..... ص : 56

قوله تعالى:

وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ- إلى قوله تعالى- غَيْرَ مُسافِحِينَ [24]

2262/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله عز و جل: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.

قال: «هو أن يأمر الرجل عبده و تحته أمته، فيقول له: اعتزل امرأتك و لا تقربها، ثم يحبسها عنه حتى تحيض، ثم يمسها، فإذا حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح».

2263/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.

قال: «هو أن يأمر الرجل عبده و تحته أمته، فيقول له: اعتزلها و لا تقربها. ثم يحبسها عنه حتى تحيض، ثم يمسها، فإذا حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح».

__________________________________________________

27- الاستبصار 3: 173/ 629.

1- الكافي 5: 481/ 2.

2- تفسير العيّاشي 1: 232/ 80.

(1) في «ط»: سالم، و الظاهر أنّه تصحيف، راجع تهذيب التهذيب 10: 249، تقريب التهذيب 2: 266، معجم رجال الحديث 18: 270.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 57

2264/ [3]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ. قال: قال: هن ذوات

الأزواج».

2265/ [4]- عن ابن سنان «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ. قال: سمعته يقول: «تأمر عبدك و تحته أمتك فيعتزلها حتى تحيض فتصيب منها».

2266/ [5]- عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ، قال: هن ذوات الأزواج إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إن كنت زوجت أمتك غلامك نزعتها منه إذا شئت».

فقلت: أ رأيت إن زوج غير غلامه؟ قال: «ليس له أن ينزع حتى تباع، فإن باعها صار بضعها في يد غيره، فإن شاء المشتري فرق، و إن شاء أقر».

2267/ [6]- عن ابن خرزاذ «2»، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ، قال: «كل ذوات الأزواج».

2268/ [7]- ابن بابويه في (الفقيه)، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ، قال: «هن ذوات الأزواج».

فقيل: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ «3»، قال: «هن العفائف».

2269/ [8]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ: يعني حجة الله عليكم فيما يقول.

و قال في قوله تعالى: وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ: يعني التزويج «4» بمحصنة غير زانية غير مسافحة.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 232/ 81.

4- تفسير العيّاشي 1: 233/ 82.

5- تفسير العيّاشي 1: 233/ 83.

6- تفسير العيّاشي 1: 233/ 84. [.....]

7- من لا يحضره الفقيه 3: 276/ 1313.

8- تفسير القمّي 1: 135.

(1) في المصدر: عبد اللّه بن سنان.

(2) في «س»: ابن خوارز، و في المصدر: ابن خرّزاد، و في «ط» حورزاد، خورداد، تصحيف

و الصواب ما أثبتناه، و هو: الحسن بن خرّزاذ، راجع رجال النجاشي: 44/ 87.

(3) المائدة 5: 5.

(4) في المصدر: يعني يتزوج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 58

قوله تعالى:

فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً [24]

2270/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المتعة.

فقال: «نزلت في القرآن: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ».

2271/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنما نزلت فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ- إلى أجل مسمى- فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً».

2272/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، قال: جاء عبد الله بن عمر «1» الليثي إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فقال له: ما تقول في متعة النساء؟ فقال: «أحلها الله في كتابه و على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله)، فهي حلال إلى يوم القيامة».

فقال: يا أبا جعفر، مثلك يقول هذا و قد حرمها عمر و نهى عنها؟ فقال: «و إن كان فعل».

قال: إني أعيذك بالله من ذلك، أن تحل شيئا حرمه عمر. قال: فقال له: «فأنت على قول صاحبك، و أنا على قول رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهلم الا عنك أن القول ما قال رسول الله

(صلى الله عليه و آله) و أن الباطل ما قال صاحبك».

قال: فأقبل عبد الله بن عمر، فقال: أ يسرك أن نساءك و بناتك و أخواتك و بنات عمك يفعلن؟ قال: فأعرض عنه أبو جعفر (عليه السلام) حين ذكر نساءه و بنات عمه.

2273/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المتعة نزل بها القرآن، و جرت بها السنة من رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

2274/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن الحسن بن رباط، عن حريز، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن المتعة، فقال: «عن أي

__________________________________________________

1- الكافي 5: 448/ 1.

2- الكافي 5: 449/ 3.

3- الكافي 5: 449/ 4.

4- الكافي 5: 449/ 5.

5- الكافي 5: 449/ 6.

(1) في المصدر: عمير، راجع معجم رجال الحديث 10: 269 و 272، تنقيح المقال 2: 201.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 59

المتعتين تسأل؟» قال: سألتك عن متعة الحج، فأنبئني عن متعة النساء، أحق هي؟

فقال: «سبحان الله! أما قرأت كتاب الله عز و جل فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً».

فقال أبو حنيفة: و الله لكأنها آية لم أقرأها قط.

2275/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ.

فقال: «ما تراضوا

به من بعد النكاح فهو جائز، و ما كان قبل النكاح فلا يجوز إلا برضاها و بشي ء يعطيها فترضى به».

2276/ [7]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): عن المتعة، فقال: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ».

2277/ [8]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال جابر بن عبد الله عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنهم غزوا معه فأحل لهم المتعة و لم يحرمها، و كان علي (عليه السلام) يقول: لولا ما سبقني به ابن الخطاب ما زنى إلا شقي. و كان ابن عباس يقول: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ- إلى أجل مسمى- فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً و هؤلاء يكفرون بها، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحلها و لم يحرمها».

2278/ [9]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في المتعة، قال: نزلت هذه الآية فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ قال: «لا بأس بأن تزيدها و تزيدك إذا انقطع الأجل فيما بينكما، يقول: استحللتك بأجل آخر، برضى منها، و لا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها، و عدتها حيضتان».

2279/ [10]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إنه كان يقرأ «1»: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ- إلى أجل مسمى- فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ. فقال: «هو أن يتزوجها إلى أجل [مسمى ثم يحدث شيئا بعد الأجل».

__________________________________________________

6- الكافي 5: 456/ 2.

7- قرب

الاسناد: 21. [.....]

8- تفسير العيّاشي 1: 233/ 85.

9- تفسير العيّاشي 1: 233/ 86.

10- تفسير العيّاشي 1: 234/ 87.

(1) في «ط»: يقول.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 60

2280/ [11]- عن عبد السلام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما تقول في المتعة؟ قال: «قول الله:

فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً- إلى أجل مسمى- وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ».

قال: قلت: جعلت فداك، أ هي من الأربع؟ قال: «ليست من الأربع، إنما هي إجارة».

فقلت: أ رأيت إن أراد أن يزداد، و تزداد قبل انقضاء الأجل الذي اجل؟ قال: «لا بأس أن يكون ذلك برضى منه و منها بالأجل و الوقت- و قال- يزيدها بعد ما يمضي الأجل».

2281/ [12]- سعد بن عبد الله، في (بصائر الدرجات): عن القاسم بن الربيع الوراق، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان «1»، عن مياح المدائني، عن المفضل، بن عمر، أنه كتب إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فجاءه جواب أبي عبد الله (عليه السلام)- و الحديث طويل، و في الحديث:- قال أبو عبد الله (عليه السلام):

«و إذا أراد الرجل المسلم أن يتمتع من المرأة فعل ما شاء الله و على كتابه و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، نكاحا غير سفاح تراضيا على ما تراضيا «2» من الاجرة و الأجل، كما قال الله عز و جل: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إن هما أحبا أن يمدا في الأجل على ذلك الأجر، فآخر يوم من أجلهما، قبل أن ينقضي الأجل، قبل «3» غروب الشمس، مدا فيه و

زادا في الأجل «4»، فإن مضى آخر يوم منه لم يصلح إلا بأمر مستقبل. و ليس بينهما عدة إلا لرجل سواه، فإن أرادت سواه اعتدت خمسة و أربعين يوما، و ليس بينهما ميراث، ثم إن شاءت تمتعت من آخر، فهذا حلال لها إلى يوم القيامة، و إن شاءت تمتعت منه أبدا، و إن شاءت من عشرين بعد أن تعتد من «5» كل من فارقته خمسة و أربعين يوما، فعليها ذلك ما بقيت الدنيا، كل هذا حلال لها على حدود الله التي بينها على لسان رسوله (صلى الله عليه و آله) وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ «6»».

2282/ [13]- الشيباني، في قوله تعالى: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: «هو أن يزيدها في الاجرة، و تزيده في الأجل».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 234/ 88.

12- مختصر بصائر الدرجات: 86.

13- نهج البيان 1: 87 (مخطوط).

(1) في «س» و «ط»: و محمّد بن سنان، و هو تصحيف لرواية ابن أبي الخطّاب كتب ابن سنان، و رواية الأخير رسالة ميّاح هذه، انظر رجال النجاشي: 328/ 888 و 424/ 1140، فهرست الطوسي: 143/ 609.

(2) في المصدر: على ما أحبّا.

(3) في «ط»: مثل.

(4) في المصدر زيادة: على ما أحبّا.

(5) في المصدر: كل واحد.

(6) الطّلاق 65: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 61

سورة النساء(4): آية 25 ..... ص : 61

قوله تعالى:

وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ- إلى قوله تعالى- مِنَ الْعَذابِ [25]

2283/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض

أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا ينبغي أن يتزوج الحر المملوكة اليوم، إنما كان ذلك حيث قال الله عز و جل: وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا و الطول: المهر، و مهر الحرة اليوم مهر الأمة أو أقل».

2284/ [2]- العياشي: و قال محمد بن صدقة البصري: سألته عن المتعة أليس هي بمنزلة الإماء؟

قال: «نعم، أما تقرأ قول الله: وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ إلى قوله:

وَ لا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ، فكما لا يسع الرجل أن يتزوج الأمة و هو يستطيع أن يتزوج الحرة، فكذلك لا يسع الرجل أن يتمتع بالأمة و هو يستطيع أن يتزوج بالحرة».

2285/ [3]- الطبرسي: وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أي من لم يجد منكم غنى. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2286/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن أبي العباس البقباق، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يتزوج الرجل الأمة بغير علم «1» أهلها؟ قال: «هو زنا، إن تعالى يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

2287/ [5]- و عنه: و بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت الرضا (عليه السلام): يتمتع بالأمة بإذن أهلها؟

قال: «نعم، إن الله عز و جل يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 360/ 7. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1: 234/ 90.

3- مجمع البيان 3: 54.

4- التهذيب 7: 348/ 1424.

5- التهذيب 7: 257/ 1110.

(1) في المصدر: إذن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 62

2288/ [6]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن داود بن الحصين، عن أبي العباس

البقباق، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يتزوج الرجل بالأمة بغير إذن «1» أهلها؟

قال: «هو زنا، إن الله عز و جل يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

2289/ [7]- العياشي: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت الرضا (عليه السلام): يتمتع بالأمة بإذن أهلها؟

قال: «نعم، إن الله يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

2290/ [8]- عن أبي العباس، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): يتزوج الرجل بالأمة بغير إذن أهلها؟

قال: «هو زنا، إن الله يقول: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ».

2291/ [9]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المحصنات من الإماء؟

قال: «هن المسلمات».

2292/ [10]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله في الإماء فَإِذا أُحْصِنَّ ما إحصانهن؟ قال: «يدخل بهن».

قلت: فإن لم يدخل بهن، ما عليهن حد؟ قال: «بلى».

2293/ [11]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله في الإماء فَإِذا أُحْصِنَّ، قال:

«إحصانهن أن يدخل بهن».

قلت: فإن لم يدخل بهن فأحدثن حدثا، هل عليهن حد؟ قال: «نعم، نصف الحد «2»، فإن زنت و هي محصنة فالرجم».

2294/ [12]- عن حريز، قال: سألته عن المحصن؟ فقال: «الذي عنده ما يغنيه».

2295/ [13]- عن القاسم بن سليمان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ. قال: «يعني نكاحهن إذا أتين بفاحشة».

__________________________________________________

6- من لا يحضره الفقيه 3: 286/ 1361.

7- تفسير العيّاشي 1: 234/ 89.

8- تفسير العيّاشي 1: 234/ 91.

9- تفسير العيّاشي 1: 235/ 92.

10- تفسير العيّاشي 1: 235/ 93.

11- تفسير العيّاشي 1: 235/ 94.

12- تفسير العيّاشي 1: 235/ 95.

13- تفسير العيّاشي

1: 235/ 96.

(1) في المصدر: علم. [.....]

(2) في المصدر: الحرّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 63

2296/ [14]- عن عباد بن صهيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا ينبغي للرجل المسلم أن يتزوج من الإماء إلا من خشي العنت «1»، و لا يحل له من الإماء إلا واحدة».

2297/ [15]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء ابن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: فَإِذا أُحْصِنَّ، قال:

«إحصانهن أن يدخل بهن».

قلت: فإن لم يدخل بهن، ما عليهن حد؟ قال: «بلى».

2298/ [16]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في العبيد و الإماء إذا زنا أحدهم أن يجلد خمسين جلدة إن كان مسلما أو كافرا أو نصرانيا، و لا يرجم و لا ينفى».

2299/ [17]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن المملوك يفتري على الحر؟ قال: «يجلد ثمانين».

قلت: فإنه زنا؟ قال: «يجلد خمسين».

2300/ [18]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي [قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن عبد مملوك قذف حرا؟ قال: «يجلد ثمانين، هذا من حقوق الناس، فأما ما كان من حقوق الله عز و جل فإنه يضرب نصف الحد».

قلت: الذي من حقوق الله عز و جل، ما هو؟ قال: «إذا زنا أو شرب خمرا،

فهذا من الحقوق التي يضرب عليها «2» نصف الحد».

2301/ [19]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَإِذا أُحْصِنَّ، فقال: «إحصانهن إذا دخل بهن».

قال: قلت: أ رأيت إن لم يدخل بهن و أحدثن، ما عليهن من حد؟ قال: «بلى».

2302/ [20]- و عنه: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، [عن ابن أبي نصر] «3»، عن جميل، عن بريد، عن __________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 235/ 97.

15- الكافي 7: 235/ 6.

16- الكافي 7: 234/ 23.

17- الكافي 7: 234/ 2.

18- الكافي 7: 237/ 19.

19- التهذيب 10: 16/ 43.

20- التهذيب 10: 28/ 87.

(1) العنت: الفساد، و الزنا. «النهاية 3: 306».

(2) في المصدر: فيها.

(3) من المصدر و هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 1: 319 و 4: 147.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 64

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا زنا العبد ضرب خمسين، فإن عاد ضرب خمسين، فإن عاد ضرب خمسين إلى ثماني مرات، فإن زنا ثماني مرات قتل، و أدى الإمام قيمته إلى مواليه من بيت المال».

2303/ [21]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن الحارث، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في الأمة تزني. قال: «تجلد نصف الحد، كان لها زوج أو لم يكن «1»».

2304/ [22]- و قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «و إنما صار يقتل في الثامنة، لأن الله رحمه أن يجمع عليه ربق الرق و حد الحر».

2305/ [23]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ: أي لا تتخذها «2» صديقة.

سورة النساء(4): الآيات 29 الي 30 ..... ص : 64

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا

أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً- إلى قوله تعالى- وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً [29- 30]

2306/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن سلمة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل منا يكون عنده الشي ء يتبلغ به و عليه دين، أ يطعمه عياله حتى يأتي الله عز و جل بميسرة «3» فيقضي دينه، أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان و شدة المكاسب، أو يقبل الصدقة؟

قال: «يقضي بما عنده دينه، و لا يأكل أموال الناس إلا و عنده ما يؤدي إليهم حقوقهم، إن الله تعالى يقول:

لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ، و لا يستقرض على ظهره إلا و عنده وفاء، و لو طاف على أبواب الناس فردوه باللقمة و اللقمتين و التمرة و التمرتين، إلا أن يكون له ولي يقضي من بعده، و ليس منا من ميت يموت إلا و جعل الله عز و جل له وليا يقوم في عدته و دينه فيقضي عدته و دينه».

__________________________________________________

21- التهذيب 10: 27/ 82.

22- تفسير القمّي 1: 136.

23- تفسير القمّي 1: 136. [.....]

1- التهذيب 6: 185/ 383.

(1) في المصدر زيادة: لها زوج.

(2) في المصدر: لا يتخذها.

(3) في المصدر: بيسره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 65

2307/ [2]- العياشي: عن أسباط بن سالم، قال: كنت عن أبي عبد الله (عليه السلام) فجاءه رجل، فقال له: أخبرني عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ؟

قال: «عنى بذلك القمار، و أما قوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، عنى بذلك الرجل من المسلمين يشد

على المشركين وحده، يجي ء في منازلهم فيقتل، فنهاهم الله عن ذلك».

2308/ [3]- و قال: في رواية اخرى عن أبي علي، رفعه، قال: كان الرجل يحمل على المشركين وحده، حتى يقتل أو يقتل، فأنزل الله هذه الآية: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً.

2309/ [4]- عن أسباط، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ، قال: «هو القمار».

2310/ [5]- عن سماعة، قال: سألته عن الرجل يكون عنده شي ء يتبلغ به و عليه دين، أ يطعمه عياله حتى يأتيه الله تبارك و تعالى بميسرة. أو يقضي دينه، أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان و شدة المكاسب، أو يقبل الصدقة و يقضي بما عنده دينه؟

قال: « [يقضي بما عنده دينه ، و يقبل الصدقة، و لا يأخذ أموال الناس إلا و عنده وفاء بما يأخذ منهم، أو يقرضونه إلى ميسرته «1»، فإن الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ، فلا يستقرض على ظهره إلا و عنده وفاء، و لو طاف على أبواب الناس فردوه «2» باللقمة و اللقمتين، و التمرة و التمرتين، إلا أن يكون له ولي يقضي دينه من بعده، إنه ليس منا من ميت يموت إلا جعل الله له وليا يقوم في عدته و دينه».

2311/ [6]- عن إسحاق بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: حدثني الحسن بن زيد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الجبائر تكون على الكسير، كيف يتوضأ صاحبها، و

كيف يغتسل إذا أجنب؟ قال: يجزيه المسح «3» بالماء عليها في الجنابة و الوضوء.

قلت: فإن كان في برد يخاف على نفسه إذا أفرغ الماء على جسده؟ فقرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 235/ 98.

3- تفسير العيّاشي 1: 235/ 99.

4- تفسير العيّاشي 1: 236/ 100.

5- تفسير العيّاشي 1: 236/ 101.

6- تفسير العيّاشي 1: 236/ 102.

(1) في المصدر: ميسرة.

(2) في «ط»: فزوّدوه.

(3) في المصدر: المس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 66

2312/ [7]- عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ. قال: «نهى عن القمار، و كانت قريش تقامر الرجل بأهله و ماله، فنهاهم الله عن ذلك».

و قرأ قوله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً. قال: «كان المسلمون يدخلون على عدوهم في المغارات «1»، فيتمكن منهم عدوهم فيقتلهم كيف شاء، فنهاهم الله أن يدخلوا عليهم في المغارات».

2313/ [8]- الطبرسي: في قوله: بِالْباطِلِ، قولان: أحدهما أنه الربا، و القمار، و البخس، و الظلم. قال:

و هو المروي عن الباقر (عليه السلام).

2314/ [9]- و في (نهج البيان): عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) أنه القمار، و السحت، و الربا، و الأيمان.

2315/ [10]- ابن بابويه في (الفقيه): قال الصادق (عليه السلام): «من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها، قال الله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَ ظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً».

2316/ [11]- أبو علي الطبرسي: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)

«معناه: لا تخاطروا بنفوسكم بالقتال فتقاتلوا من لا تطيقونه».

2317/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: كان الرجل إذا خرج مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغزو يحمل على العدو و حده من غير أن يأمره رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنهى الله أن يقتل نفسه من غير أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله).

2318/ [13]- و من طريق المخالفين: ما رواه ابن المغازلي، يرفعه إلى ابن عباس، في قوله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً.

قال: لا تقتلوا أهل بيت نبيكم، إن الله عز و جل يقول في كتابه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ «2»، قال: كان أبناء هذه الامة الحسن و الحسين، و كانت نساؤهم فاطمة، و أنفسهم النبي و علي (عليهم السلام).

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 236/ 103.

8- مجمع البيان 3: 59. [.....]

9- نهج البيان 1: 87 (مخطوط).

10- من لا يحضره الفقيه 3: 374/ 1767.

11- مجمع البيان 3: 60.

12- تفسير القمّي 1: 136.

13- مناقب ابن المغازلي: 318/ 362، شواهد التنزيل 1: 142/ 194.

(1) في «ط» في الموضعين: الغارات.

(2) آل عمران 3: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 67

سورة النساء(4): آية 31 ..... ص : 67

قوله تعالى:

إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً [31]

2319/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً، قال: «الكبائر: التي أوجب الله عليها النار».

2320/ [2]- الشيخ

في (التهذيب): بإسناده عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ الهمداني، عن أبي جعفر محمد بن المفضل بن إبراهيم الأشعري، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زياد- و هو الوشاء الخزاز، و هو ابن بنت إلياس، و كان قد وقف ثم رجع فقطع- عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن عبد الله ابن أبي يعفور و معلى بن خنيس، عن أبي الصامت، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أكبر الكبائر سبع: الشرك بالله العظيم، و قتل النفس التي حرم الله عز و جل إلا بالحق، و أكل مال اليتيم «1»، و عقوق الوالدين، و قذف المحصنات، و الفرار من الزحف، و إنكار ما أنزل الله.

فأما الشرك بالله العظيم فقد بلغكم ما أنزل الله فينا، و ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فردوه على الله و على رسوله. و أما قتل النفس الحرام فقتل الحسين (عليه السلام) و أصحابه. و أما أكل أموال اليتامى فقد ظلمنا فيئنا و ذهبوا به. و أما عقوق الوالدين فإن عز و جل قال في كتابه: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ «2»، و هو أب لهم، فعقوه في ذريته و في قرابته. و أما قذف المحصنات فقد قذفوا فاطمة (عليها السلام) على منابرهم. و أما الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين (عليه السلام) البيعة طائعين غير مكرهين، ثم فروا عنه و خذلوه. و أما إنكار ما أنزل الله عز و جل، فقد أنكروا حقنا و جحدوه «3»، و هذا مما لا يتعاجم «4» فيه أحد، و الله يقول: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ

مُدْخَلًا كَرِيماً».

2321/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: سمعت موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول: «لا يخلد و الله في

__________________________________________________

1- الكافي 2: 211/ 1.

2- التهذيب 4: 149/ 417.

3- التوحيد: 211/ 2.

(1) في المصدر: أموال اليتامى.

(2) الأحزاب 33: 6.

(3) في المصدر: و جحدوا له.

(4) أي يتنكّر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 68

النار إلا أهل الكفر و الجحود، و أهل الضلال و الشرك، و من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال الله تبارك و تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً».

2322/ [4]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن محبوب، قال: كتب معي «1» بعض أصحابنا إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله «2» عن الكبائر، كم هي و ما هي؟ فكتب: «الكبائر من اجتنب ما وعد الله عليه النار كفر عنه سيئاته إذا كان مؤمنا، و السبع الموجبات: قتل النفس الحرام، و عقوق الوالدين، و أكل الربا، و التعرب بعد الهجرة، و أكل مال اليتيم ظلما، و قذف المحصنات، و الفرار من الزحف».

2323/ [5]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن الصادق (عليه السلام): «من اجتنب الكبائر كفر الله عنه جميع ذنوبه، و ذلك قول الله عز و جل: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً».

2324/ [6]- العياشي: عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنت أنا و علقمة الحضرمي، و أبو حسان العجلي، و عبد الله بن عجلان، ننتظر أبا جعفر (عليه السلام) فخرج علينا، فقال: «مرحبا

و أهلا، و الله إني لأحب ريحكم و أرواحكم، و إنكم لعلى دين الله».

فقال علقمة: فمن كان على دين الله تشهد أنه من أهل الجنة؟ قال: فمكث هنيئة، ثم قال: «بوروا «3» أنفسكم، فإن لم تكونوا اقترفتم الكبائر فأنا أشهد».

قلنا: و ما الكبائر؟ قال: «هي في كتاب الله على سبع».

قلنا: فعدها علينا، جعلنا الله فداك. قال: «الشرك بالله العظيم، و أكل مال اليتيم، و أكل الربا بعد البينة، و عقوق الوالدين، و الفرار من الزحف، و قتل المؤمن، و قذف المحصنة».

قلنا: ما بنا «4» أحد أصاب من هذه شيئا، قال: «فأنتم إذن».

2325/ [7]- عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يا معاذ، الكبائر سبع، فينا أنزلت، و منا استحقت «5»، و أكبر الكبائر: الشرك بالله، و قتل النفس التي حرم الله، و عقوق الوالدين، و قذف المحصنات، و أكل مال اليتيم، و الفرار من الزحف، و إنكار حقنا أهل البيت.

__________________________________________________

4- الكافي 2: 211/ 2.

5- من لا يحضره الفقيه 3: 376/ 1781.

6- تفسير العيّاشي 1: 237/ 104.

7- تفسير العيّاشي 1: 237/ 105.

(1) (معي) ليس في «س».

(2) في «س»: يسألونه.

(3) باره يبوره: اختبره و امتحنه، و منه الحديث: كنا نبور أولادنا بحبّ علي (عليه السّلام). انظر النهاية 1: 161 و لسان العرب- بور- 4: 87.

(4) في المصدر: ما منّا.

(5) في المصدر: استخفت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 69

فأما الشرك بالله فإن الله قال فينا ما قال، و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما قال، فكذبوا الله و كذبوا رسوله، و أما قتل النفس التي حرم الله فقد قتلوا الحسين بن علي (عليه السلام) و أصحابه. و أما عقوق الوالدين فإن

الله قال في كتابه:

النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ «1» و هو أب لهم، فقد عقوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في دينه «2» و أهل بيته. و أما قذف المحصنات فقد قذفوا فاطمة (عليها السلام) على منابرهم. و أما أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا في كتاب الله. و أما الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين (عليه السلام) بيعتهم غير كارهين ثم فروا عنه و خذلوه. و أما إنكار حقنا فهذا مما لا يتعاجمون فيه».

و في خبر آخر: «و التعرب بعد الهجرة».

2326/ [8]- عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الكذب على الله و على رسوله و على الأوصياء (عليهم السلام) من الكبائر».

2327/ [9]- عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه ذكر [في قول الله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ «عبادة الأوثان، و شرب الخمر، و قتل النفس، و عقوق الوالدين، و قذف المحصنات، و الفرار من الزحف، و أكل مال اليتيم».

2328/ [10]- و في رواية أخرى عنه (عليه السلام): «أكل مال اليتيم ظلما، و كل ما أوجب الله عليه النار».

2329/ [11]- عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رواية أخرى عنه: «و إنكار ما أنزل الله، أنكروا حقنا، و جحدونا، و هذا لا يتعاجم فيه أحد».

2330/ [12]- عن سليمان الجعفري، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): ما تقول في أعمال الديوان «3»؟

فقال: «يا سليمان، الدخول في أعمالهم، و العون لهم، و السعي في حوائجهم عديل الكفر، و النظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحق بها النار».

2331/ [13]- عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن

أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «السكر من الكبائر، و الحيف «4» في الوصية من الكبائر».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 238/ 106.

9- تفسير العيّاشي 1: 238/ 107.

10- تفسير العيّاشي 1: 238/ 108.

11- تفسير العيّاشي 1: 238/ 109.

12- تفسير العيّاشي 1: 238/ 110. [.....]

13- تفسير العيّاشي 1: 238/ 11.

(1) الأحزاب 33: 6.

(2) في المصدر: في ذرّيته.

(3) في المصدر: السلطان.

(4) الحيف: الظلم و الجور. «مجمع البحرين- حيف- 5: 42».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 70

2332/ [14]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ، قال: «من اجتنب ما وعد الله عليه النار، إذا كان مؤمنا، كفر الله عنه سيئاته».

2333/ [15]- و قال أبو عبد الله (عليه السلام) في آخر ما فسر: «فاتقوا الله. و لا تجترئوا».

2334/ [16]- عن كثير النواء، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الكبائر، قال: «كل شي ء وعد «1» الله عليه النار».

2335/ [17]- المفيد في، (أماليه)، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الكريم بن عمرو و إبراهيم بن داحة البصري، جميعا قالا: حدثنا ميسر، قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): «ما تقول فيمن لا يعصي الله في أمره و نهيه إلا أنه يبرأ منك و من أصحابك على هذا الأمر؟». قال: قلت: و ما عسيت أن أقول و أنا بحضرتك؟ قال: «قل، فإني أنا الذي آمرك أن تقول». قال: قلت: هو في النار.

قال: «يا ميسر، و ما تقول في من يدين الله بما تدينه به، و

فيه من الذنوب ما في الناس إلا أنه مجتنب الكبائر؟».

قال: قلت: و ما عسيت أن أقول و أنا بحضرتك؟ قال: «قل، فإني أنا الذي آمرك أن تقول» قال: قلت: في الجنة، قال: «فلعلك تحرج أن تقول: هو في الجنة»؟ قال: قلت: لا. قال: «فلا تحرج فإنه في الجنة، إن الله عز و جل يقول: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً».

سورة النساء(4): آية 32 ..... ص : 70

قوله تعالى:

وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً [32]

2336/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ليس من نفس إلا و قد فرض الله عز و جل لها رزقها حلالا يأتيها في عافية، و عرض لها بالحرام من وجه آخر، فإن هي تناولت شيئا من الحرام قاصها به من

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 238/ 112.

15- تفسير العيّاشي 1: 238/ 113.

16- تفسير العيّاشي 1: 239/ 114.

17- الأمالي: 152/ 4.

1- الكافي 5: 80/ 2.

(1) في المصدر: أوعد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 71

الحلال الذي فرض لها، و عند الله سواهما فضل كثير، و هو قوله عز و جل: وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ».

2337/ [2]- العياشي: عن عبد الرحمن بن أبي نجران، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) «1» عن قول الله: وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ. قال: «لا يتمنى الرجل امرأة الرجل و لا ابنته، و لكن يتمنى مثلهما».

2338/ [3]- عن إسماعيل بن كثير، رفع الحديث إلى النبي (صلى الله

عليه و آله)، قال: لما نزلت هذه الآية وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، قال: فقال أصحاب النبي: ما هذا الفضل؟ أيكم يسأل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن ذلك؟ قال: فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «أنا أسأله» فسأله عن ذلك الفضل ما هو؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله خلق خلقه و قسم لهم أرزاقهم من حلها، و عرض لهم بالحرام، فمن انتهك حراما نقص له من الحلال بقدر ما انتهك من الحرام، و حوسب به».

2339/ [4]- عن أبي الهذيل «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله قسم الأرزاق بين عباده و أفضل فضلا كثيرا لم يقسمه بين أحد، قال الله: وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ».

2340/ [5]- عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «ليس من نفس إلا و قد فرض الله لها رزقها حلالا يأتيها في عافية، و عرض لها بالحرام من وجه آخر، فإن هي تناولت من الحرام شيئا قاصها به من الحلال الذي فرض الله لها، و عند الله سواهما فضل كبير «3»».

2341/ [6]- عن الحسين بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، إنهم يقولون: إن النوم بعد الفجر مكروه، لأن الأرزاق تقسم في ذلك الوقت؟

فقال: «إن الأرزاق موظوفة «4» مقسومة، و لله فضل يقسمه ما بين «5» طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و ذلك قوله: وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ- ثم قال:- و ذكر الله بعد طلوع الفجر أبلغ في طلب الرزق من الضرب «6» في

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 239/ 115.

3- تفسير العيّاشي 1: 239/ 116.

4- تفسير العيّاشي

1: 239/ 117! [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 239/ 118.

6- تفسير العيّاشي 1: 240/ 119.

(1) في «ط» و المصدر: أبا عبد اللّه (عليه السّلام)، و الظاهر صحّة ما في المتن، لأنّ ابن أبي نجران معدود من أصحاب أبي جعفر الجواد و الرواة عنه، إلّا أن تكون روايته عن أبي عبد اللّه بواسطة أبيه المعدود من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، أو مرسلة، انظر معجم رجال الحديث 9: 299 و 22: 141.

(2) في المصدر ابن الهذيل، و الصواب ما في المتن. راجع رجال الشيخ الطوسيّ: 340/ 28.

(3) في المصدر: كثير. ء

(4) الوظيفة: ما يقدّر له في كلّ يوم من رزق أو طعام أو علف أو شراب و جمعها الوظائف. «لسان العرب- وظف- 9: 358».

(5) في المصدر: يقسّمه من.

(6) في «ط»: الضارب، و ضرب في الأرض: خرج فيها تاجرا أو غازيا، و قيل: سار في ابتغاء الرزق. «لسان العرب- ضرب- 1: 544».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 72

الأرض».

2342/ [7]- الطبرسي، في معنى الآية: أي لا يقتل أحدكم ليت ما أعطي فلان من [المال و] النعمة، و المرأة الحسناء كان لي، فإن ذلك يكون حسدا، و لكن يجوز أن يقول: اللهم أعطني مثله. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

2343/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: لا يجوز للرجل أن يتمنى امرأة رجل مسلم أو ماله، و لكن يسأل الله من فضله إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً.

2344/ [9]- ابن شهر آشوب: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام)، في قوله تعالى: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ «1» من عباده، و في قوله: وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ إنهما نزلتا في

علي (عليه السلام) «2».

سورة النساء(4): آية 33 ..... ص : 72

قوله تعالى:

وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيداً [33]

2345/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ، قال: «إنما عنى بذلك الأئمة (عليهم السلام) بهم عقد الله عز و جل أيمانكم».

2346/ [2]- العياشي: عن الحسن بن محبوب، قال: كتبت إلى الرضا (عليه السلام) و سألته عن قول الله: وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ، قال: «إنما عنى بذلك الأئمة (عليهم السلام) بهم عقد الله أيمانكم».

__________________________________________________

7- مجمع البيان 3: 64.

8- تفسير القمّي 1: 136.

9- المناقب 3: 99.

1- الكافي 1: 168/ 1.

2- تفسير العيّاشي 1: 240/ 120.

(1) المائدة 5: 45، الحديد 57: 21، الجمعة 62: 4. [.....]

(2) في المصدر: إنّهما نزلا فيهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 73

2347/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محبوب، قال: أخبرني ابن بكير، عن زرارة، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ، قال: «إنما عنى بذلك اولي الأرحام في المواريث، و لم يعن أولياء النعمة، فأولاهم بالميت أقربهم إليه من الرحم التي تجره إليها»

سورة النساء(4): آية 34 ..... ص : 73

قوله تعالى:

الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ [34]

2348/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد و

أحمد ابني الحسن، عن علي بن يعقوب، عن مروان بن مسلم، عن إبراهيم بن محرز، قال: سأل أبا جعفر (عليه السلام) رجل و أنا عنده، فقال: قال رجل لامرأته: أمرك بيدك. قال: «أنى يكون هذا و الله يقول: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ! ليس هذا بشي ء».

2349/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه «1»، عن أبي الحسن البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان فيما سأله. قال له: ما فضل الرجال على النساء؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): كفضل السماء على الأرض، و كفضل الماء على الأرض، فالماء يحيي الأرض [و بالرجال تحيا النساء] و لولا الرجال ما خلق الله «2» النساء، يقول الله عز و جل: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ.

قال اليهودي: لأي شي ء كان هكذا؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): خلق الله عز و جل آدم من طين، و من فضلته و بقيته خلقت حواء، و أول من أطاع النساء آدم، فأنزله الله عز و جل من الجنة، و قد بين فضل الرجال على النساء في الدنيا، ألا ترى إلى النساء كيف يحضن و لا يمكنهن العبادة من القذارة، و الرجال لا يصيبهم شي ء من الطمث؟!

__________________________________________________

3- التهذيب 9: 268/ 978.

1- التهذيب 8: 88/ 302.

2- علل الشرائع: 512/ 1، أمالي الصدوق:

161/ 1.

(1) (عن أبيه) ليس في «ط» و المصدر، و الظاهر صواب ما أثبتناه، انظر معجم رجال الحديث 11: 359.

(2) في العلل: ما خلقت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 74

قوله تعالى:

وَ اللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا- إلى قوله تعالى- كَبِيراً [34] 2353/ [1]- علي بن إبراهيم: و ذلك إن نشزت المرأة عن فراش زوجها، قال زوجها: اتقي الله و ارجعي إلى فراشك، فهذه الموعظة، فإن أطاعته فسبيل ذلك، و إلا سبها، و هو الهجر، فإن رجعت إلى فراشها فذلك، و إلا ضربها ضربا غير مبرح، فإن أطاعته و ضاجعته، يقول الله: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا يقول: لا تكلفوهن الحب فإنما جعل الموعظة و السب و الضرب لهن في المضجع إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً.

2354/ [2]- الطبرسي، في معنى الهجر: روي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يحول ظهره إليها» و في معنى

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 570/ 1، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 98 ذيل الحديث 1.

4- تفسير القمّي 1: 137.

5- تفسير القمّي 1: 137.

1- تفسير القمّي 1: 137.

2- مجمع البيان 3: 69.

(1) في العلل: الرجل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 75

الضرب: روي عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنه الضرب بالسواك».

قال اليهودي: صدقت، يا محمد».

2350/ [3]- و عنه: عن علي بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان، أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب إليه من جواب مسائله: «علة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث، لأن

المرأة إذا تزوجت أخذت، و الرجل يعطي، فلذلك وفر على الرجال. و علة اخرى، في إعطاء الذكر مثلي ما تعطى الأنثى، لأن الأنثى من عيال الذكر إن احتاجت، و عليه أن يعولها، و عليه نفقتها، و ليس على المرأة أن تعول الرجل، و لا تؤخذ بنفقته إن احتاج، فوفر على الرجال «1» لذلك، و ذلك قول الله عز و جل: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ».

2351/ [4]- علي بن إبراهيم: حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ يعني: تحفظ نفسها إذا غاب زوجها عنها.

2352/ [5]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: قانِتاتٌ، يقول:

«مطيعات».

سورة النساء(4): آية 35 ..... ص : 75

قوله تعالى:

وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً [35]

2355/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم «1»، عن علي ابن أبي حمزة، قال: سألت العبد الصالح (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها، قال: «يشترط الحكمان إن شاءا فرقا، و إن شاءا جمعا، ففرقا أو جمعا جاز».

2356/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها.

قال: «ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا من الرجل و المرأة، و يشترطا عليهما، إن شئنا جمعنا،

و إن شئنا فرقنا، فإن فرقا فجائز، و إن جمعا فجائز».

2357/ [3]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها.

قال: «الحكمان يشترطان إن شاءا فرقا، و إن شاءا جمعا، فإن فرقا فجائز، و إن جمعا فجائز».

2358/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها، أ رأيت إن استأذن الحكمان، فقالا للرجل و المرأة: أليس قد جعلتما أمركما إلينا في الإصلاح و التفريق؟ فقال الرجل و المرأة:

نعم. و أشهدا بذلك شهدوا عليهما، أ يجوز تفريقهما؟ قال: «نعم، و لكن لا يكون إلا على طهر من المرأة من غير جماع من الزوج».

قيل له: أ رأيت إن قال أحد الحكمين: قد فرقت بينهما، و قال الآخر: لم افرق بينهما، فقال: «لا يكون تفريق

__________________________________________________

1- الكافي 6: 146/ 1.

2- الكافي 6: 146/ 2. [.....]

3- الكافي 6: 146/ 3.

4- الكافي 6: 146/ 4.

(1) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد بن الحكم، و الصواب ما في المتن، حيث روى أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم كتابه و بعض رواياته، انظر رجال النجاشي: 274/ 718، فهرست الطوسي: 87/ 366.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 76

حتى يجتمعا جميعا على التفريق، فإذا اجتمعا على التفريق جاز تفريقهما».

2359/ [5]- و عنه: عن عبد الله بن جبلة و غيره،

عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها، قال: «ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا».

2360/ [6]- العياشي: عن ابن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في امرأة تزوجها رجل و شرط عليها و على أهلها، إن تزوج عليها امرأة و هجرها، أو أتى عليها سرية، فإنها طالق، فقال: شرط الله قبل شرطكم، إن شاء وفى بشرطه، و إن شاء أمسك امرأته و نكح عليها و تسرى عليها، و هجرها إن أتت سبيل ذلك، قال الله في كتابه: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ «1»، و قال: أحل لكم ما ملكت أيمانكم، و قال: وَ اللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً «2»».

2361/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا نشزت المرأة على الرجل فهي الخلعة، فليأخذ منها ما قدر «3» عليه، و إذا نشز الرجل مع نشوز المرأة فهو الشقاق».

2362/ [8]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها؟ قال: «ليس للمصلحين أن يفرقا حتى يستأمرا».

2363/ [9]- عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها، قال: «ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا الرجل و المرأة».

2364/ [10]- و في خبر آخر عن الحلبي، عنه (عليه السلام): «و يشترط عليهما إن شاءا جمعا، و

إن شاءا فرقا، فإن جمعا فجائز، و إن فرقا فجائز».

2365/ [11]- و في رواية فضالة: «فإن رضيا و قلداهما الفرقة ففرقا فهو جائز».

__________________________________________________

5- الكافي 6: 147/ 5.

6- تفسير العيّاشي 1: 240/ 121.

7- تفسير العيّاشي 1: 240/ 122.

8- تفسير العيّاشي 1: 240/ 123.

9- تفسير العيّاشي 1: 241/ 124.

10- تفسير العيّاشي 1: 241/ 125.

11- تفسير العيّاشي 1: 241/ 126.

(1) النّساء 4: 3.

(2) النساء 4: 34.

(3) في المصدر: ما قدرت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 77

2366/ [12]- عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، قال: أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) رجل و امرأة مع كل واحد منهما فئام من الناس «1»، فقال علي (عليه السلام): «فابعثوا حكما من أهله، و حكما من أهلها» ثم قال للحكمين:

«هل تدريان ما عليكما! إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، و إن رأيتما أن تفرقا فرقتما» فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله علي ولي. فقال الرجل: أما في الفرقة فلا. فقال علي (عليه السلام): «ما تبرح حتى تقر بما أقرت به».

سورة النساء(4): الآيات 36 الي 39 ..... ص : 77

قوله تعالى:

وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً [36- 39]

2367/ [1]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد الوالدين، و علي الآخر» فقلت: أين موضع ذلك في كتاب الله؟ قال: «اقرأ وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً».

2368/ [2]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه

و آله) أحد الوالدين، و علي الآخر». و ذكر أنها الآية التي في النساء.

2369/ [3]- ابن شهر آشوب: عن أبان بن تغلب، عن الصادق (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. قال: «الوالدان رسول الله و علي (عليهما السلام)».

2370/ [4]- و عنه: عن سلام الجعفي «2»، عن أبي جعفر (عليه السلام) و أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و في علي (عليه السلام)». ثم قال: و روي مثل ذلك في حديث ابن جبلة.

2371/ [5]- و عنه، قال: و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي أبوا هذه الامة».

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 1: 241/ 127. [.....]

1- تفسير العيّاشي 1: 241/ 128.

2- تفسير العيّاشي 1: 241/ 129!

3- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105.

4- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105.

5- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105.

(1) أي جماعة من الناس.

(2) في المصدر: سالم الجعفي، كلاهما وارد، راجع رجال الشيخ الطوسي: 124/ 8 و 125/ 26.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 78

قلت: و روى ذلك صاحب (الفائق).

2372/ [6]- و روى ابن شهر آشوب أيضا عنه (عليه السلام): «أنا و علي أبوا هذه الامة، فعلى عاق والديه لعنة الله».

2373/ [7]- و روي عن محمد بن جرير برجاله في كتاب (المناقب): أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لعلي (عليه السلام): «اخرج فناد: ألا من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة الله، ألا من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله، ألا من سب أبويه فعليه لعنة الله». فنادى بذلك، فدخل عمر و جماعة على النبي (صلى الله عليه و آله)، و قالوا: هل من تفسير

لما نادى؟ قال: «نعم، إن الله يقول: لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «1» فمن ظلمنا فعليه لعنة الله، و يقول: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ «2». و من كنت مولاه فعلي مولاه، فمن والى غيره و غير ذريته فعليه لعنة الله، و أشهدكم أنا و علي أبوا المؤمنين، فمن سب أحدنا فعليه لعنة الله». فلما خرجوا قال عمر: يا أصحاب محمد، ما أكد النبي لعلي الولاية بغدير خم و لا غيره أشد من تأكيده في يومنا هذا.

قال خباب بن الأرت «3»: كان ذلك قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسبعة عشر يوما.

2374/ [8]- العياشي: عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قول الله: وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ.

قال: «الذي ليس بينك و بينه قرابة وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ- قال- الصاحب في السفر».

2375/ [9]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ: يعني صاحبك في السفر وَ ابْنِ السَّبِيلِ يعني أبناء الطريق الذين يستعينون بك في طريقهم وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعني الأهل و الخادم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَ يَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً فسمى الله البخيل كافرا.

ثم ذكر المنافقين، فقال: وَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ مَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً، ثم قال: وَ ما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ

الْآخِرِ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَ كانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً.

__________________________________________________

6- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105. «و ليس فيه ذيل الحديث».

7- عنه في غاية المرام: 306/ 9.

8- تفسير العيّاشي 1: 241/ 130.

9- تفسير القمّي 1: 138.

(1) الشّورى 42: 23.

(2) الأحزاب 33: 6.

(3) في «س» و المصدر: حسان بن الأرث، و في «ط»: حسان بن ثابت، تصحيف، و الصواب ما أثبتناه، و هو من السابقين الأوّلين إلى الإسلام، و قال عليّ (عليه السّلام): رحم اللّه خبابا أسلم راغبا، و هاجر طائعا، و عاش مجاهدا ... راجع اسد الغابة 2: 98 و 100، معجم رجال الحديث 7: 45. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 79

سورة النساء(4): آية 41 ..... ص : 79

قوله تعالى:

فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [41]

2376/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن سماعة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً.

قال: «نزلت في امة محمد (صلى الله عليه و آله) خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم، و محمد (صلى الله عليه و آله) في كل قرن «1» شاهد علينا».

2377/ [2]- سعد بن عبد الله: عن المعلى بن محمد البصري، قال: حدثنا أبو الفضل المدني، عن أبي «2» مريم الأنصاري، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش «3»، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «الأوصياء هم أصحاب الصراط وقوفا عليه، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم [و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه،

لأنهم عرفاء الله عز و جل عرفهم عليهم عند أخذه المواثيق عليهم، و وصفهم في كتابه، فقال عز و جل: يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «4» و هم الشهداء على أوليائهم، و النبي (صلى الله عليه و آله) الشهيد عليهم، أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة، و أخذ للنبي (صلى الله عليه و آله) «5» الميثاق بالطاعة، فجرت نبوته عليهم، و ذلك قول الله عز و جل: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً».

2378/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً؟

قال: «يأتي النبي (صلى الله عليه و آله) يوم القيامة من كل امة بشهيد، بوصي نبيها، و أوتي بك- يا علي- شهيدا على امتي يوم القيامة».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 146/ 1.

2- مختصر بصائر الدرجات: 53.

3- تفسير العيّاشي 1: 242/ 131.

(1) (في كلّ قرن) ليس في المصدر.

(2) في «س» و «ط»: ابن، و الظاهر أنّ ما في المتن هو الصواب، راجع تهذيب التهذيب 12: 231.

(3) في «س»: رزين بن حبش، و في «ط»: زيد بن حبش، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع تهذيب الكمال 9: 335 و تهذيب التهذيب 3: 321.

(4) الأعراف 7: 46.

(5) في المصدر: و أخذ النبي عليهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 80

2379/ [1]- عن أبي معمر «1» السعدي، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) في صفة يوم القيامة: «يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلق فلا يتكلم أحد إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «2»

فتقام الرسل فتسأل، فذلك قوله لمحمد (عليه السلام): فَكَيْفَ إِذا جِئْنا

مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً و هو الشهيد على الشهداء، و الشهداء هم الرسل (عليهم السلام)».

سورة النساء(4): آية 42 ..... ص : 80

قوله تعالى:

يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً [42] 2380/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: يتمنى الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام) أن تكون الأرض ابتلعتهم في اليوم الذي اجتمعوا فيه على غصبه، و أن لم يكتموا ما قاله رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيه.

2381/ [3]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته يصف هول يوم القيامة: ختم على الأفواه فلا تكلم، فتكلمت الأيدي، و شهدت الأرجل، و نطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا».

سورة النساء(4): الآيات 43 الي 44 ..... ص : 80

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ [43]

2382/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين ابن المختار، عن أبي اسامة زيد الشحام، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير العياشي 1: 242/ 132.

2- تفسير القمي 1: 139.

3- تفسير العياشي 1: 242/ 133.

4- الكافي 3: 371/ 15.

(1) في «ط»: يعمر.

(2) النبأ 78: 38. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 81

لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى فقال: «سكر النوم».

2383/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله سبحانه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة و هم سكارى، يعني سكر النوم».

2384/ [3]- العياشي، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا تقم إلى الصلاة متكاسلا،

و لا متناعسا، و لا متثاقلا، فإنها من خلال «1»

النفاق، فإن الله نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة و هم سكارى، يعني من النوم».

2385/ [4]- عن محمد بن الفضل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ قال: «هذا قبل أن يحرم الخمر».

2386/ [5]- عن الحلبي، عنه (عليه السلام)، قال: «يعني سكر النوم».

2387/ [6]- عن الحلبي، قال: سألته عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ.

قال: «لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى، يعني سكر النوم، يقول: و بكم نعاس يمنعكم أن تعلموا ما تقولون في ركوعكم و سجودكم و تكبيركم، و ليس كما يصف كثير من الناس يزعمون أن المؤمن يسكر «2» من الشراب، و المؤمن لا يشرب مسكرا، و لا يسكر».

2388/ [7]- و قال الزمخشري في (ربيع الأبرار): أنزل الله تبارك و تعالى في الخمر ثلاث آيات: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ «3»

فكان المسلمون بين شارب و تارك، إلى أن شربها «4»

رجل و دخل في صلاته «5»

فهجر، فنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ فشربها من شربها من المسلمين، حتى شربها عمر فأخذ لحي «6»

بعير، فشج رأس عبد الرحمن بن عوف، ثم قعد ينوح على قتلى بدر

__________________________________________________

2- الكافي 3: 299/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 242/ 134.

4- تفسير العيّاشي 1: 242/ 135.

5- تفسير العيّاشي 1: 242/ 136.

6- تفسير العيّاشي 1: 242/ 137.

7- ربيع الأبرار 4: 51.

(1) الخلال: جمع خلّة، الخصلة.

(2) في المصدر: أن المؤمنين يسكرون.

(3) البقرة 2: 219.

(4) في المصدر: شرب.

(5) في المصدر: الصلاة.

(6) اللّحى: كفلس: عظم الحنك.

«مجمع البحرين- لحا- 1: 373».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 82

بشعر الأسود بن يعفر «1»:

و كائن بالقليب قليب بدر من الفتيان و الشرب الكرام «2»

أ يوعدنا ابن كبشة أن سنحيا و كيف حياة أصداء وهام؟!

أ يعجز أن يرد الموت عني و ينشرني إذا بليت عظامي؟!

ألا من مبلغ الرحمن عني بأني تارك شهر الصيام فقل لله يمنعني شرابي و قل لله يمنعني طعامي فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فخرج مغضبا يجر رداءه، فرفع شيئا كان في يده ليضربه، فقال: أعوذ بالله من غضب الله و غضب رسوله، فأنزل الله سبحانه و تعالى: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ «3»

فقال عمر: انتهينا.

قلت: انظر إلى أعلام مشايخ العامة، كيف وقع من إمامهم بروايتهم عنه، نعوذ بالله تعالى من اتباع الهوى.

قوله تعالى:

وَ لا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً- إلى قوله تعالى- وَ يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ [43- 44]

2389/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب، يجلس في المساجد؟ قال: «لا، و لكن يمر فيها كلها إلا المسجد الحرام، و مسجد الرسول (صلى الله عليه و آله)».

2390/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن حمران «4»، عن أبي __________________________________________________

1- الكافي 3: 450.

2- التهذيب 6: 15/ 34. [.....]

(1) في المصدر: الأسود بن عبد يغوث.

(2) في المصدر بعد هذا البيت:

و

كائن بالقليب قليب بدر من الشّيزى المكلّل بالسّنام (3) المائدة: 5: 91.

(4) في المصدر: عن محمّد بن حمران، و قد روى عبد الرحمن عن حمران و محمّد بن حمران، و رويا عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 6: 260 و 16: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 83

عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الجنب، يجلس في المسجد؟ قال: «لا، و لكن يمر به، إلا المسجد الحرام و مسجد المدينة».

2391/ [3]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب و الحائض، يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: «نعم، و لكن لا يضعان في المسجد شيئا».

2392/ [4]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ملامسة النساء: الإيقاع بهن».

2393/ [5]- و عنه: عن المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن أبي مريم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الرجل يتوضأ ثم يدعو الجارية، فتأخذ بيده حتى ينتهي إلى المسجد [فإن من عندنا يزعمون أنها الملامسة؟ فقال: «لا و الله، ما بذلك بأس، و ربما فعلته، و ما يعني بهذا أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ إلا المواقعة دون الفرج».

2394/ [6]- و عنه: عن الشيخ المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم «1»، عن داود بن

النعمان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التيمم.

قال: «إن عمارا أصابته جنابة، فتمعك «2» كما تتمعك الدابة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو يهزأ «3»

به:

يا عمار، تمعكت كما تتمعك الدابة! فقلنا له: كيف التيمم؟ فوضع يديه على الأرض ثم رفعهما، فمسح وجهه و يديه فوق الكف قليلا».

2395/ [7]- و عنه: عن المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التيمم، فضرب بيديه على الأرض، ثم رفعهما فنفضهما، ثم مسح بهما جبهته و كفيه مرة واحدة.

__________________________________________________

3- التهذيب 1: 125/ 339.

4- التهذيب 7: 461/ 1849.

5- التهذيب 1: 22/ 55.

6- التهذيب 1: 207/ 598.

7- التهذيب 1: 207/ 601.

(1) في «س، ط»: أحمد بن محمّد بن عيسى بن الحكم، و هو سقط واضح، راجع معجم رجال الحديث 11: 384.

(2) تمعّك: أي جعل يتمرّغ في التراب و يتقلّب كما يتقلّب الحمار. «مجمع البحرين- معك- 5: 288».

(3) قال الشيخ البهائي في (الأربعين) 66: إنّ الاستهزاء هنا ليس على معناه الحقيقي، أعني السخرية، بل المراد به نوع من المزاج و المطايبة، و لا يعد في صدور ذلك عنه (صلى اللّه عليه و آله) بالنسبة إلى عمّار و نظرائه، و يكون ذلك عن كمال اللطف بهم و المؤانسة معهم، فإنّ الإنسان لا يمازح غالبا إلّا من يحبّه، و لا قصور في المزاح بغير الباطل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 84

2396/ [8]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد

بن عيسى، عن حريز، عن زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قالا: قلنا له: الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال: «الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين، إن الله تبارك و تعالى يقول: وَ لا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا».

2397/ [9]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ فقال: «لا يدخلان المسجد إلا مجتازين، إن الله يقول: وَ لا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا و يأخذان من المسجد الشي ء و لا يضعان فيه شيئا».

2398/ [10]- عن أبي مريم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الرجل يتوضأ، ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده حتى ينتهي إلى المسجد، فإن من عندنا يزعمون أنها الملامسة؟ فقال: «لا و الله، ما بذاك بأس، و ربما فعلته، و ما يعني بهذا، أي لامَسْتُمُ النِّساءَ إلا المواقعة دون الفرج».

2399/ [11]- عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اللمس: الجماع».

2400/ [12]- عن الحلبي، عنه (عليه السلام)، قال: «هو الجماع، و لكن الله ستار يحب الستر، فلم يسم كما تسمون».

2401/ [13]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سأله قيس بن رمانة، قال: أتوضأ ثم أدعو الجارية فتمسك بيدي، فأقوم و اصلي، أعلي وضوء؟ فقال: «لا». قال: فإنهم يزعمون أنه اللمس؟ قال: «لا و الله، ما اللمس، إلا الوقاع» يعني الجماع.

ثم قال: «كان أبو جعفر (عليه السلام) بعد ما كبر، يتوضأ، ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده، فيقوم فيصلي».

2402/ [14]- عن أبي أيوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «التيمم بالصعيد لمن لم يجد الماء

كمن توضأ من غدير من ماء، أليس الله يقول: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً!».

قال: قلت: فإن أصاب الماء و هو في آخر الوقت؟ قال: فقال: «قد مضت صلاته».

قال: قلت له: فيصلي بالتيمم صلاة اخرى؟ قال: «إذا رأى الماء و كان يقدر عليه انتقض التيمم».

__________________________________________________

8- علل الشرائع 2: 288/ 1 باب (210).

9- تفسير العيّاشي 1: 243/ 138. [.....]

10- تفسير العيّاشي 1: 243/ 139.

11- تفسير العيّاشي 1: 243/ 140.

12- تفسير العيّاشي 1: 243/ 141.

13- تفسير العيّاشي 1: 243/ 142.

14- تفسير العيّاشي 1: 244/ 143.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 85

2403/ [15]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عمار بن ياسر، فقال: يا رسول الله، أجنبت الليلة و لم يكن معي ماء؟

قال: كيف صنعت؟

قال: طرحت ثيابي ثم قمت على الصعيد فتمعكت، فقال: هكذا يصنع الحمار، إنما قال الله: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً، قال: فضرب بيده الأرض، ثم مسح إحداهما على الاخرى، ثم مسح يديه بجبينه، ثم [مسح كفيه، كل واحد منهما على الاخرى».

2404/ [16]- و في رواية اخرى، عنه، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): صنعت كما يصنع الحمار، إن رب الماء هو رب الصعيد، إنما يجزيك أن تضرب بكفيك ثم تنفضهما، ثم تمسح بوجهك و يديك كما أمرك الله».

2405/ [17]- عن الحسين بن أبي طلحة، قال: سألت عبدا صالحا في قوله: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ما حد ذلك، فإن لم تجدوا بشراء أو بغير شراء، إن وجد قدر وضوئه بمائة ألف أو بألف و كم بلغ؟ قال: «ذلك على قدر جدته».

2406/ [18]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن يحيى، عن

أحمد بن محمد، عن البرقي، عن سعد بن سعد، عن صفوان، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة و هو لا يقدر على الماء، فوجد قدر ما يتوضأ به، بمائة درهم أو بألف درهم، و هو واجد لها يشتري و يتوضأ، أو يتيمم؟

قال: «لا، بل يشتري، قد أصابني مثل هذا فاشتريت و توضأت، و ما يشترى بذلك مال كثير»».

2407/ [19]- عنه: بإسناده عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول (صلى الله عليه و آله) فاحتلم، فأصابته جنابة، فليتيمم و إلا يمر في المسجد إلا متيمما، و لا بأس أن يمر في سائر المساجد، و لا يجلس في شي ء من المساجد».

2408/ [20]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ يعني ضلوا «2» في أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ يعني أخرجوا الناس من

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 244/ 144.

16- تفسير العيّاشي 1: 244/ 145.

17- تفسير العيّاشي 1: 244/ 146.

18- التهذيب 1: 406/ 1276.

19- التهذيب 1: 407/ 1280.

20- تفسير القمّي 1: 139.

(1) قال الفيض الكاشاني: المراد أنّ الماء المشترى للوضوء بتلك الدراهم مال كثير، لما يترتّب عليه من الثواب العظيم و الأجر الجسيم. و الوافي 6: 556.

(2) في «ط»: يضلّوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 86

ولاية أمير المؤمنين، و هو الصراط المستقيم.

سورة النساء(4): الآيات 45 الي 46 ..... ص : 86

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَ كَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا- إلى قوله تعالى- فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [45- 46]

2409/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ- إلى قوله- وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ قال:

نزلت في اليهود.

2410/ [2]- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): كانت هذه اللفظة: (راعنا) من ألفاظ المسلمين الذين يخاطبون بها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقولون: (راعنا) أي ارع أحوالنا، و اسمع منا كما نسمع منك، و كان في لغة اليهود معناه: اسمع لا سمعت. فلما سمع اليهود المسلمين يخاطبون بها رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقولون: (راعنا)، و يخاطبون بها، قالوا: كنا نشتم محمدا إلى الآن سرا، فتعالوا الآن نشتمه جهرا، و كانوا يخاطبون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يقولون: (راعنا) يريدون شتمه، ففطن لهم سعد بن معاذ الأنصاري، فقال:

يا أعداء الله، عليكم لعنة الله، أراكم تريدون سب رسول الله (صلى الله عليه و آله) جهرا توهمونا أنكم تجرون في مخاطبته مجرانا، و الله لا أسمعها من أحد منكم إلا ضربت عنقه، و لولا أني أكره أن أقدم عليكم قبل التقدم و الاستئذان له و لأخيه و وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) القيم بأمور الامة نائبا عنه فيها، لضربت عنق من قد سمعته منكم يقول هذا. فأنزل الله: يا محمد مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ يَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِي الدِّينِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اسْمَعْ وَ انْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَقْوَمَ وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا و أنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا «1» فإنها لفظة يتوصل

بها أعداؤكم من اليهود إلى سب «2» رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سبكم «3» و شتمكم وَ قُولُوا انْظُرْنا «4» أي سمعنا و أطعنا، قولوا بهذه اللفظة، لا بلفظة راعنا، فإنه ليس فيها ما في قولكم: راعنا، و لا يمكنهم أن يتوصلوا إلى الشتم كما يمكنهم بقولهم راعنا وَ اسْمَعُوا «5» ما قال لكم رسول الله (صلى الله عليه و آله) قولا و أطيعوه وَ لِلْكافِرِينَ «6» يعني اليهود الشاتمين لرسول الله (صلى الله عليه و آله) عَذابٌ أَلِيمٌ «7» وجيع في الدنيا إن عادوا لشتمهم، و في الآخرة بالخلود في النار».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 140. [.....]

2- التفسير المنسوب إلى الامام العسكري (عليه السّلام): 478/ 305.

(1) البقرة 2: 104.

(2) في المصدر: شتم.

(3) (و سبّكم) ليس في المصدر.

(4) البقرة 2: 104.

(5) البقرة 2: 104.

(6) البقرة 2: 104.

(7) البقرة 2: 104.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 87

سورة النساء(4): آية 47 ..... ص : 87

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها [47]

2411/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية هكذا: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا في علي نورا مبينا».

2412/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني- المعروف بابن زينب- قال: [أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن هؤلاء الرجال الأربعة، عن ابن محبوب و] أخبرنا محمد بن يعقوب الكليني أبو جعفر، قال: حدثني علي بن إبراهيم بن

هاشم، عن أبيه، و حدثني محمد بن يحيى بن عمران، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و حدثني علي ابن محمد و غيره، عن سهل بن زياد، جميعا، عن الحسن بن محبوب، و حدثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي أحمد بن محمد بن أبي ناشر، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): «يا جابر، الزم الأرض، و لا تحرك يدا و لا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها: أولها اختلاف ولد فلان «1» و ما أراك تدرك ذلك، و لكن حدث به من بعدي عني، و مناد ينادي من السماء، و يجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح، و تخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية «2»، و تسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، و مارقة تمرق من ناحية الترك، و يعقبها هرج الروم، و يستقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة، و سيقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرملة.

فتلك السنة- يا جابر- فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب، فأول أرض تخرب أرض الشام، ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، و راية الأبقع، و راية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع، فيقتتلون فيقتله السفياني، و من معه «3»، ثم يقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق، و يمر جيشه

__________________________________________________

1-: 345/ 27.

2- الغيبة: 279/ 67.

(1) في المصدر: اختلاف بني العبّاس.

(2) الجابية: قرية من أعمال دمشق، ثمّ من عمل الجيدور من ناحية الجولان قرب مرج الصّفّر في شمالي حوران. «معجم البلدان 2: 91».

(3) في

المصدر: و من تبعه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 88

بقرقيسياء «1» فيقتتلون بها، فيقتل بها من الجبارين مائة ألف.

و يبعث السفياني جيشا إلى الكوفة، و عدتهم سبعون ألفا، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا و صلبا و سبيا، فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من نحو «2» خراسان تطوي المنازل طيا حثيثا «3»، و معهم نفر من أصحاب القائم، ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة و الكوفة، و يبعث السفياني بعثا إلى المدينة، فينفر المهدي (صلوات الله عليه) منها إلى مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني بأن المهدي قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى بن عمران (عليه السلام)».

قال: «و ينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء، أبيدي القوم، فيخسف بهم، فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر، يحول الله وجوههم إلى أقفيتهم و هم من كلب، و فيهم نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها». الآية.

قال: «و القائم يومئذ بمكة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا به، فينادي: يا أيها الناس، إنا نستنصر الله، فمن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم محمد، و نحن أولى الناس بالله و بمحمد (صلى الله عليه و آله)، فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، و من حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، و من حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، و من حاجني في محمد (صلى الله عليه و آله) فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله

عليه و آله)، و من حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين، أليس الله يقول في محكم كتابه: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «4»، فأنا بقية من آدم و ذخيرة من نوح، و مصطفى من إبراهيم، و صفوة من محمد (صلى الله عليهم أجمعين).

ألا و من حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا و من حاجني في سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأنا أولى الناس بسنة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنشد الله من سمع كلامي لما بلغ الشاهد منكم الغائب، و أسألكم بحق الله و حق رسوله (صلى الله عليه و آله) و حقي، فإن لي عليكم حق القربى من رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أعنتمونا و منعتمونا ممن يظلمنا، فقد أخفنا و ظلمنا و طردنا من ديارنا و أبنائنا، و بغي علينا، و دفعنا عن حقنا، و افترى أهل الباطل علينا، فالله الله فينا، لا تخذلونا، و انصرونا ينصركم الله تعالى».

قال: «فيجمع الله له «5» أصحابه ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلا، و يجمعهم الله له على غير ميعاد قزعا «6» كقزع

__________________________________________________

(1) قرقيسياء: بلد على نهر الخابور قرب رحبة مالك بن طوق على ستّة فراس و عندها مصبّ الخابور في الفرات، فهي في مثلث بين الخابور و الفراب. «معجم البلدان 4: 328». [.....]

(2) في المصدر: قبل.

(3) في «ط» نسخة بدل: عنيفا.

(4) آل عمران 3: 33- 34.

(5) في المصدر: عليه.

(6) اقزع: قطع السّحاب المتفرقة. «مجمع البحرين- قزع- 4: 378».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 89

الخريف، و

هي- يا جابر- الآية التي ذكرها الله في كتابه:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ «1»، فيبايعونه بين الركن و المقام، و معه عهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد توارثه الأبناء عن الآباء، و القائم- يا جابر- رجل من ولد الحسين، يصلح الله له أمره في ليلة، فما أشكل على الناس من ذلك- يا جابر- فلا يشكل عليهم ولادته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و وارثته العلماء عالما بعد عالم، فإن أشكل هذا كله عليهم، فإن الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه و اسم أمه و أبيه».

2413/ [3]- المفيد: بإسناده عن جابر الجعفي، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام) في حديث له طويل: «يا جابر، فأول أرض المغرب تخرب أرض الشام، يختلفون عند ذلك على رايات ثلاث: راية الأصهب، و راية الأبقع، و راية السفياني، فيلقى السفياني الأبقع، فيقتتلون فيقتله و من معه، و يقتل الأصهب، ثم لا يكون لهم هم إلا الإقبال نحو العراق، و يمر جيشه بقرقيسياء، فيقتلون بها مائة ألف رجل من الجبارين.

و يبعث السفياني جيشا إلى الكوفة، و عدتهم سبعون ألفا «2»، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا و صلبا و سبيا، فبينما هم كذلك إذا أقبلت رايات من ناحية خراسان تطوي المنازل طيا حثيثا، و معهم نفر من أصحاب القائم (عليه السلام)، و يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء، فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة و الكوفة.

و يبعث السفياني بعثا إلى المدينة، فينفر المهدي (عليه السلام) منها إلى مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج من المدينة، فيبعث جيشا

على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى ابن عمران (عليه السلام)».

قال: «و ينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء، أبيدي القوم، فتخسف بهم البيداء، فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر، يحول الله وجوههم في أقفيتهم، و هم من كلب، و فيهم نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ يعني القائم (عليه السلام) مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها».

قلت: الحديث تقدم بطوله من طريق المفيد في قوله تعالى:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

«3» من سورة البقرة.

2414/ [4]- العياشي: و روي عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزلت هذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله) هكذا: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلت في علي مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم، إلى قوله: مفعولا. و أما قوله: مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ يعني مصدقا برسول

__________________________________________________

3- الاختصاص: 256.

4- تفسير العيّاشي 1: 245/ 168.

(1) البقرة 2: 148.

(2) في المصدر: سبعون ألف رجل.

(3) تقدم في الحديث (13) من تفسير الآية (148) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 90

الله (صلى الله عليه و آله)».

سورة النساء(4): آية 48 ..... ص : 90

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً [48]

2415/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: دخلت الكبائر في الاستثناء؟ قال: «نعم».

2416/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه)، قال: سئل الصادق (عليه السلام)

عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ هل تدخل الكبائر في المشيئة؟ «1».

فقال: «نعم، ذاك إليه عز و جل، إن شاء عاقب» عليها، و إن شاء عفا».

2417/ [3]- و عنه: قال: حدثنا محمد بن محمد بن الغالب الشافعي، قال أخبرنا أبو محمد مجاهد بن أعين بن داود، قال: أخبرنا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا إسرائيل، قال: أخبرنا ثوير، عن أبيه، أن عليا (عليه السلام) قال: «ما في القرآن آية أحب إلي من قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ».

2418/ [4]- و عنه: بإسناده، عن العباس بن بكار الضبي، عن محمد بن سليمان الكوفي البزاز، قال: حدثنا عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «المؤمن على أي حال مات، و في أي يوم مات و ساعة قبض، فهو صديق شهيد، و لقد سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: لو أن المؤمن خرج من الدنيا و عليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب.

ثم قال: من قال: لا إله إلا الله بإخلاص، فهو بري ء من الشرك، و من خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ من محبيك و شيعتك، يا

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 140.

2- من لا يحضره الفقيه 3: 376/

1780.

3- التوحيد: 409/ 8.

4- من لا يحضره الفقيه 4: 295/ 892. [.....]

(1) في المصدر: في مشيّة اللّه.

(2) في المصدر: عذّب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 91

علي».

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟» قال: إي و ربي، إنه لشيعتك، و إنهم ليخرجون [يوم القيامة] من قبورهم يقولون: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي بن أبي طالب حجة الله، فيؤتون بحلل خضر من الجنة، و أكاليل من الجنة، و تيجان من الجنة، [و نجائب من الجنة] فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء، و يوضع على رأسه تاج الملك و إكليل الكرامة، ثم يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ «1»».

2419/ [5]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أما قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [يعني أنه لا يغفر] لمن يكفر بولاية علي (عليه السلام). و أما قوله: وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ يعني لمن والى عليا (عليه السلام)».

2420/ [6]- عن أبي العباس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أدنى ما يكون به الإنسان مشركا.

قال: «من ابتدع رأيا «2» فأحب عليه أو أبغض».

2421/ [7]- عن قتيبة الأعشى، قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ. قال: «دخل في الاستثناء كل شي ء».

و

في رواية اخرى عنه (عليه السلام): «دخل الكبائر في الاستثناء».

سورة النساء(4): الآيات 49 الي 50 ..... ص : 91

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ- إلى قوله تعالى- يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [49- 50] 2422/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: هم

الذين سموا أنفسهم بالصديق، و الفاروق، و ذي النورين.

و قوله تعالى: وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا قال: القشرة التي تكون على النواة [ثم كنى عنهم ، فقال:

__________________________________________________

5- تفسير العياشي 1: 245/ 149.

6- تفسير العياشي 1: 246/ 150.

7- تفسير العياشي 1: 246/ 151.

1- تفسير القمي 1: 140.

(1) الأنبياء 21: 103.

(2) في «ط»: وليا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 92

انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ و هم هؤلاء الثلاثة «1».

سورة النساء(4): الآيات 51 الي 59 ..... ص : 92

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً- إلى قوله تعالى- ظَلِيلًا [51- 57]

2423/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد ابن عيسى، عن الحسين بن المختار «2»، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل راية ترفع قبل قيام القائم (عليه السلام) فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز و جل».

2424/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري، عن معلى بن محمد، قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

«3» فكان جوابه: «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا يقولون لأئمة الضلالة و الدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً

__________________________________________________

1- الكافي 8: 295/ 452.

2- الكافي 1: 159/ 1.

(1) في المصدر: و هم الذين غاصبوا آل محمد حقهم.

(2) في «س»: عن الحسين عن المختار، و في «ط»: الحسين بن سعيد عن المختار، و الصواب ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 54/ 123، فهرست الطوسي: 55/ 195.

(3) النساء 4: 59.

رهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 93

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ يعني الإمامة و الخلافة فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً نحن الناس الذين عنى الله، و النقير: النقطة في وسط النواة أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين. فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يقول: جعلنا منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون به في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟! فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً».

2425/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ

اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. قال: «نحن المحسودون».

2426/ [4]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي الصباح، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. فقال: «يا أبا الصباح، نحن [و الله الناس المحسودون».

2427/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً، قال: «جعل منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)»؟! قال: قلت: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً؟ قال: «الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فهو الملك العظيم».

2428/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. قال: «الطاعة المفروضة».

2429/ [7]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن قوم فرض الله عز و جل طاعتنا، لنا الأنفال، و لنا صفو المال، و نحن الراسخون في العلم، و نحن المحسودون الذين قال الله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ».

__________________________________________________

3- الكافي

1: 160/ 2، شواهد التنزيل 1: 143/ 195. [.....]

4- الكافي 1: 160/ 4.

5- الكافي 1: 160/ 5، قطعة منه في شواهد التنزيل 1: 146/ 200.

6- الكافي 1: 143/ 4.

7- الكافي 1: 143/ 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 94

2430/ [8]- و عنه: عن أبي محمد القاسم بن العلاء (رحمه الله) «1»، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا (عليه السلام)- في حديث له طويل في صفة الإمام- قال: «قال تعالى في الأئمة من أهل بيت نبيه (صلى الله عليه و آله) و عترته و ذريته (صلوات الله عليهم): أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً».

الشيخ في (التهذيب) «2»: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثل هذا الحديث السابق، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح.

2431/ [9]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان- الحديث طويل، و فيه- قال: «قال الله عز و جل: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ثم

رد المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المؤمنين، فقال:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «3» يعني الذين قرنهم بالكتاب و الحكمة و حسدوا عليهما، فقوله عز و جل: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين، فالملك ها هنا الطاعة لهم».

2432/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن يونس، عن أبي جعفر الأحوال مؤمن الطاق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ؟

قال: «النبوة» قلت: وَ الْحِكْمَةَ؟ قال: «الفهم و القضاء». قلت: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً؟ قال: «الطاعة المفروضة».

2433/ [11]- محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ:

__________________________________________________

8- الكافي 1: 157/ 1.

9- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 230/ 1.

10- تفسير القمي 1: 140.

11- بصائر الدرجات: 54/ 3.

(1) في «س، ط»: أبي القاسم بن المعلى، و الصواب ما في المتن، ورد في ترجمة عبد العزيز بن مسلم أنه روى عنه أبو محمد القاسم بن العلاء روآية مبسوطة شريفة فيها بيان مقام الإمام (عليه السلام)، و كان من أهل آذربايجان من وكلاء الناحية، و ممن رأى الحجة (عليه السلام). راجع معجم رجال الحديث 10: 35، 14: 32.

(2) التهذيب 4: 132/ 367.

(3) النساء 4: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 95

«فلان و

فلان وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى لأئمة الضلال و الدعاة إلى النار هؤُلاءِ أَهْدى من آل محمد و أوليائهم سَبِيلًا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ يعني الخلافة و الإمامة فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً نحن الناس الذين عنى الله».

2434/ [12]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد «1»، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تبارك و تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ: «فنحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون الخلق جميعا «2»».

2435/ [13]- و عنه: عن محمد بن الحسين و يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تبارك و تعالى: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً: «فجعلنا منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون في آل إبراهيم (عليه السلام) و ينكرونه في آل محمد (عليهم السلام)؟».

قلت: فما معنى قوله: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً؟ قال: «الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فهو الملك العظيم».

2436/ [14]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن محمد الأحوال، عن حمران، قال: قلت له: قول الله تبارك و تعالى: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ؟ قال:

«النبوة» فقلت: وَ الْحِكْمَةَ؟ فقال: «الفهم و القضاء». قلت: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً؟ قال: «الطاعة».

2437/ [15]- و عنه: عن أبي محمد، عن عمران بن

موسى، عن موسى بن جعفر و علي بن أسباط، عن محمد ابن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في هذه الآية: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً.

فقال: «نحن الناس الذين قال الله، و نحن و الله المحسودون، و نحن أهل هذا الملك الذي يعود إلينا».

2438/ [16]- سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد و عبد الله بن القاسم، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)،

__________________________________________________

12- بصائر الدرجات: 55/ 5.

13- بصائر الدرجات: 56/ 6.

14- بصائر الدرجات: 56/ 7. [.....]

15- بصائر الدرجات: 56/ 9.

16- مختصر بصائر الدرجات: 61.

(1) زاد في المصدر: عن محمّد بن الحسين، تصحيف صوابه، و محمّد بن الحسين، و هو من مشايخ الصفّار، و الرواة عن ابن أبي عمير، انظر الحديث التالي و معجم رجال الحديث 15: 257.

(2) في المصدر: دون خلق اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 96

في قول الله عز و جل: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. قال: «الطاعة المفروضة».

2439/ [17]- و عنه: عن محمد بن عبد الحميد العطار، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. قال: قال: «تعلم ملكا عظيما، ما هو؟». قلت: أنت أعلم جعلني الله فداك، قال: «طاعة الإمام «1» مفروضة».

2440/1]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد بن

مهدي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد «2» بن عبد الرحمن بن عقدة، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا مسعود بن سعد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. قال: «نحن الناس».

2441/ [19]- العياشي: عن بريد بن معاوية، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، فسألته عن قول الله:

أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «3».

قال: فكان جوابه أن قال: «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ فلان و فلان وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا و يقول الأئمة الضالة و الدعاة إلى النار:

هؤلاء أهدى من آل محمد و أوليائهم سبيلا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ يعني الإمامة و الخلافة فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً نحن الناس الذين عنى الله، و النقير:

النقطة التي رأيت في وسط النواة. أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فنحن المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله جميعا. فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يقول فجعلنا منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون بذلك في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟! فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إلى قوله: وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا».

قال: قلت: قوله في آل إبراهيم: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ما الملك العظيم؟

قال: «أن جعل منهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله،

و من عصاهم عصى الله، فهو الملك العظيم».

__________________________________________________

17- مختصر بصائر الدرجات: 62.

18- الأمالي 1: 278، مناقب ابن المغازلي: 267/ 314، الصواعق المحرقة: 152، ينابيع المودة: 121 و 274.

19- تفسير العيّاشي 1: 246/ 153.

(1) في المصدر: طاعة اللّه.

(2) في «س، ط»: أبو مسعود بن سعد، و الصواب ما في المتن، و كنيته أبو سعد الجعفي، روى عنه أبو غسان. راجع رجال الشيخ الطوسي:

317/ 603، معجم رجال الحديث 18: 143.

(3) النّساء 4: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 97

بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله سواء، و زاد فيه: «أن تحكموا بالعدل إذا ظهرتم، و أن تحكموا بالعدل إذا بدت في أيديكم» «1».

2442/ [20]- عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا الصباح، نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال، و لنا صفو المال، و نحن الراسخون في العلم، و نحن المحسودون الذين قال الله في كتابه: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ».

2443/ [21]- عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «بينما موسى بن عمران يناجي ربه و يكلمه إذ رأى رجلا تحت ظل عرش الله تعالى، فقال: يا رب، من هذا الذي قد أظله عرشك؟ فقال: يا موسى، هذا ممن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله».

2444/ [22]- عن أبي سعيد المؤدب، عن ابن عباس في قوله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. قال: «نحن الناس، و فضله: النبوة».

2445/ [23]- عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام): «مُلْكاً عَظِيماً أن جعل فيهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فهذا ملك عظيم وَ

آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً».

2446/ [24]- و عنه: في رواية أخرى، قال: «الطاعة المفروضة».

2447/ [25]- حمران، عنه (عليه السلام): فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ قال: «النبوة» وَ الْحِكْمَةَ قال:

«الفهم و القضاء» مُلْكاً عَظِيماً قال: «الطاعة».

2448/ [26]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ فهو النبوة وَ الْحِكْمَةَ فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة، و أما الملك العظيم، فهو الأئمة الهداة من الصفوة».

2449/ [27]- عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و عنده إسماعيل ابنه، يقول: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الآية، قال: فقال: الملك العظيم: افتراض من الطاعة، قال:

فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ».

قال: فقلت: استغفر الله، فقال لي إسماعيل: لم يا داود؟ قلت: لأني كثيرا من قرأتها (و منهم من يؤمن به و منهم

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 1: 247/ 155.

21- تفسير العيّاشي 1: 248/ 156.

22- تفسير العيّاشي 1: 248/ 157، شواهد التنزيل 1: 143/ 196.

23- تفسير العيّاشي 1: 248/ 158، شواهد التنزيل 1: 146/ 200. [.....]

24- تفسير العيّاشي 1: 248/ 159.

25- تفسير العيّاشي 1: 248/ 160.

26- تفسير العيّاشي 1: 248/ 161.

27- تفسير العيّاشي 1: 248/ 162.

(1) تفسير العيّاشي 1: 247/ 154.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 98

من صد عنه). قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنما هو «1»، فمن هؤلاء ولد إبراهيم من آمن بهذا، و منهم من صد عنه».

2450/ [28]- سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث يخاطب فيه معاوية- قال له: «لعمري- يا معاوية- لو ترحمت عليك و على طلحة و الزبير ما كان ترحمي عليكم و استغفاري لكم إلا لعنة «2» عليكم

و عذابا، و ما أنت و طلحة و الزبير بأحقر «3» جرما، و لا أصغر ذنبا، و لا أهون بدعا و ضلالة ممن استوثقا لك «4» و لصاحبك الذي تطلب بدمه، و هما وطئا «5» لكما ظلمنا أهل البيت و حملاكما «6» على رقابنا. فإن الله عز و جل يقول: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إلى آخر الآيات، فنحن الناس، و نحن المحسودون، و قوله: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فالملك العظيم أن يجعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فلم قد أقروا «7» بذلك في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟! يا معاوية، إن تكفر بها أنت و صويحبك «8»، و من قبلك من الطغاة من أهل اليمن و الشام، و من أعراب ربيعة «9» و مضر و جفاة الامة «10»، فقد وكل الله بها قوما ليسوا بها بكافرين».

2451/ [29]- ابن شهر آشوب: عن أبي الفتوح الرازي في (روض الجنان) بما ذكره أبو عبد الله المرزباني، بإسناده، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ نزلت في رسول الله

(صلى الله عليه و آله)، و في علي (عليه السلام).

__________________________________________________

28- كتاب سليم بن قيس: 156.

29- مناقب ابن شهر آشوب 3: 213، تفسير الحبري: 255/ 19.

(1) أي إنّ الصحيح هو الذي قرأته لك.

(2) في المصدر: و استغفاري ليحق باطلا، بل يجعل اللّه ترحمي عليكم و استغفاري لكم لعنة.

(3) في «ط»: بأعظم.

(4) في المصدر: استنالك.

(5) في المصدر: و وطئا لكم.

(6) في المصدر: و حملاكم.

(7) في المصدر: عصى اللّه و الكتاب و الحكمة و النبوة، فلم يقرون. [.....]

(8) في المصدر: و صاحبك.

(9) في المصدر: و الأعراب أعراب ربيعة.

(10) في «ط»: الناس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 99

2452/ [30]- و عنه، قال: و حدثني أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان): المراد بالناس النبي و آله.

و

قال أبو جعفر (عليه السلام): «المراد بالفضل فيه النبوة، و في علي الإمامة».

2453/ [31]- و من طريق المخالفين، ما رواه ابن المغازلي: يرفعه إلى محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. قال: «نحن الناس، و الله».

2454/ [32]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ: يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هم سلمان و أبو ذر و المقداد و عمار (رضي الله عنهم) وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ و هم غاصبوا آل محمد (صلى الله عليه و آله) حقهم و من تبعهم قال: فيهم نزلت وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ثم ذكر عز و جل ما قد أعده لهؤلاء الذين قد تقدم ذكرهم و غصبهم، قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً.

2455/ [33]- علي بن إبراهيم، قال: الآيات: أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام).

2456/ [34]- الشيخ في (مجالسه)، قال:

أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عاصم الزفري «1»، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو «2» أيوب الشاذكوني المنقري، قال: حدثنا حفص بن غياث القاضي، قال: كنت عند سيد الجعافرة جعفر بن محمد (عليهما السلام) لما أقدمه المنصور، فأتاه ابن أبي العوجاء، و كان ملحدا، فقال له: ما تقول في هذه الآية: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ هب هذه الجلود عصت فعذبت، فما بال الغير «3»؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ويحك، هي هي، و هي غيرها».

قال: أعقلني هذا القول. فقال له: «أ رأيت لو أن رجلا عمد إلى لبنة فكسرها، ثم صب عليها الماء و جبلها، ثم ردها إلى هيئتها الاولى، ألم تكن هي هي، و هي غيرها»؟ فقال: بلى، أمتع الله بك.

2457/ [35]- و في كتاب (الاحتجاج): عن حفص بن غياث، قال: شهدت المسجد الحرام و ابن أبي العوجاء يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ ما ذنب الغير؟ قال: «ويحك، هي هي، و هي غيرها».

قال: فمثل لي ذلك شيئا من أمر الدنيا، قال: «نعم، أ رأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم ردها في ملبنها فهي هي، و هي غيرها».

__________________________________________________

30- مناقب ابن شهر آشوب 3: 213، مجمع البيان 3: 95.

31- مناقب ابن المغازلي: 267/ 314، الصواعق المحرقة: 152، ينابيع المودة: 121 و 274.

32- تفسير القمّي 1: 140.

33- تفسير القمّي 1: 141.

34- أمالي الشيخ الطوسي 2: 193.

35- الاحتجاج: 354.

(1) في «ط»: البزوفري.

(2) في «س، ط»: بن، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 184/ 488.

(3) في المصدر: الغيرية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 100

2458/ [36]- علي بن إبراهيم، قال: قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف تبدل جلودا غيرها؟

قال: «أ رأيت لو أخذت لبنة فكسرتها و صيرتها ترابا، ثم ضربتها «1» في القالب التي كانت، أ هي التي كانت، إنما هي تلك و حدث تغيير «2» آخر، و الأصل واحد».

2459/ [37]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر المؤمنين المقرين بولاية آل محمد (عليهم السلام) فقال: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا.

2460/ [38]- ابن بابويه، في (الفقيه)، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ. قال: «الأزواج المطهرة: اللاتي لا يحضن و لا يحدثن».

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ- إلى قوله تعالى- سَمِيعاً بَصِيراً [58]

2461/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ.

فقال: «إيانا عنى، أن يؤدي الإمام الأول منا إلى الإمام الذي بعده الكتب و العلم و السلاح، وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ الذي في أيديكم».

2462/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عمر، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ

تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها.

قال: «هم الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه و آله) أن يؤدي الإمام الأمانة إلى من بعده، و لا يخص بها غيره، و لا

__________________________________________________

36- تفسير القمّي 1: 141.

37- تفسير القمّي 1 لا 141. [.....]

38- من لا يحضره الفقيه 1: 50/ 195.

1- الكافي 1: 217/ 1.

2- الكافي 1: 217/ 2.

(1) في «ط»: صيرتها.

(2) في المصدر: تفسيرا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 101

يزويها عنه».

2463/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها.

قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) يؤدي الإمام إلى الإمام من بعده، و لا يخص بها غيره، و لا يزويها عنه».

2464/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن ابن أبي يعفور، عن معلى بن خنيس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها. قال: «أمر الله الإمام الأول أن يدفع إلى الإمام الذي بعده كل شي ء عنده».

2465/ [5]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و وهيب بن حفص، جميعا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ

بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ.

قال: «هي الوصية يدفعها الرجل منا إلى الرجل».

2466/ [6]- و عنه: أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ.

فقال: «أمر الله الإمام منا أن يؤدي الإمامة «1» إلى الإمام الذي بعده، ليس له أن يزويها عنه، ألا تسمع إلى قوله تعالى: وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ هم الحكام- يا زرارة- أو لا ترى أنه خاطب بها الحكام؟!».

2467/ [7]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه و الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، [و محمد بن الحسين أبي الخطاب، و يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير]، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ. قال: «إنما عنى أن يؤدي الإمام الأول منا إلى الإمام الذي يكون بعده، الكتب و السلاح».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 218/ 3.

4- الكافي 1: 218/ 4.

5- الغيبة: 51/ 2.

6- الغيبة: 54/ 5.

7- مختصر بصائر الدرجات: 5.

(1) في «ط»: الأمانة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 102

و قوله: وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ قال: «إذا ظهرتم حكمتم بالعدل الذي في أيديكم».

2468/ [8]-

العياشي: عن بريد بن معاوية، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) و سألته عن قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها إلى سَمِيعاً بَصِيراً.

قال: «إيانا عنى، أن يؤدي الأول منا إلى الإمام الذي بعده، الكتب و العلم و السلاح وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ الذي في أيديكم».

بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله سواء، و زاد فيه: «أن تحكموا بالعدل إذا ظهرتم، أن تحكموا بالعدل إذا بدت في أيديكم» «1».

2469/ [9]- عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: «الإمام يعرف بثلاث خصال: أنه أولى الناس بالذي كان قبله، و أنه عنده سلاح النبي (صلى الله عليه و آله)، و عنده الوصية، و هي التي قال الله في كتابه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها- و قال- إن السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل يدور الملك حيث دار السلاح، كما كان يدور حيث دار التابوت».

2470/ [10]- الحلبي، عن زرارة أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها يقول: أدوا الولاية إلى أهلها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ قال: هم آل محمد (عليه و آله السلام).

2471/ [11]- و في رواية محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام): «هم الأئمة من آل محمد، يؤدي الإمام الأمانة إلى الإمام بعده، و لا يخص بها غيره، و لا يزويها عنه».

2472/ [12]- أبو جعفر (عليه السلام) إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ، قال: «فينا نزلت، و الله المستعان».

2473/ [13]- و في رواية ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ

إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ، قال: «أمر الله الإمام أن يدفع ما عنده إلى الإمام الذي بعده، و أمر الأئمة أن يحكموا بالعدل، و أمر الناس أن يطيعوهم».

2474/ [14]- ابن شهر آشوب: قال: قال الصادق (عليه السلام) في قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها:

__________________________________________________

8- تفسير العياشي 1: 246/ 153.

9- تفسير العياشي 1: 249/ 163.

10- تفسير العياشي 1: 249/ 164. [.....]

11- تفسير العياشي 1: 249/ 165.

12- تفسير العياشي 1: 249/ 166.

13- تفسير العياشي 1: 249/ 167.

14- المناقب 1: 252.

(1) تفسير العياشي 1: 247/ 154.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 103

«يؤدي الإمام «1» إلى إمام عند وفاته».

2475/ [15]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن أبي المغرا، عن إسحاق بن عمار، عن ابن أبي يعفور، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ؟

قال: «على الإمام أن يدفع ما عنده إلى الإمام الذي بعده، و أمرت الأئمة بالعدل، و أمر الناس أن يتبعوهم».

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلًا [59]

2476/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا غير واحد من أصحابنا، قالوا: حدثنا محمد بن همام، عن جعفر «2» بن محمد الفزاري، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن

الحارث، قال: حدثني المفضل بن عمر، عن يونس ابن ظبيان، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما أنزل الله عز و جل على نبيه محمد (صلى الله عليه و آله): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قلت: يا رسول الله، عرفنا الله و رسوله، فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟

فقال (صلى الله عليه و آله): «هم خلفائي- يا جابر- و أئمة المسلمين من بعدي، أولهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، ستدركه- يا جابر- فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميي و كنيي حجة الله في أرضه، و بقيته في عباده ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض و مغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته و أوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان».

قال جابر: فقلت له: يا رسول الله، فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟

__________________________________________________

15- التهذيب 6 لا 223/ 533.

1- كمال الدين و تمام النعمة: 253/ 3.

(1) في المصدر: يعني يوصي إمام.

(2) في «س، ط»: حفص، تصحيف صوابه ما في المتن، انظر رجال النجاشي: 122/ 313.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 104

فقال (عليه السلام): «إي و الذي بعثني بالنبوة، إنهم يستضيئون بنوره و ينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس، و إن تجلاها «1» سحاب.

يا جابر، هذا، من مكنون سر الله، و مخزون علم الله، فاكتمه إلا عن أهله».

2477/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم عن أبيه «2»، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن أبي مسروق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: إنا نكلم الناس «3» فنحتج عليهم بقول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فيقولون: نزلت في [أمراء السرايا فنحتج عليهم بقوله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ «4» إلى آخر الآية فيقولون نزلت في المؤمنين، و نحتج عليهم بقول الله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «5» فيقولون: نزلت في قربى المسلمين. قال: فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذا و شبهه إلا ذكرته، فقال لي: «إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة».

قلت: و كيف أصنع.

فقال: «أصلح نفسك». ثلاثا- و أظنه قال:- «و صم و اغتسل، و ابرز أنت و هو إلى الجبان «6»، فتشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه، ثم أنصفه و ابدأ بنفسك و قل: اللهم رب السماوات السبع، و رب الأرضين السبع، عالم الغيب و الشهادة، الرحمن الرحيم، إن كان أبو مسروق جحد حقا و ادعى باطلا، فأنزل عليه حسبانا من السماء و عذابا أليما، ثم رد الدعوة عليه، فقل: و إن كان فلان جحد حقا و ادعى باطلا، فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما». ثم قال لي: «فإنك لا تلبث أن ترى ذلك فيه». فو الله ما وجدت خلقا يجيبني إليه.

2478/ [3]- و عنه: بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الساعة التي تباهل فيها ما

بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس».

2479/ [4]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ «7»، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز ذكره: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ «8».

__________________________________________________

2- الكافي 2: 372/ 1.

3- الكافي 2: 373/ 2.

4- الكافي 1: 217/ 1.

(1) في المصدر: تجلّلها.

(2) (عن أبيه) من المصدر، و هو الصواب، انظر رجال النجاشي: 327/ 887. [.....]

(3) في «س، ط»: نكلم الكلام.

(4) المائدة: 5: 55.

(5) الشورى 42: 23.

(6) الجبّان: الصحراء. «مجمع البحرين- جبن- 6: 224».

(7) في «س» و «ط»: عابد، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشيّ: 98/ 246، رجال الشيخ الطوسي: 143/ 14.

(8) النساء 4: 58.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 105

فقال: «إيانا عنى، أن يؤدي الأول إلى الإمام الذي بعده، الكتب و العلم و السلاح وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ الذي في أيديكم للناس: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ إيانا عنى خاصة، أمر «1» جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا (فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله و إلى الرسول و اولي الأمر منكم) كذا نزلت، و كيف يأمرهم الله عز و جل بطاعة ولاة الأمر، و يرخص في منازعتهم، إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ».

2480/ [5]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: ذكرت إلى أبي عبد

الله (عليه السلام) قولنا في الأوصياء: إن طاعتهم مفروضة «2».

قال: فقال: «نعم، هم الذين قال الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و هم الذين «3» قال الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا «4»».

2481/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس و علي بن محمد، عن سهل بن زياد أبي سعيد «5»، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.

فقال: «نزلت في علي بن أبي طالب، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)».

فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا و أهل بيته (عليهم السلام) في كتاب الله عز و جل.

قال: «فقولوا لهم: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نزلت عليه الصلاة و لم يسم الله لهم ثلاثا و لا أربعا، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهما، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و نزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا أسبوعا «6»، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم.

و نزلت أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و نزلت في علي و الحسن و الحسين، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام): ألا من كنت

مولاه فعلي مولاه. و قال (عليه السلام): أوصيكم بكتاب الله

__________________________________________________

5- الكافي 1: 143/ 7.

6- الكافي 1: 226/ 1.

(1) في «ط»: من.

(2) في المصدر: مفترضة.

(3) (قال اللّه عزّ و جلّ ... و هم الذين) ليس في «ط».

(4) المائدة 5: 55.

(5) في «س»: سهل بن زياد بن سعيد بن عيسى، و في «ط»: سهل بن زياد، عن أبي سعيد بن عيسى، و الصواب ما أثبتناه من المصدر، لأنّ أبا سعيد كنية سهل بن زياد، و هو يروي عن ابن عيسى، و يروي الأخير عن يونس جميع كتبه، راجع رجال النجاشي: 185/ 490 و: 448/ 1208 و معجم رجال الحديث 20: 181.

(6) أي سبع مرّات. «النهاية 2: 336». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 106

و أهل بيتي، فإني سألت الله عز و جل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك. و قال لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. و قال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، و لن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان و آل فلان، و لكن الله عز و جل أنزل في كتابه تصديقا لنبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1» فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة (عليهم السلام)، فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) تحت الكساء في بيت أم سلمة، و قال: اللهم إن لكل نبي أهلا و ثقلا، و هؤلاء أهلي «2» و ثقلي، فقالت ام سلمة: أ لست من أهلك؟ فقال لها: إنك إلى خير، و لكن هؤلاء أهلي و

ثقلي.

فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إقامته للناس و أخذه بيده، فلما مضى علي (عليه السلام) لم يستطع علي، و لم يكن ليفعل، أن يدخل محمد بن علي و العباس بن علي و لا واحدا من ولده، إذن لقال الحسن و الحسين: إن الله تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك، و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، و بلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك، و أذهب عنا الرجس كما أذهب عنك.

فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن (عليه السلام) أولى بها «3» لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده، و لم يكن ليفعل ذلك، و الله عز و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «4» فيحلها «5» في ولده، إذن لقال الحسين (عليه السلام): أمر الله تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك، و بلغ في رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك و في أبيك، و أذهب عني الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك.

فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه و على أبيه لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه، و لم يكونا ليفعلا، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السلام) فجرى تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد

بن علي».

و قال: «الرجس: هو الشك، و الله لا نشك في ربنا أبدا».

2482/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: سمعت عليا (صلوات الله عليه) يقول، و أتاه رجل فقال له: [ما]

__________________________________________________

7- الكافي 2: 304/ 1، ينابيع المودة: 116.

(1) الأحزاب 33: 33.

(2) في المصدر: أهل بيتي.

(3) في «ط»: به.

(4) الأنفال 8: 75، الأحزاب 33: 6.

(5) في المصدر: فيجعلها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 107

أدنى ما يكون به العبد مؤمنا، و أدنى ما يكون به العبد كافرا، و أدنى ما يكون به العبد ضالا؟

فقال له: «قد سألت فافهم الجواب، أما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا أن يعرفه الله تبارك و تعالى نفسه فيقر له بالطاعة، و يعرفه نبيه (صلى الله عليه و آله) فيقر له بالطاعة، و يعرفه إمامه و حجته في أرضه و شاهده على خلقه فيقر له بالطاعة».

فقلت: يا أمير المؤمنين، و إن جهل جميع الأشياء إلا ما وصفت! قال: «نعم، إذا أمر أطاع، و إذا نهي انتهى، و أدنى ما يكون به العبد كافرا من زعم أن شيئا نهى الله عنه أن الله أمر به، و نصبه دينا يتولى عليه و يزعم أنه يعبد الذي أمره به، و إنما يعبد الشيطان، و أدنى ما يكون العبد به ضالا، أن لا يعرف حجة الله تبارك و تعالى و شاهده على عباده الذي أمر الله عز و جل بطاعته، و فرض ولايته».

قلت: يا أمير المؤمنين، صفهم لي. قال: «الذين قرنهم الله تعالى بنفسه و نبيه، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ».

فقلت: يا أمير المؤمنين، جعلني الله فداك، أوضح لي، فقال: «الذين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في آخر خطبته يوم قبضه الله عز و جل إليه: إني قد تركت فيكم أمرين، لن تضلوا بعدي إن «1» تمسكتم بهما: كتاب الله عز و جل، و عترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين- و جمع بين مسبحتيه- و لا أقول كهاتين- و جمع بين المسبحة و الوسطى- فتسبق إحداهما الاخرى، فتمسكوا بهما لا تزلوا، و لا تضلوا، و لا تتقدموهم فتضلوا».

2483/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن عيسى ابن السري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): حدثني عما تثبتت «2» عليه دعائم الإسلام، إذا أنا أخذت بها زكا عملي، و لم يضرني جهل ما جهلت بعده.

فقال: «شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الإقرار بما جاء به من عند الله، و حق في الأموال من الزكاة، و الولاية التي أمر الله عز و جل بها ولاية آل محمد (صلى الله عليه و آله)- قال- قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من مات و لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، قال الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فكان علي (عليه السلام)، ثم صار من بعده الحسن، ثم الحسين، ثم من بعده علي بن الحسين، ثم من بعده محمد بن علي، و هكذا يكون الأمر، إن

الأرض لا تصلح إلا بإمام، و من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، و أحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه ها هنا- قال: و أهوى بيده إلى صدره- و يقول حينئذ:

لقد كنت على أمر حسن».

__________________________________________________

8- الكافي 2: 18/ 9.

(1) في المصدر: ما إن.

(2) في المصدر: بنيت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 108

24842484/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، قال: تلا أبو جعفر (عليه السلام): «أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فإن خفتم تنازعا في الأمر فارجعوه إلى الله و إلى الرسول و إلى اولي الأمر منكم- قال- كيف يأمر بطاعتهم، و يرخص في منازعتهم، إنما قال ذلك للمأمورين «1» الذين قيل لهم: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ».

2485/ [10]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، قال: «الأئمة من ولد علي و فاطمة (صلوات الله عليهما) إلى أن تقوم الساعة».

2486/ [11]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): لأي شي ء يحتاج

إلى النبي و الإمام؟

فقال: «لبقاء العالم على صلاحه، و ذلك أن الله عز و جل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيهم نبي أو إمام، قال الله عز و جل: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ «2». و قال النبي (صلى الله عليه و آله): النجوم أمان لأهل السماء، و أهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون، و إذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون».

2487/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت: فإن تنازعتم في شي ء فارجعوه إلى الله و إلى الرسول و إلى اولي الأمر منكم».

2488/ [13]- محمد بن إبراهيم النعماني: بإسناده عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لعلي (عليه السلام)،- و ذكر حديثا قال فيه:- قال (عليه السلام): «كنت أنا أدخل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) كل يوم دخلة، و كل ليلة دخلة، فيخليني فيها، و قد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري، و كنت إذا سألت «3» أجابني، و إذا سكت «4» ابتدأني، و دعا الله أن يحفظني و يفهمني،

__________________________________________________

9- الكافي 8: 184/ 212.

10- كما الدين و تمام النعمة: 222/ 8.

11- علل الشرائع: 123/ 1 باب 103.

12- تفسير القمّي 1: 141.

13- الغيبة 80/ 10. [.....]

(1) في «ط»: للمارقين.

(2) الأنفال 8: 33.

(3) في المصدر: ابتدأت.

(4) في المصدر زيادة: عنه و فنيت مسائلي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 109

فما نسيت شيئا أبدا منذ دعا لي، و إني قلت لرسول الله

(صلى الله عليه و آله): يا نبي الله، إنك منذ دعوت لي بما دعوت لم أنس شيئا مما تعلمني، فلم «1» تمليه علي، و لم تأمرني بكتبه، أ تتخوف علي النسيان؟

فقال: يا أخي، لست أتخوف عليك النسيان و لا الجهل، و قد أخبرني الله عز و جل أنه قد استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعد ذلك و إنما تكتبه لهم.

قلت: يا رسول الله، و من شركائي؟ فقال: الذين قرنهم الله بنفسه و بي، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.

قلت: يا نبي الله، و من هم؟ قال: الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي، كلهم هاد مهتد، لا يضرهم خذلان من خذلهم، هم مع القرآن و القرآن معهم، لا يفارقونه و لا يفارقهم، بهم تنصر امتي و يمطرون، و يدفع عنهم بمستجابات «2» دعواتهم.

قلت: يا رسول الله، سمهم لي. فقال: ابني هذا، و وضع يده على رأس الحسن (عليه السلام)، ثم ابني هذا، و وضع يده على رأس الحسين (عليه السلام)، ثم ابن له على اسمك يا علي، ثم ابن له اسمه محمد بن علي، ثم أقبل على الحسين (عليه السلام)، فقال: سيولد محمد بن علي في حياتك فأقرئه مني السلام، ثم تكملة اثني عشر إماما.

قلت: يا نبي الله، سمهم لي فسماهم رجلا رجلا، منهم و الله- يا أخا بني هلال- مهدي امة محمد «3»، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا».

2489/ [14]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأنباري الكاتب، قال: حدثنا أبو

عبد الله إبراهيم بن محمد الأزدي، قال: حدثنا شعيب بن أيوب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن هشام بن حسان، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) يخطب الناس بعد البيعة له بالأمر، فقال: «نحن حزب الله الغالبون، و عترة رسوله الأقربون، و أهل بيته الطيبون الطاهرون، و أحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أمته، و الثاني كتاب الله، فيه تفصيل كل شي ء، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و المعول علينا في تفسيره، و لا نتظنن «4» تأويله بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عز و جل و رسوله مقرونة. قال الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ، وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «5»

__________________________________________________

14- الأمالي 1: 121.

(1) في المصدر: لم أنس ممّا علّمتني شيئا و ما.

(2) في المصدر: بعظائم.

(3) في المصدر: مهديّ هذه الامة، الذي.

(4) التظنّن: إعمال الظن.

(5) النساء 4: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 110

و أحذركم «1» الإصغاء لهتاف الشيطان، فإنه لكم عدو مبين، فتكونون كأوليائه الذين قال لهم: لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ «2» فتلفون «3» إلى الرماح وزرا «4»، و إلى السيوف جزرا «5»، و للعمد حطما «6»، و إلى السهام غرضا، ثم لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ

أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً «7»».

قلت: و روى هذا الحديث الشيخ المفيد في (أماليه) بالسند و المتن «8».

2490/ [15]- و في (الاختصاص) للشيخ المفيد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): الأوصياء طاعتهم مفترضة؟ فقال: «هم الذين قال الله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، و هم الذين قال الله:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «9»».

2491/ [16]- العياشي، عن بريد بن معاوية، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، فسألته عن قول الله:

أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.

قال: فكان جوابه أن قال: «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ- فلان و فلان- وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا يقول الأئمة الضالة و الدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد و أوليائهم سبيلا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ يعني الإمامة و الخلافة. فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً نحن الناس الذين عنى الله، و النقير: النقطة التي رأيت في وسط النواة أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فنحن المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله جميعا فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يقول:

فجعلنا منهم الرسل و الأنبياء و الأئمة، فكيف يقرون بذلك في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه و آله)!

__________________________________________________

15-

الاختصاص: 277.

16- تفسير العيّاشي 1: 246/ 153.

(1) في «ط»: احذروا.

(2) الأنفال 8: 48. [.....]

(3) في «ط» و المصدر: تلقون.

(4) الوزر: الملجأ و المعقل، أي تكونون معاقل للرماح تأوي إليكم.

(5) الجزر: اللحم الذي تأكله السباع، و يقال: تركوهم جزرا، إذا قتلوهم.

(6) الحطم: جمع حطمة، الكسارة، أي تلفون للعمد طعاما.

(7) الأنعام 6: 158.

(8) أمالي الشيخ المفيد: 348/ 4.

(9) المائدة 5: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 111

فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إلى قوله: وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا «1»».

قال: قلت: قوله في آل إبراهيم: وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ما الملك العظيم؟

قال: «أن جعل منهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، فهو الملك العظيم».

قال: ثم قال: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها إلى سَمِيعاً بَصِيراً «2»- قال:- إيانا عنى، أن يؤدي الأول منا إلى الإمام الذي بعده الكتب و العلم و السلاح وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ الذي في أيديكم، ثم قال للناس: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فجمع المؤمنين إلى يوم القيامة أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ إيانا عنى خاصة، فإن خفتم تنازعا في الأمر فارجعوا إلى الله و إلى الرسول و اولي الأمر منكم، هكذا نزلت، و كيف يأمرهم بطاعة أولي الأمر و يرخص لهم في منازعتهم، إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ».

بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله سواء، و زاد فيه: «أن تحكموا بالعدل إذا ظهرتم، أن تحكموا بالعدل إذا بدت في أيديكم» «3».

2492/ [17]- عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)،

عن هذه الآية: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، قال: «الأوصياء».

2493/ [18]- و في رواية أبي بصير، عنه (عليه السلام)، قال: «نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

قلت له: إن الناس يقولون لنا فما منعه أن يسمي عليا (عليه السلام) و أهل بيته في كتابه؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «قولوا لهم: إن الله أنزل على رسوله الصلاة و لم يسم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و أنزل الحج فلم ينزل طوفوا أسبوعا حتى فسر ذلك لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و الله أنزل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فنزلت في علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، و قال في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه. و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أوصيكم بكتاب الله و أهل بيتي، إني سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك. و قال: فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، و لن يدخلوكم في باب ضلال و لو سكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لم يبين أهلها لادعاها آل عباس و آل عقيل و آل فلان و آل فلان، و لكن أنزل الله في كتابه:

__________________________________________________

17- تفسير العياشي 1: 249/ 168.

18- تفسير العياشي 1: 249/ 169.

(1) النساء 4: 51- 57.

(2) النساء 4: 58.

(3) تفسير العياشي 1: 247/ 154.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 112

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1» فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة

(عليهم السلام) تأويل هذه الآية، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم) فأدخلهم تحت الكساء في بيت أم سلمة، و قال: اللهم إن لكل نبي ثقلا و أهلا فهؤلاء ثقلي و أهلي، فقالت أم سلمة: أ لست من أهلك؟ قال: إنك إلى خير، و لكن هؤلاء ثقلي و أهلي.

فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان علي (عليه السلام) أولى الناس بها لكبره، و لما بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأقامه و أخذ بيده، فلما حضر «2» لم يستطع علي (عليه السلام) و لم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي و لا العباس بن علي و لا أحدا من ولده، إذن لقال الحسن و الحسين: أنزل الله فينا كما أنزل فيك، و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، و بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) فينا كما بلغ فيك، و أذهب عنا الرجس كما أذهب عنك.

فلما مضى علي كان الحسن أولى بها لكبره، فلما حضر الحسن بن علي (عليه السلام) لم يستطع و لم يكن ليفعل أن يقول أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فيجعلها لولده، إذن لقال الحسين (عليه السلام): أنزل الله في كما أنزل الله فيك و في أبيك، و أمر بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك، و أذهب الرجس عني كما أذهب الرجس عنك و عن أبيك.

فلما أن صارت إلى الحسين (عليه السلام) لم يبق أحد يستطيع أن يدعي كما يدعي هو على أبيه و على أخيه، و هنالك جرى، إن الله عز و جل يقول: «3» وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ

فِي كِتابِ اللَّهِ «4» ثم صارت من بعد الحسين إلى علي بن الحسين، ثم من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «الرجس هو الشك، و الله لا نشك في ديننا أبدا».

2494/ [19]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله تعالى، فذكر نحو هذا الحديث، و قال فيه زيادة: «فنزلت عليه الزكاة فلم يسم الله من كل أربعين درهما حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم» و ذكر في آخره قال: «فلما أن صارت إلى الحسين، لم يكن أحد من أهله يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه و على أبيه (عليهم السلام)، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه، و لم يكونا ليفعلا، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين ابن علي (عليه السلام)، فجرى تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «5» ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي (صلوات الله عليهم)».

__________________________________________________

19- تفسير العيّاشي 1: 251/ 170.

(1) الأحزاب 33: 33. [.....]

(2) أي حضره الموت، و في «ط»: مضى.

(3) انظر الحديث الآتي، و الحديث (6) المتقدّم في تفسير هذه الآيات، و فيهما: «ثمّ صارت حين أفضت إلى الحسين بن علي (عليهما السّلام)، فجرى تأويل هذه الآية ...».

(4) الأنفال 8: 75، الأحزاب 33: 6.

(5) الأنفال 8: 75، الأحزاب 33: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 113

2495/ [20]- عن أبان، أنه دخل على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: فسألته عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا

الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.

فقال: «ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام)» ثم سكت، قال: فلما طال سكوته، قلت: ثم من قال: «ثم الحسن».

ثم سكت، فلما طال سكوته، قلت: ثم من؟ قال: «ثم الحسين» قلت: ثم من؟ قال: «علي بن الحسين» و سكت، فلم يزل يسكت عند كل واحد حتى أعيد المسألة فيقول، حتى سماهم إلى آخرهم (صلوات الله عليهم).

2496/ [21]- عن عمران الحلبي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنكم أخذتم هذا الأمر من جذوه- يعني من أصله- عن قول الله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و من قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما إن تمسكتم به لن تضلوا، لا من قول فلان، و لا من قول فلان».

2497/ [22]- عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ. قال: «هي في علي و في الأئمة (عليهم السلام) جعلهم الله مواضع الأنبياء، غير أنهم لا يحلون شيئا و لا يحرمونه».

2498/ [23]- عن حكيم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، أخبرني من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم؟ فقال لي: «أولئك علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر أنا، فاحمدوا الله الذي عرفكم أئمتكم و قادتكم حين جحدهم الناس».

2499/ [24]- عن عيسى «1» بن السري، قال: قلت لأبي عبد الله: أخبرني عن دعائم الإسلام التي بنى الله تعالى عليها الدين الرضي، لا يسع أحدا التقصير في شي ء منها، التي من قصر عن معرفة شي ء منها فسد عليه دينه، و لم يقبل

منه عمله، و من عرفها و عمل بها صلح له دينه، و قبل منه عمله، و لم يضره ما هو فيه بجهل شي ء من الأمور إن جهله.

فقال: «نعم، شهادة أن لا إله إلا الله، و الإيمان برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الإقرار بما جاء من عند الله و حق من الأموال الزكاة، و الولاية التي أمر الله بها ولاية آل محمد».

قال: «و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من مات و لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، فكان الإمام علي (عليه السلام)، ثم كان الحسن بن علي، ثم كان الحسين بن علي، ثم كان علي بن الحسين، ثم كان محمد بن علي أبو جعفر (عليه السلام)، و كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر (عليه السلام) و هم لا يعرفون مناسك حجهم، و لا حلالهم و لا

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 1: 251/ 171.

21- تفسير العيّاشي 1: 251/ 172.

22- تفسير العيّاشي 1: 252/ 173.

23- تفسير العيّاشي 1: 252/ 174.

24- تفسير العيّاشي 1: 252/ 175.

(1) في «ط، س» و المصدر: يحيى، و ما أثبتناه من البحار 68: 387/ 37، انظر جامع الرواة 1: 653.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 114

حرامهم، حتى كان أبو جعفر (عليه السلام) فنهج «1» لهم و بين مناسك حجهم، و حلالهم و حرامهم، حتى استغنوا عن الناس، و صار الناس يتعلمون منهم، بعد ما كانوا يتعلمون من الناس، و هكذا يكون الأمر، و الأرض لا تكون إلا بإمام».

2500/ [25]- عن عمرو بن سعيد، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام)، عن قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، قال: «علي بن أبي طالب (عليه السلام) و الأوصياء

من بعده».

2501/ [26]- عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: «ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) آية من القرآن إلا أقرأنيها و أملاها علي، فأكتبها بخطي، و علمني تأويلها و تفسيرها، و ناسخها و منسوخها، و محكمها و متشابهها، و دعا الله لي أن يعلمني فهمها و حفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، و لا علما أملاه علي فكتبته مذ دعا لي، و ما ترك شيئا «2» علمه الله من حلال و لا حرام، و لا أمر و لا نهي، كان أو يكون من طاعة أو معصية إلا علمنيه و حفظته، فلم أنس منه حرفا واحدا. ثم وضع يده على صدري، و دعا الله لي أن يملأ قلبي علما و فهما و حكمة و نورا، فلم أنس شيئا و لم يفتني شي ء لم أكتبه. فقلت: يا رسول الله، أ تخوفت علي النسيان فيما بعد؟

فقال: لست أتخوف عليك نسيانا و لا جهلا، و قد أخبرني ربي أنه استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعدك.

فقلت: يا رسول الله، و من شركائي من بعدي؟ قال: الذين قرنهم الله بنفسه و بي، فقال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ الأئمة.

فقلت: يا رسول الله، و من هم؟ فقال: الأوصياء مني إلى أن يردوا علي الحوض، كلهم هاد مهتد، لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن و القرآن معهم، لا يفارقهم و لا يفارقونه، بهم تنصر امتي، و بهم يمطرون، و بهم يدفع عنهم، و بهم يستجاب دعاؤهم.

فقلت: يا رسول الله، سمهم لي. فقال لي: ابني هذا، و وضع يده على رأس الحسن، ثم ابني هذا،

و وضع يده على رأس الحسين، ثم ابن له يقال له: علي و سيولد في حياتك فأقرئه مني السلام، ثم تكملة اثني عشر من ولد محمد.

فقلت له: بأبي أنت و أمي سمعهم، فسماهم لي رجلا رجلا، فيهم و الله- يا أخا بني هلال- مهدي امة محمد الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما، و الله إني لأعرف من يبايعه بين الركن و المقام، و أعرف أسماءهم و أسماء آبائهم و قبائلهم». و ذكر الحديث بتمامه.

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 1 لا 253/ 176.

26- تفسير العيّاشي 1 لا 253/ 177.

(1) في المصدر: فحج.

(2) في المصدر: فكتبته بيدي على ما دعا لي و ما نزل شي ء. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 115

2502/ [27]- عن محمد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «فإن تنازعتم في شي ء فارجعوه إلى الله و إلى الرسول و إلى أولي الأمر منكم».

2503/ [28]- و في رواية عامر بن سعيد الجهني، عن جابر، عنه: وَ أُولِي الْأَمْرِ من آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

2504/ [29]- ابن شهر آشوب: سأل الحسن بن صالح بن حي جعفر الصادق (عليه السلام) عن ذلك. فقال: «الأئمة من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

2505/ [30]- (تفسير مجاهد): إنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) حين خلفه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالمدينة، فقال: «يا رسول الله، أ تخلفني على النساء و الصبيان»؟ فقال: «يا أمير المؤمنين، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، حين قال له: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ» «1». فقال: « [بلى و] الله».

وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قال: علي بن أبي طالب (عليه

السلام) ولاه الله أمر الامة بعد محمد، و حين خلفه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالمدينة، فأمر الله العباد بطاعته و ترك خلافه.

2506/ [31]- و في (إبانة الفلكي): إنها نزلت لما شكا أبو بردة من علي (عليه السلام)، الخبر.

سورة النساء(4): آية 60 ..... ص : 115

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَ يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً [60] 2507/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في الزبير بن العوام، فإنه نازع رجلا من اليهود في حديقة، فقال الزبير:

ترضى بابن شيبة اليهودي؟ فقال اليهودي: ترضى بمحمد؟ فأنزل الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ إلى آخر الآية.

__________________________________________________

27- تفسير العيّاشي 1: 254/ 178.

28- تفسير العيّاشي 1: 254، ذيل الحديث 178.

29- مناقب ابن شهر آشوب 3: 15، ينابيع المودة: 114.

30- مناقب ابن شهر آشوب 3: 15، شواهد التنزيل 1: 168/ 203، ينابيع المودة: 114 «قطعة منه».

31- مناقب ابن شهر آشوب 3: 15.

1- تفسير القمّي 1: 141.

(1) الأعراف 7: 142.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 116

2508/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، قول الله عز و جل في كتابه: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ «1».

فقال: «يا أبا بصير، إن الله عز و جل قد علم أن في الامة حكاما يجورون، أما إنه لم يعن حكام العدل، و لكنه عنى حكام الجور.

يا أبا محمد، إنه لو كان لك على رجل حق، فدعوته إلى حكام «2» أهل العدل فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، لكان ممن حاكم إلى الطاغوت، و هو قول الله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ».

2509/ [3]- و عنه: بإسناده عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة الغنوي، عن حريز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أيما رجل كان بينه و بين أخ له مماراة في حق، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه و بينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال الله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ» الآية.

2510/ [4]- العياشي: عن يونس مولى علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كانت بينه و بين أخيه منازعة فدعاه إلى رجل من أصحابه يحكم بينهما، فأبى إلا أن يرافعه إلى السلطان، فهو كمن حاكم «3» إلى الجبت و الطاغوت، و قد قال الله: يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ إلى قوله: بَعِيداً».

2511/ [5]- أبو بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ.

فقال: «يا أبا محمد إنه لو كان لك على رجل حق، فدعوته إلى حكام أهل العدل، فأبى عليك إلا أن

يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، كان ممن حاكم إلى الطاغوت».

سورة النساء(4): آية 61 ..... ص : 116

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً [61]

__________________________________________________

2- التهذيب 6: 219/ 517.

3- التهذيب 6: 220/ 519.

4- تفسير العيّاشي 1: 254/ 179.

5- تفسير العيّاشي 1: 254/ 180.

(1) البقرة 2: 188.

(2) في المصدر في موضعين: حكم.

(3) في «ط»: حكم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 117

2512/ [1]- علي بن إبراهيم: هم أعداء آل محمد (صلى الله عليه و آله) كلهم جرت فيهم هذه الآية.

سورة النساء(4): الآيات 62 الي 63 ..... ص : 117

قوله تعالى:

فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَ تَوْفِيقاً- إلى قوله تعالى- بَلِيغاً [62- 63] 2513/ [2]- علي بن إبراهيم: فهذا مما تأويله بعد تنزيله في القيامة، تنزيله: إذا بعثهم الله حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) إنما أردنا بما فعلنا من إزالة الخلافة عن موضعها إلا إحسانا و توفيقا، و الدليل على أن ذلك في القيامة،

ما حدثني به أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن أبي عبد الله و عن أبي جعفر (عليهما السلام)، قالا: «المصيبة هي الخسف و الله بالمنافقين عند الحوض، قول الله فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَ تَوْفِيقاً».

2514/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ يعني من العداوة لعلي (عليه السلام) في الدنيا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً أي أبلغهم في الحجة عليهم و أخر أمرهم إلى يوم القيامة.

2515/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد «1»، عن أبي جنادة الحصين بن المخارق بن

عبد الرحمن بن «2» ورقاء بن حبشي بن جنادة السلولي صاحب رسول الله (صلى الله عليه و آله) «3»، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 142.

2- تفسير القمّي 1: 142.

3- تفسير القمّي 1: 142.

4- الكافي 8: 184/ 211.

(1) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد، عن ابن خالد، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو من شيوخ علي بن إبراهيم، انظر معجم رجال الحديث 2: 271.

(2) في «س» و «ط»: عن، تصحيف صوابه ما في المتن، ترجم له النجاشي في رجاله: 145/ 376 و ساق نسبه كما في المتن، و ذكر له كتاب التفسير و القراءات.

(3) المراد أنّ حبشي صاحب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 118

«فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء و سبق لهم العذاب «1» وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «2»».

2516/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد «3» بن إسماعيل و غيره، عن منصور بن يونس «4»، عن ابن أذينة، عن عبد الله بن النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً: «يعني- و الله- فلانا و فلانا».

2517/ [5]- العياشي: عن منصور بزرج، عمن حدثه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ، قال: «الخسف- و الله- عند الحوض بالفاسقين».

عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

2518/ [6]- عن عبد الله بن

النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً يعني- و الله- فلانا و فلانا».

سورة النساء(4): الآيات 64 الي 65 ..... ص : 117

قوله تعالى:

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ- إلى قوله تعالى- وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [64- 65] 2519/ [1]- علي بن إبراهيم، قال في قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ: أي بأمر الله.

2520/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي

__________________________________________________

4- الكافي 8: 334/ 526.

5- تفسير العيّاشي 1: 254/ 181.

6- تفسير العيّاشي 1: 255/ 182.

1- تفسير القمّي 1: 142.

2- تفسير القمّي 1: 142.

(1) قال المجلسي في المرآة 26: 76:

قوله (عليه السّلام): «فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء و سبق لهم العذاب»

ظاهر الخبر أنّ هاتين الفقرتين كانتا داخلتين في الآية، و يحتمل أن يكون (عليه السّلام) أوردهما للتفسير، أي إنّما أمر تعالى بالإعراض عنهم لسبق كلمة الشقاء عليهم، أي علمه تعالى بشقائهم، و سبق تقدير العذاب لهم، لعلمه بأنّهم يصيرون أشقياء بسوء اختيارهم.

(2) في القرآن: «و عظهم و قل لهم في أنفسهم قولا بليغا» قال المجلسي: ثمّ أمر تعالى بمواعظتهم لإتمام الحجة عليهم فقال: وَ عِظْهُمْ أي بلسانك و كفّهم عمّا هم عليه، و تركه في الخبر إمّا من النساخ أو لظهوره. [.....]

(3) في «ط»: عن محمّد.

(4) في «س»، «ط»: منصور بن حازم، و الصواب ما في المتن، روى عنه محمّد بن إسماعيل بن بزيع كتابه و بعض رواياته، و روى هو عن ابن أذينة، انظر الفهرست: 164/ 719

و معجم رجال الحديث 18: 353.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 119

جعفر (عليه السلام)، قال: «وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ يا علي فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً «1» فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ يا علي فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ يعني فيما تعاهدوا، و تعاقدوا عليه بينهم من خلافك، و غصبك ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ عليهم يا محمد على لسانك من ولايته وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً لعلي (عليه السلام)».

2521/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن عدة من أصحابنا، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً. قال: «التسليم: الرضا و القنوع بقضائه».

2522/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله الكاهلي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة، و حجوا البيت، و صاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشي ء صنعه الله أو صنعه رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا صنع خلاف الذي صنع؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم، لكانوا بذلك مشركين». ثم تلا هذه الآية: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «عليكم بالتسليم».

عنه: عن علي بن إبراهيم، [عن

أبيه «2»، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) مثله، إلا أن في آخره: «فعليكم بالتسليم» «3».

و روى هذا الحديث أحمد البرقي في (المحاسن) عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، و أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله الكاهلي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): مثله. و في آخره: «عليكم بالتسليم» «4».

2523/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن «5» إسماعيل و غيره، عن منصور بن يونس «6»، عن أذينة، عن عبد الله بن النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

3- المحاسن: 271/ 364.

4- الكافي 1: 321/ 2.

5- الكافي 8: 334/ 526.

(1) في المصدر زيادة: هكذا نزلت. ثمّ قال.

(2) أثبتناه من المصدر، راجع جامع الرواة 1: 61، معجم رجال الحديث 2: 237 و 243.

(3) الكافي 2: 292/ 6.

(4) المحاسن: 271/ 365.

(5) في «ط»: عن.

(6) في «س»، «ط»: منصور بن حازم، و الصواب ما في المتن، راجع الحديث الرابع من تفسير الآيتين السابقتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 120

أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «1»: «يعني- و الله- فلانا و فلانا وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ثم جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً يعني- و الله- النبي (صلى الله عليه و آله) و عليا (عليه السلام) مما صنعوا، أي لو جاءوك بها يا علي

فاستغفروا الله مما صنعوا و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ- فقال أبو عبد الله (عليه السلام)- هو و الله علي (عليه السلام) بعينه ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ على لسانك يا رسول الله، يعني به من ولاية علي (عليه السلام) وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً لعلي (عليه السلام)».

2524/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة أو بريد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «لقد خاطب الله أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه».

قال: قلت: في أي موضع؟

قال: «في قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ فيما تعاقدوا عليه، لئن أمات الله محمدا ألا يردوا هذا الأمر في بني هاشم ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ عليهم من القتل أو العفو وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً».

2525/ [7]- سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد «2»، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن عبد الله بن النجاشي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

قال: «عنى بهذا عليا (عليه السلام)، و تصديق ذلك في قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ يعني عليا فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ يعني النبي (صلى الله

عليه و آله)».

2526/ [8]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله ابن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه تلا هذه الآية: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً فقال: «لو أن قوما عبدوا الله وحده «3» ثم

__________________________________________________

6- الكافي 1: 322/ 7.

7- مختصر بصائر الدرجات: 71.

8- مختصر بصائر الدرجات: 71. [.....]

(1) النّساء 4: 63.

(2) في «س»، «ط»: الحسين بن محمّد، و الصواب ما في المتن. راجع رجال النجاشيّ: 59/ 137 و الحديثين الآتيين.

(3) في «ط»: و وحدوه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 121

قالوا لشي ء صنعه الله: لم صنع كذا و كذا؟ و لو صنع كذا و كذا، خلاف الذي صنع، لكانوا بذلك مشركين». ثم قال:

«لو أن قوما عبدوا الله وحده، ثم قالوا لشي ء صنعه رسول الله (صلى الله عليه و آله): لم صنع كذا و كذا؟ و وجدوا ذلك في أنفسهم، لكانوا بذلك مشركين». ثم قرأ: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

2527/ [9]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً، قال: «هو التسليم له في الأمور».

2528/ [10]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد و محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن

أبي عمير، و حماد بن عيسى، عن سعيد بن غزوان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «و الله لو آمنوا بالله وحده، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة [ثم لم يسلموا لكانوا بذلك مشركين». ثم تلا هذه الآية: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

2529/ [11]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن جميل ابن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً، قال: «التسليم في الأمر».

2530/ [12]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد و محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر أخي أديم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن مولى عثمان كان سبابة لعلي (صلوات الله عليه)، فحدثتني مولاة لهم كانت تأتينا و تألفنا أنه حين حضره الموت قال:

ما لي و ما لهم؟» فقلت: جعلت فداك، ما آمن هذا «1»؟ فقال: «أما تسمع قول الله عز و جل: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ» الآية. ثم قال: [هيهات هيهات حتى يكون الثبات في القلب، و إن صام و صلى .

2531/ [13]- [و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن مسكان، عن ضريس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول : «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

__________________________________________________

9- مختصر بصائر الدرجات: 72.

10- مختصر

بصائر الدرجات: 72.

11- مختصر بصائر الدرجات: 73.

12- مختصر بصائر الدرجات: 74.

13- مختصر بصائر الدرجات: 74.

(1) في «ط»: جعلت فداك فأمروا بهذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 122

2532/ [14]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيوب، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن أشد ما يكون عدوكم كراهية لهذا الأمر، حين تبلغ نفسه هذه» و أومأ بيده إلى حنجرته.

ثم قال: «إن رجلا من آل عثمان كان سبابة لعلي (عليه السلام)، فحدثتني مولاة له كانت تأتينا، قالت: لما احتضر قال: ما لي و ما لهم» قلت: جعلني الله فداك ما له قال هذا؟ فقال: «لما رأى من العذاب، أما سمعت قول الله تبارك و تعالى: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً هيهات هيهات، لا و الله حتى يكون ثبات الشي ء في القلب، و إن صلى و صام».

2533/ [15]- العياشي: عن عبد الله بن النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «1» يعني و الله فلانا و فلانا، وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ إلى قوله: تَوَّاباً رَحِيماً يعني و الله النبي و عليا (صلوات الله عليهما) بما صنعوا، أي لو جاءوك بها يا علي فاستغفروا الله مما صنعوا و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ». ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو- و الله- علي بعينه ثُمَّ

لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ على لسانك يا رسول الله، يعني به ولاية علي وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

2534/ [16]- عن محمد بن علي، عن أبي جنادة الحصين بن المخارق بن عبد الرحمن بن ورقاء بن حبشي ابن جنادة السلولي، عن أبي الحسن الأول، عن أبيه (عليه السلام): «أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ فقد سبقت عليهم كلمة الشقاوة و سبق لهم العذاب وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «2»».

2535/ [17]- عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «و الله لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة، و حجوا البيت، و صاموا شهر رمضان ثم لم يسلموا إلينا لكانوا بذلك مشركين، فعليهم بالتسليم، و لو أن قوما عبدوا الله، و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة، و حجوا البيت، و صاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشي ء صنعه رسول الله (صلى الله عليه و آله): لم صنع كذا و كذا؟ و وجدوا ذلك في أنفسهم لكانوا بذلك مشركين» ثم قرأ: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ إلى قوله: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

__________________________________________________

14- كتاب الزهد: 85/ 227.

15- تفسير العيّاشي 1: 255/ 182.

16- تفسير العيّاشي 1: 255/ 183.

17- تفسير العيّاشي 1: 255/ 184.

(1) النّساء 4: 63. [.....]

(2) النّساء 4: 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 123

2536/ [18]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مما قضى محمد و آل محمد وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً».

2537/ [19]-

عن أيوب بن الحر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: في قوله: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ إلى قوله: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً فحلف ثلاثة أيمان متتابعة: «لا يكون ذلك حتى يكون تلك النكتة السوداء في القلب، و إن صام و صلى».

سورة النساء(4): آية 66 ..... ص : 123

قوله تعالى:

وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً [66]

2538/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ و سلموا للإمام تسليما أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ رضا له ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أن أهل الخلاف فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً و في هذه الآية ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ من أمر الوالي وَ يُسَلِّمُوا لله الطاعة تَسْلِيماً «1»».

2539/ [2]- و عنه: عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي طالب، عن يونس «2» بن بكار، عن أبيه، عن جابر «3»، عن أبي جعفر (عليه السلام): «وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ في علي لَكانَ خَيْراً لَهُمْ».

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 1: 256/ 186.

19- تفسير العيّاشي 1: 256/ 187.

1- الكافي 8: 184/ 210.

2- الكافي 1: 345/ 28.

(1) النّساء 4: 65.

(2) في «س»، «ط»: يوسف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 20: 189.

(3) (عن جابر) ليس في «س»، «ط»، و

الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 3: 334 و 20: 189.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 124

2540/ [3]- و عنه: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم، عن بكار، عن جابر، عن أبي جعفر «1» (عليه السلام)، قال: «هكذا نزلت هذه الآية: و لو أنهم فعلوا ما يوعظون به في علي لكان خيرا لهم».

2541/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ للإمام تسليما أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ رضا له ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أن أهل الخلاف فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ يعني في علي (عليه السلام)».

سورة النساء(4): آية 69 ..... ص : 124

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً [69]

2542/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أعينونا بالورع فإنه من لقي الله عز و جل منكم بالورع كان له عند الله فرجا، و إن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فمنا النبي، و منا الصديق، و منا الشهداء، و منا الصالحون».

2543/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث له مع أبي بصير- قال له (عليه السلام): «يا أبا محمد،

لقد ذكركم الله في كتابه، فقال:

فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فرسول الله (صلى الله عليه و آله) في الآية النبيون، و نحن في هذا الموضع الصديقون و الشهداء، و أنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله عز و جل».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 351/ 60.

4- تفسير العيّاشي 1: 256/ 188.

1- الكافي 2: 63/ 12.

2- الكافي 8: 35/ 6.

(1) في «س»، «ط»: عن أبي عبد اللّه، و لعلّ الصواب ما أثبتناه من المصدر، بقرينة الحديث السابق، و إن كان جابر يروي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السّلام) كما في معجم رجال الحديث 4: 27، و نقل في الكافي 1: 424/ 60 نفس الحديث عن أبي جعفر (عليه السّلام) و ذكره عنه في معجم رجال الحديث 3: 334 في ترجمة بكّار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 125

و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، ذكرناه بطوله في كتاب (الهادي) في تفسير هذه الآية.

2544/ [3]- ابن بابويه، قال: أخبرنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا أبو سليمان أحمد بن أبي هراسة، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا حريز، عن الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، عن قيس بن أبي حازم، عن أم سلمة، قالت: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قول الله سبحانه: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً.

قال: «الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ أنا وَ الصِّدِّيقِينَ علي بن أبي طالب وَ الشُّهَداءِ الحسن و الحسين وَ الصَّالِحِينΠ«1» حمزة

وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً الأئمة الاثنا عشر بعدي».

2545/ [4]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد «2» بن الحسن العلوي الحسيني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن «3»، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه عبد الله بن الحسن، عن أبيه و خاله علي بن الحسين، عن الحسن و الحسين ابني علي بن أبي طالب، عن أبيهما علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «جاء رجل من الأنصار إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، ما أستطيع فراقك، و إني لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي و أقبل حتى أنظر إليك حبا لك، فذكرت إذا كان يوم القيامة و ادخلت الجنة فرفعت في أعلى عليين فكيف لي بك يا نبي الله؟

فنزلت: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. فدعا النبي (صلى الله عليه و آله) الرجل فقرأها عليه و بشره بذلك».

2546/ [5]- عنه: في كتاب (مصباح الأنوار): عن أنس بن مالك، قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بعض الأيام صلاة الفجر، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تفسر لنا قول الله عز و جل: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فقال (صلى الله عليه و آله): «أما النبيون فأنا، و أما الصديقون فأخي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أما الشهداء

فعمي حمزة، و أما الصالحون فابنتي فاطمة و أولادها الحسن و الحسين».

قال: و كان العباس حاضرا فوثب و جلس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال: ألسنا أنا و أنت و علي و فاطمة و الحسن و الحسين من نبعة واحدة؟ قال: «و كيف ذلك يا عم»؟ قال العباس: لأنك تعرف بعلي و فاطمة

__________________________________________________

3- كفاية الأثر: 182. [.....]

4- أمالي الطوسي 2: 233.

5- مصباح الأنوار: 69 «مخطوط».

(1) (الصالحين) ليس في المصدر.

(2) في المصدر زيادة: بن جعفر.

(3) في المصدر: موسى بن عبد اللّه بن الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 126

و الحسن و الحسين دوننا، فتبسم النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال: «أما قولك يا عم: ألسنا من نبعة واحدة، فصدقت، و لكن يا عم إن الله تعالى خلقني و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين قبل أن يخلق الله تعالى آدم، حيث لا سماء مبنية، و لا أرض مدحية، و لا ظلمة و لا نور، و لا جنة و لا نار، و لا شمس و لا قمر».

قال العباس: و كيف كان بدء خلقكم، يا رسول الله؟ قال: «يا عم، لما أراد الله تعالى أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا، ثم تكلم بكلمة فخلق منها روحا، فمزج النور بالروح، فخلقني و أخي عليا و فاطمة و الحسن و الحسين، فكنا نسبحه حين لا تسبيح، و نقدسه حين لا تقديس، فلما أراد الله تعالى أن ينشئ الصنعة فتق نوري، فخلق منه نور العرش «1»، فنور العرش «2» من نوري، و نوري من نور الله، و نوري أفضل «3» من نور العرش.

ثم فتق نور أخي علي بن أبي طالب، فخلق منه

نور الملائكة «4»، فنور الملائكة «5» من نور علي، و نور «6» علي من نور الله، و علي أفضل من الملائكة، ثم فتق نور ابنتي فاطمة، فخلق منه نور السماوات «7» و الأرض، فالسماوات و الأرض من نور ابنتي فاطمة، و نور ابنتي فاطمة من نور الله عز و جل، و ابنتي فاطمة أفضل من السماوات و الأرض، ثم فتق نور ولدي الحسن، و خلق منه نور الشمس «8» و القمر، فنور الشمس «9» و القمر من نور الحسن، و نور ولدي الحسن من نور الله، و الحسن أفضل من الشمس و القمر، ثم فتق نور ولدي الحسين، فخلق منه الجنة و الحور العين، فنور الجنة «10» و الحور من نور ولدي الحسين، و نور ولدي الحسين من نور الله، و ولدي الحسين أفضل من الجنة و الحور العين.

ثم أمر الله الظلمات أن تمر بسحائب الظلم، فأظلمت السماوات على الملائكة، فضجت الملائكة بالتسبيح و التقديس، و قالت: إلهنا و سيدنا منذ خلقتنا و عرفتنا هذه الأشباح لم نر بؤسا، فبحق هذه الأشباح إلا ما كشفت عنا هذه الظلمة، فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلقها في بطنان العرش، فأزهرت السماوات و الأرض، ثم أشرقت بنورها، فلأجل ذلك سميت الزهراء، فقالت الملائكة: إلهنا و سيدنا، لمن هذا النور الزاهر الذي قد أشرقت به «11» السماوات و الأرض؟ فأوحى الله إليها: هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة بنت حبيبي و زوجة

__________________________________________________

(1) في «ط»: منه العرش.

(2) في «ط»: فالعرش.

(3) في المصدر: خير.

(4) في «ط»: فخلق منه الملائكة.

(5) في «ط»: فالملائكة.

(6) في المصدر زيادة: أخي.

(7) في «ط»: فخلق منها السماوات.

(8) في «ط»: منه الشمس.

(9) في «ط»:

فالشمس. [.....]

(10) في «ط»: فالجنّة.

(11) في المصدر: قد أزهرت منه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 127

وليي و أخي نبيي و أبي حججي على عبادي «1»، أشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم و تقديسكم لهذه المرأة و شيعتها و محبيها إلى يوم القيامة».

فلما سمع العباس من رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك وثب قائما و قبل ما بين عيني علي (عليه السلام)، و قال: و الله أنت- يا علي- الحجة البالغة لمن آمن بالله تعالى و اليوم الآخر.

2547/ [6]- العياشي: عن عبد الله بن جندب، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «حق على الله أن يجعل ولينا رفيقا للنبيين، و الصديقين، و الشهداء، و الصالحين، و حسن أولئك رفيقا».

2548/ [7]- عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد، لقد ذكركم الله في كتابه، فقال: «وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ الآية، فرسول الله (صلى الله عليه و آله) في هذا الموضع النبي، و نحن الصديقون و الشهداء، و أنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله».

2549/ [8]- ابن شهر آشوب: عن مالك بن أنس، عن سمي «2»، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى:

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ يعني محمدا وَ الصِّدِّيقِينَ يعني عليا (عليه السلام)، و كان أول من صدقه وَ الشُّهَداءِ يعني عليا و جعفرا و حمزة و الحسن و الحسين (عليهم السلام).

2550/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: النَّبِيِّينَ رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ الصِّدِّيقِينَ علي (عليه السلام) وَ

الشُّهَداءِ الحسن و الحسين (عليهما السلام) وَ الصَّالِحِينَ الأئمة (عليهم السلام) وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً القائم من آل محمد (عليه الصلاة و السلام).

سورة النساء(4): الآيات 71 الي 73 ..... ص : 127

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ- إلى قوله تعالى- فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً [71- 73]

2551/ [1]- أبو علي الطبرسي: سمى الأسلحة حذرا لأنها الآلة التي بها يتقى الحذر، قال: و هو المروي عن

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 256/ 189.

7- تفسير العيّاشي 1: 256/ 190.

8- المناقب 3: 89.

9- تفسير القمّي 1: 142.

1- مجمع البيان 3: 112.

(1) في المصدر زيادة: في بلادي.

(2) في «س»: مالك بن أنس، عمّن سمى، و في «ط»: أنس بن مالك، عمّن سمي، و الصواب ما أثبتناه من المصدر، و هو سميّ القرشي المخزومي، روى عن ذكوان أبي صالح السمّان، و روى عنه مالك بن أنس، كما أثبت ذلك و ضبطه المزّي في تهذيب الكمال 12: 141.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 128

أبي جعفر (عليه السلام).

2552/ [2]- قال: و روي عن أبي جعفر (عليه السلام): أن المراد بالثبات: السرايا، و بالجميع: العسكر.

2553/ [3]- العياشي: عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فسماهم مؤمنين و ليس هم بمؤمنين، و لا كرامة، قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً إلى قوله: فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً و لو أن أهل السماء و الأرض قالوا: قد أنعم الله علي إذ لم أكن مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لكانوا بذلك مشركين، و إذا أصابهم فضل من الله قال: يا ليتني كنت معهم فأقاتل في سبيل الله».

2554/ [4]- أبو علي الطبرسي، و قال

الصادق (عليه السلام): «لو أن أهل السماء و الأرض قالوا: قد أنعم الله علينا إذ لم نكن مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لكانوا بذلك مشركين».

2555/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «و الله لو قال هذه الكلمة أهل المشرق و المغرب «1» لكانوا بها خارجين من الإيمان، و لكن الله قد سماهم مؤمنين بإقرارهم».

سورة النساء(4): الآيات 75 الي 76 ..... ص : 128

قوله تعالى:

وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها- إلى قوله تعالى- فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ [75- 76]

2556/ [1]- العياشي: عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليه)، قال: «كانت خديجة ماتت قبل الهجرة بسنة، و مات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة «2»، فلما فقدهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئم المقام بمكة، و دخله حزن شديد، و أشفق على نفسه من كفار قريش، فشكا إلى جبرئيل ذلك، فأوحى الله إليه: يا محمد، أخرج من القرية الظالم أهلها و هاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكة ناصر، و انصب للمشركين حربا. فعند ذلك

__________________________________________________

2- مجمع البيان 3: 112.

3- تفسير العيّاشي 1: 257/ 191.

4- مجمع البيان 3: 114.

5- تفسير القمّي 1: 143.

1- تفسير العيّاشي 1: 257/ 192. [.....]

(1) في المصدر: أهل الشرق و الغرب.

(2) كذا، و المتّفق عليه في التواريخ أنّهما توفّيا في سنة واحدة، و قال بعضهم: أنّها توفّيت قبله بثلاثة أيّام. انظر الإستيعاب بهامش الإصابة 4: 289، أسد الغابة 5: 439، الإصابة 4: 283.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 129

توجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة».

2557/ [2]- عن حمران،

عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها إلى نَصِيراً، قال: «نحن أولئك».

2558/ [3]- عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المستضعفين، قال: «هم أهل الولاية».

قلت: أي ولاية تعني؟ قال: «ليست ولاية، و لكنها في المناكحة، و المواريث، و المخالطة، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا الكفار، و منهم المرجون لأمر الله، فأما قوله: وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا إلى نَصِيراً فأولئك نحن».

2559/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ بمكة معذبين فقاتلوا حتى تخلصوهم «1» و هم يقولون: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً الَّذِينَ آمَنُوا يعني المؤمنين من أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ و هم مشركو قريش يقاتلون على الأصنام.

سورة النساء(4): الآيات 77 الي 79 ..... ص : 129

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [77- 78]

2560/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ، قال: «يعني كفوا ألسنتكم».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 257/ 193.

3- تفسير العيّاشي 1: 257/ 194.

4- تفسير القمّي 1: 143.

1- الكافي 2: 93/ 8.

(1) في المصدر: يتخلّصوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 130

2561/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح بن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و الله، للذي صنعه الحسن بن علي (عليهما السلام) كان خيرا لهذه الامة مما طلعت عليه الشمس، فو الله لقد نزلت هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إنما هي طاعة الإمام، و طلبوا القتال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين (عليه السلام) قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ، نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ «1» أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام)».

2562/ [3]- و عنه: بإسناده، عن علي بن الحسن، عن منصور، عن حريز بن عبد الله «2»، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يا فضيل، أما ترضون أن تقيموا الصلاة و تؤتوا الزكاة و تكفوا ألسنتكم و تدخلوا الجنة- ثم قرأ- أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ أنتم و الله أهل هذه الآية».

2563/ [4]- العياشي: عن إدريس مولى لعبد الله بن جعفر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في تفسير هذه الآية:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ: «مع الحسن وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ

عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ إلى خروج القائم (عليه السلام)، فإن معه النصر و الظفر، قال الله: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى الآية».

2564/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و الله للذي صنعه الحسن بن علي (عليهما السلام) كان خيرا لهذه الامة مما طلعت عليه الشمس، و الله لفيه نزلت هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إنما هي طاعة الإمام، فطلبوا القتال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ و قوله: رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ «3» أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام)».

2565/ [6]- الحلبي، عنه (عليه السلام)، كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ قال: «يعني ألسنتكم».

2566/ [7]- و في رواية الحسن بن زياد العطار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ،

__________________________________________________

2- الكافي 8: 330/ 506.

3- الكافي 8: 289/ 434.

4- تفسير العياشي 1: 257/ 195.

5- تفسير العياشي 1: 258/ 196.

6- تفسير العياشي 1: 258/ 197.

7- تفسير العياشي 1: 258/ 198.

(1) إبراهيم 14: 44. [.....]

(2) في «س»، «ط»: حريز، عن عبيد الله، و الصواب ما في المتن، لروايته عن الفضيل، و روآية منصور عنه، راجع جامع الرواة 1: 185، معجم رجال الحديث 4: 216.

(3) إبراهيم 14: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 131

قال: «نزلت في الحسن بن علي، أمره الله تعالى بالكف». فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ، قال: «نزلت في الحسين بن علي، كتب الله عليه و على أهل الأرض أن يقاتلوا معه».

2567/ [8]- علي

بن أسباط، يرفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لو قاتل معه أهل الأرض لقتلوا كلهم».

2568/ [9]- و قال علي بن إبراهيم: إنها نزلت بمكة قبل الهجرة، فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة و كتب عليهم القتال نسخ هذا، فجزع «1» أصحابه من هذا، فأنزل الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ بمكة كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ لأنهم سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمكة أن يأذن لهم في محاربتهم، فأنزل الله: كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ فلما كتب عليهم القتال بالمدينة قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ، فقال الله: قُلْ يا محمد مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَ لا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا الفتيل:

القشر الذي في النواة.

ثم قال: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ يعني الظلمات الثلاث التي ذكرها الله، و هي: المشيمة، و الرحم، و البطن.

قوله تعالى:

وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً [78- 79]

2569/ [1]- العياشي: عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «قال الله تبارك و تعالى: يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء و تقول، و بقوتي أديت إلي فريضتي، و بنعمتي قويت على معصيتي، ما أصابك من حسنة فمن الله، و ما أصابك من سيئة فمن نفسك، و ذاك أني أولى بحسناتك منك، و أنت أولى بسيئاتك مني، و ذاك أني لا اسأل عما أفعل، و هم يسألون».

2570/ [2]- و في رواية الحسن بن علي الوشاء،

عن الرضا (عليه السلام): «و أنت أولى بسيئاتك مني، عملت

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 258/ 199.

9- تفسير القمّي 1: 143.

1- تفسير العيّاشي 1: 258/ 200.

2- تفسير العيّاشي 1: 259/ 201.

(1) في «ط»: ففزع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 132

المعاصي بقوتي التي جعلت فيك».

2571/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعني الحسنات و السيئات. ثم قال: في آخر الآية ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ «1» فكيف هذا و ما معنى القولين؟

فالجواب في ذلك: أن معنى القولين جميعا عن الصادقين (عليهم السلام) أنهم قالوا: «الحسنات في كتاب الله على وجهين، و السيئات على وجهين. فمن الحسنات التي ذكرها الله الصحة، و السلامة، و الأمن، و السعة في الرزق، و قد سماها الله حسنات، وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يعني بالسيئة ها هنا المرض، و الخوف، و الجوع، و الشدة يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَ مَنْ مَعَهُ «2» أي يتشأموا به. و الوجه الثاني من الحسنات يعني به أفعال العباد، و هو قوله:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «3» و مثله كثير.

و كذلك السيئات على وجهين، فمن السيئات: الخوف، و الجوع، و الشدة، و هو ما ذكرناه في قوله: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَ مَنْ مَعَهُ «4» و عقوبات الذنوب فقد سماها الله سيئات، و الوجه الثاني من السيئات يعني بها أفعال العباد التي يعاقبون عليها، و هو قوله: وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ «5» و قوله:

ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ

مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ يعني ما عملت من ذنوب فعوقبت عليها في الدنيا و الآخرة فمن نفسك بأعمالك «6»، لأن السارق يقطع، و الزاني يجلد و يرجم، و القاتل يقتل، و قد سمى الله تعالى العلل، و الخوف، و الشدة، و عقوبات الذنوب كلها سيئات، فقال: وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ بأعمالك، و قوله: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعني الصحة، و العافية، و السعة. و السيئات التي هي عقوبات الذنوب من عند الله.

و قد مضى حديث في معنى الآية عن الإمام العسكري (عليه السلام)، في تفسير قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ الآية «7».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 144.

(1) في المصدر زيادة: و قد اشتبه هذا على عدّة من العلماء، فقالوا: يقول اللّه: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الحسنة و السيئة، ثمّ قال في آخر الآية ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ (2) الأعراف 7: 131.

(3) الأنعام 6: 160.

(4) الأعراف 7: 131.

(5) النمل 27: 90.

(6) في المصدر: بأفعالك. [.....]

(7) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (19) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 133

سورة النساء(4): الآيات 80 الي 81 ..... ص : 133

قوله تعالى:

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً- إلى قوله تعالى- وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا [80- 81]

2572/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و عبد الله بن الصلت، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ذروة

«1» الأمر و سنامه و مفاتحه، و باب الأشياء، و رضا الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته، إن الله عز و جل يقول: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً، أما لو أن رجلا قام ليله، و صام نهاره، و تصدق بجميع ماله، و حج جميع دهره، و لم يعرف «2» ولي الله فيواليه، و تكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله عز و جل حق في ثوابه، و لا كان من أهل الإيمان- ثم قال- أولئك المحسن منهم، يدخله الله الجنة بفضل رحمته».

2573/ [2]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ذروة الأمر و سنامه و مفتاحه، و باب الأنبياء، و رضا الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته- ثم قال- إن الله يقول: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ إلى حَفِيظاً أما لو أن رجلا قام ليله، و صام نهاره، و تصدق بجميع ماله، و حج جميع دهره، و لم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، و تكون جميع أعماله بولايته «3» منه إليه، ما كان له على الله حق في ثواب، و لا كان من أهل الإيمان- ثم قال- أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضله و رحمته».

2574/ [3]- عن أبي إسحاق النحوي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله أدب نبيه (صلى الله عليه و آله) على محبته، فقال: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «4»، قال: ثم فوض إليه الأمر فقال: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «5»، و قال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) فوض إلى

علي (عليه السلام) و أئتمنه فسلمتم و جحد الناس، فو الله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، و أن تصمتوا إذا صمتنا، و نحن فيما

__________________________________________________

1- الكافي 2: 16/ 5.

2- تفسير العيّاشي 1: 259/ 202.

3- تفسير العيّاشي 1: 259/ 203.

(1) ذروة كلّ شي ء: أعلاه. «النهاية 2: 159».

(2) في المصدر زيادة: ولاية.

(3) في المصدر: بدلالة.

(4) القلم 68: 4.

(5) الحشر 59: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 134

بينكم و بين الله، و الله ما جعل لأحد من خير في خلاف أمرنا «1»».

2575/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى يحكي قول المنافقين، فقال: وَ يَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَ اللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ أي يبدلون.

2576/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول في قول الله تبارك و تعالى: إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ «2»، قال: «يعني فلانا و فلانا و أبا عبيدة بن الجراح فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا «3»».

سورة النساء(4): آية 83 ..... ص : 134

قوله تعالى:

وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ [83]

2577/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل عير أقواما بالإذاعة «4» في قوله عز و جل: وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ فإياكم و الإذاعة».

2578/ [2]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي

بن إسماعيل بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عثمان بن عيسى الكلابي، عن محمد بن عجلان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى عير قوما بالإذاعة، فقال: وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ فإياكم و الإذاعة».

2579/ [3]- العياشي: عن محمد بن عجلان، قال: سمعته يقول: «إن الله عير أقواما «5» بالإذاعة [فقال : وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ فإياكم و الإذاعة».

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 11: 145.

5- الكافي 8: 334/ 525.

1- الكافي 2: 274/ 1.

2- مختصر بصائر الدرجات: 103.

3- تفسير العيّاشي 1: 259/ 204. [.....]

(1) في «ط»: أمره.

(2) النّساء 4: 108.

(3) الآية ليست في المصدر.

(4) أذعت الأمر أو السرّ إذاعة: إذا أفشيته و أظهرته، و قيل: الإذاعة: إشاعة الفاحشة.

(5) في المصدر: قوما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 135

2580/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله عير أقواما «1» بالإذاعة فقال: وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ فإياكم و الإذاعة».

قوله تعالى:

وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [83] 2581/ [2]- قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ يعني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

2582/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن «2» و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، و محمد بن يحيى، و محمد بن الحسين، جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد

الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «3»، و قال عز و جل: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ، فرد الأمر، أمر الناس، إلى اولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم و بالرد إليهم».

2583/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، قال: «هم الأئمة».

2584/ [5]- عن عبد الله بن جندب، قال: كتب إلي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) «ذكرت- رحمك الله- هؤلاء القوم الذين وصفت أنهم كانوا بالأمس لكم إخوانا، و الذي صاروا إليه من الخلاف لكم، و العداوة لكم و البراءة منكم، و الذي «4» تأفكوا به من حياة أبي (صلوات الله عليه و رحمته)».

__________________________________________________

1- المحاسن: 256/ 293.

2- تفسير القمّي 1: 145.

3- الكافي 1: 234/ 3.

4- تفسير العيّاشي 1: 260/ 205.

5- تفسير العيّاشي 1: 260/ 206.

(1) في المصدر: قوما.

(2) في المصدر: الحسين، و الظاهر صواب ما في البرهان، انظر معجم رجال الحديث 18: 63.

(3) النّساء 4: 59.

(4) في المصدر: و الذين. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 136

و ذكر في آخر الكتاب: «أن هؤلاء القوم سنح لهم شيطان اغترهم بالشبهة، و لبس عليهم أمر دينهم، و ذلك لما ظهرت فريتهم، و اتفقت كلمتهم، و كذبوا «1» على عالمهم، و أرادوا الهدى من تلقاء أنفسهم، فقالوا: لم و من و كيف؟ فأتاهم الهلاك من مأمن احتياطهم، و ذلك بما كسبت أيديهم، وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «2» و

لم يكن ذلك لهم و لا عليهم، بل كان الفرض عليهم و الواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحير، و رد ما جهلوه من ذلك إلى عالمه و مستنبطه، لأن الله يقول في محكم كتابه: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ يعني آل محمد، و هم الذين يستنبطون من القرآن، و يعرفون الحلال و الحرام، و هم الحجة لله على خلقه».

2585/ [5]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إنما مثل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) و مثلنا من بعده في هذه الامة كمثل موسى النبي و العالم (عليهما السلام) حيث لقيه و استنطقه و سأله الصحبة، فكان من أمرهما ما اقتصه الله لنبيه (صلى الله عليه و آله) في كتابه، و ذلك أن الله قال لموسى (عليه السلام):

إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ «3»، ثم قال: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ «4»، و قد كان عند العالم علم لم يكتبه لموسى (عليه السلام) في الألواح، و كان موسى (عليه السلام) يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في نبوته، و جميع العلم قد كتب له في الألواح، كما يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم علماء و فقهاء، و أنهم قد أتقنوا «5» جميع الفقه و العلم في الدين مما تحتاج هذه الامة إليه، و صح لهم ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علموه و حفظوه، و ليس كل علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) علموه، و لا

صار إليهم عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لا عرفوه، و ذلك أن الشي ء من الحلال و الحرام و الأحكام قد يرد عليهم فيسألون عنه، فلا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، و يكرهون أن يسألوا فلا يجيبون، فطلب الناس العلم من غير معدنه «6»، فلذلك استعملوا الرأي و القياس في دين الله، و تركوا «7» الآثار، و دانوا الله بالبدع، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل بدعة ضلالة.

فلو أنهم إذا سئلوا عن شي ء من دين الله فلم يكن عندهم فيه أثر عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ردوه إلى الله

__________________________________________________

5- الاختصاص: 258.

(1) في «ط» و المصدر نسخة بدل: و نقموا.

(2) فصلت 41: 46.

(3) الأعراف 7: 144.

(4) الأعراف 7: 145.

(5) في المصدر: أوتوا.

(6) في المصدر: من معدنه.

(7) في «ط»: و كرهوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 137

و إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم «1» لعلمه الذين يستنبطون العلم «2» من آل محمد (عليهم السلام)، و الذي يمنعهم من طلب العلم منا العداوة لنا و الحسد، و لا و الله ما حسد موسى العالم (عليهما السلام)، و موسى (عليه السلام) نبي يوحى إليه، حيث لقيه و استنطقه و عرفه بالعلم، بل أقر له بعلمه، و لم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) علمنا و ما ورثنا عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم و سأله الصحبة ليتعلم منه العلم و يرشده، فلما أن سأل

العالم ذلك، علم العالم أن موسى (عليه السلام) لا يستطيع صحبته، و لا يحتمل علمه، و لا يصبر معه، فعند ذلك قال له العالم: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً «3» [فقال له موسى (عليه السلام): و لم لا أصبر] فقال له العالم: وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً «4» فقال له موسى (عليه السلام) و هو خاضع له يستعطفه «5» على نفسه كي يقبله: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً «6» و قد كان العالم يعلم أن موسى لا يصبر على علمه.

و كذلك و الله- يا إسحاق- حال قضاة هؤلاء و فقهاؤهم و جماعتهم اليوم، لا يحتملون و الله علمنا، و لا يقبلونه، و لا يطيقونه، و لا يأخذون به، و لا يصبرون عليه كما لم يصبر موسى (صلى الله عليه) على علم العالم حين صحبه و رأى ما رأى من علمه، و كان ذلك عند موسى مكروها، و كان عند الله رضا و هو الحق، و كذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ به، و هو عند الله الحق».

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا [83]

2586/ [1]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ. قال: «فضل الله: رسوله، و رحمته: ولاية الأئمة (عليهم السلام)».

2587/ [2]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ، قال: «الفضل: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رحمته: أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي

1: 260/ 207.

2- تفسير العيّاشي 1: 261/ 208.

(1) في «ط»: أولي العلم.

(2) في المصدر: يستنبطونه منهم.

(3) الكهف 18: 67.

(4) الكهف 18: 68. [.....]

(5) في «ط»: بتعظيمه.

(6) الكهف 18: 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 138

2588/ [3]- عن محمد بن الفضيل، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: «الرحمة: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الفضل: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

2589/ [4]- عن ابن مسكان، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنك لتسأل عن كلام القدر، و ما هو من ديني و لا دين آبائي، و لا وجدت أحدا من أهل بيتي يقول به».

سورة النساء(4): آية 84 ..... ص : 138

قوله تعالى:

فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ- إلى قوله تعالى- وَ أَشَدُّ تَنْكِيلًا [84]

2590/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن علي بن حديد، عن مرازم، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله كلف رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما لم يكلف به أحدا من خلقه، كلفه أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه، و إن لم يجد فئة تقاتل معه، و لم يكلف هذا أحدا من خلقه قبله و لا بعده، ثم تلا هذه الآية: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ- ثم قال- و جعل الله له أن يأخذ ما أخذ لنفسه، فقال عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «1» و جعل الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعشر حسنات».

2591/ [2]- العياشي، عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الناس

لعلي (عليه السلام): إن كان له حق فما منعه أن يقوم به؟

قال: فقال: «إن الله لا يكلف هذا إلا إنسانا واحدا: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ فليس هذا إلا للرسول، و قال لغيره: إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ «2» فلم يكن يومئذ فئة يعينونه على أمره».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 261/ 209.

4- تفسير العيّاشي 1: 261/ 210.

1- الكافي 8: 274/ 414.

2- تفسير العيّاشي 1: 261/ 211.

(1) الأنعام 6: 160.

(2) الأنفال 8: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 139

2592/ [3]- عن زيد الشحام، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «ما سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) شيئا قط فقال: لا، إن كان عنده أعطاه، و إن لم يكن عنده قال: يكون إن شاء الله، و لا كافأ بالسيئة قط، و ما لقي سرية مذ نزلت عليه فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ إلا ولي بنفسه».

2593/ [4]- أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ- قال- كان أشجع الناس من لاذ برسول الله (صلى الله عليه و آله)» «1».

2594/ [5]- عن الثمالي، عن عيص، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) كلف- ما لم يكلف به أحد- أن يقاتل في سبيل الله وحده، و قال: حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ «2»- و قال- إنما كلفتم اليسير من الأمر، أن تذكروا الله».

2595/ [6]- عن إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن لكل

كلبا يبغي الشر فاجتنبوه، يكفكم الله «3» بغيركم، إن الله يقول: وَ اللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَ أَشَدُّ تَنْكِيلًا لا تعلموا بالشر»

سورة النساء(4): آية 85 ..... ص : 139

قوله تعالى:

مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَ مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها [85] 2596/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: يكون كفيل ذلك الظلم الذي يظلم صاحب الشفاعة.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 261/ 212.

4- تفسير العيّاشي 1: 261/ 213.

5- تفسير العيّاشي 1: 262/ 214.

6- تفسير العيّاشي 1: 262/ 215.

1- تفسير القمّي 1: 145.

(1) قال المجلسي في البحار 16: 340 أي كان (عليه السّلام) بحيث يكون أشجع الناس من لحق به و لجأ إليه، لأنّه كان أقرب الناس و أجرأهم عليهم، كما روي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه كان يقول: كنا إذا احمرّ البأس اتّقينا برسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، فما يكون أحد أقرب إلى العدوّ منه. [.....]

(2) الأنفال 8: 65.

(3) زاد في المصدر: قوم فاجتنبوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 140

قوله تعالى:

وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ مُقِيتاً [85] 2597/ [1]- علي بن إبراهيم: أي مقتدرا.

سورة النساء(4): آية 86 ..... ص : 140

قوله تعالى:

وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ حَسِيباً [86] 2598/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: السلام و غيره من البر.

2599/ [3]- الطبرسي، قال: ذكر علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقين (عليهما السلام): «أن المراد بالتحية في الآية السلام و غيره من البر».

2600/ [4]- ابن بابويه: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حدثني أبي «1»، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إذا عطس أحدكم فسمتوه «2»، قولوا: رحمكم «3» الله، و هو يقول: يغفر الله لكم و يرحمكم «4»، قال الله تبارك و تعالى: وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها».

2601/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي

بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «5»، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): السلام تطوع، و الرد فريضة».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 145.

2- تفسير القمّي 1: 145.

3- مجمع البيان 3: 131.

4- الخصال: 633.

5- الكافي 2: 471/ 1.

(1) في المصدر زيادة: عن جدّي.

(2) التّسميت: الدعاء. «النهاية 2: 397».

(3) في المصدر: يرحمك.

(4) زاد في «ط»: اللّه.

(5) (عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،) ليس في «س»، «ط»، و الصواب ما أثبتناه من المصدر، راجع رجال الطوسيّ: 147/ 92، جامع الرواة 1: 103.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 141

2602/ [5]- و عنه: بهذا الإسناد، قال: «من بدأ بالكلام فلا تجيبوه».

و قال: «ابدأوا بالسلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه».

2603/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل قال: إن البخيل من يبخل بالسلام».

2604/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه، و لا يقول: سلمت فلم يردوا علي، و لعله يكون قد سلم و لم يسمعهم، فإذا رد أحدكم فليجهر برده، و لا يقول المسلم: سلمت فلم يردوا علي».

ثم قال: «كان علي (عليه السلام) يقول: لا تغضبوا و لا تغضبوا، أفشوا السلام، و أطيبوا الكلام، و صلوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» ثم تلا (عليه السلام) عليهم قول الله عز و جل: السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ «2».

2605/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «مر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بقوم فسلم عليهم فقالوا: عليك السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته و رضوانه. فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم (عليه السلام) [إنما] قالوا: رحمة و بركاته عليكم أهل البيت».

2606/ [9]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن الحسن بن المنذر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من قال: السلام عليكم فهي عشر حسنات، و من قال:

السلام عليكم و رحمة الله فهي عشرون حسنة، و من قال: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته فهي ثلاثون حسنة».

2607/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ثلاثة ترد عليهم رد الجماعة و إن كان واحدا: عند العطاس، يقال: يرحمكم الله، و إن لم يكن معه غيره، و الرجل يسلم على الرجل فيقول: السلام عليكم، و الرجل يدعو للرجل فيقول: عافاكم الله، و إن كان واحدا فإن معه غيره».

__________________________________________________

5- الكافي 2: 471/ 2.

6- الكافي 2: 471/ 6. [.....]

7- الكافي 2: 471/ 7.

8- الكافي 2: 472/ 13.

9- الكافي 2: 471/ 9.

10- الكافي 2: 472/ 10.

(1) في «س»: جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن روح، و في «ط»: أحمد بن محمّد، عن ابن درّاج، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 23: 16.

(2)

الحشر 59: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 142

2608/ [11]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد «1»، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يسلم الصغير على الكبير، و المار على القاعد، و القليل على الكثير».

2609/ [12]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القليل يبدأون الكثير بالسلام، و الراكب يبدأ الماشي، و أصحاب البغال يبدأون أصحاب الحمير، و أصحاب الخيل يبدأون أصحاب البغال».

2610/ [13]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «يسلم الراكب على الماشي، و الماشي على القاعد، و إذا لقيت [جماعة] جماعة سلم الأقل على الأكثر، و إذا لقي واحد جماعة سلم الواحد على الجماعة».

2611/ [14]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان قوم في مجلس ثم سبق قوم فدخلوا، فعلى الداخل أخيرا- إذا دخل- أن يسلم عليهم».

2612/ [15]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا مرت الجماعة بقوم أجزأهم أن يسلم واحد منهم، و إذا سلم على القوم و هم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم».

2613/ [16]- و عنه: عن محمد بن

يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: إذا سلم الرجل من الجماعة «2» أجزأ عنهم.

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، مثله «3».

2614/ [17]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن من تمام التحية للمقيم المصافحة، و تمام التسليم على المسافر المعانقة».

__________________________________________________

11- الكافي 2: 472/ 1.

12- الكافي 2: 472/ 2.

13- الكافي 2: 473/ 3.

14- الكافي 2: 473/ 5.

15- الكافي 2: 473/ 1.

16- الكافي 2: 473/ 2.

17- الكافي 2: 472/ 14.

(1) (النضر بن سويد) ليس في «س»، «ط» و الصواب إثباته كما في المصدر، راجع الفهرست: 171/ 750، معجم رجال الحديث 19: 151. [.....]

(2) في «ط»: سلم من القوم واحد.

(3) الكافي 2: 473/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 143

2615/ [18]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

«قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يكره للرجل أن يقول: حياك الله، ثم يسكت حتى يتبعها بالسلام».

2616/ [19]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يسلم عليه و هو في الصلاة.

قال: «يرد: سلام عليكم، و لا يقول: و عليكم السلام، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان قائما يصلي، فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه عمار، فرد عليه النبي (صلى الله عليه و آله) هكذا».

2617/ [20]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده

عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الحميد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن علي بن النعمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا سلم عليك الرجل و أنت تصلي- قال- ترد عليه خفيا كما قال».

2618/ [21]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن أحمد بن الحسن «1»، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن السلام على المصلي.

فقال: «إذا سلم عليك رجل من المسلمين و أنت في الصلاة، فرد عليه فيما بينك و بين نفسك، و لا ترفع صوتك».

2619/ [22]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد ابن مسلم، قال: دخلت علي أبي جعفر (عليه السلام) و هو في الصلاة، فقلت: السلام عليك، فقال: «السلام عليك».

قلت: كيف أصبحت؟ فسكت، فلما انصرف قلت له: أ يرد السلام و هو في الصلاة؟ قال: «نعم، مثل ما قيل له».

2620/ [23]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: «كنت أسمع أبي يقول: إذا دخلت المسجد و القوم يصلون فلا تسلم عليهم، و سلم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم أقبل على صلاتك، و إذا دخلت على قوم جلوس يتحدثون فسلم عليهم».

2621/ [24]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «لا تسلموا على اليهود،

__________________________________________________

18- الكافي 2: 472/ 15.

19- الكافي 2: 366/ 1.

20-

التهذيب 2: 332/ 1366.

21- التهذيب 2: 331/ 1365.

22- التهذيب 2: 329/ 1349.

23- قرب الإسناد: 45.

24- الخصال: 484/ 57.

(1) في «س»، «ط»: أحمد بن محمّد، و الصواب ما في المتن، و هو أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضال، و يروي عن عمرو بن سعيد. راجع جامع الرواة 1: 621، مجمع الرجال 7: 267.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 144

و لا على النصارى، و لا على المجوس، و لا على عبدة الأوثان، و لا على موائد شرب الخمر، و لا على صاحب الشطرنج و النرد، و لا على المخنث، و لا على الشاعر الذي يقذف المحصنات، و لا على المصلي، لأن المصلي لا يستطيع أن يرد السلام، لأن التسليم من المسلم تطوع، و الرد عليه فريضة، و لا على آكل الربا، و لا على رجل جالس على غائط، و لا على الذي في الحمام، و لا على الفاسق المعلن بفسقه».

سورة النساء(4): الآيات 88 الي 90 ..... ص : 144

قوله تعالى:

فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا- إلى قوله تعالى- فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا [88- 90]

2622/ [1]- أبو علي الطبرسي: اختلفوا في من نزلت هذه الآية فيه، فقيل: نزلت في قوم قدموا المدينة من مكة فأظهروا للمسلمين الإسلام، ثم رجعوا إلى مكة لأنهم استوخموا المدينة فأظهروا الشرك، ثم سافروا ببضائع المشركين إلى اليمامة فأراد المسلمون أن يغزوهم فاختلفوا، فقال بعضهم: لا نفعل فإنهم مؤمنون، و قال آخرون:

إنهم مشركون، فأنزل الله فيهم الآية، قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2623/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في أشجع و بني ضمرة، و هما قبيلتان

و كان من خبرهما، أنه لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى غزاة الحديبية مر قريبا من بلادهم، و قد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هادن بني ضمرة، و وادعهم «1» قبل ذلك، فقال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله، هذه بنو ضمرة قريبا منا، و نخاف أن يخالفونا إلى المدينة أو يعينوا علينا قريشا فلو بدأنا بهم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «كلا، إنهم أبر العرب بالوالدين، و أوصلهم للرحم، و أوفاهم بالعهد».

و كان أشجع بلادهم قريبا من بلاد بني ضمرة و هم بطن من كنانة، و كانت أشجع بينهم و بين بني ضمرة حلف بالمراعاة و الأمان، فأجدبت بلاد أشجع، و أخصبت بلاد بني ضمرة، فصارت أشجع إلى بلاد بني ضمرة، فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) مسيرهم إلى بني ضمرة تهيأ للمسير إلى أشجع ليغزوهم، للموادعة التي كانت بينه و بين بني ضمرة، فأنزل الله وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ لا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً ثم استثنى

__________________________________________________

1- مجمع البيان 3: 132.

2- تفسير القمّي 1: 145.

(1) في «س»، «ط»: و واعدهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 145

بأشجع فقال: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا.

و كانت أشجع محالها البيضاء و الجبل «1» و

المستباح، و قد كانوا قربوا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فهابوا لقربهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يبعث إليهم من يغزوهم، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئا، فهم بالمسير إليهم، فبينما هو على ذلك إذ جاءت أشجع و رئيسها مسعود بن رجيلة، و هم سبع مائة، فنزلوا شعب سلع «2»، و ذلك في شهر ربيع الأول، سنة ست من الهجرة، فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أسيد بن حصين، و قال له: «اذهب في نفر من أصحابك حتى تنظروا ما أقدم أشجع».

فخرج أسيد و معه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم، فقال: ما أقدمكم؟ فقام إليه مسعود بن رجيلة، و هو رئيس أشجع، فسلم على أسيد و على أصحابه، فقالوا: جئنا لنوادع محمدا. فرجع أسيد إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني و بينهم». ثم بعث إليهم بعشرة أحمال «3» تمر فقدمها أمامه، ثم قال: «نعم الشي ء الهدية أمام الحاجة» ثم أتاهم فقال: «يا معشر أشجع، ما أقدمكم؟» قالوا: قربت دارنا منك، و ليس في قومنا أقل عددا منا، فضقنا بحربك لقرب دارنا منك، و ضقنا بحرب قومنا «4» لقلتنا فيهم، فجئنا لنوادعك «5». فقبل النبي (صلى الله عليه و آله) ذلك منهم و وادعهم، فأقاموا يومهم، ثم رجعوا إلى بلادهم، و فيهم نزلت هذه الآية إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ إلى قوله: فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا.

2624/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي

بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن الفضل أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ، قال (عليه السلام): «نزلت في بني مدلج لأنهم جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا:

إنا قد حصرت صدورنا أن نشهد أنك رسول الله، فلسنا معك «6» و لا مع قومنا عليك».

قال: قلت: كيف صنع بهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «وادعهم إلى أن يفرغ من العرب، ثم يدعوهم، فإن أجابوا و إلا قاتلهم».

__________________________________________________

3- الكافي 8: 327/ 504. [.....]

(1) في «ط»: و الحل.

(2) سلع: جبل بسوق المدينة. «معجم البلدان 3: 236».

(3) في المصدر: أجمال.

(4) في المصدر: قومك.

(5 في «ط»: لنوادعكم.

(6) في «ط»: معكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 146

2625/ [4]- العياشي: عن سيف بن عميرة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أَنْ يُقاتِلُوكُřҠأَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ؟ قال: «كان أبي يقول: نزلت في بني مدلج، اعتزلوا فلم يقاتلوا النبي (صلى الله عليه و آله)، و لم يكونوا مع قومهم».

قلت: فما صنع بهم؟ قال: «لم يقاتلهم النبي (عليه و آله السلام)، حتى فرغ [من عدوه، ثم نبذ إليهم على سواء».

قال: «و حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ هو الضيق».

2626/ [5]- الطبرسي: المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «المراد بقوله تعالى: قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ هو هلال بن عويمر السلمي واثق عن قومه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال في موادعته: على أن لا تخيف «1»- يا محمد- من أتانا، و لا نخيف من أتاك.

فنهى الله سبحانه أن يتعرض لأحد منهم عهد إليهم».

سورة النساء(4): آية 91 ..... ص : 146

قوله تعالى:

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَ يَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها [91]

2627/ [1]- علي بن إبراهيم: [نزلت في عيينة بن حصين الفزاري، أجدبت بلادهم فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و وادعه على أن يقيم ببطن نخل، و لا يتعرض له، و كان منافقا ملعونا، و هو الذي سماه رسول الله (صلى الله عليه و آله): الأحمق المطاع في قومه.

و روى الطبرسي مثله، و قال: و هو المروي عن الصادق «2» (عليه السلام) «3».

سورة النساء(4): الآيات 92 الي 93 ..... ص : 146

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً- إلى قوله تعالى- وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً [92- 93]

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 262/ 216.

5- مجمع البيان 3: 135.

1- تفسير القمّي 1: 147.

(1) في المصدر: أن لا تحيف. و الحيف: الميل في الحكم، و الجور، و الظلم. «لسان العرب- حوف- 9: 60».

(2) في «ط»: الصادقين.

(3) مجمع البيان 3: 136.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 147

2628/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً: أي لا عمدا و لا خطأ، (و إلا) في معنى لا، و ليست باستثناء.

2629/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، و ابن أبي عمير، جميعا، عن معمر بن يحيى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يظاهر من امرأته، يجوز عتق المولود في الكفارة؟

فقال: «كل العتق يجوز فيه المولود إلا في كفارة القتل، فإن الله عز و جل يقول: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ يعني بذلك مقرة قد بلغت الحنث».

2630/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن أحمد بن

يحيى، عن أحمد بن محمد «1»، عن الحسين بن سعيد، عن رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل عتق يجوز له المولود إلا في كفارة القتل، فإن الله تعالى يقول: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ يعني بذلك مقرة قد بلغت الحنث، و يجزي في الظهار صبي ممن ولد في الإسلام، و في كفارة اليمين ثوب يواري عورته، و قال: ثوبان».

2631/ [4]- و عنه: بإسناده عن البزوفري، عن أحمد بن موسى النوفلي، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ. قال:

«يعني مقرة».

2632/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن مسكان، عن الحلبي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «العمد: كل ما اعتمد شيئا فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة، فهذا كله عمد، و الخطأ: من اعتمد شيئا فأصاب غيره».

2633/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في قتل الخطأ: «مائة من الإبل، أو ألف من الغنم، أو عشرة آلاف درهم،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 147.

2- الكافي 7: 462/ 15. [.....]

3- التهذيب 8: 320/ 1187.

4- التهذيب 8: 249/ 901.

5- الكافي 7: 278/ 2.

6- الكافي 7: 282/ 7.

(1) (عن أحمد بن محمّد) ليس في «س»، «ط»، و الصواب إثباته كما في المصدر، راجع معجم رجال الحديث 2: 196 و 200.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 148

أو

ألف دينار، فإن كانت الإبل فخمس و عشرون بنت مخاض «1»، و خمس و عشرون بنت لبون «2»، و خمس و عشرون حقة «3»، و خمس و عشرون جذعة «4»، و الدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد الذي يضرب بالحجر أو بالعصا الضربة و الضربتين لا يريد قتله، فهي أثلاث: ثلاث و ثلاثون حقة، و ثلاث و ثلاثون جذعة، و أربع و ثلاثون ثنية «5»، كلها خلفة طروقة الفحل «6»، فإن كان من الغنم فألف كبش، و العمد: هو القود أو رضا ولي المقتول».

2634/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، و حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الدية عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار».

قال جميل: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الدية مائة من الإبل».

2635/ [8]- الشيخ في آخر (التهذيب): بإسناده عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل مسلم كان في أرض الشرك فقتله المسلمون ثم علم به الإمام بعد.

فقال: «يعتق مكانه رقبة مؤمنة، و ذلك قول الله عز و جل: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، ثم قال: وَ إِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ «7».

2636/ [9]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في الرجل يصوم شعبان و شهر رمضان؟ فقال: «هما الشهران اللذان قال الله تبارك و تعالى: شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ».

قلت: فلا يفصل بينهما؟

قال: «إذا أفطر من الليل فهو فصل، و إنما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا وصال في صيام، يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار، و قد يستحب للعبد [أن لا يدع السحور».

2637/ [10]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً، قال: «من قتل مؤمنا على دينه، فذلك

__________________________________________________

7- الكافي 7: 281/ 5.

8- التهذيب 10: 315/ 1177.

9- الكافي 4: 92/ 5.

10- التهذيب 10: 164/ 656.

(1) المخاض: اسم للنّوق الحوامل، واحدتها خلفة، و بنت المخاض و ابن المخاض: ما دخل في السنة الثانية، لأنّ أمّه قد لحقت بالمخاض: أي الحوامل، و إن لم تكن حاملا. «النهاية 4: 306».

(2) بنت لبون و ابن لبون: هما من الإبل ما أتى عليه سنان و دخل في الثالثة، فصارت امّه لبونا، أي ذات لبن. «النهاية 4: 228».

(3) الحقّة: هو من الإبل ما دخل في السنة الرابعة إلى آخرها، و يسمّى بذلك لأنّه استحقّ الركوب و التحميل. «النهاية 1: 415».

(4) الجذع: هو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، و من البقر و المعز ما دخل في السنة الثانية، و من الضأن ما تمّت له سنة. «النهاية 1: 250».

(5) الّثنية: من الإبل ما دخل في السنة السادسة، و من الغنم ما دخل في السنة الثالثة. «النهاية 1: 226». [.....]

(6) الخلفة: الحامل. و طروقة الفحل: التي يعلو الفحل مثلها في سنّها، أي مركوبة للفحل. «النهاية 3: 122»، «شرائع الإسلام 4: 229».

(7) (ثمّ قال: وَ إِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ ... رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ليس في

المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 149

المتعمد الذي قال الله عز و جل في كتابه: وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً».

قلت: فالرجل يقع بينه و بين الرجل شي ء فيضربه بسيفه فيقتله؟ قال: «ليس ذلك المتعمد الذي قال الله عز و جل».

2638/ [11]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ، قال: «جزاؤه جهنم إن جازاه».

2639/ [12]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، و ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، أله توبة؟

فقال: «إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له، و إن كان قتله لغضب أو لسبب شي ء من أمر الدنيا فإن توبته أن يقاد منه، فإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه و لم يقتلوه أعطاهم الدية، و أعتق نسمة، و صام شهرين متتابعين، و أطعم ستين مسكينا توبة إلى الله».

2640/ [13]- و عنه: بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كفارة الدم إن قتل الرجل مؤمنا متعمدا فعليه أن يمكن نفسه من أوليائه، فإن قتلوه فقد أدى ما عليه إذا كان نادما على ما كان منه، عازما على ترك العود، و إن عفوا عنه فعليه أن يعتق رقبة، و يصوم شهرين متتابعين، و يطعم ستين مسكينا، و أن يندم على ما كان منه و يعزم على ترك العود و يستغفر الله أبدا ما بقي، و إذا

قتل خطأ أدى ديته إلى أوليائه، ثم أعتق رقبة، فمن لم يجد فصيام «1» شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا مدا مدا، و كذلك إذا وهبت له دية المقتول فالكفارة عليه فيما بينه و بين ربه لازمة».

2641/ [14]- العياشي، عن مسعدة بن صدقة، قال: سئل جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ.

قال: «إما تحرير رقبة مؤمنة فيما بينه و بين الله، و إما الدية المسلمة إلى أولياء المقتول فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ- قال- و إن كان من أهل الشرك الذين ليس لهم في الصلح وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فيما بينه و بين الله، و ليس عليه الدية وَ إِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ و هو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة فيما بينه و بين الله، و دية مسلمة إلى أهله».

__________________________________________________

11- التهذيب 10: 165/ 658.

12- التهذيب 10: 165/ 659.

13- التهذيب 8: 322/ 1196.

14- تفسير العيّاشي 1: 262/ 217.

(1) في المصدر: فإن لم يجد صام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 150

2642/ [15]- عن حفص بن البختري، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً إلى قوله: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ.

قال: «إذا كان من أهل الشرك فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فيما بينه و بين الله، و ليس عليه دية وَ إِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ». قال: قال: «تحرير رقبة مؤمنة فيما

بينه و بين الله، و دية مسلمة إلى أهله «1»».

2643/ [16]- عن معمر بن يحيى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يظاهر امرأته، يجوز عتق المولود في الكفارة؟ فقال: «كل العتق يجوز فيه المولود إلا في كفارة القتل، فإن الله يقول: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ يعني مقرة، و قد بلغت الحنث».

2644/ [17]- عن كردويه الهمداني، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ كيف تعرف المؤمنة؟ قال: «على الفطرة».

2645/ [18]- عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «الرقبة المؤمنة التي ذكرها الله إذا عقلت، و النسمة التي لا تعلم إلا ما قلته، و هي صغيرة».

2646/ [19]- عن عامر بن الأحوص، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن السائبة.

فقال: «انظر في القرآن، فما كان فيه: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فتلك- يا عامر- السائبة التي لا ولاء لأحد من الناس عليها إلا الله، و ما كان ولاؤه لله فلله، و ما كان ولاؤه لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فإن ولاءه للإمام، و جنايته على الإمام، و ميراثه له».

2647/ [20]- عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «كل ما أريد به ففيه القود، و إنما الخطأ أن يريد الشي ء فيصيب غيره».

2648/ [21]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلم)، قال: «الخطأ أن تعمده و لا تريد قتله بما لا يقتل مثله، و الخطأ الذي ليس فيه شك، أن تعمد شيئا آخر فتصيبه».

2649/ [22]- عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألني أبو عبد الله (عليه السلام)، عن يحيى بن سعيد: «هل

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 263/ 218.

16- تفسير العيّاشي 1: 263/ 219.

17- تفسير العيّاشي 1:

263/ 220.

18- تفسير العيّاشي 1: 263/ 221.

19- تفسير العيّاشي 1: 263/ 222.

20- تفسير العيّاشي 1: 264/ 223.

21- تفسير العيّاشي 1: 264/ 224. [.....]

22- تفسير العيّاشي 1: 264/ 225.

(1) في المصدر: أوليائه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 151

يخالف قضاياكم»؟

قلت: نعم، اقتتل غلامان بالرحبة فعض أحدهما على يد الآخر، فرفع المعضوض حجرا فشج يد العاض، فكز «1» من البرد فمات، فرفع إلى يحيى بن سعيد فأقاد من ضارب الحجر «2»، فقال: ابن شبرمة و ابن أبي ليلى لعيسى بن موسى: إن هذا أمر لم يكن عندنا، لا يقاد عنه بالحجر، و لا بالسوط، فلم يزالوا حتى وداه عيسى بن موسى. فقال: «إن من عندنا يقيدون بالوكزة «3»».

قلت: يزعمون أنه خطأ، و أن العمد لا يكون إلا بالحديد. فقال: «إنما الخطأ أن يريد شيئا فيصيب غيره، فأما كل شي ء قصدت إليه فأصبته فهو العمد».

قلت: في نسختين تحضرني من (تفسير العياشي) في الحديث: يقيدون بالزكوة، قلت: الظاهر أنه تصحيف الوكزة.

2650/ [23]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أبواب الديات في الخطأ شبه العمد إذا قتل بالعصا، أو بالسوط، أو بالحجارة تغلظ ديته، و هي مائة من الإبل: أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها «4»، و ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون، و قال في الخطأ دون العمد: يكون فيه ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون، و عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون ذكر، و قيمة كل بعير من الورق مائة درهم، و عشرة دنانير، و من الغنم، إذا لم يكن قيمة ناب الإبل لكل بعير عشرون شاة».

2651/ [24]- عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

قال: «كان [علي (عليه السلام) يقول في الخطأ خمس و عشرون بنت لبون، و خمس و عشرون بنت مخاض، و خمس و عشرون حقة، و خمس و عشرون جذعة، و قال في شبه العمد: ثلاث و ثلاثون جذعة بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة، و أربع و ثلاثون ثنية».

2652/ [25]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «دية الخطأ إذا لم يرد الرجل، مائة من الإبل أو عشرة آلاف من الورق أو ألف من الشاة».

و قال: «دية المغلظة التي شبه العمد و ليس بعمد أفضل من دية الخطأ، بأسنان الإبل ثلاث و ثلاثون حقة، و ثلاث و ثلاثون جذعة، و أربع و ثلاثون ثنية كلها طروقة الفحل».

__________________________________________________

23- تفسير العيّاشي 1: 265/ 226.

24- تفسير العيّاشي 1: 265/ 227.

25- تفسير العيّاشي 1: 266/ 228.

(1) كزّ الشي ء: يبس و انقبض من البرد.

(2) في المصدر: من الضارب بحجر.

(3) في «ط»، «س»: الزكوة، و أصلحناه وفقا لاستظهار المصنف على ما يأتي، و لمطابقتها لرواية الكافي 7: 278/ 3 و التهذيب 10: 156/ 627.

(4) البازل: من الإبل الذي تمّ ثماني سنين و دخل التاسعة. «النهاية 1: 125».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 152

2653/ [26]- عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال سألته عن الخطأ الذي فيه الدية و الكفارة، أهو الرجل يضرب الرجل و لا يتعمد قتله؟ قال: «نعم».

قلت: فإذا رمى شيئا فأصاب رجلا؟ قال: «ذلك الخطأ الذي لا شك فيه، و عليه الكفارة و الدية».

2654/ [27]- عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في رجل مسلم كان في أرض الشرك فقتله المسلمون،

ثم علم به الإمام بعد؟ قال: «يعتق مكانه رقبة مؤمنة، و ذلك في قول الله: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ».

2655/ [28]- عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «صيام شهرين متتابعين من قتل الخطأ- لمن لم يجد العتق- واجب، قال الله: وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ».

2656/ [29]- عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله «1» (عليه السلام) يقول: «صوم شهر رمضان متتابعين توبة من الله».

2657/ [30]- و في رواية إسماعيل بن عبد الخالق، عنه: تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ: «و الله، من القتل، و الظهار، و الكفارة».

2658/ [31]- و في رواية أبي الصباح الكناني، عنه: «صوم شعبان، و صوم شهر رمضان تَوْبَةً و الله مِنَ اللَّهِ».

2659/ [32]- عن سماعة، قال: قلت له: قول الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ؟ قال: «المتعمد الذي يقتله على دينه، فذاك التعمد الذي ذكر الله».

قال: قلت: فرجل جاء إلى رجل فضربه بسيفه حتى قتله، لغضب لا لعيب، على دينه قتله، و هو يقول بقوله؟

قال: «ليس هذا الذي ذكر في الكتاب، و لكن يقاد به- قال- و الدية إن قبلت».

قلت: فله توبة؟ قال: «نعم، يعتق رقبة، و يصوم شهرين متتابعين، و يطعم ستين مسكينا، و يتوب و يتضرع فأرجو أن يتاب عليه».

__________________________________________________

26- تفسير العيّاشي 1: 266/ 229.

27- تفسير العيّاشي 1: 266/ 230.

28- تفسير العيّاشي 1: 266/ 231.

29- تفسير العيّاشي 1: 266/ 232.

30- تفسير العيّاشي 1: 266/ 233. [.....]

31- تفسير العيّاشي 1: 266/ 235.

32- تفسير

العيّاشي 1: 267/ 236.

(1) في «س»، «ط»: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام)، و لم يعدّ في المعاجم من أصحاب أبي جعفر (عليه السّلام) و لا من الرواة عنه، انظر معجم رجال الحديث 18: 290.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 153

2660/ [33]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أو أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عمن قتل مؤمنا، هل له توبة؟ قال: «لا، حتى يؤدي ديته إلى أهله، و يعتق رقبة مؤمنة، و يصوم شهرين متتابعين، و يستغفر ربه و يتضرع إليه، فأرجو أن يتاب عليه إذا هو فعل ذلك».

قلت: إن لم يكن له ما يؤدي ديته؟ قال: «يسأل المسلمين حتى يؤدي ديته إلى أهله».

2661/ [34]- قال سماعة: سألته عن قوله: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً، قال: «من قتل مؤمنا متعمدا على دينه، فذاك التعمد الذي قال الله في كتابه: وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً».

قلت: فالرجل يقع بينه و بين الرجل شي ء فيضربه بسيفه فيقتله؟ قال: «ليس ذاك التعمد الذي قال الله تبارك و تعالى».

عن سماعة، قال: سألته ... الحديث.

2662/ [35]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما- و قال- لا يوفق قاتل المؤمن متعمدا للتوبة».

2663/ [36]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، له توبة؟

قال: «إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له، و إن كان قتله لغضب، أو لسبب شي ء من أمر الدنيا، فإن توبته أن يقاد منه، و إن لم يكن علم به أحد انطلق إلى أولياء المتقول فأقر عندهم بقتل صاحبهم،

فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية، و أعتق نسمة، و صام شهرين متتابعين، و أطعم ستين مسكينا توبة إلى الله».

2664/ [37]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «العمد أن تعمده فتقتله بما بمثله يقتل».

2665/ [38]- عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل قتل مملوكه؟

قال: «عليه عتق رقبة، و صوم شهرين متتابعين، و إطعام ستين مسكينا، ثم تكون التوبة بعد ذلك».

سورة النساء(4): الآيات 94 الي 99 ..... ص : 153

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ

__________________________________________________

33- تفسير العيّاشي 1: 267/ 237.

34- تفسير العيّاشي 1: 267/ 238.

35- تفسير العيّاشي 1: 267/ 238.

36- تفسير العيّاشي 1: 267/ 239.

37- تفسير العيّاشي 1: 268/ 240.

38- تفسير العيّاشي 1: 268/ 241.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 154

اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً [94- 99]

2666/ [1]- العياشي:

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «و لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم «1» لست مؤمنا».

2667/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزوة خيبر، و بعث اسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك، ليدعوهم إلى الإسلام، و كان رجل [من اليهود] يقال له مرداس بن نهيك الفدكي «2» في بعض القرى، فلما أحس بخيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) جمع أهله و ماله [و صار] في ناحية الجبل فأقبل يقول: أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، فمر به أسامة «3» بن زيد فطعنه فقتله، فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبره بذلك، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله»؟ فقال: يا رسول الله، إنما قالها تعوذا من القتل.

__________________________________________________

1-- تفسير العيّاشي 1: 268/ 242.

2- تفسير القمّي 1: 148.

(1) قرأ أهل المدينة و ابن عباس و خلف (السّلم) بغير ألف. و الباقون بألف. التبيان 3: 297.

(2) انظر ترجمته في سيرة ابن هشام 4: 271، الكامل في التاريخ 2: 226، الاصابة 6: 80.

(3) في المصدر: فمرّ بأسامة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 155

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «فلا كشفت «1» الغطاء عن قلبه، و لا ما قال بلسانه قبلت، و لا ما كان في نفسه علمت». فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقتل أحدا شهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، فتخلف عن أمير المؤمنين (عليه السلام)

في حروبه: فأنزل الله تعالى في ذلك: وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً.

ثم ذكر فضل المجاهدين على القاعدين فقال: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ يعني الزمنى «2» كما ليس على الأعرج حرج وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ إلى آخر الآية.

2668/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ، قال: نزلت في من اعتزل أمير المؤمنين (عليه السلام) و لم يقاتل معه، فقالت الملائكة لهم عند الموت: فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ أي لم نعلم مع من الحق. فقال الله: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها أي دين الله و كتاب الله واسع، فتنظروا فيه فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً ثم استثنى، فقال: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا.

2669/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن سليم مولى طربال، قال: حدثني هشام، عن حمزة بن الطيار، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «الناس على ستة أصناف» قال:

قلت له: أ تأذن لي أن أكتبها؟ قال: «نعم».

قلت: و ما أكتب؟ قال: «اكتب أهل الوعيد من أهل الجنة، و أهل النار، و اكتب وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً «3»». قال: قلت من هؤلاء؟ قال: «وحشي منهم».

قال: «و اكتب وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ «4»» قال: «و اكتب

إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا لا يستطيعون حيلة إلى الكفر، و لا يهتدون سبيلا إلى الإيمان فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ».

قال: «و اكتب أَصْحابُ الْأَعْرافِ «5»» قال: قلت: و ما أصحاب الأعراف؟ قال: «قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم، فإن أدخلهم النار فبذنوبهم، و إن أدخلهم الجنة فبرحمته».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 149.

4- الكافي 2: 281/ 1.

(1) في المصدر: فلا شققت.

(2) الزّمنى: جمع زمن، وصف من الزّمانة، و هي مرض يدوم.

(3) التّوبة 9: 102.

(4) التّوبة 9: 106.

(5) الأعراف 7: 48.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 156

2670/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المستضعف؟ فقال: «هو الذي لا يهتدي حيلة إلى الكفر فيكفر، و لا يهتدي سبيلا إلى الإيمان، لا يستطيع أن يؤمن و لا يستطيع أن يكفر، فهم الصبيان، و من كان من الرجال و النساء على مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم».

2671/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل «1»، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المستضعفون: الذين لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا- قال- لا يستطيعون حيلة إلى الإيمان و لا يكفرون، الصبيان و أشباه عقول الصبيان من الرجال و النساء».

2672/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المستضعف، فقال: «هو الذي لا يستطيع حيلة يدفع بها عنه الكفر، و لا يهتدي بها إلى سبيل

الإيمان، لا يستطيع أن يؤمن و لا يكفر- قال- و الصبيان و من كان من الرجال و النساء على مثل عقول الصبيان».

2673/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المستضعفين، فقال: «هم أهل الولاية».

فقلت: أي ولاية؟ فقال: «أما إنها ليست بالولاية في الدين، و لكنها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفار، و منهم «2» المرجون لأمر الله عز و جل».

2674/ [9]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى، عن إسماعيل الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الدين الذي لا يسع العباد جهله، فقال: «الدين واسع، و لكن الخوارج ضيقوا على أنفسهم من جهلهم».

قلت: جعلت فداك، فأحدثك بديني الذي أنا عليه؟ فقال: «بلى».

فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا عبده و رسوله، و الإقرار بما جاء من عند الله تعالى، و أتولاكم، و أبرأ من أعدائكم، و من ركب رقابكم، و تأمر عليكم، و ظلمكم حقكم. فقال: «و الله ما جهلت شيئا، هو و الله الذي نحن عليه».

__________________________________________________

5- الكافي 2: 297/ 1.

6- الكافي 2: 297/ 2.

7- الكافي 2: 297/ 3.

8- الكافي 2: 297/ 5.

9- الكافي 2: 298/ 6.

(1) (عن جميل) ليس في «س»، «ط»، و الصواب ما في المتن، كما أثبت ذلك في معجم رجال الحديث 7: 247.

(2) في «ط»: و هم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 157

قلت: فهل يسلم أحد لا يعرف هذا الأمر؟ فقال: «لا، إلا المستضعفون».

قلت: من هم؟

قال: «نساؤكم و أولادكم- ثم قال- أ رأيت ام أيمن فإني أشهد أنها من أهل الجنة، و ما كانت تعرف ما أنتم عليه».

2675/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف».

2676/ [11]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن دراج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني ربما ذكرت هؤلاء المستضعفين، فأقول: نحن و هم في منازل الجنة.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يفعل الله ذلك بكم أبدا».

2677/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمهما الله)، قالا: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا نضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه ذكر أن المستضعفين ضروب يخالف بعضهم بعضا، و من لم يكن من أهل القبلة ناصبا فهو مستضعف.

2678/ [13]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، و فضالة بن أيوب، جميعا، عن موسى بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ، فقال: «هو الذي لا يستطيع الكفر فيكفر، و لا يهتدي إلى سبيل الإيمان فيؤمن، و الصبيان، و من كان من الرجال و النساء على مثل

عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم».

2679/ [14]- و عنه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمهما الله)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا.

فقال: «لا يستطيعون حيلة إلى النصب فينصبوا، و لا يهتدون سبيل أهل الحق فيدخلوا فيه، و هؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة، و باجتناب المحارم التي نهى الله عز و جل عنها، و لا ينالون منازل الأبرار».

__________________________________________________

10- الكافي 2: 298/ 7.

11- الكافي 2: 298/ 8.

12- معاني الأخبار: 200/ 1.

13- معاني الأخبار: 201/ 4.

14- معاني الأخبار: 201/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 158

2680/ [15]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق، عن عمر بن إسحاق، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام): ما حد المستضعف الذي ذكره الله عز و جل؟ قال: «من لا يحسن سورة من سور القرآن، و قد خلقه الله عز و جل خلقة ما ينبغي له أن لا يحسن».

2681/ [16]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن حجر بن زائدة، عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و

جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ، قال: «هم أهل الولاية».

قلت: و أي ولاية؟ فقال: «أما إنها ليست بولاية في الدين، و لكنها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفار، و هم المرجون لأمر الله عز و جل».

2682/ [17]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الآية.

قال: «يا سليمان، في هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك، المستضعفون قوم يصومون و يصلون، تعف بطونهم و فروجهم و لا يرون أن الحق في غيرنا، آخذين بأغصان الشجرة فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ إذا كانوا آخذين بالأغصان، و إن لم يعرفوا أولئك، فإن عفا عنهم فبرحمته، و إن عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم».

2683/ [18]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن موسى بن بكر، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: سألته عن المستضعفين.

فقال: «البلهاء في خدرها، و الخادمة تقول لها: صلي، فتصلي لا تدري إلا ما قلت لها، و الجليب «2» الذي لا يدري إلا ما قلت له، و الكبير الفاني، و الصبي الصغير، هؤلاء المستضعفون، فأما رجل شديد العنق جدل خصم، يتولى الشراء و البيع، لا تستطيع أن تغبنه في شي ء، تقول:

هذا مستضعف؟ لا، و لا كرامة».

__________________________________________________

15- معاني الأخبار: 202/ 7.

16- معاني الأخبار: 202/ 8.

17- معاني الأخبار: 202/ 9.

18- معاني الأخبار: 203/ 10.

(1) في المصدر: عن أبي جعفر (عليه السّلام)، و سليمان بن خالد يروي عن الباقر و الصادق (عليهما السّلام). راجع رجال النجاشيّ: 183/ 484، جامع الرواة 1: 378.

(2) الجليب: الذي يجلب من بلد إلى غيره. «لسان العرب- جلب- 1: 268!».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 159

2684/ [19]- و عنه: عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال في المستضعفين الذين لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا: «لا يستطيعون حيلة فيدخلوا في الكفر، و لم يهتدوا فيدخلوا في الإيمان، فليس هم من الكفر و الإيمان في شي ء».

2685/ [20]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في المستضعفين لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا. قال: «لا يستطيعون حيلة إلى الإيمان و لا يكفرون، الصبيان و أشباه عقول الصبيان من النساء و الرجال».

2686/ [21]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف».

2687/ [22]- و عنه: عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: «المستضعفون من الرجال و النساء لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا- قال- لا يستطيعون سبيل أهل الحق فيدخلوا فيه، و لا يستطيعون حيلة أهل النصب فينصبوا- قال- هؤلاء لا يدخلون الجنة بأعمال حسنة، و باجتناب المحارم التي نهى الله عنها، و لا ينالون منازل الأبرار».

2688/ [23]- عن زرارة، قال: قال أبو

جعفر (عليه السلام) و أنا أكلمه في المستضعفين: «أين أصحاب الأعراف؟

أين المرجون لأمر الله؟ أين الذين خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا؟ أين المؤلفة قلوبهم؟ أين أهل تبيان الله؟ أين المستضعفون من الرجال و النساء و الولدان لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً».

2689/ [24]- عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أتزوج المرجئة «2» أو الحرورية «3» أو القدرية «4»؟

__________________________________________________

19- معاني الأخبار: 203/ 11.

20- تفسير العيّاشي 1: 268/ 243.

21- تفسير العيّاشي 1: 268/ 244. [.....]

22- تفسير العيّاشي 1: 268/ 245.

23- تفسير العيّاشي 1: 269/ 246.

24- تفسير العيّاشي 1: 269/ 247.

(1) في «س»، «ط»: عنه، عن أبي عبد اللّه، و الظاهر أنّ الصواب ما في المتن. راجع جامع الرواة 1: 349.

(2) بعد مقتل عليّ (عليه السّلام) التقت الفرقة الموالية له و الفرقة الموالية لطلحة و الزبير و عائشة فصاروا فرقة واحدة موالية لمعاوية، فسمّوا المرجئة، و إنّهم تولّوا المختلفين جميعا، و زعموا أنّ أهل القبلة كلّهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان و رجّوا لهم المغفرة. «المقالات و الفرق: 5».

(3) الحرورية: فرقة من الخوارج خرجوا على عليّ (عليه السّلام) بعد تحكيم الحكمين بينه و بين معاوية و أهل الشام، و قالوا: لا حكم إلّا للّه و كفّروا عليّا (عليه السّلام) و تبرءوا منه و أمّروا عليهم ذا الثّدية و هم المارقون، فخرج عليّ (عليه السّلام) فحاربهم فقتلهم و قتل ذا الثّدية فسمّوا الحرورية لوقعة حروراء. «المقالات و الفرق: 5».

(4) القدريّة: هم المنسوبون إلى القدر، و يزعمون أنّ كلّ عبد خالق فعله، و لا يرون المعاصي و الكفر بتقدير اللّه و مشيئته. Ƞقيل: المراد من

القدريّة المعتزلة لإسناده أفعالهم إلى القدر. «مجمع البحرين- قدر- 3: 451».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 160

قال: «لا، عليك بالبله من النساء».

قال زرارة: فقلت: ما هو إلا مؤمنة أو كافرة؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فأين أهل استثناء الله؟ قول الله أصدق من قولك: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ إلى قوله: سَبِيلًا».

2690/ [25]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ، فقال: «هو الذي لا يستطيع الكفر فيكفر، و لا يهتدي سبيل الإيمان، و لا يستطيع أن يؤمن، و لا يستطيع أن يكفر، الصبيان و من كان من الرجال و النساء على مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم».

2691/ [26]- عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ قال: «هم أهل الولاية».

فقلت: أي ولاية؟ فقال: «أما إنها ليست بولاية في الدين، و لكنها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفار، و هم المرجون لأمر الله».

2692/ [27]- عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا.

قال: «يا سليمان، من هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك، المستضعفون قوم يصومون و يصلون، تعف بطونهم و فروجهم، لا يرون أن الحق في غيرنا، آخذين بأغصان الشجرة فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ كانوا آخذين بالأغصان و لم يعرفوا أولئك، فإن عفا عنهم فيرحمهم الله، و إن عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم».

2693/ [28]- عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن

المستضعفين.

فقال: «البلهاء في خدرها، و الخادمة تقول لها: صلي فتصلي، لا تدري إلا ما قلت لها، و الجليب الذي لا يدري إلا ما قلت له، و الكبير الفاني، و الصبي، و الصغير، هؤلاء المستضعفون، فأما رجل شديد العنق، جدل خصم، يتولى الشراء و البيع، لا تستطيع أن تغبنه في شي ء تقول: هذا المستضعف؟ لا، و لا كرامة».

سورة النساء(4): آية 100 ..... ص : 160

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً [100]

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 1: 269/ 248.

26- تفسير العيّاشي 1: 269/ 249.

27- تفسير العيّاشي 1: 270/ 250.

28- تفسير العيّاشي 1: 270/ 251.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 161

2694/ [1]- علي بن إبراهيم: أي يجد خيرا كثيرا إذا جاهد مع الإمام.

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [100]

2695/ [2]- العياشي، عن أبي الصباح، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في رجل دعا إلى هذا الأمر فعرفه و هو في أرض منقطعة إذ جاءه موت الإمام، فبينا هو ينتظر إذ جاءه الموت؟ فقال: «هو و الله بمنزلة من هاجر إلى الله و رسوله فمات، فقد وقع أجره على الله».

2696/ [3]- عن ابن أبي عمير، قال: وجه زرارة ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن و عبد الله، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد ابنه، قال محمد بن أبي عمير: حدثني محمد بن حكيم، قال: قلت لأبي الحسن الأول، فذكرت له زرارة و توجيه ابنه عبيدا إلى المدينة.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إني لأرجو أن يكون زرارة ممن قال الله: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ

يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ».

و روى أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب (الرجال) هذا الحديث عن حمدويه بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج و غيره قال: وجه زرارة عبيدا ابنه إلى المدينة و ذكر الحديث بعينه «1»، و ذكر أحاديث أخر في إرسال زرارة ابنه إلى المدينة

في هذا المعنى تؤخذ من هنا «2» ك، و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في ذلك زيادة في قوله تعالى: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ من سورة براءة «3».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 149.

2- تفسير العيّاشي 1: 270/ 252.

3- تفسير العيّاشي 1: 270/ 253. [.....]

(1) رجال الكشي: 155/ 255.

(2) انظر رجال الكشي: 153/ 251، 154/ 252، 155/ 154.

(3) يأتي في الأحاديث (1- 10) من تفسير الآية (122) من سورة التوبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 162

سورة النساء(4): آية 101 ..... ص : 162

قوله تعالى:

وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً [101]

2697/ [1]- الشيخ: بإسناده عن سعد، عن أحمد، عن علي بن حديد، و عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن صلاة الخوف و صلاة السفر تقصران جميعا؟

قال: «نعم، و صلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر ليس فيه خوف».

2698/ [2]- و عنه: عن المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

قال: «الصلاة في السفر ركعتان، ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء إلا المغرب ثلاث».

2699/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و أحمد بن إدريس، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، قال: «في الركعتين تنقص منهما واحدة».

و رواه الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

2700/ [4]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «سبعة لا يقصرون الصلاة: الجابي يدور في جبايته، و الأمير الذي يدور في إمارته، و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق، و الراعي و البدوي الذي يطلب مواطن «2» القطر و منبت الشجر، و الرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا، و المحارب الذي يقطع الطريق «3»».

__________________________________________________

1- التهذيب 3: 302/ 921.

2- التهذيب 2: 13/ 31.

3- الكافي 3: 458/ 4.

4- التهذيب 3: 214/ 524.

(1) التهذيب 3: 914.

(2) في المصدر: مواضع.

(3) في المصدر: السبيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 163

2701/ [5]- و روى هذا الحديث علي بن إبراهيم في (تفسيره): عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ستة لا يقصرون الصلاة، الجباة الذين يدورون في جبايتهم، و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق، و الأمير الذي يدور

في إمارته، و الراعي الذي يطلب مواضع «1» القطر و منبت الشجر، و الرجل الذي يخرج في طلب الصيد لهوا للدنيا، و المحارب الذي يقطع الطريق».

2702/ [6]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن زرارة، و محمد بن مسلم، أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في صلاة السفر، كيف هي، و كم هي؟ فقال: «إن الله عز و جل يقول: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر».

قالا: قلنا: إنما قال الله عز و جل: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ و لم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال (عليه السلام): «أو ليس قد قال الله عز و جل: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «2» ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض، لأن الله عز و جل ذكره في كتابه و صنعه نبيه (عليه السلام)، و كذلك التقصير في السفر شي ء صنعه النبي (صلى الله عليه و آله) و ذكره الله تعالى في كتابه».

قالا: فقلنا له: فمن صلى في السفر أربعا، أ يعيد أم لا؟ قال: «إن كان قد قرئت عليه آية التقصير و فسرت له فصلى أربعا، أعاد، و إن لم يكن قرئت عليه و لم يكن يعلمها، فلا إعادة عليه، و الصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة، إلا المغرب فإنها ثلاث، ليس فيها تقصير، تركها رسول الله (صلى الله عليه و آله) في السفر و الحضر ثلاث ركعات».

2703/ [7]- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد

الله بن يحيى الكاهلي، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في التقصير في الصلاة: «بريد في بريد أربعة و عشرون ميلا».

2704/ [8]- العياشي: عن حريز، قال: قال زرارة، و محمد بن مسلم: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الصلاة في السفر، كيف هي، و كم هي؟ قال: «إن الله يقول: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر».

قالا: قلنا: إنما قال: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ و لم يقل: افعلوا، فكيف أوجب الله ذلك كما أوجب التمام [في الحضر]؟ قال: «أو ليس قد قال الله في الصفا و المروة:

__________________________________________________

5- تفسير القمي 1: 149.

6- من لا يحضره الفقيه 1: 278/ 1266.

7- التهذيب 3: 207/ 493.

8- تفسير العياشي 1: 271/ 254. [.....]

(1) في المصدر: مواقع.

(2) البقرة 2: 158.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 164

فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «1» ألا ترى أن الطواف واجب مفروض، لأن الله ذكرهما في كتابه و صنعهما نبيه (صلى الله عليه و آله)، و كذلك التقصير في السفر شي ء صنعه النبي (صلى الله عليه و آله) فذكره الله في الكتاب».

قالا: قلنا: فمن صلى في السفر أربعا، أ يعيد أم لا؟ قال: «إن كان قرئت عليه آية التقصير و فسرت له فصلى أربعا، أعاد، و إن لم يكن قرئت عليه و لم يعلمها فلا إعادة عليه، و الصلاة في السفر كلها الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث، ليس فيها تقصير، تركها رسول الله (صلى الله عليه و آله) في السفر و الحضر ثلاث ركعات».

2705/ [9]- عن إبراهيم

بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فرض الله على المقيم خمس صلوات، و فرض على المسافر ركعتين تمام، و فرض على الخائف ركعة، و هو قول الله: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا يقول: من الركعتين فتصير ركعة».

سورة النساء(4): الآيات 102 الي 103 ..... ص : 164

قوله تعالى:

وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً [102- 103]

2706/ [1]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «صلى النبي (صلى الله عليه و آله) بأصحابه في غزاة ذات الرقاع «2» ففرق أصحابه فرقتين، فأقام فرقة بإزاء العدو و فرقة خلفه، فكبر و كبروا، فقرأ و أنصتوا، فركع و ركعوا، فسجد و سجدوا، ثم استمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) قائما فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض، ثم خرجوا إلى أصحابهم فقاموا بإزاء العدو، و جاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله (صلى الله عليه و آله) فكبر و كبروا، و قرأ فأنصتوا، و ركع فركعوا، و سجد فسجدوا، ثم جلس رسول الله (صلى الله عليه و آله) فتشهد، ثم سلم عليهم فقاموا فقضوا لأنفسهم ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض، و قد قال

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 271/ 255.

1- من لا يحضره الفقيه 1: 293/ 1337.

(1) البقرة 2: 158.

(2) غزوة ذات الرّقاع: وقعت سنة أربع من الهجرة، و قيل سنة خمس، و هي غزوة خصفة من بني ثعلبة

من غطفان، و لم يكن فيها قتال، و فيها كانت صلاة الخوف. راجع بشأنها سيرة ابن هشام 3: 213، مروج الذهب 2: 288.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 165

الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَ خُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً فهذه صلاة الخوف التي أمر الله عز و جل بها نبيه (صلى الله عليه و آله)».

2707/ [2]- و عنه، قال (عليه السلام): «من صلى المغرب في خوف بالقوم، صلى بالطائفة الاولى ركعة، و بالطائفة الثانية ركعتين».

2708/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: إنها نزلت لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الحديبية يريد مكة، فلما وقع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس، كمينا ليستقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فكان يعارضه رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1» على الجبال، فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر فأذن بلال فصلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالناس، فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم و هم في الصلاة لأصبناهم، فإنهم لا يقطعون صلاتهم، و لكن

تجي ء لهم الآن صلاة اخرى هي أحب إليهم من ضياء أبصارهم، فإذا دخلوا فيها أغرنا «2» عليهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بصلاة الخوف في قوله: وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ الآية.

2709/ [4]- العياشي: عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «صلاة المغرب في الخوف أن يجعل أصحابه طائفتين: بإزاء العدو واحدة، و الاخرى خلفه، فيصلي بهم، ثم ينصب قائما و يصلون هم تمام ركعتين، ثم يسلم بعضهم على بعض، ثم تأتي طائفة اخرى فيصلي بهم ركعتين فيصلون هم ركعة، فتكون للأولين قراءة، و للآخرين قراءة».

2710/ [5]- عن زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا حضرت الصلاة في الخوف فرقهم الإمام فرقتين: فرقة مقبلة على عدوهم، و فرقة خلفه، كما قال الله تبارك و تعالى، فيكبر بهم ثم يصلي بهم ركعة ثم يقوم بعد ما يرفع رأسه من السجود فيتمثل قائما، و يقوم الذين صلوا خلفه ركعة، فيصلي كل إنسان منهم لنفسه ركعة، ثم يسلم بعضهم على بعض، ثم يذهبون إلى أصحابهم فيقومون مقامهم، و يجي ء الآخرون و الإمام قائم فيكبرون و يدخلون في الصلاة خلفه فيصلي بهم ركعة، ثم يسلم فيكون للأولين استفتاح الصلاة بالتكبير،

__________________________________________________

2- من لا يحضره الفقيه 1: 294/ 1338.

3- تفسير القمّي 1: 150.

4- تفسير العيّاشي 1: 272/ 256.

5- تفسير العيّاشي 1: 272/ 257.

(1) (فكان يعارضه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: حملنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 166

و للآخرين التسليم مع الإمام، فإذا سلم الإمام قام كل إنسان من الطائفة الأخيرة فيصلي لنفسه ركعة واحدة، فتمت للإمام ركعتان، و لكل

إنسان من القوم ركعتان: واحدة في جماعة، و الاخرى وحدانا.

و إذا كان الخوف أشد من ذلك مثل المضاربة و المناوشة و المعانقة و تلاحم القتال، فإن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ليلة صفين- و هي ليلة الهرير- لم يكن صلى بهم الظهر و العصر و المغرب و العشاء عند وقت كل صلاة إلا بالتهليل و التسبيح و التحميد و الدعاء، فكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة، و إذا كانت المغرب في الخوف فرقهم فرقتين، فصلى بفرقة ركعتين ثم جلس، ثم أشار إليهم بيده فقام كل إنسان منهم فصلى ركعة، ثم سلموا و قاموا مقام أصحابهم، و جاءت الطائفة الاخرى فكبروا و دخلوا في الصلاة، و قام الإمام فصلى بهم ركعة ثم سلم، ثم قام كل إنسان منهم فصلى ركعة فشفعها بالتي صلى مع الإمام، ثم قام فصلى ركعة ليس فيها قراءة، فتمت للإمام ثلاث ركعات، و للأولين ثلاث ركعات: ركعتين في جماعة، و ركعة وحدانا، و للآخرين ثلاث ركعات، ركعة جماعة، و ركعتين وحدانا، فصار للأولين افتتاح التكبير و افتتاح الصلاة، و للآخرين التسليم».

2711/ [6]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال في صلاة المغرب: «في السفر لا يضرك أن تؤخر ساعة ثم تصليها إن أحببت أن تصلي العشاء الآخرة، و إن شئت مشيت ساعة إلى أن يغيب الشفق، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلى صلاة الهاجرة و العصر جميعا، و المغرب و العشاء الآخرة جميعا، و كان يؤخر و يقدم، إن الله تعالى قال: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً إنما عنى وجوبها على المؤمنين لم يعن غيرهم، إنه لو كان كما يقولون لم يصل رسول الله

(صلى الله عليه و آله) هكذا، و كان أعلم و أخبر، و لو كان خيرا لأمر به محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد فات الناس مع أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم صفين صلاة الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و أمرهم علي أمير المؤمنين (عليه السلام) فكبروا و هللوا و سبحوا رجالا و ركبانا لقول الله: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً «1» فأمرهم علي (عليه السلام) فصنعوا ذلك».

2712/ [7]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ، قال: الصحيح يصلي قائما، و العليل يصلي جالسا، فمن لم يقدر فمضطجعا يومئ إيماء.

2713/ [8]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن زرارة و الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «يعني مفروضا، و ليس يعني وقت فوتها، إذا جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاته هذه مؤداة، و لو كان كذلك لهلك سليمان بن داود (عليه السلام) حين صلاها لغير وقتها، و لكنه متى ما ذكرها صلاها».

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 273/ 258.

7- تفسير القمّي 1: 150. [.....]

8- الكافي 3: 294/ 10.

(1) البقرة 2: 139.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 167

2714/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله

عز و جل: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً: «أي موجوبا».

2715/ [10]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً؟

قال: «كتابا ثابتا، و ليس إن عجلت قليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الإضاعة، فإن الله عز و جل يقول لقوم: أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا «1»».

2716/ [11]- العياشي: عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً؟

قال: «يعني كتابا مفروضا، و ليس يعني وقت وقتها، إن جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاته مؤداة، لو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود (عليه السلام) حين صلاها لغير وقتها، و لكنه متى ما ذكرها صلاها».

2717/ [12]- عن منصور بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و هو يقول: «إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً- قال- لو كانت موقوتا كما يقولون لهلك الناس، و لكان الأمر ضيقا، و لكنها كانت على المؤمنين كتابا موجوبا».

2718/ [13]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً؟

فقال: «إن للصلاة وقتا، و الأمر فيه واسع يقدم مرة و يؤخر مرة، إلا الجمعة فإنما هو وقت واحد، و إنما عنى الله كِتاباً مَوْقُوتاً أي واجبا، يعني بها أنها الفريضة».

2719/ [14]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «لو عنى أنها في وقت لا تقبل إلا فيه

كانت مصيبة، و لكن متى أديتها فقد أديتها».

__________________________________________________

9- الكافي 3: 272/ 4.

10- الكافي 3: 270/ 13.

11- تفسير العيّاشي 1: 273/ 259.

12- تفسير العيّاشي 1: 273/ 260.

13- تفسير العيّاشي 1: 274/ 261.

14- تفسير العيّاشي 1: 274/ 262.

(1) مريم 19: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 168

2720/ [15]- و في رواية اخرى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في قول الله: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «إنما يعني وجوبها على المؤمنين، و لو كان كما يقولون إذن لهلك سليمان بن داود (عليه السلام) حين قال:

حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ «1» لأنه لو صلاها قبل ذلك كانت في وقت، و ليس صلاة أطول وقتا من صلاة العصر».

2721/ [16]- و في رواية اخرى، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «يعني بذلك وجوبها على المؤمنين، و ليس لها وقت، من تركه أفرط في الصلاة، و لكن لها تضييع».

2722/ [17]- عن عبد الحميد بن عواض، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله قال: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً، قال: «إنما عنى وجوبها على المؤمنين، و لم يعن غيره».

2723/ [18]- عن عبيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) أو أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.

قال: «كتاب واجب، أما إنه ليس مثل وقت الحج و لا رمضان إذا فاتك فقد فاتك، و إن الصلاة إذا صليت فقد صليت».

سورة النساء(4): آية 104 ..... ص : 168

قوله تعالى:

وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ [104] 2724/ [1]- علي بن إبراهيم: إنه معطوف على قوله في سورة آل عمران: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ

الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ «2» و قد ذكرنا هناك سبب نزول الآية.

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 274/ 263.

16- تفسير العيّاشي 1: 274/ 264.

17- تفسير العيّاشي 1: 274/ 265.

18- تفسير العيّاشي 1: 274/ 266.

1- تفسير القمّي 1: 150. [.....]

(1) سورة ص 38: 32.

(2) آل عمران 3: 140.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 169

سورة النساء(4): الآيات 105 الي 113 ..... ص : 169

قوله تعالى:

إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً- إلى قوله تعالى- وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً [105- 113]

2725/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، قال: وجدت في نوادر محمد بن سنان، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا و الله ما فوض الله الكتاب إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و إلى الأئمة (عليهم السلام)، قال عز و جل: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ و هي جارية في الأوصياء (عليهم السلام)».

2726/ [2]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الصلت، عن زرعة بن محمد الحضرمي، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن موسى بن أشيم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أني أريد أن تجعل لي مجلسا، فواعدني يوما فأتيته للميعاد، فدخلت عليه فسألته عما أردت أن أسأله عنه، فبينا نحن كذلك إذ قرع علينا رجل الباب، فقال: «ما ترى هذا رجل بالباب»؟ فقلت: جعلت فداك، أما أنا فقد فرغت من حاجتي فرأيك، فأذن له فدخل الرجل فتحدث ساعة، ثم سأله عن مسائلي بعينها لم يخرم منها شيئا، فأجابه بغير ما أجابني، فدخلني

من ذلك ما لا يعلمه إلا الله. ثم خرج فلم يلبث إلا يسيرا حتى استأذن عليه آخر فأذن له فتحدث ساعة، ثم سأله عن تلك المسائل بعينها فأجابه بغير ما أجابني و أجاب الأول قبله، فازددت غما حتى كدت أن أكفر. ثم خرج فلم يلبث إلا يسيرا حتى جاء ثالث فسأله عن تلك المسائل بعينها، فأجابه بخلاف ما أجابنا أجمعين، فأظلم علي البيت و دخلني غم شديد. فلما نظر إلي و رأى ما قد دخلني «1» ضرب بيده على منكبي ثم قال: «يا بن أشيم، إن الله عز و جل فوض إلى سليمان بن داود (عليه السلام) ملكه فقال: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «2» و إن الله عز و جل فوض إلى محمد (صلى الله عليه و آله) أمر دينه فقال: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ و إن الله فوض إلينا من ذلك ما «3» فوض إلى محمد (صلى الله عليه و آله)».

2727/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً.

__________________________________________________

1- الكافي 1: 210/ 8.

2- مختصر بصائر الدرجات: 92.

3- تفسير القمّي 1: 150.

(1) في المصدر: ما بي ممّا تداخلني.

(2) سورة ص 38: 39.

(3) في المصدر: إلينا ذلك كما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 170

قال: إن سبب نزولها أن قوما من الأنصار من بني أبيرق إخوة ثلاثة كانوا منافقين: بشير، و بشر، و مبشر، فنقبوا على عم قتادة بن النعمان «1»، و كان قتادة بدريا، و أخرجوا طعاما كان أعده لعياله و سيفا و درعا، فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال:

يا رسول الله، إن قوما نقبوا على عمي، و أخذوا طعاما كان أعده لعياله و سيفا و درعا، و هم أهل بيت سوء، و كان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل «2».

فقال بنو أبيرق لقتادة: هذا عمل لبيد بن سهل. فبلغ ذلك لبيدا، فأخذ سيفه و خرج عليهم، فقال: يا بني أبيرق، أ ترمونني بالسرقة، و أنتم أولى بها مني، و أنتم المنافقون تهجون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تنسبون إلى قريش، لتبينن ذلك أو لأملأن سيفي منكم. فداروه و قالوا له: ارجع يرحمك الله، فإنك بري ء من ذلك.

فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له: أسيد بن عروة، و كان منطقيا بليغا، فمشى إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، إن قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا، أهل شرف و حسب و نسب، فرماهم بالسرقة و اتهمهم بما ليس فيهم. فاغتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لذلك، و جاء إليه قتادة، فأقبل عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: «عمدت إلى أهل بيت شرف و حسب و نسب فرميتهم بالسرقة» و عاتبه عتابا شديدا.

فاغتم قتادة من ذلك و رجع إلى عمه، و قال له: يا ليتني مت و لم أكلم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقد كلمني بما كرهته. فقال عمه: الله المستعان. فأنزل الله في ذلك على نبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً وَ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً وَ لا تُجادِلْ عَنِ

الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَ لا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ يعني الفعل، فوضع القول مقام الفعل.

ثم قال: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً وَ مَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً

قال علي بن إبراهيم:

يعني لبيد بن سهل فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً

.2728/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن أناسا من رهط بشير الأدنين، قالوا: انطلقوا بنا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قالوا: نكلمه في صاحبنا أو نعذره، إن صاحبنا بري ء، فلما أنزل الله يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَ لا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ إلى قوله: وَكِيلًا

فأقبلت رهط بشير، فقالوا: يا بشير، استغفر الله و تب إليه من الذنب «3». فقال: و الذي أحلف به ما سرقها إلا لبيد فنزلت

__________________________________________________

4- تفسير القمي 1: 152.

(1) قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر، بدري، عقبي، و هو أخو أبي سعيد الخدري لامه. «سير أعلام النبلاء 2: 331».

(2) لبيد بن سهل بن الحارث بن عذرة بن عبد رزاح، بدري، فاضل، و هو الذي اتهم بدرعي رفاعة بن زيد، و هو بري ء، و الذي سرقها هو ابن أبيرق و سرق معها دقيق حوارى كان لرفاعة. «جمهرة أنساب العرب: 343».

(3) في

«ط»: الذنوب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 171

وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً.

ثم إن بشيرا كفر و لحق بمكة، و أنزل الله في النفر الذين أعذروا بشيرا و أتوا النبي (صلى الله عليه و آله) ليعذروه قوله:

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ رَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَ ما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْ ءٍ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً».

2729/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول في قول الله تبارك و تعالى: إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ ، قال: «يعني فلانا و فلانا و أبا عبيدة بن الجراح».

2730/ [6]- العياشي: عن عامر بن كثير السراج، و كان داعية الحسين بن علي «1»، عن عطاء الهمداني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ ، قال: «فلان و فلان «2» و أبو عبيدة بن الجراح».

2731/ [7]- و في رواية عمرو بن سعيد «3»، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «هما و أبو عبيدة بن الجراح».

2732/ [8]- و في رواية عمر بن صالح، قال: «الأول و الثاني و أبو عبيدة بن الجراح».

2733/ [9]- و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «ما من عبد أذنب ذنبا فقام و توضأ «4» و استغفر الله من ذنبه، إلا كان حقيقا على الله أن يغفر له، لأنه يقول: وَ مَنْ

يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً

».

2734/ [10]- و قال (صلى الله عليه و آله): «إن الله ليبتلي العبد و هو يحبه ليسمع تضرعه».

2735/ [11]- و قال (صلى الله عليه و آله): «ما كان الله ليفتح باب الدعاء و يغلق باب الإجابة، لأنه يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «5»، و ما كان ليفتح باب التوبة و يغلق باب المغفرة، و هو يقول:

__________________________________________________

5- الكافي 8: 334/ 525.

6-- تفسير العياشي 1: 274/ 267. [.....]

7- تفسير العياشي 1: 275/ 268.

8- تفسير العياشي 1: 275/ 269.

9- إرشاد القلوب 1: 46 «نحوه».

10- ربيع الأبرار للزمخشري 2: 217.

11- قطعة منه في أمالي الطوسي 1: 5، و عدة الداعي: 29، و الفردوس للديلمي 4: 88/ 6273، و كنز العمال 2: 68/ 3155.

(1) هو الحسين بن علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى. صاحب فخ.

(2) في المصدر زيادة: و فلان.

(3) في «س»، «ط»: عمرو بن أبي سعيد، و لم نجد له ذكرا في المصادر المتوفرة لدينا، و في المصدر: عمر بن سعيد، و الظاهر صحة ما في المتن لروايته عن أبي الحسن الرضا و أبي الحسن العسكري، انظر معجم رجال الحديث 13: 104.

(4) في المصدر: فقام فتطهر و صلى ركعتين.

(5) غافر 40: 60.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 172

وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً».

2736/ [12]- العياشي: عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه مما قد ستره الله عليه، فأما إذا قلت ما ليس فيه، فذلك قول الله: فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً

مُبِيناً

».

سورة النساء(4): آية 114 ..... ص : 172

قوله تعالى:

لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ [114]

2737/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: «إن الله فرض التمحل «2» في القرآن» قلت: و ما التمحل»

، جعلت فداك؟ قال: «أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك فتمحل «4» له، و هو قول الله: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ».

2738/ [2]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن بعض رجاله، رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «إن الله فرض عليكم زكاة جاهكم كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيديكم».

2739/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم «5»، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا حدثتكم بشي ء فاسألوني عنه «6» من كتاب الله».

ثم قال في بعض حديثه: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى عن القيل و القال، و فساد المال، و كثرة السؤال» فقيل له: يا بن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟ قال: «إن الله عز و جل يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ __________________________________________________

12- تفسير العياشي 1: 275/ 270.

1- تفسير القمي 1: 152.

2- تفسير القمي 1: 152.

3- الكافي 1: 48/ 5. [.....]

(1) في المصدر: حماد، عن أبي عبد الله، و ما في المتن هو الصواب كما أثبت ذلك في معجم رجال الحديث 6: 190.

(2) في المصدر: التحمل.

(3) في المصدر: التحمل.

(4) في المصدر: فتحمل.

(5) في المصدر زيادة:

عن أبيه، و الصواب ما في المتن، كما أثبت ذلك في معجم رجال الحديث 17: 93.

(6) (عنه) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 173

و قال: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً «1» و قال: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ «2»».

2740/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ.

قال: «يعني بالمعروف القرض».

2741/ [5]- العياشي: عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن بعض القميين «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ: «يعني بالمعروف القرض».

سورة النساء(4): آية 115 ..... ص : 173

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً [115]

2742/ [1]- العياشي: عن حريز، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما، (عليهما السلام)، قال: «لما كان أمير المؤمنين في الكوفة أتاه الناس، فقالوا: اجعل لنا إماما يؤمنا في شهر رمضان، فقال: لا، و نهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا جعلوا يقولون: ابكوا في رمضان وا رمضاناه، فأتاه الحارث الأعور في أناس، فقال: يا أمير المؤمنين، ضج الناس و كرهوا قولك، فقال عند ذلك: دعوهم و ما يريدون، ليصلي بهم من شاءوا، ثم قال: فمن يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً».

2743/ [2]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال:

خرجت أنا و الأشعث الكندي و جرير البجلي حتى إذا كنا بظهر الكوفة بالفرس، مر بنا ضب، فقال الأشعث و جرير: السلام عليك يا أمير المؤمنين.

خلافا على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما خرج الأنصاري، قال لعلي (عليه السلام)، فقال علي (عليه السلام): «دعهما فهو إمامهما يوم القيامة، أما تسمع إلى الله و هو يقول: نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى».

__________________________________________________

4- الكافي 4: 34/ 3.

5- تفسير العيّاشي 1: 275/ 271.

1- تفسير العيّاشي 1: 275/ 272.

2- تفسير العيّاشي 1: 275/ 273.

(1) النّساء 4: 5.

(2) المائدة 5: 101.

(3) في «ط»: المعتمدين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 174

2744/ [3]- علي بن إبراهيم: نزلت في بشير «1» و هو بمكة وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً و قوله: وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ أي يخالفه.

سورة النساء(4): الآيات 117 الي 119 ..... ص : 174

قوله تعالى:

إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ [117 وَ 118] 2745/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قالت قريش: إن الملائكة هم بنات الله وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ قال: كانوا يعبدون الجن.

2746/ [2]- العياشي: عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن رجل سماه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: دخل رجل على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقام على قدميه، فقال: «مه، هذا اسم لا يصلح إلا لأمير المؤمنين (عليه السلام)، الله سماه به. و لم يسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحا، و إن لم يكن به ابتلي به، و هو قول الله في كتابه: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ

إِلَّا إِناثاً وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً».

قال: قلت: فما ذا يدعى به قائمكم؟ قال: «يقال له: السلام عليك يا بقية الله، السلام عليك يا ابن رسول الله».

قوله تعالى:

لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً [118- 119]

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 152. [.....]

1- تفسير القمّي 1: 152.

2- تفسير العيّاشي 1: 276/ 274.

(1) انظر الحديث (3) و (4) من تفسير الآيات (105- 113) من هذه السورة لبيان سبب النزول. و في مجمع البيان 3: 160 كان بشير يكنّى أبا طعمة، و كان يقول الشعر و يهجو به أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) ثمّ يقول: قاله فلان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 175

2747/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً يعني إبليس حيث قال: وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ أي أمر الله.

2748/ [2]- العياشي: عن محمد بن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله:

وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ، قال: «أمر الله بما أمر به».

2749/ [3]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ، قال: «أمر الله بما أمر به».

2750/ [4]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ، قال: «دين الله».

2751/ [5]- الطبرسي، قال في قوله تعالى: فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ أي أمر الله «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

2752/ [6]- و قال الطبرسي، في قوله: فَلَيُبَتِّكُنَّ

آذانَ الْأَنْعامِ قيل: ليقطعوا «2» الآذان من أصلها. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة النساء(4): آية 120 ..... ص : 175

قوله تعالى:

يَعِدُهُمْ وَ يُمَنِّيهِمْ وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً [120]

2753/ [7]- العياشي: عن جابر، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «كان إبليس أول من ناح، و أول من تغنى، و أول من حدا، قال: لما أكل آدم من الشجرة تغنى، فلما اهبط حدا به، فلما استقر على الأرض ناح، فأذكره ما في الجنة.

فقال آدم: رب هذا الذي جعلت بيني و بينه العداوة لم أقو عليه و أنا في الجنة، و إن لم تعني عليه لم أقو عليه. فقال

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 153.

2- تفسير العيّاشي 1: 276/ 275.

3- سقط هذا الحديث من المطبوع، و هو موجود في بعض نسخ المصدر المخطوطة.

4- تفسير العيّاشي 1: 276/ 276.

5- مجمع البيان 3: 173.

6- مجمع البيان 3: 173.

7- تفسير العيّاشي 1: 276/ 277.

(1) في المصدر: يريد دين اللّه و أمره.

(2) في المصدر: ليقطعنّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 176

الله: السيئة بالسيئة، و الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة. قال: رب زدني، قال: لا يولد لك ولد إلا جعلت معه ملكين يحفظانه. قال: رب زدني. قال: التوبة معروضة في الجسد ما دام فيه الروح. قال: رب زدني. قال: أغفر الذنوب و لا أبالي. قال: حسبي.

قال: فقال إبليس: رب هذا الذي كرمته علي و فضلته، و إن لم تفضل علي لم أقو عليه. قال: لا يولد له ولد إلا ولد لك ولدان. قال: رب زدني. قال: تجري منه مجرى الدم في العروق. قال: رب زدني. قال: تتخذ أنت و ذريتك في صدورهم مساكن. قال: رب زدني. قال: تعدهم و تمنيهم وَ

ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً».

سورة النساء(4): آية 123 ..... ص : 176

قوله تعالى:

لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَ لا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ [123] 2754/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني ليس ما تتمنون أنتم، و لا أهل الكتاب أن لا تعذبوا بأفعالكم.

2755/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ قال بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أشدها من آية! فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أما تبتلون في أموالكم و في أنفسكم و ذراريكم؟ قالوا: بلى. قال: هذا مما يكتب الله لكم به الحسنات، و يمحو به السيئات».

قوله تعالى:

وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً [124] 2756/ [3]- علي بن إبراهيم: و هي النقطة التي في النواة.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 153.

2- تفسير العيّاشي 1: 277/ 278. [.....]

3- تفسير القمّي 1: 153.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 177

سورة النساء(4): آية 124 ..... ص : 177

قوله تعالى:

وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً [125] 2757/ [1]- علي بن إبراهيم: و هي الحنيفية العشرة التي جاء بها إبراهيم (عليه السلام) التي لم تنسخ إلى يوم القيامة.

قوله تعالى:

وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا [125]

2758/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام): «أن إبراهيم (عليه السلام) هو أول من حول له الرمل دقيقا، و ذلك أنه قصد صديقا له بمصر في قرض طعام فلم يجده في منزله، فكره أن يرجع بالحمار «1» خاليا، فملأ جرابه رملا، فلما دخل منزله خلى بين الحمار و بين سارة استحياء منها، و دخل البيت و نام، ففتحت سارة عن دقيق أجود ما يكون، فخبزت و قدمت إليه طعاما طيبا، فقال إبراهيم

(عليه السلام): من أين لك هذا؟ قالت: من الدقيق الذي حملته من عند خليلك المصري. فقال إبراهيم (عليه السلام): أما إنه خليلي و ليس بمصري. فلذلك اعطي الخلة»

فشكر الله و حمده «3» و أكل».

2759/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): لم اتخذ الله عز و جل إبراهيم خليلا؟ قال: «لكثرة سجوده على الأرض».

2760/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «سمعت أبي يحدث، عن أبيه (عليه السلام)، أنه قال: اتخذ الله عز و جل إبراهيم خليلا، لأنه لم يرد أحدا، و لم يسأل أحدا غير الله عز و جل».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 153.

2- تفسير القمّي 1: 153.

3- علل الشرائع: 34/ 1.

4- علل الشرائع: 34/ 2.

(1) في «ط» نسخة بدل: بالجمال.

(2) الخلّة بالضمّ: الصداقة و المحبّة التي تخللت القلب فصارت خلاله. «النهاية 2: 72».

(3) في «س» و «ط»: وحده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 178

2761/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد السناني «1» (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدي الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني «2»، قال: سمعت علي بن محمد العسكري (عليه السلام) يقول: «إنما اتخذ الله عز و جل إبراهيم خليلا لكثرة صلاته على محمد و أهل

بيته (صلوات الله عليهم)».

2762/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي البصري، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن إبراهيم، عن خارج الأصم الألسن «3» في مسجد طيبة، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن الجنيد، قال:

حدثنا أبو بكر عمرو بن سعيد، قال: حدثنا علي بن زاهر، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عطية العوفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «ما اتخذ الله إبراهيم خليلا إلا لإطعامه الطعام، و صلاته «4» بالليل و الناس نيام».

2763/ [6]- العياشي: عن ابن سنان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «إذا سافر أحدكم فقدم من سفره فليأت أهله بما «5» تيسر و لو بحجر، فإن إبراهيم (صلوات الله عليه) كان إذا ضاق أتى قومه، و إنه ضاق ضيقة فأتى قومه فوافق منهم أزمة «6»، فرجع كما ذهب، فلما قرب من منزله نزل عن حماره فملأ خرجه رملا، أراد أن يسكن به روح «7» سارة، فلما دخل منزله حط الخرج عن الحمار و افتتح الصلاة، فجاءت سارة ففتحت «8» الخرج فوجدته مملوءا دقيقا، فاعتجنت منه و اختبزت، ثم قالت لإبراهيم: انفتل من صلاتك و كل. فقال لها: أنى لك هذا؟ قالت:

من الدقيق الذي في الخرج. فرفع رأسه إلى السماء فقال: أشهد أنك الخليل».

2764/ [7]- عن سليمان الفراء، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و عن محمد بن هارون، عمن رواه عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما اتخذ الله إبراهيم خليلا أتاه ببشارة الخلة ملك الموت في صورة شاب أبيض، عليه ثوبان أبيضان، يقطر رأسه ماء و دهنا، فدخل إبراهيم

(عليه السلام) الدار فاستقبله خارجا من الدار، و كان

__________________________________________________

4- علل الشرائع: 34/ 3.

5- علل الشرائع: 35/ 4.

6- تفسير العيّاشي 1: 277/ 279.

7- تفسير العيّاشي 1: 277/ 280.

(1) في «س» و المصدر: الشيباني، انظر معجم رجال الحديث 2: 247.

(2) في «س» و «ط»: الحافظ، انظر رجال النجاشي: 247/ 653. [.....]

(3) في المصدر: أبو أحمد محمّد بن إبراهيم بن خارج الأصم البستي، و الظاهر أنّه أبو أحمد محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن جناح البستي، قدم بغداد سنة ستّ و أربعين و ثلاث مائة. تاريخ بغداد 1: 412.

(4) في «ط»: لإطعام الطعام و الصلاة.

(5) في «ط»: مما.

(6) أزمت عليه السنة: اشتد قحطها. «المعجم الوسيط- أزم- 1: 16».

(7) في المصدر: به من زوجته.

(8) في المصدر: فانفتحت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 179

إبراهيم (عليه السلام) رجلا غيورا، و كان إذا خرج في حاجة أغلق بابه و أخذ مفتاحه معه، فخرج ذات يوم في حاجة و أغلق بابه، ثم رجع ففتح بابه، فإذا هو برجل قائم كأحسن ما يكون من الرجال فأخذه، فقال: يا عبد الله، ما أدخلك داري؟ فقال: ربها أدخلنيها. فقال إبراهيم: ربها أحق بها مني، فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت، قال: ففزع إبراهيم (عليه السلام) و قال: جئتني لتسلبني روحي؟ فقال: لا، و لكن الله اتخذ عبدا خليلا فجئته ببشارة. فقال إبراهيم:

فمن هذا العبد لعلي أخدمه حتى أموت؟ فقال: أنت هو. قال: فدخل على سارة، فقال: إن الله اتخذني خليلا».

2765/ [8]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال الصادق (عليه السلام): لقد حدثني أبي الباقر، عن جدي علي بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء، عن أمير المؤمنين علي بن أبي

طالب (صلوات الله عليهم أجمعين)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، و قد قال رجل من النصارى: يا محمد، أو لستم تقولون: إن إبراهيم خليل الله، فإذا قلتم ذلك فلم منعتمونا أن نقول: إن عيسى ابن الله؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنهما لم يشتبها، لأن قولنا: إن إبراهيم خليل الله، فإنما هو مشتق من الخلة و الخلة، فأما الخلة فمعناها الفقر و الفاقة، فقد كان خليلا و إلى ربه فقيرا، و إليه منقطعا، و عن غيره متعففا معرضا مستغنيا، و ذلك لما أريد قذفه في النار فرمي به في المنجنيق، بعث الله تعالى إليه جبرئيل، و قال له: أدرك عبدي.

فجاءه فلقيه في الهواء، فقال له: كلفني ما بدا لك، فقد بعثني الله تعالى لنصرتك. فقال: بل حسبي الله و نعم الوكيل، إني لا أسال غيره، و لا حاجة لي إلا إليه، فسماه خليله، أي فقيره و محتاجه و المنقطع إليه عمن سواه.

و إذا جعل معنى ذلك من الخلة، فهو أنه قد تخلل معانيه و وقف على أسرار لم يقف عليها غيره، كان معناه العالم به و بأموره، و لا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه، ألا ترون أنه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله، و إذا لم يعلم أموره «1» لم يكن خليله، و إن من يلده الرجل، و إن أهانه و أقصاه، لم يخرج عن أن يكون ولده لأن معنى الولادة قائم».

سورة النساء(4): آية 127 ..... ص : 179

قوله تعالى:

وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَ تَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ [127] 2766/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: وَ

إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ

__________________________________________________

8- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 533/ 323.

1- تفسير القمي 1: 130.

(1) في المصدر: بأسراره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 180

النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ «1» قال: نزلت مع قوله تعالى: وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَ تَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ، فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فنصف الآية في أول السورة، و نصفها على رأس المائة و عشرين آية، و ذلك أنهم كانوا لا يستحلون أن يتزوجوا يتيمة قد ربوها، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن ذلك، فأنزل الله تعالى يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ إلى قوله: مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.

2767/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ: «فإن نبي الله (صلى الله عليه و آله) سئل عن النساء ما لهن من الميراث؟ فأنزل الله الربع و الثمن».

2768/ [2]- الطبرسي: ما كُتِبَ لَهُنَّ أي من الميراث، قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

قوله تعالى:

وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ [127]

2769/ [3]- علي بن إبراهيم: فإن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون الصبي الصغير، و لا الجارية من ميراث آبائهم شيئا، و كانوا لا يعطون الميراث إلا لمن يقاتل، و كانوا يرون ذلك في دينهم حسنا، فلما أنزل الله فرائض المواريث وجدوا من ذلك وجدا شديدا، فقالوا: انطلقوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)

فنذكره ذلك لعله يدعه أو يغيره. فأتوه، و قالوا: يا رسول الله، للجارية نصف ما ترك أبوها و أخوها، و يعطى الصبي الصغير الميراث، و ليس أحد منهما يركب الفرس̠و لا يحوز الغنيمة، و لا يقاتل العدو؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بذلك أمرت».

قوله تعالى:

وَ أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ [127] 2770/ [4]- علي بن إبراهيم: إنهم كانوا يفسدون مال اليتيم، فأمرهم الله أن يصلحوا أموالهم.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 153.

2- مجمع البيان 3: 181.

3- تفسير القمّي 1: 154.

4- تفسير القمّي 1: 154.

(1) النّساء 4: 3. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 181

سورة النساء(4): آية 128 ..... ص : 181

قوله تعالى:

وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ [128]

2771/ [1]- محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

فقال: «إذا كان كذلك فهم بطلاقها، قالت له: أمسكني و أدع لك بعض ما عليك، و أحللك من يومي و ليلتي، حل له ذلك، و لا جناح عليهما».

2772/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

فقال: «هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها، فيقول لها: إني أريد أن أطلقك، فتقول له: لا تفعل، إني أكره أن يشمت بي، و لكن انظر في ليلتي فاصنع

بها ما شئت، و ما كان سوى ذلك من شي ء فهو لك، و دعني على حالتي.

فهو قوله تبارك و تعالى: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً و هذا هو الصلح».

2773/ [3]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن الحسين بن هاشم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

قال: «هذا تكون عنده المرأة لا تعجبه فيريد طلاقها، فتقول له: أمسكني و لا تطلقني و أدع لك ما على ظهرك، و أعطيك من مالي، و أحللك من يومي و ليلتي، فقد طاب له ذلك كله».

2774/ [4]- العياشي: عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في قول الله: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

قال: «نشوز الرجل يهم بطلاق امرأته، فتقول له: أدع ما على ظهرك، و أعطيك كذا و كذا، و أحللك من يومي و ليلتي على ما اصطلحا، فهو جائز».

__________________________________________________

1- الكافي 6: 145/ 2.

2- الكافي 6: 145/ 2.

3- الكافي 6: 145/ 3.

4- تفسير العيّاشي 1: 278/ 281.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 182

2775/ [5]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

قال: «إذا كان كذلك فهم بطلاقها، قالت له: أمسكني و أدع لك بعض ما عليك، و أحللك من يومي و ليلتي، كل ذلك له، فلا جناح عليهما».

2776/ [6]- عن زرارة، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن النهارية يشترط عليها عند عقد النكاح أن يأتيها ما شاء نهارا أو من

كل جمعة أو شهر يوما، و من النفقة كذا و كذا.

قال: «فليس ذلك الشرط بشي ء، من تزوج امرأة فلها ما للمرأة من النفقة و القسمة، و لكنه إن تزوج امرأة خافت فيه نشوزا، أو خافت أن يتزوج عليها فصالحت من حقها على شي ء من قسمتها أو بعضها، فإن ذلك جائز، لا بأس به».

2777/ [7]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً.

قال: «هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها، فيقول: إني أريد أن أطلقك، فتقول: لا تفعل، فإني أكره أن يشمت بي، و لكن انتظر «1» ليلتي فاصنع ما شئت، و ما كان من سوى ذلك فهو لك، فدعني على حالي. فهو قوله:

فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ و هو هذا الصلح».

2778/ [8]- علي بن إبراهيم: نزلت في بنت محمد بن مسلمة، كانت امرأة رافع بن جريح، و كانت امرأة قد دخلت في السن و تزوج عليها امرأة شابة، كانت أعجب إليه من بنت محمد بن مسلمة، فقالت له بنت محمد بن مسلمة: ألا أراك معرضا عني مؤثرا علي؟ فقال رافع: هي امرأة شابة، و هي أعجب إلي، فإن شئت أقررت على أن لها يومين أو ثلاثة مني و لك يوم واحد، فأبت بنت محمد بن مسلمة أن ترضى، فطلقها تطليقة واحدة ثم طلقها أخرى، فقالت: لا و الله لا أرضى أن تسوي بيني و بينها، يقول الله: وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ و ابنة محمد لم تطب نفسها بنصيبها و شحت عليه، فعرض عليها رافع إما أن ترضى، و إما أن يطلقها الثالثة، فشحت على زوجها و رضيت، فصالحته على ما

ذكر، فقال الله: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ فلما رضيت و استقرت لم يستطع أن يعدل بينهما فنزلت وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ «2» أن يأتي واحدة و يذر الاخرى لا أيم و لا ذات بعل، و هذه السنة فيما كان

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 278/ 282.

6- تفسير العيّاشي 1: 278/ 283.

7- تفسير العيّاشي 1: 279/ 284.

8- تفسير القمّي 1: 154.

(1) في المصدر: و لكن انظر.

(2) النّساء 4: 129.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 183

كذلك إذا أقرت المرأة و رضيت على ما صالحها عليه زوجها فلا جناح على الزوج و لا على المرأة، و إن هي أبت طلقها أو يساوي بينهما، لا يسعه إلا ذلك.

2779/]

- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ، قال: أحضرت الشح، فمنها ما اختارته، و منها ما لم تختره.

سورة النساء(4): آية 129 ..... ص : 183

قوله تعالى:

وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ [129]

2780/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح بن شعيب و محمد بن الحسن، قالا سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم، فقال له: أليس الله حكيما؟ قال: بلى، و هو أحكم الحاكمين.

قال: فأخبرني عن قوله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً «1» أليس هذا فرض؟ قال: بلى.

قال: فأخبرني عن قوله عز و جل: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ أي حكيم يتكلم بهذا؟ فلم يكن عنده جواب، فرحل

إلى المدينة إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «يا هشام، في غير وقت حج و لا عمرة»؟ قال: نعم- جعلت فداك- لأمر أهمني، إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شي ء، قال: «و ما هي»؟ قال: فأخبره بالقصة، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «أما قوله عز و جل: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً يعني في النفقة. و أما قوله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ يعني في المودة».

قال: فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب و أخبره، قال: و الله، ما هذا من عندك.

2781/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر الأحوال، فقال: أخبرني عن قول الله:

فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً «2» و قال في آخر السورة:

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 1: 155.

1- الكافي 5: 362/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 155.

(1) النّساء 4: 3. [.....]

(2) النّساء 4: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 184

وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فبين القولين فرق؟

فقال أبو جعفر الأحول: فلم يكن عندي في ذلك جواب، فقدمت المدينة، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و سألته عن الآيتين؟ فقال: «أما قوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً فإنما عنى به النفقة، و قوله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ فإنما عنى به المودة، فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودة».

فرجع أبو جعفر الأحول إلى الرجل فأخبره، فقال:

هذا حملته الإبل من الحجاز.

2782/ [3]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ، قال: «في المودة».

2783/ [4]- الطبرسي: في قوله تعالى: فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ أي فتذروا التي لا تميلون إليها كالتي هي لا ذات زوج، و لا أيم. قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة النساء(4): آية 130 ..... ص : 184

قوله تعالى:

وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ [130]

2784/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن حمدويه بن عمران، عن ابن أبي ليلى، قال: حدثني عاصم بن حميد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه رجل فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج. قال: فاشتدت به الحاجة، فأتى أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن حاله، فقال له: اشتدت بي الحاجة، قال: «فارق» ففارق. قال: ثم أتاه فسأله عن حاله، فقال: أثريت و حسن حالي. فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«إني أمرتك بأمرين أمر الله بهما، قال الله عز و جل: وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ إلى قوله:

واسِعٌ عَلِيمٌ «1» و قال: وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ».

سورة النساء(4): آية 131 ..... ص : 184

قوله تعالى:

وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 279/ 285.

4- مجمع البيان 3: 185.

1- الكافي 5: 331/ 6.

(1) النّور 24: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 185

الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [131]

2785/ [1]- في (مصباح الشريعة و مفتاح الحقيقة) من كلام الصادق (عليه السلام)، قال (عليه السلام): «أفضل الوصايا و ألزمها أن لا تنسى ربك، و أن تذكره دائما و لا تعصيه، و تعبده قاعدا و قائما، و لا تغتر بنعمته، و اشكره أبدا، و لا تخرج من تحت أستار رحمته و عظمته و جلاله فتضل و تقع في ميدان الهلاك، و إن مسك البلاء و الضراء و أحرقتك نيران المحن.

و اعلم أن بلاياه محشوة بكراماته الأبدية، و محنة مورثة رضاه و قربته، و لو بعد حين، فيا لها

من نعم لمن علم و وفق لذلك!».

2786/ [2]- و روي أن رجلا استوصى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال (صلى الله عليه و آله): «لا تغضب قط، فإن فيه منازعة ربك». فقال: زدني. فقال (صلى الله عليه و آله): «إياك و ما يعتذر منه، فإن فيه الشرك الخفي». فقال: زدني.

فقال (صلى الله عليه و آله): «صل صلاة مودع، فإن فيه الوصلة و القربى». فقال: زدني. فقال (صلى الله عليه و آله): «استحي من الله تعالى استحياءك من صالحي جيرانك، فإن فيه زيادة اليقين، و قد أجمع الله ما يتواصى به المتواصون من الأولين و الآخرين في خصلة واحدة و هي التقوى، قال الله عز و جل: وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ و فيه جماع كل عبادة صالحة، و به وصل من وصل إلى الدرجات العلى و الرتبة القصوى، و به عاش من عاش بالحياة الطيبة و الانس الدائم، قال الله عز و جل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ «1»».

سورة النساء(4): آية 135 ..... ص : 185

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَ لَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ- إلى قوله تعالى- خَبِيراً [135]

2787/ [3]- الشيخ: بإسناده عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن منصور الخزاعي، عن علي بن سويد السائي، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «كتب أبي في رسالته إلي و سألته عن الشهادات لهم، قال:

__________________________________________________

1- مصباح الشريعة: 162.

2- مصباح الشريعة: 162.

3- التهذيب 6: 276/ 757.

(1) القمر 54: 54، 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 186

فأقم الشهادة لله عز و جل و لو على

نفسك أو الوالدين أو الأقربين فيما بينك و بينهم، فإن خفت على أخيك ضرا «1» فلا».

2788/ [1]- علي بن إبراهيم: إن الله أمر الناس أن يكونوا قوامين بالقسط، أي بالعدل، و لو على أنفسهم أو على والديهم أو على أقاربهم.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن للمؤمن على المؤمن سبع حقوق، فأوجبها أن يقول الرجل حقا و إن كان على نفسه أو على والديه، فلا يميل لهم عن الحق- ثم قال-: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا يعني عن الحق».

2789/ [2]- الطبرسي: قيل معناه: إِنْ تَلْوُوا أي تبدلوا الشهادة، أَوْ تُعْرِضُوا أي تكتموها. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة النساء(4): آية 136 ..... ص : 186

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ [136] 2790/ [3]- علي بن إبراهيم: يعني يا أيها الذين آمنوا أقروا و صدقوا.

2791/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: سماهم الله مؤمنين بإقرارهم، ثم قال لهم: صدقوا له.

سورة النساء(4): آية 137 ..... ص : 186

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا [137]

2792/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة و علي بن عبد الله «2»، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 156.

2- مجمع البيان 3: 190.

3- تفسير القمي 1: 156.

4- تفسير القمي 1: 31.

5- الكافي 1: 348/ 42. [.....]

(1) في المصدر: ضيما.

(2) في «س» و «ط»: علي بن محمد بن عبد الله، و الصواب ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 11: 311 و 12: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 187

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ «1».

قال: «نزلت في فلان و فلان و فلان آمنوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) في أول الأمر و كفروا حيث عرضت عليهم الولاية حين قال النبي (صلى الله عليه و آله): من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم كفروا حيث مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شي ء».

2793/ [2]- العياشي: عن جابر، قال: قلت لمحمد بن علي

(عليهما السلام)، قول الله في كتابه: الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا؟ قال: «هما، و الثالث، و الرابع، و عبد الرحمن، و طلحة، و كانوا سبعة عشر رجلا».

قال: «لما وجه النبي (صلى الله عليه و آله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) و عمار بن ياسر (رحمه الله) إلى أهل مكة، قالوا:

بعث هذا الصبي، و لو بعث غيره إلى أهل مكة، و في مكة صناديدها. و كانوا يسمون عليا (عليه السلام) الصبي، لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبي لقول الله عز و جل: وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً و هو صبي وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «2» فقالوا: و الله الكفر بنا أولى مما نحن فيه. فساروا، فقالوا: لهما و خوفوهما بأهل مكة، فعرضوا لهما، و غلظوا عليهما الأمر، فقال علي (صلوات الله عليه): حسبنا الله و نعم الوكيل، و مضى. فلما دخلا مكة أخبر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) بقولهم لعلي (عليه السلام) و بقول علي (عليه السلام) لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه، و ذلك قول الله: ألم تر إلى الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ إلى قوله: وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ «3».

و إنما نزلت: (ألم تر إلى فلان و فلان لقوا عليا و عمارا فقالا: إن أبا سفيان و عبد الله بن عامر و أهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم فقالوا: حسبنا الله و نعم الوكيل) و هما اللذان قال الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا إلى آخر الآية، فهذا أول كفرهم، و الكفر الثاني حين قال النبي (عليه و آله

السلام): يطلع عليكم من هذا الشعب رجل، فيطلع عليكم بوجهه، فمثله عند الله كمثل عيسى. لم يبق منهم أحد إلا تمنى أن يكون بعض أهله، فإذا بعلي (عليه السلام) قد خرج و طلع بوجهه، و قال: هو هذا! فخرجوا غضابا، و قالوا: ما بقي إلا أن يجعله نبيا، و الله الرجوع إلى آلهتنا خير مما نسمع منه في ابن عمه، و ليصدنا علي إن دام هذا. فأنزل الله وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ «4» الآية، فهذا الكفر الثاني، و زيادة الكفر «5» حين قال الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ __________________________________________________

2- تفسير العياشي 1: 279/ 286.

(1) آل عمران 3: 90.

(2) فصلت 41: 33.

(3) آل عمران 3: 173- 174.

(4) الزخرف 43: 57.

(5) في «ط»: و زاد الكفر، و في المصدر: و زاد الكفر بالكفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 188

هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ «1» فقال النبي (صلى الله عليه و آله): يا علي أصبحت و أمسيت خير البرية. فقال له الناس: هو خير من آدم و نوح و من إبراهيم و من الأنبياء؟ فأنزل الله إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ إلى سَمِيعٌ عَلِيمٌ «2» قالوا: فهو خير منك يا محمد؟ و قال الله: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً «3» و لكنه خير منكم، و ذريته خير من ذريتكم، و من اتبعه خير ممن اتبعكم. فقاموا غضابا، و قالوا زيادة: الرجوع إلى الكفر أهون علينا مما يقول في ابن عمه. و ذلك قول الله: ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً».

2794/ [3]- عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله

(عليهما السلام)، في قول الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً.

قال: «نزلت في عبد الله بن أبي سرح» الذي بعثه عثمان إلى مصر- قال- و ازدادوا كفرا حين لم يبق فيه من الإيمان شي ء».

2795/ [4]- عن أبي بصير، قال: سمعته يقول: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً من زعم أن الخمر حرام ثم شربها، و من زعم أن الزنا حرام ثم زنا، و من زعم أن الزكاة حق و لم يؤدها».

2796/ [5]- عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً.

قال: «نزلت في فلان و فلان، آمنوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) في أول الأمر، ثم كفروا حين عرضت عليهم الولاية حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قالوا له: بأمر الله و أمر رسوله، فبايعوه، ثم كفروا حين مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شي ء».

سورة النساء(4): آية 139 ..... ص : 188

قوله تعالى:

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً [139]

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 280/ 287.

4- تفسير العيّاشي 1: 281/ 288.

5- تفسير العيّاشي 1: 281/ 289.

(1) البيّنة 98: 7.

(2) آل عمران 3: 33- 34.

(3) الأعراف 7: 158. [.....]

(4) عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح من بني عامر بن لؤي، و كان قد أسلم و كتب الوحي لرسول (صلى اللّه عليه و آله)، فكان

إذا أملى عليه: عزيز حكيم يكتب عليم حكيم، و أشباه ذلك، ثمّ ارتدّ، و أهدر رسول اللّه دمه، فآواه عثمان بن عفّان. انظر اسد الغابة 3: 173.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 189

2797/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في بني امية حيث خالفوا نبيهم «1» على أن لا يردوا الأمر في بني هاشم، ثم قال: أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ يعني القوة.

سورة النساء(4): آية 140 ..... ص : 189

قوله تعالى:

وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [140] 2798/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: آيات الله هم الأئمة (عليهم السلام).

2799/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن شعيب العقرقوفي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها إلى آخر الآية.

فقال: «إنما عنى بهذا [إذا سمعت الرجل [الذي يجحد الحق و يكذب به و يقع في الأئمة، فقم من عنده و لا تقاعده كائنا من كان».

2800/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله، و أن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز و جل عنه، و الإصغاء إلى ما أسخط الله عز و جل، فقال في ذلك: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ

بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ثم استثنى الله عز و جل موضع النسيان، فقال: وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «2»».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 156.

2- تفسير القمّي 1: 156.

3- الكافي 2: 280/ 8.

4- الكافي 2: 29/ 1.

(1) في «ط»: حيث خالفوهم.

(2) الأنعام 6: 68.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 190

2801/ [4]- الكشي: عن خلف، عن الحسن بن طلحة المروزي، عن محمد بن عاصم، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «يا محمد بن عاصم، بلغني أنك تجالس الواقفة «1»»؟ قلت: نعم، جعلت فداك، أجالسهم و أنا مخالف لهم، قال: «لا تجالسهم، فإن الله عز و جل يقول: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ يعني بالآيات الأوصياء، و الذين كفروا بها يعني الواقفة».

2802/ [5]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قول الله: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها إلى قوله: إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ.

قال: «إذا سمعت الرجل يجحد الحق و يكذب به و يقع في أهله فقم من عنده و لا تقاعده».

2803/ [6]- عن شعيب العقرقوفي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ إلى قوله إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ.

فقال: «إنما عنى الله بهذا: إذا سمعت الرجل يجحد الحق و يكذب به و يقع في الأئمة فقم من عنده و لا تقاعده كائنا من كان».

2804/ [7]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله (تبارك و تعالى) فرض الإيمان على جوارح بني آدم و قسمه عليها، فليس من جوارحه جارحة إلا و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت أختها، فمنها:

أذناه اللتان يسمع بهما، ففرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله، و أن يعرض عما لا يحل له فيما نهى الله عنه، و الإصغاء إلى ما أسخط الله تعالى، فقال في ذلك: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ إلى قوله:

حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ثم استثنى موضع النسيان، فقال: وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «2» و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ إلى قوله:

أُولُوا الْأَلْبابِ «3» و قال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ «4» و قال: وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ «5» و قال: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «6» فهذا ما

__________________________________________________

4- رجال الكشي: 457/ 864.

5- تفسير العيّاشي 1: 281/ 290.

6- تفسير العيّاشي 1: 282/ 291.

7- تفسير العيّاشي 1: 282/ 292.

(1) الواقفة: هم الذين وقفوا على إمامة موسى بن جعفر (عليه السّلام) و لم يؤمنوا بإمامة ولده علي الرضا (عليه السّلام). «المقالات و الفرق: 62».

(2) الأنعام 6: 68.

(3) الزّمر 39: 17- 18. [.....]

(4) المؤمنون 23: 1- 3.

(5) القصص 28: 55.

(6) الفرقان 25: 72.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 191

فرض الله على السمع من الإيمان، و لا يصغي إلى ما لا يحل، و هو عمله، و هو من الإيمان».

سورة النساء(4): آية 141 ..... ص : 191

قوله تعالى:

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَ إِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا

أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَ نَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [141] 2805/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في عبد الله بن أبي، و أصحابه الذين قعدوا عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم احد، فكان إذا ظفر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالكفار، قالوا له: أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ و إذا ظفر الكفار، قالوا: أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ أن نعينكم و لم نعن عليكم، قال الله: فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.

2806/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال حدثني أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت الهروي، عن الرضا (عليه السلام)، في قول الله جل جلاله: وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.

قال: «فإنه يقول: و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين «1» حجة، و لقد أخبر الله تعالى عن كفار قتلوا النبيين بغير الحق، و مع قتلهم إياهم لن يجعل الله لهم على أنبيائه (عليهم السلام) سبيلا»

سورة النساء(4): الآيات 142 الي 143 ..... ص : 191

قوله تعالى:

إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ - إلى قوله تعالى- فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا [142- 143] 2807/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ قال: الخديعة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 156.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 204/ 5.

3- تفسير القمّي 1: 157.

(1) في المصدر: لكافر على مؤمن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 192

من الله العذاب وَ إِذا قامُوا

مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ أنهم

مؤمنون وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ

أي لم يكونوا من المؤمنين، و لم يكونوا من اليهود.

2808/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن محمد ابن عبد الحميد و الحسين بن سعيد، جميعا، عن محمد بن الفضيل، قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن مسألة فكتب (عليه السلام) إلي: «إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ وَ إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا

ليسوا من الكافرين، و ليسوا من المؤمنين «1»، و ليسوا من المسلمين، يظهرون الإيمان و يصيرون إلى الكفر و التكذيب، لعنهم الله».

2809/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو، عن أبي المغرا الخصاف رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من ذكر الله عز و جل في السر فقد ذكر الله كثيرا، إن المنافقين كانوا يذكرون الله علانية و لا يذكرونه في السر، فقال الله عز و جل: يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا

».

2810/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا تقم إلى الصلاة متكاسلا و لا متناعسا و لا متثاقلا، فإنهما من خلال النفاق، فإن الله سبحانه نهى المؤمنين

أن يقوموا إلى الصلاة و هم سكارى، يعني سكر النوم. و قال للمنافقين: وَ إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا

».

2811/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس «2» المعاذي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن قوله: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ ، فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا يخادع، و لكنه يجازيهم جزاء الخديعة».

__________________________________________________

2- الكافي 2: 290/ 2.

3- الكافي 2: 364/ 2.

4- الكافي 3: 299/ 1.

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 126/ 19.

(1) (و ليسوا من المؤمنين) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: محمّد بن أحمد بن إبراهيم، و كلاهما من مشايخ الصدوق، و احتمل بعض الأفاضل اتحادهما. انظر معجم رجال الحديث 14: 219 و 312.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 193

2812/ [6]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثني عبد الله بن جعفر «1»، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل: فيما النجاة غدا؟ فقال: إنما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع الله يخدعه و يخلع «2»، منه الإيمان، و نفسه»

يخدع لو يشعر.

فقيل له: و كيف يخادع الله؟ قال: يعمل بما أمره الله عز و جل ثم يريد به غيره، فاتقوا الله في الرياء فإنه شرك بالله عز و جل، إن المرائي يوم القيامة ينادى بأربعة «4» أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر،

حبط عملك، و بطل أجرك، و لا خلاق «5» لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له».

2813/ [7]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا تقم إلى الصلاة متكاسلا و لا متناعسا و لا متثاقلا فإنها من خلال «6» النفاق، قال الله للمنافقين: وَ إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا

».

2814/ [8]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: كتبت إليه أسأله عن مسألة فكتب إلي: «إن الله يقول: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ إلى قوله: سَبِيلًا ليسوا من عترة، و ليسوا من المؤمنين، و ليسوا من المسلمين، يظهرون الإيمان و يسرون الكفر و التكذيب، لعنهم الله».

قلت: في نسختين من (تفسير العياشي) تحضرني: ليسوا من عتيرة «7»، و تقدم الحديث من رواية محمد بن يعقوب: ليسوا من الكافرين ... إلى آخره «8».

قلت: و روى هذا الحديث الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد) عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: كتبت إليه أسأله و ذكر الحديث، و في الحديث بعد سبيلا: «ليسوا من عترة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ليسوا من المؤمنين، و ليسوا من المسلمين يظهرون الإيمان و يسرون الكفر و التكذيب،

__________________________________________________

6- ثواب الأعمال: 255. [.....]

7- تفسير العيّاشي 1: 282/ 293.

8- تفسير العيّاشي 1: 282/ 294.

(1) في «س» و «ط»: عنه، قال حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه). قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار. و الصواب ما في المتن. لرواية عبد اللّه بن جعفر عن هارون بن موسى كما في الفهرست: 176/ 763 و معجم رجال الحديث

19: 231.

(2) في المصدر: و ينزع.

(3) زاد في المصدر: تخدع و.

(4) في المصدر: المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة.

(5) الخلاق: الحظّ و النصيب. «المعجم الوسيط- خلق- 1: 252»، و في المصدر: فلا خلاص.

(6) الخلال: جمع خلّة، الخصلة.

(7) في «ط»: عشر-

(8) تقدم في الحديث (2) من تفسير هاتين الآيتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 194

لعنهم الله». «1»

2815/ [1]- عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل: فيما النجاة غدا؟ فقال: النجاة أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع الله يخدعه و يخلع منه الإيمان، و نفسه يخدع لو يشعر.

فقيل له: فكيف يخادع الله؟ قال: يعمل بما أمره الله ثم يريد به غيره، فاتقوا الله، و اجتنبوا الرياء «2»، فإنه شرك بالله، إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، حبط عملك، و بطل أجرك، و لا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له».

سورة النساء(4): آية 145 ..... ص : 194

قوله تعالى:

إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [145] 2816/ [2]- علي بن إبراهيم: نزلت في عبد الله بن أبي، و جرت في كل منافق و مشرك «3».

سورة النساء(4): آية 148 ..... ص : 194

قوله تعالى:

لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [148]

2817/ [3]- العياشي: بإسناده عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ، قال: «من أضاف قوما فأساء ضيافتهم فهو ممن ظلم، فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه».

2818/ [4]- أبو الجارود، عنه، قال: «الجهر بالسوء من القول أن يذكر الرجل بما فيه».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 283/ 295.

2- تفسير القمّي 1: 157.

3- تفسير العيّاشي 1: 283/ 296.

4- تفسير العيّاشي 1: 283/ 297. [.....]

(1) كتاب الزهد: 66/ 176.

(2) في «ط»: فاتقوا الرياء.

(3) في «ط»: منافق مشرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 195

2819/ [3]- علي بن إبراهيم: أي لا يحب الله أن يجهر الرجل بالظلم و السوء، و لا يظلم إلا من ظلم، فقد أطلق له أن يعارضه بالظلم.

2820/ [4]- و عنه: في حديث آخر في تفسير هذا، قال: إن جاءك رجل و قال فيك ما ليس فيك من الخير و الثناء و العمل الصالح، فلا تقبله منه و كذبه، فقد ظلمك.

2821/ [5]- الطبرسي: لا يحب الله الشتم في الانتصار، إلا من ظلم، فلا بأس له أن ينتصر ممن ظلمه بما يجوز الانتصار به في الدين، قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2822/ [6]- قال: و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته، فلا جناح عليه أن يذكر سوء «1» ما فعله».

سورة النساء(4): آية 150 ..... ص : 195

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَ نَكْفُرُ بِبَعْضٍ- إلى قوله تعالى- سَبِيلًا [150]

2823/ [7]- علي بن إبراهيم،

قال: قال: هم الذين أقروا برسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنكروا أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا أي ينالوا خيرا.

سورة النساء(4): آية 155 ..... ص : 195

قوله تعالى:

فَبِما نَقْضِهِمْ- إلى قوله تعالى- إِلَّا قَلِيلًا [155] 2824/ [8]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ يعني فبنقضهم ميثاقهم.

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 157.

4- تفسير القمّي 1: 157.

5- مجمع البيان 3: 201.

6- مجمع البيان 3: 202.

7- تفسير القمّي 1: 157.

8- تفسير القمّي 1: 157.

(1) في المصدر: في أن يذكره بسوء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 196

2825/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، قال: هؤلاء لم يقتلوا الأنبياء، و إنما قتلهم أجدادهم و أجداد أجدادهم، فرضوا هؤلاء بذلك، فألزمهم الله القتل بفعل أجدادهم، فكذلك من رضي بفعل فقد لزمه و إن لم يفعله. و الدليل على ذلك أيضا قوله في سورة البقرة: قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «1»، فهؤلاء لم يقتلوهم، و لكنهم رضوا بفعل «2» آبائهم فألزمهم قتلهم «3».

2826/ [3]- العياشي: عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «إن تقرأ هذه الآية: قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ «4» يكتبها إلى أدبارها «5»».

2827/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه)، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ «6»، قال:

«الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة

على كفرهم، كما قال الله عز و جل: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا».

سورة النساء(4): آية 156 ..... ص : 196

قوله تعالى:

وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً [156] 2828/ [5]- علي بن إبراهيم: أي قولهم: إنهم فجرت.

2829/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، عن الصادق (عليه السلام)، في حديث

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 157.

3- تفسير العيّاشي 1: 283/ 298.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 123/ 16.

5- تفسير القمّي 1: 157. [.....]

6- الأمالي: 92/ 2.

(1) البقرة 2: 91.

(2) في المصدر: بقتل.

(3) في المصدر: فعلهم.

(4) البقرة 2: 88.

(5) كذا و الظاهر أنّ في الحديث سقطا.

(6) البقرة 2: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 197

قال فيه: «ألم ينسبوا مريم بنت عمران (عليهما السلام) إلى أنها حملت بعيسى «1» من رجل نجار اسمه يوسف؟».

سورة النساء(4): آية 157 ..... ص : 197

قوله تعالى:

وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [157] قد مر الحديث في ذلك في سورة آل عمران، في قوله تعالى: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ حديث حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2».

سورة النساء(4): آية 159 ..... ص : 197

قوله تعالى:

وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً [159]

2830/ [1]- علي بن إبراهيم: فإنه روي أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا رجع آمن به الناس كلهم.

2831/]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن أبي حمزة، عن شهر بن حوشب، قال: قال لي الحجاج: يا شهر، إن آية في كتاب الله قد أعيتني. فقلت: أيها الأمير، أية آية هي؟ فقال: قوله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، و الله إني لآمر باليهودي و النصراني فيضرب عنقه ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد! فقلت: أصلح الله الأمير، ليس على ما تأولت «3». قال: كيف هو؟ قلت: إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي و لا غيره «4» إلا آمن به قبل موته، و يصلي خلف المهدي، قال: ويحك، أنى لك هذا، و من أين جئت به؟ فقلت: حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقال: جئت بها و الله من عين صافية.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 158.

2- تفسير القمّي 1: 158.

(1) في «س»: بصبيّ.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (55)

من سورة آل عمران.

(3) في «س»: أوّلت.

(4) في المصدر: و لا نصراني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 198

2832/ [3]- العياشي: عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً، قال: «هو رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

2833/ [4]- عن المفضل بن عمر «1»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ.

فقال: «هذه نزلت فينا خاصة، إنه ليس رجل من ولد فاطمة يموت و لا يخرج من الدنيا حتى يقر للإمام بإمامته كما أقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا: تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا «2»».

2834/ [5]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله في عيسى (عليه السلام): وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً، فقال: «إيمان أهل الكتاب، إنما هو بمحمد (صلى الله عليه و آله)».

2835/ [6]- عن المشرقي، عن غير واحد، في قوله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ يعني بذلك محمد (صلى الله عليه و آله)، أنه لا يموت يهودي و لا نصراني أبدا حتى يعرف أنه رسول الله، و أنه قد كان به كافرا.

2836/ [7]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً.

قال: «ليس من أحد من جميع الأديان يموت إلا رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا

من الأولين و الآخرين».

سورة النساء(4): آية 160 ..... ص : 198

قوله تعالى:

فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً [160]

2837/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 283/ 299. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 283/ 300.

5- تفسير العيّاشي 1: 284/ 301.

6- تفسير العيّاشي 1: 284/ 302.

7- تفسير العيّاشي 1: 284/ 303.

1- تفسير القمّي 1: 158.

(1) في المصدر: المفضّل بن محمّد، و هو معدود من أصحاب الصادق (عليه السّلام) أيضا، راجع رجال الشيخ الطوسي: 315/ 556.

(2) يوسف 12: 91.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 199

عبد الله (عليه السلام) يقول: «من زرع حنطة في أرض فلم تزك «1» في أرضه «2»، و خرج زرعه كثير الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة الأرض أو بظلم مزارعه و أكرته «3»، لأن الله تعالى يقول: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً يعني لحوم الإبل و البقر و الغنم، هكذا أنزلها الله فاقرءوها هكذا «4»، و ما كان الله ليحل شيئا في كتابه ثم يحرمه من بعد ما أحله، و لا يحرم شيئا ثم يحله بعد ما حرمه».

قلت: و كذلك أيضا قوله: وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما؟ «5» قال: «نعم».

قلت: فقوله: إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ «6»؟ قال: «إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة، فحرم على نفسه لحم الإبل، و ذلك من قبل أن تنزل التوراة، فلما نزلت التوراة لم يأكله و لم يحرمه».

2838/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد أو

غيره، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من زرع حنطة في أرض فلم يزك زرعه، أو خرج زرعه كثير الشعير، فبظلم عمله في ملك رقبة الأرض، أو بظلم لمزارعيه و أكرته، لأن الله عز و جل يقول: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ يعني لحوم الإبل و البقر و الغنم».

و قال: «إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة، فحرم على نفسه لحم الإبل، و ذلك قبل أن تنزل التوراة، فلما نزلت التوراة لم يحرمه و لم يأكله».

2839/ [3]- العياشي، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من زرع حنطة في أرض فلم يزك زرعه، أو خرج زرعه كثير الشعير، فبظلم عمله في ملك رقبة الأرض، أو بظلم لمزارعيه و أكرته، لأن الله يقول: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ يعني لحوم الإبل و البقر و الغنم».

__________________________________________________

2- الكافي 5: 306/ 9.

3- تفسير العيّاشي 1: 284/ 304.

(1) زكا الزرع: نما و زاد.

(2) زاد في «ط»: و زرعه، و في نسخة بدل منها: و لم يزك زرعه.

(3) الأكرة: جمع أكّار، و هو الزّرّاع. «مجمع البحرين- أكر- 3: 208».

(4) قال المجلسي (رحمه اللّه): لعلّه (عليه السّلام) قرأ «حرمنا» بالتخفيف، أي جعلناهم محرومين، و تعديته بعلى لتضمين معنى السخط أو نحوه.

و استدلّ (عليه السّلام) على ذلك بأنّ ظلم اليهود كان بعد موسى (عليه السّلام) و لم تنسخ شريعته إلّا بشريعة عيسى. و اليهود لم يؤمنوا به، فلا بدّ من أن يكون «حرمنا» بالتخفيف أي سلبنا عنهم التوفيق

حتّى ابتدعوا في دين اللّه، و حرّموا على أنفسهم الطيّبات التّي كانت حلالا عليهم افتراء على اللّه، و لم أر تلك القراءة في الشواذّ أيضا. البحار 9: 196 و 13: 326.

(5) الأنعام 6: 146. [.....]

(6) آل عمران 3: 93.

قال المجلسي: هو بالتشديد لأنّه مصرّح بأنّه إنّما حرّم على نفسه بفعله و لم يحرّمه اللّه عليه. بحار الأنوار 9: 196.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 200

و قال: «إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة، فحرم على نفسه لحم الإبل، و ذلك قبل أن تنزل التوراة، فلما نزلت التوراة لم يحرمه و لم يأكله».

سورة النساء(4): الآيات 163 الي 164 ..... ص : 200

قوله تعالى:

إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ- إلى قوله تعالى- وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً [163- 164]

2840/ [1]- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «من الأنبياء مستخفين، و لذلك خفي ذكرهم في القرآن، فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء (صلوات الله عليهم أجمعين)، و هو قول الله عز و جل:

وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ يعني لم أسم المستخفين كما سميت المستعلنين من الأنبياء (صلوات الله عليهم)».

و الحديث طويل ذكرناه بتمامه في (تفسير الهادي).

2841/ [2]- و عنه، عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله لمحمد

(صلى الله عليه و آله): إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ و أمر كل نبي بالأخذ بالسبيل و السنة».

2842/ [3]- العياشي: عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قال: «إني أوحيت إليك كما أوحيت إلى نوح و النبيين من بعده «1»، فجمع له كل وحي».

2843/ [4]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان ما بين آدم و بين نوح من الأنبياء مستخفين و مستعلنين، و لذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء، و هو قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- الكافي 8: 115/ 92.

2- الكافي 2: 24/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 285/ 305.

4- تفسير العيّاشي 1: 285/ 306.

(1) قال المجلسي: لعلّ في قرائتهم (عليهم السّلام) كان هكذا، أو نقل للآية بالمعنى، و الغرض أنّ المراد بالتشبيه التشبيه الكامل، فكلّ ما أوحى إليهم أوحى إليه (صلى اللّه عليه و آله). بحار الأنوار 16: 325.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 201

وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً يعني لم أسم المستخفين كما سميت المستعلنين من الأنبياء».

2844/ [5]- الشيخ المفيد في (الاختصاص) في حديث عبد الله بن سلام، و قد قال ليهود خيبر: كيف لا تتبعون داعي الله؟- يعني النبي (صلى الله عليه و آله)- قالوا: يا بن سلام، ما علمنا أن محمدا صادق فيما يقول، قال: فإذن نسأله عن الكائن و المكون، و الناسخ و المنسوخ، فإن كان نبيا كما يزعم فإنه سيبين لنا كما بين الأنبياء من قبل.

قالوا: يا بن سلام، سر إلى محمد حتى تنقض كلامه و تنظر كيف يرد عليك الجواب، فقال: إنكم

قوم تجهلون، إذ لو كان هذا محمدا الذي بشر به موسى و داود و عيسى بن مريم، و كان خاتم النبيين، فلو اجتمع الثقلان الإنس و الجن على أن يردوا على محمد حرفا واحدا أو آية ما استطاعوا بإذن الله.

قالوا: صدقت- يا بن سلام- فما الحيلة؟ قال: علي بالتوراة. فحملت التوراة إليه، فاستنسخ منها ألف مسألة و أربعا و أربعين مسألة «1»، ثم جاء بها إلى النبي (صلى الله عليه و آله) حتى دخل عليه يوم الإثنين بعد صلاة الفجر. فقال:

السلام عليك، يا محمد، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «و على من اتبع الهدى و رحمة الله و بركاته، من أنت؟». فقال: أنا عبد الله بن سلام، من رؤساء بني إسرائيل، و ممن قرأ التوراة، و أنا رسول اليهود إليك مع آيات من التوراة تبين لنا ما فيها، نراك من المحسنين.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «الحمد لله على نعمائه- يا بن سلام- أ جئتني سائلا أو متعنتا؟» قال: بل سائلا، يا محمد.

قال: «على الضلالة أم على الهدى؟» قال: بل على الهدى، يا محمد.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «فسل عما تشاء» قال: أنصفت، يا محمد، فأخبرني عنك، أ نبي أنت أم رسول؟

قال: «أنا نبي و رسول، و ذلك قوله في القرآن: مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ «2»».

قال: صدقت، يا محمد، و قال له ابن سلام: فأخبرني ما العشرون؟ قال (صلى الله عليه و آله): «العشرون انزل الزبور على داود في عشرين يوما خلون من شهر رمضان، و ذلك قوله في القرآن: وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً». و الحديث طويل.

سورة النساء(4): آية 166 ..... ص : 201

قوله تعالى:

لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ

أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً [166]

__________________________________________________

5- الاختصاص: 42 و 47.

(1) في المصدر: و أربع مسائل.

(2) غافر 40: 78.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 202

2845/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنما أنزلت: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ في علي أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً».

2846/ [2]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ في علي أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً».

سورة النساء(4): الآيات 168 الي 170 ..... ص : 202

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [168- 170]

2847/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن محمد بن الفضيل، عن [أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية هكذا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً، ثم قال: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ في ولاية علي فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَ إِنْ تَكْفُرُوا بولاية علي فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ».

2848/ [4]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً

إلى قوله يَسِيراً ثم قال: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ في ولاية علي فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَ إِنْ تَكْفُرُوا بولايته فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 159.

2- تفسير العيّاشي 1: 285/ 307.

3- الكافي 1: 351/ 59.

4- تفسير العيّاشي 1: 285/ 307.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 203

2849/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: و قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ» إلى آخر الآية.

2850/ [4]- الطبرسي: قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ قيل: بولاية من أمر الله تعالى بولايته. عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة النساء(4): آية 171 ..... ص : 203

قوله تعالى:

إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ [171]

2851/ [5]- الطبرسي: سمي المسيح لأنه ممسوح «1» البدن من الأدناس و الآثام، كما روي عن النبي (صلى الله عليه و آله).

2852/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال «2»، عن ثعلبة، عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ رُوحٌ مِنْهُ، قال: «هي روح الله مخلوقة خلقها الله في آدم و عيسى».

سورة النساء(4): آية 172 ..... ص : 203

قوله تعالى:

فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا- إلى قوله تعالى- وَكِيلًا [171] 2853/ [7]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا، فهم الذين قالوا

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 159. [.....]

4- مجمع البيان 3: 221.

5- مجمع البيان 3: 222.

6- الكافي 1: 103/ 2.

7- تفسير القمّي 1: 159.

(1) في المصدر: أمّا الدجال فإنّه سمّي المسيح لأنّه ممسوح العين اليمنى أو اليسرى، و عيسى ممسوح.

(2) في «س» و «ط»: الجمّال، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو عبد اللّه بن محمّد الأسدي الكوفي الحجّال، راجع معجم رجال الحديث 10: 301 و 23: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 204

بالله و بعيسى و بمريم، فقال الله: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا

قوله تعالى:

ْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ - إلى قوله تعالى-مِيعاً [172]

2854/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى:نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ ، أي لا يأنف أن يكون عبدا لله

لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً

سورة النساء(4): الآيات 174 الي 175 ..... ص : 204

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً- إلى قوله تعالى- وَ يَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً [174- 175]

2855/ [2]- العياشي: عن عبد الله بن سليمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً؟ قال: «البرهان محمد (عليه و آله السلام)، و النور علي (عليه السلام)».

قال: قلت له صِراطاً مُسْتَقِيماً؟ قال: الصراط المستقيم علي (عليه السلام)».

2856/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: النور إمامة علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قال: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ اعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ و هم الذين تمسكوا بولاية أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام).

سورة النساء(4): آية 176 ..... ص : 203

قوله تعالى:

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [176]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 159.

2- تفسير العيّاشي 1: 285/ 308.

3- تفسير القمّي 1: 159.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 205

2857/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بكير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا مات الرجل و له اخت لها نصف ما ترك من الميراث بالآية كما تأخذ البنت لو كانت، و النصف الباقي يرد عليها بالرحم، إذا لم يكن للميت وارث أقرب منها، فإن كان موضع الاخت أخ أخذ الميراث كله بالآية لقول الله: وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ و إن كانتا

أختين أخذتا الثلثين بالآية، و الثلث الباقي بالرحم، و إن كانوا إخوة رجالا و نساء فللذكر مثل حظ الأنثيين، و ذلك كله إذا لم يكن للميت ولد، أو أبوان، أو زوجة».

2858/ [2]- العياشي: عن بكير بن أعين، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فدخل عليه رجل، فقال: ما تقول في أختين و زوج؟ قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «للزوج النصف، و للأختين ما بقي».

قال: فقال الرجل: ليس هكذا يقول الناس، قال: «فما يقولون»؟ قال: يقولون: للأختين الثلثان، و للزوج النصف، و يقسمون على سبعة.

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و لم قالوا ذلك؟» قال: لأن الله سمى للأختين الثلثين، و للزوج النصف.

قال: «فما يقولون لو كان مكان الأختين أخ»؟ قال: يقولون: للزوج النصف و ما بقي فللأخ. فقال له: «فيعطون من أمر الله له بالكل النصف، و من أمر الله بالثلثين أربعة من سبعة؟!».

قال: و أين سمى الله له ذلك؟ قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «اقرأ الآية التي في آخر السورة يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ» قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فإنما كان ينبغي لهم أن يجعلوا لهذا المال «1» للزوج النصف ثم يقسمون على تسعة» قال: فقال الرجل: هكذا يقولون. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فهكذا يقولون».

ثم أقبل علي فقال: «يا بكير، نظرت في الفرائض؟» قال: قلت: و ما أصنع بشي ء هو عندي باطل؟ قال: فقال:

«انظر فيها، فإنه إذا جاءت تلك كان أقوى لك عليها».

2859/ [3]- عن حمزة بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)

عن الكلالة. قال: «ما لم يكن له والد و لا ولد».

2860/ [4]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا ترك الرجل امه و أباه و ابنته أو ابنه، فإذا هو ترك واحدا من هؤلاء الأربعة، فليس هو من الذي عنى الله في قوله: قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ليس يرث مع

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 159.

2- تفسير العيّاشي 1: 285/ 309.

3- تفسير العيّاشي 1: 286/ 310.

4- تفسير العيّاشي 1: 286/ 311.

(1) في مستدرك الوسائل 17: 177 المثال. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 206

الام و لا مع الأب و لا مع الابن و لا مع الابنة إلا زوج أو زوجة، فإن الزوج لا ينقص من النصف شيئا إذا لم يكن معه ولد، و لا تنقص الزوجة من الربع شيئا إذا لم يكن معها ولد».

2861/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ: «إنما عنى الله الاخت من الأب و الام، أو أخت لأب، فلها النصف مما ترك، و هو يرثها إن لم يكن لها ولد، و إن كانوا إخوة رجالا و نساء فللذكر مثل حظ الأنثيين، فهم الذين يزادون و ينقصون، و كذلك أولادهم يزادون و ينقصون».

2862/ [6]- عن زرارة، قال: قال (عليه السلام): «سأخبرك و لا أزوي لك شيئا، و الذي أقول لك هو و الله الحق المبين- قال- فإذا ترك امه أو أباه أو ابنه أو ابنته، فإذا ترك واحدا من هذه الأربعة، فليس الذي عنى الله في كتابه:

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ و لا يرث مع الأب و لا

مع الام و لا مع الابن و لا مع الابنة أحد من الخلق غير الزوج و الزوجة، و هو يرثها إن لم يكن لها ولد، يعني جميع مالها».

2863/ [7]- عن بكير، قال: دخل رجل على أبي جعفر (عليه السلام) فسأله عن امرأة تركت زوجها و إخوتها لامها و أختا لأب.

قال: «للزوج النصف ثلاثة أسهم، و للإخوة من الام الثلث سهمان، و للاخت للأب سهم» فقال له الرجل: فإن فرائض زيد و ابن مسعود و فرائض العامة و القضاة على غير ذا يا أبا جعفر، يقولون: للاخت للأب و الام ثلاثة أسهم، نصيب من ستة، يعول إلى «1» ثمانية! فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و لم قالوا»؟ قال: لأن الله قال: وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجون بأمر الله، فإن الله سمى لها النصف، و إن الله سمى للأخ الكل، فالكل أكثر من النصف، فإنه تعالى قال: فَلَها نِصْفُ و قال للأخ: وَ هُوَ يَرِثُها يعني جميع المال إن لم يكن لها ولد، فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في بعض فرائضكم شيئا، و تعطون الذي جعل الله له النصف تاما؟!».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 286/ 312.

6- تفسير العيّاشي 1: 287/ 313.

7- تفسير العيّاشي 1: 287/ 314.

(1) في «ط» نسخة بدل: في.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 207

المستدرك (سورة النساء) ..... ص : 207

سورة النساء(4): آية 82 ..... ص : 207

قوله تعالى:

وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [82]

[1]- (الاحتجاج) للطبرسي: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث، قال: «و الله سبحانه يقول: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «1»، «و فيه تبيان كل شي ء» و ذكر أن الكتاب يصدق بعضه

بعضا، و أنه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً و إن القرآن ظاهره أنيق، و باطنه عميق، لا تفنى عجائبه، و لا تنقضي غرائبه، و لا تكشف الظلمات إلا به».

سورة النساء(4): آية 144 ..... ص : 207

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [144]

[2]- (مناقب ابن شهر آشوب): عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أعداءه أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ علي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 262، نهج البلاغة: 61 (الخطبة 17).

2- المناقب 2: 9.

(1) الأنعام 6: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 208

سورة النساء(4): آية 153 ..... ص : 208

قوله تعالى:

أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [153]

[1]- (الاحتجاج) للطبرسي، روي عن عبد الله بن سنان، عن الإمام الصادق (عليه السلام)- في حديث- قال: «إن الله أمات قوما خرجوا مع موسى (عليه السلام) حين توجه إلى الله، فقالوا: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فأماتهم الله ثم أحياهم».

سورة النساء(4): آية 165 ..... ص : 208

قوله تعالى:

رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ [165]

[2]- (تحف العقول): روي عن الإمام أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام)- في حديث- قال: «إن الله جل و عز لم يخلق الخلق عبثا، و لا أهملهم سدى، و لا أظهر حكمته لعبا، و بذلك أخبر في قوله: أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً «1».

فإن قال قائل: فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتى اختبرهم؟

قلنا: بلى، قد علم ما يكون منهم قبل كونه، و ذلك قوله: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ «2» و إنما اختبرهم ليعلمهم عدله و لا يعذبهم إلا بحجة بعد الفعل، و قد أخبر بقوله: وَ لَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا «3»، و قوله: وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا «4»، و قوله: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ فالاختبار من الله بالاستطاعة التي ملكها عبده، و هو القول بين الجبر و التفويض، و بهذا نطق القرآن و جرت الأخبار عن الأئمة من آل الرسول (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 344.

2- تحف العقول: 474.

(1) المؤمنون 23: 115.

(2) الأنعام 6: 28.

(3) طه 20: 134.

(4) الأسراء 17: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 209

سورة النساء(4): آية 173 ..... ص : 209

قوله تعالى:

وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [173]

[1]- (مناقب ابن شهر آشوب): أبو الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام): وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ الآية. لآل محمد.

__________________________________________________

1- المناقب 4: 421. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 211

سورة المائدة مدنية ..... ص : 211

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 213

سورة المائدة فضلها: ..... ص : 213

2864/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة المائدة في كل يوم خميس لم يلبس «1» إيمانه بظلم، و لم يشرك بربه أحدا «2»».

2865/ [2]- العياشي: عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه): نزلت المائدة قبل أن يقبض النبي (صلى الله عليه و آله) بشهرين أو ثلاثة».

و في رواية اخرى عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

2866/ [3]- عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: «كان القرآن ينسخ بعضه بعضا، و إنما كان يؤخذ من أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بآخره، فكان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة، نسخت «3» ما قبلها، و لم ينسخها شي ء، و لقد نزلت عليه و هو على بغلته الشهباء، و ثقل عليه الوحي حتى وقفت «4» و تدلى بطنها «5»، حتى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض، و أغمي على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى وضع يده على ذؤابة «6»

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 105.

2- تفسير العيّاشي 1: 288/ 1.

3- تفسير العيّاشي 1: 288/ 2، البحار 18: 271/ 37.

(1) في المصدر: لم يلتبس.

(2) في المصدر: به أبدا.

(3) في «ط»: فنسخت.

(4) في «ط»: وقعت.

(5) أي استرسل إلى الأسفل.

(6) الذؤابة: الناصية، و هي شعر مقدّم الرأس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 214

شيبة بن وهب الجمحي «1» ثم رفع ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقرأ علينا سورة المائدة، فعمل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عملنا «2»».

2867/

[4]- عن أبي الجارود، عن محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة المائدة في كل يوم خميس لم يلبس إيمانه بظلم، و لم يشرك أبدا».

2868/ [5]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) و فيهم علي (عليه السلام)، فقال: ما تقولون في المسح على الخفين؟ فقام المغيرة بن شعبة، فقال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يمسح على الخفين. فقال علي (عليه السلام): قبل المائدة أو بعدها؟ فقال: لا أدري. فقال علي (عليه السلام): سبق الكتاب الخفين، إنما أنزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة».

2869/ [6]- و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «من قرأها اعطي من الأجر عشر حسنات، و محي عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات، بعدد كل يهودي و نصراني «3» يتنفس «4»».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 288/ 3.

5- التهذيب 1: 361/ 1091.

6- مصباح الكفعمي: 439، مجمع البيان 3: 231 بتقديم و تأخير.

(1) في «ط» نسخة بدل: الجهمي. و في بعض النسخ و البحار: منبه، راجع اسد الغابة 4: 415.

(2) في «س»: و عملناه. [.....]

(3) في «ط»: كلّ يهودي و يهوديّة و نصراني و نصرانية.

(4) زاد في المصدرين: في دار الدنيا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 215

سورة المائدة(5): آية 1 ..... ص : 215

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [1]

2870/ [1]- العياشي، عن سماعة، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (صلوات الله و سلامه عليهم)، قال: «ليس في القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا إلا و هي في التوراة يا أيها المساكين».

2871/ [2]- عن النضر بن سويد، عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. قال: «العهود».

عن ابن سنان، مثله.

2872/ [3]- عن عكرمة، أنه قال: ما أنزل الله جل ذكره يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا و رأسها علي بن أبي طالب (عليه السلام).

2873/ [4]- عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ما أنزلت آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا و علي شريفها و أميرها، و لقد عاتب الله أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) في غير مكان و ما ذكر عليا (عليه السلام) إلا بخير.

2874/ [5]- و من طريق المخالفين: موفق بن أحمد بإسناده، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ما أنزل الله عز و جل في القرآن آية يقول فيها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا كان علي بن أبي طالب شريفها و أميرها.

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 289/ 4.

2- تفسير العيّاشي 1: 289/ 5.

3- تفسير العيّاشي 1: 289/ 6، حلية الأولياء 1: 64، شواهد التنزيل 1: 51/ 78، كفاية الطالب: 139.

4- تفسير العيّاشي 1: 289/ 7، شواهد التنزيل 1: 49- 51/ 70 و 74 و 77، كفاية الطالب: 140، الرياض النضرة 3: 180.

5- مناقب الخوارزميّ: 198.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 216

2875/ [6]- و في (صحيفة الرضا (عليه السلام))، قال: «ليس في القرآن آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا في حقنا».

2876/ [7]- العياشي، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى (عليه السلام)، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «ليس في القرآن

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا و هي في التوراة: يا أيها المساكين».

2877/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قوله: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. قال: «بالعهود».

2878/ [9]- عنه، قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن ابن أبي عمير، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) عقد عليهم لعلي (عليه السلام) بالخلافة في عشرة مواطن، ثم أنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين (عليه السلام)».

قوله تعالى:

أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ [1]

2879/ [1]- الشيخ، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، فقال: «الجنين في بطن امه، إذا أشعر و أوبر، فذكاته ذكاة امه، [فذلك الذي عنى الله تعالى».

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام)، مثله «1».

ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال:

سألته، مثله «2».

__________________________________________________

6- مناقب ابن شهر آشوب 3: 53 عن صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام).

7- تفسير العيّاشي 1: 289/ 8.

8- تفسير القمّي 1: 160.

9- تفسير القمّي 1: 160.

1- التهذيب 9: 58/ 244.

(1) الكافي 6: 234/ 1.

(2) من لا يحضره الفقيه 3: 209/ 966. [.....]

البرهان في تفسير القرآن،

ج 2، ص: 217

2880/ [2]- العياشي، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: في قول الله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، قال: «هو الذي في البطن تذبح امه فيكون في بطنها».

2881/ [3]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، قال: «هي الأجنة التي في بطون الأنعام، و قد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يأمر ببيع الأجنة».

2882/ [4]- عنه: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: روى بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، قال: «الجنين في بطن امه، إذا أشعر و أوبر، فذكاة امه ذكاته».

2883/ [5]- عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): «أن عليا (عليه السلام) سئل عن أكل لحم الفيل و الدب و القرد، فقال: ليس هذا من بهيمة الأنعام التي تؤكل».

2884/ [6]- عن المفضل، قال: سألت الصادق (عليه السلام)، عن قول الله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ.

قال: «البهيمة ها هنا: الولي، و الأنعام: المؤمنون».

2885/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: في قوله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ، قال: الجنين في بطن امه، إذا أوبر و أشعر، فذكاته ذكاة امه، فذلك الذي عناه الله».

2886/ [8]- الطبرسي: المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن المراد بذلك أجنة الأنعام التي تؤخذ من «1» بطون أمهاتها إذا أشعرت، و قد ذكيت الأمهات- و هي حية «2»- فذكاتها ذكاة أمهاتها».

سورة المائدة(5): آية 2 ..... ص : 217

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلائِدَ وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 289/ 9.

3- تفسير العيّاشي 1: 289/ 10.

4-

تفسير العيّاشي 1: 290/ 11.

5- تفسير العيّاشي 1: 290/ 12.

6- تفسير العيّاشي 1: 290/ 13.

7- تفسير القمّي 1: 160.

8- مجمع البيان 3: 234.

(1) في المصدر: توجد في.

(2) في المصدر: و هي ميتة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 218

وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ [2] 2887/ [1]- علي بن إبراهيم: الشعائر: الإحرام و الطواف و الصلاة في مقام إبراهيم و السعي بين الصفا و المروة و المناسك كلها من الشعائر، و من الشعائر إذا ساق الرجل بدنة في الحج ثم أشعرها- أي قطع سنامها- أو جللها أو قلدها ليعلم الناس أنها هدي، فلا يتعرض لها أحد، و إنما سميت الشعائر لتشعر الناس بها فيعرفونها.

و قوله: لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ و هو ذو الحجة، و هو من أشهر الحرم، و قوله: وَ لَا الْهَدْيَ و هو الذي يسوقه إذا أحرم، و قوله: وَ لَا الْقَلائِدَ قال: يقلدها النعل التي قد صلى فيها، و قوله: وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قال: الذين يحجون البيت.

2888/ [2]- الطبرسي، قال أبو جعفر (عليه السلام): نزلت هذه الآية في رجل من بني ربيعة يقال له: (الحطم) «1».

و قال الفراء: «كانت عادة العرب لا تدري «2» الصفا و المروة من الشعائر، و لا يطوفون بينهما، فنهاهم الله عن ذلك. و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام). وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ.

2889/ [3]- الطبرسي في قوله تعالى: وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ.

قال: قال ابن عباس: إن ذلك في كل من توجه حاجا. و به قال الضحاك و الربيع. ثم قال: و اختلف في هذا، فقيل: هو منسوخ بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «3» عن أكثر المفسرين «4». و قيل:

«ما نسخ من «5» هذه

السورة شي ء و لا من هذه الآية، لأنه لا يجوز أن يبتدأ المشركون في الأشهر الحرم بالقتال إلا إذا قاتلوا. ثم قال الطبرسي: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

2890/ [4]- العياشي: عن موسى بن بكر «6»، عن بعض رجاله: أن زيد بن علي دخل على أبي جعفر (عليه السلام) و معه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم، و يخبرونه باجتماعهم، و يأمرونه بالخروج إليهم، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى أحل حلالا، و حرم حراما، و ضرب أمثالا، و سن سننا، و لم يجعل الإمام

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 160.

2- مجمع البيان 3: 236- 237.

3- مجمع البيان 3: 239.

4- تفسير العيّاشي 1: 290/ 14.

(1) انظر التبيان 3: 421، تفسير الطبري 6: 38، الدر المنثور 3: 9. [.....]

(2) في المصدر: لا ترى.

(3) التوبة 9: 5.

(4) منهم عليّ بن إبراهيم كما في الحديث السادس الآتي في تفسير هذه الآية.

(5) في المصدر: لم ينسخ في.

(6) في المصدر: بكير، و الصحيح ما أثبتناه، و هو موسى بن بكر بن دأب، روى هذا الحديث عمّن حدّثه عن أبي جعفر (عليه السّلام) في الكافي 1: 290/ 16، و انظر معجم رجال الحديث 19: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 219

العالم بأمره في شبهة مما فرض الله من الطاعة، أن يسبقه بأمر قبل محله، أو يجاهد قبل حلوله، و قد قال الله في الصيد: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ «1» فقتل الصيد أعظم، أم قتل النفس الحرام؟ و جعل لكل محلا، و قال:

وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا و قال: لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ فجعل الشهور عدة معلومة، و جعل منها أربعة

حرما، و قال: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ «2»».

2891/ [5]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا: فأحل لهم الصيد بعد تحريمه إذا أحلوا.

و قد مر حديث في ذلك في قوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «3».

2892/ [6]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا: أي لا يحملنكم عداوة قريش أن صدوكم عن المسجد الحرام في غزوة الحديبية أن تعتدوا عليهم و تظلموهم وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ ثم نسخت هذه الآية بقوله:

فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «4».

سورة المائدة(5): آية 3 ..... ص : 219

قوله تعالى:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ [3]

2893/ [1]- الشيخ: بإسناده عن أبي الحسين الأسدي، عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام)، أنه قال: سألته عما أهل لغير الله، قال: «ما ذبح لصنم، أو وثن، أو

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 161.

6- تفسير القمّي 1: 161.

1- التهذيب 9: 83/ 354.

(1) المائدة 5: 95.

(2) التوبة 9: 2.

(3) تقدّم في الحديث (13) من تفسير الآية (203) من سورة البقرة.

(4) التوبة 9: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 220

شجر، حرم الله ذلك كما حرم الميتة و الدم و لحم الخنزير فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ «1»

أن يأكل الميتة».

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، متى تحل للمضطر الميتة؟ قال: «حدثني أبي عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام):

أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل، فقيل له: يا رسول الله، إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة، فمتى تحل لنا الميتة؟

قال: ما لم تصطبحوا، أو تغتبقوا، أو تحتفوا بقلا «2» فشأنكم بهذا».

قال عبد العظيم: فقلت له: يا بن رسول الله، فما معنى قوله عز و جل: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ «3»؟

قال: «العادي: السارق، و الباغي: الذي يبغي الصيد بطرا و لهوا لا ليعود به على عياله، و ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار، و ليس لهما أن يقصرا في صوم و لا صلاة في سفر».

قال: فقلت له فقوله تعالى: وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ؟

قال: «المنخنقة: التي انخنقت بأخناقها حتى تموت، و الموقوذة: التي مرضت و وقذها «4» المرض حتى لم تكن بها حركة، و المتردية: التي تتردى من مكان مرتفع إلى أسفل، أو تتردى من جبل، أو في بئر فتموت، و النطيحة: التي تنطحها بهيمة أخرى فتموت، و ما أكل السبع منه فمات، و ما ذبح على النصب: على حجر أو صنم إلا ما أدركت ذكاته فذكي».

قلت: وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ؟ قال: «كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا فيما بين عشرة أنفس و يستقسمون عليه بالقداح، و كانت عشرة: سبعة لها أنصباء «5»، و ثلاثة لا أنصباء لها، أما التي لها أنصباء: فالفذ، و التوأم، و النافس، و الحلس، و المسبل، و المعلى، و الرقيب. و

أما التي لا أنصباء لها: فالسفيح «6»، و المنيح، و الوعد.

و كانوا يجيلون السهام بين عشرة، فمن خرج منها باسمه سهم من التي لا أنصباء لها الزم ثلث ثمن البعير، فلا

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 173.

(2) الاصطباح هنا: أكل الصّبوح و هو الغداء، و الغبوق: العشاء. و أصلهما في الشّرب ثمّ استعملا في الأكل، أي: ليس لكم أن تجمعوهما من الميتة.

قال الأزهريّ: قد أنكر هذا على أبي عبيد، و فسّر أنّه أراد إذا لم تجدوا لبينة تصطحبونها أو شرابا تغتبقونه، و لم تجدوا بعد عدّمكم الصبوح و الغبوق بقلة تأكلونها حلّت لكم الميتة. و قال: هذا هو الصحيح. «النهاية 3: 6».

و قال العلامة المجلسي في شرح هذا الحديث: يمكن أن يكون المراد ما لم تأكلوا على عادة الاصطباح و الاغتباق، بأن تأكلوا تملّيا و تشبعوا منها. و قوله: «أو تحتفوا بقلا» أي: تستأصلوها و تأكلوها جميعا، بأن يكون احتفاء البقل كناية عن استئصالها، فإنّ مثل هذا التعبير شائع في عرفنا على سبيل التمثيل فلعلّه كان في عرفهم أيضا كذلك. و في بعض نسخ الكتاب: «تحتقبوا» بالحاء المهملة و القاف و الباء الموحدة.

فالمراد: الادّخار، أي ما لم يكن معكم بقل ادّخرتموه. «ملاذ الأخبار 14: 293- 294». [.....]

(3) البقرة 2: 173.

(4) وقذها: غلبها.

(5) الأنصباء: جمع نصيب، الحظّ من كلّ شي ء. و قيل: الأنصباء: العلائم.

(6) في المصدر: فالسفح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 221

يزالون كذلك حتى تقع السهام التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة، فيلزمونهم ثمن البعير ثم ينحرونه، و يأكله السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا، و لم يطعموا منه الثلاثة الذين وفروا ثمنه شيئا، فلما جاء الإسلام حرم الله تعالى ذكره ذلك فيما حرم، و قال عز

و جل: وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ يعني حراما».

و روى ابن بابويه هذا الحديث في (الفقيه) عن عبد العظيم، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1».

2894/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، [و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام بن المؤدب، و علي بن عبد الله الوراق، و حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قالوا:] حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع و ثلاث مائة، قال:

حدثني أبي، عن أبي أحمد «2» محمد بن زياد الأزدي. و أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، جميعا، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (صلوات الله عليهما) أنه قال في قوله عز و جل:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ الآية، قال: «الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ معروف وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ يعني ما ذبح للأصنام. و أما الْمُنْخَنِقَةُ فان المجوس كانوا لا يأكلون الذبائح و يأكلون الميتة، و كانوا يخنقون البقر و الغنم، فإذا اختنقت و ماتت أكلوها. وَ الْمُتَرَدِّيَةُ كانوا يشدون عينها و يلقونها من السطح، فإذا ماتت أكلوها. وَ النَّطِيحَةُ كانوا يناطحون بالكباش، فإذا مات أحدها أكلوه. وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ فكانوا يأكلون ما يقتله الذئب و الأسد، فحرم الله عز و جل ذلك وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ كانوا يذبحون لبيوت النيران، و قريش كانوا يعبدون الشجر و الصخر فيذبحون لهما. وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ، قال: كانوا يعمدون إلى جزور فيجزئونه عشرة أجزاء،

ثم يجتمعون عليه فيخرجون السهام و يدفعونها إلى رجل، و السهام عشرة: سبعة لها أنصباء، و ثلاثة لا أنصباء لها، فالتي لها أنصباء: الفذ، و التوأم، و المسبل، و النافس، و الحلس، و الرقيب، و المعلى. فالفذ له سهم، و التوأم له سهمان، و المسبل له ثلاثة أسهم، و النافس له أربعة أسهم، و الحلس له خمسة أسهم، و الرقيب له ستة أسهم، و المعلى له سبعة أسهم، و التي لا أنصباء لها: السفيح و المنيح و الوغد، و ثمن الجزور على من لا يخرج له من الأنصباء شي ء، و هو القمار، فحرمه الله عز و جل».

2895/ [3]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كل شي ء من الحيوان غير الخنزير، و النطيحة، و المتردية، و ما أكل السبع، و هو قول الله: إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ فإن أدركت «3» شيئا منها و عين تطرف، أو قائمة تركض، أو ذنب يمصع «4» فقد أدركت [ذكاته فكله

__________________________________________________

2- الخصال: 451/ 57.

3- التهذيب 9: 58/ 241.

(1) من لا يحضره الفقيه 3: 216/ 1007.

(2) في «س» و «ط»: عن أحمد بن، تصحيف، صوابه ما في المتن، و هو أبو أحمد محمّد بن أبي عمير الأزدي، راجع رجال النجاشي:

326/ 887.

(3) في «س» و «ط»: فإذا ذكيت.

(4) مصعت الدابّة بذنبها: حرّكته. «الصحاح- مصع- 3: 1285».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 222

قال: و إن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت في النار، أو في الماء، أو من فوق بيتك، أو جبل إذا كنت قد أجدت الذبح فكل».

2896/ [4]- العياشي: عن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابه قال:

قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، لم حرم الله الميتة و الدم و لحم الخنزير؟

فقال: «إن الله تبارك و تعالى لم يحرم ذلك على عباده و أحل لهم ما سواه من رغبة منه تبارك و تعالى فيما حرم عليهم، و لا زهد فيما أحل لهم، و لكنه خلق الخلق و علم ما يقوم به أبدانهم و ما يصلحهم فأحله و أباحه تفضلا منه عليهم لمصلحتهم، و علم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرمه عليهم، ثم أباحه للمضطر و أحله لهم في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك».

ثم قال: «أما الميتة فإنه لا يدنو منها أحد و لا يأكلها إلا ضعف بدنه، و نحل جسمه، و وهنت قوته، و انقطع نسله، و لا يموت آكل الميتة إلا فجأة. و أما الدم فانه يورث الكلب «1»، و قسوة القلب، و قلة الرأفة و الرحمة، لا يؤمن أن يقتل ولده و والديه، و لا يؤمن على حميمه، و لا يؤمن على من صحبه. و أما لحم الخنزير فإن الله مسخ قوما في صورة شي ء شبه الخنزير و القرد و الدب، و ما كان من الأمساخ، ثم نهى عن أكل مثله لكي لا ينتفع بها و لا يستخف بعقوبته. و أما الخمر فانه حرمها لفعلها و فسادها».

و قال: «إن مدمن الخمر كعابد وثن، و يورثه ارتعاشا، و يذهب بنوره، و يهدم مروءته، و يحمله على أن يجسر «2» على المحارم من سفك الدماء، و ركوب الزنا، و لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه و هو لا يعقل ذلك، و الخمر لم يرد شاربها إلا إلى

كل شر».

2897/ [5]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كل شي ء من الحيوان غير الخنزير و النطيحة و الموقوذة و المتردية، و ما أكل السبع [و هو] قول الله: إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ فإن أدركت شيئا منها و عين تطرف، أو قائمة تركض، أو ذنب يمصع فذبحت فقد أدركت ذكاته، فكله- قال- و إن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت في النار، أو في الماء، أو من فوق بيت، أو من فوق جبل إذا كنت قد أجدت الذبح فكل».

2898/ [6]- عن عيوق بن قرط «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: الْمُنْخَنِقَةُ قال: «التي تختنق «4» في رباطها وَ الْمَوْقُوذَةُ: المريضة التي لا تجد ألم الذبح، و لا تضطرب، و لا يخرج لها دم وَ الْمُتَرَدِّيَةُ: التي

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 291/ 15.

5- تفسير العيّاشي 1: 291/ 16.

6- تفسير العيّاشي 1: 292/ 18.

(1) الكلب: داء شبيه بالجنون، يعرض لصاحبه أعراض رديئة، و يمتنع عن شرب الماء حتّى يموت عطشا. [.....]

(2) كذا في الكافي 6 لا 243، و الفقيه 3: 219، و المحاسن 1: 335، و وسائل الشيعة 16: 377 و هو الأنسب، و في «س» و «ط»: و المصدر:

يكسب.

(3) في «س، ط» و المصدر: عبوق بن قسوط، و ما أثبتناه من رجال الطوسي: 268/ 743 و معجم رجال الحديث 13: 217.

(4) في «س»: تنخنق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 223

تردى من فوق بيت أو نحوه وَ النَّطِيحَةُ: التي تنطح صاحبها».

2899/ [7]- عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «المتردية و النطيحة و ما أكل السبع، إن أدركت ذكاته، فكله».

قوله تعالى:

الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا

تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ [3] 2900/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: ذلك لما نزلت ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

2901/ [9]- العياشي: عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) في هذه الآية: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ: «يوم يقوم القائم (عليه السلام) يئس بنو امية فهم الَّذِينَ كَفَرُوا يئسوا من آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

قوله تعالى:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [3]

2902/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «آخر فريضة أنزلها الله تعالى الولاية، ثم لم ينزل بعدها فريضة، ثم أنزل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بكراع الغميم فأقامها رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالجحفة «1»، فلم ينزل بعدها فريضة».

2903/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثني أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 292/ 17.

8- تفسير القمّي 1: 162.

9- تفسير العيّاشي 1: 292/ 19.

10- تفسير القمّي 1: 162.

11- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 216/ 1.

(1) الجحفة: قرية كبيرة على طريق المدينة من مكّة، بينها و بين غدير خمّ ميلان. «معجم البلدان 2: 11».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 224

الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) «1» بمرو فاجتمعنا في الجامع «2» يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأدار «3» الناس أمر

الإمامة، و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي و مولاي الرضا (عليه السلام)، فأعلمته خوضان الناس في ذلك «4» فتبسم (عليه السلام)، ثم قال: «يا عبد العزيز، جهل القوم و خدعوا عن أديانهم، إن الله عز و جل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه و آله) حتى أكمل لهم «5» الدين، و أنزل عليهم «6» القرآن فيه تفصيل كل شي ء، و بين فيه الحلال و الحرام، [و الحدود] و الأحكام، و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «7» و أنزل في حجة الوداع و هي آخر عمره (صلى الله عليه و آله): الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فأمر الإمامة من تمام الدين، و لم يمض (صلى الله عليه و آله) حتى بين لامته معالم دينهم، و أوضح لهم سبيلهم، و تركهم على قصد الحق، و أقام لهم عليا (عليه السلام) علما و إماما، و ما ترك شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز و جل، و من رد كتاب الله تعالى فهو كافر».

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب في (الكافي) عن أبي محمد القاسم بن العلاء «8» (رحمه الله)، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام)، و ذكر الحديث «9» و هو طويل، ذكرناه بتمامه في قول الله تعالى:

وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ من سورة القصص «10».

2904/ [3]- الطبرسي، قال: حدثنا السيد العالم أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني، قال: حدثني أبو القاسم

عبيد الله ابن عبد الله الحسكاني، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجاني، قال: أخبرنا أبو أحمد البصري، قال: حدثنا أحمد بن عمار بن خالد، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني «11»، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما نزلت هذه الآية،

__________________________________________________

3- مجمع البيان 3: 246.

(1) في المصدر: قال: كنّا في أيّام عليّ بن موسى الرضا (عليهم السّلام).

(2) في المصدر: في مسجد جامعها في.

(3) أي تنازعوا و تخاصموا فيه.

(4) في المصدر: ما خاض الناس فيه. [.....]

(5) في المصدر: له.

(6) في المصدر: عليه.

(7) الأنعام 6: 38.

(8) في «س» و «ط»: بن أبي العلاء، و الصواب ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 14: 32.

(9) الكافي 1: 154/ 1.

(10) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (68) من سورة القصص.

(11) في «س» و «ط»: يحيى بن عبد العزيز الحجاني، و الصواب ما في المتن، كما في الجرح و التعديل 9: 168، تهذيب التهذيب 11: 243، معجم رجال الحديث 20: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 225

قال: «الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضا الرب برسالتي و ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعدي».

و قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله».

2905/ [4]- و قال أبو علي الطبرسي: المروي عن الإمامين أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أنه إنما انزل بعد أن نصب النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) علما للأنام يوم غدير خم

منصرفه عن حجة الوداع» قال: «و هي آخر فريضة أنزلها الله تعالى ثم لم ينزل بعدها فريضة».

2906/ [5]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أعطيت سبعا «1» لم يعطها أحد قبلي سوى النبي (صلى الله عليه و آله)، لقد فتحت لي السبل، و علمت المنايا، و البلايا، و الأنساب، و فصل الخطاب، و لقد نظرت إلى الملكوت بإذن ربي، فما غاب عني ما كان قبلي و لا ما يأتي بعدي، و إن بولايتي أكمل الله لهذه الامة دينهم، و أتم عليهم النعم، و رضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد (صلى الله عليه و آله): يا محمد، أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم، و أتممت عليهم النعم، و رضيت لهم إسلامهم، كل ذلك من الله به علي فله الحمد».

2907/ [6]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو محمد الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني «2» بجرجان، قال: حدثنا هارون بن عمر بن عبد العزيز بن محمد بن أبو موسى المجاشعي، قال:

حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه أبي عبد الله (عليه السلام) «3»، عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: بناء «4» الإسلام على خمس خصال: على الشهادتين، و القرينتين

قيل له: أما الشهادتان فقد عرفناهما، فما القرينتان؟ قال: الصلاة و الزكاة، فإنه لا تقبل إحداهما إلا بالأخرى، و الصيام و حج بيت الله من استطاع إليه سبيلا، و ختم ذلك بالولاية، فأنزل الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً».

2908/ [7]- و عنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسن بن علي

__________________________________________________

4- مجمع البيان 3: 246.

5- الأمالي 1: 208.

6- الأمالي 2: 131.

7- الأمالي 2: 268.

(1) في المصدر: تسعا.

(2) في «س» و «ط»: المفضّل بن محمّد بن المسيّب السّوائي، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 439/ 1182.

(3) في المصدر زيادة: قال المجاشعي: و حدّثنا الرضا عليّ بن موسى، عن أبيه موسى (عليه السّلام)، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، و قالا جميعا عن آبائهما. [.....]

(4) في المصدر: بني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 226

ابن صالح «1» بن شعيب الجوهري، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن محمد «2»، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري «3»، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: حدثنا الحسن بن علي (عليه السلام): «أن الله عز و جل بمنه و برحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه بل رحمة منه- لا إله إلا هو- ليميز الخبيث من الطيب، و ليبتلي ما في صدوركم، و ليمحص ما في قلوبكم، و لتتسابقوا إلى رحمته، و لتتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج و العمرة و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و الصوم و الولاية، و جعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض مفتاحا

إلى سبيله «4»، و لولا محمد (صلى الله عليه و آله) و الأوصياء من ولده (عليهم السلام) كنتم حيارى كالبهائم، لا تعرفون فرضا من الفرائض، و هل تدخل «5» قرية إلا من بابها؟ فلما من عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم (صلى الله عليه و آله)، قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ففرض عليكم لأوليائه حقوقا، و أمركم بأدائها إليهم، ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم و أموالكم و مآكلكم و مشاربكم، و يعرفكم بذلك البركة و النماء و الثروة ليعلم من يطيعه منكم بالغيب.

ثم قال عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «6» فاعلموا أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه، إن الله هو الغني و أنتم الفقراء إليه، فاعملوا من بعد ما شئتم، فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون، ثم تردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون، و العاقبة للمتقين، و لا عدوان إلا على الظالمين.

سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول: خلقت من نور الله عز و جل و خلق أهل بيتي من نوري، و خلق محبوهم من نورهم، و سائر الناس «7» في النار».

2909/ [8]- السيد الرضي في كتاب (المناقب): عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، قال: «لما انصرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حجة الوداع نزل أرضا يقال لها: ضوجان «8»، فنزلت هذه الآية

__________________________________________________

8- غاية المرام: 337/ 6، عن مناقب السيّد الرضي.

(1) في المصدر: الحسين بن صالح.

(2) في «س» و «ط»: محمّد بن محمّد، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع

معجم رجال الحديث 18: 54.

(3) سقطت الواسطة بين إسحاق بن إسماعيل النيسابوري و الامام الصادق (عليه السّلام)، لأنّ إسحاق بن إسماعيل النيسابوري من أصحاب أبي محمّد العسكري (عليه السّلام)، كما في رجال الطوسي 428/ 6، و روى الصدوق هذا الحديث في علل الشرائع: 249/ 6 بالإسناد عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري عن الحسن بن عليّ العسكريّ (عليه السّلام)، و ليس فيه: سمعت جدّي رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم). إلى آخر الحديث

(4) في المصدر: سبيله.

(5) في «ط»: تدخلون.

(6) الشورى 42: 23.

(7) في المصدر: و سائر الخلق.

(8) كذا و الظاهر أنّها تصحيف، ضجنان: جبل بناحية مكّة على طريق المدينة في أسفله (الغميم) قرب غدير خم. «معجم البلدان 3: 453، معجم ما استعجم 3: 856.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 227

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «1» فلما نزلت عصمته من الناس، نادى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس إليه و قال (عليه السلام): من أولى منكم بأنفسكم؟

فضجوا بأجمعهم، و قالوا: الله و رسوله. فأخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، فإنه مني و أنا منه، و هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. و كانت آخر فريضة فرضها الله تعالى على امة محمد (صلى الله عليه و آله)، ثم أنزل الله تعالى على نبيه الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فقبلوا

من رسول الله (صلى الله عليه و آله) كل ما أمرهم الله من الفرائض في الصلاة و الصوم و الزكاة و الحج، و صدقوه على ذلك».

قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): متى كان ذلك؟ قال: «لسبع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة عشر، عند منصرفه من حجة الوداع، و كان بين ذلك و بين وفاة النبي (صلى الله عليه و آله) مائة يوم «2»، و كان سمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغدير خم اثنا عشر رجلا» «3».

2910/ [9]- و رواه الشيخ الفاضل المتكلم الفقيه العالم الزاهد الورع أبو علي محمد بن أحمد بن علي الفتال- المعروف بابن الفارسي- و هو من أجلاء قدماء الإمامية من علمائها و متكلميها، روى في كتابه المعروف ب (روضة الواعظين) عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «حج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من المدينة، و قد بلغ جميع الشرائع قومه ما خلا الحج و الولاية، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك:

إني لم أقبض نبيا من أنبيائي و رسلي إلا بعد إكمال ديني و تأكيد حجتي، و قد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغهما قومك: فريضة الحج، و فريضة الولاية و الخلافة «4» من بعدك، فإني لم أخل الأرض من حجة، و لن أخليها أبدا، و إن الله يأمرك أن تبلغ قومك الحج، تحج و يحج معك كل من استطاع السبيل من أهل الحضر و أهل الأطراف و الأعراب، و تعلمهم من حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم و زكاتهم و صيامهم، و توقفهم من ذلك على

مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرائع.

فنادى منادي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الناس: ألا إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يريد الحج و أن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرائع دينكم، و يوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه. و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

9- روضة الواعظين: 89.

(1) المائدة 5: 67.

(2) المدّة بين خطبة الغدير في 18 من ذي الحجّة و وفاة الرسول (صلى اللّه عليه و آله) في 28 من صفر أقل من ذلك.

(3) (رجلا) ليس في غاية المرام، و لعلّ ذلك إشارة إلى الاثني عشر بدريا الذين شهدوا لأمير المؤمنين (عليه السّلام) بحديث الغدير يوم المناشدة في الرحبة، كما في مسند أحمد 1: 88، أمّا الذين حضروا خطبة الوداع و سمعوا من رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) حديث الغدير، فهم مائة ألف أو يزيدون. [.....]

(4) في «س»: و الخليفة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 228

و خرج معه الناس، و أصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحج بهم فبلغ من حج مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أهل المدينة و أهل الأطراف و الأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون «1»، على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون (عليه السلام) فنكثوا و اتبعوا العجل و السامري، و كذلك أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) البيعة لعلي (عليه السلام) بالخلافة- على عدد أصحاب موسى- فنكثوا البيعة و اتبعوا العجل و السامري سنة بسنة، و مثلا بمثل، و اتصلت التلبية ما بين مكة و المدينة، فلما توقف بالموقف «2» أتاه

جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك، إنه قد دنا أجلك و مدتك، و إني أستقدمك على ما لا بد منه و لا محيص عنه، فاعهد عهدك، و قدم وصيتك، و اعمد إلى ما عندك من العلم و ميراث علوم الأنبياء من قبلك، و السلاح و التابوت و جميع ما عندك من آيات الأنبياء من قبلك، فسلمها إلى وصيك و خليفتك من بعدك، حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب، فأقمه للناس و خذ عهده و ميثاقه و بيعته، و ذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي و ميثاقي الذي واثقتهم به، و عهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي، و مولاهم و مولى كل مؤمن و مؤمنة، علي بن أبي طالب. فإني لم أقبض نبيا من أنبيائي إلا بعد إكمال حجتي و ديني، و إتمام نعمتي بولاية أوليائي و معاداة أعدائي، و ذلك كمال توحيدي و ديني، و تمام نعمتي على خلقي باتباع وليي و إطاعته، و ذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة على خلقي، فاليوم أكملت لكم دينكم، و أتممت عليكم نعمتي، و رضيت لكم الإسلام دينا علي وليي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، علي عبدي و وصي نبيي و الخليفة من بعده، و حجتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته مع طاعة محمد نبيي، و مقرون طاعة محمد بطاعتي، من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني و بين خلقي، فمن عرفه كان مؤمنا، و من أنكره كان كافرا، و من أشرك ببيعته كان مشركا، و من لقيني بولايته دخل الجنة، و من لقيني بعداوته دخل

النار. فأقم يا محمد عليا علما، و خذ عليهم البيعة، و خذ عهدي و ميثاقي لهم الذي «3» واثقتهم عليه فإني قابضك إلي، و مستقدمك.

فخشي رسول الله (صلى الله عليه و آله) قومه و أهل النفاق و الشقاق أن يتفرقوا و يرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم، و ما يبطنون عليه أنفسهم لعلي (عليه السلام) من البغضاء، و سأل جبرئيل (عليه السلام) أن يسأل ربه العصمة من الناس و انتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس من الله عز و جل، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) و أمره «4» أن يعهد عهده و يقيم حجته عليا للناس «5»، و لم يأته بالعصمة من الله عز و جل بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم- بين مكة و المدينة- فأتاه جبرئيل و أمره بالذي امر به من قبل و لم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرئيل، إني لأخشى قومي أن يكذبوني، و لا يقبلوا قولي في علي. فرحل، فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة

__________________________________________________

(1) في «س»: ألفا و يزيدون.

(2) في المصدر: وقف الموقف.

(3) في المصدر: و ميثاقي بالذي.

(4) في المصدر: فأتاه جبرئيل (عليه السّلام) في مسجد الخيف فأمره.

(5) في «ط» نسخة بدل: و يقيم عليّا علما للناس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 229

أميال، أتاه جبرئيل (عليه السلام) على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر و الانتهار و العصمة من الناس، فقال: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «1» فكان أولهم بلغ قرب

الجحفة فأمره أن يرد من تقدم منهم، و يحبس من تأخر منهم في ذلك المكان، ليقيم عليا (عليه السلام) للناس، و يبلغهم ما أنزل الله عز و جل في علي (عليه السلام) و أخبره أن الله تعالى قد عصمه من الناس.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ما جاءته العصمة مناديا ينادي، فنادى في الناس بالصلاة جامعة، و تنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير، أمره بذلك جبرئيل (عليه السلام) عن الله تعالى، و في الموضع سلمات «2» فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقم ما تحتهن، و ينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس، فتراجع الناس و احتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون، و قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) فوق تلك الأحجار، و قال (صلى الله عليه و آله):

الحمد لله الذي علا بتوحيده، و دنا في تفريده، و جل في سلطانه، و عظم في أركانه، و أحاط بكل شي ء علما و هو في مكانه «3»، و قهر جميع الخلق بقدرته و برهانه. حميد لم يزل محمودا، و لا يزال مجيدا، لا يزول مبدئا و معيدا، و كل أمر إليه يعود بارئ المسموكات، و داحي المدحوات، قدوس سبوح رب الملائكة و الروح، متفضل على جميع من برأه، متطول على جميع من ذرأه، يلحظ كل عين و العيون لا تراه. كريم رحيم ذو أناة، قد وسع كل شي ء رحمته، و من على جميع خلقه بنعمته، لا يعجل بانتقامه، و لا يبادر عليهم بما استحقوا من عذابه، قد فهم السرائر، و علم الضمائر، و لم تخف عليه المكنونات، و ما اشتبهت عليه الخفيات، له الإحاطة بكل

شي ء، و الغلبة لكل شي ء، و القوة في كل شي ء، و القدرة على كل شي ء، لا مثله شي ء، و هو منشئ الشي ء حين لا شي ء و حين لا حي. قائم بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، جل عن أن تدركه الأبصار، و هو يدرك الأبصار، و هو اللطيف الخبير، لا يلحق وصفه أحد بمعاينة و لا يحد، كيف و هو من سر و لا علانية، إلا بما دل عز و جل على نفسه.

أشهد له بأنه الله الذي لا إله إلا هو «4»، الذي أبلى الدهر قدسه، و الذي يفني «5» الأبد نوره، و الذي ينفذ أمره بلا مشاورة «6» مشير، و لا معه شريك في تقدير، و لا تفاوت في تدبير، صور ما ابتدع بلا مثال، و خلق ما خلق بلا معونة من أحد، و لا تكلف و لا احتيال، أنشأها فكانت، و برأها فبانت، و هو الله الذي لا إله إلا هو المتقن الصنعة، الحسن الصنيعة، العدل الذي لا يجور، و الأكرم الذي إليه ترجع الأمور.

و أشهد أنه الله الذي تواضع كل شي ء لعظمته، و ذل كل شي ء لعزته، و أسلم كل شي ء لقدرته، و خضع كل

__________________________________________________

(1) المائدة 5: 67.

(2) السّلمات: جمع سلمة، شجر من العضاه. «النهاية 2: 395».

(3) زاد في المصدر: يعني أنّ الشي ء في مكانه.

(4) (الذي لا إله إلّا هو) ليس في المصدر.

(5) في «ط»: يغشى.

(6) في المصدر: مشورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 230

شي ء لهيبته مالك «1» الأملاك، و مسخر الشمس و القمر في الأفلاك، كل يجري لأجل مسمى، يكور الليل على النهار، و يكور النهار على الليل، يطلبه حثيثا، قاصم كل جبار عنيد، و مهلك كل شيطان مريد، لم

يكن له ضد، و لا معه ند، أحد صمد، لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد، إلها واحدا و ربا ماجدا، يشاء فيمضي، و يريد فيقضي، و يعلم فيحصي، و يميت و يحيي، و يفقر و يغني، و يضحك و يبكي، و يدني و يقصي «2»، و يمنع و يعطي.

له الملك و له الحمد، بيده الخير، و هو على كل شي ء قدير، يولج الليل في النهار، و يولج النهار في الليل، لا إله إلا هو العزيز الغفار، مستجيب الدعاء، جزيل العطاء، محصي الأنفاس، رب الجنة و الناس، الذي لا تشكل عليه لغة، و لا يضجره المستصرخون، و لا يبرمه إلحاح الملحين، العاصم للصالحين، و الموفق للمتقين، مولى المؤمنين «3»، رب العالمين، الذي استحق من كل خلق أن يشكره و يحمده على كل حال.

أحمده و أشكره على السراء و الضراء، و الشدة و الرخاء، و أؤمن به و بملائكته و كتبه و رسله، فاسمعوا و أطيعوا لأمره، و بادروا إلى مرضاته، و سلموا لقضائه رغبة في طاعته، و خوفا من عقوبته، لأنه الله الذي لا يؤمن مكره، و لا يخاف جوره.

أقر له على نفسي بالعبودية، و أشهد له بالربوبية، و أؤدي ما أوحى إلي به خوفا و حذرا من أن تحل بي قارعة لا يدفعها عني أحد، و إن عظمت منته، و صفت خلته، لأنه لا إله إلا هو قد أعلمني إن لم أبلغ ما أنزل إلي فما بلغت رسالته، و قد ضمن لي العصمة، و هو الله الكافي الكريم، و أوحى إلي: بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ

فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.

معاشر الناس، ما قصرت عن تبليغ ما أنزله تعالى، و أنا مبين لكم سبب نزول هذه الآية: إن جبرئيل (عليه السلام) هبط إلي مرارا ثلاثا، يأمرني عن السلام ربي، و هو السلام، أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض و أحمر و أسود أن علي بن أبي طالب أخي و وصيي و خليفتي، و هو الإمام من بعدي الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، و هو وليكم بعد الله و رسوله، و قد أنزل الله تبارك و تعالى علي بذلك آية من كتابه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «4» و علي بن أبي طالب الذي أقام الصلاة و آتى الزكاة و هو راكع يريد الله عز و جل في كل حال.

و سألت جبرئيل (عليه السلام) أن يستعفي لي من تبليغ ذلك إليكم- أيها الناس- لعلمي بقلة المتقين، و كثرة المنافقين، و إدغال «5» الآثمين، و ختل «6» المستهزئين، الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم

__________________________________________________

(1) في المصدر: ملك.

(2) في «ط» و المصدر: و يدبر فيقضي. [.....]

(3) في «ط» نسخة بدل: و مولى العالمين.

(4) المائدة: 5: 55.

(5) الدغل: الفساد و المخالفة. «لسان العرب- دغل- 11: 244».

(6) الختل: الخداع. «لسان العرب- ختل- 11: 199»، و في «س»: حيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 231

يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ «1» و يحسبونه هينا، و هو عند الله عظيم، لكثرة أذاهم لي غير مرة حتى سموني أذنا «2» و زعموا أنه كذلك، لكثرة ملازمتي إياه «3» و إقبالي عليه حتى أنزل الله في

ذلك الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ فقال قُلْ أُذُنُ على الذين يزعمون أنه أذن خَيْرٍ لَكُمْ «4» إلى آخر الآية، و لو شئت أن أسمي القائلين بأسمائهم لسميت و أومأت إليهم بأعيانهم، و لو شئت أن أدل عليهم لدللت، و لكني في أمرهم قد تكرمت، و كل ذلك لا يرضى الله عني «5» إلا أن ابلغ ما أنزل إلي، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ الآية.

فاعلموا- معاشر الناس- و افهموه، و اعلموا أن الله قد نصبه لكم وليا و إماما، مفترضة طاعته على المهاجرين و الأنصار، و على التابعين لهم بإحسان، و على البادي و الحاضر، و الأعجمي و العربي، و الحر و المملوك، و الصغير و الكبير، و على الأبيض و الأسود، و على كل موحد، ماض حكمه، جائز قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه، مؤمن من صدقه، قد غفر الله لمن سمع و أطاع له.

معاشر الناس، إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد، فاسمعوا و أطيعوا و انقادوا لأمر ربكم، فإن الله عز و جل هو مولاكم و إلهكم، ثم من دونه رسوله «6» محمد وليكم القائم المخاطب لكم «7»، ثم من بعدي علي وليكم و إمامكم بأمر من الله ربكم، ثم الإمامة في الذين من صلبه إلى يوم يلقون الله و رسوله، لا حلال إلا ما أحله الله، و لا حرام إلا ما حرمه الله، عرفني الحلال و الحرام، و أنا قضيت مما علمني ربي من كتابه و حلاله و حرامه إليه.

معاشر الناس، ما من علم إلا و قد

أحصاه الله في، و كل علم علمت فقد أحصيته في إمام المتقين «8»، ما من علم إلا علمته عليا و هو الإمام المبين.

معاشر الناس، لا تضلوا عنه، و لا تنفروا «9» منه، و لا تستنكفوا من ولايته، فهو الذي يهدي إلى الحق و يعمل به، و يزهق الباطل و ينهى عنه، و لا تأخذه في الله لومة لائم، ثم إنه أول من آمن بالله و رسوله و الذي فدى رسول الله بنفسه، و الذي كان مع رسول الله و لا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره.

معاشر الناس، فضلوه فقد فضله الله، و اقبلوه فقد نصبه الله.

__________________________________________________

(1) الفتح 48: 11.

(2) الاذن: من يصدّق كلّ من يسمع.

(3) في المصدر: ملازمته إيّاي.

(4) التوبة 9: 61.

(5) في المصدر: مني.

(6) في المصدر: رسولكم.

(7) (لكم) ليس في المصدر.

(8) في نسخة من «ط»: في إمام مبين.

(9) في المصدر: تفرّوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 232

معاشر الناس، إنه إمام من الله، و لن يتوب الله على أحد أنكر ولايته، و لن يغفر الله له، حقا «1» على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه، و أن يعذبه عذابا نكرا أبدا الآبدين و دهر الداهرين، فاحذروا أن تخالفوني فتصلوا نارا وقودها الناس و الحجارة أعدت للكافرين.

أيها الناس، بي- و الله- بشر الأولون «2» من النبيين و المرسلين، و أنا خاتم النبيين و المرسلين، و الحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات و الأرضين، فمن شك في ذلك فهو كافر، كفر الجاهلية الاولى، و من شك في قولي هذا فقد شك في الكل منه، و الشك في ذلك فهو في النار.

معاشر الناس، حباني الله بهذه الفضيلة منا منه علي، و إحسانا منه

إلي، و لا إله إلا هو، له الحمد مني أبد الآبدين و دهر الداهرين على كل حال.

معاشر الناس، فضلوا عليا فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر و أنثى، بنا أنزل الله الرزق و بقي الخلق. ملعون ملعون، مغضوب مغضوب على من رد علي قولي هذا. ألا إن جبرئيل خبرني عن الله بذلك، و يقول: من عادى عليا و لم يتوله فعليه لعنتي و غضبي «3» فلتنظر نفس ما قدمت لغد و اتقوا الله أن تخالفوا فتزل قدم بعد ثبوتها، إن الله خبير ما تعملون.

معاشر الناس، تدبروا القرآن، و افهموا آياته و محكماته، و لا تتبعوا متشابهه، فو الله لن يبين لكم زواجره «4» و لا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده، و مصعده إلي و شائل بعضده، و معلمكم أن من كنت مولاه فهذا علي مولاه، و هو علي بن أبي طالب أخي و وصيي، و موالاته من الله تعالى، أنزلها علي.

معاشر الناس، إنه جنب الله الذي ذكر في كتابه يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «5».

معاشر الناس، إن عليا و الطيبين من ولدي هم الثقل الأصغر، و القرآن هو الثقل الأكبر، و كل واحد منهما منبئ عن صاحبه، موافق له، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، أمناء لله «6» في خلقه، و حكماؤه في أرضه، ألا و إن الله عز و جل قال، و أنا قلته عن الله عز و جل، ألا و قد أديت، ألا و قد بلغت، ألا و قد أسمعت، ألا و قد أوضحت، ألا و إنه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا، و لا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره. ثم ضرب بيده على عضد علي

فرفعه، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد شال «7» عليا (عليه السلام) حتى صارت رجلاه مع ركبة رسول الله (صلوات الله عليهما) ثم قال:

__________________________________________________

(1) في المصدر: حتما. [.....]

(2) في المصدر: هي و اللّه بشرى الأوّلين.

(3) (بذلك و يقول ... و غضبي) ليس في المصدر.

(4) في المصدر: فواللّه لهو مبين لكم نورا واحدا.

(5) الزّمر 39: 56.

(6) في المصدر: بأمر اللّه.

(7) أي رفعه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 233

معاشر الناس، هذا علي أخي و وصيي، و واعي علمي «1»، و خليفتي على امتي، و على تفسير كتاب الله عز و جل، و الداعي إليه، و العامل بما يرضاه، و المحارب لأعدائه و الموالي على طاعته، و الناهي عن معصيته، خليفة رسول الله، و أمير المؤمنين و الإمام الهادي بأمر الله، و قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين بأمر الله.

أقول: مما يبدل القول لدي بأمر ربي، أقول: اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و العن من أنكره و جحد حقه، و اغضب على من جحده.

اللهم إنك أنت أنزلت الإمامة لعلي وليك عند تبيين ذلك بتفضيلك إياه بما أكملت لعبادك من دينهم، و أتممت عليهم نعمتك «2» و رضيت لهم الإسلام دينا، فقلت: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ «3» اللهم إني أشهدك أني قد بلغت.

معاشر الناس، إنما أكمل الله عز و جل دينكم بإمامته، فمن لم يأتم به و بمن كان من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة و العرض على الله تعالى، فأولئك حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَ فِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ «4» لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ

الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ «5».

معاشر الناس، هذا علي، أنصركم لي، و أحق الناس بي، و أقربكم إلي، و أعزكم علي، و الله عز و جل و أنا عنه راضيان، و ما أنزلت آية رضا إلا فيه، و ما خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به، و لا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه، و لا شهد الله بالجنة في هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ «6» إلا له، و لا أنزلها في سواه، و لا مدح بها غيره.

معاشر الناس، هو «7» ناصر دين الله، و المجادل عن الله «8»، و هو التقي النقي الهادي المهدي، نبيكم خير نبي، و وصيكم خير وصي، و بنوه خير الأوصياء.

معاشر الناس، ذرية كل نبي من صلبه، و ذريتي من صلب علي.

معاشر الناس، إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد، فلا تحسدوه، فتحبط أعمالكم و تزل أقدامكم، فإن آدم (عليه السلام) اهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة، و هو صفوة الله تعالى، فكيف أنتم إن زللتم و أنتم عباد الله! ما يبغض عليا إلا شقي، و لا يتولى عليا إلا تقي، و لا يؤمن به إلا مؤمن مخلص، في علي و الله أنزلت سورة العصر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ __________________________________________________

(1) في المصدر: و الراعي بعدي.

(2) في المصدر: و أنعمت عليهم بنعمتك.

(3) آل عمران 3: 85.

(4) التوبة 9: 17.

(5) البقرة 2: 162، آل عمران 3: 88.

(6) الإنسان 76: 1.

(7) في المصدر: هذا.

(8) في المصدر: رسول الله. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 234

وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ «1».

معاشر الناس، قد أشهدت الله و بلغتكم الرسالة، وَ ما عَلَى الرَّسُولِ

إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ «2».

معاشر الناس، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «3».

معاشر الناس، آمنوا بالله و رسوله و النور الذي انزل معه مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها «4».

معاشر الناس، النور من الله عز و جل في، ثم مسلوك في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله و بحق كل مؤمن، لأن الله عز و جل قد جعلنا حجة على المقصرين و المعاندين «5» و المخالفين و الخائنين و الآثمين و الظالمين من جميع العالمين.

معاشر الناس، إني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أ فإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاكرين «6» الصابرين ألا إن عليا الموصوف بالصبر و الشكر ثم من بعده ولدي من صلبه.

معاشر الناس، لا تمنوا علي «7» بإسلامكم فيسخط الله عليكم، فيصيبكم بعذاب من عنده، إن ربك لبالمرصاد.

معاشر الناس، سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار، و يوم القيامة لا ينصرون. معاشر الناس، إن الله و أنا بريئان منهم.

معاشر الناس، إنهم و أنصارهم و أشياعهم و أتباعهم في الدرك الأسفل من النار، و لبئس مثوى المتكبرين «8».

معاشر الناس، إني أدعها إمامة «9» و وراثة في عقبي إلى يوم القيامة، و قد بلغت ما بلغت حجة على كل حاضر و غائب، و على كل أحد ممن شهد أو لم يشهد، و ولد أو لم يولد، فليبلغ الحاضر الغائب، و الوالد الولد إلى يوم القيامة، و سيجعلونها ملكا و اغتصابا، ألا لعن الله الغاصبين و المغتصبين، و عندها سنفرغ لكم أيها الثقلان فيرسل عليكما شواظ من نار

و نحاس فلا تنتصران «10».

__________________________________________________

(1) العصر 103: 1- 3.

(2) النور 24: 54، العنكبوت 29: 18.

(3) آل عمران 3: 102.

(4) النّساء 4: 47.

(5) في المصدر: و الغادرين.

(6) تضمين من سورة آر عمران 3: 144.

(7) في المصدر: على اللّه.

(8) في «ط» زيادة: ألا إنّهم أصحاب الصحيفة، فلينظر أحدكم في صحيفته، قال: فذهب على الناس إلّا شرذمة منهم أمر الصحيفة.

(9) في «ط»: أمانة.

(10) تضمين من سورة الرحمن 55: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 235

معاشر الناس، إن الله عز و جل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، و ما كان الله ليطلعكم على الغيب.

معاشر الناس، إنه ما من قرية إلا و الله مهلكها بتكذيبها، و كذلك يهلك القرى و هي ظالمة كما ذكر الله عز و جل، و هذا إمامكم و وليكم و هو مواعد الله و الله يصدق وعده.

معاشر الناس، قد ضل قبلكم أكثر الأولين، و الله قد أهلك الأولين و هو مهلك الآخرين، قال الله تعالى: أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ «1».

معاشر الناس، إن الله قد أمرني و نهاني، و قد أمرت عليا و نهيته، و علم الأمر و النهي من ربه عز و جل، فاسمعوا لأمره و انتهوا لنهيه، و صيروا إلى مراده، و لا تتفرق بكم السبل عن سبيله. أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق و به يعدلون.

ثم قرأ (صلى الله عليه و آله) الْحَمْدُ لِلَّهِ إلى آخرها، و قال: في نزلت، و فيهم نزلت، و لهم عمت، و إياهم خصت، أولئك أولياء الله لا خوف عليهم و

لا هم يحزنون «2» ألا إن حزب الله هم الغالبون، ألا إن أعداءهم أهل الشقاق الحادون العادون و إخوان الشياطين الذين يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً «3». ألا إن أولياءهم هم المؤمنون الذين ذكرهم الله في كتابه، فقال تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ «4» إلى آخر الآية. ألا إن أولياءهم الذين وصفهم الله عز و جل، فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ «5»، ألا إن أولياءهم الذين آمنوا و لم يرتابوا، ألا إن أولياءهم هم الذين يدخلون الجنة آمنين و تتلقاهم الملائكة بالتسليم أن طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ «6» ألا إن أولياءهم هم الذين قال الله عز و جل: يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ «7». ألا إن أعداءهم الذين يصلون سعيرا، ألا إن أعداءهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا و هي تفور، و لها زفير كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها «8» الآية. ألا إن أعداءهم الذين قال الله عز و جل: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى «9»، ألا إن أولياءهم الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ «10».

__________________________________________________

(1) المرسلات 77: 16- 19.

(2) تضمين من سورة يونس 10: 62.

(3) الأنعام 6: 112.

(4) المجادلة 58: 22. [.....]

(5) الأنعام 6: 82.

(6) الزمر 39: 73.

(7) غافر 40: 40.

(8) الأعراف 7: 38.

(9) الملك 67: 8 و 9.

(10) الملك 67: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 236

معاشر الناس، شتان ما بين السعير و الجنة، عدونا من ذمه الله و لعنه، و ولينا من مدحه الله و أحبه.

معاشر الناس، ألا و إني منذر، و

علي هاد.

معاشر الناس، إني نبي، و علي وصيي، ألا إن خاتم الأئمة منا القائم المهدي، ألا إنه الظاهر على الدين، ألا إنه المنتقم من الظالمين، ألا إنه فاتح الحصون و هادمها، ألا إنه فاتح كل قبيلة من الشرك، ألا إنه مدرك لكل ثار لأولياء الله عز و جل، ألا إنه الناصر لدين الله عز و جل، ألا إنه الغراف من بحر عميق، ألا إنه يسم كل ذي فضل بفضله، و كل ذي جهل بجهله، ألا إنه خيرة الله و مختاره، ألا إنه وارث كل علم و المحيط بكل فهم، ألا إنه المخبر عن ربه عز و جل، و المنبه «1» لأمر إيمانه، ألا إنه الرشيد السديد، ألا إنه المفوض إليه، ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه، ألا إنه الباقي حجة و لا حجة بعده، و لا حق إلا معه، و لا نور إلا عنده، ألا إنه لا غالب له، و لا منصور عليه، ألا إنه ولي الله في أرضه، و حكمه في خلقه، و أمينه في سره و علانيته.

معاشر الناس، قد بينت لكم و أفهمتكم، و هذا علي يفهمكم بعدي، ألا و إني عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته و الإقرار به، ثم مصافقته من بعدي، ألا و إني قد بايعت الله، و علي قد بايعني، و أنا آخذكم بالبيعة له عن «2» الله عز و جل فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ «3» الآية.

معاشر الناس، إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ «4» الآية.

معاشر الناس، حجوا البيت، فما ورده أهل بيت إلا نموا و تناسلوا، و لا تخلفوا عنه إلا بتروا «5» و افترقوا.

معاشر

الناس، ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك، فإذا انقضت حجته استأنف عمله.

معاشر الناس، الحجاج معانون، و نفقاتهم مخلفة، و الله لا يضيع أجر المحسنين.

معاشر الناس، حجوا بكمال الدين و التفقه، و لا تنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبة و إقلاع.

معاشر الناس، أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة، كما أمركم الله عز و جل، فإن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم و مبين لكم، الذي نصبه الله عز و جل بعدي لكم و من خلقه «6» الله مني و منه «7» يخبركم بما تسألون، و يبين لكم ما لا تعلمون، ألا إن الحلال و الحرام أكثر من أن أحصيهما و اعرفهما. فآمر بالحلال و أنهى عن الحرام في مقام واحد، و أمرت أن آخذ البيعة عليكم و الصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عز و جل في علي أمير المؤمنين

__________________________________________________

(1) في المصدر: و المشبه.

(2) في «ط»: عند.

(3) الفتح 48: 10.

(4) البقرة 1: 158.

(5) في «س» و «ط»: إلّا ابتزلوا، و ما أثبتناه من اليقين: 123.

(6) في «ط»: خلّفه.

(7) في اليقين: 123 لكم بعدي أمين خلقه، إنّه منّي و أنا منه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 237

و الأئمة من بعده، الذين هم مني و منه، الإمامة «1» قائمة فيهم، خاتمها المهدي، إلى يوم القيامة، الذي يقضي بالحق.

معاشر الناس، و كل حلال دللتكم عليه، و كل حرام نهيتكم عنه، فإني لم أرجع عن ذلك و لم أبدل، ألا فاذكروا ذلك و احفظوه و تواصوا به، و لا تبدلوه، ألا و إني أجدد القول، ألا فأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و أمروا بالمعروف و انهوا عن المنكر، ألا

و إن رأس الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أن تنتهوا إلى قولي «2» و تبلغوه من لم يحضر، و تأمروه بقبوله، و تنهوه عن مخالفته، فإنه أمر من الله عز و جل و مني معا، و لا أمر بمعروف و لا نهي عن منكر إلا مع إمام.

معاشر الناس، القرآن يعرفكم أن الأئمة من بعده ولده، و عرفتكم أنهم مني و منه حيث يقول الله عز و جل:

وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ «3» و لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما.

معاشر الناس، اتقوا الله «4» و احذروا الساعة كما قال الله تعالى: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ ءٌ عَظِيمٌ «5» اذكروا الممات و الحساب و الموازين و المحاسبة بين يدي رب العالمين، و الثواب و العقاب، فمن جاء بالحسنة أثيب «6»، و من جاء بالسيئة فليس له في الجنان من نصيب.

معاشر الناس، إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة، و أمرني الله عز و جل أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقد لعلي بإمرة المؤمنين، و من جاء بعده من الأئمة مني و منه على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه، فقولوا بأجمعكم: إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت من أمر ربنا و ربك في أمر علي أمير المؤمنين و أمر «7» ولده من صلبه من الأئمة، نبايعك على ذلك بقلوبنا و أنفسنا و ألسنتنا و أيدينا «8»، على ذلك نحيا و نموت و نبعث، لا نغير و لا نبدل و لا نشك و لا نرتاب و لا نرجع عن عهد و لا ميثاق، و لا ننقض الميثاق نطيع الله و نطيعك و عليا أمير المؤمنين و ولده الأئمة الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعد

الحسن و الحسين، اللذين قد عرفتكم مكانهما مني، و محلهما عندي، و منزلتهما من ربي عز و جل، فقد أديت ذاك إليكم، و إنهما لسيدا شباب أهل الجنة، و إنهما الإمامان بعد أبيهما علي و أنا أبوهما قبله، فقولوا: أعطينا الله بذلك و إياك و عليا و الحسن و الحسين و الأئمة الذين ذكرت عهدا و ميثاقا مأخوذا لأمير المؤمنين من قلوبنا و أنفسنا و ألسنتنا، و مصافقة أيدينا- من أدركهما بيده، و إلا

__________________________________________________

(1) في «س» و «ط»: أمّة، و ما أثبتناه من اليقين: 123. [.....]

(2) في «س» و «ط»: إلى قوله.

(3 الزّخرف 43: 28.

(4) في المصدر: التقوى، التقوى.

(5) الحج 22: 1.

(6) في المصدر: أفلح.

(7) في المصدر: لما بلغته عن أمر ربي و أمر عليّ أمير المؤمنين و من.

(8) في «س» و المصدر: و أبداننا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 238

فقد أقر بهما بلسانه- لا نبتغي بدلا، و لا يرى الله عز و جل من أنفسنا حولا أبدا، أشهدنا الله و كفى بالله شهيدا، و أنت علينا به شهيد، و كل من أطاع ممن ظهر و استتر و ملائكة الله و جنوده و عبيده و الله أكبر من كل شهيد.

معاشر الناس، ما تقولون؟ فإن الله يعلم كل صوت، و خافية كل نفس، فمن اهتدى فلنفسه و من ضل فإنما يضل عليها، و من بايع فإنما يبايع الله يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ «1».

معاشر الناس، فاتقوا الله و بايعوا «2» عليا أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و الأئمة، كلمة باقية يهلك الله بها من غدر، و يرحم الله بها من وفى، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً

عَظِيماً «3».

معاشر الناس، قولوا الذي قلت لكم، و سلموا على علي بإمرة المؤمنين، و قولوا: سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ «4» و قولوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ «5».

معاشر الناس، إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله عز و جل، و قد أنزلها في القرآن، أكثر من أن أحصيها في مقام واحد، فمن أنبأكم بها و عرفها فصدقوه.

معاشر الناس، من يطع الله و رسوله و عليا و الأئمة الذين ذكرتهم فقد فاز فوزا عظيما.

معاشر الناس، السابقون السابقون إلى مبايعته و موالاته و التسليم عليه بإمرة المؤمنين أولئك هم الفائزون في جنات النعيم.

معاشر الناس، قولوا ما يرضي الله عنكم من القول، فإن تكفروا أنتم و من في الأرض جميعا فلن يضر الله شيئا، اللهم اغفر للمؤمنين، و اعطب الكافرين، و الحمد لله رب العالمين».

فناداه القوم: نعم، سمعنا و أطعنا على ما أمر الله و رسوله بقلوبنا و ألسنتنا و أيدينا. و تداكوا «6» على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على علي (عليه السلام) و صافقوا بأيديهم، فكان أول من صافق رسول الله (صلى الله عليه و آله) الأول و الثاني و الثالث و الرابع و الخامس «7»، و باقي المهاجرين و الأنصار، و باقي الناس على قدر منازلهم، إلى أن صليت العشاء و العتمة في وقت واحد، و واصلوا البيعة و المصافقة ثلاثا، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول كلما بايع قوم: «الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين».

__________________________________________________

(1) الفتح 48: 10.

(2) في المصدر: و تابعوا.

(3) الفتح 48: 10.

(4) البقرة 2: 285.

(5) الأعراف

7: 43.

(6) تداكّ عليه القوم: إذا ازدحموا عليه «النهاية- دكك- 2: 128». «لسان العرب- دكك- 10: 426».

(7) (و الرابع و الخامس) ليس في المصدر، و في اليقين: 125 أبو بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبير. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 239

2911/ [10]- و عنه: قال عبد الرحمن بن سمرة: قلت: يا رسول الله، أرشدني إلى النجاة، قال: «يا بن سمرة، إذا اختلفت الأهواء و تفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب، فإنه إمام امتي، و خليفتي عليهم من بعدي، و هو الفاروق الذي يميز بين الحق و الباطل، من سأله أجابه و من استرشده أرشده، و من طلب الحق من عنده وجده، و من التمس الهدى لديه صادفه «1»، و من لجأ إليه آمنه، و من استمسك به نجاه، و من اقتدى به هداه.

يا بن سمرة، سلم من سلم له و والاه، و هلك من رد عليه و عاداه. يا بن سمرة، إن عليا مني، روحه من روحي، و طينته من طينتي، و هو أخي و أنا أخوه، و هو زوج ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين، و إن منه إمامي أمتي و سيدي شباب أهل الجنة: الحسن و الحسين، و تسعة من ولد الحسين تاسعهم قائم امتي، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما».

2912/ [11]- و عنه: قال ابن عباس: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «معاشر الناس، من أحسن من الله قيلا، و أصدق منه حديثا؟ معاشر الناس، إن ربكم جل جلاله أمرني أن أقيم عليا علما للناس و خليفة و إماما و وصيا، و أن أتخذه أخا و وزيرا.

معاشر الناس،

إن عليا باب الهدى بعدي، و الداعي إلى ربي، و هو صالح المؤمنين وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «2».

معاشر الناس، إن عليا مني، و ولده ولدي، و هو زوج ابنتي و حبيبتي، أمره أمري، و نهيه نهيي. معاشر الناس، عليكم بطاعته و اجتناب معصيته، فإن طاعته طاعتي، و معصيته معصيتي.

معاشر الناس، إن عليا صديق هذه الامة و فاروقها و محدثها، و إنه هارونها و يوشعها و آصفها و شمعونها، و إنه باب حطتها و سفينة نجاتها، إنه طالوتها و ذو قرنيها. معاشر الناس، إنه محنة الورى، و الحجة العظمى، و الآية الكبرى، و إمام أهل الدنيا، و العروة الوثقى.

معاشر الناس، إن عليا مع الحق و الحق معه و على لسانه. معاشر الناس، إن عليا قسيم النار، لا يدخلها ولي له، و لا ينجو منها عدو له، و إنه قسيم الجنة، لا يدخلها عدو له، و لا يزحزح عنها ولي له. معاشر أصحابي، قد نصحت لكم و لكن لا تحبون الناصحين».

قلت: خطبة الغدير إلى قوله (صلى الله عليه و آله) «الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين» «3».

و رواه الشيخ الفاضل أحمد بن علي الطبرسي في (الاحتجاج)، قال: حدثني السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن الشيخ السعيد أبي جعفر محمد

__________________________________________________

10- روضة الواعظين: 100.

11- روضة الواعظين: 100.

(1) في المصدر: الهدي وجده لديه.

(2) فصلت 41: 33.

(3) يعني إلى آخر الحديث التاسع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 240

ابن الحسن الطوسي (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر قدس الله روحه، قال:

أخبرني جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن همام، قال: أخبرنا علي السوري، قال:

أخبرنا أبو محمد العلوي «1» من ولد الأفطس، و كان من عباد الله الصالحين، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: [حدثنا] محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثني سيف بن عميرة، و صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان «2»، جميعا، عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، أنه قال: «حج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من المدينة و قد بلغ جميع الشرائع قومه غير الحج و الولاية ...» و ساق الحديث بعينه، و فيه بعض التغيير اليسير «3».

2913/ [12]- ثم قال الطبرسي في (الاحتجاج) عقيب الخطبة: روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «لما فرغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) من هذه الخطبة روي في الناس رجل جميل بهي طيب الريح، فقال: تالله ما رأيت محمدا كاليوم قط، ما أشد ما يؤكد لابن عمه! و إنه عقد عقدا لا يحله إلا كافر بالله العظيم و برسوله، ويل طويل لمن حل عقده. قال: فالتفت إليه عمر حين سمع كلامه فأعجبته هيئته، ثم التفت إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال: أما سمعت ما قال هذا الرجل؟! قال كذا و كذا. فقال (صلى الله عليه و آله): يا عمر، أ تدري من ذلك الرجل؟ قال: لا. قال: ذلك الروح الأمين جبرئيل، فإياك أن تحله، فإنك إن فعلت فالله و رسوله و ملائكته و المؤمنون منك براء».

2914/ [13]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «آخر فريضة أنزلها الله الولاية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ

دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فلم ينزل من الفرائض شيئا بعدها حتى قبض الله رسول (صلى الله عليه و آله)».

2915/ [14]- عن جعفر بن محمد الخزاعي «4»، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لما نزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عرفات يوم الجمعة أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، و يقول لك: قل لامتك الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بولاية علي بن أبي طالب وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً و لست انزل عليكم بعد هذا، قد أنزلت عليكم الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، و هي الخامسة،

__________________________________________________

12- الاحتجاج: 66.

13- تفسير العيّاشي 1: 292/ 20.

14- تفسير العيّاشي 1: 293/ 21.

(1) الظاهر أنّه الحسن بن علي بن الحسن الدّينوري العلوي، كما في اليقين: 113 و معجم رجال الحديث 5: 29.

(2) كذا في كامل الزيارات: 174/ 8 و هو الصحيح، و هو صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول اللّه، انظر رجال النجاشي:

200/ 532 و معجم رجال الحديث 9: 78. و في «س، ط» و المصدر و البحار 37: 201/ 86: و صالح بن عقبة جميعا عن قيس بن سمعان.

و في اليقين 113: عن عقبة بن قيس بن سمعان.

(3) الاحتجاج: 66.

(4) كذا في المصدر و في موضع آخر منه 2: 301/ 111 في حديث الغدير أيضا، و الظاهر أنّه المذكور في كامل الزيارات: 149/ 11، و معجم رجال الحديث 4: 126، في «س» و «ط»: جعفر بن محمّد بن محمّد الخزاعي، و لم نجد له ذكرا في المصادر المتوفّرة لدينا.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 241

و لست أقبل «1» هذه الأربعة إلا بها».

2916/ [15]- عن ابن أذينة قال: سمعت زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن الفريضة كانت تنزل، ثم تنزل الفريضة الاخرى، فكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً- فقال أبو جعفر (عليه السلام)- يقول الله: لا انزل عليكم بعد هذه الفريضة فريضة».

2917/ [16]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تمام النعمة: دخول الجنة».

2918/ [17]- سليم بن قيس الهلالي- و من كتابه نسخت- قال: صعد أمير المؤمنين (عليه السلام) المنبر في عسكره، و جمع الناس، و بحضرته المهاجرون و الأنصار، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: «أيها الناس، إن مناقبي أكثر من أن تحصى و تعد، منها ما أنزل الله في كتابه، و ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) [أكتفي بها عن جميع مناقبي و فضلي: أ تعلمون أن الله فضل في كتابه الناطق السابق إلى الإسلام في غير آية من كتابه على المسبوق، و إنه لم يسبقني إلى الله و رسوله أحد من الامة؟» قالوا: اللهم نعم.

قال: «أنشدكم الله سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله)] عن قوله: السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «2» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنزلها الله عز و جل في الأنبياء و أوصيائهم، و أنا أفضل أنبياء الله و رسله، و علي أخي و وصيي أفضل الأوصياء؟» فقام نحو سبعين رجلا من أهل بدر جلهم من الأنصار، و بقية من المهاجرين، منهم من الأنصار: أبو الهيثم بن التيهان، و خالد بن زيد، و أبو أيوب الأنصاري،

و من المهاجرين: عمار بن ياسر، فقالوا: نشهد أنا قد سمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول ذلك».

قال: «فأنشدكم الله في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «3» و قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «4» و قوله: وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً «5» فقال الناس: يا رسول الله، أ خاصة لبعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله عز و جل نبيه أن يعلمهم ولاة أمرهم، و أن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم و صومهم و زكاتهم و حجهم، فنصبني رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغدير خم، و قال: إن الله عز و جل أرسلني برسالة ضاق بها صدري و ظننت أن الناس يكذبوني، و أوعدني لأبلغها أو ليعذبني. ثم نادى

__________________________________________________

15 تفسير العيّاشي 1: 293/ 22.

16- تفسير العيّاشي 1: 293/ 23. [.....]

17- كتاب سليم بن قيس الهلالي: 147.

(1) في «س» زيادة: لكم بعد.

(2) الواقعة 56: 10- 11.

(3) النّساء 4: 59.

(4) المائدة 5: 55.

(5) التّوبة 9: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 242

بأعلى صوته- بعد ما أمر أن ينادى بالصلاة جامعة، فصلى بهم الظهر، ثم قال:- أيها الناس، إن الله مولاي، و أنا مولى المؤمنين، و أولى بهم من أنفسهم، من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاده [و انصر من نصره، و اخذل من خذله .

فقام إليه سلمان الفارسي، فقال: يا رسول الله ولاة ماذا؟ فقال: ولاة «1» كولايتي، من كنت أولى به

من نفسه فعلي أولى به من نفسه. فأنزل الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً.

فقال سلمان: يا رسول الله، أنزلت هذه الآيات في علي «2» خاصة؟ فقال: نعم، فيه و في أوصيائي إلى يوم القيامة.

فقال سلمان: يا رسول الله، سمهم لي، فقال: علي أخي و وزيري [و وصيي و وارثي و خليفتي في امتي، و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي، و أحد عشر إماما [من ولده ابني الحسن، و ابني الحسين، ثم التسعة من ولده واحدا بعد واحد، و القرآن معهم، و هم مع القرآن لا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض». فقام اثني عشر [رجلا] من البدريين فقالوا: نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه و آله) سواء كما قلت، لم تزد فيه و لم تنقص منه «3».

و قال بقية السبعين: قد سمعنا كما قلت و لم نحفظه كله، و هؤلاء الاثنا عشر خيارنا و أفضلنا.

فقال: «صدقتم ليس كل الناس يحفظ، بعضهم أحفظ من بعض». فقام من الاثني عشر أربعة: أبو الهيثم بن التيهان، و أبو أيوب الأنصاري، و عمار، و خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، فقالوا: نشهد أنا قد حفظنا «4» قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) يومئذ و علي (عليه السلام) قائم إلى جنبه أنه قال: «يا أيها الناس، إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم، و وصيي فيكم، و خليفتي من أهل بيتي من بعدي، و الذي فرض الله طاعته على المؤمنين في كتابه فأمركم فيه بولايته، فراجعت ربي خشية طعن أهل النفاق و تكذيبهم، فأوعدني لأبلغها أو ليعاقبني «5».

يا أيها الناس، إن الله

جل ذكره أمركم في كتابه بالصلاة، و قد بينتها لكم و سميتها «6»، و الزكاة، و الصوم، و الحج، فبينتها و فسرتها لكم، و أمركم في كتابه بالولاية، و إني أشهدكم- أيها الناس- أنها خاصة لعلي بن أبي طالب و أوصيائي من ولدي و ولده، أولهم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين، لا يفارقون الكتاب حتى يردوا علي الحوض.

__________________________________________________

(1) في المصدر: ولاؤه كماذا؟ فقال: ولاؤه.

(2) في المصدر: بيّنهم لنا.

(3) في المصدر: لم تزد حرفا و لم تنقص حرفا.

(4) في المصدر: سمعنا.

(5) في المصدر: أو ليعذبني.

(6) في المصدر: و سننتها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 243

يا أيها الناس، إني قد أعلمتكم مفزعكم و وليكم و إمامكم «1» و هاديكم بعدي، و هو أخي علي بن أبي طالب، و هو فيكم بمنزلتي فيكم، فقلدوه [دينكم و أطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله، و أمرني أن أعلمه إياه، و أن أعلمكم أنه عنده، فاسألوه و تعلموا منه و من أوصيائه، و لا تعلموهم، و لا تتقدموهم، و لا تتخلفوا عنهم، فإنهم مع الحق و الحق معهم، لا يزايلونه و لا يزايلهم «2»».

2919/ [18]- و من طرق العامة: ما رواه موفق بن أحمد في كتابه (المناقب) و هو من أكابر علماء السنة، قال:

أخبرني سيد الحفاظ شهردار بن شيرويه به شهردار الديلمي، فيما كتب إلي من همدان: أخبرنا أبو الفتح عبدوس ابن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق البغوي، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي «3»، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الزراع «4»، قال: حدثنا قيس بن حفص، قال: حدثنا علي بن الحسين «5»،

قال: حدثنا أبو هارون العبدي «6»، عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: أن النبي يوم دعا الناس إلى غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم «7»، و ذلك يوم الخميس، يوم «8» دعا الناس إلى علي (عليه السلام) و أخذ بضبعه «9»، ثم رفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه (صلى الله عليه و آله)، ثم لم يفترقا حتى نزلت هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضا الرب برسالتي و الولاية لعلي» ثم قال: «اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله».

فقال حسان بن ثابت: أ تأذن لي- يا رسول الله- أن أقول أبياتا؟ فقال: «قل ببركة الله تعالى» فقال حسان بن ثابت: يا معشر مشيخة قريش اسمعوا شهادة رسول الله (صلى الله عليه و آله). ثم قال:

__________________________________________________

18- مناقب الخوارزمي: 80، النور المشتعل: 56، فرائد السمطين 1: 93/ 27.

(1) في «ط»: قد أعلمتكم المهدي بعدي و إمامكم و وليّكم. [.....]

(2) المزايلة: المفارقة. «صحاح الجوهري 4: 1720».

(3) كذا فى الجرح و التعديل 3: 32، و تاريخ بغداد 7: 398، و هو الحسن بن عليل بن الحسين بن علي بن حبيش بن سعد العنزي، روى عنه عبد اللّه بن إسحاق الخراساني، و كان صدوقا، توفّي سنّة تسعين و مائتين، في «س» و «ط»: الحسين بن عليل الغنوي، و فى المناقب: الحسن بن عليل الغنوي.

(4) في فرائد السمطين 1: 72/ 39 محمّد بن عبد اللّه الذارع، و في مقتل الحسين: 1/

47، و شواهد التنزيل 1: 158 محمّد بن عبد الرحمن الذارع.

(5) زاد في المصدر: حدّثنا أبو الحسن العبدي.

(6) كذا في المقتل للخوارزمي، و شواهد التنزل، و فرائد السمطين، و هو عمارة بن جوين، أبو هارون العبدي البصري، معروف بروايته عن أبي سعيد الخدري، و روى عنه علي بن الحسين العبدي كما في تفسير القميّ 2: 346. و انظر تهذيب التهذيب 7: 412، تقريب التهذيب 2: 49، معجم رجال الحديث 22: 72، و غيرها. و في «س» و «ط» و المصدر: أبو هريرة العبدي.

(7) قممت البيت: كنسته. «الصحاح- قمم- 5: 2015».

(8) في المصدر: ثمّ.

(9) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها، و هما ضبعان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 244

يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم و أسمع بالنبي «1» مناديا

بأني مولاكم نعم و وليكم فقالوا و لم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا و أنت ولينا و لا تجدن في الخلق للأمر عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماما و هاديا

2920/ [19]- و من ذلك ما رواه ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) يرفعه إلى أبي هريرة، قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا، و هو يوم غدير خم، لما «2» أخذ النبي بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: [ «أ لست أولى بالمؤمنين من أنفسهم»؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فقال:] «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره».

فقال له عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة. فأنزل الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

وَ أَتْمَمْتُ الآية.

و من ذلك ما رواه ابن مردويه في (المناقب)، و من كتاب (سرقات «3» الشعر) لأبي عبد الله المرزباني، في آخر الجزء الرابع «4»، مثل رواية موفق بن أحمد السابقة.

2921/ [20]- قال أبو القاسم السيد علي بن موسى بن طاوس في (طرائفه)- بعد ما ذكر من طرق المخالفين في معنى الآية ما يوافق ما ذكرناه منهم، قال:- و من طرائف ما رووه في فضيلة يوم نزول آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية، ما ذكروه في صحاحهم، و قد رواه مسلم في (صحيحه) أيضا في المجلد الثالث، عن طارق «5» بن شهاب، قال: قالت اليهود لعمر: لو نزلت علينا- معشر اليهود- هذه الآية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية، و نعلم اليوم الذي أنزلت فيه، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، الخبر.

قلت: نقتصر على ما ذكرناه مخافة الإطالة، و أخبار قصة الغدير متواترة عند الفريقين: المخالف و الموالف.

2922/ [21]- و في كتاب سبط ابن الجوزي، شيخ السنة، قال: اتفق علماء السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي (صلى الله عليه و آله) من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة، جمع الصحابة، و كانوا مائة و عشرين ألفا، و قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه».

__________________________________________________

19- مناقب الامام علي (عليه السّلام) لابن المغازلي: 19: 24.

20- الطرائف: 147، صحيح مسلم 4: 2313/ 5.

21- تذكرة الخواص: 30.

(1) في المصدر: بالرسول.

(2) في «ط»: بها.

(3) في الطرائف و الغدير: مرقاة. [.....]

(4) تحفة الأبرار في مناقب الأئمّة الأطهار (مخطوط): 50، الطرائف: 147، الغدير 2: 34.

(5) كذا في المصدر و صحيح مسلم، و صحّف في «س» و «ط»: طاوس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 245

2923/ [22]- و قال ابن شهر آشوب-

و هو من أجل علمائنا- قال: المجمع عليه أن الثامن «1» عشر من ذي الحجة كان يوم غدير خم. قال: و العلماء مطبقون على قبول هذا الخبر، و إنما وقع الخلاف في تأويله، و قد بلغ في الانتشار و الاشتهار إلى حد لا يوازى به خبر من الأخبار و وضوحا و بيانا و ظهورا و عرفانا، حتى لحق في المعرفة و البيان بالعلم بالحوادث الكبار و البلدان، فلا يدفعه إلا جاحد، و لا يرده إلا معاند، و أي خبر من الأخبار جمع في روايته و معرفة طرقه أكثر من ألف مجلد من تصانيف الخاصة و العامة من المتقدمين و المتأخرين! ذكره محمد بن إسحاق، و أحمد البلاذري، و مسلم بن الحجاج، و أبو نعيم الأصفهاني، و أبو الحسن الدار قطني، و أبو بكر بن مردويه، و ابن شاهين المروروذي، و أبو بكر الباقلاني، و أبو المعالي الجويني، و أبو إسحاق الثعلبي، و أبو سعيد الخرگوشي، و أبو المظفر السمعاني، و أبو بكر بن أبي شيبة «2»، و علي بن الجعد، و شعبة، و الأعمش و ابن عياش «3»، و ابن الثلاج «4»، و الشعبي، و الزهري، و الاقليشي «5»، و الجعابي، و ابن البيع «6»، و ابن ماجة، و ابن عبد ربه، و اللالكائي، و شريك القاضي، و أبو يعلى الموصلي من عدة طرق، و أحمد بن حنبل من أربعين «7» طريقا، و ابن بطة بثلاثة و عشرين طريقا.

و قد صنف علي بن هلال المهلبي كتاب (الغدير)، و أحمد بن محمد بن سعيد كتاب (من روى خبر غدير خم)، و ابن جرير الطبري كتاب (الولاية) و هو كتاب (غدير خم) و ذكر فيه سبعين طريقا،

و مسعود السجزي «8» كتابا في رواة هذا الخبر و طرقه.

قلت: و ذكر من صنف في قصة غدير خم و روايته زيادة على ما ذكرنا يطول بها الكتاب لكثرتها، من أراد الوقوف عليها فعليه بكتاب (طرائف) ابن طاوس، و كتاب (الإقبال) له أيضا، و كتاب (مناقب ابن شهر آشوب).

__________________________________________________

22- المناقب 3: 25، 27.

(1) في «س»: الثاني، تصحيف.

(2) في «س» و «ط»: و المصدر: ابن شيبة، و الصواب ما أثبتناه، و هو: الحافظ عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة، أبو بكر. راجع تاريخ بغداد 10: 66، و تذكرة الحفاظ 2: 432.

(3) الظاهر أنّه الحافظ عليّ بن عياش بن مسلم الألهاني، أحد العلماء الأثبات الثقات الذين رووا حديث الغدير. انظر الغدير 1: 86، و في المصدر:

ابن عباس.

(4) في «س» و «ط»: ابن السلاح، و الصواب ما في المتن، و هو الفقيه محمّد بن شجاع ابن الثلجي، و بعض مترجميه يطلق عليه «ابن الثّلاج» انظر تاريخ بغداد 5: 350، تذكرة الحفاظ 2: 629، تهذيب التهذيب 9: 220.

(5) نسبة إلى أقليس مدينة بالأندلس، انظر معجم البلدان 1: 237 و تاج العروس 4: 340. و في «س» و «ط»: الاقليسي، بالمهملة.

(6) في «س» و «ط»: ابن اليسع، و الصواب ما في المتن. و هو الحافظ أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن محمّد الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيّع، صاحب المستدرك على الصحيحين، و أحد العلماء الذين رووا حديث الولاية. انظر الغدير 1: 107.

(7) في «س» و «ط»: عشرين.

(8) في «س» و «ط»: الشجري، الصواب ما في المتن. و هو الحافظ المحدّث مسعود بن ناصر السّجزي، نسبة إلى سجستان، على غير قياس، و يقال له: «السجستاني» أيضا و كتابه

يسمّى «الدراية في حديث الولاية» راجع ترجمته في: سير أعلام النبلاء 18: 532، تذكرة الحفاظ 4: 1216، و الغدير 1: 155.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 246

قال علي بن طاوس في (الطرائف)، عن محمد بن علي بن شهر آشوب في كتاب (المناقب): قال: قال جدي شهر آشوب: سمعت أبا المعالي الجويني يتعجب و يقول: شاهدت مجلدا ببغداد في يدي صحاف، فيه روايات هذا الخبر مكتوبا عليه: المجلدة الثامنة و العشرون من طرق قوله:

«من كنت مولاه فعلي مولاه»

و يتلوه المجلدة التاسعة و العشرون «1».

2924/ [23]- و قال مولانا و إمامنا الصادق (عليه السلام): «إن حقوق الناس تعطى بشهادة شاهدين، و ما اعطي أمير المؤمنين (عليه السلام) حقه بشهادة عشرة آلاف نفس» يعني يوم غدير خم «إن هذا إلا ضلال عن الحق المبين، فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «2»».

2925/ [24]- سعد بن عبد الله القمي: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسين بن سعيد، عن جعفر بن بشير البجلي «3»، عن حماد بن عثمان، عن أبي اسامة بن زيد الشحام، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) و عنده رجل من المغيرية «4»، فسأله عن شي ء من السنن، فقال: «ما من شي ء يحتاج إليه ولد «5» آدم (عليه السلام) إلا و قد خرجت فيه السنة من الله عز و جل و من رسوله (صلى الله عليه و آله)، و لولا ذلك ما احتج الله عز و جل علينا بما احتج».

فقال له المغيري و بما احتج الله؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «بقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ

رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً- حتى تمم الآية- فلو لم يكمل سنته و فريضته ما احتج به».

2926/ [25]- الشيخ المفيد في (أماليه)، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن المظفر الوراق، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الثلج، قال: أخبرني الحسين بن أيوب من كتابه، عن محمد بن غالب، عن علي بن الحسن، عن الحسن، عن عبد الله بن جبلة، عن ذريح المحاربي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن أبيه، عن جده، قال: «إن الله جل جلاله بعث جبرئيل (عليه السلام) إلى محمد (صلى الله عليه و آله) أن يشهد لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالولاية في حياته، و يسميه بإمرة المؤمنين قبل وفاته، فدعا نبي

__________________________________________________

23- المناقب 3: 26.

24- مختصر بصائر الدرجات: 66.

25- الأمالي: 18/ 7. [.....]

(1) الصراط المستقيم 1: 512، ينابيع المودة: 36.

(2) يونس 10: 32- 33.

(3) في «س» و «ط»: العجلي، و الصواب ما في المتن و هو جعفر بن بشير، أبو محمّد البجلي الوشّاء، من زهّاد أصحابنا و عبّادهم و نسّاكهم، و كان ثقة و له مسجد بالكوفة باق في بجيلة إلى اليوم. قاله النجاشيّ في رجاله: 119/ 304.

(4) المغيريّة: فرقة من الغلاة، أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي، كان مولي لخالد بن عبد اللّه القسري، قال بالتجسيم، و ادّعى النبوّة لنفسه، و استحلّ المحارم، و قتله خالد بن عبد اللّه حرقا بالنار سنة 119 ه. معجم الفرق الاسلامية: 232.

(5) في المصدر: ابن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 247

الله (صلى الله عليه و آله) بتسعة «1» رهط، فقال: إنما دعوتكم لتكونوا شهداء الله في الأرض أقمتم أم كتمتم.

ثم قال: يا أبا بكر، قم فسلم على علي

بإمرة المؤمنين. فقال: عن الله و رسوله؟ قال: نعم. فقام فسلم عليه بإمرة المؤمنين. ثم قال: يا عمر، قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقال: عن أمر الله و رسوله تسميه «2» أمير المؤمنين؟ قال: نعم. فقام فسلم عليه. ثم قال للمقداد بن الأسود الكندي: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين.

فقام فسلم عليه، و لم يقل مثل ما قال الرجلان من قبله. [ثم قال: قم يا سلمان فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام فسلم «3». ثم قال لأبي ذر الغفاري: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام فسلم عليه. ثم قال لحذيفة بن اليمان «4»: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين «5». فقام فسلم عليه. ثم قال لعمار بن ياسر: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام فسلم عليه. ثم قال لعبد الله بن مسعود: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقام فسلم على أمير المؤمنين. ثم قال لبريدة: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. و كان بريدة أصغر القوم سنا، فقام فسلم، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنما دعوتكم لهذا الأمر لتكونوا شهداء الله، أقمتم، أم تركتم».

قوله تعالى:

فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [3] 2927/ [1]- علي بن إبراهيم: فهو رخصة للمضطر أن يأكل الميتة، و الدم، و لحم الخنزير. و المخمصة: الجوع.

2928/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ، قال: يقول: «غير متعمد لإثم».

سورة المائدة(5): آية 4 ..... ص : 247

قوله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 162.

2- تفسير

القمّي 1: 162.

(1) في «س» و «ط»: بسبعة، و هو تصحيف، و المعدود ثمانية، سقط من روآية الأمالي تاسعهم، و هو سلمان، فأضفناه من اليقين لابن طاوس: 82.

(2) في المصدر: نسمّيه.

(3) أثبتناه من اليقين: 82 باب 102، لا تمام التسعة.

(4) في المصدر: اليماني. و كلاهما صحيح. انظر أسد الغابة 1: 390، و معجم رجال الحديث 4: 245.

(5) في المصدر: فسلّم على أمير المؤمنين. و كذا في المواضع الثلاثة الآتية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 248

عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ [4]

2929/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «في كتاب علي (صلوات الله عليه)، في قوله عز و جل: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ قال: هي الكلاب».

2930/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه، و لا يكون معه سكين يذكيه بها، أ يدعه حتى يقتله و يأكل «1» منه؟

قال: «لا بأس به، قال الله عز و جل: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ و لا ينبغي أن يأكل مما قتل الفهد».

2931/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر

الحضرمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صيد البزاة و الصقورة «2» و الكلب و الفهد، فقال: «لا تأكل صيد شي ء من هذه إلا ما ذكيتموه، إلا الكلب المكلب».

قلت: فإن قتله؟ قال: «كل، لأن الله عز و جل يقول: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ».

2932/ [4]- و عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يفتي، و كان يتقي، و نحن نخاف في صيد البزاة و الصقورة، فأما الآن فإنا لا نخاف، و لا نحل صيدها إلا أن تدرك ذكاته، فإنه في كتاب علي (عليه السلام): أن الله عز و جل قال: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ في الكلاب».

2933/ [5]- و عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن صيد البزاة و الصقورة و الفهود و الكلاب.

قال: «لا تأكلوا إلا ما ذكيتم، إلا الكلاب».

__________________________________________________

1- الكافي 6: 202/ 1.

2- الكافي 6: 204/ 8. [.....]

3- الكافي 6: 204/ 9.

4- الكافي 6: 207/ 1.

5- تفسير القمّي 1: 162.

(1) في «س» و «ط»: و لا يأكل.

(2) في المصدر: الصقور، و الصقر يجمع على: أصقر، صقور، صقورة، صقّار و صقارة. «لسان العرب- صقر- 4: 465».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 249

قلت: فإن قتله؟ قال: «كل فإن الله يقول: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا

أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ».

ثم قال (عليه الصلاة و السلام): «كل شي ء من السباع تمسك الصيد على نفسها، إلا الكلاب المعلمة، فإنها تمسك على صاحبها- قال- و إذا أرسلت الكلب المعلم فاذكر اسم الله عليه، فهو ذكاته».

2934/ [6]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن كلب المجوس يكلبه «1» المسلم و يسمي و يرسله، قال: «نعم، إنه مكلب إذا ذكر اسم الله عليه فلا بأس».

2935/ [7]- عن أبي بكر الحضرمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صيد البزاة و الصقور و الفهود و الكلاب، فقال: «لا تأكل من صيد شي ء منها، إلا ما ذكيت، إلا الكلاب».

قلت: فإنه قتله؟ قال: «كل، فإن الله يقول: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ».

2936/ [8]- عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن الرجل يسرح الكلب المعلم و يسمى إذا سرحه.

قال: «يأكل مما أمسك «2» عليه، و إن أدركه و قتله، و إن وجد معه كلب غير معلم فلا يأكل منه».

قلت: فالصقر «3» و العقاب و البازي. قال: «إن أدركت ذكاته فكل منه، و إن لم تدرك ذكاته فلا تأكل منه».

قلت: فالفهد ليس بمنزلة الكلب؟ قال: فقال: «لا، ليس شي ء مكلب إلا الكلب».

2937/ [9]- عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: «الفهد من الجوارح، و الكلاب الكردية إذا علمت فهي بمنزلة السلوقية «4»».

2938/ [10]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان أبي يفتي و كنا [نفتي و نحن نخاف في صيد البازي و الصقور، فأما

الآن فإنا لا نخاف، و لا يحل صيدهما إلا أن تدرك ذكاته، و إنه لفي كتاب علي (عليه السلام): إن الله قال: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ فهي الكلاب».

2939/ [11]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما خلا الكلاب مما يصيد: الفهود و الصقور و أشباه

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 293/ 24.

7- تفسير العيّاشي 1: 294/ 25.

8- تفسير العيّاشي 1: 294/ 26.

9- تفسير العيّاشي 1: 294/ 27.

10- تفسير العيّاشي 1: 294/ 28.

11- تفسير العيّاشي 1: 295/ 29.

(1) المكلّب: الذي يعلم الكلاب الصيد. «الصحاح 1: 213».

(2) في «س» و «ط»: أمسكن.

(3) في «س»: و الصقور، و في «ط»: فالصقور. [.....]

(4) سلوق: قرية باليمن، و الكلاب السّلوقية منسوبة إليها. «لسان العرب 10: 163».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 250

ذلك، فلا تأكلن من صيده إلا ما أدركت ذكاته. لأن الله قال: مُكَلِّبِينَ فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل إلا أن تدرك ذكاته».

2940/ [12]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن في كتاب علي (عليه السلام): قال الله: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فهي الكلاب».

2941/ [13]- عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): سئل عن الصيد يأخذه الكلب فيتركه الرجل حتى يموت، قال: «نعم، كل، إن الله يقول: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ».

2942/ [14]- عن أبي جميلة، عن ابن حنظلة «1»، عنه (عليه السلام)، في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل فيأخذه، ثم يموت في يده، أ يأكل منه؟ قال: «نعم، إن الله يقول: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ».

2943/ [15]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا

عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ.

قال: «لا بأس بأكل ما أمسك الكلب، مما لم يأكل الكلب منه، فإذا أكل الكلب منه قبل أن تدركه فلا تأكله».

2944/ [16]- عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الفهد مما قال الله مُكَلِّبِينَ».

2945/ [17]- عن أبان بن تغلب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كل ما أمسك عليه الكلاب، و إن بقي ثلثه».

سورة المائدة(5): آية 5 ..... ص : 250

قوله تعالى:

الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَ لا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ [5]

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 1: 295/ 30.

13- تفسير العيّاشي 1: 295/ 31.

14- تفسير العيّاشي 1: 295/ 32.

15- تفسير العيّاشي 1: 295/ 33.

16- تفسير العيّاشي 1: 295/ 34.

17- تفسير العيّاشي 1: 295/ 35.

(1) في «ط»: أبي حنظة، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو أبو صخر عمر بن حنظلة الكوفي العجلي، عدّه الشيخ و البرقي من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق (عليهما السّلام)، روى عنه أبو جميلة. معجم رجال الحديث 13: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 251

2946/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ، فقال (عليه السلام): «الحبوب و البقول».

2947/ [2]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد «1» بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن

قتيبة الأعشى، قال: سأل رجل «2» أبا عبد الله (عليه السلام) و أنا عنده فقال له: الغنم يرسل فيها اليهودي و النصراني فتعرض فيها العارضة «3»، فيذبح «4»، أ نأكل ذبيحته؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تدخل ثمنها في مالك، و لا تأكلها، فإنما هو «5» الاسم و لا يؤمن عليه إلا مسلم».

فقال له الرجل: قال الله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ؟ فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي (صلوات الله عليه) يقول: إنما هي الحبوب و أشباهها».

و روى هذا الحديث الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن قتيبة، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)، مثله «6».

2948/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن طعام أهل الكتاب و ما يحل منه، قال: «الحبوب».

2949/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن طعام أهل الكتاب و ما يحل منه، فقال: «الحبوب».

2950/ [5]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن خالد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن

__________________________________________________

1- الكافي 6: 264/ 6.

2- الكافي 6: 240/ 10.

3- الكافي 6: 263/ 1.

4- الكافي 6: 263/ 2.

5- التهذيب 9: 88/ 374.

(1) في «س» و «ط»: عليّ بن محمّد، و الصواب ما في المتن، و هو محمّد بن إسماعيل بن بزيع. كان من

صالحي هذه الطائفة و ثقاتهم، قال في معجم رجال الحديث 15: 100، روى عن عليّ بن النعمان ... و روى عنه محمّد بن عبد الجبّار. [.....]

(2) يأتي في حديث (9) أنّ الرجل هو: الحسن بن المنذر.

(3) في «ط»: المعارضة.

(4) في «س» و «ط»: فتذبح.

(5) في «س» و «ط»: فإنّما هي.

(6) التهذيب 6: 263/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 252

سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، فقال: «العدس و الحمص و غير ذلك».

2951/ [6]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن طعام أهل الكتاب ما يحل منه، قال: «الحبوب».

2952/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة ابن أعين، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، فقال: «هذه منسوخة بقوله: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ «1»».

2953/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: قال لي أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «يا أبا محمد، ما تقول في رجل تزوج «2» نصرانية على مسلمة؟» قلت: جعلت فداك، و ما قولي بين يديك؟ قال: «لتقولن، فإن ذلك تعلم به قولي». قلت: لا يجوز تزويج النصرانية على مسلمة، و لا غير مسلمة. قال: «و لم؟» قلت: لقول الله عز و جل: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ «3»

قال: «فما تقول في هذه الآية: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ؟ قلت: فقوله: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ نسخت هذه الآية. فتبسم، ثم سكت.

2954/ [9]- العياشي: عن قتيبة الأعشى، قال: سأل الحسن بن المنذر أبا عبد الله (عليه السلام): إن الرجل يبعث في غنمه رجلا أمينا يكون فيها، نصرانيا أو يهوديا، فتقع العارضة فيذبحها و يبيعها؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تأكلها، و لا تدخلها في مالك، فإنما هو الاسم، و لا يؤمن عليه إلا المسلم».

فقال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام) و أنا أسمع: فأين قول الله وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي يقول: إنما ذلك الحبوب و أشباهه».

2955/ [10]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ، قال: «العدس و الحبوب و أشباه ذلك» يعني أهل الكتاب.

__________________________________________________

6- التهذيب 9: 88/ 375.

7- الكافي 5: 358/ 8.

8- الكافي 5: 357/ 6.

9- تفسير العيّاشي 1: 295/ 36.

10- تفسير العيّاشي 1: 296/ 37.

(1) الممتحنة 60: 10.

(2) في المصدر: يتزوّج.

(3) البقرة 2: 221.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 253

2956/ [11]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ. قال: «هن المسلمات».

2957/ [12]- عن مسعدة بن صدقة، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، قال: «نسختها وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ».

2958/ [13]- عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، قال: «هن العفائف».

2959/ [14]- عن

العبد الصالح (عليه السلام)، قال: سألناه عن قوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ما هن، و ما معنى إحصانهن؟ قال: «هن العفائف من نسائهم».

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ [5]

2960/ [15]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن أبي عبد الله البرقي، عن الحسين «1» بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ، قال: «تفسيرها في بطن القرآن: و من «2» يكفر بولاية علي، و علي هو الإيمان».

2961/ [16]- ابن شهر آشوب في (المناقب): عن الباقر (عليه السلام)، و عن زيد بن علي، و ابن الفارسي في (الروضة) عن زيد بن علي في قوله تعالى: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، قال: بولاية علي (عليه السلام).

2962/ [17]- العياشي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير هذه الآية

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 296/ 38، و ساق الحديثين فيه هكذا: عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال نسختها وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ و الذي في البرهان يطابق المخطوط من تفسير العيّاشي، و يطابق البحار 103: 381- 382/ 30 و 31. [.....]

12- تفسير العيّاشي 1: 296/ 38، و ساق الحديثين فيه هكذا: عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال نسختها وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ و الذي في

البرهان يطابق المخطوط من تفسير العيّاشي، و يطابق البحار 103: 381- 382/ 30 و 31.

13- تفسير العيّاشي 1: 296/ 39.

14- تفسير العيّاشي 1: 296/ 40.

15- بصائر الدرجات: 97/ 5.

16- مناقب 3: 94، روضة الواعظين: 106.

17- تفسير العيّاشي 1: 297/ 44.

(1) في «ط» و «س»: الحسن، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 6: 25.

(2) في المصدر: يعني من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 254

وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ: «يعني بولاية علي (عليه السلام) وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ».

2963/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن حماد ابن عثمان، عن عبيد بن زرارة «1»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، قال: «ترك العمل الذي أقر به، [من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقم و لا شغل».

2964/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، فقال: «من ترك العمل الذي أقر به».

قلت: فما موضع ترك العمل حتى يدعه أجمع؟ قال: «منه الذي يدع الصلاة متعمدا، و لا من سكر، و لا من علة».

2965/ [6]- العياشي: عن عبيد بن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، قال: «ترك العمل الذي أقر به، من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقم و لا

شغل».

قال: قلت له: الكبائر من أعظم الذنوب؟ قال: فقال: «نعم».

قلت: هي أعظم من ترك الصلاة؟ قال: «إذا ترك الصلاة تركا ليس من أمره كان داخلا في واحدة من السبعة».

2966/ [7]- عن أبان بن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أدنى ما يخرج به الرجل من الإسلام أن يرى الرأي بخلاف الحق فيقيم عليه». قال: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. و قال: «الذي يكفر بالإيمان: الذي لا يعمل بما أمر الله به، و لا يرضى به».

2967/ [8]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. قال: «هو ترك العمل حتى يدعه أجمع- قال- منه الذي يدع الصلاة متعمدا، لا من شغل، و لا من سكر» يعني: النوم.

2968/ [9]- عن هارون بن خارجة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، قال: فقال: «من ذلك ما اشتق فيه».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 283/ 5.

5- الكافي 2: 285/ 12.

6- تفسير العيّاشي 1: 296/ 41.

7- تفسير العيّاشي 1: 297/ 42.

8- تفسير العيّاشي 1: 297/ 43.

9- تفسير العيّاشي 1: 297/ 45. [.....]

(1) في المصدر: عبيد عن زرارة. و كلا الحالين وارد، فقد روى حمّاد عن عبيد كتابه و بعض مرويّاته، و روى عبيد عن أبيه زرارة أيضا. و الظاهر أنّ ما في المتن هو الأقوى بقرينة ما في الحديثين: 5 و 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 255

2969/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: من آمن ثم أطاع أهل الشرك فقد حبط عمله و كفر بالإيمان.

سورة المائدة(5): آية 6 ..... ص : 255

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ

أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [6]

2970/ [1]- الشيخ: عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان، عن أحمد بن محمد بن الحسن- يعني ابن الوليد- عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن ابن بكير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ما يعني بذلك- إذا قمتم إلى الصلاة؟- قال: «إذا قمتم من النوم».

قلت: ينقض النوم الوضوء؟ فقال: «نعم، إذا كان يغلب على السمع، و لا يسمع الصوت».

2971/ [2]- و عنه: عن المفيد، قال: أخبرني أحمد بن محمد، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، و سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي عبد الله «1»، عن حماد، عن محمد بن النعمان، عن غالب بن الهذيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ على الخفض هي، أم على النصب؟ قال: «بل هي على الخفض».

2972/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان،

__________________________________________________

10- تفسير القمّي 1: 163.

1- التهذيب 1: 7/ 9.

2- التهذيب 1: 70/ 188.

3- الكافي 3: 27/

1.

(1) يعني أبا عبد اللّه محمّد بن خالد بن عبد الرحمن البرقي. انظر معجم رجال الحديث 21: 218.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 256

جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قلت له: أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ الذي قال الله عز و جل.

فقال: «الوجه الذي أمر الله تعالى بغسله، الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه، إن زاد عليه لم يؤجر، و إن نقص منه أثم: ما دارت عليه السبابة و الوسطى و الإبهام، من قصاص الرأس إلى الذقن، و ما جرت عليه الإصبعان من الوجه مستديرا فهو من الوجه، و ما سوى ذلك فليس من الوجه».

قلت: الصدغ «1» من الوجه؟ قال: «لا».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (الفقيه)، قال: قال زرارة بن أعين لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن حد الوجه، و ذكر مثله، و فيه زيادة: قال زرارة: قلت له: أ رأيت ما أحاط به الشعر؟ فقال: «كلما أحاط به «2» الشعر فليس على العباد أن يطلبوه، و لا يبحثوا عنه، و لكن يجري عليه الماء» «3».

2973/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن و غيره، عن سهل بن زياد، عن علي بن الحكم، عن الهيثم بن عروة التميمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فقلت: هكذا؟ و مسحت من ظهر كفي إلى المرفق. فقال: «ليس هكذا تنزيلها، إنما هي: فاغسلوا وجوهكم و أيديكم من المرافق. فقام، ثم أمر يده من مرفقه إلى أصابعه.

2974/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن

الفضل بن شاذان، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ألا تخبرني من أين علمت و قلت: إن المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟ فضحك، ثم قال: «يا زرارة، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نزل به الكتاب من الله، لأن الله عز و جل يقول: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل. ثم قال: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين. ثم فصل بين الكلامين «4»، فقال: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فعرفنا حين قال: بِرُؤُسِكُمْ أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس، كما وصل اليدين بالوجه، فقال: وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها، ثم فسر ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) للناس، فضيعوه.

ثم قال: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ فلما وضع الوضوء:

إن لم تجدوا الماء، أثبت بعض الغسل مسحا، لأنه قال: وُجُوهَكُمْ. ثم وصل بها وَ أَيْدِيَكُمْ ثم قال:

__________________________________________________

4- الكافي 3: 28/ 5.

5- الكافي 3: 30/ 4.

(1) في المصدر زيادة: ليس.

(2) زاد في المصدر: من.

(3) من لا يحضره الفقيه 1: 28/ 88.

(4) في «ط»: الكلام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 257

مِنْهُ أي من ذلك التيمم، لأنه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه، لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف، و لا يعلق ببعضها ثم قال: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ في الدين مِنْ حَرَجٍ و الحرج: الضيق».

2975/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن

أذينة، عن زرارة، و بكير، أنهما سألا أبا جعفر (عليه السلام) عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدعا بطست- أو تور «1»- فيه ماء، فغمس يده اليمنى، فغرف بها غرفة، فصبها على وجهه، فغسل بها وجهه، ثم غمس كفه اليسرى، فغرف بها غرفة، فأفرغ على ذراعه اليمنى، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف، لا يردها إلى المرفق، ثم غمس كفه اليمنى، فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق، و صنع بها مثل ما صنع باليمنى، ثم مسح رأسه و قدميه ببلل كفه لم يحدث لهما ماء جديدا. ثم قال: و لا يدخل أصابعه تحت الشراك.

قالا: ثم قال: «إن الله عز و جل يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله، و أمر بغسل اليدين إلى المرفقين، فليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلا غسله، لأن الله يقول: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ثم قال: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فإذا مسح بشي ء من رأسه، أو بشي ء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه».

قالا: فقلنا: أين الكعبان؟ قال: «ها هنا» يعني المفصل دون عظم الساق.

فقلنا: هذا ما هو؟ فقال: «هذا من عظم الساق، و الكعب أسفل من ذلك».

فقلنا: أصلحك الله، و الغرفة الواحدة تجزي للوجه، و غرفة للذراع! قال: «نعم، إذا بالغت فيها، و اثنتان «2» تأتيان على ذلك كله».

2976/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الأذنان ليسا

من الوجه، و لا من الرأس».

قال: و ذكر المسح، فقال: «امسح على مقدم رأسك، و امسح على القدمين و ابدأ بالشق الأيمن».

2977/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ، قال: «هو الجماع، و لكن الله ستير «3» يحب الستر، فلم يسم كما تسمون».

__________________________________________________

6- الكافي 3: 26/ 5.

7- الكافي 3: 29/ 2. [.....]

8- الكافي 5: 555/ 5.

(1) التّور: إناء من صفر أو حجارة كالإجّانة، و قد يتوضّأ منه. «النهاية 1: 199».

(2) في المصدر: و الثنتان.

(3) الستير: فعيل بمعنى فاعل، أي من شأنه و إرادته حبّ السّتر و الصّون. «لسان العرب- ستر- 4: 343».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 258

2978/ [9]- العياشي: عن أبي بكر بن حزم، قال: توضأ رجل، فمسح على خفيه، فدخل المسجد فصلى، فجاء علي (عليه السلام) فوطئ على رقبته فقال: «ويلك، تصلي على غير وضوء؟!» فقال: أمرني عمر بن الخطاب.

قال: فأخذ بيده، فانتهى به إليه، فقال: «انظر ما يروي هذا عليك» و رفع صوته، فقال: نعم أنا أمرته، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مسح. قال: «قبل المائدة، أو بعدها؟» قال: لا أدري. قال: «فلم تفتي و أنت لا تدري؟ سبق الكتاب الخفين».

2979/ [10]- عن ميسر بن ثوبان، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: «سبق الكتاب الخفين و الخمار».

2980/ [11]- عن بكير بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ما معنى: إذا قمتم؟ قال: «إذا قمتم من النوم».

قلت: ينقض النوم الوضوء؟

قال: «نعم، إذا كان النوم يغلب على السمع، فلا يسمع الصوت».

2981/ [12]- عن بكير بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ قال: قلت: ما عنى بها؟ قال: «من النوم».

2982/ [13]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ.

قال: «ليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله، و ليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلا غسله، ثم قال: امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فإذا مسح بشي ء من رأسه، أو بشي ء من قدميه ما بين كعبيه إلى أطراف أصابعه فقد أجزأه».

قال: فقلت: أصلحك الله، أين الكعبان؟ قال: «ها هنا» يعني: المفصل دون عظم الساق.

2983/ [14]- عن زرارة و بكير ابني أعين، قالا: سألنا أبا جعفر (عليه السلام) عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه و آله) فدعا بطست- أو تور- فيه ماء، فغمس كفه اليمنى، فغرف بها غرفة، فصبها على جبهته، فغسل وجهه بها، ثم غمس كفه اليسرى، فأفرغ على يده اليمنى، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق، ثم غمس كفه اليمنى، فأفرغ بها على ذراعه الأيسر من المرفق، و صنع بها كما صنع باليمنى، و مسح رأسه بفضل كفيه و قدميه، لم يحدث لها ماء جديدا. ثم قال: «و لا يدخل أصابعه تحت الشراك».

قال: ثم قال: «إن الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ __________________________________________________

9- تفسير العياشي 1: 297/

46.

10- تفسير العياشي 1: 297/ 47.

11- تفسير العياشي 1: 297/ 48.

12- تفسير العياشي 1: 298/ 49.

13- تفسير العياشي 1: 298/ 50.

14- تفسير العياشي 1: 298/ 51.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 259

فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله، و أمر بغسل اليدين إلى المرفقين، فليس ينبغي له أن يدع من يديه إلى المرفقين شيئا إلا غسله، لأن الله يقول: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ثم قال:

وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فإذا مسح بشي ء من رأسه، أو بشي ء من قدميه ما بين أطراف الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه».

قالا: قلنا: أصلحك الله، أين الكعبان؟ قال: «ها هنا». يعني المفصل دون عظم الساق.

فقلنا: هذا ما هو؟ قال: «من عظم الساق، و الكعب أسفل من ذلك».

فقلنا: أصلحك الله، فالغرفة الواحدة تجزي الوجه، و غرفة للذراع؟ قال: «نعم، إذا بالغت فيهما، و الثنتان تأتيان على ذلك كله».

2984/ [15]- عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي له أن يوضأ، الذي قال الله.

فقال: «الوجه الذي أمر الله بغسله، الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه، إن زاد عليه لم يؤجر، و إن نقص منه أثم: ما دارت عليه السبابة و الوسطى و الإبهام من قصاص الشعر إلى الذقن، و ما جرت عليه الإصبعان من الوجه مستديرا، و ما سوى ذلك فليس من الوجه».

قلت: الصدغ ليس من الوجه؟ قال: «لا».

قال زرارة: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): ألا تخبرني من أين علمت و قلت: إن المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟ فضحك، و قال: «يا زرارة، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد نزل

به الكتاب من الله، لأن الله قال:

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فعرفنا أن الوجه كله ينبغي له أن يغسل. ثم قال: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنهما ينبغي أن يغسلا إلى المرفقين، ثم فصل بين الكلام، فقال: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فعلمنا حين قال: بِرُؤُسِكُمْ أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه، فقال: وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما، ثم فسر ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) للناس فضيعوه.

ثم قال: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ ثم وصل بها وَ أَيْدِيَكُمْ فلما وضع الوضوء عمن لم يجد الماء، أثبت بعض الغسل مسحا، لأنه قال: وُجُوهَكُمْ ثم قال: مِنْهُ أي من ذلك التيمم، لأنه علم أن ذلك أجمع لا يجري على الوجه، لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف، و لا يعلق ببعضها».

2985/ [16]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: كيف يمسح الرأس؟ قال: «إن الله يقول:

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 299/ 52.

16- تفسير العيّاشي 1: 300/ 53.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 260

وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فما مسحت من رأسك فهو كذا، و لو قال: امسحوا رؤسكم، فكان عليك المسح كله».

2986/ [17]- عن صفوان، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، فقال: «قد سأل رجل أبا الحسن (عليه السلام) عن ذلك، فقال: سيكفيك- أو كفتك- سورة المائدة» يعني المسح على الرأس و الرجلين».

قلت: فإنه قال: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فكيف الغسل؟ قال: «هكذا، أن يأخذ الماء بيده اليمنى

فيصبه في اليسرى، ثم يفيضه على المرفق، ثم يمسح إلى الكف».

قلت له: مرة واحدة؟ فقال: «كان يفعل ذلك مرتين».

قلت: يرد الشعر؟ قال: «إذا كان عنده آخر فعل، و إلا فلا».

2987/ [18]- عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الوضوء واحدة». و قال: وصف الكعب في ظهر القدم «1».

2988/ [19]- عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «ألا أحكي لكم وضوء رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟» قلنا بلى. فأخذ كفا من ماء، فصبه على وجهه، ثم أخذ كفا آخر من الماء، فصبه على وجهه، ثم أخذ كفا آخر، فصبه على ذراعه الأيمن، ثم أخذ كفا آخر فصبه على ذراعه الأيسر، ثم مسح رأسه و قدميه، ثم وضع يده على ظهر القدم، ثم قال: «إن هذا هو الكف- و أشار بيده إلى العرقوب- و ليس بالكعب».

و في رواية أخرى عنه، قال: «إلى العرقوب» «2» فقال: «إن هذا هو الظنبوب «3» و ليس بالكعب».

2989/ [20]- عن علي بن أبي حمزة، قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ إلى قوله: إِلَى الْكَعْبَيْنِ فقال: «صدق الله».

قلت: جعلت فداك، كيف يتوضأ؟ قال: «مرتين مرتين».

قلت: يمسح؟ قال: «مرة مرة».

قلت: من الماء مرة؟ قال: «نعم».

قلت: جعلت فداك فالقدمين؟ قال: «اغسلهما غسلا» «4».

__________________________________________________

17- تفسير العيّاشي 1: 300/ 54.

18- تفسير العيّاشي 1: 300/ 55. [.....]

19- تفسير العيّاشي 1: 300/ 56.

20- تفسير العيّاشي 1: 301/ 58.

(1) أي بيّن (عليه السّلام) أنّ الكعب هو ما في ظهر القدم. انظر «ملاذ الأخبار 1: 310».

(2) أي أومأ- أو أشار- بيده إلى العرقوب. كما في الحديث السابق، و التهذيب 1: 75/ 39.

و العرقوب: عصب غليظ فوق عقب الإنسان. «القاموس المحيط- عرقب- 1: 107».

(3) الظنبوب: حرف الساق من القدم أو عظمه أو حرف عظمه. «القاموس المحيط- ظنب- 1: 103».

(4) حمله المجلسي في البحار 80: 285/ 35 على التقيّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 261

2990/ [21]- عن محمد بن أحمد الخراساني- رفع الحديث- قال: أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) رجل فسأله عن المسح على الخفين، فأطرق في الأرض مليا، ثم رفع رأسه، فقال: «يا هذا، إن الله تبارك و تعالى أمر عباده بالطهارة، و قسمها على الجوارح، فجعل للوجه منه نصيبا، و جعل للرأس منه نصيبا، و جعل لليدين منه نصيبا، و جعل للرجلين منه نصيبا، فإن كانتا خفاك من هذه الأجزاء فامسح عليهما».

2991/ [22]- عن غالب بن الهذيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ على الخفض هي؟ أم على الرفع؟ فقال: «بل هي على الخفض».

2992/ [23]- عن عبد الله بن خليفة أبي العريف «1» المكراني الهمداني، قال: قام ابن الكواء إلى علي (عليه السلام) فسأله عن المسح على الخفين. فقال: «بعد كتاب الله تسألني؟! قال الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا إلى قوله: الْكَعْبَيْنِ» ثم قام إليه ثانية فسأله، فقال له مثل ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يتلو عليه هذه الآية.

2993/ [24]- عن الحسن بن زيد، عن جعفر بن محمد: أن عليا (عليه السلام) خالف القوم في المسح على الخفين، على عهد عمر بن الخطاب، قالوا: رأينا النبي (صلى الله عليه و آله) يمسح على الخفين. قال: «فقال:

علي (عليه السلام): قبل نزول المائدة، أو بعدها؟ فقالوا: لا ندري. قال: و لكن أدري أن

النبي (صلى الله عليه و آله) ترك المسح على الخفين حين نزلت المائدة، و لئن أمسح على ظهر حمار أحب إلي من أن أمسح على الخفين. و تلا هذه الآية:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ».

2994/ [25]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التيمم، فقال: «إن عمار بن ياسر أتى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: أجنبت و ليس معي ماء. فقال: كيف صنعت يا عمار؟ قال: نزعت ثيابي، ثم تمعكت على الصعيد. فقال: هكذا يصنع الحمار، إنما قال الله: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ. ثم وضع يديه جميعا على الصعيد، ثم مسحهما، ثم مسح من بين عينيه إلى أسفل حاجبيه، ثم دلك إحدى يديه بالأخرى على ظهر الكف، بدءا باليمين «2»».

__________________________________________________

21- تفسير العيّاشي 1: 301/ 59.

22- تفسير العيّاشي 1: 301/ 60.

23- تفسير العيّاشي 1: 301/ 61.

24- تفسير العيّاشي 1: 301/ 62.

25- تفسير العيّاشي 1: 302/ 63.

(1) في «س» و «ط»: عبد اللّه بن هليعة أي العريف، و الصواب ما في المتن. قال الشيخ الطوسيّ في رجاله: 48/ 25 عبد اللّه بن خليفة، يكنّى أبا عريف الهمداني. و عدّه من أصحاب عليّ (عليه السّلام)، و تجد ترجمته في طبقات ابن سعد 6: 121، تهذيب التهذيب 5: 198، معجم رجال الحديث 10: 181.

(2) في المصدر: باليمنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 262

2995/ [26]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «فرض الله الغسل على الوجه، و الذراعين، و المسح على الرأس و القدمين، فلما جاء حال السفر و المرض و الضرورة وضع الله الغسل، و أثبت الغسل

مسحا، فقال:

وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ إلى قوله: وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ».

2996/ [27]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: «ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ في الدين مِنْ حَرَجٍ و الحرج: الضيق».

2997/ [28]- عن عبد الأعلى- مولى آل سام- قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني عثرت فانقطع ظفري، فجعلت على إصبعي مرارة «1» كيف أصنع بالوضوء؟

قال: فقال (عليه السلام): «تعرف هذا و أشباهه في كتاب الله تبارك و تعالى: وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «2»».

سورة المائدة(5): الآيات 7 الي 11..... ص : 262

قوله تعالى:

وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ مِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ- إلى قوله تعالى- فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ [7- 11] 2998/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ مِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ قال: لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) الميثاق عليهم بالولاية، قالوا: سمعنا و أطعنا. ثم نقضوا ميثاقه «3».

2999/ [2]- الطبرسي، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن المراد بالميثاق ما بين لهم في حجة الوداع من تحريم المحرمات، و كيفية الطهارة، و فرض الولاية».

3000/ [3]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ

__________________________________________________

26- تفسير العياشي 1: 302/ 64. [.....]

27- تفسير العياشي 1: 302/ 65.

28- تفسير العياشي 1: 302/ 66.

1- تفسير القمي 1: 163.

2- مجمع البيان 3: 260.

3- تفسير القمي 1: 163.

(1) المرارة: هي التي في جوف الشاة و غيرها، يكون فيها ماء أخضر مر. «النهاية 4: 316».

(2) الحج 22: 78.

(3) في المصدر: ميثاقهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 263

يعني

أهل مكة، من قبل أن يفتحها، فكف أيديهم بالصلح يوم الحديبية.

سورة المائدة(5): آية 13 ..... ص : 263

قوله تعالى:

فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ [13] 3001/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ يعني نقض عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ قال: من نحى أمير المؤمنين (عليه السلام) عن موضعه، و الدليل على «1» أن الكلم «2» أمير المؤمنين (عليه السلام)، قوله: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ «3» يعني «4» الإمامة.

قوله تعالى:

وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ [13] 3002/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: منسوخة بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «5»

سورة المائدة(5): آية 14 ..... ص : 263

قوله تعالى:

وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [14]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 163.

2- تفسير القمّي 1: 164.

(1) زاد في المصدر: ذلك.

(2) في المصدر: الكلمة.

(3) الزّخرف 43: 28.

(4) زاد في المصدر: به. [.....]

(5) التّوبة 9: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 264

3003/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قال علي (عليه السلام): «إن عيسى بن مريم عبد مخلوق، فجعلوه ربا فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ».

3004/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن إسماعيل بن محمد المكي، عن علي بن الحسن «1»، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن خالد، عمن ذكره، عن أبي الربيع الشامي، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تشتر من السودان أحدا، فإن كان لا بد فمن النوبة «2»، فإنهم من الذين قال الله عز و جل: وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ أما إنهم سيذكرون ذلك الحظ، و سيخرج مع القائم (عليه السلام) منا «3»

عصابة منهم، و لا تنكحوا من الأكراد أحدا، فإنهم جنس من الجن كشف عنهم الغطاء».

سورة المائدة(5): آية 15 ..... ص : 264

قوله تعالى:

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [15] 3005/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: يبين لكم النبي (صلى الله عليه و آله) ما أخفيتموه مما في التوراة من أخباره، و يدع كثيرا لا يبينه.

قوله تعالى:

قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ [15] 3006/ [4]- علي بن إبراهيم: يعني بالنور: النبي و أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم الصلاة و السلام).

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 164.

2- الكافي 5: 352/ 2.

3- تفسير القمّي 1: 164.

4- تفسير القمّي 1: 164.

(1) في المصدر: الحسين، و الصواب ما في المتن، و هو علي بن الحسن بن فضّال، راجع معجم رجال الحديث 11: 340.

(2) النوبة: جيل من السودان.

(3) في «س» و «ط»: هنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 265

سورة المائدة(5): آية 19 ..... ص : 265

قوله تعالى:

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ- إلى قوله تعالى- عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [19] 3007/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ قال: مخاطبة لأهل الكتاب عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ قال: على انقطاع من الرسل. ثم احتج عليهم، فقال: أَنْ تَقُولُوا أي لئلا تقولوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

3008/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي و أبي منصور، عن أبي الربيع، قال: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام) في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطاب،

فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت، و قد اجتمع عليه الناس، فقال نافع: يا أمير المؤمنين، من هذا الذي قد تداك «1» عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد بن علي. فقال: اشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي، أو ابن نبي، أو وصي نبي. قال: فاذهب إليه و سله لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس، ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: يا محمد بن علي، إني قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و قد عرفت حلالها و حرامها، و قد جئت أسألك عن مسائل، لا يجيب فيها إلا نبي، أو وصي نبي، أو ابن نبي. قال: فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه، فقال: «سل عما بدا لك».

فقال: أخبرني كم بين عيسى و محمد (صلى الله عليه و آله) من سنة؟

فقال: «أخبرك بقولي، أو بقولك؟» قال: أخبرني بالقولين جميعا. قال: «أما في قولي فخمس مائة سنة، و أما في قولك فست مائة سنة».

سورة المائدة(5): آية 20 ..... ص : 265

قوله تعالى:

اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً [20] 3009/ [3]- علي بن إبراهيم: يعني في بني إسرائيل، لم يجمع الله لهم النبوة و الملك في بيت واحد، ثم جمع

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 164.

2- الكافي 8: 120/ 93.

3- تفسير القمّي 1: 164.

(1) أي ازدحموا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 266

ذلك لنبيه (صلى الله عليه و آله).

3010/ [2]- سعد بن عبد الله، قال: حدثني جماعة من أصحابنا، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، و إبراهيم ابن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله

عز و جل: إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً، فقال: «الأنبياء: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إبراهيم، و إسماعيل و ذريته، و الملوك: الأئمة (عليهم السلام).

قال: فقلت: و أي الملك أعطيتم؟ فقال: «ملك الجنة، و ملك النار «1»».

قلت: و روى هذا الحديث بالسند و المتن صاحب (الرجعة) «2»، و في آخر حديثه: فقال: «ملك الجنة و ملك الرجعة «3»».

سورة المائدة(5): الآيات 21 الي 26..... ص : 266

قوله تعالى:

يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ- إلى قوله تعالى- فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ [21- 26]

3011/ [1]- الشيخ المفيد: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما انتهى بهم موسى (عليه السلام) إلى الأرض المقدسة، قال لهم: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ و قد كتبها الله لهم قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فلما أبوا أن يدخلوها حرمها الله عليهم، فتاهوا في أربع فراسخ أربعين سنة يتيهون في الأرض فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ».

__________________________________________________

2- مختصر بصائر الدرجات: 28.

1- الاختصاص: 265. [.....]

(1) في المصدر: و

ملك الكرّة.

(2) الرجعة للأسترآبادي: 14 (مخطوط).

(3) في المصدر: و ملك الكرّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 267

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كانوا إذا أمسوا نادى مناديهم: استتموا «1» الرحيل. فيرتحلون بالحداء و الزجر، حتى إذا أسحروا أمر الله الأرض فدارت بهم، فيصبحوا في منزلهم الذي ارتحلوا منه، فيقولون: قد أخطأتم الطريق.

فمكثوا بهذا أربعين سنة، و نزل عليهم المن و السلوى حتى هلكوا جميعا، إلا رجلين: يوشع بن نون، و كالب بن يوفنا «2» و أبناؤهم. و كانوا يتيهون في نحو من أربع فراسخ، فإذا أرادوا أن يرتحلوا يبست «3» ثيابهم عليهم و خفافهم- قال- و كان معهم حجر إذا نزلوا ضربه موسى (عليه السلام) بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، لكل سبط عين، فإذا ارتحلوا رجع الماء إلى الحجر، و وضع الحجر على الدابة».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله أمر بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم، ثم بدا له فدخلها أبناء الأبناء «4»».

3012/ [2]- العياشي: عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام): «أن رأس المهدي «5» يهدى إلى عيسى بن موسى «6» على طبق» قلت: فقد مات هذا و هذا، قال: «فقد قال الله: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فلم يدخلوها، و دخلها الأبناء- أو قال: أبناء الأبناء- فكان ذلك دخولهم «7»».

فقلت: أو ترى أن الذي قال في المهدي و في عيسى يكون مثل هذا؟ فقال: «نعم، يكون في أولادهم «8»».

فقلت: ما تنكر أن يكون ما قال في ابن الحسن يكون في ولده؟ قال «9»: «ليس ذلك مثل ذا».

3013/ [3]- عن حريز، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى

الله عليه و آله): و الذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم، حذو النعل بالنعل، و القذة بالقذة، حتى لا تخطئون طريقهم، و لا تخطئكم سنة بني إسرائيل».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 303/ 67.

3- تفسير العيّاشي 1: 303/ 68.

(1) في «س»: و كالب بن يوحنا.

(2) في «س»: و كالب بن يوحنا.

(3) في المصدر: ثبت.

(4) في المصدر: الأنبياء.

(5) المراد به المهدي العبّاسي.

(6) في «س» و «ط» و المصدر: موسى بن عيسى، و الصواب ما أثبتناه. و هو عيسى بن موسى بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس. كان قائدا معروفا، و واليا للسفّاح على الكوفة، كما جعله وليّ عهد المنصور. توفّي سنة 167. انظر الكامل لابن الأثير 6: عدّة مواضع، و أعلام الزرگلي 5: 019.

و هذا الحديث رواه ابن أبي حمزة أيضا، و قد روي عن الإمام الرضا (عليه السّلام) أنّه كان يكذّبه و يردّه و يقول: أليس هو الذي روى أنّ رأس المهدي يهدى إلى عيسى بن موسى ... فما استبان لهم كذبه؟ راجع عوالم الإمام الكاظم (عليه السّلام): 490/ 10 و 491/ 12 و 503/ 5.

(7) في «س»: دخول.

(8) كذا، و الظاهر: أولادهما.

(9) في المصدر زيادة: نعم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 268

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «قال موسى لقومه: يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فردوا عليه، و كانوا ست مائة ألف: قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا أحدهما يوشع بن نون و الآخر كالب بن يافنا» و قال: «هما ابنا عمه، فقالا: ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ

الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ إلى قوله: إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ- قال- فعصى أربعون ألفا، و سلم هارون و ابناه و يوشع بن نون و كالب بن يافنا، فسماهم الله: فاسقين، فقال: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فتاهوا أربعين سنة، لأنهم عصوا، فكانوا حذو النعل بالنعل.

إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما قبض لم يكن على أمر الله إلا علي و الحسن و الحسين و سلمان و المقداد و أبو ذر، فمكثوا أربعين حتى قام علي (عليه السلام) فقاتل من خالفه».

3014/ [4]- عن زرارة و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله: يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ، قال: «كتبها لهم ثم محاها».

3015/ [5]- عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لي: «إن بني إسرائيل قال لهم: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فلم يدخلوها حتى حرمها عليهم و على أبنائهم، و إنما دخلها أبناء الأبناء».

3016/ [6]- عن إسماعيل الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أصلحك الله يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ أ كان كتبها لهم؟ قال: «إي و الله لقد كتبها لهم ثم بدا له لا يدخلونها».

قال: ثم ابتدأ هو فقال: «إن الصلاة كانت ركعتين عند الله فجعلها «1» للمسافر، و زاد للمقيم ركعتين فجعلها «2» أربعا».

3017/ [7]- عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ، قال: «كتبها لهم ثم محاها، ثم كتبها لأبنائهم فدخلوها، و الله يمحو ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب».

3018/ [8]- عن علي بن أسباط،

عن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت له: إن أهل مصر يزعمون أن بلادهم مقدسة، قال: «و كيف ذلك؟» قلت: جعلت فداك، يزعمون أنه يحشر من ظهرهم «3» سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب.

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 304/ 69.

5- تفسير العيّاشي 1: 304/ 70.

6- تفسير العيّاشي 1: 304/ 71.

7- تفسير العيّاشي 1: 304/ 72.

8- تفسير العيّاشي 1: 304/ 73.

(1، 2) في المصدر: فجعلهما.

(3) في «ط» و المصدر: في جبلهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 269

فقال: «لا، لعمري، ما ذاك كذلك، و ما غضب الله على بني إسرائيل إلا أدخلهم مصرا، و لا رضي عنهم إلا أخرجهم منها إلى غيرها، و لقد أوحى الله إلى موسى (عليه السلام) أن يخرج عظام يوسف منها، فاستدل موسى (عليه السلام) على من يعرف موضع القبر، فدل على امرأة عمياء زمنة «1»، فسألها موسى (عليه السلام) أن تدله عليه، فأبت إلا على خصلتين. يدعو الله فيذهب بزمانتها، و يصيرها معه في الجنة، في الدرجة التي هو فيها، فأعظم ذلك موسى (عليه السلام)، فأوحى الله إليه: و ما يعظم عليك من هذا! أعطها ما سألت. ففعل، فوعدته طلوع القمر، فحبس الله طلوع القمر حتى جاء موسى (عليه السلام) لموعده، فأخرجته من النيل في سفط مرمر «2»، فحمله موسى».

قال: ثم قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: لا تأكلوا في فخارها، و لا تغسلوا رؤوسكم بطينها، فإنه يورث الذلة، و يذهب بالغيرة».

3019/ [9]- عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ذكر أهل مصر، و ذكر قوم موسى (عليه السلام) و قولهم: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ فحرمها الله عليهم أربعين سنة، و

تيههم، فكان إذا كان العشاء و أخذوا في الرحيل، نادوا: الرحيل الرحيل، الوحى الوحى «3» فلم يزالوا كذلك حتى تغيب الشمس، حتى إذا ارتحلوا و استوت بهم الأرض قال الله للأرض: ديري بهم. فلا يزالون كذلك، حتى إذا أسحروا و قارب الصبح قالوا: إن هذا الماء قد أتيتموه، فانزلوا. فإذا أصبحوا إذا أبنيتهم و منازلهم التي كانوا فيها بالأمس، فيقول بعضهم لبعض: يا قوم لقد ضللتم و أخطأتم الطريق. فلم يزالوا كذلك حتى أذن الله لهم فدخلوها، و قد كان كتبها لهم».

3020/ [10]- عن داود الرقي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: نعم الأرض الشام، و بئس القوم أهلها، و بئس البلاد مصر، أما إنها سجن من سخط الله عليه، و لم يكن دخول بني إسرائيل مصر إلا من سخطه و لمعصية منهم لله، لأن الله قال: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ يعني: الشام، فأبوا أن يدخلوها، فتاهوا في الأرض أربعين سنة، في مصر و فيافيها، ثم دخلوها بعد أربعين سنة- قال- و ما كان خروجهم من مصر، و دخولهم الشام إلا من بعد توبتهم و رضا الله عنهم».

و قال: «إني لأكره أن آكل من شي ء طبخ في فخارها، و ما أحب أن أغسل رأسي من طينها، مخافة أن يورثني ترابها الذل، و يذهب بغيرتي».

3021/ [11]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ،

__________________________________________________

9- تفسير العياشي 1: 305/ 74.

10- تفسير العياشي 1: 305/ 75.

11- تفسير العياشي 1: 305/ 76.

(1) الزمنة: وصف من الزمانة، و هي مرض يدوم.

(2) في «ط»: سفط من طين.

(3) أي

العجل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 270

قال: «كان في علمه أنهم سيعصون و يتيهون أربعين سنة، ثم يدخلوها بعد تحريمه إياها عليهم».

3022/ [12]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ.

قال: فإن ذلك نزل لما قالوا: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فقال لهم موسى (عليه السلام): اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ «1» فقالوا: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها [فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ فنصف الآية ها هنا و نصفها في سورة البقرة.

فلما قالوا لموسى (عليه السلام): إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها] فقال لهم موسى (عليه السلام): لا بد أن تدخلوها. فقالوا له: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ. فأخذ موسى (عليه السلام) بيد هارون و قال كما حكى الله: إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي يعني هارون فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فقال الله: فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يعني مصر لن يدخلوها أربعين سنة يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ. فلما أراد موسى أن يفارقهم فزعوا، و قالوا: إن خرج موسى من بيننا نزل علينا العذاب.

ففزعوا إليه و سألوه أن يقيم معهم، و يسأل الله أن يتوب عليهم، فأوحى الله إليه: إني قد تبت عليهم، على أن يدخلوا مصر، و حرمتها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض عقوبة لقولهم: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا.

فدخلوا كلهم في التيه إلا قارون، فكانوا يقومون في أول الليل و يأخذون في قراءة التوراة، فإذا أصبحوا على باب مصر دارت بهم الأرض، فردتهم إلى مكانهم، و كان بينهم و بين مصر أربعة فراسخ، فبقوا على ذلك أربعين سنة، فمات هارون

و موسى في التيه، و دخلها أبناؤهم و أبناء أبنائهم.

و روي أن الذي حفر قبر موسى ملك الموت، في صورة آدمي، و لذلك لا تعرف بنو إسرائيل قبر موسى.

و سئل النبي (صلى الله عليه و آله) عن قبره، فقال: «عند الطريق الأعظم، عند الكثيب الأحمر». قال: و كان بين موسى و بين داود (عليهما السلام) خمس مائة سنة، و بين داود و عيسى ألف سنة و مائة سنة.

3023/ [13]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال:

حدثنا محمد بن زكريا البصري، قال: حدثنا محمد بن عمارة، عن أبيه، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أخبرني بوفاة موسى بن عمران (عليه السلام)، فقال: «إنه لما أتاه أجله، و استوفى مدته، و انقطع أكله، أتاه ملك الموت، فقال له: السلام عليك، يا كليم الله. فقال موسى: و عليك السلام، من أنت؟ فقال: أنا ملك الموت.

قال: ما الذي جاء بك؟ قال: جئت لأقبض روحك. فقال له موسى (عليه السلام): من أين تقبض روحي؟ قال: من فيك «2». قال له موسى: كيف و قد كلمت به ربي جل جلاله! قال: فمن يديك. قال: كيف، و قد حملت بهما التوراة! قال: فمن رجليك. قال: كيف، و قد وطئت بهما طور سيناء! قال: فمن عينيك، قال: كيف، و لم تزل إلى الله بالرجاء

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 1: 164. [.....]

13- الأمالي: 192/ 2.

(1) البقرة 2: 61.

(2) في المصدر: فمك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 271

ممدودة! قال: فمن أذنيك، قال: كيف، و قد سمعت بهما كلام ربي عز و جل!» قال: «فأوحى الله تبارك و تعالى إلى ملك الموت: لا تقبض روحه، حتى يكون هو

الذي يريد ذلك، و خرج ملك الموت، فمكث موسى ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك، و دعا يوشع بن نون، فأوصي إليه، و أمره بكتمان أمره، و بأن يوصي بعده إلى من يقوم بالأمر، و غاب موسى (عليه السلام) عن قومه- قال- فمر في غيبته برجل و هو يحفر قبرا، فقال له: ألا أعينك على حفر هذا القبر؟ فقال له الرجل: بلى. فأعانه حتى حفر القبر و سوى اللحد، ثم اضطجع فيه موسى بن عمران (عليه السلام) لينظر كيف هو، فكشف له عن الغطاء فرأى مكانه من الجنة، فقال: يا رب اقبضني إليك.

فقبض ملك الموت روحه مكانه، و دفنه في القبر، و سوى عليه التراب، و كان الذي يحفر القبر ملكا في صورة آدمي، و كان ذلك في التيه، فصاح صائح من «1» السماء: مات موسى كليم الله، و أي نفس لا تموت.

فحدثني أبي، عن جدي، عن أبيه (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل عن قبر موسى (عليه السلام) أين هو؟ فقال: عند الطريق الأعظم، عند الكثيب الأحمر».

3024/ [14]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن محمد بن الحصين «2»، عن محمد بن الفضيل، عن عبد الرحمن بن يزيد، ن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): مات داود النبي (عليه السلام) يوم السبت مفجوءا، فأظلته الطير بأجنحتها، و مات موسى كليم الله (عليه السلام) في التيه، فصاح صائح من «3» السماء: مات موسى (عليه السلام) و أي نفس لا تموت».

3025/ [15]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين،

عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): كان هارون أخا موسى لأبيه و امه؟ قال: «نعم، أما تسمع الله تعالى يقول:

بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي «4»؟».

فقلت: فأيهما كان أكبر سنا؟ قال: «هارون».

قلت: فكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: «الوحي ينزل على موسى (عليه السلام)، و موسى (عليه السلام) يوحيه إلى هارون».

فقلت له: أخبرني عن الأحكام و القضاء و الأمر و النهي، أ كان ذلك إليهما؟ قال: «كان موسى (عليه السلام) الذي

__________________________________________________

14- الكافي 3: 111/ 4.

15- تفسير القمّي 2: 136.

(1) في «ط»: في.

(2) في «س»: محمّد بن الحسن، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 16: 27، و في «ط»: محمّد بن الحسين. و هو صحيح أيضا، حيث روى ابن فضّال عن محمّد بن الحسين في عدّة موارد، و روى الأخير عن محمّد بن الفضيل. انظر معجم رجال الحديث 17: 141 و 23: 8.

(3) في «س»: في.

(4) طه 20: 94.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 272

يناجي ربه، و يكتب العلم، و يقضي بين بني إسرائيل، و هارون يخلفه إذا غاب عن قومه للمناجاة».

قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال: مات هارون قبل موسى (عليهما السلام) و ماتا جميعا في التيه».

قلت: فكان لموسى (عليه السلام) ولد؟ قال: «لا، كان الولد لهارون، و الذرية له».

سورة المائدة(5): الآيات 27 الي 31..... ص : 272

قوله تعالى:

وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ- إلى قوله تعالى- فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ [27- 31]

3026/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة،

عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى عهد إلى آدم (عليه السلام) أن لا يقرب هذه الشجرة، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله أن يأكل منها، نسي، فأكل منها، و هو قول الله تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً «1» فلما أكل آدم (عليه السلام) من الشجرة أهبط إلى الأرض، فولد له هابيل و أخته توأم، و ولد له قابيل و أخته توأم.

ثم إن آدم (عليه السلام) أمر هابيل و قابيل أن يقربا قربانا، و كان هابيل صاحب غنم، و كان قابيل صاحب زرع، فقرب هابيل كبشا من أفاضل غنمه، و قرب قابيل من زرعه ما لم ينق، فتقبل قربان هابيل، و لم يتقبل قربان قابيل، و هو قول الله عز و جل: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ إلى آخر الآية. و كان القربان تأكله النار، فعمد قابيل إلى النار فبنى لها بيتا، و هو أول من بنى بيوت النار، فقال: لأعبدن هذه النار حتى تتقبل مني قرباني، ثم إن إبليس (لعنه الله) أتاه و هو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، فقال له: يا قابيل، قد تقبل قربان هابيل، و لم يتقبل قربانك، و إنك إن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك، و يقولون: نحن أبناء الذي تقبل قربانه. فاقتله كي لا يكون له عقب يفتخرون على عقبك. فقتله.

فلما رجع قابيل إلى آدم (عليه السلام)، قال له: يا قابيل، أين هابيل؟ فقال اطلبه حيث قربنا القربان. فانطلق آدم فوجد هابيل قتيلا، فقال آدم (عليه

السلام): لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل، و بكى آدم (عليه السلام) على هابيل أربعين ليلة».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 113/ 92.

(1) طه 20: 115.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 273

3027/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا، و لا تعرفون حتى تصدقوا، و لا تصدقون حتى تسلموا، أبواب أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة و تاهوا تيها بعيدا.

إن الله تبارك و تعالى لا يقبل إلا العمل الصالح، و لا يقبل إلا الوفاء بالشروط و العهود، فمن وفى الله عز و جل بشرطه، و استعمل ما وصف في عهده، نال ما عنده، و استكمل ما وعده، إن الله تبارك و تعالى أخبر العباد بطرق «1» الهدى، و شرع لهم فيها المنار، و أخبرهم كيف يسلكون، فقال: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «2» و قال: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ فمن اتقى الله فيها أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله)».

3028/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن «3» محمد بن علي، عن عبيس «4» بن هشام، عن عبد الكريم- و هو كرام بن عمرو الخثعمي- عن عمر بن حنظلة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن آية في القرآن تشككني؟

قال: «و ما هي؟» قلت: قول الله: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ قال: «و أي شي ء شككت فيها» قلت: من صلى و صام و عبد الله

قبل منه؟ قال: «إنما يتقبل الله من المتقين العارفين» ثم قال: «أنت أزهد في الدنيا أم الضحاك بن قيس؟» قلت: لا بل الضحاك بن قيس. قال: «فذلك لا يتقبل الله منه شيئا مما ذكرت».

3029/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، عن ثوير بن أبي فاختة، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يحدث رجلا من قريش، قال: «لما قرب ابنا آدم القربان، قرب أحدهما أسمن كبش كان في ضأنه، و قرب الآخر ضغثا من سنبل، فتقبل من صاحب الكبش، و هو هابيل، و لم يتقبل من الآخر، فغضب قابيل، فقال لهابيل: و الله لأقتلنك. فقال هابيل: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَ إِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فلم يدر كيف يقتله، حتى جاء إبليس فعلمه، فقال: ضع رأسه بين حجرين، ثم اشدخه. فلما قتله لم يدر ما يصنع به، فجاء

__________________________________________________

2- الكافي 1: 139/ 6، 2: 39/ 3.

3- المحاسن: 168/ 129.

4- تفسير القمّي 1: 165. [.....]

(1) في «ط»: بطريق.

(2) طه 20: 82.

(3) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي قال: روى النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن الحارث بن. و هو ذيل حديث 128 في المحاسن.

(4) في «س» و «ط»: عيسى، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 11: 95.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 274

غرابان، فأقبلا يتضاربان حتى اقتتلا، فقتل أحدهما صاحبه، ثم حفر الذي بقي

الأرض بمخالبه، و دفن فيها صاحبه، قال قابيل: يا وَيْلَتى أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ فحفر له حفيرة، و دفنه فيها، فصارت سنة يدفنون الموتى.

فرجع قابيل إلى أبيه، فلم ير معه هابيل، فقال له آدم (عليه السلام): أين تركت ابني؟ قال له قابيل: أرسلتني عليه راعيا؟! فقال له آدم (عليه السلام): انطلق معي إلى مكان القربان و أوجس قلب آدم (عليه السلام) بالذي فعل قابيل، فلما بلغ مكان القربان «1» استبان قتله، فلعن آدم (عليه السلام) الأرض التي قبلت دم هابيل، و أمر آدم (عليه السلام) أن يلعن قابيل، و نودي قابيل من السماء: تعست «2» كما قتلت أخاك. و لذلك لا تشرب الأرض الدم. فانصرف آدم (عليه السلام) يبكي على هابيل أربعين يوما و ليلة، فلما جزع عليه شكا ذلك إلى الله، فأوحى الله إليه: أني واهب لك ذكرا يكون خلفا من هابيل. فولدت حواء غلاما زكيا مباركا، فلما كان اليوم السابع أوحى الله إليه: يا آدم، إن هذا الغلام هبة مني لك، فسمه هبة الله. فسماه آدم هبة الله».

3030/ [5]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنت جالسا معه في المسجد الحرام، فإذا طاوس في جانب الحرم يحدث أصحابه، حتى قال: أ تدري أي يوم قتل نصف الناس؟ فأجابه أبو جعفر (عليه السلام)، فقال: «أو ربع الناس، يا طاوس». فقال: أو ربع الناس.

فقال: «أ تدري ما صنع بالقاتل؟ فقلت: إن هذه لمسألة. فلما كان من الغد غدوت إلى أبي جعفر (عليه السلام) فوجدته قد لبس ثيابه، و هو قاعد

على الباب ينتظر الغلام أن يسرج له، فاستقبلني بالحديث قبل أن أسأله، فقال:

«إن بالهند- أو من وراء الهند- رجلا معقولا «3» برجله، يلبس المسح «4»، موكل به عشرة نفر، كلما مات رجل منهم أخرج أهل القرية بدله، فالناس يموتون و العشرة لا ينقصون، يستقبلون بوجهه الشمس حين «5» تطلع، و يديرونه معها حتى «6» تغيب، ثم يصبون عليه في البرد الماء البارد، و في الحر الماء الحار».

قال: «فمر به رجل من الناس، فقال له: من أنت يا عبد الله؟ فرفع رأسه و نظر إليه، ثم قال له: إما أن تكون أحمق الناس، و إما أن تكون أعقل الناس إني لقائم ها هنا منذ قامت الدنيا، و ما سألني أحد: من أنت، غيرك». ثم قال: «يزعمون أنه ابن آدم».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 166.

(1) في المصدر: بلغ المكان.

(2) في «ط» و المصدر: لعنت.

(3) أي مشدودا.

(4) المسح: كساء من شعر، وثوب الراهب.

(5) في «س» و «ط»: حتّى.

(6) في المصدر: حين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 275

قال الله عز و جل: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً «1» فلفظ الآية خاص في بني إسرائيل، و معناه عام جار في الناس كلهم.

3031/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري، بإيلاق، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد «2» بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبي

جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي محمد بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن الحسين، قال: حدثنا أبي الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالكوفة في الجامع، إذ قام إليه رجل من أهل الشام، فقال: يا أمير المؤمنين إني أسألك عن أشياء. فقال: سل تفقها، و لا تسأل تعنتا. فأحدق الناس بأبصارهم- و ذكر الحديث إلى أن قال- و سأله: كم كان عمر آدم (عليه السلام)؟ فقال: تسع مائة سنة، و ثلاثين سنة. و سأله عن أول من قال الشعر، فقال:

آدم. قال: و ما كان شعره؟ قال: لما انزل إلى الأرض من السماء، فرأى تربتها وسعتها و هواءها، و قتل قابيل هابيل، قال آدم (عليه السلام):

تغيرت البلاد و من عليها فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون و طعم و قل بشاشة الوجه المليح «3»

فأجابه إبليس لعنه الله:

تنح عن البلاد و ساكنيها فبي في الخلد «4» ضاق بك الفسيح و كنت بها و زوجك في قرار و قلبك من أذى الدنيا مريح فلم تنفك من كيدي و مكري إلى أن فاتك الثمن الربيح فلولا رحمة الجبار أضحى بكفك من جنان الخلد ريح ثم قام إليه رجل [آخر] فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن يوم الأربعاء و تطيرنا منه، و ثقله، و أي أربعاء هو؟

قال: آخر أربعاء في الشهر، و هو المحاق، و فيه قتل قابيل هابيل آخاه».

3032/ [7]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما قرب ابنا آدم القربان، فتقبل من أحدهما، و لم يتقبل من الآخر- قال: تقبل من هابيل، و لم يتقبل من قابيل- دخله من ذلك

حسد شديد، و بغى على هابيل، فلم يزل يرصده و يتبع خلوته، حتى ظفر به متنحيا عن آدم (عليه السلام)، فوثب عليه

__________________________________________________

6- علل الشرائع: 593- 597/ 44.

7- تفسير العيّاشي 1: 306/ 77.

(1) المائدة 5: 32. [.....]

(2) في «س» و «ط»: أبو عبد اللّه بن محمّد، و الصواب ما في المتن. راجع قاموس الرجال 8: 238.

(3) في هذا البيت إقواء.

(4) في المصدر: ففي الفردوس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 276

فقتله، فكان من قصتهما ما قد أنبأ الله تعالى في كتابه مما كان بينهما من المحاورة قبل أن يقتله».

قال: «فلما علم آدم بقتل هابيل جزع عليه جزعا شديدا و دخله حزن شديد- قال- فشكا إلى الله تعالى ذلك، فأوحى الله إليه: أني واهب لك ذكرا يكون خلفا لك من هابيل- قال- فولدت حواء غلاما زكيا مباركا، فلما كان اليوم السابع سماه آدم: شيث، فأوحى الله إلى آدم: إنما هذا الغلام هبة مني لك، فسمه: هبة الله».

قال: «فلما دنا أجل آدم (عليه السلام)، أوحى الله إليه: أن يا آدم إني متوفيك و رافع روحك إلي يوم كذا و كذا، فأوص إلى خير ولدك، و هو هبتي الذي وهبته لك، فأوص إليه، و سلم إليه ما علمناك من الأسماء، و الاسم الأعظم، فاجعل ذلك في تابوت، فإني أحب أن لا تخلوا أرضي من عالم يعلم علمي، و يقضي بحكمي، أجعله حجة لي «1» على خلقي».

قال: «فجمع آدم إليه جميع ولده من الرجال و النساء، فقال لهم: يا ولدي، إن الله أوحى إلي أنه رافع إليه روحي، و أمرني أن اوصي إلى خير ولدي، و إنه هبة الله، و إن الله اختاره لي و لكم من بعدي، اسمعوا له و

أطيعوا أمره، فإنه وصيي و خليفتي عليكم. فقالوا جميعا: نسمع له و نطيع أمره، و لا نخالفه».

قال: «فأمر بالتابوت، فعمل، ثم جعل فيه علمه و الأسماء و الوصية، ثم دفعه إلى هبة الله، و تقدم إليه في ذلك، و قال له: انظر- يا هبة الله- إذا أنا مت فغسلني و كفني، و صل علي و أدخلني في حفرتي، فإذا مضى بعد وفاتي أربعون يوما فأخرج عظامي كلها من حفرتي فاجمعها جميعا، ثم اجعلها في التابوت و احتفظ به، و لا تأمنن عليه أحدا غيرك، فإذا حضرت وفاتك، و أحسست بذلك من نفسك، فالتمس خير ولدك «2»، و ألزمهم لك صحبة، و أفضلهم عندك قبل ذلك، فأوص إليه بمثل ما أوصيت به إليك، و لا تدعن الأرض بغير عالم منا أهل البيت.

يا بني، إن الله تبارك و تعالى أهبطني إلى الأرض و جعلني خليفة «3» فيها، حجة له على خلقه، فقد أوصيت إليك بأمر الله و جعلتك حجة لله على خلقه في أرضه بعدي، فلا تخرج من الدنيا حتى تدع لله حجة و وصيا، و تسلم إليه التابوت و ما فيه، كما سلمته إليك، و أعلمه أنه سيكون من ذريتي رجل اسمه نوح، يكون في نبوته الطوفان و الغرق، فمن ركب في فلكه نجا، و من تخلف عن فلكه غرق، و أوص وصيك أن يحفظ بالتابوت و بما فيه، فإذا حضرت وفاته أن يوصي إلى خير ولده، و ألزمهم له، و أفضلهم عنده، و يسلم إليه التابوت و ما فيه، و ليضع كل وصي وصيته في التابوت، و ليوص بذلك بعضهم إلى بعض، فمن أدرك نبوة نوح فليركب معه، و ليحمل التابوت و جميع ما فيه

في فلكه، و لا يتخلف عنه أحد.

و يا هبة الله، و أنتم يا ولدي، إياكم و الملعون قابيل، و ولده، فقد رأيتم ما فعل بأخيكم هابيل، فاحذروه و ولده، و لا تناكحوهم، و لا تخالطوهم، و كن أنت- يا هبة الله- و إخوتك و أخواتك في أعلى الجبل، و اعزله و ولده، و دع الملعون قابيل و ولده في أسفل الجبل».

__________________________________________________

(1) في المصدر: أجعله حجّتي.

(2) في «س»: ولد لك.

(3) في المصدر: خليفته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 277

قال: «فلما كان اليوم الذي أخبر الله أنه متوفيه فيه، تهيأ آدم للموت و أذعن به- قال:- و هبط عليه ملك الموت، فقال آدم: دعني يا ملك الموت حتى أتشهد و اثني على ربي بما صنع عندي، من قبل أن تقبض روحي.

فقال آدم: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أشهد أني عبد الله و خليفته في أرضه، ابتدأني بإحسانه و خلقني بيده، و لم يخلق خلقا بيده سواي، و نفخ في من روحه، ثم أجمل صورتي، و لم يخلق على خلقي أحدا قبلي، ثم أسجد لي ملائكته و علمني الأسماء كلها، و لم يعلمها ملائكته، ثم أسكنني جنته، و لم «1» يجعلها دار قرار، و لا منزل استيطان، و إنما خلقني ليسكنني الأرض للذي أراد من التقدير و التدبير، و قدر ذلك كله من قبل أن يخلقني، فمضيت في قدره و قضائه و نافذ أمره. ثم نهاني أن آكل من الشجرة، فعصيته و أكلت منها، فأقالني عثرتي، و صفح لي عن جرمي، فله الحمد على جميع نعمه عندي، حمدا يكمل به رضاه عني- قال- فقبض ملك الموت روحه (صلوات الله عليه)».

فقال أبو جعفر

(عليه السلام): «إن جبرئيل نزل بكفن آدم و بحنوطه، و المسحاة معه- قال- و نزل مع جبرئيل سبعون ألف ملك ليحضروا جنازة آدم (عليه السلام)- قال:- فغسله هبة الله، و جبرئيل كفنه و حنطه، ثم قال: يا هبة الله، تقدم فصل على أبيك، و كبر عليه خمسا و عشرين تكبيرة. فوضع سرير آدم، ثم قدم هبة الله، و قام جبرئيل عن يمينه، و الملائكة خلفهما، فصلى عليه، و كبر عليه خمسا و عشرين تكبيرة، و انصرف «2» جبرئيل و الملائكة فحفروا له بالمسحاة، ثم أدخلوه في حفرته، ثم قال جبرئيل: يا هبة الله، هكذا فافعلوا بموتاكم، و السلام عليكم، و رحمة الله و بركاته عليكم أهل البيت».

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فقام هبة الله في ولد أبيه بطاعة الله، و بما أوصاه أبوه، فاعتزل ولد الملعون قابيل، فلما حضرت وفاة هبة الله، أوصى إلى ابنه قينان، و سلم إليه التابوت و ما فيه، و عظام آدم، و وصية آدم، و قال له: إن أنت أدركت نبوة نوح فاتبعه، و احمل التابوت معك في فلكه، و لا تخلفن عنه، فإن في نبوته يكون الطوفان و الغرق، فمن ركب في فلكه نجا، و من تخلف عنه غرق- قال- فقام قينان بوصية هبة الله في إخوته و ولد أبيه، بطاعة الله- قال- فلما حضرت قينان الوفاة أوصى إلى ابنه مهلائيل، و سلم إليه التابوت و ما فيه، و الوصية، فقام مهلائيل بوصية قينان، و سار بسيرته. فلما حضرت مهلائيل الوفاة أوصى إلى ابنه برد «3» فسلم إليه التابوت، و جميع ما فيه، و الوصية، فتقدم إليه في نبوة نوح. فلما حضرت وفاة برد أوصى إلى ابنه أخنوخ، و

هو: إدريس، فسلم إليه التابوت، و جميع ما فيه، و الوصية، فقام أخنوخ بوصية برد، فلما قرب أجله أوحى الله إليه: أني رافعك إلى السماء و قابض روحك في السماء، فأوص إلى ابنك حرقائيل فقام حرقائيل «4» بوصية أخنوخ. فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه نوح، و سلم إليه التابوت، و جميع ما فيه، و الوصية».

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: يكن.

(2) في «س» و «ط»: و أنصف.

(3) في المصدر: يرد، و كذا في سائر الموارد الاخرى.

(4) في المصدر: خرقا سيل، و كذا في الموضع السابق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 278

قال: «فلم يزل التابوت عند نوح، حتى حمله معه في فلكه، فلما حضرت نوح الوفاة أوصى إلى ابنه سام، و سلم إليه التابوت، و جميع ما فيه، و الوصية».

قال حبيب السجستاني: ثم انقطع حديث أبي جعفر (عليه السلام) عندها.

3033/ [8]- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما أكل آدم من الشجرة اهبط إلى الأرض، فولد له هابيل و أخته توأم، ثم ولد قابيل و أخته توأم، ثم إن آدم أمر هابيل و قابيل أن يقربا قربانا، و كان هابيل صاحب غنم، و كان قابيل صاحب زرع، فقرب هابيل كبشا من أفضل غنمه، و قرب قابيل من زرعه ما لم يكن ينق، كما أدخل بيته، فتقبل قربان هابيل و لم يتقبل قربان قابيل، و هو قول الله: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ... الآية، و كان القربان تأكله النار، فعمد قابيل إلى النار فبنى لها بيتا، و هو أول من بنى بيوت النار، فقال: لأعبدن هذه النار حتى يتقبل «1»

قرباني. ثم إن إبليس عدو الله أتاه- و هو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق- فقال له: يا قابيل، قد تقبل قربان هابيل، و لم يتقبل قربانك، و إنك إن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك، و يقولون: نحن أبناء الذي تقبل قربانه، و أنتم أبناء الذي ترك قربانه.

فاقتله لكي لا يكون له عقب يفتخرون على عقبك، فقتله.

فلما رجع قابيل إلى آدم قال له: يا قابيل، أين هابيل؟ فقال: اطلبه حيث قربنا القربان. فانطلق آدم فوجد هابيل قتيلا، فقال آدم: لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل. فبكى آدم على هابيل أربعين ليلة.

ثم إن آدم سأل ربه ولدا، فولد له غلام فسماه هبة الله، لأن الله وهبه له و أخته توأم، فلما انقضت نبوة آدم و استكمل أيامه «2» أوحى الله إليه: أن يا آدم، قد قضيت نبوتك، و استكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك، و الإيمان، و الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة في العقب من ذريتك، عند هبة الله ابنك، فإني لم أقطع العلم و الإيمان و الاسم الأكبر «3» و آثار علم النبوة من العقب من ذريتك إلى يوم القيامة، و لن أدع الأرض إلا و فيها عالم يعرف به ديني، و تعرف به طاعتي، و يكون نجاة لمن يولد فيما بينك و بين نوح. و بشر آدم بنوح، و قال: إن الله باعث نبيا اسمه نوح، فإنه يدعو إلى الله، و يكذبه قومه، فيهلكهم الله بالطوفان، و كان بين آدم و بين نوح عشرة آباء كلهم أنبياء، و أوصى آدم إلى هبة الله أن من أدركه منكم فليؤمن به، و ليتبعه و ليصدق به، فإنه

ينجو من الغرق.

ثم إن آدم مرض المرضة التي مات فيها، فأرسل هبة الله، فقال له: إن لقيت جبرئيل، و من لقيت من الملائكة فأقرئه مني السلام، و قل له: يا جبرئيل، إن أبي يستهديك من ثمار الجنة. فقال جبرئيل: يا هبة الله، إن أباك قد قبض (صلوات الله عليه) و ما نزلنا إلا للصلاة عليه، فارجع. فرجع، فوجد آدم قد قبض، فأراه جبرئيل (عليه السلام) كيف يغسله، فغسله حتى إذا بلغ الصلاة عليه، قال هبة الله: يا جبرئيل، تقدم فصل على آدم. فقال له جبرئيل إن الله أمرنا

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 309/ 78.

(1) في «ط»: يقبل.

(2) في المصدر: و استكملت.

(3) في المصدر: و الاسم الأعظم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 279

أن نسجد لأبيك آدم و هو في الجنة، فليس لنا أن نؤم شيئا من ولده. فتقدم هبة الله فصلى على أبيه آدم (عليه السلام) و جبرئيل خلفه، و جنود الملائكة، و كبر عليه ثلاثين تكبيرة، فأمره جبرئيل فرفع من ذلك خمسا و عشرين تكبيرة، و السنة اليوم فينا خمس تكبيرات، و قد كان يكبر على أهل بدر سبعا و تسعا.

ثم إن هبة الله لما دفن آدم (عليه السلام) أتاه قابيل، فقال: يا هبة الله، إن قد رأيت أبي آدم قد خصك من العلم بما لم أخص به أنا، و هو العلم الذي دعا به أخوك هابيل، فتقبل منه قربانه، و إنما قتلته لكي لا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي، فيقولون: نحن أبناء الذي تقبل منه قربانه، و أنتم أبناء الذي ترك قربانه، و إنك إن أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئا قتلتك كما قتلت أخاك هابيل.

فلبث هبة الله و العقب من

بعده مستخفين بما عندهم من العلم و الإيمان و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة «1»، حتى بعث الله نوحا (عليه السلام) و ظهرت وصية هبة الله في ولده حين نظروا في وصية آدم، فوجدوا نوحا (عليه السلام) نبيا، قد بشر به أبوهم آدم، فآمنوا به و اتبعوه، و صدقوه.

و قد كان آدم أوصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة، فيكون يوم عيدهم، فيتعاهدون بعث نوح (عليه السلام) و زمانه الذي يخرج فيه. و كذلك في وصية كل نبي حتى بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله)».

3034/ [9]- قال هشام بن الحكم: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما أمر الله آدم أن يوصي إلى هبة الله أمره أن يستر ذلك، فجرت السنة في ذلك بالكتمان، فأوصى إليه و ستر ذلك».

3035/ [10]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن قابيل بن آدم معلق بقرونه في عين الشمس، تدور به حيث دارت، في زمهريرها و حميمها إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة صيره الله إلى النار».

3036/ [11]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ذكر ابن آدم القاتل، قال: فقلت له: ما حاله: أمن أهل النار هو؟ فقال: «سبحان الله، الله أعدل من ذلك أن يجمع عليه عقوبة الدنيا و عقوبة الآخرة».

3037/ [12]- عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، قال: «إن ابن آدم الذي قتل أخاه كان قابيل الذي ولد في الجنة».

3038/ [13]- عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، إن الناس يزعمون أن آدم زوج ابنته من ابنه. فقال

أبو عبد الله (عليه السلام): «قد قال الناس في ذلك، و لكن- يا سليمان- أما علمت أن رسول

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 311/ 79.

10- تفسير العيّاشي 1: 311/ 80.

11- تفسير العيّاشي 1: 311/ 81.

12- تفسير العيّاشي 1: 311/ 82.

13- تفسير العيّاشي 1: 312/ 83.

(1) في المصدر: و ميراث النبوّة و آثار العلم و النبوّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 280

الله (صلى الله عليه و آله) قال: لو علمت أن آدم زوج ابنته من ابنه لزوجت زينب من القاسم، و ما كنت «1» لأرغب عن دين آدم؟».

فقلت: جعلت فداك، إنهم يزعمون أن قابيل إنما قتل هابيل لأنهما تغايرا على أختهما؟

فقال له: يا سليمان، تقول هذا؟! أما تستحيي أن تروي هذا على نبي الله آدم؟»

سورة المائدة(5): آية 32 ..... ص : 280

قوله تعالى:

مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [32]

3039/ [1]- محمد بن يعقوب، قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عقبة،

__________________________________________________

1- الكافي 7: 271/ 1.

(1) في «س» و «ط»: و لكن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 281

عن أبي خالد القماط، عن حمران، قال: قلت لأبي جعفر «1» (عليه السلام): ما معنى قول الله عز و جل: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً؟ قال: قلت:

و كيف فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً فإنما قتل واحدا! قال: «يوضع في موضع من جهنم إليه ينتهي شدة عذاب أهلها، لو قتل الناس جميعا إنما كان «2» يدخل ذلك المكان».

قلت: فإن «3» قتل آخر؟ قال: «يضاعف عليه».

3040/

[2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «له في النار مقعد لو قتل الناس جميعا لم يرد إلا إلى ذلك المقعد».

3041/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً؟ قال: «من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها، و من أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها».

و روى هذا الحديث أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن) عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «4».

و روى الشيخ هذا الحديث في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال:

قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): أنزل الله عز و جل في كتابه: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ و ساق الحديث مثله، إلى أن قال في آخره: «فقد- و الله- قتلها» «5».

3042/ [4]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن فضيل بن يسار، قال: قلت لأبي

__________________________________________________

2- الكافي 7: 272/ 6.

3- الكافي 2: 168/

1.

4- الكافي 2: 168/ 2.

(1) في «س»: لأبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و كلاهما وارد، انظر معجم رجال الحديث: 6/ 255.

(2) في «ط»: كان إنّما.

(3) في المصدر: فإنّه. [.....]

(4) المحاسن: 231/ 181.

(5) الأمالي 1: 230.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 282

جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل في كتابه: وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً؟ قال: «من حرق أو غرق».

قلت: فمن أخرجها من ضلال إلى هدى؟ قال: «ذلك تأويلها الأعظم».

و روى هذا الحديث أيضا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن فضيل، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) مثله «1».

3043/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، [عن محمد] «2» بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبي خالد القماط، عن حمران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أسألك أصلحك الله؟ فقال: «نعم». فقلت: كنت على حال و أنا اليوم على حال اخرى، كنت أدخل الأرض فأدعو الرجل و الابنين و المرأة فينقذ الله من شاء، و أنا اليوم لا أدعوا أحدا؟

فقال: «و ما عليك ان تخلي بين الناس و بين ربهم، فمن أراد الله أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه- ثم قال:- و لا عليك إن آنست من أحد خيرا أن تنبذ إليه الشي ء نبذا».

قلت: أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «من حرق أو غرق- ثم سكت، ثم قال:- تأويلها الأعظم أن دعاها فاستجابت له».

و روى هذا الحديث أيضا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن

عمران الحلبي، عن أبي خالد القماط، عن حمران بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر الحديث «3».

3044/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من سقى «4» الماء في موضع يوجد فيه الماء، كان كمن أعتق رقبة، و من سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء، كان كمن أحيا نفسا و وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً».

3045/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عقبة، عن أبي خالد القماط، عن حمران، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً و إنما قتل واحدا!

__________________________________________________

5- الكافي 2: 168/ 3.

6- الكافي 4: 57/ 3.

7- معاني الأخبار: 379/ 2.

(1) المحاسن: 232/ 182.

(2) من المصدر، و هو الصواب، راجع معجم رجال الحديث 16: 63.

(3) المحاسن: 232/ 183.

(4) في «ط»: يسقي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 283

فقال: يوضع في موضع من جهنم، إليه ينتهي «1» شدة عذاب أهلها، لو قتل الناس جميعا كان إنما يدخل ذلك المكان، و لو كان قتل واحدا كان إنما يدخل ذلك المكان».

قلت: فإن قتل آخر؟ قال: «يضاعف عليه».

3046/ [8]- العياشي: عن حمران بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، سألته عن قول الله عز و جل:

مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً

بِغَيْرِ نَفْسٍ إلى قوله: فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «منزلة في النار إليها انتهاء شدة عذاب أهل النار جميعا، فيجعل فيها».

قلت: و إن كان قتل اثنين؟ قال: «ألا ترى أنه ليس في النار منزلة أشد عذابا منها؟» قال: «يكون يضاعف عليه بقدر ما عمل».

قلت: فمن أحياها؟ قال: «نجاها من غرق أو حرق أو سبع أو عدو- ثم سكت، ثم التفت إلي فقال- تأويلها الأعظم: دعاها فاستجابت له».

3047/ [9]- عن سماعة، قال: قلت: قول الله: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً؟ قال: «من أخرجها من ضلال إلى هدى فقد أحياها، و من أخرجها من هدى إلى ضلالة فقد قتلها».

3048/ [10]- عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: و مَنْ قَتَلَ نَفْساً فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «واد في جهنم، لو قتل الناس جميعا كان فيه، و لو قتل نفسا واحدة كان فيه».

3049/ [11]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، فقال: «له في النار مقعد، و لو قتل الناس جميعا لم يزد عليه ذلك العذاب».

قال: «وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً لم يقتلها، أو أنجى من غرق أو حرق، و أعظم «2» من ذلك كله يخرجها من ضلالة إلى هدى».

3050/ [12]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً، قال: «من استخرجها من الكفر إلى الإيمان».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 312/ 84.

9- تفسير العيّاشي 1: 313/ 85.

10-

تفسير العيّاشي 1: 313/ 86.

11- تفسير العيّاشي 1: 313/ 87.

12- تفسير العيّاشي 1: 313/ 88. [.....]

(1) في المصدر: منتهى.

(2) في المصدر: أو أعظم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 284

قوله تعالى:

ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [32]

3051/ [1]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر (عليه السلام): «المسرفون هم الذين يستحلون المحارم، و يسفكون الدماء».

سورة المائدة(5): الآيات 33 الي 34..... ص : 284

قوله تعالى:

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [33- 34]

3052/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد «1»، عن علي بن الحكم، و حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد من أصحابه، جميعا، عن أبان بن عثمان، عن أبي صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قدم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) قوم من بني ضبة مرضى، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أقيموا عندي، فإذا برئتم بعثتكم في سرية، فقالوا: أخرجنا من المدينة. فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها، و يأكلون من ألبانها، فلما برئوا و اشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كان «2» في الإبل، فبلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) فبعث إليهم عليا (عليه السلام)، و إذا هم في واد، قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه، قريبا من أرض اليمن، فأسرهم و جاء بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنزلت هذه الآية عليه

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ __________________________________________________

1- مجمع البيان 3: 290.

2- الكافي 7: 245/ 1.

(1) في «س» و «ط»: بن، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 11: 281.

(2) في المصدر: كانوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 285

فاختار رسول الله (صلى الله عليه و آله) القطع، فقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف».

و روى هذا الحديث الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر الحديث إلى قوله: «و أرجلهم من خلاف». و في الحديث:

«فبلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) الخبر فبعث إليهم ...» إلى آخره «1».

3053/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، [جميعا]، عن صفوان بن يحيى، عن طلحة النهدي، عن سورة بن كليب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل يخرج من منزله يريد المسجد، أو يريد الحاجة، فيلقاه رجل فيستقفيه «2»، فيضربه فيأخذ ثوبه. قال: «أي شي ء يقول فيه من قبلكم؟» قلت: يقولون: هذه دغارة معلنة «3»، و إنما المحارب في قرى مشركة.

فقال: «أيهما أعظم حرمة: دار الإسلام أو دار الشرك؟» قال: فقلت: دار الإسلام. قال: «هؤلاء من أهل هذه الآية: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ» إلى آخر الآية.

و رواه الشيخ في (التهذيب): عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن طلحة النهدي، عن سورة بن كليب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه

السلام)، الحديث، إلا أن فيه: «أو يستقفيه» «4».

3054/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ إلى آخر الآية، فقلت: أي شي ء عليهم من هذه الحدود التي سمى الله عز و جل؟ قال: «ذلك إلى الإمام، إن شاء قطع، و إن شاء نفى، و إن شاء صلب، و إن شاء قتل».

قلت: النفي إلى أين؟ قال (عليه السلام): «ينفى من مصر إلى مصر آخر- و قال- إن عليا (عليه السلام) نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة».

و روى الحديث الشيخ: بإسناده عن علي، عن أبيه، عن بباقي السند و المتن «5».

3055/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى آخر الآية، قال: «لا يبايع، و لا يؤوى، و لا يتصدق عليه».

__________________________________________________

2- الكافي 7: 245/ 2.

3- الكافي 7: 245/ 3.

4- الكافي 7: 246/ 4.

(1) التهذيب 10: 134/ 533.

(2) في المصدر: أو يستقفيه.

(3) أي اختلاس ظاهر. «مجمع البحرين- دغر- 3: 303».

(4) التهذيب 10: 134/ 532.

(5) التهذيب 10: 133/ 528. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 286

و رواه الشيخ: بإسناده عن علي، عن أبيه، عن حنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلا أن فيه زيادة: «و لا يطعم» بعد «و لا يؤوى» «1».

3056/ [5]- و عنه: عن علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن

بريد بن معاوية، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، قال: «ذلك إلى الإمام يفعل به ما يشاء».

قلت: فمفوض ذلك إليه؟ قال: «لا، و لكن بحق «2» الجناية».

و رواه الشيخ، بإسناده عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)، الحديث «3».

3057/ [6]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن عبيد الله بن إسحاق المدائني، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله عز و جل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا الآية، فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع؟ فقال: «إذا حارب الله و رسوله، و سعى في الأرض فسادا فقتل قتل به، و إن قتل و أخذ المال قتل و صلب، و إن أخذ المال و لم يقتل قطعت يده و رجله من خلاف، و إن شهر السيف فحارب الله و رسوله، و سعى في الأرض فسادا، و لم يقتل، و لم يأخذ المال، نفي «4» من الأرض».

قلت: كيف ينفى من الأرض، و ما حد نفيه؟ قال: «ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره، و يكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفي فلا تجالسوه، و لا تبايعوه، و لا تناكحوه، و لا تؤاكلوه، و لا تشاربوه، فيفعل ذلك به سنة، فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك، حتى تتم السنة».

قلت: فإن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها؟ قال: «و إن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها».

و

رواه الشيخ، بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان ... ببقية السند و المتن».

3058/ [7]- و عنه: عن علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن سليمان، عن عبيد الله بن إسحاق، عن أبي الحسن (عليه السلام)، مثله، إلا أنه قال في آخره: «يفعل به ذلك سنة، فإنه سيتوب [قبل ذلك و هو

__________________________________________________

5- الكافي 7: 246/ 5.

6- الكافي 7: 246/ 8.

7- الكافي 7: 247/ 9.

(1) التهذيب 10: 134/ 531.

(2) في الكافي: نحو.

قال الشيخ المجلسي في ملاذ الأخبار 16: 265: «مفاده أنّ الإمام يختار ما يعلمه صلاحا بحسب جنايته، لا بما يشتهيه».

(3) التهذيب 10: 133/ 529.

(4) في المصدر: ينفى.

(5) التهذيب 10: 132/ 526.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 287

صاغر».

قال: فقلت: فإن أم أرض الشرك يدخلها؟ قال: «يقتل».

و رواه الشيخ، بإسناده، عن يونس، عن محمد بن سليمان، عن عبيد الله بن إسحاق، عن أبي الحسن (عليه السلام) «1».

3059/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا الآية، هل نفي المحاربة غير هذا النفي؟

قال: «يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل، و ينفى، و يحمل في البحر، ثم يقذف به لو كان النفي من بلد إلى بلد كأن يكون إخراجه من بلد إلى بلد آخر عدل القتل و الصلب و القطع، و لكن يكون حدا يوافق القطع و الصلب».

3060/ [9]- الشيخ: بإسناده، عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد

بن عبيد الله «2»، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن عبد الله المدائني، عن أبي عبد الله «3» (عليه السلام)، قال: قلت له:

جعلت فداك، أخبرني عن قول الله عز و جل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، قال: فعقد بيده، ثم قال:

«يا عبد الله «4»، خذها أربعا بأربع- ثم قال- إذا حارب الله و رسوله و سعى في الأرض فسادا فقتل قتل، و إن قتل و أخذ المال قتل و صلب، و إن أخذ المال و لم يقتل قطعت يده و رجله من خلاف، و إن حارب الله و رسوله «5» و سعى في الأرض فسادا، و لم يقتل، و لم يأخذ من المال، نفي في الأرض».

قال: قلت: و ما حد نفيه؟ قال: «سنة ينفى من الأرض التي فعل فيها إلى غيرها، ثم يكتب إلى ذلك المصر بأنه منفي، فلا تؤاكلوه، و لا تشاربوه، و لا تناكحوه، حتى يخرج إلى غيره، فيكتب إليهم أيضا بمثل ذلك، فلا يزال هذه حاله سنة، فإذا فعل به ذلك سنة تاب و هو صاغر».

3061/ [10]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: [ «كان أبي يقول:] إن للحرب حكمين، إذا كانت

__________________________________________________

8- الكافي 7: 247/ 10.

9- التهذيب 10: 131/ 523.

10- التهذيب 6: 143/ 245، الكافي 5: 32/ 1.

(1) التهذيب 10: 133/ 527.

(2) في «س» و «ط»: عبيد، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال

الحديث 4: 113.

(3) تقدّم في الحديث (6) عبيد اللّه بن إسحاق المدائني، عن أبي الحسن (عليه السّلام)، راجع معجم رجال الحديث 10: 112. [.....]

(4) في المصدر: يا أبا عبد اللّه.

(5) (و رسوله) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 288

قائمة لم تضع أوزارها و لم يضجر «1» أهلها، فكل أسير أخذ على «2» تلك الحال فإن الامام فيه بالخيار، إن شاء ضرب عنقه، و إن شاء قطع يده و رجله من خلاف بغير حسم، و تركه يتشحط في دمه حتى يموت، و هو قول الله عز و جل:

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ إلى آخر الآية، ألا ترى أن التخيير الذي خير [الله الإمام على شي ء واحد و هو الكل، و ليس [هو] على أشياء مختلفة».

فقلت لجعفر بن محمد (عليهما السلام) قول الله عز و جل: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ.

قال: «ذلك للطلب، أن تطلبه الخيل حتى يهرب، فإن أخذته الخيل حكم عليه ببعض الأحكام التي وصفت لك، و الحكم الآخر إذا وضعت الحرب أوزارها و اثخن أهلها، فكل أسير أخذ على تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار إن شاء من عليهم، و إن شاء فاداهم أنفسهم، و إن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا».

3062/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن علي بن حسان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من حارب الله، و أخذ المال، و قتل، كان عليه أن يقتل و يصلب، و من حارب و قتل و لم يأخذ المال، كان عليه أن يقتل و لا يصلب، و

من حارب و أخذ المال و لم يقتل، كان عليه أن تقطع يده و رجله من خلاف، و من حارب و لم يأخذ المال و لم يقتل، كان عليه أن ينفى، ثم استثنى عز و جل فقال: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ يعني يتوبون من قبل أن يأخذهم الإمام».

3063/ [12]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه، و نفي من تلك البلدة، و من شهر السلاح في غير الأمصار و ضرب و عقر و أخذ المال و لم يقتل فهو محارب، جزاؤه جزاء المحارب، و أمره إلى الإمام، إن شاء قتله و صلبه، و إن شاء قطع يده و رجله- قال- و إن حارب و قتل و أخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمين بالسرقة، ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال، ثم يقتلونه».

فقال له أبو عبيدة: أصلحك الله، أ رأيت إن عفا عنه أولياء المقتول؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن عفوا عنه فعلى الإمام أن يقتله، لأنه قد حارب و قتل و سرق».

فقال له أبو عبيدة: «فإن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية و يدعونه، ألهم ذلك؟ قال: «لا، عليه القتل».

3064/ [13]- عن أبي صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قدم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) قوم من بني ضبة، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أقيموا عندي، فإذا قويتم بعثتكم في سرية. فقالوا: أخرجنا من المدينة.

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 1: 167.

12- تفسير العيّاشي 1: 314/ 89.

13- تفسير العيّاشي 1: 314/ 90.

(1) في «س» و «ط»: يعجز،

و في الكافي: يثخن.

(2) في التهذيب: في.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 289

فبعث بهم إلى إبل الصدقة، يشربون من أبوالها، و يأكلون من ألبانها، فلما برئوا و اشتدوا قتلوا ثلاثة نفر كانوا في الإبل، و ساقوا الإبل. فبلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فبعث إليهم عليا (عليه السلام) و هم في واد، قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا عنه، قريب من أرض اليمن، فأخذهم فجاء بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نزلت عليه إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى قوله: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ فاختار رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف».

3065/ [14]- عن أحمد بن الفضل الخاقاني من آل رزين، قال: قطع الطريق بجلولاء «1» على السابلة «2» من الحجاج و غيرهم، و أفلت القطاع، فبلغ الخبر المعتصم، فكتب إلى عامل له كان بها: تأمن «3» الطريق بذلك، يقطع على طرف اذن أمير المؤمنين، ثم ينفلت القطاع؟! فإن أنت طلبت هؤلاء و ظفرت بهم، و إلا أمرت بأن تضرب ألف سوط، ثم تصلب بحيث قطع الطريق.

قال: فطلبهم العامل حتى ظفر بهم، و استوثق منهم، ثم كتب بذلك إلى المعتصم، فجمع الفقهاء قال: و قال برأي ابن أبي دؤاد «4»، ثم سأل الآخرين عن الحكم فيهم، و أبو جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) حاضر فقالوا:

قد سبق حكم الله فيهم في قوله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ و لأمير المؤمنين أن يحكم بأي ذلك شاء فيهم؟

قال: فالتفت

إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فقال له: ما تقول فيما أجابوا فيه؟ فقال: «قد تكلم هؤلاء الفقهاء و القاضي بما سمع أمير المؤمنين». قال: و أخبرني بما عندك. قال: «إنهم قد أضلوا فيما أفتوا به، و الذي يجب في ذلك أن ينظر أمير المؤمنين في هؤلاء الذين قطعوا الطريق، فإن كانوا أخافوا السبيل فقط و لم يقتلوا أحدا و لم يأخذوا مالا أمر بإيداعهم الحبس، فإن ذلك معنى نفيهم من الأرض بإخافتهم السبيل، و إن كان أخافوا السبيل و قتلوا النفس أمر بقتلهم، و إن كانوا أخافوا السبيل و قتلوا النفس و أخذوا المال، أمر بقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف و صلبهم بعد ذلك». قال: فكتب إلى العامل بأن يمثل ذلك فيهم.

3066/ [15]- عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى قوله: فَساداً، قال: «ذلك إلى الإمام يعمل فيه بما شاء».

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 1: 314/ 19.

15- تفسير العيّاشي 1: 315/ 92.

(1) جلولاء: بلدة في العراق، على شاطئ دجلة الأيمن، كانت محطّة هامّة على طريق خراسان بين العراق و إيران.

(2) السابلة: المارّون على الطريق.

(3) في «ط» و المصدر: تأمر.

(4) في «س»: ابن داود، و الصواب ما في المتن، و هو أحمد بن أبي دواد بن جرير، ولي القضاء للمعتصم ثمّ للواثق. تجد ترجمته في تاريخ بغداد 4: 141.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 290

قلت: ذلك مفوض إلى الإمام؟ قال: «لا، بحق الجناية».

3067/ [16]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، قال: «الإمام في الحكم فيهم بالخيار،

إن شاء قتل، و إن شاء صلب، و إن شاء قطع، و إن شاء نفى من الأرض».

3068/ [17]- عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى قوله: أَوْ يُصَلَّبُوا الآية، قال: «لا يبايع، و لا يؤتى بطعام، و لا يتصدق عليه».

3069/ [18]- عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ الآية إلى آخرها، أي شي ء عليهم من هذا الحد الذي سمى؟ قال: «ذلك إلى الإمام إن شاء قطع، و إن شاء صلب، و إن شاء قتل، و إن شاء نفى».

قلت: النفي إلى أين؟ قال: «من مصر إلى مصر آخر- و قال- إن عليا (عليه السلام) قد نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة».

3070/ [19]- عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: الرجل يخرج من منزله إلى المسجد يريد الصلاة ليلا، فيستقبله رجل فيضربه بعصا و يأخذ ثوبه، قال: «فما يقول فيه من قبلكم؟» قال: يقولون: إن هذا ليس بمحارب، و إنما المحارب في القرى المشركية، و إنما هي دغارة.

قال: «فأيهما أعظم حرمة دار الإسلام، أو دار الشرك؟» قال: قلت: دار الإسلام. فقال هؤلاء من الذين قال الله:

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى آخر الآية».

3071/ [20]- و في رواية سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا زنى الرجل يجلد، و ينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد بها إلى غيرها سنة، و كذلك ينبغي للرجل إذا سرق و قطعت يده».

3072/ [21]- عن أبي إسحاق المدائني، قال: كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) إذ دخل عليه

رجل فقال:

جعلت فداك، إن الله يقول: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ الآية، إلى أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، فقال: «هكذا قال الله».

فقال له: جعلت فداك، فأي شي ء الذي إذا فعله استحق واحدة من هذه الأربع؟ قال: فقال له أبو الحسن (عليه السلام): «أربع، فخذ أربعا بأربع: إذا حارب الله و رسوله و سعى في الأرض فسادا فقتل قتل، و إن قتل

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 315/ 93. [.....]

17- تفسير العيّاشي 1: 316/ 94.

18- تفسير العيّاشي 1: 316/ 95.

19- تفسير العيّاشي 1: 316/ 96.

20. تفسير العيّاشي 1: 316/ 97.

21- تفسير العيّاشي 1: 317/ 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 291

و أخذ المال قتل و صلب، و إن أخذ المال و لم يقتل قطعت يده و رجله من خلاف، و إن حارب الله و رسوله و سعى في الأرض فسادا، و لم يقتل و لم يأخذ المال، نفي من الأرض».

فقال له الرجل: جعلت فداك، و ما حد نفيه؟ قال: «ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى غيره، ثم يكتب إلى أهل ذلك المصر، أن ينادى عليه بأنه منفي، فلا تؤاكلوه، و لا تشاربوه، و لا تناكحوه، فإذا خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك، فيفعل به ذلك سنة، فإنه سيتوب من السنة و هو صاغر».

فقال له الرجل: جعلت فداك، فإن أتى أرض الشرك فدخلها؟ قال: «يضرب عنقه إن أراد الدخول في أرض الشرك».

3073/ [22]- و في رواية أبي إسحاق المدائني، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قلت: فإن توجه إلى أرض الشرك فيدخلها؟ قال: «قوتل أهلها».

3074/ [23]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن الحسن التيمي، عن علي بن

أسباط، عن داود بن أبي يزيد، عن عبيدة بن بشير الخثعمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قاطع الطريق، فقلت: إن الناس يقولون إن الإمام فيه مخير، أي شي ء شاء صنع؟

قال: «ليس أي شي ء شاء صنع، و لكنه يصنع بهم على قدر جنايتهم، من قطع الطريق فقتل و أخذ المال، قطعت يده و رجله و صلب، و من قطع الطريق فقتل و لم يأخذ المال قتل، و من قطع الطريق و أخذ المال [و لم يقتل قطعت يده و رجله من خلاف، و من قطع الطريق و لم يأخذ مالا و لم يقتل نفي من الأرض».

3075/ [24]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه، و نفي من تلك البلدة، و من شهر السلاح في غير الأمصار، و ضرب، و عقر، و أخذ المال، و لم يقتل فهو محارب، فجزاؤه جزاء المحارب، و أمره إلى الإمام إن شاء قتله و صلبه، و إن شاء قطع يده و رجله- قال- و إن ضرب و قتل و أخذ المال فعلى الإمام أن يقطع يده «1» بالسرقة، ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال، ثم يقتلونه».

قال: فقال أبو عبيدة: أصلحك الله، أ رأيت إن عفا عنه أولياء المقتول؟ قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن عفوا عنه، فإن على الإمام أن يقتله، لأنه قد حارب و قتل و سرق».

قال: فقال أبو عبيدة: أ رأيت إن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية و يدعونه، ألهم ذلك؟ قال:

فقال: «لا، عليه القتل».

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 1: 317/ 99.

23- الكافي 7: 247/ 11.

24- الكافي 7: 248/ 12.

(1) في المصدر زيادة: اليمنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 292

3076/ [25]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود الطائي، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المحارب، فقلت له: أصلحك الله، إن أصحابنا يقولون: إن الإمام مخير فيه، إن شاء قطع، و إن شاء صلب، و إن شاء قتل؟

فقال: «لا، إن هذه أشياء محدودة في كتاب الله عز و جل، فإذا هو قتل و أخذ قتل و صلب، و إذا قتل و لم يأخذ قتل، و إذا أخذ و لم يقتل قطع، و إذا هو فر و لم يقدر عليه، ثم أخذ، قطع، إلا أن يتوب، فإن تاب لم يقطع».

سورة المائدة(5): آية 35 ..... ص : 292

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [35] 3077/ [26]- علي بن إبراهيم، قال: تقربوا إليه بالإمام.

3078/2]- ابن شهر آشوب، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ: «أنا وسيلته».

3079/ [28]- محمد بن الحسن الصفار: عن أبي الفضل العلوي، قال: حدثني سعيد بن عيسى الكريزي البصري، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي تمام، عن سلمان الفارسي (رحمه الله)، عن أمير المؤمنين «1» (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «2» قال: «أنا هو الذي عنده علم الكتاب». و قد صدقه الله، و قد أعطاه الوسيلة

في الوصية و لا تخلى امة من وسيلة إليه و إلى الله تعالى، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ.

حديث الوسيلة

3080/ [29]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد

__________________________________________________

25- الكافي 7: 248/ 13.

26- تفسير القمّي 1: 68.

27- المناقب 3: 75.

28- بصائر الدرجات: 236/ 21.

29- معاني الأخبار: 116/ 1، علل الشرائع: 164/ 6، فرائد السمطين 1: 106/ 76. [.....]

(1) في «س» و «ط»: عن الفضل العلوي، قال حدّثني الفضل بن عيسى، عن إبراهيم بن الحسن بن ظهر، عن شريك بن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي تمام، عن سلمان الفارسي، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام)، و الظاهر أنّه حدث خلط و سقط في السند، و الصواب ما في المتن. راجع الجرح و التعديل: 6/ 25، معجم رجال الحديث 1: 216 و 9: 256، و غيرهما.

(2) الرعد 13: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 293

ابن عيسى، قال: حدثنا العباس بن معروف، عن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا أبو جعفر العبدي «1»، قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إذا سألتم الله لي فسلوه الوسيلة» فسألنا النبي (صلى الله عليه و آله) عن الوسيلة، فقال: «هي درجتي في الجنة، و هي ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر «2» الفرس الجواد شهرا، و هي ما بين مرقاة جوهر إلى مرقاة زبرجد، إلى مرقاة ياقوت، إلى مرقاة ذهب، إلى مرقاة فضة. فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين، فهي في درج النبيين كالقمر بين الكواكب، فلا يبقى يومئذ نبي

و لا صديق و لا شهيد إلا قال: طوبى لمن كانت هذه الدرجة درجته. فيأتي النداء من عند الله عز و جل يسمع النبيين و جميع الخلق: هذه درجة محمد. فأقبل أنا يومئذ متزرا بريطة «3» من نور، علي تاج الملك و إكليل الكرامة، و علي بن أبي طالب أمامي، و بيده لوائي- و هو لواء الحمد- مكتوب عليه: لا إله إلا الله، المفلحون هم الفائزون بالله. فإذا مررنا بالنبيين قالوا: هذان ملكان مقربان، لم نعرفهما، و لم نرهما. و إذا مررنا بالملائكة قالوا: نبيان مرسلان. حتى أعلوا الدرجة و علي يتبعني، حتى إذا صرت في أعلى درجة منها و علي أسفل مني بدرجة، فلا يبقى يومئذ نبي و لا صديق و لا شهيد إلا قال: طوبى لهذين العبدين، ما أكرمهما على الله! فيأتي النداء من قبل الله جل جلاله يسمع النبيين و الصديقين و الشهداء و المؤمنين: هذا حبيبي محمد، و هذا وليي علي، طوبى لمن أحبه، و ويل لمن أبغضه و كذب عليه. فلا يبقى يومئذ أحد أحبك يا علي إلا استروح إلى هذا الكلام و ابيض وجهه، و فرح قلبه، و لا يبقى أحد ممن عاداك، أو نصب لك حربا، أو جحد لك حقا، إلا اسود وجهه، و اضطربت قدماه.

فبينما أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي: أما أحدهما فرضوان خازن الجنة، و أما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو رضوان فيقول: السلام عليك، يا أحمد. فأقول: السلام عليك يا أيها الملك، من أنت؟ فما أحسن وجهك، و أطيب ريحك! فيقول: أنا رضوان خازن الجنة، و هذه مفاتيح الجنة بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد.

فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله

الحمد على ما فضلني به، أدفعها إلى أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام). ثم يرجع رضوان، فيدنو مالك، فيقول: السلام عليك يا أحمد. فأقول: السلام عليك أيها الملك، من أنت؟ فما أقبح وجهك، و أنكر رؤيتك! فيقول: أنا مالك خازن النار، و هذه مقاليد النار بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد.

فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به، أدفعها إلى أخي علي بن أبي طالب. ثم يرجع مالك، فيقبل علي و معه مفاتيح الجنة و مقاليد النار، حتى يقف على عجز «4» جهنم و قد تطاير شررها، و علا زفيرها، و اشتد حرها، و علي آخذ بزمامها، فتقول له جهنم: جزني يا علي، فقد أطفأ نورك لهبي. فيقول لها علي: قري يا جهنم، خذي هذا و اتركي هذا، خذي عدوي، و اتركي وليي. فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي [من غلام أحدكم

__________________________________________________

(1) في المصدر: أبو حفص العبدي.

(2) الحضر- بالضم- العدو. «الصحاح- حضر- 2: 632».

(3) الرّيطة: كلّ ثوب ليّن دقيق، «لسان العرب- ريط- 7: 307».

(4) في معاني الأخبار: بحجزة، و في علل الشرائع: عجزة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 294

لصاحبه، فإن شاء يذهبها يمنة و إن شاء يذهبها يسرة، و لجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق».

3081/ [2]- الطبرسي: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله): «سلوا الله لي الوسيلة، فإنها درجة في الجنة، لا ينالها إلا عبد واحد، و أرجو أن أكون أنا هو».

3082/ [3]- قال: و روي عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: «في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش، إحداهما بيضاء، و الاخرى صفراء، في

كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة، أبوابها و أكوابها من عرق واحد «1»، فالبيضاء: الوسيلة لمحمد و أهل بيته، و الصفراء لإبراهيم و أهل بيته».

سورة المائدة(5): آية 37 ..... ص : 294

قوله تعالى:

يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها [37]

3083/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «عدو علي (عليه السلام) هم المخلدون في النار، قال الله: وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها».

3084/ [5]- عن منصور بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها، قال: «أعداء علي هم المخلدون في النار أبد الآبدين، و دهر الداهرين».

سورة المائدة(5): الآيات 38 الي 39..... ص : 294

قوله تعالى:

وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [38- 39]

3085/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن

__________________________________________________

2- مجمع البيان 3: 293.

3- مجمع البيان 3: 293.

4- تفسير العيّاشي 1: 317/ 100.

5- تفسير العيّاشي 1: 317/ 101.

6- الكافي 3: 62/ 2.

(1) في «ط»: من غرف واحد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 295

أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن التيمم، فتلا هذه الآية: وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما، و قال:

«فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ «1»- قال- فامسح على كفيك من حيث موضع القطع- و قال- وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «2»».

3086/ [2]- الشيخ: بإسناده عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: «تقطع يد السارق، و يترك إبهامه و صدر راحته، و تقطع رجله، و يترك عقبه يمشي عليها».

3087/ [3]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: قلت:

لأبي عبد الله (عليه السلام): في كم تقطع يد السارق؟ فقال: «في ربع دينار».

قال: قلت له: في درهمين؟ فقال: «في ربع دينار، بلغ الدينار ما بلغ».

قال: فقلت له: أ رأيت من سرق أقل من ربع دينار، هل يقع عليه حين سرق اسم السارق، و هل هو عند الله سارق في تلك الحال؟ فقال: «كل من سرق من مسلم شيئا، قد حواه و أحرزه، فهو يقع عليه اسم السارق، و هو عند الله السارق، و لكن لا يقطع إلا في ربع دينار أو أكثر، و لو قطعت يد السارق فيما هو أقل من ربع دينار لألفيت عامة الناس مقطعين».

3088/ [4]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن عمر الحلال، قال: قال ياسر عن بعض الغلمان، عن أبي الحسن (عليه السلام)، أنه قال: «لا يزال العبد يسرق حتى إذا استوفى ثمن يده أظهر «3» الله عليه».

3089/ [5]- العياشي: عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن التيمم، فتلا هذه الآية: وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً و قال: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ «4»- قال- فامسح على كفيك من حيث موضع القطع- قال- وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «5»».

3090/ [6]- قال: و كتب إلينا أبو محمد يذكر عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عامة أصحابه

__________________________________________________

2- التهذيب 10: 102/ 399.

3- التهذيب 10: 384، الكافي 7: 221/ 6. [.....]

4- التهذيب 10: 148/ 590، الكافي 7: 260/ 4.

5- تفسير العيّاشي 1: 318/ 102.

6- تفسير العيّاشي 1: 318/ 103.

(1) المائدة: 5: 6.

(2) مريم 19: 64.

(3) في المصدر: أظهره.

(4) المائدة 5: 6.

(5) مريم

19: 64.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 296

يرفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه كان إذا قطع يد السارق ترك له الإبهام و الراحة، فقيل له: يا أمير المؤمنين، تركت عامة يده؟ قال: فقال لهم: «فإن تاب فبأي شي ء يتوضأ؟ لأن الله يقول: وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

3091/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن رجل سرق فقطعت يده اليمنى، ثم سرق فقطعت رجله «1» اليسرى، ثم سرق الثالثة؟

قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخلده في السجن، و يقول: إني لأستحيي من ربي أن أدعه بلا يد يستنظف بها، و لا رجل يمشي بها إلى حاجته- و قال- فكان إذا قطع اليد قطعها دون المفصل، و إذا قطع الرجل قطعها دون الكعبين- قال- و كان لا يرى أن يغفل عن شي ء من الحدود».

3092/ [8]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «إذا أخذ السارق فقطع وسط الكف، فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم، فإن عاد استودع السجن، فإن سرق في السجن قتل».

3093/ [9]- عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، أنه أتي بسارق فقطع يده، ثم أتي به مرة اخرى فقطع رجله اليسرى، ثم اوتي به ثالثة، فقال: إني لأستحيي من ربي أن لا أدع له يدا يأكل بها، و يشرب بها، و يستنجي بها، و رجلا يمشي عليها. فجلده و استودعه السجن، و أنفق عليه من بيت المال».

3094/ [10]- عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما

السلام)، أنه [قال:] قال: «لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين، فإن رجع ضمن السرقة، و لم يقطع إذا لم يكن له شهود».

3095/ [11]- عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «لا يقطع إلا من نقب بيتا، أو كسر قفلا».

3096/ [12]- عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد و صديقه بشدة، قال: رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتم، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين سنة. قال: قلت له: و لم ذاك؟

قال: لما كان من هذا الأسود أبي جعفر بن محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم، قال: قلت له: و كيف كان ذلك؟ قال: إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة، و سأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، و قد أحضر محمد بن علي، فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع. قال: فقلت: من

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 318/ 104.

8- تفسير العيّاشي 1: 318/ 105.

9- تفسير العيّاشي 1: 319/ 106.

10- تفسير العيّاشي 1: 319/ 107.

11- تفسير العيّاشي 1: 319/ 108.

12- تفسير العيّاشي 1: 319/ 109. [.....]

(1) في «س» و «ط»: يده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 297

الكرسوع [قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: قلت: لأن اليد هي الأصابع و الكف إلى الكرسوع لقول الله في التيمم:

فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ»

، و اتفق معي على ذلك قوم.

و قال آخرون: بل يجب القطع من المرفق. قال: و ما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأن الله لما قال: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ «2» في الغسل دل ذلك على أن حد اليد هو المرفق.

قال: فالتفت إلى محمد

بن علي، فقال: ما تقول في هذا، يا أبا جعفر؟ فقال: «قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين». قال: دعني مما تكلموا به، أي شي ء عندك: قال: «اعفني عن هذا، يا أمير المؤمنين». قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه. فقال: «اما إذا أقسمت علي بالله إني أقول إنهم أخطأوا فيه السنة، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الأصابع، فيترك الكف». قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: «قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): السجود على سبعة أعضاء «3»: الوجه، و اليدين، و الركبتين، و الرجلين. فإذا قطعت يده من الكرسوع، أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال الله تبارك و تعالى: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ «4» يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها، فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «5» و ما كان لله لم يقطع». قال: فأعجب المعتصم ذلك، فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.

قال ابن أبي دؤاد: قامت قيامتي، و تمنيت أني لم أك حيا، قال زرقان «6»: إن ابن أبي دؤاد قال: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة، فقلت: إن نصيحة أمير المؤمنين علي واجبة، و أنا أكلمه بما أعلم أني أدخل به النار، قال: و ما هو؟ قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علماء هم لأمر واقع من امور الدين فسألهم عن الحكم فيه، فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، و قد حضر المجلس بنوه «7» و قواده و وزراؤه و كتابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطر هذه الامة بإمامته، و يدعون أنه

أولى منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟! قال: فتغير لونه، و انتبه لما نبهته له، و قال: جزاك الله عن نصيحتك خيرا. قال: فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله، فدعاه، فأبى أن يجيبه، و قال: «قد علمت أني لا أحضر مجالسكم». فقال: إني إنما أدعوك إلى الطعام و أحب أن تطأ ثيابي، و تدخل منزلي، فأتبرك بذلك. و قد أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة [لقاءك ، فصار إليه، فلما اطعم منها، أحس مآلم السم فدعا بدابته، فسأله رب المنزل أن يقيم، فقال: «خروجي من

__________________________________________________

(1) النّساء 4: 43.

(2) المائدة 5: 6.

(3) في «س»: أعظم.

(4، 5) الجنّ 72: 18.

(6) في «ط»: ابن أبي زرقان.

(7) في «ط» نسخة بدل: أهل بيته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 298

دارك خير لك». فلم يزل يومه ذلك و ليلته في خلفة «1» حتى قبض (صلوات الله عليه).

سورة المائدة(5): الآيات 41 الي 42..... ص : 298

اشارة

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [41- 42] 3097/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: فإنه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة بطنان من اليهود من بني هارون، و هم بنو النضير و قريظة، و كانت قريضة سبع مائة، و النضير ألفا، و كانت النضير أكثر مالا و أحسن حالا من قريظة، و كانوا حلفاء لعبد الله بن أبي، فكان إذا وقع بين قريظة و النضير قتل، و كان القاتل من بني النضير، قالوا لبني قريظة: لا نرضى أن يكون قتيل منا بقتيل منكم، فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة، حتى كادوا أن يقتتلوا، حتى رضيت قريظة،

و كتبوا بينهم كتابا على أنه أي رجل «2» من النضير قتل رجلا من بني قريظة أن يجبه و يحمم- و التجبية أن يقعد على جمل و يلوى «3» وجهه إلى ذنب الجمل، و يلطخ وجهه بالحمأة «4»- و يدفع نصف الدية. و أيما رجل من بني قريظة قتل رجلا من النضير أن يدفع إليه الدية كاملة، و يقتل به.

فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة، و دخلت الأوس و الخزرج في الإسلام، ضعف أمر اليهود، فقتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النضير، فبعث إليه بنو النضير: ابعثوا إلينا بدية المقتول، و بالقاتل حتى نقتله. فقالت قريظة: ليس هذا حكم التوراة، و إنما هو شي ء غلبتمونا عليه، فإما الدية، و إما القتل، و إلا فهذا محمد بيننا و بينكم، فهلموا نتحاكم إليه.

فمشت بنو النضير إلى عبد الله بن أبي و قالوا: سل محمدا أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا و بين بني قريظة في القتل. فقال عبد الله بن أبي: ابعثوا معي رجال يسمع كلامي و كلامه، فإن حكم لكم بما تريدون، و إلا فلا ترضوا به. فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له: يا رسول الله، إن هؤلاء القوم قريظة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 168.

(1) الخلفة: الهيضة، و هي انطلاق البطن و القياء.

(2) زاد في «ط» و المصدر: من اليهود.

(3) في «ط» و المصدر: يولى.

(4) الحمأة: الطين الأسود المنتن. «لسان العرب- حمأ- 1: 61» و الظاهر أنّها تصحيف الحمم جمع حمّة: الرماد و الفحم و كلّ ما احترق في النار، إذ التحميم بالحمم لا بالحمأة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 299

و النضير قد كتبوا بينهم كتابا و عهدا و ميثاقا فتراضوا «1» به، و الآن في قدومك يريدون نقضه، و قد رضوا بحكمك فيهم، فلا تنقض عليهم كتابهم و شرطهم، فإن بني النضير لهم القوة و السلاح و الكراع «2»، و نحن نخاف الغوائل و الدوائر «3».

فاغتم لذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يجبه بشي ء، فنزل عليه جبرئيل بهذه الآيات: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ هادُوا يعني اليهود. سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يعني عبد الله بن أبي و بني النضير يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَ إِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا يعني عبد الله بن أبي حيث قال لبني النضير: إن لم يحكم لكم بما تريدون فلا تقبلوا وَ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ إِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إلى قوله: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ «4».

قلت: يأتي إن شاء الله تعالى في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ من سورة الأنعام حديث المفضل بن عمر، عن الصادق «5» (عليه السلام)، و في الحديث تفسير قوله (تعالى): يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ الآية.

3098/ [2]- الطبرسي، قال: سبب نزول الآية: قال الباقر (عليه

السلام): «إن امرأة من خيبر ذات شرف بينهم زنت مع رجل من أشرافهم، و هما محصنان، فكرهوا رجمهما، فأرسلوا إلى يهود المدينة، و كتبوا إليهم أن يسألوا النبي (صلى الله عليه و آله) عن ذلك، طمعا في أن يأتي لهم برخصة، فانطلق قوم منهم، كعب بن الأشرف، و كعب بن أسيد «6» و شعبة بن عمر و مالك بن الصيف، و كنانة بن أبي الحقيق و غيرهم، فقالوا: يا محمد، أخبرنا عن الزاني و الزانية إذا احصنا، ما حدهما؟

قال: و هل ترضون بقضائي في ذلك؟ فقالوا: نعم. فنزل جبرئيل (عليه السلام) بالرجم، فأخبرهم بذلك، فأبوا أن يأخذوا به، فقال جبرئيل: اجعل بينك و بينهم ابن صوريا. و وصفه له، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): هل تعرفون شابا

__________________________________________________

2- مجمع البيان 3: 299.

(1) في المصدر: و عهدا وثيقا تراضوا. [.....]

(2) الكراع: هو اسم يجمع الخيل و السلاح. «لسان العرب 8: 308».

(3) الغوائل و الدوائر: الدواهي و النوائب من صروف الدهر.

(4) المائدة 5: 44.

(5) يأتي في الحديث (5) من تفسير الآيات (146- 151) من سورة الأنعام.

(6) في سيرة ابن هشام 2: 162 و مواضع اخرى: كعب بن أسد. و عدّه من أعداء رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) من بني قريظة، و قال: و هو صاحب عقد بني قريظة الذي نقض عام الأحزاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 300

أمرد أبيض أعور، يسكن فدكا، يقال له: ابن صوريا؟ قالوا: نعم. قال: فأي رجل هو فيكم؟ قالوا: أعلم يهودي بقي على ظهر الأرض بما أنزل الله على موسى (صلى الله عليه)».

قال: «فأرسلوا إليه ففعلوا، فأتاهم عبد الله بن صوريا، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله):

إني أنشدك الله الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى و فلق لكم البحر، و أنجاكم، و أغرق آل فرعون، و ظلل عليكم الغمام، و أنزل عليكم المن و السلوى، هل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن؟

قال ابن صوريا: نعم، و الذي ذكرتني به لولا خشية أن يحرقني رب التوراة إن كذبت أو غيرت ما اعترفت لك، و لكن أخبرني كيف هي في كتابك يا محمد؟

قال: إذا شهد أربعة رهط عدول أنه قد أدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرجم.

فقال ابن صوريا: هكذا أنزل الله في التوراة على موسى.

فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): فما ذا كان أول ما ترخصتم به أمر الله و رسوله؟

قال: كنا إذا زنى الشريف تركناه، و إذا زنى الضعيف أقمنا عليه الحد، فكثر الزنا في أشرافنا حتى زنى ابن عم ملك لنا فلم نرجمه، ثم زنى رجل آخر فأراد الملك رجمه، فقال له قومه: لا، حتى ترجم فلانا- يعنون ابن عمه- فقالوا «1»: تعالوا نجتمع فلنضع شيئا دون الرجم، يكون على الشريف و الوضيع، فوضعنا الجلد و التحميم، و هو أن يجلدا أربعين جلدة، ثم يسود وجههما ثم يحملان على حمارين، فيجعل وجهاهما من قبل دبر الحمار، و يطاف بهما، فجعلوا هذا مكان الرجم.

فقالت اليهود لابن صوريا: ما أسرع ما أخبرته به، و ما كنت لما أثنينا «2» به عليك بأهل، و لكنك كنت غائبا فكرهنا أن نغتابك. فقال لهم: أنه أنشدني بالتوراة، و لولا ذلك لما أخبرته به.

فأمر بهما النبي (صلى الله عليه و آله) فرجما عند باب مسجده، و قال: أنا أول من أحيا أمرك إذا أماتوه. فأنزل الله

سبحانه فيه يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ «3».

فقام ابن صوريا فوضع يديه على ركبتي رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم قال: هذا مقام العائذ بالله و بك أن تذكر لنا الكثير الذي أمرت أن تعفو عنه. فأعرض النبي عن ذلك، ثم سأله ابن صوريا عن نومه، فقال: تنام عيناي، و لا ينام قلبي. فقال: صدقت، فأخبرني عن شبه الولد بأبيه ليس فيه من شبه امه شي ء، أو بأمه ليس فيه من شبه أبيه شي ء؟

فقال: أيهما علا و سبق ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له. قال: قد صدقت، فأخبرني ما للرجل من الولد، و ما للمرأة منه؟- قال- فأغمي على رسول الله (صلى الله عليه و آله) طويلا، ثم خلي عنه محمرا وجهه يفيض عرقا، فقال: اللحم و الدم

__________________________________________________

(1) في المصدر: فقلنا.

(2) كذا في البحار 22: 26، و في «س» و «ط» و المصدر: أتينا.

(3) المائدة 5: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 301

و الظفر و الشعر «1» للمرأة، و العظم و العصب و العرق للرجل، فقال له: صدقت، أمرك أمر نبي.

فأسلم ابن صوريا عند ذلك، و قال: يا محمد من يأتيك من الملائكة؟ قال: جبرئيل. قال: صفه لي. فوصفه النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: أشهد أن في التوراة كما قلت، و أشهد أنك رسول الله حقا.

فلما أسلم ابن صوريا وقعت فيه اليهود و شتموه، فلما أرادوا أن ينهضوا تعلقت بنو قريظة ببني النضير، فقالوا: يا محمد إخواننا بنو النضير، أبونا واحد، و ديننا واحد، و نبينا واحد، إذا قتلوا منا قتيلا لم يفتدونا «2»، و أعطونا ديته سبعين

وسقا «3» من تمر، و إذا قتلنا منهم قتيلا قتلوا القاتل، و أخذوا منا الضعف مائة و أربعين وسقا من تمر، و إن كان القتيل امرأة قتلوا بها الرجل منها، و بالرجل منهم الرجلين منا، و بالعبيد الحر منا، و جراحاتنا على النصف من جراحاتهم، فاقض بيننا و بينهم. فأنزل الله في الرجم و القصاص الآيات».

صفة جبرئيل (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ..... ص : 301

3099/ [1]- في رواية الشيخ المفيد في (الاختصاص) في حديث عبد الله بن سلام و سؤاله رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال عبد الله بن سلام لرسول الله (صلى الله عليه و آله): فأخبرني عن جبرئيل في زي الإناث أم في زي الذكور؟ قال: «في زي الذكور، ليس في زي الإناث».

قال: فأخبرني ما طعامه و شرابه «4»؟ قال: «طعامه التسبيح و شرابه التهليل».

قال: صدقت، يا محمد. قال: فأخبرني عن «5» طول جبرئيل؟ قال: «إنه على قدر بين الملائكة، ليس بالطويل العالي، و لا بالقصير المتداني، له ثمانون ذؤابة و قصة «6» جعدة، و هلال بين عينيه، أغر «7» أدعج «8» محجل «9»، ضوؤه بين الملائكة كضوء النهار عند ظلمة الليل، له أربعة و عشرون جناحا خضرا مشبكة بالدر و الياقوت، و مختمة باللؤلؤ، و عليه وشاح بطانته الرحمة، أزراره الكرامة، ظهارته الوقار، و ريشه الزعفران «10»، واضح الجبين 1»

،

__________________________________________________

1- الاختصاص: 45.

(1) في المصدر: و الشحم.

(2) في المصدر: لم يقد.

(3) الوسق: مكيلة معلومة، و هي ستّون صاعا.

(4) في «س»: فاخبرني عن طعامه.

(5) في المصدر: ما. [.....]

(6) القصّة: هي كلّ خصلة من الشعر. «النهاية 4: 71».

(7) الغرّ: جمع الأغرّ، من الغرّة، بياض في الوجه. «النهاية 3: 354».

(8) الدّعج و الدّعجة: السواد في العين و غيرها. «النهاية 2: 119».

(9) في «س»

و «ط»: يخجل.

(10) في «ط» نسخة بدل: و رأسه الزعفران.

(11) يقال: إنّه واضح الجبين: إذا ابيضّ و حسن و لم يكن غليظا كثير اللحم. «لسان العرب:- وضح- 2: 634».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 302

أقنى الأنف «1»، سائل الخدين، مدور اللحيين، حسن القامة، لا يأكل و لا يشرب، و لا يمل و لا يسهو، قائم بوحي الله إليه إلى يوم القيامة».

قال: صدقت يا محمد. و سأله عن مسائل فأجابه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له عبد الله بن سلام: صدقت يا محمد. فقال له: من أخبرك بهذا؟ قال: «جبرئيل». قال: عمن؟ قال: «عن ميكائيل». قال: ميكائيل عمن؟ قال:

«إسرافيل» قال: إسرافيل عمن؟ قال: «عن اللوح المحفوظ». قال: «اللوح عمن؟ قال: عن القلم» قال: القلم عمن؟

قال: «عن رب العالمين» قال: صدقت يا محمد.

3100/ [1]- ابن بابويه (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان ابن داود المنقري، عن حفص بن غياث، أو غيره، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى «2»، قال: «رأى جبرئيل (عليه السلام)، على ساقه الدر مثل القطر على البقل، له ست مائة جناح، قد ملأ ما بين السماء و الأرض «3»».

باب في معن السحت ..... ص : 302

3101/ [2]- ابن بابويه: بإسناده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في قوله تعالى: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ.

قال: «هو الرجل يقضي لأخيه الحاجة، ثم يقبل هديته».

و روى هذا الحديث في (صحيفة الرضا (عليه السلام)) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بعينه «4».

3102/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن ابن

محبوب، عن ابن رئاب، عن عمار بن مروان، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الغلول. فقال: «كل شي ء غل من الإمام فهو سحت، و أكل مال اليتيم و شبهه سحت، و السحت أنواع كثيرة، منها: أجور الفواجر، و ثمن الخمر، و النبيذ المسكر، و الربا بعد البينة، فأما الرشا في الحكم، فإن ذلك الكفر بالله العظيم و برسوله (صلى الله عليه و آله)».

3103/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «السحت ثمن الميتة، و ثمن الكلب، و ثمن الخمر، و مهر البغي، و الرشوة في الحكم، و أجر الكاهن».

__________________________________________________

1- التوحيد: 116/ 18.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 28/ 16.

3- الكافي 5: 126/ 1.

4- الكافي 5: 126/ 2.

(1) القنا: احد يدأب في الأنف. «الصحاح- قنا- 6: 2469».

(2) النجم 53: 18.

(3) في المصدر: إلى ǙĘØј֮

(4) صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام): 256/ 183. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 303

3104/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن زرعة، عن سماعة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «السحت أنواع كثيرة، منها: كسب الحجام إذا شارط، و أجر الزانية، و ثمن الخمر، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم».

3105/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن يزيد ابن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن السحت، فقال: «الرشا في الحكم».

3106/ [6]- و عنه: عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن

أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن القاسم بن الوليد القماري «1»، عن عبد الرحمن الأصم «2»، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله العامري «3» قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ثمن الكلب، الذي لا يصيد، فقال:

«سحت، و أما الصيود فلا بأس».

3107/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصناع إذا سهروا الليل كله فهو سحت».

3108/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن صفوان، عن داود ابن الحصين، عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين، أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أ يحل ذلك؟ فقال: «من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما «4» يأخذ سحتا، و إن كان حقه ثابتا، لأنه أخذ بحكم الطاغوت، و قد أمر الله أن يكفر به».

قال: قلت: كيف يصنعان؟ قال: «انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا، فارضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل «5» منه، فإنما بحكم الله استخف، و علينا رد، و الراد علينا: الراد على الله، و هو على حد الشرك بالله».

__________________________________________________

4- الكافي 5: 127/ 3.

5- الكافي 5: 127/ 4.

6- الكافي 5: 127/ 5.

7- الكافي 5: 127/ 7.

8- الكافي 7: 412/ 5.

(1) في المصدر: العماري.

(2) كذا

في «س» و «ط» و المصدر، و في الحديث (7) و سائر الموارد: عبد اللّه بن عبد الرحمن، الأصمّ، و الظاهر أنّه الصحيح، راجع معجم رجال الحديث 10: 242 و 14: 62.

(3) في «س» عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و في المقام اختلاف كثير، راجع معجم رجال الحديث 14: 62 و 21: 229.

(4) في «س»: فإنّه.

(5) في المصدر: يقبله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 304

3109/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سئل، أبو عبد الله (عليه السلام) عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق؟ فقال: «ذلك السحت».

3110/ [10]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال: أوصى إسحاق بن عمر عند وفاته بجوار له مغنيات: أن نبيعهن و نحمل ثمنهن إلى أبي الحسن (عليه السلام).

قال إبراهيم: فبعت الجواري بثلاث مائة ألف درهم، و حملت الثمن إليه، فقلت له: إن مولى لك يقال له إسحاق بن عمر قد أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنيات و حمل الثمن إليك، و قد بعتهن، و هذا الثمن ثلاث مائة ألف درهم. فقال: «لا حاجة لي فيه، إن هذا سحت، و تعليمهن كفر، و الاستماع منهن نفاق، و ثمنهن سحت».

3111/ [11]- و عنه: عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن شريف بن سابق، عن الفضل ابن أبي قرة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هؤلاء يقولون: إن كسب المعلم سحت! فقال: «كذبوا أعداء الله، إنما أرادوا أن لا يعلموا القرآن، و لو أن المعلم أعطاه

الرجل دية ولده لكان للمعلم مباحا».

3112/ [12]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن محمد بن مسلم و عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت- قال- و لا بأس بثمن الهر».

3113/ [13]- عنه: بإسناده عن سهل بن زياد، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: سئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) عن شراء المغنية، فقال: «قد تكون للرجل الجارية تلهيه، و ما ثمنها إلا ثمن الكلب، و ثمن الكلب سحت، و السحت في النار».

3114/ [14]- العياشي: عن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء، و فتح مسامع قلبه، و وكل به ملكا يسدده، و إذا أراد الله بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، و سد مسامع قلبه، و وكل به شيطانا يضله- ثم تلا هذه الآية- فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً «1» الآية، و قال: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ «2»، و قال: أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ».

__________________________________________________

9- الكافي 7: 409/ 1.

10- الكافي 5: 120/ 7.

11- الكافي 5: 121/ 2.

12- التهذيب 6: 356/ 1017. [.....]

13- التهذيب 6: 357/ 1019.

14- تفسير العيّاشي 1: 321/ 110.

(1) الأنعام 6: 125.

(2) يونس 10: 96.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 305

3115/ [15]- عن الحسن بن علي الوشاء، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «ثمن الكلب سحت، و السحت في النار».

3116/ [16]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أو أبي الحسن

«1» (عليه السلام)، قال: «السحت أنواع كثيرة، منها: كسب الحجام «2»، و أجر الزانية، و ثمن الخمر، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله».

3117/ [17]- عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أكل السحت: الرشوة في الحكم».

و عنه (عليه السلام): «و مهر البغي».

3118/ [18]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت- و قال- لا بأس بثمن الهرة».

3119/ [19]- عن عمار بن مروان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الغلول، فقال: «كل شي ء غل من الإمام فهو السحت، و أكل مال اليتيم و شبهه. و السحت أنواع كثيرة، منها كل «3» ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة. و منها أجور القضاة، و أجور الفواجر «4»، و ثمن الخمر و النبيذ المسكر «5»، و الربا بعد البينة، فأما الرشا- يا عمار- في الأحكام، فإن ذلك الكفر بالله و برسوله».

3120/2]- عن السكوني، عن أبي جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، أنه كان ينهى عن الجوز الذي يجي ء به الصبيان من القمار أن يؤكل، و قال: «هو السحت».

3121/ [21]- و بإسناده عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «إن السحت ثمن الميتة، و ثمن الكلب، و ثمن الخمر «6»، و مهر البغي، و الرشوة في الحكم، و أجر الكاهن».

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 321/ 111.

16- تفسير العيّاشي 1: 321/ 112.

17- تفسير العيّاشي 1: 321/ 113.

18- تفسير العيّاشي 1: 321/ 114.

19- تفسير العيّاشي 1: 321/ 115.

20- تفسير العيّاشي 1: 322/ 116.

21- تفسير العيّاشي 1: 322/ 117.

(1) في المصدر: و أبي الحسن موسى.

(2) في «س» و «ط»: كسب المحارم.

(3) (كلّ) ليس في المصدر. [.....]

(4) في «س»

و «ط»: الفواحش.

(5) في «ط»: و النبيذ و المسكر.

(6) في المصدر نسخة بدل: الخنزير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 306

سورة المائدة(5): آية 44 ..... ص : 306

قوله تعالى:

إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ [44]

3122/ [1]- العياشي: عن مالك الجهني، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ إلى قوله: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ، قال: «فينا نزلت».

3123/ [2]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إن مما استحقت به الإمامة: التطهير، و الطهارة من الذنوب و المعاصي الموبقة التي توجب النار، ثم العلم المنور «1» بجميع ما تحتاج إليه الامة من حلالها و حرامها، و العلم بكتابها، خاصه و عامه، و المحكم و المتشابه، و دقائق علمه، و غرائب تأويله، و ناسخه و منسوخه».

قلت: و ما الحجة بأن الإمام لا يكون إلا عالما بهذه الأشياء التي ذكرت؟

قال: «قول الله فيمن أذن الله لهم في الحكومة و جعلهم أهلها: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ فهذه الأئمة دون الأنبياء الذين يربون «2» الناس بعلمهم، و أما الأحبار فهم العلماء دون الربانيين، ثم أخبر، فقال: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ و لم يقل بما حملوا منه».

قوله تعالى:

وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ [44]

3124/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه «3»، عن عبد الله بن كثير، عن عبد الله بن مسكان، رفعه،

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من حكم في

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 322/ 118.

2- تفسير العيّاشي 1: 322/ 119.

3- الكافي 7: 408/ 3.

(1) في «ط» نسخة بدل: المكنون.

(2) في «ط»: يؤتون.

(3) في المصدر: أصحابنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 307

درهمين بحكم جور، ثم جبر عليه كان من أهل هذه الآية وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ.

فقلت: و كيف يجبر عليه؟ فقال: «يكون له سوط و سجن، فيحكم عليه، فإن «1» رضي بحكومته «2»، و إلا ضربه بسوطه، و حبسه في سجنه».

و رواه الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه «3»، عن عبد الله بن بكير، عن عبد الله بن مسكان، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، الحديث بعينه «4».

3125/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عز و جل فهو كافر بالله العظيم».

و رواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ... إلى آخره «5».

3126/ [3]- العياشي: عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حكم في درهمين بحكم جور، ثم جبر عليه، كان من أهل هذه الآية وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ».

فقلت: يا بن رسول الله، و كيف يجبر عليه؟ قال: «يكون له سوط و سجن فيحكم عليه، فإن رضي بحكومته «6»، و إلا ضربه بسوطه و حبسه في

سجنه».

3127/ [4]- عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر، و من حكم في درهمين فأخطأ كفر».

3128/ [5]- عن أبي بصير بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فهو كافر بالله العظيم».

3129/ [6]- عن بعض أصحابه، قال: سمعت عمارا يقول على منبر الكوفة: ثلاثة يشهدون على عثمان أنه

__________________________________________________

2- الكافي 7: 408/ 2.

3- تفسير العيّاشي 1: 323/ 120.

4- تفسير العيّاشي 1: 323/ 121.

5- تفسير العيّاشي 1: 323/ 122.

6- تفسير العيّاشي 1: 323/ 123. [.....]

(1) في المصدر: فإذا.

(2) في «س» و «ط»: بحكمه.

(3) في المصدر: أصحابنا.

(4) التهذيب 6: 221/ 524.

(5) التهذيب 6: 221/ 523.

(6) في المصدر: بحكمه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 308

كافر، و أنا الرابع، و أنا أسمي «1» الأربعة، ثم قرأ هؤلاء الآيات في المائدة وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ و ... الظَّالِمُونَ «2» و ... الْفاسِقُونَ «3».

3130/ [7]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال علي (عليه السلام): من قضى في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر».

3131/ [8]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في دية الأنف إذا استؤصل، مائة من الإبل: ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون، و عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون ذكر. و دية العين إذا فقئت خمسون من الإبل. و دية ذكر الرجل إذا قطع من الحشفة مائة من الإبل، على أسباب الخطأ دون العمد. و كذلك دية الرجل و كذلك دية اليد إذا قطعت خمسون

من الإبل. و كذلك دية الاذن إذا قطعت فجدعت خمسون من الإبل».

قال: «و ما كان من ذلك من جروح أو تنكيل، فيحكم به ذوا عدل منكم، يعني به الإمام- قال- وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ».

3132/ [9]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «دية الأنف إذا استؤصل مائة من الإبل، و العين إذا فقئت خمسون من الإبل، و اليد إذا قطعت خمسون من الإبل، و في الذكر إذا قطع مائة من الإبل، و في الاذن إذا جدعت خمسون من الإبل، و ما كان من ذلك جروحا دون الثلث»

، و الإصبع و شبهه يحكم به ذوا عدل منكم وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ».

3133/ [10]- عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر».

قلت: كفر بما أنزل الله، أو بما نزل على محمد (صلى الله عليه و آله)؟

قال: «ويلك، إذا كفر بما انزل على محمد (صلى الله عليه و آله) [أليس قد كفر بما أنزل الله؟!».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 323/ 124.

8- تفسير العيّاشي 1: 323/ 125.

9- تفسير العيّاشي 1: 324/ 126.

10- تفسير العيّاشي 1: 324/ 127.

(1) في «ط»: أتمّ.

(2) المائدة 5: 45.

(3) المائدة 5: 47.

(4) في المصدر: المثلات. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 309

سورة المائدة(5): آية 45 ..... ص : 309

قوله تعالى:

وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ [45]

3134/ [1]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز و جل:

النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ الآية. قال: «هي محكمة».

3135/ [2]- و عنه: بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كان السائل من محبينا، فقال له: أبو جعفر (عليه السلام): بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف- و ذكر الأسياف إلى أن قال- و أما السيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص، قال الله تعالى:

النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الآية، فسله إلى أولياء المقتول، و حكمه إلينا».

3136/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في رجل قتل امرأة «1» متعمدا، فقال: «إن شاء أهلها أن يقتلوه و يؤدوا إلى أهله نصف الدية، و إن شاءوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم».

و قال في امرأة قتلت زوجها متعمدة: «إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها، و ليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه».

3137/ [4]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة بينها و بين الرجل قصاص، قال: «نعم، في الجراحات حتى تبلغ الثلث سواء، فإذا بلغت الثلث «2» ارتفع الرجل و سفلت المرأة».

__________________________________________________

1- التهذيب 10: 183/ 718.

2- التهذيب 6: 137/ 230.

3- الكافي 7: 299/ 4.

4- الكافي 7: 300/ 7.

(1) في «ط»: امرأته.

(2) في «ط»

زيادة: سواء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 310

3138/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبي، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن جراحات الرجال و النساء في الديات و القصاص، فقال: «الرجال و النساء في القصاص سواء، السن بالسن، و الشجة بالشجة، و الإصبع بالإصبع سواء، حتى تبلغ الجراحات ثلث الدية، فإذا جاوزت الثلث صيرت دية الرجل في الجراحات ثلثي الدية، و دية النساء ثلث الدية».

3139/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في الرجل يقتل المرأة متعمدا، فأراد أهل المرأة أن يقتلوه، قال: «ذلك لهم، إذا أدوا إلى أهله نصف الدية، و إن قبلوا الدية فلهم نصف دية الرجل، و إن قتلت المرأة الرجل قتلت به و ليس لهم إلا نفسها».

و قال: «جراحات الرجال و النساء سواء، فسن المرأة بسن الرجل، و موضحة «1» المرأة بموضحة الرجل، و إصبع المرأة بإصبع الرجل، حتى تبلغ الجراحة ثلث الدية، فإذا بلغت ثلث الدية أضعفت دية الرجل على دية المرأة».

3140/ [7]- العياشي: عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف، سيف منها مغمود سله إلى غيرنا، و حكمه إلينا، فأما السيف المغمود فهو الذي يقام به القصاص، قال الله جل وجهه: النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الآية. فسله إلى أولياء المقتول، و حكمه إلينا».

قوله تعالى:

فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ [45]

3141/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن

حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، فقال: «يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا».

3142/ [2]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، قال: «يكفر عنه

__________________________________________________

5- الكافي 7: 300/ 8.

6- الكافي 7: 298/ 2.

7- تفسير العيّاشي 1: 324/ 128.

1- الكافي 7: 358/ 1.

2- الكافي 7: 358/ 2.

(1) الموضحة من الشّجاج: هي التي تبدي وضح العظم، أي بياضه. «مجمع البحرين- وضح- 2: 242».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 311

من ذنوبه بقدر ما عفا من جراح أو غيره».

3143/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، قال:

«يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا من جراح أو غيره».

سورة المائدة(5): آية 47 ..... ص : 311

قوله تعالى:

وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [47]

3144/ [4]- العياشي: عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «قد فرض الله في الخمس نصيبا لآل محمد (صلوات الله عليهم)، فأبى أبو بكر أن يعطيهم نصيبهم حسدا و عداوة، و قد قال الله: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. و كان أبو بكر أول من منع آل محمد (عليهم السلام) حقهم، و ظلمهم، و حمل الناس على رقابهم، و لما قبض أبو بكر استخلف عمر على غير شورى من المسلمين، و لا رضا من آل محمد (عليهم السلام)، فعاش

عمر بذلك، لم يعط آل محمد حقهم، و صنع ما صنع أبو بكر».

سورة المائدة(5): آية 48 ..... ص : 311

قوله تعالى:

فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ [48]

3145/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحلف اليهودي، و لا النصراني، و لا المجوسي بغير الله، إن الله عز و جل يقول: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ».

3146/ [6]- العياشي: عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحلف اليهودي، و لا النصراني، و لا المجوسي بغير الله، إن الله يقول: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 325/ 129.

4- تفسير العيّاشي 1: 325/ 130. [.....]

5- الكافي 7: 451/ 4.

6- تفسير العيّاشي 1: 325/ 131.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 312

قوله تعالى:

لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ [48] 3147/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً قال: لكل نبي شريعة و طريق وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ أي يختبركم.

سورة المائدة(5): آية 50 ..... ص : 312

قوله تعالى:

أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [50]

3148/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القضاة أربعة: ثلاثة في النار، و واحد في الجنة، رجل قضى بجور، و هو يعلم، فهو في النار، و رجل قضى بجور، و هو لا يعلم، فهو في النار، و رجل قضى بالحق، و هو لا يعلم، فهو في النار، و رجل قضى بالحق، و هو يعلم، فهو

في الجنة».

و قال (عليه السلام): «الحكم حكمان: حكم الله، و حكم الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية».

3149/ [3]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال «1»، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الحكم حكمان: حكم الله، و حكم الجاهلية، و قد قال الله عز و جل:

وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ «2»، و اشهدوا على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 170.

2- الكافي 7: 407/ 1.

3- الكافي 7: 407/ 2.

(1) في «س»: محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان و ابن فضّال، و كلا الحالين صحيح، حيث روى محمّد بن عبد الجبار بكثرة عن كلّ من صفوان و ابن فضّال. راجع معجم رجال الحديث 16: 201.

(2) في «ط» فاشهد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 313

3150/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الحكم حكمان: حكم الله، و حكم الجاهلية». ثم قال: وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ، قال: «فاشهد أن زيدا قد حكم بحكم الجاهلية» يعني في الفرائض.

سورة المائدة(5): آية 52 ..... ص : 313

قوله تعالى:

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ- إلى قوله تعالى- نادِمِينَ [52] 3151/ [4]- قال علي بن إبراهيم: قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ و هو قول عبد الله بن أبي لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تنقض حكم بني النضير، فإنا نخاف الدوائر، فقال الله: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ.

3152/

[5]- و قال: عن داود الرقي، قال: سأل أبا عبد الله (عليه السلام) رجل و أنا حاضر عن قول الله: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ، فقال: «أذن في هلاك بني امية بعد إحراق زيد بسبعة أيام».

سورة المائدة(5): آية 53 ..... ص : 313

قوله تعالى:

وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ [53]

3153/ [6]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبو جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الحكم بن عيينة «1»، و سلمة، و كثير النواء، و أبا المقدام، و التمار- يعني سالما- أضلوا كثيرا ممن ضل من هؤلاء الناس، و إنهم ممن قال الله:

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 325/ 132.

4- تفسير القمّي 1: 170.

5- تفسير العيّاشي 1: 325/ 133.

6- تفسير العيّاشي 1: 326/ 134.

(1) في المصدر: الحكم بن عتيبة، و كلاهما وارد. راجع معجم رجال الحديث 6: 172.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 314

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ «1»، و إنهم ممن قال الله: أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ يحلفون بالله إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ».

سورة المائدة(5): آية 54 ..... ص : 314

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ [54]

3154/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا محمد بن عمر و محمد بن الوليد «2»، قالا: حدثنا حماد بن عثمان، عن سليمان بن هارون العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن صاحب هذا الأمر محفوظ له [أصحابه ، لو ذهب الناس جميعا أتى الله [له بأصحابه، و هم الذين قال الله عز و جل: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ «3»، و هم الذين قال الله عز و جل فيهم: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ

يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ».

3155/ [2]- العياشي: عن سليمان بن هارون، قال: قلت له: إن بعض هؤلاء العجلية»

يزعمون أن سيف رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند عبد الله بن الحسن.

فقال: «و الله ما رآه و لا أبوه بواحدة من عينيه، إلا أن يكون رآه أبوه عند الحسين (عليه السلام). و إن صاحب هذا الأمر محفوظ له، فلا تذهبن يمينا و لا شمالا، فإن الأمر- و الله- واضح، و الله لو أن أهل السماء و الأرض اجتمعوا على أن يحولوا هذا [الأمر] عن موضعه الذي وضعه الله فيه، ما استطاعوا، و لو أن الناس كفروا جميعا حتى لا يبقى أحد لجاء الله لهذا الأمر بأهل يكونون من أهله.- ثم قال- أما تسمع الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ؟- حتى فرغ من الآية-

__________________________________________________

1- الغيبة: 316/ 12.

2- تفسير العيّاشي 1: 326/ 135. [.....]

(1) البقرة 2: 8.

(2) في المصدر: محمّد بن حمزة و محمّد بن سعيد، و الظاهر أنّه تصحيف، فقد تكرّر هذا السند في المصدر أكثر من مرّة و فيه: محمّد بن عمر بن يزيد بيّاع السابري و محمّد بن الوليد بن خالد الخزّاز، راجع المصدر: 266/ 33 و 278/ 62 و غيرهما.

(3) الأنعام 6: 89.

(4) العجليّة: طائفة من الغلاة، أتباع عمير بن بيان العجلي. «معجم الفرق الاسلامية: 170». و في «ط»: هؤلاء العجلة، و المصدر: هذه العجلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 315

و قال في آية أخرى: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ «1»- ثم قال- إن أهل هذه الآية

هم أهل تلك الآية».

3156/ [3]- عن بعض أصحابه، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ، قال: «الموالي».

3157/ [4]- الطبرسي: قيل: «هم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و أصحابه، حين قاتل من قاتله من الناكثين و القاسطين و المارقين». قال: و روي ذلك عن عمار، و حذيفة، و ابن عباس. ثم قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

3158/ [5]- و عنه: قال: و روي عن علي (عليه السلام)، أنه قال يوم البصرة: «و الله، ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم» و تلا هذه الآية.

3159/ [6]- و في (نهج البيان) المروي عن الباقر و الصادق (عليهما السلام): «أن هذه الآية نزلت في علي (عليه السلام)».

3160/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: هو مخاطبة لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) الذين غصبوا آل محمد (صلوات الله عليهم) حقهم، و ارتدوا عن دين الله فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ الآية، قال: نزلت في القائم و أصحابه، يجاهدون في سبيل الله، و لا يخافون لومة لائم.

3161/ [8]- و من طريق المخالفين، قال الثعلبي في تفسير الآية فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ الآية، قال: نزلت في علي (عليه السلام).

سورة المائدة(5): الآيات 55 الي 56 ..... ص : 315

قوله تعالى:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ [55]

3162/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 327/ 136.

4- مجمع البيان 3: 321.

5- مجمع البيان 3: 322.

6- نهج

البيان 2: 103 (مخطوط).

7- تفسير القمّي 1: 170.

8- ... العمدة لابن بطريق: 158.

1- الكافي 1: 354/ 77.

(1) الأنعام 6: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 316

الحسن بن محمد الهاشمي، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن عيسى، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها «1».

قال: «لما نزلت إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ اجتمع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها، و إن آمنا فهذا ذل، حين يسلط علينا ابن أبي طالب.

فقالوا: قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول، و لكن نتولاه، و لن نطيع عليا فيما أمرنا- قال- فنزلت هذه الآية:

يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها يعني يعرفون ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أكثرهم الكافرون بالولاية».

3163/ [2]- و عنه: عن بعض «2» أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن بشير، عن موسى بن قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «3».

قال: «إن الله تعالى أعظم و أجل و أعز و أمنع من أن يظلم، و لكنه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، و ولايتنا ولايته، حيث يقول: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني الأئمة منا. ثم قال في موضع آخر: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ثم ذكر مثله.

3164/ [3]-

و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) قولنا «4» في الأوصياء أن طاعتهم مفروضة، قال: فقال: «نعم، هم الذين قال الله تعالى:

أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «5»، و هم الذين قال الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا».

3165/ [4]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمد الهاشمي، عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا.

__________________________________________________

2- الكافي 1: 113/ 11.

3- الكافي 1: 143/ 7. [.....]

4- الكافي 1: 228/ 3.

(1) النّحل 16: 83.

(2) في «ط»: عن عدّة من.

(3) البقرة 2: 57.

(4) في «س»: قوله لنا.

(5) النّساء 4: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 317

قال: «إنما يعني أولى بكم، أي أحق بكم و بأموركم و أنفسكم و أموالكم اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني عليا و أولاده الأئمة (عليهم السلام) إلى يوم القيامة. ثم وصفهم الله عز و جل فقال: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاة الظهر، و قد صلى ركعتين، و هو راكع، و عليه حلة قيمتها ألف دينار، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) كساه إياها، و كان النجاشي أهداها له، فجاء سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله، و أولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين. فطرح الحلة إليه و أومأ بيده إليه أن احملها.

فأنزل الله عز

و جل فيه هذه الآية، و صير نعمة أولاده بنعمته، فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة يكون بهذه النعمة «1» مثله، فيتصدقون و هم راكعون، و السائل الذي سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) من الملائكة، و الذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون من الملائكة».

3166/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، و الفضيل ابن يسار، و بكير بن أعين، و محمد بن مسلم، و يزيد بن معاوية، و أبي الجارود، جميعا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أمر الله عز و جل رسوله بولاية علي (عليه السلام) و أنزل عليه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ و فرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي، فأمر الله محمدا (صلى الله عليه و آله) أن يفسر لهم الولاية، كما فسر لهم الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، فلما أتاه ذلك من الله، ضاق بذلك صدر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تخوف أن يرتدوا عن دينهم، و أن يكذبوه، فضاق صدره، و راجع ربه عز و جل، فأوحى الله عز و جل إليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «2» فصدع بأمر الله تعالى ذكره، فقام بولاية علي (عليه السلام) يوم غدير خم، فنادى:

الصلاة جامعة. و أمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب».

قال عمر بن أذينة: قالوا جميعا غير أبي الجارود، و قال أبو جعفر (عليه السلام): «و كانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاخرى، و

كانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي «3»». قال أبو جعفر (عليه السلام): «يقول الله عز و جل: لا انزل عليكم بعد هذه الفريضة، قد أكملت لكم الفرائض».

3167/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن حاتم (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي، قال: حدثنا كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية.

__________________________________________________

5- الكافي 1: 229/ 4.

6- الأمالي: 107/ 4.

(1) في المصدر: الصفة.

(2) المائدة 5: 67.

(3) المائدة 5: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 318

قال: «إن رهطا من اليهود أسلموا، منهم: عبد الله بن سلام، و أسد، و ثعلبة «1»، و ابن يامين، و ابن صوريا، فأتوا النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا نبي الله، إن موسى (عليه السلام) أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله؟ و من ولينا من بعدك؟ فنزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قوموا فقاموا و أتوا المسجد، فإذا سائل خارج، فقال: يا سائل، أما أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم، هذا الخاتم. قال: من أعطاكه؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي. قال: على أي حال أعطاك؟ قال: كان راكعا. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله) و كبر أهل المسجد، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): علي بن أبي طالب وليكم بعدي. قالوا: رضينا

بالله ربا، و بالإسلام دينا، و بمحمد نبيا، و بعلي بن أبي طالب وليا. فأنزل الله عز و جل: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «2»».

و روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: و الله لقد تصدقت بأربعين خاتما، و أنا راكع، لينزل في ما نزل في علي ابن أبي طالب فما نزل.

3168/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس و عنده قوم من اليهود، فيهم عبد الله بن سلام، إذ نزلت عليه هذه الآية، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المسجد، فاستقبله سائل، فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟

قال: نعم، ذلك المصلي. فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا هو علي (عليه السلام)».

3169/ [8]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن محمد بن عيسى، [عن محمد بن خالد البرقي «3»، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الأوصياء طاعتهم مفترضة؟

فقال: «هم الذين قال الله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «4»، و هم الذين قال الله:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ».

3170/ [9]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثني الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا العباس بن عبد

الله العنبري، عن عبد الرحمن بن الأسود الكندي اليشكري، عن عون

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 170.

8- الاختصاص: 277.

9- الأمالي 1: 58. [.....]

(1) هما: أسد بن عبيد، و ثعلبة بن سعية. انظر سيرة ابن هشام 2: 206. و في «س» و «ط»: و أسد بن ثعلبة.

(2) المائدة 5: 56.

(3) أثبتناه من المصدر، و كذا في معجم رجال الحديث 14: 48.

(4) النّساء 4: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 319

ابن عبيد الله، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما و هو نائم، و حية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبي (صلى الله عليه و آله)، و ظننت أنه يوحى إليه، فاضطجعت بينه و بين الحية، فقلت: إن كان منها سوء كان إلي دونه. فمكثت هنيئة، فاستيقظ النبي (صلى الله عليه و آله) و هو يقول «1»: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا حتى أتى على آخر الآية. ثم قال: «الحمد لله الذي أتم لعلي نعمته، و هنيئا له بفضل الله الذي آتاه». ثم قال لي: «ما لك ها هنا؟» فأخبرته بخبر الحية، فقال لي: «اقتلها» ففعلت. ثم قال: «يا أبا رافع، كيف أنت و قوم يقاتلون عليا و هو على الحق و هم على الباطل، جهادهم حق لله عز اسمه، فمن لم يستطع فبقلبه، ليس ورائه شي ء». فقلت: يا رسول الله، أدع الله لي إن أدركتهم أن يقويني على قتالهم. قال: فدعا النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: «إن لكل نبي أمينا، و إن أميني أبو رافع».

قال: فلما بايع الناس عليا بعد عثمان، و سار طلحة و الزبير، ذكرت قول النبي (صلى

الله عليه و آله)، فبعت داري بالمدينة، و أرضا لي بخيبر، و خرجت بنفسي و ولدي مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، لأستشهد بين يديه، فلم أزل معه حتى عاد من البصرة، و خرجت معه إلى صفين، فقاتلت بين يديه بها، و بالنهروان أيضا، و لم أزل معه حتى استشهد (عليه السلام)، فرجعت إلى المدينة و ليس لي بها دار، و لا أرض، فأعطاني الحسن بن علي (عليهما السلام) أرضا بينبع، و قسم لي شطر دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنزلتها و عيالي.

3171/ [10]- أبو علي الطبرسي، قال: حدثنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني القايني، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني «2» (رحمه الله)، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم الفقيه الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الشعراني، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين الباشاني»

، قال: حدثنا المظفر ابن الحسين الأنصاري، قال: حدثنا السندي بن علي الوراق، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس ابن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، قال: بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم، يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إذ أقبل رجل متعمم بعمامة، فجعل ابن عباس لا يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إلا قال الرجل: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال ابن عباس: سألتك بالله، من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه، و قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي: أن جندب بن جنادة البدري، أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهاتين و إلا صمتا،

و رأيته بهاتين و إلا عميتا يقول: «علي قائد البررة، و قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله». أما إني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في

__________________________________________________

10- مجمع البيان 3: 324، شواهد التنزيل 1: 177/ 235، فرائد السمطين 1: 191/ 151، الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 124.

(1) في المصدر: يقرأ.

(2) في «س» و «ط»: أبو إسحاق الحسكاني، و الصواب ما في المتن من المصدر و تذكرة الحفاظ 3: 1200، و سير أعلام النبلاء 18: 268.

(3) في المصدر: البياشاني، و في شواهد التنزيل: القاشاني، و هو أحمد بن محمّد بن علي بن رزين الباشاني الهروي، ثقة، توفّي سنة (321 ه).

و الباشاني: نسبة إلى باشان، و هي قرية من قرى هراة. راجع معجم البلدان 1: 322. سير أعلم النبلاء 14: 523.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 320

المسجد فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يده إلى السماء، و قال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله، فلم يعطني أحد شيئا. و كان علي (عليه السلام) راكعا فأومأ بخنصره اليمنى إليه، و كان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، و ذلك بعين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما فرغ النبي (صلى الله عليه و آله) من صلاته رفع رأسه إلى السماء و قال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي «1» فأنزلت عليه قرآنا ناطقا سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ

إِلَيْكُما «2» اللهم، و أنا محمد نبيك، و صفيك، اللهم فاشرح لي صدري، و يسر لي أمري، و اجعل لي وزيرا من أهلي، عليا، اشدد به ظهري».

قال أبو ذر: فو الله ما استتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) الكلمة حتى نزل عليه جبرئيل من عند الله فقال: يا محمد، اقرأ. قال: «و ما أقرأ؟» قال: اقرأ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية.

ثم قال الطبرسي: روى هذا الحديث «3» أبو إسحاق الثعلبي في (تفسيره) بهذا الإسناد بعينه.

3172/ [11]- و عنه، قال: و روى أبو بكر الرازي في كتاب (أحكام القرآن) على ما حكاه المغربي عنه، و الطبري، و الرماني أنها نزلت في علي (عليه السلام) حين تصدق بخاتمه و هو راكع. و هو قول مجاهد و السدي، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) و جميع علماء أهل البيت.

و قال: قال الكلبي: نزلت في عبد الله بن سلام و أصحابه لما أسلموا و قطعت اليهود موالاتهم، فنزلت الآية.

و في رواية عطاء: قال عبد الله بن سلام: يا رسول الله، أنا رأيت عليا تصدق بخاتمه و هو راكع، فنحن نتولاه.

3173/ [12]- و عنه، قال: و قد رواه لنا السيد أبو الحمد، عن أبي القاسم الحسكاني بالإسناد المتصل المرفوع إلى أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، إن منازلنا بعيدة، و ليس لنا مجلس، و لا متحدث دون هذا المجلس، و إن قومنا لما رأونا آمنا بالله و رسوله و صدقناه رفضونا، و آلوا على أنفسهم

بأن لا يجالسونا، و لا يناكحونا، و لا يكلمونا، فشق ذلك علينا؟

فقال لهم النبي (صلى الله عليه و آله): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ الآية.

ثم إن النبي (صلى الله عليه و آله) خرج إلى المسجد، و الناس بين قائم و راكع، فبصر بسائل، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «هل أعطاك أحد شيئا؟» فقال: نعم، خاتما من فضة. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «من أعطاكه؟» قال: «ذلك القائم. و أومأ بيده إلى علي (عليه السلام). فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «على أية حال أعطاك؟» قال: أعطاني و هو

__________________________________________________

11- مجمع البيان 3: 325، أحكام القرآن 4: 102.

12- مجمع البيان 3: 325، مناقب الخوارزمي: 186، شواهد التنزيل 1: 181/ 237، فرائد السمطين 1: 189/ 150.

(1) طه 20: 25- 32.

(2) القصص 28: 35.

(3) في المصدر: الخبر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 321

راكع. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم قرأ: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «1».

فأنشأ «2» حسان بن ثابت يقول في ذلك شعرا:

أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي و كل بطي ء في الهدى و مسارع أ يذهب مدحيك المحبر «3» ضائعا و ما المدح في جنب الإله بضائع فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا زكاة فدتك النفس يا خير راكع فأنزل فيك الله خير ولاية و ثبتها مثنى كتاب الشرائع 3174/ [13]- و قال الطبرسي: و في حديث إبراهيم بن الحكم بن ظهير، أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) مع رهط من قومه، يشكون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما لقوا من

قومهم، فبينما هم يشكون إذ نزلت هذه الآية، و أذن بلال، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المسجد، و إذا مسكين يسأل، فقال (صلى الله عليه و آله):

«ماذا أعطيت؟» قال: خاتما من فضة. فقال: «من أعطاكه؟» قال: ذلك القائم. فإذا هو علي (عليه السلام). قال: «على أي حال أعطاكه؟» قال: أعطاني و هو راكع. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ «4» الآية.

3175/ [14]- العياشي: عن الحسن بن زيد «5»، عن أبيه زيد بن الحسن، عن جده (عليه السلام)، قال: سمعت عمار ابن ياسر يقول: وقف لعلي بن أبي طالب سائل و هو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه، فأعطاه السائل، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأعلمه بذلك، فنزلت على النبي (صلى الله عليه و آله) هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ إلى آخر الآية، فقرأها رسول الله (صلى الله عليه و آله) علينا. ثم قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه».

3176/ [15]- عن ابن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أعرض عليك ديني الذي أدين الله به، قال:

«هاته».

قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمدا رسول الله، و أقر بما جاء به من عند الله. قال: ثم وصفت له الأئمة حتى انتهيت إلى أبي جعفر (عليه السلام)، قلت: و أقول فيك «6» ما أقول فيهم. فقال: «أنهاك أن تذهب باسمي في الناس».

__________________________________________________

13- مجمع البيان 3: 325، النور المشتعل: 67/ 7 «قطعة منه». [.....]

14- تفسير

العيّاشي 1: 327/ 137، شواهد التنزيل 1: 173/ 231، فرائد السمطين 1: 194/ 153، الدر المنثور 3: 105.

15- تفسير العيّاشي 1: 327/ 138.

(1) المائدة 5: 56.

(2) في «ط»: فأنشد.

(3) حبّر الشعر و الكلام: حسنّه و زيّنه. «أقرب الموارد 1: 155».

(4) المائدة 5: 56.

(5) في المصدر: عن خالد بن يزيد، عن المعمر بن المكّي، عن إسحاق بن عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن الحسين (عليه السّلام)، عن الحسن بن زيد.

(6) في المصدر: و اقرّ بك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 322

قال أبان: قال ابن أبي يعفور: قلت له مع الكلام الأول: و أزعم أنهم الذين قال الله في القرآن: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «1» فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الآية الاخرى فاقرأ».

قال: قلت له: جعلت فداك، أي آية؟

قال: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ، قال:

فقال: «رحمك الله». قال: قلت: تقول: رحمك الله على هذا الأمر؟ قال: فقال: «رحمك الله على هذا الأمر».

3177/ [16]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في بيته، و عنده نفر من اليهود- أو قال: خمسة من اليهود- فيهم عبد الله بن سلام، فنزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «2» فتركهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) في منزله، و خرج إلى المسجد، فإذا بسائل قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أصدق عليك أحد بشي ء؟ قال: نعم، هو ذاك المصلي. فإذا هو علي (عليه

السلام)».

3178/ [17]- عن المفضل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «أنه لما نزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا شق ذلك على النبي (صلى الله عليه و آله) و خشي أن تكذبه «3» قريش فأنزل الله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «4» الآية، فقام بذلك يوم غدير خم».

3179/ [18]- عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «إن الله أوحى إلي أن أحب أربعة: عليا، و أبا ذر، و سلمان، و المقداد».

فقلت: ألا فما كان من كثرة الناس، أما كان أحد يعرف هذا الأمر؟ فقال: «بلى، ثلاثة».

قلت: هذه الآيات التي أنزلت: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا و قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «5» أما كان أحد يسأل فيمن «6» نزلت؟ فقال: «من ثم أتاهم، لم يكونوا يسألون».

3180/ [19]- عن الفضيل «7»، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا.

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 328/ 139.

17- تفسير العيّاشي 1: 328/ 140.

18- تفسير العيّاشي 1: 328/ 141.

19- تفسير العيّاشي 1: 328/ 142.

(1) النّساء 4: 59.

(2) في «س» و «ط» زيادة: بهذا الفتى. [.....]

(3) في «ط»: يكذّبون.

(4) المائدة 5: 67.

(5) النّساء 4: 59.

(6) في المصدر: فيم.

(7) في المصدر: المفضّل، و كلاهما روى عن أبي جعفر (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 13: 321 و 18: 281.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 323

قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

3181/ [20]- الطبرسي في (الاحتجاج) قال: و ما أجاب به أبو الحسن علي بن محمد

العسكري (عليه السلام) في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر و التفويض أن قال: «اجتمعت الامة قاطبة، لا اختلاف بينهم في ذلك، أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون، و على تصديق ما أنزل الله مهتدون، لقول النبي (صلى الله عليه و آله): لا تجتمع امتي على ضلالة. فأخبر (عليه السلام) «1» أن ما اجتمعت عليه الامة، و لم يخالف بعضها بعضا، هو الحق، فهذا معنى الحديث، لا ما تأوله الجاهلون، و لا ما قاله المعاندون، من إبطال حكم الكتاب، و اتباع أحكام «2» الأحاديث المزورة، و الروايات المزخرفة، و اتباع الأهواء المردية المهلكة، التي تخالف نص الكتاب، و تحقيق الآيات الواضحات النيرات، و نحن نسأل الله أن يوفقنا للصواب، و يهدينا إلى الرشاد».

ثم قال (عليه السلام): «فإذا شهد الكتاب بتصديق «3» خبر و تحقيقه، فأنكرته طائفة من الامة و عارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة، فصارت بإنكارها و دفعها الكتاب كفارا ضلالا، و أصح خبر، ما عرف تحقيقه من الكتاب، مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث قال: إني مستخلف فيكم خليفتين: كتاب الله و عترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. و اللفظة الاخرى عنه، في هذا المعنى بعينه، قوله (صلى الله عليه و آله): إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله و عترتي أهل بيتي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ما إن «4» تمسكتم بهما لن تضلوا.

فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله، مثل قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه تصدق بخاتمه و هو راكع، فشكر الله ذلك له، و أنزل الآية فيه.

ثم وجدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه. و قوله (صلى الله عليه و آله): علي يقضي ديني، و ينجز موعدي، و هو خليفتي عليكم بعدي.

و قوله (صلى الله عليه و آله) حيث استخلفه على المدينة، فقال: يا رسول الله، أ تخلفني على النساء و الصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.

فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأΘȘǘј̠و تحقيق هذه الشواهد، فيلزم الامة الإقرار بها، إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن، و وافق القرآن هذه الأخبار، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله، و وجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار و عليها دليلا، كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا، لا يتعداه إلا أهل العناد و الفساد».

__________________________________________________

20- الاحتجاج: 450.

(1) في «ط»: فأخبرهم.

(2) في المصدر: حكم.

(3) في «س»: بصدق.

(4) في «س» و «ط»: أما إنّكم إن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 324

3182/ [21]- الطبرسي في (الاحتجاج) أيضا، في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) [في احتجاجه على زنديق : «فقال المنافقون لرسول الله (صلى الله عليه و آله): هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض علينا شي ء آخر يفترضه فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ «1» يعني الولاية.

و أنزل الله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ و ليس بين الامة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد و هو راكع، غير رجل واحد، و لو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط من ذكره، و هذا ما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب، ليجهل معناها المحرفون، فيبلغ إليك و إلى أمثالك، و عند ذلك قال الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «2»».

3183/ [22]- و من طريق المخالفين: ما رواه موفق بن أحمد في كتاب (المناقب)، قال: أخبرنا الإمام الأجل شمس الأئمة سراج الدين أبو الفرج محمد بن أحمد المكي (أدام الله سموه)، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو محمد إسماعيل «3» بن علي بن إسماعيل، قال: [حدثني السيد الأجل، الإمام المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن الموفق بالله، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن علي المؤدب، المعروف بالمكفوف، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن أبي هريرة، قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن الأسود، عن محمد بن مروان «4»، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: أقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، إن منازلنا بعيدة، و ليس لنا مجلس و لا متحدث دون هذا المجلس، و إن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله و رسوله، و صدقناه، رفضونا، و آلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا [و لا يؤاكلونا]،

و لا يناكحونا، و لا يكلمونا، و قد شق ذلك علينا؟ فقال لهم النبي (صلى الله عليه و آله): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ.

ثم إن النبي (صلى الله عليه و آله) خرج إلى المسجد، و الناس بين قائم و راكع، و بصر بسائل، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «هل أعطاك أحد شيئا؟» قال: نعم، خاتما من ذهب. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «من أعطاكه؟»

__________________________________________________

21- الاحتجاج: 255.

22- المناقب: 186.

(1) سبأ 34: 46.

(2) المائدة 5: 3. [.....]

(3) في «س» و «ط»: أبو محمّد بن إسماعيل، و الصواب ما في المتن، انظر ترجمته في تاريخ بغداد 6: 304، معجم الأدباء 7: 19، سير أعلام النبلاء 15: 522.

(4) في المصدر: مروان بن محمّد، و الصواب ما في المتن. و هو: محمّد بن مروان بن عبد اللّه بن إسماعيل السدّي الكوفي، و يعرف بصاحب محمّد بن السائب الكلبي. تجد ترجمته في الجرح و التعديل 8: 86، تهذيب التهذيب 9: 436، تقريب التهذيب 2: 206.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 325

قال: ذلك القائم. و أومأ بيده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «على أي حال أعطاك؟» قال: أعطاني و هو راكع. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله) ثم قرأ وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «1» فأنشأ حسان بن ثابت يقول:

أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي إلى آخر الأبيات، و لقد تقدمت «2».

3184/ [23]- و عنه، قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي

«3»، قال: أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة الزاهد إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرني والدي أبو بكر «4» أحمد بن الحسين البيهقي، حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد بن سلم «5» الرازي الأصبهاني، حدثنا يحيى بن الضريس «6»، حدثنا عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، قال:

[حدثني أبي، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب، قال:] «نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و دخل المسجد، و الناس يصلون ما بين راكع و ساجد، و إذا سائل، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله):

يا سائل، أعطاك أحد شيئا؟ قال: لا، إلا هذا الراكع، أعطاني خاتما». [و أشار إلى علي (عليه السلام)، فكبر النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال: «الحمد لله الذي أنزل الآيات البينات في أبي الحسن و الحسين»] «7».

3185/ [24]- قال الشيخ الفاضل محمد بن علي بن شهر آشوب في قوله تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية،

__________________________________________________

23- المناقب للخوارزمي: 187، شواهد التنزيل 1: 175/ 233، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر 2: 409/ 915، الدر المنثور 3: 105.

24- المناقب 3: 2، أسباب النزول: 113، روضة الواعظين: 92، العمدة: 119 عن الثعلبي، تفسير الرازي 12: 26.

(1) المائدة 5: 56.

(2) تقدم في الحديث (12) من تفسير هذه الآية.

(3) في «س» و «ط»: القاضي، و

الظاهر أن الصواب ما في المتن، لوروده بهذا الضبط كثيرا في نفس المصدر، انظر: 29 و 67 و 71 و 111 و غيرها.

(4) في «س» و «ط»: حدثنا والدي، حدثنا بكر، و فيه تصحيف و سقط، و الصواب ما في المتن. راجع في ترجمة الوالد و الولد: سير أعلام النبلاء 18: 163 و 19: 313.

(5) في «س» و «ط»: أبو عيسى عبد الله بن سلمة، و في المصدر: أبو يحيى عبد الله بن سلمة، و كلاهما تصحيف، و الصواب ما أثبتناه، كما في معرفة علوم الحديث: 102 و أخبار أصفهان 2: 112 و سير أعلام النبلاء 13: 530.

(6) في «س»: يحيى بن حريس، و في المصدر: يحيى بن حريش، و كلاهما تصحيف، و هو قاضي الري أبو زكريا يحيى بن الضريس بن يسار البجلي، توفي سنة (203). تجد ترجمته في الجرح و التعديل 9: 158، سير أعلام النبلاء 9: 499، تهذيب التهذيب 11: 232.

(7) في «ط»: و أومأ بيده إلى علي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 326

قال: اجتمعت الامة أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) لما تصدق بخاتمه و هو راكع، و لا خلاف بين المفسرين في ذلك. ذكره الثعلبي، و الماوردي، و القشيري، و القزويني، [و الرازي ، و النيسابوري، و الفلكي، و الطوسي، و الطبري «1»، و أبو مسلم الأصفهاني «2» في تفاسيرهم عن السدي، و مجاهد، و الحسن، و الأعمش، و عتبة بن أبي حكيم، و غالب بن عبد الله، و قيس بن الربيع، و عباية بن ربعي، و عبد الله بن عباس، و أبي ذر الغفاري. و ذكره ابن البيع في (معرفة اصول الحديث) عن عيسى بن عبد

الله بن عمر «3» بن علي بن أبي طالب، و الواحدي في (أسباب نزول القرآن) عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، و السمعاني في (فضائل الصحابة) عن حميد الطويل، عن أنس، و سليمان بن أحمد في (معجمه الأوسط) عن عمار، و أبو بكر البيهقي في (المصنف) «4». و محمد الفتال في (التنوير) و في (الروضة) عن عبد الله بن سلام، و إبراهيم الثقفي، عن محمد بن الحنفية، و عبيد الله بن أبي رافع، و عبد الله بن عباس، و أبي صالح، و الشعبي، و مجاهد، و عن زرارة بن أعين، عن محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في روايات مختلفة الألفاظ، متفقة المعاني «5»، و النطنزي في (الخصائص) عن ابن عباس. و (الإبانة) عن الفلكي «6»، عن جابر الأنصاري، و ناصح التميمي، و ابن عباس و الكلبي [و في (أسباب النزول) عن الواحدي : أن عبد الله بن سلام أقبل و معه نفر من قومه، و شكوا بعد المنزل عن المسجد و قالوا: إن قومنا لما رأونا مسلمين «7» رفضونا [و لا يكلمونا] و لا يجالسونا.

و تقدم الحديث «8»، و ذكر محمد بن علي بن شهر آشوب ذلك، و زاد عليه رواة تركنا ذكرهم مخافة الإطالة.

فائدة ..... ص : 326

3186/ [1]- روى عمار بن موسى الساباطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين (عليه السلام) وزن أربعة مثاقيل، حلقته من فضة، و فصه خمسة مثاقيل، و هو من ياقوتة حمراء، و ثمنه خراج الشام، و خراج الشام ثلاث مائة حمل من فضة، و أربعة أحمال من ذهب.

__________________________________________________

1- ... غاية المرام: 109.

(1) في «س» و «ط»: الطبرسي.

(2) (و أبو مسلم الأصفهاني)

ليس في المصدر. [.....]

(3) في «س»: عيسى بن عبد اللّه بن عبد اللّه، و الصواب ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 13: 197 و الحديث (23).

(4) في «س» و «ط»: النيف.

(5) (في روايات ... المعاني) جاءت هذه الجملة في المصدر بعد قوله (الكلبي) الآتي.

(6) في «س» و «ط»: و الفلكي في الإبانة، و الظاهر أنّ الصواب ما في المتن، و لعلّ الفلكي هو أبو الفضل عليّ بن الحسين بن أحمد المعروف بالفلكي، من معاصري ابن بطّة صاحب (الإبانة). انظر سير أعلام النبلاء 17: 502.

(7) في المصدر: أسلمنا.

(8) تقدّم في الحديث (22) من تفسير هذه الآية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 327

و كان الخاتم لمروان بن طوق، قتله أمير المؤمنين (عليه السلام) و أخذ الخاتم من إصبعه، و أتى به إلى النبي (صلى الله عليه و آله) من جملة الغنائم، و أمره النبي (صلى الله عليه و آله) أن يأخذ الخاتم، فأخذ الخاتم، فأقبل و هو في إصبعه، و تصدق به على السائل في أثناء ركوعه، في أثناء صلاته خلف النبي (صلى الله عليه و آله)».

3187/ [2]- و ذكر الغزالي في كتاب (سر العالمين): أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين (عليه السلام) كان خاتم سليمان بن داود.

3188/ [3]- و قال الشيخ الطوسي: إن التصدق بالخاتم كان ليوم الرابع و العشرين من ذي الحجة، و ذكر ذلك صاحب كتاب (مسار الشيعة) و ذكر أنه أيضا يوم المباهلة «1».

سورة المائدة(5): آية 56 ..... ص : 327

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ [56]

3189/ [4]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام) أنها نزلت في علي (عليه السلام).

3190/ [5]- و عنه، قال: و في (أسباب

النزول) عن الواحدي وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يعني يحب الله و رسوله وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني عليا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ يعني شيعة الله، و رسوله، و وليه هُمُ الْغالِبُونَ يعني هم الغالبون على جميع العباد، فبدأ في هذه الآية بنفسه، ثم بنبيه، ثم بوليه، و كذلك في الآية الثانية.

قلت: تقدمت أخبار في هذه الآية في أخبار الآية السابقة.

3191/ [6]- العياشي: عن صفوان الجمال، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما نزلت هذه الآية بالولاية، أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالدوحات- دوحات غدير خم- فقمت «2»، ثم نودي الصلاة جامعة. ثم قال: أيها الناس، أ لست أولى بكم من أنفسكم «3»؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، رب وال من والاه، و عاد من عاداه.

__________________________________________________

2- ... غاية المرام: 109.

3- مصباح المتهجّد: 703.

4- المناقب 3: 4.

5- المناقب 3: 4.

6- تفسير العيّاشي 1: 329/ 143.

(1) مسارّ الشيعة: 58.

(2) فقمّت: أي كنست. «لسان العرب- قمم- 12: 493».

(3) في المصدر: أولى بالمؤمنين من أنفسهم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 328

ثم أمر الناس ببيعته، و بايعه الناس و لا يجي ء «1» أحد إلا بايعه، و لا يتكلم، حتى جاء أبو بكر، فقال: يا أبا بكر، بايع عليا بالولاية. فقال: من الله، أو من رسوله؟ فقال: من الله و من رسوله. ثم جاء عمر، فقال: بايع عليا بالولاية. فقال: من الله أو من رسوله؟ فقال: من الله و من رسوله. ثم ثنى عطفيه، فالتقيا، فقال لأبي بكر: لشد ما يرفع بضبعي «2» ابن عمه.

ثم خرج هاربا من العسكر، فما لبث أن أتى «3» النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله،

إني خرجت من العسكر لحاجة، فرأيت رجلا عليه ثياب بيض لم أر أحسن منه، و الرجل من أحسن الناس وجها، و أطيبهم ريحا، فقال: لقد عقد رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي عقدا لا يحله إلا كافر. فقال: يا عمر، أ تدري من ذاك؟ قال: لا. قال: ذاك جبرئيل (عليه السلام)، فاحذر أن تكون أول من يحله، فتكفر».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لقد حضر الغدير اثنا عشر ألف رجل، يشهدون لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فما قدر على أخذ حقه، و إن أحدكم يكون له المال، و له شاهدان، فيأخذ حقه فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ في علي (عليه السلام)».

سورة المائدة(5): آية 60 ..... ص : 328

قوله تعالى:

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ [60]

3192/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أمر الله عباده أن [يسألوه طريق المنعم عليهم، و هم النبيون و الصديقون و الشهداء و الصالحون، و] يستعيذوا [به من طريق المغضوب عليهم، و هم اليهود الذين قال الله تعالى فيهم: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ».

سورة المائدة(5): آية 61 ..... ص : 328

قوله تعالى:

وَ إِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَ قَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَ هُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ [61]

__________________________________________________

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 50/ 23.

(1) في «س»: و لا بقي.

(2) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد.

(3) في المصدر: أن رجع إلى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 329

3193/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في عبد الله بن أبي لما أظهر الإسلام وَ قَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ. قال:

و قد خرجوا به من الإيمان.

سورة المائدة(5): آية 62 ..... ص : 329

قوله تعالى:

وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ [62] 3194/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: السحت هو بين الحلال و الحرام، و هو أن يؤاجر الرجل نفسه على حمل المسكر، و لحم الخنزير، و اتخاذ الملاهي، فإجارته نفسه حلال، و من جهة ما يحمل و يعمل سحت.

3195/ [3]- قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

«قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من السحت: ثمن الميتة، و ثمن الكلب، و مهر البغي، و الرشوة في الحكم، و أجر الكاهن».

و قد مر معنى السحت في باب تقدم «1».

سورة المائدة(5): آية 63 ..... ص : 329

قوله تعالى:

لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ [63]

3196/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي بصير، عن عمر «2» بن رياح، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت

__________________________________________________

1- التهذيب 1: 170.

2- تفسير القمّي 1: 170.

3- تفسير القمّي 1: 170.

4- الكافي 6: 57/ 1.

(1) تقدم (باب في معنى السحت) بعد تفسير الآيتين (41 و 42) من هذه السورة.

(2) في المصدر: عمرو، و الظاهر أنّه تصحيف كما أشار لذلك في معجم رجال الحديث 13: 35 و 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 330

له: بلغني أنك تقول: من طلق لغير السنة أنك لا ترى طلاقه شيئا؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما أقوله، بل الله عز و جل يقوله، أما و الله لو كنا نفتيكم بالجور، لكنا شرا منكم، لأن الله عز و جل يقول: لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ

أَكْلِهِمُ السُّحْتَ» الآية.

3197/ [2]- العياشي: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن عمر بن رياح زعم أنك قلت: «لا طلاق إلا ببينة؟».

قال: فقال: «ما أنا قلته، بل الله تبارك و تعالى يقول، إنا و الله لو كنا نفتيكم بالجور، لكنا أشر «1» منكم، إن الله يقول: لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ».

سورة المائدة(5): آية 64 ..... ص : 330

اشارة

قوله تعالى:

وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ [64]

3198/ [3]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن إسحاق بن عمار، عمن سمعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال في قول الله عز و جل: وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ: «لم يعنوا أنه هكذا، و لكنهم قد قالوا: قد فرغ من الأمر فلا يزيد و لا ينقص، فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ أو لم تسمع الله عز و جل يقول: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ «2»؟».

3199/ [4]- عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن المشرقي «3»، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ، فقلت له: يدان هكذا؟ و أشرت بيدي إلى يديه، فقال: «لا، لو كان هكذا لكان مخلوقا».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 330/ 144.

3- التوحيد: 167/ 1.

4- التوحيد: 168/ 2.

(1) في المصدر: أشد. [.....]

(2) الرعد 13: 39.

(3)

في المصدر زيادة: عن عبد اللّه بن قيس، و لعلّ ما في المتن هو الصواب، لرواية هشام المشرقي عن الرضا (عليه السّلام) دون واسطة، انظر معجم رجال الحديث 19: 265 و 23: 142 و الحديث (4).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 331

3200/ [3]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن ابن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، فقال: «كانوا يقولون: قد فرغ من الأمر».

3201/ [4]- العياشي: عن هشام المشرقي، عن أبي الحسن الخراساني (عليه السلام)، قال: «إن الله كما وصف نفسه، أحد صمد نور». ثم قال: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ، فقلت له: أفله يدان هكذا؟ و أشرت بيدي إلى يده، فقال:

«لو كان هكذا، كان مخلوقا».

3202/ [5]- عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ، قال: فقال لي: «كذا- و قال بيده إلى عنقه- و لكنه قال: قد فرغ من الأشياء». و في رواية اخرى عنه «1»: «قولهم: فرغ من الأمر».

3203/ [6]- عن حماد، عنه (عليه السلام) في قول الله عز و جل: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ: «يعنون أنه قد فرغ من الأمر مما هو كائن، لعنوا بما قالوا، قال الله عز و جل: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ».

3204/ [7]- علي بن

إبراهيم، قال: قالوا: قد فرغ الله من الأمر، لا يحدث غير ما قد قدره في التقدير الأول، فرد الله عليهم، فقال: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ أي يقدم و يؤخر، و يزيد و ينقص، و له البداء و المشيئة.

باب معنى اليد في كلمات العرب ..... ص : 331

3205/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق «2» (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا بكر، عن أبي عبد الله البرقي، عن عبد الله بن بحر «3»، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا

__________________________________________________

3- الأمالي 2: 275.

4- تفسير العيّاشي 1: 330/ 145.

5- تفسير العيّاشي 1: 330/ 146.

6- تفسير العيّاشي 1: 330/ 147.

7- تفسير القمّي 1: 171.

1- معاني الأخبار: 15/ 8، التوحيد: 153/ 1.

(1) في «ط» و المصدر: عند.

(2) في «س» و «ط»: عليّ بن محمّد بن أحمد بن عمران الدقّاق، تصحيف صحيحه ما أثبتناه. راجع معجم رجال الحديث 11: 254.

(3) في معاني الأخبار: يحيى، انظر معجم رجال الحديث 10: 117 و 376، التوحيد 103: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 332

جعفر (عليه السلام) «1» فقلت: قوله عز و جل: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ؟ «2» فقال: «اليد في كلام العرب القوة و النعمة. قال: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ «3» و قال: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ أي بقوة وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ «4» و قال: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «5» أي قواهم. و يقال: لفلان عندي يد بيضاء، أي نعمة».

قوله تعالى:

كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ [64] 3206/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كلما أراد

جبار من الجبابرة هلاك آل محمد (عليهم السلام) قصمه الله.

3207/ [2]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ:

«كلما أراد جبار من الجبابرة هلكة آل محمد (عليهم السلام) قصمه الله».

سورة المائدة(5): الآيات 65 الي 66 ..... ص : 332

قوله تعالى:

وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [66]

3208/ [3]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ، قال: «الولاية».

3209/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ،

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 171.

2- تفسير العياشي 1: 330/ 148.

3- تفسير العياشي 1: 330/ 149. [.....]

4- الكافي 1: 342/ 6.

(1) في «س» و «ط»: سألت جعفرا.

(2) سورة ص 38: 75.

(3) سورة ص 38: 17.

(4) الذاريات 51: 47.

(5) المجادلة 58: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 333

قال: «الولاية».

3210/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ، قال: «الولاية».

3211/ [4]- علي بن إبراهيم، قوله: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ، قال:

يعني اليهود و النصارى. لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، قال:

من فوقهم: المطر، و من تحت أرجلهم:

النبات.

قوله تعالى:

مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ [66]

3212/ [1]- العياشي: عن أبي الصهباء البكري، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) و دعا رأس الجالوت، و أسقف النصارى، فقال: «إني سائلكما عن أمر، و أنا أعلم به منكما، فلا تكتماني «1»». ثم دعا اسقف النصارى، فقال: «أنشدك بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، و جعل على رجله البركة، و كان يبرئ الأكمه و الأبرص و أزال ألم العين، و أحيا الميت، و صنع لكم من الطين طيورا، و أنبأكم بما تأكلون و ما تدخرون» فقال: دون هذا أصدق.

فقال علي (عليه السلام): «بكم افترقت بنو إسرائيل بعد عيسى؟» فقال: لا و الله إلا فرقة واحدة.

فقال علي (عليه السلام): «كذبت و الله الذي لا إله إلا هو، لقد افترقت أمة عيسى على اثنين و سبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة، إن الله يقول: مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ فهذه التي تنجو».

3213/ [2]- عن زيد بن أسلم، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «تفرقت أمة موسى على إحدى و سبعين فرقة «2»، سبعون منها في النار، و واحدة في الجنة. و تفرقت أمة عيسى على اثنين و سبعين فرقة، إحدى و سبعين في النار، و واحدة في الجنة، و تعلو امتي على الفرقتين جميعا بملة واحدة في الجنة، و اثنتان

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 96/ 2.

4- تفسير القمّي 1: 171.

1- تفسير العيّاشي 1: 330/ 15.

2- تفسير العيّاشي 1: 331/ 151.

(1) في «ط»: فلا تكتما.

(2) في المصدر: ملّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 334

و سبعون في النار».

قالوا:

من هم، يا رسول الله؟ قال: «الجماعات، الجماعات».

قال يعقوب بن زيد: كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) إذا حدث بهذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله):

تلا فيه قرآنا: وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ «1» إلى قوله: ساءَ ما يَعْمَلُونَ.

و تلا أيضا: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ «2» يعني امة محمد (صلى الله عليه و آله).

سورة المائدة(5): آية 67 ..... ص : 334

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ [67]

3214/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و محمد بن الحسين، جميعا، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «فرض الله عز و جل على العباد خمسا، أخذوا أربعا و تركوا واحدة».

قلت: أ تسميهن لي، جعلت فداك؟ فقال: «الصلاة، و كان الناس لا يدرون كيف يصلون «3»، فنزل جبرئيل (عليه السلام) و قال: يا محمد، أخبرهم بمواقيت صلاتهم. ثم نزلت الزكاة، فقال: يا محمد، أخبرهم من زكاتهم، مثل ما أخبرتهم من صلاتهم. ثم نزل الصوم فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا كان يوم عاشوراء بعث إلى من «4» حوله من القرى، فصاموا ذلك اليوم، فنزل [صوم شهر رمضان بين شعبان و شوال. ثم نزل الحج، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: أخبرهم من حجهم مثل ما أخبرتهم من صلاتهم و زكاتهم و صومهم. ثم نزلت الولاية، و إنما أتاه ذلك في

يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي «5» و كان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقال عند ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن امتي حديثو عهد بالجاهلية، و متى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل و يقول قائل، فقلت في نفسي، من غير أن ينطق به لساني،

__________________________________________________

1- الكافي 1: 229/ 6.

(1) المائدة 5: 65. [.....]

(2) الأعراف 7: 181.

(3) في «س» و «ط»: يعملون.

(4) في «س»: ما.

(5) المائدة 5: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 335

فأتتني عزيمة من الله عز و جل بتلة «1» أوعدني إن لم أبلغ، أن يعذبني فنزلت يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فقال: يا أيها الناس، إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي، إلا و قد عمره الله تعالى ثم دعاه فأجابه، فأوشك أن أدعى فأجيب، و أنا مسئول و أنتم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟

فقالوا: نشهد أنك قد بلغت و نصحت و أديت ما عليك، فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين. فقال: اللهم اشهد. ثلاث مرات. ثم قال: يا معشر المسلمين، هذا وليكم من بعدي، فليبلغ الشاهد منكم الغائب».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان- و الله «2»- أمين الله على خلقه غيبه و علمه و دينه «3» الذي ارتضاه لنفسه. ثم إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حضره الذي حضره، فدعا عليا، فقال: يا علي إني أريد أن أئتمنك

على ما ائتمنني الله عليه من غيبه و علمه، و من خلقه، و من دينه الذي ارتضاه لنفسه. فلم يشرك- و الله فيها يا زياد- أحدا من الخلق. ثم إن عليا (عليه السلام) حضره الذي حضره، فدعا ولده، و كانوا اثني عشرة ذكرا، فقال لهم: يا بني، إن الله عز و جل قد أبى إلا أن يجعل في سنة من يعقوب، و إن يعقوب دعا ولده، و كانوا اثني عشر ذكرا، فأخبرهم بصاحبهم، ألا و إني أخبركم بصاحبكم، ألا إن هذين ابنا رسول الله (صلى الله عليه و آله)- الحسن و الحسين (عليهما السلام)- فاسمعوا لهما، و أطيعوا، و وازروهما، فإني قد ائتمنتهما على ما ائتمنني عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، مما ائتمنه الله عليه، من خلقه، و من غيبه، و من دينه الذي ارتضاه لنفسه. فأوجب الله لهما من علي (عليه السلام) ما أوجب لعلي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلم يكن لأحد منهما فضل على صاحبه، إلا بكبره. و إن الحسين كان إذا حضر الحسن (عليه السلام) لم ينطق في ذلك المسجد حتى يقوم، ثم إن الحسن (عليه السلام) حضره الذي حضره، فسلم ذلك إلى الحسين، ثم إن حسينا (عليه السلام) حضره الذي حضره، فدعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) فدفع إليها كتابا ملفوفا، و وصية ظاهرة، و كان علي بن الحسين (عليه السلام) مبطونا لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين (عليه السلام) ثم صار و الله ذلك الكتاب إلينا».

3215/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد

الله البرقي، قال: حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد البرقي «4»، قال: حدثنا سهل بن المرزبان الفارسي، قال: حدثنا محمد بن منصور، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن الفيض بن المختار، عن أبيه، عن أبي __________________________________________________

2- الأمالي: 399/ 13.

(1) أي جازمة مقطوع بها.

(2) زاد في المصدر: علي (عليه السّلام).

(3) في المصدر: و غيبه و دينه، و في «ط»: و عيبة علمه و دينه.

(4) في «س» و «ط»: حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد اللّه البرقي، عن أبيه محمّد بن خالد البرقي، و الصواب ما في المتن، و هو من مشايخ الصدوق، روى عن أبيه، عن جدّه- أي جدّ أبيه- أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه محمّد بن خالد البرقي. راجع معجم الرجال 7: 288، و معجم رجال الحديث 2: 34 و 11: 252.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 336

جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم و هو راكب، و خرج علي (عليه السلام) و هو يمشي، فقال: يا أبا الحسن، إما أن تركب، و إما أن تنصرف، فإن الله عز و جل أمرني أن تركب إذا ركبت، و تمشي إذا مشيت، و تجلس إذا جلست، إلا أن يكون حد من حدود الله لا بد لك من القيام [و القعود فيه ، و ما أكرمني الله بكرامة إلا و قد أكرمك بمثلها، و خصني الله بالنبوة و الرسالة، و جعلك وليي في ذلك، تقوم في حدوده، و في أصعب «1» أموره.

و الذي بعث محمدا بالحق نبيا، ما آمن بي

من أنكرك، و لا أقر بي من جحدك، و لا آمن بالله «2» من كفر بك، و إن فضلك لمن فضلي، و إن فضلي «3» لفضل الله، و هو قول الله عز و جل: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ «4» يعني فضل الله: نبوة نبيكم، و رحمته: ولاية علي بن أبي طالب فَبِذلِكَ قال: بالنبوة و الولاية فَلْيَفْرَحُوا يعني الشيعة هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ يعني مخالفيهم من الأهل و المال و الولد في دار الدنيا.

و الله- يا علي- ما خلقت إلا ليعبد «5» ربك، و ليعرف بك معالم الدين، و يصلح بك دارس السبيل، و لقد ضل من ضل عنك، و لن يهتدي إلى الله عز و جل من لم يهتد إليك و إلى ولايتك، و هو قول ربي عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «6» يعني إلى ولايتك.

و لقد أمرني ربي تبارك و تعالى أن أفترض من حقك ما أفترضه من حقي، و إن حقك لمفروض على من آمن بي «7»، و لولاك لم يعرف حزب الله، و بك يعرف عدو الله، و من لم يلقه بولايتك لم يلقه بشي ء، و لقد أنزل الله عز و جل إلي: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يعني في ولايتك يا علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ و لو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، و من لقي الله عز و جل بغير ولايتك فقد حبط عمله، وعد ينجز لي. و ما أقول إلا قول ربي تبارك و تعالى، و إن الذي أقول لمن

الله عز و جل، أنزله فيك».

3216/ [3]- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ، قال: «هي الولاية».

__________________________________________________

3- مختصر بصائر الدرجات: 64.

(1) في المصدر: صعب.

(2) في «س» و «ط»: و لا آمن بي.

(3) زاد في المصدر: لك.

(4) يونس 10: 58. [.....]

(5) في «ط»: لتعبد.

(6) طه 20: 82.

(7) (بي) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 337

3217/ [4]- العياشي: عن أبي صالح، عن ابن عباس، و جابر بن عبد الله، قالا: أمر الله تعالى نبيه محمدا (صلى الله عليه و آله) أن ينصب عليا (عليه السلام) علما للناس ليخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقولوا حابى «1» ابن عمه، و أن يطعنوا «2» في ذلك عليه، فأوحى الله إليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) بولايته يوم غدير خم».

3218/ [5]- عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إلى آخر الآية، قال: فمكث النبي (صلى الله عليه و آله) ثلاثا حتى أتى الجحفة، فلم يأخذ بيده فرقا من الناس.

فلما

نزل الجحفة يوم الغدير في مكان يقال له مهيعة «3» نادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): من أولى بكم من أنفسكم؟ قال: فجهروا، فقالوا: الله و رسوله. ثم قال لهم الثانية، فقالوا: الله و رسوله. ثم قال لهم الثالثة، فقالوا: الله و رسوله. فأخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، فإنه مني و أنا منه، و هو مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي».

3219/ [6]- عن عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) ابتداء منه: «العجب- يا أبا حفص- لما لقي علي ابن أبي طالب (عليه السلام) أنه كان له عشرة آلاف شاهد، لم يقدر على أخذ حقه، و الرجل يأخذ حقه بشاهدين إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خرج من المدينة حاجا، و تبعه «4» خمسة آلاف، و رجع من مكة، و قد شيعه خمسة آلاف من أهل مكة، فلما انتهى إلى الجحفة نزل جبرئيل بولاية علي (عليه السلام)، و قد كانت نزلت ولايته بمنى، و امتنع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من القيام بها لمكان الناس، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ مما كرهت بمنى، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقمت السمرات، فقال رجل من الناس: أما و الله، ليأتينكم بداهية» فقلت لعمر «5»: من الرجل؟ فقال: الحبشي.

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 331/ 152، شواهد التنزيل 1: 192/ 249.

5-

تفسير العيّاشي 1: 332/ 153.

6- تفسير العيّاشي 1: 332/ 154.

(1) في المصدر: حامى.

(2) في المصدر: تطغوا، و في «ط» نسخة بدل: يطغوا.

(3) مهيعة: هو الاسم القديم للجحفة، فلمّا جاءها السيل فاجتحفها سمّيت الجحفة، و هي تبعد عن غدير خمّ ثلاثة أميال. انظر «معجم ما استعجم 2: 368».

(4) في المصدر: و معه.

(5) أي عمر بن يزيد راوي الحديث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 338

3220/ [7]- عن زياد بن المنذر، أبي ال̘ǘљȘϘ̠صاحب الزيدية «1»، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) بالأبطح، و هو يحدث الناس، فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له: عثمان الأعشى، كان يروي عن الحسن البصري، فقال: يا بن رسول الله، جعلت فداك، إن الحسن البصري يحدثنا حديثا يزعم أن هذه الآية نزلت في رجل، و لا يخبرنا من الرجل، يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ تفسيرها: أ تخشى الناس و الله يعصمك من الناس؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما له لا قضى الله دينه- يعني صلاته- أما أن لو شاء أن يخبر به أخبر به، إن جبرئيل (عليه السلام) هبط على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: إن ربك تبارك و تعالى، يأمرك أن تدل أمتك على صلاتهم. فدله على الصلاة، و احتج بها عليه، فدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمته عليها، و احتج بها عليهم. ثم أتاه فقال: إن الله تبارك و تعالى يأمرك أن تدل أمتك في زكاتهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم، فدله على الزكاة، و احتج بها عليه فدل رسول الله (صلى الله عليه و آله)

أمته على الزكاة، و احتج بها عليهم. ثم أتاه فقال: إن الله تبارك و تعالى يأمرك أن تدل أمتك في صيامهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم و زكاتهم، شهر رمضان بين شعبان و شوال، يؤتى فيه كذا، و يجتنب فيه كذا. فدله على الصيام، و احتج به عليه، فدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمته على الصيام و احتج به عليهم. ثم أتاه فقال: إن الله تبارك و تعالى يأمرك أن تدل أمتك في حجهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم و زكاتهم و صيامهم. فدله على الحج، و احتج به عليه، فدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمته على الحج، و احتج به عليهم. ثم أتاه فقال: إن الله تبارك و تعالى يأمرك أن تدل أمتك من وليهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم و زكاتهم و صيامهم و حجهم».

قال: «فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): رب، امتي حديثو عهد بجاهلية. فأنزل الله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ تفسيرها: أ تخشى الناس، فالله يعصمك من الناس. فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، و أحب من أحبه، و أبغض من أبغضه».

3221/ [8]- عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما أنزل الله على نبيه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ

اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فقال: يا أيها الناس، إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي، إلا و قد عمر، ثم دعاه [الله فأجابه، و أوشك أن ادعى فأجيب، و أنا مسئول و أنتم مسئولون، فما أنتم قائلون؟

قالوا: نشهد أنك قد بلغت، و نصحت، و أديت ما عليك، فجزاك الله أفضل ما جزى المرسلين.

فقال: اللهم اشهد. ثم قال: يا معشر المسلمين، ليبلغ الشاهد الغائب، أوصي من آمن بي و صدقني بولاية

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 333/ 154، شواهد التنزيل 1: 191/ 248.

8- تفسير العيّاشي 1: 334/ 155.

(1) في المصدر: أبي الجارود صاحب الدمدمة الجارودية، لعلها تصحيف: الزيدية الجارودية. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 339

علي، ألا إن ولاية علي ولايتي [و ولايتي ولاية ربي ، عهدا عهده إلي ربي، و أمرني أن أبلغكموه. ثم قال: هل سمعتم؟ ثلاث مرات يقولها، فقال قائل: قد سمعنا، يا رسول الله».

3222/ [9]- ابن شهر آشوب، عن تفسير الثعلبي، قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي. هكذا أنزلت، فلما نزلت هذه الآية أخذ النبي (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه».

3223/ [10]- و عنه، بإسناده عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في هذه الآية قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أمر الله النبي (صلى الله عليه و آله) أن يبلغ فيه، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فقال:

«من كنت مولاه فعلي مولاه،

اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه».

3224/ [11]- ثم قال: تفسير ابن جريج، و عطاء، و الثوري، و الثعلبي، أنها نزلت في فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام).

3225/ [12]- إبراهيم الثقفي، بإسناده عن الخدري، و بريدة الأسلمي، و محمد بن علي، «أنها نزلت يوم الغدير في علي (عليه السلام)».

3226/ [13]- و من (تفسير الثعلبي) في معنى الآية، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) محمد بن علي «1»: «معناه بلغ ما انزل إليك من ربك في فضل علي (عليه السلام)».

و قد تقدمت روايات في ذلك في قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ «2» الآية، و في قوله تعالى:

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «3»

و الروايات في معنى الآية في ذلك لا تحصى من طرق الخاصة و العامة.

3227/ [14]- علي بن عيسى في (كشف الغمة): عن زر «4» بن عبد الله، قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ أن عليا مولى المؤمنين وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.

__________________________________________________

9- لم يرد هذا الحديث في المناقب، و رواه عن الثعلبي ابن البطريق في العمدة: 99/ 132 و خصائص الوحي المبين: 54/ 22.

10- المناقب 3: 21، و العمدة: 100/ 134 عن الثعلبي.

11- المناقب 3: 21، النور المشتعل: 86/ 16، شواهد التنزيل 1: 188/ 244، خصائص الوحي المبين: 53/ 21، الفصول المهمّة لابن صباغ: 42.

12- المناقب 3: 21.

13- المناقب 3: 21، العمدة 99/ 132 عن الثعلبي.

14- كشف الغمة 1: 319.

(1) في المصدر: قال: جعفر بن محمّد.

(2) تقدّم في

تفسير الآية (3) من سورة المائدة.

(3) تقدّم في تفسير الآية (55) من سورة المائدة.

(4) في «س» و «ط»: رزين، تصحيف، راجع اسد الغابة 2: 200، الإصابة 1: 549.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 340

سورة المائدة(5): آية 68 ..... ص : 340

قوله تعالى:

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْ ءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ- إلى قوله تعالى- الْكافِرِينَ [68]

3228/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى و أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن حجر بن زائدة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْ ءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَ كُفْراً، قال: «هي ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

3229/ [2]- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن «1» عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْ ءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ، قال: «هي ولايتنا».

3230/ [3]- العياشي: عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْ ءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَ كُفْراً، قال: «هو ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

سورة المائدة(5): آية 71 ..... ص : 340

قوله تعالى:

وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ [71]

3231/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد،

__________________________________________________

1-

بصائر الدرجات: 94/ 8.

2- مختصر بصائر الدرجات: 64.

3- تفسير العيّاشي 1: 334/ 156.

4- الكافي 8: 199/ 239. [.....]

(1) في «س» و «ط»: عن. راجع معجم رجال الحديث 11: 276.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 341

عن محمد بن الحصين «1»، عن خالد بن يزيد القمي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ.

قال: «حيث كان النبي (صلى الله عليه و آله) بين أظهرهم، فعموا و صموا حيث قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم تاب الله عليهم، حيث قام أمير المؤمنين (عليه السلام)- قال- ثم عموا و صموا إلى الساعة».

3232/ [2]- العياشي: عن خالد بن يزيد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله:

وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ، قال: «حيث كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين أظهرهم، ثم عموا و صموا حيث قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم تاب الله عليهم حيث قام أمير المؤمنين (عليه السلام)- قال- ثم عموا و صموا إلى الساعة»

سورة المائدة(5): آية 72 ..... ص : 341

قوله تعالى:

إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ [72]

3233/ [3]- العياشي: عن زرارة، قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) مع بعض أصحابنا فيما يروي الناس عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه من أشرك بالله فقد وجبت له النار، و من لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنة.

قال: «أما من أشرك بالله فهذا الشرك البين، و هو قول الله: مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ. و أما قوله: من لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنة». قال أبو عبد الله (عليه

السلام): «ها هنا النظر، هو من لم يعص الله».

سورة المائدة(5): آية 75 ..... ص : 341

قوله تعالى:

مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ [75]

3234/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أحمد بن علي الأنصاري، عن حسن بن الجهم، عن علي بن موسى الرضا، قال: «حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه، محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 334/ 157.

3- تفسير العيّاشي 1: 335/ 158.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 201/ 1.

(1) في «س» و «ط»: الحسين، راجع معجم رجال الحديث 16: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 342

بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال الله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ و معناه أنهما كانا يتغوطان».

3235/ [2]- العياشي: عن أحمد بن خالد، عن أبيه، رفعه في قول الله: وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ.

قال: «كانا يتغوطان».

سورة المائدة(5): آية 77 ..... ص : 342

قوله تعالى:

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ- إلى قوله تعالى- السَّبِيلِ [77] 3236/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ أي لا تقولوا: إن عيسى هو الله و ابن الله.

3237/ [4]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أمر الله عباده أن يستعيذوا من طريق الضالين، و هم الذين قال الله فيهم: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا

كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ و هم النصارى، و قال الرضا (عليه السلام) كذلك، ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كل من كفر بالله فهو مغضوب عليه و ضال عن سبيل الله».

سورة المائدة(5): الآيات 78 الي 81 ..... ص : 342

قوله تعالى:

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ [78- 81]

3238/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، قال: حدثني هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان، و يعملون لهم و يحبونهم «1»

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 335/ 159.

3- تفسير القمّي 1: 176.

4- تفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 50/ 23.

5- تفسير القمّي 1: 176.

(1) في «ط»: و يجبون لهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 343

و يوالونهم؟

قال: «ليس هم من الشيعة، و لكنهم من أولئك» ثم قرأ أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إلى قوله: وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ. قال: «الخنازير على لسان داود، و القردة على لسان عيسى (عليه السلام)».

3239/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، قال: «الخنازير على لسان داود، و القردة على لسان عيسى بن مريم (عليهما السلام)».

3240/ [3]- العياشي: عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ

بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، قال: «الخنازير على لسان داود، و القردة على لسان عيسى بن مريم (عليهما السلام)».

3241/ [4]- الطبرسي: في معنى الآية، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «أما داود فإنه لعن أهل أيلة «1» لما اعتدوا في سبتهم، و كان اعتداؤهم في زمانه، فقال: اللهم ألبسهم اللعنة مثل الرداء، و مثل المنطقة على الخصرين «2». فمسخهم الله قردة. و أما عيسى (عليه السلام) فإنه لعن الذين نزلت عليهم المائدة، ثم كفروا بعد ذلك».

3242/ [5]- و عنه: في قوله تعالى: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يتولون الملوك الجبارين، و يزينون لهم أهواءهم، ليصيبوا من دنياهم».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث قرية أيلة، مسندا عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ من سورة (المص) و أن القردة من اعتدوا في السبت «3».

3243/ [6]- العياشي: عن محمد بن الهيثم التميمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ، قال: «أما إنهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم، و لا يجلسون مجالسهم، و لكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم و أنسوا بهم».

__________________________________________________

2- الكافي 8: 200/ 240.

3- تفسير العيّاشي 1: 335/ 160.

4- مجمع البيان 4: 357.

5- مجمع البيان 4: 358. [.....]

6- تفسير العيّاشي 1: 335/ 161.

(1) أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم ممّا يلي الشام. مراصد الاطلاع 1: 138.

(2) في المصدر: الحقوين، الحقو: الخصر، و مشدّ الإزار من الجنب. «لسان العرب- حقا- 14: 189».

(3) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (163- 166) من

سورة الأعراف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 344

3244/ [7]- علي بن إبراهيم: في معنى قوله تعالى: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ، قال: كانوا يأكلون لحم الخنزير، و يشربون الخمور، و يأتون النساء أيام حيضهن، ثم احتج الله على المؤمنين الموالين للكفار تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ إلى قوله:

وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ فنهى الله عز و جل أن يوالي المؤمن الكافر إلا عند التقية.

سورة المائدة(5): الآيات 82 الي 85 ..... ص : 344

قوله تعالى:

لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ وَ إِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ- إلى قوله تعالى- وَ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ [82- 85]

3245/ [1]- العياشي: عن مروان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ذكر النصارى و عداوتهم، فقال: قول الله: ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ، قال: «أولئك كانوا قوما بين عيسى و محمد (عليهما السلام)، ينتظرون مجي ء محمد (صلى الله عليه و آله)».

3246/ [2]- علي بن إبراهيم: إنه كان سبب نزولها أنه لما اشتدت قريش في أذى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصحابه الذين آمنوا به بمكة قبل الهجرة، أمرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يخرجوا إلى الحبشة، و أمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم، فخرج جعفر، و معه سبعون رجلا من المسلمين، حتى ركبوا البحر.

فلما بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص، و عمارة بن الوليد إلى النجاشي ليردهم

«1» إليهم، و كان عمرو و عمارة متعاديين، فقالت قريش: كيف نبعث رجلين متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة و برئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص، فخرج عمارة، و كان حسن الوجه، شابا مترفا، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه، فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر، فقال عمارة لعمرو بن العاص: قل لأهلك تقبلني. فقال عمرو: أ يجوز هذا، سبحان الله؟! فسكت عمارة، فلما انتشى «2» عمرو، و كان على صدر السفينة، دفعه عمارة، و ألقاه في البحر، فتشبث

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 176.

1- تفسير العيّاشي 1: 335/ 162.

2- تفسير القمّي 1: 176.

(1) في المصدر: ليردّوهم.

(2) الانتشاء: أوّل السّكر و مقدّماته، و قيل: هو السّكر نفسه. «لسان العرب- نشا- 15: 325».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 345

عمرو بصدر السفينة، و أدركوه، فأخرجوه، فوردوا على النجاشي، و قد كانوا حملوا إليه هدايا، فقبلها منهم، فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، إن قوما منا خالفونا في ديننا، و سبوا آلهتنا، و صاروا إليك، فردهم إلينا.

فبعث النجاشي إلى جعفر، فجاءه «1»، فقال: يا جعفر ما يقول هؤلاء؟ فقال جعفر (رضي الله عنه): أيها الملك، و ما يقولون؟ قال: يسألون أن أردكم إليهم. قال: أيها الملك، سلهم: أ عبيد نحن لهم؟ فقال عمرو: لا، بل أحرار كرام. قال:

فسلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها «2»؟ قال: لا، ما لنا عليكم ديون. قال: فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها «3»؟ قال عمرو: لا. قال: فما تريدون منا؟ آذيتمونا، فخرجنا من بلادكم.

فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، خالفونا في ديننا، و سبوا آلهتنا، و أفسدوا شبابنا، و فرقوا جماعتنا، فردهم إلينا لنجمع أمرنا.

فقال جعفر: نعم أيها الملك، خلقنا الله، ثم «4»

بعث الله فينا نبيا أمرنا بخلع الأنداد، و ترك الاستقسام بالأزلام، و أمرنا بالصلاة و الزكاة، و حرم الظلم، و الجور، و سفك الدماء بغير حقها، و الزنا، و الربا، و الميتة، و الدم، و لحم الخنزير «5»، و أمرنا بالعدل، و الإحسان، و إيتاء ذي القربى، و نهى عن الفحشاء، و المنكر، و البغي.

فقال النجاشي: بهذا بعث الله عيسى بن مريم (عليه السلام). ثم قال النجاشي: يا جعفر، هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا؟ قال: نعم. فقرأ عليه سورة مريم، فلما بلغ إلى قوله: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً «6» و لما سمع النجاشي بهذا بكى بكاء شديدا، و قال: هذا و الله هو الحق.

فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، إنه مخالف لنا، فرده إلينا، فرفع النجاشي يده، فضرب بها وجه عمرو، ثم قال: اسكت، و الله لئن ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك. فقام عمرو بن العاص من عنده، و الدماء تسيل على وجهه، و هو يقول: إن كان هذا كما تقول أيها الملك، فإنا لا نتعرض له.

و كانت على رأس النجاشي وصيفة له تذب عنه، فنظرت إلى عمارة بن الوليد، و كان فتى جميلا، فأحبته، فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة: لو راسلت جارية الملك. فراسلها، فأجابته، فقال له عمرو: قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئا. فقال لها، فبعثت إليه، فأخذ عمرو من ذلك الطيب، و كان الذي فعل به عمارة في قلبه، حين ألقاه في البحر، فأدخل الطيب على النجاشي، فقال: أيها الملك، إن حرمة الملك عندنا، و طاعته علينا عظيمة، و يلزمنا إذا دخلنا بلاده،

و نأمن فيها أن لا نغشه و لا نريبه، و إن صاحبي هذا الذي معي قد راسل «7» إلى حرمتك، و خدعها، و بعثت إليه من طيبك. ثم وضع الطيب بين يديه، فغضب النجاشي، و هم بقتل عمارة، ثم قال:

__________________________________________________

(1) في المصدر: فجاؤا به.

(2) في «ط»: ديون يطلبون.

(3) في «س»: دم تطالبونا لهم.

(4) في المصدر: خالفناهم بأنّه.

(5) (و لحم الخنزير) ليس في المصدر. [.....]

(6) مريم 19: 25، 26.

(7) في المصدر: أرسل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 346

لا يجوز قتله، فإنهم دخلوا بلادي بأماني «1».

فدعا النجاشي السحرة، فقال لهم: اعملوا به شيئا أشد عليه من القتل. فأخذوه و نفخوا في إحليله الزئبق، فصار مع الوحش يغدو و يروح، و كان لا يأنس بالناس، فبعثت قريش بعد ذلك إليه، فكمنوا له في موضع حتى ورد الماء مع الوحش، فأخذوه، فما زال يضطرب في أيديهم و يصيح حتى مات.

و رجع عمرو إلى قريش، و أخبرهم أن جعفرا في أرض الحبشة، في أكرم كرامة. فلم يزل بها حتى هادن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قريشا، و صالحهم، و فتح خيبر، فوافى بجميع من معه، و ولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد الله بن جعفر، و ولد للنجاشي ابن فسماه محمدا.

و كانت أم حبيبة بنت أبي سفيان تحت عبد الله «2»، فكتب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى النجاشي يخطب أم حبيبة، فبعث إليها النجاشي، فخطبها لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأجابته، فزوجها منه، و أصدقها أربع مائة دينار، و ساقها عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و بعث إليها بثياب و طيب كثير، و جهزها، و بعثها إلى رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، و بعث إليه بمارية القبطية أم إبراهيم، و بعث إليه بثياب و طيب و فرس، و بعث ثلاثين رجلا من القسيسين، فقال لهم:

انظروا إلى كلامه، و إلى مقعده، و إلى مطعمه و مشربه، و مصلاه، فلما وافوا المدينة، دعاهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الإسلام، و قرأ عليهم القرآن إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَ عَلى والِدَتِكَ إلى قوله:

فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ «3» فلما سمعوا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه و آله) بكوا، و آمنوا، و رجعوا إلى النجاشي، فأخبروه خبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قرءوا عليه ما قرأ عليهم، فبكى النجاشي، و بكى القسيسون، و أسلم النجاشي، و لم يظهر للحبشة إسلامه، و خافهم على نفسه، و خرج من بلاد الحبشة إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فلما عبر البحر توفي، فأنزل الله على رسوله (صلى الله عليه و آله) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ إلى قوله: وَ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ.

سورة المائدة(5): آية 87 ..... ص : 346

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ [87]

3247/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين (عليه السلام)، و بلال، و عثمان بن مظعون.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 179.

(1) في المصدر: فأمان لهم.

(2) و هي أمّ حبيبة، رملة بنت أبي سفيان، هارجت مع زوجها عبد اللّه بن جحش إلى الحبشة، ثمّ تنصّر عبد اللّه هنالك، و مات على النصرانية، و ثبتت أمّ

حبيبة على دينها الإسلام، ثمّ تزوّجها رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله). أعلام النساء 1: 464.

(3) المائدة 5: 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 347

فأما أمير المؤمنين (عليه السلام) فحلف أن لا ينام بالليل أبدا، و أما بلال، فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا، و أما عثمان بن مظعون، فإنه حلف أن لا ينكح أبدا، فدخلت امرأة عثمان على عائشة، و كانت امرأة جميلة، فقالت عائشة: مالي أراك متعطلة «1»؟ فقالت: و لمن أتزين؟ فو الله ما قاربني زوجي منذ كذا و كذا، فإنه قد ترهب و لبس المسوح، و زهد في الدنيا.

فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبرته عائشة بذلك، فخرج، فنادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فصعد المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات؟ ألا إني أنام بالليل، و أنكح و أفطر بالنهار، فمن رغب عن سنتي فليس مني. فقام هؤلاء، فقالوا: يا رسول الله، فقد حلفنا على ذلك، فأنزل الله تعالى عليه: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ «2»» الآية.

3248/ [2]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، قال: سألته عن رجل قال لامرأته: طالق، أو مماليكه: أحرار، إن شربت حراما و لا حلالا. فقال: أما الحرام فلا يقربه حلف، أو لم يحلف، و أما الحلال فلا يتركه، فإنه ليس له أن يحرم ما أحل الله، لأن الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ

فليس عليه شي ء في يمينه من الحلال».

3249/ [3]- الطبرسي: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «نزلت في علي (عليه السلام)، و بلال، و عثمان بن مظعون.

فأما علي (عليه السلام) فإنه حلف أن لا ينام بالليل أبدا إلا ما شاء الله، و أما بلال فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار [أبدا]، و أما عثمان بن مظعون فإنه حلف أن لا ينكح أبدا»

سورة المائدة(5): آية 89 ..... ص : 347

قوله تعالى:

لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 336/ 163.

3- مجمع البيان 4: 364.

(1) في المصدر: معطّلة. و عطلت المرأة و تعطّلت: نزعت حليها.

(2) المائدة 5: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 348

أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَ احْفَظُوا أَيْمانَكُمْ [89]

3250/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في قول الله عز و جل: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ، قال: «اللغو:

قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله، و لا يعقد على شي ء».

3251/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ «1»، قال: «هو كما يكون، أنه يكون في البيت من يأكل أكثر من المد، و منهم من يأكل أقل من المد، فبين ذلك، و إن شئت جعلت لهم أدما، و الادم أدناه الملح، و أوسطه الخل

و الزيت، و أرفعه اللحم».

3252/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في كفارة اليمين: «عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم، و الوسط: الخل و الزيت، و أرفعه: الخبز و اللحم، و الصدقة: مدان «2» من حنطة لكل مسكين، و الكسوة:

ثوبان، فمن لم يجد فعليه الصيام، يقول الله عز و جل: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ».

3253/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ فقال: «ما تعولون «3» به عيالكم، من أوسط ذلك».

قلت: و ما أوسط ذلك؟ فقال: «الخل و الزيت و التمر و الخبز تشبعهم به مرة واحدة».

قلت: كسوتهم؟ قال: «ثوب واحد».

3254/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: سألته عن كفارة اليمين في قول الله عز و جل: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ما حد من لم يجد؟ و إن الرجل يسأل في كفه، و هو يجد؟ فقال: «إذا لم يكن عنده فضل من قوت عياله، فهو ممن لا يجد».

__________________________________________________

1- الكافي 7: 443/ 1.

2- الكافي 7: 453/ 7.

3- الكافي 7: 452/ 5.

4- الكافي 7: 454/ 14. [.....]

5- الكافي 7: 452/ 2.

(1) في «س» و «ط» زيادة: أو كسوتهم.

(2) في المصدر: مدّ، مدّ.

(3) في المصدر: ما تقوتون.

رهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 349

3255/ [6]- و عنه: عن محمد بن

يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي حمزة الثمالي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمن قال: و الله، ثم لم يف. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كفارته إطعام عشرة مساكين مدا مدا من دقيق، أو حنطة، أو تحرير رقبة، أو صيام ثلاثة أيام متوالية «1»، إذا لم يجد شيئا من ذا».

3256/ [7]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في كفارة اليمين:

«يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة، أو كسوتهم «2»، لكل إنسان ثوبان، أو عتق رقبة، و هو في ذلك بالخيار- أي الثلاثة صنع- فإن لم يقدر على واحدة من الثلاثة، فالصيام عليه ثلاثة أيام».

3257/ [8]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قول الله: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ قال: «هو قول الرجل: لا و الله، و بلى و الله، و لا يعقد قلبه على شي ء».

و في رواية أخرى: عن محمد بن مسلم، قال: «و لا يعقد عليها» «3».

3258/ [9]- عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أو إطعام ستين مسكينا، أ يجمع ذلك؟ فقال: «لا، و لكن يعطي على كل إنسان كما قال الله».

قال: قلت: فيعطي الرجل قرابته إذا كانوا محتاجين؟ قال: «نعم».

قلت: فيعطيها إذا كانوا ضعفاء من غير أهل الولاية؟ فقال: «نعم، و أهل الولاية أحب إلي».

3259/ [10]-

عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال في اليمين في إطعام عشرة مساكين: «ألا ترى أنه يقول: مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فلعل أهلك أن يكون قوتهم لكل إنسان دون المد، و لكن يحسب في طحنه «4» و مائه و عجنه «5»، فإذا هو يجزي لكل إنسان مد، و أما كسوتهم، فإن وافقت به الشتاء فكسوته، و إن وافقت به الصيف فكسوته، لكل مسكين إزار و رداء، و للمرأة ما يواري ما يحرم منها: إزار و خمار و درع، و صوم ثلاثة أيام، و إن شئت أن تصوم، إنما الصوم من جسدك

__________________________________________________

6- الكافي 7: 453/ 8.

7- الكافي 7: 451/ 1.

8- تفسير العيّاشي 1: 336/ 164.

9- تفسير العيّاشي 1: 336/ 166.

10- تفسير العيّاشي 1: 336/ 167.

(1) في المصدر: متواليات.

(2) في «ط»: أو كسوة.

(3) تفسير العيّاشي 1: 336/ 165.

(4) في المصدر نسخة بدل: طبخه.

(5) في المصدر: عجينه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 350

ليس من مالك، و لا غيره».

3260/ [11]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ في كفارة اليمين، قال: «ما يأكل أهل البيت لشبعهم «1» يوما» و كان يعجبه مد لكل مسكين.

قلت: أَوْ كِسْوَتُهُمْ؟ قال: «ثوبين لكل رجل».

3261/ [12]- عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ قال: «قوت عيالك» و القوت يومئذ مد.

قلت: أَوْ كِسْوَتُهُمْ؟ قال: «ثوب».

3262/ [13]- عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: سألته عن إطعام عشرة مساكين، أو ستين مسكينا،

أ يجمع ذلك لإنسان واحد؟ قال: «لا، أعطه واحدا واحدا، كما قال الله».

قال: قلت: أ فيعطيه الرجل قرابته؟ قال: «نعم».

قال: قلت: أ فيعطيه الضعفاء من النساء من غير أهل الولاية؟ قال: فقال: «نعم، و أهل الولاية أحب إلي».

3263/ [14]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في كفارة اليمين: «تعطي كل مسكين «2» مدا على قدر ما تقوت إنسانا من أهلك في كل يوم». و قال: «مد من حنطة يكون فيه طحنه و حطبه على كل مسكين، أو كسوتهم ثوبين».

و في رواية أخرى عنه (عليه السلام): «ثوبين لكل رجل، و الرقبة تعتق من المستضعفين في الذي يجب عليك فيه رقبة» «3».

3264/ [15]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في كفارة اليمين: «عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم بالإدام، و الوسط: الخل و الزيت، و أرفعه: الخبز و اللحم، و الصدقة: مد مد لكل مسكين، و الكسوة: ثوبان، فمن لم يجد عليه الصيام، يقول الله: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ و يصومهن متتابعات، و يجوز في عتق الكفارة الولد، و لا يجوز في عتق القتل إلا مقرة بالتوحيد».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 337/ 168.

12- تفسير العيّاشي 1: 337/ 169.

13- تفسير العيّاشي 1: 337/ 170.

14- تفسير العيّاشي 1: 337/ 171.

15- تفسير العيّاشي 1: 338/ 173.

(1) في «س» و «ط»: يشبعهم.

(2) في «ط» نسخة بدل: إنسان.

(3) تفسير العيّاشي 1: 337/ 172.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 351

3265/ [16]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في كفارة اليمين: «يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مدان مد من حنطة، و مد من دقيق و حفنة، أو كسوتهم لكل

إنسان ثوبان، أو عتق رقبة، و هو في ذلك بالخيار، أي الثلاثة شاء صنع، فإن لم يقدر على واحدة من الثلاث، فالصيام عليه واجب، صيام ثلاثة أيام».

3266/ [17]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله فوض إلى الناس في كفارة اليمين كما فوض إلى الإمام في المحارب أن يصنع ما يشاء- و قال- كل شي ء في القرآن (أو) فصاحبه فيه بالخيار».

3267/ [18]- عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الإطعام، قال الله: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ كل ذلك متتابع، ليس بمتفرق».

3268/ [19]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن كفارة اليمين في قول الله: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ما حد من لم يجد، فهذا الرجل يسأل في كفه و هو يجد؟

فقال: «إذا لم يكن عنده فضل يومه عن قوت عياله فهو لا يجد- و قال- الصيام ثلاثة أيام لا يفرق بينهن».

3269/ [20]- عن أبي خالد القماط، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في كفارة اليمين: «من كان له ما يطعم فليس له أن يصوم، أطعم عشرة مساكين مدا مدا، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، أو عتق رقبة، أو كسوة، و الكسوة ثوبان، أو إطعام عشرة مساكين، أي ذلك فعل أجزأ عنه».

3270/ [21]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متواليات و إطعام عشرة مساكين مد مد».

3271/ [22]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «صيام ثلاثة أيام في كفارة

اليمين متتابعات، لا يفصل بينهن».

قال: و قال: «كل صيام يفرق، إلا صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين، فإن الله يقول فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ أي متتابعات».

سورة المائدة(5): الآيات 90 الي 91 ..... ص : 351

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 338/ 174.

17- تفسير العيّاشي 1: 338/ 175.

18- تفسير العيّاشي 1: 338/ 176.

19- تفسير العيّاشي 1: 338/ 177.

20- تفسير العيّاشي 1: 338/ 178.

21- تفسير العيّاشي 1: 339/ 179. [.....]

22- تفسير العيّاشي 1: 339/ 180.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 352

رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ- إلى قوله تعالى- فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [90- 91]

3272/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، [عن جابر] «1»، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لما أنزل الله عز و جل على رسوله (صلى الله عليه و آله) إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ قيل: يا رسول الله، ما الميسر؟ فقال:

كل ما تقومر به، حتى الكعاب و الجوز. قيل: فما الأنصاب؟ قال: ما ذبحوا «2» لآلهتهم. قيل: فما الأزلام؟ قال:

قداحهم التي يستقسمون بها».

3273/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الوشاء، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول: «الميسر من «3» القمار».

3274/ [3]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مسكر حرام، و كل مسكر خمر».

3275/

[4]- علي بن إبراهيم في (تفسيره)، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ: «أما الخمر فكل مسكر من الشراب، إذا أخمر، فهو حرام «4»، و ما أسكر كثيره فقليله «5» حرام، و ذلك أن أبا بكر «6» شرب قبل أن يحرم الخمر، فسكر، فجعل يقول الشعر، و يبكي على قتلى المشركين، من أهل بدر، فسمعه النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: اللهم أمسك على لسانه. فأمسك على لسانه، فلم يتكلم، حتى ذهب عنه السكر، فأنزل الله تحريمها بعد ذلك، و إنما

__________________________________________________

1- الكافي 5: 122/ 2.

2- الكافي 5: 124/ 9.

3- الكافي 6: 408/ 3.

4- تفسير القمّي 1: 180.

(1) من المصدر و هو الصواب، راجع رجال النجاشي: 287/ 765، معجم رجال الحديث 13: 108.

(2) في المصدر: ما ذبحوه.

(3) في المصدر: هو.

(4) في «س» و «ط»: فهو خمر.

(5) في المصدر: و المسكر كثيره و قليله.

(6) في المصدر: أنّ الأوّل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 353

كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر «1» و التمر، فلما نزل تحريمها خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقعد في المسجد، ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها، فأكفأها كلها، ثم قال: هذه كلها خمر، و قد حرمها الله، فكان أكثر شي ء أكفئ من ذلك يومئذ من الأشربة الفضيخ، و لا أعلم أكفئ يومئذ من خمر العنب شي ء إلا إناء واحد، كان فيه زبيب و تمر جميعا، و أما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شي ء.

حرم الله الخمر قليلها و كثيرها، و بيعها و شراءها، و الانتفاع بها. و قال

رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شرب الخمر فاجلدوه، و من عاد فاجلدوه، و من عاد فاجلدوه، و من عاد في الرابعة فاقتلوه.

و قال: حق على الله أن يسقي من شرب الخمر مما يخرج من فروج المومسات، و المومسات: الزواني، يخرج من فروجهن صديد. و الصديد: قيح و دم غليظ مختلط، يؤذي أهل النار حره و نتنه.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإذا عاد فأربعين ليلة من يوم شربها، فإن مات في تلك الأربعين ليلة من غير توبة سقاه الله يوم القيامة من طينة خبال.

و سمي المسجد الذي قعد فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم اكفئت فيه الأشربة مسجد الفضيخ من يومئذ، لأنه كان أكثر شي ء أكفئ من الأشربة الفضيخ.

و أما الميسر فالنرد و الشطرنج، و كل قمار ميسر، و أما الأنصاب، فالأوثان التي كانوا يعبدونها «2»، و أما الأزلام فالأقداح التي كانت يستقسم بها مشركو العرب في الأمور «3» في الجاهلية، كل هذا بيعه و شراؤه، و الانتفاع بشي ء من هذا حرام محرم من الله، و هو رجس من عمل الشيطان، فقرن الله الخمر و الميسر مع الأوثان».

3276/ [5]- العياشي: عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الشطرنج و النرد و أربعة عشر «4»، و كل ما قومر عليه منها، فهو ميسر».

3277/ [6]- و عنه: عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: يقول: «الميسر هو القمار».

3278/ [7]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «بينما حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) و أصحاب له على شراب لهم

يقال له: السكركة «5»». قال: «فتذاكروا السديف «6»، فقال لهم

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 339/ 182.

6- تفسير العيّاشي 1: 339/ 181.

7- تفسير العيّاشي 1: 339/ 183. [.....]

(1) الفضيخ: عصير العنب، و هو أيضا شراب يتّخذ من البسر المفضوخ وحده من غير أن تمسّه النار. «لسان العرب- فضخ- 3: 45».

و البسر: التمر قبل أن يرطب لفضاضته. «لسان العرب- بسر- 4: 58».

(2) في المصدر زيادة: المشركون.

(3) (في الأمور) ليس في المصدر.

(4) الأربعة عشر: صفّان من النّقر، يوضع فيها شي ء يلعب به، في كلّ صفّ سبع نقر محفورة. (مجمع البحرين- عشر- 3: 406).

(5) السّكركة: نوع من الخمور يتّخذ من الذرة. و هي لفظة حبشية، و قد عرّت فقيل السّقرقع. «النهاية 2: 383».

(6) في النسخ و المصدر: الشريف، و ما أثبتناه من أمالي الطوسي 2: 217، و السديف: شحم السنام. «القاموس المحيط- سدف- 3: 156».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 354

حمزة: كيف لنا به؟ فقالوا: هذه ناقة ابن أخيك علي. فخرج إليها فنحرها، ثم أخذ كبدها و سنامها فأدخل عليهم- قال- و أقبل علي (عليه السلام) فأبصر ناقته، فدخله من ذلك، فقالوا له: عمك حمزة صنع هذا».

قال: «فذهب إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فشكا ذلك إليه- قال- فأقبل معه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقيل لحمزة:

هذا رسول الله بالباب- قال- فخرج حمزة و هو مغضب، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الغضب في وجهه انصرف- قال- فقال له حمزة: لو أراد ابن أبي طالب أن يقودك بزمام فعل. فدخل حمزة منزله، و انصرف النبي (صلى الله عليه و آله)».

قال: «و كان قبل أحد». قال: «فأنزل الله تحريم الخمر، فأمر رسول الله (صلى الله

عليه و آله) بآنيتهم، فأكفئت- قال- فنودي في الناس بالخروج إلى أحد، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و خرج الناس، و خرج حمزة، فوقف ناحية من النبي (صلى الله عليه و آله)- قال- فلما تصافوا حمل حمزة في الناس حتى غاب فيهم، ثم رجع إلى موقفه، فقال له الناس:

الله الله يا عم رسول الله أن تذهب و في نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليك شي ء- قال- ثم حمل الثانية حتى غيب في الناس ثم رجع إلى موقفه، فقالوا له: الله الله يا عم رسول الله أن تذهب و في نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليك شي ء، فأقبل إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فلما رآه مقبلا نحوه أقبل إليه، فعانقه، و قبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما بين عينيه- قال- ثم حمل على الناس، فاستشهد حمزة (رحمه الله) و كفنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) في نمرة «1»».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحو من ستر بابي هذا، فكان إذا غطى بها وجهه انكشف رجلاه، و إذا غطى رجليه انكشف وجهه- قال- فغطى بها وجهه، و جعل على رجليه إذخرا «2»».

قال: «فانهزم الناس، و بقي علي (عليه السلام) فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما صنعت؟ قال: يا رسول الله، لزمت الأرض. فقال: ذلك الظن بك- قال- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنشدك يا رب ما وعدتني، فإنك إن شئت لم تعبد».

3279/ [8]- عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن النبيذ و الخمر بمنزلة واحدة هما؟ قال:

«لا،

إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر قليلها و كثيرها، كما حرم الميتة و الدم و الحم الخنزير، و حرم النبي (صلى الله عليه و آله) من الأشربة المسكر، و ما حرم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقد حرمه الله».

قلت: أ رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) كيف كان يضرب في الخمر؟ فقال: «كان يضرب بالنعال، و يزيد كلما أتي بالشارب، ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف على ثمانين، أشار بذلك علي (عليه السلام) على عمر».

3280/ [9]- عن عبد الله بن جندب، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الشطرنج ميسر، و النرد ميسر».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 340/ 184.

9- تفسير العيّاشي 1: 341/ 185.

(1) كلّ شملة مخطّطة من مآزر الأعراب فهي نمره و جمعها: نمار، و كأنّها أخذت من لون النّمر لما فيها من السواد و البياض. «النهاية 5: 118».

(2) الإذخر: نبات معروف، عريض الأوراق، طيّب الرائحة. «مجمع البحرين- ذخر- 3: 306».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 355

3281/ [10]- عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الشطرنج و النرد ميسر».

3282/ [11]- عن ياسر الخادم، عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن الميسر، قال: «الثفل «1» من كل شي ء».

قال الحسين «2»: و الثفل «3» ما يخرج بين المتراهنين من الدراهم و غيره.

3283/ [12]- عن هشام، عن الثقة، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قيل له: روي عنكم أن الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجال؟ فقال: «ما كان الله ليخاطب خلقه بما لا يعقلون».

3284/ [13]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): أنزل الله تعالى في الخمر ثلاث آيات: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ «4»

فكان المسلمون بين شارب و تارك إلى أن شربها رجل، فدخل في الصلاة فهجر، فنزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى «5» فشربها من شرب من المسلمين، حتى شربها عمر، فأخذ لحى بعير، فشج رأس عبد الرحمن بن عوف، ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يعفر «6»:

و كأين بالقليب قليب بدر من القينات «7» و الشرب الكرام و كائن بالقليب قليب بدر من الشيزى المكلل «8» بالسنام أ يوعدنا ابن كبشة أن سنحيا و كيف حياة أصداء وهام!

أ يعجز أن يرد الموت عني و ينشرني إذا بليت عظامي!

ألا من مبلغ الرحمن عني بأني تارك شهر الصيام فقل لله يمنعني شرابي و قل لله يمنعني طعامي فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فخرج مغضبا يجر رداءه، فرفع شيئا كان في يده ليضربه، فقال: أعوذ بالله

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 1: 341/ 186.

11- تفسير العيّاشي 1: 341/ 187.

12- تفسير العيّاشي 1: 341/ 188.

13- ربيع الأبرار 4: 51، و تقدم في الحديث (7) من تفسير الآية (43) من سورة النساء. [.....]

(1) في «ط»: الثقل. و الثفل: ما سفل من كلّ شي ء، و أطلق هنا مجازا على ما يخرج بين المتراهنين.

(2) في «ط» و المصدر: قال الخبز، و الظاهر أنّ الحسين بن رواة الخبر، أو من مشايخ العيّاشي، و لا يعرف بسبب إسقاط الاسناد، و قد عدّ في مشايخه الحسين بن إشكيب.

(3) في «ط»: الثقل.

(4) البقرة 2: 219.

(5) النّساء 4: 43.

(6) في المصدر: الأسود بن عبد يغوث.

(7) في المصدر: الفتيان.

(8) في «س» و «ط»: المكامل، و في النهاية، و لسان العرب: تزيّن.

و الشيزى: سجر يتّخذ منه الجفان، و أراد بالجفان أربابها

الذين كانوا يطعمون فيها و قتلوا ببدر و ألقوا في القليب، فهو يرثيهم، و سمّي الجفان (شيزى) باسم أصلها. «النهاية 2: 518»، «لسان العرب- شيز- 5: 362».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 356

من غضب الله و غضب رسوله، فأنزل الله سبحانه و تعالى: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فقال عمر: انتهينا.

3285/ [14]- و روى الحسين بن حمدان الخصيبي، و الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله)- و اللفظ للديلمي- عن الصادق (عليه السلام): «أن أبا بكر لقي أمير المؤمنين (عليه السلام) في سكة [من سكك «1» بني النجار، فسلم عليه، و صافحه، و قال له: يا أبا الحسن، أفي نفسك شي ء من استخلاف الناس إياي، و ما كان من يوم السقيفة، و كراهيتك للبيعة؟ و الله ما كان ذلك من إرادتي، إلا أن المسلمين أجمعوا على أمر لم يكن لي أن أخالفهم فيه، لأن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: لا تجتمع أمتي على ضلالة «2».

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر، أمته الذين أطاعوه من بعده و في عهده، و أخذوا بهداه، و أوفوا بما عاهدوا الله عليه، و لم يبدلوا، و لم يغيروا.

قال له أبو بكر: و الله، يا علي، لو شهد عندي الساعة من أثق به أنك أحق بهذا الأمر لسلمته إليك، رضي من رضي، و سخط من سخط.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر، فهل تعلم أحدا أوثق من رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ و قد أخذ بيعتي عليك في أربعة مواطن، و على جماعة معك «3»، فيهم عمر، و عثمان في يوم الدار، و في بيعة الرضوان تحت الشجرة،

و يوم جلوسه في بيت ام سلمة، و في يوم الغدير بعد رجوعه من حجة الوداع، فقلتم بأجمعكم: سمعنا و أطعنا لله و لرسوله. فقال لكم: الله و رسوله عليكم من الشاهدين. فقلتم بأجمعكم: الله و رسوله علينا من الشاهدين.

فقال لكم: فليشهد بعضكم على بعض، و ليبلغ شاهدكم غائبكم، و من سمع منكم «4» من لم يسمع. فقلتم: نعم يا رسول الله. و قمتم بأجمعكم تهنئون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تهنئوني بكرامة الله لنا. فدنا عمر، و ضرب على كتفي و قال بحضرتكم: بخ بخ يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي، و مولى المؤمنين.

فقال له أبو بكر: لقد ذكرتني أمرا يا أبا الحسن لو يكون رسول الله (صلى الله عليه و آله) شاهدا فاسمعه منه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الله و رسوله عليك من الشاهدين- يا أبا بكر- إن رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيا يقول لك إنك ظالم لي، في أخذ حقي الذي جعله الله و رسوله لي، دونك و دون المسلمين، أن تسلم هذا الأمر لي، و تخلع نفسك منه.

فقال أبو بكر: يا أبا الحسن، و هذا يكون أن أرى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيا بعد موته، فيقول لي ذلك؟! فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): نعم يا أبا بكر. قال: فأرني إن كان ذلك حقا. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):

__________________________________________________

14- الهداية الكبرى: 102، إرشاد القلوب: 264.

(1) من الإرشاد.

(2) في الإرشاد: الضلال.

(3) في الإرشاد: جماعة منكم و.

(4) في الإرشاد زيادة: فليسمع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 357

الله و رسوله عليك من الشاهدين أنك تفي بما قلت؟ قال أبو بكر: نعم. فضرب أمير

المؤمنين (عليه السلام) على يده، و قال: تسعى معي نحو مسجد قبا. فلما وردا تقدم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فدخل المسجد [و أبو بكر من ورائه، فإذا هو برسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في قبلة المسجد] «1» فلما رآه أبو بكر سقط لوجهه كالمغشي عليه، فناداه رسول الله (صلى الله عليه و آله): ارفع رأسك أيها الضليل المفتون. فرفع أبو بكر رأسه، و قال: لبيك- يا رسول الله- أ حياة بعد الموت؟ فقال: ويلك يا أبا بكر، إن الذي أحياها لمحيي الموتى، إنه على كل شي ء قدير- قال- فسكت أبو بكر، و شخصت عيناه نحو رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: ويلك- يا أبا بكر- أنسيت ما عاهدت الله و رسوله عليه في المواطن الأربعة لعلي؟ فقال: ما نسيتها يا رسول الله، فقال له: ما بالك اليوم تناشد عليا فيها، و يذكرك، فتقول:

نسيت؟! و قص عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما جرى بينه و بين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى آخره، فما نقص منه كلمة و لا زاد فيه كلمة، فقال أبو بكر: يا رسول الله، فهل لي من توبة، و هل يعفو الله عني إذا سلمت هذا الأمر إلى أمير المؤمنين؟ قال: نعم- يا أبا بكر- و أنا الضامن لك على الله إن وفيت».

قال: «و غاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عنهما، فتشبث أبو بكر بعلي (عليه السلام)، و قال: الله الله في- يا علي- صر معي إلى منبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى أعلو المنبر، و أقص على الناس ما شاهدت و رأيت من أمر رسول الله (صلى

الله عليه و آله)، و ما قال لي و ما قلت له، و ما أمرني به، و أخلع نفسي من هذا الأمر، و أسلمه إليك.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا معك إن ترك شيطانك.

فقال أبو بكر: إن لم يتركني تركته و عصيته.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): إذن تطيعه و لا تعصيه، و إنما رأيت ما رأيت لتأكيد الحجة عليك. و أخذ بيده و خرجا من مسجد قبا يريدان مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أبو بكر يخفق بعضه بعضا، و يتلون ألوانا، و الناس ينظرون إليه، و لا يدرون ما الذي كان، حتى لقيه عمر بن الخطاب فقال له: يا خليفة رسول الله، ما شأنك، و ما الذي دهاك؟

فقال أبو بكر: خل عني- يا عمر- فو الله لا سمعت لك قولا.

فقال له عمر: و أين تريد يا خليفة رسول الله؟

فقال له أبو بكر: أريد المسجد و المنبر.

فقال: ليس هذا وقت صلاة و منبر.

فقال أبو بكر: خل عني، فلا حاجة لي في كلامك.

فقال عمر: يا خليفة رسول الله، أ فلا تدخل منزلك قبل المسجد، فتسبغ الوضوء؟ قال: بلى. ثم التفت أبو بكر إلى علي (عليه السلام) و قال له: يا أبا الحسن، تجلس إلى جانب المنبر حتى أخرج إليك. فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قال: يا أبا بكر، قد قلت إن شيطانك لا يدعك، أو يرديك.

__________________________________________________

(1) من الإرشاد. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 358

و مضى أمير المؤمنين (عليه السلام) فجلس بجانب المنبر، و دخل أبو بكر منزله، و عمر معه، فقال له: يا خليفة رسول الله، لم لا تنبئني أمرك، و تحدثني بما دهاك به علي بن أبي طالب؟

فقال

أبو بكر: ويحك يا عمر، يرجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد موته حيا و يخاطبني في ظلمي لعلي، و رد حقه عليه، و خلع نفسي من هذا الأمر، فقال له عمر: قص علي قصتك من أولها إلى آخرها.

فقال له أبو بكر: ويحك يا عمر، و الله لقد قال لي علي أنك لا تدعني أخرج من هذه المظلمة، و أنك شيطاني، فدعني منك. فلم يزل يرقبه إلى أن حدثه بحديثه من أوله إلى آخره.

فقال له: بالله- يا أبا بكر- أنسيت شعرك في أول شهر رمضان، الذي فرض الله علينا صيامه، حيث جاءك حذيفة بن اليمان، و سهل بن حنيف، و نعمان الأزدي، و خزيمة بن ثابت، في يوم جمعة إلى دارك ليتقاضوك دينا عليك، فلما انتهوا إلى باب الدار سمعوا لك صلصلة في الدار، فوقفوا بالباب، و لم يستأذنوا عليك، فسمعوا أم بكر- زوجك- تناشدك، و تقول لك: قد عمل حر الشمس بين كتفيك، قم إلى داخل البيت، و ابتعد عن الباب، لئلا يسمعك أحد من أصحاب محمد فيهدروا دمك، فقد علمت أن محمدا قد أهدر دم من أفطر يوما من شهر رمضان، من غير سفر، و لا مرض، خلافا على الله و على رسوله محمد، فقلت لها: هات- لا ام لك- فضل طعامي من الليل، و أترعي الكأس من الخمر. و حذيفة و من معه بالباب، يسمعون محاورتكما «1»، فجاءت بصحفة فيها طعام من الليل، و قعب مملوء خمرا فأكلت من الصحفة، و شربت «2» من الخمر، في ضحى النهار، و قلت لزوجتك هذه الأبيات «3»:

ذريني أصطبح يا أم بكر فإن الموت نقب عن هشام و نقب عن أخيك و كان صعبا

من الأقوام شريب المدام يقول لنا ابن كبشة سوف نحيا و كيف حياة أشلاء و هام!

و لكن باطل ما قال «4» هذا و إفك من زخاريف الكلام ألا هل مبلغ الرحمن عني بأني تارك شهر الصيام!

و تارك كل ما أوحى إلينا محمد من أساطير الكلام فقل لله يمنعني شرابي و قل لله يمنعني طعامي و لكن الحكيم رأى حميرا فألجمها فتاهت في اللجام فلما سمعك حذيفة و من معه تهجو محمدا هجموا «5» عليك في دارك، فوجدوك و قعب الخمر في يدك،

__________________________________________________

(1) في الإرشاد زيادة: إلى أن انتهيت في شعرك.

(2) في الإرشاد: و كرعت.

(3) في الإرشاد: هذا الشعر.

(4) في الإرشاد: قد قال.

(5) في الإرشاد: قحموا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 359

و أنت تكرعها، فقالوا: ما لك يا عدو الله خالفت الله و رسوله. و حملوك كهيئتك إلى مجمع الناس، بباب «1» رسول الله، و قصوا عليه قصتك، و أعادوا شعرك، فدنوت منك، و ساورتك «2»، و قلت لك في الضجيج «3»: قل إني شربت الخمر ليلا، فثملت، فزال عقلي، فأتيت ما أتيته نهارا، و لا أعلم «4» بذلك، فعسى أن يدرأ عنك الحد، و خرج محمد فنظر إليك فقال: استيقظوه. فقلت: رأيناه و هو ثمل يا رسول الله، لا يعقل، فقال: ويحكم الخمر يزيل العقل، تعلمون هذا من أنفسكم، و أنتم تشربونها؟ فقلنا: [نعم - يا رسول الله- و قد قال فيها امرؤ القيس شعرا:

شربت الإثم «5» حتى زال عقلي كذاك الخمر يفعل بالعقول ثم قال محمد: انظروه إلى إفاقته من سكرته. فأمهلوك حتى أريتهم أنك قد صحوت، فسألك محمد فأخبرته بما أوعزته إليك من شربك لها بالليل، فما بالك اليوم تصدق «6» بمحمد و

بما جاء به و هو عندنا ساحر كذاب؟! فقال: ويحك «7» يا أبا حفص، لا شك عندي فيما قصصته علي، فاخرج إلى علي بن أبي طالب، فاصرفه عن المنبر».

قال: «فخرج عمر و علي (عليه السلام) جالس بجانب المنبر، فقال: ما بالك- يا علي- قد تصديت لها، دون- و الله- ما تروم من علو هذا المنبر خرط القتاد. فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى بدت نواجذه ثم قال: ويلك منها- يا عمر- إذا أفضت إليك، و الويل للامة من بلائك.

فقال عمر: هذه بشراي يا بن أبي طالب، صدقت ظني «8»، و حق قولك. و انصرف أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى منزله».

3286/ [15]- ابن شهر آشوب: عن القطان في (تفسيره)، عن عمرو «9» بن حمران، عن سعيد، عن «10» قتادة، عن __________________________________________________

15- المناقب 2: 178.

(1) في «ط»: إلى باب.

(2) في الإرشاد: و شاورتك، و ساوره: أخذ برأسه.

(3) في الإرشاد: ضجيج الناس.

(4) في الإرشاد: و لا علم بي.

(5) في الإرشاد: الخمر.

(6) في الإرشاد: تؤمن.

(7) في الإرشاد: ويلك.

(8) في الإرشاد: ظنوني. [.....]

(9) في «س» و «ط»: عمر، و الصواب ما في المتن، ترجم له في الجرح و التعديل 6: 227 و قال: روى عن سعيد بن أبي عروبة ... و روى عنه يوسف بن موسى القطّان.

(10) في «س» و «ط»: بن، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع التعليقة السابقة، و الجرح و التعديل 4: 65، و تهذيب الكمال 11: 5، و سير أعلام النبلاء 6: 413، و غيرها حيث عدوّه ممّن روى عن قتادة بن دعامة السّدوسي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 360

الحسن البصري، قال: اجتمع علي (عليه السلام)، و عثمان بن مظعون، و أبو طلحة، و أبو

عبيدة، و معاذ بن جبل، و سهل «1» بن بيضاء، و أبو دجانة الأنصاري في منزل سعد بن أبي وقاص، فأكلوا شيئا، ثم قدم إليهم شيئا من الفضيخ، فقام علي (عليه السلام) فخرج من بينهم فقال عثمان في ذلك، فقال علي (عليه السلام): «لعن الله الخمر، و الله لا أشرب شيئا يذهب بعقلي، و يضحك بي من رآني، و أزوج «2» كريمتي من لا أريد». و خرج من بينهم، فأتى المسجد، و هبط جبرئيل بهذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يعني هؤلاء الذين اجتمعوا في منزل سعد إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ الآية، فقال علي: «تبا لها، و الله يا رسول الله، لقد كان بصري فيها نافذا منذ كنت صغيرا».

قال الحسن: و الله الذي لا إله إلا هو، ما شربها قبل تحريمها، و لا ساعة قط.

سورة المائدة(5): الآيات 92 الي 93 ..... ص : 360

قوله تعالى:

وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ احْذَرُوا- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [92- 93] 3287/ [1]- علي بن إبراهيم: يقول: لا تعصوا و لا تركنوا إلى الشهوات «3» من الخمر و الميسر فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ يقول: عصيتم «4» فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ إذ قد بلغ و بين فانتهوا.

و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إنه سيكون قوم يبيتون و هم على شرب الخمر و اللهو و الغناء، فبينما هم كذلك، إذ مسخوا من ليلتهم، و أصبحوا قردة و خنازير، و هو قوله: وَ احْذَرُوا أن تعتدوا كما اعتدى أصحاب السبت، فقد كان أملى لهم حتى أثروا، و قالوا: إن السبت لنا حلال، و إنما كان حراما على أولينا، و كانوا يعاقبون على استحلالهم السبت، فأما نحن فليس علينا حرام، و ما زلنا بخير منذ

استحللناه، و قد كثرت أموالنا، و صحت أجسامنا ثم أخذهم الله ليلا، و هم غافلون، فهو قوله: وَ احْذَرُوا أن يحل بكم مثل ما حل بمن تعدى و عصى.

فلما نزل تحريم الخمر و الميسر، و التشديد في أمرهما، قال الناس من المهاجرين و الأنصار: يا رسول الله، قتل أصحابنا و هم يشربون الخمر، و قد سماه الله رجسا، و جعله من عمل الشيطان، و قد قلت ما قلت، أ فيضر أصحابنا ذلك شيئا بعد ما ماتوا؟ فأنزل الله لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا الآية، فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر، و الجناح هو الإثم على من شربها بعد التحريم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 181.

(1) في المصدر: سهيل.

(2) في «ط»: و أروّح.

(3) في «ط»: و لا تركبوا الشهوات.

(4) زاد في «س» و «ط»: فاحذروه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 361

3288/ [2]- الشيخ: بإسناده عن يونس، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الحد في الخمر أن يشرب منها قليلا أو كثيرا».

قال: ثم قال: «أتي عمر بقدامة بن مظعون، و قد شرب الخمر، و قامت عليه البينة، فسأل عليا (عليه السلام) فأمره أن يضربه ثمانين، فقال قدامة: يا أمير المؤمنين، ليس علي حد، أنا من أهل هذه الآية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا- قال- فقال علي (عليه السلام): لست من أهلها، إن طعام أهلها لهم حلال، ليس يأكلون و لا يشربون إلا ما أحل الله لهم. ثم قال علي (عليه السلام): إن شارب الخمر إذا شرب لم يدر ما يأكل، و لا ما يشرب، فاجلدوه ثمانين جلدة».

3289/ [3]- العياشي: عن عبد

الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون و قد شرب الخمر، و قامت عليه البينة، فسأل عليا (عليه السلام)، فأمره أن يجلده ثمانين جلدة، فقال قدامة: يا أمير المؤمنين، ليس علي جلد، أنا من أهل هذه الآية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا فقرأ الآية حتى استتمها، فقال له علي (عليه السلام): كذبت، لست من أهل هذه الآية، ما طعم أهلها فهو حلال لهم، و ليس يأكلون و لا يشربون إلا ما يحل لهم».

عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، و زاد فيه: «و ليس يأكلون و لا يشربون إلا ما أحل الله لهم. ثم قال: إن الشارب إذا ما شرب لم يدر ما يأكل و لا ما يشرب، فاجلدوه ثمانين جلدة».

3290/ [4]- عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الخمر، و النبيذ [قال: «إن النبيذ] ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر بعينها، فقليلها و كثيرها حرام، كما حرم الميتة و الدم و لحم الخنزير، و حرم رسول الله (صلى الله عليه و آله) الشراب من كل مسكر، فما حرمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقد حرمه الله».

قلت: فكيف كان ضرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الخمر؟ فقال: «كان يضرب بالنعل و يزيد و ينقص، و كان الناس بعد ذلك يزيدون و ينقصون، ليس يحد بحدود، حتى وقف علي بن أبي طالب (عليه السلام) في شارب الخمر على ثمانين جلدة، حيث ضرب قدامة بن مظعون- قال- فقال قدامة: ليس علي جلد، أنا من أهل هذه الآية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ

آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا. فقال له: كذبت، ما أنت منهم، إن أولئك كانوا لا يشربون حراما. ثم قال علي (عليه السلام): إن الشارب إذا شرب فسكر، لم يدر ما يقول و ما يصنع، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا أتي بشارب الخمر ضربه، فإذا أتي به ثانية ضربه، فإذا أتي به ثالثة ضرب عنقه».

قلت: فإن أخذ شارب نبيذ مسكر قد انتشى منه؟ قال: «يضرب ثمانين جلدة، فإن أخذ ثالثة قتل كما يقتل شارب الخمر».

قلت: إن أخذ شارب الخمر نبيذا مسكرا سكر منه، أ يجلد ثمانين؟ قال: «لا، دون ذلك، كل ما أسكر كثيره

__________________________________________________

2- التهذيب 10: 93/ 360.

3- تفسير العيّاشي 1: 341/ 189.

4- تفسير العيّاشي 1: 342/ 190.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 362

فقليله حرام».

سورة المائدة(5): آية 94 ..... ص : 362

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ [94]

3291/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ، قال: «حشرت لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في عمرة الحديبية الوحوش، حتى نالتها أيديهم و رماحهم».

3292/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ.

قال: «حشر عليهم الصيد

في كل مكان، حتى دنا منهم ليبلوهم الله به».

3293/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، رفعه في قوله تبارك و تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ، قال: «ما تناله «1» الأيدي البيض و الفراخ، و ما تناله الرماح فهو ما لا تصل إليه الأيدي».

3294/ [4]- الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ، قال: «حشر عليهم [الصيد] من كل وجه، حتى دنا منهم ليبلونهم به».

3295/ [5]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن وطئ المحرم بيضة و كسرها، فعليه درهم، كل هذا يتصدق به بمكة [و منى ، و هو قول الله تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ».

__________________________________________________

1- الكافي 4: 396/ 1.

2- الكافي 4: 396/ 2.

3- الكافي 4: 397/ 4.

4- التهذيب 5: 300/ 1022. [.....]

5- التهذيب 5: 346/ 1202.

(1) في «س»: نالته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 363

3296/ [6]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا قتل الرجل المحرم حمامة، ففيها شاة، فإن قتل فرخا، ففيه جمل، فإن وطئ بيضة فكسرها، فعليه درهم، كل هذا يتصدق بمكة و منى، و هو قول الله في كتابه: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ البيض و الفراخ وَ رِماحُكُمْ الأمهات الكبار».

3297/ [7]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ. قال: «ابتلاهم الله بالوحش، فركبتهم «1» من

كل مكان».

3298/ [8]- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ، قال: «حشر لرسول الله (صلى الله عليه و آله) الوحوش، حتى نالتها أيديهم و رماحهم في عمرة الحديبية، ليبلوهم الله به».

3299/ [9]- و في رواية الحلبي عنه (عليه السلام): «حشر عليهم الصيد من كل مكان، حتى دنا منهم، فنالته أيديهم و رماحهم، ليبلونهم الله به».

3300/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في غزوة الحديبية، جمع الله عليهم الصيد فدخل بين رحالهم، ليبلونهم الله، أي يختبرنهم، و قوله تعالى: لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ قبل ذلك، و لكنه عز و جل لا يعذب أحدا إلا بحجة بعد إظهار الفعل.

سورة المائدة(5): آية 95 ..... ص : 363

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ [95]

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 342/ 191.

7- تفسير العيّاشي 1: 342/ 192.

8- تفسير العيّاشي 1: 343/ 193.

9- تفسير العيّاشي 1: 343/ 194.

10- تفسير القمّي 1: 182.

(1) في المصدر: فركبهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 364

3301/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن الفضيل، عن أبي الصباح، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل في الصيد: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، قال: «في الظبي شاة، و في حمار وحش بقرة، و في

النعامة جزور».

3302/ [2]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قول الله عز و جل: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، قال: «في النعامة بدنة، و في حمار وحش بقرة، و في الظبي شاة، و في البقرة بقرة».

3303/ [3]- و عنه: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً، قال: «العدل الهدي ما بلغ يتصدق به، فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ، لكل طعام مسكين يوما».

3304/ [4]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): محرم أصاب صيدا؟ قال: «عليه الكفارة». قلت: فإن هو عاد؟ قال: «عليه كلما عاد كفارة».

3305/ [5]- و قال الشيخ الطوسي: و أما الذي رواه الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه، و يتصدق بالصيد على مسكين، فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاء، و ينتقم الله منه، و النقمة في الآخرة، فلا ينافي ما ذكرناه، لأنه محمول على ما قدمناه من العمد، لأن من تعمد الصيد بعد أن صاد فعليه كفارة واحدة، و إذا كان ناسيا لزمته الكفارة كلما أصاب الصيد، و الذي يدل على ذلك ما رواه:

3306/ [6]- يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أصاب المحرم الصيد

خطأ فعليه كفارة، فإن أصابه ثانية [خطأ فعليه الكفارة أبدا إذا كان خطأ، فإن أصابه متعمدا [كان عليه الكفارة، فإن أصابه ثانية متعمدا] فهو ممن ينتقم الله منه، و لم يكن عليه الكفارة».

3307/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحلبي «1»، عن أبي __________________________________________________

1- التهذيب 5: 341/ 1180.

2- التهذيب 5: 341/ 1181.

3- التهذيب 5: 342/ 1184.

4- التهذيب 5: 372/ 1296.

5- التهذيب 5: 372/ 1297.

6- التهذيب 5: 372/ 1298. [.....]

7- الكافي 4: 394/ 1.

(1) في المصدر: معاوية بن عمّار، و كلاهما من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 18: 215 و 23: 81.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 365

عبد الله (عليه السلام) في المحرم يصيد الطير، قال: «عليه الكفارة في كل ما أصاب».

3308/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في محرم أصاب صيدا، قال: «عليه الكفارة».

قلت: فإن أصاب آخر؟ قال: «إذا أصاب آخر «1» فليس عليه كفارة، و هو ممن قال الله عز و جل: وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ».

3309/ [9]- قال ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه: إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه أبدا في كل ما أصاب صيدا الكفارة، و إذا أصابه متعمدا فإن عليه الكفارة.

قلت: فإن أصاب آخر، قال: إذا أصاب آخر فليس عليه الكفارة، و هو ممن قال الله عز و جل: وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ.

3310/ [10]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام،

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ.

قال: «إن رجلا انطلق و هو محرم، فأخذ ثعلبا فجعل يقرب النار إلى وجهه، و جعل الثعلب يصيح و يحدث من استه، و جعل أصحابه ينهونه عما يصنع، ثم أرسله بعد ذلك، فبينما الرجل نائم إذ جاءته حية فدخلت في فيه، فلم تدعه، حتى جعل يحدث كما أحدث الثعلب، ثم خلت عنه».

3311/ [11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ، قال: «العدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام من بعده». ثم قال: «هذا مما أخطأت به الكتاب».

3312/ [12]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ، قال: «العدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام من بعده». ثم قال: «هذا مما أخطأت به الكتاب».

3313/ [13]- و عنه: بإسناده عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، قال: تلوت عند أبي عبد الله (عليه السلام):

__________________________________________________

8- الكافي 4: 394/ 2.

9- الكافي 4: 394/ 3.

10- الكافي 4: 397/ 6.

11- الكافي 4: 396/ 3.

12- الكافي 4: 397/ 5.

13- الكافي 8: 205/ 247.

(1) في المصدر: فإن عاد فأصاب ثانيا متعمّدا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 366

ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فقال: «ذو عدل منكم، هذا مما أخطأت به «1» الكتاب».

3314/ [14]- الشيخ: بإسناده عن محمد بن

الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ: «فالعدل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الإمام من بعده يحكم به، و هو ذو عدل، فإذا علمت ما حكم الله به من رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام فحسبك، و لا تسأل عنه».

3315/ [15]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سليمان ابن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «صوم جزاء الصيد واجب، قال الله عز و جل: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما، يا زهري؟» قال: قلت: لا أدري.

قال: «يقوم الصيد «2» ثم تفض تلك القيمة على البر، ثم يكال ذلك البر أصواعا، فيصوم لكل نصف صاع يوما».

3316/ [16]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء، إلا فداء الصيد، فإن الله عز و جل يقول: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ».

3317/ [17]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً، قال: «يثمن قيمة الهدي طعاما، ثم يصوم لكل مد يوما، فإذا زادت الأمداد على شهرين «3» فليس عليه أكثر من ذلك «4»».

3318/ [18]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ.

قال: «من أصاب نعامة فبدنة، و من أصاب حمارا أو شبهه «5» فعليه بقرة، و من أصاب ظبيا فعليه شاة، بالغ الكعبة حقا واجبا عليه أن ينحر إن كان في حج فبمنى حيث ينحر الناس، و إن كان في عمرة نحر بمكة، و إن شاء

__________________________________________________

14- التهذيب 6: 314/ 867.

15- الكافي 4: 84/ 1.

16- الكافي 4: 386/ 2.

17- الكافي 4: 386/ 3.

18- تفسير العيّاشي 1: 343/ 195. [.....]

(1) في المصدر: فيه.

(2) في المصدر زيادة: قيمة، و نسخة بدل: قيمة عدل.

(3) في «س»: عشرين.

(4) في المصدر: أكثر منه.

(5) في المصدر: و شبهه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 367

تركه حتى يشتريه بعد ما يقدم فينحره، فإنه يجزي «1» عنه».

3319/ [19]- عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، قال: «في الظبي شاة، و في الحمامة و أشباهها و إن كانت فراخا فعدتها من الحملان، و في حمار وحش بقرة، و في النعامة جزور».

3320/ [20]- عن أيوب بن نوح: و في النعامة بدنة، و في البقرة بقرة.

3321/ [21]- و في رواية حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ، قال: «العدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام

من بعده» ثم قال: «و هذا مما أخطأت به الكتاب».

3322/ [22]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ:

«يعني رجلا واحدا، يعني الإمام (عليه السلام)».

3323/ [23]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في الديات ما كان من ذلك من جروح أو تنكيل فيحكم به ذوا عدل منكم [يعني الإمام».

3324/ [24]- عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ قال: «ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الإمام من بعده، فإذا حكم به الإمام فحسبك».

3325/ [25]- عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «صوم جزاء الصيد واجب، قال الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما، يا زهري؟». فقلت:

لا أدري. قال: «يقوم الصيد- قال- ثم تفض القيمة على البر، ثم يكال ذلك البر أصواعا، ثم يصوم لكل نصف صاع يوما».

3326/ [26]- عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قتل من النعم و هو محرم نعامة فعليه بدنة، و من حمار وحش بقرة، و من الظبي شاة يحكم به ذوا عدل منكم» و قال: «عدله أن يحكم بما رأى من الحكم،

__________________________________________________

19- تفسير العيّاشي 1: 343/ 196.

20- تفسير العيّاشي 1: 343/ 197.

21- تفسير العيّاشي 1: 343 ذيل الحديث 197.

22- تفسير العيّاشي 1: 344/ 198.

23- تفسير العيّاشي 1: 344/ 199.

24- تفسير العيّاشي 1: 344/ 200.

25-

تفسير العيّاشي 1: 344/ 201.

26- تفسير العيّاشي 1: 344/ 202.

(1) في المصدر: يجزيه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 368

أو صيام يقول الله: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ و الصيام لمن لم يجد الهدي فصيام ثلاثة أيام: قبل التروية بيوم، و يوم التروية، و يوم عرفة».

3327/ [27]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل فيمن قتل صيدا متعمدا و هو محرم فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً ما هو؟

فقال: «ينظر إلى الذي عليه بجزاء ما قتل، فإما أن يهديه، و إما أن يقوم فيشتري به طعاما فيطعمه للمساكين، يطعم كل مسكين مدا، و إما أن ينظركم يبلغ عدد ذلك من المساكين، فيصوم مكان كل مسكين يوما».

3328/ [28]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً قال: «عدل الهدي ما بلغ يتصدق به، فإن لم يكن عنده، فليصم بقدر ما بلغ، لكل طعام مسكين يوما».

3329/ [29]- عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً، قال: «يقوم ثمن الهدي طعاما، ثم يصوم لكل مد يوما، فإن زادت الأمداد على شهرين فليس عليه أكثر من ذلك».

3330/ [30]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ.

قال: «إن رجلا أخذ ثعلبا و هو محرم، فجعل يقدم النار إلى أنف الثعلب، و جعل الثعلب يصيح و يحدث من استه، و جعل أصحابه ينهونه عما

يصنع، ثم أرسله بعد ذلك، فبينما الرجل نائم إذ جاءت حية، فدخلت في دبره، فجعل يحدث من استه كما عذب الثعلب، ثم خلته فانطلق».

و في رواية اخرى: ثم خلت عنه.

3331/ [31]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المحرم إذا قتل الصيد في الحل فعليه جزاؤه، يتصدق بالصيد على مسكين، فإن عاد و قتل صيدا، لم يكن عليه جزاؤه، فينتقم الله منه».

3332/ [32]- و في رواية اخرى عن الحلبي، عنه (عليه السلام)، في محرم أصاب صيدا، قال: «عليه الكفارة، فإن عاد فهو ممن قال الله: فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ و ليس عليه كفارة».

__________________________________________________

27- تفسير العيّاشي 1: 345/ 203.

28- تفسير العيّاشي 1: 345/ 205.

29- تفسير العيّاشي 1: 345/ 204.

30- تفسير العيّاشي 1: 345/ 206.

31- تفسير العيّاشي 1: 346/ 207.

32- تفسير العيّاشي 1: 346/ 208.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 369

سورة المائدة(5): آية 96 ..... ص : 369

قوله تعالى:

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [96]

3333/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا بأس بأن يصيد المحرم السمك، و يأكل مالحه و طريه، و يتزود».

و قال: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ، قال: «مالحه الذي يأكلون، و فصل ما بينهما: كل طير يكون في الآجام يبيض في البر، و يفرخ في البر، فهو من صيد البر، و ما كان من صيد البر يكون في البر و يبيض في البحر [و يفرخ في البحر] فهو من صيد البحر».

3334/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل شي ء يكون أصله في البحر، و يكون في البر و البحر، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله فعليه الجزاء [كما قال الله عز و جل ».

3335/ [3]- الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا بأس أن يصيد «1» المحرم السمك و يأكل طريه و مالحه، و يتزود، قال الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ فليختر «2» الذين يأكلون». و قال: «فصل ما بينهما: كل طير يكون في الآجام يبيض في البر «3» و يفرخ في البر فهو من صيد البر، و ما كان من الطير يكون في البحر [و يفرخ في البحر] فهو من صيد البحر».

3336/ [4]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ، قال: «مالحه الذي يأكلون». و قال: «فصل ما بينهما: كل طير يكون في الآجام يبيض في البحر و يفرخ في البر، فهو من صيد البر، و ما كان من طير يكون في البر و يبيض في البحر و يفرخ، فهو من صيد البحر».

__________________________________________________

1- الكافي 4: 392/ 1.

2- الكافي 4: 393/ 2.

3- التهذيب 5: 365/ 1270.

4- تفسير العيّاشي 1: 346/ 209.

(1) في «س» و «ط»: يأكل.

(2) في المصدر: فليخير.

(3) في «س» و «ط»: البحر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 370

3337/ [5]- عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال سألته عن قول الله: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ، قال:

«هي الحيتان المالح، و ما تزودت منه أيضا، و إن لم يكن مالحا فهو متاع».

سورة المائدة(5): آية 97 ..... ص : 370

قوله تعالى:

جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَ الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ الْهَدْيَ وَ الْقَلائِدَ [97]

3338/ [6]- العياشي: عن أبان بن تغلب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ؟ قال: «جعلها الله لدينهم و معايشهم».

3339/ [7]- الطبرسي: قال سعيد بن جبير: من أتى هذا البيت يريد شيئا للدنيا و الآخرة أصابه. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

3340/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: ما دامت الكعبة قائمة، و يحج الناس إليها، لم يهلكوا، فإذا هدمت و تركوا الحج هلكوا.

و تفسير الشهر الحرام و الهدي و القلائد قد تقدم معناه في أول السورة «1».

سورة المائدة(5): الآيات 101 الي 102 ..... ص : 370

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ- إلى قوله تعالى- كافِرِينَ [101- 102]

3341/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت، فقال لها عمر بن الخطاب «2»: غطي قرطك، فإن قرابتك من رسول

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 346/ 210. [.....]

6- تفسير العيّاشي 1: 346/ 211.

7- مجمع البيان 3: 382.

8- تفسير القمّي 1: 187.

9- تفسير القمّي 1: 188.

(1) تقدّم في تفسير الآية (2) من هذه السورة.

(2) في المصدر: لها الثاني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 371

الله (صلى الله عليه و آله) لا تنفعك شيئا. فقالت له: و هل رأيت لي قرطا، يا بن اللخناء؟! ثم دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبرته بذلك، و بكت، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فقال: ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا

تنفع؟! لو قد قمت «1» المقام المحمود لشفعت في أحوجكم، لا يسألني اليوم أحد من أبوه إلا أخبرته. فقام إليه رجل، فقال: من أبي يا رسول الله؟ فقال: أبوك غير الذي تدعى إليه «2»، أبوك فلان بن فلان. فقام إليه رجل آخر فقال: من أبي يا رسول الله؟ فقال: أبوك الذي تدعى إليه. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما بال الذي يزعم أن قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟! فقام إليه عمر «3» فقال: أعوذ بالله يا رسول الله من غضب الله و غضب رسوله، اعف عني، عفا الله عنك، فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ إلى قوله ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ».

3342/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا حدثتكم بشي ء فاسألوني عنه من كتاب الله» ثم قال في بعض حديثه: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى عن القيل، و القال، و فساد المال، و كثرة السؤال» فقيل له: يا بن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟

قال: «إن الله عز و جل يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ «4»، و قال: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً «5»، و قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ».

3343/ [3]- العياشي: عن أحمد بن محمد، قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام)،

و كتب في آخره: «أو لم تنتهوا عن كثرة المسائل فأبيتم أن تنتهوا، إياكم و ذاك، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، فقال الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إلى قوله: كافِرِينَ».

سورة المائدة(5): آية 103 ..... ص : 371

قوله تعالى:

ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ وَ لكِنَّ الَّذِينَ

__________________________________________________

2- الكافي 1: 48/ 5.

3- تفسير العيّاشي 1: 346/ 212.

(1) في المصدر: قربت.

(2) في المصدر: له.

(3) في المصدر: إليه الثاني.

(4) النّساء 4: 114.

(5) النّساء 4: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 372

كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [103]

3344/ [1]- ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ.

قال: «إن أهل الجاهلية كانوا إذا ولدت الناقة ولدين في بطن واحد، قالوا: وصلت. فلا يستحلون ذبحها، و لا أكلها، و إذا ولدت عشرة جعلوها سائبة، و لا يستحلون ظهرها، و لا أكلها، و الحام: فحل الإبل، لم يكونوا يستحلونه، فأنزل الله عز و جل أنه لم يكن يحرم شيئا من ذلك».

ثم قال ابن بابويه: و قد روي أن البحيرة: الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن، فإن كان الخامس ذكرا نحروه، فأكله الرجال و النساء، و إن كان الخامس أنثى بحروا اذنها، أي شقوها، و كانت حراما على النساء «1» لحمها و لبنها، فإذا ماتت حلت للنساء.

و السائبة: البعير يسيب بنذر

يكون على الرجل إن سلمه الله عز و جل من مرض أو بلغه منزله أن يفعل ذلك.

و الوصيلة من الغنم: كانوا إذا ولدت الشاة سبعة أبطن فإن كان السابع ذكرا ذبح فأكل منه الرجال و النساء، و إن كان أنثى تركت في الغنم، و إن كان ذكرا و أنثى قالوا: وصلت أخاها. فلم تذبح، و كان لحمها حراما على النساء، إلا أن يموت منها شي ء، فيحل أكلها للرجال و النساء.

و الحام: الفحل إذا ركب ولد ولده، قالوا: قد حمى ظهره. قال: و قد يروى أن الحام هو من الإبل إذا أنتج عشرة أبطن، قالوا: قد حمى ظهره. فلا يركب، و لا يمنع من كلأ و لا ماء.

3345/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ.

قال: «و إن أهل الجاهلية كانوا إذا ولدت الناقة ولدين في بطن، قالوا: وصلت. فلا يستحلون ذبحها، و لا أكلها، و إذا ولدت عشرا جعلوها سائبة، فلا يستحلون ظهرها، و لا أكلها، و الحام: فحل الإبل، لم يكونوا يستحلون، فأنزل الله أن الله لم يحرم شيئا من هذا».

3346/ [3]- عن أبي الربيع، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن السائبة، قال: «هو الرجل يعتق غلامه، ثم يقول له: اذهب حيث شئت و ليس لي من ميراثك شي ء، و لا علي من جريرتك «2» شي ء، و يشهد على ذلك شاهدا».

!__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 148/ 1. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1: 347/ 213.

3- تفسير العيّاشي 1: 348/ 214.

(1) في المصدر زيادة: و الرجال.

(2) في «ط»: حدثك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 373

3347/ [4]- عن عمار بن أبي الأحوص، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن السائبة، قال: «انظر في القرآن، فما كان فيه فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ «1» فتلك يا عمار السائبة التي لا ولاء لأحد من الناس عليها إلا الله، و ما كان ولاؤه لله فهو لرسول الله عليه و آله السلام، و ما كان ولاؤه لرسول الله فإن ولاءه للإمام و ميراثه له».

3348/ [5]- و قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «البحيرة إذا ولدت و ولد ولدها بحرت».

3349/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: البحيرة كانت إذا وضعت الشاة خمسة أبطن ففي السادسة قالت العرب:

قد بحرت. فجعلوها للصنم و لا تمنع ماء و لا مرعى.

و الوصيلة: إذا وضعت الشاة خمسة أبطن، ثم وضعت في السادس جديا و عناقا في بطن واحد، جعلوا الأنثى للصنم، و قالوا: وصلت أخاها. و حرموا لحمها على النساء.

و الحام: إذا كان الفحل من الإبل جد الجد، قالوا: حمى ظهره. فسموه حاما، فلا يركب، و لا يمنع ماء و لا مرعى، و لا يحمل عليه شي ء، فرد الله عليهم، فقال: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ- إلى قوله: وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.

سورة المائدة(5): آية 105 ..... ص : 373

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [105]

3350/ [1]- (مصباح الشريعة): روي أن أبا ثعلبة الخشني «2» سأل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن هذه الآية:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ فقال (صلى الله عليه و آله): «آمر بالمعروف و انه عن المنكر و اصبر على ما أصابك حتى إذا رأيت شحا مطاعا، و هوى متبعا، و إعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك

بنفسك، و دع عنك أمر العامة».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 348/ 215.

5 تفسير العيّاشي 1: 348 ذيل الحديث 215.

6- تفسير القمّي 1: 188.

1- مصباح الشريعة: 18.

(1) النّساء 4: 92، المجادلة 58: 3.

(2) في «ط»: ثعلبة الأسدي و في «س» و البحار 100: 83/ 52: ثعلبة الخشني، و في مستدرك الوسائل 12: 189/ 8: ثعلبة الحبشي، و الصحيح ما أثبتناه، انظر أسد الغابة 5: 154.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 374

3351/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أصلحوا أنفسكم فلا تتبعوا عورات الناس، و لا تذكروهم، فإنه لا يضركم ضلالتهم إذا كنتم أنتم صالحين.

3352/ [3]- و في (نهج البيان): عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: «نزلت هذه الآية في التقية».

سورة المائدة(5): الآيات 106 الي 108 ..... ص : 374

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ- إلى قوله تعالى- لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ [106- 108]

3353/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن رجاله، رفعه، قال: «خرج تميم الداري، و ابن بيدي «1»، و ابن أبي مارية، في سفر، و كان تميم الداري مسلما، و ابن بيدي، و ابن أبي مارية نصرانيين، و كان مع تميم الداري خرج له، فيه متاع و آنية منقوشة بالذهب، و قلادة، أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع، فاعتل تميم الداري علة شديدة، فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بيدي و ابن أبي مارية، و أمرهما أن يوصلاه إلى ورثته، فقدما المدينة و قد أخذا من المتاع الآنية و القلادة، و أوصلا سائر ذلك إلى ورثته، فافتقد القوم الآنية و القلادة، فقال أهل

تميم لهما: هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة؟ فقالا: لا، ما مرض إلا أياما قلائل. قالوا: فهل سرق منه شي ء في سفره هذا؟ قالا: لا. قالوا: فهل اتجر تجارة خسر فيها؟ قالا: لا. قالوا فقد افتقدنا أفضل شي ء و كان معه، آنية منقوشة بالذهب، مكللة بالجوهر، و قلادة. فقالا: ما دفع إلينا فقد أديناه إليكم. فقدموهما إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأوجب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليهما اليمين، فحلفا، فخلى عنهما.

ثم ظهرت تلك الآنية و القلادة عليهما، فجاء أولياء تميم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا رسول الله، قد ظهر على ابن بيدي و ابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما. فانتظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الله عز و جل الحكم في ذلك، فأنزل الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ __________________________________________________

2- تفسير القمي 1: 188.

3- نهج البيان 2: 107 (مخطوط).

1- الكافي 7: 5/ 7.

(1) في «س» و «ط»: ابن بندي، و كذا في المواضع الآتية. و في سائر المصادر عدي بن بداء، و بديل بن أبي مريم، و في بعضها: مارية، و فيها أن تميما و عديا هما السارقان. انظر سير أعلام النبلاء 2: 444، الدر المنثور 3: 220. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 375

ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فأطلق الله عز و جل شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط، إذا كان في سفر و لم يجد المسلمين، ثم قال: فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ

ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ فهذه الشهادة الاولى التي جعلها رسول الله (صلى الله عليه و آله) فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً أي أنهما حلفا على كذب فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما يعني من أولياء المدعي مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ أي يحلفان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما، و أنهما قد كذبا فيما حلفا بالله لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به، فحلفوا فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) القلادة و الآنية من ابن بيدي و ابن أبي مارية و ردهما على أولياء تميم الداري ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ».

و ذكر هذا الحديث علي بن إبراهيم في (تفسيره) بتغيير يسير، و فيه بعد قوله: تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ يعني صلاة العصر «1».

3354/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ، قلت:

ما آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ؟ قال: «هما كافران». قلت: ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ؟ فقال: «مسلمان».

3355/ [3]- و عنه: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم،

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

قال: «إذا كان الرجل في بلد ليس فيه مسلم، جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية».

3356/ [4]- و عنه: عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن يحيى «2»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

قال: «اللذان منكم: مسلمان، و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن

__________________________________________________

2- الكافي 7: 3/ 1.

3- الكافي 7: 4/ 3.

4- الكافي 7: 4/ 6.

(1) تفسير القمّي 1: 189.

(2) في المصدر: يحيى بن محمّد، و قد روى كلاهما عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و روى عنهما يونس بن عبد الرحمن، راجع معجم رجال الحديث 18: 26 و 20: 88.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 376

المجوس، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سن في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية، و ذلك إذا مات الرجل في أرض غربة، فلم يجد مسلمين، أشهد رجلين من أهل الكتاب، يحبسان بعد الصلاة «1» فيقسمان بالله عز و جل لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ- قال- و ذلك إذا ارتاب ولي الميت في شهادتهما، فإن عثر على أنهما شهدا بالباطل، فليس له أن ينقض شهادتهما، حتى يجي ء بشهادين، فيقومان مقام الشاهدين الأولين، فيقسمان بالله لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ

فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين، و جازت شهادة الآخرين، يقول الله عز و جل: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ».

3357/ [5]- الشيخ: بإسناده عن ابن محبوب «2»، عن جميل بن صالح، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

فقال: «اللذان منكم: مسلمان، و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب»- قال- [و إنما ذلك إذا مات الرجل المسلم بأرض غربة، فطلب رجلين مسلمين ليشهدهما على وصيته، فلم يجد مسلمين، فليشهد على وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب، مرضيين عند أصحابهم».

3358/ [6]- العياشي: عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ، قال:

«هما كافران».

قلت: فقول الله: ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ، قال: «مسلمان».

3359/ [7]- عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إلى أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ، فقال: «هما كافران».

3360/ [8]- عن علي بن سالم، عن رجل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

فقال: «اللذان منكم: مسلمان، و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن

__________________________________________________

5- التهذيب 6: 253/ 655.

6- تفسير العيّاشي 1: 348/ 216.

7- تفسير العيّاشي 1: 348/ 217.

8- تفسير العيّاشي 1: 348/ 218.

(1) في «س» و «ط»:

العصر.

(2) في «س» و «ط»: محمّد بن عليّ بن محبوب، عن الحسن بن محبوب، و ما في المتن من المصدر و الكافي 7: 399/ 8، و السند فيهما معلّق على ما سبقه و هو: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 377

المجوس، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سن «1» في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية- قال- و ذلك إذا مات الرجل بأرض غربة فلم يجد مسلمين، أشهد رجلين من أهل الكتاب، يحبسان من بعد الصلاة فيقسمان بالله عز و جل: لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ- قال- و ذلك إن ارتاب ولي الميت في شهادتهما فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً يقول: شهدا بالباطل، فليس له أن ينقض شهادتهما، حتى يجي ء شاهدان فيقومان مقام الشاهدين الأولين: فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين، و جازت شهادة الآخرين، يقول الله:

ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ».

3361/ [9]- عن ابن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

قال: «اللذان منكم: مسلمان، و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب. و ذلك إذا مات الرجل [المسلم بأرض غربة «2» فلم يجد مسلمين يشهدهما، فرجلين

من أهل الكتاب».

3362/ [10]- قال حمران: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و اللذان من غيركم: من أهل الكتاب، و إنما ذلك إذا مات الرجل المسلم في أرض غربة، فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيته فلم يجد مسلمين، فليشهد رجلين ذميين من أهل الكتاب، مرضيين عند أصحابهم».

3363/ [11]- سعد بن عبد الله: عن القاسم بن الربيع الوراق و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد ابن سنان، عن مياح المدائني، عن المفضل بن عمر، في كتاب أبي عبد الله (عليه السلام) إليه: «و أما ما ذكرت أنهم يستحلون الشهادات بعضهم لبعض على غيرهم، فإن ذلك لا يجوز، و لا يحل، و ليس هو على ما تأولوا لقول الله عز و جل «3»: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ فذلك إذا كان مسافرا، فحضره الموت أشهد اثنين ذوي عدل من أهل دينه فإن لم يجد فآخران ممن يقرأ القرآن، من غير أهل ولايته

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 349/ 219.

10- تفسير العيّاشي 1: 349 ذيل الحديث 219.

11- مختصر بصائر الدرجات: 86. [.....]

(1) في المصدر: قال: و سنّوا.

(2) في المصدر زيادة: فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيّة.

(3) كذا في المصدر، و بصائر الدرجات: 546/ 1، في «س» و «ط»: سعد بن عبد اللّه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن عليّ، عن حفص المؤدّب، عن أبي عبد اللّه، في قول اللّه عزّ و جلّ، و هذا سند الحديث السابق لهذا في المصدر، فهو سهو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص:

378

تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ عز و جل إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ من أهل ولايته فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اسْمَعُوا».

سورة المائدة(5): آية 109 ..... ص : 378

قوله تعالى:

يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [109]

3364/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء «1»، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ماذا أجبتم في أوصيائكم؟ [يسأل الله تعالى يوم القيامة] فيقولون: لا علم لنا بما فعلوا بعدنا بهم».

3365/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد «2» الكناسي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا.

قال: فقال: «إن لهذا تأويلا، يقول: ماذا أجبتم في أوصيائكم الذين خلفتم «3» على أممكم؟- قال- فيقولون: لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا».

3366/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا أبو عمرو محمد ابن جعفر المقرئ الجرجاني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد، قال: حدثنا محمد بن عاصم الطريقي، قال: حدثنا أبو زيد عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال، مولى زيد بن علي، قال: حدثني

أبي يزيد بن الحسن، قال: حدثني موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الصادق (عليه السلام) في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 190.

2- الكافي 8: 338/ 535.

3- معاني الأخبار: 231/ 1.

(1) في المصدر: عن العلا بن العلا، و الصواب ما في المتن، و المراد به: العلاء بن رزين الذي صحب محمّد بن مسلم و تفقّه عليه، و روى عنه الحسن ابن محبوب، و يلقّب القلّاء لأنّه كان يقلي السوبق. ترجمته في رجال النجاشي: 298، فهرست الطوسيّ: 112، معجم رجال الحديث 11: 167.

(2) في المصدر: بريد، تصحيف، و الصواب ما في المتن. انظر معجم رجال الحديث 02: 103 و 122، و الحديث (4).

(3) في المصدر: خلفتموهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 379

يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا قال: يقولون: لا علم لنا بسواك» قال: «و قال الصادق (عليه السلام): القرآن كله تقريع، و باطنه تقريب».

قال ابن بابويه: يعني بذلك أنه من وراء آيات التوبيخ و الوعيد آيات الرحمة و الغفران.

3367/ [4]- العياشي: عن يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا، قال: «يقول: ماذا أجبتم في أوصيائكم الذين خلفتم على أمتكم؟- قال- فيقولون: لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا»

سورة المائدة(5): آية 110 ..... ص : 379

قوله تعالى:

وَ إِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي- إلى قوله تعالى- وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي [110]

3368/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر «1»، قال: حدثنا أبو عبد

الله السياري، عن أبي يعقوب البغدادي، قال: قال ابن السكيت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): لماذا بعث الله تعالى موسى بن عمران (عليه السلام) بيده البيضاء و العصا و آلة السحر، و بعث عيسى (عليه السلام) بالطب، و بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالكلام و الخطب؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى لما بعث موسى (عليه السلام) كان الأغلب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله تعالى بما لم يكن عند القوم و في وسعهم «2» مثله، و بما أبطل به سحرهم و أثبت به الحجة عليهم.

و إن الله تبارك و تعالى بعث عيسى (عليه السلام) في وقت ظهرت فيه الزمانات «3»، و احتاج الناس إلى الطب، فأتاهم من عند الله تعالى بما لم يكن عندهم مثله، و بما أحيا لهم الموتى، و أبرأ لهم الأكمه و الأبرص، بإذن الله عز و جل، و أثبت به الحجة عليهم.

و إن الله تبارك و تعالى بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب و الكلام

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 349/ 220.

1- علل الشرائع: 121/ 6.

(1) في المصدر: الحسين بن محمّد بن عليّ، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 6: 76.

(2) في المصدر: لم يكن في وسع القوم.

(3) الزمانات: الأمراض التي تدوم زمنا طويلا. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 380

- و أظنه قال: و الشعر- فأتاهم من كتاب الله تعالى و مواعظه و أحكامه ما أبطل به قولهم، و أثبت به الحجة عليهم».

قال ابن السكيت: تالله ما رأيت مثلك اليوم قط، فما الحجة على الخلق اليوم؟

فقال (عليه السلام): «العقل يعرف به

الصادق على الله فيصدقه، و الكاذب على الله فيكذبه».

فقال ابن السكيت: هذا- و الله- هو الجواب.

3369/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب، و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل: هل كان عيسى بن مريم (عليه السلام) أحيا أحدا بعد موته بأكل «1» و رزق و مدة و ولد؟

فقال: «نعم، إنه كان له صديق مؤاخ له في الله تبارك و تعالى، و كان عيسى (عليه السلام) يمر به، و ينزل عليه، و إن عيسى (عليه السلام) غاب عنه حينا، ثم مر به ليسلم عليه، فخرجت إليه امه، فسألها عنه، فقالت: مات يا رسول الله.

فقال: أ تحبين أن تريه؟ قال: نعم. فقال لها: إذا كان غدا فآتيك حتى أحييه لك بإذن الله تبارك و تعالى.

فلما كان من الغد أتاها، فقال لها: انطلقي معي إلى قبره. فانطلقا حتى أتيا قبره، فوقف عليه عيسى (عليه السلام)، ثم دعا الله عز و جل فانفرج القبر، و خرج ابنها حيا، فلما رأته امه و رءاها بكيا، فرحمهما عيسى (عليه السلام)، فقال له عيسى (عليه السلام): أ تحب أن تبقى مع أمك في الدنيا؟ فقال: يا رسول الله، بأكل و رزق و مدة، أم بغير أكل و لا رزق و لا مدة؟ فقال له عيسى (عليه السلام): بأكل و رزق و مدة، و تعمر عشرين سنة، و تزوج و يولد لك. قال: نعم إذن. فدفعه عيسى إلى امه، فعاش عشرين سنة و تزوج، و ولد له».

3370/ [3]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن الحكم،

عن ربيع بن محمد، عن عبد الله بن سليم العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن عيسى بن مريم جاء إلى قبر يحيى بن زكريا (عليهما السلام)، و كان سأل ربه أن يحييه له، فدعاه فأجابه، و خرج إليه من القبر، فقال له: ما تريد مني؟ فقال له:

أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا. فقال له: يا عيسى، ما سكنت عني حرارة الموت، و أنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا، و تعود علي حرارة الموت؟! فتركه، و أعاده إلى قبره».

سورة المائدة(5): آية 111 ..... ص : 380

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَ بِرَسُولِي [111]

3371/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا

__________________________________________________

2- الكافي 8: 337/ 532.

3- الكافي 3: 260/ 37.

1- علل الشرائع: 80/ 1.

(1) في المصدر: موته حتّى كان له أكل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 381

أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): لم سمي الحواريون الحواريين؟

قال: «أما عند الناس فإنهم سموا الحواريين لأنهم كانوا قصارين، يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل، و هو اسم مشتق من الخبز الحوار «1»، و أما عندنا فسمي الحواريون الحواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم، و مخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب، بالوعظ و التذكير».

قال: فقلت له: فلم سمي النصارى نصارى؟

قال: «لأنهم كانوا من قرية اسمها ناصرة، من بلاد الشام، نزلتها مريم و نزلها عيسى (عليهما السلام) بعد رجوعهما من مصر».

3372/ [2]- العياشي: عن محمد بن يوسف الصنعاني، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) وَ إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ، قال: «ألهموا».

سورة المائدة(5): الآيات 112 الي 115 ..... ص : 381

قوله تعالى:

إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- مِنَ الْعالَمِينَ [112- 115] 3373/ [3]- العياشي: عن يحيى الحلبي، في قوله: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ، قال: «قراءتها: هل تستطيع ربك، يعني: هل تستطيع أن تدعو ربك».

3374/ [4]- عن عيسى العلوي، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المائدة التي نزلت على بني إسرائيل مدلاة بسلاسل من ذهب، عليها تسعة أحوتة «2» و تسعة أرغفة».

3375/ [5]- عن

الفيض بن المختار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لما أنزلت المائدة على عيسى، قال للحواريين: لا تأكلوا منها، حتى آذن لكم. فأكل منها رجل منهم، فقال بعض الحواريين: يا روح الله، أكل منها

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 350/ 221.

3- تفسير العيّاشي 1: 350/ 222.

4- تفسير العيّاشي 1: 350/ 223.

5- تفسير العيّاشي 1: 350/ 224.

(1) كذا، و في سائر معاجم اللغة (الحوّارى) الدقيق الأبيض و هو لباب الدقيق و أجوده و أخلصه، و كذلك (الخبز الحوّارى) الأبيض الخالص.

(2) في المصدر: أخونه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 382

فلان. فقال له عيسى: أكلت منها؟ فقال له: لا. فقال الحواريون: بلى و الله- يا روح الله- لقد أكل منها. فقال لهم عيسى: صدق أخاك، و كذب بصرك».

3376/ [4]- عن عيسى العلوي، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المائدة التي نزلت على بني إسرائيل مدلاة بسلاسل من ذهب، عليها تسعة ألوان «1»، و تسعة أرغفة».

3377/ [5]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «إن الخنازير من قوم عيسى، سألوا نزول المائدة فلم يؤمنوا بها، فمسخهم الله خنازير».

3378/ [6]- عن عبد الصمد بن بندار، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «كانت الخنازير قوم من القصارين، كذبوا بالمائة، فمسخوا خنازير».

3379/ [7]- عن الطبرسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «معنى الآية: هل تستطيع أن تدعو ربك».

3380/ [8]- و قال الطبرسي: روي عن عمار بن ياسر، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «نزلت المائدة خبزا و لحما، و ذلك لأنهم سألوا عيسى (عليه السلام) طعاما لا ينفد يأكلون منه- قال- فقيل لهم: إنها مقيمة لكم ما لم تخونوا أو تخبئوا أو ترفعوا،

فإن فعلتم ذلك عذبتم». قال: «فما مضى يومهم حتى خبأوا و رفعوا و خانوا».

3381/ [9]- و عنه، قال: و قال ابن عباس: إن عيسى بن مريم قال لبني إسرائيل: صوموا ثلاثين يوما، ثم اسألوا الله تعالى ما شئتم يعطيكموه «2». فصاموا ثلاثين يوما، فلما فرغوا قالوا: يا عيسى، إنا لو علمنا لأحد من الناس فقضينا عمله لأطعمنا طعاما، و إنا صمنا كما أمرنا، و جعنا، فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء. فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها، عليها سبعة أرغفة و سبعة أحوات، حتى وضعتها «3» بين أيديهم، فأكل منها آخر الناس، كما أكل منها أولهم.

قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

3382/ [10]- و قال الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) في (تفسيره): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 350/ 225.

5- تفسير العيّاشي 1: 351/ 226.

6- تفسير العيّاشي 1: 351/ 227.

7- مجمع البيان 3: 406. [.....]

8- مجمع البيان 3: 410.

9- مجمع البيان 3: 410.

10- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 195/ 91.

(1) كذا، و لعلّه تصحيف (أنوان) جمع نون بمعنى الحوت، و في قصص الأنبياء للراوندي: 185/ 228: أحوات.

(2) في المصدر: يعطيكم.

(3) في المصدر: وضعوها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 383

إن الله تعالى نزل على عيسى (عليه السلام) مائدة، و بارك الله له في أربعة أرغفة و سميكات «1»، حتى أكل و شبع منها أربعة آلاف و سبع مائة».

3383/ [11]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ، قال عيسى: اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، قالوا كما حكى الله: نُرِيدُ

أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ، فقال عيسى: اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آيَةً مِنْكَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.

فقال الله احتجاجا عليهم: إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ، فكانت تنزل المائدة عليهم، فيجتمعون عليها و يأكلون حتى يشبعوا، ثم ترفع، فقال كبراؤهم و مترفوهم: لا ندع «2» سفلتنا «3» يأكلون منها. فرفع الله عنهم المائدة، و مسخوا قردة و خنازير.

3384/ [12]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن الأشعري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «الفيل مسخ، كان ملكا زناء، و الذئب مسخ، كان أعرابيا ديوثا، و الأرنب مسخ، كانت امراة تخون زوجها، و لا تغتسل من حيضها، و الوطواط مسخ، كان يسرق تمور الناس، و القردة و الخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت، و الجريث و الضب فرقة من بني إسرائيل لم يؤمنوا حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم (عليه السلام)، فتاهوا فوقعت فرقة في البحر، و فرقة في البر، و الفأرة فهي الفويسقة، و العقرب كان نماما، و الدب و الوزغ و الزنبور، كانت لحاما يسرق في الميزان».

سورة المائدة(5): الآيات 116 الي 117 ..... ص : 383

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ [116- 117] 3385/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ

مِنْ دُونِ اللَّهِ لفظ الآية ماض و معناه مستقبل، و لم يقله بعد، و سيقوله، و ذلك أن النصارى

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 1: 190.

12- الكافي 6: 246/ 14.

1- تفسير القمّي 1: 190.

(1) في «ط»: مائدة بارك اللّه له فيها سميكات.

(2) في «ط»: لا تدع.

(3) السّفلة من الناس: أسافلهم و غوغاؤهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 384

زعموا أن عيسى (عليه السلام) قال لهم: إني و امي إلهين من دون الله. فإذا كان يوم القيامة يجمع الله بين النصارى و بين عيسى بن مريم (عليهما السلام)، فيقول له: أ أنت قلت لهم ما يدعون عليك: اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ؟ فيقول عيسى (عليه السلام): سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ- إلى قوله- وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ و الدليل على أن عيسى (عليه السلام) لم يقل لهم ذلك قوله: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ «1».

3386/ [2]- العياشي: عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى لعيسى (عليه السلام): أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، قال: «لم يقله، و سيقوله، إن الله إذا علم أن شيئا كائن أخبر عنه خبر ما قد كان».

3387/ [3]- عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، قول الله لعيسى: أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قال الله بهذا الكلام؟ فقال: «إن الله إذا أراد أمرا أن يكون قصه قبل أن يكون، كأن قد كان».

3388/ [4]- العياشي: عن

جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2»

، في تفسير هذه الآية تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ.

قال: «إن اسم الله الأكبر ثلاثة و سبعون حرفا، فاحتجب الرب تبارك و تعالى منها بحرف، فمن ثم لا يعلم أحد ما في نفسه عز و جل، أعطى آدم اثنين و سبعين حرفا، فتوارثها الأنبياء حتى صارت إلى عيسى (عليه السلام)، فذلك قول عيسى (عليه السلام): تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي يعني اثنين و سبعين حرفا من الاسم الأكبر، يقول: أنت علمتنيها، فأنت تعلمها وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ يقول: لأنك احتجبت من خلقك بذلك الحرف، فلا يعلم أحد في نفسك».

3389/ [5]- عن عبد الله بن بشير «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان مع عيسى (عليه السلام) حرفان يعمل بهما، و كان مع موسى (عليه السلام) أربعة، و كان مع إبراهيم (عليه السلام) ستة، و كان مع نوح (عليه السلام) ثمانية، و كان مع آدم (عليه السلام) خمسة و عشرون، و جمع ذلك كله لرسول الله (صلى الله عليه و آله) إن اسم الله ثلاثة و سبعون حرفا، كان مع

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 351/ 228.

3- تفسير العيّاشي 1: 351/ 229. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 351/ 230.

5- تفسير العيّاشي 1: 352/ 231.

(1) المائدة 5: 119.

(2) (عن أبي جعفر (عليه السّلام) ليس في المصدر.

(3) في «س» و «ط»: عبد اللّه بن قيس، و ما في المتن أظهر حيث عدّ من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و روى عنه أيضا. انظر معجم رجال الحديث 10: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 385

رسول الله (صلى الله عليه و آله) اثنان و سبعون

حرفا، و حجب عنه واحد».

سورة المائدة(5): آية 119 ..... ص : 385

قوله تعالى:

قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [119]

3390/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن ضريس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ.

قال: «إذا كان يوم القيامة و حشر الناس للحساب، فيمرون بأهوال يوم القيامة، فلا ينتهون إلى العرصة حتى يجهدوا جهدا شديدا- قال- فيقفوا بفناء العرصة، و يشرف الجبار عليهم و هو على عرشه، فأول من يدعى بنداء يسمع الخلائق أجمعين أن يهتف باسم محمد بن عبد الله النبي القرشي العربي- قال- فيتقدم حتى يقف عن يمين العرش، ثم يدعى باسم وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) «1» فيتقدم حتى يقف على يسار رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم يدعى بامة محمد (صلى الله عليه و آله)، فيقفون على يسار علي (عليه السلام)، ثم يدعى بنبي نبي و وصيه، من أولهم «2» إلى آخرهم، و أممهم معهم فيقفون عن يسار العرش».

قال: «ثم أول من يدعى للمساءلة القلم- قال- فيتقدم فيقف بين يدي الله تعالى في صورة الآدميين، فيقول الله: هل سطرت في اللوح ما ألهمتك و أمرتك به من الوحي؟ فيقول القلم: نعم يا رب، قد علمت أني قد سطرت في اللوح ما أمرتني و ألهمتني به من وحيك. فيقول الله تعالى: فمن يشهد لك بذلك؟ فيقول: يا رب، و هل أطلع على مكنون سرك خلقا غيرك؟- قال- فيقول له: أفلجت «3» حجتك».

قال: «ثم يدعى باللوح، فيتقدم في صورة الآدميين، حتى يقف مع القلم، فيقول له: هل سطر فيك القلم ما ألهمته و أمرته به من وحيي؟ فيقول اللوح: نعم

يا رب، و بلغته إسرافيل.

[فيدعى بإسرافيل فيتقدم حتى يقف مع القلم و اللوح في صورة الآدميين، فيقول الله: هل بلغك اللوح ما سطر فيه القلم من وحيي؟ فيقول: نعم يا رب، و بلغته جبرئيل. فيدعى بجبرئيل فيتقدم حتى يقف مع إسرافيل، فيقول الله: هل بلغك إسرافيل، ما بلغ؟ فيقول: نعم يا رب، و بلغته جميع أنبيائك، و أنفذت إليهم جميع ما انتهى إلي من أمرك، و أديت رسالاتك «4» إلى نبي نبي، و رسول رسول، و بلغتهم كل وحيك و حكمتك و كتبك، و إن آخر

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 191.

(1) في المصدر: العرش قال: ثمّ يدعى بصاحبكم عليّ (عليه السّلام).

(2) في المصدر: بنبيّ نبيّ و امّته معه من أوّل النبيّين.

(3) أفلجت: فازت.

(4) في المصدر: رسالتك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 386

من بلغته رسالتك و وحيك و حكمتك و علمك و كتابك و كلامك محمد بن عبد الله العربي القرشي الحرمي، حبيبك».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فأول من يدعى من ولد آدم للمساءلة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه و آله)، فيدنيه الله، حتى لا يكون خلق أقرب إلى الله تعالى يومئذ منه، فيقول الله: يا محمد، هل بلغك جبرئيل ما أوحيت إليك و أرسلته به إليك من كتابي و حكمتي و علمي، و هل أوحى ذلك إليك؟ فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): نعم يا رب، قد بلغني جبرئيل جميع ما أوحيته إليه، و أرسلته به من كتابك و حكمتك و علمك، و أوحاه إلي.

فيقول الله لمحمد: هل بلغت أمتك ما بلغك جبرئيل من كتابي و حكمتي و علمي؟ فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): نعم يا رب، قد

بلغت امتي ما أوحيت إلي من كتابك و حكمتك و علمك، و جاهدت في سبيلك.

فيقول الله لمحمد (صلى الله عليه و آله): فمن يشهد لك بذلك؟ فيقول محمد: يا رب أنت الشاهد لي بتبليغ الرسالة، و ملائكتك، و الأبرار من امتي، و كفى بك شهيدا. فيدعى بالملائكة فيشهدون لمحمد (صلى الله عليه و آله) بتبليغ الرسالة، ثم يدعى بامة محمد (صلى الله عليه و آله) فيسألون: هل بلغكم محمد رسالتي و كتابي و حكمتي و علمي، و علمكم ذلك؟

فيشهدون لمحمد (صلى الله عليه و آله) بتبليغ الرسالة و الحكمة و العلم.

فيقول الله لمحمد (صلى الله عليه و آله): فهل استخلفت في أمتك من بعدك من يقوم فيهم بحكمتي و علمي، و يفسر لهم كتابي، و يبين لهم ما يختلفون فيه من بعدك، حجة لي و خليفة في أرضي؟ فيقول محمد (صلى الله عليه و آله):

نعم يا رب، قد خلفت فيهم علي بن أبي طالب، أخي، و وزيري، و وصيي، و خير امتي، و نصبته لهم علما في حياتي، و دعوتهم إلى طاعته، و جعلته خليفتي في امتي و إماما تقتدي به الامة «1» بعدي إلى يوم القيامة.

فيدعى بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فيقال له: هل أوصى إليك محمد، و استخلفك في أمته، و نصبك علما لأمته في حياته؟ و هل قمت فيهم من بعده مقامه؟ فيقول له علي: نعم يا رب، قد أوصى إلي محمد (صلى الله عليه و آله)، و خلفني في أمته، و نصبني لهم علما في حياته، فلما قبضت محمدا إليك جحدني أمته، و مكروا بي، و استضعفوني، و كادوا يقتلونني، و قدموا قدامي من أخرت، و أخروا من قدمت، و

لم يسمعوا مني، و لم يطيعوا أمري، فقاتلتهم في سبيلك حتى قتلوني.

فيقال لعلي (عليه السلام): فهل خلفت من بعدك في امة محمد حجة و خليفة في الأرض، يدعو عبادي إلى ديني و إلى سبيلي؟ فيقول علي (عليه السلام): نعم يا رب، قد خلفت فيهم الحسن ابني و ابن بنت نبيك.

فيدعى بالحسن بن علي (عليهما السلام)، فيسأل عما سئل عنه علي بن أبي طالب (عليه السلام)- قال- ثم يدعى بإمام إمام، و بأهل عالمه، فيحتجون بحجتهم، فيقبل الله عذرهم، و يجبز حجتهم- قال- ثم يقول الله: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ».

قال: ثم انقطع حديث أبي جعفر (عليه و على آبائه السلام).

__________________________________________________

(1) في المصدر: يقتدي به الأئمّة من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 387

3391/ [2]- (مصباح الشريعة): عن الصادق (عليه السلام)، قال: «حقيقة الصدق تقتضي تزكية الله تعالى لعبده، كما ذكر عن صدق عيسى (عليه السلام) في القيامة، بسبب ما أشار إليه من صدقه، و هو براءة للصادقين من رجال امة محمد (صلى الله عليه و آله) فقال الله عز و جل: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ الآية».

__________________________________________________

2- مصباح الشريعة: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 389

المستدرك (سورة المائدة) ..... ص : 389

سورة المائدة(5): آية 12 ..... ص : 389

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً [12]

[1]- (إرشاد القلوب): عن ابن عباس، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث- قال: «معاشر الناس، من أحب أن يلقى الله و هو عنه راض فليوال عدة الأئمة». فقام جابر بن عبد الله، فقال: و ما عدة الأئمة؟

فقال: «يا جابر، سألتني- يرحمك الله- عن الإسلام بأجمعه، عدتهم عدة الشهور، و هي عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات و

الأرض، و عدتهم عدة العيون التي انفجرت لموسى بن عمران (عليه السلام) حين ضرب بعصاه البحر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، و عدتهم عدة نقباء بني إسرائيل، قال الله تعالى: وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً و الأئمة- يا جابر- اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب و آخرهم القائم».

[2]- (مناقب ابن شهر آشوب): عن النبي (صلى الله عليه و آله): «كائن في امتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة، كان فيهم اثنا عشر نقيبا في قوله تعالى: وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً».

__________________________________________________

1- إرشاد القلوب: 293.

2- المناقب 1: 300. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 390

[3]- (غيبة النعماني): عن أبي كريب و أبي سعيد، قالا: حدثنا أبو اسامة، قال: حدثنا الأشعث، عن عامر، عن عمه، عن مسروق، قال: كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود يقرئنا القرآن، فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) كم يملك هذه الامة من خليفة بعده؟

فقال: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق، نعم سألنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «اثنا عشر، عدة نقباء بني إسرائيل».

[4]- و عنه: عن عثمان بن أبي شيبة، و أبي أحمد، و يوسف بن موسى القطان، و سفيان بن وكيع، قالوا: حدثنا جرير، عن الأشعث بن سوار، عن عامر الشعبي، عن عمه قيس بن عبد، قال: جاء أعرابي فأتى عبد الله بن مسعود، و أصحابه عنده، فقال: فيكم عبد الله بن مسعود؟ فأشاروا إليه، قال له عبد الله: قد وجدته، فما حاجتك؟

قال: إني أريد أن أسألك عن شي ء إن كنت سمعته

من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنبئنا به، أحدثكم نبيكم كم يكون بعده من خليفة؟

قال: و ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق، نعم قال: «الخلفاء بعدي اثنا عشر خليفة، كعدة نقباء بني إسرائيل».

[5]- و عنه: عن مسدد بن مستورد قال: حدثني حماد بن زيد، عن مجالد، عن مسروق، قال: كنا جلوسا إلى ابن مسعود بعد المغرب و هو يعلم القرآن، فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، أ سألت النبي (صلى الله عليه و آله) كم يكون لهذه الامة من خليفة؟

فقال: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق، نعم قال: «خلفاؤكم اثنا عشر، عدة نقباء بني إسرائيل».

سورة المائدة(5): آية 51 ..... ص : 390

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [51]

[1]- (دعائم الإسلام): قد روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أن سائلا سأله فقال: يا بن رسول الله، أخبرني عن آل محمد (عليهم السلام)، من هم؟ قال: «هم أهل بيته خاصة».

قال: فإن العامة يزعمون أن المسلمين كلهم آل محمد. فتبسم أبو عبد الله (عليه السلام)، ثم قال: «كذبوا و صدقوا».

__________________________________________________

3- الغيبة: 117/ 3.

4- الغيبة: 117/ 4.

5- الغيبة: 118/ 5.

1- دعائم الإسلام 1: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 391

قال السائل: يا بن رسول الله ما معنى قولك: كذبوا و صدقوا؟ قال: «كذبوا بمعنى، و صدقوا بمعنى، كذبوا في قولهم، المسلمون هم آل محمد الذين يوحدون الله و يقرون بالنبي (صلى الله عليه و آله) على ما هم فيه من النقص في دينهم، و التفريط فيه، و صدقوا في أن المؤمنين منهم من آل محمد (عليهم السلام)، و إن لم يناسبوه، و ذلك لقيامهم بشرائط القرآن، لا على أنهم آل محمد الذين أذهب الله

عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا. فمن قام بشرائط القرآن و كان متبعا لآل محمد (عليهم السلام) فهو من آل محمد (عليهم السلام) على التولي لهم، و إن بعدت نسبته من نسبة محمد (صلى الله عليه و آله)».

قال السائل: أخبرني ما تلك الشرائط- جعلني الله فداك- التي من حفظها و قام بها كان بذلك المعنى من آل محمد! فقال: «القيام بشرائط القرآن، و الاتباع لآل محمد (صلوات الله عليهم)، فمن تولاهم و قدمهم على جميع الخلق كما قدمهم الله من قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهو من آل محمد (عليهم السلام) على هذا المعنى، و كذلك حكم الله في كتابه فقال جل ثناؤه: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ».

[2]- و عنه: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من اتقى منكم و أصلح فهو منا أهل البيت».

قيل له: منكم يا بن رسول الله؟ قال: «نعم منا، أما سمعت قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، و قول إبراهيم (عليه السلام): فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي «1»».

سورة المائدة(5): آية 73 ..... ص : 391

قوله تعالى:

ثالِثُ ثَلاثَةٍ [73]

[1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن درست بن أبي منصور، عن فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «شاء و أراد و لم يحب و لم يرض: شاء أن لا يكون شي ء إلا بعلمه، و أراد مثل ذلك، و لم يحب أن يقال: ثالث ثلاثة، و لم يرض لعباده الكفر».

سورة المائدة(5): آية 118 ..... ص : 391

قوله تعالى:

إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [118]

__________________________________________________

2- دعائم الإسلام 1: 62.

1- تفسير القمّي 1: 117/ 5.

(1) إبراهيم 14: 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 392

[1]- (الدر المنثور): عن أبي ذر، قال: «صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها و يسجد بها إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ الآية. فلما أصبح قلت: يا رسول الله، ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت! قال: إني سألت ربي الشفاعة لامتي فأعطانيها، و هي نائلة إن شاء الله من لا يشرك بالله شيئا».

__________________________________________________

1- الدر المنثور 3: 240.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 393

سورة الانعام مكية ..... ص : 393

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 395

سورة الأنعام فضلها: ..... ص : 395

3392/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «نزلت سورة الأنعام جملة واحدة، و شيعها «1» سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح و التهليل و التكبير، فمن قرأها سبحوا له إلى يوم القيامة».

3393/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن سورة الأنعام نزلت جملة، شيعها سبعون ألف ملك حتى أنزلت على محمد (صلى الله عليه و آله)، فعظموها و بجلوها، فإن اسم الله عز و جل فيها، في سبعين موضعا، و لو يعلم الناس ما في قراءتها ما تركوها».

3394/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن سورة الأنعام نزلت جملة واحدة، و شيعها سبعون ألف ملك حين أنزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فعظموها و بجلوها، فإن اسم الله تبارك و تعالى فيها، في سبعين موضعها، و لو يعلم الناس ما في قراءتها من الفضل ما تركوها».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من كان له إلى الله حاجة يريد قضاءها، فليصل أربع ركعات بفاتحة الكتاب و الأنعام، و ليقل في صلاته إذا فرغ من القراءة: يا كريم يا كريم يا كريم، يا عظيم يا عظيم يا عظيم، يا أعظم من كل عظيم، يا سميع الدعاء يا من لا تغيره الأيام و الليالي، صل على محمد و آل محمد، و ارحم ضعفي، و فقري، و فاقتي، و مسكنتي، فإنك أعلم بها مني، و أنت أعلم بحاجتي، يا من رحم الشيخ يعقوب حين رد

عليه يوسف قرة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 193.

2- الكافي 2: 455/ 12.

3- تفسير العيّاشي 1: 353/ 1.

(1) في المصدر: و يشيّعها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 396

عينه، يا من رحم أيوب بعد حلول بلائه، يا من رحم محمدا (عليه و آله السلام)، و من اليتم آواه، و نصره على جبابرة قريش، و طواغيتها، و أمكنه منهم، يا مغيث يا مغيث يا مغيث. يقوله مرارا، فو الذي نفسي بيده لو دعوت الله بها بعد ما تصلي هذه الصلاة في دبر هذه السورة، ثم سألت الله جميع حوائجك ما بخل عليك، و لأعطاك ذلك إن شاء الله».

3395/ [4]- عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: من قرأ سورة الأنعام في كل ليلة جعل «1» من الآمنين يوم القيامة، و لم ير النار بعينه أبدا.

3396/ [5]- قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نزلت سورة الأنعام جملة واحدة، شيعها سبعون ألف ملك، حتى أنزلت على محمد (صلى الله عليه و آله)، فعظموها و بجلوها، فإن اسم الله فيها، في سبعين موضعا، و لو يعلم الناس ما في قراءتها [من الفضل ما تركوها».

3397/ [6]- (جوامع الجامع): للطبرسي، قال: في حديث أبي بن كعب، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «أنزلت علي الأنعام جملة واحدة، يشيعها سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح و التحميد، فمن قرأها صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك، بعدد كل آية من الأنعام يوما و ليلة».

ثم قال: و روى الحسين بن خالد، عن الرضا (عليه السلام) مثل ذلك، إلا أنه قال: «سبحوا له إلى يوم القيامة».

و مثله رواه صاحب المصباح «2».

3398/ [7]- و في (مصباح الكفعمي) أيضا: عن النبي (صلى الله عليه و آله): «من

قرأها من أولها إلى قوله:

تَكْسِبُونَ «3» وكل الله به أربعين ألف ملك، يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة».

قال: و في كتاب (الأفراد و الغرائب): أنه من فعل ذلك إذا صلى الفجر نزل إليه أربعون ملكا، و كتب له مثل عبادتهم.

ثم قال: و في كتاب (الوسيط): أنه من فعل ذلك حين يصبح، وكل الله تعالى به ألف ملك يحفظونه، و كتب له مثل أعمالهم إلى يوم القيامة.

3399/ [8]- و روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «من كتبها بمسك و زعفران، و شربها ستة أيام متوالية، يرزق

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 354/ 2.

5- تفسير العيّاشي 1: 354/ 3. [.....]

6- جوامع الجامع: 122.

7- مصباح الكفعمي: 439.

8- خواص القرآن: 1 «مخطوط».

(1) في المصدر: كان.

(2) مصباح الكفعمي: 439.

(3) الأنعام 6: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 397

خيرا كثيرا، و لم تصبه سوداء، و عوفي من الأوجاع و الألم بإذن الله تعالى».

سورة الأنعام(6): آية 1 ..... ص : 397

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [1]

3400/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له:

النور و هو قول الله عز و جل: وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ، فلما انتهى به إلى ذلك النهر قال له جبرئيل (عليه السلام): يا محمد، اعبر على بركة الله

عز و جل، فقد نور الله لك بصرك و مد لك أمامك، فإن هذا النهر لم يعبره أحد، لا ملك مقرب، و لا نبي مرسل، غير أني في كل يوم اغتمس فيه اغتماسة، أخرج منها «1» فأنفض أجنحتي، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك و تعالى منها ملكا مقربا، له عشرون ألف وجه، و أربعون ألف لسان، كل لسان يلفظ بلغة «2» لا يفقهها اللسان الآخر.

فعبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى إلى الحجب، و الحجب خمس مائة حجاب، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمس مائة عام، ثم قال له جبرئيل (عليه السلام): تقدم يا محمد. فقال له: «يا جبرئيل، و لم لا تكون معي؟» قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان. فتقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما شاء الله أن يتقدم، حتى سمع ما قال الرب تبارك و تعالى، قال: يا محمد، أنا المحمود و أنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، و من قطعك بتكته «3»، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، و أني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، و أنك رسولي، و أن عليا وزيرك.

فهبط رسول الله (صلى الله عليه و آله) فكره أن يحدث الناس بشي ء، كراهية أن يتهموه، لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية، حتى مضى لذلك ستة أيام، فأنزل الله تبارك و تعالى:

__________________________________________________

1- الأمالي: 290/ 10.

(1) في المصدر: غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم أخرج منه.

(2) في «ط»: بلفظ و لغة.

(3) البتك: القطع، و في «ط»: بتته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 398

فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ «1»

فاحتمل رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك حتى كان اليوم الثامن، فأنزل الله تبارك و تعالى عليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «2» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تهديد بعد وعيد، لأمضين أمر ربي عز و جل فإن تكذيب القوم «3» أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا و الآخرة» قال: و سلم جبرئيل على علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين، فقال علي (عليه السلام):

«يا رسول الله، أسمع الكلام، و لا أحس بالرؤية». فقال: «يا علي، هذا جبرئيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني».

ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجلا فرجلا من أصحابه أن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين. ثم قال: «يا بلال، ناد في الناس أن لا يبقى غدا أحد، إلا عليل، إلا خرج إلى غدير خم».

فلما كان من الغد خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) بجماعة من الناس «4» فحمد الله، و أثنى عليه، ثم قال: «أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى أرسلني إليكم برسالة، و أني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني و تكذبوني، حتى أنزل «5» الله علي وعيدا بعد وعيد، فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي، إن الله تبارك و تعالى أسرى بي، و أسمعني، و قال: يا محمد، أنا المحمود و أنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، و من قطعتك بتكته «6»، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، و أني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، و أنك رسولي و عليا وزيرك».

ثم أخذ (صلى

الله عليه و آله) بيدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فرفعه، حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما، و لم يريا قبل ذلك، ثم قال: «أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى مولاي، و أنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله».

فقال الشكاك و المنافقون و الذين في قلوبهم مرض و زيغ «7»: نبرأ إلى الله من مقالته، ليس بحتم، و لا نرضى أن يكون علي وزيره، و هذه منه عصبية.

و قال سلمان و المقداد و أبو ذر و عمار بن ياسر: و الله، ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «8» فكرر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك

__________________________________________________

(1) هود 11: 12.

(2) المائدة 5: 67.

(3) في المصدر: أمر اللّه عزّ و جلّ فان يتهموني و يكذبوني فهو.

(4) في المصدر: بجماعة أصحابه. [.....]

(5) في «س»: فأنزل.

(6) في «ط»: قطعته. و في نسخة بدل منها: بتته.

(7) في «س» و «ط»: ضيق.

(8) المائدة 5: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 399

ثلاثا، ثم قال: «إن كمال الدين، و تمام النعمة، و رضا الرب برسالتي «1» إليكم و بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

3401/ [2]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنزل الله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فكان في هذه الآية رد على ثلاثة أصناف: لما قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فكان ردا على

الدهرية، الذين قالوا: إن الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة. ثم قال: وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ فكان ردا على الثنوية، الذين قالوا:

إن النور و الظلمة هما المدبران. ثم قال: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فكان ردا على مشركي العرب، الذين قالوا: إن أوثاننا آلهة.

ثم أنزل الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «2» إلى آخرها، فكان فيها رد على كل من ادعى من دون الله ضدا أو ندا. قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأصحابه: قولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ «3» أي نعبد واحدا، لا نقول كما قالت الدهرية: إن الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة، و لا كما قالت الثنوية، الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران، و لا كما قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة، فلا نشرك بك شيئا، و لا ندعو من دونك إلها، كما يقول هؤلاء الكفار، و لا نقول كما قالت اليهود و النصارى: إن لك ولدا، تعاليت عن ذلك علوا كبيرا».

و هذا الحديث متصل بآخر حديث يأتي- إن شاء الله- في قوله تعالى: وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ الآية من سورة البراءة «4».

3402/ [3]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل خلق الجنة قبل أن يخلق النار، و خلق الطاعة قبل أن يخلق المعصية، و خلق الرحمة قبل الغضب، و خلق الخير قبل الشر، و خلق الأرض قبل السماء، و خلق الحياة قبل الموت، و خلق الشمس قبل القمر، و خلق النور قبل الظلمة».

3403/ [4]- العياشي: عن جعفر بن أحمد، عن العمركي بن علي، عن

العبيدي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن جعفر، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: «لكل صلاة وقتان، و وقت يوم الجمعة زوال الشمس» ثم تلا هذه الآية: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ __________________________________________________

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 542/ 324.

3- الكافي 8: 145/ 116.

4- تفسير العيّاشي 1: 354/ 4.

(1) في المصدر: بارسالي.

(2) الإخلاص 112: 1.

(3) الفاتحة 1: 5.

(4) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (30) من سورة التّوبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 400

قال: «يعدلون بين الظلمات و النور، و بين الجور و العدل».

سورة الأنعام(6): آية 2 ..... ص : 400

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ [2]

3404/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن عبد الله بن مسكان «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الأجل المقضي: هو المحتوم الذي قضاه الله و حتمه، و المسمى: هو الذي فيه البداء، يقدم ما يشاء، و يؤخر ما يشاء، و المحتوم ليس فيه تقديم و لا تأخير».

3405/ [2]- و عنه، قال: حدثني ياسر، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر، و أن يقر له بالبداء، أن يفعل الله ما يشاء، و أن يكون في تراثه الكندر «2»».

3406/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ، قال: «هما أجلان: أجل محتوم،

و أجل موقوف».

3407/ [4]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن، عن محمد بن خالد الأصم، عن عبد الله بن بكير، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، في قوله عز و جل: قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ، قال: «إنهما «3» أجلان:

أجل محتوم، و أجل موقوف».

فقال له حمران: ما المحتوم؟ قال: «الذي لله فيه المشيئة».

قال حمران: إني لأرجو أن يكون أمر «4» السفياني من الموقوف. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «لا، و الله، إنه لمن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 194.

2- تفسير القمّي 1: 194.

3- الكافي 1: 114/ 4. [.....]

4- الغيبة: 301/ 5.

(1) في «س»: حدّثني أبي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن الحلبي، و هو صحيح أيضا حيث روى كلّ منهما عن الآخر، و رويا عن الصادق (عليه السّلام).

راجع معجم رجال الحديث 10: 329 و 23: 81.

(2) الكندر: ضرب من العلك نافع لقطع البلغم. «القاموس المحيط- كندر- 2: 134».

(3) في «س»: هما.

(4) في المصدر: أجل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 401

المحتوم».

3408/ [5]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ.

قال: «الأجل الذي غير مسمى موقوف، يقدم منه ما يشاء، و يؤخر منه ما يشاء، و أما الأجل المسمى فهو الذي ينزل مما يريد أن يكون من ليلة القدر إلى مثلها من قابل- قال- و ذلك قول الله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ «1»».

3409/ [6]- عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: ثُمَّ قَضى

أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ.

قال: «المسمى ما سمي لملك الموت في تلك الليلة، و هو الذي قال الله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ «2» و هو الذي سمي لملك الموت في ليلة القدر، و الآخر له فيه المشيئة، إن شاء قدمه، و إن شاء أخره».

3410/ [7]- عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ.

قال: فقال: «هما أجلان: أجل موقوف يصنع الله ما يشاء، و أجل محتوم».

3411/ [8]- و في رواية حمران عنه (عليه السلام): «أما الأجل الذي غير مسمى عنده فهو أجل موقوف، يقدم فيه ما يشاء، و يؤخر فيه ما يشاء، و أما الأجل المسمى فهو الذي يسمى في ليلة القدر».

3412/ [9]- عن حصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ.

قال (عليه السلام): «الأجل الأول هو ما نبذه إلى الملائكة و الرسل و الأنبياء، و الأجل المسمى عنده هو الذي ستره الله عن الخلائق».

سورة الأنعام(6): آية 3 ..... ص : 401

قوله تعالى:

وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ [3]

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 354/ 5.

6- تفسير العيّاشي 1: 354/ 6.

7- تفسير العيّاشي 1: 354/ 7.

8- تفسير العيّاشي 1: 355/ 8.

9- تفسير العيّاشي 1: 355/ 9.

(1) الأعراف 7: 34، النّحل 16: 61.

(2) الأعراف 7: 34، النّحل 16: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 402

3413/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الخزاز «1»، عن مثنى الحناط، عن أبي جعفر- أظنه محمد

بن النعمان- قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ قال: «كذلك هو في كل مكان».

قلت: بذاته؟ قال: «ويحك، إن الأماكن أقدار، فإذا قلت: في مكان بذاته، لزمك أن تقول: في أقدار، و غير ذلك، و لكن هو بائن من خلقه، محيط بما خلق علما و قدرة و إحاطة و سلطانا و ملكا، و ليس علمه بما في الأرض بأقل مما في السماء، و لا يبعد منه شي ء، و الأشياء له سواء، علما و قدرة و سلطانا و ملكا و إحاطة».

3414/ [2]- الشيخ المفيد في (إرشاده)، قال: و جاءت الرواية: أن بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر، فقال له: أنت خليفة نبي هذه الامة؟ فقال له: نعم. فقال: إنا نجد في التوراة أن خلفاء الأنبياء أعلم أممهم، فأخبرني عن الله أين هو؟ في السماء أم في الأرض؟ فقال له أبو بكر: هو في السماء على العرش. فقال له اليهودي: فأرى الأرض خالية منه، و أراه على هذا القول في مكان دون مكان؟! فقال له أبو بكر: هذا كلام الزنادقة، أغرب عني و إلا قتلتك.

فولى الحبر متعجبا يستهزئ بالإسلام، فاستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: «يا يهودي، قد عرفت ما سألت عنه، و ما أجبت «2» به، و إنا نقول: إن الله عز و جل أين الأين، فلا أين له، و جل أن يحويه مكان، و هو في كل مكان، بغير مماسة و لا مجاورة، يحيط علما بما فيها، و لا يخلو شي ء منها من تدبيره، و إني مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم يصدق ما ذكرته لك، فإن عرفته

أ تؤمن به؟» فقال اليهودي: نعم.

قال: «ألستم تجدون في بعض كتبكم أن موسى بن عمران (عليه السلام) كان ذات يوم جالسا إذ جاءه ملك من المشرق، فقال له موسى: من أين أقبلت؟ قال: من عند الله عز و جل. ثم جاءه ملك من المغرب، فقال له: من أين جئت؟ فقال: من عند الله عز و جل. ثم جاءه ملك آخر فقال: قد جئتك من السماء السابعة، من عند الله تعالى.

و جاءه ملك آخر، فقال: قد جئتك من الأرض السابعة، من عند الله تعالى. فقال موسى (عليه السلام): سبحان من لا يخلو منه مكان، و لا يكون إلى مكان أقرب من مكان».

فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله «3»، هذا هو الحق، و إنك أحق بمقام «4» نبيك ممن استولى عليه.

__________________________________________________

1- التوحيد: 132/ 15.

2- الإرشاد: 108. [.....]

(1) في «س» و «ط»: الحسن بن يزيد الخزّاز، و الصواب ما في المتن، و هو الحسن بن عليّ بن زياد البجلي الكوفي الوشّاء الخزّاز، روى عن مثنّى الحنّاط، و روى عنه يعقوب بن يزيد. راجع رجال النجاشيّ: 39، معجم رجال الحديث 5: 34 و 65.

(2) في «ط» و «س»: جئت.

(3) (لا إله إلّا اللّه) ليس في المصدر.

(4) في «ط»: و أنت أحق بمكان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 403

3415/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ، قال: السر ما أسر في نفسه، و الجهر ما أظهره، و الكتمان ما عرض بقلبه ثم نسيه.

سورة الأنعام(6): الآيات 4 الي 18 ..... ص : 403

قوله تعالى:

وَ ما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [4- 18] 3416/ [4]- و قال

علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ ما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ إلى قوله: وَ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ وَ لَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ فإنه محكم.

3417/ [5]- و عنه: ثم قال تعالى حكاية عن قريش: وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ يعني على رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ فأخبر عز و جل أن الآية إذا جاءت و الملك إذا نزل و لم يؤمنوا هلكوا، فاستعفى النبي (صلى الله عليه و آله) من الآيات رأفة منه و رحمة على أمته، و أعطاه الله الشفاعة.

ثم قال الله: وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أي نزل بهم العذاب.

ثم قال: قُلْ لهم، يا محمد سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا أي انظروا في القرآن، و أخبار الأنبياء كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ.

3418/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، جميعا عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد «1» بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ «2»، فقال: «عنى بذلك أي انظروا في القرآن فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم، و ما أخبركم عنه».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي

1: 194.

4- تفسير القمّي 1: 194.

5- تفسير القمّي 1: 194.

6- الكافي 8: 249/ 349.

(1) في «س» و «ط»: يزيد، و الظاهر أنّ الصواب ما في المتن. انظر معجم رجال الحديث 7: 360.

(2) الروم 30: 42 و الذي فيها: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ و فى الآية 9 أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ و لعلّ منشأ هذا الوهم من النساخ أو من الرواة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 404

3419/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن أبي يعفور «1»، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لبسوا عليهم، لبس الله عليهم. فإن الله يقول وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ».

3420/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال: قُلْ لهم لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ثم رد عليهم فقال: قُلْ لهم لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ يعني أوجب الرحمة على نفسه.

3421/ [6]- و عنه، قال: قوله تعالى: وَ لَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يعني ما خلق بالليل و النهار هو كله لله.

ثم احتج عز و جل عليهم، فقال: قُلْ لهم أَ غَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أي مخترعهما. و قوله تعالى: وَ هُوَ يُطْعِمُ وَ لا يُطْعَمُ إلى قوله: وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ فإنه محكم.

سورة الأنعام(6): آية 19 ..... ص : 404

قوله تعالى:

قُلْ أَيُّ شَيْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ [19]

3422/ [7]- علي بن إبراهيم: قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: قُلْ أَيُّ شَيْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ:

«و ذلك أن مشركي أهل مكة قالوا: يا محمد، ما وجد الله رسولا يرسله غيرك؟! ما نرى أحدا يصدقك بالذي تقول. و ذلك في أول ما دعاهم، و هو «2» يومئذ بمكة قالوا: و لقد سألنا عنك اليهود و النصارى، فزعموا أنه ليس لك ذكر عندهم، فأتنا بمن يشهد أنك رسول الله. قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«الله شهيد بيني و بينكم».

3423/]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثنا عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسى بن عبيد، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): «ما تقول إذا قيل لك: أخبرني عن الله عز و جل، أ شي ء هو أم لا شي ء؟».

قال: قلت: قد أثبت الله عز و جل نفسه شيئا، حيث يقول قُلْ أَيُّ شَيْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ __________________________________________________

4- تفسير العياشي 1: 355/ 10.

5- تفسير القمي 1: 194.

6- تفسير القمي 1: 194.

7- تفسير القمي 1: 195. [.....]

8- التوحيد: 107/ 8.

(1) في المصدر: عبد الله بن يعقوب، تصحيف، و الصواب ما في المتن: انظر معجم رجال الحديث 10: 96.

(2) في «س» و «ط»: و هم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 405

و أقول: إنه شي ء لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه نفيه و إبطاله. قال لي: «صدقت، و أحسنت «1»».

ثم قال الرضا (عليه السلام): «للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، و تشبيه، و إثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، و مذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك و تعالى لا يشبهه شي ء، و السبيل في الطريقة الثالثة إثبات بلا تشبيه».

3424/ [3]- العياشي: عن

هشام المشرقي، قال: كتب إلى أبي الحسن الخراساني (عليه السلام) رجل يسأل عن معاني التوحيد «2»، قال: فقال لي: «ما تقول إذا قالوا لك: أخبرنا عن الله، شي ء هو أم لا شي ء؟».

قال: فقلت: إن الله تعالى أثبت نفسه شيئا، فقال قُلْ أَيُّ شَيْ ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ أقول: شي ء «3» كالأشياء، أو نقول: إن الله جسم؟ فقال: «و ما الذي يضعف فيه من هذا؟ إن الله جسم لا كالأجسام، و لا يشبهه شي ء من المخلوقين».

قال: ثم قال: «إن للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: مذهب نفي، و مذهب تشبيه، و مذهب إثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، و مذهب التشبيه لا يجوز، و ذلك أن الله لا يشبهه شي ء، و السبيل في ذلك الطريقة الثالثة، و ذلك أنه مثبت لا يشبهه شي ء، و هو كما وصف نفسه أحد صمد نور».

قوله تعالى:

وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّنِي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ [19]

3425/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن مالك الجهني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ، قال: «من بلغ أن يكون إماما من آل محمد (صلى الله عليه و آله) فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

و روى هذا الحديث أيضا محمد بن يعقوب، عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم، عن ابن أذينة، عن مالك

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 1: 356/ 11.

1- الكافي 1: 344/ 21.

(1) في

المصدر: و أصبت.

(2) في المصدر: معان في التوحيد.

(3) في المصدر: لا أقول شيئا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 406

الجهني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

3426/ [2]- العياشي: عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله: وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ: «يعني الأئمة من بعده، و هم ينذرون به الناس».

3427/ [3]- عن أبي خالد الكابلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ حقيقة أي شي ء عنى بقوله وَ مَنْ بَلَغَ؟ قال: فقال: «من بلغ أن يكون إماما من ذرية الأوصياء، فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

3428/ [4]- عن عبد الله بن بكير، عن محمد، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ.

قال: «علي (عليه السلام) ممن بلغ».

3429/ [5]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عبد الرحمن بن أبي نجران «2»، عن أبي جميلة المفضل بن صالح الأسدي، عن مالك الجهني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) «3»: وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ؟ قال: «الإمام منا ينذر بالقرآن كما أنذر «4» رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

3430/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن عامر، عن «5» عبد الرحمن بن أبي نجران، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبيه، عن أبي عبد الله

(عليه السلام) قال: سئل عن قول الله عز و جل: وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ. قال: «بكل لسان».

3431/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى يقول الله

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 356/ 12.

3- تفسير العيّاشي 1: 356/ 13.

4- تفسير العيّاشي 1: 356/ 14.

5- مختصر بصائر الدرجات: 62، بصائر الدرجات: 531/ 18.

6- علل الشرائع: 125/ 3.

7- تفسير القمّي 1: 195. [.....]

(1) الكافي 1: 351/ 61.

(2) في «س» و «ط»: عبد الرحمن أبي عمران، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو عبد الرحمن بن أبي نجران التميمي الكوفي، و اسم أبيه عمرو بن مسلم، ثقة، ثقة، روى عن أبي جميلة. راجع معجم رجال الحديث 9: 299.

(3) في المصدر و البصائر: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام)، و كلاهما يصح لأنّ مالكا روى عنهما (عليهما السّلام) و معدود من أصحابهما، راجع معجم رجال الحديث 14: 156 و 172.

(4) في المصدر: ينذر به كما أنذر به.

(5) في «س»: عمران بن، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو أبو محمّد عبد اللّه بن عامر بن عمران بن أبي عمر الأشعري، شيخ من وجوه أصحابنا، روى عن ابن أبي نجران. راجع معجم رجال الحديث 10: 228 و 229.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 407

لمحمد (صلى الله عليه و آله): فإن شهدوا فلا تشهد معهم قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنَّنِي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ

سورة الأنعام(6): آية 20 ..... ص : 407

قوله تعالى:

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ [20]

3432/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت

هذه الآية في اليهود و النصارى، يقول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ [يعني التوراة و الإنجيل يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأن الله جل و عز قد أنزل عليهم في التوراة و الإنجيل و الزبور صفة محمد (صلى الله عليه و آله) و صفة أصحابه و مبعثه و مهاجره، و هو قوله:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ «1» فهذه صفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صفة أصحابه في التوراة و الإنجيل، فلما بعثه الله عز و جل عرفه أهل الكتاب كما قال الله جل جلاله».

3433/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: إن عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام: هل تعرفون محمدا في كتابكم؟

قال: نعم و الله، نعرفه بالنعت الذي نعته الله لنا إذا رأيناه فيكم، كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه مع الغلمان، و الذي يحلف به ابن سلام لأنا بمحمد هذا أشد معرفة مني بابني.

سورة الأنعام(6): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 407

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ [22- 23] 3434/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ أي كذبهم.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 32.

2- تفسير القمّي 1: 195.

3- تفسير القمّي 1: 195.

(1) الفتح 48: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 408

3435/

[2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن ابن العباس «1»، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قوله عز و جل: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ.

قال: «يعنون بولاية علي (عليه السلام)».

3436/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ: «بولاية علي (عليه السلام)».

3437/ [4]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله يعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر على بال أحد، حتى يقول أهل الشرك وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ».

3438/ [5]- عن أبي معمر السعدي، قال: أتى عليا (عليه السلام) رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إني شككت في كتاب الله المنزل.

فقال له علي (عليه السلام): «ثكلتك أمك، و كيف شككت في كتاب الله المنزل؟» فقال له الرجل: لأني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضا، و ينقض بعضه بعضا.

فقال: «هات الذي شككت فيه؟».

فقال: لأن الله يقول: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «2» و يقول حيث استنطقوا، قال الله: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ و يقول: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «3» و يقول: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ «4» و يقول: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ «5» و يقول:

الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ»

فمرة يتكلمون، و مرة لا يتكلمون، و مرة ينطق

الجلود و الأيدي و الأرجل، و مرة لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن و قال صوابا، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟

__________________________________________________

2- الكافي 8: 287/ 432.

3- تفسير القمّي 1: 199.

4- تفسير العيّاشي 1: 357/ 15.

5- تفسير العيّاشي 1: 357/ 16.

(1) في «س» و «ط»: عليّ بن نوح عن العبّاس، و ما في المتن هو الصواب، و هما: عليّ بن محمّد بن بندار و عليّ بن العبّاس الرازي. راجع معجم رجال الحديث 12: 67 و 68 و 127. [.....]

(2) النّبأ 78: 38.

(3) العنكبوت 29: 25.

(4) سورة ص 38: 64.

(5) سورة ق 50: 28.

(6) يس 36: 65.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 409

فقال له علي (عليه السلام): «إن ذلك ليس في موطن واحد، و هي في مواطن في ذلك اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة، فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه، فيكلم بعضهم بعضا، و يستغفر بعضهم لبعض، أولئك الذين بدت منهم الطاعة من الرسل و الاتباع، و تعاونوا على البر و التقوى في دار الدنيا، و يلعن أهل المعاصي بعضهم بعضا من الذين بدت منهم المعاصي و تعاونوا على الظلم و العدوان في دار الدنيا، و المستكبرون منهم و المستضعفون يلعن بعضهم بعضا و يكفر بعضهم بعضا.

ثم يجمعون في موطن يفر بعضهم من بعض، و ذلك قوله يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ «1» إذا تعاونوا على الظلم و العدوان في دار الدنيا لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ «2».

ثم يجمعون في موطن يبكون فيه، فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلائق عن معايشهم، و صدعت الجبال، إلا ما شاء الله، فلا

يزالون يبكون حتى يبكون الدم.

ثم يجتمعون في موطن يستنطقون فيه، فيقولون وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ و لا يقرون بما عملوا، فيختم على أفواههم و تستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود، فتنطق، فتشهد بكل معصية بدت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم، فيقولون لجلودهم و أيديهم و أرجلهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا؟ فتقول: أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ «3».

ثم يجمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلائق، فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن و قال صوابا.

و يجتمعون في موطن يختصمون فيه، و يدان لبعض الخلائق من بعض، و هو القول، و ذلك كله قبل الحساب، فإذا أخذ بالحساب، شغل كل امرئ بما لديه، نسأل الله بركة ذلك اليوم».

3439/ [6]- سليم بن قيس الهلالي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أما الفرقة «4» المهدية المؤمنة، المسلمة الموفقة المرشدة، فهي المؤمنة بي، المسلمة لأمري، المطيعة لي، المتولية، المتبرئة من عدوي، المحبة لي، المبغضة لعدوي، التي قد عرفت حقي و إمامتي و فرض طاعتي من كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، و لم ترتب، و لم تشك لما قد نور الله في قلوبها من معرفة حقنا، و عرفها من فضلنا، و ألهمها، و أخذ بنواصيها فأدخلها في شيعتنا حتى اطمأنت قلوبها و استيقنت يقينا لا يخالطه شك أن الأوصياء «5» بعدي إلى يوم القيامة هداة مهتدون، الذين قرنهم الله بنفسه و نبيه في آي من القرآن كثيرة، و طهرنا، و عصمنا، و جعلنا الشهداء على خلقه، و حجته في أرضه و خزانه على علمه، و معادن حكمه و تراجمة وحيه، و جعلنا مع القرآن و القرآن معنا، لا نفارقه و لا يفارقنا حتى

نرد

__________________________________________________

6- في المصدر زيادة: الناجية.

(1) عبس 80: 34- 36.

(2) عبس 80: 37.

(3) فصلت 41: 21.

(4) في المصدر زيادة: الناجية.

(5) في المصدر: إنّي أنا و أوصيائي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 410

على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حوضه، كما قال (صلى الله عليه و آله)، فتلك الفرقة الواحدة من الثلاث و السبعين فرقة، هي الناجية من النار و من جميع الفتن و الضلالات و الشبهات، و هم من أهل الجنة حقا، و هم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، و جميع تلك الفرق الاثنين و السبعين فرقة هم المتدينون بغير الحق، الناصرون لدين الشيطان، الآخذون عن إبليس و أوليائه، هم أعداء الله تعالى، و أعداء رسوله، و أعداء المؤمنين، يدخلون النار بغير حساب، برآء من الله و رسوله، و نسوا الله و رسوله، و أشركوا بالله و رسوله، و كفروا به و عبدوا غير الله من حيث لا يعلمون، و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، يقولون يوم القيامة: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ، فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْ ءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ «1»».

و الحديث يأتي بتمامه- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ من سورة المجادلة «2».

3440/ [7]- الطبرسي: إن المراد: لم تكن معذرتهم إلا أن قالوا، و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة الأنعام(6): الآيات 25 الي 26 ..... ص : 410

قوله تعالى:

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ [25- 26] 3441/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر قريشا فقال: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ يعني غطاء

وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً أي صمما وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ أي يخاصمونك يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي أكاذيب الأولين.

3442/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ قال: بنو هاشم، كانوا ينصرون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يمنعون قريشا عنه، و ينأون عنه، أي يباعدون عنه، و يساعدونه و لا يؤمنون.

سورة الأنعام(6): الآيات 27 الي 28 ..... ص : 410

قوله تعالى:

وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

__________________________________________________

7- مجمع البيان 4: 440.

1- تفسير القمّي 1: 196.

2- تفسير القمّي 1: 196. [.....]

(1) المجادلة 58: 18.

(2) يأتي في تفسير الآية (18) من سورة المجادلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 411

- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ [27- 28] 3443/ [1]- علي بن إبراهيم قال: قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ نزلت في بني أمية.

ثم قال: بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ قال: من عداوة أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ.

3444/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته: «فلما وقفوا عليها فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ».

3445/ [3]- عن

عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابه، عنه (عليه السلام)، قال: «إن الله قال لماء: كن عذابا فراتا أخلق منك جنتي و أهل طاعتي، و قال لماء: كن ملحا أجاجا أخلق منك ناري و أهل معصيتي، فأجرى الماءين على الطين، ثم قبض قبضة بهذه و هي يمين، فخلقهم خلقا كالذر، ثم أشهدهم على أنفسهم: أ لست بربكم و عليكم طاعتي؟ قالوا: بلى. فقال للنار: كوني نارا. فإذا نار تأجج، و قال لهم: قعوا فيها. فمنهم من أسرع، و منهم من أبطأ في السعي، و منهم من لم يبرح مجلسه، فلما وجدوا حرها رجعوا، فلم يدخلها منهم أحد.

ثم قبض قبضة بهذه، فخلقهم خلقا مثل الذر، مثل أولئك، ثم أشهدهم على أنفسهم مثل ما أشهد الآخرين، ثم قال لهم: قعوا في هذه النار. فمنهم من أبطأ، و منهم من أسرع، و منهم من مر بطرفة عين، فوقعوا فيها كلهم، فقال:

اخرجوا منها سالمين. فخرجوا لم يصبهم شي ء. و قال الآخرون: يا ربنا، أقلنا نفعل كما فعلوا. قال: قد أقلتكم.

فمنهم من أسرع في السعي، و منهم من أبطأ و منهم من لم يبرح مجلسه، مثل ما صنعوا في المرة الاولى. فذلك قوله: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ».

3446/ [4]- عن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ إنهم ملعونون في الأصل».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 196.

2- تفسير العيّاشي 1: 358/ 17.

3- تفسير العيّاشي 1: 358/ 18.

4- تفسير العيّاشي 1: 359/ 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 412

3447/ [5]- و روي بحذف الإسناد عن جابر بن عبد الله (رحمه الله)، قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)

و هو خارج من الكوفة، فتبعته من ورائه حتى إذا صار إلى جبانة «1» اليهود فوقف في وسطها، و نادى: «يا يهود، يا يهود» فأجابوه من جوف القبور: لبيك لبيك مطلاع. يعنون بذلك يا سيدنا. قال: «كيف ترون العذاب؟» فقالوا: بعصياننا لك كهارون، فنحن و من عصاك في العذاب إلى يوم القيامة.

ثم صاح صيحة كادت السموات يتفطرن «2»، فوقعت مغشيا على وجهي من هول ما رأيت. فلما أفقت رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) على سرير من ياقوتة حمراء، على رأسه إكليل من جوهر، و عليه حلل خضر و صفر، و وجهه كدائرة القمر، فقلت: يا سيدي، هذا ملك عظيم! قال: «نعم يا جابر، إن ملكنا أعظم من ملك әęʙŘǙƠبن داود، و سلطاننا أعظم من سلطانه».

ثم رجع، و دخلنا الكوفة، و دخلت خلفه إلى المسجد، فجعل يخطو خطوات و هو يقول: «لا و الله لا فعلت، لا و الله لا كان ذلك أبدا» فقلت: يا مولاي لمن تكلم، و لمن تخاطب و ليس أرى أحدا! فقال (عليه السلام): «يا جابر، كشف لي عن برهوت فرأيت شنبويه و حبترا، و هما «3» يعذبان في جوف تابوت، في برهوت، فنادياني: يا أبا الحسن، يا أمير المؤمنين، ردنا إلى الدنيا نقر بفضلك، و نقر بالولاية لك. فقلت: لا و الله لا فعلت، لا و الله لا كان ذلك أبدا».

ثم قرأ هذه الآية: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «يا جابر، و ما من أحد خالف وصي نبي إلا حشره الله أعمى يتكبب في عرصات القيامة».

سورة الأنعام(6): الآيات 29 الي 30 ..... ص : 412

قوله تعالى:

وَ قالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ [29- 30]

3448/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: ثم حكى عز و جل قول الدهرية، فقال: وَ قالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَ ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 163/ 2.

1- تفسير القمي 1: 196.

(1) الجبانة: المقبرة.

(2) في المصدر: ينقلبن.

(3) في «س» و «ط»: شنبويه و جنودهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 413

فقال الله: وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قال حكاية عن قول من أنكر قيام الساعة.

سورة الأنعام(6): آية 31 ..... ص : 413

قوله تعالى:

قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَ هُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ [31] 3449/ [1]- قال علي بن إبراهيم: يعني آثامهم.

3450/ [2]- الطبرسي: عن الأعمش، عن أبي صالح، [عن أبي سعيد] «1»، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، في هذه الآية، قال: «يرى أهل النار منازلهم من الجنة، فيقولون: يا حسرتنا».

سورة الأنعام(6): الآيات 33 الي 34 ..... ص : 413

قوله تعالى:

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا [33- 34]

3451/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن محمد بن أبي حمزة، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قرأ رجل على أمير المؤمنين (عليه السلام): فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ فقال: بلى

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 196.

2- مجمع البيان 4: 453.

3- تفسير القمّي 8: 200/ 241. [.....]

(1) من المصدر، و هو الصواب، لأنّ أبا صالح تابعي روى عن الصحابة و منهم أبو سعيد الخدري، و روى عنه سليمان الأعمش. راجع تهذيب الكمال 8: 513، تهذيب التهذيب 3: 219.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 414

و الله لقد كذبوه أشد التكذيب، و لكنها مخففة: لا يكذبونك، أي لا يأتون بباطل يكذبون به حقك «1»».

3452/ [2]- و عنه: عن محمد بن الحسن و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى و محمد بن يحيى و محمد بن الحسين، جميعا عن محمد

بن سنان، عن إسماعيل بن جابر و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ: «و لكنهم يجحدون بغير حجة لهم».

3453/ [3]- العياشي: عن عمار بن ميثم «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قرأ رجل عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ فقال: بلى»

و الله لقد كذبوه أشد التكذيب «4»، و لكنها مخففة: لا يكذبونك، أي لا يأتون بباطل يكذبون به حقك».

3454/ [4]- عن الحسين بن المنذر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ. قال: «لا يستطيعون إبطال قولك».

3455/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: إنها قرئت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: «بلى و الله لقد كذبوه أشد التكذيب، و إنما نزلت: لا يكذبونك «5»، أي لا يأتون بحق يبطلون حقك».

3456/ [6]- ثم قال علي بن إبراهيم، حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حفص، إن من صبر صبر قليلا، و إن من جزع جزع قليلا- ثم قال- عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله بعث محمدا و أمره بالصبر و الرفق، فقال: وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا «6» و قال: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ «7»

__________________________________________________

2- الكافي 1: 233/ 3.

3- تفسير العيّاشي 1: 359/ 20.

4- تفسير العيّاشي 1: 359/ 21.

5- تفسير القمّي 1: 196.

6- تفسير القمّي 1: 196.

(1) في «ط»:

فقال: لكنّهم يجحدون بغير حجّة لهم.

(2) كذا في «س» و «ط» و المصدر، و لعلّ الصواب: عمران بن ميثم، كما في الحديث الأوّل، عدّه النجاشيّ، و الطوسيّ من أصحاب الباقر و الصادق (عليهما السّلام)، راجع معجم رجال الحديث 13: 151.

(3) في المصدر زيادة: فإنّهم لا يكذبّونك.

(4) في المصدر: المكذّبين.

(5) في المصدر: نزل لا يأتونك.

(6) المزّمّل 73: 10.

(7) فصّلت 41: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 415

فصبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى نالوه «1» بالعظائم، و رموه بها، فضاق صدره، فأنزل الله عز و جل: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ «2».

ثم كذبوه و رموه، فحزن لذلك، فأنزل الله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا فألزم (صلى الله عليه و آله) نفسه الصبر.

فقعدوا و ذكروا الله تبارك و تعالى بالسوء و كذبوه، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لقد صبرت على نفسي و أهلي و عرضي، و لا صبر لي على ذكرهم إلهي. فأنزل الله: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ «3» فصبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في جميع أحواله.

ثم بشر في الأئمة من عترته، و وصفوا بالصبر، فقال: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ «4» فعند ذلك قال (عليه السلام): الصبر من الإيمان كالرأس من البدن. فشكر الله ذلك له فأنزل الله عليه: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى

بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ «5» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): آية بشرى و انتقام. فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا، فقتلهم الله على يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أحبائه، و عجل الله له ثواب صبره، مع ما ادخر له في الآخرة من الأجر».

3457/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، عن علي بن أحمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح، عن علقمة «6»، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: قال لي: «ألم ينسبوه- يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)- إلى الكذب في قوله إنه رسول من الله إليهم، حتى أنزل الله عز و جل:

وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا؟».

سورة الأنعام(6): الآيات 35 الي 37 ..... ص : 415

قوله تعالى:

وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [35- 37]

__________________________________________________

7- الأمالي: 92/ 3. [.....]

(1) في المصدر: قابلوه.

(2) الحجر 15: 97.

(3) سورة ق 50: 38- 39.

(4) السجدة 32: 24.

(5) الأعراف 7: 137.

(6) في «س» و «ط»: عن صالح بن عقبة، و الصواب ما في المتن، حيث روى صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، و روى عن صالح كتابه و أحاديثه: محمّد بن إسماعيل بن بزيع. راجع معجم رجال الحديث 9: 78 و 11: 182.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 416

3458/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ.

قال:

«كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحب إسلام الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، دعاه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و جهد به أن يسلم، فغلب عليه الشقاء، فشق ذلك على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ إلى قوله: نَفَقاً فِي الْأَرْضِ يقول: سربا».

3459/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ، قال: إن قدرت أن تحفر الأرض أو تصعد السماء، أي لا تقدر على ذلك. ثم قال: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى أي جعلهم كلهم مؤمنين.

3460/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ مخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله) و المعنى للناس. ثم قال: إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ يعني يعقلون و يصدقون وَ الْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ أي يصدقون بأن الموتى يبعثهم الله وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ أي هلا أنزل عليه آية؟ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ قال: لا يعلمون أن الآية إذا جاءت و لم يؤمنوا بها لهلكوا.

3461/ [4]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً: «و سيريكم في آخر الزمان آيات، منها: دابة الأرض، و الدجال، و نزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، و طلوع الشمس من مغربها».

سورة الأنعام(6): الآيات 38 الي 43 ..... ص : 416

قوله تعالى:

وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

[38- 43] 3462/ [5]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 197.

2- تفسير القمي 1: 198.

3- تفسير القمي 1: 198.

4- تفسير القمي 1: 198.

5- تفسير القمي 1: 198.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 417

يعني خلق مثلكم. و قال: كل شي ء مما خلق خلق مثلكم ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ أي ما تركنا ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ.

3463/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي محمد القاسم «1» بن العلاء (رحمه الله)، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم «2»، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل لم يقبض نبينا (صلى الله عليه و آله) «3» حتى أكمل له الدين، و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شي ء، بين فيه الحلال و الحرام، و الحدود و الأحكام، و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ».

3464/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَ بُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ يعني: قد خفي عليهم ما تقوله.

3465/ [4]- علي بن إبراهيم: مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ أي يعذبه وَ مَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني يبين له و يوفقه حتى يهتدي إلى الطريق.

3466/ [5]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله «4»، قال: حدثنا كثير ابن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَ بُكْمٌ.

يقول: «صم عن الهدى، و بكم لا يتكلمون بخير فِي الظُّلُماتِ يعني ظلمات الكفر مَنْ يَشَأِ

اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَ مَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و هو رد على قدرية هذه الامة، يحشرهم الله يوم القيامة مع الصابئين و النصارى و المجوس فيقولون: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «5» يقول الله: انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ «6»- قال- فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا إن لكل أمة مجوسا، و مجوس هذه الامة الذين يقولون: لا قدر، و لا يزعمون أن المشيئة و القدرة إليهم و لهم» «7».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 154/ 1.

3- تفسير القمّي 1: 198.

4- تفسير القمّي 1: 198. [.....]

5- تفسير القمّي 1: 198.

(1) في «س» و «ط»: عن أبي القاسم. و ما أثبتناه من المصدر.

(2) في «س» و «ط»: عبد العزيز العبدي، و ما أثبتناه من المصدر. راجع معجم رجال الحديث 10: 35.

(3) في المصدر: نبيّه.

(4) في «س» و «ط»: جعفر بن محمّد، و الصواب ما في المتن، و هو: جعفر بن عبد اللّه رأس المدري بن جعفر المحمّدي، روى عنه أحمد بن محمّد بن عقدة، و روى عن كثير بن عيّاش، و بهذا السند روى النجاشيّ تفسير أبي الجارود. انظر معجم رجال الحديث 4: 75- 77 و 7: 321.

(5) الأنعام 6: 23.

(6) الأنعام 6: 24.

(7) في «ط» زيادة: و في نسخة أخرى من (تفسير عليّ بن إبراهيم) في الحديث هكذا، قال: فقال: «ألا إنّ لكلّ امّة مجوسا، و مجوس هذه الامّة الذين يقولون: لا قدر. و يزعمون أنّ المشيئة و القدرة ليست لهم و لا عليهم». و في نسخة ثالثة: «يقولون: لا قدر، و يزعمون أنّ المشيئة و القدرة ليست إليهم و لا لهم». «منه قدّس سرّه».

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 418

3467/ [6]- علي بن إبراهيم: قال: حدثنا جعفر بن أحمد «1» قال: حدثنا عبد الكريم، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَ بُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَ مَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

فقال (عليه السلام): «نزلت في الذين كذبوا بأوصيائهم صُمٌّ وَ بُكْمٌ كما قال الله فِي الظُّلُماتِ من كان من ولد إبليس فإنه لا يصدق بالأوصياء، و لا يؤمن بهم أبدا، و هم الذين أضلهم الله، و من كان من ولد آدم آمن بالأوصياء فهم عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ».

قال: و سمعته يقول: «كذبوا بآياتنا كلها، في بطن القرآن، أن كذبوا بالأوصياء كلهم».

ثم قال: قُلْ لهم يا محمد أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَ غَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ثم رد عليهم فقال: بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَ تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ قال:

تدعون الله إذا أصابكم ضر، ثم إذا كشف عنكم ذلك تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ أي تتركون الأصنام.

و قوله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ يعني كي يتضرعوا. ثم قال: فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ يعني فهلا إذ جاءهم بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فلما لم يتضرعوا فتح الله عليهم الدنيا و أغناهم، عقوبة لفعلهم الردي ء، فلما فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ «2» أي آيسون، و ذلك قول الله تبارك و تعالى

في مناجاته لموسى (عليه السلام).

3468/ [7]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان في مناجاة الله لموسى (عليه السلام): يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين. و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته. فما فتح الله على أحد هذه الدنيا إلا بذنب ينسيه ذلك الذنب، فلا يتوب، فيكون إقبال الدنيا عليه عقوبة لذنبه»

».

سورة الأنعام(6): الآيات 44 الي 45 ..... ص : 418

قوله تعالى:

فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [44- 45]

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 199.

7- تفسير القمّي 1: 200.

(1) في «س» و «ط»: جعفر بن محمّد، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه من المصدر، و انظر معجم رجال الحديث 4: 50.

(2) الأنعام 6: 44.

(3) في المصدر: لذنوبه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 419

3469/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثني عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ.

قال: «أما قوله: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني فلما تركوا ولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام) و قد أمروا بها فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ يعني دولتهم في الدنيا، و ما بسط لهم فيها.

و أما قوله: حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ يعني بذلك قيام القائم (عليه السلام)، حتى كأنهم لم يكن

لهم سلطان قط، فذلك قوله بَغْتَةً فنزلت بخبره «1» هذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله)».

3470/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن أبي عبد الله البرقي، عن الحسين «2» بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام).

قال: «أما قوله فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني فلما تركوا ولاية علي و قد أمروا بها فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ] يعني دولتهم في الدنيا و ما بسط لهم فيها، و أما قوله حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ يعني قيام القائم (عليه السلام)».

3471/ [3]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان ابن داود المنقري «3»، عن فضيل بن عياض، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: من الورع من الناس؟

فقال: «الذي يتورع عن محارم الله، و يجتنب هؤلاء، و إذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام، و هو لا يعرفه، و إذا رأى المنكر فلم ينكره، و هو يقوى عليه، فقد أحب أن يعصى الله، و من أحب أن يعصى الله فقد بارز الله بالعداوة، و من أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصى الله، إن الله تبارك و تعالى حمد نفسه على إهلاك الظلمة فقال:

فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ».

و رواه علي بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد، بالسند و المتن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «4».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 220. [.....]

2- بصائر الدرجات: 98/ 5.

3 معاني الأخبار: 252/ 1.

(1) في «ط»: فنزل آخر.

(2) في «س» و «ط»: الحسن، تصحيف، و ما

أثبتناه من المصدر. راجع معجم رجال الحديث 6: 25 و 29.

(3) في «س»: داود بن سليمان المنقري، و هو سهو، انظر معجم رجال الحديث 8: 257.

(4) تفسير القمّي 1: 200.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 420

3472/ [4]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال:

حدثني أبي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا محمد بن أحمد القاشاني، قال: حدثنا علي بن سيف، قال: حدثني أبي، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت في بني فلان ثلاث آيات: قوله عز و جل حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً «1» يعني القائم (عليه السلام) بالسيف فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ «2»، و قوله عز و جل:

فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ- قال أبو عبد الله (عليه السلام)- بالسيف، و قوله عز و جل: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ «3» يعني القائم (عليه السلام) يسأل بني فلان عن «4» كنوز بني امية».

3473/ [5]- العياشي: عن أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام): «أن قنبرا مولى أمير المؤمنين (عليه السلام) ادخل على الحجاج بن يوسف، فقال له: ما الذي كنت تلي من أمر علي بن أبي طالب؟ قال: كنت أوضئه.

فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟ قال: كان يتلو هذه الآية فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا

بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

فقال الحجاج: كان يتأولها علينا؟ فقال: نعم.

فقال: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك «5»؟ قال: إذن أسعد و تشقى. فأمر به فقتله.

3474/ [6]- و عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ.

قال: «لما تركوا ولاية علي (عليه السلام) و قد أمروا بها أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ- قال- نزلت في ولد العباس».

3475/ [7]- عن منصور بن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ إلى قوله: فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ، قال: «أخذ بنو امية بغتة، و يؤخذ بنو العباس جهرة».

__________________________________________________

4- دلائل الإمامة: 250.

5- تفسير العيّاشي 1: 359/ 22.

6- تفسير العيّاشي 1: 360/ 23.

7- تفسير العيّاشي 1: 360/ 24.

(1، 2) يونس 10: 24.

(3) الأنبياء 21: 12- 13.

(4) (عن) ليس في المصدر.

(5) العلاوة: أعلى الرأس أو العنق «أقرب الموارد- علو- 2: 826». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 421

3476/ [8]- عن الفضيل بن عياض، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): من الورع من الناس؟

فقال: «الذي يتورع عن محارم الله، و يجتنب هؤلاء، و إذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام، و هو لا يعرفه، و إذا رأى المنكر فلم ينكره و هو يقوى «1» عليه، فقد أحب أن يعصى الله، و من أحب أن يعصى الله فقد بارز الله بالعداوة، و من أحب بقاء الظالم فقد أحب أن يعصى الله، إن الله تبارك و

تعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين فقال:

فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ».

سورة الأنعام(6): آية 46 ..... ص : 421

قوله تعالى:

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ [46] 3477/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: قُلْ لقريش: إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ من يرد ذلك عليكم إلا الله؟! و قوله: ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ أي يكذبون.

3478/ [10]- و عنه: قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ، قال: «يقول: إن أخذ الله منكم الهدى مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ يقول: يعرضون».

سورة الأنعام(6): آية 47 ..... ص : 421

قوله تعالى:

قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ [47] 3479/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: إنها نزلت لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة و أصاب أصحابه الجهد و العلل و المرض، فشكوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأنزل الله عز و جل: قُلْ لهم يا محمد:

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 360/ 25.

9- تفسير القمّي 1: 201.

10- تفسير القمّي 1: 201.

11- تفسير القمّي 1: 201.

(1) في المصدر: يقدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 422

أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ أي لا يصيبهم إلا الجهد و الضر في الدنيا، فأما العذاب الأليم الذي فيه الهلاك فلا يصيب إلا القوم الظالمين.

سورة الأنعام(6): الآيات 50 الي 51 ..... ص : 422

قوله تعالى:

قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [50- 51] 3480/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم قال: قُلْ لهم يا محمد لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ قال: لا أملك خزائن الله، و لا أعلم الغيب، و ما أقول فإنه من عند الله. ثم قال: هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ أي من يعلم و من لا يعلم أَ فَلا تَتَفَكَّرُونَ ثم قال:

وَ أَنْذِرْ بِهِ يعني بالقرآن الَّذِينَ يَخافُونَ أي يرجون أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.

3481/ [2]- الطبرسي: قال الصادق (عليه السلام): «أنذر بالقرآن من يرجون الوصول إلى ربهم برغبتهم فيما عنده، فإن القرآن شافع مشفع».

سورة الأنعام(6): الآيات 52 الي 54 ..... ص : 422

قوله تعالى:

وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ وَ ما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ- إلى قوله تعالى- فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [52- 54]

3482/ [3]- علي بن إبراهيم: كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون أهل «1» الصفة،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 210.

2- مجمع البيان 4: 471.

3- تفسير القمّي 1: 202.

(1) في المصدر: أصحاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 423

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمرهم أن يكونوا في صفة يأوون إليها، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتعاهدهم بنفسه، و ربما حمل إليهم ما يأكلون، و كانوا يختلفون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيقربهم و يقعد معهم، و يؤنسهم، و كان إذا جاء الأغنياء

و المترفون من أصحابه أنكروا عليه ذلك، و يقولون له: اطردهم عنك.

فجاء يوما رجل من الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عنده رجل من أصحاب الصفة، قد لصق برسول الله (صلى الله عليه و آله) و رسول الله يحدثه، فقعد الأنصاري بالبعد منهما، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تقدم» فلم يفعل، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لعلك خفت أن يلزق فقره بك؟!».

فقال الأنصاري: اطرد هؤلاء عنك. فأنزل الله: وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ وَ ما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ.

3483/ [2]- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، قال: بينما علي (عليه السلام) يخطب يوم الجمعة على المنبر فجاء الأشعث بن قيس يتخطى رقاب الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، حالت الحمر بيني و بين وجهك. قال: فقال علي (عليه السلام): «ما لي و ما للضياطرة «1»، أطرد قوما غدوا أول النهار يطلبون رزق الله، و آخر النهار ذكروا الله، أ فأطردهم فأكون من الظالمين؟!».

3484/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال: وَ كَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ أي اختبرنا الأغنياء بالغنى، لننظر كيف مواساتهم للفقراء، و كيف يخرجون ما افترض الله عليهم في أموالهم، و اختبرنا الفقراء لننظر كيف صبرهم على الفقر، و عما في أيدي الأغنياء لِيَقُولُوا أي الفقراء أَ هؤُلاءِ الأغنياء قد مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ.

ثم فرض الله على رسوله أن يسلم على التوابين الذين عملوا السيئات ثم تابوا، فقال: وَ إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ

عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ يعني أوجب الرحمة لمن تاب. و الدليل على ذلك قوله: أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

3485/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا بلغت النفس هذه- و أهوى بيده إلى حلقه- لم يكن للعالم توبة، و كانت للجاهل توبة».

3486/ [5]- الطبرسي: قيل: نزلت في التائبين، و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 360/ 26.

3- تفسير القمّي 1: 202.

4- الكافي 2: 319/ 3.

5- مجمع البيان 4: 476.

(1) الضّياطرة: هم الضّخام الذين لا غناء عندهم، الواحد ضيطار. «النهاية 3: 87». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 424

3487/ [6]- العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «رحم الله عبدا تاب إلى الله قبل الموت، فإن التوبة مطهرة من دنس الخطيئة، و منقذة من شقاء «1» الهلكة، فرض الله بها على نفسه لعباده الصالحين، فقال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً

«2»».

3488/ [7]- و من طريق المخالفين، ما روي عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا الآية: نزلت في علي و حمزة [و جعفر] و زيد.

سورة الأنعام(6): الآيات 55 الي 58 ..... ص : 424

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَ لِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ [55- 58] 3489/]

- و قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ

وَ لِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ يعني مذهبهم و طريقتهم لتستبين إذا وصفناهم. ثم قال: قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ كَذَّبْتُمْ بِهِ أي بالبينة التي أنا عليها ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ يعني الآيات التي سألوها إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَ هُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ أي يفصل بين الحق و الباطل. ثم قال: قُلْ لهم لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ يعني إذا جاءت الآية هلكتم و انقضى ما بيني و بينكم.

3490/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله): قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ قال: لو أني أمرت أن أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله عز و جل:

__________________________________________________

6- تفسير العياشي 1: 361/ 27.

7- تفسير الحبري: 265/ 26، شواهد التنزيل 1: 196/ 254.

1- تفسير القمي 1: 202.

2- الكافي 8: 380/ 574.

(1) في المصدر: شفا.

(2) النساء 4: 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 425

كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ «1» يقول: أضاءت الأرض بنور محمد (صلى الله عليه و آله) كما تضي ء الشمس، فضرب الله مثل محمد (صلى الله عليه و آله) الشمس، و مثل الوصي القمر، و هو قول الله عز و جل: هُوَ الَّذِي

جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «2» و قوله: وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ «3» و قوله عز و جل: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ «4» يعني قبض محمد (صلى الله عليه و آله) فظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته، و هو قول الله عز و جل: وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ «5»».

سورة الأنعام(6): آية 59 ..... ص : 425

قوله تعالى:

وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [59] 3491/ [1]- قال علي بن إبراهيم: وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ يعني علم «6» الغيب لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ قال: الورقة: السقط، و الحبة: الولد، و ظلمات الأرض: الأرحام، و الرطب: ما يبقى و يحيا، و اليابس: صورة ما تغيض «7» الأرحام، و كل ذلك في كتاب مبين.

3492/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 203.

2- الكافي 8: 248/ 349.

(1) البقرة 2: 17.

(2) يونس 10: 5.

(3) يس 36: 37.

(4) البقرة 2: 17.

(5) الأعراف 7: 198.

(6) في المصدر:

عالم. [.....]

(7) أي التي تنقص عن مقدار الحمل الذي يسلم معه الولد. «مجمع البحرين- غيض- 4: 219».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 426

الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

قال: فقال: «الورقة: السقط، و الحبة: الولد، و ظلمات الأرض: الأرحام، و الرطب: ما يحيا [من الناس، و اليابس: ما يغيض «1»، و كل ذلك في إمام مبين».

3493/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبي بصير، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

قال: فقال: «الورقة: السقط، و الحبة: الولد، و ظلمات الأرض: الأرحام، و الرطب: ما يحيا، و اليابس: ما يغيض، و كل ذلك في كتاب مبين».

3494/ [4]- العياشي: عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها إلى قوله: إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

قال: «الورقة: السقط، و الحبة: الولد، و ظلمات الأرض: الأرحام، و الرطب: ما يحيا، و اليابس: ما يغيض، و كل ذلك في كتاب مبين».

3495/ [5]- عن الحسين بن خالد، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ

فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ، فقال: «الورقة: السقط، يسقط من بطن امه من قبل أن يهل الولد».

قال: فقلت: و قوله وَ لا حَبَّةٍ؟ قال: «يعني الولد في بطن امه إذا هل و يسقط من قبل الولادة».

قال: قلت: قوله: وَ لا رَطْبٍ؟ قال: «يعني المضغة إذا أسكنت في الرحم قبل أن يتم خلقها، قبل أن ينتقل».

قال: قلت: قوله: وَ لا يابِسٍ؟ قال: «الولد التام».

قال: قلت: فِي كِتابٍ مُبِينٍ؟ قال: «في إمام مبين».

__________________________________________________

3- معاني الأخبار: 215/ 1.

4- تفسير العيّاشي 1: 361/ 28.

5- تفسير العيّاشي 1: 361/ 29.

(1) في المصدر: ما يقبض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 427

سورة الأنعام(6): الآيات 60 الي 61 ..... ص : 427

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ [60- 61] 3496/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ يعني بالنوم وَ يَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ يعني ما علمتم بالنهار، و قوله ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ يعني ما عملتم من الخير و الشر.

3497/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى.

قال: «هو الموت ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».

ثم قال: و أما قوله: وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً يعني الملائكة الذين يحفظونكم «1» و يضبطون «2» أعمالكم حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا و هم الملائكة وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ أي لا يقصرون.

3498/ [3]- ابن بابويه: قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «3» و عن قول الله عز و جل: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ

«4» و عن قول الله عز و جل:

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ «5» و الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ «6» و عن قوله عز و جل:

تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا و عن قوله: وَ لَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ «7» و قد يموت في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه إلا الله عز و جل، فكيف هذا؟

فقال: «إن الله تبارك و تعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة، يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الإنس، يبعثهم في حوائجه، فتتوفاهم الملائكة، و يتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبضه هو، و يتوفاهم الله عز و جل من ملك الموت».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 203.

2- تفسير القمّي 1: 203.

3- من لا يحضره الفقيه 1: 82/ 371.

(1) في «س» و «ط»: يحفظون.

(2) في المصدر: و يحفظون.

(3) الزّمر 39: 42.

(4) السجدة 32: 11.

(5) النّحل 16: 32.

(6) النّحل 16: 28. [.....]

(7) الأنفال 8: 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 428

سورة الأنعام(6): آية 62 ..... ص : 428

قوله تعالى:

ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ [62]

3499/ [1]- العياشي: عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «دخل مروان بن الحكم المدينة- قال- فاستلقى على السرير، و ثم مولى للحسين (عليه السلام) فقال: رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ- قال- فقال الحسين (عليه السلام) لمولاه: ماذا قال هذا حين دخل؟ قال: استلقى على السرير فقرأ:

رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ إلى قوله: الْحاسِبِينَ، فقال الحسين (عليه السلام): نعم و الله، رددت أنا و أصحابي إلى الجنة، و رد هو و أصحابه إلى النار».

سورة الأنعام(6): الآيات 65 الي 67 ..... ص : 428

قوله تعالى:

قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ- إلى قوله تعالى- لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ [65- 67]

3500/ [2]- الطبرسي: مِنْ فَوْقِكُمْ السلاطين الظلمة، و مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ العبيد السوء و من لا خير فيه. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً يعني يضرب بعضكم ببعض بما يلقيه من العداوة و العصبية. و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قال: سوء الجوار.

قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

و نحوه في (نهج البيان) عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

3501/ [3]- علي بن إبراهيم: و قوله: يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قال: السلطان الجائر أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال: السفلة و من لا خير فيه أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً قال: العصبية وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قال:

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 362/ 30.

2- مجمع البيان 4: 487.

3- تفسير القمّي

1: 203.

(1) نهج البيان 2: 112 (مخطوط).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 429

سوء الجوار.

3502/ [3]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ.

قال: «هو الدخان و الصيحة أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ و هو الخسف أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً و هو اختلاف في الدين، و طعن بعضكم على بعض وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ و هو أن يقتل بعضكم بعضا، فكل هذا في أهل القبلة، يقول الله: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُّ يعني القرآن، كذبت به قريش «1»».

ثم قال: و قوله تعالى: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ يقول: لكل نبأ حقيقة وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثم قال: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ يعني كي يفقهوا. و قوله تعالى: وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُّ يعني القرآن، كذبت به قريش قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ أي لكل خبر وقت وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ.

سورة الأنعام(6): الآيات 68 الي 71 ..... ص : 429

قوله تعالى:

وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ- إلى قوله تعالى- وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [68- 71] 3503/]

- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ يعني الذين يكذبون بالقرآن و يستهزءون. ثم قال: فإن أنساك الشيطان في ذلك الوقت عما أمرتك به فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.

3504/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن سيف بن عميرة، عن عبد الأعلى بن أعين، قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسب فيه إمام، أو يغتاب فيه مسلم، إن الله يقول في كتابه: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ».

__________________________________________________

3- تفسير القمي 1: 204.

1- تفسير القمي 1: 204.

2- تفسير القمي 1: 204.

(1) في المصدر: قومك و هم قرش.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 430

3505/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن الحسين «1» السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثني علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال علي بن الحسين (عليه السلام): ليس لك أن تقعد مع من شئت، لأن الله تبارك و تعالى يقول: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. و ليس لك أن تتكلم بما شئت.

لأن الله عز و جل قال: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ «2»، و لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: رحم الله عبدا قال خيرا فغنم، أو صمت فسلم. و ليس لك أن تسمع ما شئت، لأن الله عز و جل يقول: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «3»».

3506/ [4]- الطبرسي: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لما نزلت «4» فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قال

المسلمون: كيف نصنع؟ إن كان كلما استهزأ المشركون بالقرآن قمنا و تركناهم، فلا ندخل إذن المسجد الحرام، و لا نطوف بالبيت الحرام! فأنزل الله تعالى وَ ما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ أمرهم بتذكيرهم [و تبصيرهم ما استطاعوا».

3507/ [5]- و قال علي بن إبراهيم في قوله: وَ ما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ: أي ليس يؤخذ المتقون بحساب الذين لا يتقون وَ لكِنْ ذِكْرى أي ذكر «5» لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ كي يتقوا.

3508/ [6]- العياشي: عن ربعي بن عبد الله، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا. قال: «الكلام في الله، و الجدال في القرآن فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ- قال- منه القصاص».

3509/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال: وَ ذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَ لَهْواً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا يعني الملاهي وَ ذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ أي تسلم بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ وَ إِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها يعني يوم القيامة لا يقبل منها فداء و لا صرف أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا أي

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 605/ 80.

4- مجمع البيان 4: 489.

5- تفسير القمّي 1: 204.

6- تفسير العيّاشي 1: 362/ 31.

7- تفسير القمّي 1: 204. [.....]

(1) في المصدر: الحسن، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 11: 376.

(2، 3) الإسراء 17: 36.

(4) في «ط»: أنزل.

(5) في «ط» و المصدر: اذكر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 431

أسلموا بأعمالهم لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ.

قال: و قال احتجاجا على عبدة الأوثان:

قُلْ لهم أَ نَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَ لا يَضُرُّنا وَ نُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ.

و قوله: كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ أي خدعتهم فِي الْأَرْضِ فهو حَيْرانَ و قوله: لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا يعني ارجع إلينا، و هو كناية عن إبليس فرد الله عليهم، فقال قُلْ لهم يا محمد: إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى «1» وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.

سورة الأنعام(6): آية 73 ..... ص : 431

قوله تعالى:

قَوْلُهُ الْحَقُّ وَ لَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [73]

3510/ [1]- ابن بابويه: قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ. قال: «الغيب: ما لم يكن، و الشهادة: ما قد كان».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- تفسير الصور و النفخ فيه في سورة الزمر «2».

سورة الأنعام(6): الآيات 74 الي 81 ..... ص : 431

اشارة

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَ قَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ- إلى قوله تعالى- إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [74- 81]

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 146/ 1.

(1) في «ط»: إنّ الهدى هدى اللّه.

(2) تأتي في تفسير الآية (68) من سورة الزّمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 432

3511/ [1]- ابن بابويه: قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن حمدان ابن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».

قال: فسأله عن آيات من القرآن في الأنبياء (عليهم السلام)، فكان فيما سأله أن قال له: فأخبرني عن قول الله عز و جل في إبراهيم (عليه السلام): فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ

رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي.

فقال الرضا (عليه السلام): «إن إبراهيم (عليه السلام) وقع إلى ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزهرة، و صنف يعبد القمر، و صنف يعبد الشمس، و ذلك حين خرج من السرب «1» الذي اخفي فيه، فلما جن عليه الليل فرأى الزهرة قال: هذا ربي؟! على الإنكار و الاستخبار، فلما أفل الكوكب قال: لا أحب الآفلين لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم، فلما رأى القمر بازغا قال: هذا ربي؟! على الإنكار و الاستخبار، فلما أفل قال: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين «2»، فلما أصبح و رأى الشمس بازغة قال: هذا ربي؟! هذا أكبر من الزهرة و القمر، على الإنكار و الاستخبار، لا على الإخبار و الإقرار، فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة و القمر و الشمس:

يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

و إنما أراد إبراهيم (عليه السلام) بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم، و يثبت عندهم أن العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهرة و القمر و الشمس، و إنما تحق العبادة لخالقها، و خالق السماوات و الأرض، و كان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله عز و جل و آتاه كما قال عز و جل: وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ «3»». فقال المأمون:

لله درك، يا بن رسول الله.

3512/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن مسكان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ

الْمُوقِنِينَ، قال: «كشط لإبراهيم السماوات السبع حتى نظر إلى ما فوق العرش، و كشط له الأرضون السبع «4»، و فعل بمحمد (صلى الله عليه و آله) مثل ذلك، و إني لأرى صاحبكم و الأئمة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك».

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 197/ 1.

2- بصائر الدرجات: 127/ 2.

(1) السّرب: جحر الوحشي، أو حفير تحت الأرض لا منفذ له.

(2) زاد في المصدر: يقول: لو لم يهدني ربّي لكنت من القوم الضّالّين.

(3) الأنعام 6: 83.

(4) في المصدر: و كشط له الأرض حتّى رأى ما في الهواء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 433

3513/ [3]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن البرقي «1»، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل رأى محمد (صلى الله عليه و آله) ملكوت السماوات و الأرض كما رأى إبراهيم (عليه السلام)؟ قال: «بلى- قال- و كذلك أري صاحبكم «2»».

3514/ [4]- و عنه: عن محمد «3»، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن ثعلبة، عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ.

قال: «كشط الله «4» الأرض حتى رآها و من عليها، [و عن السماء حتى رآها و من فيها] و الملك الذي يحملها، و العرش و من عليه «5»، و كذلك أري صاحبكم».

3515/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، رفعه، قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ذكر الحديث، و قال: «الَّذِʙƙΠيَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ «6» هم العلماء الذين حملهم الله علمه، و ليس

يخرج عن هذه الأربعة «7» شي ء خلق الله في ملكوته، و هو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه و أراه خليله (عليه السلام) فقال: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ».

و سيأتي تمام الحديث- إن شاء الله تعالى- عند ذكر العرش»

.3516/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما رأى إبراهيم (عليه السلام) ملكوت السماوات و الأرض التفت فرأى رجلا يزني، فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر، فدعا عليه فمات، حتى رأى ثلاثة

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 127/ 4. [.....]

4- بصائر الدرجات: 126/ 1.

5- الكافي 1: 101/ 1.

6- الكافي 8: 305/ 473.

(1) (عن البرقي) ليس في «س» و «ط»، و الصواب ما في المتن، حيث روى أحمد بن محمّد، كتاب النّضر بن سويد، عن أبيه محمّد بن خالد البرقي. انظر معجم رجال الحديث 19: 151.

(2) في المصدر: قال: نعم، و صاحبكم.

(3) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد، و الصواب ما في المتن، و هو محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، شيخ الصفّار، و الراوي عن عبد اللّه، كما في مشيخة الفقيه 4: 107، معجم رجال الحديث 10: 305. و لم نجد رواية لأحمد بن محمّد عن عبد اللّه الحجّال.

(4) في المصدر: كشط له عن.

(5) في «ط»: و من يحمله.

(6) غافر 40: 7.

(7) قال المجلسي: قال الوالد العلّامة (قدس سره): الظاهر أنّ المراد بالأربعة: العرش، و الكرسي، و السماوات، و الأرض، و يحتمل أن يكون المراد بها الأنوار الأربعة التي هي عبارة عن

العرش لأنّه محيط على ما هو المشهور. مرآة العقول 2: 75.

(8) يأتي في الحديث (5) من تفسير الآية (5) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 434

فدعا عليهم فماتوا، فأوحى الله عز ذكره إليه: يا إبراهيم، إن دعوتك مجابة، فلا تدع على عبادي، فإني لو شئت لم أخلقهم، إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبد يعبدني لا يشرك بي شيئا فأثيبه، و عبد عبد غيري فلن يفوتني، و عبد عبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني».

و روى ذلك علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

3517/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن إسماعيل بن مرار «2»، عن يونس بن عبد الرحمن، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كشط له عن الأرض و من عليها، و عن السماء و من فيها «3»، و الملك الذي يحملها، و العرش و من عليه، و فعل ذلك برسول الله و أمير المؤمنين (عليهما الصلاة و السلام)».

3518/ [8]- و في كتاب (الاختصاص) للمفيد (رضي الله عنه): عن الحسن «4» بن أحمد بن سلمة اللؤلؤي، عن محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، قال: و كنت مطرقا إلى الأرض فرفع يده إلى فوق، ثم قال: «ارفع رأسك» فرفعت رأسي، فنظرت إلى السقف قد انفرج حتى خلص بصري إلى نور ساطع، و حار بصري دونه، ثم قال لي:

«رأى إبراهيم (عليه السلام) ملكوت السماوات و الأرض هكذا» ثم قال لي: «أطرق» فأطرقت، ثم قال: «ارفع رأسك» فرفعت رأسي، فإذا السقف على حاله.

ثم أخذ بيدي فقام و أخرجني من البيت الذي كنت فيه، و أدخلني بيتا آخر، فخلع ثيابه التي كانت عليه، و لبس ثيابا غيرها، ثم قال لي: «غض بصرك» فغضضت «5» بصري، فقال: «لا تفتح عينيك» فلبثت ساعة، ثم قال لي:

«تدري أين أنت؟» قلت: لا. قال: «أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين». فقلت له: جعلت فداك، أ تأذن لي أن أفتح عيني فأراك؟ فقال لي: «افتح فإنك لا ترى شيئا». ففتحت عيني، فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي.

ثم سار قليلا و وقف فقال: «هل تدري أين أنت؟» فقلت: لا أدري. فقال: «أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر (عليه السلام)». و سرنا فخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر، فسلكنا فيه، فرأينا كهيئة عالمنا هذا في بنائه و مساكنه و أهله، ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الأول و الثاني، حتى وردنا على خمسة عوالم. قال: ثم قال لي:

«هذه ملكوت الأرض، و لم يرها إبراهيم (عليه السلام) و إنما رأى ملكوت السماوات، و هي اثني عشر عالما، كل عالم

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 205.

8- الاختصال: 322.

(1) تفسير القمّي 1: 205. [.....]

(2) في المصدر: ضرار، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 3: 143 و 183.

(3) في «س» و «ط»: عليها.

(4) في «س» و «ط»: الحسين، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 4: 284.

(5) في «ط»: غمّض بصرك فغمّضت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 435

كهيئة ما رأيت، كلما مضى منا إمام

سكن إحدى هذه العوالم، حتى يكون آخرهم القائم (عليه السلام) في عالمنا الذي نحن ساكنوه».

ثم قال لي: «غض بصرك» ثم أخذ بيدي فإذا [نحن «1» في البيت الذي خرجنا منه، فنزع تلك الثياب، و لبس ثيابه التي كانت عليه، و عدنا إلى مجلسنا، فقلت له: جعلت فداك، كم مضى من النهار؟ فقال: «ثلاث ساعات».

و روى هذا الحديث محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن الحسن بن أحمد بن سلمة، عن محمد بن المثنى، عن عثمان بن زيد «2»، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل:

وَ كَذلِكَ نُرِي الحديث، إلا أن فيه: «و أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر (عليه السلام)» فشرب الماء و شربت «3»، و خرجنا من ذلك العالم، و ساق الحديث إلى آخره «4».

3519/ [9]- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أبا جهل، أما علمت قصة إبراهيم الخليل (عليه السلام) لما رفع في الملكوت، و ذلك قول ربي وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ قوى الله بصره لما رفعه دون السماء، حتى أبصر الأرض و من عليها ظاهرين، فالتفت «5» فرأى رجلا و امرأة على فاحشة، فدعا عليهما بالهلاك، فهلكا، ثم رأى آخرين، فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فهم بالدعاء عليهما، فأوحى الله إليه: يا إبراهيم، اكفف دعوتك عن عبادي و إمائي، فإني أنا الغفور الرحيم، الحنان الحليم «6»، لا تضرني ذنوب عبادي، كما لا تنفعني طاعتهم، و لست أسوسهم بشفاء الغيظ كسياستك، فاكفف دعوتك عن عبادي

و إمائي، فإنما أنت عبد نذير لا شريك في المملكة، و لا مهيمن علي و لا على عبادي، و عبادي معي بين خلال ثلاث: إما تابوا إلي فتبت عليهم و غفرت ذنوبهم و سترت عيوبهم، و إما كففت عنهم عذابي لعلمي بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات مؤمنون «7»، فأرفق بالآباء الكافرين، و أتأنى بالأمهات الكافرات، و أرفع عنهم عذابي ليخرج ذلك المؤمن من أصلابهم، فإذا تزايلوا حل «8» بهم عذابي، و حاق بهم بلائي، و إن لم يكن هذا و لا هذا فإن الذي أعددته لهم من عذابي أعظم مما تريده بهم، فإن عذابي لعبادي على حسب جلالي و كبريائي يا إبراهيم، فخل بيني و بين عبادي. فإني أرحم بهم منك، و خل بيني و بين عبادي فإني أنا الجبار الحليم، العلام الحكيم، أدبرهم بعلمي، و أنفذ فيهم قضائي و قدري.

__________________________________________________

9- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 512/ 314.

(1) أثبتناه من البصائر.

(2) في «س» و «ط»: يزيد، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 11: 109 و 129.

(3) (فشرب الماء و شربت) ليس في المصدر.

(4) بصائر الدرجات: 424/ 4.

(5) في المصدر: ظاهرين و مستترين.

(6) في «س»: الجبار الحكيم، و في «ط»: الجبار الحليم.

(7) في «ط»: يؤمنون.

(8) في «ط» نسخة بدل: حق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 436

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله تعالى- يا أبا جهل- إنما دفع عنك العذاب لعلمه بأنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة: عكرمة ابنك، و سيلي من امور المسلمين ما إن أطاع الله [و رسوله فيه كان عند الله جليلا، و إلا فالعذاب نازل عليك».

3520/ [10]- و قال علي بن إبراهيم:

قوله تعالى: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ أي غاب قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ.

3521/ [11]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن آزر أبا إبراهيم (عليه السلام) كان منجما لنمرود بن كنعان، فقال له: إني أرى في حساب النجوم أن في هذا الزمان يحدث رجل «1» فينسخ هذا الدين، و يدعو إلى دين آخر. فقال النمرود في أي بلاد يكون؟ قال: في هذه البلاد. و كان منزل نمرود بكوثى ربا «2»، فقال له نمرود: قد خرج إلى الدنيا؟ قال آزر: لا. قال: فينبغي أن يفرق بين الرجال و النساء. ففرق بين الرجال و النساء.

و حملت أم إبراهيم بإبراهيم (عليه السلام) و لم يبن «3» حلمها، فلما حانت ولادتها قالت: يا آزر، إني قد اعتللت و أريد أن اعتزل عنك. و كان في ذلك الزمان، المرأة إذا اعتلت اعتزلت عن زوجها، فخرجت و اعتزلت في غار، و وضعت إبراهيم (عليه السلام)، فهيأته، و قمطته، و رجعت إلى منزلها، و سدت باب الغار بالحجارة، فأجرى الله لإبراهيم (عليه السلام) لبنا من إبهامه، و كانت امه تأتيه. و وكل نمرود بكل امرأة حامل، فكان يذبح كل ولد ذكر، فهربت ام إبراهيم بإبراهيم (عليه السلام) من الذبح، و كان يشب إبراهيم في الغار يوما كما يشب غيره في الشهر، حتى أتى له في الغار ثلاث عشرة سنة.

فلما كان بعد ذلك زارته امه، فلما أرادت أن تفارقه تشبث بها، فقال: يا امي، أخرجيني. فقالت له: يا بني، إن الملك إن علم أنك ولدت في هذا الزمان قتلك. فلما خرجت امه و خرج

من الغار و قد غابت الشمس، نظر إلى الزهرة في السماء، فقال: هذا ربي. فلما أفلت «4» قال: لو كان هذا ربي ما تحرك و لا برح، ثم قال: لا أحب الآفلين- و الآفل: الغائب- فلما نظر إلى المشرق رأى القمر بازغا، قال: هذا ربي، هذا أكبر و أحسن. فلما تحرك و زال قال إبراهيم (عليه السلام): لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فلما أصبح و طلعت الشمس و رأى ضوءها، و قد أضاءت الدنيا لطلوعها قال: هذا ربي، هذا أكبر و أحسن، فلما تحركت و زالت كشف الله له عن السماوات حتى رأى العرش و من عليه، و أراه الله ملكوت السماوات و الأرض، فعند ذلك قال: يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ __________________________________________________

10- تفسير القمي 1: 206. [.....]

11- تفسير القمي 1: 206.

(1) في المصدر: أن هذا الزمان يحدث رجلا.

(2) كوثى ربا: من أرض بابل بالعراق، فيها مولد إبراهيم الخليل (عليه السلام)، و فيها مشهده. (معجم البلدان 4: 487).

(3) في المصدر: و لم تبين.

(4) في هامش «ط»: فلما غابت الزهرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 437

إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فجاء إلى امه و أدخلته دارها و جعلته بين أولادها».

و سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول إبراهيم (عليه السلام): هذا رَبِّي، أشرك في قوله: هذا رَبِّي؟

فقال: «لا، بل من قال هذا اليوم فهو مشرك، و لم يكن من إبراهيم (عليه السلام) شرك، و إنما كان في طلب ربه، و هو من غيره شرك».

«فلما دخلت ام إبراهيم بإبراهيم دارها نظر إليه آزر فقال: من هذا الذي قد بقي في «1» سلطان الملك،

و الملك يقتل أولاد الناس؟ قالت: هذا ابنك، ولدته وقت كذا و كذا حين اعتزلت عنك. قال: ويحك، إن علم الملك بهذا زالت منزلتنا عنده. و كان آزر صاحب أمر نمرود و وزيره، و كان يتخذ الأصنام له و للناس، و يدفعها إلى ولده فيبيعونها، و كان في دار الأصنام، فقالت ام إبراهيم لآزر: لا عليك، إن لم يشعر الملك به بقي لنا ولدنا «2»، و إن شعر به كفيتك الاحتجاج عنه.

و كان آزر كلما نظر إلى إبراهيم (عليه السلام) أحبه حبا شديدا، و كان يدفع إليه الأصنام ليبيعها كما يبيع إخوته، فكان يعلق في أعناقها الخيوط، و يجرها على الأرض و يقول: من يشتري ما لا يضره و لا ينفعه؟! و يغرقها في الماء و الحمأة و يقول لها: اشربي و كلي و تكلمي، فذكر إخوته ذلك لأبيه فنهاه، فلم ينته، فحبسه في منزله و لم يدعه يخرج. و حاجه قومه، فقال إبراهيم (عليه السلام): أَ تُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَ قَدْ هَدانِ أي بين لي وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْ ءٍ عِلْماً أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ ثم قال لهم: وَ كَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي أنا أحق بالأمن حيث أعبد الله، أو أنتم الذين تعبدون الأصنام!!».

3522/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق «3» (رضي الله عنه). قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات،

قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، و ذكر حديث ما ابتلى الله عز و جل به إبراهيم (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): «منها اليقين، و ذلك قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ و منها المعرفة بقدم بارئه، و توحيده، و تنزيهه عن التشبيه، حين نظر إلى الكوكب و القمر و الشمس، فاستدل بأفول كل واحد منها على حدوثه، و بحدوثه «4» على محدثه».

__________________________________________________

12- الخصال 305/ 84.

(1) زاد في «ط»: زمن.

(2) في «س»: يبقى ولدنا.

(3) في المصدر: عليّ بن أحمد بن موسى، كلاهما صحيح، انظر معجم رجال الحديث 11: 254 و 255.

(4) في المصدر: حدثه و بحدثه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 438

و الحديث طويل، تقدم بتمامه في قوله تعالى: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ «1» و هو حديث حسن.

3523/ [13]- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الصلت، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأله سائل عن وقت المغرب، قال: «إن الله تعالى يقول في كتابه لإبراهيم (عليه السلام):

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً فهذا أول الوقت، و آخر ذلك غيبوبة الشفق، و أول وقت العشاء ذهاب الحمرة، و آخر وقتها إلى غسق الليل، يعني نصف الليل».

3524/ [14]- و روى الطبرسي في (الاحتجاج) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث له في رد سؤال يهودي، قال له اليهودي: فإن هذا عيسى بن مريم يزعمون أنه تكلم في المهد صبيا.

قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و

آله) سقط من بطن امه واضعا يده اليسرى على الأرض، و رافعا يده اليمنى إلى السماء، يحرك شفتيه بالتوحيد».

قال له اليهودي: فإن هذا إبراهيم قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى، و أحاطت دلالته بعلم الإيمان به».

قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و اعطي محمد (صلى الله عليه و آله) أفضل منه، قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى، و أحاطت دلالته بعلم الإيمان به «3»، و تيقظ إبراهيم و هو ابن خمس عشرة سنة، و محمد (صلى الله عليه و آله) كان ابن سبع سنين، قدم تجار من النصارى، فنزلوا بتجارتهم بين الصفا و المروة، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته و نعته «4» و خبر مبعثه و آياته (صلى الله عليه و آله)، فقالوا له: يا غلام، ما اسمك؟ قال: محمد: قالوا: ما اسم أبيك؟ قال: عبد الله. قالوا: ما اسم هذه؟ و أشاروا بأيديهم إلى الأرض، قال: الأرض. قالوا: فما اسم هذه؟

و أشاروا بأيديهم إلى السماء، قال: السماء. قالوا: فمن ربهما؟ قال: الله. ثم انتهرهم و قال: أ تشككوني في الله عز و جل؟! ويحك- يا يهودي- لقد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله عز و جل مع كفر قومه، إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام و يعبدون الأوثان، و هو يقول: لا إله إلا الله».

3525/ [15]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ

__________________________________________________

13- التهذيب 2: 30/ 88.

14- الاحتجاج: 213، 223.

15- تفسير العياشي 1: 362/ 32.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (124) من سورة البقرة. [.....]

(2) (به) ليس في المصدر.

(3) (قد تيقظ ... الايمان به) ليس في المصدر.

(4)

في المصدر: و رفعته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 439

، قال: «كان اسم أبيه آزر».

3526/ [16]- عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، قال: «كشط له عن الأرض حتى رآها و ما فيها، و السماء و ما فيها، و الملك الذي يحملها، و العرش و ما عليه».

3527/ [17]- عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، قال: «كشط له السماوات السبع حتى نظر إلى السماء السابعة و ما فيها، و الأرضين السبع و ما فيهن، و فعل بمحمد (صلى الله عليه و آله) كما فعل بإبراهيم (عليه السلام)، و إني لأرى صاحبكم قد فعل به مثل ذلك».

3528/ [18]- عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قول الله: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «كشط له عن السموات حتى نظر إلى العرش و ما عليه».

قال: و السماوات و الأرض و العرش و الكرسي؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كشط له عن الأرض حتى رآها، و عن السماء و ما فيها، و الملك الذي يحملها، و الكرسي و ما عليه «1»».

3529/ [19]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

قال: «أعطي بصره من القوة ما نفذ السماوات فرأى ما فيها و رأى العرش و ما فوقه «2»، و رأى ما في الأرض و ما تحتها».

3530/ [20]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه

السلام) قال: «لما أري «3» ملكوت السماوات و الأرض التفت فرأى رجلا يزني، فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر، فدعا عليه فمات، حتى رأى ثلاثة، فدعا عليهم فماتوا، فأوحى الله إليه أن: يا إبراهيم: إن دعوتك مجابة، فلا تدع على عبادي، فإني لو شئت لم أخلقهم، إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبد يعبدني و لا يشرك بي شيئا فأثيبه، و عبد يعبد غيري فلن يفوتني، و عبد يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني».

3531/ [21]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: في إبراهيم (عليه السلام) إذ رأى كوكبا، قال: «إنما

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 1: 363/ 33.

17- 1: 363/ 34.

18- تفسير العيّاشي 1: 364/ 35.

19- تفسير العيّاشي 1: 364/ 36.

20- تفسير العيّاشي 1: 364/ 37.

21- تفسير العيّاشي 1: 364/ 38.

(1) في «س» و «ط»: و ما فيها.

(2) في «ط»: القوّة حتى رأى السماء و من عليها و الملك الذي يحملها.

(3) في «ط»: رأى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 440

كان طالبا لربه، و لم يبلغ كفرا، و إنه من فكر من الناس في مثل ذلك فإنه بمنزلته».

3532/ [22]- عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول إبراهيم (صلوات الله عليه): لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ: «أي ناس للميثاق».

3533/ [23]- عن أبان بن عثمان، عمن ذكره، عنهم (عليهم السلام): «أنه كان من حديث إبراهيم (عليه السلام) أنه ولد في زمان نمرود بن كنعان، و كان قد ملك الأرض أربعة: مؤمنان و كافران: سليمان بن داود، و ذو القرنين، و نمرود بن كنعان، و بخت نصر، و أنه قيل لنمرود: إنه يولد العام غلام يكون هلاككم و هلاك دينكم «1» و

هلاك أصنامكم «2» على يديه. و أنه وضع القوابل على النساء، و أمر أن لا يولد هذه السنة ذكر إلا قتلوه. و أن إبراهيم (عليه السلام) حملته امه في ظهرها، و لم تحمله في بطنها، و أنه لما وضعته أدخلته سربا و وضعت عليه غطاء، و أنه كان يشب شبا لا يشبه الصبيان، و كانت تعاهده، فخرج إبراهيم (عليه السلام) من السرب، فرأى الزهرة و لم ير كوكبا أحسن منها، فقال:

هذا ربي. فلم يلبث أن طلع القمر، فلما رآه هابه، قال: هذا أعظم، هذا ربي. فلما أفل قال: لا أحب الآفلين. فلما رأى النهار، و طلعت الشمس، قال: هذا ربي، هذا أكبر مما رأيت. فلما أفلت قال: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ، إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ».

3534/ [24]- عن حجر، قال: أرسل العلاء بن سيابة يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول إبراهيم (عليه السلام):

هذا رَبِّي و أنه من قال هذا اليوم فهو عندنا مشرك؟ قال: «لم يكن من إبراهيم (عليه السلام) شرك، إنما كان في طلب ربه، و هو من غيره شرك».

3535/ [25]- عن محمد بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله فيما أخبر عن إبراهيم (عليه السلام): هذا رَبِّي، قال: «لم يبلغ به شيئا، أراد غير الذي قال».

3536/ [26]- ابن الفارسي في (روضة الواعظين) و غيره: روي عن مجاهد عن أبي عمرو و أبي سعيد الخدري قالا: كنا جلوسا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذ دخل سلمان الفارسي، و أبو ذر الغفاري، و المقداد بن الأسود «3»، و أبو الطفيل عامر بن

واثلة، فجثوا بين يديه و الحزن ظاهر في وجوههم، و قالوا: فديناك بالآباء و الأمهات- يا رسول الله- إنا نسمع من قوم في أخيك و ابن عمك ما يحزننا، و إنا نستأذنك في الرد عليهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 1: 364/ 39.

23- تفسير العيّاشي 1: 365/ 40. [.....]

24- تفسير العيّاشي 1: 365/ 41.

25- تفسير العيّاشي 1: 365/ 42.

26- روضة الواعظين: 82.

(1) في «ط»: دينك.

(2) في «س» و «ط»: أصنامك.

(3) في المصدر زيادة: و عمّار بن ياسر، و حذيفة بن اليمان، و أبو الهيثم بن التّيّهان، و خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 441

«و ما عساهم يقولون في أخي و ابن عمي علي بن أبي طالب؟».

فقالوا: يقولون: أي فضل لعلي في سبقه إلى الإسلام، و إنما أدركه الإسلام طفلا، و نحو هذا القول.

فقال (صلى الله عليه و آله): «أ فهذا يحزنكم؟» قالوا: إي و الله. فقال: «تالله أسألكم: هل علمتم من الكتب السالفة أن إبراهيم (عليه السلام) هرب به أبوه من الملك الطاغي، فوضعته «1» امه بين أثلاث «2» بشاطئ نهر يتدفق «3» بين غروب الشمس و إقبال الليل، فلما وضعته و استقر على وجه الأرض قام من تحتها يمسح وجهه و رأسه، و يكثر من شهادة أن لا إله إلا الله، ثم أخذ ثوبا فامتسح به، و امه تراه «4»، فذعرت منه ذعرا شديدا، ثم مضى يهرول بين يديها مادا عينيه إلى السماء، فكان منه ما قال الله عز و جل وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي إلى قوله: إِنِّي

بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ.

و علمتم أن موسى بن عمران (عليه السلام) كان فرعون في طلبه، يبقر بطون النساء الحوامل، و يذبح الأطفال ليقتل موسى (عليه السلام)، فلما ولدته أمه أمرت أن تأخذه من تحتها، و تقذفه في التابوت، و تلقي التابوت في اليم، فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى (عليه السلام) و قال لها: يا أم، اقذفيني في التابوت، و ألقي التابوت في اليم. فقالت و هي ذعرة من كلامه: يا بني، إني أخاف عليك من الغرق. فقال لها: لا تحزني، إن الله رادني إليك «5». ففعلت ما أمرت به، فبقي في التابوت في اليم إلى أن قذفه إلى الساحل، و رده إلى امه برمته، لا يطعم طعاما، و لا يشرب شرابا، معصوما- و روي أن المدة كانت سبعين يوما. و روي: سبعة أشهر- و قال الله تعالى «6» في حال طفوليته:

وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ «7» الآية.

و هذا عيسى بن مريم قال الله عز و جل: فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا إلى قوله: إِنْسِيًّا «8» فكلم امه وقت مولده، و قال حين أشارت إليه قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً «9» إلى آخر الآية، فتكلم (عليه السلام) في وقت ولادته، و أعطي الكتاب و النبوة، و أوصي بالصلاة و الزكاة في ثلاثة أيام من مولده، و كلمهم في اليوم الثاني من مولده.

و قد علمتم جميعا أن الله تعالى خلقني و عليا من نور واحد، و إنا كنا في صلب آدم

نسبح الله تعالى، ثم نقلنا

__________________________________________________

(1) في المصدر: فوضعت به.

(2) الأثل: شجر طويل، مستقيم، يعمّر، كثير الأغصان متعقّدها، دقيق الورق. «المعجم الوسيط- أثل- 1: 6».

(3) و في رواية: نهر يتدفّق يقال له: حرزان «منه قدّس سرّه».

(4) و في رواية: فاتّشح به و أمّه تراه. «منه قدّس سرّه».

(5) في المصدر زيادة: فبقيت حيرانه حتّى كلّمها موسى، و قال لها: يا امّ اقذفيني في التابوت و ألقي التابوت في اليم.

(6) في «س» و «ط»: اللّه ربّي.

(7) طه 20: 39- 40.

(8) مريم 19: 24- 26. [.....]

(9) مريم 19: 29- 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 442

إلى أصلاب الرجال «1» و أرحام النساء، يسمع تسبيحنا في الظهور و البطون، في كل عهد و عصر إلى عبد المطلب، و أن نورنا كان يظهر في وجوه آبائنا و أمهاتنا حتى تبين أسماؤنا مخطوطة بالنور على جباههم. ثم افترق نورنا، فصار نصفه في عبد الله، و نصفه في أبي طالب عمي، و كان يسمع تسبيحنا من ظهورهما، و كان أبي و عمي إذا جلسا في ملأ من قريش فقد تبين نوري من صلب أبي، و نور علي من صلب أبيه، إلى أن خرجنا من صلب آبائنا «2» و بطون أمهاتنا.

و لقد هبط حبيبي جبرئيل في وقت ولادة علي فقال لي: يا حبيب الله، الله يقرئك «3» السلام و يهنئك بولادة أخيك علي، و يقول: هذا أوان ظهور نبوتك، و إعلان وحيك، و كشف رسالتك، إذ أيدتك بأخيك و وزيرك و صنوك و خليفتك و من شددت به أزرك، و أعليت به ذكرك. فقمت مبادرا فوجدت فاطمة بنت أسد أم علي و قد جاءها المخاض، و هي بين النساء، و القوابل حولها، فقال حبيبي

جبرئيل: يا محمد، اسجف»

بينها و بينك سجفا، فإذا وضعت بعلي فتلقه. ففعلت ما أمرت به، ثم قال لي: امدد يدك يا محمد، فإنه صاحبك اليمين. فمددت يدي نحو امه، فإذا بعلي مائلا على يدي، واضعا يده اليمنى في اذنه اليمنى و هو يؤذن، و يقيم بالحنيفية، و يتشهد بوحدانية الله عز و جل، و برسالتي، ثم انثنى إلي، و قال: السلام عليك يا رسول الله، أقرأ يا أخي «5» [فقلت: اقرأ] فو الذي نفسي «6» بيده لقد ابتدأ بالصحف التي أنزلها الله عز و جل على آدم (عليه السلام) فقام بها شيث، فتلاها من أول حرف فيها إلى آخر حرف فيها، حتى لو حضر بها شيث لأقر له بأنه أحفظ لها منه «7»، ثم صحف نوح، ثم صحف إبراهيم (عليه السلام)، ثم قرأ توراة موسى (عليه السلام) حتى لو حضره موسى لأقر بأنه أحفظ لها منه، ثم قرأ زبور داود حتى لو حضره داود (عليه السلام) لأقر بأنه أحفظ لها منه، ثم قرأ إنجيل عيسى (عليه السلام) حتى لو حضره عيسى (عليه السلام) لأقر بأنه أحفظ لها منه، ثم قرأ القرآن الذي أنزل الله تعالى علي من أوله إلى آخره، فوجدته يحفظ كحفظي له الساعة، من غير أن أسمع له آية، ثم خاطبني و خاطبته بما يخاطب الأنبياء و الأوصياء، ثم عاد إلى حال طفوليته، و هكذا أحد عشر إماما من نسله [كل يفعل في ولادته مثلما يفعل الأنبياء «8».

فلم تحزنون؟ و ماذا عليكم من قول أهل الشك و الشرك بالله تعالى؟ هل تعلمون أني أفضل النبيين، و أن وصيي أفضل الوصيين، و أن أبي آدم (عليه السلام) لما رأى اسمي و اسم علي

و اسم ابنتي فاطمة و الحسن و الحسين

__________________________________________________

(1) في «ط»: الآباء.

(2) في المصدر: أصلاب أبوينا.

(3) في المصدر: يقرأ عليك.

(4) السّجف: الستر. «لسان العرب- سجف- 9: 144».

(5) في المصدر: و برسالتي ثمّ قال لي: يا رسول اللّه، أقرأ.

(6) في المصدر: نفس محمّد.

(7) و في رواية أخرى: حتّى لو حضره آدم لأقرّ له أنّه أحفظ لها منه. «منه قدّس سرّه».

(8) (و هكذا ... الأنبياء) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 443

و أسماء أولادهم مكتوبة على ساق العرش بالنور قال: إلهي و سيدي، هل خلقت خلقا هو أكرم عليك مني؟ فقال:

يا آدم، لولا هذه الأسماء لما خلقت سماء مبنية، و لا أرضا مدحية، و لا ملكا مقربا، و لا نبيا مرسلا، و لا خلقتك يا آدم.

فلما عصى آدم (عليه السلام) ربه سأله بحقنا أن يقبل توبته، و يغفر خطيئته، فأجابه، و كنا الكلمات التي تلقاها آدم من ربه عز و جل فتاب عليه و غفر له، و قال له: يا آدم، أبشر، فإن هذه الأسماء من ذريتك و ولدك. فحمد الله «1» ربه عز و جل، و افتخر على الملائكة بنا، و إن هذا من فضلنا، و فضل الله علينا».

فقام سلمان و من معه و هم يقولون: نحن الفائزون.

فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنتم الفائزون، و لكم خلقت الجنة، و لأعدائنا و أعدائكم خلقت النار».

تنبيه ..... ص : 443

قوله (صلى الله عليه و آله) في صدر الحديث في قصة إبراهيم (عليه السلام) «هرب أبوه من الطاغي فوضعته أمه بين أثلاث».

و

في رواية أخرى في هذا الحديث: فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «هذا يحزنكم؟» قالوا: نعم يا رسول الله. فقال:

«بالله عليكم، هل علمتم في الكتب

المتقدمة أن إبراهيم خليل الله (عليه السلام) ذهب أبوه و هو حمل في بطن أمه مخافة عليه من النمرود بن كنعان لعنه الله، لأنه كان يشق بطون الحوامل و يقتل الأولاد، فجاءت به امه فوضعته بين أثلاث بشط نهر يتدفق يقال له حرزان، بين غروب الشمس إلى إقبال الليل ...»

الحديث. و هذا دليل على أن آزر ليس أباه حقيقة كما تعطيه الأحاديث و القرآن أن آزر بقي بعد وضعه (عليه السلام).

و يؤيده ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «أن آزر كان أبا إبراهيم (عليه السلام) في التربية».

و

روي في حديث عن الصادق (عليه السلام): «أن اسم أبي إبراهيم تارخ «2»»

قال في القاموس. تارح- كآدم- أبو إبراهيم الخليل (عليه السلام) «3».

و قال الطبرسي في (جوامع الجامع) و لا خلاف بين النسابين أن اسم أبي إبراهيم تارح. قال: قال أصحابنا:

إن آزر كان جد إبراهيم (عليه السلام) لامه. و

روي أيضا أنه كان عمه.

و قالوا: إن آباء نبينا (صلى الله عليه و آله) إلى آدم كانوا موحدين. و

رووا عنه (عليه السلام) قوله: «لم يزل ينقلنا الله تعالى من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات «4»».

قلت: ستأتي- إن شاء الله تعالى- الروايات في ذلك، في قوله تعالى: وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ «5».

و قال الله عز و جل حكاية عن يعقوب (عليه السلام) و بنيه: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ

__________________________________________________

(1) في المصدر: فحمد آدم.

(2) بحار الأنوار 12: 42/ 31.

(3) القاموس المحيط- ترح- 1: 224.

(4) جوامع الجامع: 129.

(5) تأتي في تفسير الآيات (217- 219) من سورة الشعراء 26. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 444

لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ

إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «1» ففي هذه الآية أطلق على أن إسماعيل من آباء يعقوب، و إنما هو عمه.

و سيأتي بهذا المعنى حديث في قوله تعالى: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ من سورة الصافات «2»، و الله سبحانه و تعالى أعلم.

سورة الأنعام(6): آية 82 ..... ص : 444

قوله تعالى:

الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ [82]

3537/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ، قال: «بشك».

3538/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان «3»، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ، قال: «بما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله) من الولاية، و لم يخلطوها بولاية فلان و فلان، فهو الملبس بالظلم».

3539/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ، قال: «هو الشرك».

3540/ [4]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ: «منه ما أحدث زرارة و أصحابه «4»».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 293/ 4.

2- الكافي

1: 341/ 3.

3- الكافي 5: 14/ 1.

4- تفسير العيّاشي 1: 365/ 43.

(1) البقرة 2: 133.

(2) يأتي في تفسير الآيات (100- 113) من سورة الصافّات.

(3) في «س»: عليّ بن الحسن، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو عليّ بن حسّان بن كثير الهاشميّ، له كتاب تفسير، و يروي كثيرا عن عمّه عبد الرحمن بن كثير. انظر معجم رجال الحديث 11: 311.

(4) في «س» و «ط» و المصدر: منه و ما أحدث و رواه أصحابه، و هو تصحيف، و ما أثبتناه من البحار 69: 152/ 3 هو الصواب، و يؤيّده ما رواه الكشي في رجاله: 145/ 230 و 231 في تفسير هذه الآية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 445

3541/ [5]- عن أبي بصير، قال: قلت له: إنه قد ألح علي الشيطان عند كبر سني يقنطني؟

قال: «قل: كذبت يا كافر، يا مشرك، إني أؤمن بربي، و أصلي له، و أصوم، و أثني عليه، و لا ألبس إيماني بظلم».

3542/ [6]- عن جابر الجعفي، عمن حدثه، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسير له إذ رأى سوادا من بعيد، فقال: «هذا سواد لا عهد له بأنيس». فلما دنا سلم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أين أراد الرجل؟» قال:

أراد يثرب. قال: «و ما أردت بها؟» قال: أردت محمدا. قال: «فأنا محمد». قال: و الذي بعثك بالحق، ما رأيت إنسانا مذ سبعة أيام، و لا طعمت طعاما إلا ما تتناول منه دابتي. قال: فعرض عليه الإسلام، فأسلم. قال: فنفضته «1» راحلته، فمات، و أمر به فغسل و كفن، ثم صلى عليه النبي (صلى الله عليه و آله) قال: فلما وضع في اللحد، قال:

«هذا من الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم».

3543/ [7]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ الزنا منه؟ قال: «أعوذ بالله من أولئك، لا، و لكنه ذنب، إذا تاب تاب الله عليه». و قال: «مدمن الزنا و السرقة و شارب الخمر كعابد الوثن».

3544/ [8]- عن يعقوب بن شعيب، عنه (عليه السلام) في قوله: وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ. قال: «الضلال و ما فوقه».

3545/ [9]- أبو بصير، عنه (عليه السلام)، بِظُلْمٍ، قال: «بشك».

3546/ [10]- عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ، قال: «آمنوا بما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله) من الولاية، و لم يخلطوها بولاية فلان و فلان، فهو اللبس بظلم». و قال: «أما الإيمان فليس يتبعض كله، و لكن يتبعض قليلا قليلا بين الضلال و الكفر».

قلت: بين الضلال و الكفر منزلة؟ قال: «ما أكثر عرى الإيمان».

3547/ [11]- عن أبي بصير، قال: سألته عن قول الله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ.

قال: «نعوذ بالله- يا أبا بصير- أن تكون ممن لبس إيمانه بظلم». ثم قال: «أولئك الخوارج و أصحابهم».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 366/ 44.

6- تفسير العيّاشي 1: 366/ 45.

7- تفسير العيّاشي 1: 366/ 46.

8- تفسير العيّاشي 1: 366/ 47.

9- تفسير العيّاشي 1: 366/ 48.

10- تفسير العيّاشي 1: 366/ 49. [.....]

11- تفسير العيّاشي 1: 367/ 50.

(1) في المصدر: فعضّته، و المراد هنا أسقطته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 446

سورة الأنعام(6): آية 83 ..... ص : 446

قوله تعالى:

وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ [83] تقدمت الروايات في معناها في قوله تعالى: فَلَمَّا

جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً «1».

سورة الأنعام(6): الآيات 84 الي 90 ..... ص : 446

قوله تعالى:

وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ- إلى قوله تعالى- ذِكْرى لِلْعالَمِينَ [84- 90]

3548/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن ظريف، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، ما يقولون لكم في الحسن و الحسين (عليهما السلام)؟» قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله (صلى الله عليه و آله).

قال: «فبأي شي ء احتججتم عليهم؟» قلت: احتججنا عليهم بقول الله عز و جل في عيسى بن مريم (عليهما السلام): وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح (عليه السلام).

قال: «فأي شي ء قالوا لكم؟» قلت: قالوا: قد يكون ولد الابنة من الولد، و لا يكون من الصلب.

قال: «فبأي شي ء احتججتم عليهم؟» قلت: احتججنا عليهم بقوله تعالى لرسول الله (صلى الله عليه و آله): فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ «2».

ثم قال: «أي شي ء قالوا؟» قلت: قالوا: قد يكون في كلام العرب أبناء رجل و آخر يقول: أبناؤنا.

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، لأعطينكها من كتاب الله عز و جل أنهما من صلب رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يردها إلا كافر». قلت: و أين ذلك،

جعلت فداك؟

قال: «من حيث قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ «3»- الآية، إلى أن انتهى

__________________________________________________

1- الكافي 8: 317/ 501.

(1) تقدّمت في تفسير الآيات (74- 81) من هذه السورة.

(2) آل عمران 3: 61.

(3) النساء 4: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 447

إلى قوله تبارك و تعالى-: وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ»

فسلهم يا أبا الجارود، هل كان يحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) نكاح حليلتيهما؟ فإن قالوا: نعم. كذبوا و فجروا، و إن قالوا: لا. فإنهما ابناه لصلبه».

و روى هذا الحديث علي بن إبراهيم في تفسيره، عن أبيه، عن ظريف بن ناصح، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الجارود، ما يقولون في الحسن و الحسين؟» و ساق الحديث، إلا أن فيه: «فجعل عيسى من ذرية إبراهيم» و فيه: «فسلهم- يا أبا الجارود- هل كان حل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) نكاح حليلتيهما؟ فإن قالوا: نعم. فكذبوا- و الله- و فجروا، و إن قالوا: لا. فهما و الله ابناه لصلبه، و ما حرمتا عليه إلا للصلب» و فيه بعض التغيير أيضا «2».

3549/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قال الله عز و جل في كتابه وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ

يُونُسَ وَ لُوطاً وَ كلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ وَ مِنْ آبائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ إِخْوانِهِمْ وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ فإنه وكل بالفضل من أهل بيته و الإخوان و الذرية، و هو قول الله تبارك و تعالى: فإن تكفر بها أمتك فقد وكلنا «3» أهل بيتك بالإيمان الذي أرسلتك به، فلا يكفرون به أبدا، و لا أضيع الإيمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك من بعدك، علماء أمتك و ولاة أمري بعدك، و أهل استنباط العلم الذي ليس فيه كذب و لا إثم و لا زور «4» و لا بطر و لا رياء».

3550/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه «5»، عن محمد بن سنان، عن أبي عيينة «6»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و لقد دخلت على أبي العباس، و قد أخذ القوم مجلسهم، فمد يده إلي و السفرة بين يديه موضوعة فأخذ بيدي، فذهبت لأخطو إليه فوقعت رجلي على طرف السفرة، فدخلني من ذلك ما شاء الله أن يدخلني، إن الله يقول: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ قوما و الله يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة، و يذكرون الله كثيرا».

__________________________________________________

2- الكافي 8: 119/ 92.

3- المحاسن: 588/ 88.

(1) النساء 4: 23.

(2) تفسير القمّي 1: 209.

(3) في المصدر: وكلت.

(4) في «ط»: و لا وزر.

(5) (عن أبيه) ليس في «س» و «ط»، و ما في المتن هو الصواب كما في أكثر الموارد، انظر معجم رجال الحديث 16 138.

(6) كذا في

«س» و «ط» و البحار 66: 409/ 3، و في المصدر: عن عيينة، و قد عدّ كل منهما من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 13: 218 و 21: 268. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 448

3551/ [4]- و عنه: عن ابن فضال، عن أبي إسحاق ثعلبة بن ميمون، عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «و الله لقد نسب الله عيسى بن مريم في القرآن إلى إبراهيم من قبل النساء- ثم قال-:

وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إلى قوله: وَ يَحْيى وَ عِيسى .

3552/ [5]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا محمد بن عمر و محمد بن الوليد «1»، قالا: حدثنا حماد بن عثمان «2»، عن سليمان بن هارون العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن صاحب هذا الأمر محفوظ له أصحابه، لو ذهب الناس جميعا أتى الله له بأصحابه. و هم الذين قال الله عز و جل: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ، و هم الذين قال الله فيهم: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ «3»».

3553/ [6]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا لنجعلها في أهل بيته وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ لنجعلها في أهل بيته، فأمر العقب من ذرية الأنبياء من كان من قبل إبراهيم و لإبراهيم».

3554/ [7]- عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «و

الله لقد نسب الله عيسى بن مريم في القرآن إلى إبراهيم (عليه السلام) من قبل النساء» ثم تلا: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إلى آخر الآيتين، و ذكر عيسى (عليه السلام).

3555/ [8]- عن أبي حرب بن «4» أبي الأسود، قال: أرسل الحجاج إلى يحيى بن معمر، قال: «بلغني أنك تزعم أن الحسن و الحسين من ذرية النبي تجدونه في كتاب الله، و قد قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره فلم أجده.

قال: أليس تقرأ سورة الأنعام وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ حتى بلغ وَ يَحْيى وَ عِيسى قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم و ليس له أب؟ قال: صدقت «5».

__________________________________________________

4- المحاسن: 156/ 88.

5- الغيبة: 216/ 12.

6- تفسير العيّاشي 1: 367/ 51.

7- تفسير العيّاشي 1: 367/ 52.

8- تفسير العيّاشي 1: 367/ 53.

(1) في المصدر: محمّد بن حمزة و محمّد بن سعيد، و الظاهر أنّه تصحيف، فقد تكرّر هذا السند في المصدر عدّة مرّات و فيها: محمّد بن عمر بن يزيد بيّاع السابري و محمّد بن الوليد بن خالد الخزّاز، راجع المصدر: 266/ 33 و 278/ 62 و غيرهما.

(2) في «س» و «ط»: حمّاد بن عيسى، تصحيف صوابه ما في المتن، حيث روى محمّد بن الوليد كتاب حمّاد بن عثمان، انظر معجم رجال الحديث 6: 212.

(3) المائدة 5: 54.

(4) في «ط» و «س»: عن، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، انظر تقرب التهذيب 2: 410/ 22.

(5) في «ط» نسخة بدل: ذرّية إبراهيم؟ قال: نعم قرأت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 449

3556/ [9]- عن محمد بن عمران «1»، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فجاءه رجل و قال لأبي «2» عبد الله (عليه السلام): ما

تتعجب من عيسى بن زيد بن علي يزعم أنه ما يتولى عليا (عليه السلام) إلا على الظاهر، و ما ندري لعله كان يعبد سبعين إلها من دون الله! قال: فقال: «و ما أصنع؟ قال الله: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ»- و أومأ بيده إلينا- فقلت: نعقلها «3» و الله.

3557/ [10]- عن العباس بن هلال، عن الرضا (عليه السلام): «أن رجلا أتى عبد الله بن الحسن، و هو بالسبالة «4» فسأله عن الحج، فقال له: هذاك جعفر بن محمد قد نصب نفسه لهذا فاسأله. فأقبل الرجل إلى جعفر (عليه السلام) فسأله، فقال له: قد رأيتك واقفا على عبد الله بن الحسن، فما قال لك؟

قال: سألته فأمرني أن آتيك، و قال: هذاك جعفر بن محمد، نصب نفسه لهذا.

فقال جعفر (عليه السلام): نعم، أنا من الذين قال الله في كتابه: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ سل عما شئت. فسأله الرجل، فأنبأه عن جميع ما سأله».

3558/ [11]- عن ابن سنان، عن سليمان بن هارون، قال: قال الله: لو أن أهل السماء و الأرض اجتمعوا على أن يحولوا هذا الأمر من موضعه الذي وضعه الله فيه ما استطاعوا، و لو أن الناس كفروا جميعا حتى لا يبقى أحد لجاء لهذا الأمر بأهل يكونون هم أهله. ثم قال: أما تسمع الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ «5» الآية، و قال في آية أخرى فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ؟ ثم قال: أما إن أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية.

3559/ [12]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله تبارك و تعالى

في كتابه وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ إلى قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ إلى قوله: بِها بِكافِرِينَ فإنه من وكل بالفضل من أهل بيته، و الإخوان و الذرية، و هو قول الله إن يكفر به أمتك، يقول: فقد وكلت أهل بيتك بالإيمان الذي أرسلتك به فلا يكفرون به أبدا، و لا أضيع الإيمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك بعدك، علماء أمتك، و ولاة أمري بعدك و أهل استنباط علم الدين، ليس فيه كذب و لا إثم و لا وزر و لا بطر و لا رياء».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 367/ 54.

10- تفسير العيّاشي 1: 368/ 55.

11- تفسير العيّاشي 1: 369/ 56.

12- تفسير العيّاشي 1: 369/ 57. [.....]

(1) في «ط» و المصدر: محمّد بن حمران، و كلاهما وارد، راجع معجم رجال الحديث 16: 39 و 17: 82.

(2) في المصدر: و قال له يا أبا.

(3) في «ط» نسخة بدل: فعقلها.

(4) بنو سبالة: قبيلة، و السّبال: موضع بين البصرة و المدينة «القاموس المحيط- سبل- 3: 404».

(5) المائدة 5: 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 450

3560/ [13]- و قال علي بن إبراهيم: قول الله عز و جل: ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ لَوْ أَشْرَكُوا يعني الأنبياء الذين تقدم ذكرهم لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ثم قال: أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ يعني أصحابه و قريشا و من أنكر بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ يعني شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قال تأديبا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى

اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ يا محمد. ثم قال: قُلْ لقومك لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ يعني على النبوة و القرآن أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ.

سورة الأنعام(6): الآيات 91 الي 92 ..... ص : 450

قوله تعالى:

وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ- إلى قوله تعالى- وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ [91- 92]

3561/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله لا يوصف، و كيف يوصف و قد قال في كتابه: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ؟ فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك».

3562/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان الكليني، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري (عليهم السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ «1».

فقال: «ذلك تعيير الله تبارك و تعالى لمن شبهه بخلقه، ألا ترى أنه قال: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ و معناه إذ قالوا: إن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه، كما قال الله عز و جل: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ ثم نزه عز و جل نفسه، عن القبضة و اليمين فقال:

سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» «2».

3563/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ قال: لم يبلغوا من عظمة الله

أن يصفوه

__________________________________________________

13- تفسير القمّي 1: 209.

1- الكافي 1: 80/ 11.

2- التوحيد: 160/ 1.

3- تفسير القمّي 1: 210.

(1) الزمر 39: 67.

(2) الزمر 39: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 451

بصفاته إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ و هم قريش و اليهود، فرد الله عليهم و احتج و قال: قُلْ لهم يا محمد مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها يعني تقرءون ببعضها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً يعني من أخبار رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ يعني فيما خاضوا فيه من التكذيب.

ثم قال: وَ هذا كِتابٌ يعني القرآن أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ يعني التوراة و الإنجيل و الزبور وَ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها يعني مكة، و إنما سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقت وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ أي بالنبي و القرآن وَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ.

3564/ [4]- العياشي: عن علي بن أسباط قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لم سمي النبي (صلى الله عليه و آله) الامي؟

قال: «نسب إلى مكة، و ذلك من قول الله: وَ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها و ام القرى: مكة، فقيل أمي لذلك» «1».

3565/]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن جعفر بن محمد الصيرفي «2»، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليهم السلام)، فقلت: يا بن رسول الله، لم سمي النبي (صلى الله عليه و

آله) الامي؟

فقال: «ما يقول الناس؟» قلت: يزعمون أنه إما سمي الامي لأنه لم يحسن أن يقرأ «3». فقال (عليه السلام):

«كذبوا، عليهم لعنة الله، أني ذلك و الله يقول في محكم كتابه: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ «4» فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟! و الله لقد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقرأ و يكتب باثنتين و سبعين- أو قال: بثلاثة و سبعين لسانا «5»- و إنما «6» سمي الامي لأنه كان من أهل مكة، و مكة من أمهات القرى، و ذلك قول الله عز و جل: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها».

3566/ [6]- عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان «7»، و غيره، رفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: إن الناس يزعمون أن

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 31/ 86.

5- علل الشرائع: 124/ 1.

6- علل الشرائع: 125/ 2. [.....]

(1) في «ط»: مكّة، و من حولها: الطائف.

(2) في المصدر: الصوفي، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 4: 123 و 130.

(3) في المصدر: يكتب.

(4) الجمعة 62: 2.

(5) في «س» و «ط»: أو بثلاثة و سبعين.

(6) في «س» و «ط»: و أنّه.

(7) في المصدر زيادة: و عليّ بن أسباط، و هو صحيح أيضا، لرواية الحسن بن موسى الخشاب عن عليّ بن أسباط. راجع معجم رجال الحديث 5: 145.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 452

رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يكتب و لا يقرأ.

فقال: «كذبوا لعنهم الله، أنى يكون ذلك

و قد قال الله عز و جل: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ «1» فكيف يعلمهم الكتاب و الحكمة و ليس يحسن أن يقرأ و يكتب؟!».

قال: قلت: فلم سمي النبي الامي؟ قال: «نسب إلى مكة، و ذلك قوله: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها فأم القرى مكة، فقيل امي لذلك».

3567/ [7]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها، قال: «كانوا يكتمون ما شاءوا و يبدون ما شاءوا».

3568/ [8]- و في رواية أخرى عنه (عليه السلام) قال: «كانوا يكتبونه في القراطيس، ثم يبدون ما شاءوا و يخفون ما شاءوا». و قال: «كل كتاب أنزل فهو عند أهل العلم».

سورة الأنعام(6): الآيات 93 الي 94 ..... ص : 452

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ- إلى قوله تعالى- ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [93- 94]

3569/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ.

قال: «نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر، و هو ممن كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكة هدر دمه، و كان

يكتب لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا أنزل الله عز و جل: أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ كتب: إن الله عليم حكيم، فيقول له رسول الله (صلى الله عليه و آله): دعها فإن الله عزيز «2» حكيم. و كان ابن أبي سرح يقول

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1 369/ 58.

8- تفسير العيّاشي 1: 369/ 59.

1- الكافي 8: 200/ 242.

(1) الجمعة 62: 2.

(2) في المصدر: عليم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 453

للمنافقين: إني لأقول من نفسي مثل ما يجي ء به «1» فما يغير علي. فأنزل الله تبارك و تعالى فيه الذي أنزل».

3570/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان أخا لعثمان من الرضاعة، قدم إلى المدينة و أسلم، و كان له خط حسن، و كان إذا نزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه و آله) دعاه ليكتب ما نزل عليه «2»، فكان إذا قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): سَمِيعٌ بَصِيرٌ يكتب: سميع عليم. و إذا قال: وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يكتب:

بصير، و يفرق بين التاء و الياء. و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: هو واحد. فارتد كافرا و رجع إلى مكة، و قال لقريش: و الله ما يدري محمد ما يقول، أنا أقول مثل ما يقول، فلا ينكر علي ذلك، فأنا أنزل مثل ما أنزل الله. فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله) في ذلك وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ

شَيْ ءٌ وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ.

فلما فتح رسول الله (صلى الله عليه و آله) مكة أمر بقتله، فجاء به عثمان، و قد أخذ بيده و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في المسجد، فقال: يا رسول الله، اعف عنه. فسكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم أعاد فسكت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم أعاد، فقال: هو لك. فلما مر قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألم أقل: من رآه فليقتله؟ فقال رجل: كانت عيني إليك- يا رسول الله- أن تشير إلي فأقتله. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الأنبياء لا يقتلون بالإشارة. فكان من الطلقاء».

3571/ [3]- العياشي: عن الحسين بن سعيد، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله: أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ.

قال: «نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان بن عفان استعمله على مصر، و هو ممن كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكة هدر دمه، و كان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا أنزل الله عليه: فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ كتب: فإن الله عليم حكيم، و قد كان ابن أبي سرح يقول للمنافقين: إني لأقول الشي ء مثل ما يجي ء به هو، فما يغير علي، فأنزل الله فيه الذي أنزل».

3572/ [4]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ، قال: «من ادعى الإمامة دون الإمام (عليه السلام)».

3573/ [5]- الطبرسي، قيل: نزلت

في مسيلمة حيث ادعى النبوة. و قوله: سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ نزلت

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 210.

3- تفسير العيّاشي 1: 369/ 60. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 370/ 61.

5- مجمع البيان 4: 518.

(1) في «ط» نسخة بدل: ما يوحى به.

(2) في المصدر: دعاه فكتب ما يمليه عليه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) من الوحي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 454

في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فإنه كان يكتب الوحي للنبي (صلى الله عليه و آله)، فكان إذا قال له: اكتب عَلِيماً حَكِيماً كتب: غفورا رحيما. و إذا قال: اكتب غَفُوراً رَحِيماً كتب عليما حكيما، و ارتد و لحق بمكة، و قال:

سأنزل «1» مثل ما أنزل الله. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

3574/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل ما يلقى أعداء آل محمد (عليهم السلام) عند الموت، فقال: وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ آل محمد حقهم فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ قال: العطش بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ قال: ما أنزل الله في آل محمد (صلى الله عليه و آله) تجحدون به، ثم قال: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ تَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَ ما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ و الشركاء: أئمتهم لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ أي المودة وَ ضَلَّ عَنْكُمْ أي بطل ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.

3575/ [7]- ثم قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي «2»، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «نزلت هذه الآية

في معاوية و بني امية و شركائهم و أئمتهم».

3576/ [8]- العياشي: عن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ.

قال: «العطش يوم القيامة».

3577/ [9]- عن الفضيل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، في قوله: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ، قال: «العطش».

3578/ [10]- (كتاب صفة الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا أراد الله قبض روح الكافر قال: يا ملك الموت، انطلق أنت و أعوانك إلى عدوي، فإني قد ابتليته فأحسنت البلاء، و دعوته إلى دار السلام فأبى إلا أن يشتمني، و كفر بي و بنعمتي و شتمني على عرشي، فاقبض روحه حتى تكبه في النار- قال- فيجيئه ملك الموت بوجه كريه كالح، عيناه كالبرق الخاطف، و صوته كالرعد القاصف، لونه كقطع الليل المظلم، نفسه كلهب النار، رأسه في السماء

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 211.

7- تفسير القمّي 1: 211.

8- تفسير العيّاشي 1: 370/ 62.

9- تفسير العيّاشي 1: 370/ 63.

10- الاختصال: 359.

(1) في المصدر: إنّي أنزل.

(2) في «س» و «ط»: و حدّثني علي عن أبيه، و في المصدر: و حدّثني أبي عن أبيه، و الظاهر أنّ ما أثبتناه هو الصواب، و يحتمل سقوط الواسطة بين أبيه و بين البعض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 455

الدنيا، و رجل في المشرق و رجل في المغرب، و قدماه في الهواء، معه سفود «1» كثير الشعب، معه خمس مائة ملك أعوانا، معهم سياط من قلب جهنم، لينها لين «2» السياط، و هي من لهب جهنم، و معهم مسح «3» أسود و جمرة من جمر جهنم، ثم يدخل

عليه ملك من خزان جهنم يقال له: سحفطائيل «4» فيسقيه شربة من النار، لا يزال منها عطشانا، حتى يدخل النار، فإذا نظر إلى ملك الموت شخص بصره و طار عقله، قال: يا ملك الموت، أرجعون».

قال: «فيقول ملك الموت: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها «5»».

قال: «فيقول: يا ملك الموت، فإلى من أدع مالي و أهلي و ولدي و عشيرتي و ما كنت فيه من الدنيا؟ فيقول:

دعهم لغيرك و اخرج إلى النار».

قال: «فيضربه بالسفود ضربة فلا يبقي منه شعبة إلا أثبتها» في كل عرق و مفصل، ثم يجذبه جذبة فيسل روحه من قدميه نشطا «7»، فإذا بلغت الركبتين أمر أعوانه فأكبوا عليه بالسياط ضربا، ثم يرفعه عنه، فيذيقه سكراته و غمراته قبل خروجها كأنما ضرب بألف سيف، فلو كان له قوة الجن و الإنس لاشتكى كل عرق منه على حياله بمنزلة سفود كثير الشعب ألقي على صوف مبتل. ثم يطوقه، فلم يأت على شي ء إلا انتزعه، كذلك خروج نفس الكافر من عرق و عضو و مفصل و شعرة، فإذا بلغت الحلقوم ضربت الملائكة وجهه و دبره، و قيل: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ و ذلك قوله: يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً «8» فيقولون: حراما عليكم الجنة محرما».

و قال: «تخرج روحه فيضعها ملك الموت بين مطرقة و سندان فيفضخ أطراف أنامله، و آخر ما يشدخ منه العينان، فيسطع لها ريح منتن يتأذى منه أهل السماء كلهم أجمعون، فيقولون: لعنة الله عليها من روح كافرة منتنة خرجت من الدنيا. فيلعنه الله، و يلعنه اللاعنون. فإذا أتي بروحه إلى السماء الدنيا

أغلقت عنه أبواب السماء، و ذلك قوله: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ «9» يقول الله: ردوها عليه فمنها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة أخرى».

__________________________________________________

(1) السّفّود: حديدة ذات شعب معقّفة، يشوى به اللحم. «لسان العرب- سفد- 3: 218».

(2) في المصدر: جهنّم تلتهب تلك.

(3) المسح: هو كيساء من الشّعر. «لسان العرب- مسح- 2: 596». [.....]

(4) في المصدر: سحقطائيل.

(5) المؤمنون 23: 100.

(6) في المصدر: أنشبها.

(7) أي ينتزعها بسرعة و اختلاس.

(8) الفرقان 25: 22.

(9) الأعراف 7: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 456

سورة الأنعام(6): الآيات 95 الي 96 ..... ص : 456

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً [95- 96]

3579/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل لما أراد أن يخلق آدم (عليه السلام) بعث جبرئيل (عليه السلام) في أول ساعة من يوم الجمعة فقبض بيمينه قبضة بلغت من السماء السابعة إلى السماء الدنيا، و أخذ من كل سماء تربة، ثم قبض قبضة اخرى، من الأرض السابعة العليا إلى الأرض السابعة القصوى، فأمر الله عز و جل كلمته فأمسك القبضة الاولى بيمينه، و القبضة الاخرى بشماله، ففلق الطين فلقتين فذرأ من الأرض ذروا و من السموات ذروا، فقال للذي بيمينه: منك الرسل و الأنبياء و الأوصياء و الصديقون و المؤمنون و الشهداء «1» و من أريد كرامته. فوجب لهم ما

قال كما قال. و قال للذي بشماله: منك الجبارون و المشركون و المنافقون «2» و الطواغيت و من أريد هوانه و شقوته. فوجب لهم ما قال كما قال. ثم إن الطينتين خلطتا جميعا، و ذلك قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى فالحب: طينة المؤمنين التي ألقى الله عليها محبته، و النوى:

طينة الكافرين الذين نأوا عن كل خير، و إنما سمي النوى من أجل أنه نأى من الحق «3»، و تباعد منه.

و قال الله عز و جل: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ فالحي: المؤمن الذي تخرج طينته من «4» طينة الكافر، و الميت الذي يخرج من الحي: هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن، فالحي: المؤمن، و الميت: الكافر، و ذلك قول الله عز و جل: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ «5» فكان موته اختلاط طينة مع طينة الكافر، و كان حياته حين فرق الله عز و جل بينهما بكلمته. كذلك يخرج الله عز و جل المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور، و يخرج الكافر من النور إلى الظلمة بعد دخوله إلى النور، و ذلك قول الله عز و جل:

لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ «6»».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 4/ 7.

(1) في المصدر: و السعداء.

(2) في المصدر: و الكافرون.

(3) في المصدر: نأى عن كلّ خير.

(4) في «س»: الذي يخرج من.

(5) الأنعام 6: 122.

(6) يس 36: 70.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 457

3580/ [2]- العياشي: عن صالح بن سهل، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى «الحب: ما أحبه، و النوى: ما نأى عن الحق فلم

يقبله».

3581/ [3]- عن المفضل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى

قال: «الحب: المؤمن، و ذلك قوله: وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي «1» و النوى: هو الكافر الذي نأى عن الحق فلم يقبله».

3582/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى قال: الحب: ما أحبه، و النوى: ما نأى عن الحق.

3583/ [5]- و قال علي بن إبراهيم أيضا، في قوله: إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى الحب: أن يفلق العلم من الأئمة. و النوى: ما بعد عنه يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ قال: المؤمن من الكافر، و الكافر من المؤمن.

3584/ [6]- و في (نهج البيان): في معنى الآية، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «يخرج المؤمن من الكافر، و الكافر من المؤمن».

3585/ [7]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً فقوله فالِقُ الْإِصْباحِ يعني يجي ء بالنهار «2» و الضوء بعد الظلمة.

3586/ [8]- العياشي: عن عبد الله بن الفضيل النوفلي، عمن رفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها بالنهار، فإن الله جعل الحياء في العينين، و إذا تزوجتم فتزوجوا بالليل فإن الله جعل الليل سكنا».

3587/ [9]- عن الحسن بن علي بن بنت إلياس، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «إن الله جعل الليل سكنا، و جعل النساء سكنا، و من السنة التزويج بالليل و إطعام الطعام».

3588/ [10]- عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تزوجوا بالليل فإن الله جعله سكنا،

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 370/ 64. [.....]

3- تفسير العيّاشي

1: 370/ 65.

4- تفسير القمّي 1: 211.

5- تفسير القمّي 1: 211.

6- نهج البيان 2: 114 (مخطوط).

7- تفسير القمّي 1: 211.

8- تفسير العيّاشي 1: 370/ 66.

9- تفسير العيّاشي 1: 381/ 67.

10- تفسير العيّاشي 1: 371/ 68.

(1) طه 20: 211.

(2) في «ط»: محيي النهار، و في المصدر: مجي ء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 458

و لا تطلبوا الحوائج بالليل فإنه مظلم».

سورة الأنعام(6): الآيات 97 الي 101 ..... ص : 458

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [97- 101] 3589/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ، قال: النجوم: آل محمد (عليهم الصلاة و السلام). قال: و قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ قال: من آدم فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قال: المستقر: الإيمان الذي يثبت في قلب الرجل إلى أن يموت، و المستودع: هو المسلوب منه الإيمان.

3590/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «إن الله خلق النبيين على النبوة، فلا يكونون إلا أنبياء، و خلق المؤمنين على الإيمان فلا يكونون إلا مؤمنين، و أعار قوما إيمانا فإن شاء تممه لهم، و إن شاء سلبهم إياه- قال- و فيهم جرت فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ».

و قال لي: «إن فلانا كان مستودعا «1» فلما كذب علينا سلبه الله إيمانه «2»».

3591/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى. عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله

عز و جل خلق خلقا للإيمان لا زوال له، و خلق خلقا [للكفر لا زوال له، و خلق خلقا] بين ذلك، و استودع بعضهم الإيمان، فإن يشأ أن يتمه لهم أتمه، و إن يشأ أن يسلبهم إياه سلبهم، و كان فلان منهم معارا».

3592/ [4]- العياشي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قال: «ما يقول أهل بلدك الذي أنت فيه؟».

قال: قلت: يقولون: مستقر في الرحم، و مستودع في الصلب.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 211.

2- الكافي 2: 306/ 4.

3- الكافي 1: 306/ 1.

4- تفسير العيّاشي 1: 371/ 69. [.....]

(1) في المصدر زيادة: إيمانه.

(2) في المصدر: سلب إيمانه ذلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 459

فقال: «كذبوا، المستقر: ما استقر الإيمان في قلبه فلا ينزع منه أبدا، و المستودع: الذي يستودع الإيمان زمانا ثم يسلبه، و قد كان الزبير منهم».

3593/ [5]- عن جعفر بن مروان، قال: إن الزبير اخترط سيفه يوم قبض النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: لا أغمده حتى أبايع لعلي. ثم اخترط سيفه فضارب عليا (عليه السلام)، فكان ممن أعير الإيمان فمشى في ضوء نوره، ثم سلبه الله إياه.

3594/ [6]- عن سعيد بن أبي الأصبغ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و هو يسأل عن قول الله عز و جل:

فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ، قال: «مستقر في الرحم، و مستودع في الصلب، و قد يكون مستودع الإيمان ثم ينزع منه، و لقد مشى الزبير في ضوء الإيمان و نوره حين قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى مشى بالسيف و هو يقول: لا نبايع إلا عليا».

3595/ [7]- عن محمد بن

الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله: وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ، قال: «ما كان من الإيمان المستقر، يستقر «1» إلى يوم القيامة- أو أبدا- و ما كان مستودعا، سلبه الله قبل الممات».

3596/ [8]- عن صفوان، قال: سألني أبو الحسن (عليه السلام) و محمد بن الخلف جالس، فقال لي: «أمات يحيى ابن القاسم الحذاء؟» فقلت له: نعم، و مات زرعة. فقال: «كان جعفر (عليه السلام): يقول: فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ فالمستقر: قوم يعطون الإيمان و يستقر في قلوبهم، و المستودع: قوم يعطون الإيمان ثم يسلبونه».

3597/]- عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ، قال: «المستقر:

الإيمان الثابت، و المستودع: المعار».

3598/ [10]- عن أحمد بن محمد، قال: «2»

وقف علي أبو الحسن الثاني (عليه السلام) في بني زريق، فقال لي و هو رافع صوته: «يا أحمد» قلت: لبيك. قال: «إنه لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) جهد الناس على إطفاء نور الله، فأبى الله إلا أن يتم نوره بأمير المؤمنين (عليه السلام)، فلما توفي أبو الحسن (عليه السلام)، جهد ابن أبي حمزة و أصحابه على إطفاء نور الله فأبى الله إلا أن يتم نوره.

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 371/ 70.

6- تفسير العيّاشي 1: 371/ 71.

7- تفسير العيّاشي 1: 371/ 72.

8- تفسير العيّاشي 1: 372/ 73.

9- تفسير العيّاشي 1: 372/ 74.

10- تفسير العيّاشي 1: 372/ 75.

(1) في المصدر: فمستقرّ.

(2) في «س» زيادة: لما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 460

و إن أهل الحق إذا دخل فيهم داخل سروا به، و إذا خرج منهم خارج لم يجزعوا عليه، و ذلك أنهم على يقين من أمرهم، و إن أهل

الباطل إذا دخل فيهم داخل سروا به، و إذا خرج منهم خارج جزعوا عليه، و ذلك أنهم على شك من أمرهم، إن الله يقول: فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ- قال- ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): المستقر: الثابت، و المستودع: المعار».

3599/ [11]- عن محمد بن مسلم، قال: سمعته يقول: «إن الله خلق خلقا للإيمان لا زوال له، و خلق خلقا للكفر لا زوال له، و خلق خلقا بين ذلك، فاستودع بعضهم الإيمان، فإن شاء أن يتمه لهم أتمه، و إن شاء أن يسلبهم إياه سلبهم».

3600/ [12]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن أبي عاصم يوسف، عن محمد بن سليمان الديلمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت له:

جعلت فداك، إن شيعتك تقول إن الإيمان مستقر و مستودع، فعلمني شيئا إذا أنا قلته استكملت الإيمان.

قال: «قل في دبر كل صلاة فريضة: رضيت بالله ربا، و بمحمد نبيا، و بالإسلام دينا، و بالقرآن كتابا، و بالكعبة قبلة، و بعلي وليا و إماما، و بالحسن و الحسين و الأئمة (صلوات الله عليهم)، اللهم إني رضيت بهم أئمة فارضني لهم، إنك على كل شي ء قدير».

3601/ [13]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْ ءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً يعني بعضه على بعض وَ مِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ و هو العنقود وَ جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ يعني البساتين.

قال: و قوله: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَ يَنْعِهِ أي بلوغه إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ قال: و كانوا يعبدون الجن

الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَ بَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ أي موهوا و زخرفوا «1»، فقال الله عز و جل ردا عليهم: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ.

3602/ [14]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير الصيرفي، قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله عز و جل أبتدع «2» الأشياء كلها

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 1: 373/ 76.

12- التهذيب 2: 109/ 412.

13- تفسير القمّي 1: 212.

14- الكافي 1: 200/ 2. [.....]

(1) في المصدر: و حرّفوا.

(2) في «ط»: أبدع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 461

بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات و الأرضين و لم يكن قبلهن سماوات و لا أرضون، أما تسمع لقوله تعالى: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ «1»؟».

و روى هذا الحديث محمد بن الحسن الصفار، في (بصائر الدرجات) عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير، قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) «2»، الحديث «3».

3603/ [15]- العياشي: عن سدير، قال: سمعت حمران يسأل أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل:

بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان، و ابتدع السماوات و الأرضين و لم يكن قبلهن سماوات و لا أرضون، أما تسمع قوله وَ كانَ عَرْشُهُ

عَلَى الْماءِ «4»؟».

سورة الأنعام(6): الآيات 103 الي 107 ..... ص : 461

قوله تعالى:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا [103- 107]

3604/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ.

قال: «إحاطة الوهم، ألا ترى إلى قوله: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ليس يعني بصر العيون فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ليس يعني من البصر بعينه، وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها ليس يعني عمى العيون، إنما عنى إحاطة الوهم، كما يقال: فلان بصير بالشعر، و فلان بصير بالفقه، و فلان بصير بالدراهم، و فلان بصير بالثياب، الله أعظم من أن يرى بالعين».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في كتاب (التوحيد) عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى بباقي السند و المتن «5».

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 373/ 77.

1- الكافي 1: 76/ 9.

(1) هود 11: 7.

(2) في المصدر: يسأل عن أبي جعفر (عليه السّلام).

(3) بصائر الدرجات: 1: 133/ 1.

(4) هود 11: 7.

(5) التوحيد: 112/ 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 462

3605/ [2]- عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن الله هل يوصف؟ فقال: «أما تقرأ القرآن؟» قلت: بلى. قال: «أما تقرأ قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ؟» قلت: بلى. قال: «تعرفون الأبصار؟» قلت: بلى. قال: «ما هي؟» قلت:

أبصار العيون. فقال: «إن أوهام القلوب أكبر من

أبصار العيون، فهو لا تدركه الأوهام و هو يدرك الأوهام».

و رواه ابن بابويه في كتاب (التوحيد): عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، [عن محمد بن الحسن الصفار]، عن أحمد بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) «1».

3606/ [3]- و عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عمن ذكره، عن محمد بن عيسى، عن داود بن القاسم «2» أبي هاشم الجعفري، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ.

فقال: «يا أبا هاشم، أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند و الهند و البلدان التي لم تدخلها و لا تدركها ببصرك، و أوهام القلوب لا تدركه، فكيف أبصار العيون!».

3607/ [4]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو قرة المحدث «3» أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال و الحرام و الأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد، فقال أبو قرة: إنا روينا أن الله قسم الرؤية و الكلام بين نبيين، فقسم الكلام لموسى، و لمحمد الرؤية.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن و الإنس: لا تدركه الأبصار، و لا يحيطون به علما، و ليس كمثله شي ء، أليس محمد (صلى الله عليه و آله)؟» قال: بلى.

قال: «كيف يجي ء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله و أنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول: لا تدركه الأبصار، و لا يحيطون به علما، و ليس كمثله شي ء، ثم يقول: أنا رأيته

بعيني، و أحطت به علما، و هو على صورة البشر؟! أما يستحيون «4»؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا، أن يكون يأتي من عند الله بشي ء ثم يأتي بخلافه من وجه آخر؟!».

قال أبو قرة: فإنه يقول: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى «5».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 77/ 10.

3- الكافي 1: 77/ 11.

4- الكافي 1: 74/ 2.

(1) التوحيد: 112/ 11.

(2) في «س» و «ط» زيادة: عن، و هو سهو، لأنّ أبا هاشم كنية داود. راجع معجم رجال الحديث 7: 118 و 22: 75. [.....]

(3) أبو قرّة المحدّث: هو موسى بن طارق الزّبيدي، قاضي زبيد، تجد ترجمته في الجرح و التعديل 8: 148، سير أعلام النبلاء 9: 346، تهذيب التهذيب 10: 349.

(4) في «ط» و المصدر: تستحون.

(5) النجم 53: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 463

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى، حيث قال: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى «1» يقول: ما كذب فؤاد محمد ما رأته عيناه، ثم أخبر بما رأى فقال: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى «2» فآيات الله غير الله، و قد قال الله: وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً «3» فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم و وقعت المعرفة».

فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن، كذبتها، و ما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما، و لا تدركه الأبصار، و ليس كمثله شي ء».

و رواه ابن بابويه في (التوحيد): عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن إدريس، بباقي السند و المتن «4».

3608/ [5]- و عنه: عن علي بن

محمد، مرسلا عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال: «اعلم- علمك الله الخير- أن الله تبارك و تعالى قديم، و القدم صفته التي دلت العاقل على أنه لا شي ء قبله و لا شي ء معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة، أنه لا شي ء قبل الله، و لا شي ء مع الله، في بقائه، و بطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شي ء، و ذلك أنه لو كان معه شي ء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له، لأنه لم يزل معه، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه؟ و لو كان قبله شي ء كان الأول ذلك الشي ء، لا هذا، و كان الأول أولى بأن يكون خالقا للأول معه.

ثم وصف نفسه تبارك و تعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم و تعبدهم و ابتلاهم إلى أن يدعوه بها، فسمى نفسه سميعا، بصيرا، قادرا، قائما، ناطقا، ظاهرا، باطنا، لطيفا، خبيرا، قويا، عزيزا، حكيما، عليما ... و ما أشبه هذه الأسماء، فلما رأى ذلك من أسمائه المبغضون القالون «5» المكذبون. و قد سمعونا نحدث عن الله تعالى أنه لا شي ء مثله، و لا شي ء من الخلق في حاله، قالوا: أخبرونا إذا زعمتم أنه لا مثل لله و لا شبه له، كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها؟ فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها، أو في بعضها دون بعض.

إذ جمعتكم «6» الأسماء الطيبة.

قيل لهم: إن الله تبارك و تعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني، و ذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين، و الدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم الشائع، و هو الذي خاطب الله به

الخلق

__________________________________________________

5- الكافي 1: 93/ 2.

(1) النجم 53: 11.

(2) النجم 53: 18.

(3) طه 20: 110.

(4) التوحيد: 110: 9.

(5) في المصدر: أسمائه الغالون.

(6) في «س» و المصدر: إذا جمعتم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 464

فكلمهم بما يعقلون، ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوه»، فقد يقال للرجل: كلب، و حمار، و ثور، و سكرة، و علقمة، و أسد، كل ذلك على خلافه و حالاته، لم تقع الأسامي على معانيها التي كانت بنيت عليه، لأن الإنسان ليس بأسد و لا كلب، فافهم ذلك رحمك الله.

و إنما سمي الله بالعلم «2» بغير علم حادث علم به الأشياء، و استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره، و الروية فيما يخلق من خلقه و يفسد «3» ما مضى مما أفنى من خلقه، مما لو لم يحضره ذلك العلم و يعنه «4» كان جاهلا ضعيفا، كما أنا لو رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا فيه جهلة، و ربما فارقهم العلم بالأشياء فعادوا إلى الجهل، و إنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا، فقد جمع الخالق و المخلوق اسم العالم و اختلف المعنى على ما رأيت.

و سمي ربنا سميعا لا بخرت «5» فيه يسمع به الصوت و لا يبصر به، كما أن خرتنا الذي به نسمع لا نقوى به على البصر، و لكنه أخبر أنه لا يخفى عليه شي ء من الأصوات، ليس على حد ما سمينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسمع و اختلف المعنى. و هكذا البصر لا بخرت منه أبصر كما أنا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره، و لكن الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و هو

قائم ليس على معنى انتصاب و قيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء، و لكن قائم يخبر أنه حافظ، كقول الرجل: القائم بأمرنا فلان، و الله هو القائم على كل نفس بما كسبت، و القائم أيضا في كلام الناس الباقي، و القائم أيضا يخبر عن الكفاية، كقولك للرجل: قم بأمر بني فلان، أي اكفهم. و القائم منا قائم على ساق، فقد جمعنا الاسم و لم نجمع المعنى.

و أما اللطيف فليس على قلة و قضافة «6»، و صغر، و لكن ذلك على النفاذ في الأشياء، و الامتناع من أن يدرك، كقولك للرجل: لطف عني هذا الأمر، و لطف فلان في مذهبه. و قوله يخبرك أنه غمض فيه العقل، و فات الطلب، و عاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم، و كذلك لطف الله تبارك و تعالى عن أن يدرك بحد، أو يحد بوصف، و اللطافة منا الصغر و القلة، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و أما الخبير فهو الذي لا يعزب عنه شي ء، و لا يفوته شي ء، ليس للتجربة و لا للاعتبار بالأشياء فتفيده التجربة و الاعتبار علما لولاهما ما علم، لأن كل من كان كذلك كان جاهلا، و الله لم يزل خبيرا بما يخلق، و الخبير من الناس المستخبر عن جهل، المتعلم، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

__________________________________________________

(1) في المصدر: ما ضيّعوا.

(2) في التوحيد: 188/ 2: بالعالم.

(3) في التوحيد: و بعينه.

(4) في «ط» و المصدر: و يغيبه. [.....]

(5) الخرت: الثّقب. «الصحاح- خرت- 1: 248».

(6) القضافة: قلّة اللحم، و النّحافة. «لسان العرب- قضف- 9: 284».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 465

و أما الظاهر فليس من أجل أنه ظهر على «1» الأشياء بركوب فوقها و قعود عليها

و تسنم لذراها، و لكن ذلك لقهره و لغلبته الأشياء و قدرته عليها، كقول الرجل: ظهرت على أعدائي، و اظهرني الله على خصمي، يخبر عن الفلج و الغلبة، و هكذا ظهور الله على الأشياء.

و وجه آخر أنه الظاهر لمن أراده و لا يخفى عليه شي ء، و أنه مدبر لكل ما برأ، فأي ظاهر أظهر و أوضح من الله تبارك و تعالى؟! لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت، و فيك من آثاره ما يغنيك و الظاهر منا البارز بنفسه، و المعلوم بحده، و فقد جمعنا الاسم و لم يجمعنا المعنى.

و أما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء، بأن يغور فيها، و لكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما و حفظا و تدبيرا، كقول القائل: أبطنته يعني خبرته، و علمت مكنون «2» سره. و الباطن منا الغائب في الشي ء المستتر، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى.

و أما القاهر فليس على معنى علاج و نصب و احتيال و مداراة و مكر، كما يقهر العباد بعضهم بعضا، و المقهور منهم يعود قاهرا، و القاهر يعود مقهورا، و لكن ذلك من الله تبارك و تعالى على أن جميع ما خلق ملتبس «3» به الذل لفاعله، و قلة الامتناع لما أراد به، لم يخرج منه طرفة عين أن يقول له: كن فيكون. و القاهر منا على ما ذكرت و وصفت، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى، و هكذا جميع الأسماء، و إن كنا لم نستجمعها كلها فقد يكفي الاعتبار بما ألقينا إليك، و الله عونك و عوننا في إرشادنا و توفيقنا».

3609/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم، بن أحمد بن هشام المؤدب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو الحسين

محمد بن جعفر الأسدي، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: قال أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في قول الله عز و جل: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ، قال: «لا تدركه أوهام القلوب، فكيف تدركه أبصار العيون؟!».

3610/ [7]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن سعيد «4» مولى بني هاشم، قال: حدثنا المنذر بن محمد، قال: حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي، عن إسماعيل ابن الفضل، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن الله تبارك و تعالى هل يرى في المعاد؟

فقال: «سبحان الله، و تعالى عن ذلك علوا كبيرا- يا بن الفضل- إن الأبصار لا تدرك إلا ما له لون و كيفية، و الله

__________________________________________________

6- الأمالي: 334/ 2.

7- الأمالي: 334/ 3.

(1) في المصدر: أنّه علا.

(2) في المصدر: مكتوم.

(3) في «ط»: متلبس، و في المصدر: ملبس.

(4) في «س»: سميع، تصحيف، و هو ابن عقدة، انظر معجم رجال الحديث 2: 280.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 466

خالق الألوان و الكيفيات «1»».

3611/ [8]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين، قال: سمعته يقول: «لا يوصف الله بمحكم «2» وحيه، عظم ربنا عن الصفة، و كيف يوصف من لا يحد و هو يدرك الأبصار لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ؟!».

3612/ [9]- عن الأشعث بن حاتم، قال: قال ذو الرياستين: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك، أخبرني عما اختلف فيه الناس من الرؤية، فقال بعضهم: لا يرى.

فقال: «يا أبا العباس، من وصف الله بخلاف ما وصف به نفسه فقد عظم الفرية

على الله، قال الله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ هذه الأبصار ليست هي الأعين، إنما هي الأبصار التي في القلب، لا يقع عليه الأوهام، و لا يدرك كيف هو».

3613/ [10]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها: يعني عمى النفس، و ذلك لاكتسابها المعاصي، و هو رد على المجبرة الذين يزعمون أنه ليس لهم فعل و لا اكتساب.

3614/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: وَ كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَ لِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَ لِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قال:

كانت قريش تقول لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الذي تخبرنا به من الأخبار تتعلمه من علماء اليهود و تدرسه.

3615/ [12]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ منسوخ بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «3».

3616/ [13]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا فهو الذي يحتج به المجبرة: إنا بمشيئة الله نفعل كل الأفعال، و ليس لنا فيها صنع. فإنما معنى ذلك أنه لو شاء الله أن يجعل الناس كلهم معصومين حتى كان لا يعصيه أحد لفعل ذلك، و لكن أمرهم و نهاهم و امتحنهم و أعطاهم ما أزال علتهم، و هي الحجة عليهم من الله، يعني الاستطاعة، ليستحقوا الثواب و العقاب، و ليصدقوا ما قال الله من التفضل و المغفرة و الرحمة و العفو و الصفح.

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 373/ 78.

9- تفسير العيّاشي 1: 373/ 79.

10- تفسير القمّي 1: 212.

11- تفسير القمّي 1: 212.

12- تفسير القمّي 1: 212.

13-

تفسير القمّي 1: 212. [.....]

(1) في المصدر: و الكيفيّة.

(2) في «س»: بحكم.

(3) التّوبة 9: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 467

سورة الأنعام(6): الآيات 108 الي 111 ..... ص : 467

قوله تعالى:

وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ- إلى قوله تعالى- ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [108- 111]

3617/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنه سئل عن قول النبي (عليه السلام): «إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة ظلماء».

فقال: «كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله، فكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون، فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتهم لكي لا يسب الكفار إله المؤمنين، فيكون المؤمنون قد أشركوا بالله تعالى من حيث لا يعلمون، فقال: وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ».

3618/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن علي بن محمد بن سعد «1»، عن محمد بن مسلم، عن إسحاق بن موسى، قال: حدثني أخي و عمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ثلاثة مجالس يمقتها الله و يرسل نقمته على أهلها «2» فلا تقاعدوهم و لا تجالسوهم: مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه، و مجلسا ذكر أعدائنا فيه جديد و ذكرنا فيه رث، و مجلسا فيه من يصد عنا و أنت تعلم».

قال: ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) ثلاث آيات من كتاب الله كأنما كن في فيه- أو قال في كفه-: وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى

يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «3»، وَ لا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَ هذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ «4».

3619/ [3]- العياشي: عن عمر الطيالسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 213.

2- الكافي 2: 280/ 12.

3- تفسير العيّاشي 1: 373/ 80.

(1) في «س»، «ط»: معلّى بن محمّد، عن مسعدة، و هو تصحيف، إذ لم تذكّر رواية للمعلّى عن مسعدة، و لم يرو الأخير عن ابن مسلم، راجع معجم رجال الحديث 12: 143 و 18: 250.

(2) في «س»: عليها.

(3) الأنعام 6: 68.

(4) النّحل 16: 116.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 468

قال: فقال: «يا عمر، هل رأيت أحدا يسب الله؟» قال: فقلت: جعلني الله فداك، فكيف؟ قال: «من سب ولي الله فقد سب الله».

3620/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ يعني بعد اختبارهم و دخولهم فيه، فنسبه الله إلى نفسه، و الدليل على أن ذلك لفعلهم المتقدم قوله تعالى: ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ثم حكى قولهم، و هم قريش فقال: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها فقال الله عز و جل: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَ ما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ يعني قريشا.

3621/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ يقول: «ننكس قلوبهم فيكون أسفل قلوبهم أعلاها، و نعمي أبصارهم فلا يبصرون الهدى.

و

قال علي بن

أبي طالب (عليه السلام): إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد: الجهاد بأيديكم، ثم الجهاد بألسنتكم، ثم الجهاد بقلوبكم، فمن لم يعرف قلبه معروفا و لم ينكر منكرا نكس قلبه فجعل أسفله أعلاه، فلا يقبل خيرا أبدا.

كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ يعني في الذر و الميثاق وَ نَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أي يضلون»»

.3622/ [6]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قول الله: وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ إلى آخر الآية: «أما قوله: كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فإنه حين أخذ عليهم الميثاق».

3623/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: ثم عرف الله نبيه (صلى الله عليه و آله) ما في ضمائرهم بأنهم منافقون، فقال:

وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَ كَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَ حَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْ ءٍ قُبُلًا أي عيانا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ. و هذا أيضا مما يحتج به المجبرة، و معنى قوله: إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إلا أن يجبرهم على الإيمان.

سورة الأنعام(6): الآيات 112 الي 114 ..... ص : 468

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 213.

5- تفسير القمّي 1: 213.

6- تفسير العيّاشي 1: 374/ 81.

7- تفسير القمّي 1: 213. [.....]

(1) في «س»، «ط»: يغلبون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 469

- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا [112- 114] 3624/ [1]- علي بن إبراهيم: ما بعث الله نبيا إلا و في أمته شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ أي يقول بعضهم لبعض: لا تؤمنوا بزخرف القول غرورا فهذا وحي كذب.

3625/ [2]- و قال علي

بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن الحسين بن سعيد، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بعث الله نبيا إلا و في أمته شيطانان يؤذيانه و يضلان الناس بعده، فأما صاحبا نوح فقيطفوص «1» و خرام، و أما صاحبا إبراهيم فمكثل «2» و رزام، و أما صاحبا موسى فالسامري و مرعتيبا «3»، و أما صاحبا عيسى فبولس «4»، و مرتيون «5»، و أما صاحبا محمد (صلى الله عليه و آله) فحبتر و زريق».

3626/ [3]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «إن الشياطين يلقى بعضهم بعضا فيلقي إليه ما يغوي به الخلق حتى يتعلم بعضهم من بعض».

3627/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لتصغى إليه: أي يستمع لقوله المنافقون، و يرضوه بألسنتهم و لا يؤمنون بقلوبهم، وَ لِيَقْتَرِفُوا أي لينتظروا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ أي منتظرون. ثم قال: قل لهم يا محمد: أَ فَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا أي يفصل بين الحق و الباطل.

سورة الأنعام(6): الآيات 115 الي 116 ..... ص : 469

قوله تعالى:

وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 214.

2- تفسير القمّي 1: 214.

3- مجمع البيان 4: 545.

4- تفسير القمّي 1: 214.

(1) في المصدر: فقنطيفوص، و نسخة بدل: فغنطيغوص، و في «ط» نسخة بدل: نقيطوس.

(2) في المصدر نسخة بدل: مكيل، و في «ط»: فكمسل.

(3) في المصدر: مرعقيبا.

(4) في المصدر نسخة بدل: يوليس، يوليش، في «ط»: نسخة بدل: فيرليس، فيرليش.

(5) في المصدر: مريتون، و نسخة بدل: مريبون، و في «ط» نسخة بدل: فيولوسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 470

- إلى قوله تعالى-

إِلَّا يَخْرُصُونَ [115- 116]

3628/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن عبد الله بن إسحاق العلوي، عن محمد بن زيد الرزامي «1»، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: حججنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) في السنة التي ولد فيها ابنه موسى (عليه السلام)، فلما نزلنا الأبواء وضع لنا الغداء، و كان إذا وضع الطعام بين أصحابه أكثر و أطاب.

قال: فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة، فقال له: إن حميدة تقول: قد أنكرت نفسي، و قد وجدت ما كنت أجد إذ حضرت ولادتي، و قد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا. فقام أبو عبد الله (عليه السلام) فانطلق مع الرسول، فلما انصرف قال له أصحابه: سرك الله، و جعلنا فداك، فما أنت صنعت من حميدة؟ قال: «سلمها الله، و قد وهب لي غلاما، و هو خير من برأ الله تعالى في خلقه، و لقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظننت أني لا أعرفه، و لقد كنت أعلم به منها».

فقلت: جعلت فداك، و ما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟ قال: «ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يديه على الأرض، رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمارة الوصي من بعده».

فقلت: جعلت فداك، و ما هذا من أمارة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمارة الوصي من بعده؟ فقال لي: «إنه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدي أتي آت جد أبي بكأس فيه شربة أرق من الماء، و ألين من الزبد، و أحلى من الشهد، و أبرد من الثلج، و أبيض من اللبن،

فسقاه إياه، و أمره بالجماع، فقام، فجامع، فعلق بجدي. و لما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي، فسقاه كما سقى جد أبي، و أمره بمثل الذي أمره، فقام، فجامع، فعلق بأبي و لما أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي، فسقاه بما سقاهم، و أمره بالذي أمرهم به، فقام، فجامع، فعلق بي. و لما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم، ففعل بي كما فعل بهم، فقمت و يعلم الله أني «2» مسرور بما يهب الله لي، فجامعت، فعلق بابني هذا المولود، فدونكم، فهو و الله صاحبكم من بعدي.

إن نطفة الإمام مما أخبرتك، و إذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر و أنشئ فيها الروح، بعث الله تبارك و تعالى ملكا يقال له حيوان، فكتب على عضده الأيمن: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ و إذا وقع من بطن أمه وقع واضعا يديه على الأرض، رافعا رأسه إلى السماء. فأما

__________________________________________________

1- الكافي 1: 316/ 1.

(1) في «س»: الرازي، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 368/ 1000 و معجم رجال الحديث 16: 97.

(2) في المصدر: فقمت بعلم اللّه و إنّي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 471

وضعه «1» يديه على الأرض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الأرض، و أما رفعه «2» رأسه إلى السماء فإن مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الأفق الأعلى باسمه و اسم أبيه، يقول: يا فلان بن فلان، اثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك، أنت صفوتي من خلقي، و موضع سري، و عيبة

علمي، و أميني على وحيي، و خليفتي في أرضي، لك و لمن تولاك أوجبت رحمتي، و منحت جناني، و أحللت جواري، ثم و عزتي و جلالي لأصلين من عاداك أشد عذابي، و إن وسعت عليه في دنياه من سعة رزقي. فإذا انقطع «3» الصوت- صوت المنادي- أجابه هو، واضعا يديه، رافعا رأسه إلى السماء يقول: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «4»- قال- فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول و العلم الآخر، و استحق زيارة الروح في ليلة القدر».

قلت: جعلت فداك، الروح ليس هو جبرئيل؟ قال: «الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة، و إن الروح هو خلق أعظم من الملائكة (عليهم السلام)، أليس يقول الله تبارك و تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ «5»؟».

و عنه: عن محمد بن يحيى و أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن المختار ابن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، مثله.

3629/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن الحسن بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك و تعالى إذا أحب أن يخلق الإمام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش، فيسقيها أباه، فمن ذلك يخلق الإمام، فيمكث أربعين يوما و ليلة في بطن امه لا يسمع الصوت، ثم يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا ولد بعث الله ذلك الملك فيكتب بين عينيه:

وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ

الْعَلِيمُ فإذا مضى الإمام الذي كان قبله، رفع له منار من نور يبصر به أعمال العباد، فلذلك «6» يحتج الله على خلقه».

3630/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن

__________________________________________________

2- الكافي 1: 317/ 2. [.....]

3- الكافي 1: 318/ 3.

(1) في «س»: وضع.

(2) في «س»: رفع.

(3) في المصدر: انقضى.

(4) آل عمران 3: 18.

(5) القدر 97: 4.

(6) في «ط»: فإذا مضى الإمام و صار الأمر إليه جعل اللّه له عمودا من نور يبصر ما يعمل أهل بلده فبهذا. و في المصدر: فإذا مضى الإمام الذي كان قبله، رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى اعمال الخلائق فبهذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 472

يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل إذا أراد أن يخلق الإمام من الإمام بعث ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش ثم أوقعها- أو دفعها- إلى الإمام، فشربها فيمكث في الرحم أربعين يوما لا يسمع الكلام، ثم يسمع الكلام بعد ذلك، فإذا وضعته أمه بعث الله إليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة، فكتب على عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ فإذا قام بهذا الأمر رفع الله له في كل بلدة منارا ينظر به إلى أعمال العباد».

3631/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الربيع بن محمد المسلي «1»، عن محمد بن مروان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الإمام ليسمع في بطن امه، فإذا ولد خط بين كتفيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا

لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا صار الأمر إليه جعل الله له عمودا من نور يبصر به ما يعمل أهل كل بلدة».

3632/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، قال:

روى غير واحد من أصحابنا أنه قال: لا تتكلموا في الإمام، فإن الإمام يسمع الكلام، و هو في بطن امه، فإذا وضعته كتب الملك بين عينيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا قام بالأمر رفع «2» له في كل بلدة منار من نور ينظر منه إلى أعمال العباد.

3633/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن محمد بن مروان، قال: تلا أبو عبد الله (عليه السلام): «و تمت كلمت ربك الحسنى صدقا و عدلا» [فقلت: جعلت فداك، إنما نقرؤها وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا] فقال: «إن فيها الحسنى».

3634/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا خلق الله الإمام في بطن امه يكتب على عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».

3635/ [8]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن حميد بن شعيب، عن الحسن بن راشد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله إذا أحب أن يخلق الإمام أخذ شربة من تحت العرش [من ماء المزن ، و أعطاها ملكا

__________________________________________________

4- الكافي 1: 318/ 4.

5- الكافي 1: 319/ 6.

6- الكافي 8: 205/ 249.

7- تفسير القمّي

1: 214.

8- تفسير القمّي 1: 215.

(1) في «س»، «ط»: أحمد بن محمد بن عيسى، عن حمدان بن محمّد المسلمي، و فيه سقط و تصحيف، و قد روى أحمد بن محمّد بن خالد و ابن عيسى كلاهما عن ابن محبوب، و روى هو عن الربيع، راجع رجال النجاشي: 164/ 433، معجم رجال الحديث 5: 93 و 94 و 7: 175.

(2) في «س»: وضع. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 473

فسقاها أباه، فمن ذلك يخلق الإمام، فإذا ولد بعث الله ذلك الملك إلى الإمام، فكتب بين عينيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا مضى ذلك الإمام الذي قبله رفع له منار يبصر به أعمال العباد، فلذلك يحتج به على خلقه».

3636/ [9]- العياشي: عن يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الإمام إذا أراد الله أن يحمل له بإمام أتي بسبع ورقات من الجنة، فأكلهن قبل أن يواقع- قال- فإذا وقع في الرحم سمع الكلام في بطن امه، فإذا وضعته رفع له عمود من نور، ما بين السماء و الأرض، يرى ما بين المشرق و المغرب، و كتب على عضده:

وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا». قال أبو عبد الله: قال الوشاء «1» حين مر هذا الحديث: لا أروي لكم هذا، لا تحدثوا عني.

3637/ [10]- عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أراد الله أن يقبض روح إمام و يخلق بعده إماما أنزل قطرة من تحت العرش إلى الأرض يلقيها على ثمرة- أو بقلة- قال- فيأكل تلك الثمرة- أو تلك البقلة- الإمام الذي يخلق الله منه نطفة الإمام الذي

يقوم من بعده- قال- فيخلق الله من تلك القطرة نطفة في الصلب، ثم تصير إلى الرحم فيمكث فيه أربعين يوما، فإذا مضى له أربعون يوما سمع الصوت، فإذا مضى له أربعة أشهر كتب على عضده الأيمن: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فإذا خرج إلى الأرض أوتي الحكمة، و زين بالحلم «2» و الوقار، و ألبس الهيبة، و جعل له مصباح من نور، فعرف به الضمير، و يرى به أعمال العباد».

3638/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال عز و جل لنبيه (عليه السلام): وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني يحيروك عن الإمام، فإنهم مختلفون فيه إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أي يقولون بلا علم بالتخمين و التقدير «3».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 1: 374/ 82.

10- تفسير العيّاشي 1: 374/ 83.

11- تفسير القمّي 1: 215.

(1) لعلّ المراد بقوله: «قال أبو عبد اللّه» أحمد بن محمّد السيّاري. و قوله: «قال الوشاء» الحسن بن عليّ الوشّاء، كما في بصائر الدرجات: 458/ 2، حيث رواه عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الخزّاز الوشّاء، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان. و ليس في مشايخ الصفّار من يسمّى أحمد بن محمّد و يكنّى بأبي عبد اللّه إلّا السيّاري، انظر معجم رجال الحديث 2: 282.

و إنّما قال الوشّاء ما قال لأنّ هذا الحديث مخالف لسائر الأخبار المرويّة في هذا الباب. راجع تعليق العلّامة المجلسي عليه في البحار 25: 42، في «س»، «ط» و المصدر: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قال الوشّاء.

(2) في المصدر: بالحكم، و في «ط»:

بالعلم.

(3) في «ط»، «س»: و التحبيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 474

سورة الأنعام(6): الآيات 118 الي 121 ..... ص : 474

قوله تعالى:

فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [118- 121] 3639/ [1]- العياشي: عن عمر بن حنظلة، في قول الله تبارك و تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أما المجوس فلا، فليسوا من أهل الكتاب، و أما اليهود و النصارى فلا بأس إذا سموا.

3640/ [2]- عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل يذبح الذبيحة فيهلل، أو يسبح، أو يحمد، أو يكبر، قال: «هذا كله من أسماء الله».

3641/ [3]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن ذبيحة المرأة و الغلام هل يؤكل؟ قال:

«نعم، إذا كانت المرأة مسلمة و ذكرت اسم الله حلت ذبيحتها، و إذا كان الغلام قويا على الذبح و ذكر اسم الله حلت ذبيحته، و إذا كان الرجل مسلما فنسي أن يسمي فلا بأس بأكله إذا لم تتهمه».

3642/ [4]- عن حمران، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في ذبيحة الناصب و اليهودي- قال-: «لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله، أما سمعت قول الله: وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ؟».

3643/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قال: من الذبائح. ثم قال: وَ ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ أي يقترفون بين لكم إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَ إِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ.

قال: و قوله: وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما

كانُوا يَقْتَرِفُونَ. قال:

الظاهر من الإثم: المعاصي، و الباطن: الشرك و الشك في القلب، و قوله: بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ أي يعملون.

3644/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قال: من ذبائح اليهود و النصارى، و ما يذبح على غير الإسلام. ثم قال: وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ يعني وحي كذب و فسق و فجور إلى أوليائهم من الإنس و من يطيعهم لِيُجادِلُوكُمْ أي ليخاصموكم وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ.

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 374/ 84.

2- تفسير العيّاشي 1: 375/ 85.

3- تفسير العيّاشي 1: 375/ 86.

4- تفسير العيّاشي 1: 375/ 87.

5- تفسير القمّي 1: 215.

6- تفسير القمّي 1: 215.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 475

3645/ [7]- العياشي: عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، كنت أصلي عند القبر، و إذا رجل خلفي يقول: أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ «1» وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا «2». قال:

فالتفت إليه- و قد تأول علي هذه الآية و ما أدري من هو- و أنا أقول: وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ فإذا هو هارون بن سعد «3». قال: فضحك أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال:

«إذن أصبت الجواب- أو قال: الكلام- بإذن الله».

سورة الأنعام(6): الآيات 122 الي 124 ..... ص : 475

قوله تعالى:

أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها- إلى قوله تعالى- وَ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ [122- 124]

3646/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور

بن يونس، عن بريد، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله تبارك و تعالى: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ فقال: «ميت لا يعرف شيئا نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ إماما يأتم به كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها- قال- الذي لا يعرف الإمام».

3647/ [2]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ، قال: جاهلا عن الحق و الولاية فهديناه إليها وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ قال: النور: الولاية كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها يعني في ولاية غير الأئمة (عليهم السلام) كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.

3648/ [3]- العياشي: عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ، قال: «الميت: الذي لا يعرف هذا الشأن- قال- أ تدري ما يعني مَيْتاً؟» قال: قلت: جعلت فداك، لا. قال: «الميت: الذي لا يعرف شيئا فَأَحْيَيْناهُ بهذا الأمر وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ- قال- إماما يأتم به» قال: كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها، قال: «كمثل هذا الخلق

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 375/ 88.

1- الكافي 1: 142/ 13. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 215.

3- تفسير العيّاشي 1: 375/ 89.

(1) النّساء 4: 88.

(2) النّساء 4: 88.

(3) هو هارون بن سعد العجلي الكوفي كان زيديا. انظر معجم رجال الحديث 7: 115 و 19: 226.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 476

الذين لا يعرفون الإمام».

3649/ [4]- و في رواية أخرى، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: أَ

وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ، قال: «الميت: الذي لا يعرف هذا الشأن، يعني هذا الأمر «1» وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً إماما يأتم به يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

قلت: فقوله: كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها فقال بيده هكذا: «هذا الخلق الذي لا يعرفون شيئا».

3650/ [5]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها يعني رؤساء لِيَمْكُرُوا فِيها وَ ما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَ ما يَشْعُرُونَ أي يمكرون بأنفسهم، لأن الله يعذبهم عليه وَ إِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ قال: قالت الأكابر: لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي الرسل من الوحي و التنزيل، فقال الله تبارك و تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ أي يعصون الله في السر.

3651/ [6]- العياشي: عن صفوان، عن ابن سنان، قال: سمعته يقول: «أنتم أحق الناس بالورع، عودوا المرضى، و شيعوا الجنائز، إن الناس ذهبوا كذا و كذا، و ذهبتم حيث ذهب الله اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ».

سورة الأنعام(6): الآيات 125 الي 134 ..... ص : 476

قوله تعالى:

فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ- إلى قوله تعالى- إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [125- 134]

3652/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال:

«إن الله عز و جل إذا أراد بعبد خيرا نكت في

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 1: 376/ 90.

5- تفسير القمّي 1: 216.

6- تفسير العيّاشي 1: 376/ 91.

1- الكافي 1: 126/ 2.

(1) و في نسخة: هذا الامام «منه قدّس سرّه».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 477

قلبه نكتة من نور، و فتح مسامع قلبه، و وكل به ملكا يسدده، و إذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، و سد مسامع قلبه، و وكل به شيطانا يضله» ثم تلا هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (التوحيد)، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، بباقي السند و المتن «1».

3653/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن القلب ليتلجلج في الجوف يطلب الحق، فإذا أصابه اطمأن و قر».

ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.

3654/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن فضالة، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن خيثمة ابن عبد الرحمن الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن القلب ينقلب من لدن موضعه إلى حنجرته، ما لم يصب الحق، فإذا أصاب الحق قر». ثم ضم أصابعه و قرأ هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ

أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً.

3655/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار بنيسابور سنة اثنتين و خمسين و ثلاث مائة، قال: حدثني علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ.

قال: «من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنته و دار كرامته في الآخرة يشرح صدره للتسليم لله و الثقة به و السكون إلى ما وعده من ثوابه، حتى يطمئن إليه. و من يرد أن يضله عن جنته، و دار كرامته في الآخرة، لكفره به، و عصيانه له في الدنيا، يجعل صدره ضيقا حرجا حتى يشك في كفره، و يضطرب من اعتقاده قلبه حتى يصير كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ».

3656/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن عبد الخالق بن عبد ربه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.

فقال: «قد يكون ضيقا و له منفذ يسمع منه و يبصر، و الحرج: هو الملتئم الذي لا منفذ له يسمع به الصوت

__________________________________________________

2- الكافي 2: 308/ 5.

3- المحاسن: 202/ 41.

4- معاني الأخبار: 145/ 2.

5- معاني الأخبار: 145/ 1. [.....]

(1) التوحيد: 415/ 14.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 478

و لا يبصر منه».

3657/ [6]- العياشي: عن

أبي جميلة، عن عبد الله بن أبي جعفر «1» (عليه السلام)، عن أخيه، قال: «إن للقلب تلجلجا في الجوف يطلب الحق، فإذا أصابه اطمأن به و قر» ثم قرأ: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ.

3658/ [7]- عن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء، و فتح مسامع قلبه و وكل به ملكا يسدده، و إذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، و سد عليه مسامع قلبه، و وكل به شيطانا يضله». ثم تلا هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ الآية.

و رواه سليمان بن خالد، عنه «نكتة من نور» و لم يقل «بيضاء».

3659/ [8]- عن أبي بصير، عن خيثمة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن القلب ينقلب من لدن موضعه إلى حنجرته، ما لم يصب الحق، فإذا أصاب الحق قر» ثم ضم أصابعه، ثم قرأ هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً.

3660/ [9]- و عنه، قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام) لموسى بن أشيم «2»: «أ تدري ما الحرج؟» قال: قلت: لا. فقال بيده و ضم أصابعه كالشي ء المصمت، لا يدخل فيه شي ء، و لا يخرج منه شي ء.

3661/ [10]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ، قال: «هو الشك».

3662/ [11]- و في كتاب (الاختصاص): عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن النضر بن

سويد، عن علي بن الصامت، عن أديم «3» بن الحر، قال: سأل موسى بن أشيم أبا عبد الله (عليه السلام) و أنا حاضر، عن آية من كتاب الله

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 1: 376/ 93.

7- تفسير العيّاشي 1: 376/ 94.

8- تفسير العيّاشي 1: 377/ 95.

9- تفسير العيّاشي 1: 377/ ذيل الحديث 95.

10- تفسير العيّاشي 1: 377/ 96.

11- الاختصاص: 330.

(1) و هو عبد اللّه بن الإمام محمّد الباقر (عليه السّلام)، عدّ من أصحاب أخيه الصادق (عليه السّلام)، و من رواة أحاديثه، و روى عنه أبو جميلة المفضّل بن صالح. انظر معجم رجال الحديث 10: 86 و 310، و في المصدر: عبد اللّه بن جعفر، و في «س»: أبي عبد اللّه بن أبي جعفر، و ما في المتن من كتب الرجال، و نسخة مخطوطة من تفسير العيّاشي محفوظة في مكتبة مؤسّستنا.

(2) موسى بن أشيم كان من أصحاب الإمامين الباقر و الصادق (عليهما السّلام)، ثمّ صار خطّابيا و لحق بأبي الخطّاب، و قتل معه. انظر معجم رجال الحديث 19: 17.

(3) كذا في المصدر و رجال النجاشي: 106 و معجم رجال الحديث 3: 16، و ضبطه العلّامة الحليّ في الخلاصة: 24 بضم الهمزة، و في «س» و «ط»: آدم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 479

فخبره بها، فلم يبرح حتى دخل رجل فسأله عن تلك الآية بعينها فخبره بخلاف ما خبر به موسى بن أشيم. ثم قال ابن أشيم: فدخلني من ذلك ما شاء الله، حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين، و قلت: تركنا أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الحرف الواحد، الواو و شبهها، و جئت لمن يخطئ هذا الخطأ كله! فبينا أنا في ذلك إذ دخل عليه رجل آخر فسأله عن

تلك الآية بعينها، فخبره بخلاف ما خبرني به، و خلاف الذي خبر به الذي سأله بعدي، فتجلى عني، و علمت أن ذلك تعمدا، فحدثت نفسي بشي ء، فالتفت إلي أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: «يا بن أشيم، لا تفعل كذا و كذا» فبان حديثي عن الأمر الذي حدثت به نفسي. ثم قال: «يا بن أشيم، إن الله فوض إلى سليمان بن داود، فقال:

هذا عَطاؤُنا فَامҙƙϙƙҠأَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «1» و فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) [فقال: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «2» فما فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله)] فقد فوضه إلينا، يا بن أشيم فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً أ تدري ما الحرج؟» قلت: لا. فقال بيده و ضم أصابعه: «هو الشي ء المصمت الذي لا يخرج منه شي ء و لا يدخل فيه شي ء».

3663/ [12]- و قال علي بن إبراهيم، في (تفسيره): الحرج: الذي لا مدخل له، و الضيق: ما يكون له المدخل الضيق كأنما يصعد في السماء، قال: مثل شجرة حولها أشجار كثيرة فلا تقدر أن تلقي أغصانها يمنة و يسرة، فتمر في السماء و تسمى حرجة.

3664/ [13]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً يعني الطريق الواضح قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ و قوله: لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ يعني في الجنة، و السلام، الأمان و العافية و السرور.

و سيأتي إن شاء الله تعالى زيادة على ذلك في قوله تعالى: وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ من سورة يونس «3».

ثم قال: وَ هُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا

يَعْمَلُونَ يعني الله عز و جل وليهم أي أولى بهم. و قوله: وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَ قالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ قال كل من والى قوما فهو منهم و إن لم يكن من جنسهم.

قال: و قوله: رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَ بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا يعني القيامة. و قوله: وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ قال: نولي كل من تولى أولياءهم فيكونون معهم يوم القيامة.

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 1: 216.

13- تفسير القمّي 1: 216.

(1) سورة ص 38: 39.

(2) الحشر 59: 7. [.....]

(3) يأتي في تفسير الآية (25) من سورة يونس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 480

3665/ [14]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: «ما انتصر الله من ظالم إلا بظالم، و ذلك قول الله عز و جل:

وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً».

3666/ [15]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر عز و جل احتجاجا على الجن و الإنس يوم القيامة فقال:ا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ .قال: و قوله: ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها غافِلُونَ يعني لا يظلم أحدا حتى يبين لهم ما يرسل إليهم، و إذا لم يؤمنوا هلكوا. و قوله: وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا يعني لهم درجات على قدر أعمالهم وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ

عَمَّا يَعْمَلُونَ. و قوله: إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ يعني من القيامة و الثواب و العقاب وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ.

سورة الأنعام(6): آية 136 ..... ص : 480

قوله تعالى:

وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَ ما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ [136] 3667/ [1]- علي بن إبراهيم: إن العرب كانوا إذا زرعوا زرعا قالوا: هذا لله، و هذا لآلهتنا. و كانوا إذا سقوها فخرق «1» الماء من الذي لله في الذي للأصنام لم يسدوه، و قالوا: الله أغنى، و إذا خرق شي ء من الذي للأصنام في الذي لله سدوه، و قالوا: الله أغنى. و إذا وقع شي ء من الذي لله في الذي للأصنام لم يردوه، و قالوا: الله أغني. و إذا وقع شي ء من الذي للأصنام في الذي لله ردوه، و قالوا: الله أغني. فأنزل الله في ذلك على نبيه (صلى الله عليه و آله) و حكى فعلهم و قولهم فقال: وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَ ما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ.

الطبرسي ذكر نحو ما ذكرنا في معنى الآية، عن علي بن إبراهيم، ثم قال: و هو المروي عن

__________________________________________________

14- الكافي 2: 251/ 19.

15- تفسير القمّي 1: 216.

1- تفسير القمّي 1: 217.

(1) في المصدر: فحرف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 481

أئمتنا (عليهم السلام) «1»

سورة الأنعام(6): آية 137 ..... ص : 481

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ- إلى قوله تعالى- يَفْتَرُونَ [137] 3668/ [1]- علي بن إبراهيم قال: يعني أسلافهم زينوا لهم قتل أولادهم لِيُرْدُوهُمْ وَ لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ يعني يغروهم «2» و يلبسوا عليهم دينهم وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ

ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ.

سورة الأنعام(6): الآيات 138 الي 140 ..... ص : 481

قوله تعالى:

وَ قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ حِجْرٌ- إلى قوله تعالى- قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ [138- 140] 3669/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ حِجْرٌ قال: الحجر: المحرم لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ قال: كانوا يحرمونها على قوم وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها يعني البحيرة و السائبة و الوصيلة و الحام.

ثم قال علي بن إبراهيم: قوله وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ قال: كانوا يحرمون الجنين الذي يخرجونه من بطون الأنعام، يحرمونه على النساء، فإذا كان ميتا أكله الرجال و النساء، فحكى الله تعالى قولهم لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ.

3670/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ أي بغير فهم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 217.

2- تفسير القمّي 1: 217.

3- تفسير القمّي 1: 218.

(1) مجمع البيان 4: 571.

(2) في المصدر: يغيروهم، و في «ط» نسخة بدل: يضروهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 482

وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ و هم قوم يقتلون أولادهم من البنات للغيرة، و قوم كانوا يقتلون أولادهم من الجوع، و هذا معطوف على قوله: وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ «1» فقال الله: وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ «2»

سورة الأنعام(6): آية 141 ..... ص : 482

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَ غَيْرَ مَعْرُوشاتٍ

وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [141] 3672/ [2]- علي بن إبراهيم: قال: فرض الله يوم الحصاد من كل قطعة أرض قبضة للمساكين، و كذا في جذاذ النخل، و في التمر «3»، و كذا عند البذر.

3671/ [1]- علي بن إبراهيم قال: البساتين.

3673/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن شعيب العقرقوفي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قال: «الضغث من السنبل، و الكف من التمر، إذا خرص».

قال: و سألته: هل يستقيم إعطاؤه إذا أدخله بيته؟ قال: «لا، هو أسخى لنفسه قبل أن يدخله بيته».

3674/ [4]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن البرقي، عن سعد بن سعد، عن الرضا (عليه السلام) أنه سئل إن «4» لم يحضر المساكين و هو يحصد، كيف يصنع؟ قال: «ليس عليه شي ء».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 218.

2- تفسير القمّي 1: 218.

3- تفسير القمّي 1: 218.

4- تفسير القمّي 1: 218. [.....]

(1) الأنعام 6: 137.

(2) الإسراء 17: 31.

(3) في المصدر: الثمرة.

(4) في المصدر: قال: قلت: فإن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 483

3675/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن شريح، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «في الزرع حقان: حق تؤخذ به، و حق تعطيه».

قلت: و ما الذي أؤخذ به؟ و ما الذي أعطيه؟ قال: «أما الذي تؤخذ به فالعشر و نصف العشر، و أما الذي تعطيه، فقول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ يعني من حصدك الشي ء

بعد الشي ء» و لا أعلمه إلا قال:

«الضغث ثم الضغث حتى يفرغ».

3676/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ فقالوا جميعا: قال أبو جعفر (عليه السلام): «هذا من الصدقة، يعطي المسكين القبضة بعد القبضة، و من الجذاذ الحفنة بعد الحفنة، حتى يفرغ، و تعطي الحارس أجرا معلوما، و يترك من النخل معافارة و ام جعرور «1»، و يترك للحارس أن يكون في الحائط العذق «2»، و العذقان، و الثلاثة لحفظه إياه».

3677/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا تصرم «3» بالليل، و لا تحصد بالليل، و لا تضح الأضحية بالليل، و لا تبذر بالليل، فإنك إن تفعل لم يأتك القانع و المعتر».

فقلت: ما القانع و المعتر؟ قال: «القانع: الذي يقنع بما تعطيه «4»، و المعتر: الذي يمر بك فيسألك، و إن حصدت بالليل لم يأتك السؤال، و هو قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ عند الحصاد يعني القبضة بعد القبضة إذا حصدته، و إذا اخرج فالحفنة بعد الحفنة، و كذلك عند الصرام «5»، و كذلك [عند البذر، و] لا تبذر بالليل لأنك تعطي من البذر كما تعطي من الحصاد».

3678/ [7]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عليه

السلام) في قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قال: «تعطي المسكين يوم حصادك الضغث، ثم إذا وقع في البيدر، ثم إذا وقع في الصاع، العشر و نصف العشر».

__________________________________________________

4- الكافي 3: 564/ 1.

5- الكافي 3: 565/ 2.

6- الكافي 3: 565/ 3.

7- الكافي 3: 565/ 4.

(1) معافارة و أم جعرور: رديئان من التمر. «مجمع البحرين- عفر- 3: 409».

(2) العذق، بالفتح: النخلة بحملها. و بالكسر: الكباسة. «الصحاح- عذق- 4: 1522».

(3) الصّرم: القطع البائن للحبل و العذق «لسان العرب- صرم- 12: 334».

(4) في المصدر: أعطيته.

(5) الصّرام: بفتح الصاد و كسرها: جني الثمر، و أوان نضج الثّمر «المعجم الوسيط- صرم- 1: 513».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 484

3679/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا.

قال: «كان أبي (عليه السلام) يقول: من الإسراف في الحصاد و الجذاذ أن يصدق الرجل بكفيه جميعا. و كان أبي إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه يتصدق بكفيه، صاح به: أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة، و الضغث بعد الضغث من السنبل».

3680/ [9]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن مرازم، عن مرازم، عن مصادف، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) في أرض له، و هم يصرمون، فجاء سائل يسأل، فقلت: الله يرزقك.

فقال (عليه السلام): «مه، ليس ذلك لكم حتى تعطوا ثلاثة. فإن أعطيتم ثلاثة فإن أعطيتم فلكم، و إن أمسكتم فلكم».

3681/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ.

فقال: «كان فلان بن فلان الأنصاري- سماه- و كان له حرث، و كان إذا أجذ «1» يتصدق به، و يبقى هو و عياله بغير شي ء، فجعل الله عز و جل ذلك إسرافا».

3682/ [11]- عبد الله بن جعفر الحميري من كتابه (قرب الإسناد): عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألته- يعني الرضا (عليه السلام)- عن قول الله عز و جل: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا أي شي ء الإسراف؟

قال: «هكذا يقرأها من قبلكم «2»؟». قلت: نعم.

قال: «افتح الفم بالحاء- قلت: حصاده- و كان أبي يقول: من الإسراف في الحصاد و الجذاذ أن يصدق الرجل بكفيه جميعا، و كان أبي إذا حضر حصد شي ء من هذا فرأى واحدا من غلمانه يصدق بكفيه صاح به، و قال:

أعط «3» بيد واحدة، القبضة بعد القبضة، و الضغث بعد الضغث، من السنبل. و أنتم تسمونه الأندر «4»».

3683/ [12]- العياشي: عن الحسن بن علي، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قال: «الضغث و الاثنين، تعطي من حضرك» و قال: «نهى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الحصاد بالليل».

__________________________________________________

8- الكافي 3: 566/ 6. [.....]

9- الكافي 3: 566/ 5.

10- الكافي 4: 55/ 5.

11- قرب الأسناد: 162.

12- تفسير العيّاشي 1: 377/ 97 و 98.

(1) في المصدر: أخذ.

(2) الظاهر أنّه قرأ بكسر الحاء في (حصاده).

(3) في المصدر: أعطه.

(4) الأندر: الكدس من القمح خاصّة. «لسان العرب- ندر- 5: 300».

البرهان في

تفسير القرآن، ج 2، ص: 485

3684/ [13]- عن هاشم بن المثنى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ؟

قال: «أعط من حضرك من مشرك أو غيره».

3685/ [14]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ. قال: «أعطه من حضرك من المسلمين، و إن لم يحضرك إلا مشرك فأعطه».

3686/ [15]- عن معاوية بن ميسرة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «في الزرع حقان: حق تؤخذ به، و حق تعطيه، فأما الذي تؤخذ به فالعشر و نصف العشر، و أما الحق الذي تعطيه فإنه يقول: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ فالضغث تعطيه، ثم الضغث حتى تفرغ».

3687/ [16]- و في رواية عبد الله بن سنان، عنه (عليه السلام)، قال: «تعطي منه المساكين الذين يحضرونك، و لو لم يحضرك إلا مشرك».

3688/ [17]- عن زرارة و حمران بن أعين و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قالا: «تعطي منه الضغث بعد الضغث، و من السنبل القبضة بعد القبضة «1»».

3689/ [18]- عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، قال: «هذا حق «2» غير الصدقة، يعطى منه المسكين و المسكين القبضة بعد القبضة، و من الجذاذ الحفنة بعد الحفنة، حتى يفرغ و يترك للخارص «3» أجرا معلوما، و يترك من النخل معافارة و ام جعرور لا يخرصان، و يترك للحارس يكون في الحائط العذق و العذقان و الثلاثة لنظره و حفظه له».

3690/ [19]- عن محمد

بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا يكون الحصاد و الجذاذ بالليل، إن الله يقول: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ».

قال: «كان فلان بن فلان الأنصاري- سماه- و كان له حرث، و كان إذا أجذه تصدق به، و بقي هو و عياله بغير

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 1: 377/ 99.

14- تفسير العيّاشي 1: 377/ 100.

15- تفسير العيّاشي 1: 378/ 101.

16- تفسير العيّاشي 1: 378/ 102.

17- تفسير العيّاشي 1: 378/ 103.

18- تفسير العيّاشي 1: 378/ 104. [.....]

19- تفسير العيّاشي 1: 379/ 105.

(1) كذا في الوسائل 6: 135/ 7، و في «س»، و في «ط»: تعطي الضّغث بعد الضّغث من السّنبل، و في المصدر: تعطي منه الضّغث من السّنبل [يقبض من السّنبل قبضة و القبضة].

(2) في المصدر: هذا من.

(3) خرص النخلة و الكرمة يخرصها خرصا: إذا حزر ما عليها من الرّطب تمرا و من العنب زبيبا ... و فاعل ذلك الخارص. «النهاية 2: 23».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 486

شي ء، فجعل الله ذلك سرفا».

3691/ [20]- عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «في الإسراف في الحصاد و الجذاذ أن يتصدق الرجل بكفيه جميعا، و كان أبي إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه تصدق بكفيه صاح به:

أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة، و الضغث بعد الضغث من السنبل».

3692/ [21]- سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ.

قال: «حقه يوم حصاده عليك واجب، و ليس من الزكاة، تقبض منه القبضة و الضغث من السنبل لمن يحضرك من السؤال، لا يحصد بالليل و لا يجذ بالليل، إن الله يقول: يَوْمَ حَصادِهِ

فإذا أنت حصدته بالليل لم يحضرك سؤال، و لا يضحى بالليل».

3693/ [22]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه كان يكره أن يصرم النخل بالليل، و أن يحصد الزرع بالليل، لأن الله يقول: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قيل: يا نبي الله، و ما حقه؟ قال:

«ناول منه المسكين و السائل».

3694/ [23]- عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ.

قال: «تعطي منه المساكين الذين يحضرونك، تأخذ بيدك القبضة و القبضة حتى تفرغ».

3695/ [24]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا يكون الحصاد و الجذاذ بالليل، إن الله يقول: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ و حقه في شي ء ضغث» يعني من السنبل.

3696/ [25]- عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهم)، أنه قال لقهرمانه «1»

و وجده قد جذ نخلا له من آخر الليل، فقال له: «لا تفعل، ألم تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى عن الجذاذ و الحصاد بالليل؟ و كان يقول: الضغث تعطيه من يسأل «2»، فذلك حقه يوم حصاده».

3697/ [26]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ كيف يعطى؟

قال: «تقبض بيدك الضغث، فسماه الله حقا».

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 1: 379/ 106.

21- تفسير العيّاشي 1: 379/ 107.

22- تفسير العيّاشي 1: 379/ 108.

23- تفسير العيّاشي 1: 379/ 109.

24- تفسير العيّاشي 1: 380/ 110.

25- تفسير العيّاشي 1: 380/ 111.

26- تفسير العيّاشي 1: 380/ 112.

(1) القهرمان: هو الخازن و الوكيل الحافظ لما تحت يده،

و القائم بأمور الرجل بلغة الفرس «لسان العرب- قهرم- 12: 496».

(2) في المصدر: يسألك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 487

قال: قلت: و ما حقه يوم حصاده؟ قال: «الضغث تناوله من حضرك من أهل الخاص «1» ة».

3698/ [27]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ كيف يعطى؟ قال: «تقبض بيدك الضغث فتعطيه المسكين ثم المسكين حتى يفرغ، و عند الصرام الحفنة ثم الحفنة حتى تفرغ منه».

3699/ [28]- عن أبي الجارود زياد بن المنذر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ.

قال: «الضغث من المكان بعد المكان تعطي المساكين».

سورة الأنعام(6): آية 142 ..... ص : 487

قوله تعالى:

وَ مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَ فَرْشاً- إلى قوله تعالى- الشَّيْطانِ [142] 3700/ [29]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَ فَرْشاً: يعني به الثياب و الفرش وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ تقدم تفسيره في سورة البقرة «2».

سورة الأنعام(6): الآيات 143 الي 144 ..... ص : 487

قوله تعالى:

ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ [143- 144]

3701/ [30]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن

__________________________________________________

27- تفسير العيّاشي 1: 380/ 113. [.....]

28- تفسير العيّاشي 1: 380/ 114.

29- تفسير القمّي 1: 218.

30- الكافي 8: 283/ 427.

(1) في «ط»: الحاجة.

(2) تقدّم في تفسير الآية (168) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 488

إسماعيل الجعفي و عبد الكريم بن عمرو، و عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حمل نوح (عليه السلام) في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله عز و جل: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ فكان من الضأن اثنين: زوج داجنة يربيها الناس، و الزوج الآخر الضأن التي تكون في الجبال الوحشية أحل لهم صيدها، و من المعز اثنين: زوج داجنة يربيها الناس، و الزوج الآخر الظباء التي تكون في المفاوز، و من الإبل اثنين: البخاتي، و العراب، و من البقر اثنين: زوج داجنة يربيها الناس، و الزوج الآخر البقر الوحشية، و كل طير طيب وحشي أو إنسي،

ثم غرقت الأرض».

3702/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد، عن السلمي «1»، عن داود الرقي، قال: سألني بعض الخوارج عن هذه الآية: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ما الذي أحل الله من ذلك، و ما الذي حرم؟ فلم يكن عندي فيه شي ء، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و أنا حاج، فأخبرته بما كان، فقال: «إن الله تعالى أحل في الاضحية بمنى الضأن و المعز الأهلية، و حرم أن يضحى بالجبلية. و أما قوله: وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ فإن الله تبارك و تعالى أحل في الاضحية الإبل العراب، و حرم منها البخاتي، و أحل البقر الأهلية أن يضحى بها، و حرم الجبلية».

فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب، فقال: هذا شي ء حملته الإبل من الحجاز.

3703/ [3]- الشيخ المفيد في (الاختصاص)، عن محمد بن الحسن الصفار، و الحسن بن متيل، عن إبراهيم ابن هاشم، عن إبراهيم بن محمد، عن السلمي «2»، عن داود الرقي، قال: سألني بعض الخوارج عن قول الله تبارك و تعالى: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ- إلى قوله- وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ما الذي أحل الله من ذلك، و ما الذي حرم الله؟ قال: فلم يكن عندي في ذلك شي ء، فحججت، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت: جعلت فداك، إن رجلا من الخوارج سألني عن كذا و كذا، فقال (عليه السلام): «إن الله عز و جل أحل في الأضحية بمنى الضأن و المعز الأهلية، و حرم فيها الجبلية، و

ذلك قوله عز و جل: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ و إن الله عز و جل أحل في الاضحية بمنى الإبل العراب و حرم فيها البخاتي، و أحل فيها البقر الأهلية و حرم فيها الجبلية، فذلك قوله: وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ». قال: فانصرفت إلى صاحبي، فأخبرته بهذا الجواب، فقال: هذا شي ء حملته الإبل من الحجاز.

3704/ [4]- العياشي: عن أيوب بن نوح بن دراج، قال سألت أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن الجاموس، و أعلمته أن أهل العراق يقولون أنه مسخ، فقال: «أو ما سمعت قول الله: وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ؟!».

__________________________________________________

2- الكافي 4: 492/ 17.

3- الاختصال: 54.

4- تفسير العياشي 1: 380/ 115.

(1) في «س»، «ط»: المسلي، تصحيف، و الصواب ما في المتن. انظر معجم رجال الحديث 23: 106.

(2) انظر هامش (1) حديث (2).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 489

و كتبت «1» إلى أبي الحسن (عليه السلام) بعد مقدمي من خراسان أسأله عما حدثني به أيوب في الجاموس، فكتب: «هو كما قال لك».

عن داود الرقي، قال: سألني بعض الخوارج عن هذه الآية في كتاب الله مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ، و ذكر الحديث السابق ببعض التغيير «2».

3705/ [5]- عن صفوان الجمال، قال: كان متجري إلى مصر، و كان لي بها صديق من الخوارج، فأتاني وقت خروجي إلى الحج، فقال لي: هل سمعت من جعفر بن محمد (عليه السلام) في قول الله عز و جل: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ أيا أحل و أيا

حرم؟

قلت: ما سمعت منه في هذا شيئا. فقال لي: أنت على الخروج، فأحب أن تسأله عن ذلك. قال: فحججت، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فسألته عن مسألة الخارجي، فقال لي: «حرم من الضأن و من المعز الجبلية، و أحل الأهلية- يعني في الأضاحي- و أحل من الإبل العراب، و من البقر الأهلية، و حرم من البقر الجبلية، و من الإبل البخاتي- يعني في الأضاحي-». قال: فلما انصرفت أخبرته، فقال: أما إنه لولا ما أهرق جده من الدماء، ما اتخذت إماما غيره.

3706/ [6]- و قال علي بن إبراهيم في معنى الآيتين: فهذه التي أحلها الله في كتابه في قوله: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ «3» ثم فسرها في هذه الآية فقال: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ. و

قال (صلى الله عليه و آله) في قوله: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ: «عنى الأهلي و الجبلي وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ عنى الأهلي، و الوحشي الجبلي وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ يعني الأهلي، و الوحشي الجبلي وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ يعني البخاتي و العراب، فهذه أحلها الله».

سورة الأنعام(6): آية 145 ..... ص : 489

قوله تعالى:

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [145]

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 381/ 117.

6- تفسير القمّي 1: 219.

(1) قائل (و كتبت) هو الراوي عن أيّوب، و الذي أسقط أسانيد تفسير العيّاشي أسقط اسمه أيضا.

(2) تفسير العيّاشي 1: 381/ 116. [.....]

(3) الزمر 39: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 490

3707/ [1]- ثم قال علي بن إبراهيم: و قد احتج قوم بهذه

الآية قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فتأولوا هذه الآية أنه ليس شي ء محرما إلا هذا، و أحلوا كل شي ء من البهائم: القردة و الكلاب و السباع و الذئاب و الأسد و البغال و الحمير و الدواب، و زعموا أن ذلك كله حلال لقول الله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ و غلطوا في هذا غلطا بينا. و إنما هذه الآية رد على ما أحلت العرب و حرمت، لأن العرب كانت تحلل على نفسها أشياء، و تحرم أشياء، فحكى الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله) ما قالوا، فقال: وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ «1» فكان إذا سقط الجنين حيا أكله الرجال و حرم على النساء، و إذا كان ميتا أكله الرجال و النساء، و هو قوله: وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ.

3708/ [2]- الشيخ: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الجريث «2»، فقال: «و ما الجريث؟» فنعته له، فقال: «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ» إلى آخر الآية. ثم قال: «لم يحرم الله تعالى شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه، و يكره كل شي ء من البحر ليس له قشر مثل الورق، و

ليس بحرام و إنما هو مكروه».

3709/ [3]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجري، و المار ما هي، و الزمير، و ما ليس «3» له قشر من السمك، حرام هو؟

فقال لي: «يا محمد، اقرأ هذه الآية التي في الأنعام: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً». قال: فقرأتها حتى فرغت منها، فقال: «إنما الحرام ما حرم الله و رسوله في كتابه، و لكنهم قد كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها».

3710/ [4]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل عن سباع الطير و الوحش حتى ذكر له القنافذ، و الوطواط، و الحمير، و البغال، و الخيل، فقال: «ليس الحرام إلا ما حرم الله في كتابه، و قد نهى رسول

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 219.

2- التهذيب 9: 5: 15.

3- التهذيب 9: 6/ 16.

4- تفسير العيّاشي 1: 382/ 118.

(1) الأنعام 6: 139.

(2) الجرّيث: ضرب من السمك معروف، يقال له: الجريّ. «لسان العرب- جرث- 2: 128».

(3) (ليس) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 491

الله (صلى الله عليه و آله) يوم خيبر عن أكل لحوم الحمير، و إنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوها. و ليس الحمير بحرام».

و قال: «اقرأ هذه الآيات: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ».

3711/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أصحاب المغيرة يكتبون إلي أن أسأله عن الجري و

المارماهي و الزمير و ما ليس له قشر من السمك، حرام هو أم لا؟ قال: فسألته عن ذلك، فقال: «يا محمد، اقرأ هذه الآية التي في الأنعام: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ». قال: فقرأتها حتى فرغت منها، فقال: «إنما الحرام ما حرم الله في كتابه، و لكنهم كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها».

3712/ [6]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الجري، فقال: «و ما الجري؟» فنعته له. قال: فقال:

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلى آخر الآية، ثم قال: «لم يحرم الله شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه، و يكره كل شي ء من البحر ليس فيه قشر».

قال: قلت: و ما القشر؟ قال: «الذي مثل الورق، و ليس هو بحرام إنما هو مكروه».

قوله تعالى:

فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [145] مر تفسيره في سورة البقرة «1».

سورة الأنعام(6): الآيات 146 الي 151 ..... ص : 491

قوله تعالى:

وَ عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما- إلى قوله تعالى- تَعْقِلُونَ [146- 151]

3713/ [1]- العياشي: عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «حرم على بني إسرائيل كل ذي ظفر

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 1: 382/ 119.

6- تفسير العيّاشي 1: 383/ 120.

1- تفسير العيّاشي 1: 383/ 121.

(1) تقدّم في تفسير الآية (173) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 492

و الشحوم إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ».

3714/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ يعني اليهود،

حرم الله عليهم لحوم الطير، و حرم عليهم الشحوم- و كانوا يحبونها- إلا ما كان على ظهور الغنم أو في جانبه خارجا من البطن، و هو قوله: حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أي في الجنبين أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ و معنى قوله: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ أنه كان ملوك بني إسرائيل يمنعون فقراءهم من أكل لحم الطير و الشحوم، فحرم الله ذلك عليهم ببغيهم على فقرائهم.

ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَ لا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ثم قال: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ شَيْ ءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا يا محمد قُلْ لهم هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ. ثم قال: قُلْ لهم فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ.

3715/ [3]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن محمد- يعني الشيخ المفيد- قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني محمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهم السلام) و قد سئل عن قوله تعالى: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ.

فقال: «إن الله تبارك و تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أ كنت عالما؟ فإن قال: نعم، قال له: أ فلا عملت بما علمت؟ و إن قال: كنت جاهلا، قال له: أ فلا تعلمت حتى تعمل، فيخصمه، فتلك الحجة البالغة».

3716/ [4]- العياشي: عن الحسين، قال: سمعت أبا

طالب القمي يروي عن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نحن الحجة البالغة على من دون السماء و فوق الأرض».

3717/ [5]- العلامة الحلي في (الكشكول): عن أحمد بن عبد الرحمن الناوردي «1»، يوم الجمعة في شهر رمضان، سنة عشرين و ثلاث مائة، قال: قال الحسين بن العباس، عن المفضل الكرماني، قال: حدثني محمد بن صدقة، قال: قال محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سألت مولاي جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ.

فقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «الحجة البالغة: التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله «2» كما يعلمها العالم بعلمه، لأن الله تعالى أكرم و أعدل من أن يعذب أحدا إلا بحجة». ثم تلا جعفر بن محمد (عليهما السلام):

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 220.

3- الأمالي 1: 8. [.....]

4- تفسير العيّاشي 1: 383/ 122.

5- الكشكول فيما جرى على آل الرسول: 179- 185 للسيّد حيدر بن عليّ الآملي، و قد أشرنا إلى نسبة الكتاب في المقدمة فراجع.

(1) في المصدر: محمّد بن أحمد بن عبد الرحمن البارودي، و في «ط»: الناروندي.

(2) في المصدر: بعلمه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 493

وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ «1».

ثم أنشأ جعفر بن محمد (عليهما السلام) محدثا يقول: «ما مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا بعد إكمال الدين و إتمام النعمة و رضا الرب، و أنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله) بكراع الغميم «2»: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ

رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «3» لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خاف الارتداد من المنافقين الذين كانوا يسرون عداوة علي (عليه السلام)، و يعلنون موالاته خوفا من القتل، فلما صار النبي (صلى الله عليه و آله) بغدير خم بعد انصرافه من حجة الوداع، انتصب للمهاجرين و الأنصار قائما يخاطبهم، فقال بعد ما حمد الله و أثنى عليه: معاشر المهاجرين و الأنصار، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم اشهد. ثلاثا. ثم قال: يا علي. فقال: لبيك يا رسول الله. فقال له: قم، فإن الله أمرني أن أبلغ فيك رسالاته، أنزل بها جبرئيل يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ.

فقام إليه علي (عليه السلام)، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بضبعه «4» فشاله، حتى رأى الناس بياض إبطيهما، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله- فأول قائم قام من المهاجرين و الأنصار عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة. فنزل جبرئيل (عليه السلام) بقول الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «5»- فبعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا اليوم أكمل الله لكم معاشر المهاجرين و الأنصار دينكم، و أتم عليكم نعمته، و رضي لكم الإسلام دينا، فاسمعوا له و أطيعوا له تفوزوا. و اعلموا أن مثل علي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها

نجا، و من تخلف عنها غرق، و من تقدمها مرق، و مثل علي فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله كان آمنا و نجا، و من تخلف عنه هلك و غوى.

فما مر على المنافقين يوم كان أشد عليهم منه، و قد كان المنافقون يعرفون على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) ببغض علي (عليه السلام)، فأنزل على نبيه (صلى الله عليه و آله): أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ «6»، وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ «7» و السر بغض علي (عليه السلام)، فماج الناس في ذلك القول من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام)، و قالوا فأكثروا القول.

__________________________________________________

(1) التوبة 9: 115.

(2) كراع الغميم: موضع بالحجاز بين مكّة و المدينة. «معجم البلدان 4: 443».

(3) المائدة 5: 67.

(4) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها، و شال الشي ء: رفعه.

(5) المائدة 5: 3.

(6) محمّد 47: 29- 30.

(7) محمّد 47: 26.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 494

فلما انصرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة خطب أصحابه، و قال: إن الله تعالى اختص عليا بثلاث خصال لم يعطها أحد من الأولين و الآخرين، فاعرفوها، فإنه الصديق الأكبر، و الفاروق الأعظم، أيد الله به الدين و أعز به الإسلام و نصر به نبيكم.

فقام إليه عمر بن الخطاب، و قال: ما هذه الخصال الثلاث التي أعطاها الله عليا، و لم يعطها أحدا من الأولين و الآخرين؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اختص عليا بأخ مثل نبيكم محمد خاتم النبيين ليس

لأحد أخ مثلي، و اختصه بزوجة مثل فاطمة و لم يختص أحدا بزوجة مثلها، و اختصه بابنين مثل الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة و ليس لأحد ابنان مثلهما، فهل تعلمون له نظيرا، أو تعرفون له شبيها؟

إن جبرئيل نزل علي يوم احد فقال: يا محمد، اسمع: لا سيف إلا ذو الفقار، و لا فتى إلا علي يعلمني أنه لا سيف كسيف علي، و لا فتى هو كعلي، و قد نادى قبل ذلك يوم بدر ملك يقال له رضوان، من السماء الدنيا، لا سيف إلا ذو الفقار، و لا فتى إلا علي.

إن عليا سيد المتقين «1» و إمام المؤمنين، و قائد الغر المحجلين، لا يبغضه من قريش إلا دعي، و لا من العرب إلا سفحي، و لا من سائر الناس إلا شقي، و لا من سائر النساء إلا سلقلقية «2».

إن الله عز و جل جعل عليا للناس بين المهاجرين و الأنصار، و بين خلقه [و بينه ، فمن عرفه و والاه كان مؤمنا، و من جهله و لم يواله و لم يعاد من عاداه كان ضالا، أ فآمنتم يا معاشر المسلمين. يقولها ثلاثا. قالوا: آمنا و سلمنا يا رسول الله. فآمنوا بعلي بألسنتهم، و كفروا بقلوبهم، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله): يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «3» فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك بمشهد من أصحابه: لم يحبك- يا علي- من أصحابي إلا مؤمن تقي، و لا يبغضك إلا منافق شقي، و أنت- يا علي- و شيعتك الفائزون يوم القيامة، إن شيعتك يردون علي

الحوض بيض وجوههم، [و شيعة عدوك من أمتي يردون علي الحوض سود الوجوه ، فتسقي أنت شيعتك، و تمنع عدوك. فأنزل الله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ بموالاة علي و معاداة علي فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «4».

فلما نادى [بها] رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال المنافقون: ألا إن محمدا لا يزال يرفع بضبع علي، و يتلو علينا آية من القرآن بعد آية [غواية] و ترجيحا له علينا. ثم اجتمعوا ليلا. فقالوا: إن محمدا خدعنا عن ديننا الذي كنا عليه [في الجاهلية]، فقال: من قال لا إله إلا الله فله ما لنا و عليه ما علينا. و الآن قد خالف هذا القول إلى غيره، فقام خطيبا فقال: أنا سيد ولد آدم و لا فخر. فحملناها، ثم قال: علي سيد العرب. ثم فضله على جميع العالمين من الأولين

__________________________________________________

(1) في «س»: الثقلين.

(2) السّلقلقيّة: المرأة التي تحيض من دبرها. «لسان العرب- سلق- 10: 163».

(3) المائدة 5: 41. [.....]

(4) آل عمران 3: 106- 107.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 495

و الآخرين، فقال: علي خير البشر و من أبى فقد كفر. ثم قال: فاطمة سيدة نساء العالمين. ثم قال: الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة. ثم قال: حمزة سيد الشهداء، و جعفر ذو الجناحين يطير بهما مع الملائكة حيث يشاء، و العباس- عمه- جلدة بين عينيه و صنو أبيه، و له السقاية في دار الدنيا [و بني شيبة لهم السدانة، فجمع خصال الخير و منازل الفضل و الشرف في الدنيا] و الآخرة له و لأهل بيته

خاصة، و جعلنا من أتباعه و أتباع أهل بيته.

فقال النضر بن الحارث الفهري: إذا كان غد اجتمعوا عند رسول الله حتى أقبل أنا و أتقاضاه ما وعدنا به في بدء الإسلام، و انظر ما يقول، ثم نحتج «1». فلما أصبحوا فعلوا ذلك، فأقبل النضر بن الحارث فسلم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال: يا رسول الله، إذا كنت أنت سيد ولد آدم، و أخوك سيد العرب، و ابنتك فاطمة سيدة نساء العالمين، و ابناك الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة، و عمك حمزة سيد الشهداء، و ابن عمك ذو الجناحين يطير مع الملائكة حيث يشاء، و عمك جلدة بين عينيك و صنو أبيك، و بنو شيبة «2» لهم السدانة، فما لسائر قريش و العرب؟ فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا كنا آمنا بما تقول كان لنا مالك و علينا ما عليك. فأطرق رسول الله (صلى الله عليه و آله) طويلا ثم رفع رأسه، فقال: ما أنا و الله فعلت بهم هذا، بل الله فعل بهم هذا، فما ذنبي؟! فولى النضر بن الحارث و هو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فأنزل الله مقالة النضر بن الحارث، و نزلت هذه الآية وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ إلى قوله: وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «3» فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى النضر بن الحارث الفهري، فأحضره و تلا عليه الآية، فقال: يا رسول الله، إني قد أسررت ذلك جميعه، أنا و من لم تجعل له ما جعلته لك و لأهل بيتك من الشرف و الفضل

في الدنيا و الآخرة، فقد أظهر الله ما أسررنا به، أما أنا فإني أسألك أن تأذن لي فأخرج من المدينة، فإني لا أطيق المقام [بها]. فوعظه النبي (صلى الله عليه و آله) [و قال : إن ربك كريم، فإن أنت صبرت و تصابرت لم يخلك من مواهبه، فارض و سلم، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره، و يخفف عمن يشاء، و له الخلق و الأمر، مواهبه عظيمة، و إحسانه واسع. فأبى النضر بن الحارث، و سأله الإذن، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فأقبل إلى بيته، و شد على راحلته ثم ركبها مغضبا و هو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فلما صار بظهر المدينة و إذا بطير في مخلبه جندلة «4» فأرسلها عليه، فوقعت على هامته، ثم دخلت في دماغه، و خرجت من جوفه «5»، و وقعت على ظهر راحلته، و خرجت من بطنها، فاضطربت الراحلة و سقطت، و سقط النضر بن الحارث من عليها ميتين، فأنزل الله تعالى:

__________________________________________________

(1) في «ط»: نبخبخ، و لعله المراد: نفخم الأمر و نعظمه.

(2) في «س»، «ط»: و ابن شيبة له.

(3) الأنفال 8: 33.

(4) في «س»، «ط»: حجر فجدله، و هو تصحيف، و لعل كلمة (حجر) كانت في حاشية بعض النسخ كتوضيح لمعنى (جندلة)- إذ الجندلة:

الحجر- ثم أدخلها النساخ في المتن، و ما أثبتناه من المصدر.

(5) في المصدر: و خرت في جوفه حتى خرجت من دبره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 496

سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ «1».

فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك إلى

المنافقين الذين اجتمعوا ليلا مع النضر بن الحارث فتلا عليهم الآية، و قال: اخرجوا إلى صاحبكم الفهري حتى تنظروا إليه. فلما رأوه انتحبوا و بكوا، و قالوا: من أبغض عليا و أظهر بغضه قتله علي بسيفه، و من خرج من المدينة بغضا لعلي أنزل الله عليه ما نرى، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل من شيعة علي، مثل سلمان و أبي ذر و المقداد و عمار و أشباههم من ضعفاء الشيعة.

فأوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) ما قالوا، فلما انصرفوا إلى المدينة أعلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحلفوا بالله كاذبين أنهم لم يقولوا، فأنزل الله فيهم: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ بظاهر القول لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إنا قد آمنا و أسلمنا لله و للرسول فيما أمرنا به من طاعة علي وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا من قتل محمد (صلى الله عليه و آله) ليلة العقبة، و إخراج ضعفاء الشيعة من المدينة بغضا لعلي، و تغيضا عليه وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ بسيف علي في حروب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و فتوحه فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَ إِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ «2» فلما تلاها رسول الله (صلى الله عليه و آله) قالوا: تبنا يا رسول الله، بألسنتهم دون قلوبهم.

فلما اجتمعوا أيضا قالوا: إنا لا نسر في أمر علي و أهل بيته و أتباعه شيئا إلا أظهره الله على محمد، فتلاه

علينا، فقد خطبنا محمد، فقال في كلمته: أيها الناس، لم تكن نبوة الأنبياء إلا نسخت بعد نبيها ملكا و جبروتا. فليت لنا في هذا الملك نصيبا «3»، إذا لم يكن لنا في الآخرة ملك، و لا نحن من شيعة علي، و إنما نظر موالاته و الإيمان به ليكون لنا في الأرض وليا و نصيرا، و أما في السماء فلا حاجة لنا به، لا إلى علي و لا إلى غير علي، و إن محمدا يخبرنا أن الملك من بعده لا يستتم «4» [لأحد] من أمته حتى يوالي عليا و ينصره و يعينه، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله):

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ «5» أي علي و شيعته نَقِيراً أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً «6» كما آتينا محمدا و آل محمد في الدنيا و الآخرة فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً «7».

فخطب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ذلك أصحابه فقال لهم: معاشر المهاجرين و الأنصار، ما بال أصحابي إذا ذكر لهم إبراهيم [و آل إبراهيم تهللت وجوههم و استبشرت قلوبهم، و إذا ذكر محمد و آل محمد تغيرت

__________________________________________________

(1) المعارج 70: 1- 3.

(2) التوبة 9: 74.

(3) في «س»، «ط»: نبوة الأنبياء ينسحب بعدها ملك و خير و ما قبلنا في هذا الملك نصيب.

(4) في المصدر: لا يثبت.

(5) النّساء 4: 53.

(6) النّساء 4: 54.

(7) النّساء 4: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 497

وجوههم و ضاقت صدورهم؟ إن الله تعالى لم يعط إبراهيم و آل إبراهيم شيئا

إلا أعطى محمدا و آل محمد مثله، و نحن في الحقيقة آل إبراهيم. إن الله ما اصطفى نبيا إلا اصطفى آل [ذلك النبي، فجعل منهم الصديقين و الشهداء و الصالحين. هذا جبرئيل (عليه السلام) يتلو علي من ربي ما توهمتم و طويتم و أسررتم و أعلنتم فيما بينكم من أمر آل محمد، ثم تلا عليهم أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً فحلفوا بالله كاذبين أنهم لم يسروا و لم يعلنوا فيما بينهم. فأنزل الله: قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ «1» أي لو كنت عندهم يا رسول الله ما حلفوا بالله كاذبين اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ «2»».

3718/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: فَلَوْ شاءَ الله لَهَداكُمْ أي جمعكم على أمر واحد، و لكن جعلكم على اختلاف. ثم قال: قُلْ يا محمد لهم: هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا و هو معطوف على قوله: وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ «3» ثم قال: فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ هُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ. ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): قُلْ لهم تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.

3719/ [7]- العياشي: عن أبي بصير، قال: كنت جالسا عند أبي جعفر (عليه السلام) و هو متكئ على فراشه إذ قرأ الآيات المحكمات التي لم ينسخهن شي ء من الأنعام و قال: «شيعها سبعون

ألف ملك: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً».

3720/ [8]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليه)، قال: الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ، قال: «ما ظهر منها: نكاح امرأة الأب، و ما بطن: الزنا».

3721/ [9]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، قال: الوالدان: رسول الله و أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما).

3722/ [10]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ إلى قوله: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ فهذا كله محكم.

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 220. [.....]

7- تفسير العيّاشي 1: 383/ 123.

8- تفسير العيّاشي 1: 383/ 124.

9- تفسير القمّي 1: 220.

10- تفسير القمّي 1: 220.

(1) المنافقون 63: 1.

(2). 63: 2- 3.

(3) الأنعام 6: 139.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 498

سورة الأنعام(6): الآيات 153 الي 157 ..... ص : 498

قوله تعالى:

وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ- إلى قوله تعالى- بِما كانُوا يَصْدِفُونَ [153- 157] 3723/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً قال: الصراط المستقيم: الإمام فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ يعني غير الإمام فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ يعني تفترقون و تختلفون في الإمام.

3724/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، قال: «نحن السبيل، فمن أبى فهذه السبل «1»».

3725/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن علي بن أسباط، عن محمد بن

الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ. قال: «هو و الله علي، هو و الله الصراط و الميزان».

3726/ [4]- العياشي، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ قال: «أ تدري ما يعني ب صِراطِي مُسْتَقِيماً؟» قلت: لا. قال: «ولاية علي و الأوصياء (عليهم السلام)». قال: «و تدري ما يعني فَاتَّبِعُوهُ؟» قال: قلت: لا. قال: «يعني علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)». قال: «و تدري ما يعني وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ؟». قلت: لا. قال: «ولاية فلان و فلان، و الله». قال: «و تدري ما يعني فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ؟». قلت: لا. قال: «يعني سبيل علي (عليه السلام)».

3727/ [5]- عن سعد، عن أبي جعفر (عليه السلام) وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ، قال: «آل محمد (صلى الله عليه و آله) الصراط الذي دل عليه».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 221.

2- تفسير القمّي 1: 221.

3- بصائر الدرجات: 99/ 9.

4- تفسير العيّاشي 1: 383/ 125.

5- تفسير العيّاشي 1: 384/ 126.

(1) في نسخة من المصدر: فقد كفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 499

3728/ [6]- ابن الفارسي في (الروضة): قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، قال: «سألت الله أن يجعلها لعلي ففعل».

3729/ [7]- شرف الدين النجفي في (تأويل الآيات الباهرة)، قال: تأويله ما ذكره علي بن إبراهيم في (تفسيره)، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى

الحلبي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ.

قال: «طريق الإمامة فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ أي طرقا غيرها ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».

3730/ [8]- ثم قال شرف الدين: و ذكر علي بن يوسف بن جبير في كتاب (نهج الإيمان)، قال: الصراط المستقيم هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذه الآية. لما رواه إبراهيم الثقفي في كتابه، بإسناده إلى أبي برزة «1» الأسلمي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، قال: «2» «سألت الله أن يجعلها لعلي ففعل».

قلت: و روى ابن شهر آشوب في (المناقب) هذا الحديث عن إبراهيم الثقفي بإسناده عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، الحديث بعينه «3».

3731/ [9]- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحكم و علي (عليه السلام) بين يديه مقابله، و رجل عن يمينه، و رجل عن شماله، فقال (صلى الله عليه و آله): «اليمين و الشمال مضلة «4»، و الطريق المستوي الجادة» ثم أشار بيده: و أن هذا صراط علي مستقيما فاتبعوه.

3732/ [10]- و عن جابر بن عبد الله: أن النبي (صلى الله عليه و آله) هيأ أصحابه عنده، إذ قال و أشار بيده إلى علي (عليه السلام): وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ.

3733/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أي كي تتقوا. ثم قال: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ يعني تم

له الكتاب لما أحسن وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ

__________________________________________________

6- روضة الواعظين: 106. [.....]

7- تأويل الآيات 1: 167/ 9.

8- تأويل الآيات 1: 167/ 10.

9- المناقب 3: 74.

10- المناقب 3: 74.

11- تفسير القمي 1: 221.

(1) في «س»، «ط» و المصدر: أبي بريدة، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر ترجمته في الطبقات الكبرى 4: 298، اسد الغابة 5: 146، سير أعلام النبلاء 3: 40، معجم رجال الحديث 21: 43.

(2) في «س»: قد.

(3) المناقب 3: 72.

(4) في «س»: معطلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 500

هو محكم.

قال: و قوله: وَ هذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ يعني القرآن مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَ اتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ يعني كي ترحموا. قال: و قوله: أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَ إِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ يعني اليهود و النصارى و إن كنا لم ندرس كتبهم.

و قوله تعالى: أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ يعني قريشا، قالوا: لو انزل علينا الكتاب لكنا أهدى و أطوع منهم فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ يعني القرآن فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَ صَدَفَ عَنْها يعني دفع عنها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا أي يدفعون و يمنعون عن آياتنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ.

سورة الأنعام(6): آية 158 ..... ص : 500

قوله تعالى:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ [158]

3734/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)،

في قوله: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ قال: «نزلت: أو اكتسبت» فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ، قال: «إذا طلعت الشمس من مغربها فكل من آمن في ذلك اليوم لا ينفعه إيمانه».

3735/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ «يعني في الميثاق» أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً، قال: «الإقرار بالأنبياء و الأوصياء و أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة» قال: «لا ينفع نفسا إيمانها لأنها سلبت».

3736/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 221.

2- الكافي 1: 355/ 81.

3- كمال الدين و تمام النعمة: 336/ 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 501

الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال في قول الله عز و جل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ.

فقال (عليه السلام): «الآيات: الأئمة، و الآية المنتظرة: القائم (عليه السلام)، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف، و إن آمنت بمن تقدم «1» من آبائه (عليهم السلام)».

3737/ [4]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رحمه الله)، قال: حدثنا جعفر بن محمد «2» بن مسعود، و حيدر بن محمد بن نعيم

السمرقندي جميعا، [عن محمد بن مسعود العياشي، قال:

حدثني علي بن محمد بن شجاع «3»، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) في قول الله عز و جل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً: «يعني خروج القائم المنتظر منا». ثم قال (عليه السلام): «يا أبا بصير، طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته، و المطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله، الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون».

3738/ [5]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلي، عن عبد الله ابن سليمان العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما زالت الأرض إلا و لله فيها حجة يعرف الحلال و الحرام، و يدعو إلى سبيل الله، و لا تنقطع الحجة من الأرض إلا أربعين يوما قبل يوم القيامة، فإذا رفعت الحجة اغلق باب التوبة و لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجة، و أولئك شرار من خلق الله، و هم الذين تقوم عليهم القيامة».

3739/ [6]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب (مناقب فاطمة (عليها السلام))، قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام «4»، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أيوب ابن نوح، عن الربيع بن محمد المسلي «5»، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما تزال

__________________________________________________

4- كمال الدين و تمام

النعمة: 357/ 54، ينابيع المودة: 422.

5- المحاسن: 236/ 202. [.....]

6- دلائل الإمامة: 229.

(1) في المصدر: تقدمه.

(2) في «س»، «ط» و المصدر: محمّد بن جعفر، و هو سهو، راجع رجال الشيخ الطوسي: 459/ 10 و معجم رجال الحديث 4: 121.

(3) أثبتناه من المصدر و هو الصواب كما في طريق الصدوق إلى العيّاشي، راجع رجال الكشي: 434/ 820 و معجم رجال الحديث 17: 230.

(4) في «س»، «ط»: عليّ بن محمّد بن همّام، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 379/ 1032، رجال الشيخ الطوسي:

494/ 20، معجم رجال الحديث 14: 232.

(5) في «ط»: الربيع بن محمّد السلمي، و في المصدر: الربيع بن السكن، تصحيف صوابه ما في المتن، نسبة إلى مسلية و هي قبيلة من مذحج، راجع رجال النجاشي: 164/ 433 و معجم رجال الحديث 7: 173.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 502

الأرض إلا و لله فيها حجة يعرف الحلال و الحرام، و يدعو الناس إلى سبيل الله، و لا تنقطع من الأرض إلا أربعين يوما قبل يوم القيامة، فإذا رفعت الحجة اغلق باب التوبة و لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجة، و أولئك من شرار خلق الله، و هم الذين تقوم عليهم القيامة».

3740/ [7]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي جعفر محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الناس يوشكون أن ينقطع بهم العمل و يسد عليهم باب التوبة لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً».

3741/ [8]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في

قوله: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها، قال: «طلوع الشمس من المغرب، و خروج الدابة، و الدخان «1»، و الرجل يكون مصرا و لم يعمل عمل «2» الإيمان، ثم تجي ء الآيات فلا ينفعه إيمانه».

3742/ [9]- عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: «سأل رجل أبي (عليه السلام) عن حروب أمير المؤمنين (عليه السلام) و كان السائل من محبينا، قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف: ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى «3» أن تضع الحرب أوزارها، و لن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلهم في ذلك اليوم، فيومئذ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً».

3743/ [10]- عن أبي بصير «4»، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً.

قال: «المؤمن العاصي حالت «5» بينه و بين إيمانه كثرة ذنوبه و قلة حسناته فلم يكسب في إيمانه خيرا».

سورة الأنعام(6): آية 159 ..... ص : 502

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْ ءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ [159]

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 384/ 127.

8- تفسير العيّاشي 1: 384/ 128.

9- تفسير العيّاشي 1: 385/ 129.

10- تفسير العيّاشي 1: 385/ 130.

(1) في المصدر: الدجال.

(2) في المصدر: على.

(3) في المصدر: إلّا.

(4) في المصدر: عمرو بن شمر. [.....]

(5) في المصدر: المؤمن حالت المعاصي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 503

3744/ [1]- علي بن إبراهيم، قال في قوله: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْ ءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ

بِما كانُوا يَفْعَلُونَ قال: فارقوا أمير المؤمنين (عليه السلام) و صاروا أحزابا.

3745/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً، قال: «فارق القوم و الله دينهم».

3746/ [3]- العياشي: عن كليب الصيداوي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً، قال: «كان علي يقرأها: فارقوا دينهم» قال: «فارق و الله القوم دينهم».

سورة الأنعام(6): آية 160 ..... ص : 503

قوله تعالى:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ [160]

3747/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن القاسم بن محمد، عن العيص، عن نجم بن حطيم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من نوى الصوم ثم دخل على أخيه فسأله أن يفطر عنده فليفطر و ليدخل عليه السرور، فإنه يحتسب له بذلك اليوم عشرة أيام، و هو قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

3748/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن الصوم في الحضر، فقال: «ثلاثة أيام في كل شهر: الخميس من جمعة، و الأربعاء من جمعة، و الخميس من جمعة اخرى». و قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صيام شهر الصبر، و ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدر، و صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، إن الله عز و جل يقول: مَنْ جاءَ

بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 222.

2- تفسير القمّي 1: 222.

3- تفسير العيّاشي 1: 385/ 131.

4- الكافي 4: 150/ 2.

5- الكافي 4: 92/ 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 504

3749/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الصيام في الشهر كيف هو؟

قال: «ثلاث في الشهر في كل عشرة يوم، إن الله تبارك و تعالى يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «1»».

3750/ [4]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) و أنا جالس عن قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها يجري لهؤلاء ممن لا يعرف منهم هذا الأمر؟ فقال: «إنما هي «2» للمؤمنين خاصة».

فقلت له: أصلحك الله، أ رأيت من صام و صلى و اجتنب المحارم و حسن ورعه ممن لا يعرف و لا ينصب؟

فقال: «إن الله يدخل أولئك الجنة برحمته».

3751/ [5]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يقول: ويل لمن غلبت آحاده أعشاره».

فقلت له: و كيف هذا؟ فقال: «أما سمعت الله عز و جل يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها؟ فالحسنة الواحدة إذا عملها كتبت له عشرا، و السيئة الواحدة إذا عملها كتبت له واحدة، فنعوذ بالله ممن يرتكب في يوم واحد عشر

سيئات و لا تكون له حسنة واحدة فتغلب حسناته سيئاته».

3752/ [6]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن أحمد بن هارون القاضي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن سعد «3»، عن بكر بن محمد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الناس في الجمعة على ثلاثة منازل: رجل شهدها بإنصات و سكون قبل الإمام، و ذلك كفارة لذنوبه من الجمعة إلى الجمعة الثانية، و زيادة ثلاثة أيام، لقول الله تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها و رجل شهدها بلغط و قلق، فذلك حظه. و رجل شهدها و الإمام يخطب و قام يصلي، فقد أخطأ السنة، و ذلك ممن إذا سأل الله تعالى إن شاء أعطاه، و إن شاء حرمه».

__________________________________________________

3- الكافي 4: 93/ 7.

4- المحاسن: 158/ 94.

5- معاني الأخبار: 248/ 1.

6- الأمالي 2: 44.

(1) في المصدر زيادة: ثلاثة أيّام في الشهر صوم الدهر.

(2) في المصدر: هذه.

(3) في «س»، «ط»: أحمد بن محمّد بن سعيد، فتوهّم أنّه ابن عقدة، و الصواب ما في المتن، أحمد بن إسحاق بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعري، روى عن بكر بن محمّد الأزدي. راجع معجم رجال الحديث 2: 46 و 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 505

3753/ [7]- العياشي: عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من صام ثلاثة أيام في الشهر فقيل له: أنت صائم الشهر كله؟ فقال: نعم، فقد صدق، لأن الله تعالى يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

3754/ [8]- عن زرارة و حمران «1» و محمد بن مسلم، عن

أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالوا: سألناهما عن قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها أ هي لضعفاء المسلمين؟

قالا: «لا، و لكنها للمؤمنين، و إنه لحق على الله أن يرحمهم».

3755/ [9]- عن الحسين بن سعيد، يرفعه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «صيام شهر الصبر، و ثلاثة أيام في كل شهر يذهبن بلابل الصدر، و صيام ثلاثة أيام في كل شهر صيام الدهر مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

3756/ [10]- عن بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمد، قال: سألته: كيف يصنع في الصوم، صوم السنة؟

فقال: «صوم ثلاثة أيام في الشهر: خميس من عشر، و أربعاء من عشر، و خميس من عشر، و الأربعاء بين الخميسين، إن الله يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر».

3757/ [11]- عن علي بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها من ذلك صيام ثلاثة أيام في كل شهر».

3758/ [12]- قال محمد بن عيسى: في رواية شريف، عن محمد بن علي (عليهما السلام)- و ما رأيت محمديا مثله قط-: «الحسنة التي عنى الله ولايتنا أهل البيت، و السيئة عداوتنا أهل البيت».

3759/ [13]- عن محمد بن حكيم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من نوى الصوم ثم دخل على أخيه فسأله أن يفطر عنده فليفطر، و ليدخل عليه السرور، فإنه يحسب له بذلك اليوم عشرة أيام، و هو قول الله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها».

3760/ [14]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى جعل لآدم ثلاث خصال في ذريته: جعل

لهم أن من هم منهم بحسنة و لم يعملها كتبت له حسنة، و من هم بحسنة فعملها كتبت له بها عشر حسنات، و من هم بالسيئة و لم يعملها لا يكتب عليه، و من عملها كتبت عليه سيئة واحدة، و جعل لهم التوبة حتى

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 385/ 132. [.....]

8- تفسير العيّاشي 1: 386/ 133.

9- تفسير العيّاشي 1: 386/ 134.

10- تفسير العيّاشي 1: 386/ 135.

11- تفسير العيّاشي 1: 386/ 136.

12- تفسير العيّاشي 1: 386/ 137.

13- تفسير العيّاشي 1: 386/ 138.

14- تفسير العيّاشي 1: 387/ 139.

(1) (و حمران) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 506

تبلغ الروح حنجرة الرجل.

فقال إبليس: يا رب، جعلت لآدم ثلاث خصال، فاجعل لي مثل ما جعلت له. فقال: قد جعلت لك لا يولد له مولود إلا ولد لك مثله، و جعلت لك أن تجري منهم مجرى الدم في العروق، و جعلت لك أن جعلت صدورهم أوطانا و مساكن لك. فقال إبليس: يا رب حسبي».

3761/ [15]- عن زرارة، عنه (عليه السلام) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها قال: «من ذكرهما فلعنهما كل غداة كتب الله له سبعين حسنة و محا عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات».

3762/ [16]- عن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «صيام شهر الصبر، و ثلاثة أيام في كل شهر يذهب بلابل الصدر، و صيام ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر، إن الله يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها».

3763/ [17]- علي بن الحسن، قال: وجدت في كتاب إسحاق بن عمر، في كتاب أبي، و ما أدري سمعه عن ابن يسار، عن أبيه، عن أبي عبد الله

(عليه السلام) قال: «يا يسار، تدري ما صيام ثلاثة أيام؟» قال: قلت: جعلت فداك، ما أدري. قال: «أتى بها «1» رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين قبض يوم خميس من أول الشهر، و أربعاء في أوسطه، و خميس في آخره، ذلك قول الله مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها هو الدهر صائم لا يفطر».

ثم قال: «ما أغبط عندي الصائم، يظل في طاعة الله، و يمسي يشتهي الطعام و الشراب! إن الصوم ناصر للجسد و حافظ و راع له».

3764/ [18]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «صام رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى قيل ما يفطر، ثم أفطر حتى قيل ما يصوم، ثم صام صوم داود (عليه السلام)، يوما و يوما لا، ثم قبض (عليه السلام) على صيام ثلاثة أيام من الشهر، و قال:

إنهن يعدلن صوم الدهر «2»، و يذهبن بوحر الصدر».

قال حماد: فقلت: ما الوحر؟ فقال: «الوحر: الوسوسة».

فقلت: أي الأيام هي؟ قال: «أول خميس في الشهر، و أول أربعاء بعد العشر، و آخر خميس فيه».

فقلت: لم «3» صارت هذه الأيام التي تصام؟ فقال: «إن من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحدهم العذاب،

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 1: 387/ 140.

16- تفسير العيّاشي 1: 387/ 141.

17- تفسير العيّاشي 1: 387/ 142.

18- الكافي 4: 89/ 1.

(1) زاد في «ط»: و المصدر: إلى، و في نسخة بدل: الهاني.

(2) في المصدر: الشهر. [.....]

(3) في المصدر: كيف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 507

نزل في هذه الأيام «1» المخوفة»

سورة الأنعام(6): الآيات 161 الي 165 ..... ص : 507

قوله تعالى:

قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً

قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [161- 165] 3765/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الحنيفية هي العشرة التي جاء بها إبراهيم (عليه السلام).

3766/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: حَنِيفاً مُسْلِماً «2»، قال: «خالصا مخلصا، ليس فيه شي ء من عبادة الأوثان».

3767/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: حَنِيفاً مُسْلِماً «3»، قال: «خالصا مخلصا لا يشوبه شي ء».

3768/ [4]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «ما أبقت الحنيفية شيئا، حتى أن منها قص الأظفار، و أخذ الشارب، و الختان».

3769/ [5]- عن جابر الجعفي، عن محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «ما من أحد من هذه الأمة يدين بدين إبراهيم (عليه السلام) غيرنا و شيعتنا».

3770/ [6]- عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: «قال رسول

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 222.

2- الكافي 2: 13/ 1.

3- المحاسن: 251/ 269.

4- تفسير العيّاشي 1: 388/ 143.

5- تفسير العيّاشي 1: 388/ 144.

6- تفسير العيّاشي 1: 388/ 145.

(1) في المصدر زيادة: فصام رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) هذه الأيّام.

(2) آل عمران 3: 67.

(3) آل عمران 3: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 508

الله (صلى الله عليه و آله): إن الله عز و جل بعث خليله بالحنيفية، و أمره بأخذ الشارب، و قص الأظفار، و نتف الإبط، و حلق العانة، و الختان».

3771/ [7]- عن عمر بن أبي ميثم، قال: سمعت الحسين بن علي (صلوات الله عليه) يقول: «ما أحد على ملة إبراهيم إلا نحن و شيعتنا، و سائر الناس منها براء».

3772/ [8]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ثم قال: قُلْ لهم يا محمد: أَ غَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَ هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أي لا تحمل آثمة إثم اخرى.

3773/ [9]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي و أحمد بن الحسن القطان و محمد بن أحمد السناني و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب و عبد الله بن محمد الصائغ و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال فيما وصف له من شرائع الدين: «إن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، و لا يكلفها فوق طاقتها، و أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، و الله خالق كل شي ء، و لا نقول بالجبر و لا بالتفويض، و لا يأخذ الله عز و جل البري ء بالسقيم، و لا

يعذب الله عز و جل الأبناء «1» بذنوب الآباء فإنه قال في محكم كتابه: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى و قال عز و جل: وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى «2».

و لله عز و جل أن يعفو و أن يتفضل، و ليس له تعالى أن يظلم، و لا يفرض الله تعالى على عباده طاعة من يعلم أنه يغويهم و يضلهم، و لا يختار لرسالته، و لا يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به و يعبد الشيطان دونه، و لا يتخذ على عباده «3» إلا معصوما».

3774/ [10]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني «4»، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): ما تقول في حديث يروى عن الصادق (عليه السلام) أنه إذا خرج القائم (عليه السلام) قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائهم؟ فقال (عليه السلام): «هو

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 1: 388/ 146.

8- تفسير القمّي 1: 222.

9- التوحيد: 506/ 5، الخصال: 603/ 9.

10- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 273/ 5، علل الشرائع: 229/ 1، ينابيع المودة: 424. [.....]

(1) في «ط» و المصدر: الأطفال.

(2) النجم 53: 39.

(3) في المصدر: على خلقه حجّة.

(4) في «س»: أحمد بن رئاب، عن جعفر الهمداني، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و أحد بن زياد من مشايخ الصدوق و روى عنه كثيرا. راجع معجم رجال الحديث 2: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 509

كذلك».

فقلت: و قول الله عز و جل: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ما معناه؟ قال: «صدق الله تعالى في جميع أقواله، و لكن ذراري قتلة

الحسين (عليه السلام) يرضون بفعال آبائهم و يفتخرون بها، و من رضي شيئا كان كمن أتاه، و لو أن رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله عز و جل شريك القاتل، و إنما يقتلهم القائم (عليه السلام) إذا خرج، لرضاهم بفعل آبائهم».

قال: فقلت له: بأي شي ء يبدأ القائم (عليه السلام) منكم «1»؟ قال: «يبدأ ببني شيبة، و يقطع أيديهم لأنهم سراق بيت الله عز و جل».

3775/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَ رَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ قال: في القدر و المال لِيَبْلُوَكُمْ أي ليختبركم فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.

3776/ [12]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا نقول درجة واحدة، إن الله يقول:

درجات بعضها فوق بعض، إنما تفاضل القوم بالأعمال».

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 1: 222.

12- تفسير العيّاشي 1: 388/ 147.

(1) في «س»، «ط»: فيكم، و في المصدر زيادة: إذا قام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 511

المستدرك (سورة الأنعام) ..... ص : 511

سورة الأنعام(6): آية 32 ..... ص : 511

قوله تعالى:

وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ [32]

[1]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)- في حديث- قال: «يا هشام، ثم وعظ أهل العقل و رغبهم في الآخرة، فقال: وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 11/ 12، تحف العقول: 384.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 515

سورة الأعراف مكية ..... ص : 515

سورة الأعراف فضلها: ..... ص : 515

3777/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة الأعراف في كل شهر كان يوم القيامة من الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، فإن قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيامة، أما إن فيها محكما، فلا تدعوا قراءتها فإنها تشهد يوم القيامة لكل من قرأها».

3778/ [2]- العياشي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الأعراف، في كل شهر كان يوم القيامة من الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، فإن قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيامة».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): أما إن فيها آيا محكمة، فلا تدعوا قراءتها و تلاوتها و القيام بها، فإنها تشهد يوم القيامة لمن قرأها عند ربه».

3779/ [3]- و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة جعل الله يوم القيامة بينه و بين إبليس سترا، و كان لآدم رفيقا، و من كتبها بماء ورد و زعفران و علقها

عليه لم يقربه سبع و لا عدو ما دامت عليه، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 105.

2- تفسير العيّاشي 2: 2/ 1.

3- مصباح الكفعمي: 439 و مجمع البيان 4: 608 (قطعة منه)، خواص القرآن: 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 516

سورة الأعراف(7): آية 1 ..... ص : 516

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ المص [1]

3780/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «المص، معناه أنا الله المقتدر الصادق».

3781/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن حيي بن أخطب، و أخاه أبا ياسر بن أخطب و نفرا من اليهود من أهل نجران أتوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا له: أليس فيما تذكر فيما انزل إليك آلم؟ قال: بلى. قالوا: أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال: نعم. قالوا: لقد بعث الله أنبياء قبلك ما نعلم نبيا منهم أخبر ما مدة ملكه، و ما أكل «1» أمته غيرك».

قال (عليه السلام): «فأقبل حيي بن أخطب على أصحابه فقال لهم: الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، فهذه إحدى و سبعون سنة، فعجب ممن يدخل في دين مدة «2» ملكه و أكل أمته إحدى و سبعون سنة».

قال (عليه السلام): «ثم أقبل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: يا محمد، هل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قال:

هاته. قال: المص

قال: هذا أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، فهذه مائة و إحدى و ستون سنة، ثم قال لرسول الله (صلى الله عليه و آله): هل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قال: هات. قال: الر «3» قال: هذا أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون و الراء مائتان، فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قال: هات. قال:

المر «4» قال: هذا أطول و أثقل، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الراء مائتان، ثم قال: فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم. قال: لقد التبس علينا أمرك، فما ندري ما أعطيت. ثم قاموا عنه، ثم قال أبو ياسر لحيي أخيه:

و ما يدريك لعل محمدا قد أجمع هذا كله و أكثر منه!».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن هذه الآيات أنزلت منهن آيات محكمات هن ام الكتاب، و أخر متشابهات، و هي تجري في وجوه أخر على غير ما تأول به حيي و أبو ياسر و أصحابه».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 22/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 223، سيرة ابن هشام 2: 194 «نحوه».

(1) الأكل: الطعام و الرزق. [.....]

(2) في المصدر: دينه و مدة.

(3) يونس 10: 1، هود 11: 1، يوسف 12: 1، إبراهيم 14: 1، الحجر 15: 1.

(4) الرعد 13: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 517

3782/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السراج، عن خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي، قال: حدثني أبو لبيد البحراني «1»، قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) بمكة فسأله عن مسائل فأجابه فيها- فذكر الحديث إلى أن قال:- فقال له: فما المص؟ قال أبو

لبيد: فأجابه بجواب نسيته، فخرج الرجل، فقال لي أبو جعفر (عليه السلام): «هذا تفسيرها في ظهر «2» القرآن [أ فلا أخبرك بتفسيرها في بطن القرآن ».

قلت: و للقرآن بطن و ظهر؟ فقال: «نعم، إن لكتاب الله ظاهرا و باطنا، و معاينا و ناسخا و منسوخا، و محكما و متشابها، و سننا و أمثالا، و فصلا و وصلا، و أحرفا و تصريفا، فمن زعم أن كتاب الله مبهم فقد هلك و أهلك».

ثم قال: «أمسك، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون» فقلت: فهذه مائة و إحدى و ستون.

فقال: «يا أبا لبيد، إذا دخلت سنة إحدى و ستين و مائة، سلب الله قوما سلطانهم».

3783/ [4]- محمد بن علي بن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن أحمد، قال: حدثني علي بن سليمان بن الخصيب «3»، قال: حدثني الثقة، قال: حدثني أبو جمعة رحمة بن صدقة، قال: أتي رجل من بني امية- و كان زنديقا- جعفر بن محمد (عليهما السلام) فقال له: قول الله في كتابه المص أي شي ء أراد بهذا، و أي شي ء فيه من الحلال و الحرام، و أي شي ء فيه مما ينتفع به الناس؟

قال: فاغتاظ من ذلك جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فقال: «أمسك ويحك! الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، كم معك؟» فقال الرجل: مائة و احدى و ستون. فقال (عليه السلام): «إذا انقضت سنة إحدى و ستين و مائة انقضى ملك أصحابك» «4» قال: فنظرنا، فلما انقضت سنة إحدى و ستين و مائة يوم

عاشوراء

__________________________________________________

3- المحاسن: 270/ 360.

4- معاني الأخبار: 28/ 5.

(1) في المصدر زيادة: المراء الهجرين، و في «س» محلها بياض، و لعلها تصحيف: المرّاني الهجري نسبة إلى مرّان من بني جعفي بن سعد العشيرة و منهم خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي المذكور، و عدّ البرقي و الطوسي: أبا لبيد الهجري من أصحاب الباقر (عليه السّلام). انظر جمهرة أنساب العرب: 409، أنساب السمعاني 5: 249، معجم رجال الحديث 22: 29.

(2) في «ط»: بطن.

(3) في المصدر: حدّثنا سليمان بن الخصيب، و لم نعثر عليهما في المصادر المتوفّرة لدينا.

(4) استظهر صحته العلامة المجلسي في البحار 10: 164 حسب ترتيب الأبجدية عند المغاربة (أبجد، هوّز، حطّي، كلمن، صعفض، قرست، ثخذ، ظغش)، فالصاد المهملة عندهم ستّون، و الضاد المعجمة تسعون، فحينئذ يستقيم ما في أكثر النسخ في عدد المجموع، و لعلّ الاشتباه في قوله: و الصاد تسعون من النسّاخ لظنّهم أنّه مبنيّ على المشهور، و بذلك يصحّ المجموع المذكور و يطابق سنة انهيار و سقوط دولة بني اميّة، أي سنة 131 ه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 518

دخل المسودة «1» الكوفة، و ذهب ملكهم».

3784/ [5]- العياشي: عن أبي جمعة رحمة بن صدقة، قال: أتى رجل من بني امية- و كاƠزنديقا- جعفر بن محمد (عليه السلام)، فقال له: قول الله في كتابه: المص أي شي ء أراد بهذا، و أي شي ء فيه من الحلال و الحرام، و أي شي ء في ذا مما ينتفع به الناس؟

قال: فأغاظ «2» ذلك جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فقال: «أمسك ويحك: الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، كم معك؟» فقال الرجل: مائة و إحدى و ستون. فقال له جعفر بن محمد (عليهما السلام): «إذا

انقضت سنة إحدى و ستين و مائة انقضى ملك أصحابك». قال: فنظرنا، فلما انقضت إحدى و ستون و مائة «3» يوم عاشوراء دخل المسودة الكوفة، و ذهب ملكهم.

3785/ [6]- خيثمة الجعفي، عن أبي لبيد المخزومي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا لبيد، إنه يملك من ولد العباس اثنا عشر، يقتل بعد الثامن منهم أربعة، فتصيب أحدهم الذبحة «4» فتذبحه، هم فئة قصيرة أعمارهم، قليلة مدتهم، خبيثة سيرتهم، منهم الفويسق الملقب بالهادي، و الناطق، و الغاوي.

يا أبا لبيد، إن في حروف القرآن المقطعة لعلما جما، إن الله تبارك و تعالى أنزل الم ذلِكَ الْكِتابُ «5» فقام محمد (صلى الله عليه و آله) حتى ظهر نوره و ثبتت كلمته، و ولد يوم ولد، و قد مضى من الألف السابع مائة سنة و ثلاث سنين» «6» ثم قال: «و تبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار، و ليس من حروف مقطعة حرف تنقضي أيامه إلا و قائم من بني هاشم عند انقضائه».

ثم قال: «الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، فذلك مائة و إحدى و ستون، ثم كان بدء خروج الحسين بن علي (عليهما السلام) الم اللَّهُ «7» فلما بلغت مدته قام قائم ولد العباس عند المص و يقوم قائمنا عند انقضائها ب الر، فافهم ذلك و عه و اكتمه» «8».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 2/ 2.

6- تفسير العيّاشي 2: 3/ 3.

(1) المسوّدة: العباسيّون، لأنّهم اتخذوا السّواد شعارا.

(2) في «ط»: فأغلظ.

(3) انظر هامش (2) من الحديث المتقدم. [.....]

(4) الذّبحة: وجع في الحلق. و قيل: دم يخنق فيقتل «أقرب الموارد- ذبح- 1: 364».

(5) البقرة 2: 1- 2.

(6) في «س»:

مائة سنة و ثلاثون سنة.

(7) آل عمران 3: 1، 2.

(8) انظر شرح الحديث في البحار 52: 106/ 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 519

سورة الأعراف(7): الآيات 2 الي 11 ..... ص : 519

قوله تعالى:

كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ- إلى قوله تعالى- وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ [2- 11] 3786/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ أي ضيق لِتُنْذِرَ بِهِ وَ ذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ ثم خاطب الله تعالى الخلق فقال: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ غير محمد قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ.

3787/ [2]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة: قال الله: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ففي أتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم، و في تركه الخطأ المبين».

3788/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا أي عذابنا بَياتاً بالليل أَوْ هُمْ قائِلُونَ يعني نصف النهار. قال: و قوله تعالى: فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ محكم.

3789/ [4]- و عنه: قوله تعالى: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ قال: الأنبياء عما حملوا من الرسالة. قال: قوله: فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَ ما كُنَّا غائِبِينَ قال: لم تغب عنا «1» أفعالهم. قال: قوله: وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ قال: المجازاة بالأعمال، إن خيرا فخيرا، و إن شرا فشر، و هو قوله: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ قال: بالأئمة يجحدون.

و

قوله: وَ لَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ أي مختلفة قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ أي لا تشكرون الله. قال: و قوله: وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ أي خلقناكم في أصلاب الرجال ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ في أرحام النساء. ثم قال: و صور ابن مريم في الرحم دون الصلب، و إن كان مخلوقا في أصلاب الأنبياء، و رفع و عليه مدرعة من صوف.

3790/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي «2»، قال: حدثنا

__________________________________________________

1- تفسير القمى 1: 222، 223.

2- تفسير العياشي 2: 9/ 4.

3- تفسير القمى 1: 223.

4- تفسير القمى 1: 224.

5- تفسير القمى 1: 224.

(1) فى المصدر: لم نغب عن.

(2) فى «س»: احمد بن محمد بن عبد الله الحميري، تصحيف، و الصواب ما فى المتن و هما احمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة و شيخه جعفر بن عبدالله راس المدرى العلوي المحمدي. انظر معجم رجال الحديث 4: 75- 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 520

كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ.

قال: «أما خَلَقْناكُمْ فنطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما، و أما صَوَّرْناكُمْ فالعين و الأنف و الأذنين و الفم و اليدين و الرجلين، صور هذا و نحوه، ثم جعل الدميم و الوسيم و الجسيم و الطويل و القصير و أشباه هذا».

سورة الأعراف(7): آية 12 ..... ص : 520

قوله تعالى:

قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [12]

3791/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الحسين بن مياح، عن

أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إبليس قاس نفسه بآدم، فقال خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ و لو قاس الجوهر الذي خلق الله تعالى منه آدم (عليه السلام) بالنار كان ذلك أكثر نورا و ضياء من النار».

3792/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن عبد الله العقيلي، عن عيسى بن عبد الله القرشي، قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له: «يا أبا حنيفة، بلغني أنك تقيس؟» قال: نعم. قال:

«لا تقس، فإن أول من قاس إبليس حين قال خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فقاس ما بين النار و الطين، و لو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين، و صفاء أحدهما على الآخر».

3793/ [3]- [أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه «1»، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام) لأبي حنيفة: «ويحك، إن أول من قاس إبليس لما امر بالسجود لآدم قال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ».

3794/ [4]- العياشي: عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم، و كان في علم الله تعالى أنه ليس منهم، فاستخرج الله تعالى ما في نفسه بالحمية فقال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 47/ 18.

2- الكافي 1: 47/ 20. [.....]

3- المحاسن: 211/ 80، علل الشرائع: 86/ 1.

4- تفسير العيّاشي 2: 9/ 5.

(1) أثبتناه من المصدر، و في «س»: بياض، و في «ط»: و عنه عن بعض أصحابه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 521

سورة الأعراف(7): الآيات 16 الي 18 ..... ص : 521

قوله تعالى:

لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ

صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ- إلى قوله تعالى- مَذْؤُماً مَدْحُوراً [16- 18]

3795/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن محبوب، عن حنان و علي بن رئاب، عن زرارة، قال: قلت له:

قول الله عز و جل: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ؟

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا زرارة، إنما صمد لك و لأصحابك، فأما الآخرون فقد فرغ منهم».

3796/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: [عن ابن محبوب «1»، عن حنان بن سدير و علي بن رئاب، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله تعالى: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا زرارة، إنما صمد لك و لأصحابك، فأما الآخرون فقد فرغ منهم».

3797/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصراط الذي قال إبليس: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ الآية، و هو علي (عليه السلام)».

3798/ [4]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ- إلى- شاكِرِينَ، قال: «يا زرارة، إنما عمد لك و لأصحابك، و أما الآخرون فقد فرغ منهم».

3799/ [5]- الطبرسي: عن الباقر (عليه السلام)، في معنى الآية: «مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ أهون عليهم أمر الآخرة وَ مِنْ خَلْفِهِمْ آمرهم بجمع الأموال و منعها «2» عن الحقوق لتبقى لورثتهم وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ أفسد عليهم أمر دينهم، بتزيين الضلالة، و تحسين الشبهة وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ بتحبيب اللذات إليهم، و تغليب الشهوات على

قلوبهم».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 145/ 118.

2- المحاسن: 171/ 138.

3- تفسير العيّاشي 2: 9/ 6، شواهد التنزيل 1: 61/ 95.

4- تفسير العيّاشي 2: 9/ 7.

5- مجمع البيان 4: 623.

(1) أثبتناه من المصدر، لرواية البرقي عن ابن محبوب، و لروايته عن حنان بن سدير و علي بن رئاب. كما في معجم رجال الحديث 5: 89 و ما بعدها.

(2) في المصدر: الأموال و البخل بها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 522

3800/ [6]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية: أما بَيْنِ أَيْدِيهِمْ فهو من قبل الآخرة، لأخبرنهم أنه لا جنة و لا نار و لا نشور، و أما خَلْفِهِمْ يقول: من قبل دنياهم آمرهم بجمع الأموال و آمرهم أن لا يصلوا في أموالهم رحما، و لا يعطوا منه حقا، و آمرهم أن يقللوا على ذرياتهم و أخوفهم عليهم الضيعة، و أما عَنْ أَيْمانِهِمْ يقول:

من قبل دينهم، فإن كانوا على ضلالة زينتها لهم، و إن كانوا على هدى جهدت عليهم حتى أخرجهم منه، و أما عَنْ شَمائِلِهِمْ يقول: من قبل اللذات و الشهوات، يقول الله: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ «1».

3801/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: و أما قوله: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً فالمذءوم: المعيب، و المدحور: المقصي، أي ملقى في جهنم.

سورة الأعراف(7): الآيات 19 الي 21 ..... ص : 522

قوله تعالى:

وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ- إلى قوله تعالى- إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ [19- 21] 3802/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فكان كما حكى الله فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ

الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما أي حلف لهما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ.

3803/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، رفعه، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن جنة آدم أمن جنان الدنيا كانت، أم من جنان الآخرة؟

فقال: «كانت من جنان الدنيا، تطلع فيها الشمس و القمر، و لو كانت من جنان الآخرة ما أخرج منها أبدا آدم و لم يدخلها إبليس». قال: «أسكنه الله الجنة و أتى بجهالة إلى الشجرة فأخرجه لأنه خلق خلقة لا تبقى إلا بالأمر و النهي و الغذاء و اللباس و الاكتنان «2» و النكاح، و لا يدرك ما ينفعه مما يضره إلا بالتوقيف «3»، فجاءه إبليس، فقال له:

إنكما إذا أكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها صرتما ملكين، و بقيتما في الجنة أبدا، و إن لم تأكلا منها

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 224.

7- تفسير القمّي 1: 224.

1- تفسير القمّي 1: 225.

2- تفسير القمّي 1: 43 [.....]

(1) سبأ 34: 20.

(2) في المصدر: و الأكنان.

(3) التوقيف: نصّ الشارع المتعلّق ببعض الأمور «المعجم الوسيط- وقف- 2: 1051».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 523

أخرجكما الله من الجنة. و حلف لهما أنه لهما ناصح، كما قال الله عز و جل حكاية عنه: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فقبل آدم قوله، فأكلا من الشجرة، فكان كما حكى الله فبدت لهما سوءاتهما، و سقط عنهما ما ألبسهما الله من لباس الجنة و أقبلا يستتران بورق الجنة، فناداهما ربهما: أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ «1» فقالا كما حكى

الله عز و جل عنهما: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «2» فقال الله لهما: اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «3»- قال- إلى يوم القيامة».

قال: «فهبط آدم على الصفا، و إنما سميت الصفا لأن صفوة الله انزل عليها، و نزلت حواء على المروة، و إنما سميت المروة لأن المرأة أنزلت عليها، فبقي آدم أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنة، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا آدم، الم يخلقك الله بيده، و نفخ فيك من روحه، و أسجد لك ملائكته؟ قال: بلى. قال:

و أمرك أن لا تأكل من الشجرة، فلم عصيته؟ قال: يا جبرئيل، إن إبليس حلف لي بالله إنه لي ناصح، و ما ظننت أن خلقا يخلقه الله يحلف بالله كاذبا».

3804/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما اخرج آدم (عليه السلام) من الجنة نزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا آدم، أليس خلقك الله بيده، و نفخ فيك من روحه، و أسجد لك ملائكته، و زوجك حواء أمته، و أسكنك الجنة، و أباحها لك، و نهاك مشافهة أن لا تأكل من هذه الشجرة، فأكلت منها و عصيت الله؟

فقال آدم (عليه السلام): يا جبرئيل، إن إبليس حلف لي بالله إنه لي ناصح، فما ظننت أن أحدا من خلق الله يحلف بالله كاذبا».

سورة الأعراف(7): الآيات 22 الي 24 ..... ص : 523

قوله تعالى:

فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما- إلى قوله تعالى- وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ [22- 24]

3805/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1:

225.

1- تفسير القمّي 1: 225.

(1) الأعراف 7: 22.

(2) الأعراف 7: 23.

(3) الأعراف 7: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 524

عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما، قال: «كانت سوءاتهما لا تبدو لهما فبدت» يعني كانت داخلة.

3806/ [2]- و قال في قوله تعالى: وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ أي يغطيان سوءاتهما به وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ فقالا كما حكى الله تعالى: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ فقال الله: اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ يعني آدم و إبليس وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ يعني إلى القيامة.

3807/ [3]- العياشي: عن موسى بن محمد بن علي، عن أخيه أبي الحسن الثالث (عليه السلام)، قال: «الشجرة التي نهى الله آدم و زوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد، عهد إليهما ألا ينظر إلى من فضل الله عليه، و على خلائقه بعين الحسد، و لم يجد الله له عزما».

3808/ [4]- عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما، قال: سألته: كيف أخذ الله آدم بالنسيان؟

فقال: «إنه لم ينس، و كيف ينسى و هو يذكره، و يقول له إبليس: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ «1»؟!».

3809/ [5]- عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، رفعه إلى النبي (صلى الله عليه و آله): «أن موسى (عليه السلام) سأل ربه أن يجمع بينه و بين أبيه آدم (عليه السلام) حيث عرج إلى السماء في أمر الصلاة ففعل، فقال له

موسى (عليه السلام): يا آدم، أنت الذي خلقك الله بيده، و نفخ فيك من روحه، و أسجد لك ملائكته، و أباح لك جنته، و أسكنك جواره، و كلمك قبلا، ثم نهاك عن شجرة واحدة، فلم تصبر عنها حتى أهبطت إلى الأرض بسببها، فلم تستطع أن تضبط نفسك عنها، حتى أغراك إبليس فأطعته، فأنت الذي أخرجتنا من الجنة بمعصيتك.

فقال له آدم (عليه السلام): أرفق بأبيك- أي بني- محنة ما لقي من أمر هذه الشجرة، يا بني إن عدوي أتاني من وجه المكر و الخديعة، فحلف لي بالله أنه في مشورته علي لمن الناصحين، و ذلك أنه قال لي مستنصحا: إني لشأنك- يا آدم- لمغموم، قلت: و كيف؟ قال: قد كنت آنست بك و بقربك مني، و أنت تخرج مما أنت فيه إلى ما ستكرهه. فقلت له: و ما الحيلة؟ فقال: إن الحيلة هو ذا هو معك، أ فلا أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى؟ فكلا منها أنت و زوجك فتصيرا معي في الجنة أبدا من الخالدين. و حلف لي بالله كاذبا إنه لمن الناصحين، و لم أظن- يا موسى- أن أحدا يحلف بالله كاذبا، فوثقت بيمينه، فهذا عذري فأخبرني يا بني، هل تجد فيما أنزل الله تعالى إليك أن خطيئتي كائنة من قبل أن اخلق؟ قال له موسى (عليه السلام): بدهر طويل». قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «فحج آدم

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 225.

3- تفسير العيّاشي 2: 9/ 8.

4- تفسير العيّاشي 2: 9/ 9.

5- تفسير العيّاشي 2: 10/ 10.

(1) الأعراف 7: 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 525

موسى» قال ذلك ثلاثا.

3810/ [6]- عن عبد الله بن سنان، قال: سئل أبو عبد الله

(عليه السلام) و أنا حاضر: كم لبث آدم و زوجه في الجنة حتى أخرجتهما منها خطيئتهما؟

فقال: «إن الله تبارك و تعالى نفخ في آدم (عليه السلام) روحه عند «1» الزوال الشمس من يوم الجمعة، ثم برأ زوجته من أسفل أضلاعه، ثم أسجد له ملائكته و أسكنه جنته من يومه ذلك، فو الله ما استقر فيها إلا ست ساعات في يومه ذلك حتى عصى الله، فأخرجهما الله منها بعد غروب الشمس، و ما باتا فيها و صيرا بفناء الجنة حتى أصبحا فبدت لهما سوءاتهما و ناداهما ربهما: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة؟! فاستحيا آدم (عليه السلام) من ربه و خضع و قال:

ربنا ظلمنا أنفسنا و اعترفنا بذنوبنا، فاغفر لنا. قال الله لهما: اهبطا من سماواتي إلى الأرض، فإنه لا يجاوزني في جنتي عاص، و لا في سماواتي».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن آدم (عليه السلام) لما أكل من الشجرة ذكر أنه نهاه الله عنها فندم، فذهب ليتنحى من الشجرة، فأخذت الشجرة برأسه فجرته إليها و قالت له: أ فلا كان فرارك من قبل أن تأكل مني؟».

3811/ [7]- عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما.

قال: «كانت سوءاتهما لا تبدو لهما فبدت» يعني كانت من داخل.

سورة الأعراف(7): الآيات 26 الي 27 ..... ص : 525

قوله تعالى:

يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ- إلى قوله تعالى- كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ [26- 27]

3812/ [1]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله:

يا بَنِي آدَمَ، قالا: «هي عامة».

3813/ [2]- علي بن

إبراهيم: قوله: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ، قال: لباس التقوى: لباس البياض.

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 10/ 11. [.....]

7- تفسير العيّاشي 2: 11/ 12.

1- تفسير العيّاشي 2: 11/ 13.

2- تفسير القمّي 1: 225.

(1) في «س» نسخة بدل: بعد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 526

3814/ [3]- قال: و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً، قال: «فأما اللباس فالثياب التي يلبسون، و أما الرياش فالمتاع و المال، و أما لباس التقوى فالعفاف، إن العفيف لا تبدو له عورة، و إن كان عاريا من الثياب، و الفاجر بادي العورة و إن كان كاسبا من الثياب، يقول الله تعالى: وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ يقول: العفاف خير ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ».

و قوله: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فإنه محكم.

سورة الأعراف(7): آية 28 ..... ص : 526

قوله تعالى:

وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها- إلى قوله تعالى- ما لا تَعْلَمُونَ [28] 3815/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قال: الذين عبدوا الأصنام، فرد الله عليهم فقال: قُلْ لهم: إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.

3816/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن منصور، قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى: وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ

تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ، فقال: «أ رأيت أحدا يزعم أن الله تعالى أمرنا «1» بالزنا أو شرب الخمور أو بشي ء من المحارم؟» فقلت: لا.

فقال: «فما هذه الفاحشة التي يدعون أن الله تعالى أمرنا «2» بها؟» فقلت: الله تعالى أعلم و وليه «3».

فقال: «فإن هذه في أئمة الجور، ادعوا أن الله تعالى أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمر الله [بالائتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم، و أخبرنا أنهم قد قالوا عليه الكذب، فسمى الله تعالى ذلك منهم فاحشة».

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أبي وهب، عن محمد بن منصور، قال: سألته، و ذكر الحديث، و قال في آخره: «فأخبر أنهم قد قالوا عليه

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 225.

1- تفسير القمّي 1: 226.

2- بصائر الدرجات: 54/ 4.

(1) في المصدر: أمر.

(2) في المصدر: أمر.

(3) في «ط»: و رسوله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 527

الكذب، و سمى ذلك منهم فاحشة» «1».

3817/ [3]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «من زعم أن الله أمر بالسوء و الفحشاء فقد كذب على الله تعالى، و من زعم أن الخير و الشر بغير مشيئة منه فقد أخرج الله من سلطانه، و من زعم أن المعاصي عملت بغير قوة الله فقد كذب على الله، و من كذب على الله أدخله الله النار».

3818/ [4]- عن محمد بن منصور، عن عبد صالح، قال: سألته عن قول الله: وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً إلى قوله:

أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ، فقال: «أ رأيت أحدا يزعم أن الله تعالى أمرنا بالزنا و شرب الخمر و شي ء من هذه

المحارم؟» فقلت: لا.

فقال: «ما هذه الفاحشة التي يدعون أن الله تعالى أمر بها؟ فقلت: الله تعالى أعلم و وليه.

فقال: «إن هذا من أئمة الجور، ادعوا أن الله تعالى أمرهم بالائتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم، فأخبرنا أنهم قد قالوا عليه الكذب، فسمى ذلك منهم فاحشة».

3819/ [5]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «من زعم أن الله يأمر بالفحشاء فقد كذب على الله، و من زعم أن الخير و الشر إليه فقد كذب على الله».

سورة الأعراف(7): الآيات 29 الي 30 ..... ص : 527

قوله تعالى:

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [29] 3820/ [1]- علي بن إبراهيم: قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ أي بالعدل.

3821/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن الطاطري، عن ابن أبي حمزة، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «هذه القبلة».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 11/ 14.

4- تفسير العيّاشي 2: 12/ 15.

5- تفسير العيّاشي 1: 12/ 16.

1- تفسير القمّي 1: 226. [.....]

2- التهذيب 2: 43/ 134.

(1) تفسير القمّي 1: 305/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 528

3822/ [3]- عنه، بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «مساجد محدثة، فأمروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام».

3823/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: وَ

أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «هو إلى القبلة».

3824/ [5]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله:

وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «مساجد محدثة، فأمروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام».

3825/ [6]- أبو بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «هو إلى القبلة، ليس فيها عبادة الأوثان، خالصا مخلصا».

3826/ [7]- عن الحسين بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «يعني الأئمة».

قوله تعالى:

كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ- إلى قوله تعالى- وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [29- 30] 3827/ [1]- علي بن إبراهيم: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ أي في القيامة فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ أي العذاب، وجب عليهم.

3828/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ.

قال: «خلقهم حين خلقهم مؤمنا و كافرا، و شقيا و سعيدا، و كذلك يعودون يوم القيامة مهتديا و ضالا، يقول:

إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ و هم القدرية الذين يقولون لا قدر،

__________________________________________________

3- التهذيب 2: 43/ 136.

4- تفسير العيّاشي 2: 12/ 17.

5- تفسير العيّاشي 2: 12/ 19.

6- تفسير العيّاشي 2: 12/ 20.

7- تفسير العيّاشي 2: 12/ 18.

1- تفسير القمّي 1: 226.

2- تفسير القمّي 1: 226.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 529

و يزعمون أنهم قادرون على الهدى و الضلالة، و ذلك إليهم إن شاءوا اهتدوا، و إن شاءوا ضلوا، و هم مجوس هذه الامة، و كذب أعداء الله، المشيئة و القدرة لله كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ من خلقه شقيا يوم خلقه،

كذلك يعود إليه شقيا، و من خلقه سعيدا يوم خلقه، كذلك يعود إليه سعيدا. قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الشقي من شقي في بطن امه، و السعيد من سعد في بطن امه» «1».

3829/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن أحمد ابن محمد السياري «2»، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكرخي «3»، قال: حدثنا حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي إسحاق الليثي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، في قوله تعالى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ: «يعني أئمة الجور دون أئمة الحق وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ».

سورة الأعراف(7): آية 31 ..... ص : 529

قوله تعالى:

يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [31]

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 610/ 81.

(1) المستفاض عن الأئمّة (عليهم السّلام) هو نفي الجبر و التفويض و إثبات الأمر بين الأمرين. و معنى الجبر هو ما ذهب إليه الأشاعرة من أنّ اللّه تعالى أجرى الأعمال على أيدي العباد من غير قدرة مؤثّرة لهم فيها. و أمّا التفويض فهو ما ذهب إليه المعتزلة من أنّه تعالى أوجد العباد و أقدر هم على تلك الأفعال، و فوّض إليه الاختيار. فهم مستقلّون بإيجادها على وفق مشيئتهم و قدرتهم و ليس للّه في أفعالهم صنع.

و معنى الأمر بين الأمرين فهو أنّ لهدآياته و توفيقاته تعالى مدخلا في أفعال العباد بحيث لا يصل إلى حدّ الإلجاء و الاضطرار، كما أنّ سيّدا أمر عبده بشي ء يقدر على فعله، و فهّمه ذلك، و وعده

على فعله شيئا من الثواب، و على تركه شيئا من العقاب. فلو اكتفى من تكليف عبده بذلك و لم يزد عليه مع علمه بأنّه لا يفعل الفعل بمحض ذلك، لم يكن ملوما عند العقلاء لو عاقبه على تركه، و لا يقول عاقل بأنّه أجبره على ترك الفعل، و لو لم يكتف السيّد بذلك و زاد في ألطافه و الوعد بإكرامه و الوعيد على تركه و أكّد ذلك ببعث من يحثّه على الفعل و يرغّبه فيه ثمّ فعل بقدرته و اختياره ذلك الفعل، فلا يقول عاقل بأنّه جبره على ذلك الفعل.

و أمّا الأخبار التي يدلّ ظاهرها على الجبر كهذا الخبر، فالمشهور في تأويلها أنّها منزّلة على العلم الإلهي، فإنّه سبحانه قد علم في الأزل أحوال الخلق في الأبد، و ما يأتونه و ما يذرونه بالاختيار منهم، فلمّا علم منهم هذه الأحوال و أنّها تقع باختيارهم عاملهم بهذه المعاملة، كالخلق من الطينة الخبيثة أو الطينة الطيبة، و حينئذ كتبت الشقاوة و السعادة في الناس قبل أن يجيؤا في حيز الوجود، فعلم اللّه تعالى بكون فلان سعيدا أو شقيا لا يكون علّة للسعادة و الشقاوة فيه بل إنّهما مستندتان إليه بحسب أعماله.

و ذهب السيّد المرتضى علم الهدى (رحمه اللّه) إلى أنّ هذه الأخبار آحاد مخالفة للكتاب و الإجماع. و ذهب ابن إدريس (رحمه اللّه) إلى أنّها أخبار متشابهة يجب الوقوف عندها و تسليم أمرها إليهم (عليهم السّلام).

(2) في «س»، «ط»: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن أحمد السّيّاري، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 2: 332، 15: 27.

(3) في «س»: بياض، و في «ط»: محمّد بن جعفر الكوفي، و الصواب ما أثبتناه، انظر

معجم رجال الحديث 16: 247.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 530

3830/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة ابن أيوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «في العيدين «1» و الجمعة».

و رواه الشيخ في (التهذيب «2»): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، الحديث.

3831/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «من ذلك التمشط عند كل صلاة».

3832/ [3]- الشيخ: بإسناده عن علي بن حاتم، عن الحسن بن علي «3»، عن أبيه، عن فضالة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل و ليتطيب بما وجد، و ليصل وحده كما يصلي في الجماعة». و قال: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «العيدان و الجمعة».

3833/ [4]- عنه: بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، و زاد و قال: «في يوم عرفة يجتمعون بغير إمام في الأمصار يدعون الله عز و جل».

3834/ [5]- و عنه: بإسناده عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن رجل، عن الزبير بن عقبة، عن فضال «4»

بن موسى بن النهدي، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «الغسل عند لقاء كل إمام».

3835/ [6]- ابن بابويه في (الفقيه): مرسلا، قال: سئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- الكافي 3: 424/ 8. [.....]

2- الكافي 6: 489/ 7.

3- التهذيب 3: 136/ 297.

4- التهذيب 3: 136/ 298.

5- التهذيب 6: 110/ 197.

6- من لا يحضر الفقيه 1: 75/ 319.

(1) في «س»، «ط»: العيد.

(2) التهذيب 3: 241/ 647.

(3) في المصدر: الحسين بن عليّ تصحيف، و الصواب ما أثبتناه من «س». انظر معجم رجال الحديث 11: 298.

(4) في «س»، «ط»: فضالة، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع معجم رجال الحديث 13: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 531

خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «من ذلك التمشط عند كل صلاة».

3836/ [7]- عنه، قال: حدثنا إسماعيل بن منصور بن أحمد القصار بفرغانة «1»، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن القاسم بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن جعفر [بن الحسن «2» بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدثنا أحمد بن علي الأنصاري أبو علي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.

قال: «المشط يجلب الرزق، و يحسن الشعر، و ينجز الحاجة، و يزيد في ماء الصلب، و يقطع البلغم، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يسرح تحت لحيته أربعين

مرة، و من فوقها سبع مرات، و يقول: إنه يزيد في الذهن و يقطع البلغم».

3837/ [8]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «هي الثياب».

3838/ [9]- عن الحسين بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «يعني الأئمة».

3839/ [10]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «عشية عرفة».

3840/ [11]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال:

«هو المشط عند كل صلاة فريضة و نافلة».

3841/ [12]- عن عمار النوفلي، عن أبيه، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «المشط يذهب بالوباء».

قال: «و كان لأبي عبد الله (عليه السلام) مشط في المسجد يتمشط به إذا فرغ من صلاته».

3842/ [13]- عن المحاملي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال: «الأردية في العيدين و الجمعة».

!__________________________________________________

7- الخصال: 268/ 3.

8- تفسير العيّاشي 2: 12/ 21.

9- تفسير العيّاشي 2: 13/ 22.

10- تفسير العيّاشي 2: 13/ 24.

11- تفسير العيّاشي 2: 13/ 25. [.....]

12- تفسير العيّاشي 2: 13/ 26.

13- تفسير العيّاشي 2: 13/ 27.

(1) فرغانة: مدينة بما وراء النهر، و هي أيضا قرية من قرى فارس. «مراصد الاطلاع 3: 1029».

(2) أثبتناه من المصدر، و هو الحسن المثنى بن الحسن السبط. انظر المجدي: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 532

3843/ [14]- عن خيثمة بن أبي خيثمة، قال: كان الحسن بن علي (عليه السلام) إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له:

يا بن رسول الله، لم تلبس أجود ثيابك؟

فقال: «إن الله تعالى جميل يحب الجمال، فأتجمل لربي، و هو يقول: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ فأحب أن ألبس أجود ثيابي».

3844/ [15]- الطبرسي، في معنى الآية: أي خذوا زينتكم «1» التي تتزينون بها للصلاة في الجمعات و الأعياد، عن أبي جعفر (عليه السلام).

3845/ [16]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، جميعا عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال له: إنا نكون في طريق مكة فنريد الإحرام فنطلي، و لا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة، فنتدلك بالدقيق، و قد دخلني من ذلك ما الله أعلم به؟ فقال: «أ مخافة الإسراف؟» قلت: نعم. فقال: «ليس فيما أصلح البدن إسراف، إني ربما أمرت بالنقي «2» فيلت بالزيت، فأتدلك به، إنما الإسراف فيما أفسد المال و أضر بالبدن».

قلت: فما الإقتار؟ قال: «أكل الخبز و الملح و أنت تقدر على غيره».

قلت: فما القصد؟ قال: «الخبز و اللحم و اللبن و الخل و السمن، مرة هذا، و مرة هذا».

3846/ [17]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أدنى ما نهي عن حد «3» الإسراف؟

فقال: «إبذالك ثوب صونك، و إهراقك فضل إنائك، و أكلك التمر و رميك النوى ها هنا و ها هنا».

3847/ [18]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن

سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يكون للمؤمن عشرة أقمصة؟

قال: «نعم». قلت: عشرون؟ قال: «نعم». قلت: ثلاثون؟ قال: «نعم، ليس هذا من السرف، إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلك».

3848/ [19]- العياشي: عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أ ترى الله أعطى من أعطى من

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 2: 14/ 29.

15- مجمع البيان 4: 637.

16- الكافي 4: 53/ 10.

17- الكافي 4: 56/ 10.

18- الكافي 6: 441/ 4.

19- تفسير العيّاشي 2: 13/ 23.

(1) في المصدر: ثيابكم.

(2) النّقيّ: الدقيق الجيّد «المعجم الوسيط- نقا- 2: 650».

(3) في المصدر: ما يجي ء من حدّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 533

كرامته عليه، و منع من منع من هوان به عليه؟! لا، و لكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع، و جوز لهم أن يأكلوا قصدا، و يشربوا قصدا، و يلبسوا قصدا، و ينكحوا قصدا، و يركبوا قصدا، و يعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، و يلموا به شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا، و يشرب حلالا، و يركب حلالا، و ينكح حلالا، و من عدا ذلك كان عليه حراما- ثم قال- وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ أ ترى الله ائتمن رجلا على مال خول له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم و يجزيه فرس بعشرين درهما؟! و يشتري جارية بألف دينار و تجزيه جارية بعشرين دينارا؟! و قال: وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ».

3849/ [20]- عن هارون بن خارجة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من سأل الناس شيئا و عنده ما يقوته يومه فهو من المسرفين».

3850/ [21]- علي بن

إبراهيم، في معنى الآية: إن أناسا كانوا يطوفون عراة بالبيت، الرجال بالنهار، و النساء بالليل، فأمرهم الله بلبس الثياب، و كانوا لا يأكلون إلا قوتا، فأمرهم الله أن يأكلوا و يشربوا و لا يسرفوا. و قال: في العيدين و الجمعة يغتسل و تلبس الثياب البيض. و روي أيضا: المشط عند كل صلاة.

سورة الأعراف(7): آية 32 ..... ص : 533

قوله تعالى:

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [32]

3851/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «بعث أمير المؤمنين (عليه السلام) عبد الله بن عباس إلى ابن الكواء و أصحابه، و عليه قميص رقيق و حلة، فلما نظروا إليه قالوا: يا بن عباس، أنت خيرنا في أنفسنا، و أنت تلبس هذا اللباس! فقال: و هذا أول ما أخاصمكم فيه: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ، و قال الله عز و جل: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ «1»».

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 2: 14/ 28. [.....]

21- تفسير القمّي 1: 228.

1- الكافي 6: 441/ 6.

(1) الأعراف 7: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 534

3852/ [2]- عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن صفوان، عن يونس بن إبراهيم، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، و علي جبة خز و طيلسان خز، فنظر إلي، فقلت: جعلت فداك، علي جبة خز و طيلسان خز، فما تقول فيه؟ فقال: «لا

بأس بالخز» قلت: و سداه «1» إبريسم؟ فقال: «و ما بأس بإبريسم، فقد أصيب الحسين (عليه السلام) و عليه جبة خز».

ثم قال: «إن عبد الله بن عباس لما بعثه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الخوارج يواقفهم، لبس أفضل ثيابه، و تطيب بأفضل طيبه، و ركب أفضل مراكبه، فخرج، فواقفهم، فقالوا: يا بن عباس، بينا أنت أفضل الناس إذ أتيتنا في لباس الجبابرة و مراكبهم! فتلا عليهم هذه الآية: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ فألبس و أتجمل، فإن الله جميل يحب الجمال، و ليكن من حلال».

3853/ [3]- و عنه: عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، رفعه «2»، قال: مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد الله (عليه السلام) و عليه ثياب كثيرة القيمة حسان، فقال: و الله لآتينه و لأوبخنه. فدنا منه، فقال: يا بن رسول الله، و الله ما لبس رسول الله (صلى الله عليه و آله) مثل هذا اللباس، و لا علي، و لا أحد من آبائك.

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في زمان قتر مقتر، و كان يأخذ لقتره و اقتداره «3»، و إن الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها «4»، فأحق أهلها بها أبرارها- ثم تلا- قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ فنحن أحق من أخذ منها ما أعطاه الله عز و جل غير أني- يا ثوري- ما ترى علي من ثوب إنما ألبسه «5» للناس» ثم اجتذب يد سفيان فجرها إليه، ثم رفع الثوب الأعلى و أخرج ثوبا

تحت ذلك على جلده غليظا، فقال (عليه السلام): «هذا ألبسه «6» لنفسي، و ما رأيته للناس» ثم جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن، و داخل ذلك الثوب لين، فقال: «لبست هذا الأعلى للناس، و لبست هذا لنفسك تسرها» «7».

3854/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) متكئا علي- أو قال: على أبي- فلقيه عباد بن كثير البصري، و عليه ثياب مروية حسان،

__________________________________________________

2- الكافي 6: 442/ 7.

3- الكافي 6: 442/ 8.

4- الكافي 6: 443/ 13.

(1) السدى: خلاف لحمة الثّوب، و قيل: أسفله، و قيل: ما مدّ منه. «لسان العرب- سدا- 14: 375».

(2) في «س»: محمّد بن عليّ بن فضّال، تصحيف، انظر معجم رجال الحديث 16: 287.

(3) في «ط»: و إقتاره.

(4) أرخت الدنيا عزاليها: كثر نعيمها. «المعجم الوسيط- عزل- 2: 599».

(5) في «ط»: لبسته.

(6) في «ط»: هذه اللبسة.

(7) في «ط»: تسترها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 535

فقال: يا أبا عبد الله، إنك من أهل بيت النبوة، و كان أبوك، و كان، فما هذه الثياب المروية عليك، فلو لبست دون هذه الثياب؟

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «ويلك- يا عباد- مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ؟ إن الله عز و جل إذا أنعم على عبده «1» نعمة أحب أن يراها عليه، ليس بها بأس» الحديث.

3855/ [5]- و عنه: عن العدة، عن سهل، عن محمد بن عيسى «2»، عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن (عليه السلام) عنه (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك، ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب

و يلبس الخشن و يتخشع «3»! فقال: «أما علمت أن يوسف (عليه السلام) نبي ابن نبي كان يلبس أقبية «4» الديباج مزررة «5» بالذهب، و كان يجلس في مجالس آل فرعون يحكم؟ فلم يحتج الناس إلى لباسه، و إنما احتاجوا إلى قسطه، و إنما يحتاج من الإمام «6» أن إذا قال صدق، و إذا وعد أنجز، و إذا حكم عدل، إن الله لا يحرم طعاما و لا شرابا من حلال، و إنما حرم الحرام قل أو كثر، و قد قال الله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3856/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عبد الله بن أحمد، عن علي بن النعمان، عن صالح بن حمزة، عن أبان بن مصعب، عن يونس بن ظبيان- أو المعلى بن خنيس- قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما لكم من هذه الأرض؟ فتبسم، ثم قال: «إن الله تبارك و تعالى بعث جبرئيل (عليه السلام) و أمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض، منها سيحان، و جيحان، و هو نهر بلخ، و الخشوع: و هو نهر الشاش، و مهران:

و هو نهر الهند، و نيل مصر، و دجلة و الفرات، فما سقت و استقت «7» فهو لنا، و ما كان لنا فهو لشيعتنا، و ليس لعدونا منه شي ء إلا ما غضب عليه، و إن ولينا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه- يعني ما بين السماء و الأرض، ثم تلا هذه الآية-: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا المغصوبين عليها خالِصَةً لهم يَوْمَ الْقِيامَةِ يعني بلا غصب».

3857/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا،

عن سهل بن زياد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن

__________________________________________________

5- الكافي 6: 453/ 5. [.....]

6- الكافي 1: 337/ 5.

7- الكافي 6: 451/ 4.

(1) في «ط»: عبد.

(2) في المصدر: حميد بن زياد، عن محمّد بن عيسى، و الصواب ما أثبتناه من «س»، و كذا في معجم رجال الحديث 6: 292.

(3) في «ط»: و يخشع.

(4) في «س»: ألبسة.

(5) في المصدر: مزرورة.

(6) في المصدر زيادة: في.

(7) في المصدر: أو استقت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 536

الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «كان علي بن الحسين (عليه السلام) يلبس في الشتاء الخز و المطرف الخز و القلنسوة الخز فيشتو فيه، و يبيع المطرف في الصيف و يتصدق بثمنه، ثم يقول: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3858/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة، عن الحكم بن عتيبة «1»، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، و هو في بيت منجد «2»، و عليه قميص رطب، و ملحفة مصبوغة قد أثر الصبغ على عاتقه، فجعلت أنظر إلى البيت و أنظر إلى هيئته «3»، فقال: «يا حكم، ما تقول في هذا؟» فقلت: و ما عسيت أن أقول و أنا أراه عليك؟ و أما عندنا فإنما يفعله الشاب المرهق «4»، فقال: «يا حكم، مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ؟! و هذا مما أخرج الله لعباده، فأما هذا البيت الذي ترى فهو بيت المرأة، و أنا قريب العهد بالعرس، و بيت المرأة «5» الذي تعرف».

3859/ [9]- محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري: عن أحمد بن محمد، عن أحمد

بن محمد «6» بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام)- في حديث طويل- إلى أن قال: قال لي: «ما تقول في اللباس الخشن «7»؟» فقلت: بلغني أن الحسن (عليه السلام) كان يلبس، و أن جعفر بن محمد (عليهما الصلاة و السلام) كان يأخذ الثوب الجديد فيأمر به فيغمس في الماء.

فقال لي: «البس و تجمل، فإن علي بن الحسين (عليهما السلام) كان يلبس الجبة الخز بخمس مائة درهم، و المطرف الخز بخمسين دينارا فيشتو «8» فيه، فإذا خرج الشتاء باعه و تصدق بثمنه، و تلا هذه الآية: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3860/ [10]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق

__________________________________________________

8- الكافي 6: 446/ 1.

9- قرب الأسناد: 157.

10- أمالي الشيخ الطوسي 1: 25، أمالي الشيخ المفيد: 263/ 3.

(1) في «س»: الحكم بن عينية، و في «ط»: الحكم بن عيينة، تصحيف، و الصواب ما في المتن. انظر معجم رجال الحديث 6: 172.

(2) النّجد: ما يزيّن به البيت من البسط و الوسائد و الفرش. «لسان العرب- نجد- 3: 416». [.....]

(3) في «س»: هيبته.

(4) المرهّق: الموصوف بالجهل و خفّة العقل. و الظاهر أنّها المراهق: أي الغلام الذي قارب الاحتلام.

(5) في المصدر: و بيتي البيت.

(6) (عن أحمد بن محمّد) ليس في «س»، «ط»: و الصواب إثباته كما في المصدر، و راجع معجم رجال الحديث 2: 237.

(7) في المصدر: الحسن.

(8) في المصدر: فيتشتّى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 537

إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن

محمد بن عثمان «1»، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سيف «2»، عن فضيل بن خديج «3»، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) محمد ابن أبي بكر مصر و أعمالها، كتب له كتابا، و أمره أن يقرأه على أهل مصر، و ليعمل بما وصاه به فيه، و كان الكتاب:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر و محمد بن أبي بكر- و ذكر الحديث بطوله و كان بعضه- و اعلموا- يا عباد الله- أن المتقين حازوا عاجل الخير و آجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، و لم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم الله في الدنيا ما أبقاهم «4» به و أغناهم، قال الله عز و جل:

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، و أكلوا منها «5» بأفضل ما أكلت، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم و أكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، و شربوا من طيبات ما يشربون، و لبسوا من أفضل ما يلبسون، و سكنوا من أفضل ما يسكنون، و تزوجوا من أفضل ما يتزوجون، و ركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا، و هم غدا جيران الله تعالى يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون، و لا يرد لهم دعوة، و لا ينقص لهم نصيب من اللذة، فإلى هذا- يا عباد الله- اشتاق من كان له عقل و يعمل له بتقوى الله، و لا حول و لا قوة

إلا بالله.

يا عباد الله، إن اتقيتم و حفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد، و ذكرتموه بأفضل ما ذكر، و شكرتموه بأفضل ما شكر، و أخذتم بأفضل الصبر و الشكر، و اجتهدتم أفضل الاجتهاد، و إن كان غيركم أطول منكم صلاة، و أكثر منكم صياما، فأنتم أتقى لله منهم، و أنصح لأولي الأمر».

و الحديث طويل، ذكرنا كثيرا منه في قوله تعالى: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ «6» الآية، من سورة هود.

3861/ [11]- العياشي: عن الحكم بن عتيبة، قال: رأيت أبا جعفر (عليه السلام) و عليه إزار أحمر، قال: فأحددت النظر إليه، فقال: «يا أبا محمد، إن هذا ليس به بأس- ثم تلا- قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 14/ 30.

(1) في بعض الموارد عن غارات الثقفي: محمّد بن عبد اللّه بن عثمان، و هو في كلا الضبطين يروي عن عليّ بن محمّد بن عبد اللّه بن أبي سيف المدائني، المورّخ المعروف.

(2) في المصدرين و «س»، «ط»: سعيد، تصحيف صوابه ما أثبتناه من عدّة موارد في الغارات، روى فيها عن فضيل بن خديج، انظر التعليقة السابقة و تاريخ بغداد 12: 54، سير أعلام النبلاء 10: 400.

(3) في المصدرين و «س»: فضيل بن الجعد، و في «ط»: فضيل بن أبي الجعد، تصحيف صوابه ما أثبتناه من عدّة موارد في الغارات، و انظر الجرح و التعديل 7: 72، لسان الميزان 4: 453 و التعليقة السابقة.

(4) في المصدر: ما كفاهم.

(5) في المصدر: و أكلوها.

(6) هود 11: 114.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 538

3862/ [12]- عن الوشاء، عن الرضا (عليه

السلام) قال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يلبس الجبة و المطرف من الخز، و القلنسوة، و يبيع المطرف و يتصدق بثمنه، و يقول: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3863/ [13]- عن يوسف بن إبراهيم، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و علي جبة خز، و طيلسان خز فنظر إلي، فقلت: جعلت فداك، علي جبة خز و طيلسان خز، ما تقول فيه؟ فقال: «و ما بأس بالخز». قلت: و سداه إبريسم؟ فقال: «لا بأس به، قد أصيب الحسين بن علي (عليه السلام) و عليه جبة خز».

ثم قال: «إن عبد الله بن عباس لما بعثه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الخوارج لبس أفضل ثيابه، و تطيب بأفضل «1» طيبه، و ركب أفضل مراكبه، فخرج إليهم فواقفهم، فقالوا: يǠبن عباس، بينا «2» أنت خير الناس إذ أتيتنا في لباس من لباس الجبابرة و مراكبهم! فتلا هذه الآية قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ ألبس و أتجمل، فإن الله جميل يحب الجمال، و ليكن من حلال».

3864/ [14]- عن العباس بن هلال الشامي، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت: جعلت فداك، ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب و يلبس الخشن و يتخشع! قال: «أما علمت أن يوسف بن يعقوب نبي ابن نبي، كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب، و يجلس في مجالس آل فرعون يحكم؟ فلم يحتج الناس إلى لباسه، و إنما احتاجوا إلى قسطه، و إنما يحتاج من الإمام أن إذا قال صدق، و إذا وعد أنجز، و إذا حكم عدل، إن الله لم يحرم طعاما و لا شرابا من حلال،

و إنما حرم الحرام قل أو كثر، و قد قال: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ».

3865/ [15]- عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يلبس الثوب بخمس مائة دينار، و المطرف بخمسين دينارا يشتو فيه، فإذا ذهب الشتاء باعه و تصدق بثمنه».

3866/ [16]- و في خبر عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين «3» (عليه السلام)، أنه كان يشتري الكساء الخز بخمسين دينارا، فإذا صاف تصدق به، و لا يرى بذلك بأسا، و يقرأ: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ.

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 14/ 31. [.....]

13- تفسير العيّاشي 2: 15/ 32.

14- تفسير العيّاشي 2: 15/ 33.

15- تفسير العيّاشي 2: 16/ 34.

16- تفسير العيّاشي 2: 16/ 35.

(1) في المصدر: بأطيب.

(2) في المصدر نسخة بدل: بيننا.

(3) في «س»، «ط»: عن أبيه الحسين، و ما في المتن هو الأنسب. انظر معجم رجال الحديث 13: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 539

سورة الأعراف(7): آية 33 ..... ص : 539

قوله تعالى:

قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ أَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [33]

3867/ [1]- الشيخ: بإسناده عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ ما ظهر نكاح امرأة الأب، و ما بطن:

الزنا».

3868/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أبي وهب،

عن محمد بن منصور، قال: سألت عبدا صالحا عن قول الله عز و جل: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ.

قال: فقال: «إن القرآن له ظهر و بطن، فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الجور، و جميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الحق».

3869/ [3]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن بعض أصحابنا، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه «1» عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: قال: «قول الله عز و جل: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ فأما قوله: ما ظَهَرَ مِنْها يعني الزنا المعلن، و نصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر الفواحش في الجاهلية.

و أما قوله عز و جل: وَ ما بَطَنَ يعني ما نكح من أزواج الآباء، لأن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه و آله) إذا كان للرجل زوجة و مات عنها، تزوجها ابنه من بعده، إذا لم تكن امه، فحرم الله عز و جل ذلك، و أما الْإِثْمَ فإنها الخمر بعينها».

3870/ [4]- العياشي: عن محمد بن منصور، قال: سألت عبدا صالحا عن قول الله: إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ.

__________________________________________________

1- التهذيب 7: 472/ 1894.

2- الكافي 1: 305/ 10.

3- الكافي 6: 406/ 1.

4- تفسير العيّاشي 2: 16/ 36.

(1) (عن أبيه) ليس في «ط» و «س» و الصواب إثباته كما في المصدر، و انظر معجم رجال الحديث 11: 228.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 540

قال: «إن القرآن له ظهر و بطن، فجميع ما حرم في الكتاب هو في الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الجور، و جميع ما أحل الله في الكتاب هو في الظاهر، و الباطن من ذلك أئمة الحق».

3871/ [5]- علي بن أبي حمزة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ما من أحد أغير «1» من الله تبارك و تعالى، و من أغير ممن حرم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن؟!».

3872/ [6]- علي بن يقطين، قال: سأل المهدي أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمر، فقال: هل هي محرمة في كتاب الله؟ فإن الناس يعرفون النهي، و لا يعرفون التحريم. فقال له أبو الحسن (عليه السلام): «بل هي محرمة».

قال: في أي موضع هي محرمة في كتاب الله، يا أبا الحسن؟ قال: «قول الله تبارك و تعالى: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، فأما قوله: ما ظَهَرَ مِنْها فيعني الزنا المعلن، و نصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر في الجاهلية، و أما قوله: وَ ما بَطَنَ يعني ما نكح من الآباء، فإن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه و آله) إذا كان للرجل زوجة و مات عنها، تزوجها ابنه من بعده، إذا لم تكن امه، فحرم الله ذلك، و أما الْإِثْمَ فإنها الخمر بعينها، و قد قال الله في موضع آخر: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ «2»، فأما الإثم في كتاب الله فهو الخمر، و الميسر فهو النرد، و إثمهما كبير كما قال. و

أما قوله: الْبَغْيَ «فهو الزنا سرا».

قال: فقال المهدي: هذه و الله فتوى هاشمية.

قلت: تقدم هذا الحديث مسندا من طريق محمد بن يعقوب، في قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ من سورة البقرة «3».

3873/ [7]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ، قال: من ذلك أئمة الجور وَ الْإِثْمَ يعني به الخمر وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ أَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ و هذا رد على من قال في دين الله بغير علم، و حكم فيه بغير حكم الله، فعليه مثل ما على من أشرك بالله و استحل المحارم و الفواحش، فالقول على الله محرم بغير علم مثل هذه المعاني.

سورة الأعراف(7): الآيات 34 الي 39 ..... ص : 540

قوله تعالى:

وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 16/ 37.

6- تفسير العيّاشي 2: 17/ 38، الكافي 6: 406/ 1. [.....]

7- تفسير القمّي 1: 230.

(1) في المصدر في موضعين: أعزّ.

(2) البقرة 2: 219.

(3) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (219) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 541

- إلى قوله تعالى- فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ [34- 39]

3874/ [1]- العياشي: عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ، قال: «هو الذي يسمى لملك الموت».

قلت: قد تقدمت الروايات في هذه الآية بهذا المعنى في قوله تعالى: ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ من سورة الأنعام «1».

3875/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها فإنه محكم. و قوله فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ

افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ أي ينالهم ما في كتابنا من عقوبات المعاصي. و قوله: قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا أي بطلوا. قال:

قوله تعالى: قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً يعني اجتمعوا. و قوله: أُخْتَها أي التي كانت بعدها تبعوهم على عبادة الأصنام. و قوله تعالى: قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا يعني أئمة الجور.

3876/ [3]- الطبرسي في قوله تعالى: رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا، قال الصادق (عليه السلام): «يعني أئمة الجور».

3877/ [4]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ فقال الله: لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَ لكِنْ لا تَعْلَمُونَ ثم قال أيضا: وَ قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ قالوا شماتة بهم.

3878/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال في قوله تعالى: وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ «2»: «إذ دعونا إلى سبيلهم، ذلك قول الله عز و جل فيهم حين جمعهم إلى النار: قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ و قوله: كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً برى ء بعضهم من بعض، و لعن بعضهم بعضا، يريد بعضهم أن يحج بعضا رجاء الفلج،

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 17/ 39.

2- تفسير القمّي 1: 230.

3- مجمع البيان 4: 644.

4- تفسير القمّي 1: 230.

5-

الكافي 2: 26/ 1.

(1) تقدّمت في تفسير الآية (2) من سورة الأنعام

(2) الشعراء 26: 99.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 542

فيفلتوا من عظيم ما نزل بهم، و ليس بأوان بلوى، و لا اختبار، و لا قبول معذرة، و لات حين نجاة».

سورة الأعراف(7): الآيات 40 الي 43 ..... ص : 542

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ- إلى قوله تعالى- أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [40- 43] 3879/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا إلى قوله: سَمِّ الْخِياطِ،

قال: حدثني أبي، عن فضالة، عن أبان بن عثمان، عن ضريس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في طلحة و الزبير، و الجمل جملهم».

3880/ [2]- العياشي: عن منصور بن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ، قال: «نزلت في طلحة و الزبير، و الجمل جملهم».

3881/ [3]- و روي عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث قبض روح الكافر- و قال: «تخرج روحه، فيضعها ملك الموت بين مطرقة و سندان، فيفضخ أطراف أنامله، و آخر ما يشدخ منه العينان، فتسطع لها ريح منتنة يتأذى منها أهل النار «1» كلهم أجمعون، فيقولون: لعنة الله عليها من روح كافرة منتنة خرجت من الدنيا. فيلعنه الله، و يلعنه اللاعنون، فإذا اوتي بروحه إلى السماء الدنيا أغلقت عنه أبواب السماء، و ذلك قوله: لا

تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ يقول الله تعالى: ردوها عليه مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى «2»».

و تقدم بزيادة في قوله تعالى: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ الآية، من سورة الأنعام «3».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 230.

2- تفسير العيّاشي 2: 17/ 40.

3- الاختصاص: 360. [.....]

(1) في المصدر: أهل السماء.

(2) طه 20: 55.

(3) تقدم في الحديث (10) من تفسير الآيتين (93- 94) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 543

3882/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: و الدليل على أن جنان الخلد في السماء قوله: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، و الدليل على أن النيران في الأرض قوله في سورة مريم: وَ يَقُولُ الْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَ الشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا «1» و معنى حَوْلَ جَهَنَّمَ البحر المحيط بالدنيا يتحول نيرانا، و هو قوله: وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ «2» ثم يحضرهم الله حول جهنم، و يوضع الصراط من الأرض إلى الجنان، و قوله: جِثِيًّا أي على ركبهم، ثم قال: وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا «3» يعني في الأرض إذا تحولت نيرانا.

3883/ [5]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر الباقر (عليهما السلام) أنه قال: «أما المؤمنون فترفع أعمالهم و أرواحهم إلى السماء، فتفتح لهم أبوابها، و أما الكافر فيصعد بعمله و روحه حتى إذا بلغ إلى السماء نادى مناد: اهبطوا به إلى سجين، و هو واد

بحضر موت يقال له: برهوت».

3884/ [6]- المفيد في (الاختصاص): روى أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثني سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الأزدي «4»، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذا أراد الله تبارك و تعالى قبض روح عبده المؤمن، قال: يا ملك الموت، انطلق أنت و أعوانك إلى عبدي، فطالما نصب نفسه من أجلي، فأتني بروحه لأريحه عندي.

فيأتيه ملك الموت بوجه حسن، و ثياب طاهرة، و ريح طيبة، فيقوم بالباب، فلا يستأذن بوابا، و لا يهتك حجابا، و لا يكسر بابا، معه خمس مائة ملك أعوان، معهم طنان الريحان، و الحرير الأبيض، و المسك الأذفر فيقولون: السلام عليك يا ولي الله، أبشر فإن الرب يقرئك السلام، أما إنه عنك راض غير غضبان، و أبشر بروح و ريحان و جنة نعيم».

قال: «أما الروح فراحة من الدنيا و بلواها «5»، و أما الريحان من كل طيب في الجنة، فيوضع على ذقنه فيصل ريحه إلى روحه، فلا يزال في راحة حتى تخرج نفسه، ثم يأتيه رضوان خازن الجنة، فيسقيه شربة من الجنة لا يعطش في قبره و لا في القيامة حتى يدخل الجنة ريانا، فيقول: يا ملك الموت، رد روحي، حتى تثني روحي على جسدي، و جسدي على روحي- قال:- فيقول ملك الموت: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فتقول الروح:

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 230.

5- مجمع البيان 4: 646.

6- الاختصاص: 345.

(1) مريم 19: 66- 68.

(2) التكوير 81: 6.

(3) مريم 19: 72.

(4) في «س» زيادة: عن أبي عبد اللّه، و هو سهو.

(5) في المصدر: و بلائها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص:

544

جزاك الله من جسد خير الجزاء، لقد كنت في طاعة الله مسرعا، و عن معاصيه مبطئا، فجزاك الله عني من جسد خير الجزاء، فعليك السلام إلى يوم القيامة. و يقول الجسد للروح مثل ذلك».

قال: «فيصيح ملك الموت بالروح: أيتها الروح الطيبة، اخرجي من الدنيا مؤمنة مرحومة مغتبطة- قال:- فرأفت «1» به الملائكة، و فرجت عنه الشدائد، و سهلت له الموارد، و صار لحيوان الخلد».

قال: «ثم يبعث الله له صفين من الملائكة، غير القابضين لروحه، فيقومون سماطين ما بين منزله إلى قبره، يستغفرون له، و يشفعون له. قال: فيعلله ملك الموت، و يمنيه و يبشره عن الله بالكرامة و الخير، كما تخادع الصبي امه، تمرخه بالدهن و الريحان و بقاء النفس، و تفديه بالنفس و الوالدين».

قال: «فإذا بلغت الحلقوم قال الحافظان اللذان معه: يا ملك الموت، ارأف بصاحبنا و ارفق، فنعم الأخ كان، و نعم الجليس، لم يمل علينا ما يسخط الله قط. فإذا خرجت روحه خرجت كنخلة بيضاء، وضعت في مسكة بيضاء، و من كل ريحان في الجنة، فأدرجت إدراجا، و عرج بها القابضون إلى السماء الدنيا. قال: فتفتح له أبواب السماء، و يقول لها البوابون: حياه الله من جسد كانت فيه، لقد كان يمر له علينا عمل صالح، و نسمع حلاوة صوته بالقرآن».

قال: «فتبكي له أبواب السماء، و البوابون لفقده و تقول: يا رب، قد كان لعبدك هذا عمل صالح، و كنا نسمع حلاوة صوته بالذكر للقرآن. و يقولون: اللهم ابعث لنا مكانه عبدا صالحا يسمعنا ما كان يسمعنا. و يصنع الله ما يشاء، فيصعد به إلى حيث رحبت «2» به ملائكة السماء كلهم أجمعون، و يشفعون له، و يستغفرون له، و يقول الله

تبارك و تعالى: رحمتي عليه من روح. و تتلقاه أرواح المؤمنين كما يتلقى الغائب غائبه، فيقول بعضهم لبعض:

ذروا هذه الروح حتى تفيق، فقد خرجت من كرب عظيم. و إذا هو استراح أقبلوا عليه يسألونه و يقولون: ما فعل فلان و فلان، فإن كان قد مات بكوا و استرجعوا، و يقولون: ذهبت به امه الهاوية، فإنا لله و إنا إليه راجعون- قال:- فيقول الله: ردوها عليه، فمنها خلقتهم، و فيها أعيدهم، و منها أخرجهم تارة اخرى».

3885/ [7]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ أي مواضع وَ مِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ أي نار تغشاهم «3».

قال: قوله تعالى: لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أي ما يقدرون عليه. قال: و قوله تعالى: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ قال: العداوة تنزع منهم- أي من المؤمنين- في الجنة، إذا دخلوها قالوا كما حكى الله:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَ نُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 231.

(1) في «ط»: فرقت.

(2) في «ط»: عيش رحّب، و في المصدر: عيش رحبّت. [.....]

(3) في «ط»: أي أغطية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 545

3886/ [8]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد «1»، عن المعلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن هلال «2»، عن أبيه «3»، عن أبي السفاتج، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ.

قال: «إذا كان يوم القيامة دعي بالنبي (صلى الله عليه و آله) و بأمير

المؤمنين و الأئمة من ولده، فينصبون «4» للناس، فإذا رأتهم شيعتهم قالوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ يعني: هدانا الله في ولاية أمير المؤمنين و الأئمة من ولده (عليهم السلام)».

سورة الأعراف(7): آية 44 ..... ص : 545

قوله تعالى:

وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [44]

3887/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «المؤذن: أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، يؤذن أذانا يسمع الخلائق كلها، و الدليل على ذلك قول الله عز و جل في سورة براءة: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ «5» فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): كنت أنا الأذان في الناس».

3888/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عمر الحلال، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.

قال: «المؤذن: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

8- الكافي 1: 346/ 33.

1- تفسير القمّي 1: 231، ينابيع المودة: 101.

2- الكافي 1: 352/ 70.

(1) في «س»: أحمد بن محمّد، و في «ط»: الحسين بن سعيد، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو الحسين بن محمّد بن عامر الأشعري، من مشايخ الكليني، و الراوي عن المعلّى. كذا في معجم رجال الحديث 6: 73.

(2) في «س» و «ط»: المعلّى بن محمّد، عن أحمد بن هلال، و الصواب ما في المتن. و الظاهر أنّه أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن مروان الأنباري، شيخ

المعلّى و الراوي عن أحمد بن هلال. انظر معجم رجال الحديث 2: 286.

(3) في «س» زيادة: عن عليّ القيني، و في «ط» نسخة بدل: عليّ القيسي، و هو سهو، حيث لم يرو عنه هلال، و لم يرو هو عن أبي السفاتج. انظر معجم رجال الحديث 19: 312، 21: 174.

(4) في «س»: و يشفعون.

(5) التّوبة 9: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 546

3889/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة منصرفة من النهروان، و بلغه أن معاوية يسبه و يعيبه «1» و يقتل أصحابه، فقام خطيبا- و ذكر الخطبة إلى أن قال (عليه السلام) فيها:- و أنا المؤذن في الدنيا و الآخرة، قال الله عز و جل: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ أنا ذلك المؤذن، و قال: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ «2» و أنا ذلك الأذان».

3890/ [4]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في قوله: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ، قال: «المؤذن أمير المؤمنين (عليه السلام)».

3891/ [5]- الطبرسي: قال: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بإسناده عن محمد بن الحنيفة، عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «أنا ذلك المؤذن».

3892/ [6]- عنه: بإسناده عن أبي صالح، عن ابن عباس، أنه قال: لعلي (عليه السلام) في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس، قوله: فَأَذَّنَ

مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فهو المؤذن بينهم يقول: «ألا لعنة الله على الذين كذبوا بولايتي و استخفوا بحقي».

3893/ [7]- ابن الفارسي في (الروضة): قال الباقر (عليه السلام): وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ قال: «المؤذن علي (عليه السلام)».

سورة الأعراف(7): الآيات 46 الي 50 ..... ص : 546

قوله تعالى:

وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ- إلى قوله تعالى:- حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ [46- 50]

3894/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن

__________________________________________________

3- معاني الأخبار: 59/ 9، ينابيع المودة: 101.

4- تفسير العيّاشي 2: 17/ 41، شواهد التنزيل 1: 203/ 263.

5- مجمع البيان 4: 651، شواهد التنزيل 1: 202/ 262، ينابيع المودة: 101.

6- مجمع البيان 4: 651، ينابيع المودة: 101.

7- روضة الواعظين: 105. [.....]

1- الكافي 1: 141/ 9، ينابيع المودة: 102.

(1) في المصدر: و يلعنه.

(2) التّوبة 9: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 547

عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ؟

فقال: نحن على الأعراف، و نحن نعرف أنصارنا بسيماهم، و نحن الأعراف الذين لا يعرف الله عز و جل إلا بسبيل معرفتنا، و نحن الأعراف يوقفنا «1» الله عز و جل يوم القيامة على الصراط «2»، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه.

إن الله تبارك و تعالى لو شاء لعرف الناس «3»

نفسه حتى يعرفوا حده، و يأتوه من بابه «4» و لكن جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله، و بابه «5» الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا، فهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء من اعتصم الناس به، و لا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة، يفرغ بعضها في بعض، و ذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها، و لا انقطاع».

3895/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن سليم مولى طربال، قال:

حدثني هشام، عن حمزة بن الطيار، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «الناس على ستة أصناف» قال: قلت: أ تأذن لي أكتبها؟ قال: «نعم». قلت: ما أكتب؟ قال: «اكتب» و ذكر الحديث إلى أن قال: «و اكتب أصحاب الأعراف» قال:

قلت: و ما أصحاب الأعراف؟ قال: «قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم، فإن أدخلهم النار فبذنوبهم، و إن أدخلهم الجنة فبرحمته».

و قد ذكرت الحديث بطوله في تفسير قوله تعالى: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا «6».

3896/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، و علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، جميعا، عن زرارة، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «ما تقول في أصحاب الأعراف؟» فقلت: ما هم إلا مؤمنون أو كافرون، إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون، و إن دخلوا النار فهم كافرون. فقال: «و الله ما هم بمؤمنين، و لا كافرين، و لو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون،

و لو كانوا كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون، و لكنهم قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم، فقصرت بهم الأعمال، و إنهم

__________________________________________________

2- الكافي 2: 281/ 1.

3- الكافي 2: 299/ 1.

(1) في المصدر: يعرّفنا.

(2) في «س»: بين الجنّة و النار.

(3) في المصدر: العباد.

(4) (حتى ... من بابه) ليس في المصدر.

(5) في المصدر: و الوجه.

(6) تقدم في الحديث (4) من تفسير الآيات (94- 99) من سورة النساء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 548

كما قال الله عز و جل».

فقلت: أمن أهل الجنة هم، أو من أهل النار؟ فقال: اتركهم حيث تركهم الله».

قلت: أ فترجئهم؟ قال: «نعم، أرجئهم كما أرجأهم الله، إن شاء أدخلهم الجنة برحمته، و إن شاء ساقهم إلى النار بذنوبهم، و لم يظلمهم».

فقلت: هل يدخل الجنة كافر؟ قال: «لا».

قلت: فهل يدخل النار إلا كافر؟ قال: فقال: «لا، إلا أن يشاء الله، يا زرارة إني أقول: ما شاء الله [و أنت لا تقول:

ما شاء الله أما إنك إن كبرت رجعت، و تحللت عنك عقدك».

3897/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن علي (عليهما السلام)، في خطبة أشير إليها قريبا قال (عليه السلام): «و نحن أصحاب الأعراف، أنا و عمي و أخي و ابن عمي، و الله فالق الحب و النوى، لا يلج النار لنا محب، و لا يدخل الجنة لنا مبغض، يقول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ».

3898/ [5]- سعد بن عبد الله

في (بصائر الدرجات)، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي سلمة سالم «1» بن مكرم الجمال، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.

قال: «نحن أولئك الرجال، الأئمة منا يعرفون من يدخل النار، و من يدخل الجنة، كما تعرفون في قبائلكم الرجل منكم، فيعرف من فيها من صالح أو طالح».

3899/ [6]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل الصيرفي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

3900/ [7]- و عنه، قال: حدثني أبو الجوزاء بن المنبه «2» بن عبد الله التميمي، قال: حدثني الحسين بن علوان __________________________________________________

4- معاني الأخبار: 59/ 9.

5- مختصر بصائر الدرجات: 51.

6- مختصر بصائر الدرجات: 52. [.....]

7- مختصر بصائر الدرجات: 52.

(1) في «س» و «ط»: أبي سلمة بن سالم، و الصواب ما في المتن، و هو سالم بن مكرم الجمّال، يكنّى أبا خديجة، و كنّاه أبو عبد اللّه أبا سلمة، انظر معجم رجال الحديث 8: 22.

(2) في «س»: أبو الجوز بن المنية، و في المصدر: أبو الجود المنبه، و في «س»: أبو الجوز بن المنبه، تصحيف، و الصواب ما أثبتناه من رجال النجاشيّ: 421 و 459، و معجم رجال الحديث 18: 325 و 21: 101.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 549

الكلبي، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية:

وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.

فقال: «يا سعد، آل محمد (صلى الله عليه و آله) هم الأعراف، لا يدخل الجنة إلا من يعرفهم و يعرفونه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه، و هم أعراف، لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم».

3901/ [8]- و عنه: عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ، قال: «نزلت في هذه الامة، و الرجال هم الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

قلت: فما الأعراف؟ قال: «صراط بين الجنة و النار، فمن شفع له الإمام منا- من المؤمنين المذنبين- نجا، و من لم يشفع له هوى».

3902/ [9]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان «1»، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت عند أمير المؤمنين (عليه السلام) جالسا، فجاء رجل فقال له: يا أمير المؤمنين، وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ؟

فقال له علي (عليه السلام): «نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، و نحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا، و نحن الأعراف نوقف يوم القيامة بين الجنة و النار، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه، و ذلك لأن الله عز و جل لو شاء لعرف الناس نفسه حتى يعرفوا حده «2» و يأتوه من بابه، [و لكنه جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله و بابه الذي يؤتى

منه».

3903/ [10]- و عنه: عن علي بن محمد «3» بن علي بن سعد الأشعري، عن حمدان بن يحيى، عن بشير بن حبيب «4»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ.

قال: «سور بين الجنة و النار، عليه محمد (صلى الله عليه و آله) و علي و الحسن و الحسين و فاطمة و خديجة الكبرى (عليهم السلام)، فينادون: اين محبونا؟ أين شيعتنا؟ فيقبلون إليهم، فيعرفونهم بأسمائهم و أسماء آبائهم، و ذلك

__________________________________________________

8- مختصر بصائر الدرجات: 52.

9- مختصر بصائر الدرجات: 52.

10- مختصر بصائر الدرجات: 53.

(1) في «س» و «ط»: أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن علوان، و الصواب ما في المتن، حيث روى ابن عيسى، عن ابن سعيد، و روى الأخير عن الحسين بن علوان. راجع معجم رجال الحديث 5: 243 و ما بعدها.

(2) في المصدر: حتى يعرفوه و يوحّدوه.

(3) في «س» و «ط»: عليّ بن أحمد، و الصواب ما في المتن، و كذا في رجال النجاشيّ: 257، و معجم رجال الحديث 12: 156.

(4) في المصدر: بشر بن حبيب، و لم نعثر عليه فيما عندنا من المعاجم الرجالية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 550

قوله عز و جل: يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «1» فيأخذون بأيديهم فيجوزون بهم الصراط و يدخلونهم الجنة».

3904/ [11]- و عنه: عن معلى بن محمد البصري، قال: حدثنا أبو الفضل المدائني، عن أبي مريم الأنصاري، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: سمعته يقول: «إذا دخل الرجل حفرته أتاه ملكان، اسمهما منكر و نكير، فأول ما يسألانه عن ربه، ثم عن نبيه، ثم عن

وليه، فإن أجاب نجا، و إن تحير عذباه».

فقال رجل: فما حال من عرف ربه و نبيه و لم يعرف وليه؟ قال: «مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا «2» فذلك لا سبيل له.

و قد قيل للنبي (صلى الله عليه و آله): من ولي الله؟ فقال: وليكم في هذا الزمان علي و من بعده وصيه، و لكل زمان عالم يحتج الله به لئلا يكون كما قال الضلال قبلهم حين فارقتهم أنبياؤهم: رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى «3». بما كان من ضلالتهم و هي جهالتهم بالآيات، و هم الأوصياء، فأجابهم الله عز و جل: قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى «4» و إنما كان تربصهم أن قالوا: نحن في سعة من معرفة الأوصياء حتى نعرف إماما. فيعرفهم «5» الله بذلك.

فالأوصياء هم أصحاب الصراط، وقوفا عليه، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم [و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه، لأنهم عرفاء الله عز و جل، عرفهم عليهم «6» عند أخذه المواثيق عليهم، و وصفهم في كتابه فقال عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ و هم الشهداء على أوليائهم، و النبي (صلى الله عليه و آله) الشهيد عليهم، أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة، و أخذ النبي (صلى الله عليه و آله) عليهم الميثاق بالطاعة، فجرت نبوته عليهم، و ذلك قول الله عز و جل: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ

لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً «7»».

3905/ [12]- و عنه: أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أسباط، عن أحمد بن حنان، عن بعض أصحابه، عمن حدثه، عن الأصبغ بن نباتة، عن سلمان الفارسي، قال: قال: أقسم بالله لسمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي (عليه السلام): «يا علي، إنك و الأوصياء من بعدي- أو قال: من بعدك- أعراف، لا يعرف الله

__________________________________________________

11- مختصر بصائر الدرجات: 53.

12- مختصر بصائر الدرجات: 54، ينابيع المودّة: 102.

(1) زاد في «ط»: أي بأسمائهم.

(2) النّساء 4: 143. [.....]

(3) طه 20: 134.

(4) طه 20: 135.

(5) في المصدر: فعيّرهم.

(6) أثبتناه من المصدر، و في «س» بياض.

(7) النّساء 4: 41- 42.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 551

إلا بسبيل معرفتكم، و أعراف لا يدخل الجنة إلا من قد عرفتموه و عرفكم، و لا يدخل النار إلا من أنكركم و أنكرتموه».

3906/ [13]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي «1»، عن بعض أصحابه، عن سعد بن طريف، قال: قلت: لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ؟

قال: «يا سعد، إنها أعراف، و لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه، و أعراف لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم، فلا سواء من اعتصمت به المعتصمة، و من [ذهب مذهب الناس ذهب الناس إلى عين كدرة، يفرغ بعضها في بعض، و من أتي آل محمد (صلى الله عليه و آله) أتى عينا صافية تجري بعلم الله، ليس لها نفاد

و لا انقطاع، ذلك بأن الله لو شاء لأراهم شخصه حتى يأتوه من بابه، و لكن جعل محمدا (صلى الله عليه و آله) و آل محمد (عليهم السلام) أبوابه التي يؤتى منها، و ذلك قول الله: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «2»».

3907/ [14]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان «3»، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الأعراف ما هم؟ فقال: «هم أكرم الخلق على الله تبارك و تعالى».

3908/ [15]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.

فقال: «هم الأئمة منا أهل البيت، في باب من ياقوت أحمر على سور الجنة، يعرف كل إمام منا ما يليه».

فقال رجل: و [ما معنى: ما] ما يليه؟ فقال: «من القرن الذي [هو] فيه إلى القرن الذي كان».

3909/ [16]- و عنه: عن المعلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «جاء ابن الكواء إلى

__________________________________________________

13- مختصر بصائر الدرجات: 54.

14- مختصر في المصدر: 54.

15- مختصر بصائر الدرجات: 55.

16- مختصر بصائر الدرجات: 55.

(1) في «س» و «ط»: محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن بعض أصحابه، و الصواب ما في المتن، إذ روى ابن أبي الخطّاب عن موسى،

و روى الأخير عن عبد اللّه. انظر رجال النجاشي: 404 و معجم رجال الحديث 15: 291 و 19: 45.

(2) البقرة 2: 189.

(3) في «س»: عثمان بن مروان، تصحيف، كما نبّه إلى ذلك في معجم رجال الحديث 11: 126، و قد روى عمّار عن المنخّل، و روى عنه ابن سنان. انظر رجال النجاشي: 421 و معجم رجال الحديث 12: 256.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 552

أمير المؤمنين (عليه السلام)» الحديث، و قد تقدم في أول الأحاديث من طريق محمد بن يعقوب «1».

3910/ [17]- و عنه: عن أحمد بن الحسين الكناني، قال: حدثنا عاصم بن محمد المحاربي، قال: حدثنا يزيد ابن عبد الله الخيبري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن مسلم البجلي «2»، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ، قال: «نحن أصحاب الأعراف، من عرفنا فمآله الجنة، و من أنكرنا فمآله النار».

3911/ [18]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الأعراف: كثبان بين الجنة و النار، و الرجال: الأئمة (صلوات الله عليهم)، يقفون «3» على الأعراف مع شيعتهم، و قد سيق «4» المؤمنون إلى الجنة بلا حساب، فيقول الأئمة لشيعتهم من أصحاب الذنوب: انظروا إلى إخوانكم في الجنة قد سيقوا «5» إليها بلا حساب، و هو قوله تبارك و تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ، ثم يقال لهم: انظروا إلى أعدائكم في النار، و هو قوله: وَ إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ نادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ في النار قالُوا

ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ في الدنيا وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ. ثم يقولون لمن في النار من أعدائهم:

أ هؤلاء شيعتي و إخواني الذين كنتم أنتم تحلفون في الدنيا أن لا ينالهم الله برحمة؟ ثم تقول الأئمة لشيعتهم:

ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ثم نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ».

3912/ [19]- الطبرسي، قال: اختلفوا في المراد بالرجال هنا على أقوال- إلى أن قال:- و

قال أبو جعفر (عليه السلام): «هم آل محمد (عليهم السلام)، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه».

3913/ [20]- و قال الطبرسي أيضا: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): «الأعراف كثبان بين الجنة و النار، يقف عليها كل نبي و كل خليفة نبي مع المذنبين من أهل زمانه، كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده، و قد سيق المحسنون إلى الجنة، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه: انظروا إلى إخوانكم المحسنين

__________________________________________________

17- مختصر بصائر الدرجات: 55.

18- مختصر بصائر الدرجات: 231. [.....]

19- مجمع البيان 4: 652.

20- مجمع البيان 4: 653.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير هذه الآيات.

(2) في «س» و «ط»: حدّثنا الحسين بن مسلم العجلي.

(3) في «س»: يقومون.

(4) في «ط»: و قد سبق.

(5) في «ط»: و قد سبقوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 553

قد سيقوا إلى الجنة، فيسلم عليهم المذنبون، و ذلك قوله: وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ.

ثم أخبر سبحانه أنهم لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنة و هم يطمعون أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي و الإمام، و ينظر هؤلاء المذنبون إلى

أهل النار فيقولون: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ثم ينادي أصحاب الأعراف و هم الأنبياء و الخلفاء رجالا من أهل النار مقرعين لهم:

ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ يعني: أ هؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقرونهم و تستطيلون بدنياكم عليهم، ثم يقولون لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله لهم بذلك: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ».

3914/ [21]- و قال الطبرسي أيضا: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناد رفعه إلى الأصبغ بن نباتة، قال: كنت جالسا عند علي (عليه السلام) «1» فأتاه ابن الكواء فسأله عن هذه الآية، فقال: «ويحك يا بن الكواء، نحن نقف يوم القيامة بين الجنة و النار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة، و من أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار».

3915/ [22]- و قال الشيباني، في معنى الآية: قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام): «الرجال هنا الأئمة من آل محمد (عليهم السلام)، يكونون على الأعراف حول النبي (صلى الله عليه و آله)، يعرفون المؤمنين بسيماهم، فيدخلون الجنة كل من عرفهم و عرفوه، و يدخلون النار من أنكرهم و أنكروه».

3916/ [23]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، قال: «أنا يعسوب المؤمنين، و أنا أول السابقين، و خليفة رسول رب العالمين، و أنا قسيم الجنة و النار، و أنا صاحب الأعراف».

3917/ [24]- عن هلقام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ، ما يعني بقوله: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ؟

قال: «ألستم تعرفون عليكم عرفاء على قبائلكم ليعرفوا من فيها من صالح أو طالح؟»

قلت: بلى. قال: «فنحن أولئك الرجال الذين يعرفون كلا بسيماهم».

3918/ [25]- عن زاذان، عن سلمان، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي (عليه السلام) أكثر من عشر مرات: «يا علي، إنك و الأوصياء من بعدك أعراف بين الجنة و النار، لا يدخل الجنة إلا من عرفكم و عرفتموه، و لا يدخل النار إلا من أنكركم و أنكرتموه».

__________________________________________________

21- مجمع البيان 4: 653، تفسير فرات: 48، شواهد التنزيل 1: 198/ 256، ينابيع المودة: 102.

22- نهج البيان 2: 122 (مخطوط).

23- تفسير العيّاشي 2: 17/ 42.

24- تفسير العيّاشي 2: 18/ 43.

25- تفسير العيّاشي 2: 18/ 44، ينابيع المودة: 102.

(1) في «س»: عند أبي عبد اللّه، و هو سهو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 554

3919/ [26]- عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في هذه الآية: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.

قال: «يا سعد، هم آل محمد (عليهم السلام)، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه».

3920/ [27]- عن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: أي شي ء أصحاب الأعراف؟

قال: «استوت الحسنات و السيئات، فإن أدخلهم الله الجنة فبرحمته، و إن عذبهم لم يظلمهم».

3921/ [28]- عن كرام، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا كان يوم القيامة أقبل سبع قباب من نور يواقيت خضر و بيض، في كل قبة إمام دهره، قد احتف به أهل دهره، برها و فاجرها، حتى يقفوا بباب الجنة، فيطلع أولها صاحب قبة اطلاعة فيميز أهل ولايته من عدوه، ثم يقبل على عدوه فيقول: أنتم الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة؟! ادخلوا الجنة لا خوف

عليكم اليوم، يقوله لأصحابه، فيسود وجه «1» الظالم، فيمر أصحابه إلى الجنة، و هم يقولون: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فإذا نظر أهل القبة الثانية إلى قلة من يدخل الجنة، و كثرة من يدخل النار، خافوا أن لا يدخلوها، و ذلك قوله: لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ».

3922/ [29]- عن الثمالي، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «نحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبب معرفتنا، و نحن الأعراف الذين لا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه، و ذلك بأن الله لو شاء أن يعرف الناس نفسه لعرفهم، و لكنه جعلنا سببه و سبيله و بابه الذي يؤتى منه».

3923/ [30]- و من طريق المخالفين: (تفسير الثعلبي) في قوله تعالى: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ عن ابن عباس أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط، عليه العباس و حمزة و علي بن أبي طالب و جعفر ذو الجناحين، يعرفون شيعتهم ببياض الوجوه، و مبغضيهم بسواد الوجوه».

3924/ [31]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، و أبي منصور، عن أبي الربيع، قال: حججت «2» مع أبي

__________________________________________________

26- تفسير العيّاشي 2: 18/ 45. [.....]

27- تفسير العيّاشي 2: 18/ 46.

28- تفسير العيّاشي 2: 18/ 47.

29- تفسير العيّاشي 2: 19/ 48.

30- ...... شواهد التنزيل 1: 198/ 257 و 258، الصواعق المحرقة: 169، ينابيع المودّة: 102.

31- الكافي 8: 120/ 93.

(1) في «ط» نسخة بدل: وجوه.

(2) في المصدر: حججنا.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 2، ص: 555

جعفر (عليه السلام) في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت و قد اجتمع عليه الناس، فقال نافع: يا أمير المؤمنين، من هذا الذي قد تداك عليه الناس؟ فقال هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد بن علي فقال: اشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي، أو ابن نبي، أو وصي نبي. قال: فاذهب إليه فسأله، لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس، ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا محمد بن علي، إني قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و قد عرفت حلالها و حرامها، و قد جئت أسألك عن مسائل، لا يجيب فيها إلا نبي، أو وصي نبي، أو ابن نبي. قال: فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه فقال: «سل عما بدا لك».

فقال: أخبرني كم بين عيسى و محمد (صلى الله عليه و آله) من سنة؟ فقال: «أخبرك بقولي أو بقولك؟» قال: أخبرني بالقولين جميعا. فقال: «أما في قولي فخمس مائة سنة، و أما في قولك فست مائة سنة».

قال: فأخبرني عن قول الله عز و جل لنبيه: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ «1» من الذي سأل محمد (صلى الله عليه و آله) و كان بينه و بين عيسى خمس مائة سنة؟ قال: فتلا أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية: «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا «2» فكان من الآيات التي أراها الله

تبارك و تعالى محمدا (صلى الله عليه و آله) حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين و الآخرين من النبيين و المرسلين، ثم أمر جبرئيل (عليه السلام) فأذن شفعا، و أقام شفعا، و قال في أذانه: (حي على خير العمل) ثم تقدم محمد (صلى الله عليه و آله) فصلى بالقوم، فلما انصرف قال لهم: على ما تشهدون و ما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أنك رسول الله، أخذ على ذلك عهودنا و مواثيقنا».

فقال نافع: صدقت يا أبا جعفر، و أخبرني عن قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما «3». قال: «إن الله تبارك و تعالى لما أهبط آدم إلى الأرض، و كانت السماوات رتقا لا تمطر شيئا، و كانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا، فلما تاب الله عز و جل على آدم (عليه السلام) أمر السماء فتفطرت بالغمام، ثم أمرها فأرخت عزاليها «4»، ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار و أثمرت الثمار و تفهقت «5» بالأنهار، فكان ذلك رتقها، و هذا فتقها».

فقال نافع: صدقت يا بن رسول الله، فأخبرني عن قول الله عز و جل:

__________________________________________________

(1) الزخرف 43: 45.

(2) الإسراء 17: 1.

(3) الأنبياء 21: 30.

(4) أي انهمرت بالمطر. المعجم الوسيط- عزل- 2: 599.

(5) تفهقت: أي اتسعت و امتلأت. و الظاهر أنها تصحيف (تفتقت).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 556

يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ «1» و أي أرض تبدل يومئذ؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أرض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله عز و جل من الحساب». فقال نافع: إنهم

عن الأكل لمشغولون؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أهم يومئذ أشغل أم إذ هم في النار؟» قال: بل إذ هم في النار. قال: «و الله ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم، و دعوا بالشراب فسقوا الحميم».

فقال: صدقت يا بن رسول الله، و لقد بقيت مسألة واحدة، قال: «ما هي؟» قال: أخبرني عن الله تبارك و تعالى متى كان؟

قال: «ويلك، و متى لم يكن حتى أخبرك متى كان، سبحان من لم يزل و لا يزال فردا صمدا، لم يتخذ صاحبة و لا ولدا».

ثم قال: «يا نافع، أخبرني «2» عما أسألك عنه» قال: و ما هو؟ قال: «ما تقول في أصحاب النهروان؟ فإن قلت أن أمير المؤمنين قتلهم بحق فقد ارتددت، و إن قلت أنه قتلهم باطلا فقد كفرت».

قال: فولى من عنده و هو يقول: أنت- و الله- أعلم الناس حقا حقا. فأتى هشاما فقال له: ما صنعت؟ قال:

دعني من كلامك، هذا و الله أعلم الناس حقا حقا، و هو ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حقا، و يحق لأصحابه أن يتخذوه نبيا.

و روى علي بن إبراهيم هذا الحديث في (تفسيره) في هذه الآية، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي الربيع، قال: حججت مع أبي جعفر (عليه السلام) في السنة التي حج فيها هشام بن عبد المطلب، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، و ساق الحديث «3».

و

في رواية محمد بن يعقوب زيادة، و في رواية علي بن إبراهيم في كلام نافع لأبي جعفر (عليه السلام): فأخبرني عن قول الله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ «4» أي أرض تبدل غير الأرض و السماوات يومئذ

«5»؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «بخبزة بيضاء، يأكلون منها حتى يفرغ الله من حساب الخلق» «6». فقال نافع:

إنهم عن الأكل لمشغولون؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أهم حينئذ أشغل، أم إذ هم في النار؟» فقال نافع: بل إذ هم في النار. قال (عليه السلام): «فقد قال الله: وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم، و دعوا بالشراب فسقوا الحميم» فقال: صدقت، الحديث.

__________________________________________________

(1) إبراهيم 14: 48.

(2) في «س» و «ط»: أخبرك. [.....]

(3) تفسير القمّي 1: 232.

(4) إبراهيم 14: 48.

(5) في المصدر: بأيّ أرض الذي تبدّل.

(6) في المصدر: الخلائق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 557

3925/ [32]- و قال ابن طاوس في (الدروع الواقية): في الحديث أن أهل النار إذا دخلوها و رأوا نكالها و أهوالها و علموا عذابها و عقابها و رأوها، كما قال زين العابدين (عليه السلام): «ما ظنك بنار لا تبقي على من تضرع إليها، و لا تقدر على التخفيف عمن خشع لها، و استسلم إليها، تلقى سكانها بأحر ما لديها من أليم النكال و شديد الوبال، يعرفون أن أهل الجنة في ثواب عظيم و نعيم مقيم، فيؤملون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفف عنهم بعض العذاب الأليم، كما قال الله جل جلاله في كتابه العزيز: وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ- قال:- فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار و التهوين إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ».

قال: «فيرون الخزنة عندهم، و هم يشاهدون ما نزل بهم من المصاب، فيؤملون أن يجدوا عندهم فرجا بسبب من الأسباب، كما قال الله

جل جلاله: وَ قالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ «1»- قال:- فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال، قالوا: فَادْعُوا وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ «2»».

قال: «فإذا يئسوا من خزنة جهنم رجعوا إلى مالك مقدم الخزان، و أملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان، كما قال الله جل جلاله: وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ «3»- قال:- فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة، و هم في العذاب، ثم يجيبهم كما قال الله تعالى في كتابه المكنون: قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ «4»».

3926/ [33]- العياشي: عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أحدهما، قال: «أن أهل النار يموتون عطاشى، و يدخلون قبورهم عطاشى، و يحشرون عطاشى، و يدخلون جهنم عطاشى، فترفع لهم قراباتهم من الجنة، فيقولون: أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله».

3927/ [34]- عن الزهري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، يقول: «يوم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله».

سورة الأعراف(7): الآيات 51 الي 54 ..... ص : 557

3927/ [34]- عن الزهري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، يقول: «يوم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله».

قوله تعالى:

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً- إلى قوله تعالى- أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [51- 54]

__________________________________________________

32- الدروع الواقية: 59. (مخطوط).

33- تفسير العيّاشي 2: 19/ 49.

34- تفسير العيّاشي 2: 19/ 50.

(1) غافر 40: 49.

(2) غافر 40: 50.

(3، 4) الزخرف 43: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 558

3928/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال الله عز و جل: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ

الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا أي نتركهم، و النسيان من الله عز و جل هو الترك.

3929/ [2]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي معمر السعداني، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا.

قال: «يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به و برسوله و خافوه بالغيب».

3930/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن محمد «1» بن عصام الكليني، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام «2»، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «3».

فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا ينسى و لا يسهو، و إنما ينسى و يسهو المخلوق المحدث، ألا تسمع قوله عز و جل يقول: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «4» و إنما يجازي من نسيه و نسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم، كما قال عز و جل: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «5» قوله عز و جل: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا».

3931/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ فهو من الآيات التي تأويلها بعد تنزيلها. قال: ذلك في قيام القائم (عليه السلام) و يوم القيامة يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ أي تركوه قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا

بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا قال: هذا يوم القيامة أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ أي بطل عنهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 235.

2- التوحيد: 259/ 5.

3- التوحيد: 159/ 1.

4- تفسير القمّي 1: 235. [.....]

(1) في «س» و «ط»: محمّد بن عليّ، و الصواب ما في المتن، انظر معجم رجال الحديث 17: 199، و روى عنه الشيخ الصدوق في موارد اخرى.

(2) في «س» و «ط»: الحسين بن القاسم الرقّام، و الظاهر أنّ ما في المتن هو الصواب، لوروده بهذا الضبط في كمال الدين: 675/ 31، معاني الأخبار 96، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 216/ 1.

(3) التوبة 9: 67.

(4) مريم 19: 64.

(5) الحشر 59: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 559

قال: قوله: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ قال: في ستة أوقات ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ أي علا بقدرته على العرش يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً أي سريعا.

3932/ [5]- صاحب (ثاقب المناقب) أسنده إلى أبي هاشم الجعفري، عن محمد بن صالح الأرمني، قال: قلت لأبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام): عرفني عن قول الله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ «1».

فقال (عليه السلام): «لله الأمر من قبل أن يأمر، و من بعد أن يأمر بما يشاء» فقلت في نفسي: هذا تأويل قول الله:

أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ، فأقبل علي و قال: «هو كما أسررت في نفسك أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ».

سورة الأعراف(7): الآيات 55 الي 56 ..... ص : 559

قوله تعالى:

ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً- إلى قوله تعالى- قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [55- 56] 3933/ [1]- علي بن إبراهيم،

قال: قوله ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً أي علانية و سرا، و قوله: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، قال: إصلاحها «2» برسول الله و أمير المؤمنين (عليهما الصلاة و السلام)، فأفسدوها حين تركوا أمير المؤمنين (عليه السلام) و ذريته.

3934/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن علي، عن ابن مسكان، عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله عز و جل: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها؟

قال: فقال: «يا ميسر، إن الأرض كانت فاسدة، فأصلحها الله عز و جل بنبيه (صلى الله عليه و آله) [فقال:] وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها».

3935/ [3]- العياشي: عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها، قال: «إن الأرض كانت فاسدة، فأصلحها الله بنبيه (عليه السلام) فقال: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها».

__________________________________________________

5- الثاقب في المناقب: 564/ 502.

1- تفسير القمّي 1: 236.

2- الكافي 8: 58/ 20.

3- تفسير العيّاشي 2: 19/ 51.

(1) الروم 30: 4.

(2) في المصدر: أصلحها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 560

سورة الأعراف(7): الآيات 57 الي 58 ..... ص : 560

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً- إلى قوله تعالى- وَ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً [57- 58] 3936/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ إلى قوله:

كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى دليل على البعث و النشور، و هو رد على الزنادقة.

قال: و قوله: وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ و هو مثل الأئمة (صلوات الله عليهم) يخرج علمهم بإذن ربهم وَ الَّذِي خَبُثَ مثل أعدائهم لا

يَخْرُجُ علمهم إِلَّا نَكِداً أي كدرا «1» فاسدا.

سورة الأعراف(7): آية 59 ..... ص : 560

قوله تعالى:

لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ [59] سيأتي خبر هود و نوح و شعيب و لوط (عليهم السلام) في سورة هود، إن شاء الله تعالى «2».

سورة الأعراف(7): آية 69 ..... ص : 560

قوله تعالى:

فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ [69]

3937/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد و محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد «3»، عن أبي يوسف البزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: تلا هذه الآية:

فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ فقال: «أ تدري ما آلاء الله؟» قلت: لا. قال: «هي أعظم نعم الله على خلقه و هي ولايتنا».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 236.

2- بصائر الدرجات: 101/ 3.

(1) في المصدر: كذبا. [.....]

(2) سيأتي في تفسير الآيات (36- 49)، (50- 53)، (69- 83)، (84- 101) من سورة هود.

(3) في «س» و «ط»: عن عبد الرحمن، عن القاسم بن واقد، و الصواب ما في المتن، إذ روى ابن جمهور، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، و روى الأخير عن الهيثم بن واقد، انظر معجم رجال الحديث 10: 242 و 19: 325.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 561

سورة الأعراف(7): آية 71 ..... ص : 561

قوله تعالى:

فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ [71]

3938/ [1]- العياشي: عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «ما أحسن الصبر و انتظار الفرج! أما سمعت قول العبد الصالح، قال: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ».

سورة الأعراف(7): الآيات 75 الي 76 ..... ص : 561

قوله تعالى:

قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ [75- 76]

3939/ [2]- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار و سعد «1» بن عبد الله و عبد الله بن جعفر الحميري، قالوا «2»: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن صالحا (عليه السلام) غاب عن قومه زمانا، و كان يوم غاب عنهم كهلا مبدح البطن «3»، حسن الجسم، وافر اللحية، و رجع خميص البطن خفيف العارضين مجتمعا، ربعة من الرجال، فلما رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته، فرجع إليهم و هم على ثلاث طبقات: طبقة جاحدة لا ترجع أبدا، و اخرى شاكة فيه، و اخرى على يقين، فبدأ (عليه السلام) حيث رجع بطبقة الشكاك «4» فقال لهم: أنا صالح. فكذبوه و شتموه و زجروه، و قالوا: نبرأ إلى الله منك، إن صالحا كان في

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 20/ 52.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 136/ 6.

(1) في «س»: عن سعد، و هو سهو، و الصواب ما أثبتناه من المصدر، إذ روى ابن الوليد عن سعد، و روى الأخير عن ابن

أبي الخطّاب. انظر معجم رجال الحديث 8: 74 و ما بعدها.

(2) في «س»: قالا، تصحيف، انظر التعليقة السابقة.

(3) مبدّح البطن: أي واسع البطن، و في «س»: مبتدع.

(4) في المصدر: بالطبقة الشاكّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 562

غير صورتك». قال: «فأتى الجحاد فلم يسمعوا منه القول، و نفروا منه أشد النفور.

ثم انطلق إلى الطبقة الثالثة، و هم أهل اليقين، فقال لهم: أنا صالح. فقالوا: أخبرنا خبرا لا نشك فيه «1» أنك صالح، فإنا لا نمتري أن الله تبارك و تعالى الخالق ينقل و يحول في أي صورة شاء، و قد أخبرنا و تدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء، و إنما يصح عندنا إذا أتانا «2» الخبر من السماء.

فقال لهم صالح (عليه السلام): أنا صالح الذي أتيتكم بالناقة. فقالوا: صدقت، و هي التي نتدارس، فما علامتها؟

فقال: لها شرب و لكم شرب يوم معلوم. فقالوا: آمنا بالله و بما جئتنا به. فعند ذلك قال الله تبارك و تعالى: أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ فقال أهل اليقين: إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا و هم الشكاك و الجحاد: إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ».

قلت: هل كان فيهم ذلك اليوم عالم؟ قال: «الله أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم، يدل على الله عز و جل، و لقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيام «3» لا يعرفون إماما، غير أنهم على ما في أيديهم من دين الله عز و جل، كلمتهم واحدة، فلما ظهر صالح (عليه السلام) اجتمعوا عليه، و إنما مثل القائم (عليه السلام) مثل صالح (عليه السلام)».

3940/ [2]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله

(صلى الله عليه و آله) سأل جبرئيل (عليه السلام): كيف كان مهلك قوم صالح؟ فقال: يا محمد، إن صالحا بعث إلى قومه و هو ابن ست عشرة سنة، فلبث فيهم حتى بلغ عشرين و مائة سنة لا يجيبونه إلى خير- قال:- و كان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله، فلما رأى ذلك منهم، قال: يا قوم، إني قد بعثت إليكم، و أنا ابن ست عشرة سنة، و قد بلغت عشرين و مائة سنة، و أنا أعرض عليكم أمرين، إن شئتم فسلوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما تسألوني، و إن شئتم سألت آلهتكم، فإن أجابتني بالذي أسألها خرجت عنكم، فقد شنأتكم و شنأتموني «4». فقالوا: قد أنصفت، يا صالح. فاتعدوا ليوم يخرجون فيه».

قال: «فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم، ثم قربوا طعامهم و شرابهم، فأكلوا و شربوا، فلما أن فرغوا دعوه، فقالوا: يا صالح، سل. فدعا صالح كبير أصنامهم، فقال: ما اسم هذا؟ فأخبروه باسمه، فناداه باسمه، فلم يجب، فقال صالح: فما له لا يجيب؟ فقالوا له: ادع غيره.

فدعاها كلها بأسمائها، فلم يجبه واحد منهم، فقال: يا قوم، قد ترون، قد دعوت أصنامكم فلم يجبني واحد منهم، فسلوني حتى أدعوا إلهي فيجيبكم الساعة. فأقبلوا على أصنامهم، فقالوا لها: ما بالكن لا تجبن صالحا؟ فلم

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 20/ 54.

(1) في المصدر: فيك معه.

(2) في المصدر: إذا أتى.

(3) في المصدر زيادة: على فترة.

(4) شنأتكم و شنأتموني، أي أبغضتكم و أبغضتموني، «لسان العرب- شنا- 1: 101»، و في «س»: سأمتكم و سأمتموني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 563

تجب، فقالوا: يا صالح، تنح عنا و دعنا و أصنامنا قليلا- قال:- ثم نحوا بسطهم و فرشهم و نحوا ثيابهم و تمرغوا

«1» على التراب، و طرحوا التراب على رؤوسهم، و قالوا لأصنامهم: لئن لم تجبن صالحا اليوم لنفضحن «2»».

قال: «ثم دعوه، فقالوا- يا صالح، تعال فاسألها، فعاد فسألها فلم تجبه فقالوا: إنما أراد صالح أن تجيبه و تكلمه بالجواب- قال:- فقال لهم: يا قوم، هو ذا «3» ترون قد ذهب النهار، و لا أرى آلهتكم تجيبني، فسلوني حتى أدعوا إلهي فيجيبكم الساعة- قال:- فانتدب له منهم سبعون رجلا، من كبرائهم و عظمائهم و المنظور إليهم منهم، فقالوا: يا صالح، نحن نسألك. قال: فكل هؤلاء يرضون بكم؟ قالوا: نعم، فإن أجابوك هؤلاء أجبناك. قالوا: يا صالح، نحن نسألك، فإن أجابك ربك اتبعناك و أجبناك، و بايعك «4» جميع أهل قريتنا. فقال لهم صالح: سلوني ما شئتم. فقالوا:

انطلق بنا إلى هذا الجبل- و كان جبل قريب منه- حتى نسألك عنده».

قال: «فانطلق و انطلقوا معه، فلما انتهوا إلى الجبل قالوا: يا صالح، اسأل ربك أن يخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء و براء عشراء «5»- و في رواية محمد بن نصير «6»: حمراء شقراء «7» بين جنبيها ميل- قال: قد سألتموني شيئا يعظم علي و يهون على ربي. فسأل الله ذلك، فانصدع الجبل صدعا كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته- قال- و اضطرب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاض، ثم لم يفجأهم «8» إلا و رأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع، فما استتمت رقبتها حتى اجترت «9»، ثم خرج سائر جسدها، ثم استوت على الأرض قائمة، فلما رأوا ذلك قالوا: يا صالح، ما أسرع ما أجابك ربك! فسله أن يخرج لنا فصيلها». قال: «فسأل الله ذلك، فرمت به فدب حولها، فقال لهم: يا قوم،

أبقي شي ء؟ قالوا: لا انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم ما رأينا و يؤمنوا بك».

قال: «فرجعوا، فلم يبلغ السبعون رجلا إليهم حتى ارتد منهم أربعة و ستون رجلا فقالوا: سحر، و ثبت الستة، و قالوا: الحق ما رأينا- قال- فكثر كلام القوم و رجعوا مكذبين إلا الستة، ثم ارتاب من الستة واحد، فكان فيمن عقرها».

__________________________________________________

(1) في المصدر: فرموا بتلك البسط التي بسطوها و بتلك الآنية و تمرّغوا. [.....]

(2) في «س»: ليفضحنا.

(3) في «س»: هو كما.

(4) في المصدر: و تابعك.

(5) و براء: كثيرة الوبر. «لسان العرب- وبر- 5: 21». و العشراء ما مضى على حملها عشرة أشهر «المعجم الوسيط- عشر- 2: 602».

(6) هو محمّد بن نصير، من أهل كش، ثقة، جليل القدر، كثير العلم، روى عنه العيّاشي في موارد كثيرة، انظر معجم رجال الحديث 17: 298 و ما بعدها.

(7) في المصدر: شعراء.

(8) في المصدر: يعجلهم.

(9) اجترّت: من الجرّة و هي ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثمّ يبلعه. «لسان العرب- جرر- 4: 130»، و في المصدر: فاستقيمت رقبتها حتّى أخرجت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 564

و زاد محمد بن نصير في حديثه: قال سعيد بن يزيد «1»، فأخبرني أنه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام، فرأى جنبها قد حك الجبل، فأثر جنبها فيه، و جبل آخر بينه و بين هذا الجبل ميل.

قلت: سيأتي- إن شاء الله تعالى- هذا الحديث مسندا في سورة هود، و القصة من طريق محمد بن يعقوب «2».

سورة الأعراف(7): الآيات 80 الي 81 ..... ص : 564

قوله تعالى:

وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ- إلى قوله تعالى- مُسْرِفُونَ [80- 81]

3941/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد

بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول لوط (عليه السلام): إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ «3».

فقال: «إن إبليس أتاهم في صورة حسنة، فيها «4» تأنيث، عليه ثياب حسنة، فجاء إلى شباب منهم، فأمرهم أن يفعلوا به «5»، فلو طلب إليهم أن يقع بهم لأبوا عليه، و لكن طلب إليهم أن يقعوا به «6»، فلما وقعوا به التذوه، ثم ذهب عنهم و تركهم، فأحال بعضهم على بعض».

3942/ [2]- العياشي: عن يزيد بن ثابت، قال: سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام): أ تؤتى النساء في أدبارهن؟

فقال: «سفلت، سفل الله بك، أما سمعت الله يقول: لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ؟!».

3943/ [3]- عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، ذكر عنده إتيان النساء في أدبارهن، فقال: «ما أعلم آية في القرآن أحلت ذلك، إلا واحدة: إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 544/ 4.

2- تفسير العيّاشي 2: 22/ 55.

3- تفسير العيّاشي 2: 22/ 56.

(1) في الكافي 8: 187، قال ابن محبوب: فحدّثت بهذا الحديث رجلا من أصحابنا يقال له: سعيد بن يزيد فأخبرني ...

(2) يأتي في الحديث (3) من تفسير الآية (61) من سورة هود.

(3) العنكبوت 29: 28. [.....]

(4) في المصدر: فيه.

(5) في المصدر: يقعوا به.

(6) في «س»: يفعلوا به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 565

سورة الأعراف(7): آية 85 ..... ص : 565

قوله تعالى:

وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً [85]

3944/ [1]- العياشي: عن يحيى بن المساور الهمداني، عن أبيه، قال: جاء رجل من أهل الشام إلى علي بن الحسين (عليه السلام)، فقال: أنت علي بن الحسين؟ قال: «نعم». قال: أبوك الذي

قتل المؤمنين؟ فبكى علي بن الحسين، ثم مسح عينيه، فقال: «ويلك، كيف قطعت على أبي أنه قتل المؤمنين؟» قال: قوله: «إخواننا قد بغوا علينا، فقاتلناهم على بغيهم». فقال: «ويلك أما تقرأ القرآن؟» قال: بلى. قال: «فقد قال الله: وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً، وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً «1» فكانوا إخوانهم في دينهم أو في عشيرتهم؟» قال له الرجل: «2» بل في عشيرتهم. قال: «فهؤلاء إخوانهم في عشيرتهم، و ليسوا إخوانهم في دينهم». قال: فرجت عني فرج الله عنك.

سورة الأعراف(7): الآيات 99 الي 102 ..... ص : 565

قوله تعالى:

أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ [99- 102] 3945/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ، قال: المكر من الله: العذاب.

3946/ [3]- العياشي: عن صفوان الجمال، قال: صليت خلف أبي عبد الله (عليه السلام) فأطرق، ثم قال: «اللهم لا تؤمني مكرك» ثم جهر «3» فقال: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ.

3947/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: و قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ يعني أو لم نبين مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ الآية.

ثم قال: تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ يا محمد مِنْ أَنْبائِها يعني من أخبارها فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ يعني في الذر الأول. قال: لا يؤمنون في الدنيا بما كذبوا في الذر الأول، و هو رد على من أنكر

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 20/ 53.

2- تفسير القمّي 1: 236.

3- تفسير العيّاشي 2: 23/ 58.

4- تفسير القمّي 1: 236.

(1) هود 11: 61.

(2) زاد في المصدر: لا.

(3) في «س» و «ط»: جهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 566

الميثاق في الذر الأول».

3948/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن

يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة «1»، عن عبد الله بن محمد الجعفي، و عقبة، جميعا عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل خلق الخلق، فخلق من أحب مما أحب، فكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة، و خلق من أبغض مما أبغض، و كان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال». فقلت: و أي شي ء الظلال؟ فقال: «ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا و ليس بشي ء، ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله عز و جل، و هو قوله عز و جل: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «2» ثم دعوهم إلى الإقرار بالنبيين، فأقر بعض و أنكر بعض «3»، ثم دعوهم إلى ولايتنا، فأقر بها و الله من أحب، و أنكرها من أبغض، و هو قوله: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ «4»». ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان التكذيب ثم».

قال: و روى [هذا الحديث ابن بابويه في (العلل) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن «5» أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، بباقي السند و المتن.

3949/ [5]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ أي: ما عهدنا عليهم في الذر لم يفوا به في الدنيا وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ.

3950/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن الحكم، قال: كتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) أخبره أني شاك، و قد قال إبراهيم (عليه السلام): رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى «6» و

إني أحب أن تريني شيئا من ذلك، فكتب: «إن إبراهيم كان مؤمنا و أحب أن يزداد إيمانا، و أنت شاك و الشاك لا خير فيه». و كتب (عليه السلام): «إنما الشك ما لم يأت اليقين، فإذا جاء اليقين لم يجز الشك». و كتب: «إن الله عز و جل يقول: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ» قال: «نزلت في الشاك».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 8/ 3، علل الشرائع: 118/ 3.

5- تفسير القمّي 1: 236.

6- الكافي 2: 293/ 1.

(1) في «س» و «ط»: محمّد بن الحسين، عن صالح بن عقبة، و الصواب ما في المتن، حيث روى محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، و روى الأخير عن صالح بن عقبة بن قيس. انظر معجم رجال الحديث 9: 76 و 15: 84. [.....]

(2) الزخرف 43: 87.

(3) في المصدر: بعضهم.

(4) هذه الآية من سورة يونس 10: 74، إلّا إذا خالفنا الأصل و المصادر فحذفنا (به) فتكون من سورة الأعراف، على أنّ العيّاشيّ روى هذا الحديث في تفسير سورة يونس، كما أورده هناك أيضا المصنّف عن الكافي و العلل و العيّاشي.

(5) ما بين المعقوفين سقط من الأصل، و أثبتناه من كلام المصنّف في تفسير سورة يونس 10: 74 الحديث (1)، و انظر التعليقة السابقة.

(6) البقرة 2: 260.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 567

3951/ [7]- العياشي: عن أبي ذر، قال: قال: و الله ما صدق أحد ممن أخذ الله ميثاقه فوفى بعهد الله غير أهل بيت نبيهم، و عصابة قليلة من شيعتهم، و ذلك قول الله: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ و قوله وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ

«1».

3952/ [8]- و عنه، قال: و قال الحسين بن الحكم الواسطي: كتبت إلى بعض الصالحين أشكو الشك، فقال:

«إنما الشك فيما لا يعرف، فإذا جاء اليقين فلا شك، يقول الله: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ نزلت في الشكاك».

سورة الأعراف(7): آية 103 ..... ص : 567

قوله تعالى:

ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [103]

3953/ [1]- العياشي: عن عاصم البصري «2»، رفعه، قال: «إن فرعون بنى سبع مدائن يتحصن فيها من موسى (عليه السلام)، و جعل فيما بينها آجاما و غياضا، و جعل فيها الأسد ليتحصن بها من موسى- قال:- فلما بعث الله موسى (عليه السلام) إلى فرعون فدخل المدينة، فلما رآه الأسد تبصبصت «3» و ولت مدبرة، ثم لم يأت مدينة إلا انفتح له بابها، حتى انتهى إلى قصر فرعون الذي هو فيه- قال:- فقعد على بابه، و عليه مدرعة من صوف، و معه عصاه، فلما خرج الآذن، قال له موسى (عليه السلام): استأذن لي على فرعون. فلم يلتفت إليه- قال:- فقال له موسى: إني رسول رب العالمين- قال:- فلم يلتفت إليه. قال فمكث بذلك ما شاء الله يسأله أن يستأذن له- قال:- فلما أكثر عليه قال له: أما وجد رب العالمين من يرسله غيرك؟ قال: فغضب موسى، و ضرب الباب بعصاه، فلم يبق بينه و بين فرعون باب إلا انفتح، حتى نظر إليه فرعون و هو في مجلسه، فقال: أدخلوه».

قال: «فدخل عليه و هو في قبة له مرتفعة، كثيرة الارتفاع، ثمانون ذراعا، قال: فقال: إني رسول رب العالمين إليك. قال: فقال: فأت بآية، إن كنت من الصادقين- قال:- فألقى عصاه، و كان لها شعبتان- قال:- فإذا

هي حية، قد

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 23/ 59.

8- تفسير العيّاشي 2: 323/ 60.

1- تفسير العيّاشي 2: 23/ 61.

(1) الرعد 13: 1.

(2) في المصدر: عاصم المصري، و الظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه، و هو عاصم بن سليمان البصري المعروف بالكوزي، عدّه الشيخ الطوسي و النجاشي من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، انظر رجال النجاشي: 301، رجال الطوسي: 263، معجم رجال الحديث 9: 184.

(3) بصبص: حرك ذنبه. «لسان العرب- بصص- 7: 6».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 568

وقع إحدى الشعبتين على الأرض، و الشعبة الاخرى في أعلى القبة- قال:- فنظر فرعون إلى جوفها و هو يلتهب «1» نيرانا- قال:- و أهوت إليه فأحدث، و صاح: يا موسى، خذها».

سورة الأعراف(7): آية 111 ..... ص : 568

قوله تعالى:

قالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ [111]

3954/ [1]- العياشي: عن يونس بن ظبيان، قال: قال: «إن موسى و هارون (عليهما السلام) حين دخلا على فرعون لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح، كانوا ولد نكاح كلهم، و لو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما، فقالوا: أَرْجِهْ وَ أَخاهُ و أمروه بالتأني و النظر. ثم وضع يده على صدره، و قال: و كذلك نحن، لا ينزع إلينا إلا كل خبيث الولادة».

3955/ [2]- عن موسى بن بكر «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أشهد أن المرجئة على دين الذين قالوا:

أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ ابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ «3»».

سورة الأعراف(7): آية 117 ..... ص : 568

قوله تعالى:

وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ [117]

3956/ [3]- العياشي: عن محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «كانت عصا موسى لآدم فصارت إلى شعيب، ثم صارت إلى موسى بن عمران، و إنها لتروع و تلقف ما يأفكون، و تصنع ما تؤمر، يفتح لها شعبتان «4» إحداهما في الأرض و الاخرى في السقف، و بينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها».

3957/ [4]- المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن حمدان بن

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 24/ 62.

2- تفسير العيّاشي 2: 24/ 63.

3- تفسير العيّاشي 2: 23/ 64. [.....]

4- الاختصال: 269.

(1) في «س» و «ط»: و هي تلهب.

(2) في المصدر: موسى بن بكير، تصحيف، و الصواب ما في المتن، انظر معجم رجال الحديث 19: 28.

(3) الشعراء 26: 36.

(4) في المصدر نسخة بدل: شفتان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 569

سليمان النيسابوري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع، عن مجاشع «1»، عن المعلى،

عن محمد بن الفيض «2»، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «كانت عصا موسى لآدم سقطت إلى شعيب، ثم صارت إلى موسى، و إنها لعندنا، و إن عهدي بها آنفا، و إنها لخضراء كهيئتها حين انتزعت «3» من شجرتها، و إنها لتنطق إذا استنطقت، أعدت لقائمنا يصنع بها ما كان موسى (عليه السلام) يصنع بها، و إنها لتروع و تلقف ما يأفكون، و تصنع ما تؤمر، فكان حيث أقبلت تلقف ما يأفكون، فتحت لها شعبتان «4»، كانت إحداهما في الأرض و الاخرى في السقف، و بينهما أربعون ذراعا، فتلقف ما يأفكون، بلسانها».

3958/ [3]- محمد بن يعقوب: قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجوا- إلى أن قال:- و خرجت سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين».

سورة الأعراف(7): آية 127 ..... ص : 569

قوله تعالى:

وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَ تَذَرُ مُوسى وَ قَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ- إلى قوله تعالى- قاهِرُونَ [127] 3959/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: كان فرعون يعبد الأصنام، ثم ادعى بعد ذلك الربوبية، فقال فرعون:

سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَ نَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَ إِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ أي غالبون.

سورة الأعراف(7): آية 128 ..... ص : 569

قوله تعالى:

قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [128]

3960/ [5]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي

__________________________________________________

3- الكافي 5: 83/ 3، مسندا.

4- تفسير القمّي 1: 236.

5- الكافي 1: 336/ 1.

(1) (عن مجاشع) ليس في «س»، و الصواب ما في المتن، إذ روى عن المعلّى، و روى عنه منيع بن الحجّاج البصري، انظر معجم رجال الحديث 14: 187.

(2) في «س» و «ط»: المعلّى بن محمّد بن العيص، و هو تصحيف أشار له في معجم رجال الحديث. 17: 123 و 150 و ما بعدها.

(3) في «س»: إذ فرغت.

(4) في المصدر: ففتحت لها شفتان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 570

خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام): إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الأرض، و نحن المتقون، و الأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فعمرها فليؤد «1» خراجها للإمام من أهل بيتي، و له ما أكل منها [فإن تركها، أو أخربها، و أخذها رجل من المسلمين من بعده، فعمرها و أحياها، فهو أحق بها، من الذي تركها، يؤدي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي و له ما

أكل منها] حتى يظهر القائم (عليه السلام) من أهل بيتي بالسيف فيحويها و يحوزها و يمنعها، و يخرجهم منها، كما حواها رسول الله (صلى الله عليه و آله) و منعها، إلا ما كان في أيدي شيعتنا، فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم، و يترك الأرض في أيديهم».

3961/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد «2»، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن صالح بن حمزة، عن أبيه، عن أبي بكر الحضرمي، قال: لما حمل أبو جعفر (عليه السلام) إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك و صار ببابه، قال لأصحابه و من كان بحضرته من بني امية و غيرهم: إذا رأيتموني قد وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه.

ثم أمر أن يؤذن له، فلما دخل عليه أبو جعفر (عليه السلام) قال بيده السلام عليكم، فعمهم جميعا بالسلام، ثم جلس، فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام عليه بالخلافة، و جلوسه بغير إذن، فأقبل يوبخه و يقول فيما يقول له:

يا محمد بن علي، لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين، و دعا إلى نفسه، و زعم أنه الإمام سفها و قلة علم.

و وبخه بما أراد أن يوبخه، فلما سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم، فلما سكت القوم نهض (عليه السلام) قائما ثم قال: «أيها الناس، أين تذهبون؟ و أين يراد بكم؟ بنا هدى الله أولكم، و بنا يختم الله آخركم، فإن يكن لكم ملك معجل، فإن لنا ملكا مؤجلا، و ليس بعد ملكنا ملك، لأنها أهل العاقبة، يقول الله عز و جل: وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ». فأمر به إلى الحبس.

فلما صار إلى الحبس.

تكلم فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه «3» و حن إليه، فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال: يا أمير المؤمنين، إني خائف عليك من أهل الشام أن يحولوا بينك و بين مجلسك هذا. ثم أخبره بخبره، فأمر به فحمل على البريد هو و أصحابه ليردوا إلى المدينة، و أمر أن لا يخرج لهم بالأسواق، و حال بينهم و بين الطعام و الشراب، فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما و لا شرابا، حتى انتهوا إلى باب مدين، فأغلق «4» باب المدينة دونهم، فشكا أصحابه الجوع و العطش. قال: فصعد جبلا يشرف عليهم فقال بأعلى صوته: «يا أهل المدينة الظالم

__________________________________________________

2- الكافي 1: 392/ 5.

(1) في المصدر: فليعمرها و ليؤدّ. [.....]

(2) في «ط»: عن محمّد بن يحيى.

(3) قال المجلسي في شرح الحديث: هو هنا كناية عن المبالغة في أخذ العلم عنه (عليه السّلام)، و كناية عن شدّة الحبّ، انظر مرآة العقول 6: 23.

(4) في «س»: فغلقوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 571

أهلها، أنا بقية الله، يقول الله: بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ «1»».

قال: و كان فيهم شيخ كبير، فأتاهم فقال لهم: يا قوم، هذه و الله دعوة شعيب النبي، و الله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم و من تحت أرجلكم، فصدقوني في هذه المرة «2»، و كذبوني فيما تستأنفون، فإني ناصح لكم. قال: فبادروا فأخرجوا إلى محمد بن علي و أصحابه بالأسواق.

قال: فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ، فبعث إليه فحمله، فلم يدر ما صنع به.

3962/ [3]- العياشي: عن عمار الساباطي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ

مِنْ عِبادِهِ، قال: «فما كان لله فهو لرسوله، و ما كان لرسوله فهو للإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

3963/ [4]- عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الأرض، و نحن المتقون، و الأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فعمرها فليود خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، و له ما أكل منها، فإن تركها و أخربها بعد ما عمرها فأخذها رجل من المسلمين بعده فعمرها و أحياها فهو أحق بها من الذي تركها، فليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، و له ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف، فيحوزها و يمنعها و يخرجه «3» عنها، كما حواها رسول الله (صلى الله عليه و آله) و منعها، إلا ما كان في أيدي شيعتنا، فإنه يقاطعهم و يترك الأرض في أيديهم».

سورة الأعراف(7): الآيات 129 الي 134 ..... ص : 571

قوله تعالى:

قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا- إلى قوله تعالى- وَ لَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ [129- 134] 3964/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قال الذين آمنوا لموسى (عليه السلام): قد أوذينا قبل مجيئك بقتل أولادنا، و من بعد ما جئتنا، لما حبسهم فرعون لإيمانهم بموسى، ف قالَ موسى: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ و معنى ينظر أي يرى كيف يعملون، فوضع النظر مكان الرؤية.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 25/ 65.

4- تفسير العيّاشي 2: 25/ 66.

1- تفسير القمّي 1: 237.

(1) هود 11: 86.

(2) في المصدر زيادة: و أطيعوني.

(3) في المصدر: و يخرجهم.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 2، ص: 572

قال: و قوله: وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ يعني بالسنين الجدبة، لما أنزل الله عليهم الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم.

قال: و أما قوله: فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ قال: الحسنة ها هنا: الصحة و السلامة و الأمن و السعة وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ قال: السيئة ها هنا: الجوع و الخوف و المرض يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَ مَنْ مَعَهُ أي يتشاءموا بموسى و من معه.

قال: قوله تعالى: وَ قالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَ الْجَرادَ وَ الْقُمَّلَ وَ الضَّفادِعَ وَ الدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَ كانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ، قال: فإنه لما سجد السحرة و من آمن به من الناس، قال هامان لفرعون: إن الناس قد آمنوا بموسى، فانظر من دخل في دينه فاحبسه. فحبس كل من آمن به من بني إسرائيل، فجاء إليه موسى فقال له: خل عن بني إسرائيل. فلم يفعل، فأنزل الله عليهم في تلك السنة الطوفان فخرب دورهم و مساكنهم، حتى خرجوا إلى البرية فضربوا الخيام، فقال فرعون لموسى (عليه السلام): ادع لنا ربك حتى يكف عنا الطوفان، حتى أخلي عن بني إسرائيل و أصحابك. فدعا موسى (عليه السلام) ربه فكف عنهم الطوفان، و هم فرعون أن يخلي عن بني إسرائيل، فقال له هامان: إن خليت عن بني إسرائيل غلبك موسى و أزال ملكك. فقبل منه و لم يخل عن بني إسرائيل.

فأنزل الله عليهم في السنة الثانية الجراد، فجردت كل ما كان لهم من النبت و الشجر حتى كادت «1» تجرد شعرهم و لحاهم، فجزع فرعون من ذلك جزعا

شديدا، و قال: يا موسى، ادع لنا ربك أن يكف عنا الجراد، حتى أخلي عن بني إسرائيل و أصحابك، فدعا موسى (عليه السلام) ربه فكف عنهم الجراد، فلم يدعه هامان أن يخلي عن بني إسرائيل.

فأنزل الله عليهم في السنة الثالثة القمل، فذهبت زروعهم و أصابتهم المجاعة، فقال فرعون لموسى: إن دفعت عنا القمل كففت عن بني إسرائيل. فدعا ربه حتى ذهب القمل. و قال: أول ما خلق الله القمل في ذلك الزمان، فلم يخل عن بني إسرائيل.

فأرسل الله عليهم بعد ذلك الضفادع فكانت تكون في طعامهم و شرابهم، و يقال: إنها كانت تخرج من أدبارهم و آذانهم و آنافهم، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا فجاءوا إلى موسى (عليه السلام) فقالوا: أدع الله لنا أن يذهب عنا الضفادع، فإنا نؤمن بك، و نرسل معك بني إسرائيل. فدعا موسى (عليه السلام) ربه فرفع الله عنهم ذلك. فلما أبوا أن يخلوا عن بني إسرائيل حول الله تعالى ماء النيل دما، فكان القبطي يراه دما و الإسرائيلي يراه ماء، فإذا شربه الإسرائيلي كان ماء، و إذا شربه القبطي كان دما، فكان القبطي يقول للإسرائيلي: خذ الماء في فمك و صبه في فمي.

فكان إذا صبه في فم القبطي تحول دما، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا، فقالوا لموسى (عليه السلام): لئن رفع الله عنا الدم لنرسلن معك بني إسرائيل.

__________________________________________________

(1) في المصدر: كانت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 573

فلما رفع الله عنهم الدم غدروا و لم يخلوا عن بني إسرائيل، فأرسل الله عليهم الرجز، و هو الثلج، و لم يروه قبل ذلك، فماتوا منه «1»، و جزعوا جزعا شديدا، و أصابهم ما لم يعهدوا قبل قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما

عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَ لَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ فدعا ربه فكشف عنهم الثلج، فخلى عن بني إسرائيل.

فلما خلى عنهم اجتمعوا إلى موسى (عليه السلام)، و خرج من مصر، و اجتمع إليه من كان هرب من فرعون، و بلغ فرعون ذلك، فقال له هامان: قد نهيتك أن تخلي عن بني إسرائيل، فقد اجتمعوا إليه. فجزع فرعون و بعث إلى المدائن حاشرين و خرج في طلب موسى.

3965/ [2]- الطبرسي: في معنى الرجز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه أصابهم ثلج أحمر، و لم يروه قبل ذلك فماتوا فيه و جزعوا، و أصابهم ما لم يعهدوا قبله.

و ذكر الطبرسي هذه القصة في (مجمع البيان «2») ثم قال: و رواه علي بن إبراهيم بإسناده، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

3966/ [3]- العياشي: عن سليمان، عن الرضا (عليه السلام) «3»

قوله: لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ قال:

«الرجز هو الثلج- ثم قال:- خراسان بلاد رجز».

3967/ [4]- قال أبو يعقوب راوي تفسير الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام): قلت للإمام (عليه السلام): فهل كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و لأمير المؤمنين (عليه السلام) آيات تضاهي آيات موسى (عليه السلام)؟ فقال الإمام (عليه السلام):

«علي (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و آيات رسول الله آيات علي (عليه السلام) و آيات علي (عليه السلام) آيات رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ما من آية أعطاها الله تعالى موسى (عليه السلام) و لا غيره من الأنبياء إلا و قد أعطى الله محمدا (صلى الله عليه و آله) مثلها أو أعظم منها.

أما العصا التي كانت لموسى (عليه السلام)

فانقلبت ثعبانا فتلقفت ما أتته السحرة من عصيهم و حبالهم، فلقد كان لمحمد (صلى الله عليه و آله) أفضل من ذلك، و هو أن قوما من اليهود أتوا محمدا (صلى الله عليه و آله) فسألوه و جادلوه، فما أتوه بشي ء إلا أتاهم في جوابه بما بهرهم، فقالوا له: يا محمد، إن كنت نبيا فأتنا بمثل عصا موسى، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الذي أتيتكم به أعظم من عصا موسى، فإنه باق بعدي إلى يوم القيامة متعرض لجميع الأعداء و المخالفين، لا يقدر أحد منهم أبدا على معارضة سورة منه، و إن عصا موسى زالت و لم تبق بعده فتمتحن كما

__________________________________________________

2- مجمع البيان 4: 723.

3- تفسير العيّاشي 2: 25/ 68.

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 410/ 280- 287.

(1) في المصدر: فيه. [.....]

(2) مجمع البيان 4: 721.

(3) في «س» و «ط»: محمّد بن قيس، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، سهو، إذ هو سند الحديث السابق لهذا في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 574

يبقى القرآن فيمتحن، ثم إني سآتيكم بما هو أعظم من عصا موسى و أعجب. فقالوا: فأتنا، فقال: إن موسى كانت عصاه بيده يلقيها، فكانت القبط يقول كافرهم: هذا موسى يحتال في العصا بحيلة، و إن الله سوف يقلب خشبا لمحمد ثعابين، بحيث لا تمسها يد محمد، و لا يحضرها، إذا رجعتم إلى بيوتكم و اجتمعتم الليلة في مجمعكم في ذلك البيت، قلب الله تعالى جذوع سقوفكم كلها أفاعي، و هي أكثر من مائة جذع، فتتصدع مرارات أربعة منكم فيموتون، و يغشى على الباقين منكم إلى غداة غد، فيأتيكم يهود، فتخبرونهم بما رأيتم، فلا يصدقونكم فتعود بين أيديهم

و تملأ أعينهم ثعابين كما كانت في بارحتكم، فيموت منهم جماعة و يخبل جماعة، و يغشى على أكثرهم».

قال الإمام (عليه السلام): «فو الذي بعثه بالحق نبيا، لقد ضحك القوم كلهم بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لا يحتشمونه و لا يهابونه، و يقول بعضهم لبعض: انظروا ما ادعى، و كيف قد عدا طوره؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن كنتم الآن تضحكون فسوف تبكون، و تتحيرون إذا شاهدتم ما عنه تخبرون، ألا فمن هاله ذلك منكم و خشي على نفسه أن يموت أو يخبل فليقل: اللهم بجاه محمد الذي اصطفيته، و علي الذي ارتضيته، و أوليائهما الذين من سلم لهم أمرهم اجتبيته، لما قويتني على ما أرى. و إن كان من يموت هناك ممن يحبه و يريد حياته فليدع له بهذا الدعاء، ينشره الله عز و جل و يقويه».

قال (عليه السلام): «فانصرفوا و اجتمعوا في ذلك الموضع، و جعلوا يهزءون بمحمد (صلى الله عليه و آله) و قوله: إن تلك الجذوع تنقلب أفاعي، فسمعوا حركة من السقف، فإذا بتلك الجذوع انقلبت أفاعي، و قد لوت رؤوسها إلى «1» الحائط، و قصدت نحوهم تلتقمهم، فلما وصلت إليهم كفت عنهم، و عدلت إلى ما في الدار من أحباب و جرار و كيزان و صلايات «2» و كراسي و خشب و سلاليم و أبواب فالتقمتها و أكلتها، فأصابهم ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه يصيبهم، فمات منهم أربعة، و خبل جماعة، و جماعة خافوا على أنفسهم، فدعوا بما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقويت قلوبهم. و كانت الأربعة أتى بعضهم فدعا لهم بهذا الدعاء فنشروا،

فلما رأوا ذلك قالوا: إن هذا الدعاء مجاب به، و إن محمدا صادق، و إن كان يثقل علينا تصديقه و اتباعه، أ فلا ندعوا به لتلين للإيمان به و التصديق له و الطاعة لأوامره و زواجره قلوبنا، فدعوا بذلك الدعاء، فحبب الله عز و جل إليهم الإيمان و طيبه في قلوبهم، و كره إليهم الكفر، فآمنوا بالله و رسوله، فلما أصبحوا من الغد جاءت اليهود و قد عادت الجذوع ثعابين كما كانت، فشاهدوها و تحيروا و غلب الشقاء عليهم» «3».

قال (عليه السلام): «و أما اليد فقد كان لمحمد (صلى الله عليه و آله) مثلها و أفضل منها. و أكثر من ألف مرة «4»

__________________________________________________

(1) في «س»: فإذا بتلك الجذوع تنقلب أفاعي، و قد ولّت رؤوسها.

(2) الأحباب: جمع حبّ، و هو: وعاء الماء كالزّير و الجرّة. «المعجم الوسيط- حبب- 1: 151». و الكيزان: جمع كوز، و هو إناء بعروة، يشرب به الماء. «المعجم الوسيط- كوز- 2: 804». و الصّلايات: جمع صلاية، و هي مدقّ الطّيب. «المعجم الوسيط- صلى- 1: 522».

(3) في «ط» نسخة بدل: و تحيروا و مات منهم جماعة، فغلب الشقاء على الآخرين.

(4) في المصدر: و أكثر من مرّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 575

كان (صلى الله عليه و آله) يحب أن يأتيه الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و كانا يكونان عند أهلهما أو مواليهما أو دايتهما «1»، و كان يكون في ظلمة الليل فيناديهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) يا أبا محمد، يا أبا عبد الله، هلما إلي. فيقبلان نحوه من ذلك البعد، و قد بلغهما صوته، فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسبابته هكذا، يخرجها من الباب، فتضي ء لهما أحسن

من ضوء القمر و الشمس، فيأتيانه، ثم تعود الإصبع كما كانت، فإذا قضى وطره من لقائهما و حديثهما، قال:

ارجعا إلى موضعكما. و قال بعد بسبابته «2» هكذا، فأضاءت أحسن من ضياء القمر و الشمس، قد أحاط بهما إلى أن يرجعا إلى موضعهما، ثم تعود إصبعه (صلى الله عليه و آله) كما كانت من لونها في سائر الأوقات.

و أما الطوفان الذي أرسله الله تعالى على القبط، فقد أرسل الله تعالى مثله على قوم مشركين آية لمحمد (صلى الله عليه و آله)، فقال (عليه السلام): إن رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقال له ثابت بن أبي الأقلح «3» قتل رجلا من المشركين في بعض المغازي، فنذرت امرأة ذلك المشرك المقتول لتشربن في قحف رأس ذلك القاتل الخمر، فلما وقع بالمسلمين يوم احد ما وقع، قتل ثابت هذا على ربوة من الأرض، فانصرف المشركون، و اشتغل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصحابه في دفن أصحابه، فجاءت المرأة إلى أبي سفيان تسأله أن يبعث رجلا مع عبد لها إلى مكان ذلك المقتول ليحز رأسه، فيؤتى به لتفي بنذرها فتشرب في قحف رأسه خمرا، و قد كانت البشارة بقتله أتاها بها عبد لها فأعتقته، و أعطته جارية لها، ثم سألت أبا سفيان فبعث إلى ذلك المقتول مائتين من أصحاب الجلد في جوف الليل ليحتزوا «4» رأسه فيأتونها به، فذهبوا، فجاءت ريح، فدحرجت الرجل إلى حدور «5» فتبعوه ليقطعوا رأسه، فجاء من المطر وابل عظيم فأغرق المائتين، و لم يوقف لذلك المقتول و لا لواحد من المائتين على عين و لا أثر، و منع الله الكافرة مما أرادت، فهذا أعظم من الطوفان آية

له (عليه الصلاة و السلام).

و أما الجراد المرسل على بني إسرائيل، فقد فعل الله أعظم و أعجب منه بأعداء محمد (صلى الله عليه و آله)، فإنه أرسل عليهم جرادا أكلهم، و لم يأكل جراد موسى رجال القبط، و لكنه أكل زروعهم، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان في بعض أسفاره إلى الشام، و قد تبعه مائتان من يهودها في خروجه عنها و إقباله نحو مكة، يريدون قتله مخافة أن يزيل الله دولة اليهود على يده، فراموا قتله، و كان في القافلة فلم يجسروا عليه، و كان رسول

__________________________________________________

(1) الداية: المرضعة أو الحاضنة. «المعجم الوسيط- دوي- 1: 306».

(2) في «س»: سبابتيه.

(3) في «س» و المصدر: ثابت بن أبي الأفلح، و هذه القصّة لا تخلو من سهو، و الصحيح: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، كما ضبطه ابن دريد في الاشتقاق: 437 قال: و الأقلح مشتقّ من القلح، و هو صفرة في الأسنان كدرة.

استشهد في يوم الرجيع، و ليس يوم احد، راجع ترجمته و وقائع مقتله في: إعلام الورى: 86، بحار الأنوار 20: 150- 152، رجال الطوسي:

25، معجم رجال الحديث 9: 179- و فيهما: عاصم بن ثابت بن الأفلح-، سيرة ابن هشام 3: 178، تاريخ الطبري 3: 30، اسد الغابة 3: 73، جمهرة أنساب العرب: 333.

(4) في «ط»: ليجتزوا، و كلاهما بمعنى واحد.

(5) الحدور: الموضع المنحدر. «المعجم الوسيط- حد- 1: 161».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 576

الله (صلى الله عليه و آله) إذا أراد حاجة أبعد و استتر بأشجار ملتفة، أو بخربة بعيدة، أو برية بعيدة «1»، فخرج ذات يوم لحاجة و أبعد فاتبعوه، و أحاطوا به و سلوا سيوفهم عليه، فأثار الله

جل و علا من تحت رجل محمد (صلى الله عليه و آله) من ذلك الرمل جرادا كثيرا، فاحتوشهم «2» و جعل يأكلهم، فاشتغلوا بأنفسهم عنه. فلما فرغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حاجته و هم يأكلهم الجراد رجع (صلى الله عليه و آله) إلى أهل القافلة، فقالوا له: يا محمد، ما بال الجماعة خرجوا خلفك و لم يرجع منهم أحد؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): جاءوا يقتلونني فسلط الله عليهم الجراد. فجاءوا و نظروا إليهم فبعضهم قد مات، و بعضهم قد كاد يموت، و الجراد يأكلهم، فما زالوا ينظرون إليهم حتى أتى الجراد على أعيانهم، فلم يبق منهم شيئا.

و أما القمل، أظهر الله قدرته على أعداء محمد (صلى الله عليه و آله) بالقمل، و قصة ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما ظهر بالمدينة أمره، و علا بها شأنه، حدث يوما أصحابه عن امتحان الله عز و جل للأنبياء (عليهم السلام)، و عن صبرهم على الأذى في طاعة الله، فقال في حديثه: إن بين الركن و المقام قبور سبعين نبيا ما ماتوا إلا بضر الجوع و القمل. فسمع ذلك بعض المنافقين من اليهود، و بعض مردة كفار قريش، فتآمروا بينهم و توافقوا ليلحقن محمدا بهم، فيقتلونه بسيوفهم حتى لا يكذب، فتآمروا بينهم، و هم مائتان، على الإحاطة به يوم يجدونه من المدينة خارجا.

فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما خاليا فتبعه القوم، فنظر بعضهم «3» إلى ثياب نفسه و فيها قمل، ثم جعل بدنه و ظهره يحكه من القمل، فأنف منه أصحابه، و استحيا فانسل عنهم، فأبصر آخر ذلك في نفسه، و فيها قمل

مثل ذلك، فانسل، فما زال كذلك حتى وجد ذلك كل واحد في نفسه، فرجعوا، ثم زاد ذلك عليهم حتى استولى عليهم القمل، و انطبقت حلوقهم، فلم يدخل فيها طعام و لا شراب فماتوا كلهم في شهرين، منهم من مات في خمسة أيام، و منهم من مات في عشرة أيام و أقل و أكثر، و لم يزد على شهرين حتى ماتوا بأجمعهم بذلك القمل و الجوع و العطش، فهذا القمل الذي أرسله الله على أعداء محمد (صلى الله عليه و آله) آية له.

و أما الضفادع، فقد أرسل الله مثلها على أعداء محمد (صلى الله عليه و آله) لما قصدوا قتله، فأهلكهم الله بالجرذ «4»، و ذلك أن مائتين، بعضهم كفار العرب، و بعضهم يهود، و بعضهم أخلاط من الناس، اجتمعوا بمكة في أيام الموسم، و هموا في أنفسهم «5»: لنقتلن محمدا. فخرجوا نحو المدينة، فبلغوا بعض تلك المنازل و إذا هناك ماء في بركة- أو حوض- أطيب من مائهم الذي كان معهم، فصبوا ما كان معهم منه، و ملأوا رواياهم «6» و مزاودهم

__________________________________________________

(1) (أو برية بعيدة) ليس في المصدر.

(2) احتوش القوم على فلان: جعلوه وسطهم «الصحاح- حوش- 3: 1003».

(3) في المصدر: أحدهم. [.....]

(4) في «ط» نسخة بدل: بها.

(5) في «ط» نسخة بدل: فيما بينهم.

(6) رواياهم: جمع راوية، و هي الوعاء الذي يكون فيه الماء، و تسمّى المزادة. «لسان العرب- روى- 14: 346».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 577

من ذلك الماء و ارتحلوا، فبلغوا أرضا ذات جرذ كثير و ضفادع فحطوا رواحلهم عندها، فسلطت على مزاودهم و رواياهم و سطائحهم «1» الضفادع و الجرذ، فخرقتها و ثقبتها «2» و سال ماؤها «3» في تلك الحرة «4»، فلم

يشعروا إلا و قد عطشوا و لا ماء معهم، فرجعوا القهقرى إلى تلك الحياض «5» التي كانوا تزودوا منها تلك المياه، و إذا الجرذ و الضفادع قد سبقتهم إليها فثقبت أصولها «6» و سالت في الحرة مياهها، فوقعوا «7» آيسين من الماء، و تماوتوا و لم يفلت «8» منهم أحد إلا واحد كان لا يزال يكتب على لسانه محمدا، و على بطنه محمدا، و يقول: يا رب محمد و آل محمد، قد تبت من أذى محمد، ففرج عني بجاه محمد و آل محمد. فسلم و كف الله عنه العطش، فوردت عليه قافلة فسقوه و حملوه و أمتعة القوم و جمالهم، و كانت الجمال أصبر على العطش من رجالها، فآمن برسول الله (صلى الله عليه و آله) و جعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) تلك الجمال و الأموال له.

و أما الدم، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) احتجم مرة، فدفع الدم الخارج منه إلى أبي سعيد الخدري، و قال له:

غيبه. فذهب و شربه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما صنعت به؟ قال: شربته يا رسول الله. قال: أو لم أقل لك غيبه؟ فقال: غيبته في وعاء حريز. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إياك و أن تعود لمثل هذا، ثم اعلم أن الله قد حرم على النار لحمك و دمك لما اختلط بلحمي و دمي. فجعل أربعون من المنافقين يهزءون برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يقولون: زعم أنه قد أعتق الخدري من النار، لما اختلط «9» دمه بدمه، و ما هو إلا كذاب مفتر، و أما نحن فنستقذر دمه. فقال رسول الله (صلى

الله عليه و آله): أما إن الله يعذبهم بالدم، و يميتهم به، و إن كان لم يمت القبط. فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى لحقهم الرعاف الدائم، و سيلان دماء من أضراسهم، فكان طعامهم و شرابهم يختلط بالدم، فيأكلونه، فبقوا كذلك أربعين صباحا معذبين، ثم هلكوا.

و أما السنين و نقص من الثمرات، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) دعا على مضر، فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر، و اجعلها عليهم سنين كسني يوسف. فابتلاهم الله بالقحط و الجوع، فكان الطعام يجلب إليهم من كل ناحية، فإذا اشتروه و قبضوه لم يصلوا به إلى بيوتهم حتى يتسوس و ينتن و يفسد، فيذهب أموالهم و لا يجعل لهم في الطعام نفع، حتى أضر بهم الأزم «10» و الجوع الشديد العظيم حتى أكلوا الكلاب الميتة، و أحرقوا عظام الموتى

__________________________________________________

(1) السطايح: جمع سطيحة، و هي المزادة التي من أديمين قوبل أحدهما بالآخر. «لسان العرب- سطح- 2: 484».

(2) في المصدر: و ثقبتها.

(3) في المصدر: و سالت مياهها.

(4) الحرّة: أرض ذات حجارة سود نخرات كأنّها أحرقت بالنار «لسان العرب- حرر- 4: 189».

(5) في «ط» نسخة بدل: تلك البركة.

(6) في «ط» نسخة بدل: فنقبت أفواهها و أصولها.

(7) في المصدر: فوقفوا.

(8) في المصدر: ينقلب.

(9) في المصدر: لاختلاط.

(10) الأزم: جمع أزمّة، و هي الشدّة و القحط. «لسان العرب- أزم- 12: 16».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 578

فأكلوها، و حتى نبشوا عن قبور الموتى فأكلوهم، و حتى ربما أكلت المرأة طفلها، إلى أن جاءت جماعات «1» من رؤساء قريش إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت «2»: يا محمد، هبك عاديت الرجال، فما بال النساء و الصبيان و البهائم؟ فقال رسول الله

(صلى الله عليه و آله): أنتم بهذا معاقبون، و أطفالكم و حيواناتكم بهذا غير معاقبة، بل هي معوضة بجميع المنافع حين يشاء ربنا في الدنيا و الآخرة، فسوف يعوضها الله تعالى عما أصابها، ثم عفا عن مضر، و قال:

اللهم أفرج عنهم. فعاد إليهم الخصب و الدعة و الرفاهية، فذلك قول الله عز و جل فيهم يعدد عليهم نعمه:

فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ»

».

و أما الطمس على الأموال فيأتي مثلها للنبي (صلى الله عليه و آله) في قوله تعالى: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ «4».

سورة الأعراف(7): الآيات 137 الي 141 ..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها- إلى قوله تعالى- وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ [137- 141] 3968/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها: يعني بني إسرائيل لما أهلك الله تعالى فرعون، ورثوا الأرض و ما كان لفرعون.

قال: و قوله: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا يعني الرحمة بموسى (عليه السلام) تمت لهم وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ يعني المصانع و العريش و القصور.

قال: و أما قوله: وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ فإنه لما أغرق الله فرعون و أصحابه و عبر موسى (عليه السلام) و أصحابه البحر، نظر أصحاب موسى إلى قوم يعكفون على أصنام لهم، فقالوا لموسى: يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ فقال موسى: إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَ باطِلٌ ما كانُوا

يَعْمَلُونَ قالَ أَ غَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَ هُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ وَ إِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ قال علي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 239. [.....]

(1) في المصدر: إلى أن مشى جماعة.

(2) في المصدر: فقالوا.

(3) قريش 106: 3، 4.

(4) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآيتان (88، 89) من سورة يونس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 579

ابن إبراهيم: هو محكم.

3969/ [2]- ابن شهر آشوب، قال علي (عليه السلام) لرأس الجالوت، لما قال له: لم تلبثوا بعد نبيكم إلا ثلاثين سنة، حتى ضرب بعضكم وجه بعض بالسيف. فقال (عليه السلام): «و أنتم، لم تجف أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم لموسى (عليه السلام): اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ».

سورة الأعراف(7): آية 142 ..... ص : 579

قوله تعالى:

وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [142]

3970/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى خلق الدنيا في ستة أيام ثم اختزلها عن أيام السنة، و السنة ثلاث مائة و أربعة و خمسون يوما، شعبان لا يتم أبدا، شهر رمضان لا ينقص أبدا، و لا تكون فريضة ناقصة، إن الله عز و جل يقول: وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ «1» و شوال تسعة و عشرون يوما، و ذو القعدة ثلاثون يوما، يقول الله عز و جل: وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً و ذو الحجة تسعة و عشرون يوما، و المحرم ثلاثون يوما، ثم الشهور بعد ذلك

شهر تام و شهر ناقص».

3971/ [4]- الطبرسي: إن موسى (عليه السلام) قال لقومه: إني أتأخر عنكم ثلاثين يوما. ليسهل عليهم، ثم زاد عليهم عشرا، و ليس في ذلك خلف «2»، لأنه إذا تأخر عنهم أربعين ليلة فقد تأخر ثلاثين قبلها، عن أبي جعفر (عليه السلام).

3972/ [5]- العياشي: عن محمد بن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ، قال: «بعشر ذي الحجة ناقصة» حتى انتهى إلى شعبان، فقال: «ناقص و لا يتم».

3973/ [6]- عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، وقت لنا وقتا فيهم.

__________________________________________________

2- المناقب 2: 46.

3- الكافي 4: 78/ 2.

4- مجمع البيان 4: 728.

5- تفسير العيّاشي 2: 25/ 69.

6- تفسير العيّاشي 2: 26/ 70.

(1) البقرة 2: 185.

(2) الخلف: الاسم من الإخلاف، و هو في المستقبل كالكذب في الماضي. «الصحاح- خلف- 4: 1355».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 580

فقال: «إن الله خالف علمه علم الموقتين، أما سمعت الله يقول: وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً إلى أربعين ليلة، أما إن موسى لم يكن يعلم بتلك العشر، و لا بنو إسرائيل، فلما حدثهم. قالوا: كذب موسى، و أخلفنا موسى.

فإن حدثتم به فقولوا: صدق الله و رسوله، تؤجروا مرتين «1»».

3974/ [5]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن موسى لما خرج وافدا إلى ربه واعدهم ثلاثين يوما، فلما زاد الله على الثلاثين عشرا قال قومه: أخلفنا موسى. فصنعوا ما صنعوا».

عن محمد بن علي بن الحنفية أنه قال مثل ذلك.

سورة الأعراف(7): الآيات 143 الي 144 ..... ص : 580

قوله تعالى:

وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى

الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [143- 144]

3975/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي ابن موسى (عليه السلام) فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى» فسأله عن آيات من القرآن في الأنبياء، فكان فيما سأله أن قال له: فما معنى قول الله عز و جل: وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ؟ كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى ابن عمران (عليه السلام) لا يعلم أن الله عز و جل لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟

فقال الرضا (عليه السلام): «إن كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) علم أن الله تعالى عز أن يرى بالأبصار، و لكنه لما كلمه الله عز و جل و قربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز و جل كلمه و قربه و ناجاه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 26/ 71.

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 200/ 1، التوحيد 121/ 24.

(1) في «س»: صوابين. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 581

و كان القوم سبع مائة ألف رجل، فاختار منهم سبعين ألفا، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم

سبع مائة، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه. فخرج بهم إلى طور سيناء، فأقامهم في سفح الجبل، و صعد موسى (عليه السلام) إلى الطور، فسأل الله تبارك و تعالى أن يكلمه و يسمعهم «1» كلامه، فكلمه الله تعالى ذكره و سمعوا كلامه من فوق و أسفل و يمين و شمال «2» و وراء و أمام، لأن الله تعالى أحدثه في الشجرة، ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه، فقالوا له: لن نؤمن لك بأن الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة، فلما قالوا هذا القول العظيم و استكبروا و عتوا بعث الله عز و جل عليهم صاعقة، فأخذتهم بظلمهم فماتوا، فقال موسى (عليه السلام):

يا رب، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم و قالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله تعالى إياك؟ فأحياهم الله و بعثهم معه، فقالوا: إنك لو سألت الله أن يريك أن تنظر «3» إليه لأجابك و كنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته؟

فقال موسى (عليه السلام): يا قوم، إن الله لا يرى بالأبصار، و لا كيفية له، و إنما يعرف بآياته، و يعلم بأعلامه.

فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله.

فقال موسى (عليه السلام): يا رب، إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل، و أنت أعلم بصلاحهم «4». فأوحى الله جل جلاله إليه: يا موسى، سلني ما سألوك، فلن أؤاخذك بجهلهم. فعند ذلك قال موسى (عليه السلام): رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ و هو يهوي فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ بآية من آياته جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ

سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ يقول: رجعت إلى «5» معرفتي بك عن جهل قومي وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ منهم بأنك لا ترى» فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.

3976/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي القاضي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا، قال: «ساخ الجبل في البحر، فهو يهوي حتى الساعة».

3977/ [3]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن علي «6»، قال: حدثنا هارون بن موسى، [قال: أخبرني محمد بن الحسن «7»، قال: أخبرنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام، قال:

__________________________________________________

2- التوحيد: 120/ 23.

3- كفاية الأثر: 256.

(1) في «س»: يكلّمهم و يسمع.

(2) في «س»: من فوق رأس و من تحت و شمال و يمين.

(3) في «س» و «ط»: أن يريك ننظر.

(4) في «س»: بإصلاحهم.

(5) في «س»: في.

(6) في «س» و «ط»: الحسن بن عليّ، و الصواب ما في المتن، كذا في المواضع كثيرة من المصدر، و في جميعها روى عن هارون.

(7) من المصدر، و هو ابن الوليد، روى عنه التّلعكبري، و روى هو عن الصفّار، انظر معجم رجال الحديث 15: 206 و 248.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 582

كنت عند الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) إذ دخل عليه معاوية بن وهب و عبد الملك بن أعين، فقال له معاوية ابن وهب: يا بن رسول الله، ما تقول في الخبر الذي روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) رأى

ربه، على أي صورة رآه؟

و عن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، على أي صورة يرونه؟ فتبسم (عليه السلام) ثم قال: «يا معاوية، ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله و يأكل من نعمه، ثم لا يعرف الله حق معرفته؟».

ثم قال (عليه السلام): «يا معاوية، إن محمدا (صلى الله عليه و آله) لم ير الرب «1» تبارك و تعالى بمشاهدة العيان، و إن الرؤية على وجهين: روية القلب و روية البصر، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب، و من عنى برؤية البصر فقد كذب و كفر بالله و بآياته، لقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شبه الله بخلقه فقد كفر.

و لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقيل له: يا أخا رسول الله، هل رأيت ربك؟ فقال: كيف أعبد من لم أره؟ لم تره العيون بمشاهدة العيان، و لكن رأته القلوب «2» بحقائق الإيمان. و إذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر، فإن كل من جاز عليه البصر و الرؤية فهو مخلوق، و لا بد للمخلوق من خالق، فقد جعلته إذن محدثا مخلوقا، و من شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا. ويلهم، ألم يسمعوا قول الله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ «3» و قوله لموسى (عليه السلام): لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا و إنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الأرض، و صعقت الجبال، و خر

موسى صعقا- أي ميتا- فلما أفاق ورد عليه روحه قال: سبحانك تبت إليك من قول من زعم أنك ترى، و رجعت إلى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك، و أنا أول المؤمنين و أول المقرين بأنك ترى و لا ترى و أنت بالمنظر الأعلى».

ثم قال (عليه السلام): «إن أفضل الفرائض و أوجبها على الإنسان معرفة الرب، و الإقرار له بالعبودية، و حد المعرفة أن يعرف الله أن «4» لا إله غيره، و لا شبيه له و لا نظير، و أن يعرف أنه قديم مثبت موجود غير فقيد، موصوف من غير شبيه له و لا نظير له و لا مبطل لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ «5» و بعده معرفة الرسول و الشهادة له بالنبوة، و أدنى معرفة الرسول الإقرار بنبوته و أن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك عن الله عز و جل. و بعده معرفة الإمام الذي به يأتم بنعته و صفته و اسمه في حال العسر و اليسر، و أدنى معرفة الإمام أنه عدل النبي إلا درجة النبوة، و وارثه، و أن طاعته طاعة الله و طاعة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و التسليم له في كل أمر، و الرد إليه و الأخذ بقوله. و يعلم أن الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) علي بن أبي طالب، و بعده الحسن، ثم

__________________________________________________

(1) في المصدر: ربّه.

(2) في «ط»: رآه القلب.

(3) الأنعام 6 103.

(4) في المصدر: و حدّ المعرفة أنّه.

(5) الشورى 42: 11. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 583

الحسين، ثم علي بن الحسين، و بعد علي محمد ابنه، و بعد محمد جعفر ابنه، و بعد

جعفر موسى ابنه، و بعد موسى علي ابنه، «1» و بعد علي محمد ابنه، و بعد محمد علي ابنه، و بعد علي الحسن ابنه، و الحجة من ولد الحسن».

ثم قال: يا معاوية، جعلت لك في هذا أصلا فاعمل عليه، فلو كنت تموت على ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الأحوال، فلا يغرنك قول من زعم أن الله تعالى يرى بالنظر «2»، و قد قالوا أعجب من هذا، أو لم ينسبوا آدم (عليه السلام) إلى المكروه؟ أو لم ينسبوا إبراهيم (عليه السلام) إلى ما نسبوه؟ أو لم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى ما نسبوه من القتل من حديث الطير؟ أو لم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟ أو لم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى ما نسبوه؟ أو لم ينسبوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ما نسبوه من حديث زيد؟ أو لم ينسبوا علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى ما نسبوه من حديث القطيفة؟ إنهم أرادوا بذلك توبيخ الإسلام ليرجعوا على أعقابهم، أعمى الله أبصارهم كما أعمى قلوبهم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».

3978/ [4]- و عنه، قال: أخبرنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله القمي، عن القائم صاحب الأمر بن الحسن (عليهما السلام) قال: قلت: فأخبرني- يا مولاي- عن العلة التي تمنع الناس «3» من اختيار إمام لأنفسهم؟ قال: «مصلح أو مفسد؟» قلت: مصلح. قال: «فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد

أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟» قلت: بلى.

قال: «فهي العلة أوردها لك برهانا يثق به «4» عقلك، أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى، و أنزل الكتب عليهم «5»، و أيدهم بالوحي و العصمة، إذ هم أعلام الأمم، و أهدى إلى الاختيار منهم، مثل موسى و عيسى (عليهما السلام)، هل يجوز مع وفور عقلهما و كمال علمهما إذا هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق و هما يظنان أنه مؤمن؟» قلت: لا. فقال: «هذا موسى كلم الله مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا، ممن لا يشك في إيمانهم و إخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله عز و جل: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا»

إلى قوله:

__________________________________________________

4- كمال الدين و تمام النعمة: 461/ 21.

(1) في المصدر: ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي، ثم أنا، ثم من بعدي موسى ابني، ثم من بعده ولده علي.

(2) في المصدر: بالبصر.

(3) في المصدر: القوم.

(4) في المصدر: و أوردها لك ببرهان ينقاد له.

(5) في المصدر: و أنزل عليهم الكتاب.

(6) الأعراف 7: 155.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 584

لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً، فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ «1» فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح، و هو يظن أنه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن الاختيار ليس إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور، و ما تكن الضمائر، و تنصرف عليه السرائر، و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح».

3979/ [5]- محمد

بن الحسن الصفار: عن بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمد السياري، قال: و قد سمعته أنا من أحمد بن محمد، قال: حدثني أبو محمد عبيد بن أبي عبد الله الفارسي و غيره، رفعوه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الكروبيين قوم من شيعتنا، من الخلق الأول، جعلهم الله خلف العرش، لو قسم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم- ثم قال-: إن موسى (عليه السلام) لما سأل ربه ما سأل، أمر واحدا من الكروبيين فتجلى للجبل فجعله دكا».

3980/ [6]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): قال: «لما سأل موسى ربه تبارك و تعالى: قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي- قال-: فلما صعد موسى على الجبل فتحت أبواب السماء و أقبلت اęřĘǘƙØɠأفواجا، في أيديهم العمد، و في رأسها النور، يمرون به فوجا بعد فوج، يقولون: يا بن عمران، اثبت فقد سألت عظيما- قال-: فلم يزل موسى واقفا حتى تجلى ربنا جل جلاله فجعل الجبل دكا، و خر موسى صعقا، فلما أن رد الله عليه روحه أفاق قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ».

3981/ [7]- قال ابن أبي عمير: حدثني عدة من أصحابنا: أن النار أحاطت به، حتى لا يهرب من هول ما رأى.

قال: و روى هذا الرجل، عن بعض مواليه، قال: ينبغي أن ينتظر بالمصعوق ثلاثا أو يتبين قبل ذلك، لأنه ربما رد عليه روحه.

3982/ [8]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن موسى بن عمران (عليه السلام) لما سأل ربه النظر إليه، وعده الله أن يقعد في موضع،

ثم أمر الملائكة أن تمر عليه موكبا موكبا بالبرق و الرعد و الريح و الصواعق، فكلما مر به موكب من المواكب ارتعدت فرائصه، فيرفع رأسه فيسأل: أ فيكم ربي؟ فيجاب: هو آت، و قد سألت عظيما يا بن عمران».

3983/ [9]- عن حفص بن غياث، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً،

__________________________________________________

5- بصائر الدرجات: 89/ 2.

6- تفسير العياشي 2: 26/ 72.

7- تفسير العياشي 2: 27/ 73.

8- تفسير العياشي 2: 27/ 74.

9- تفسير العياشي 2: 27/ 75.

(1) كذا في «س»، و المصدر، و دلائل الإمامة: 279، و الآيتان من سورة البقرة 2: 55، و سورة النساء 4: 153، و حذفهما صاحب الاحتجاج: 464.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 585

قال: «ساخ الجبل في البحر فهو يهوي حتى الساعة».

3984/ [10]- و في رواية اخرى: أن النار أحاطت بموسى، لئلا يهرب لهول ما رأى».

و قال: «لما خر موسى صعقا مات، فلما أن رد الله روحه أفاق فقال: سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ».

3985/ [11]- علي بن إبراهيم: إن الله عز و جل أوحى إلى موسى: أني أنزل عليك التوراة و الألواح «1» إلى أربعين يوما، و هو ذو القعدة و عشر من ذي الحجة، فقال موسى لأصحابه: إن الله تبارك و تعالى قد وعدني أن ينزل علي التوراة و الألواح إلى ثلاثين يوما. و أمره الله أن لا يقول: إلى أربعين يوما، فتضيق صدورهم، فذهب موسى (عليه السلام) إلى الميقات و استخلف هارون على بني إسرائيل، فلما جاوز الثلاثين يوما و لم يرجع موسى (عليه السلام) غضبوا، فأرادوا أن يقتلوا أن هارون، و قالوا: إن موسى

كذبنا و هرب منا. و اتخذوا العجل و عبدوه، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله على موسى (عليه السلام) الألواح و ما يحتاجون إليه من الأحكام و الأخبار و السنن و القصص، فلما أنزل الله عليه التوراة و كلمه قال: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فأوحى الله إليه لَنْ تَرانِي أي لا تقدر على ذلك وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي قال: فرفع الله الحجاب و نظر إلى الجبل، فساخ الجبل في البحر، فهو يهوي حتى الساعة، و نزلت الملائكة، و فتحت أبواب السماء، فأوحى الله إلى الملائكة: أدركوا موسى لا يهرب. فنزلت الملائكة و أحاطت بموسى (عليه السلام) فقالوا: اثبت يا بن عمران، فقد سألت الله عظيما. فلما نظر موسى إلى الجبل قد ساخ و الملائكة قد نزلت، وقع على وجهه، فمات من خشية الله، و هول ما رأى، فرد الله عليه روحه، فرفع رأسه و أفاق و قال: سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أي أول من صدق أنك لا ترى، فقال الله تعالى: يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ فناداه جبرئيل: يا موسى، أنا أخوك جبرئيل.

سورة الأعراف(7): الآيات 145 الي 146 ..... ص : 585

قوله تعالى:

وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ- إلى قوله تعالى:- وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا [145- 146]

3986/ [1]- العياشي: عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في الجفر: «إن الله تبارك و تعالى لما أنزل

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 27 ذيل الحديث 76. [.....]

11- تفسير القمّي 1: 239.

1- تفسير العيّاشي 2: 28/ 77.

(1) في المصدر: التوراة التي فيها

الأحكام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 586

الألواح على موسى (عليه السلام) أنزلها عليه و فيها تبيان كل شي ء، كان أو هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فلما انقضت أيام موسى أوحى الله إليه أن استودع الألواح، و هي زبرجدة من الجنة، جبلا يقال له (زينة) «1» فأتى موسى الجبل، فانشق له الجبل، فجعل فيه الألواح ملفوفة، فلما جعلها فيه انطبق الجبل عليها، فلم تزل في الجبل حتى بعث الله نبيه محمدا (صلى الله عليه و آله) فأقبل ركب من اليمن، يريدون نبيه (صلى الله عليه و آله)، فلما انتهوا إلى الجبل انفرج، و خرجت الألواح ملفوفة كما وضعها موسى (عليه السلام)، فأخذها القوم، فلما وقعت في أيديهم ألقى الله في قلوبهم الرعب أن ينظروا إليها و هابوها حتى يأتوا بها رسول الله (صلى الله عليه و آله). و أنزل الله جبرئيل على نبيه (صلى الله عليه و آله) فأخبره بأمر القوم و بالذي أصابوه، فلما قدموا على النبي (صلى الله عليه و آله) سلموا عليه «2»، ابتدأهم فسألهم عما وجدوا، فقالوا: و ما علمك بما وجدنا؟ قال: أخبرني به ربي، و هو الألواح. قالوا: نشهد أنك لرسول الله. فأخرجوها فدفعوها إليه فنظر إليها و قرأها، و كانت بالعبراني، ثم دعا أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: دونك هذه، ففيها علم الأولين و الآخرين، و هي ألواح موسى، و قد أمرني ربي أن أدفعها إليك.

فقال: يا رسول الله، لست أحسن قراءتها.

قال: إن جبرئيل أمرني أن آمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه «3»، فإنك تصبح و قد علمت قراءتها. قال:

فجعلها تحت رأسه، فأصبح و قد علمه الله كل شي ء فيها، فأمره رسول الله (صلى الله عليه و

آله) بنسخها، فنسخها في جلد شاة، و هو الجفر، و فيه علم الأولين و الآخرين، و هو عندنا، و الألواح عندنا، و عصا موسى عندنا، و نحن ورثنا النبيين (صلى الله عليهم أجمعين)».

قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «تلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى تحت شجرة في واد يعرف بكذا».

3987/ [2]- محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن خالد، عن يعقوب، عن عباس الوراق، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن ليث المرادي: أنه حدثه عن سدير بحديث فأتيته فقلت: إن ليث المرادي حدثني عنك بحديث؟ فقال: و ما هو؟ قلت: جعلت فداك، حديث اليماني، قال: نعم، كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فمر بنا رجل من أهل اليمن، فسأله أبو جعفر عن اليمن، فأقبل يحدث، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «تعرف دار كذا و كذا؟» قال: نعم رأيتها. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «هل تعرف صخرة عندها في موضع كذا و كذا؟» قال: نعم، رأيتها.

قال: فقال له الرجل: ما رأيت رجلا أعرف بالبلاد مثلك «4». فلما قام الرجل قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الفضل، تلك الصخرة التي حيث غضب موسى فألقى الألواح، فما ذهب من التوراة التقمته الصخرة، فلما بعث الله رسوله (صلى الله عليه و آله) أدته إليه، و هي عندنا».

__________________________________________________

2- بصائر الدرجات: 157/ 7.

(1) في «س»: زبينة.

(2) (سلموا عليه): ليس في المصدر.

(3) في المصدر: تحت رأسك كتابك هذه الليلة.

(4) في المصدر: منك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 587

3988/ [3]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة «1»، عن حبة العرني، قال: سمعت

أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) يقول: «إن يوشع بن نون كان وصي موسى بن عمران، و كانت ألواح موسى من زبرجد «2» أخضر، فلما غضب موسى (عليه السلام) ألقى «3» الألواح من يده، فمنها ما تكسر، و منها ما بقي، و منها ما ارتفع، فلما ذهب عن موسى الغضب، قال ليوشع بن نون: عندك تبيان ما في الألواح؟ قال: نعم، فلم يزل يتوارثها رهط بعد رهط حتى وقعت في أيدي أربعة رهط من اليمن، و بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بتهامة و بلغهم الخبر، فقالوا: ما يقول هذا النبي؟ قيل: ينهى عن الخمر و الزنا، و يأمر بمحاسن الأخلاق و كرم الجوار. فقالوا: هذا أولى بما في أيدينا منا. فاتفقوا أن يأتوه في شهر كذا و كذا، فأوحى الله إلى جبرئيل (عليه السلام) أن إئت النبي (صلى الله عليه و آله) فأخبره الخبر، فأتاه فقال: إن فلانا و فلانا و فلانا و ورثوا فلانا ما كان في الألواح «4»، ألواح موسى (عليه السلام)، و هم يأتوك في شهر كذا و كذا، في ليلة كذا و كذا».

قال: «فسهر لهم تلك الليلة فجاء الركب فدقوا عليه الباب، و هم يقولون: يا محمد. قال: نعم يا فلان بن فلان، و يا فلان بن فلان، و يا فلان بن فلان، و يا فلان بن فلان، أين الكتاب الذي توارثتموه من يوشع بن نون وصي موسى ابن عمران (عليه السلام)؟

قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له و أنك رسول الله، و الله ما علم به أحد قط- منذ وقع عندنا- قبلك».

قال: «فأخذه النبي (صلى الله عليه و آله) فإذا هو كتاب بالعبرانية دقيق،

فدفعه إلي، و وضعته عند رأسي، فأصبحت بالغداة و هو كتاب بالعربية جليل، فيه علم ما خلق الله منذ قامت السماوات و الأرض إلى أن تقوم الساعة، فعلمت ذلك».

3989/ [4]- و عنه: عن معاوية بن حكيم، عن محمد بن سعيد بن غزوان «5»، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: دخل رجل من أهل بلخ عليه فقال له: «يا خراساني «6»، تعرف وادي كذا و كذا؟» قال: نعم. قال

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 161/ 6.

4- بصائر الدرجات: 161/ 7.

(1) في «س» و «ط»: الحارث بن المغيرة، تصحيف، و الصواب ما في المتن. انظر ترجمته في تهذيب الكمال 5: 224، معجم رجال الحديث 4: 192.

(2) في المصدر: عن زمرد.

(3) في المصدر: أخذ.

(4) (ما كان في الألواح) ليس في المصدر. [.....]

(5) في «س» و «ط»: محمّد بن شعيب، عن غزوان، و في المصدر: عن شعيب بن غزوان، و في بحار الأنوار 26: 189، و بعض نسخ البصائر:

محمّد بن شعيب بن غزوان، و لم نعثر على أيّ منهم بهذا الضبط، و لعلّ ما أثبتناه هو الصحيح بحسب الطبقة و تشابه الرسم. انظر معجم رجال الحديث 16: 112 و 18: 199.

(6) في «س» و «ط»: يا خوزستاني، و هو تصحيف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 588

له: «تعرف صدعا في الوادي من صفته كذا و كذا» قال: نعم. قال: «من ذلك الصدع يخرج الدجال».

ثم دخل عليه رجل من أهل اليمن، فقال له: «يا يماني، تعرف شعب كذا و كذا؟ قال له: نعم. قال له: «تعرف شجرة في الشعب من صفتها كذا و كذا؟» قال له: نعم. قال له: «تعرف صخرة تحت الشجرة؟». قال له: نعم. قال:

«فتلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى

(عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه و آله)».

3990/ [5]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ أي كل شي ء أنه مخلوق. و قال: قوله: فَخُذْها بِقُوَّةٍ أي قوة القلب وَ أْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أي بأحسن ما فيها من الأحكام.

3991/ [6]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن عيسى «1» بن عبيد، عن محمد بن عمر، عن عبد الله بن الوليد السمان «2»، قال: قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا عبد الله، ما تقول الشيعة في علي و موسى و عيسى؟».

قلت: جعلت فداك، و عن أي حالات «3» تسألني؟

قال: «أسألك عن العلم [فأما الفضل فهم سواء».

قال: قلت: جعلت فداك، فما عسى أن أقول فيهم؟] فقال: «هو و الله أعلم منهما- ثم قال-: يا عبد الله، أليس يقولون: إن لعلي (عليه السلام) ما لرسول الله من العلم؟» قلت: بلى. قال: «فخاصمهم فيه، إن الله تبارك و تعالى قال لموسى: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ فعلمنا «4» أنه لم يبين له الأمر كله، و قال الله تبارك و تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله): وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ» «5».

و ستأتي- إن شاء الله تعالى- أحاديث في ذلك، في قوله تعالى: وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ من سورة النحل «6».

3992/ [7]- قال علي بن إبراهيم: و قوله تعالى: سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ أي يجيئكم قوم فساق تكون الدولة لهم.

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 240.

6- بصائر الدرجات: 248/ 3.

7- تفسير القمّي 1: 240.

(1) في «س» و «ط»: جعفر بن محمّد، سهو، و

الصواب ما في المتن، حيث عدّ من مشايخ الصفّار. انظر معجم رجال الحديث 17: 110.

(2) في «س»: النعماني، و في «ط»: اليماني، تصحيف، و الصواب ما في المتن، و كذا في معجم رجال الحديث 10: 367 و الحديث (3) من تفسير الآية (89) من سورة النحل.

(3) في «س»: سؤالات.

(4) في المصدر: فأعلمنا.

(5) النّحل 16: 89.

(6) تأتي في تفسير الآية (89) من سورة النحل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 589

3993/ [8]- العياشي: عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري، قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن موسى (عليه السلام) حين ادخل عليه: ما هذه الدار؟ قال: «هذه دار الفاسقين». قال: و قرأ: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا.

فقال له هارون: فدار من هي؟ فقال: «هي لشيعتنا قرة، و لغيرهم فتنة».

قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: «أخذت منه عامرة، و لا يأخذها إلا معمورة».

3994/ [9]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يعني أصرف القرآن عن الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا، قال: إذا رأوا الإيمان و الصدق و الوفاء و العمل الصالح لا يتخذوه سبيلا، و إن يروا الشرك و الزنا و المعاصي يأخذوا بها و يعملوا بها.

سورة الأعراف(7): الآيات 148 الي 149 ..... ص : 589

قوله تعالى:

وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ- إلى قوله تعالى- لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ [148- 149]

3995/ [1]- العياشي: عن محمد بن

أبي حمزة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى لما أخبر موسى أن قومه اتخذوا عجلا له خوار، فلم يقع منه موقع العيان، فلما رآهم اشتد غضبه فألقى الألواح من يده» و قال أبو عبد الله: «و للرؤية فضل على الخبر».

3996/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ يعني لما جاءهم موسى و أحرق العجل قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَ يَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ.

سورة الأعراف(7): آية 152 ..... ص : 589

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ [152]

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 29/ 78.

9- تفسير القمّي 1: 240.

1- تفسير العيّاشي 2: 29/ 81. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 241.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 590

3997/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن السدي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما أخلص عبدا الايمان بالله أربعين يوما- أو قال: ما أجمل عبد ذكر الله عز و جل أربعين يوما- إلا زهده الله عز و جل في الدنيا و بصره داءها و دواءها، و أثبت الحكمة في قلبه، و أنطق بها لسانه- ثم تلا- إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ فلا ترى صاحب بدعة إلا ذليلا، و مفتريا على الله عز و جل، و على رسوله، و على أهل بيته (صلوات الله عليهم) إلا ذليلا».

3998/ [2]- العياشي: عن داود بن فرقد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «عرضت بي حاجة، فهجرت فيها إلى

المسجد- و كذلك أفعل إذا عرضت بي الحاجة- فبينا أنا اصلي في الروضة إذا رجل على رأسي- قال-: فقلت:

ممن الرجل؟ قال: من أهل الكوفة». قال: «قلت: ممن الرجل؟ قال: من أسلم». قال: «فقلت: ممن الرجل؟ قال: من الزيدية».

قال: «قلت: يا أخا أسلم، من تعرف منهم؟ قال: أعرف خيرهم و سيدهم و رشيدهم و أفضلهم هارون بن سعد. فقلت: يا أخا أسلم، ذاك رأس العجلية، أما سمعت الله يقول: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا و إنما الزيدي حقا محمد بن سالم بياع القصب «1»».

سورة الأعراف(7): الآيات 155 الي 156 ..... ص : 590

قوله تعالى:

وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ- إلى قوله تعالى- وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ [155- 156]

3999/ [3]- العياشي: عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: إن عبد الله بن عجلان قال في مرضه الذي مات فيه إنه لا يموت، فمات؟

__________________________________________________

1- الكافي 2: 14/ 6.

2- تفسير العيّاشي 2: 29/ 82.

3- تفسير العيّاشي 2: 30/ 83.

(1) هذا الاسم جاء في «س» و «ط» متأخّرا عن موضعه سهوا، حيث وقع في أول سند الحديث الآتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 591

فقال: «لا غفر الله شيئا من ذنوبه، أين ذهب؟ إن موسى اختار سبعين رجلا من قومه، فلما أخذتهم الرجفة قال: رب أصحابي أصحابي. قال: إني أبدلك بهم من هو خير لكم منهم. فقال: إني عرفتهم و وجدت ريحهم، قال:

فبعثهم «1» الله له أنبياء».

عن أبان بن عثمان، عن الحارث مثله، إلا أنه ذكر: «فلما أخذتهم الصاعقة» و لم يذكر الرجفة «2».

و قد تقدمت روايات في ذلك في قوله

تعالى: وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ «3».

4000/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي بن حاتم المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن مسرور «4»، عن سعد بن عبد الله القمي- في حديث طويل- عن القائم (عليه السلام)، قال: قلت: فأخبرني يا مولاي، عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم؟ قال: «مصلح أو مفسد؟» قلت:

مصلح. قال: «فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟» قلت: بلى. قال: «فهي العلة أوردها لك برهانا- و في رواية اخرى: أيدتها لك ببرهان- يثق به عقلك «5»، أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى، و أنزل الكتب عليهم و أيدهم بالوحي و العصمة، إذ هم أعلام الأمم، و أهدى إلى الاختيار منهم، مثل موسى و عيسى (عليهما السلام) هل يجوز مع وفور عقلهما و كمال علمهما إذا هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق و هما يظنان أنه مؤمن؟» قلت: لا. فقال: «هذا موسى كليم الله مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا، ممن لا يشك في إيمانهم و إخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله عز و جل: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا إلى قوله: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً «6» فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ «7» فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح، و هو

يظن أنه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن الاختيار ليس إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور، و ما تكن الضمائر و تنصرف عليه السرائر، و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح».

4001/ [3]- علي بن إبراهيم: إن موسى (عليه السلام) لما قال لبني إسرائيل: إن الله يكلمني و يناجيني، لم

__________________________________________________

2- كمال الدين و تمام النعمة: 461/ 21، تقدّم مع تخريجه و التعليق عليه ذيل الآية (143) من هذه السورة، الحديث (4).

3- تفسير القمّي 1: 241.

(1) في المصدر نسخة بدل: فبعث.

(2) تفسير العيّاشي 2: 30/ 84.

(3) تقدّمت الروايات في تفسير الآيتين (143- 144) من هذه السورة.

(4) في «س»: أحمد بن سورا، تصحيف، انظر معجم رجال الحديث 2: 338.

(5) في المصدر: و أوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك.

(6) البقرة 2: 55.

(7) النّساء 4: 153. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 592

يصدقوه، فقال لهم: اختاروا منكم من يجي ء معي حتى يسمع كلامه. فاختاروا سبعين رجلا من خيارهم، و ذهبوا مع موسى إلى الميقات، فدنا موسى (عليه السلام) فناجى ربه و كلمه «1» الله تبارك و تعالى، فقال موسى (عليه السلام) لأصحابه: اسمعوا و اشهدوا عند بني إسرائيل بذلك. فقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فسله أن يظهر لنا. فأنزل الله عليهم صاعقة فاحترقوا، و هو قوله: وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «2» فهذه [الآية في سورة البقرة، و هي مع هذه الآية في سورة الأعراف، فنصف الآية في سورة البقرة، و نصفها في سورة الأعراف ها

هنا.

فلما نظر موسى إلى أصحابه قد هلكوا حزن عليهم فقال: رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا و ذلك أن موسى (عليه السلام) ظن أن هؤلاء هلكوا بذنوب بني إسرائيل فقال: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ وَ اكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ فقال الله تبارك و تعالى: عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ.

4002/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما ناجى موسى (عليه السلام) ربه أوحى إليه:

أن يا موسى، قد فتنت قومك. قال: و بماذا يا رب؟ قال: بالسامري، صاغ لهم من حليهم عجلا.

قال: يا رب، إن حليهم لتحتمل أن يصاغ منها غزال أو تمثال أو عجل، فكيف فتنتهم؟ قال: صاغ لهم عجلا فخار. فقال: يا رب، و من أخاره؟ قال: أنا. قال عندها موسى: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ».

4003/ [5]- عن محمد بن أبي حمزة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ «3».

قال: «فقال موسى: يا رب، و من أخار العجل؟ فقال الله: يا موسى، أنا أخرته. فقال موسى: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ».

4004/ [6]- عن ابن مسكان، عن الوصافي «4»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن فيما ناجى الله موسى

أن قال:

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 31/ 85.

5- تفسير العيّاشي 2: 29/ 79.

6- تفسير العيّاشي 2: 29/ 80.

(1) في «ط»: و كلّم.

(2) البقرة 2: 55- 56.

(3) الأعراف 7: 148.

(4) في «س» و «ط»: و المصدر: الوصّاف، تصحيف، و الصواب ما أثبتناه، و هو عبيد اللّه بن الوليد الوصّافي، روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السّلام)، و روى عنه عبد اللّه بن مسكان كتابه و بعض رواياته، انظر معجم رجال الحديث 11: 87.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 593

يا رب، هذا السامري صنع العجل، فالخوار من صنعه؟- قال-: فأوحى الله إليه: يا موسى، إن تلك فتنتي فلا تفحص «1» عنها».

4005/ [7]- عن إسماعيل بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حيث قال موسى: أنت أبو الحكماء».

سورة الأعراف(7): آية 157 ..... ص : 593

قوله تعالى:

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [157]

4006/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ- إلى قوله-: وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قال: «النور في هذا الموضع أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)».

4007/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الاستطاعة و قول الناس، فقال و تلا هذه الآية وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ

خَلَقَهُمْ «2»: «يا أبا عبيدة، الناس مختلفون في إصابة القول، و كلهم هالك».

قال: قلت: قوله: إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ؟ قال: «هم شيعتنا، و لرحمته خلقهم، و هو قوله: وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ يقول: لطاعة الإمام و الرحمة التي يقول: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ «3» يقول: علم الإمام، و وسع علمه- الذي هو من علمه- كل شي ء، هم شيعتنا، ثم قال: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ «4» يعني ولاية غير الإمام و طاعته، ثم قال: يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يعني النبي (صلى الله عليه و آله) و الوصي و القائم يأمرهم بالمعروف إذا قام و ينهاهم عن المنكر، و المنكر من أنكر فضل الإمام و جحده وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ __________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 29 ذيل الحديث 80.

1- الكافي 1: 150/ 2.

2- الكافي 1: 335/ 83.

(1) في «ط»: تفصحني، قال المجلسي: «أي لا تسألني أن أظهر سببها، و الإفصاح و إن كان لازما يمكن أن يكون التفصيح متعدّيا، و في بعض النسخ بالمعجمة أي لا تبيّن ذلك للناس فإنّهم لا يفهمون». «بحار الأنوار 13: 230».

(2) هود 11: 118، 119.

(3، 4) الأعراف 7: 156.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 594

أخذ العلم من أهله وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ و الخبائث: قول من خالف وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ و هي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ و الأغلال: ما كانوا يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام، فلما عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم، و الإصر: الذنب و هي الآصار.

ثم نسبهم فقال: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ يعني بالإمام وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ

هُمُ الْمُفْلِحُونَ يعني الذين اجتنبوا الجبت و الطاغوت أن يعبدوها، و الجبت و الطاغوت: فلان و فلان و فلان، و العبادة: طاعة الناس لهم. ثم قال: وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ «1» ثم جزاهم فقال:هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ

«2» و الإمام يبشرهم بقيام القائم، و بظهوره، و بقتل أعدائهم، و بالنجاة في الآخرة، و الورود على محمد (صلى الله عليه و آله) و آله الصادقين على الحوض».

4008/ [3]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: ثم ذكر الله فضل النبي (صلى الله عليه و آله) و فضل من تبعه فقال:

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ يعني الثقل الذي كان على بني إسرائيل، و هو أنه فرض الله عليهم الغسل و الوضوء بالماء، و لم يحل لهم التيمم، و لم يحل لهم الصلاة إلا في البيع و الكنائس و المحاريب، و كان الرجل إذا أذنب جرح نفسه جرحا متينا، فيعلم أنه أذنب، و إذا أصاب شيئا من بدنهم البول قطعوه، و لم يحل لهم المغنم، فرفع ذلك رسول الله عن أمته.

ثم قال: قال فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ يعني برسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فأخذ الله ميثاق رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء أن يخبروا أممهم و ينصروه، فقد نصروه بالقول، و أمروا أممهم بذلك، و سيرجع رسول الله (صلى

الله عليه و آله) و يرجعون فينصرونه في الدنيا.

4009/ [4]- العياشي: عن علي بن أسباط، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لم سمي النبي الأمي؟

قال: «نسب إلى مكة، و ذلك من قول الله: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها «3» و أم القرى مكة، فقيل امي لذلك».

4010/ [5]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال في قوله: يَجِدُونَهُ: «يعني اليهود و النصارى صفة محمد و اسمه مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 242. [.....]

4- تفسير العيّاشي 2: 31/ 86.

5- تفسير العيّاشي 2: 31/ 87.

(1) الزّمر 39: 55.

(2) يونس 10: 64.

(3) الشورى 42: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 595

4011/ [6]- عن أبي بصير، في قول الله: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «النور هو علي (عليه السلام)».

4012/ [7]- الطبرسي: في معنى الآية، قال: إنه منسوب إلى ام القرى، و هي مكة. و هو المروي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام).

و تقدمت الروايات بذلك في سورة الأنعام «1».

4013/ [8]- الشيخ: بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن داود ابن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض، و قد وسع الله عليكم بأوسع ما بين السماء و الأرض، و جعل لكم الماء طهورا، فانظروا كيف تكونون؟».

4014/ [9]- في (نهج البيان): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «أي الخلق أعجب إيمانا»؟ فقالوا:

الملائكة. فقال: «الملائكة عند ربهم، فما لهم لا يؤمنون»؟ فقالوا: الأنبياء.

فقال: «الأنبياء يوحى إليهم، فما لهم لا يؤمنون»؟ فقالوا: نحن. فقال: «أنا فيكم فما لكم لا تؤمنون؟ إنما هم قوم يكونون بعدكم، فيجدون كتابا في ورق فيؤمنون به، و هذا معنى قوله: وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

سورة الأعراف(7): آية 158 ..... ص : 595

قوله تعالى:

قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [158]

4015/ [1]- ابن بابويه: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن أبيه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 31/ 88.

7- مجمع البيان 4: 749.

8- التهذيب 1: 356/ 1064.

9- .......... مجمع البيان 4: 750.

1- الأمالي: 157/ 1.

(1) تقدّمت في تفسير الآيتين (91- 92) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 596

الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا محمد، أنت الذي تزعم أنك رسول الله، و أنك الذي يوحى إليك كما أوحي إلى موسى ابن عمران؟ فسكت النبي (صلى الله عليه و آله) ساعة، ثم قال: نعم، أنا سيد ولد آدم و لا فخر، و أنا خاتم النبيين، و إمام المتقين، و رسول رب العالمين. قالوا: إلى من، إلى العرب أم إلى العجم، أم إلينا؟ فأنزل الله عز و جل: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً».

سورة الأعراف(7): آية 159 ..... ص : 596

قوله تعالى:

وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ [159]

4016/ [1]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، قال: «قوم موسى هم أهل الإسلام».

4017/ [2]- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا قام قائم آل محمد (صلى الله

عليه و آله) استخرج من ظهر الكوفة «1» سبعة و عشرين رجلا، خمسة عشر من قوم موسى الذين يقضون بالحق و به يعدلون، و سبعة من أصحاب الكهف، و يوشع وصي موسى، و مؤمن آل فرعون، و سلمان الفارسي، و أبا دجانة الأنصاري، و مالك الأشتر».

4018/ [3]- عن أبي الصهباء البكري، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، دعا رأس الجالوت، و أسقف النصارى، فقال: «إني سائلكما عن أمر، و أنا أعلم به منكما، فلا تكتماني، يا رأس الجالوت، بالذي أنزل التوراة على موسى، و أطعمهم «2» المن و السلوى، و ضرب لهم «3» في البحر طريقا يبسا، و فجر لهم «4» من الحجر الطوري اثنتي عشرة عينا، لكل سبط من بني إسرائيل عينا، إلا ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟» فقال: فرقة واحدة.

فقال: «كذبت و الله الذي لا إله إلا هو، لقد افترقت على إحدى و سبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، فإن الله يقول: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فهذه التي تنجو».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 31/ 89.

2- تفسير العيّاشي 2: 32/ 90.

3- تفسير العيّاشي 2: 32/ 91. [.....]

(1) في نسخة من «ط» و المصدر: الكعبة.

(2) في المصدر: و أطعمكم.

(3) في المصدر: لكم.

(4) في المصدر: لكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 597

4019/ [4]- الطبرسي: إنهم قوم من وراء الصين، و بينهم و بين الصين واد جار من الرمل، لم يغيروا و لم يبدلوا.

قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة الأعراف(7): آية 160 ..... ص : 597

قوله تعالى:

وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ [160] 4020/ [1]- علي بن

إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً أي ميزناهم.

4021/ [2]- محمد بن يعقوب: [عن محمد بن يحيى «1» عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي سعيد الخراساني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أبو جعفر (عليه السلام): إن القائم إذا قام بمكة و أراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه: ألا لا يحمل أحد منكم طعاما و لا شرابا. و يحمل حجر موسى بن عمران (عليه السلام) و هو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انبعثت عين منه، فمن كان جائعا شبع، و من كان ظامئا روي، فهو زادهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة».

4022/ [3]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، [عن موسى «2» بن جعفر البغدادي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «ألواح موسى (عليه السلام) عندنا، و عصا موسى عندنا، و نحن ورثة النبيين».

و هذه الآية و ما بعدها تقدمت في سورة البقرة «3».

سورة الأعراف(7): الآيات 161 الي 166 ..... ص : 597

قوله تعالى:

وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ

__________________________________________________

4- مجمع البيان 4: 752.

1- تفسير القمّي 1: 244.

2- الكافي 1: 180/ 3.

3- الكافي 1: 180/ 2.

(1) أثبتناه من المصدر، و هو من مشايخ الكليني، و روى عن محمّد بن الحسين كثيرا. راجع معجم رجال الحديث 18: 8.

(2) أثبتناه من المصدر، و هو الصحيح، حيث روى عمران بن موسى، عن موسى كتابه و بعض روآياته. راجع رجال النجاشي: 406، معجم رجال الحديث 19: 34.

(3) تقدّمت في الآيتين (58 و 60) من سورة البقرة.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 2، ص: 598

إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ- إلى قوله تعالى- كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ [163- 166] 4023/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها قرية كانت لبني إسرائيل، قريبا من البحر، و كان الماء يجري عليها في المد و الجزر، فيدخل أنهارهم و زروعهم، و يخرج السمك من البحر حتى يبلغ آخر زرعهم، و قد كان حرم الله عليهم الصيد يوم السبت، و كانوا يضعون الشباك في الأنهار ليلة الأحد يصيدون بها السمك، و كان السمك يخرج يوم السبت، و يوم الأحد لا يخرج، و هو قوله: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ فنهاهم علماؤهم عن ذلك، فلم ينتهوا فمسخوا قردة و خنازير. و كانت العلة في تحريم الصيد عليهم يوم السبت أن عيد جميع المسلمين و غيرهم كان يوم الجمعة، فخالف اليهود و قالوا: عيدنا يوم السبت. فحرم الله عليهم الصيد يوم السبت، و مسخوا قردة و خنازير.

4024/ [2]- و

قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب «1»، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أن قوما من أهل أيلة «2»، من قوم ثمود، و أن الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك، فشرعت إليهم يوم سبتهم في ناديهم، و قدام أبوابهم، في أنهارهم و سواقيهم، فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها و يأكلونها فلبثوا في ذلك ما شاء الله لا ينهاهم عنها الأحبار، و لا يمنعهم العلماء من صيدها.

ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم: إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت و لم

تنهوا عن صيدها. فاصطادوها «3» يوم السبت و أكلوها فيما سوى ذلك من الأيام، فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها. فعتت و انحازت طائفة اخرى منهم ذات اليمين فقالوا: ننهاكم عن عقوبة الله أن تتعرضوا لخلاف أمره. و اعتزلت طائفة منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم، فقالت للطائفة التي وعظتهم: لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا؟ فقالت الطائفة التي وعظتهم: مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.

فقال الله عز و جل: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني لما تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة، فقالت

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 244.

2- تفسير القمّي 1: 244.

(1) في «س» و «ط»: عن ابن أبي عمير، و ما أثبتناه من المصدر، و قد روى ابن محبوب عن كليهما، و لكنّه أكثر في روايته عن عليّ بن رئاب، و روى كتبه، و كان أبوه يعطيه بكلّ حديث يرويه عن عليّ درهما واحدا، و أكثر عليّ في روايته عن أبي عبيدة. راجع معجم رجال الحديث 5: 92 و 12: 17. [.....]

(2) في المصدر: ايكة، و هو تصحيف، و أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر) ممّا يلي الشام. مراصد الاطلاع 1: 138، معجم البلدان 1: 292.

(3) في المصدر: فاصطادوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 599

الطائفة التي وعظتهم: لا و الله، لا نجامعكم و لا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها، مخافة أن ينزل عليكم «1» البلاء فيعمنا معكم».

قال: «فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء، فنزلوا قريبا من المدينة، فباتوا تحت السماء، فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية، فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت، فدقوه فلم يجابوا، و

لم يسمعوا منها حس أحد «2»، فوضعوا سلما على سور المدينة، ثم أصعدوا رجلا منهم، فأشرف على المدينة، فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون، [فقال الرجل لأصحابه: يا قوم، أرى و الله عجبا! قالوا: و ما ترى؟

قال: أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون و لها أذناب، فكسروا الباب، فعرفت الطائفة أنسابها من الإنس، و لم تعرف الإنس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟

فقال علي (عليه السلام): و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إني لأعرف أنسابها من هذه الأمة، لا ينكرون و لا يغيرون، بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا، و قد قال الله عز و جل: فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «3» فقال الله: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ».

4025/ [3]- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال علي بن الحسين (عليه السلام): كان هؤلاء قوم يسكنون على شاطى بحر نهاهم الله و أنبياؤه عن اصطياد السمك في يوم السبت، فتوصلوا إلى حيلة ليحلوا بها لأنفسهم ما حرم الله، فخدوا أخاديد، و عملوا طرقا تؤدي إلى حياض يتهيأ للحيتان الدخول [فيها] من تلك الطرق، و لا يتهيأ لها الخروج إذا همت بالرجوع.

فجاءت الحيتان يوم السبت جارية على أمان الله لها، فدخلت الأخاديد، و حصلت في الحياض و الغدران، فلما كانت عشية اليوم همت بالرجوع منها إلى اللجج لتأمن صائدها، فرامت الرجوع فلم تقدر، و بقيت ليلتها في مكان يتهيأ أخذها بلا اصطياد، لاسترسالها فيه، و عجزها عن الامتناع، لمنع المكان لها، فكانوا يأخذونها يوم الأحد، و يقولون: ما اصطدنا في يوم السبت، و إنما اصطدنا في الأحد. و كذب أعداء الله، بل كانوا آخذين لها بأخاديدهم

التي عملوها يوم السبت حتى كثر من ذلك مالهم و ثراؤهم، و تنعموا بالنساء و غيرها لاتساع أيديهم «4»، و كانوا في المدينة نيفا و ثمانين ألفا، فعل هذا «5» سبعون ألفا، و أنكر عليهم «6» الباقون، كما قص الله وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ و ذلك أن طائفة منهم وعظوهم و زجروهم، و من عذاب الله خوفوهم، و من

__________________________________________________

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 268/ 136، 137.

(1) في المصدر: بكم.

(2) في المصدر: خبر واحد.

(3) المؤمنون 23: 41.

(4) في المصدر زيادة: به.

(5) في المصدر زيادة: منهم.

(6) في «ط»: و أنكرهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 600

انتقامه و شديد بأسه حذروهم، فأجابوهم عن وعظهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ بذنوبهم هلاك الاصطلام أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فأجابوا القائلين لهم هذا، مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ إذ كلفنا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فنحن ننهى عن المنكر ليعلم ربنا مخالفتنا لهم و كراهتنا لفعلهم. قالوا: وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ و نعظهم أيضا لعلهم تنجع «1» فيهم المواعظ، فيتقوا هذه الموبقة، و يحذروا عن عقوبتها، قال الله عز و جل: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ حادوا و أعرضوا و تكبروا عن قبولهم الزجر قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ مبعدين عن الخير مقصين.

قال: فلما نظر العشرة آلاف و النيف أن السبعين ألفا لا يقبلون مواعظهم، و لا يحفلون بتخويفهم إياهم و تحذيرهم لهم، اعتزلوهم إلى قرية أخرى قريبة من قريتهم، و قالوا: نكره أن ينزل بهم عذاب الله و نحن في خلالهم.

فأمسوا ليلة، فمسخهم الله تعالى كلهم قردة، و بقي باب المدينة مغلقا لا يخرج منه أحد و لا يدخله أحد و تسامع بذلك أهل

القرى و قصدوهم، و تسنموا حيطان البلد، فاطلعوا عليهم، فإذا هم كلهم رجالهم و نساؤهم قردة، يموج بعضهم في بعض، يعرف هؤلاء الناظرون معارفهم و قراباتهم و خلطاءهم، يقول المطلع لبعضهم: أنت فلان، أنت فلانة؟ فتدمع عينه و يؤمئ برأسه أن «2» نعم. فما زالوا كذلك ثلاثة أيام، ثم بعث الله عز و جل عليهم مطرا و ريحا فجرفهم إلى البحر، و ما بقي مسخ بعد ثلاثة أيام، و إنما الذين ترون من هذه المصورات بصورها فإنما هي أشباحها، لا هي بأعيانها، و لا من نسلها.

قال علي بن الحسين (عليه السلام): إن الله تعالى مسخ هؤلاء لاصطياد السمك، فكيف ترى عند الله عز و جل يكون حال من قتل أولاد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هتك حريمه! إن الله تعالى و إن لم يمسخهم في الدنيا فإن المعد لهم من عذاب الآخرة أضعاف هذا «3» المسخ».

4026/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد، قال: حدثني عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة الشامي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ، قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا و أمروا [فنجوا]، و صنف ائتمروا و لم يأمروا [فمسخوا ذرا]، و صنف لم يأتمروا و لم يأمروا فهلكوا».

4027/ [5]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد «4»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ،

__________________________________________________

4- الخصال: 100/ 54.

5-

الكافي 8: 158/ 151.

(1) نجع فيه الخطاب: أر. «الصحاح- نجع- 3: 1288».

(2) في المصدر: بلا أو.

(3) في المصدر: أضعاف عذاب. [.....]

(4) في «س» و «ط»: طلحة بن يزيد، و هو تصحيف، راجع معجم رجال الحديث 9: 163- 167.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 601

قال: «كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا و أمروا و نجوا، و صنف ائتمروا و لم يأمروا فمسخوا ذرا، و صنف لم يأتمروا و لم يأمروا فهلكوا».

4028/ [6]- الطبرسي: إنه هلكت الفرقتان، و نجت الفرقة الناهية. روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

4029/ [7]- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة: عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «كانت مدينة حاضرة البحر، فقالوا لنبيهم: إن كان صادقا فليحولنا ربنا جريثا «1»، فإذا المدينة في وسط البحر قد غرقت من الليل، و إذا كل رجل منهم ممسوخ جريثا يدخل الراكب في فيها».

4030/ [8]- عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وجدنا في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام): أن قوما من أهل أيلة من قوم ثمود، و أن الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك، فشرعت لهم يوم سبتهم في ناديهم و قدام أبوابهم في أنهارهم و سواقيهم، فتبادروا إليها، فأخذوا يصطادونها و يأكلونها، فلبثوا بذلك ما شاء الله، لا ينهاهم الأحبار و لا ينهاهم العلماء من صيدها. ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم: إنما نهيتهم من أكلها يوم السبت، و لم تنهوا عن صيدها يوم السبت، فاصطادوا يوم السبت، و أكلوها فيما سوى ذلك من الأيام.

فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها، و انحازت طائفة اخرى منهم ذات اليمين، و قالوا: الله الله، إنا نهيناكم عن عقوبة الله أن

تعرضوا لخلاف أمره، و اعتزلت طائفة منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم، و قالت الطائفة التي لم تعظهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً.

و قالت الطائفة التي وعظتهم: مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، قال الله: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني لما تركوا ما وعظوا به، و مضوا على الخطيئة، قالت الطائفة التي وعظتهم: لا و الله، لا نجامعكم و لا نبايتكم الليل في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها، مخافة أن ينزل بكم البلاء، فنزلوا قريبا من المدينة، فباتوا تحت السماء.

فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله، غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية، فأتوا باب المدينة، فإذا هو مصمت فدقوا، فلم يجابوا و لم يسمعوا منها حس أحد، فوضعوا سلما على سور المدينة، ثم أصعدوا رجلا منهم، فأشرف على المدينة، فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون، فقال الرجل لأصحابه: يا قوم، أرى- و الله- عجبا! فقالوا:

و ما ترى؟ قال: أرى القوم قردة يتعاوون، لهم أذناب- قال-: فكسروا الباب و دخلوا المدينة، قال: فعرفت القردة أنسابها من الإنس، و لم تعرف الإنس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟!».

قال: «فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إني لأعرف أنسابها من هذه الأمة لا

__________________________________________________

6- مجمع البيان 4: 768.

7- تفسير العيّاشي 2: 32/ 92.

8- تفسير العيّاشي 2: 33/ 93.

(1) الجرّيث: ضرب من السمك. «الصحاح- جرث- 1: 277».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 602

ينكرون و لا يغيرون، بل تركوا ما أمروا به و تفرقوا، و قد قال الله: فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «1»، و قال الله: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا

يَفْسُقُونَ».

4031/ [9]- عنه، عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن اليهود أمروا بالإمساك يوم الجمعة فتركوا يوم الجمعة فأمسكوا يوم السبت».

4032/ [10]- عن الأصبغ، عن علي (عليه السلام)، قال: «امتان مسختا من بني إسرائيل: فأما التي أخذت البحر فهي الجريث «2»، و أما التي أخذت البر فهي الضباب» «3».

4033/ [11]- عن هارون بن عبد العزيز «4»، رفعه إلى أحدهم (عليهم السلام)، قال: «جاء قوم إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة، و قالوا له: يا أمير المؤمنين، إن هذه الجريث «5» تباع في أسواقنا؟» قال: «فتبسم أمير المؤمنين (عليه السلام) ضاحكا، ثم قال: قوموا لأريكم عجبا، و لا تقولوا في وصيكم إلا خيرا، فقاموا معه فأتوا شاطئ بحر فتفل فيه تفلة، و تكلم بكلمات، فإذا بجريثة «6» رافعة رأسها فاتحة فاها. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):

من أنت، الويل لك و لقومك؟ فقالت: نحن من أهل القرية التي كانت حاضرة البحر، إذ يقول الله في كتابه: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً الآية، فعرض الله علينا ولايتك، فقعدنا عنها، فمسخنا الله، فبعضنا في البر و بعضنا في البحر: فأما الذين في البحر فالجريث «7»، و أما الذين في البر فاليربوع «8»» قال: «ثم التفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلينا، فقال: أسمعتم مقالتها؟ قلنا: اللهم نعم، قال: و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، لتحيض كما تحيض نساؤكم».

4034/ [12]- عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ، قال: «افترق القوم ثلاث فرق: فرقة انتهت و اعتزلت، و فرقة أقامت و لم

تقارف الذنوب، و فرقة اقترفت الذنوب، فلم تنج من العذاب إلا من انتهت».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 34/ 94.

10- تفسير العيّاشي 2: 34/ 95.

11- تفسير العيّاشي 2: 35/ 96.

12- تفسير العيّاشي 2: 35/ 79.

(1) المؤمنون 23: 41.

(2) في المصدر: الجراري.

(3) الضباب: جمع ضبّ، و هو حيوان من جنس الزّواحف. «المعجم الوسيط- ضبّ- 1: 532».

(4) في المصدر: هارون بن عبيد.

(5) في المصدر: الجراري. [.....]

(6) في المصدر: بجريّة.

(7) في المصدر: فنحن الجراري.

(8) في المصدر: فالضبّ و اليربوع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 603

قال جعفر (عليه السلام): «قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما صنع بالذين أقاموا و لم يقارفوا الذنوب؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): بلغني أنهم صاروا ذرا».

سورة الأعراف(7): الآيات 167 الي 170 ..... ص : 603

قوله تعالى:

وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [167- 170] 4035/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ يعني بعلم ربك إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ نزلت في اليهود، و لا تكون لهم دولة أبدا.

4036/ [2]- الطبرسي: و يوليهم أشد «1» العذاب بالقتل و أخذ الجزية منهم، و المعني به امة محمد (صلى الله عليه و آله) عند جميع المفسرين، و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

4037/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ قَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أي ميزناهم «2» مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَ مِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَ بَلَوْناهُمْ أي اختبرناهم بِالْحَسَناتِ يعني السعة و الأمن وَ السَّيِّئاتِ الفقر و الفاقة و الشدة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني كي يرجعوا.

قال: قوله: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى يعني ما يعرض لهم من الدنيا. وَ

يَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَ إِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَ دَرَسُوا ما فِيهِ يعني ضيعوه. ثم قال: وَ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ.

4038/ [4]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إلى آخره، قال: «نزلت في آل محمد (صلى الله عليه و آله) و أشياعهم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 245.

2- مجمع البياƠ4: 760.

3- تفسير القمّي 1: 246.

4- تفسير القمّي 1: 246.

(1) في المصدر: شدة.

(2) في المصدر: ميّزهم امما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 604

4039/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا حتى يعلموا، و لا يردوا ما لم يعلموا، قال الله عز و جل: أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ. و قال: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ «1»».

4040/ [6]- العياشي: عن إسحاق بن عبد العزيز، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: «إن الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يكذبوا بما لا يعلمون أو يقولوا بما لا يعلمون» و قرأ: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ «2» و قال: أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.

4041/ [7]- عن إسحاق، قال أبو

عبد الله (عليه السلام): «خص الله الخلق في آيتين من كتاب الله، أن يقولوا على الله إلا بعلم، و لا يردوا إلا بعلم، قال تعالى: أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ، و قال:

بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ «3»».

سورة الأعراف(7): آية 171 ..... ص : 604

قوله تعالى:

وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [171]

4042/ [1]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أبي بصير، قال: كان مولانا أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، جالسا في الحرم و حوله عصابة من أوليائه، إذ أقبل طاوس اليماني في جماعة من أصحابه، ثم قال لأبي جعفر (عليه السلام): أ تأذن لي في السؤال؟ فقال: «أذنا لك، و اسأل». فسأله عن مسائل فأجابه (عليه السلام)، و كان فيما سأله، قال: فأخبرني عن طائر طار [مرة] و لم يطر قبلها و لا بعدها، ذكره الله عز و جل في القرآن، فما هو؟ فقال: «طور سيناء، أطاره الله عز و جل على بني إسرائيل الذين «4» أظلهم بجناح منه، فيه ألوان العذاب حتى قبلوا التوراة، و ذلك قوله عز و جل: وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ الآية».

__________________________________________________

5- الكافي 1: 34/ 8.

6- تفسير العيّاشي 2: 35/ 98.

7- تفسير العيّاشي 2: 36/ 99.

1- الاحتجاج: 328.

(1) يونس 10: 39. [.....]

(2) يونس 10: 39.

(3) يونس 10: 39.

(4) في المصدر: حين.

رهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 605

4043/ [2]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: قال الصادق (عليه السلام): «لما أنزل الله التوراة على بني إسرائيل لم يقبلوها، فرفع الله

عليهم جبل طور سيناء، فقال لهم موسى (عليه السلام): إن لم تقبلوا وقع عليكم الجبل، فقبلوه وطأطؤوا رؤوسهم».

4044/ [3]- العياشي: عن معاوية بن عمار «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أ يضع الرجل يده على ذراعه في الصلاة؟

قال: «لا بأس، إن بني إسرائيل كانوا إذا دخل وقت الصلاة دخلوها «2» متماوتين كأنهم موتى، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله): خذ ما آتيتك بقوة، فإذا دخلت الصلاة فادخل فيها بجلد و قوة، ثم ذكرها في طلب الرزق «فإذا طلبت الرزق فاطلبه بقوة».

4045/ [4]- و في رواية إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ أ قوة في الأبدان أم قوة في القلوب؟ قال: «فيهما جميعا».

4046/ [5]- عن محمد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابنا «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ، قال: «السجود، و وضع اليدين على الركبتين في الصلاة و أنت راكع».

سورة الأعراف(7): آية 172 ..... ص : 605

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ [172]

4047/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب «4»، عن صالح بن __________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 246.

3- تفسير العيّاشي 2: 36/ 100.

4- تفسير العيّاشي 2: 37/ 101.

5- تفسير العيّاشي 2: 37/ 102.

1- الكافي 2: 366/ 6.

(1) في المصدر: إسحاق بن عمّار، و قد عدّ كلاهما من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و الرواة عنه، راجع رجال النجاشي: 71:

169 و 411/ 1096.

(2) في المصدر: دخلوا في الصلاة دخلوا.

(3) في المصدر: محمّد بن حمزة عمّن أخبره.

(4) في «س»: عن أبي أيّوب، تصحيف صوابه ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 5: 89 و 9: 71.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 606

سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن بعض قريش قال لرسول الله (صلى الله عليه و آله): بأي شي ء سبقت الأنبياء و أنت بعثت آخرهم و خاتمهم؟

فقال: «إني كنت أول من آمن بربي، و أول من أجاب حين أخذ الله ميثاق النبيين و أشهدهم على أنفسهم:

أ لست بربكم؟ قالوا: بلى. فكنت أنا أول نبي قال بلى، فسبقتهم بالإقرار بالله».

و رواه في موضع آخر، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

4048/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة: أن رجلا سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى إلى آخر الآية.

فقال و أبوه يسمع: «حدثني أبي أن الله عز و جل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم (عليه السلام)، فصب عليها الماء العذب الفرات، ثم تركها أربعين صباحا، ثم صب عليها الماء المالح الأجاج، فتركها أربعين صباحا، فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا، فخرجوا كالذر من يمينه و شماله، و أمرهم جميعا أن يقعوا في النار، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا و سلاما، و أبى أصحاب الشمال أن يدخلوها».

4049/

[3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «2»، قال: «الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله- قال-: فطرهم على المعرفة به».

قال زرارة: و سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى الآية. قال: «أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم و أراهم نفسه، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربه» و قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مولود يولد على الفطرة- يعني على المعرفة بأن الله عز و جل خالقه- كذلك قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «3»».

4050/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن إسماعيل، عن سعدان، بن مسلم، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله): بأي شي ء سبقت ولد آدم؟ قال: إنني أول من أقر بربي، إن الله أخذ ميثاق النبيين و أشهدهم على

__________________________________________________

2- الكافي 2: 5/ 2.

3- الكافي 2: 10/ 4. [.....]

4- الكافي 2: 9/ 3.

(1) الكافي 2: 8/ 1.

(2) الحج 22: 31.

(3) لقمان 31: 25، الزّمر 39: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 607

أنفسهم: أ لست بربكم؟ قالوا: بلى، فكنت أول من أجاب».

4051/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن

ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف أجابوا و هم ذر؟ قال: «جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه» يعني في الميثاق.

4052/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها «1» ما تلك الفطرة؟

قال: «هي الإسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ و فيه المؤمن و الكافر».

4053/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود العجلي، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذبا و ماء مالحا أجاجا، فامتزج الماءان، فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا، فقال لأصحاب اليمين و هم كالذر يدبون:

إلى الجنة بسلام «2». و قال لأصحاب الشمال: إلى النار و لا ابالي. ثم قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ.

ثم أخذ الميثاق على النبيين، فقال: أ لست بربكم، و إن هذا محمدا رسولي و إن هذا عليا أمير المؤمنين؟

قالوا: بلى. فثبتت لهم النبوة، و أخذ الميثاق على أولي العزم: أنني ربكم، و محمدا رسولي، و عليا أمير المؤمنين، و أوصياءه من بعده ولاة أمري و خزان علمي، و أن المهدي انتصر به لديني، و أطهر به أرضي، و اظهر به دولتي، و انتقم به من أعدائي، و أعبد به طوعا و كرها. قالوا: أقررنا- يا

رب- و شهدنا. و لم يجحد آدم و لم يقر، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي، و لم يكن لآدم عزم على الإقرار به، و هو قوله عز و جل: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً «3» قال: إنما هو (فترك) ثم أمر نارا فأججت، فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها.

فهابوها، و قال لأصحاب اليمين: ادخلوها. فدخلوها، فكانت عليهم بردا و سلاما، فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا. فقال: قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها. فهابوها. فثم ثبتت الطاعة و الولاية و المعصية».

4054/ [8]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن الحذاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي بن الحسين (عليه السلام) لا يرى بالعزل بأسا، فقرأ هذه

__________________________________________________

5- الكافي 2: 10/ 1.

6- الكافي 2: 10/ 2.

7- الكافي 2: 6/ 1.

8- الكافي 5: 504/ 4.

(1) الرّوم 30: 30.

(2) في «ط»: الجنّة و لا ابالي.

(3) طه 20: 115.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 608

الآية: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فكل شي ء أخذ الله منه الميثاق فهو خارج، و إن كان على صخرة صماء».

4055/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي الربيع القزاز «1»، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: لم سمي أمير المؤمنين (عليه السلام) أمير المؤمنين؟

قال: «سماه الله، و هكذا أنزل في كتابه: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ

بِرَبِّكُمْ و أن محمدا رسولي، و أن عليا أمير المؤمنين؟».

4056/ [10]- ابن بابويه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و يعقوب بن يزيد، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «2» و عن الحنيفية. فقال: «و هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله» و قال: «فطرهم الله على المعرفة».

قال زرارة: و سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ الآية. قال:

« [أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم و أراهم صنعة، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربه».

و قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مولود يولد على الفطرة- يعني على المعرفة [بأن الله عز و جل خالقه - فذلك قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «3»».

4057/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن سنان، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أول من سبق [من الرسل إلى (بلى) رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك و تعالى، و كان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء: تقدم- يا محمد- فقد وطئت موطئا لم يطأه أحد قبلك، لا ملك مقرب، و لا نبي مرسل. و لولا أن روحه و نفسه كانت من ذلك المكان لما

قدر أن يبلغه، فكان من الله عز و جل كما قال الله: قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «4» أي بل أدنى، فلما خرج الأمر من الله وقع إلى أوليائه».

قال الصادق (عليه السلام): «كان ذلك الميثاق مأخوذا عليهم لله بالربوبية و لرسوله بالنبوة و لأمير المؤمنين و الأئمة بالإمامة، فقال: أ لست بربكم، و محمد نبيكم، و علي إمامكم، و الأئمة الهادون أئمتكم؟ فقالوا: بلى شهدنا.

__________________________________________________

9- الكافي 1: 340/ 4.

10- التوحيد: 330/ 9.

11- تفسير القمّي 1: 246. [.....]

(1) في «س» و «ط»: الفزاري، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 21: 155.

(2) الحج 22: 31.

(3) لقمان 31: 25، الزّمر 39: 38.

(4) النجم 53: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 609

فقال الله: أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ أي لئلا تقولوا يوم القيامة إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ فأول ما أخذ الله عز و جل الميثاق على الأنبياء له بالربوبية، و هو قوله: وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ فذكر جملة الأنبياء، ثم أبرز أفضلهم بالأسامي، فقال: وَ مِنْكَ يا محمد، فقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأنه أفضلهم وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ «1» فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) أفضلهم.

ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء بالإيمان به، و على أن ينصروا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ «2» يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، و تخبروا

أممكم بخبره و خبر وليه من الأئمة (عليهم السلام)».

4058/ [12]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

و عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ «4».

قال: قال: «ما بعث الله نبيا من لدن آدم فهلم جرا إلا و يرجع إلى الدنيا فيقاتل فينصر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام). ثم أخذ الله أيضا ميثاق الأنبياء لرسوله «5»، فقال: قُلْ- يا محمد- آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى وَ عِيسى وَ ما أوتي النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «6»».

4059/ [13]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى قلت:

معاينة كان هذا؟ قال: «نعم، فثبتت المعرفة و نسوا الموقف، و سيذكرونه، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و رازقه، فمنهم من أقر بلسانه في الذر و لم يؤمن بقلبه، فقال الله: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ «7»».

4060/ [14]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، قال:

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 1: 247.

13- تفسير القمّي 1: 248.

14- المحاسن: 241/ 225.

(1) الأحزاب 33: 7.

(2) آل عمران 3: 81.

(3) كذا في «ط» و المصدر و هو

الصواب، و في «س»: عبد اللّه بن سنان، عن ابن مسكان، روى ابن أبي عمير عنهما، و لكن لم تثبت رواية أحدهما عن الآخر، انظر معجم رجال الحديث 10: 203 و 324، و الحديث الآتي.

(4) آل عمران 3: 81.

(5) في المصدر: على رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

(6) آل عمران 3: 84.

(7) يونس 10: 74. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 610

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى قال: «ثبتت المعرفة في قلوبهم و نسوا الموقف، و سيذكرونه يوما ما، و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و من رازقه».

4061/ [15]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن رفاعة بن موسى النخاس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى قال: «نعم، لله الحجة على جميع خلقه، أخذهم يوم أخذ الميثاق، هكذا» و قبض يده.

4062/ [16]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن موسى، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ.

قال: «أخرج الله من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة [فخرجوا] و هم كالذر فعرفهم نفسه، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربه، ثم قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى و إن محمدا رسولي

و عليا أمير المؤمنين خليفتي و أميني».

4063/ [17]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر ليث بن محمد ابن نصر بن الليث البلخي. قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي، سنة إحدى و تسعين «1» و مائتين، قال: حدثني خالي «2» عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، قال: حدثني عبد العزيز بن عبد الصمد القمي البصري، قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: حج عمر بن الخطاب في إمرته، فلما افتتح الطواف حاذى الحجر الأسود فاستلمه و قبله، و قال: أقبلك و إني لأعلم أنك حجر لا تضر و لا تنفع، و لكن كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) بك حفيا، و لولا أني رأيته يقبلك ما قبلتك.

قال: و كان في القوم الحجيج علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: «بلى، و الله إنه ليضر و ينفع». فقال: و بم [قلت ذلك، يا أبا الحسن؟ قال: «بكتاب الله تعالى».

قال: أشهد أنك لذو علم بكتاب الله تعالى، فأين ذلك من الكتاب؟ قال: «قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا و أخبرك أن الله سبحانه لما خلق آدم مسح ظهره، فاستخرج ذريته من صلبه في هيئة الذر، فألزمهم العقل و قررهم أنه الرب و أنهم العبيد، فأقروا له بالربوبية و شهدوا على أنفسهم بالعبودية، و الله عز و جل يعلم أنهم في ذلك في منازل مختلفة، فكتب أسماء عبيده في رق، و كان لهذا الحجر يومئذ عينان و شفتان و لسان، فقال: افتح فاك-

قال-: ففتح فاه فألقمه

__________________________________________________

15- المحاسن: 242/ 229.

16- بصائر الدرجات: 91/ 6.

17- الأمالي 2: 90.

(1) في المصدر: إحدى و ستّين.

(2) زاد في «ط»: بن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 611

ذلك الرق، ثم قال له: اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة. فلما هبط آدم (عليه السلام) هبط و الحجر معه، فجعل في موضعه [الذي ترى من هذا الركن، و كانت الملائكة تحج هذا البيت من قبل أن يخلق الله تعالى آدم، ثم حجه آدم ثم نوح من بعده، ثم تهدم «1» و درست قواعده، فاستودع الحجر في أبي قبيس «2»، فلما أعاد إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام) بناء البيت و بناء قواعده، و استخرجا الحجر من أبي قبيس بوحي من الله عز و جل، فجعلاه بحيث هو اليوم من هذا الركن، و هو من حجارة الجنة، و كان لما انزل في مثل لون الدر و بياضه، و صفاء الياقوت و ضيائه، فسودته أيدي الكفار، و من كان يمسه من أهل الشرك بعتائرهم «3»».

قال: فقال عمر: لا عشت في امة لست فيها، يا أبا الحسن.

4064/ [18]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناد مرفوع إلى الأصبغ بن نباتة، قال: أتى ابن الكواء أمير المؤمنين (عليه السلام) و كان معنتا في المسائل، فقال: يا أمير المؤمنين، خبرني عن الله عز و جل هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «قد كلم الله جميع خلقه برهم و فاجرهم و ردوا عليه الجواب».

قال: «فثقل ذلك على ابن الكواء و لم يعرفه، فقال: و كيف كان ذلك؟ فقال: «أو ما تقرأ كتاب الله تعالى إذ يقول لنبيه: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ

وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فقد أسمعهم كلامه و ردوا عليه الجواب، كما تسمع في قول الله، يا بن الكواء: قالُوا بَلى ثم قال لهم: إني أنا الله لا إله إلا أنا، و أنا الرحمن الرحيم، فأقروا له بالطاعة و الربوبية و ميز الرسل و الأنبياء و الأوصياء و أمر الخلق بطاعتهم، فأقروا بذلك في الميثاق [و أشهدهم على أنفسهم ، و أشهد الملائكة عليهم أن يقولوا يوم القيامة: إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ».

4065/ [19]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، في حديث طويل، قال فيه: «قال الله عز و جل لجميع أرواح بني آدم: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى كان أول من قال: (بلى) محمد (صلى الله عليه و آله)، فصار بسبقه إلى (بلى) سيد الأولين و الآخرين، و أفضل الأنبياء و المرسلين».

4066/ [20]- العياشي: عن رفاعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قال: «نعم، أخذ الله الحجة على جميع خلقه يوم الميثاق هكذا» و قبض يده.

__________________________________________________

18- خصائص الأئمة: 87.

19- الخصال: 308/ 84.

20- تفسير العيّاشي 2: 37/ 103.

(1) في المصدر: هدم البيت.

(2) أبو قبيس: جبل مشرف على مسجد مكّة. «معجم البلدان 4: 308».

(3) العتائر: جمع عتيرة، شاة كانوا يذبحونها نذرا للأصنام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص:

612

4067/ [21]- و عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف أجابوه و هم ذر؟ قال: «جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه» يعني في الميثاق.

4068/ [22]- و عن عبيد الله الحلبي «1»، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: «حج عمر أول سنة حج و هو خليفة، فحج تلك السنة المهاجرون و الأنصار، و كان علي (عليه السلام) قد حج في تلك السنة بالحسن و الحسين (عليهما السلام) و بعبد الله بن جعفر- قال-: فلما أحرم عبد الله لبس إزارا و رداء ممشقين- مصبوغين بطين المشق- ثم أتى فنظر إليه عمر، و هو يلبي و عليه الإزار و الرداء، و هو يسير إلى جنب علي (عليه السلام)، فقال عمر من خلفهم: ما هذه البدعة التي في الحرم، فالتفت إليه علي (عليه السلام)، فقال له: يا عمر، لا ينبغي لأحد أن يعلمنا السنة، فقال عمر: صدقت- يا أبا الحسن- لا و الله، ما علمت أنكم هم».

قال: «فكانت تلك واحدة في سفرتهم تلك، فلما دخلوا مكة طافوا بالبيت فاستلم عمر الحجر، فقال: أما و الله، إني لأعلم أنك حجر لا تضر و لا تنفع، و لولا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) استلمك ما استلمتك، فقال له علي (عليه السلام): يا أبا حفص، لا تفعل، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يستلم إلا لأمر قد علمه، و لو قرأت القرآن فعلمت من تأويله ما علم غيرك لعلمت أنه يضر و ينفع، له عينان و شفتان و لسان ذلق، يشهد لمن وافاه بالموافاة.

قال: فقال له عمر: فأوجدني ذلك في كتاب الله، يا أبا الحسن. فقال علي (صلوات

الله عليه): قوله تبارك و تعالى:

وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا فلما أقروا بالطاعة بأنه الرب و أنهم العباد أخذ عليهم الميثاق بالحج إلى بيته الحرام، ثم خلق الله رقا أرق من الماء، و قال للقلم: اكتب موافاة خلقي ببيتي الحرام، فكتب القلم موافاة بني آدم في الرق، ثم قيل للحجر: افتح فاك- قال-: ففتحه، فألقمه الرق، ثم قال للحجر: احفظ و اشهد لعبادي بالموافاة. فهبط الحجر مطيعا لله.

يا عمر، أو ليس إذا استلمت الحجر، قلت: أمانتي أديتها، و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة؟ فقال عمر:

اللهم نعم. فقال له علي (عليه السلام): من ذلك» «2».

4069/ [23]- عن الحلبي، قال: سألته: لم جعل استلام الحجر؟ قال: «إن الله حيث أخذ الميثاق من بني آدم دعا الحجر من الجنة و أمره و التقم الميثاق، فهو يشهد لمن وافاه بالموافاة «3»».

4070/ [24]- عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن بعض قريش قال لرسول

__________________________________________________

21- تفسير العيّاشي 2: 37/ 104.

22- تفسير العيّاشي 2: 38/ 105.

23- تفسير العيّاشي 2: 39/ 106. [.....]

24- تفسير العيّاشي 2: 39/ 107.

(1) في «ط»: عبد اللّه الكلبي، و في المصدر: عبد اللّه بن الحلبي، و كلاهما تصحيف، راجع معجم رجال الحديث 10: 385 و 11: 82 و 88.

(2) الظاهر أنّ قوله (عليه السّلام) «من ذلك» يعني أنّ قولك يا عمر «أمانتي أديّتها، و ميثاقي تعاهدته» هو من من ذلك الإقرار بالطاعة و الميثاق.

(3) في المصدر: بالوفا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 613

الله (صلى الله عليه و آله): بأي شي ء سبقت الأنبياء و أنت بعثت آخرهم و خاتمهم؟

فقال: «إني كنت أول من أقر بربي، و أول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين و أشهدهم على أنفسهم: أ لست بربكم؟ قالوا: بلى، فكنت أول من قال (بلى) فسبقتهم إلى الإقرار بالله».

4071/ [25]- عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ إلى قوله: قالُوا بَلى قال: «كان محمد (صلى الله عليه و آله) أول من قال (بلى)».

قلت: كانت رؤية معاينة؟ قال: «أثبت المعرفة في قلوبهم، و نسوا ذلك الميثاق و سيذكرونه بعد، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من رازقه».

4072/ [26]- عن زرارة، أن رجلا سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ، فقال-: و أبوه يسمع: «حدثني أبي أن الله تعالى قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم فصب عليها الماء العذب الفرات، فتركها أربعين صباحا، ثم صب عليها الماء المالح الأجاج، فتركها أربعين صباحا، فلما اختمرت الطينة أخذها تبارك و تعالى فعركها عركا شديدا، ثم هكذا- حكى بسط كفيه- فجمدت فجروا «1» كالذر من يمينه و شماله «2»، فأمرهم جميعا أن يدخلوا «3» في النار، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا و سلاما، و أبى أصحاب الشمال أن يدخلوها».

4073/ [27]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى قالوا بألسنتهم؟ قال: «نعم، و قالوا بقلوبهم.

فقلت: و أي شي ء كانوا يومئذ؟ قال: «صنع منهم ما اكتفى به».

4074/ [28]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ

مِنْ بَنِي آدَمَ إلى أَنْفُسِهِمْ، قال: «أخرج الله من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا و هم كالذر فعرفهم نفسه و أراهم نفسه، و لولا ذلك ما عرف أحد ربه، و ذلك قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «4»».

4075/ [29]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ إلى

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 2: 39/ 108.

26- تفسير العيّاشي 2: 39/ 109.

27- تفسير العيّاشي 2: 40/ 110.

28- تفسير العيّاشي 2: 40/ 111.

29- تفسير العيّاشي 2: 40/ 112.

(1) في المصدر: بسط كفيه فخرجوا.

(2) قال المجلسي: قوله (عليه السّلام): «من يمينه و شماله» أي من يمين الملك المأمور بهذا الأمر و شماله، أو من يمين العرش و شماله، أو استعار اليمين للجهة التي فيها اليمين و البركة و البركة و كذا الشمال بعكس ذلك بحار الأنوار 5: 258.

(3) في المصدر: يقعوا.

(4) لقمان 31: 25، الزّمر 39: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 614

شَهِدْنا، قال: ثبتت المعرفة [في قلوبهم «1» و نسوا الموقف و سيذكرونه بعد، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من رازقه».

4076/ [30]- عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): متى سمي أمير المؤمنين أمير المؤمنين؟

قال: قال: «و الله نزلت هذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله): وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ و إن محمدا رسول الله نبيكم، و إن عليا أمير المؤمنين فسماه الله عز و جل أمير المؤمنين».

4077/ [31]- عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا جابر، لو يعلم الجهال متى سمي أمير المؤمنين علي لم ينكروا حقه» قال: قلت:

جعلت فداك، متى سمي؟

فقال لي: «قوله: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ إلى أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ و إن محمدا نبيكم رسول الله، و إن عليا أمير المؤمنين؟» قال: ثم قال لي: «يا جابر، هكذا و الله جاء بها محمد (صلى الله عليه و آله)».

4078/ [32]- عن ابن مسكان، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن امتي عرضت علي في الميثاق، فكان أول من آمن بي علي، و هو أول من صدقني حين «2» بعثت، و هو الصديق الأكبر، و الفاروق يفرق بين الحق و الباطل».

4079/ [33]- عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: أتاه ابن الكواء، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن الله تبارك و تعالى، هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى؟ فقال علي: «قد كلم الله جميع خلقه برهم و فاجرهم، و ردوا عليه الجواب» فثقل ذلك على ابن الكواء و لم يعرفه، فقال له: كيف كان ذلك، يا أمير المؤمنين؟ فقال له:

«أو ما تقرأ كتاب الله إذ يقول لنبيه: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فقد أسمعهم كلامه و ردوا عليه الجواب، كما تسمع في قول الله يا بن الكواء: قالُوا بَلى فقال لهم: إني أنا الله لا إله إلا أنا، و أنا الرحمن الرحيم، فأقروا له بالطاعة و الربوبية و ميز الرسل و الأنبياء و الأوصياء و أمر الخلق بطاعتهم، فأقروا بذلك في الميثاق، فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك: شَهِدْنا عليكم يا بني آدم أن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ».

4080/

[34]- قال أبو بصير: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن الذر حيث أشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم؟ قالوا: بلى، و أسر بعضهم خلاف ما أظهر، فقلت: كيف علموا القول حيث قيل لهم: أ لست بربكم؟

__________________________________________________

30- تفسير العيّاشي 2: 41/ 113. [.....]

31- تفسير العيّاشي 2: 41: 114.

32- تفسير العيّاشي 2: 41/ 115.

33- تفسير العيّاشي 2: 41/ 116.

34- تفسير العيّاشي 2: 42/ 117.

(1) أثبتناه من المحاسن: 241/ 225.

(2) في «ط»: حيث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 615

قال: «إن الله جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه».

4081/ [35]- صاحب (الثاقب في المناقب): عن أبي هاشم الجعفري، قال: كنت عند أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام)، فسأله محمد بن صالح الأرمني، عن قول الله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ الآية، قال: «ثبتوا المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و من رازقه».

قال أبو هاشم: فجعلت أتعجب في نفسي من عظيم ما عظم الله وليه من جزيل ما حمله، فأقبل أبو محمد (صلوات الله عليه) و قال: «الأمر أعجب مما عجبت منه- يا أبا هاشم- و أعظم، ما ظنك بقوم من عرفهم عرف الله، و من أنكرهم أنكر الله، و لا يكون مؤمنا حتى يكون لولايتهم مصدقا و بمعرفتهم موقنا؟».

4082/ [36]- و من طريق العامة ما روي من كتاب (الفردوس) لابن شيرويه، يرفعه إلى حذيفة اليماني، قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو يعلم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله، سمي أمير المؤمنين و آدم بين الروح و الجسد، قال الله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ

ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى و قالت الملائكة: بلى، فقال تبارك و تعالى: أنا ربكم و محمد نبيكم و علي وليكم و أميركم «1»»

سورة الأعراف(7): الآيات 175 الي 176 ..... ص : 615

قوله تعالى:

وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ- إلى قوله تعالى- كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [175- 176] 4083/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ إنها نزلت في بلعم بن باعوراء، و كان من بني إسرائيل.

4084/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): «أنه أعطي بلعم بن باعوراء الاسم الأعظم و كان يدعو به فيستجاب له، فمال إلى فرعون، فلما مر فرعون في طلب موسى (عليه السلام) و أصحابه: قال فرعون لبلعم: ادع الله على موسى و أصحابه ليحبسه علينا، فركب حمارته ليمر في

__________________________________________________

35- الثاقب في المناقب: 567/ 508.

36- الفردوس 3: 354/ 5066.

1- تفسير القمّي 1: 248.

2- تفسير القمّي 1: 248.

(1) في المصدر: و عليّ أميركم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 616

طلب موسى و أصحابه، فامتنعت عليه حمارته، فأقبل يضربها، فأنطقها الله عز و جل، فقالت: ويلك، على ماذا تضربني، أ تريد أن أجي ء معك لتدعو على موسى نبي الله و قوم مؤمنين؟! و لم يزل يضربها حتى قتلها، فانسلخ الاسم من لسانه، و هو قوله: فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ و

هو مثل ضربه الله».

فقال الرضا (عليه السلام): «فلا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاث: حمارة بلعم، و كلب أصحاب الكهف، و الذئب، و كان سبب الذئب أنه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا ليحشر «1» قوما مؤمنين و يعذبهم، و كان للشرطي ابن يحبه، فجاء الذئب فأكل ابنه، فحزن الشرطي عليه، فأدخل الله ذلك الذئب الجنة لما أحزن الشرطي».

4085/ [3]- العياشي: عن سليمان اللبان، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «أ تدري ما مثل المغيرة بن سعيد «2»؟» قال: قلت: لا، قال: «مثله مثل بلعم الذي اوتي الاسم الأعظم الذي قال الله تعالى: آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ».

4086/ [4]- و في (نهج البيان): عن الصادق (عليه السلام) قال: «إن خالد بن الوليد فعل في الجاهلية ما فعل في احد و غيرها، فلما أسلم و نافق بذلك و ارتد عن الإسلام سبى بني حنيفة في أيام أبي بكر، و أخذ أموالهم، و قتل مالك بن نويرة و استحل زوجته بعد قتله، و أنكر عليه عمر بن الخطاب و تهدده و توعده، فقال له: إن عشت إلى أيامي لأقيدنك به. و لم يأخذ من سبي بني حنيفة، و قال: إنهم مسلمون».

4087/ [5]- الطبرسي: في قوله تعالى: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «الأصل في [ذلك بلعم، ثم ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة».

سورة الأعراف(7): آية 179 ..... ص : 616

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ ذَرَأْنا- إلى قوله تعالى- لا يَسْمَعُونَ بِها [179] 4088/ [6]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ لَقَدْ ذَرَأْنا الآية، قال: أي خلقنا.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 42/

118.

4- نهج البيان 2: 127 (مخطوط).

5- مجمع البيان 4: 769. [.....]

6- تفسير القمّي 1: 249.

(1) حشرهم: جمعهم و ساقهم «المعجم الوسيط- حشر- 1: 175».

(2) في «ط» و المصدر: شعبة، و هو تصحيف، راجع رجال الكشي: 227/ 406 و معجم رجال الحديث 18: 275.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 617

4089/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها، يقول: «طبع الله عليها فلا تعقل وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ عليها غطاء عن الهدى لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أي جعل في آذانهم و قرا فلن يسمعوا الهدى».

سورة الأعراف(7): آية 180 ..... ص : 617

قوله تعالى:

وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها- إلى قوله تعالى- فِي أَسْمائِهِ [180] 4090/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها، قال: الرحمن الرحيم.

4091/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، و محمد بن يحيى، جميعا، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها، قال: «نحن- و الله- الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد «1» إلا بمعرفتنا».

4092/ [5]- العياشي: عن محمد بن أبي زيد الرازي، عمن ذكره، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «إذا نزلت بكم شدة فاستعينوا بنا على الله عز و جل، و هو قول الله: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها- قال-: قال أبو عبد الله (عليه السلام): نحن- و الله- الأسماء الحسنى التي لا يقبل من أحد إلا بمعرفتنا».

4093/ [6]- المفيد في (الاختصاص): قال الرضا (عليه السلام): «إذا

نزلت بكم شديدة فاستعينوا بنا على الله عز و جل، و هو قوله: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها».

4094/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش و الكرسي، و ذكر الحديث إلى أن قال: «فليس له شبه و لا مثل و لا عدل، و له الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره، و هي التي وصفها الله في الكتاب، فقال:

فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ جهلا بغير علم [فالذي يلحد في أسمائه بغير علم ، يشرك

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 249.

3- تفسير القمّي 1: 249.

4- الكافي 1: 111/ 4.

5- تفسير العيّاشي 2: 42/ 119.

6- الاختصاص: 252.

7- التوحيد: 321/ 1.

(1) في المصدر زيادة: عملا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 618

و هو لا يعلم، و يكفر [به و هو يظن أنه يحسن، فلذلك قال: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «1» فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها».

و الحديث طويل يأتي- إن شاء الله- بطوله في قوله تعالى: هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ من سورة النمل «2».

4095/ [6]- المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن علي بن بابويه، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد، قال: حدثني ابن أبي نجران، عن العلاء، عن محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: «سمعت

جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قلت: يا رسول الله، ما تقول في علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقال: ذاك نفسي.

قلت: فما تقول في الحسن و الحسين (عليهما السلام)؟ قال: هما روحي، و فاطمة أمها ابنتي يسوؤني ما أساءها و يسرني ما سرها، أشهد الله أني حرب لمن حاربهم، و سلم لمن سالمهم. يا جابر، إذا أردت أن تدعو الله فيستجيب لك فادعه بأسمائهم، فإنها أحب الأسماء إلى الله عز و جل»

سورة الأعراف(7): آية 181 ..... ص : 618

قوله تعالى:

وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ [181]

4096/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، قال: «هم الأئمة».

4097/ [2]- العياشي: عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، قال: «هم الأئمة».

4098/ [3]- و قال محمد بن عجلان عنه (عليه السلام): «نحن هم».

4099/ [4]- عن أبي الصهباء «3» البكري، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «و الذي نفسي بيده

__________________________________________________

6- الاختصاص: 223.

1- الكافي 1: 343/ 13.

2- تفسير العيّاشي 2: 42/ 120.

3- تفسير العيّاشي 2: 42/ 121. [.....]

4- تفسير العيّاشي 2: 43/ 122، الدر المنثور 3: 617.

(1) يوسف 12: 106.

(2) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة النمل.

(3) في «ط» نسخة بدل: أبي الصهبان، و في المصدر: ابن الصهبان، تصحيف صوابه ما أثبتناه من «س»، و هو صهيب البكري البصري و يقال:

المدني، أبو الصهباء، مولى ابن عبّاس، انظر تاريخ البخاري

4: 315/ 2964 و تهذيب الكمال 13: 241.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 619

لتفترقن هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فهذه التي تنجو من هذه الأمة».

4100/ [5]- عن يعقوب بن يزيد، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، قال: «يعني أمة محمد (صلى الله عليه و آله)».

4101/ [6]- ابن شهر آشوب: عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا يعني أمة محمد، يعني علي بن أبي طالب يَهْدُونَ بِالْحَقِّ يعني يدعو بعدك يا محمد إلى الحق وَ بِهِ يَعْدِلُونَ في الخلافة بعدك، و معنى الأمة العلم في الخير لقوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ «1» يعني علما في الخير.

4102/ [7]- الطبرسي: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، أنهما قالا: «نحن هم».

4103/ [8]- عنه، قال: و قال الربيع بن أنس: قرأ النبي (صلى الله عليه و آله) هذه الآية، فقال: «إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم».

4104/ [9]- و روي عن ابن جريج «2» عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «هي لأمتي بالحق يأخذون، و بالحق يعطون، و قد أعطى لقوم بين أيديكم مثله وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ «3»».

4105/ [10]- كشف الغمة: عن علي (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «إن فيك مثلا من عيسى أحبه قوم فهلكوا فيه، و أبغضه قوم فهلكوا فيه، فقال المنافقون: أما يرضى له مثلا

إلا عيسى ابن مريم؟ فنزل قوله تعالى: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ».

4106/ [11]- عن زاذان، عن علي (عليه السلام): «تفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة، اثنتان و سبعون في النار، و واحدة في الجنة، و هم الذين قال الله تعالى: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ و هم أنا و شيعتي».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 43/ 123.

6- المناقب 3: 84، شواهد التنزيل 1: 204/ 266.

7- مجمع البيان 4: 773.

8- مجمع البيان 4: 773، الدر المنثور 3: 617.

9- مجمع البيان 4: 773.

10- كشف الغمة 1: 321، شواهد التنزيل 2: 165/ 869.

11- كشف الغمة 1: 321.

(1) النّحل 16: 120.

(2) في «س» و «ط»: أبي شريح. و في نسخة بدل: جريح، و هما تصحيف صوابه ما في المتن و هو الحافظ المفسّر عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، انظر ترجمته في تاريخ البخاري 5: 422/ 1373 و سير أعلام النبلاء 6: 325.

(3) الأعراف 7: 159. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 620

و قد تقدم ذكر حديث عن العياشي في قوله تعالى: مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ من سورة المائدة «1».

4107/ [12]- و من طريق المخالفين: ما رواه موفق بن أحمد، بإسناده عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد السري، قال: حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر، قال: [حدثني أبي، قال:] «2» حدثني عمي «3» الحسين بن سعيد، قال: حدثني أبي «4»، عن أبان بن تغلب، عن فضل «5»، عن عبد الملك الهمداني، عن زاذان، عن علي (رضي الله عنه)، قال: «تفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة، اثنتان و سبعون في النار، و واحدة

في الجنة، و هم الذين قال الله عز و جل في حقهم: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ و هم أنا و شيعتي».

4108/ [13]- ابن بابويه في (أماليه): بإسناده عن أبي بصير، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام):

من آل محمد؟ قال: «ذريته».

فقلت: من أهل بيته؟ قال: «الأئمة الأوصياء».

فقلت: من عترته؟ قال: «أصحاب العباء».

فقلت: من أمته؟ قال: «المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز و جل، المستمسكون بالثقلين الذين أمروا بالتمسك بهما: كتاب الله، و عترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و هما الخليفتان على الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

سورة الأعراف(7): الآيات 182 الي 184 ..... ص : 620

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ- إلى قوله تعالى- إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [182- 184]

4109/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله ابن جندب، عن سفيان بن السمط، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة

__________________________________________________

12- مناقب الخوارزمي: 237.

13- الأمالي: 200/ 10.

1- الكافي 2: 327/ 1.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (66) من سورة المائدة.

(2) أثبتناه من المصدر و رجال النجاشي: 11 و 179/ 472.

(3) زاد في «ط»: عن، و هو سهو، انظر رجال النجاشي السابق الذكر.

(4) و هو: سعيد بن أبي الجهم القابوسي اللّخمي، قال النجاشي: روى عن أبان بن تغلب فأكثر عنه. رجال النجاشي: 179/ 472.

(5) في «س»: فضيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 621

و يذكره الاستغفار، و إذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار و

يتمادى بها، و هو قوله عز و جل:

وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ بالنعم عند المعاصي».

4110/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بعض أصحابه، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الاستدراج. فقال: «هو العبد يذنب الذنب فيملي له، و يجدد له عنده النعمة لتلهيه «1» عن الاستغفار من الذنوب، فهو مستدرج من حيث لا يعلم».

4111/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ، قال: «هو العبد يذنب الذنب فتجدد له النعمة معه، تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب».

4112/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه، و كم من مستدرج بستر الله عليه، و كم من مفتون بثناء الناس عليه».

4113/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أي عذابي شديد. ثم قال:

أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا يعني قريشا ما بِصاحِبِهِمْ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) مِنْ جِنَّةٍ أي ما هو بمجنون كما تزعمون إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ.

باب فضل التفكر ..... ص : 621

4114/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان

أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نبه بالتفكر قلبك، و جاف من «2» الليل جنبك، و اتق الله ربك».

4115/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن الحسن الصيقل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يروي الناس: تفكر ساعة خير من قيام ليلة». قلت: كيف يتفكر؟

__________________________________________________

2- الكافي 2: 327/ 2.

3- الكافي 2: 327/ 3.

4- الكافي 2: 327/ 4.

5- تفسير القمّي 1: 249.

6- الكافي 2: 45/ 1.

7- الكافي 2: 45/ 2. [.....]

(1) في المصدر: عندها النعم فتلهيه.

(2) في المصدر: عن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 622

قال: «يمر بالخربة أو بالدار، فيقول: أين ساكنوك، أين بانوك، مالك لا تكلمين؟».

4116/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أفضل العبادة إدمان التفكر في الله و في قدرته».

4117/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «ليس العبادة كثرة الصلاة و الصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز و جل».

4118/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد، عن ربعي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن التفكر يدعو إلى البر و العمل به».

سورة الأعراف(7): الآيات 185 الي 187 ..... ص : 622

قوله تعالى:

وَ أَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [185- 187] 4119/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَنْ عَسى

أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ هو هلاكهم فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يعني بعد القرآن يُؤْمِنُونَ أي يصدقون.

قال: قوله تعالى: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَ يَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ قال: يكله إلى نفسه. و قال:

أما قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها فإن قريشا بعثوا العاص بن وائل السهمي و النضر بن حارث بن كلدة و عقبة بن أبي معيط إلى نجران ليتعلموا من علماء اليهود مسائل و يسألوا بها رسول الله (صلى الله عليه و آله). و كان فيها: سلوا محمدا متى تقوم الساعة؟ [فإن ادعى علم ذلك فهو كاذب، فإن قيام الساعة لم يطلع الله عليه ملكا مقربا و لا نبيا مرسلا، فلما سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله): متى تقوم الساعة؟] أنزل الله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها أي جاهل بها قُلْ لهم يا محمد: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

__________________________________________________

3- الكافي 2: 45/ 3.

4- الكافي 2: 45/ 4.

5- الكافي 2: 45/ 5.

1- تفسير القمّي 1: 249.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 623

سورة الأعراف(7): آية 188 ..... ص : 623

قوله تعالى:

وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ [188] 4120/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كنت أختار لنفسي الصحة و السلامة.

4121/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد «1» بن سنان، عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ

الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ، قال: «يعني الفقر».

4122/ [3]- الحسين بن بسطام، في كتاب (طب الأئمة (عليهم السلام)): بإسناده عن جابر بن يزيد، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «إن الله عز و جل يقول في كتابه: وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ يعني الفقر».

4123/ [4]- العياشي: عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله يقول في كتابه:

وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ يعني الفقر».

سورة الأعراف(7): الآيات 189 الي 190 ..... ص : 623

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [189- 190]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 250.

2- معاني الأخبار: 172/ 1.

3- طبّ الأئمّة (عليهم السّلام): 55.

4- تفسير العيّاشي 2: 43/ 124.

(1) في المصدر: عبد اللّه، و الظاهر صحّة ما في المتن، لروآية محمّد بن خالد عن محمّد بن سنان، و روآية الأخير عن خلف، أمّا عبد اللّه فلم تثبت روآية محمّد بن خالد عنه، و لا روايته عن خلف، بل روى خلف عنه. انظر هدآية المحدثين: 101 و 141، معجم رجال الحديث 10: 203 و 16: 138.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 624

4124/ [1]- ابن بابويه: عن تميم بن عبد الله القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم «1»، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، فقال له المأمون:

يا بن رسول الله، أليس من قولك: إن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى». و ذكر الحديث إلى أن قال: فقال له المأمون: فما معنى قول الله تعالى: فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما؟

فقال الرضا (عليه السلام): «إن حواء ولدت لآدم (عليه السلام) خمس مائة بطن، في كل بطن ذكر و أنثى، و إن آدم (عليه السلام) و حواء عاهدا الله تعالى و دعواه، و قالا: لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً من النسل خلقا سويا بريئا من الزمانة و العاهة، و كان ما آتاهما صنفين: صنفا ذكرانا، و صفنا إناثا، فجعل الصنفان لله تعالى ذكره شركاء فيما آتاهما، و لم يشكراه كشكر أبويهما له عز و جل، قال الله تعالى: فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ».

فقال المأمون: أشهد أنك ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حقا.

سورة الأعراف(7): الآيات 191 الي 199 ..... ص : 624

قوله تعالى:

أَ يُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ- إلى قوله تعالى- خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ [191- 199] 4125/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: أَ يُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ ثم احتج على الملحدين فقال: وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَ لا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ إلى قوله تعالى:

وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ، ثم أدب الله رسوله (صلى الله عليه و آله) فقال: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ.

4126/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن مبارك مولى الرضا (عليه السلام)، عن الرضا علي بن موسى (عليه

السلام)، قال: «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنة من ربه، و سنة من نبيه، و سنة من وليه. فأما السنة من ربه

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 196/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 253.

3- معاني الأخبار: 184/ 1، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 256/ 9. [.....]

(1) ذكر المصنّف و هما سند الحديث السابق لهذا الحديث في المصدر، و قد أصلحناه وفقا لما في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 625

فكتمان السر، قال الله عز و جل: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ «1»، و أما السنة من نبيه فمداراة الناس، فإن الله عز و جل أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) بمداراة الناس، فقال: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، و أما السنة من وليه فالصبر على البأساء و الضراء، يقول الله عز و جل:

وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «2»».

عنه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثني محمد بن أحمد، قال: حدثني سهل بن زياد، عن الحارث بن الدهان «3» مولى الرضا (عليه السلام)، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام)، مثله «4».

4127/ [3]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن أبي محمد هارون بن موسى، قال:

حدثنا محمد بن علي بن معمر، قال: حدثني حمدان بن المعافى، عن حمويه بن أحمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى العلوي، قال: قال لي جعفر بن محمد (عليهما السلام): «أنه ليعرض لي صاحب الحاجة فأبادر إلى قضائها مخافة أن يستغني عنها صاحبها، ألا و إن

مكارم الدنيا و الآخرة في ثلاثة أحرف من كتاب الله عز و جل: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، و تفسيره أن تصل من قطعك، و تعفو عمن ظلمك، و تعطي من حرمك».

4128/ [4]- العياشي: عن الحسن «5» بن علي بن النعمان، عن أبيه، عمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) و هو يقول: «إن الله أدب رسوله (عليه و آله السلام)، فقال: «يا محمد خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، قال: خذ منهم ما ظهر و ما تيسر، و العفو: الوسط».

4129/ [5]- عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ.

قال: «بالولاية» وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، قال: «عنها» يعني الولاية.

سورة الأعراف(7): آية 200 ..... ص : 625

قوله تعالى:

وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ [200] 4130/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: إن عرض في قلبك منه شي ء و وسوسة فاستعذ بالله إنه سميع عليم.

__________________________________________________

3- الأمالي 2: 258.

4- تفسير العيّاشي 2: 43/ 126.

5- تفسير العيّاشي 2: 43/ 127.

1- تفسير القمّي 1: 253.

(1) الجن 72: 26- 27.

(2) البقرة 2: 177.

(3) في المصدر: الدلهاث، و لعلّه الصواب، انظر معجم رجال الحديث 7: 146.

(4) الخصال: 82/ 7.

(5) في المصدر: الحسين، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، انظر رجال النجاشي: 40/ 81 و معجم رجال الحديث 5: 56 و 6: 51.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 626

سورة الأعراف(7): الآيات 201 الي 203 ..... ص : 626

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ- إلى قوله تعالى- لَوْ لا اجْتَبَيْتَها [201- 203]

4131/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ، قال: «هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك، فذلك قوله: تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ».

4132/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: «من أشد ما عمل العباد إنصاف المرء من نفسه، و مواساته أخاه، و ذكر الله على كل حال».

قال: قلت: أصلحك الله، و ما وجه ذكر الله على كل حال؟ قال: «يذكر الله عند المعصية يهم بها، فيحول ذكر الله بينه و بين تلك

المعصية، و هو قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ».

عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «2».

4133/ [3]- العياشي: عن زيد بن أبي اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ، قال: «هو الذنب يهم به العبد فيتذكر فيدعه».

4134/ [4]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ ما ذلك الطائف؟ فقال: «هو السي ء يهم العبد به ثم يذكر الله

__________________________________________________

1- الكافي 2: 315/ 7.

2- معاني الأخبار: 192/ 2.

3- تفسير العيّاشي 2: 43/ 128.

4- تفسير العيّاشي 2: 44/ 129! [.....]

(1) في المصدر: أبي جعفر.

(2) الخصال: 131/ 138.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 627

فيبصر و يقصر».

4135/ [5]- أبو بصير: عنه، قال: «هو الرجل يهم بالذنب ثم يتذكر فيدعه».

4136/ [6]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا قال: إذا ذكرهم الشيطان المعاصي و حملهم عليها يذكرون الله فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ وَ إِخْوانُهُمْ من الجن يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ أي لا يقصرون عن تضليلهم وَ إِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا قريش لَوْ لا اجْتَبَيْتَها و جواب هذا في الأنعام، في قوله تعالى: قُلْ لهم يا محمد لَوْ أَنَّ

عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ يعني من الآيات لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ، و قوله في بني إسرائيل: وَ ما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً.

سورة الأعراف(7): آية 204 ..... ص : 627

قوله تعالى:

وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [204]

4137/ [1]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و إن كنت خلف إمام فلا تقرأن شيئا في الأوليين، و أنصت لقراءته، و لا تقرأن شيئا في الأخيرتين، فإن الله عز و جل يقول «1»: وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ يعني في الفريضة خلف الإمام فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ فالأخرتان تابعتان للأوليين».

4138/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يؤم القوم و أنت لا ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة؟

فقال: «إذا سمعت كتاب الله يتلى فأنصت له».

فقلت له: فإنه يشهد علي بالشرك؟ قال: «إن عصى الله فأطع الله» فرددت عليه فأبى أن يرخص لي.

قال: فقلت له: أصلي إذن في بيتي، ثم أخرج إليه؟ فقال: «أنت و ذاك- و قال-: إن عليا (عليه السلام) كان في صلاة الصبح فقرأ ابن الكواء و هو خلفه: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «2» فأنصت علي (عليه السلام) تعظيما للقرآن حتى فرغ من الآية، ثم عاد في قراءته، ثم أعاد ابن الكواء

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 44/ 130.

6- تفسير القمّي 1: 253.

1- من لا يحضره الفقيه 1: 256/ 1160.

2- التهذيب 3: 35/ 127.

(1) في المصدر زيادة: للمؤمنين.

(2) الزّمر 39: 65.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 628

الآية، فأنصت

علي (عليه السلام) أيضا، ثم قرأ فأعاد ابن الكواء فأنصت علي (عليه السلام)، ثم قال: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ «1» ثم أتم السورة، ثم ركع».

4139/ [3]- العياشي: عن زرارة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ في الفريضة، خلف الإمام فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».

4140/ [4]- عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يجب الإنصات للقرآن في الصلاة و في غيرها، و إذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات و الاستماع».

4141/ [5]- عن أبي كهمس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قرأ بن الكواء خلف أمير المؤمنين (عليه السلام):

لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «2» فأنصت «3» أمير المؤمنين (عليه السلام)».

4142/ [6]- الطبرسي: اختلف في الوقت المأمور بالإنصات للقرآن و الاستماع له، فقيل: إنه في الصلاة خاصة خلف الإمام الذي يؤتم به إذا سمعت قراءته. و

روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «يجب الإنصات للقرآن في الصلاة و غيرها».

و

عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: الرجل يقرأ القرآن، أ يجب على من سمعه «4» الإنصات و الاستماع؟ قال: «نعم، إذا قري ء القرآن وجب عليك الإنصات و الاستماع».

سورة الأعراف(7): الآيات 205 الي 206 ..... ص : 628

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً- إلى قوله تعالى- وَ لَهُ يَسْجُدُونَ [205- 206] 4143/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً، قال: في الظهر و العصر.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 44/ 131.

4- تفسير العيّاشي 2: 44/ 132.

5- تفسير العيّاشي 2: 44/ 133.

6- مجمع البيان 4: 791 و 792.

1- تفسير القمّي

1: 354.

(1) الرّوم 30: 60. [.....]

(2) الزّمر 39: 65.

(3) في المصدر زيادة: له.

(4) في «ط»: القرآن، و أنا في الصلاة هل يجب عليّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 629

4144/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لا يكتب الملك إلا ما سمع، و قال الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً و لا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله عز و جل لعظمته».

4145/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، رفعه، قال: «قال الله عز و جل لعيسى (عليه السلام): يا عيسى، اذكرني في نفسك، و أذكرك في نفسي، و اذكرني في ملئك أذكرك في ملأ خير من ملأ الآدميين. يا عيسى، ألن لي «1» قلبك و أكثر ذكري في الخلوات، و اعلم أن سروري أن تبصبص إلي «2»، و كن في ذلك حيا و لا تكن ميتا».

4146/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن الحسين بن المختار، عن العلاء بن كامل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ عند المساء: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و يميت و يحيي، و هو على كل شي ء قدير».

قال: قلت: بيده الخير؟ قال: «إن بيده الخير، و لكن قل كما أقول عشر مرات، و أعوذ بالله السميع العليم حين تطلع الشمس و حين تغرب عشر مرات».

4147/ [5]-

الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لا يكتب الملك إلا ما يسمع، قال الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً- قال-: لا يعلم ثواب ذلك الذكر إلا «3» الله تعالى».

4148/ [6]- العياشي: عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لا يكتب الملك إلا ما أسمع نفسه، و قال الله:

وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً- قال-: لا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس العبد لعظمته إلا الله- و قال-:

إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت و سبح في نفسك».

4149/ [7]- عن إبراهيم بن عبد الحميد، يرفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً

__________________________________________________

2- الكافي 2: 364/ 4.

3- الكافي 2: 364/ 3.

4- الكافي 2: 383/ 17.

5- كتاب الزهد: 53: 144.

6- تفسير العياشي 2: 44/ 134.

7- تفسير العياشي 2: 44/ 135.

(1) في «ط»: الزمني.

(2) أي تقبل إلي بخوف و طمع ... و قيل: إن البصبصة هي أن ترفع سبابتيك إلى السماء و تحركهما و تدعو ... و أصلها من تحريك الكلب ذنبه طمعا أو خوفا. «مجمع البحرين- بصبص- 4: 164».

(3) في المصدر: الذكر في نفس العبد غير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 630

يعني مستكينا، وَ خِيفَةً يعني خوفا من عذابه وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ يعني دون الجهر من القراءة بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ يعني: بالغداة و العشي».

4150/ [8]- عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ، قال: «تقول عند المساء: لا

إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و يميت و يحيي، و هو على كل شي ء قدير».

قلت: بيده الخير؟ قال: «بيده الخير، و لكن قل كما أقول لك عشر مرات، و أعوذ بالله السميع العليم من همزات الشياطين، و أعوذ بك رب أن يحضرون، إن الله هو السميع العليم. عشر مرات حين تطلع الشمس، و عشر مرات حين تغرب».

4151/ [9]- محمد بن مروان، عن بعض أصحابه، قال: قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «أستعيذ «1» بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، و أعوذ بالله أن يحضرون، إن الله هو السميع العليم. و قل: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و يميت و يحيي، و هو على كل شي ء قدير».

فقال له رجل: مفروض هو؟ قال: قال: «نعم، مفروض هو محدود، تقوله قبل طلوع الشمس و قبل الغروب عشر مرات، فإن فاتك شي ء منها فاقضه من الليل و النهار».

4152/ [10]- الطبرسي: في معنى الآية، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «معناه: إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت، و سبح في نفسك» يعني فيما لا يجهر الإمام فيه بالقراءة.

4153/ [11]- و قال علي بن إبراهيم، في معنى الآية، قال: بالغداة و نصف النهار «2» وَ لا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يعني الأنبياء و الرسل و الأئمة (عليهم السلام) لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ يَسْجُدُونَ.

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 45/ 136.

9- تفسير العيّاشي 2: 45/ 137! [.....]

10- مجمع البيان 4: 792.

11- تفسير القمّي 1: 254.

(1) في المصدر: استعيذوا.

(2) في المصدر: بالغداة و العشي.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 2، ص: 631

المستدرك (سورة الأعراف) ..... ص : 631

سورة الأعراف(7): آية 78 ..... ص : 631

قوله تعالى:

فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ [78]

[1]- عن جابر بن عبد الله، قال: لما مر النبي (صلى الله عليه و آله) بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه: «لا يدخلن أحد منكم القرية و لا تشربوا من مائهم و لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم الذي أصابهم».

ثم قال: «أما بعد، فلا تسألوا رسولكم الآيات، هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآية، فبعث الله لهم الناقة، و كانت ترد من هذا الفج و تصدر من هذا الفج، تشرب ماءهم يوم ورودها- و أراهم مرتقى الفصيل حين ارتقى في القارة «1»- فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، فأهلك الله من تحت أديم السماء منهم في مشارق الأرض و مغاربها إلا رجلا واحدا يقال له: أبو رغال، و هو أبو ثقيف، كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن، و دفن معه غصن من ذهب، و أراهم قبر أبي رغال، فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم، و حثوا عنه، فاستخرجوا ذلك الغصن، ثم قنع رسول الله (صلى الله عليه و آله) رأسه و أسرع السير حتى جاز الوادي».

سورة الأعراف(7): الآيات 82 الي 84 ..... ص : 631

قوله تعالى:

وَ ما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا- إلى قوله عز و جل- فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [82- 84]

__________________________________________________

1- مجمع البيان 4: 682.

(1) القارة: الجبيل الصغير المنقطع عن الجبال. «أقرب الموارد- قور- 2: 1051».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 632

[1]- عن ابن عباس: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «لعن الله من تولى غير مواليه، و لعن الله من غير تخوم الأرض، و لعن الله من كمه أعمى عن السبيل، و لعن الله من لعن

والديه، و لعن الله من ذبح لغير الله، و لعن الله من وقع على بهيمة، و لعن الله من عمل عمل قوم لوط» ثلاث مرات.

[2]- عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن من أخوف ما أخاف على امتي عمل قوم لوط».

[3]- عن ابن عباس، أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل و المفعول به».

سورة الأعراف(7): الآيات 87 الي 89 ..... ص : 632

قوله تعالى:

وَ إِنْ كانَ طائِفَةٌ- إلى قوله تعالى- وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ [87- 89]

[4]- عن ابن عباس قال: و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا ذكر شعيبا يقول: «ذاك خطيب الأنبياء» لحسن مراجعته قومه فيما دعاهم إليه، و فيما ردوا عليه و كذبوه و تواعدوه بالرجم و النفي من بلادهم.

[5]- عن الباقر (عليه السلام) قال: «أما شعيب فإنه أرسل إلى مدين، و هي لا تكمل أربعين بيتا».

[6]- و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إذا لقي العدو محاربا:

«اللهم أفضت [إليك القلوب و مدت الأعناق، و شخصت الأبصار، و نقلت الأقدام، و أنضيت الأبدان، اللهم قد صرح مكنون الشنآن، و جاشت مراجل الأضغان، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا، و كثرة عدونا، و تشتت أهوائنا ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين.

[7]- الراوندي في (قصص الأنبياء): عن ابن بابويه، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي، حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي، حدثنا صالح بن سعيد الترمذي، عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه اليماني، قال: إن شعيبا

__________________________________________________

1- الدر المنثور 3:

497.

2- الدر المنثور 3: 497.

3- الدر المنثور 3: 497.

4- الدرّ المنثور 3: 501.

5- كمال الدين و تمام النعمة: 220/ 2.

6- نهج البلاغة: 373/ 15.

7- قصص الأنبياء (للراوندي): 146/ 159.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 633

و أيوب (صلوات الله عليهما) و بلعم بن باعورا كانوا من ولد رهط آمنوا لإبراهيم يوم أحرق فنجا، و هاجروا معه إلى الشام، فزوجهم بنات لوط، فكل نبي كان قبل بني إسرائيل و بعد إبراهيم (صلوات الله عليه) من نسل أولئك الرهط، فبعث الله شعيبا إلى أهل مدين، و لم يكونوا فصيلة شعيب و لا قبيلته التي كان منها، و لكنهم كانوا امة من الأمم بعث إليهم شعيب (صلوات الله عليه)، و كان عليهم ملك جبار، لا يطيقه أحد من ملوك عصره، و كانوا ينقصون المكيال و الميزان، و يبخسون الناس أشياءهم، مع كفرهم بالله و تكذيبهم لنبيه و عتوهم، و كانوا يستفون إذا اكتالوا لأنفسهم أو وزنوا لها، فكانوا في سعة من العيش، فأمرهم الملك باحتكار الطعام و نقص مكاييلهم و موازينهم، و وعظهم شعيب فأرسل إليه الملك: ما تقول فيما صنعت؟ أراض أم أنت ساخط؟

فقال شعيب: أوحى الله تعالى إلي أن الملك إذا صنع مثل ما صنعت يقال له ملك فاجر. فكذبه الملك و أخرجه و قومه من مدينته، قال الله تعالى حكاية عنهم: لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا.

فزادهم شعيب في الوعظ، فقالوا: يا شعيب: أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا «1» فآذوه بالنفي من بلادهم، فسلط الله عليهم الحر و الغيم حتى أنضجهم، فلبثوا فيه تسعة أيام، و صار ماؤهم حميما لا يستطيعون شربه، فانطلقوا

إلى غيضة لهم، و هو قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ فرفع الله لهم سحابة سوداء، فاجتمعوا في ظلها، فأرسل الله عليهم نارا منها فأحرقتهم، فلم ينج منهم أحد، و ذلك قوله تعالى: فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ «2».

و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا ذكر عنده شعيب قال: «ذلك خطيب الأنبياء يوم القيامة». فلما أصاب قومه ما أصابهم لحق شعيب و الذين آمنوا معه بمكة، فلم يزالوا بها حتى ماتوا.

و

الرواية الصحيحة: أن شعيبا (عليه السلام) صار منها إلى مدين فأقام بها، و بها لقيه موسى بن عمران (صلوات الله عليهما).

سورة الأعراف(7): آية 95 ..... ص : 633

قوله تعالى:

حَتَّى عَفَوْا [95]

[1]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم المكتب (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، قال: حدثني علي بن غراب، قال: حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 291/ 1. [.....]

(1) هود 11: 87.

(2) الشعراء 26: 189.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 634

الله (صلى الله عليه و آله): حفوا الشوارب و أعفوا اللحى و لا تتشبهوا بالمجوس». قال الكسائي: قوله (تعفى) يعني توفر و تكثر، قال الله عز و جل: حَتَّى عَفَوْا يعني كثروا.

سورة الأعراف(7): آية 96 ..... ص : 634

قوله تعالى:

وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [96]

[1]- عن موسى الطائفي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أكرموا الخبز، فإن الله أنزله من بركات السماء، و أخرجه من بركات الأرض».

سورة الأعراف(7): آية 147 ..... ص : 634

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ [147] [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ فإنه محكم.

سورة الأعراف(7): آية 150 ..... ص : 634

قوله تعالى:

وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ- إلى قوله تعالى- يَقْتُلُونَنِي [150]

[3]- الطبرسي: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «يرحم الله أخي موسى (عليه السلام) ليس المخبر كالمعاين، لقد أخبره الله بفتنة قومه، و قد عرف أن ما أخبره ربه حق، و أنه على ذلك لمتمسك بما في يديه، فرجع إلى قومه و رآهم، فغضب و ألقى الألواح».

__________________________________________________

1- الدرّ المنثور 3: 506.

2- تفسير القمّي 1: 240.

3- مجمع البيان 4: 741.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 635

[1]- حدثنا حمزة بن محمد العلوي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني الفضل بن خباب الجمحي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الحمصي، قال: حدثني محمد بن أحمد بن موسى الطائي، عن أبيه، عن ابن مسعود- في حديث- قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ولي بأخي هارون أسوة إذ قال لأخيه: ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي فإن قلتم لم يستضعفوه و لم يشرفوا على قتله فقد كفرتم، و إن قلتم استضعفوه و أشرفوا على قتله، فلذلك سكت عنهم، فالوصي أعذر».

سورة الأعراف(7): آية 178 ..... ص : 635

قوله تعالى:

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَ مَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [178]

[2]- عن جابر، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول في خطبته: «نحمد الله و نثني عليه بما هو أهله- ثم يقول-: من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، أصدق الحديث كتاب الله، و أحسن الهدى هدى محمد، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار- ثم يقول-: بعثت أنا و الساعة كهاتين».

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 148/ 7.

2- الدرّ المنثور 3: 612.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص:

639

سورة الأنفال مدنية ..... ص : 639

سورة الأنفال فضلها: ..... ص : 639

4154/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الأنفال و سورة براءة في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا، و كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)».

4155/ [2]- الشيخ: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة. قال: و حدثني محمد بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سورة الأنفال فيها جدع الأنف».

4156/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، قال: سمعته يقول: «من قرأ سورة براءة و الأنفال في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا، و كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا، و أكل يوم القيامة من موائد الجنة مع شيعته حتى يفرغ الناس من الحساب».

و

في رواية أخرى عنه: «في كل شهر، لم يدخله نفاق أبدا، و كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا «1»».

4157/ [4]- محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «في سورة الأنفال جدع الأنوف».

4158/ [5]- و من كتاب (خواص القرآن): و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة فأنا

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 106.

2- التهذيب 4: 133/ 371.

3- تفسير العيّاشي 2: 46/ 1.

4- تفسير العيّاشي 2: 46/ 3.

5- خواصّ القرآن: 41 (مخطوط).

(1) تفسير العيّاشي 2: 46/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 640

شفيع له يوم القيامة، و شاهد أنه بري ء، من النفاق، و كتبت له الحسنات بعدد كل منافق، و من كتبها و علقها عليه لم يقف بين يدي حاكم إلا و أخذ حقه و قضى حاجته، و

لم يتعد عليه أحد و لا ينازعه أحد إلا و ظفر به، و خرج عنه مسرورا، و كان له حصنا».

سورة الأنفال(8): آية 1 ..... ص : 640

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [1]

4159/ [1]- الطبرسي: في (جوامع الجامع): قرأ ابن مسعود، و علي بن الحسين زين العابدين، و الباقر و الصادق (عليهم السلام): «يسألونك الأنفال».

4160/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ، قال: «من مات و ليس له مولى فماله من الأنفال».

4161/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن رفاعة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يموت لا وارث له و لا مولى، قال: «هو من أهل هذه الآية: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ».

4162/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من مات و ليس له وارث من قرابته و لا مولى عتاقة قد ضمن جريرته، فماله من الأنفال».

4163/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الأنفال: ما

لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم، و كل أرض خربة و بطون الأودية فهو لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء».

__________________________________________________

1- جوامع الجامع: 164. [.....]

2- الكافي 7: 169/ 4.

3- الكافي 1: 459/ 18.

4- الكافي 7: 169/ 2.

5- الكافي 1: 453/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 641

4164/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من مات و ترك دينا فعلينا دينه و إلينا عياله، و من مات و ترك مالا فلورثته، و من مات و ليس له موال فماله من الأنفال».

4165/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: «الأنفال: كل أرض خربة قد باد أهلها، و كل أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، و لكن صالحوا صلحا و أعطوا بأيديهم على غير قتال». قال: «و له- يعني الوالي- رؤوس الجبال و بطون الأودية و الآجام «1» و كل أرض ميتة لا رب لها، و له صوافي «2» الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب، لأن الغصب كله مردود، و هو وارث من لا وارث له، و يعول من لا حيلة له».

4166/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «الأنفال هو النفل، و في سورة الأنفال جدع الأنف».

4167/

[9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن شعيب، عن أبي الصباح «3»، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال، و لنا صفو المال».

4168/ [10]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «نحن قوم فرض الله عز و جل طاعتنا، لنا الأنفال، و لنا صفو المال، و نحن الراسخون في العلم، و نحن المحسودون الذين قال الله تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ «4»».

4169/ [11]- محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا الصباح، نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال» و ذكر الحديث بمثل ما تقدم.

__________________________________________________

6- الكافي 7: 168/ 1.

7- الكافي 1: 455/ 4.

8- الكافي 1: 456/ 6.

9- الكافي 1: 459/ 17.

10- الكافي 1: 143/ 6.

11- بصائر الدرجات: 222/ 1.

(1) الآجام: جمع أجمة: الشجر الملتفّ. «مجمع البحرين- أجم- 6: 6».

(2) الصوافي: ما اصطفاه ملك الكفّار لنفسه. «مجمع البحرين- صفا- 1: 264».

(3) في «س» و «ط»: عن أبي الصالح، تصحيف صوابه ما في المتن، انظر الأحاديث الثلاثة الآتية و معجم رجال الحديث 21: 191.

(4) النّساء 4: 54. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 642

4170/ [12]- الشيخ: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام):

«نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال» و ذكر الحديث مثل ما تقدم.

4171/ [13]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما يقول الله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ؟

قال: «الأنفال لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)، و هي كل أرض جلا أهلها من غير أن يحمل عليها بخيل [و لا رجال و لا ركاب، فهي نفل لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)».

4172/ [14]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن سالم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في الغنيمة- قال: «يخرج منها الخمس، و يقسم ما بقي بين من قاتل عليه و ولي ذلك، و أما الفي ء و الأنفال فهو خالص لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4173/ [15]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سمعه يقول: «إن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم، أو قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم، و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفي ء، و الأنفال لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)، فما كان لله فهو للرسول يضعه حيث يحب».

4174/ [16]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة، قال:

و حدثني محمد بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «ما كان من الأرضين باد أهلها، و في غير ذلك الأنفال هو لنا». و قال: «سورة الأنفال فيها جدع الأنف». و قال: «ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى، فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب، و لكن الله يسلط رسله على من يشاء». و قال: «الفي ء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل، و الأنفال مثل ذلك، هو بمنزلته».

4175/ [17]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن محمد بن خالد البرقي، عن إسماعيل ابن سهل، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن الأنفال، فقال: «كل قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل لله عز و جل، نصفها يقسم بين الناس، و نصفها لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فما كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فهو للإمام».

__________________________________________________

12- التهذيب 4: 132/ 367.

13- التهذيب 4: 132/ 368.

14- التهذيب 4: 132/ 369.

15- التهذيب 4: 133/ 370.

16- التهذيب 4: 133/ 371.

17- التهذيب 4: 133/ 372.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 643

4176/ [18]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «كل أرض خربة أو شي ء كان للملوك، فهو خالص للإمام، ليس للناس فيها سهم- قال-: و منها (البحرين) لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب».

4177/ [19]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن رفاعة بن

موسى، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من يموت و لا وارث له و لا مولى فهو من أهل هذه الآية:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ».

4178/ [20]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن، عن سندي بن محمد، عن علاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الفي ء و الأنفال: ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء، و قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم، و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كله من الفي ء، فهذا لله و لرسوله (صلى الله عليه و آله)، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث يشاء، و هو للإمام بعد الرسول (صلى الله عليه و آله)».

و قوله: وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ «1»- قال-: ألا ترى هو هذا، و أما قوله: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى «2» فهذا بمنزلة المغنم، كان أبي (عليه السلام) يقول ذلك، و ليس لنا فيه غير سهمين: سهم الرسول، و سهم القربى، ثم نحن شركاء الناس فيما بقي».

4179/ [21]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن سندي بن محمد، عن علاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الأنفال من النفل، و في سورة الأنفال جدع الأنف».

4180/ [22]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن الحسين بن هاشم، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ، قال: «من مات و ليس له مولى، فماله من الأنفال».

4181/ [23]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن

ابن أبي عمير، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من مات و ليس له وارث من قبل قرابته، و لا مولى عتاقة قد ضمن جريرته، فماله من الأنفال».

__________________________________________________

18- التهذيب 4: 133/ 373.

19- التهذيب 4: 134/ 374.

20- التهذيب 4: 134/ 376.

21- التهذيب 4: 149/ 415.

22- التهذيب 9: 386/ 1379.

23- التهذيب 9: 387/ 1381.

(1) الحشر 59: 6 و 7.

(2) الحشر 59: 6 و 7. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 644

4182/ [24]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن محمد بن زياد، عن رفاعة، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من مات لا مولى له و لا ورثة، فهو من أهل هذه الآية: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ».

4183/ [25]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الأنفال، فقال: «هي القرى التي قد خربت و انجلى أهلها، فهي لله و للرسول، و ما كان للملوك فهو للإمام، و ما كان من أرض خربة، و ما لم يوجف «1» عليها بخيل و لا ركاب، و كل أرض لا رب لها و المعادن منها، و من مات و ليس له مولى، فماله من الأنفال».

و قال: «نزلت يوم بدر لما انهزم الناس، و كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ثلاث فرق: فصنف كانوا عند خيمة النبي (صلى الله عليه و آله)، و صنف أغاروا على النهب، و فرقة طلبت العدو و أسروا و غنموا، فلما جمعوا الغنائم و الأسارى، تكلمت الأنصار

في الأسارى، فأنزل الله تبارك و تعالى: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ «2». فلما أباح الله لهم الأسارى و الغنائم تكلم سعد بن معاذ، و كان ممن أقام عند خيمة النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، ما منعنا أن نطلب العدو زهادة في الجهاد، و لا جبنا من العدو، و لكنا خفنا أن نعدو موضعك فتميل عليك خيل المشركين، و قد أقام عند الخيمة وجوه المهاجرين و الأنصار و لم يشك أحد منهم، و الناس كثير- يا رسول الله- و الغنائم قليلة، و متى تعطي هؤلاء لم يبق لأصحابك شي ء. و خاف أن يقسم رسول الله (صلى الله عليه و آله) الغنائم و أسلاب القتلى بين من قاتل، و لا يعطي من تخلف عند خيمة رسول الله (صلى الله عليه و آله) شيئا، فاختلفوا فيما بينهم حتى سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: لمن هذه الغنائم؟ فأنزل الله يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ فرجع الناس و ليس لهم في الغنيمة شي ء.

ثم أنزل الله بعد ذلك وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «3» فقسم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بينهم، فقال سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله، أ تعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ثكلتك أمك، و هل تنصرون إلا بضعفائكم؟».

قال: «فلم يخمس رسول الله (صلى الله عليه و آله) ببدر، قسمه بين أصحابه، ثم استقبل يأخذ الخمس بعد بدر، و نزل

قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ بعد انقضاء حرب بدر، فقد كتب ذلك في أول السورة، و ذكر «4» بعده خروج

__________________________________________________

24- التهذيب 9: 386/ 1380.

25- تفسير القمّي 1: 254.

(1) في المصدر: أرض الجزية لم يوجف.

(2) الأنفال 8: 67.

(3) الأنفال 8: 41.

(4) في المصدر: و كتب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 645

النبي (صلى الله عليه و آله) إلى الحرب».

4184/ [26]- العياشي: عن أبي بصير «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «كل قرية يهلك أهلها، أو يجلون عنها فهي نفل، نصفها يقسم بين الناس، و نصفها للرسول (صلى الله عليه و آله)».

4185/ [27]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الأنفال ما لم يوجب عليه بخيل و لا ركاب».

4186/ [28]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الأنفال، قال: «هي القرى التي قد جلا أهلها و هلكوا فخربت، فهي لله و للرسول».

4187/ [29]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الفي ء و الأنفال: ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، و ما كان من أرض خربة أو بطون الأودية، فهذا كله من الفي ء، فهذا لله و للرسول، فما كان لله فهو لرسوله، يضعه حيث يشاء، و هو للإمام من بعد الرسول».

4188/ [30]- عن بشير الدهان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله فرض طاعتنا في كتابه فلا يسع الناس جهلنا، لنا صفو المال، و لنا الأنفال، و لنا كرائم القرآن».

4189/ [31]- عن أبي إبراهيم، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «ما كان من أرض باد أهلها فتلك الأنفال،

فهي لنا».

4190/ [32]- عن أبي اسامة زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الأنفال، فقال: «كل أرض خربة، و كل أرض لم يوجف عليها خيل و لا ركاب».

و زاد في رواية أخرى عنه: «غلبها رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4191/ [33]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لنا الأنفال». قلت: و ما الأنفال؟

قال: «منها المعادن و الآجام، و كل أرض لا رب لها، و كل أرض باد أهلها، فهي لنا».

4192/ [34]- و في رواية اخرى عنهما «2»، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل من مات «3»

__________________________________________________

26- تفسير العيّاشي 2: 46/ 4.

27- تفسير العيّاشي 2: 47/ 5.

28- تفسير العيّاشي 2: 47/ 6.

29- تفسير العيّاشي 2: 47/ 7.

30- تفسير العيّاشي 2: 47/ 8.

31- تفسير العيّاشي 2: 47/ 9.

32- تفسير العيّاشي 2: 47/ 10.

33- تفسير العيّاشي 2: 48/ 11. [.....]

34- تفسير العيّاشي 2: 48/ 12.

(1) كذا في «ط»، و في «س» بياض، و في المصدر: حريز، و و صحيح أيضا، راجع معجم رجال الحديث 4: 253.

(2) في المصدر: عن أحدهما.

(3) في المصدر: كلّ مال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 646

لا مولى له و لا ورثة له، فهو من أهل هذه الآية: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ».

4193/ [35]- و في رواية ابن سنان، قال: «هي القرية قد جلا أهلها و قد هلكوا فخربت فهي لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)».

4194/ [36]- و في رواية ابن سنان و محمد الحلبي، عنه (عليه السلام)، قال: «من مات و ليس له مولى فماله من الأنفال».

4195/ [37]- و في رواية زرارة، عنه، قال: «هي

كل أرض جلا أهلها من غير أن تحمل عليها خيل و لا رجال و لا ركاب، فهي نفل لله و للرسول (صلى الله عليه و آله)».

4196/ [38]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في الملوك الذين يقطعون الناس: «هي من الفي ء و الأنفال و أشباه ذلك».

4197/ [39]- و في رواية أخرى: عن الثمالي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ، قال: «ما كان للملوك فهو للإمام».

4198/ [40]- عن سماعة بن مهران، قال: سألته عن الأنفال، قال: «كل أرض خربة و أشياء كانت تكون للملوك، فذلك خاص للإمام، ليس للناس فيه سهم- قال-: و منها (البحرين) لم يوجف [عليها] بخيل و لا ركاب».

4199/ [41]- عن بشير الدهان، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) و البيت غاص بأهله، فقال لنا: «أحببتم و أبغضنا الناس، و وصلتم و قطعنا الناس، و عرفتم و أنكرنا الناس، و هو الحق، و إن الله اتخذ محمدا (صلى الله عليه و آله) عبدا قبل أن يتخذه رسولا، و إن عليا (عليه السلام) عبد نصلح لله فنصحه، و أحب الله فأحبه. و حبنا بين في كتاب الله، لنا صفو المال، و لنا الأنفال، و نحن قوم فرض الله طاعتنا، و إنكم لتأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من مات و ليس له إمام يأتم به فميتته جاهلية، فعليكم بالطاعة، فقد رأيتم أصحاب علي (عليه السلام)».

4200/ [42]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ، قال: «ما كان للملوك فهو للإمام».

__________________________________________________

35- تفسير العيّاشي 2: 48/ 13.

36- تفسير العيّاشي 2: 48/ 14.

37-

تفسير العيّاشي 2: 48/ 15.

38- تفسير العيّاشي 2: 48/ 16.

39- تفسير العيّاشي 2: 48/ 17.

40- تفسير العيّاشي 2: 48/ 18.

41- تفسير العيّاشي 2: 48/ 19.

42- تفسير العيّاشي 2: 49/ 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 647

قلت: فإنهم يقطعون «1» ما في أيديهم أولادهم و نساءهم و ذوي قراباتهم و أشرافهم، حتى بلغ ذكر من الخصيان، فجعلت لا أقول في ذلك شيئا إلا قال: «و ذلك» حتى قال: «يعطي منه ما بين درهم إلى المائة و الألف» ثم قال: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «2».

4201/ [43]- عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بلغنا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أقطع عليا (عليه السلام) ما سقى الفرات؟ قال: «نعم، و ما سقى الفرات؟ الأنفال أكثر مما سقى الفرات».

قلت: و ما الأنفال؟ قال: «بطون الأودية و رؤوس الجبال و الآجام و المعادن، و كل أرض لم يوجف عليها خيل و لا ركاب، و كل أرض ميتة قد جلا أهلها، و قطائع الملوك».

4202/ [44]- عن أبي مريم الأنصاري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ، قال: «سهم لله، و سهم للرسول».

قلت: فلمن سهم الله؟ قال: «للمسلمين».

باب فضل الإصلاح بين الناس ..... ص : 647

4203/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حماد ابن أبي طلحة، عن حبيب الأحوال، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، و تقارب بينهم إذا تباعدوا».

عنه: بإسناده عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله.

4204/ [2]- و

عنه، بإسناده، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لأن أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين».

4205/ [3]- و عنه: بإسناده عن ابن سنان، عن أبي حنيفة سائق الحاج، قال: مر بنا المفضل و أنا و ختني «3» نتشاجر في ميراث فوقف علينا ساعة، ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتيناه، فأصلح بيننا بأربع مائة درهم، فدفعها

__________________________________________________

43- تفسير العيّاشي 2: 49/ 21.

44- تفسير العيّاشي 2: 49/ 22. [.....]

1- الكافي 2: 166/ 1.

2- الكافي 2: 167/ 2.

3- الكافي 2: 167/ 4.

(1) في «ط»: و المصدر: يعطو.

(2) سورة ص 38: 39.

(3) الختن: كلّ من كان من قبل المرأة، مثل: الأب و الأخ و هم الأختان، هكذا عند العرب: و أمّا العامّة فختن الرجل عندهم: زوج ابنته. «مجمع البحرين- ختن- 6: 242».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 648

إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه، قال: أما إنها ليست من مالي، و لكن أبو عبد الله (عليه السلام) أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شي ء أن أصلح بينهما، و أفتديهما من ماله، فهذا من مال أبي عبد الله (عليه السلام).

4206/ [4]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن مفضل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي»

سورة الأنفال(8): الآيات 2 الي 11 ..... ص : 648

قوله تعالى:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ- إلى قوله تعالى:- كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ [2- 6] 4207/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ الآيات، قال:

إنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) و

أبي ذر و سلمان و المقداد.

4208/ [2]- قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر بعد ذلك الأنفال و قسمة الغنائم و خروج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الحرب، فقال: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ و كان سبب ذلك أن عيرا لقريش خرجت إلى الشام فيها خزائنهم، فأمر رسول الله أصحابه بالخروج ليأخذوها، فأخبرهم أن الله قد وعده إحدى الطائفتين: إما العير، و إما قريش إن ظفر بهم، فخرج في ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلا، فلما قارب بدرا كان أبو سفيان في العير، فلما بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد خرج يتعرض للعير خاف خوفا شديدا، و مضى إلى الشام، فلما وافى بهرة «1» اكترى ضمضم الخزاعي بعشرة دنانير و أعطاه قلوصا «2»، و قال له: امض إلى قريش و أخبرهم أن محمدا و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم، فأدركوا العير، و أوصاه أن يخرج ناقته، و يقطع اذنها «3» حتى يسيل الدم، و يشق ثوبه من قبل و دبر، فإذا دخل مكة ولى وجهه إلى دبر البعير، و صاح بأعلى صوته: يا آل غالب، يا آل غالب، اللطيمة

__________________________________________________

4- الكافي 2: 167/ 3.

1- تفسير القمّي 1: 255.

2- تفسير القمّي 1: 255.

(1) بهرة: موضع بنواحي المدينة، أو موضع في اليمامة. «القاموس المحيط- بهر- 1: 393».

(2) القلوص من النوق: الشابة. «الصحاح- قلص- 3: 1054».

(3) في «ط» نسخة بدل: أنفها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 649

اللطيمة «1»، العير العير، أدركوا أدركوا، و ما أراكم تدركون، فإن محمدا و الصباة

من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم. فخرج ضمضم يبادر إلى مكة.

و رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كأن راكبا قد دخل مكة، و هو ينادي:

يا آل غالب، يا آل غالب «2»، اغدوا إلى مصارعكم، صبح ثالث. ثم وافى بجمله على أبي قبيس، فأخذ حجرا فدهدهه من الجبل، فما ترك دارا من دور قريش إلا أصابه منه فلذة، و كان وادي مكة قد سال من أسفله دما، فانتبهت ذعرة، فأخبرت العباس بذلك، فأخبر العباس عتبة بن ربيعة، فقال عتبة: هذه مصيبة تحدث في قريش.

و فشت الرؤيا في قريش، و بلغ ذلك أبا جهل، فقال: ما رأت عاتكة هذه الرؤيا، و هذه نبيه ثانية في بني عبد المطلب، و اللات و العزى لننتظرن ثلاثة أيام، فإن كان ما رأت حقا فهو كما رأت، و إن كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتابا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا و لا نساء من بني هاشم. فلما مضى يوم، قال أبو جهل: هذا يوم قد مضى. فلما كان اليوم الثاني، قال أبو جهل: هذان يومان قد مضيا، فلما كان اليوم الثالث، وافى ضمضم ينادي في الوادي: يا آل غالب، يا آل غالب، اللطيمة اللطيمة، العير العير، أدركوا، أدركوا، و ما أراكم تدركون، فإن محمدا و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم التي فيها خزائنكم.

فتصايح الناس بمكة و تهيأوا للخروج، و قام سهيل بن عمرو و صفوان بن امية و أبو البختري بن هشام و منبه و نبيه ابنا الحجاج، و نوفل بن خويلد، فقالوا: يا معاشر قريش، و الله ما أصابكم مصيبة أعظم من هذه، أن يطمع محمد

و الصباة من أهل يثرب أن يتعرضوا لعيركم التي فيها خزائنكم، فو الله ما قرشي و لا قرشية إلا و لها في هذا العير نش «3» فصاعدا، و إن هو إلا الذل و الصغار أن يطمع محمد في أموالكم، و يفرق بينكم و بين متجركم، فاخرجوا.

و أخرج صفوان بن امية خمس مائة دينار و جهز بها، و أخرج سهيل بن عمرو [خمس مائة]، و ما بقي أحد من عظماء قريش إلا أخرجوا مالا، و حملوا و وقروا، و أخرجوا على الصعبة و الذلول، لا يملكون أنفسهم، كما قال الله تعالى: خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ «4» و خرج معهم العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحارث و عقيل بن أبي طالب، و أخرجوا معهم القيان «5»، يشربون الخمر و يضربون بالدفوف.

و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلا، فلما كان بقرب بدر على ليلة منها بعث عدي بن أبي الزغباء و بسبس بن عمرو يتجسسان خبر العير، فأتيا ماء بدر و أناخا راحلتيهما، و استعذبا من الماء، و سمعا جاريتين قد تشبثت إحداهما بالأخرى تطالبها بدرهم كان لها عليها، فقالت: عير قريش نزلت أمس في

__________________________________________________

(1) اللطيمة: العير التي تحمل الطيب و بزّ التجّار، و منه: يا قوم اللطيمة اللطيمة، أي أدركوها «أقرب الموارد- لطم- 2: 1145».

(2) في المصدر: يا آل عذر، يا آل فهر. [.....]

(3) النّش: نصف أوقيّة، و يعادل عشرين درهما. «الصحاح- نشش- 3: 1021»، و في المصدر: شي ء.

(4) الأنفال 8: 47.

(5) القيان: جمع قينة: الأمة مغنّية كانت أو غير مغنّية. «الصحاح- قين- 6: 2186».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 650

موضع كذا و

كذا، و هي تنزل غدا ها هنا، و أنا أعمل لهم، و أقضيك. فرجعا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخبراه بما سمعا، فأقبل أبو سفيان بالعير، فلما شارف بدرا تقدم العير، و أقبل وحده حتى انتهى إلى ماء بدر، و كان بها رجل من جهينة، يقال له مجدي الجهني، فقال له: مجدي، هل لك علم بمحمد و أصحابه؟ قال: لا، قال: و اللات و العزى، لئن كتمتنا أمر محمد لا تزال قريش لك معادية إلى آخر الدهر، فإنه ليس أحد من قريش إلا و له شي ء في هذه العير نش فصاعدا، فلا تكتمني. فقال: و الله ما لي علم بمحمد، و ما بال محمد و أصحابه بالتجار، إلا أني رأيت في هذا اليوم راكبين أقبلا و استعذبا من الماء، و أناخا راحلتيهما في هذا المكان و رجعا، فلا أدري من هما. فجاء أبو سفيان إلى موضع مناخ إبلهما ففت أبعار الإبل بيده، فوجد فيها النوى، فقال: هذه علائف يثرب، هؤلاء و الله عيون محمد. فرجع مسرعا، و أمر بالعير فأخذ بها نحو ساحل البحر، و تركوا الطريق و مروا مسرعين.

و نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره أن العير قد أفلتت، و أن قريشا قد أقبلت لتمنع عن عيرها، و أمره بالقتال، و وعده النصر، و كان نازلا بالصفراء «1»، فأحب أن يبلوا الأنصار لأنهم إنما وعدوه أن ينصروه في الدار، فأخبرهم أن العير قد جازت، و أن قريشا قد أقبلت لتمنع عيرها، و أن الله قد أمرني بمحاربتهم. فجزع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ذلك، و خافوا خوفا شديدا،

فقال رسول الله (صلى الله

عليه و آله): «أشيروا علي». فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله، إنها قريش و خيلاؤها، ما آمنت منذ كفرت، و لا ذلت منذ عزت، و لم تخرج على هيئة الحرب. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اجلس». فجلس، فقال: «أشيروا علي». فقام عمر «2»، فقال مثل مقالة أبي بكر «3». فقال (صلى الله عليه و آله): «اجلس». فجلس.

ثم قام المقداد (رحمه الله)، فقال: يا رسول الله، إنها قريش و خيلاؤها، و قد آمنا بك و صدقناك، و شهدنا أن ما جئت حق من عند الله! و الله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا أو شوك الهراس «4» لخضنا معك، و لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «5» و لكنا نقول: اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون. فجزاه النبي (صلى الله عليه و آله) خيرا، ثم جلس.

ثم قال: «أشيروا علي». فقام سعد بن معاذ، فقال: بأبي أنت و أمي- يا رسول الله- كأنك قد أردتنا؟ فقال:

«نعم». قال: فلعلك خرجت على أمر قد أمرت بغيره؟ قال: «نعم». قال: بأبي أنت و أمي، يا رسول الله، إنا قد آمنا بك و صدقناك، و شهدنا أن ما جئت به حق من عند الله، فمرنا بما شئت، و خذ من أموالنا ما شئت، و اترك منها ما شئت، و الذي أخذت منه أحب إلي من الذي تركت، و الله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك. فجزاه خيرا، ثم قال سعد: بأبي أنت و أمي، يا رسول الله، و الله ما أخذت هذا الطريق قط، و مالي به علم، و قد خلفنا

__________________________________________________

(1) الصفراء: واد

من ناحية المدينة، كثير النخل و الزرع، بينه و بين بدر مرحلة. «معجم البلدان 3: 412».

(2) في المصدر: الثاني.

(3) في المصدر: الأوّل.

(4) الهراس: شوك كأنّه حسك «لسان العرب- هرس- 60: 247».

(5) المائدة 5: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 651

بالمدينة قوما ليس نحن بأشد جهادا لك منهم، و لو علموا أنها الحرب لما تخلفوا، و نحن نعد لك الرواحل و نلقى عدونا، فإنا نصبر عند اللقاء، أنجاد في الحرب، و إنا لنرجوا أن يقر الله عينك بنا، فإن يك ما تحبه فهو ذاك، و إن يك غير ذلك قعدت على راحلتك فلحقت بقومنا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أو يحدث الله غير ذلك، كأني بمصرع فلان ها هنا و بمصرع فلان ها هنا، و بمصرع أبي جهل و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و منبه و نبيه ابني الحجاج، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، و لن يخلف الله الميعاد». فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ إلى قوله: وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ «1».

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالرحيل حتى نزل عشاء على ماء بدر، و هي العدوة الشامية، فأقبلت قريش فنزلت بالعدوة اليمانية، و بعثت عبيدها تستعذب من الماء، فأخذهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و حبسوهم، فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن عبيد قريش. قالوا: فأين العير؟ قالوا: لا علم لنا بالعير. فأقبلوا يضربونهم، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصلي، فانفتل من صلاته، فقال: «إن صدقوكم ضربتموهم، و إن كذبوكم تركتموهم! علي بهم». فأتوا بهم، فقال

لهم: «من أنتم؟» فقالوا: يا محمد، نحن عبيد قريش. قال: «كم القوم؟» قالوا: لا علم لنا بعددهم. فقال: «كم ينحرون في كل يوم جزورا؟» قالوا: تسعة إلى «2» عشرة. فقال: «تسع مائة إلى ألف» قال:

«فمن فيهم من بني هاشم؟» فقالوا: العباس بن عبد المطلب، و نوفل بن الحارث، و عقيل بن أبي طالب. فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهم فحبسوا، و بلغ قريشا ذلك، فخافوا خوفا شديدا.

و لقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام، فقال له: أما ترى هذا البغي؟ و الله ما أبصر موضع قدمي، خرجنا لنمنع عيرنا و قد أفلتت فجئنا بغيا و عدوانا، و الله ما أفلح قط قوم بغوا، و لوددت أن ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله، و لم نسر هذا المسير.

فقال له أبو البختري: إنك سيد من سادات قريش فسر في الناس و تحمل العير التي أصابها محمد و أصحابه بنخلة و دم ابن الحضرمي، فإنه حليفك.

فقال عتبة: أنت تشير علي بذلك، و ما على أحد منا خلاف إلا ابن حنظلة- يعني أبا جهل- فسر إليه و أعلمه أني قد تحملت العير التي قد أصابها محمد بنخلة، و دم ابن الحضرمي.

قال أبو البختري: فقصدت خباءه، فإذا هو قد أخرج درعا له، فقلت له: إن أبا الوليد بعثني إليك برسالة.

فغضب ثم قال: أما وجد عتبة رسولا غيرك؟ فقلت له: أما و الله لو غيره أرسلني ما جئت، و لكن أبا الوليد سيد العشيرة، فغضب غضبة أخرى، و قال: تقول: سيد العشيرة؟! فقلت: أنا أقول و قريش كلها تقول، أنه قد تحمل العير، و ما أصابه محمد بنخلة، و دم ابن الحضرمي.

__________________________________________________

(1) الأنفال

8: 5- 8.

(2) في المصدر: أو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 652

فقال: إن عتبة أطول الناس لسانا، و أبلغهم في الكلام، و يتعصب لمحمد، فإنه من بني عبد مناف و ابنه معه، و يريد أن يخذل الناس، لا، و اللات و العزى حتى نقحم عليهم بيثرب، و نأخذهم أسارى فندخلهم مكة، و تتسامع العرب بذلك، و لا يكون بيننا و بين متجرنا أحد نكرهه.

و بلغ أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) كثرة قريش، ففزعوا فزعا شديدا، و بكوا و استغاثوا، فأنزل الله على رسوله (صلى الله عليه و آله): إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «1».

فلما أمسى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و جنه الليل، ألقى الله على أصحابه النعاس حتى ناموا، و أنزل الله تبارك و تعالى عليهم الماء، و كان نزول رسول الله (صلى الله عليه و آله) في موضع لا تثبت فيه القدم، فأنزل الله عليهم السماء و لبد «2» الأرض حتى تثبت أقدامهم، و هو قول الله تعالى إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ «3» و ذلك أن بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) احتلم وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ «4» و كان المطر على قريش مثل العزالي «5»، و على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) رذاذا بقدر ما لبد الأرض، و خافت قريش خوفا شديدا، فأقبلوا يتحارسون، يخافون البيات «6».

فبعث

رسول الله (صلى الله عليه و آله) عمار بن ياسر و عبد الله بن مسعود، و قال: «ادخلا في القوم، و اتياني بأخبارهم». فكانا يجولان في عسكرهم، لا يرون إلا خائفا ذعرا، إذا صهل الفرس ثبت «7» على جحفلته «8»، فسمعوا منبه بن الحجاج يقول:

لا يترك الجوع لنا مبيتا لا بد أن نموت أو نميتا

قال (صلى الله عليه و آله): «قد- و الله- كانوا شباعى، و لكنهم من الخوف قالوا هذا، و ألقى الله في قلوبهم الرعب، كما قال الله تعالى: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ «9»».

فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه و آله) عبأ أصحابه، و كان في عسكره (صلى الله عليه و آله) فرسان: فرس للزبير بن العوام، و فرس للمقداد، و كان في عسكره سبعون جملا يتعاقبون عليها، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي بن أبي طالب (عليه السلام) و مرثد بن أبي مرثد الغنوي على جمل [يتعاقبون عليه ، و الجمل لمرثد، و كان في عسكر قريش

__________________________________________________

(1) الأنفال 8: 9- 10.

(2) لبد المطر و الندى الأرض: ألصق بعض ترابها ببعض فصارت قويّة لا تسوخ فيها الأرجل.

(3) الأنفال 8: 11.

(4) الأنفال 8: 11. [.....]

(5) يقال للسّحابة إذا انهمرت بالمطر: قد حلّت عزاليها و أرسلت عزاليها. «لسان العرب- عزل- 11: 443».

(6) بيّنهم العدوّ بياتا: أي أوقع بهم ليلا. «الصحاح- بيت- 1: 245».

(7) في المصدر: وثب.

(8) الجحفلة لذي الحافر: كالشّفة للإنسان. «مجمع البحرين- جحفل- 5: 334».

(9) الأنفال 8: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 653

أربع مائة فرس، فعبأ رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصحابه بين يديه، و قال: «غضوا أبصاركم، و لا تبدأوهم بالقتال، و

لا يتكلمن أحد».

فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال أبو جهل: ما هم إلا أكلة رأس، لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد. فقال عتبة بن ربيعة: أ ترى لهم كمينا و مددا؟ فبعثوا عمير بن وهب الجمحي، و كان فارسا شجاعا، فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم صعد الوادي و صوت، ثم رجع إلى قريش، فقال: ما لهم كمين و لا مدد، و لكن نواضح «1» يثرب قد حملت الموت الناقع، أما ترونهم خرسا لا يتكلمون، يتلمظون تلمظ الأفاعي، ما لهم ملجأ إلا سيوفهم، و ما أراهم يولون حتى يقتلوا، و لا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم فارتأوا رأيكم. فقال أبو جهل: كذبت و جبنت، و انتفخ سحرك «2» حين نظرت إلى سيوف يثرب.

و فزع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين نظروا إلى كثرة قريش و قوتهم، فأنزل الله على رسوله: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ «3» و قد علم الله أنهم لا يجنحون و لا يجيبون إلى السلم، و إنما أراد سبحانه بذلك لتطيب قلوب أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله). فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى قريش، فقال: «يا معشر قريش، ما أحد من العرب أبغض إلي من أن أبدأكم، فخلوني و العرب، فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا، و إن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري، فارجعوا».

فقال عتبة: و الله، ما أفلح قوم قط ردوا هذا. ثم ركب جملا له أحمر، فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجول في العسكر و

ينهى عن القتال، فقال: «إن يكن عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر، فإن يطيعوه يرجعوا و يرشدوا». فأقبل عتبة يقول: يا معشر قريش، اجتمعوا و سامعوا. ثم خطبهم، فقال: يمن مع رحب، و رحب مع يمن. يا معشر قريش، أطيعوني اليوم، و اعصوني الدهر، و ارجعوا إلى مكة و اشربوا الخمور، و عانقوا الحور، فإن محمدا له إل و ذمة، و هو ابن عمكم، فارجعوا و لا تردوا رأيي، و إنما تطالبون محمدا بالعير التي أخذوها بنخلة، و دم ابن الحضرمي و هو حليفي و علي عقله. فلما سمع أبو جهل ذلك غاضه، و قال: إن عتبة أطول الناس لسانا، و أبلغهم كلاما، و لئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش إلى آخر الدهر. ثم قال: يا عتبة، نظرت إلى سيوف بني عبد المطلب و جبنت و انتفخ سحرك، و تأمر الناس بالرجوع و قد رأينا ثأرنا بأعيننا. فنزل عتبة عن جمله، و حمل على أبي جهل، و كان على فرس، فأخذ بشعره، فقال الناس: يقتله. فعرقب فرسه، فقال: أ مثلي يجبن، و ستعلم قريش اليوم أينا ألأم و أجبن، و أينا المفسد لقومه، لا يمشي إلا أنا و أنت إلى الموت عيانا. ثم قال:

هذا جناي و خياره فيه و كل جان يده إلى فيه ثم أخذ بشعره يجره، فاجتمع إليه الناس، و قالوا: يا أبا الوليد، الله الله لا تفت في أعضاد الناس، تنهى عن شي ء و تكون أوله. فخلصوا أبا جهل من يده.

__________________________________________________

(1) الناضح: البعير يستقى عليه، و الجمع نواضح. «الصحاح- نضح- 1: 411».

(2) انتفح سحرك: أي رئتك، يقال ذلك للجبان «النهاية 2: 346».

(3) الأنفال 8: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص:

654

فنظر عتبة إلى أخيه شيبة، و نظر إلى ابنه الوليد، فقال: قم يا بني. فقام ثم لبس درعه، و طلبوا له بيضة تسع رأسه، فلم يجدوها لعظم هامته، فاعتجر «1» بعمامتين، ثم أخذ سيفه و تقدم هو و أخوه و ابنه، و نادى: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قريش. فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار: عوذ «2» و معوذ و عوف من بني عفراء، فقال عتبة: من أنتم، انتسبوا لنعرفكم؟ فقالوا: نحن بنو عفراء، أنصار الله، و أنصار رسوله. فقال: ارجعوا، فإنا لسنا إياكم نريد، إنما نريد الأكفاء من قريش. فبعث إليهم رسول الله: «أن ارجعوا». فرجعوا، و كره أن يكون أول الكرة بالأنصار، فرجعوا و وقفوا موقفهم.

ثم نظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، و كان له سبعون سنة، فقال له: «قم يا عبيدة». فقام بين يديه بالسيف، ثم نظر إلى حمزة بن عبد المطلب، فقال: «قم يا عم» ثم نظر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: «قم يا علي» و كان أصغرهم، فقاموا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسيوفهم و قال: «فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم، فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها، تريد أن تطفئ نور الله، و يأبى الله إلا أن يتم نوره». ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا عبيدة، عليك بعتبة» و قال لحمزة: «عليك بشيبة» و قال لعلي (عليه السلام): «عليك بالوليد بن عتبة». فمروا حتى انتهوا إلى القوم، فقال عتبة: من أنتم؟ انتسبوا حتى نعرفكم.

فقال عبيدة: أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. فقال: كفؤ كريم، فمن هذان؟ فقال: حمزة

بن عبد المطلب، و علي بن أبي طالب. فقال: كفؤان كريمان، لعن الله من واقفنا و إياكم هذا الموقف. فقال شيبة لحمزة: من أنت؟

فقال: أنا حمزة بن عبد المطلب، أسد الله و أسد رسوله. فقال له شيبة: لقد لقيت أسد الحلفاء، فانظر كيف تكون صولتك، يا أسد الله.

فحمل عبيدة على عتبة، فضربه على رأسه ضربة فلق بها هامته، و ضرب عتبة عبيدة على ساقه فقطعها و سقطا جميعا، فحمل حمزة على شيبة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما، و كل واحد يتقي بدرقته، و حمل أمير المؤمنين (عليه السلام) على الوليد بن عتبة فضربه على عاتقه، فخرج السيف من إبطه. قال علي (عليه السلام): «فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي، فظننت أن السماء وقعت على الأرض». ثم اعتنق حمزة و شيبة، فقال المسلمون: يا علي، أما ترى الكلب قد أبهر عمك؟ فحمل عليه علي (عليه السلام)، ثم قال: «يا عم طأطئ رأسك» و كان حمزة أطول من شيبة، فأدخل حمزة رأسه في صدره، فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) على رأسه فطن نصفه، ثم جاء إلى عتبة و به رمق فأجهز عليه. و حمل عبيدة بين حمزة و علي حتى أتيا به رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنظر إليه رسول الله، فاستعبر، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت و أمي، أ لست شهيدا؟ قال: «بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي».

فقال: «أما لو كان عمك حي لعلم أني أولى بما قال منه، قال: «و أي أعمامي تريد؟» «3» قال: أبا طالب، حيث يقول:

__________________________________________________

(1) في المصدر: فاعتمّ

(2) في مغازي الواقدي 1: 68 معاذ، بدل عوذ.

(3) في المصدر: تعني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 655

كذبتم و بيت

الله يبزى «1» محمد و لما نطاعن دونه و نناضل و نسلمه حتى نصرع حوله و نذهل عن أبنائنا و الحلائل فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله و رسوله، و ابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة». فقال: يا رسول الله، أسخطت علي في هذه الحالة. فقال: «ما سخطت عليك، و لكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك».

و قال أبو جهل لقريش: لا تعجلوا و لا تبطروا كما عجل و بطر أبناء ربيعة، عليكم بأهل يثرب، فاجزروهم جزرا، و عليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة، فنعرفهم ضلالتهم التي كانوا عليها. و كان فتية من قريش أسلموا بمكة، فاحتبسهم آباؤهم، فخرجوا مع قريش إلى بدر و هم على الشك و الارتياب و النفاق، منهم قيس بن الوليد بن المغيرة، و أبو قيس بن الفاكه، و الحارث بن ربيعة، و علي بن أمية بن خلف، و العاص بن المنبه. فلما نظروا إلى قلة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قالوا: مساكين هؤلاء غرهم دينهم فيقتلون الساعة. فأنزل الله على رسوله:

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «2» و جاء إبليس لعنه الله في صورة سراقة بن مالك، فقال لهم: أنا جار لكم ادفعوا إلي رأيتكم. فدفعوها إليه، و جاء بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يخيل إليهم و يفزعهم، و أقبلت قريش يقدمها إبليس، معه الراية، فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «غضوا أبصاركم، و غضوا على النواجذ، و لا تسلوا سيفا

حتى آذن لكم».

ثم رفع يده إلى السماء، فقال: يا رب، إن تهلك هذه العصابة لم تعبد، و إن شئت أن لا تعبد لا تعبد. ثم أصابه الغشي فسري عنه و هو يسلت «3» العرق عن وجهه، و يقول: «هذا جبرئيل قد أتاكم بألف من الملائكة مردفين».

قال: فنظرنا فإذا بسحابة سوداء فيها برق لائح قد وقعت على عسكر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قائل يقول: أقدم حيزوم، أقدم حيزوم. و سمعنا قعقعة السلاح من الجو، و نظر إبليس إلى جبرئيل (عليه السلام) فتراجع و رمى باللواء، فأخذ منبه بن الحجاج بمجامع ثوبه، ثم قال: ويلك، يا سراقة، تفت في أعضاد الناس، فركله إبليس ركلة في صدره، ثم قال: إني أرى ما لا ترون، إني أخاف الله. و هو قول الله: وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ «4». ثم قال عز و جل: وَ لَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ «5».

__________________________________________________

(1) يبزى: أى يقهر و يغلب، أراد لا يبزى، فحذف (لا) من جواب القسم، و هي مراده، أي لا يقهر و لم نقاتل عنه و ندافع. «النهاية 1: 125».

(2) الأنفال 8: 49.

(3) أي يمسحه و يزيله. «انظر: المعجم الوسيط- سلت- 1: 441». [.....]

(4) الأنفال 8: 48.

(5) الأنفال 8: 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 656

قال: و حمل جبرئيل على إبليس فطلبه حتى غاص في البحر، و قال: يا رب، أنجز

لي ما وعدتني من البقاء إلى يوم الدين.

روي في الخبر: أن إبليس التفت إلى جبرئيل (عليه السلام) و هو في الهزيمة، فقال: يا هذا، أبدا لكم فيما أعطيتمونا؟ فقيل لأبي عبد الله (عليه السلام): أ ترى كان يخاف أن يقتله؟ فقال: «لا، و لكنه كان يضربه ضربة يشينه منها إلى يوم القيامة».

و أنزل الله على رسوله (صلى الله عليه و آله): إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ «1» قال: أطراف الأصابع، فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها تريد أن تطفئ نور الله، و يأبى الله إلا أن يتم نوره، و خرج أبو جهل من بين الصفين، و قال: اللهم، إن محمدا أقطعنا للرحم، و آتانا بما لا نعرفه فأحنه «2» الغداة، فأنزل الله على رسوله: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ «3».

ثم أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) كفا من حصى و رمى به في وجوه قريش، و قال: «شاهت الوجوه» فبعث الله رياحا تضرب في وجوه قريش، فكانت الهزيمة. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اللهم لا يفلتن فرعون هذه الأمة أبو جهل بن هشام، فقتل منهم سبعون و أسر منهم سبعون، و التقى عمرو بن الجموح مع أبي جهل، فضرب عمرو أبا جهل على فخذه «4»، و ضرب أبو جهل عمرا على يده، فأبانها من العضد، فتعلقت بجلدة فاتكأ عمرو على يده برجله، ثم نزا في السماء حتى

انقطعت الجلدة، و رمى بيده.

و قال عبد الله بن مسعود: انتهيت إلى أبي جهل و هو يتشحط في دمه، فقلت: الحمد لله الذي أخزاك، فرفع رأسه، فقال: إنما أخزى الله عبد ابن ام عبد، لمن الدائرة «5» ويلك. قلت: لله و لرسوله، و إني قاتلك، و وضعت رجلي على عنقه. فقال: ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم، أما إنه ليس شي ء أشد من قتلك إياي في هذا اليوم، ألا تولى قتلي رجل من المطيبين أو رجل من الأحلاف «6». فاقتلعت بيضة كانت على رأسه فقتلته، و أخذت رأسه و جئت به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قلت: يا رسول الله، البشرى هذا رأس أبي جهل بن هشام، فسجد لله شكرا.

__________________________________________________

(1) الأنفال 8: 12.

(2) الحين: الهلاك، و أحنه: أهلكه «القاموس المحيط 4: 219».

(3) الأنفال 8: 19.

(4) في المصدر: على فخذيه.

(5) في «ط» و «س» و المصدر: الدين، و ما أثبتناه من مغازي الواقدي 1: 90 و سيرة ابن هشام 2: 288.

(6) لمّا أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجامة و الرّفادة و اللواء و السّقاية، و أبت عبد الدار، عقد كلّ قوم على أمرهم حلفا مؤكّدا على أن لا يتخاذلوا، فاجتمع بنو عبد مناف و بنو زهرة و تيم و أسد، و جعلوا طيبا في جفنة و غمسوا أيديهم فيه، و تحالفوا على التناصر و الأخذ للمظلوم من الظالم، فسمّوا المطيّبين، و تعاقدت بنو عبد الدار مع جمح و مخزوم و عديّ و كعب و سهم حلفا آخر مؤكّدا، فسمّوا الأحلاف لذلك. «النهاية 1: 425 و 3: 149».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 657

و أسر أبو بشر

الأنصاري العباس بن عبد المطلب، و عقيل بن أبي طالب، و جاء بهما إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له: «هل أعانك عليهما أحد؟» قال: نعم، رجل عليه ثياب بيض. فقال الرسول (صلى الله عليه و آله):

«ذلك من الملائكة».

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للعباس: «افد نفسك و ابن أخيك». فقال: يا رسول الله، قد كنت أسلمت، و لكن القوم استكرهوني. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الله أعلم بإسلامك، إن يكن ما تذكر حقا فإن الله يجزيك عليه، و أما ظاهر أمرك فقد كنت علينا». ثم قال (صلى الله عليه و آله): «يا عباس، إنكم خاصمتم الله فخصمكم». ثم قال:

«أفد نفسك و ابن أخيك». و قد كان العباس أخذ معه أربعين أوقية من ذهب، فغنمها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للعباس: «افد نفسك». قال: يا رسول الله، احسبها من فدائي. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا، ذاك شي ء أعطانا الله منك، فافد نفسك و ابن أخيك» فقال العباس: فليس لي مال غير الذي ذهب مني. فقال: «بلى، المال الذي خلفته عند أم الفضل بمكة، فقلت لها: إن حدث علي حدث فاقسموه بينكم».

فقال له: تتركني «1» و أنا أسأل الناس بكفي. فأنزل الله على رسوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2»، ثم قال: وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ في علي فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «3».

ثم

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعقيل: «قد قتل الله- يا أبا يزيد- أبا جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و منبه و نبيه ابني الحجاج و نوفل بن خويلد، و أسر سهيل بن عمرو و النضر بن الحارث بن كلدة و عقبة بن أبي معيط» و فلان و فلان.

فقال عقيل: إذن لا تنازعوا «4» في تهامة، فإن كنت قد أثخنت القوم و إلا فاركب أكتافهم. فتبسم رسول الله (صلى الله عليه و آله) من قوله.

و كان القتلى ببدر سبعين و الأسرى سبعين، قتل منهم أمير المؤمنين (عليه السلام) سبعة و عشرين، و لم يأسر أحدا، فجمعوا الأسارى و قرنوهم في الجبال، و ساقوهم على أقدامهم، و جمعوا الغنائم، و قتل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) تسعة رجال، فيهم سعد بن خيثمة، و كان من النقباء.

فرحل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نزل الأثيل «5» عند غروب الشمس، و هو من بدر على ستة أميال، فنظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى عقبة بن أبي معيط و النضر بن الحارث بن كلدة، و هما في قران واحد، فقال النضر لعقبة:

يا عقبة، أنا و أنت مقتولان. قال عقبة: من بين قريش! قال: نعم، لأن محمدا قد نظر إلينا نظرة رأيت فيها القتل. فقال

__________________________________________________

(1) في المصدر: فقال ما تتركني إلّا.

(2) الأنفال 8: 70.

(3) الأنفال 8: 71.

(4) في المصدر: لا تنازع.

(5) الأثيل: موضع قرب المدينة. «معجم البلدان 1: 94».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 658

رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، علي بالنضر و عقبة» و كان النضر رجلا جميلا عليه

شعر، فجاء علي (عليه السلام) فأخذ بعشره فجره إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال النضر: يا محمد، أسألك بالرحم الذي بيني و بينك إلا أجريتني كرجل من قريش إن قتلتهم قتلتني، و إن فاديتهم فاديتني، و إن أطلقتهم أطلقتني. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا رحم بيني و بينك، قطع الله الرحم بالإسلام، قدمه يا علي فاضرب عنقه». فقدمه و ضرب عنقه. فقال عقبة: يا محمد، ألم تقل: لا تصبر قريش! أي لا يقتلون صبرا. قال: «أ فأنت من قريش! إنما أنت علج من أهل صفورية «1»، لأنت من الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعى إليه «2»، ليس منها، قدمه يا علي فاضرب عنقه» فقدمه و ضرب عنقه.

فلما قتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) النضر و عقبة خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلهم، فقاموا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، قد قتلنا سبعين، و أسرنا سبعين، و هم قومك و أساراك، هبهم لنا يا رسول الله، و خذ منهم الفداء و أطلقهم. فأنزل الله عليه: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَ اللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً «3» فأطلق لهم أن يأخذوا الفداء و يطلقوهم، و شرط أن يقتل منهم في عام قابل بعدد من يأخذون منهم الفداء، فرضوا منه بذلك، فلما كان يوم أحد قتل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) سبعون رجال، فقال من بقي من أصحابه: يا رسول الله،

ما هذا الذي أصابنا، و قد كنت تعدنا بالنصر؟ فأنزل الله عز و جل فيهم: أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها ببدر قتلتم سبعين، و أسرتم سبعين قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ «4» بما اشترطتم».

سورة الأنفال(8): الآيات 7 الي 8 ..... ص : 658

وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [7- 8]

4209/ [1]- العياشي: عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

__________________________________________________

1- تفسير العياشي 2: 49/ 23. [.....]

(1) صفورية: بلدة بالأردن. «القاموس المحيط- صفر- 2: 73».

(2) في المصدر: له.

(3) الأنفال 8: 67- 69.

(4) آل عمران 3: 165.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 659

وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ، فقال: «الشوكة التي في القتال».

4210/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: رجع الحديث إلى تفسير الآيات التي لم تكتب في قوله: وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ. قال: العير، أو قريش. قال: و قوله: وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ قال: ذات الشوكة: الحرب. قال: تودون العير لا الحرب. وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ قال: الكلمات الأئمة (عليهم السلام).

4211/ [3]- العياشي: عن جابر، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية في قول الله: وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «تفسيرها في الباطن يريد الله فإنه شي ء يريده و لم يفعله بعد. و أما قوله: يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ فإنه يعني يحق حق آل محمد، و أما قوله: بِكَلِماتِهِ قال: كلماته في الباطن

علي (عليه السلام) هو كلمة الله في الباطن، و أما قوله: وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ فهم بنو امية هم الكافرون، يقطع الله دابرهم، و أما قوله:

لِيُحِقَّ الْحَقَّ فإنه يعني ليحق حق آل محمد حين يقوم القائم (عليه السلام)، و أما قوله: وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ يعني القائم (عليه السلام)، فإذا قام يبطل باطل بني امية، و ذلك قوله: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ».

سورة الأنفال(8): آية 9 ..... ص : 659

قوله تعالى:

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ [9]

4212/ [4]- الطبرسي: قيل: إن النبي (صلى الله عليه و آله) لما نظر إلى كثرة عدد المشركين و قلة عدد المسلمين استقبل القبلة، و قال: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض». فما زال يهتف ربه مادا يديه، حتى سقط رداؤه من منكبيه، فأنزل الله: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ الآية. قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

4213/ [5]- ابن شهر آشوب: قال النبي (صلى الله عليه و آله) في العريش: «اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد بعد هذا اليوم». فنزل إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فخرج يقول: «سيهزم الجمع و يولون الدبر». فأمده الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، و كثرهم في أعين المشركين، و قلل المشركين في أعينهم، فنزل:

__________________________________________________

2- تفسير القمي 1: 270.

3- تفسير العياشي 2: 50/ 24.

4- مجمع البيان 4: 807.

5- المناقب 1: 188.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 660

وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى «1» من الوادي خلف العقنقل «2»، و النبي (صلى الله عليه و آله) بالعدوة الدنيا عند القليب «3». قال علي و ابن عباس في قوله: مُسَوِّمِينَ «4»: كان عليهم عمائم بيض أرسلوها بين أكتافهم.

سورة الأنفال(8): آية 11 ..... ص : 660

قوله تعالى:

إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ [11]

4214/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اشربوا ماء السماء فإنه يطهر البدن و يدفع الأسقام، قال الله عز و جل:

وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ».

و رواه أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، بباقي السند و المتن، مثله «5».

4215/ [2]- العياشي: عن جابر، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية في البطن وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ.

قال: «السماء في الباطن: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الماء: علي (عليه السلام) جعله الله من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فذلك قوله: ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ فذلك علي يطهر الله به قلب من والاه. و أما قوله: وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ من والى عليا (عليه السلام) يذهب الرجز عنه، و يقوي قلبه، وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ فإنه يعني عليا (عليه السلام)، من والى عليا (عليه السلام) يربط الله على قلبه بعلي (عليه السلام) فيثبت على ولايته».

4216/ [3]- عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ، قال: «لا

__________________________________________________

1- الكافي 6: 387/ 2.

2- تفسير العيّاشي 2: 50/ 25.

3- تفسير العيّاشي 2: 50/ 27.

(1) الأنفال 8: 42.

(2) العقنقل: الكثيب العظيم المتداخل الرّمل. «لسان العرب- عقل- 11: 463».

(3) في المصدر: القلب. [.....]

(4) آل عمران 3: 125.

(5) المحاسن: 574/ 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 661

يدخلنا ما يدخل الناس من الشك».

4217/ [4]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

اشربوا ماء السماء، فإنه يطهر البدن و يدفع الأسقام، قال الله: وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ- إلى قوله- وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ».

ابن بابويه: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، مثله «1».

سورة الأنفال(8): الآيات 12 الي 19 ..... ص : 661

قوله تعالى:

إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ- إلى قوله تعالى- فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ [12- 19]

4218/ [5]- العياشي: عن محمد بن يوسف، قال: أخبرني أبي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، فقلت: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ، فقال: «إلهام».

4219/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى:لِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أي عادوا الله و رسوله، ثم قال عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً أي يدنوا بعضكم من بعض.

4220/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن عقيل الخزاعي: أن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «إن الرعب و الخوف من جهاد المستحق للجهاد و المتوازرين على الضلال، ضلال في الدين، و سلب للدنيا، مع الذل و الصغار، و فيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال، يقول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ».

4221/ [8]- العياشي: عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت: الزبير شهد بدرا؟

قال: «نعم، و لكنه فر يوم الجمل، فإن كان قاتل المؤمنين فقد هلك بقتاله إياهم، و إن كان قاتل كفارا فقد باء بغضب من الله حين ولاهم دبره».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 51/ 28.

5- تفسير العيّاشي 2: 50/ 26.

6- تفسير القمّي 1: 270.

7- الكافي 5: 38/

1.

8- تفسير العيّاشي 2: 51/ 29.

(1) الخصال: 636.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 662

4222/ [5]- عن أبي جعفر (عليه السلام): ما شأن أمير المؤمنين (عليه السلام) حين ركب منه ما ركب، لم يقاتل؟

فقال: «للذي سبق في علم الله أن يكون ما كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) أن يقاتل و ليس معه إلا ثلاثة رهط، فكيف يقاتل؟ ألم تسمع قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً إلى قوله:

وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ فكيف يقاتل أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد هذا، و إنما هو يومئذ ليس معه مؤمن غير ثلاثة رهط!».

4223/ [6]- عن أبي أسامة زيد الشحام، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): جعلت فداك، إنهم يقولون: ما منع عليا إن كان له حق أن يقوم بحقه؟

فقال: «إن الله لم يكلف هذا أحدا إلا نبيه (صلى الله عليه و آله)، قال له: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ «1» و قال لغيره: إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فعلي (عليه السلام) لم يجد فئة، و لو وجد فئة لقاتل- ثم قال:- لو كان «2» جعفر و حمزة حيين، بقي رجلان قال: مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ قال: متطردا يريد الكرة عليهم، أو متحيزا، يعني متأخرا إلى أصحابه من غير هزيمة، فمن انهزم حتى يجوز صف أصحابه فقد باء بغضب من الله».

4224/ [7]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ يعني يرجع أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ يعني يرجع إلى صاحبه و هو الرسول أو الإمام فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ، ثم

قال: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ أي أنزل الملائكة حتى قتلوهم، ثم قال: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى يعني الحصى الذي حمله رسول الله (صلى الله عليه و آله) و رمى به في وجوه قريش، و قال: «شاهت الوجوه».

4225/ [8]- العياشي: عن محمد بن كليب الأسدي، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله:

وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى قال: «علي (عليه السلام) ناول رسول الله (صلى الله عليه و آله) القبضة التي رمى بها».

و في خبر آخر عنه: «أن عليا (عليه السلام) ناوله قبضة من تراب فرمى بها» «3».

4226/ [9]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «ناول رسول الله (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 51/ 30.

6- تفسير العيّاشي 2: 51/ 31.

7- تفسير القمّي 1: 270.

8- تفسير العيّاشي 2: 52/ 32.

9- تفسير العيّاشي 2: 52/ 34.

(1) النّساء 4: 84. [.....]

(2) قال العلامة المجلسي: قوله: «لو كان» كلمة (لو) للتمنّي، أو الجزاء محذوف، أي لم يترك القتال، أو يكون تفسيرا للفئة، و المراد بالرجلين عباس و عقيل. بحار الأنوار.- الطبعة الحجرية- 8: 146.

(3) تفسير العيّاشي 2: 52/ 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 663

علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبضة من تراب التي رمى بها في وجوه المشركين، فقال الله: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى .

4227/ [10]- ابن شهر آشوب: عن الثعلبي، و سماك «1»، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لعلي (عليه السلام): «ناولني

كفا من حصباء «2»» فناوله و رمى به في وجوه قريش، فما بقي أحد إلا امتلأت عيناه من الحصباء.

و في رواية غيره: و أفواههم و مناخرهم، قال أنس: رمى بثلاث حصيات في المشرق و المغرب و تحت الثرى «3»،

قال ابن عباس: وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً يعني و هزم الكفار ليغنم النبي و الوصي.

4228/ [11]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى «سمى فعل النبي (صلى الله عليه و آله) فعلا له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله».

4229/ [12]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ذلِكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ: أي مضعف كيدهم و حيلتهم و مكرهم.

و قوله تعالى: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ قد تقدم ذكره في القصة «4»

سورة الأنفال(8): آية 22 ..... ص : 663

قوله تعالى:

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ [22]

4230/ [1]- الطبرسي: قال الباقر (عليه السلام): «نزلت الآية في بني عبد الدار، لم يكن أسلم منهم غير مصعب بن عمير، و حليف لهم يقال له: سويبط».

4231/ [2]- و قال في (جامع الجوامع): قال الباقر (عليه السلام): «هم بنو عبد الدار، لم يسلم منهم غير مصعب بن

__________________________________________________

10- المناقب 1: 189، فرائد السمطين 1: 232/ 181، الدر المنثور 4: 40.

11- الاحتجاج: 250.

12- تفسير القمّي 1: 271.

1- مجمع البيان 4: 818.

2- جوامع الجامع: 167.

(1) و في «ط»: عن ضحاك، تصحيف، انظر: تهذيب الكمال 12: 115 و قد ذكر روايته عن عكرمة.

(2) الحصباء: الحصى «الصحاح- حصب- 1: 112».

(3) في المصدر: بثلاث حصيات في الميمنة و الميسرة و القلب.

(4) تقدّم في الحديث (2)

من تفسير الآيات (2- 6) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 664

عمير و سويد بن حرملة، و كانوا يقولون: نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد، و قد قتلوا جميعا بأحد، كانوا أصحاب اللواء»

سورة الأنفال(8): آية 24 ..... ص : 664

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ وَ أَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [24] 4232/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الحياة: الجنة.

4233/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ، قال: «نزلت في ولاية علي (عليه السلام)».

4234/ [3]- و من طريق العامة: ما نقله ابن مردويه، عن رجاله، مرفوعا إلى الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، أنه قال في قوله تعالى: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ: «نزلت في ولاية علي ابن أبي طالب (عليه السلام)».

و يؤيده ما رواه أبو الجارود، عنه (عليه السلام)، أنه قال: «إنها نزلت في ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)» «1».

4235/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن جعفر بن عبد الله، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ، يقول: «ولاية علي بن أبي طالب،

فإن اتباعكم إياه و ولايته أجمع لأمركم و أبقى للعدل فيكم».

و أما قوله: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، يقول: «يحول بين المرء «2» و معصيته أن تقوده إلى النار، و يحول بين الكافر و طاعته أن يستكمل بها الإيمان، و اعلموا أن الأعمال بخواتيمها».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 27.

2- الكافي 8: 248/ 349.

3- تأويل الآيات 1: 191/ 1 عن ابن مردويه. [.....]

4- تفسير القمّي 1: 271.

(1) تأويل الآيات 1: 191/ 2.

(2) في المصدر: المؤمن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 665

4236/ [5]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، قال: «يحول بينه و بين أن يعلم أن الباطل حق».

4237/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد الله، جميعا، قالا: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ.

قال: «يحول بينه و بين أن يعلم أن الباطل حق». و قد قيل: إن الله تبارك و تعالى يحول بين المرء و قلبه بالموت. و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى ينقل العبد من الشقاء إلى السعادة، و لا ينقله من السعادة إلى الشقاء».

4238/ [7]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن فضالة بن أيوب الأزدي، عن أبان

الأحمر، و حدثنا أحمد بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله:

يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، قال: «يشتهي بسمعه و بصره و يده و لسانه و قلبه، أما إن هو غشي شيئا مما يشتهي، فإنه لا يأتيه إلا و قلبه منكر، لا يقبل الذي يأتي، يعرف أن الحق غيره».

4239/ [8]- العياشي: عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ، قال: «هو أن يشتهي [الشي ء بسمعه و بصره و لسانه و يده، أما إن هو غشي شيئا مما يشتهي فإنه لا يأتيه إلا و قلبه منكر لا يقبل الذي يأتي، يعرف أن الحق ليس فيه».

4240/ [9]- و في خبر هشام: عنه، قال: «يحول بينه و بين أن يعلم أن الباطل حق».

4241/ [10]- عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ.

قال: «هو أن يشتهي الشي ء بسمعه و بصره و لسانه و يده، أما إنه لا يغشى شيئا منها، و إن كان يشتهيه، فإنه لا يأتيه إلا و قلبه منكر، لا يقبل الذي يأتي، يعرف أن الحق ليس فيه».

4242/ [11]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «هذا الشي ء يشتهيه الرجل بقلبه و سمعه و بصره، لا تتوق نفسه إلى غير ذلك، فقد حيل بينه و بين قلبه إلى ذلك الشي ء».

__________________________________________________

5- المحاسن: 237/ 205.

6- التوحيد: 358/ 6.

7- المحاسن: 276/ 389.

8- تفسير العيّاشي 2: 52/ 35.

9- تفسير العيّاشي 2: 52/ 36.

10- تفسير العيّاشي 2: 52/ 37.

11- تفسير العيّاشي 2: 52/ 38.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 666

4243/ [12]- و في خبر يونس بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يستيقن القلب أن الحق باطل أبدا، و لا يستيقن أن الباطل حق أبدا».

سورة الأنفال(8): آية 25 ..... ص : 666

قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [25]

4244/ [1]- العياشي: عن عبد الرحمن بن سالم، عن الصادق (عليه السلام)، في قوله: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً.

قال: «أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيه (صلى الله عليه و آله) حتى تركوا عليا (عليه السلام) و بايعوا غيره، و هي الفتنة التي فتنوا بها، و قد أمرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) باتباع علي (عليه السلام) و الأوصياء من آل محمد (عليهم السلام)».

4245/ [2]- عن إسماعيل السدي، عن البهي «1» وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً.

قال: أخبرت أنهم أصحاب الجمل.

4246/ [3]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال الله تعالى في بعض كتابه: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً في إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «2» و قال في بعض كتابه: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ «3» يقول في الآية الأولى: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز و جل: مضت ليلة القدر مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهذه فتنة أصابتهم خاصة، و بها ارتدوا على أعقابهم، لأنهم إن قالوا: لم تذهب فلا بد أن يكون لله

عز و جل فيها أمر، و إذا أقروا بالأمر لم يكن لهم «4» من صاحب بد».

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 53/ 39.

1- تفسير العيّاشي 2: 53/ 40.

2- تفسير العيّاشي 2: 53/ 41، الدر المنثور 4: 46.

3- الكافي 1: 193/ 4. [.....]

(1) في «ط» و «س»: عن الصيقل: سئل أبو عبد اللّه (عليه السّلام)، و في المصدر: عن إسماعيل السري عن السري عن البهيّ، و الصواب ما أثبتناه، فهو الموافق لما في تهذيب الكمال 3: 132 و 133 حيث روى فيه إسماعيل السّدّي عن عبد اللّه البهيّ، و الدر المنثور 4: 46 حيث أورد عين الرواية عن السّدّي.

(2) القدر 97: 1.

(3) آل عمران 3: 144.

(4) في المصدر: له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 667

4247/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: نزلت في الزبير و طلحة لما حاربا أمير المؤمنين (عليه السلام) و ظلماه.

4248/ [5]- الطبرسي: عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني، قال: حدثنا عنه السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسني، قال: حدثني محمد بن القاسم بن أحمد، قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل بن محمد، قال: حدثنا محمد بن صالح العرزمي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، عن أبي خلف الأحمر، عن إبراهيم بن طهمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً قال النبي (صلى الله عليه و آله): «من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي، فكأنما جحد نبوتي و نبوة الأنبياء قبلي».

4249/ [6]- و من طريق المخالفين: ما رواه أبو عبد الله محمد بن علي السراج، بإسناد يرفعه إلى عبد الله بن مسعود، أنه

قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله): «يا بن مسعود، قد أنزلت الآية وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً و أنا مستودعكها، و مسم لك خاصة الظلمة، فكن لما أقول واعيا، و عني له مؤديا، من ظلم عليا مجلسي هذا كمن جحد نبوتي و نبوة من كان قبلي» ثم ذكر حديثا هذه زبدته.

سورة الأنفال(8): آية 26 ..... ص : 667

قوله تعالى:

وَ اذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [26] 4250/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قريش خاصة.

سورة الأنفال(8): آية 27 ..... ص : 667

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [27]

4251/ [2]- الطبرسي: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) و الكلبي و الزهري: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 271.

5- مجمع البيان 4: 822، شواهد التنزيل 1: 206/ 269.

6- .... الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: 36/ 25.

1- تفسير القمّي 1: 271.

2- مجمع البيان 4: 823.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 668

الأنصاري، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حاصر يهود قريظة إحدى و عشرين ليلة، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات و أريحا من أرض الشام، فأبي أن يعطيهم ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فقالوا:

أرسل إلينا أبا لبابة، و كان مناصحا لهم، لأن عياله و ماله و ولده كانت عندهم، فبعثه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأتاهم، فقالوا: ما ترى- يا أبا لبابة- أ ننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه، أنه الذبح فلا تفعلوا، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك، قال أبو لبابة: فلو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله و رسوله، فنزلت الآية فيه، فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد، و قال: و الله لا أذوق

طعاما و لا شرابا حتى أموت، أو يتوب الله علي. فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاما و لا شرابا، حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه، فقيل له: يا أبا لبابة، قد تيب عليك. فقال: لا و الله، لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي يحلني. فجاءه و حله بيده، ثم قال أبو لبابة: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، و أن أنخلع من مالي. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يجزيك الثلث أن تصدق به».

سورة الأنفال(8): آية 29 ..... ص : 668

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً [29] 4252/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني العلم الذي تفرقون به بين الحق و الباطل.

سورة الأنفال(8): آية 30 ..... ص : 668

قوله تعالى:

وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [30]

4253/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت بمكة قبل الهجرة، و كان سبب نزولها أنه لما أظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) الدعوة بمكة قدمت عليه الأوس و الخزرج، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تمنعوني و تكونون لي جارا حتى أتلو عليكم كتاب ربي، و ثوابكم على الله الجنة؟» فقالوا: نعم، خذ لربك و لنفسك ما شئت. فقال لهم:

«موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق». فحجوا و رجعوا إلى منى، و كان فيهم ممن قد حج بشر كثير،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 272.

2- تفسير القمّي 1: 272.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 669

فلما كان اليوم الثاني من أيام التشريق، قال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذا كان الليل فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة، و لا تنبهوا نائما، و لينسل واحد فواحد، فجاء سبعون رجلا من الأوس و الخزرج فدخلوا الدار، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تمنعوني و تجيروني حتى أتلوا عليكم كتاب ربي، و ثوابكم على الله الجنة؟».

فقال سعد بن زرارة و البراء بن معرور و عبد الله بن حرام: نعم- يا رسول الله- اشترط لربك و لنفسك ما شئت.

فقال: «أما ما أشترط لربي فأن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا، و أشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون أنفسكم، و تمنعوا أهلي مما تمنعون

أهليكم و أولادكم». فقالوا: فما لنا على ذلك؟ فقال: «الجنة في الآخرة، و تملكون العرب، و تدين لكم العجم في الدنيا، و تكونون ملوكا في الجنة في الآخرة». فقالوا: قد رضينا.

فقال: «اخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا، يكونون شهداء عليكم بذلك» كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا، فأشار إليهم جبرئيل، فقال: هذا نقيب، و هذا نقيب، تسعة من الخزرج، و ثلاثة من الأوس، فمن الخزرج: سعد بن زرارة، و البراء بن معرور، و عبد الله بن حرام- و هو أبو جابر بن عبد الله- و رافع بن مالك، و سعد بن عبادة، و المنذر بن عمرو، و عبد الله بن رواحة، و سعد بن الربيع، و عبادة بن الصامت. و من الأوس: أبو الهيثم بن التيهان- و هو من اليمن- و أسيد بن حضير «1»، و سعد بن خيثمة.

فلما اجتمعوا و بايعوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) صاح إبليس: يا معشر قريش و العرب، هذا محمد و الصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم. فأسمع أهل منى، و ماجت «2» قريش، فأقبلوا بالسلاح، و سمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) النداء، فقال للأنصار: «تفرقوا» فقالوا: يا رسول الله، إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لم أؤمر بذلك، و لم يأذن الله لي في محاربتهم». قالوا- فتخرج معنا؟ قال: «أنتظر أمر الله».

فجاءت قريش على بكرة أبيها قد أخذوا السلاح، و خرج حمزة و أمير المؤمنين (عليهما السلام) و معهما السيوف فوقفا على العقبة، فلما نظرت قريش إليهما، قالوا: ما هذا الذي اجتمعتم له؟ فقال حمزة: ما اجتمعنا

و ما هيأنا أحدا، و الله لا يجوز هذه العقبة أحد إلا ضربته بسيفي هذا. فرجعوا إلى مكة، و قالوا: لا نأمن أن يفسد أمرنا، و يدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمد.

فاجتمعوا في دار الندوة، و كان لا يدخل في دار الندوة إلا من قد أتى عليه أربعون سنة، فدخل أربعون رجلا من مشايخ قريش، و جاء إبليس في صورة شيخ كبير، فقال له البواب: من أنت؟ فقال: أنا شيخ من أهل نجد، لا يعدمكم مني رأي صائب، إني حيث بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل فجئت لأشير عليكم. فقال: ادخل، فدخل إبليس.

فلما أخذوا مجلسهم، قال أبو جهل: يا معشر قريش، إنه لم يكن أحد من العرب أعز منا، نحن أهل الله تغدو

__________________________________________________

(1) في «س»: أسد بن حصين، و في «ط»: أسيد بن حصين، كلاهما تصحيف، و الصواب ما في المتن، و هو معدود من النقباء الاثني عشر ليلة العقبة، راجع اسد الغابة 1: 92 و معجم رجال الحديث 3: 212.

(2) في المصدر: و هاجت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 670

إلينا العرب في السنة مرتين و يكرموننا، و نحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع، فلم نزل كذلك حتى نشأ فينا محمد ابن عبد الله، فكنا نسميه الأمين لصلاحه و سكونه و صدق لهجته، حتى إذا بلغ ما بلغ و أكرمناه ادعى أنه رسول الله، و أن أخبار السماء تأتيه، فسفه أحلامنا، و سب آلهتنا، و أفسد شبابنا، و فرق جماعتنا، و زعم أنه من مات من أسلافنا ففي النار، و لم يرد علينا شي ء أعظم من هذا، و قد رأيت فيه رأينا، قالوا: و ما رأيت؟ قال: رأيت أن ندس إليه

رجلا منا ليقتله، فإن طلبت بنو هاشم بديته «1» أعطيناهم عشر ديات.

فقال الخبيث: هذا رأي خبيث، قالوا: و كيف ذلك؟ قال: لأن قاتل محمد مقتول لا محالة، فمن ذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم، فإنه إذا قتل محمد تعصبت بنو هاشم و حلفاؤهم من خزاعة، و إن بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمد على الأرض، فتقع بينكم الحروب في حرمكم، و تتفانوا.

فقال آخر منهم: فعندي رأي آخر، قالوا: و ما هو؟ قال: نثبته في بيت و نلقي إليه قوته حتى يأتي إليه ريب المنون فيموت، كما مات زهير و النابغة و امرؤ القيس.

فقال إبليس: هذا أخبث من الآخر، قالوا: و كيف ذاك؟ قال: لأن بني هاشم لا ترضى بذلك، فإذا جاء موسم من مواسم العرب استغاثوا بهم و اجتمعوا عليكم فأخرجوه.

قال آخر منهم: لا، و لكنا نخرجه من بلادنا، و نتفرغ نحن لعبادة آلهتنا.

قال إبليس: هذا أخبث من الرأيين المتقدمين، قالوا: و كيف ذاك؟ قال: لأنكم تعمدون إلى أصبح الناس وجها، و أنطق الناس لسانا، و أفصحهم لهجة، فتحملونه إلى بوادي العرب فيخدعهم و يسحرهم بلسانه، فلا يفجأكم إلا و قد ملأها عليكم خيلا و رجلا. فبقوا حائرين، ثم قالوا لإبليس: فما الرأي فيه، يا شيخ؟ قال: ما فيه إلا رأي واحد، قالوا: و ما هو؟ قال: يجتمع من كل بطن من بطون قريش واحد و يكون معهم من بني هاشم رجل، فيأخذون سكينا أو حديدة أو سيفا فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة حتى يتفرق دمه في قريش كلها، فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه، و قد شاركوا فيه، فإن سألوكم أن تعطوا الدية فأعطوهم ثلاث ديات، قالوا:

نعم، و عشر ديات.

ثم قالوا: الرأي رأي الشيخ النجدي، فاجتمعوا و دخل معهم في ذلك أبو لهب عم النبي (صلى الله عليه و آله).

و نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره أن قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك، و أنزل الله عليه في ذلك: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ.

و اجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه، و خرجوا إلى المسجد يصفرون و يصفقون و يطوفون بالبيت، فأنزل الله: وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً «2» فالمكاء: التصفير، و التصدية: صفق

__________________________________________________

(1) في المصدر: بدمه. [.....]

(2) الأنفال 8: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 671

اليدين، و هذه الآية معطوفة على قوله: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا و قد كتبت بعد آيات كثيرة.

فلما أمسى رسول الله (صلى الله عليه و آله) جاءت قريش ليدخلوا عليه، فقال أبو لهب: لا أدعكم أن تدخلوا عليه بالليل، فإن في الدار صبيانا و نساء، و لا نأمن أن تقع بهم يد خاطئة، فنحرسه الليلة، فإذا أصبحنا دخلنا عليه. فناموا حول حجرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يفرش له ففرش له. فقال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): «افدني بنفسك». قال: «نعم، يا رسول الله». قال: «نم على فراشي، و التحف ببردتي». فنام علي (عليه السلام) على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله) و التحف ببردته و جاء جبرئيل (عليه السلام) فأخذ بيد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أخرجه على قريش

و هم نيام، و هو يقرأ عليهم: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «1»، و قال له جبرئيل: خذ على طريق ثور، و هو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور، فدخل الغار، و كان من أمره ما كان.

فلما أصبحت قريش و أتوا إلى الحجرة و قصدوا الفراش، وثب علي (عليه السلام) في وجوههم، فقال: «ما شأنكم؟» قالوا له: أين محمد؟ قال: «أ جعلتموني عليه رقيبا، ألستم قلتم نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم».

فأقبلوا على أبي لهب يضربونه، و يقولون: أنت تخدعنا منذ الليلة. فتفرقوا في الجبال، و كان فيهم رجل من خزاعة، يقال له أبو كرز يقفو الآثار، فقالوا له: يا أبا كرز اليوم اليوم، فوقف بهم على باب حجرة رسول الله (صلى الله عليه و آله). و قال لهم: هذه قدم محمد، و الله إنها لأخت القدم التي في المقام. و كان أبو بكر استقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فرده معه، فقال أبو كرز: و هذه قدم ابن أبي قحافة أو أبيه. ثم قال: و ها هنا عبر ابن أبي قحافة فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار. ثم قال: ما جاوزا هذا المكان، إما أن يكونا صعدا إلى السماء أو دخلا تحت الأرض. و بعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار، و جاء فارس من الملائكة حتى وقف على باب الغار. ثم قال: ما في الغار أحد، فتفرقوا في الشعاب، و صرفهم الله عن رسوله (صلى الله عليه و آله)، ثم أذن لنبيه (صلى الله عليه و آله) في الهجرة.

4254/ [2]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي

المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبيد الله «2» بن عمار الثقفي سنة إحدى و عشرين و ثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي سنة خمسين و مائتين، قال: حدثني الحسن بن حمزة أبو محمد النوفلي، قال: حدثني أبي و خالي يعقوب بن الفضل ابن «3» عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، عن زبير «4» بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنيه __________________________________________________

2- الأمالي 2: 78.

(1) يس 36: 9.

(2) في «س» و «ط»: أبو العباس بن عبد اللّه، و الصواب ما أثبتناه من المصدر. انظر ترجمته في تاريخ بغداد 4: 252، أعيان الشيعة 3: 21، و أرّخوا وفاته بما لا يتناسب مع التاريخ المذكور في سند الرواية، فلاحظ.

(3) في المصدر: يعقوب بن المفضّل عن، و هو تصحيف، صوابه ما في المتن، انظر جمهرة أنساب العرب: 71 و لسان الميزان 6: 309.

(4) في «س» و «ط»: زيد (و في نسخة بدل: يزيد)، و ما في المتن في المتن من المصدر و هو الصواب، انظر تاريخ بغداد 8: 464 و تهذيب الكمال 9: 304.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 672

أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر (رضي الله عنه) بين المنبر «1» و الروضة، عن أبيه، و عبيد الله بن أبي رافع، جميعا، عن عمار بن ياسر (رضي الله عنه) و أبي رافع مولى النبي (صلى الله عليه و آله).

قال أبو عبيدة: و حدثنيه سنان بن أبي سنان الديلي «2»: أن هند بن أبي هند بن أبي هالة الاسيدي حدثه عن أبيه هند «3» بن أبي هالة ربيب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و امه خديجة زوجة

النبي (صلى الله عليه و آله)، و أخته لأمه فاطمة (صلوات الله عليها).

قال أبو عبيدة: و كان هؤلاء الثلاثة: هند بن أبي هالة، و أبو رافع، و عمار بن ياسر جميعا يحدثون عن هجرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالمدينة، و مبيته قبل ذلك على فراشه.

قال: و صدر هذا الحديث عن هند بن أبي هالة و اقتصاصه عن الثلاثة: هند، و عمار، و أبي رافع، و قد دخل حديث بعضهم في بعض، قالوا:

كان الله عز و جل مما يمنع نبيه (صلى الله عليه و آله) بعمه أبي طالب، فما كان يخلص إليه أمر يسوؤه من قومه مدة حياته، فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغيتها، و أصابته بعظيم من الأذى حتى تركته لقى «4»، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لأسرع ما وجدنا فقدك يا عم، و صلتك رحما و جزيت خيرا يا عم». ثم ماتت خديجة بعد أبي طالب بشهر، فاجتمع بذلك على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حزنان حتى عرف ذلك فيه.

قال هند: ثم انطلق ذوو الطول و الشرف من قريش إلى دار الندوة ليتشاوروا و يأتمروا في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أسروا ذلك بينهم، فقال بعضهم: نبي له علما و نترك برجا نستودعه فيه، فلا يخلص من الصباة «5» فيه إليه أحد، و لا يزال في رنق «6» من العيش حتى يذوق طعم المنون، و أصحاب هذه المشورة العاص بن وائل و امية و أبي ابنا خلف. فقال قائل: كلا، ما هذا لكم برأي

«7»، و لئن صنعتم ذلك ليتنمرن له الحدب «8» الحميم و المولى الحليف، ثم ليأتين المواسم و الأشهر الحرم بالأمن فلينزعن من استوطنكم «9»، قولوا قولكم.

فقال عتبة و شيبة، و شركهما أبو سفيان: فإنا نرى أن نرحل بعيرا صعبا و نوثق محمدا عليه كتافا و شدا، ثم

__________________________________________________

(1) في المصدر: بين القبر.

(2) في «س»: الديلمي، و في «ط»: الدئلي، و في المصدر: سنان بن سنان، و ما في المتن هو الصواب، و هو سنان بن أبي سنان الدّيلي مدني تابعي ثقة، انظر أنساب السمعاني 2: 528 و تهذيب الكمال 12: 151.

(3) الظاهر من هذه الرواية أنّ اسم أبي هند هند أيضا، و يؤيده ما في اسد الغابة 5: 71.

(4) اللّقى: الملقى على الأرض. «النهاية 4: 267».

(5) في المصدر: القتلة.

(6) العيش الرنق: الكدر. «مجمع البحرين- رنق- 5: 173».

(7) في المصدر: فقال قائل: بئس الرأي ما رأيتم.

(8) تنّمّر: تغيّر. «الصحاح- نمر- 2: 838»، الحدب: العطوف. «لسان العرب- حدب- 1: 301»، و في المصدر: لتستمعن هذا الحديث. [.....]

(9) في المصدر: من أنشوطتكم إلى خلاصة. و الأنشوطة: عقدة يسهل حلّها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 673

نقصع «1» البعير بأطراف الرماح، فيوشك أن يقطعه بين الدكادك «2» إربا إربا.

قال صاحب رأيهم: إنكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا، أرأيتم إن خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق، فأخذ بقلوبهم بسحره و بيانه و طلاقة لسانه، فصبا القوم إليه و استجاب له القبائل قبيلة بعد قبيلة، فليسيرن حينئذ إليكم بالكتائب و المقانب «3»، فلتهلكن كما هلكت إياد و من كان قبلكم، قولوا قولكم.

فقال له أبو جهل: لكن أرى لكم رأيا سديدا، و هو أن تعمدوا إلى قبائلكم العشر، فتنتدبوا من كل قبيلة رجلا

نجدا «4»، ثم تسلحوه حساما عضبا «5»، و تمهد الفتية حتى إذا غسق الليل و غور «6»، بيتوا بابن أبي كبشة بياتا، فتفرق «7» دمه في قبائل قريش جميعا، فلا يستطيع بنو هاشم و بنو المطلب مناهضة قبائل قريش جميعا في صاحبهم، فيرضون منا الدية فنعطيهم ديتين «8». فقال صاحب رأيهم: أصبت، يا أبا الحكم. ثم أقبل عليهم، فقال:

هذا الرأي فلا تعدلن به رأيا، و أوكئوا «9» في ذلك أفواهكم حتى يستتب أمركم.

فخرج القوم عزين «10»، و سبقهم بالوحي بما كان من كيدهم جبرئيل (عليه السلام)، فتلا هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ فلما أخبره جبرئيل (عليه السلام) بأمر الله في ذلك و وحيه و ما عزم له من الهجرة، دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)، و قال له: «يا علي، إن الروح الأمين هبط علي بهذه الآية آنفا، يخبرني أن قريشا اجتمعت على المكر بي و قتلي، و إنه أوحي إلي عن ربي عز و جل أن أهجر دار قومي، و أن أنطلق إلى غار ثور تحت ليلتي، و إنه أمرني أن آمرك بالمبيت على ضجاعي- أو قال: مضجعي- ليخفى بمبيتك عليهم أثري، فما أنت قائل و صانع؟». فقال علي (صلوات الله عليه): «أو تسلمن بمبيتي هناك، يا نبي الله؟». قال: «نعم». فتبسم علي (صلوات الله عليه) ضاحكا، و أهوى لله إلى الأرض ساجدا، شكرا لله لما أنبأه «11» به رسول الله (صلى الله عليه و آله) من سلامته، و كان علي (صلوات الله عليه)

أول من سجد لله شكرا، و أول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلما رفع رأسه قال له: «أمض بما أمرت، فداك سمعي و بصري و سويداء قلبي، و مرني بما شئت،

__________________________________________________

(1) قصع: دفع و كسر. «النهاية 4: 73».

(2) الدكادك: جمع دكدك، و هو ما التبد من الرّمل بالأرض و لم يرتفع. «الصحاح- دكك- 4: 1584».

(3) المقانب: جمع مقنب، جماعة الخيل و الفرسان، و قيل: هي دون المائة. «لسان العرب- قنب- 1: 690».

(4) النجد: الشجاع. «مجمع البحرين- نجد- 3: 149».

(5) العضب: القاطع. «لسان العرب- عضب- 1: 609».

(6) غور كلّ شي ء: عمقه، و غوّر النهار: إذا زالت الشمس، و أطلقه هنا مجازا و أراد به إذا جاء منتصف الليل.

(7) في المصدر: أتوا ابن أبي كبيشة، فاقتلوه من يد رجل يضربه، فيذهب.

(8) في المصدر: فيرضون حينئذ بالعقل منهم. و المراد بالعقل الدية أيضا.

(9) أوكئوا: سدّوا أو شدّوا، و المراد هنا: اسكتوا و لا تتكلموا أو تذيعوا سرّا.

(10) عزين: أي جماعات في تفرقة، واحدتها عزة. مفردات الراغب: 334.

(11) في المصدر: بشره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 674

أكن فيه كسيرتك، و أقع منه بحيث مرادك، و إن توفيقي إلا بالله». و قال (صلى الله عليه و آله): «و إن ألقي عليك شبه مني- أو قال شبهي-». قال (عليه السلام): «إن» بمعنى نعم «1». قال (صلى الله عليه و آله): «فارقد على فراشي، و اشتمل ببردي الحضرمي، ثم إني أخبرك يا علي إن الله تعالى يمتحن أولياءه على قدر إيمانهم و منازلهم من دينه، فأشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، و قد امتحنك يا بن أم «2»

و امتحنني فيك بمثل ما امتحن خليله إبراهيم و الذبيح إسماعيل، فصبرا صبرا، فإن رحمة الله قريب من المحسنين». ثم ضمه النبي (صلى الله عليه و آله) إلى صدره و بكى إليه وجدا، و بكى (عليه السلام) جشعا لفراق رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و استتبع رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا بكر بن أبي قحافة و هند بن أبي هالة، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار، و لبث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمكانه مع علي (عليه السلام) يوصيه و يأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشائين.

ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في فحمة «3» العشاء الآخرة و الرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون أن ينتصف الليل و تنام الأعين، فخرج و هو يقرأ هذه الآية: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «4» و كان بيده قبضة من تراب، فرمى بها على رؤوسهم، فما شعر القوم به حتى تجاوزهم، و مضى حتى أتى إلى هند و أبي بكر فأنهضهما فنهضا معه حتى وصلوا إلى الغار، ثم رجع هند إلى مكة بما أمره به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أبو بكر الغار.

فلما غلق الليل أبوابه و أسدل أستاره و انقطع الأثر، أقبل القوم على علي (صلوات الله عليه) قذفا بالحجارة، فلا يشكون أنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى إذا برق الفجر و أشفقوا أن يفضحهم الصبح، هجموا على علي (صلوات الله عليه) و كانت دور مكة يومئذ

سوائب لا أبواب لها، فلما أبصر بهم علي (عليه السلام) قد انتضوا السيوف و أقبلوا عليه بها يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة، وثب له علي (عليه السلام) فختله و همز يده، فجعل خالد يقمص قماص البكر «5»، و يرغو رغاء الجمل، و يذعر و يصيح و هم في عوج «6» الدار من خلفه، و شد علي (عليه السلام) بسيفه- يعني سيف خالد- فأجفلوا أمامه إجفال النعم إلى ظاهر الدار، و تبصروه فإذا هو علي (عليه السلام)، قالوا: و إنك لعلي! قال: «أنا علي». قالوا: فإنا لم نردك، فما فعل صاحبك؟ قال: «لا علم لي به» و قد كان علم- يعني عليا (عليه السلام)- أن الله تعالى قد أنجى نبيه (صلى الله عليه و آله) بما كان أخبره من مضيه إلى الغار، و اختبائه فيه.

__________________________________________________

(1) في «ط» و المصدر: شبهي أن يمنعني. قال (عليه السّلام): نعم. و تأتي «إنّ» بمعنى (نعم) من أحرف الجواب.

(2) إنّما قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) لعليّ (عليه السّلام): يا ابن أمّ، لأنّ فاطمة (رضي اللّه عنها) كانت مربيّة له (صلى اللّه عليه و آله) و كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) يلقبها بالأمّ. و لذا قال (صلى اللّه عليه و آله) حين قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): «ماتت امّي» و «بل و اللّه امّي». البحار 19: 68. و في المصدر: يا ابن عمّ. [.....]

(3) الفحمة: الظلمة التي بين صلاتي العشاء. «النهاية 3: 417».

(4) يس 36: 9.

(5) قمص الفرس و غيره: استنّ، و هو أن يرفع يديه و يطرحهما معا، يعجن برجليه، و البكر: الفتي من الإبل. «لسان العرب- بكر- 4: 79 و- قمص- 7: 82».

(6)

في المصدر: عرج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 675

فأدركت قريش عليه العيون، و ركبت في طلبه الصعب و الذلول، و أمهل علي (صلوات الله عليه) حتى إذا أعتم «1» من الليلة القابلة انطلق هو و هند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغار، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) هندا أن يبتاع له و لصاحبه بعيرين. فقال أبو بكر: قد كنت أعددت لي و لك- يا نبي الله- راحلتين نرتحلهما إلى يثرب. فقال: إني لا آخذهما، و لا أحدهما إلا بالثمن» قال: فهي لك بذلك.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) فأقبضه الثمن، ثم وصاه بحفظ ذمته و أداء أمانته، و كانت قريش تدعوا محمدا (صلى الله عليه و آله) في الجاهلية الأمين، و كانت تودعه و تستحفظه أموالها و أمتعتها، و كذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم، و جاءت النبوة و الرسالة و الأمر كذلك، فأمر عليا (عليه السلام) أن يقيم صارخا يهتف بالأبطح غدوة و عشيا: «ألا من كان له قبل محمد أمانة أو وديعة فليأت، فلنؤد إليه أمانته». قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«إنهم لن يصلوا من الآن إليك- يا علي- بأمر تكرهه حتى تقدم علي، فأد أمانتي على أعين الناس ظاهرا، ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي، و مستخلف ربي عليكما و مستحفظه فيكما» فأمر أن يبتاع رواحل له و للفواطم، و من أزمع الهجرة معه من بني هاشم.

قال أبو عبيدة: فقلت لعبيد الله- يعني ابن أبي رافع-: و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجد ما ينفقه هكذا؟

فقال: إني

سألت أبي عما سألتني، و كان يحدث بهذا الحديث، فقال: و أين يذهب بك عن مال خديجة (عليها السلام).

قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة» و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يفك من مالها الغارم و العاني، و يحمل الكل، و يعطي في النائبة، و يرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة، و يحمل من أراد منهم الهجرة، و كانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين- يعني رحلة الشتاء و الصيف- كانت طائفة من العير لخديجة، و كانت أكثر قريش مالا، و كان (صلى الله عليه و آله) ينفق منه ما شاء في حياتها، ثم ورثها هو و ولدها بعد مماتها.

قال: و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) و هو يوصيه: «و إذا قضيت ما أمرتك من أمر فكن على اهبة الهجرة إلى الله و رسوله، و انتظر قدوم كتابي إليك، و لا تلبث بعده».

و انطلق رسول الله (صلى الله عليه و آله) لوجهه يؤم المدينة، و كان مقامه في الغار ثلاثا، و مبيت علي (صلوات الله عليه) على الفراش أول ليلة.

قال عبد الله بن أبي رافع: و قد قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): يذكر مبيته على الفراش، و مقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغار ثلاثا نظما:

وقيت بنفسي خير من وطئ الحصا و من طاف بالبيت العتيق و بالحجر

محمد لما خاف أن يمكروا به فوقاه ربي ذو الجلال من المكر

و بت أراعيهم متى يأسرونني «2» و قد وطنت «3» نفسي على القتل و الأسر

__________________________________________________

(1) أعتم الرجل: دخل في العتمة، أو

سار في العتمة، و العتمة: ثلث الليل الأوّل، أو ظلمته، «أقرب الموارد- عتم- 2: 743».

(2) في المصدر: ينشرونني.

(3) في المصدر: وطئت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 676

و بات رسول الله في الغار آمنا هناك و في حفظ الإله و في ستر

أقام ثلاثا ثم زمت قلائص قلائص يفرين الحصا أينما تفري «1»

و لما ورد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المدينة نزل في بني عمرو بن عوف بقبا «2»، فأراده أبو بكر على دخوله المدينة و الأصه «3» في ذلك، فقال: «ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي، و ابنتي» يعني عليا و فاطمة (عليهما السلام).

قال: قال أبو اليقظان: فحدثنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و نحن معه بقبا، عما أرادت قريش من المكر به، و مبيت علي (عليه السلام) على فراشه، قال: «أوحى الله عز و جل إلى جبرئيل و ميكائيل (عليهما السلام): أني قد آخيت بينكما و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه، فأيكما يؤثر أخاه؟ و كلاهما كره «4» الموت، فأوحى الله إليهما: عبداي «5» ألا كنتما مثل وليي علي، آخيت بينه و بين محمد نبيي، فآثره بالحياة على نفسه، ثم ظل- أو قال:

رقد- على فراشه يقيه «6» بمهجته، اهبطا إلى الأرض جميعا «7» فاحفظاه من عدوه، فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه، و ميكائيل عند رجليه، و جعل جبرئيل يقول: بخ بخ، من مثلك- يا بن أبي طالب- و الله عز و جل يباهي بك الملائكة» قال: فأنزل الله عز و جل في علي (عليه السلام)، و ما كان من مبيته على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ

وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «8».

قال أبو عبيدة: قال أبي و ابن أبي رافع: ثم كتب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) كتابا يأمره بالمسير إليه و قلة التلوم «9»، و كان الرسول إليه أبا واقد الليثي، فلما أتاه كتاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) تهيأ للخروج و الهجرة، فآذن «10» من كان معه من ضعفاء المؤمنين، و أمرهم أن يتسللوا و يتخففوا «11» إذا ملأ الليل بطن كل واد إلى ذي طوى «12».

و خرج علي بفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و امه فاطمة بنت أسد بن هاشم، و فاطمة بنت الزبير بن

__________________________________________________

(1) القلوص من النوق: الشابّة، و هي بمنزلة الجارية من النساء، و فريت الأرض: سرتها و قطعتها. «الصحاح- قلص- 3: 1054 و- فرا- 6: 2454».

(2) قبا: قرية قرب المدينة «معجم البلدان 4: 301».

(3) ألاصه على كذا: أي أداره على الشي ء الذي يرومه. «الصحاح- لوص- 3: 1056».

(4) في المصدر: فكلاهما كرا.

(5) في المصدر: عبديّ.

(6) في المصدر: يفديه.

(7) في المصدر: كلا كما. [.....]

(8) البقرة 2: 207.

(9) التلوّم: الانتظار و التمكّث. «الصحاح- لوم- 5: 2034».

(10) أي أعلم.

(11) في المصدر: و يتحفظوا.

(12) ذو طوى: مثلثة الطاء: موضع قرب مكّة. «معجم البلدان 4: 44».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 677

عبد المطلب، و قد قيل: هي ضباعة، و تبعهم أيمن بن ام أيمن مولى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أبو واقد رسول رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجعل يسوق الرواحل، فأعنف بهم، فقال علي (عليه السلام): «أرفق بالنسوة- يا أبا واقد- إنهن من الضعائف». قال: إني أخاف أن يدركنا الطالب، أو

قال: الطلب. فقال علي (عليه السلام): أربع عليك «1»، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لي: يا علي، إنهم لن يصلوا من الآن إليك بأمر «2» تكرهه» ثم جعل- يعني عليا (عليه السلام)- يسوق بهم «3» سوقا رفيقا و هو يرتجز و يقول:

ليس إلا الله فارفع ظنكا يكفيك رب الناس ما أهمكا

و سار، فلما شارف ضجنان «4» أردكه الطلب، و عددهم سبعة فوارس من قريش متلثمين، و ثامنهم مولى الحارث بن أمية يدعى جناحا، فأقبل علي (عليه السلام) على أيمن و أبي واقد و قد تراءى القوم، فقال لهما: «أنيخا الإبل و اعقلاها». و تقدم حتى أنزل النسوة، و دنا القوم فاستقبلهم علي (عليه السلام) منتضيا سيفه، فأقبلوا عليه، فقالوا:

أ ظننت أنك- يا غدار- ناج بالنسوة، ارجع لا أبا لك. قال: «فإن لم أفعل؟» قالوا: لترجعن راغما، أو لنرجعن بأكثرك شعرا و أهون بك من هالك. و دنا الفوارس من النسوة، و المطايا ليثوروها، فحال علي (عليه السلام) بينهم و بينها، فأهوى له جناح بسيفه، فراغ علي (عليه السلام) عن ضربته، و تختله علي (عليه السلام) فضربه (عليه السلام) على عاتقه، فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبة «5» فرسه، و كان علي (عليه السلام) يشتد على قدميه شد الفرس، أو الفارس على فرسه، فشد عليهم بسيفه، و هو يقول «6»:

خلوا سبيل الجاهد المجاهد آليت لا أعبد غير الواحد

فتصدع القوم عنه، فقالوا له: احبس «7» عنا نفسك، يا بن أبي طالب. قال: «إني منطلق إلى ابن عمي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيثرب، فمن سره أن أفري لحمه أو أهريق دمه فليتبعني، أو فليدن مني».

ثم أقبل على صاحبيه أيمن و

أبي واقد، فقال لهما: «أطلقا مطاياكما». ثم سار ظاهرا قاهرا حتى نزل ضجنان، فتلوم «8» بها قدر يومه و ليلته، و لحق به نفر من المؤمنين المستضعفين، و فيهم ام أيمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فصلى ليلته تلك هو و الفواطم: امه فاطمة بنت أسد، و فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و فاطمة بنت الزبير يصلون ليلتهم، و يذكرون الله «9» قياما و قعودا و على جنوبهم، فلم يزالوا كذلك حتى طلع

__________________________________________________

(1) اربع عليك: تمكّث و انتظر. «المعجم الوسيط- ربع- 1: 324».

(2) في المصدر: بما.

(3) في المصدر: بهنّ.

(4) ضجنان: جبل بتهامة، و قيل: جبل على بريد من مكّة. «معجم البلدان 3: 453».

(5) الكاثبة من الفرس: مقدّم المنسج حيث تقع عليه يد الفارس. «الصحاح- كبث- 1: 210».

(6) في المصدر: أو الفارس على فرسه، ففار على أصحابه فشدّ عليهم شدّة ضيغم، و هو يرتجز و يقول.

(7) في «ط»: اغن.

(8) في المصدر: فلبث.

(9) في المصدر: و الفواطم طورا يصلّون و طورا يذكرون اللّه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 678

الفجر، فصلى (عليه السلام) بهم صلاة الفجر.

ثم سار لوجهه، فجعل و هم يصنعون ذلك. منزلا بعد منزل، يعبدون الله عز و جل و يرغبون إليه كذلك حتى قدم «1» المدينة، و قد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا إلى قوله: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى الذكر: علي، و الأنثى: فاطمة «2» بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يقول:

علي من فاطمة، أو قال: الفواطم،

و هن من علي فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ «3» و تلا (صلى الله عليه و آله) وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «4».

قال: و قال له: «يا علي، أنت أول هذه الأمة إيمانا بالله و رسوله، و أولهم هجرة إلى الله و رسوله، و آخرهم عهدا برسوله، لا يحبك- و الذي نفسي بيده- إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان، و لا يبغضك إلا منافق أو كافر».

4255/ [3]- الشيخ: بإسناده، قال: أخبرنا جماعة، منهم الحسين بن عبيد الله، و أحمد بن عبدون، و أبو طالب ابن عرفة، و أبو الحسن الصفار، و أبو علي الحسن بن إسماعيل بن أشناس، قالوا: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن سفيان بن العباس النحوي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدثنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قاضي الشرقية، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي، عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان، عن ابن عباس، قال: اجتمع المشركون في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أخبره الخبر، و أمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المبيت أمر عليا (عليه السلام) أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، فبات علي (عليه السلام) و تغشى ببرد أخضر

حضرمي كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ينام فيه، و جعل السيف إلى جنبه. فلما اجتمع أولئك النفر من قريش يطوفون و يرصدونه يريدون قتله، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هم جلوس على الباب، و عددهم خمسة و عشرين رجلا، فأخذ حفنة من البطحاء، ثم جعل يذرها على رؤوسهم، و هو يقرأ: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ حتى بلغ فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «5» فقال لهم قائل: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا.

قال: خبتم و خسرتم، قد- و الله- مر بكم، فما منكم رجل إلا و قد جعل على رأسه ترابا. قالوا: و الله ما أبصرناه. قال:

__________________________________________________

3- الأمالي 2: 60.

(1) في المصدر: ثمّ سار لوجهه يجوب منزلا بعد منزل، لا يفتر عن ذكر اللّه و الفواطم كذلك و غيرهم ممّن صحبه حتّى قدموا.

(2) في المصدر: الذكر عليّ، و الأنثى الفواطم المتقدّم ذكرهنّ، وهنّ: فاطمة بنت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، و فاطمة بنت أسد، و فاطمة بنت الزبير.

(3) آل عمران 3: 191- 195.

(4) البقرة 2: 207.

(5) يس 36: 1- 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 679

فأنزل الله عز و جل: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ.

4256/ [4]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام): «أن قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن أناس، ثم انطلقوا إلى دار الندوة ليتشاوروا فيما يصنعون برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا هم بشيخ قائم على الباب، فإذا ذهبوا إليه ليدخلوا، قال: أدخلوني معكم. قالوا: و من أنت، يا شيخ؟ قال: أنا شيخ من

بني مضر، و لي رأي أشير به عليكم، فدخلوا و جلسوا و تشاوروا و هو جالس، و أجمعوا أمرهم على أن يخرجوه. فقال:

هذا ليس لكم برأي إن أخرجتموه أجلب عليكم الناس فقاتلوكم. قالوا: صدقت ما هذا برأي.

ثم تشاوروا و أجمعوا أمرهم على أن يوثقوه. قال: هذا ليس بالرأي، إن فعلتم هذا- و محمد رجل حلو اللسان- أفسد عليكم أبناءكم و خدمكم، و ما ينفع أحدكم إذا فارقه أخوه و ابنه و امرأته.

ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه، و يخرجوا من كل بطن منهم بشاب، فيضربوه بأسيافهم، فأنزل الله تعالى «1»: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ» إلى آخر الآية.

4257/ [5]- عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله تعالى: وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ.

قالا: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد كان لقي من قومه بلاء شديدا حتى أتوه ذات يوم و هو ساجد حتى طرحوا عليه رحم شاة، فأتته ابنته و هو ساجد لم يرفع رأسه، فرفعته عنه و مسحته، ثم أراه الله بعد ذلك الذي يحب، إنه كان ببدر و ليس معه غير فارس واحد، ثم كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفا، حتى جعل أبو سفيان و المشركون يستغيثون، ثم لقي أمير المؤمنين (عليه السلام) من الشدة و البلاء و التظاهر عليه، و لم يكن معه أحد من قومه بمنزلته، أما حمزة فقتل يوم أحد، و أما جعفر فقتل يوم مؤتة».

سورة الأنفال(8): الآيات 32 الي 33 ..... ص : 679

قوله تعالى:

وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ

وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [32- 33]

4258/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 53/ 42.

5- تفسير العيّاشي 2: 54/ 43.

1- الكافي 8: 57/ 18.

(1) في المصدر: بأسيافهم جميعا عند الكعبة، ثمّ قرأ الآية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 680

أبي بصير، قال: قال (عليه السلام): «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم جالس، إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن فيك شبها من عيسى بن مريم، و لولا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك قولا لا تمر بملإ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك، يلتمسون بذلك البركة».

قال: «فغضب الأعرابيان و المغيرة بن شعبة و عدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى بن مريم، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ يعني من بني هاشم مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ «1»».

قال: «فغضب الحارث بن عمرو الفهري، فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، بأن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فأنزل الله عليه مقالة الحارث، و نزلت هذه الآية: وَ ما كانَ

اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.

ثم قال له: يا بن عمرو، إما تبت، و إما رحلت؟

فقال: يا محمد، تجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك، فقد ذهب بنو هاشم بمكرمة العرب و العجم.

فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): ليس ذلك إلي، ذلك إلى الله تبارك و تعالى.

فقال: يا محمد ما تتابعني نفسي «2» على التوبة، و لكن أرحل عنك. فدعا براحلته فركبها، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت «3» هامته، ثم أتى الوحي إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ «4»».

قال: قلت: جعلت فداك، إنا لا نقرؤها هكذا؟ فقال: «هكذا أنزل الله بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله)، و هكذا أثبتت في مصحف فاطمة (عليها السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى صاحبكم، فقد أتاه ما استفتح به، قال الله عز و جل: وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ «5»».

4259/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، و غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن لكم في حياتي خيرا، و في مماتي خيرا. فقيل: يا رسول الله، أما في حياتك فقد علمنا، فما لنا في وفاتك؟

__________________________________________________

2- الكافي 8: 254/ 361.

(1) الزخرف 43: 57- 60.

(2) في المصدر: قلبي ما يتابعني.

(3) في المصدر: فرضخت. [.....]

(4) المعارج 70: 1- 3.

(5) إبراهيم 14: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 681

فقال:

أما في حياتي، فإن الله عز و جل قال: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ، و أما في مماتي فتعرض علي أعمالكم فاستغفر لكم».

4260/ [3]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): مقامي بين أظهركم خير لكم، فإن الله يقول: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ و مفارقتي إياكم خير لكم. فقالوا: يا رسول الله مقامك بين أظهرنا خير لنا، فكيف تكون مفارقتك خيرا لنا؟

قال: أما أن مفارقتي إياكم خير لكم، فإن أعمالكم تعرض علي كل خميس و اثنين، فما كان من حسنة حمدت الله عليها، و ما كان من سيئة استغفرت الله لكم».

4261/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن محمد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الاستغفار حصنين حصينين لكم من العذاب، فمضى أكبر الحصنين و بقي الاستغفار، فأكثروا منه فإنه منجاة للذنوب، و إن شئتم فاقرءوا: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ».

4262/ [5]- عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو في نفر من أصحابه: إن مقامي بين أظهركم خير لكم، و إن مفارقتي إياكم خير لكم. فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، أما مقامك بين أظهرنا فقد عرفنا، فكيف تكون مفارقتك إيانا خيرا لنا؟

فقال: أما مقامي بين أظهركم، فإن الله يقول: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ

اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ فعذبهم بالسيف، و أما مفارقتي إياكم فهي خير لكم، لأن أعمالكم تعرض علي كل اثنين و خميس، فما كان من حسن حمدت الله عليه، و ما كان من سي ء استغفر الله لكم».

الشيخ في (أماليه) بإسناده عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري، قال: حدثني محمد بن عبد الحميد و عبد الله ابن الصلت، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال إبراهيم: و حدثني عبد الله بن حماد، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو في نفر من أصحابه: إن مقامي بين أظهركم خير لكم، و إن مفارقتي إياكم خير لكم، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، و قال: يا رسول الله». و ذكر الحديث إلى آخره كما تقدم «1».

4263/ [6]- العلامة الحلي (قدس سره) في كتاب (الكشكول): عن أحمد بن عبد الرحمن الناوردي يوم الجمعة في شهر رمضان سنة عشرين و ثلاث مائة، قال: قال الحسين بن العباس، عن المفضل الكرماني، قال: حدثني

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 277.

4- تفسير العيّاشي 2: 54/ 44.

5- تفسير العيّاشي 2: 54/ 45.

6- الكشكول فيما جرى على آل الرسول: 179.

(1) الأمالي 2: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 682

محمد بن صدقة، قال: قال محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سألت مولاي جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ «1».

فقال جعفر بن محمد (عليه السلام): «الحجة البالغة التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه، لأن الله تعالى أكرم و أعدل من أن يعذب أحدا إلا بحجة».

ثم قال

جعفر بن محمد (عليه السلام): وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ «2» ثم أنشأ جعفر بن محمد (عليه السلام) محدثا، و ذكر حديثا طويلا، و قال (عليه السلام) فيه: «أقبل النضر بن الحارث فسلم، فرد عليه النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، إذا كنت سيد ولد آدم و أخوك سيد العرب، و ابنتك فاطمة سيدة نساء العالمين، و ابناك الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة، و عمك حمزة سيد الشهداء، و ابن عمك ذا جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، و عمك العباس جلدة بين عينيك و صنو أبيك، و بنو شيبة لهم السدانة، فما لسائر قومك من قريش و سائر العرب؟ فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا آمنا بما تقول كان لنا ما لك، و علينا ما عليك.

فأطرق رسول الله طويلا، ثم رفع رأسه، ثم قال: ما أنا و الله فعلت بهم هذا، بل الله فعل بهم، فما ذنبي؟ فولى النضر بن الحارث و هو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.

فأنزل الله عليه مقالة النضر بن الحارث، و هو يقول: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ و نزلت هذه: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ إلى قوله تعالى: وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.

فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى النضر بن الحارث الفهري، و تلا عليه الآية، فقال: يا رسول الله، إني قد أسررت ذلك جميعه، أنا و من لم تجعل له ما جعلته

لك و لأهل بيتك من الشرف و الفضل في الدنيا و الآخرة، فقد أظهر الله ما أسررنا، أما أنا فأسألك أن تأذن لي فأخرج من المدينة، فإني لا أطيق المقام. فوعظه النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: إن ربك كريم، فإن أنت صبرت و تصابرت لم يخلك من مواهبه، فارض و سلم، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره، و يخفف عمن يشاء، و له الأمر و الخلق، مواهبه و عظيمة، و إحسانه واسع. فأبي النضر بن الحارث و سأله الإذن، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فأقبل إلى بيته، و شد على راحلته راكبا متعصبا «3»، و هو يقول: اللهم، إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم. فلما مر بظهر المدينة، و إذا بطير في مخلبه حجر فجدله، فأرسله إليه، فوقع على هامته، ثم دخل في دماغه، و خرت في بطنه [حتى خرجت من دبره، و وقعت على ظهر راحلته و خرت حتى خرجت من بطنها] فاضطربت الراحلة و سقطت و سقط النضر بن الحارث من عليها ميتين، فأنزل الله تعالى:

سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و آل محمد (صلوات الله عليهم)

__________________________________________________

(1) الأنعام 6: 149.

(2) التوبة 9: 115.

(3) في المصدر: ثم ركبها مغضبا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 683

لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ «1» فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ذلك إلى المنافقين الذين اجتمعوا ليلا مع النضر بن الحارث، فتلا عليهم الآية، و قال: اخرجوا إلى صاحبكم الفهري، حتى تنظروا إليه، فلما رأوه انتحبوا و بكوا، و قالوا: من أبغض

عليا و أظهر بغضه قتله بسيفه، و من خرج من المدينة بغضا لعلي أنزل الله ما ترى».

و الحديث طويل ذكرناه بطوله في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ من سورة الأنعام «2».

4264/ [7]- قال علي بن إبراهيم: إنها نزلت لما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لقريش: «إن الله بعثني أن أقتل جميع ملوك الدنيا و أجري الملك إليكم، فأجيبوني لما دعوتكم إليه. تملكوا بها العرب، و تدين لكم بها العجم، و تكونوا ملوكا في الجنة».

فقال أبو جهل: اللهم إن كان هذا الذي يقول محمد هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، حسدا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم قال: كنا و بنو هاشم كفرسي رهان نحمل إذا حملوا، و نطعن إذا طعنوا، و نوقد إذا أوقدوا، فلما استوى بنا و بهم الركب، قال قائل منهم: أنا نبي. لا نرضى أن يكون في بني هاشم، و لا يكون في بني مخزوم. ثم قال: غفرانك اللهم، فأنزل الله في ذلك: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، حين قال: غفرانك اللهم.

فلما هموا بقتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أخرجوه من مكة، قال الله: وَ ما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ يعني قريشا ما كانوا أولياء مكة إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ «3» أنت و أصحابك- يا محمد- فعذبهم الله بالسيف يوم بدر فقتلوا.

سورة الأنفال(8): الآيات 34 الي 35 ..... ص : 683

قوله تعالى:

وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ- إلى قوله تعالى- وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ

الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً [34- 35]

4265/ [1]- الطبرسي: معناه و ما أولياء المسجد الحرام إلا المتقون. قال: و هو المروي عن أبي

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 1: 276.

1- مجمع البيان 4: 829.

(1) المعارج 70: 1- 3.

(2) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (146- 151) من سورة الأنعام. [.....]

(3) الأنفال 8: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 684

جعفر (عليه السلام).

4266/ [2]- العياشي: عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ: «يعني أولياء البيت، يعني المشركين إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ حيث كانوا هم أولى به من المشركين. وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً- قال-:

التصفير و التصفيق».

4267/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً، قال: «التصفير و التصفيق».

4268/ [4]- عنه، قال: حدثنا محمد بن ماجيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان.

و حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق و محمد بن أحمد السناني و علي بن عبد الله الوراق و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن

الربيع الصحاف، عن محمد بن سنان.

و حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي و علي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة و أبو جعفر محمد بن موسى البرقي بالري (رحمهم الله)، قالوا: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد ابن سنان: أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: «سميت مكة مكة، لأن الناس كانوا يمكون فيها «1»، و كان يقال لمن قصد مكة قد مكا، و ذلك قول الله عز و جل: وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً فالمكاء: التصفير، و التصدية: صفق اليدين».

و تقدم في القصة التفسير بذلك «2».

سورة الأنفال(8): آية 36 ..... ص : 684

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 55/ 46.

3- معاني الأخبار: 297/ 1.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 90/ 1.

(1) أي يصفرون، من مكا يمكو مكاء: إذا صفر بفيه أو شبّك بأصابع يديه ثمّ أدخلها في فيه و نفخ فيها.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (30) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 685

ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [36] 4269/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: نزلت في قريش لما وافاهم ضمضم، و أخبرهم بخروج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في طلب العير، فأخرجوا أموالهم و حملوا و أنفقوا، و خرجوا إلى محاربة رسول الله (صلى الله عليه و آله) ببدر، فقتلوا و صاروا إلى النار، و كان ما أنفقوا حسرة عليهم، و تقدم في القصة «1».

سورة الأنفال(8): آية 38 ..... ص : 685

قوله تعالى:

قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ [38]

4270/ [2]- العياشي: عن علي بن دراج الأسدي، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت له: إني كنت عاملا لبني امية، فأصبت مالا كثيرا، فظننت أن ذلك لا يحل لي. قال: «فسألت عن ذلك غيري؟» قال: قلت: قد سألت، فقيل لي: إن أهلك و مالك و كل شي ء لك حرام. قال: «ليس كما قالوا لك؟».

قال: قلت: جعلت فداك فلي توبة؟ قال: «نعم، توبتك في كتاب الله قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ».

سورة الأنفال(8): آية 39 ..... ص : 685

قوله تعالى:

وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [39]

4271/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز ذكره: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ؟

فقال: «لم يجي ء تأويل هذه الآية بعد، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) رخص لهم لحاجته، و حاجة أصحابه، فلو

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 277.

2- تفسير العيّاشي 2: 55/ 47.

3- الكافي 8: 201/ 243.

(1) تقدّم الحديث (2) من تفسير الآيات (2- 6) من هذه السورة

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 686

قد جاء تأويلها لم يقبل منهم، و لكنهم يقتلون حتى يوحد الله عز و جل، و حتى لا يكون شرك».

4272/ [2]- العياشي: عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «سئل أبي عن قول الله عز و جل: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، فقال: إنه لم يجي ء تأويل هذه الآية، و لو قد قام

قائمنا بعد، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، و ليبلغن دين محمد (صلى الله عليه و آله) ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله».

4273/ [3]- عن عبد الأعلى الحلبي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب- ثم أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى- حتى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الذي يكون بين يديه حتى يلقى بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم ها هنا؟ فيقولون: نحو أربعين رجلا. فيقول: كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: و الله لو يؤوينا الجبال لأويناها معه. ثم يأتيهم من القابل، فيقول: سيروا إلى ذوي شأنكم «1» و أخياركم عشرة «2». فيسيرون «3» له، فينطلق بهم حتى يأتوا صاحبهم، و يعدهم إلى الليلة التي تليها».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «و الله، لكأني أنظر إليه، و قد أسند ظهره إلى الحجر، ثم ينشد الله حقه، ثم يقول:

يا أيها الناس، من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله، و من يحاجني في آدم (عليه السلام) فأنا أولى الناس بآدم، يا أيها الناس، من يحاجني في نوح (عليه السلام) فأنا أولى الناس بنوح، يا أيها الناس من يحاجني في إبراهيم (عليه السلام) فأنا أولى الناس بإبراهيم، يا أيها الناس من يحاجني في موسى (عليه السلام) فأنا أولى الناس بموسى، يا أيها الناس من يحاجني في عيسى (عليه السلام) فأنا أولى الناس بعيسى، يا أيها الناس، من يحاجني في محمد (صلى الله عليه و آله) فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله)، يا أيها الناس، من يحاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس

بكتاب الله، ثم ينتهي إلى المقام، فيصلي عنده ركعتين، ثم ينشد الله حقه».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «هو و الله المضطر في كتاب الله، و هو قول الله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ «4» و جبرئيل على الميزاب في صورة طائر أبيض، فيكون أول خلق الله يبايعه جبرئيل، و يبايعه الثلاث مائة و بضعة عشر رجال».

قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «فمن ابتلي في المسير وافاه في تلك الساعة، و من لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه- ثم قال:- هو و الله قول علي بن أبي طالب (عليه السلام): المفقودون عن فرشهم، و هو قول الله تعالى:

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 56/ 48، ينابيع المودة: 423.

3- تفسير العيّاشي 2: 56/ 49.

(1) في المصدر: فيقول لهم أشيروا إلى ذوي أسنانكم.

(2) في المصدر: عشيرة. [.....]

(3) في المصدر: فيشيرون.

(4) النمل 27: 62.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 687

سْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً «1» أصحاب القائم الثلاث مائة و بضعة عشر رجلا- قال:- هم و الله الأمة المعدودة التي قال الله في كتابه: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ «2»- قال:- يجمعون في ساعة واحدة قزعا كقزع «3» الخريف، فيصبح بمكة، فيدعو الناس إلى كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، فيجيبه نفر يسير، و يستعمل على مكة، ثم يسير فيبلغه أن قد قتل عامله، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة، و لا يزيد على ذلك شيئا، يعني السبي.

ثم ينطلق فيدعو الناس إلى كتاب الله و سنة نبيه (عليه و آله السلام) و الولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، و البراءة من عدوه، و

لا يسمي أحدا حتى ينتهي إلى البيداء «4»، فيخرج إليه جيش السفياني، فيأمر الله الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم، و هو قول الله: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ «5» يعني بقائم آل محمد (صلى الله عليه و آله) وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ «6» يعني بقائم آل محمد، إلى آخر السورة، فلا يبقى منهم إلا رجلان، يقال لهما وتر و وتيرة «7» من مراد، وجوههما في أقفيتهما، يمشيان القهقرى «8»، يخبران الناس بما فعل بأصحابهما.

ثم يدخل المدينة فتغيب عنهم عند ذلك قريش، و هو قول علي بن أبي طالب (عليه السلام): و الله لودت قريԠأن عندها موقفا واحدا جزر جزور بكل ما ملكت و كل ما طلعت عليه الشمس أو غربت. ثم يحدث حدثا، فإذا هو فعل ذلك قالت قريش: اخرجوا بنا إلى هذه الطاغية، فو الله لو كان محمديا ما فعل، و لو كان علويا ما فعل، و لو كان فاطميا ما فعل، فيمنحه الله أكتافهم، فيقتل المقاتلة، و يسبي الذرية، ثم ينطلق حتى ينزل الشقرة «9» فيبلغه أنهم قد قتلوا عامله، فيرجع إليهم فيقتلهم مقتلة ليس قتل الحرة إليها بشي ء، ثم ينطلق يدعو الناس إلى كتاب الله و سنة نبيه، و الولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) و البراءة من عدوه، حتى إذا بلغ إلى الثعلبية «10»، قام إليه رجل من صلب أبيه، و هو من أشد الناس ببدنه، و أشجعهم بقلبه، ما خلا صاحب الأمر، فيقول: يا هذا، ما تصنع؟ فو الله إنك لتجعل الناس إجفال النعم، أ فبعهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أم بماذا؟ فيقول المولى

الذي ولي البيعة: و الله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك.

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 148.

(2) هود 11: 8.

(3) القزع: قطع السحاب المتفرّقة في السماء.

(4) البيداء: اسم لأرض بين مكّة و المدينة. «معجم البلدان 1: 523».

(5) سبأ 34: 51- 52.

(6) سبأ 34: 53.

(7) في المصدر: وتر و وتير.

(8) القهقرى: الرجوع إلى الخلف. «الصحاح- قهر- 2: 801».

(9) في «ط»: نسخة بدل: الشقراء.

(10) الثعلبيّة: قرية من منازل طريق مكّة. «معجم البلدان 2: 78».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 688

فيقول له القائم (عليه السلام): اسكت يا فلان، إي و الله إن معي عهدا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، هات لي- يا فلان- العيبة و الطبقة و اللواء بعجلة «1»، فيأتيه بها، فيقرئه العهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيقول: جعلني الله فداك، أعطني رأسك أقبله، فيعطيه رأسه فيقبله بين عينيه، ثم يقول: جعلني الله فداك، جدد لنا بيعة، فيجدد لهم بيعته».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «لكأني أنظر إليهم مصعدين من نجف الكوفة ثلاث مائة و بضعة عشر رجلا، كأن قلوبهم زبر الحديد، جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، يسير الرعب أمامه شهرا و خلفه شهرا، أمده الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين حتى إذا صعد النجف قال لأصحابه: تعبدوا ليلتكم هذه، فيبيتون بين راكع و ساجد، يتضرعون إلى الله حتى إذا أصبح، قال: خذوا بنا طريق النخيلة «2». و على الكوفة خندق مخندق و جند مجند».

قلت: و جند مجند؟ قال: «إي و الله حتى ينتهي إلى مسجد إبراهيم (عليه السلام) بالنخيلة، فيصلي فيه ركعتين، فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئها و غيرهم من جيش السفياني، فيقول لأصحابه: استطردوا لهم، ثم يقول:

كروا عليهم»

قال أبو جعفر (عليه السلام): «و لا يجوز- و الله- الخندق منهم مخبر».

«ثم يدخل الكوفة فلا يبقى مؤمن إلا كان فيها، أو حن إليها، و هو قول أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم يقول لأصحابه: سيروا إلى هذه الطاغية، فيدعوه إلى كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، فيعطيه السفياني من البيعة سلما، فيقول له كلب، و هم أخواله: ما هذا؟ ما صنعت؟ و الله ما نبايعك على هذا أبدا. فيقول: ما أصنع؟ فيقولون:

استقبله، ثم يقول له القائم: خذ حذرك، فإنني أديت إليك و أنا مقاتلك. فيصبح فيقاتلهم، فيمنحه الله أكتافهم، و يأتي السفياني أسيرا، فينطلق به و يذبحه بيده.

ثم يرسل جريدة خيل «3» إلى الروم ليستحضروا بقية بني امية، فإذا انتهوا إلى الروم، قالوا: أخرجوا إلينا أهل ملتنا عندكم، فيأبون، و يقولون: و الله لا نفعل، فتقول الجريدة: و الله لو أمرنا لقاتلناكم. ثم ينطلقون إلى صاحبهم فيعرضون ذلك عليه، فيقول: انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم، فإن هؤلاء قد أتوا بسلطان «4». و هو قول الله:

فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ «5»- قال-: «يعني الكنوز التي كنتم تكنزون قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ __________________________________________________

(1) في المصدر: العيبة أو الطيبة أو الزنفليجة.

(2) النخيلة: موضع قرب الكوفة. «معجم البلدان 5: 278». [.....]

(3) الجريدة من الخيل: الجماعة التي جردت من سائرها لوجه. «الصحاح- جرد- 2: 455».

(4) في المصدر زيادة: عظيم.

(5) الأنبياء 21: 12، 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 689

فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ «1» لا يبقى منهم مخبر.

ثم يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاث مائة و البضعة عشر رجلا

إلى الآفاق كلها فيمسح بين أكتافهم و على صدورهم، فلا يتعايون «2» في قضاء، و لا تبقى في الأرض قرية إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو قوله: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ «3» و لا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو قول الله:

وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «يقاتلون- و الله- حتى يوحد الله، و لا يشرك به شيئا، و حتى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب و لا ينهاها أحد، و يخرج الله من الأرض بذرها، و ينزل من السماء قطرها، و يخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهدي (عليه السلام) و يوسع الله على شيعتنا، و لولا ما يدركهم «4» من السعادة لبغوا.

فبينا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام، و تكلم ببعض الكلام «5»، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه، فيقول لأصحابه: انطلقوا. فيلحقونهم في التمارين، فيأتون بهم أسرى ليأمر بهم فيذبحون، و هي آخر خارجة تخرج على قائم آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

4274/ [4]- الطبرسي: و روى زرارة و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «لم يجي ء تأويل هذه الآية، و لو قام قائمنا بعد، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، ليبلغن دين محمد (صلى الله عليه و آله) ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك «6» على ظهر الأرض».

سورة الأنفال(8): آية 41 ..... ص : 689

قوله تعالى:

وَ اعْلَمُوا

أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [41]

__________________________________________________

4- مجمع البيان 4: 834.

(1) الأنبياء 21: 14، 15.

(2) عيّ بالأمر: عجز عنه، أو جهله.

(3) آل عمران 3: 83.

(4) في «ط» نسخة بدل: ينجز لهم.

(5) في المصدر: السنن.

(6) في المصدر: مشرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 690

4275/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، و محمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى قال: «أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)».

4276/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى قال: «هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الخمس لله و للرسول و لنا».

4277/ [3]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فقيل له:

فما كان لله، فلمن هو؟ فقال: «هو لرسول الله (صلى الله عليه

و آله)، و ما كان لرسول الله فهو للإمام».

فقيل له: أ رأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر و صنف أقل، ما يصنع به؟ قال: «ذاك إلى الإمام، أ رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) كيف يصنع؟ أليس إنما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الإمام».

4278/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الصمد بن بشير، عن حكيم مؤذن بني عبس «1»، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى

فقال «2» أبو عبد الله (عليه السلام) بمرفقيه على ركبتيه، ثم أشار بيده، ثم قال: «هي و الله الإفادة يوما بيوم، إلا أن أبي جعل شيعته في حل ليزكوا».

4279/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمس. فقال: «في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير».

4280/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن

__________________________________________________

1- الكافي 1: 342/ 12.

2- الكافي 1: 453/ 2.

3- الكافي 1: 457/ 7.

4- الكافي 1: 457/ 10. [.....]

5- الكافي 1: 457/ 11.

6- الكافي 1: 453/ 4.

(1) في المصدر: ابن عيسى، انظر رجال الطوسي: 184/ 319 و معجم رجال الحديث 6: 188.

(2) قال هنا: بمعنى مال. انظر «مجمع البحرين- قول- 5: 458».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 691

العبد الصالح (عليه السلام)، قال: «الخمس من خمسة أشياء: من الغنائم، و الغوص، و من الكنوز،

و من المعادن، و الملاحة «1»، يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس، فيجعل لمن جعله الله تعالى له، و يقسم الأربعة أخماس بين من قاتل عليه و ولي ذلك، و يقسم بينهم الخمس على ستة أسهم: سهم لله، و سهم لرسوله، و سهم لذي القربى، و سهم لليتامى، و سهم للمساكين، و سهم لأبناء السبيل.

فسهم الله و سهم رسوله لأولي الأمر من بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) وراثة، فله ثلاثة أسهم: سهمان وراثة، و سهم مقسوم له من الله، و له نصف الخمس كملا «2»، و نصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم ليتاماهم، و سهم لمساكينهم، و سهم لأبناء سبيلهم، يقسم بينهم على الكتاب و السنة، ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل منهم شي ء فهو للوالي، و إن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به، و إنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم.

و إنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس و أبناء سبيلهم، عوضا لهم عن صدقات الناس، تنزيها من الله لهم لقرابتهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كرامة من الله لهم عن أوساخ الناس، فجعل لهم خاصة من عنده، و ما يغنيهم به من أن يصيرهم في موضع الذل و المسكنة، و لا بأس بصدقة بعضهم على بعض.

و هؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي (صلى الله عليه و آله)، الذين ذكرهم الله فقال: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «3» و هم بنو عبد المطلب أنفسهم، الذكر منهم و الأنثى، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش، و لا من

العرب أحد، و لا فيهم و لا منهم في هذا الخمس من مواليهم، و قد تحل صدقات الناس لمواليهم، و هم الناس سواء، و من كانت امه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فإن الصدقات تحل له، و ليس له من الخمس شي ء، لأن الله تعالى يقول: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ «4»».

4281/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد «5»، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه سئل عن معادن الذهب و الفضة و الحديد و الرصاص و الصفر؟

فقال: «عليها الخمس».

4282/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، قال: كتبت إلى أبي

__________________________________________________

7- الكافي 1: 457/ 8.

8- الكافي 1: 458/ 13.

(1) الملّاحة: منبت الملح. «الصحاح- ملح- 1: 408».

(2) في «س» و «ط»: كلّا، و ما أثبتناه من المصدر.

(3) الشعراء 26: 214.

(4) الأحزاب 33: 5.

(5) في المصدر: عن ابن أبي عمير، و قد روى إبراهيم بن هاشم عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي و محمّد بن أبي عمير، و رويا عن جميل، انظر رجال النجاشي: 126 و معجم رجال الحديث 1: 319 و 4: 153.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 692

جعفر (عليه السلام): الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب: «بعد المؤونة».

4283/ [9]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة «1»، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كل شي ء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، فإن لنا خمس الخمسة «2»، و لا

يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا».

4284/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ضريس الكناسي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من أين دخل على الناس الزنا؟» قلت: لا أدري، جعلت فداك. قال: «من قبل خمسنا أهل البيت، إلا شيعتنا الأطيبين، فإنه محلل لهم بميلادهم».

4285/ [11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن الكنز، كم فيه؟ قال: «الخمس».

و عن المعادن، كم فيها؟ قال: «الخمس، و كذلك الرصاص و الصفر و الحديد، و كل ما كان من المعادن يؤخذ منها ما يؤخذ من الذهب و الفضة».

4286/ [12]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن علي، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد، و عن معادن الذهب و الفضة، ما فيه؟ قال: «إذا بلغ ثمنه دينارا ففيه الخمس».

4287/ [13]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن صباح الأزرق، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول:

يا رب، خمسي. و قد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم، و لتزكوا ولادتهم».

4288/ [14]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العنبر، و غوص اللؤلؤ، فقال (عليه السلام): «عليه الخمس».

4289/ [15]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده

عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن علي بن

__________________________________________________

9- الكافي 1: 458/ 14.

10- الكافي 1: 459/ 16.

11- الكافي 1: 459/ 19. [.....]

12- الكافي 1: 459/ 21.

13- الكافي 1: 459/ 20.

14- الكافي 1: 461/ 28.

15- التهذيب 4: 121/ 344.

(1) في «س» و «ط» عن ابن أبي عمير، و هو سهو، و ما في المتن هو الأنسب، ذكر النجاشي في رجاله: 249 أنّ علي بن أبي حمزة كان قائد أبي بصير، و له كتاب التفسير أكثره عن أبي بصير، راجع أيضا معجم رجال الحديث 11: 228.

(2) في المصدر: فإنّ لنا خمسه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 693

يوسف، عن محمد بن سنان، عن عبد الصمد بن بشير، عن حكيم مؤذن بني عبس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ؟ قال: «هي- و الله- إفادة يوم بيوم، إلا أن أبي (عليه السلام) جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا».

4290/ [16]- و عنه: بإسناده عن علي بن مهزيار، عن فضالة و ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن معادن الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص، فقال: «عليها الخمس جميعا».

4291/ [17]- و عنه: بإسناده عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العنبر و غوص اللؤلؤ، فقال: «عليه الخمس».

قال: و سألته عن الكنز، كم فيه؟ فقال: «الخمس».

و عن المعادن، كم فيها؟ قال: «الخمس».

و عن الرصاص و الصفر و الحديد و ما كان بالمعادن، كم فيها؟ قال: «يؤخذ منها كما

يؤخذ من معادن الذهب و الفضة».

4292/ [18]- و عنه: بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن المعادن، ما فيها؟ فقال: «كل ما كان ركازا «1» ففيه الخمس» و قال: «ما عالجته بمالك ففيه مما أخرج الله منه من حجارته مصفى الخمس».

4293/ [19]- و عنه: بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب، لفاطمة (عليها السلام) و لمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس، فذاك لهم خاصة يضعونه حيث شاءوا إذ حرم عليهم الصدقة، حتى الخياط يخيط قميصا بخمسة دوانيق لنا منه دانق، إلا من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة، إنه ليس من شي ء عند الله يوم القيامة أعظم من الزنا، إنه ليقوم صاحب الخمس، فيقول: يا رب، سئل هؤلاء بما أبيحوا «2»».

__________________________________________________

16- التهذيب 4: 121/ 345.

17- التهذيب 4: 121/ 346.

18- التهذيب 4: 122/ 347.

19- التهذيب 3: 22/ 348.

(1) الرّكاز عند أهل الحجاز: كنوز الجاهليّة المدفونة في الأرض، و عند أهل العراق: المعادن، و القولان تحتملهما اللغة، لأنّ كلا منهما مركوز في الأرض: أي ثابت. النهاية 2: 258.

(2) في «س» و «ط»: أنتجوا. قال المجلسيّ: و في أكثر نسخ الاستبصار: «نكحوا» و هو أظهر. ملاذ الأخيار 6: 342.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 694

4294/ [20]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد

بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن الملاحة، فقال: «و ما الملاحة؟» فقلت: أرض سبخة مالحة، يجتمع فيها الماء فيصير ملحا. فقال: «هذا المعدن فيه الخمس».

فقلت: و الكبريت و النفط يخرج من الأرض؟ قال: فقال: «هذا و أشباهه فيه الخمس».

4295/ [21]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «خذ مال الناصب حيثما وجدته، و ادفع إلينا الخمس».

4296/ [22]- و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن المعلى، قال: «خذ مال الناصب حيثما وجدته، و ابعث إلينا بالخمس».

4297/ [23]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن ابن مهزيار، عن محمد بن الحسن الأشعري، قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): أخبرني عن الخمس، أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على الصناع، و كيف ذلك؟ فكتب بخطه: «الخمس بعد المؤونة».

4298/ [24]- و عنه: بإسناده عن علي بن مهزيار، قال: كتب إليه إبراهيم بن محمد الهمداني: أقرأني أني علي كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة، و أنه ليس على من لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس و لا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد مؤونة الضيعة و خراجها، لا مؤنة الرجل و عياله. فكتب- و قرأه علي بن مهزيار-: «عليه الخمس بعد مؤنته و مؤنة عياله، و بعد خراج السلطان».

4299/ [25]- و عنه: بإسناده عن

علي بن مهزيار، قال: قال لي أبو علي بن راشد: قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك و أخذ حقك، فأعلمت مواليك ذلك، فقال لي بعضهم: و أي شي ء حقه؟ فلم أدر ما أجيبه، فقال: «يجب عليهم الخمس».

فقلت: ففي أي شي ء؟ فقال: «في أمتعتهم و ضياعهم».

قلت: و التاجر عليه، و الصانع بيده؟ فقال: «ذلك إذا أمكنهم بعد مؤونتهم».

4300/ [26]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب إبراهيم

__________________________________________________

20- التهذيب 4: 122/ 349.

21- التهذيب 4: 122/ 350. [.....]

22- التهذيب 4: 123/ 351.

23- التهذيب 4: 123/ 352.

24- التهذيب 4: 123/ 354.

25- التهذيب 4: 123/ 353.

26- التهذيب 4: 123/ 355.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 695

ابن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فإن عليه الخمس».

4301/ [27]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن علي بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد، و عن معادن الذهب و الفضة، هل فيه زكاة «1»؟ فقال: «إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس».

4302/ [28]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن الحلبي، عن عبد أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة.

فقال: «يؤدي خمسها، و يطيب له».

4303/ [29]- و عنه: بإسناده عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن جعفر، عن الحكم بن بهلول، عن

أبي همام، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رجلا أتى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، إني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه؟ فقال له: أخرج الخمس من ذلك المال، فإن الله عز و جل قد رضي من المال بالخمس، و اجتنب ما كان صاحبه يعمل» «2».

4304/ [30]- و عنه: بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عما أخرج المعدن من قليل أو كثير، هل فيه شي ء؟

قال: «ليس فيه شي ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا».

4305/ [31]- و عنه: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة».

قال شيخنا الطوسي: المراد به ليس الخمس بظاهر القرآن إلا في الغنائم خاصة.

4306/ [32]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن

__________________________________________________

27- التهذيب 4: 124/ 356.

28- التهذيب 4: 124/ 357.

29- التهذيب 4: 124/ 358.

30- التهذيب 4: 138/ 391.

31- التهذيب 4: 124/ 359.

32- التهذيب 4: 125/ 60.

(1) في المصدر: عليه زكاتها.

(2) قال المجلسي: قوله (عليه السّلام): «و اجتنب ما كان صاحبه يعمل» ظاهره أنّ السائل كان ورث مالا من رجل ان لا يبالي بكسب الحرام و جمعه، فبيّن (عليه السّلام) له طريق المخرج من ذلك، و نهاه عمّا كان يعمل صاحب المال السابق من عدم المبالاة و اكتساب الحرام.

ملاذ الأخبار 6: 349.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 696

عبد الله بن مسكان، قال: حدثنا زكريا بن مالك

الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل «1» عن قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ.

فقال: «أما خمس الله عز و جل فللرسول يضعه في سبيل الله، و أما خمس الرسول فلأقاربه، و خمس ذوى القربى فهم أقرباؤه، و اليتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة أسهم فيهم، و أما المساكين و ابن السبيل فقد عرفت أنا لا نأكل الصدقة و لا تحل لنا، فهي للمساكين و أبناء السبيل».

4307/ [33]- و عنه: عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ.

قال: «خمس الله عز و جل للإمام، و خمس الرسول للإمام، و خمس ذي القربى لقرابة الرسول و الإمام، و اليتامى يتامى آل الرسول، و المساكين منهم، و أبناء السبيل منهم، فلا يخرج منهم إلى غيرهم».

4308/ [34]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن إسماعيل الزعفراني، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول كلاما كثيرا، ثم قال: «و أعطهم من ذلك كله سهم ذي القربى الذين قال الله: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ و نحن و الله عنى بذي القربى، و الذين قرنهم الله بنفسه

و بنبيه، فقال: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ منا خاصة، و لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا، أكرم الله نبيه و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ أيدي الناس».

4309/ [35]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن «2» (عليه السلام)، قال: قال له إبراهيم بن أبي البلاد: وجبت عليك زكاة؟ فقال: «لا، و لكن يفضل، و نعطي هكذا».

و سئل (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ قال: «للرسول، و ما كان للرسول فهو للإمام».

__________________________________________________

33- التهذيب 4: 125/ 361. [.....]

34- التهذيب 4: 126/ 362.

35- التهذيب 4: 126/ 363.

(1) في المصدر: سأله.

(2) في «س» و «ط»: عن أبي عبد اللّه، و ما في المتن هو الصواب، لأنّ أحمد بن محمّد بن أبي نصر و إبراهيم بن أبي البلاد- المذكور في متن الحديث- معدودان من أصحاب الإمامين أبي الحسن موسى و أبي الحسن الرضا (عليهما السّلام)، انظر رجال النجاشي: 22 و 75 و معجم رجال الحديث 1: 189 و 2: 231.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 697

قيل له: أ فرأيت إن كان صنف أكثر من صنف، و صنف أقل من صنف، كيف يصنع به؟ فقال: «ذاك للإمام، أ رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، كيف صنع، إنما كان يعطي على ما يرى هو، و كذلك الإمام».

4310/ [36]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أحمد

بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله بن الجارود، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له، ثم يقسم ما بقي خمسة أخماس و يأخذ خمسه، ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه، ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس، يأخذ خمس الله عز و جل لنفسه، ثم يقسم أربعة الأخماس بين ذوي القربى و اليتامى و المساكين و أبناء السبيل، يعطي كل واحد منهم حقا، فكذلك الإمام يأخذ كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4311/ [37]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثني علي بن يعقوب أبو الحسن البغدادي، عن الحسن بن إسماعيل بن صالح الصيمري، قال: حدثني الحسن بن راشد، قال: حدثني حماد بن عيسى، قال: حدثني بعض أصحابنا، ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: «الخمس من خمسة أشياء: من الغنائم، و من الغوص، و من الكنوز، و من المعادن، و الملاحة».

4312/ [38]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون، و يقذفون من خالفهم؟ فقال لي: «الكف عنهم أجمل» ثم قال: «و الله- يا أبا حمزة- إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا».

قلت: كيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال لي: «يا أبا حمزة، كتاب الله المنزل يدل عليه، إن الله تبارك و تعالى جعل لنا أهل البيت

سهاما ثلاثة في جميع الفي ء، ثم قال عز و جل: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فنحن أصحاب الخمس و الفي ء، و قد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا.

و الله- يا أبا حمزة- ما من أرض تفتح و لا خمس يخمس فيضرب على شي ء منه إلا كان حراما على من يصيبه، فرجا كان أو مالا، و لو قد ظهر الحق لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد «1»، حتى أن الرجل

__________________________________________________

36- التهذيب 4: 128/ 365.

37- التهذيب 4: 126/ 366.

38- الكافي 8: 285/ 431.

(1) في «س»: يريد. قال المجلسي: و الأظهر أن يقرأ (بيع) على بناء المجهول، فالرجل مرفوع به، و (الكريمة عليه نفسه) صفة للرجل، أي يبيع الإمام- أو من يأذّن له الإمام من أصحاب الخمس و الخراج و الغنائم- المخالف الذي تولّد من هذه الأموال مع كونه عزيزا في نفسه كريما، و في سوق المزاد، و لا يزيد أحد على ثمنه لهوانه و حقارته عندهم، هذا إذا قرئ بالزاي المعجمة كما في أكثر النسخ، و بالمهملة أيضا يؤوّل إلى هذا المعنى. مرآة العقول 26: 307.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 698

منهم ليفتدي بجميع ماله و يطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شي ء من ذلك، و قد أخرجونا و شيعتنا من حقنا ذلك بلا عذر و لا حق و لا حجة».

4313/ [39]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد الله و أثنى عليه، و ذكر الخطبة

إلى أن قال (عليه السلام):

«و أعطيت من ذلك سهم ذوي القربى الذي قال الله عز و جل: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فنحن و الله عنى بذي القربى الذي قرننا الله بنفسه و برسوله (صلى الله عليه و آله)، فقال تعالى: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ ففينا خاصة كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ في ظلم آل محمد إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «1» لمن ظلمهم رحمة منه لنا، و غنى أغنانا الله به، و وصى به نبيه (صلى الله عليه و آله) و لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا، أكرم الله رسوله (صلى الله عليه و آله) و أكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس، فكذبوا الله و كذبوا رسوله، و جحدوا كتاب الله الناطق بحقنا، و منعونا فرضا فرضه الله لنا، ما لقي أهل بيت نبي من أمته ما لقينا بعد نبينا (صلى الله عليه و آله)، و الله المستعان على من ظلمنا، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم».

4314/ [40]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «الغسل في سبعة عشر موطنا، ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، و هي الليلة التي «2» التقى الجمعان».

4315/ [41]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته

عن قول الله: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى قال: «هم أهل قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

فسألته: منهم اليتامى و المساكين و ابن السبيل؟ قال: «نعم».

4316/ [42]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في الغنيمة: «يخرج منها الخمس، و يقسم ما بقي فيمن قاتل عليه و ولي ذلك، و أما الفي ء و الأنفال فهو خالص لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4317/ [43]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن موضع الخمس، لمن هو؟ فكتب إليه: أما الخمس فإنا نزعم أنه لنا، و يزعم قومنا أنه ليس لنا،

__________________________________________________

39- الكافي 8: 63/ 21.

40- التهذيب 1: 114/ 302.

41- تفسير العيّاشي 2: 61/ 50.

42- تفسير العيّاشي 2: 61/ 51.

43- تفسير العيّاشي 2: 61/ 52.

(1) الحشر 59: 7. [.....]

(2) في المصدر: و هي ليلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 699

فصبرنا».

4318/ [44]- عن زرارة، و محمد بن مسلم، و أبي بصير أنهم قالوا له: ما حق الإمام في أموال الناس؟

قال: «الفي ء و الأنفال و الخمس، و كل ما دخل منه في ء أو أنفال أو خمس أو غنيمة فإن لهم خمسه، فإن الله يقول: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ، و كل شي ء في الدنيا فإن لهم فيه نصيبا، فمن وصلهم بشي ء فما يدعون له أكثر مما يأخذون منه».

4319/ [45]- عن سماعة، عن أبي عبد الله و أبي الحسن (عليهما السلام) قال: سألت أحدهما عن

الخمس، فقال:

«ليس الخمس إلا في الغنائم».

4320/ [46]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى قال: «هم أهل قرابة نبي الله (صلى الله عليه و آله)».

4321/ [47]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى قال: «الخمس لله و للرسول و هو لنا».

4322/ [48]- عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «يا أبا الفضل، لنا حق في كتاب الله في الخمس، فلو محوه فقالوا: ليس من الله، أو لم يعلموا به، لكان سواء».

4323/ [49]- عن ابن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يخرج خمس الغنيمة، ثم يقسم أربعة أخماس على من قاتل على ذلك أو وليه».

4324/ [50]- عن فيض بن أبي شيبة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أشد ما يكون الناس حالا يوم القيامة، إذا قام صاحب الخمس، فقال: يا رب، خمسي، و إن شيعتنا من ذلك لفي حل».

4325/ [51]- عن إسحاق بن عمار، قال: سمعته يقول: «لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئا أن يقول: يا رب، اشتريته بمالي. حتى يأذن له أهل الخمس».

4326/ [52]- عن إبراهيم بن محمد، قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله عما يجب في الضياع؟

فكتب: «الخمس بعد المؤونة».

__________________________________________________

44- تفسير العيّاشي 2: 61/ 53.

45- تفسير العيّاشي 2: 62/ 54.

46- تفسير العيّاشي 2: 62/ 55، شواهد التنزيل 1: 221/ 297 و 298 «نحوه».

47- تفسير العيّاشي 2: 62/ 56.

48- تفسير

العيّاشي 2: 62/ 57.

49- تفسير العيّاشي 2: 62/ 58.

50- تفسير العيّاشي 2: 62/ 59.

51- تفسير العيّاشي 2: 63/ 60.

52- تفسير العيّاشي 2: 63/ 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 700

قال: فناظرت أصحابنا، فقالوا: المؤونة بعد ما يأخذ السلطان، و بعد مؤونة الرجل، فكتبت إليه: إنك قلت:

الخمس بعد المؤونة، و إن أصحابنا اختلفوا في المؤونة؟ فكتب: «الخمس بعد ما يأخذ السلطان و بعد مؤونة الرجل و عياله».

4327/ [53]- عن إسحاق، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن سهم الصفوة، فقال: «كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، أربعة أخماس للمجاهدين و القوام، و خمس يقسم بين مقسم «1» رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن نقول: هو لنا، و الناس يقولون: ليس لكم، و سهم لذوي القربى و هو لنا، و ثلاثة أسهام لليتامى و المساكين و أبناء السبيل، يقسمه الإمام بينهم، فإن أصابهم درهم درهم لكل فرقة منهم نظر الإمام بعد فجعلها في ذي القربى» قال: «يردونها إلينا».

4328/ [54]- عن المنهال بن عمرو، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: قال: «ليتامانا و مساكيننا و أبناء سبيلنا».

4329/ [55]- عن زكريا بن هالك «2» الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ.

قال: «أما خمس الله فللرسول، يضعه في سبيل الله، و لنا خمس الرسول و لأقاربه، و خمس ذوي القربى، فهم أقرباؤه، و اليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة سهام فيهم، و أما المساكين و أبناء السبيل، فقد علمت أنا لا نأكل صدقة

و لا تحل لنا، فهو للمساكين و أبناء السبيل».

4330/ [56]- عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: قال: «إن الله لا إله إلا هو، لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، و الصدقة علينا حرام، و الخمس لنا فريضة، و الكرامة أمر لنا حلال».

4331/ [57]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل من أصحابنا في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة؟ قال: «يؤدي خمسنا و يطيب له».

4332/ [58]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «في تسعة عشر من شهر رمضان يلتقي الجمعان». قلت: ما معنى قوله: «يلتقي الجمعان؟» قال: «يجتمع فيها ما يريد من تقديمه و تأخيره و إرادته و قضائه».

__________________________________________________

53- تفسير العيّاشي 2: 63/ 62.

54- تفسير العيّاشي 2: 63/ 63، تفسير الطبري 10: 7.

55- تفسير العيّاشي 2: 63/ 64.

56- تفسير العيّاشي 2: 64/ 65. [.....]

57- تفسير العيّاشي 2: 64/ 66.

58- تفسير العيّاشي 2: 64/ 67.

(1) في الوسائل 4: 362 يقسّم فيه سهم.

(2) في «ط»: زكريا بن عبد اللّه، و هو سهو، انظر رجال الطوسي: 200، معجم رجال الحديث 7: 284.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 701

4333/ [59]- عن عمرو بن سعيد، قال: جاء رجل من أهل المدينة في ليلة الفرقان حين التقى الجمعان، فقال المدني: هي ليلة سبع عشرة من رمضان، قال: فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له و أخبرته، فقال لي:

«جحد المدني، أنت تريد مصاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، إنه أصيب ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، و هي الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم (عليه السلام)».

4334/ [60]- سليم بن قيس الهلالي، عن أمير

المؤمنين (عليه السلام): «قال الله عز و جل: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فنحن و الله الذين عنى الله بذي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل، فينا «1» خاصة، و لم «2» يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا، و أكرم الله نبيه (صلى الله عليه و آله) و أكرمنا أن يعطينا «3» أوساخ الناس، و الحمد لله رب العالمين»

سورة الأنفال(8): الآيات 42 الي 43 ..... ص : 701

قوله تعالى:

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى إلى قوله تعالى- وَ لَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ [42- 43] 4335/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى يعني قريشا حيث نزلوا بالعدوة اليمانية، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث نزل بالعدوة الشامية. وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ و هي العير التي أفلتت.

4336/ [2]- العياشي: عن محمد بن يحيى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ.

قال: «أبو سفيان و أصحابه».

4337/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ الحرب لما وفيتم، و لكن الله جمعكم من غير ميعاد كان بينكم لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ قال: يعلم من بقي أن الله نصره.

__________________________________________________

59- تفسير العيّاشي 2: 64/ 68.

60- كتاب سليم بن قيس: 126.

1- تفسير القمّي 1: 278.

2- تفسير العيّاشي 2: 65/ 69.

3- تفسير القمّي 1: 278.

(1) في المصدر: كلّ هؤلاء منا.

(2) في المصدر: لأنّه لم.

(3) في المصدر: أن لا يطعمنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 702

قال: قوله: إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَ لَتَنازَعْتُمْ

فِي الْأَمْرِ المخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و المعنى لأصحابه، أراهم الله قريشا في نومهم قليلا و لو أراهم كثيرا لفزعوا.

سورة الأنفال(8): آية 44 ..... ص : 702

قوله تعالى:

وَ إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ [44]

4338/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار، و يكثر الكفار في أعين المسلمين، فشد عليه جبرئيل (عليه السلام) بالسيف فهرب منه، و هو يقول: يا جبرئيل، إني مؤجل، حتى وقع في البحر».

قال زرارة: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): لأي شي ء كان يخاف و هو مؤجل؟ قال: «يقطع بعض أطرافه».

سورة الأنفال(8): آية 47 ..... ص : 702

قوله تعالى:

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ [47] تقدم تفسيرها في حديث القصة «1».

سورة الأنفال(8): آية 48 ..... ص : 702

قوله تعالى:

وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ- إلى قوله تعالى- شَدِيدُ الْعِقابِ [48]

4339/ [2]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله بن أبي رافع الكاتب،

__________________________________________________

1- الكافي 8: 277/ 419.

2- الأمالي 1: 180. [.....]

(1) تقدم في الحديث (2) من تفسير الآيات (2- 6) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 703

قال: حدثنا جعفر بن محمد بن جعفر الحسني، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات، قال: حدثنا أبو المقدام ثعلبة بن زيد الأنصاري، قال: سمعت جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري (رحمه الله) يقول: تمثل إبليس (لعنه الله) في أربع صور: تمثل يوم بدر في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، فقال لقريش: لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكُمْ. و تصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج، فنادى أن محمدا و الصباة معه عند العقبة فأدركوهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للأنصار: «لا تخافوا فإن صوته لن يعدوه». و تصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد، و أشار عليهم في أمرهم «1»، فأنزل الله تعالى: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ «2». و تصور يوم قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) في صورة المغيرة

بن شعبة، فقال: أيها الناس، لا تجعلوها كسروانية و لا قيصرانية، وسعوها تتسع، فلا تردوا إلى «3» بني هاشم فتنتظر بها الحبالى.

4340/ [2]- الطبرسي: قيل: إنهم لما التقوا، كان إبليس في صف المشركين، آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه، فقال له الحارث بن هشام: يا سراقة، إلى أين، أ تخذلنا على هذه الحالة؟ فقال له: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ. فقال: و الله، ما ترى إلا جعاسيس «4» يثرب، فدفع في صدر الحارث و انطلق و انهزم الناس، فلما قدموا مكة، قالوا: هزم الناس سراقة، فبلغ ذلك سراقة، فقال: و الله، ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم. فقالوا: إنك أتيتنا يوم كذا، فحلف لهم، فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان. قال: روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

و روى ذلك أيضا ابن شهر آشوب، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) إلا أن في روايته: «فقال له الحارث:

يا سراقة بن جعشم، أ تخذلنا على هذه الحالة؟» «5» و قد مضى أيضا في حديث القصة «6».

4341/ [3]- العياشي: عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «لما عطش القوم يوم بدر انطلق علي (عليه السلام) بالقربة يستسقي، و هو على القليب، إذ جاءت ريح شديدة ثم مضت، فلبث ما بدا له، ثم جاءت ريح أخرى ثم مضت، ثم جاءته اخرى كادت أن تشغله و هو على القليب، ثم جلس حتى مضت.

__________________________________________________

2- مجمع البيان 4: 844.

3- تفسير العيّاشي 2: 65/ 70.

(1) في المصدر: في النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) بما أشار.

(2) الأنفال 8: 30.

(3) في المصدر: تردّوها في.

(4) الجعاسيس: جمع جعسوس،

اللئيم في الخلقة و الخلق. «لسان العرب- جعس- 6: 39».

(5) المناقب 1: 188.

(6) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (2- 6) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 704

فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبره بذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله). أما الريح الأولى فيها جبرئيل مع ألف من الملائكة، و الثانية فيها ميكائيل مع ألف من الملائكة، و الثالثة فيها إسرافيل مع ألف من الملائكة، و قد سلموا عليك، و هم مدد لنا، و هم الذين رآهم إبليس فنكص على عقبيه، يمشي القهقرى حين يقول: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ».

سورة الأنفال(8): آية 49 ..... ص : 704

قوله تعالى:

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ [49] تقدم معنى الآية في حديث القصة «1».

سورة الأنفال(8): آية 50 ..... ص : 704

قوله تعالى:

وَ لَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ [50]

4342/ [1]- العياشي: عن أبي علي المحمودي، عن أبيه، رفعه، في قول الله: يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ.

قال: إنما أراد و أستاههم، إن الله كريم يكني.

و قد تقدم في حديث معنى الآية في قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ الآية من سورة الأنعام، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2».

سورة الأنفال(8): آية 55 ..... ص : 704

قوله تعالى:

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [55]

4343/ [2]- علي بن إبراهيم: قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 65/ 71.

2- تفسير القمّي 1: 279.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (2- 6) من هذه السورة.

(2) تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآيتين (93- 94) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 705

ابن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (صلوات الله عليه)، في قوله: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزلت في بني أمية، فهم شر خلق الله، هم الذين كفروا في باطن القرآن، فهم لا يؤمنون».

4344/ [1]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

قال: «نزلت في بني امية، هم شر خلق الله، هم الذين كفروا في بطن القرآن، و هم الذين لا يؤمنون».

سورة الأنفال(8): آية 56 ..... ص : 705

قوله تعالى:

الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ [56] 4345/ [2]- علي بن إبراهيم: هم أصحابه الذين فروا يوم أحد.

سورة الأنفال(8): آية 58 ..... ص : 705

قوله تعالى:

وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ [58] 4346/ [3]- علي بن إبراهيم: نزلت في معاوية لما خان أمير المؤمنين (عليه السلام).

4347/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ثلاث من كن فيه كان منافقا و إن صام و صلى و زعم أنه مسلم: من إذا ائتمن خان، و إذا حدث كذب، و إذا وعد أخلف. إن الله عز و جل قال في كتابه: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ، و قال: أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ «1»، و في قوله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير العياشي 2: 65/ 72. [.....]

2- تفسير القمي 1: 279.

3- تفسير القمي 1: 279.

4- الكافي 2: 221/ 8.

(1) النور 24: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 706

وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا «1».

سورة الأنفال(8): آية 60 ..... ص : 706

قوله تعالى:

وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ [60] 4348/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قال: السلاح.

4349/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن ظريف، عن عبد الله بن المغيرة، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في قول الله عز و جل: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ، قال: «الرمي».

4350/ [3]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن سعيد بن جناح،

عن أبي خالد الزيدي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «دخل قوم على الحسين بن علي (صلوات الله عليه) فرأوه مختضبا بالسواد، فسألوه عن ذلك، فمد يده إلى لحيته، ثم قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في غزاة غزاها أن يختضبوا بالسواد ليقووا به على المشركين».

4351/ [4]- ابن بابويه مرسلا في (الفقيه): قال الصادق (عليه السلام): «الخضاب بالسواد انس للنساء، و مهابة للعدو».

قال: قال (عليه السلام) في قول الله عز و جل وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، قال: «منه الخضاب بالسواد».

4352/ [5]- العياشي: عن محمد بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، قال: «سيف و ترس».

4353/ [6]- عن جابر الأنصاري «2»، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ.

قال: «الرمي».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 279.

2- الكافي 5: 49/ 12.

3- الكافي 6: 481/ 4.

4- من لا يحضره الفقيه 1: 70/ 281، 282.

5- تفسير العيّاشي 2: 66/ 73.

6- تفسير العيّاشي 2: 66/ 74.

(1) مريم 19: 54.

(2) في المصدر: عبد اللّه بن المغيرة رفعه، انظر سند الحديث الثاني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 707

4354/ [7]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ ألا إن القوة الرمي».

سورة الأنفال(8): آية 61 ..... ص : 707

قوله تعالى:

وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها [61]

4355/ [8]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي

عبد الله، في قوله تعالى: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها، قلت:

ما السلم؟ قال: «الدخول في أمرنا».

4356/ [9]- العياشي: عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها، فسئل: ما السلم؟ قال: «الدخول في أمرك».

سورة الأنفال(8): الآيات 62 الي 63 ..... ص : 707

قوله تعالى:

وَ إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ- إلى قوله تعالى- عَزِيزٌ حَكِيمٌ [62- 63]

4357/ [10]- ابن بابويه: قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا جعفر بن سلمة الأهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا العباس بن بكار، عن عبد الواحد بن أبي عمرو، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «مكتوب على العرش: أنا الله لا إله إلا أنا، وحدي لا شريك لي، و محمد عبدي و رسولي، أيدته بعلي، فأنزل عز و جل: هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ فكان النصر عليا، و دخل مع المؤمنين، فدخل في الوجهين جميعا».

__________________________________________________

7- ربيع الأبرار 3: 338.

8- الكافي 1: 343/ 16. [.....]

9- تفسير العيّاشي 2: 66/ 75.

10- الأمالي: 179/ 3، شواهد التنزيل 1: 223/ 299، كفاية الطالب: 234، ترجمة الإمام عليّ (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 2: 419/ 926، الدر المنثور 4: 100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 708

و رواه أبو نعيم في كتاب (حلية الأولياء): بإسناده عن أبي صالح، عن أبي هريرة «1».

و رواه ابن الفارسي، عن أبي هريرة، مثله «2».

4358/ [2]- ابن شهر آشوب: قال: في (تاريخ بغداد): روى عيسى بن محمد البغدادي، عن الحسين

بن إبراهيم، عن حميد الطويل، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوبا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي، نصرته بعلي، و ذلك قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4359/ [3]- و روي أيضا عن السمعاني في (فضائل الصحابة) بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن أبي الحمراء، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «لما أسري بي إلى السماء السابعة نظرت إلى ساق العرش الأيمن فرأيت كتابا فهمته: محمد رسول الله أيدته بعلي، و نصرته به».

4360/ [4]- و قال في (الرسالة القوامية) و (حلية الأولياء) و اللفظ لها: عن سعيد بن جبير، أنه قال أبو الحمراء:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رأيت ليلة أسري بي مثبتا على ساق العرش: أنا غرست جنة عدن بيدي، و محمد صفوتي من خلقي، أيدته بعلي، نصرته بعلي».

4361/ [5]- الشيخ: في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد العلوي الحسني (رحمه الله) سنة سبع و ثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم)، قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: المؤمن غر كريم «3»، و الفاجر خب «4» لئيم، و خير المؤمنين من كان مألفه للمؤمنين، و لا خير فيمن لا يألف

و لا يؤالف».

قال: و سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «شرار الناس من يبغض المؤمنين، و تبغضه قلوبهم، المشاءون «5» بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للناس العيب، أولئك لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، و لا يزكيهم» ثم تلا (صلى الله عليه و آله): هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ.

__________________________________________________

2- ........ تاريخ بغداد 11: 173/ 5876، شواهد التنزيل 1: 224/ 300، كنزل العمال 11: 624/ 33041.

3- ........ شواهد التنزيل 1: 227/ 304.

4- ........ حليه الأولياء 3: 27.

5- الأمالي 2: 77.

(1) تأويل الآيات 1: 195/ 9، عن حلية الأولياء، و لم نجده في الحلية.

(2) روضة الواعظين: 42.

(3) أي ليس بذي نكر، فهو لا ينخدع لانقياده و لينه، و هو ضدّ الخبّ، يريد أنّ المؤمن المحمود من طبعه الغرارة، و قلّة الفطنة للشرّ، و ترك البحث عنه، و ليس ذلك منه جهلا، و لكنّه كرم و حسن خلق. «النهاية 3: 354».

(4) الخبّ: الخدّاع، و هو الذي يسعى بين الناس بالفساد.

(5) في المصدر: و محقا و بعدا للمشائين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 709

4362/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: نزلت في الأوس و الخزرج.

4363/ [7]- و قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن هؤلاء قوم كانوا معه من قريش، فقال الله: فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فهم الأنصار، كان بين الأوس و الخزرج حرب شديدة و عداوة في الجاهلية، فألف الله بين قلوبهم، و نصر بهم نبيه (صلى

الله عليه و آله)، فالذين ألف بين قلوبهم هم الأنصار خاصة».

سورة الأنفال(8): آية 64 ..... ص : 709

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [64] 4364/ [8]- شرف الدين النجفي: قال: تأويله ذكره أبو نعيم في (حلية الأولياء) بطريقه إلى أبي هريرة، قال:

نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و هو المعني بقوله: الْمُؤْمِنِينَ.

سورة الأنفال(8): الآيات 65 الي 66 ..... ص : 709

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ- إلى قوله تعالى- فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [65- 66] 4365/ [9]- علي بن إبراهيم: قال: قال: كان الحكم في أول النبوة في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن الرجل الواحد وجب عليه أن يقاتل عشرة من الكفار، فإن هرب منهم فهو الفار من الزحف، و المائة يقاتلون ألفا، ثم علم الله أن فيهم ضعفا لا يقدرون على ذلك، فأنزل الله: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ، ففرض الله عليهم أن يقاتل رجل من المؤمنين رجلين من الكفار، فإن فر منهما فهو الفار من الزحف، فإن كانوا ثلاثة من الكفار و واحدا من المسلمين، ففر المسلم منهم، فليس هو الفار من

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 279.

7- تفسير القمّي 1: 279.

8- تأويل الآيات 1: 196/ 11، شواهد التنزيل 1: 230/ 305 و 306، النور المشتعل: 92/ 18، 19. [.....]

9- تفسير القمّي 1: 279.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 710

الزحف.

4366/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان يقول: «من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر، و من فر من ثلاثة في القتال من

الزحف فلم يفر».

4367/ [3]- العياشي: عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن جده: ما أتى علي يوم قط أعظم من يومين أتيا علي، فأما اليوم الأول فيوم قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أما اليوم الثاني فو الله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة، عن يمين أبي بكر، و الناس يبايعونه، إذ قال له عمر: يا هذا، ليس في يديك شي ء ما لم يبايعك علي، فابعث إليه حتى يأتيك يبايعك، فإنما هؤلاء رعاع. فبعث إليه قنفذا فقال له: اذهب فقل لعلي: أجب خليفة رسول الله (صلى الله عليه و آله). فذهب قنفذ، فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر: قال لك: «ما خلف رسول الله أحدا غيري».

قال: ارجع إليه فقل: أجب، فإن الناس قد أجمعوا على بيعتهم إياه، و هؤلاء المهاجرون و الأنصار يبايعونه، و قريش، و إنما أنت رجل من المسلمين، لك ما لهم و عليك ما عليهم. فذهب إليه قنفذ، فما لبث أن رجع، فقال:

قال لك: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لي و أوصاني أن إذا واريته في حفرته لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب الله، فإنه في جرائد النخل و في أكتاف الإبل». قال: قال عمر: قوموا بنا إليه.

فقام أبو بكر و عمر و عثمان، و خالد بن الوليد، و المغيرة بن شعبة، و أبو عبيدة بن الجراح، و سالم مولى أبي حذيفة، و قنفذ، و قمت معهم، فلما انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة (صلوات الله عليها) أغلقت الباب في وجوههم، و هي لا تشك أن لا يدخل عليها إلا بإذنها، فضرب عمر الباب برجله فكسره «1»، ثم دخلوا فأخرجوا عليا (عليه السلام)

ملببا «2». فخرجت فاطمة (عليها السلام) فقالت: «يا أبا بكر، أ تريد أن ترملني من زوجي، و الله لئن لم تكف عنه لأنشرن شعري، و لأشقن جيبي و لآتين قبر أبي و لأصيحن إلى ربي» فأخذت بيد الحسن و الحسين (عليهما السلام) و خرجت تريد قبر النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال علي (عليه السلام) لسلمان: «أدرك ابنة محمد، فإني أرى جنبي المدينة يكفيان، و الله إن نشرت شعرها، و شقت جيبها، و أتت قبر أبيها، و صاحت إلى ربها لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها و بمن فيها».

فأدركها سلمان فقال: يا بنت محمد، إن الله إنما بعث أباك رحمة، فارجعي. فقالت: «يا سلمان، يريدون قتل علي، ما على علي صبر، فدعني حتى آتي قبر أبي فأنشر شعري، و أشق جيبي، و أصيح إلى ربي». فقال سلمان:

إني أخاف أن يخسف بالمدينة، و علي بعثني إليك و يأمرك أن ترجعي إلى بيتك و تنصرفي، فقالت: «إذن أرجع و أصبر و أسمع له و أطيع».

__________________________________________________

2- التهذيب 6: 174/ 432.

3- تفسير العيّاشي 2: 66/ 76.

(1) في المصدر زيادة: و كان من سعف.

(2) لببته: إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره و جررته به، و أخذت بتلبيب فلان: إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لا بسه و قبضت عليه تجرّه. «النهاية 4: 223».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 711

فأخرجوه من منزله ملببا، و مروا به على قبر النبي (صلى الله عليه و آله) قال: فسمعته يقول: ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي «1» إلى آخر الآية، و جلس أبو بكر في سقيفة بنى ساعدة، و قدم علي (عليه السلام) فقال له عمر: بايع.

فقال له علي: «فإن أنا لم أفعل،

فمه؟» فقال له عمر: إذن أضرب، و الله، عنقك. فقال له علي: «إذن، و الله، أكون عبد الله المقتول و أخا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال عمر: أما عبد الله المقتول فنعم، و أما أخو رسول الله فلا، حتى قالها ثلاثا.

فبلغ ذلك العباس بن عبد المطلب، فأقبل مسرعا يهرول، فسمعته يقول: ارفقوا بابن أخي «2»، و لكم علي أن يبايعكم. فأقبل العباس و أخذ بيد علي (عليه السلام) فمسحها على يد أبي بكر، ثم خلوه مغضبا، فسمعته يقول: «3» «اللهم، إنك تعلم أن النبي (صلى الله عليه و آله) قد قال لي: إن تموا عشرين فجاهدهم، و هو قولك في كتابك: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ» قال: و سمعته يقول: «اللهم، و إنهم لم يتموا عشرين». حتى قالها ثلاثا، ثم انصرف.

4368/ [4]- عن فرات بن أحنف، عن بعض أصحابه، عن علي (عليه السلام) أنه قال: «ما نزل بالناس أزمة قط إلا كان شيعتي فيها أحسن حالا، و هو قول الله: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً».

4369/ [5]- عن الحسن بن صالح، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان علي (صلوات الله عليه) يقول: من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر من الزحف، و من فر من ثلاثة رجال في القتال فلم يفر من الزحف».

سورة الأنفال(8): آية 70 ..... ص : 711

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [70]

4370/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن

__________________________________________________

4-

تفسير العيّاشي 2: 68/ 77.

5- تفسير العيّاشي 2: 68/ 78.

1- الكافي 8: 202/ 244.

(1) الأعراف 7: 150.

(2) في «س»: ارفعوا بأس ابن أخيكم.

(3) في المصدر زيادة: و رفع رأسه إلى السماء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 712

أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول في هذه الآية: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ، قال: «نزلت في العباس و عقيل و نوفل».

و قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم و أبو البختري «1»، فأسروا، فأرسل عليا (عليه السلام) فقال: انظر من ها هنا من بني هاشم؟- قال:- فمر علي (عليه السلام) على عقيل بن أبي طالب فحاد عنه، فقال له عقيل: يا بن ام علي «2»، أما و الله لقد رأيت مكاني- قال:- فرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال: هذا أبو الفضل في يد فلان، و هذا عقيل في يد فلان، و هذا نوفل بن الحارث في يد فلان.

فقام «3» رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى إلى عقيل، فقال له: يا أبا يزيد، قتل أبو جهل. فقال: إذن لا تنازعون في تهامة، فقال: إن كنتم أثخنتم القوم، و إلا فاركبوا أكتافهم».

قال: «فجي ء بالعباس، فقيل له: أفد نفسك، و افد ابن أخيك. فقال: يا محمد، تتركني أسأل قريشا في كفي؟

فقال: أعط مما خلفته عند ام الفضل، و قلت لها: إن أصابني في وجهي هذا شي ء فأنفقيه على نفسك و ولدك. فقال له: يا بن أخي من أخبرك بهذا؟ فقال: أتاني [به

جبرئيل (عليه السلام) من عند الله عز ذكره. فقال: و محلوفه «4» ما علم بهذا أحد إلا أنا و هي، أشهد أنك رسول الله».

قال: «فرجع الأسارى كلهم مشركين إلا العباس و عقيل و نوفل كرم الله وجوههم، و فيهم نزلت هذه الآية قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً إلى آخر الآية».

4371/ [2]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن عبد الله بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه (عليه السلام)، قال: «أوتي النبي (صلى الله عليه و آله) بمال- دراهم- فقال النبي (صلى الله عليه و آله) للعباس: يا عباس، ابسط رداءك و خذ من هذا المال طرفا. فبسط رداءه، و أخذ منه طائفة، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم): يا عباس، هذا من الذي قال الله تبارك و تعالى: قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

4372/ [3]- العياشي: عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول في هذه الآية قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ،

__________________________________________________

2- قرب الأسناد: 12.

3- تفسير العياشي 2: 68/ 79.

(1) أبو البختري: هو العاص بن هشام، قيل: نهى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قتله لأنه لبس السلاح بمكة يوما و منع القوم من إيذائه (صلى الله عليه و آله)، و كان ممن اهتم في نقص صحيفة المقاطعة المعروفة. راجع المغازي للواقدي 1: 80، الكامل في التاريخ 2:

128. [.....]

(2) أي أقبل علي.

(3) في «س»: فجاء.

(4) قال المجلسي في (مرآة العقول 26: 115): قوله: «و محلوفه» الظاهر أنه حلف باللات و العزى، فكره (عليه السلام) التكلم به فعبر عنه بمحلوفه، أي بالذي حلف به، و في الكشاف أنه حلف بالله. و في (لسان العرب- حلف- 9: 53». و يقولون: محلوفة بالله ما قال ذلك، ينصبون على إضمار يحلف بالله محلوفة أي قسما، و المحلوفة هو القسم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 713

قال: «نزلت في العباس و عقيل و نوفل».

و قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم و أبو البختري، فأسروا، فأرسل عليا فقال: انظر من ها هنا من بني هاشم- قال:- فمر على عقيل بن أبي طالب فحاد «1» عنه- قال:- فقال له: يا بن ام علي، أما و الله لقد رأيت مكاني- قال:- فرجع إلى رسول الله (عليه و آله السلام) فقال له: هذا أبو الفضل في يد فلان، و هذا عقيل في يد فلان، و هذا نوفل في يد فلان. يعني نوفل بن الحارث.

فقام رسول الله (عليه و آله السلام) حتى انتهى إلى عقيل، فقال له: يا أبا يزيد، قتل أبو جهل. فقال: إذن لا تنازعون في تهامة. قال: إن كنتم أثخنتم القوم، و إلا فاركبوا أكتافهم».

قال: «فجي ء بالعباس، فقيل له: أفد نفسك، و افد ابني «2» أخيك. فقال: يا محمد، تتركني أسأل قريشا في كفي! فقال له: أعط مما خلفت عند ام الفضل، و قلت لها: إن أصابني شي ء في وجهي فأنفقيه على ولدك و نفسك.

قال: يا بن أخي، من أخبرك بهذا! قال: أتاني به جبرئيل من عند الله.

فقال: و محلوفه- ما علم بهذا إلا أنا و هي، أشهد أنك رسول الله».

قال: «فرجع الأسارى كلهم مشركين إلا العباس و عقيل و نوفل بن الحارث، و فيهم نزلت هذه الآية قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إلى آخرها».

4373/ [4]- عن علي بن أسباط، سمع أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «قال أبو عبد الله (عليه السلام) «3»: أتي النبي (صلى الله عليه و آله) بمال، فقال للعباس: ابسط رداءك فخذ من هذا المال طرفا. قال: فبسط رداءه فأخذ طرفا من ذلك المال، قال: ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هذا مما قال الله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

4374/ [5]- الشيخ المفيد في كتاب (الاختصاص): عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل العلوي، قال: حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني الشيخ، قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): «لما أمرهم هارون الرشيد بحملي، دخلت عليه، فسلمت، فلم يرد السلام، و رأيته مغضبا، فرمى إلي بطومار «4» فقال: «اقرأه. فإذا فيه كلام قد علم الله عز و جل براءتي منه. و فيه: أن موسى بن جعفر يجبى إليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة ممن يقول بإمامته، يدينون الله بذلك، و يزعمون أنه فرض عليهم إلى أن يرث الله الأرض و من عليها، و يزعمون أنه من لم يهب إليه العشر، و لم يصل بإمامتهم، و يحج بإذنهم،

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 69/ 80.

5- الاختصاص: 54.

(1) في المصدر: فجاز.

(2) في «ط»:

ابن.

(3) (قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) ليس في «س».

(4) الطومار: الصحيفة. «لسان العرب- طمر- 4: 503».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 714

و يجاهد بأمرهم، و يحمل الغنيمة إليهم، و يفضل الأئمة على جميع خلقه، و يفرض طاعتهم مثل طاعة الله و طاعة رسوله فهو كافر، حلال ماله و دمه.

و فيه كلام شناعة مثل: المتعة بلا شهود، و استحلال الفروج بأمره و لو بدرهم، و البراءة من السلف، و يلعنون عليهم في صلاتهم، و يزعمون أن من لم يتبرأ منهم فقد بانت امرأته منه، و من أخر الوقت فلا صلاة له، لقول الله تبارك و تعالى: أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا «1» يزعمون أنه واد في جهنم.

و الكتاب طويل، و أنا قائم أقرأ، و هو ساكت، فرفع رأسه، و قال: قد اكتفيت بما قرأت فتكلم بحجتك بما قرأت.

قلت: يا أمير المؤمنين، و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة ما حمل إلي قط أحد درهما و لا دينارا من طريق الخراج، لكنا معاشر آل أبي طالب نقبل الهدية التي أحلها الله عز و جل لنبيه (عليه السلام) في قوله: لو أهدي إلي كراع لقبلته، و لو دعيت إلى ذراع غنم لأجبته. و قد علم أمير المؤمنين ضيق ما نحن فيه، و كثرة عدونا، و ما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب، فضاق بنا الأمر، و حرمت علينا الصدقة، و عوضنا الله عز و جل منها الخمس، فاضطررنا إلى قبول الهدية، و كل ذلك مما علمه أمير المؤمنين. فلما تم كلامي سكت.

ثم قلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لابن عمه في حديث عن آبائه، عن النبي (صلى

الله عليه و آله)؟ فكأنه اغتنمها، فقال: مأذون لك، هاته.

فقلت: حدثني أبي عن جدي يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه و آله): إن الرحم إن «2» مست رحما تحركت و اضطربت. فإن رأيت أن تناولني يدك؟ فأشار بيده إلي، ثم قال: ادن. فدنوت، فصافحني و جذبني إلى نفسه مليا، ثم فارقني و قد دمعت عيناه، فقال لي: اجلس يا موسى، فليس عليك بأس، صدقت و صدق جدك، و صدق النبي (صلى الله عليه و آله)، لقد تحرك دمي، و اضطربت عروقي، و اعلم أنك لحمي و دمي، و أن الذي حدثتني به صحيح، و إني أريد أن أسألك عن مقالة «3»، فإن أجبتني أعلم أنك قد صدقتني، و خليت عنك و وصلتك، و لم أقبل «4» ما قيل فيك. فقلت: ما كان علمه عندي أجبتك فيه.

فقال: لم لا تنهون شيعتكم عن قولهم لكم: يا بن رسول الله. و أنتم ولد علي، و فاطمة إنما هي وعاء، و الولد ينسب إلى الأب لا إلى الأم؟ فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة ففعل. فقال: لست أفعل أو أجبت. فقلت: فأنا في أمانك أن لا يصيبني من آفة السلطان شي ء؟ فقال: لك الأمان.

قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ __________________________________________________

(1) مريم 19: 59.

(2) في المصدر: إذا.

(3) في المصدر و «ط»: مسألة.

(4) في المصدر: و لم أصدق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 715

وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى «1» فمن أبو

عيسى؟ فقال: ليس له أب، إنما خلق من كلام الله عز و جل و روح القدس.

فقلت: إنما الحق عيسى بذراري الأنبياء (عليهم السلام) من قبل مريم، و ألحقنا بذراري الأنبياء من قبل فاطمة (عليها السلام)، لا من قبل علي (عليه السلام). فقال: أحسنت أحسنت، يا موسى، زدني من مثله.

فقلت: اجتمعت الأمة، برها و فاجرها، أن حديث النجراني حين دعاه النبي (صلى الله عليه و آله) إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلا النبي (صلى الله عليه و آله) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فقال الله تبارك و تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ «2» فكان تأويل أَبْناءَنا الحسن و الحسين وَ نِساءَنا فاطمة وَ أَنْفُسَنا علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقال: أحسنت.

ثم قال: أخبرني عن قولكم: ليس للعم مع ولد الصلب ميراث؟ فقلت: أسألك- يا أمير المؤمنين- بحق الله و بحق رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن تعفيني من تأويل هذه الآية و كشفها، و هي عند العلماء مشهورة «3». فقال: إنك قد ضمنت لي أن تجيب فيما أسألك، و لست أعفيك، فقلت: فجدد لي الأمان. فقال: قد أمنتك.

فقلت: إن النبي (صلى الله عليه و آله) لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر، و إن عمي العباس قدر على الهجرة فلم يهاجر، و إنما كان في عداد الأسارى عند النبي (صلى الله عليه و آله)، و جحد أن يكون له الفداء، فأنزل الله تبارك و تعالى على النبي (صلى الله عليه و آله) يخبره بدفين له من ذهب،

فبعث عليا (عليه السلام) فأخرجه من عند أم الفضل، و أخبر العباس بما أخبره جبرئيل عن الله تبارك و تعالى، فأذن لعلي، و أعطاه علامة الموضع الذي دفن فيه، فقال العباس عند ذلك: يا بن أخي، ما فاتني منك أكثر، و أشهد أنك رسول رب العالمين. فلما أحضر علي الذهب قال العباس: أفقرتني يا بن أخي. فأنزل الله تبارك و تعالى: إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ، و قوله: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا- ثم قال:- وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ «4»، فرأيته قد اغتم».

4375/ [6]- الطبرسي: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «كان الفداء يوم بدر كل رجل من المشركين بأربعين أوقية- الأوقية أربعون مثقالا- إلا العباس فإن فداءه كان مائة أوقية، و كان أخذ منه حين أسر عشرون أوقية ذهبا، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ذاك غنيمة، ففاد نفسك و ابني أخيك نوفلا و عقيلا. فقال: ليس معي شي ء. فقال: أين الذهب الذي سلمته إلى ام الفضل، و قلت: إن حدث بي حدث فهو لك و للفضل و عبد الله؟ «5» فقال: من أخبرك بهذا! قال:

__________________________________________________

6- مجمع البيان 4: 860. [.....]

(1) الأنعام 6: 84- 85.

(2) آل عمران 3: 61.

(3) في المصدر و «ط»: مستورة.

(4) الأنفال 8: 72.

(5) في المصدر زيادة: و قثم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 716

الله تعالى. فقال: أشهد أنك رسول الله، و الله ما اطلع على هذا أحد إلا الله تعالى».

سورة الأنفال(8): آية 72 ..... ص : 716

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ آوَوْا وَ نَصَرُوا

أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [72] 4376/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الحكم في أول النبوة أن المواريث كانت على الاخوة لا على الولادة، فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة آخى بين المهاجرين و الأنصار «1»، فكان إذا مات الرجل يرثه أخوه في الدين، و يأخذ المال، و كان ما ترك له دون ورثته. فلما كان بعد ذلك «2» أنزل الله النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً «3» فنسخت آية الأخوة بقوله: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ.

4377/ [2]- الطبرسي: عن الباقر (عليه السلام): «أنهم كانوا يتوارثون بالمؤاخاة «4»».

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا [72]

4378/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو أحمد هاني بن محمد بن محمود «5» العبدي (رضي الله عنه)، قال حدثنا أبي __________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 280.

2- مجمع البيان 4: 862.

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 81/ 9.

(1) في «ط»: بين المهاجرين و المهاجرين و بين الأنصار و الأنصار.

(2) في المصدر: بعد بدر.

(3) الأحزاب 33: 6.

(4) في المصدر زيادة: الأولى.

(5) في «س»: بياض، و في «ط»: قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن محمود، و الصواب ما في المتن. راجع تنقيح المقال 3: 290، معجم رجال الحديث 19: 250.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 717

محمد بن محمود، بإسناده، رفعه إلى موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: «لما دخلت على هارون الرشيد فسلمت عليه فرد علي السلام، قال: يا موسى بن جعفر، خليفتان يجبى إليهما الخراج؟! فقلت: يا

أمير المؤمنين، أعيذك بالله أن تبوء بإثمي و إثمك، و تقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد علمت أنه كذب علينا منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما علم ذلك عندك، فإن رأيت بقرابتك من رسول الله (صلى الله عليه و آله)- إن تأذن لي- أن أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جده رسول الله (صلى الله عليه و آله)، [فقال: قد أذنت لك.

فقلت: أخبرني أبي، عن آبائه، عن جده رسول الله (صلى الله عليه و آله)] أنه قال: الرحم إذا مست الرحم تحركت و اضطربت، فناولني يدك، جعلني الله فداك. فقال: ادن، فدنوت منه، فأخذ بيدي في يده، ثم جذبني إلى نفسه، و عانقني طويلا، ثم تركني، و قال: اجلس يا موسى، فليس عليك بأس. فنظرت إليه فإذا أنه قد دمعت عيناه، فرجعت إلى نفسي، فقال: صدقت، و صدق جدك (صلى الله عليه و آله) لقد تحرك دمي، و اضطربت عروقي، حتى غلبت علي الرقة و فاضت عيناي، و أنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين، لم أسأل عنها أحدا، فإن أنت أجبتني عنها خليت عنك، و لم أقبل قول أحد فيك، و قد بلغني أنك لم تكذب قط، فاصدقني عما أسألك مما في قلبي؟

فقلت: ما كان علمه عندي فإني سأخبرك إن أنت أمنتني. قال: لك الأمان إن صدقتني و تركت التقية التي تعرفون بها، معشر بني فاطمة.

فقلت: ليسأل أمير المؤمنين عما شاء. قال: أخبرني لم فضلتم علينا، و نحن و أنتم من شجرة واحدة، و بنو عبد المطلب و نحن واحد، إنا بنو العباس و أنتم ولد أبي طالب، و هما عما رسول الله (صلى

الله عليه و آله) و قرابتهما منه سواء؟ فقلت: نحن أقرب. قال: و كيف ذلك؟

قلت: لأن عبد الله و أبا طالب لأب و ام، و أبوكم العباس ليس هو من أم عبد الله و لا من أم أبي طالب «1».

قال: فلم ادعيتم أنكم ورثتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و العم يحجب ابن العم، و قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد توفي أبو طالب قبله، و العباس عمه حي؟ فقلت له: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني عن هذه المسألة و يسألني عن كل باب سواه يريده، فقال: لا، أو تجيبني «2». فقلت: فأمني، فقال: قد أمنتك قبل الكلام.

فقلت: إن في قول علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه ليس مع ولد الصلب، ذكرا كان أو أنثى، لأحد سهم إلا الأبوين و الزوج و الزوجة، و لم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث، و لم ينطق به الكتاب، إلا أن تيما و عديا و بني امية قالوا: العم والد. رأيا منهم، بلا حقيقة و لا أثر من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و من قال بقول علي (عليه السلام) من العلماء فقضاياهم خلاف قضايا هؤلاء، هذا نوح بن دراج يقول في هذه المسألة بقول علي (عليه السلام)، و قد حكم به، و قد ولاه أمير المؤمنين المصرين- الكوفة و البصرة- و قد قضى به، فأنهي إلى أمير المؤمنين، فأمر بإحضاره و إحضار من

__________________________________________________

(1) ذكر النسّابون أنّ أمّ عبد اللّه و أبي طالب هي: فاطمة بنت عمرو، و امّ العبّاس: نتيلة بنت جناب بن كليب. انظر جمهرة أنساب العرب: 15، التبيين في أنساب القرشيين: 96 و 97. [.....]

(2)

في المصدر: أو تجيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 718

يقول بخلاف قوله، منهم سفيان الثوري، و إبراهيم المدني و الفضيل بن عياض «1»، فشهدوا أنه قول علي (عليه السلام) في هذه المسألة، فقال لهم فيما أبلغني بعض العلماء من أهل الحجاز: فلم لا تفتون به و قد قضى به نوح بن دراج؟

فقالوا: جسر نوح و جبنا «2».

و قد أمضى أمير المؤمنين قضيته بقول قدماء العامة عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: علي أقضاكم. و كذلك قال عمر بن الخطاب: علي أقضانا. و هو اسم جامع، لأن جميع ما مدح به النبي (صلى الله عليه و آله) أصحابه من القراءة و الفرائض و العلم داخل في القضاء. قال: زدني، يا موسى. قلت: المجالس بالأمانات، و خاصة مجلسك. فقال: لا بأس عليك.

فقلت: إن النبي (صلى الله عليه و آله) لم يورث من لم يهاجر، و لا أثبت له ولاية، حتى يهاجر. فقال: ما حجتك فيه؟

قلت: قول الله تبارك و تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا و إن عمي العباس لم يهاجر.

فقال: إني أسألك، يا موسى، هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا؟ أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشي ء؟ فقلت: اللهم لا، و ما سألني عنها إلا أمير المؤمنين.

ثم قال: لم جوزتم للعامة و الخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله). و يقولون لكم: يا بني رسول الله، و أنتم بنو علي، و إنما ينسب المرء إلى أبيه، و فاطمة إنما هي وعاء، و النبي (صلى الله عليه و آله) جدكم من قبل أمكم؟

فقلت: يا أمير المؤمنين، لو أن النبي

(صلى الله عليه و آله) نشر فخطب إليك كريمتك، هل كنت تجيبه؟ فقال:

سبحان الله! و لم لا أجيبه، بل أفتخر على العرب و العجم و قريش بذلك. فقلت له: و لكنه (عليه السلام) لا يخطب إلي و لا أزوجه. فقال: و لم؟ فقلت: لأنه (صلى الله عليه و آله) ولدني و لم يلدك. فقال: أحسنت يا موسى.

ثم قال: كيف قلتم إنا ذرية النبي، و النبي (صلى الله عليه و آله) لم يعقب، و إنما العقب للذكر لا للأنثى، و أنتم ولد لابنته «3»، و لا يكون لها عقب؟ فقلت: أسألك بحق القرابة و القبر و من فيه إلا أعفيتني عن هذه المسألة.

فقال: لا، أو تخبرني عن حجتكم فيه يا ولد علي، و أنت يا موسى يعسوبهم و إمام زمانهم، كذا أنهي إلي، و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله تعالى، و أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شي ء، لا ألف و لا واو إلا تأويله عندكم، و احتججتم بقوله عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «4»، و قد استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم. فقلت: تأذن لي في الجواب؟ فقال: هات.

فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ __________________________________________________

(1) في «س»: و الفضل بن عياض، تصحيف. انظر ترجمته في حلية الأولياء 8: 84، سير أعلام النبلاء 8: 421.

(2) في «س» و «ط»: حبس نوح حينا.

(3) في المصدر: و أنتم ولد البنت.

(4) الأنعام 6: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 719

وَ

زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى «1» من أبو عيسى، يا أمير المؤمنين؟ قال: ليس لعيسى أب. فقلت: إنما ألحقه الله بذراري الأنبياء (عليهم السلام) من طريق مريم (عليها السلام) و كذلك ألحقنا بذراري النبي (صلى الله عليه و آله) من قبل أمنا فاطمة (عليها السلام)، أزيدك يا أمير المؤمنين؟ قال: هات. قلت:

قول الله عز و جل: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «2» و لم يدع أحد أنه أدخله النبي (صلى الله عليه و آله) تحت الكساء عند المباهلة مع النصارى إلا علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين، فكان تأويل قوله عز و جل: أَبْناءَنا الحسن و الحسين و نِساءَنا فاطمة و أَنْفُسَنا علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

على أن العلماء قد أجمعوا على أن جبرئيل (عليه السلام) قال يوم أحد: يا محمد، إن هذه لهي المواساة من علي. قال: إنه مني و أنا منه. فقال جبرئيل: و أنا منكما يا رسول الله. ثم قال: لا سيف إلا ذو الفقار، و لا فتى إلا علي.

فكان كما مدح الله عز و جل به خليله (عليه السلام) إذ يقول فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ «3» إنا معشر بني عمك نفتخر بقول جبرئيل: إنه منا. فقال: أحسنت يا موسى، ارفع إلينا حوائجك.

فقلت له: أول حاجة أن تأذن لابن عمك أن يرجع إلى حرم جده (صلى الله عليه و آله) و إلى عياله. فقال: ننظر إن شاء الله».

فروي أنه أنزله عند السندي بن شاهك، فزعم أنه توفي عنده، و الله أعلم.

4379/

[2]- ابن شهر آشوب: عن موسى بن عبد الله بن الحسن و معتب و مصادف موليا الصادق (عليه السلام) في خبر أنه لما دخل هشام بن الوليد «4» المدينة أتاه بنو العباس، و شكوا إليه من الصادق (عليه السلام) أنه أخذ تركات ماهر الخصي دوننا، فخطب أبو عبد الله (عليه السلام) فكان مما قال: «إن الله تعالى لما بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان أبونا أبو طالب المواسي له بنفسه، و الناصر له، و أبوكم العباس و أبو لهب يكذبانه و يوليان عليه شياطين الكفر، و أبوكم يبغي له الغوائل، و يقود إليه القبائل في بدر، و كان في أول رعيلها، و صاحب خيلها و رجلها، المطعم يومئذ، و الناصب الحرب له- ثم قال-: فكان أبوكم طليقنا و عتيقنا، و أسلم كارها تحت سيوفنا، لم يهاجر إلى الله و رسوله هجرة قط، فقطع الله ولايته منا بقوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ. في كلام له- ثم قال-: «هذا مولى لنا مات فحزنا تراثه، إذ كان مولانا، و لأنا ولد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمنا فاطمة أحرزت ميراثه».

__________________________________________________

2- المناقب 1: 261.

(1) الأنعام 6 84 و 85.

(2) آل عمران 3: 61.

(3) الأنبياء 21: 60.

(4) الظاهر أنّ الصحيح: هشام أبو الوليد، و هو هشام بن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، كان أحد خلفاء زمان إمامة الصادق (عليه السّلام)، راجع سير أعلام النبلاء 5: 351.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 720

4380/ [3]- العياشي: عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالوا:

سألناهما عن قوله:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا، قال: «بأن أهل مكة لا يرثون أهل المدينة».

4381/ [4]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في الأعراب، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) صالحهم على أن يدعهم في ديارهم و لم يهاجروا إلى المدينة، و على أنه إن أرادهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) غزا بهم، و ليس لهم من الغنيمة شي ء، و أوجبوا علي النبي (صلى الله عليه و آله) أنه إذا دهاهم من الأعراب من غيرهم، أو دهاهم داهم من عدوهم أن ينصرهم، إلا على قوم بينهم و بين الرسول عهد و ميثاق إلى مدة.

سورة الأنفال(8): الآيات 73 الي 75 ..... ص : 720

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ- إلى قوله تعالى- فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [73- 75] 4382/ [5]- علي بن إبراهيم: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يعني يوالي بعضهم بعضا. ثم قال:

إِلَّا تَفْعَلُوهُ يعني إن لم تفعلوه، فوضع حرف مكان حرف تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ ثم قال:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ قال: نسخت قوله: وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ «1».

4383/ [6]- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم «2»، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الخال و الخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد، إن الله يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ».

4384/ [7]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب، عن أبي بصير، عن أبي

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 70/

81.

4- تفسير القمّي 1: 280.

5- تفسير القمّي 1: 280.

6- الكافي 7: 119/ 2. [.....]

7- الكافي 7: 119/ 3.

(1) النساء 4: 33.

(2) في «س» و «ط»: و المصدر زيادة: عن أبيه، و هو سهو، إذ لم تثبت رواية إبراهيم بن هاشم، عن محمّد، و قد بلغت روايات عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى في الكتب الأربعة في زهاء خمس مائة مورد. راجع معجم رجال الحديث 1: 321. و 11: 195.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 721

جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الخال و الخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد يرث غيرهما، إن الله يقول:

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ».

4385/ [4]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «دخل علي (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مرضه، و قد اغمي عليه، و رأسه في حجر جبرئيل، و جبرئيل في صورة دحية الكلبي، فلما دخل علي (عليه السلام) قال له جبرئيل: دونك رأس ابن عمك، فأنت أحق به مني، لأن الله يقول في كتابه: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ. فجلس علي (عليه السلام) و أخذ رأس رسول الله (صلى الله عليه و آله) و وضعه في حجره، فلم يزل رأس رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجره حتى غابت الشمس، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أفاق، فرفع رأسه فنظر إلى علي (عليه السلام) و قال: يا علي، أين جبرئيل؟ فقال: يا رسول الله، ما رأيت إلا دحية الكلبي دفع إلي رأسك و قال: يا علي، دونك رأس ابن عمك

فأنت أحق به مني، لأن الله يقول في كتابه: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ. فجلست و أخذت رأسك، فلم يزل في حجري حتى غابت الشمس.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ فصليت العصر؟ فقال: لا. قال: فما منعك أن تصلي؟ فقال: قد اغمي عليك، و كان رأسك في حجري، فكرهت أن أشق عليك- يا رسول الله- و كرهت أن أقوم و أصلي و أضع رأسك. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم إنه كان في طاعتك و طاعة رسولك حتى فاتته صلاة العصر، اللهم فرد عليه الشمس حتى يصلي العصر في وقتها». قال: «فطلعت الشمس، فصارت في وقت العصر بيضاء نقية، و نظر إليها أهل المدينة، و إن عليا (عليه السلام) قام و صلى، فلما انصرف غابت الشمس و صلوا المغرب».

4386/ [5]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «الخال و الخالة يرثان إذا لم يكن معهما غيرهما «1»، إن الله يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، إذا التفت القرابات فالسابق أحق بالميراث من قرابته».

4387/ [6]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما اختلف علي بن أبي طالب (عليه السلام) و عثمان ابن عفان في الرجل يموت و ليس له عصبة يرثونه، و له ذو قرابة لا يرثونه، ليس لهم سهم مفروض، فقال علي (عليه السلام): ميراثه لذوي قرابته، لأن الله تعالى يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ.

و قال عثمان: أجعل ميراثه في بيت مال المسلمين، و لا يرثه أحد من قرابته».

4388/ [7]- عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، قال: «كان علي (عليه السلام) لا يعطي الموالي شيئا

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 70/ 82.

5- تفسير العيّاشي 2: 71/ 83.

6- تفسير العيّاشي 2: 71/ 84.

7- تفسير العيّاشي 2: 71/ 85.

(1) في المصدر: معهم أحد غيرهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 722

مع ذي رحم، سميت له فريضة أو لم تسم له فريضة، و كان يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ قد علم مكانهم فلم يجعل لهم مع اولي الأرحام، حيث قال: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ».

4389/ [8]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ: «إن بعضهم أولى بالميراث من بعض، لأن أقربهم إليه [رحما] أولى به». ثم قال أبو جعفر (عليه السلام):

«إنهم أولى بالميت، و أقربهم إليه امه و أخوه و أخته لأمه و أبيه، أليس الأم أقرب إلى الميت من إخوته من أخواته؟».

4390/ [9]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن خروج الإمامة من ولد الحسن إلى ولد الحسين، كيف ذا، و ما الحجة فيه؟ قال: «لما حضر الحسين ما حضره «1» من أمر الله لم يجز أن يردها إلى ولد أخيه، و لا يوصي بها فيهم، لقول الله: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فكان ولده أقرب رحما إليه من ولد أخيه، و كانوا أولى بالإمامة، فأخرجت هذه الآية ولد الحسن منها، فصارت الإمامة إلى ولد الحسين، و حكمت بها الآية لهم، فهي فيهم إلى يوم القيامة».

4391/ [10]- ابن شهر آشوب: عن (تفسير جابر بن يزيد): عن الإمام

(عليه السلام): «أثبت الله بهذه الآية ولاية علي ابن أبي طالب، لأن عليا (عليه السلام) كان أولى برسول الله من غيره، لأنه كان أخاه- كما قال- في الدنيا و الآخرة، و قد أحرز «2» ميراثه و سلاحه و متاعه و بغلته الشهباء، و جميع ما ترك، و ورث كتابه من بعده، قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا «3» و هو القرآن كله، نزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كان يعلم الناس من بعد النبي (عليه السلام)، و لم يعلمه أحد، و كان يسأل و لا يسأل أحدا عن شي ء من دين الله».

4392/ [11]- عن زيد بن علي (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ قال: ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان مهاجرا ذا رحم.

و سيأتي إن شاء الله تعالى زيادة من الروايات في سورة الأحزاب «4».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 72/ 86.

9- تفسير العيّاشي 2: 72/ 87.

10- مناقب ابن شهر آشوب 2: 168.

11- مناقب ابن شهر آشوب 2: 168.

(1) في «س» و «ط»: إلى ما حضره.

(2) في المصدر: لأنّه حاز. [.....]

(3) فاطر 35: 32.

(4) يأتي في تفسير الآية (6) من سورة الأحزاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 723

المستدرك (سورة الأنفال) ..... ص : 723

سورة الأنفال(8): آية 28 ..... ص : 723

قوله تعالى:

وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ أَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [28]

[1]- الطبرسي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يقولن أحدكم. اللهم إني أعوذ بك من الفتنة، لأنه ليس أحد إلا و هو مشتمل على فتنة، و لكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن، فإن الله تعالى يقول: وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

».

سورة الأنفال(8): آية 46 ..... ص : 723

قوله تعالى:

وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ [46] [2]- قال الطبرسي (رحمه الله)، في قوله تعالى: وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ: معناه تذهب صولتكم و قوتكم. و قال

__________________________________________________

1- مجمع البيان 4: 824، نهج البلاغة: 483/ الحكمة 93.

2- مجمع البيان 4: 842.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 724

مجاهد: نصرتكم، و قال الأخفش: دولتكم، و الريح ها هنا كناية عن نفاذ الأمر و جريانه على المراد، تقول العرب هبت ريح فلان، إذا جرى أمره على ما يريد، و ركدت ريحه، إذا أدبر أمره. و قيل: إن المعنى ريح النصر التي يبعثها الله مع من ينصره على من يخذله، عن قتادة و ابن زيد، و

منه قوله (صلى الله عليه و آله): «نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور».

[1]- عن النعمان بن المقرن، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا كان عند القتال لم يقاتل أول النهار و آخره إلى أن تزول الشمس و تهب الرياح و ينزل النصر».

سورة الأنفال(8): آية 53 ..... ص : 724

قوله تعالى:

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [53]

[2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن الهيثم بن واقد الجزري قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل بعث نبيا من أنبيائه إلى قومه و أوحى إليه أن قل لقومك: إنه ليس من أهل قرية و لا أناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما أحب إلى ما أكره إلا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون، و ليس من أهل قرية و لا أهل بيت

كانوا على معصيتي فأصابتهم فيها ضراء فتحولوا عما أكره إلى ما أحب إلا تحولت لهم عما يكرهون إلى ما يحبون».

[3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما أنعم الله على عبد نعمة فسلبها إياه، حتى يذنب ذنبا يستحق بذلك السلب».

__________________________________________________

1- الدر المنثور 4: 76.

2- الكافي 2: 210/ 25.

3- الكافي 2: 210/ 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 725

سورة التوبة مدنية ..... ص : 725

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 727

سورة التوبة فضلها: ..... ص : 727

تقدم على رأس سورة الأنفال، و نزيده ها هنا:

4393/ [1]- في كتاب (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة بعثه الله يوم القيامة بريئا من النفاق. و من كتبها و جعلها في عمامته، أو قلنسوته، أمن اللصوص في كل مكان، و إذا هم رأوه انحرفوا عنه، و لو احترقت محلته بأسرها لم تصل النار إلى منزله، و لم تقربه أبدا ما دامت عنده مكتوبة».

4394/ [2]- الطبرسي: عن علي (عليه السلام): «لم تنزل بسم الله الرحمن الرحيم على رأس سورة براءة لأن بسم الله للأمان و الرحمة، و نزلت براءة لرفع الأمان بالسيف».

4395/ [3]- و عن الصادق (عليه السلام) قال: «الأنفال و براءة واحدة».

4396/ [4]- العياشي: عن أبي العباس، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «الأنفال و سورة براءة واحدة».

4397/ [5]- عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان الفتح في سنة ثمان، و براءة في سنة تسع، و حجة الوداع في سنة عشر».

سورة التوبة(9): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 727

قوله تعالى:

بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

__________________________________________________

1- خواصّ القرآن: 2 «قطعة منه».

2- مجمع البيان 5: 4.

3- مجمع البيان 5: 4.

4- تفسير العيّاشي 2: 73/ 3.

5- تفسير العيّاشي 2: 73/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 728

فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَ أَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ [1- 3]

4398/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل «1»، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه

الآية بعد ما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزوة تبوك في سنة تسع «2» من الهجرة- قال-: و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة، و كانت سنة العرب في الحج أنه من دخل مكة و طاف بالبيت في ثيابه لم يحل له إمساكها، و كانوا يتصدقون بها، و لا يلبسونها بعد الطواف، فكان من وافى مكة يستعير ثوبا و يطوف فيه ثم يرده، و من لم يجد عارية اكترى ثيابا، و من لم يجد عارية و لا كراء، و لم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا.

فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة، فطلبت ثوبا عارية أو كراء فلم تجده، فقالوا لها: إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها. فقالت: و كيف أتصدق بها و ليس لي غيرها؟! فطافت بالبيت عريانة، و أشرف عليها الناس، فوضعت إحدى يديها على قبلها و الأخرى على دبرها، و قالت شعرا «3»:

اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله فلما فرغت من الطواف خطبها جماعة، فقالت: إن لي زوجا.

و كانت سيرة رسول الله (صلى الله عليه و آله) قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلا من قاتله، و لا يحارب إلا من حاربه و أراده، و قد كان أنزل عليه في ذلك فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا «4». فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه و اعتزله، حتى نزلت عليه سورة براءة، و أمره الله بقتل المشركين من اعتزله و من لم يعتزله،

إلا الذين قد عاهدهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكة إلى مدة، منهم: صفوان بن أمية، و سهيل بن عمرو، فقال الله عز و جل: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثم يقتلون حيثما وجدوا، فهذه أشهر السياحة: عشرون من ذي الحجة الحرام، و محرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشرة من شهر ربيع الآخرة.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 281.

(1) في «س»: بياض، و في «ط»: محمّد بن الفضل، عن ابن أبي عمير، و الصواب ما في المتن، حيث روى محمّد بن الفضيل عن أبي الصبّاح في موارد كثيرة، و لم تثبت روايته عن ابن أبي عمير، و لا رواية الأخير عن أبي الصبّاح. انظر معجم رجال الحديث 17: 140 و 21: 189. [.....]

(2) في المصدر: سبع، و هو تصحيف، انظر تاريخ الطبري 3: 142، الكامل في التاريخ 2: 276.

(3) في المصدر: فقالت مرتجزة.

(4) النّساء 4: 90.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 729

و لما نزلت الآيات من سورة «1» براءة دفعها رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى أبي بكر، و أمره أن يخرج إلى مكة و يقرأها على الناس بمنى يوم النحر، فلما خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا محمد، لا يؤدي عنك إلا رجل منك. فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) في طلب أبي بكر، فلحقه بالروحاء، فأخذ منه الآيات، فرجع أبو بكر إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، أ أنزل الله في شيئا؟ قال:

لا، إن الله

أمرني أن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني».

4399/ [2]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمرني أن ابلغ عن الله تعالى أن لا يطوف بالبيت عريان، و لا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام، و قرأ عليهم بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فأجل المشركين «2» الذين حجوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم، ثم يقتلون حيث وجدوا».

4400/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): لأي شي ء صار الحاج لا يكتب عليه الذنب أربعة أشهر؟

قال: «إن الله عز و جل أباح المشركين الحرم في أربعة أشهر، إذ يقول فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثم وهب لمن حج «3» من المؤمنين «4» الذنوب أربعة أشهر».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (العلل): عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي «5» الحسن (عليه السلام)، مثله «6».

4401/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن فضيل بن عياض، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحج الأكبر، فإن ابن عباس كان يقول: يوم عرفة.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين

(صلوات الله عليه): الحج الأكبر يوم النحر، و يحتج بقوله عز و جل:

فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و هي عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 282.

3- الكافي 4: 255/ 10.

4- الكافي 4: 290/ 3.

(1) في المصدر: من أول.

(2) في المصدر: فأحل اللّه للمشركين.

(3) في المصدر: يحجّ.

(4) في المصدر زيادة: البيت.

(5) في المصدر: لأبي عبد اللّه.

(6) علل الشرائع: 443/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 730

من شهر ربيع الآخر، و لو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر و يوما».

4402/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، بإسناده، قال: «أشهر الحج: شوال، و ذو القعدة، و عشر من ذي الحجة. و أشهر السياحة: عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر من شهر ربيع الآخر».

4403/ [6]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم، ليقرأها على الناس، فنزل جبرئيل فقال: لا يبلغ عنك إلا علي. فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) و أمره أن يركب ناقته العضباء، و أمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة و يقرأها على الناس بمكة، فقال أبو بكر: أسخط «1»؟ فقال: لا، إلا أنه انزل عليه أنه لا يبلغ عنك إلا رجل منك.

فلما قدم على مكة، و كان يوم النحر بعد الظهر، و هو يوم الحج الأكبر، قام ثم قال: إني رسول الله إليكم.

فقرأها عليهم بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

عشرين من ذي الحجة، و محرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشرا من شهر ربيع الآخر. و قال: لا يطوف بالبيت عريان و لا عريانة و لا مشرك بعد هذا العام، و من كان له عهد عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فمدته إلى هذه الأربعة أشهر».

4404/ [7]- و في خبر محمد بن مسلم: فقال: «يا علي، هل نزل في شي ء منذ فارقت رسول الله؟ قال: لا، و لكن أبى الله أن يبلغ عن محمد إلا رجل منه. فوافى الموسم، فبلغ عن الله و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعرفة و المزدلفة، و يوم النحر عند الجمار، و في أيام التشريق كلها ينادي بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و لا يطوفن بالبيت عريان».

4405/ [8]- عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا و الله، ما بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا بكر ببراءة، و لو كان بعث بها معه لم يأخذها منه، و لكنه استعمله على الموسم، و بعث بها عليا (عليه السلام) بعد ما فصل أبو بكر عن الموسم، فقال لعلي (عليه السلام) حين بعثه: إنه لا يؤدي عني إلا أنا و أنت».

4406/ [9]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «خطب علي (عليه السلام) بالناس، و اخترط سيفه، و قال: لا يطوفن بالبيت عريان، و لا يحجن بالبيت مشرك و لا مشركة، و من كانت له مدة فهو إلى مدته، و من لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر. و كان خطب يوم النحر، و كانت «2» عشرين من

ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول،

__________________________________________________

5- الكافي 4: 290/ 3.

6- تفسير العيّاشي 2: 73/ 4. [.....]

7- تفسير العيّاشي 2: 74/ 5.

8- تفسير العيّاشي 2: 74/ 6.

9- تفسير العيّاشي 2: 74/ 7.

(1) في المصدر: أسخطة.

(2) أي و كانت الأربعة أشهر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 731

و عشر من شهر ربيع الأخر». و قال: «يوم النحر يوم الحج الأكبر».

4407/ [10]- و في خبر أبي الصباح، عنه (عليه السلام): «فبلغ عن الله و عن رسوله بعرفة و المزدلفة، و عند الجمار في أيام الموسم كلها ينادي: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ و لا يطوفن عريان، و لا يقربن المسجد الحرام بعد عامنا هذا مشرك».

4408/ [11]- عن حنش «1»، عن علي (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه و آله) حين بعثه ببراءة، قال: «يا نبي الله، إني لست بلسن، و لا بخطيب، قال: «ما بد أن أذهب بها أو تذهب بها أنت». قال: «فإن كان لا بد فسأذهب أنا». قال:

«فانطلق، فإن الله يثبت لسانك، و يهدي قلبك». ثم وضع يده على فمه، و قال: «انطلق فاقرأها على الناس». و قال:

«الناس سيتقاضون إليك، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تسمع الآخر، فإنه أجدر أن تعلم الحق».

4409/ [12]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قول الله تعالى: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، قالا: «عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر من ربيع الآخر».

4410/ [13]- جعفر بن أحمد، عن علي بن محمد بن شجاع، قال: روى أصحابنا: قيل لأبي عبد الله (عليه السلام):

لم صار الحاج لا يكتب

عليه ذنب أربعة أشهر؟

قال: «إن الله جل ذكره أمر المشركين فقال: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و لم يكن يقصر بوفده عن ذلك».

4411/ [14]- عن حكيم بن جبير «2»، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «و الله، إن لعلي (عليه السلام) لأسماء في القرآن ما يعرفها الناس». قال: قلت: و أي شي ء تقول، جعلت فداك؟

فقال لي: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، قال: «فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، و كان هو و الله المؤذن، فأذن بأذان الله و رسوله يوم الحج الأكبر، من المواقف كلها، فكان ما نادى به أن لا يطوف بعد هذا العام عريان، و لا يقرب المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك».

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 75/ 8.

11- تفسير العيّاشي 2: 75/ 9، مسند أحمد بن حنبل 1: 150، شواهد التنزيل 1: 237/ 319.

12- تفسير العيّاشي 2: 75/ 10.

13- تفسير العيّاشي 2: 75/ 11.

14- تفسير العيّاشي 2: 76/ 12.

(1) في «س» و «ط»: عن الحسن، و في المصدر: عن جيش، و الصواب ما أثبتناه كما في مسند أحمد بن حنبل و شواهد التنزيل و ترجمة الإمام عليّ من تاريخ ابن عساكر 2: 385/ 891 و غيرها، و هو حنش بن المعتمر الكناني الكوفي من أصحاب عليّ (عليه السّلام)، انظر تهذيب الكمال 7: 432.

(2) في «س» و «ط»: و المصدر: حكيم بن حسين، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر الأحاديث 16، 23، 25، و شواهد التنزيل 1: 231/ 307، تفسير فرات: 160/ 201، تهذيب الكمال 7: 165، معجم رجال الحديث 6: 184.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 732

4412/ [15]- عن حريز،

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في الأذان: «هو اسم في كتاب الله، لا يعلم ذلك أحد غيري».

4413/ [16]- عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، في قول الله: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ.

قال: «الأذان أمير المؤمنين (عليه السلام)».

4414/ [17]- عن جابر، عن جعفر بن محمد و أبي جعفر (عليهما السلام)، في قول الله: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، قالا: «خروج القائم (عليه السلام) و أذان دعوته إلى نفسه».

4415/ [18]- عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يوم الحج الأكبر يوم النحر، و الحج الأصغر العمرة».

4416/ [19]- و في رواية داود بن سرحان، عنه (عليه السلام) قال: «الحج الأكبر يوم عرفة و جمع و رمي الجمار بمنى، و الحج الأصغر العمرة».

4417/ [20]- و في رواية ابن أذينة، عن زرارة، عنه (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر الوقوف بعرفة و بجمع و رمي الجمار بمنى، و الحج الأصغر العمرة».

4418/ [21]- و في رواية عبد الرحمن، عنه (عليه السلام)، قال: «يوم الحج الأكبر يوم النحر، و يوم الحج الأصغر يوم العمرة».

4419/ [22]- و في رواية فضيل بن عياض، عنه (عليه السلام)، قال: سألته عن الحج الأكبر، فإن ابن عباس كان يقول: يوم عرفة»؟

[قال:] «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) الحج الأكبر يوم النحر، و يحتج بقول الله: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر من شهر ربيع الآخر، و لو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر و يوما».

4420/ [23]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن فضالة بن أيوب، عن أبان

بن عثمان، عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، في قوله: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، قال: «الأذان أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 2: 76/ 13.

16- تفسير العيّاشي 2: 76/ 14. [.....]

17- تفسير العيّاشي 2: 76/ 15.

18- تفسير العيّاشي 2: 76/ 16.

19- تفسير العيّاشي 2: 76/ 17.

20- تفسير العيّاشي 2: 77/ 18.

21- تفسير العيّاشي 2: 77/ 19.

22- تفسير العيّاشي 2: 77/ 20.

23- تفسير القمّي 1: 282.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 733

4421/ [24]- و عنه: قال: و في حديث آخر، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «كنت أنا الأذان في الناس».

4422/ [25]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن أبي الجارود، عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ، قال: «الأذان علي (عليه السلام)».

4423/ [26]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ.

فقال: «إن الله سمى عليا (عليه السلام) من السماء أذانا «1»، لأنه هو الذي أدى عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) براءة، و قد كان بعث بها مع أبي بكر أولا، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال:

يا محمد، إن الله يقول لك: إنه لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك. فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ذلك عليا (عليه السلام)، فلحق أبا بكر، و أخذ الصحيفة من يده، و مضى بها إلى مكة، فسماه الله تعالى أذانا من الله، إنه اسم نحله الله من السماء لعلي (عليه السلام)».

4424/ [27]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، قال: حدثنا فضيل بن عياض، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الحج الأكبر؟

فقال: «عندك فيه شي ء؟» فقلت: نعم، كان ابن عباس يقول: الحج الأكبر يوم عرفة، يعني أنه من أدرك يوم عرفة إلى طلوع الشمس «2» من يوم النحر فقد أدرك الحج، و من فاته ذلك فاته الحج، فجعل ليلة عرفة لما قبلها و لما بعدها، و الدليل على ذلك أنه من أدرك ليلة النحر إلى طلوع الفجر فقد أدرك الحج و أجزأ عنه من عرفة.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الحج الأكبر يوم النحر، و احتج بقول الله عز و جل:

فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فهي عشرون من ذي الحجة و المحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشر من شهر ربيع الآخر. و لو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان السيح أربعة أشهر و يوما، و احتج بقوله عز و جل: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ و [قال:] كنت أنا الأذان في الناس».

قلت: فما معنى هذه اللفظة: الحج الأكبر؟ فقال: «إنما سمي الأكبر لأنها كانت سنة حج فيها

المسلمون و المشركون، و لم يحج المشركون بعد تلك السنة».

__________________________________________________

24- تفسير القمّي 1: 282.

25- معاني الأخبار: 297/ 1.

26- معاني الأخبار: 298/ 2.

27- معاني الأخبار: 296/ 5.

(1) في المصدر: فقال: اسم نحله اللّه عزّ و جلّ عليّا (عليه السّلام) من السماء.

(2) في المصدر: الفجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 734

4425/ [28]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر يوم النحر».

4426/ [29]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن يوم الحج الأكبر. فقال: «هو يوم النحر، و الأصغر: العمرة».

4427/ [30]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر يوم الأضحى».

و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن عيسى بن عبيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثل ذلك.

4428/ [31]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسن «1»، عن حماد بن عيسى، عن شعيب، عن أبي بصير و النضر، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر يوم الأضحى».

4429/ [32]- و عنه، قال:

حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة منصرفه من النهروان، و بلغه أن معاوية يسبه و يعيبه «2» و يقتل أصحابه، فقام خطيبا، فحمد الله و أثنى عليه، و صلى على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذكر الخطبة إلى أن قال فيها: و أنا المؤذن في الدنيا و الآخرة، قال الله عز و جل: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ «3» أنا ذلك المؤذن، و قال: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فأنا ذلك الأذان».

4430/ [33]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن

__________________________________________________

28- معاني الأخبار: 295/ 1. [.....]

29- معاني الأخبار: 295/ 2.

30- معاني الأخبار: 295/ 3.

31- معاني الأخبار: 296/ 4.

32- معاني الأخبار: 59/ 9.

33- علل الشرائع: 442/ 1 باب 188.

(1) في المصدر: الحسين، و لعلّه الحسين بن سعيد، روى عن حمّاد و روى عنه ابن مهزيار، راجع معجم رجال الحديث 5: 246 و 248 و 6: 231 و 12: 199.

(2) في المصدر: و يلعنه.

(3) الأعراف 7: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 735

محمد القاساني، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ

الْأَكْبَرِ.

فقال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كنت أنا الأذان في الناس».

قلت: فما معنى هذه اللفظة: الحج الأكبر؟ قال: «إنما سمي الأكبر لأنها كانت سنة حج فيها المسلمون و المشركون، و لم يحج المشركون بعد تلك السنة».

4431/ [34]- و عنه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو سعيد النسوي، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن هارون، قال: حدثنا الفضيل البلخي «1»، قال: حدثنا خالي يحيى «2» بن سعيد البلخي، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «بينما أنا أمشي مع النبي (صلى الله عليه و آله) في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل، كث اللحية، بعيد ما بين المنكبين، فسلم على النبي (صلى الله عليه و آله) و رحب به، ثم التفت إلي، فقال: السلام عليك، يا رابع الخلفاء و رحمة الله و بركاته، أليس كذلك هو، يا رسول الله؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): بلى، ثم مضى.

فقلت: يا رسول الله، ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ، و تصديقك له؟ قال: أنت كذلك، و الحمد لله، إن الله تعالى قال في كتابه: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «3» و الخليفة المجعول فيها آدم (عليه السلام) و هو الأول. و قال:

يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ «4» فهو الثاني. و قال عز و جل حكاية عن موسى حين قال لهارون (عليهما السلام): اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ «5» فهو هارون إذ استخلفه موسى (عليه السلام) في قومه، و هو الثالث. و قال الله تعالى: وَ أَذانٌ

مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فكنت أنت المؤذن «6» عن الله و عن رسوله، و أنت وصيي و وزيري، و قاضي ديني، و المؤدي عني، و أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فأنت رابع الخلفاء، كما سلم عليك الشيخ، أو لا تدري من هو؟ قلت: لا، قال: ذاك أخوك الخضر (عليه السلام)، فاعلم».

4432/ [35]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن يوم الحج الأكبر. فقال: «هو يوم النحر، و الأصغر العمرة».

__________________________________________________

34- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 9/ 23.

35- الكافي 4: 290/ 1.

(1) في المصدر: أحمد بن أبو الفضل البلخي.

(2) في المصدر: حدّثني خال يحيى.

(3) البقرة 2: 30.

(4) سورة ص 38: 26. [.....]

(5) الأعراف 7: 142.

(6) في المصدر: المبلغ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 736

4433/ [36]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ذريح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحج الأكبر يوم النحر».

4434/ [37]- و من طريق المخالفين: ما رواه صدر الأئمة عندهم موفق بن أحمد، قال أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني إجازة، قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن علي البزاز، أخبرنا أبو منصور و محمد بن علي بن عبد العزيز، أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر، حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الحافظ، حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز، من كتابه، حدثنا الحسن بن علي الهاشمي، حدثني إسماعيل بن أبان، حدثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد

الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه و آله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ففتح الله تعالى على يده، و أوقفه يوم غدير خم، فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة، و قال له: «أنت مني و أنا منك». و قال له: «تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل». و قال له: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى». و قال له: «أنا سلم لمن سالمك، و حرب لمن حاربك». و قال له: «أنت العروة الوثقى التي لا انفصام لها». و قال له: «أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم من بعدي». و قال له: «أنت إمام كل مؤمن و مؤمنة و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي». و قال له: «أنت الذي أنزل الله فيك وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ». و قال له: «أنت الآخذ بسنتي، و الذاب عن ملتي» و قال له: «أنا أول من تنشق الأرض عنه، و أنت معي» و قال له: «أنا عند الحوض، و أنت معي». و قال له: «أنا أول من يدخل الجنة، و أنت معي تدخلها، و الحسن و الحسين و فاطمة». و قال: «إن الله تعالى أوحى إلي أن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس و بلغتهم ما أمرني الله تعالى بتبليغه». و قال له: «اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي، و أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون».

ثم بكى (صلى الله عليه و آله)، فقيل له: ممن بكاؤك، يا رسول الله؟ قال: «أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه و يمنعونه حقه، و يقاتلونه و

يقتلون ولده، و يظلمونهم بعده، و أخبرني جبرئيل (عليه السلام) عن الله عز و جل أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم، و علت كلمتهم، و اجتمعت الأمة على محبتهم، و كان الشانئ لهم قليلا، و الكاره لهم ذليلا، و كثر المادح لهم، و ذلك حين تغير البلاد، و ضعف العباد، و اليأس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم فيهم» قال النبي (صلى الله عليه و آله): «اسمه كاسمي، و اسم أبيه كاسم أبي، هو من ولد ابنتي فاطمة، يظهر الله الحق بهم، و يخمد الباطل بأسيافهم، و يتبعهم الناس، راغبا إليهم و خائفا منهم».

قال: و سكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: «معاشر المسلمين، أبشروا بالفرج، فإن وعد الله لا يخلف، و قضاؤه لا يرد، و هو الحكيم الخبير، و إن فتح الله قريب، اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم و ارعهم، و كن لهم، و انصرهم، و أعزهم و لا تذلهم، و اخلفني فيهم، إنك على ما تشاء قدير».

__________________________________________________

36- الكافي 4: 290/ 2.

37- مناقب الخوارزمي: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 737

قال مؤلف الكتاب: انظر إلى ما ترويه العامة بعين الإنصاف، حيث عرفوا الحق و فضل أهل البيت (عليهم السلام) و تركوا الاعتساف.

4435/ [38]- و من طريق المخالفين: ما رواه الحبري في (كتابه) يرفعه إلى ابن عباس، قال: في ما نزل في القرآن في خاصة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي و أهل بيته (عليهم السلام) من دون الناس من سورة البقرة: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ «1» الآية، إنها نزلت في علي و حمزة و جعفر و

عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. و قوله تعالى: وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ «2» نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هما أول من صلى و ركع. و قوله تعالى: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ «3» الخاشع: الذليل في صلاته، المقبل عليها بقلبه «4»، يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عليا (عليه السلام).

و قوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ «5» نزلت في علي و عثمان بن مظعون و عمار بن ياسر و أصحاب لهم. و قوله تعالى: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ «6» نزلت في أبي جهل.

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «7» نزلت في علي خاصة، و هو أول مؤمن، و أول مصل بعد النبي (صلى الله عليه و آله). و قوله تعالى: قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها «8» الآيات نزلت في علي (عليه السلام) و حمزة و عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. و قوله تعالى: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ الآية، و المؤذن يومئذ عن الله و رسوله علي بن أبي طالب (عليه السلام).

4436/ [39]- ابن شهر آشوب: الاستنابة و الولاية من رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) في أداء سورة براءة، و عزل به أبا بكر بإجماع المفسرين و نقله الأخبار.

رواه الطبري و البلاذري، و الترمذي، و الواقدي، و الشعبي، و السدي، و الثعلبي، و الواحدي، و القرطبي، و القشيري، و

السمعاني، و أحمد بن حنبل، و ابن بطة، و محمد بن إسحاق، و أبو يعلى الموصلي، و الأعمش، و سماك بن حرب، في كتبهم، عن عروة بن الزبير، و أبي هريرة، و أنس، و أبي رافع، و زيد بن نفيع، و ابن عمر، و ابن

__________________________________________________

38- تفسير الحبري: 235- 240/ 4- 8 و 368/ 30.

39- مناقب ابن شهر آشوب 2: 126.

(1) البقرة 2: 25.

(2) البقرة 2: 43.

(3) البقرة 2: 45.

(4) (بقلبه) ليس في المصدر.

(5) البقرة 2: 46.

(6) البقرة 81.

(7) البقرة 2: 81.

(8) آل عمران 3: 15. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 738

عباس و اللفظ له: أنه لما نزل: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إلى تسع آيات، أنفذ النبي (صلى الله عليه و آله) أبا بكر إلى مكة لأدائها، فنزل جبرئيل (عليه السلام)، فقال: إنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك. فقال النبي (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): «اركب ناقتي العضباء و الحق أبا بكر و خذ براءة من يده».

قال: و لما رجع أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه و آله) جزع، و قال: يا رسول الله، إنك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه، فلما توجهت له رددتني عنه! فقال (صلى الله عليه و آله): «الأمين هبط إلي عن الله تعالى أنه: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، و علي مني، و لا يؤدي عني إلا علي».

4437/ [40]- و قال السدي، و أبو مالك، و ابن عباس، و زين العابدين: الأذان علي بن أبي طالب الذي نادى به.

4438/ [41]- و عنه: و في حديث عن الباقر (عليه السلام)، قال «1»: «قام خداش و سعيد أخو عمرو بن عبد ود،

فقالا: و ما يسيرنا على أربعة أشهر، بل برئنا منك و من ابن عمك، و ليس بيننا و بين ابن عمك إلا السيف و الرمح، و إن شئت بدأنا بك. فقال علي (عليه السلام): هلموا، ثم قال: وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ إلى قوله: إِلى مُدَّتِهِمْ «2».

و الروايات في ذلك أكثر من أن تحصى، اقتصرنا على ذلك مخافة الإطالة.

سورة التوبة(9): آية 5 ..... ص : 738

قوله تعالى:

فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ- إلى قوله تعالى- غَفُورٌ رَحِيمٌ [5]

4439/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم ابن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال: أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حفص، إن من صبر صبر قليلا، و من جزع جزع قليلا». ثم قال: «عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله عز و جل بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) فأمره بالصبر و الرفق، فقال: وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا

__________________________________________________

40- مناقب ابن شهر آشوب 2: 127.

41- مناقب ابن شهر آشوب 2: 127.

1- الكافي 2: 71/ 3.

(1) في المصدر: عن الباقرين (عليهما السلام)، قالا.

(2) التوبة 9: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 739

وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ «1». و قال تبارك و تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ «2» فصبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى نالوه بالعظائم و رموه بها، فضاق صدره، فأنزل الله عز

و جل: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ «3» ثم كذبوه و رموه فحزن لذلك، فأنزل الله عز و جل: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا «4».

فألزم النبي (صلى الله عليه و آله) نفسه الصبر، فتعدوا، فذكروا الله تبارك و تعالى و كذبوه، فقال: قد صبرت في نفسي و أهلي و عرضي، و لا صبر لي على ذكر إلهي، فأنزل الله عز و جل: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ «5».

فصبر النبي (صلى الله عليه و آله) في جميع أحواله، ثم بشر في عترته بالأئمة «6»، و وصفوا بالصبر، فقال جل ثناؤه:

وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ «7» فعند ذلك قال (صلى الله عليه و آله): الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، فشكر الله عز و جل ذلك له، فأنزل الله عز و جل: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ «8» فقال (صلى الله عليه و آله): إنه بشرى و انتقام، فأباح الله عز و جل له قتال المشركين، فأنزل تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ، وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ «9» فقتلهم الله على يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصحابه «10»، و جعل

له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة، فمن صبر و احتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله له عينه في أعدائه مع ما يدخر له في الآخرة».

4440/ [2]- و عنه: بإسناده عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سأل رجل أبي (عليه السلام) عن حروب أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، و كان السائل من محبينا. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): بعث الله

__________________________________________________

2- الكافي 5: 10/ 2.

(1) المزمل 73: 10، 11.

(2) فصّلت 41: 34، 35.

(3) الحجر 15: 97، 98.

(4) الأنعام 6: 33، 34.

(5) سورة ق 50: 38، 39.

(6) في «ط»: ثمّ تصبّر في عترته الأئمّة.

(7) السجدة 32: 24.

(8) الأعراف 32: 24. [.....]

(9) البقرة 2: 191، النساء 4: 91.

(10) في المصدر: و أحبائه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 740

محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف- و ذكر الأسياف، فقال فيها:- و أما السيوف الثلاثة المشهورة «1»، فسيف على مشركي العرب، قال الله عز و جل: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا يعني آمنوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ «2» فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام، و أموالهم و ذراريهم سبي- على ما سن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- فإنه سبى و عفا و قبل الفداء».

و الحديث طويل، أخذنا موضع الحاجة منه.

4441/ [3]- العياشي: بإسناده عن جعفر بن محمد «3»، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف، فسيف على مشركي العرب، فقال جل ذكره: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ

خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا يعني فإن آمنوا فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ «4» لا يتقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام، و لا تسبى لهم ذرية، و ما لهم في ء».

4442/ [4]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، قال: «هي يوم النحر إلى عشر مضين من شهر ربيع الآخر»

سورة التوبة(9): آية 6 ..... ص : 740

قوله تعالى:

وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ [6] 4443/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: اقرأ عليه و عرفه، ثم لا تتعرض له حتى يرجع إلى مأمنه.

4444/ [2]- ابن شهر آشوب: عن (تفسير القشيري): أن رجلا قال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): فمن أراد منا أن يلقى رسول الله في بعض الأمر بعد انقضاء الأربعة، فليس له عهد؟ قال علي (عليه السلام): «بلى، إن الله تعالى قال:

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 77/ 21.

4- تفسير العيّاشي 2: 77/ 22.

1- تفسير القمّي 1: 283.

2- المناقب 2: 127.

(1) في المصدر: الشاهرة.

(2) التوبة 9: 11.

(3) في «س» و «ط»: عن جابر، و ما في المتن هو الأرجح.

(4) التوبة 9: 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 741

وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ الآية».

سورة التوبة(9): آية 12 ..... ص : 741

قوله تعالى:

وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ [12]

4445/ [1]- عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني محمد بن عبد الحميد «1» و عبد الصمد بن محمد جميعا، عن حنان بن سدير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة و الزبير، فقلت لهم: كانا من أئمة الكفر، إن عليا (عليه السلام) يوم البصرة لما صف الخيل، قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني و بين الله عز و جل و بينهم، فقام إليهم، فقال: يا أهل البصرة، هل تجدون علي جورا في حكم؟ قالوا: لا. قال: فحيفا في قسم؟ قالوا: لا. قال: فرغبة في دنيا أخذتها لي و لأهل بيتي دونكم، فنقمتم علي

فنكثتم بيعتي؟ قالوا: لا. قال: فأقمت فيكم الحدود، و عطلتها عن غيركم؟ قالوا: لا. قال: فما بال بيعتي تنكث، و بيعة غيري لا تنكث، إني ضربت الأمر أنفه و عينه، فلم أجد إلا الكفر أو السيف.

ثم ثنى إلى أصحابه «2»، فقال: إن الله تبارك و تعالى يقول في كتابه: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الذي فلق الحبة و برأ النسمة و اصطفى محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، إنهم لأصحاب هذه الآية، و ما قوتلوا مذ نزلت».

4446/ [2]- الشيخ: في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا القاسم بن محمد الدلال، قال: حدثني يحيى بن إسماعيل المزني، قال: حدثنا جعفر بن علي، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن أبيه، عن بكير بن عبد الله الطويل، و عمار بن أبي معاوية، قالا: حدثنا أبو عثمان البجلي مؤذن بني أفصى- قال بكير: أذن لنا أربعين سنة- قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول يوم الجمل: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ثم حلف حين قرأها إنه «ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم».

قال بكير: فسألت عنها أبا جعفر (عليه السلام) فقال: «صدق الشيخ، هكذا قال علي (عليه السلام)، هكذا كان».

__________________________________________________

1- قرب الإسناد: 46.

2- الأمالي 1: 130، شواهد التنزيل 1: 209/ 280.

(1) في «س» و «ط»: حدّثني عبد الحميد، و الصواب ما في المتن، و هو

محمّد بن عبد الحميد بن سالم العطّار، ثقة، له كتاب النوادر، رواه عنه عبد اللّه بن جعفر، راجع رجال النجاشي: 339 و معجم رجال الحديث 10: 142 و 143 و 16: 204.

(2) في «س» و «ط» و المصدر: صاحبه، و ما أثبتناه من الحديث الرابع من تفسير هذه الآية. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 742

4447/ [3]- الشيخ المفيد في (أماليه)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثني أبو القاسم الحسن بن علي الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إسحاق بن يزيد، قال: حدثنا سليمان بن قرم، عن أبي الجحاف، عن عمار الدهني، قال: حدثنا أبو عثمان مؤذن بني أفصى، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين خرج طلحة و الزبير لقتاله يقول: «عذيري من طلحة و الزبير، بايعاني طائعين غير مكرهين، ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته». ثم تلا هذه الآية: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ.

4448/ [4]- العياشي: عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة و الزبير، فقلت لهم: كانا إمامين من أئمة الكفر، إن عليا (صلوات الله عليه) يوم البصرة لما صف الخيول قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني و بين الله و بينهم. فقام إليهم، فقال: يا أهل البصرة، هل تجدون علي جورا في حكم؟ قالوا: لا. قال: فحيفا في قسم؟ قالوا: لا. قال: فرغبة في دنيا أصبتها لي و لأهل بيتي دونكم، فنقمتم علي

فنكثتم علي بيعتي؟ قالوا: لا. قال: فأقمت فيكم الحدود و عطلتها عن غيركم؟

قالوا: لا. قال: فما بال بيعتي تنكث، و بيعة غيري لا تنكث، إني ضربت الأمر أنفه و عينه فلم أجد إلا الكفر أو السيف.

ثم ثنى إلى أصحابه، فقال: إن الله يقول في كتابه: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الذي فلق الحبة و برأ النسمة و اصطفى محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة إنهم لأصحاب هذه الآية، و ما قوتلوا منذ نزلت».

4449/ [5]- عن أبي الطفيل، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يوم الجمل و هو يحض الناس على قتالهم، و يقول: «و الله، و ما رمي أهل هذه الآية بكنانة قبل هذا اليوم» فقرأ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ.

فقلت لأبي الطفيل: ما الكنانة؟ قال: السهم يكون موضع الحديد، فيه عظم يسميه بعض العرب الكنانة.

4450/ [6]- عن الحسن البصري، قال: خطبنا علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) على هذا المنبر، و ذلك بعد ما فرغ من أمر طلحة و الزبير و عائشة، صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه، و صلى على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: «أيها الناس، و الله ما قاتلت هؤلاء بالأمس إلا بآية تركتها في كتاب الله، إن الله يقول: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ أما و الله لقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال لي: يا علي، لتقاتلن الفئة

الباغية، و الفئة الناكثة، و الفئة المارقة».

__________________________________________________

3- الأمالي: 72/ 7، شواهد التنزيل 1: 209/ 281.

4- تفسير العيّاشي 2: 77/ 23.

5- تفسير العيّاشي 2: 78/ 24.

6- تفسير العيّاشي 2: 78/ 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 743

4451/ [7]- عن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من طعن في دينكم هذا فقد كفر، قال الله: وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ- إلى قوله: يَنْتَهُونَ».

4452/ [8]- عن الشعبي، قال: قرأ عبد الله «1»: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ إلى آخر الآية، ثم قال:

ما قوتل أهلها بعد، فلما كان يوم الجمل قرأها علي (عليه السلام)، ثم قال: «ما قوتل أهلها منذ يوم نزلت حتى اليوم».

4453/ [9]- عن أبي عثمان مؤذن بني أفصى «2»، قال: شهدت عليا (صلوات الله عليه) سنة كلها، فما سمعت منه ولاية و لا براءة، و قد سمعته يقول: «عذرني الله من طلحة و الزبير، بايعاني طائعين غير مكرهين، ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته، و الله ما قوتل أهل هذه الآية منذ نزلت حتى قاتلتهم وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ الآية».

سورة التوبة(9): الآيات 14 الي 15 ..... ص : 743

قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- عَلى مَنْ يَشاءُ [14- 15]

4454/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن فضال، عن علي بن عقبة بن خالد «3»، قال: دخلت أنا و معلى بن خنيس على أبي عبد الله (عليه السلام)، فأذن لنا و ليس هو في مجلسه، فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه، و ليس عليه جلباب، فلما نظر إلينا رحب، فقال: «مرحبا بكما و أهلا» ثم جلس، و قال: «أنتم

أولوا الألباب في كتاب الله، قال الله تبارك و تعالى: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ «4» فأبشروا، فأنتم على إحدى الحسنيين من الله: أما إنكم إن بقيتم حتى تروا ما تمدون إليه رقابكم، شفى الله صدوركم، و أذهب غيظ قلوبكم و أدالكم على عدوكم، و هو قول الله تعالى ذكره: وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَ يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ و إن مضيتم قبل أن تروا ذلك،

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 79/ 26.

8- تفسير العيّاشي 2: 79/ 27.

9- تفسير العيّاشي 2: 79/ 28، شواهد التنزيل 1: 209/ 281.

1- المحاسن 1: 169/ 135.

(1) المراد به عبد اللّه بن مسعود أحد الصحابة المعروفين و القرّاء المشهورين.

(2) في «س» و «ط» و المصدر: مولى بني قصي، انظر الحديثين الثاني و الثالث.

(3) زاد في الحديث الآتي عن تفسير العيّاشي: عن أبيه، و لعلّه الأرجح، راجع رجال النجاشي: 271 و 299 و معجم رجال الحديث 11: 152 و 12: 96.

(4) الرعد 13: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 744

مضيتم على دين الله الذي رضيه لنبيه (صلى الله عليه و آله) و بعثه عليه».

4455/ [2]- العياشي: عن علي بن عقبة، عن أبيه، قال: دخلت أنا و المعلى على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال:

«أبشروا، إنكم على إحدى الحسنيين: شفى الله صدوركم، و أذهب غيظ قلوبكم، و أدالكم على عدوكم، و هو قول الله: وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ و إن مضيتم قبل أن تروا ذلك مضيتم على دين الله الذي ارتضاه لنبيه (عليه و آله السلام) و لعلي (عليه السلام)».

4456/ [3]- و عن أبي الأغر التميمي، قال: إني لواقف يوم صفين إذ نظرت إلى العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، شاك في

السلاح، على رأسه مغفر، و بيده صفيحة «1» يمانية، و هو على فرس له أدهم، و كأن عينيه عينا أفعى، فبينا هو يمغث «2» فرسه و يلين من عريكته «3»، إذ هتف به هاتف من أهل الشام، يقال له: عرار بن أدهم:

يا عباس، هلم إلى البراز، قال: فالنزول إذن، فإنه إياس من القفول، قال: فنزل الشامي و وجد «4» و هو يقول:

إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا أو تنزلون فإنا معشر نزل قال: و ثنى العباس رجله و هو يقول:

و تصد عنك مخيلة الرجل ال عريض «5» موضحة عن العظم بحسام سيفك «6» أو لسانك و ال كلم الأصيل كأرغب الكلم قال: ثم عصب فضلات درعه في حجزته «7»، ثم دفع فرسه إلى غلام له يقال له أسلم، كأني أنظر إلى فلافل شعره، و دلف «8» كل واحد منهما إلى صاحبه، قال: فذكرت قول أبي ذؤيب:

فتبارزوا «9» و تواقفت خيلاهما و كلاهما بطل اللقاء مخدع «10»

قال: ثم تكافحا بسيفيهما مليا من نهارهما، لا يصل واحد منهما إلى صاحبه لكمال لأمته، إلى أن لحظ

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 79/ 29.

3- تفسير العيّاشي 2: 79/ 30، عيون أخبار لابن قتيبة 1: 179، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 5: 219. [.....]

(1) الصفيحة: السيف العريض. «الصحاح- صفح- 1: 383».

(2) مغثه: ضربه ضربا ليس بالشديد، و في المصدر: يروض.

(3) العريكة: الطبيعة، و ليّن العريكة: سلس. «الصحاح- عرك- 4: 1599».

(4) وجد: غضب.

(5) العريض: الذي يتعرّض للناس بالشرّ. «الصحاح- عرض- 3: 1087».

(6) في المصدر: سفك.

(7) حجزة الإزار: معقده، و حجزة السراويل: التي فيها التكّة. «الصحاح- حجز- 3: 872».

(8) دلف: تقدّم. «الصحاح- دلف- 4: 1360».

(9) في المصدر: فتنازلا.

(10) رجل مخدّع: أي خدّع مرارا في

الحرب حتّى صار مجرّبا. «الصحاح- خدع- 3: 1202».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 745

العباس وهيا «1» في درع الشامي، فأهوى إليه بالسيف «2»، فهتكه إلى ثندوته «3»، ثم عاود لمجاولته و قد أصحر «4» له مفتق الدرع، فضربه العباس بالسيف، فانتظم به جوانح صدره، و خر الشامي صريعا لخده، و انشام «5» العباس في الناس، و كبر، و كبر الناس تكبيرة ارتجت لها الأرض، فسمعت قائلا يقول: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَ يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ فالتفت فإذا هو أمير المؤمنين علي (عليه السلام)،

فقال: «يا أبا الأغر، من المبارز لعدونا؟» قلت: هذا ابن شيخكم، هذا العباس بن ربيعة، قال: «يا عباس» قال: لبيك. قال: «ألم أنهك و حسنا و حسينا و عبد الله بن جعفر أن تخلوا بمركز أو تباشروا حدثا؟» «6» قال: إن ذلك لكذلك «7»، قال: «فما عدا مما بدا؟» قال: فأدعى إلى البراز- يا أمير المؤمنين- فلا أجيب، جعلت فداك! قال: «نعم، طاعة إمامك أولى بك من إجابة عدوك، ود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في نيطه «8»، إطفاء لنور الله، و يأبى الله إلا أن يتم نوره و لو كره المشركون. أما و الله ليملكنهم منا رجال و رجال يسومونهم الخسف حتى يتكففوا بأيديهم، و يحفروا الآبار، إن عادوا لك فعد إلي «9»».

قال: و نمي الخبر «10» إلى معاوية، فقال: و الله دم عرار، ألا رجل يطلب بدم عرار؟ قال: فانتدب «11» له رجلان من لخم، فقالا: نحن له. قال: اذهبا فأيكما قتل العباس برازا فله كذا و كذا. فأتياه

فدعواه إلى البراز، فقال: إن لي سيدا أؤامره «12». قال: فأتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبره، فقال: «ناقلني سلاحك بسلاحي» فناقله. قال: و ركب أمير المؤمنين (عليه السلام) على فرس العباس، و دفع فرسه إلى العباس، و برز إلى الشاميين، فلم يشكا أنه العباس، فقالا له: أذن لك سيدك، فتحرج أن يقول نعم، فقال: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ «13».

قال: فبرز إليه أحدهما فكأنما اختطفه، ثم برز إليه الثاني فألحقه بالأول و انصرف و هو يقول:

__________________________________________________

(1) الوهي: الخرق. «الصحاح- و هي- 6: 2531».

(2) في المصدر: بيده.

(3) الثندوة: مغرز الثدي. «لسان العرب- ثدي- 14: 110».

(4) أي خرج إلى العراء. [.....]

(5) الانشيام في الشي ء: الدخول فيه، و انشام الرجل: إذا صار منظورا إليه. «الصحاح- شيم- 5: 1963».

(6) في عيون الأخبار و شرح ابن أبي الحديد: حربا.

(7) في عيون الأخبار: إن ذلك، يعني نعم. و في شرح النهج: إن ذلك كان.

(8) النيط: عرق علق به القلب من الوتين، فإذا قطع مات صاحبه. «الصحاح- نوط- 3: 1166».

(9) في المصدر: فقل لي.

(10) نمي الخبر إليه: رفع إليه.

(11) في «س»: فابتدر.

(12) أي أشاوره، و في «ط»: سيدا و أميرا.

(13) الحج 22: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 746

الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ «1»، ثم قال: «يا عباس، خذ سلاحك و هات سلاحي».

قال: و نمي الخبر إلى معاوية، فقال: قبح الله اللجاج، إنه لقعود، ما ركبته قط إلا خذلت. فقال عمرو بن العاص: المخذول و الله اللخميان لا أنت. قال: اسكت- أيها الشيخ- فليس هذه من ساعاتك. قال: فإن لم يكن رحم الله اللخميين، و

ما أراه يفعل! قال: ذلك و الله أضيق لجحرك، و أخسر لصفقتك. قال: أجل و الله، و لولا مصر لركبت المنجاة منها. فقال: هي- و الله- أعمتك، و لولاها لألفيت بصيرا.

سورة التوبة(9): آية 16 ..... ص : 746

قوله تعالى:

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [16] 4457/ [1]- علي بن إبراهيم: أي لما ير، فأقام العلم مقام الرؤية، لأنه قد علم قبل أن يعملوا.

4458/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً «يعني بالمؤمنين آل محمد (عليهم السلام)، و الوليجة: البطانة».

4459/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً «يعني بالمؤمنين الأئمة (عليهم السلام) لم يتخذوا الولائج من دونهم».

4460/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد و محمد بن أبي عبد الله، عن إسحاق بن محمد النخعي، قال: حدثني سفيان بن محمد الضبعي، قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله عن الوليجة، و هو قول الله تعالى: وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً و قلت في نفسي، لا في الكتاب: من ترى المؤمنين ها هنا؟

فرجع الجواب: «الوليجة: الذي يقام دون ولي الأمر، و حدثتك نفسك عن المؤمنين

من هم في هذا الموضع، فهم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 283.

2- تفسير القمّي 1: 283.

3- الكافي 1: 343/ 15.

4- الكافي 1: 425/ 9.

(1) البقرة 2: 194. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 747

الأئمة الذين يؤمنون على الله فيجيز أمانهم» «1».

4461/ [5]- العياشي: عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أتى رجل النبي (صلى الله عليه و آله) فقال:

بايعني، يا رسول الله. قال: «علي أن تقتل أباك؟» [قال: فقبض الرجل يده، ثم قال: بايعني، يا رسول الله. قال: «على أن تقتل أباك؟».] فقال الرجل: نعم، على أن أقتل أبي. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الآن لم تتخذ من دون الله و لا رسوله و لا المؤمنين وليجة، إنا لا نأمرك أن تقتل والديك، و لكن نأمرك أن تكرمهما».

4462/ [6]- عن ابن أبان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يا معشر الأحداث، اتقوا الله و لا تأتوا الرؤساء، دعوهم حتى يصيروا أذنابا، لا تتخذوا الرجال ولائج من دون الله، إنا و الله خير لكم منهم». ثم ضرب بيده إلى صدره.

4463/ [7]- أبو الصباح الكناني، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا الصباح، إياكم و الولائج، فإن كل وليجة دوننا فهي طاغوت».

سورة التوبة(9): الآيات 17 الي 18 ..... ص : 747

قوله تعالى:

ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ- إلى قوله تعالى- الْمُهْتَدِينَ [17- 18] 4464/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ: أي لا يعمروا، و ليس لهم أن يقيموا و قد أخرجوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) منه. ثم قال: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ

الآية، و هي محكمة.

سورة التوبة(9): الآيات 19 الي 22 ..... ص : 747

قوله تعالى:

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 83/ 31.

6- تفسير العيّاشي 2: 83/ 32.

7- تفسير العيّاشي 2: 83/ 33.

1- تفسير القمّي 1: 283.

(1) في «س» و «ط»: أمانتهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 748

- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [19- 22]

4465/ [1]- عن علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت في علي (عليه السلام) و حمزة و العباس و شيبة، قال العباس: أنا أفضل، لأن سقاية الحاج بيدي. و قال شيبة: أنا أفضل، لأن حجابة البيت بيدي. و قال حمزة: أنا أفضل، لأن عمارة المسجد الحرام بيدي.

و قال علي (عليه السلام): أنا أفضل، لأني آمنت قبلكم، ثم هاجرت و جاهدت. فرضوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) [حكما]، فأنزل الله تعالى: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ إلى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ».

4466/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام) كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ثم وصف علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ

أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ثم وصف ما لعلي (عليه السلام) عنده، فقال: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ وَ جَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ».

4467/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ «نزلت في حمزة و علي (عليه السلام) و جعفر و العباس و شيبة، إنهم فخروا بالسقاية و الحجابة، فأنزل الله عز ذكره: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ و كان علي (عليه السلام) و حمزة و جعفر هم الذين آمنوا بالله و اليوم الآخر، و جاهدوا في سبيل الله لا يستوون عند الله».

4468/ [4]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني، قال: حدثنا الربيع بن سيار، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه): أن عليا (عليه السلام) و عثمان و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا، و يغلقوا عليهم بابه، و يتشاوروا في أمرهم، و أجلهم ثلاثة أيام،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 284.

2- تفسير القمّي 1: 284.

3- الكافي 8: 203/ 245.

4- الأمالي 2: 159 و 163.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 749

فإن توافق خمسة على قول واحد و أبي رجل منهم قتل ذلك

الرجل، و إن توافق أربعة و أبي اثنان قتل الاثنان. فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه، و إن يكن باطلا فأنكروه». قالوا: قل، و ذكر مناقبه لهم و هم يوافقونه على ثبوتها له دونهم.

و قال لهم في ذلك: «فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ غيري؟» قالوا: لا.

4469/ [5]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قيل له: يا أمير المؤمنين، أخبرنا بأفضل مناقبك؟ قال: «نعم، كنت أنا و عباس و عثمان بن أبي شيبة في المسجد الحرام، قال عثمان بن أبي شيبة: أعطاني رسول الله (صلى الله عليه و آله) الخزانة، يعني مفاتيح الكعبة. و قال العباس: أعطاني رسول الله (صلى الله عليه و آله) السقاية، و هي زمزم، و لم يعطك شيئا، يا علي. قال: فأنزل الله: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ».

4470/ [6]- عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ.

قال: «نزلت في علي (عليه السلام) و حمزة و جعفر و العباس و شيبة أنهم فخروا في السقاية و الحجابة، فأنزل الله:

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ إلى قوله: وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ الآية، فكان علي (عليه السلام) و حمزة و جعفر «1» الذين آمنوا بالله و اليوم الآخر،

و جاهدوا في سبيل الله لا يستوون عند الله».

4471/ [7]- الطبرسي، قال: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بإسناده عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: بينا شيبة و العباس يتفاخران، إذ مر بهما علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: «بماذا تتفاخران؟» فقال العباس: لقد أوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد، سقاية الحاج. و قال شيبة: أوتيت عمارة المسجد الحرام. و قال علي (عليه السلام):

«و أنا أقول لكما: لقد «2» أوتيت على صغري ما لم تؤتيا» فقالا: و ما أوتيت، يا علي؟ قال: «ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله و رسوله».

فقام العباس مغضبا يجر ذيله حتى دخل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: أما ترى إلى ما استقبلني به علي؟ فقال: «ادعوا لي عليا». فدعي له فقال: «ما حملك على ما استقبلت به عمك؟».

فقال: «يا رسول الله، صدمته بالحق، فإن شاء فليغضب، و إن شاء فليرض»، فنزل جبرئيل (عليه السلام)، و قال: يا محمد، إن ربك يقرأ عليك السلام، و يقول: اتل عليهم: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ

__________________________________________________

5- تفسير العياشي 2: 83/ 34.

6- تفسير العياشي 2: 83/ 35.

7- مجمع البيان 5: 23، شواهد التنزيل 1: 250/ 338.

(1) في المصدر زيادة: و العباس.

(2) في المصدر: فقال علي (عليه السلام): استحييت لكما، فقد. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 750

إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ.

4472/ [8]- و من طريق المخالفين: ما رواه الثعلبي في (تفسيره)، قال: قال الحسن و الشعبي و محمد بن كعب القرظي: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام) و العباس بن عبد المطلب و طلحة بن

شيبة، و ذلك أنهم افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفاتحه، و لو أشاء بت في المسجد. و قال العباس: أنا صاحب السقاية و القائم عليها. و قال علي (عليه السلام): «لا أدري ما تقولان، صليت ستة أشهر قبل الناس، و أنا صاحب الجهاد» فأنزل الله تعالى: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.

4473/ [9]- و من (مناقب ابن المغازلي الشافعي): يرفعه إلى عبد الله بن عبيدة، قال: قال علي (عليه السلام) للعباس: «يا عم، لو هاجرت إلى المدينة». قال: أو لست في أفضل من الهجرة؟ أ لست أسقي حاج بيت الله، و أعمر المسجد الحرام، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

4474/ [10]- و من (الجمع بين الصحاح الستة) للعبدري، و في الجزء الثاني من (صحيح النسائي) بإسناده، قال: افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار، و العباس بن عبد المطلب، و علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال طلحة:

بيدي مفتاح البيت، و لو أشاء بت فيه. و قال العباس: أنا صاحب السقاية و القائم عليها، و لو أشاء بت في المسجد.

و قال علي (عليه السلام): «لا أدري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، و أنا صاحب الجهاد» فأنزل الله تعالى: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الآية.

سورة التوبة(9): الآيات 23 الي 24 ..... ص : 750

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ- إلى قوله تعالى- الْفاسِقِينَ [23- 24]

4475/ [1]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية، في قول

الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إلى قوله: الْفاسِقِينَ: «فأما لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ فإن الكفر في الباطن في هذه الآية ولاية الأول و الثاني، و هو كفر. و قوله: عَلَى الْإِيمانِ فالإيمان ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ».

__________________________________________________

8- .... تحفة الأبرار: 117 (مخطوط)، مناقب ابن شهر آشوب 2: 69، و الطرائف: 50/ 44، و العمدة: 193/ 292، الدر المنثور 4: 146.

9- مناقب ابن المغازلي: 322/ 368.

10- .... تحفة الأبرار: 117 (مخطوط)، العمدة: 194/ 295، الطرائف: 50/ 44.

1- تفسير العياشي 2: 84/ 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 751

4476/ [2]- ابن شهر آشوب: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ، قال: «فإن الإيمان ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4477/ [3]- الطبرسي: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حيث كتب إلى قريش يخبرهم بخبر النبي (صلى الله عليه و آله) لما أراد فتح مكة».

4478/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قُلْ إِنْ كانَ- إلى قوله- اقْتَرَفْتُمُوها يقول: اكتسبتموها.

و

قال علي بن إبراهيم: لما أذن أمير المؤمنين (عليه السلام) بمكة أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام، جزعت قريش جزعا شديدا، و قالوا: ذهبت تجارتنا، و ضاعت عيالنا، و خربت دورنا، فأنزل الله عز و جل في ذلك: قل يا محمد إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ إلى قوله

تعالى: وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ.

سورة التوبة(9): الآيات 25 الي 26 ..... ص : 751

قوله تعالى:

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ [25]

4479/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن عمرو «1»، قال: كان المتوكل قد اعتل علة شديدة، فنذر إن عافاه الله أن يتصدق بدنانير كثيرة- أو قال: بدراهم كثيرة- فعوفي فجمع العلماء فسألهم عن ذلك، فاختلفوا عليه، فقال أحدهم: عشرة آلاف، و قال بعضهم: مائة ألف. فلما اختلفوا، قال له عبادة: ابعث إلى ابن عمك علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) فاسأله عن ذلك، فبعث إليه فسأله، فقال (عليه السلام): «الكثير ثمانون». فقالوا: رد إليه الرسول: فقل من أين قلت ذلك، فقال: «من قوله تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ فكانت المواطن ثمانين موطنا».

__________________________________________________

2- المناقب 3: 94.

3- مجمع البيان 5 لا 25.

4- تفسير القمّي 1 لا 284.

1- تفسير القمّي 1 لا 284.

(1) في المصدر: محمّد بن عمير، و في البحار 104: 217 محمّد بن عمر، و في حديث الكافي الآتي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، و قد روى إبراهيم بن هاشم عن محمّد بن عمرو، فلعلّ الصواب أن يكون السند: حدّثني أبي عن محمّد بن عمرو، انظر معجم رجال الحديث 1: 321.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 752

4480/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، ذكره، قال: لما سم المتوكل نذر إن عوفي أن يتصدق بمال كثير، فلما عوفي سأل الفقهاء عن حد المال الكثير، فاختلفوا عليه، فقال بعضهم:

مائة ألف، و قال بعضهم: عشرة آلاف، فقالوا فيه أقاويل مختلفة، فاشتبه عليه الأمر. فقال رجل من ندمائه، يقال له صفعان «1»: ألا تبعث إلى هذا الأسود فتسأل عنه، فقال

له المتوكل: من تعني، ويحك؟ فقال: ابن الرضا.

فقال له: و هو يحسن من هذا شيئا؟ فقال: إن أخرجك من هذا فلي عليك كذا و كذا، و إلا فاضربني مائة مقرعة.

فقال المتوكل: قد رضيت- يا جعفر بن محمود- صر إليه و سله عن حد المال الكثير. فصار جعفر بن محمود إلى أبي الحسن علي بن محمد فسأله عن حد المال الكثير. فقال له: «الكثير ثمانون».

فقال له جعفر بن محمود: يا سيدي، إنه يسألني عن العلة فيه؟ فقال له أبو الحسن (صلوات الله عليه): «إن الله عز و جل يقول: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ فعددنا تلك المواطن فكانت ثمانين».

4481/ [3]- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال في رجل نذر أن يتصدق بمال كثير، فقال: «الكثير ثمانون فما زاد، لقول الله عز و جل:

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ و كانت ثمانين موطنا».

4482/ [4]- العياشي: عن يوسف بن السخت، قال: اشتكى المتوكل شكاة شديدة، فنذر لله إن شفاه الله أن يتصدق بمال كثير، فعوفي من علته، فسأل أصحابه عن ذلك، فأعلموه أن أباه تصدق بثمانية «2» ألف ألف درهم، و إن «3» أراه تصدق بخمسة ألف ألف درهم، فاستكثر ذلك. فقال أبو يحيى بن أبي منصور المنجم: لو كتبت إلى ابن عمك- يعني أبا الحسن (عليه السلام)- فأمر أن يكتب له فيسأله، فكتب إليه، فكتب أبو الحسن (عليه السلام): «تصدق بثمانين درهما». فقالوا: هذا غلط، سلوه من أين؟ قال: «هذا

من كتاب الله، قال الله لرسوله: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ و المواطن التي نصر الله رسوله (صلى الله عليه و آله) فيها ثمانون موطنا، فثمانون درهما من حله مال كثير».

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ

__________________________________________________

2- الكافي 7: 463/ 21.

3- معاني الأخبار: 218/ 1.

4- تفسير العيّاشي 2: 84/ 37.

(1) في «ط»: صفوان.

(2) في «ط»: بثمانمائة، و في بحار الأنوار 104: 227/ 56: بيمينه. [.....]

(3) في بحار الأنوار: و إنّي، و الظاهر وجود سقط في هذا الموضع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 753

ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها- إلى قوله تعالى- وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ [25- 26]

4483/ [1]- العياشي: عن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ إلى ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ، فقال: «أبو فلان».

4484/ [2]- عن الحسن بن علي بن فضال، قال: قال أبو الحسن علي الرضا (عليه السلام) للحسن بن أحمد: «أي شي ء السكينة عندكم؟» قال: لا أدري- جعلت فداك- أي شي ء هو؟

فقال: «ريح من الله تخرج طيبة، لها صورة كصورة وجه الإنسان، فتكون مع الأنبياء، و هي التي نزلت على إبراهيم خليل الرحمن حيث بنى الكعبة، فجعلت تأخذ كذا و كذا، فبنى الأساس عليها».

4485/ [3]- علي بن إبراهيم: أنه كان سبب غزاة حنين أنه لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى فتح مكة أظهر أنه يريد هوازن، و بلغ الخبر هوازن، فتهيئوا و جمعوا الجموع و السلاح، و اجتمع رؤساؤهم إلى مالك بن عوف النضري فرأسوه عليهم، و

خرجوا و ساقوا معهم أموالهم و نساءهم و ذراريهم و مروا حتى نزلوا بأوطاس «1»، و كان دريد بن الصمة الجشمي «2» في القوم، و كان رئيس جشم، و كان شيخا كبيرا قد ذهب بصره من الكبر، فلمس الأرض بيده، فقال: في أي واد أنتم؟ قالوا: بوادي أوطاس. قال: نعم، مجال خيل، لا حزن «3» ضرس «4»، و لا سهل دهس «5»، مالي أسمع رغاء البعير و نهيق الحمار و خوار البقر و ثغاء الشاة و بكاء الصبي. فقالوا له: إن مالك بن عوف ساق مع الناس أموالهم و نساءهم و ذراريهم، ليقاتل كل امرئ عن نفسه و ماله و أهله. فقال دريد: راعي ضأن- و رب الكعبة- ماله و للحرب! ثم قال: ادعوا لي مالكا.

فلما جاءه قال له: يا مالك، ما فعلت؟ قال: سقت مع الناس أموالهم و نساءهم و أبناءهم، ليجعل كل رجل أهله و ماله وراء ظهره، فيكون أشد لحربه».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 84/ 38.

2- تفسير العيّاشي 2: 84/ 39.

3- تفسير القمّي 1: 285، السيرة النبوية لابن هشام 4: 80.

(1) أوطاس: واد في ديار هوازن، فيه كانت وقعة حنين. «معجم البلدان 1: 281».

(2) في «س» و «ط»: الجعشمي ... رئيس جعشم، و هما تصحيف، انظر جمهرة أنساب العرب: 270.

(3) الحزن: ما غلظ من الأرض. «الصحاح- حزن- 5: 2098».

(4) الضّرس: أكمة خشنة. «الصحاح- ضرس- 3: 942».

(5) الدهس: المكان السهل اللين. «الصحاح- دهس- 3: 931».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 754

فقال: يا مالك، إنك أصبحت رئيس قومك، و إنك تقاتل رجلا كريما «1»، و هذا اليوم لما بعده، و لم تضع في تقدمة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا، ويحك و هل يلوي المنهزم

علي شي ء؟! اردد بيضة هوازن إلى علياء بلادهم و ممتنع محالهم، و ألق «2» الرجال على متون الخيل، فإنه لا ينفعك إلا رجل بسيفه و درعه و فرسه، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، و إن كانت عليك لا تكون قد فضحت في أهلك و عيالك.

فقال له مالك: إنك قد كبرت و ذهب علمك و عقلك، فلم يقبل من دريد. فقال دريد: ما فعلت كعب و كلاب؟ قالوا: لم يحضر منهم أحد. قال: غاب الجد و الحزم، لو كان يوم علا و سعادة ما كانت تغيب كعب و لا كلاب. قال: فمن حضرها من هوازن؟ قالوا: عمرو بن عامر، و عوف بن عامر. قال: ذانك الجذعان «3» لا ينفعان و لا يضران، ثم تنفس دريد، و قال: حرب عوان «4».

ليتني فيها جذع أخب فيها و أضع «5»

أقود و طفاء الزمع كأنها شاة صدع «6»

و بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) اجتماع هوازن بأوطاس فجمع القبائل و رغبهم في الجهاد، و وعدهم النصر، و أن الله قد وعده أن يغنمه أموالهم و نساءهم و ذراريهم، فرغب الناس و خرجوا على راياتهم، و عقد اللواء الأكبر و دفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كل من دخل مكة برايته أمره أن يحملها، و خرج في اثني عشر ألف رجل، عشرة آلاف ممن كانوا معه.

و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و كان معه من بني سليم ألف رجل رئيسهم عباس بن مرداس السلمي، و من مزينة ألف رجل».

رجع الحديث إلى علي بن إبراهيم، قال: فمضوا حتى كان من القوم على مسيرة بعض ليلة، قال: و قال مالك ابن عوف لقومه: ليصير

كل رجل منكم أهله و ماله خلف ظهره، و اكسروا جفون سيوفكم، و اكمنوا في شعاب هذا الوادي و في الشجر، فإذا كان في غلس الفجر «7» فاحملوا حملة رجل واحد، و هدوا القوم، فإن محمدا لم يلق أحدا يحسن الحرب.

قال: فلما صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الغداة انحدر في وادي حنين، و هو واد له انحدار بعيد، و كانت بنو سليم على مقدمته، فخرجت عليها كتائب هوازن من كل ناحية، فانهزمت بنو سليم، و انهزم من وراءهم، و لم يبق

__________________________________________________

(1) في المصدر: كبيرا.

(2) في المصدر: و أبق.

(3) أي الصغيران.

(4) العوان من الحروب: التي قوتل فيها مرّة بعد مرّة، كأنّهم جعلوا الأولى بكرا. «الصحاح- عون- 6: 2168».

(5) خبّ و وضع: كلاهما بمعنى أسرع. [.....]

(6) الوطفاء: كثيرة الشعر، و الزّمع: جمع زمعة، الشعرات المدلّاة في مؤخّر رجل الشاة و الظبي و نحوهما، و الصّدع من الدوابّ: الشابّ القويّ، و المراد فرس هذه صفاته.

(7) في المصدر: الصبح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 755

أحد إلا انهزم، و بقي أمير المؤمنين (عليه السلام) يقاتلهم في نفر قليل.

و مر المنهزمون برسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يلوون على شي ء، و كان العباس آخذا بلجام بغلة رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن يمينه، و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب عن يساره.

فأقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) ينادي: «يا معشر الأنصار، إلى أين المفر؟ أنا رسول الله»

فلم يلو أحد عليه.

و كانت نسيبة بنت كعب المازنية تحثو التراب في وجوه المنهزمين، و تقول: أين تفرون عن الله و عن رسوله.

و مر بها عمر، فقالت له: ويلك، ما هذا الذي صنعت؟ فقال لها:

هذا أمر الله.

فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الهزيمة ركض يحوم على بغلته قد شهر سيفه، فقال: «يا عباس، اصعد هذا الظرب «1» و ناد: يا أصحاب البقرة، يا أصحاب الشجرة، إلى أين تفرون، هذا رسول الله».

ثم رفع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يده فقال: «اللهم لك الحمد و إليك المشتكى و أنت المستعان» فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله: دعوت بما دعا به موسى حين فلق الله له البحر و نجاه من فرعون. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأبي سفيان بن الحارث: «ناولني كفا من حصى، فناوله فرماه في وجوه المشركين، ثم قال:

«شاهت الوجوه» ثم رفع رأسه إلى السماء، و قال: «اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد، و إن شئت أن لا تعبد لا تعبد».

فلما سمعت الأنصار نداء العباس عطفوا و كسروا جفون سيوفهم و هم ينادون: لبيك، و مروا برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و استحيوا أن يرجعوا إليه، و لحقوا بالراية، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للعباس: «من هؤلاء، يا أبا الفضل؟». فقال: يا رسول الله، هؤلاء الأنصار. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الآن حمي الوطيس «2»»

فنزل النصر من السماء، و انهزمت هوازن، و كانوا يسمعون قعقعة السلاح في الجو، فانهزموا في كل وجه، و غنم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أموالهم و نساءهم و ذراريهم، و هو قوله تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ.

4486/ [4]- علي بن إبراهيم: قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ

سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا و هو القتل. وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ.

قال: و قال رجل من بني نصر بن معاوية، يقال له: شجرة بن ربيعة للمؤمنين و هو أسير في أيديهم: أين الخيل البلق و الرجال عليهم الثياب البيض؟ فإنما كان قتلنا بأيديهم، و ما كنا نراكم فيهم إلا كهيئة الشامة؟ قالوا: تلك الملائكة.

4487/ [5]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 288.

5- الكافي 8: 376/ 566.

(1) الظّرب: الجبل المنبسط أو الصغير. «القاموس المحيط- ظرب- 1- 103».

(2) الوطس: التنّور، و هو كناية عن شدّة الأمر و اضطراب الحرب. «مجمع البحرين- وطس- 4: 123».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 756

الطاطري، عن محمد بن زياد بياع السابري، عن أبان، عن عجلان أبي صالح، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) بيده يوم حنين أربعين».

4488/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: «السكينة: الإيمان».

4489/ [7]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن السندي بن محمد، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «السكينة: الإيمان».

4490/ [8]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا أبو همام إسماعيل بن همام، عن الرضا (عليه السلام) أنه قال لرجل: أي شي ء

السكينة عندكم؟ فلم يدر القوم ما هي، فقالوا: جعلنا الله فداك، ما هي؟

قال: «ريح تخرج من الجنة طيبة، لها صورة كصورة الإنسان، تكون مع الأنبياء (عليهم السلام)، و هي التي أنزلت علي إبراهيم (عليه السلام) حين بنى الكعبة، فجعلت تأخذ كذا و كذا، و بنى الأساس عليها».

4491/ [9]- ابن طاوس في (طرائفه)، قال: و من طريف الروايات ما ذكره أبو هاشم بن الصباغ في كتاب (النور و البرهان) يرفعه إلى محمد بن إسحاق، قال: قال حسان: قدمت مكة معتمرا و أناس من قريش يقذفون أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)- فقال ما هذا لفظه- فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) فقام على فراشه، و خشي من أبي بكر أن يدلهم عليه، فأخذه معه و مضى إلى الغار.

سورة التوبة(9): آية 29 ..... ص : 756

قوله تعالى:

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ [29]

4492/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم

__________________________________________________

6- الكافي 2: 12/ 3.

7- معاني الأخبار: 284/ 1.

8- معاني الأخبار:. 285/ 3.

9- الطرائف: 410.

1- الكافي 5: 10/ 2.

(1) في المصدر: أبي جعفر، و الظاهر ارجحيته، انظر سند الحديث الآتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 757

ابن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث الأسياف الذي ذكره عن أبيه (عليه السلام)، قال فيه: «و أما السيوف الثلاثة المشهورة: فسيف على مشركي العرب، قال الله عز و جل: فَاقْتُلُوا

الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ» و قد تقدم في هذه الآية «1».

قال: «و السيف الثاني على أهل الذمة، قال الله عز و جل: قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «2» نزلت هذه الآية في أهل الذمة، ثم نسخها قوله عز و جل: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منه إلا الجزية أو القتل، و ما لهم في ء، و ذراريهم سبي، و إذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم، و حرمت أموالهم، و حلت لنا مناكحتهم، و من كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم و أموالهم، و لم تحل لنا مناكحتهم، و لم يقبل منهم إلا الدخول في دار الإسلام أو الجزية أو القتل».

4493/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما حد الجزية على أهل الكتاب، و هل عليهم في ذلك شي ء موظف لا ينبغي أن يجوزوا إلى غيره؟

فقال: «ذاك إلى الإمام أن يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله مما يطيق، إنما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم «3» به حتى يسلموا، فإن الله تبارك و تعالى قال: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ، و كيف يكون صاغرا و هو لا يكترث لما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم».

قال: و

قال ابن مسلم: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أ رأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس من أرض الجزية، و يأخذ من الدهاقين جزية رؤوسهم، أما عليهم في ذلك شي ء موظف؟

فقال: «كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم، و ليس للإمام أكثر من الجزية، إن شاء الإمام وضع ذلك على رؤوسهم و ليس على أموالهم شي ء، و إن شاء فعلى أموالهم و ليس على رؤوسهم شي ء».

فقلت: فهذا الخمس؟ فقال: «إنما هذا شي ء كان صالحهم عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4494/ [3]- و عنه: عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن أهل الذمة، ماذا عليهم مما يحقنون به دماءهم و أموالهم؟ قال: «الخراج، فإن أخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم، و إن أخذ من أرضهم فلا سبيل على رؤوسهم».

__________________________________________________

2- الكافي 3: 566/ 1.

3- الكافي 3: 567/ 2. [.....]

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (5) من هذه السورة.

(2) البقرة 2: 83.

(3) في (من لا يحضره الفقيه 2: 27/ 4): و يأخذون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 758

4495/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، جميعا، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جرت السنة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه، و لا من المغلوب على عقله».

4496/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن المجوس، أ كان لهم نبي؟

فقال: «نعم، أما بلغك كتاب رسول الله (صلى الله عليه

و آله) إلى أهل مكة: أن أسلموا و إلا نابذتكم بحرب، فكتبوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله): أن خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان.

فكتب إليهم النبي (صلى الله عليه و آله): إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب. فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه: زعمت أنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، ثم أخذت الجزية من مجوس هجر. فكتب إليهم النبي (صلى الله عليه و آله): إن المجوس كان لهم نبي فقتلوه، و كتاب أحرقوه، أتاهم نبيهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور».

4497/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، [عن أبيه «1»، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صدقات أهل الذمة «2»، و ما يؤخذ منهم من ثمن خمورهم و لحم خنازيرهم و ميتتهم. قال: «عليهم الجزية في أموالهم، تؤخذ منهم من ثمن «3» لحم الخنزير أو الخمر، و كلما أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم، و ثمنه للمسلمين حلال «4»».

4498/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أرض الجزية لا ترفع عنها الجزية، و إنما الجزية عطاء المهاجرين و الأنصار «5»، و الصدقة لأهلها الذين سمى الله في كتابه، و ليس لهم من الجزية شي ء».

ثم قال: «ما أوسع العدل!» ثم قال: «إن الناس ليستغنون إذا عدل بينهم، و تنزل السماء رزقها، و تخرج الأرض بركتها بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

4- الكافي 3: 567/ 3.

5- الكافي 3: 567/ 4.

6- الكافي 3: 568/

5.

7- الكافي 3: 568/ 6.

(1) من المصدر و هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 6: 231.

(2) في المصدر: الجزية.

(3) في «ط»: من عشر.

(4) في المصدر زيادة: يأخذونه في جزيتهم.

(5) (و الأنصار) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 759

4499/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في أهل الجزية، يؤخذ من أموالهم «1» شي ء سوى الجزية؟ قال: «لا».

4500/ [9]- الشيخ: بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن سيرة الإمام في الأرض التي فتحت بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد سار في أهل العراق بسيرة، فهي «2» إمام لسائر الأرضين» و قال: «إن أرض الجزية لا ترفع عنهم الجزية، و إنما الجزية عطاء المهاجرين و الأنصار «3»، و الصدقات لأهلها الذين سمى الله في كتابه، ليس لهم في الجزية شي ء».

ثم قال: «ما أوسع العدل! إن الناس يستغنون «4» إذا عدل فيهم، و تنزل السماء رزقها، و تخرج الأرض بركتها بإذن الله تعالى».

4501/ [10]- علي بن إبراهيم: قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثني إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن إسماعيل بن سهل، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): ما حد الجزية على أهل الكتاب، و هل عليهم في ذلك شي ء موظف «5» لا ينبغي أن يجوز إلى غيره؟

فقال: «ذلك إلى الإمام يأخذ من كل

إنسان منهم ما شاء على قدر ماله و ما يطيق، إنما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم ما يطيقون له أن يتخذ منهم «6» حتى يسلموا، فإن الله قال: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ، و كيف يكون صاغرا و هو لا يكترث لما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه، فيألم لذلك فيسلم».

4502/ [11]- العياشي: عن عبد الملك بن عتبة «7» الهاشمي، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال: «من ضرب الناس بسيفه و دعاهم إلى نفسه و في المسلمين من هو أعلم منه، فهو ضال متكلف». قاله لعمرو بن

__________________________________________________

8- الكافي 3: 568/ 7.

9- التهذيب 4: 118/ 340. [.....]

10- تفسير القمّي 1: 288.

11- تفسير العيّاشي 2: 85/ 40.

(1) في المصدر زيادة: و مواشيهم.

(2) في «ط»: فهم.

(3) (و الأنصار) ليس في المصدر.

(4) في المصدر: يتسعون.

(5) في المصدر: يوصف.

(6) في المصدر: يؤخذ منهم بها.

(7) في «س» و «ط»: عبد الملك بن عبد اللّه، و هو تصحيف صوابه ما في المتن، انظر رجال النجاشي: 239 و معجم رجال الحديث 11: 22. و في رواية الطبرسي في الاحتجاج: 362: عبد الكريم بن عتبة الهاشمي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 760

عبيد حيث سأله أن يبايع [محمد بن «1» عبد الله بن الحسن بن الحسن.

4503/ [12]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما حد الجزية على أهل الكتاب، و هل عليهم من شي ء «2» موظف لا ينبغي أن يجاوزه إلى غيره؟

قال: فقال: «لا، ذلك إلى الإمام، يأخذ منهم من كل إنسان، ما شاء، على قدر ماله و ما يطيق، إنما هم قوم

فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم بها حتى يسلموا، فإن الله يقول: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ، و كيف يكون صاغرا و هو لا يكترث لما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه، فيألم لذلك فيسلم».

4504/ [13]- عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بخمسة أسياف، فسيف على أهل الذمة، قال الله: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «3» نزلت في أهل الذمة، ثم نسختها اخرى، قوله: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى وَ هُمْ صاغِرُونَ فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلا أداء الجزية أو القتل، و ما لهم في ء «4» و تسبى ذراريهم، فإذا قبلوا الجزية حل لنا نكاحهم و ذبائحهم «5»».

سورة التوبة(9): آية 30 ..... ص : 760

قوله تعالى:

وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [30]

4505/ [1]- الإمام العسكري (عليه السلام): قال: «قال الصادق (عليه السلام): لقد حدثني أبي الباقر (عليه السلام) عن جدي علي بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين)، أنه اجتمع يوما عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) أهل خمسة أديان: اليهود، و النصارى، و الدهرية، و الثنوية، و مشركو العرب.

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 85/ 41.

13- تفسير العيّاشي 2: 85/ 42.

1- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 530/ 323.

(1) هو ذو النفس الزكيّة، الذي دعا الامام الصادق إلى بيعته بعد أن ادّعى الخلافة، فوعظه و نهاه، فمضى

حتى قتل على يد المنصور العبّاسي سنة 145 ه. انظر: الكافي 1: 295، الاحتجاج: 363، معجم رجال الحديث 16: 235.

(2) في المصدر: عليهم في ذلك شي ء. [.....]

(3) البقرة 2: 83.

(4) في المصدر زيادة: و يؤخذ مالهم.

(5) في المصدر و البحار 100: 67/ 14، ما حلّ لنا نكاحهم و لا ذبائحهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 761

فقالت اليهود: نحن نقول: عزير ابن الله، و قد جئناك- يا محمد- لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك «1».

و قالت النصارى: نحن نقول: إن المسيح ابن الله اتحد به، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك.

و قالت الدهرية: نحن نقول: الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك.

و قالت الثنوية: نحن نقول: إن النور و الظلمة هما المدبران، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك.

و قال مشركو العرب: نحن نقول: إن أوثاننا آلهة، و قد جئناك لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك و أفضل، و إن خالفتنا خاصمناك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): آمنت بالله وحده لا شريك له، و كفرت بكل معبود سواه. ثم قال: إن الله تعالى بعثني بالحق إلى الخلق كافة بشيرا و نذيرا، حجة على العالمين، و سيرد الله كيد من يكيد دينه في نحره.

ثم قال لليهود: أ جئتموني لأقبل قولكم بغير حجة؟ قالوا: لا.

قال: فما الذي دعاكم

إلى القول بأن عزيرا ابن الله؟ قالوا: لأنه أحيا لبني إسرائيل التوراة بعد ما ذهبت، و لم يفعل به هذا إلا لأنه ابنه.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فكيف صار عزير ابن الله دون موسى، و هو الذي جاء بالتوراة، و رئي منه من العجائب «2» ما قد علمتم، و لئن كان عزير ابن الله لما ظهر من إكرامه بإحياء التوراة، فلقد كان موسى بالبنوة أحق و أولى، و لئن كان هذا المقدار من إكرامه لعزير يوجب أنه ابنه، فأضعاف هذه الكرامة لموسى توجب له منزلة أجل من البنوة، لأنكم إن كنتم إنما تريدون بالبنوة الولادة على سبيل ما تشاهدونه في دنياكم من ولادة الأمهات الأولاد بوطء آبائهم لهن فقد كفرتم بالله تعالى، و شبهتموه بخلقه، و أوجبتم فيه صفات المحدثين، و وجب عندكم أن يكون محدثنا مخلوقا، و أن له خالقا صنعه و ابتدعه! قالوا: لسنا نعني هذا، فإن هذا كفر كما ذكرت، و لكنا نعني أنه ابنه على معنى الكرامة، و إن لم يكن هناك ولادة، كما يقول بعض علمائنا لمن يريد إكرامه و إبانة المنزلة «3» من غيره: يا بني، و: إنه ابني. لا على إثبات ولادته منه، لأنه قد يقول ذلك لمن هو أجنبي لا نسب بينه و بينه، و كذلك لما فعل بعزير ما فعل كان اتخذه ابنا على الكرامة لا على الولادة.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فهذا ما قلته لكم: إنه إن وجب على هذا الوجه أن يكون عزير ابنه، فإن هذه

__________________________________________________

(1) في المصدر في جميع المواضع: خصمناك.

(2) في المصدر: المعجزات.

(3) في المصدر: و إبانته بالمنزلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 762

المنزلة لموسى أولى،

و إن الله تعالى يفضح كل مبطل بإقراره، و يقلب عليه حجته. إن ما احتججتم به إنما يؤديكم إلى ما هو أكبر مما ذكرته لكم، لأنكم زعمتم أن عظيما من عظمائكم قد يقول لأجنبي لا نسب بينه و بينه: يا بني، و هذا ابني، لا على طريق الولادة، فقد تجدون أيضا هذا العظيم يقول لأجنبي آخر: هذا أخي. و لآخر: هذا شيخي، و أبي. و لآخر: هذا سيدي، و يا سيدي، على طريق الإكرام، و إن من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، فإذن يجوز عندكم أن يكون موسى أخا لله أو شيخا أو أبا أو سيدا لأنه قد زاده في الكرامة على ما لعزير، كما أن من زاد رجلا في الإكرام، فقال له: يا سيدي، و يا شيخي، و يا عمي، و يا رئيسي، و يا أميري [على طريق الإكرام، و إن من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، أ فيجوز عندكم أن يكون موسى أخا لله أو شيخا أو عما أو رئيسا أو سيدا أو أميرا لأنه قد زاده في الإكرام على من قال له: يا شيخي أو: يا سيدي أو: يا عمي أو: يا رئيسي أو: يا أميري؟].

قال: فبهت القوم و تحيروا، و قالوا: يا محمد، أجلنا نتفكر فيما قلته. فقال: انظروا فيه بقلوب معتقدة للإنصاف يهدكم الله.

ثم أقبل (صلى الله عليه و آله) على النصارى، فقال لهم: و أنتم قلتم: إن القديم عز و جل اتحد بالمسيح ابنه، ما الذي أردتموه بهذا القول؟ أردتم أن القديم صار محدثا لوجود هذا المحدث الذي هو عيسى؟ أو المحدث الذي هو عيسى صار قديما لوجود القديم الذي هو الله، أو

معنى قولكم: إنه اتحد به، أنه اختصه بكرامة لم يكرم بها أحدا سواه. فإن أردتم أن القديم تعالى صار محدثا، فقد أحلتم «1»، لأن القديم محال أن ينقلب فيصير محدثا، و إن أردتم أن المحدث صار قديما، فقد أحلتم، لأن المحدث أيضا محال أن يصيرا قديما، و إن أردتم أنه اتحد به بأن اختصه و اصطفاه على سائر عباده، فقد أقررتم بحدوث عيسى و بحدوث المعنى الذي اتحد به من أجله، لأنه إذا كان عيسى محدثا، و كان الله اتحد به بأن أحدث به معنى صار به أكرم الخلق عنده، فقد صار عيسى و ذلك المعنى محدثين، و هذا خلاف ما بدأتم تقولونه.

قال: فقالت النصارى: يا محمد، إن الله تعالى لما أظهر على يد عيسى من الأشياء العجيبة ما أظهر، فقد اتخذه ولدا على جهة الكرامة، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): فقد سمعتم ما قلت لليهود في هذا المعنى الذي ذكرتموه، ثم أعاد رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك كله، فسكتوا إلا رجلا واحدا منهم، قال له: يا محمد، أو لستم تقولون إن إبراهيم خليل الله؟ [قال: قد قلنا ذلك. فقال:] فإذا قلتم ذلك، فلم منعتمونا من أن نقول: إن عيسى ابن الله؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنهما لن يشتبها، لأن قولنا: إن إبراهيم خليل الله، فإنما هو مشتق من الخلة و الخلة، فأما الخلة فمعناه الفقر و الفاقة، فقد كان خليلا إلى ربه فقيرا و إليه منقطعا، و عن غيره متعففا معرضا مستغنيا، و ذلك لما أريد قذفه في النار فرمي به في المنجنيق فبعث الله تعالى إلى جبرئيل (عليه السلام)، و قال له:

أدرك عبدي. فجاءه فلقيه في الهواء، فقال له: كلفني ما بدا لك، فقد بعثني الله لنصرتك، فقال: بل حسبي الله و نعم

__________________________________________________

(1) أحال: جمع بين المتناقضين في كلامه. «المعجم الوسيط- حال- 1: 208».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 763

الوكيل، إني لا أسأل غيره، و لا حاجة إلي إلا إليه، فسماه خليله، أي فقيره و محتاجه، و المنقطع إليه عمن سواه.

و إذا جعل معنى ذلك من الخلة فقد تخلل معانيه «1»، و وقف على أسرار لم يقف عليها غيره، كأن معناه العالم به و بأموره، فلا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه، ألا ترون أنه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله، و إذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله، و أن من يلده الرجل و إن أهانه و أقصاه لم يخرج عن أن يكون ولده، لأن معنى الولادة قائم.

ثم إن وجب- لأنه قال الله تعالى: إبراهيم خليلي- أن تقيسوا أنتم فتقولوا: إن عيسى ابنه، وجب أيضا كذلك أن تقولوا لموسى: إنه ابنه. فإن الذي معه من المعجزات لم يكن دون ما كان مع عيسى، فقولوا: إن موسى أيضا ابنه، و إنه يجوز أن تقولوا على هذا المعنى: شيخه و عمه و سيده و رئيسه و أميره، كما قد ذكرته لليهود.

فقال بعضهم: ففي الكتب المنزلة أن عيسى، قال: أذهب إلى أبي؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فإن كنتم بذلك الكتاب تعلمون، فإن فيه: ربي و ربكم، و أذهب إلى أبي و أبيكم، فقولوا: إن جميع الذين خاطبهم كانوا أبناء الله، كما كان عيسى ابنه، من الوجه الذي كان عيسى ابنه ثم إن ما في هذا الكتاب يبطل عليكم هذا المعنى الذي زعمتم أن عيسى من

جهة الاختصاص كان ابنا له، لأنكم قلتم:

إنما قلنا: إنه ابنه لأنه تعالى اختصه بما لم يختص به غيره، و أنتم تعلمون أن الذي خص به عيسى، لم يخص به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسى: أذهب إلى أبي و أبيكم. فبطل أن يكون الاختصاص لعيسى، لأنه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسى. و أنتم إنما حكيتم لفظة عيسى و تأولتموها على غير وجهها، لأنه إذا قال: أبي و أبيكم. فقد أراد غير ما ذهبتم إليه و نحلتموه، و ما يدريكم لعله عنى: أذهب إلى آدم و إلى نوح، إن الله يرفعني إليهم، و يجمعني معهم، و آدم أبي و أبوكم، و كذلك نوح، بل ما أراد غير هذا؟

قال: فسكتت النصارى، و قالوا: ما رأينا كاليوم مجادلا و مخاصما، و سننظر في أمورنا.

ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الدهرية، فقال: و أنتم، فما الذي دعاكم إلى القول بأن الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة لم تزل، و لا تزال؟

فقالوا: إنا لا نحكم إلا بما نشاهد، و لم نجد للأشياء حدثا، فحكمنا بأنها لم تزل، و لم نجد لها انقضاء و فناء [فحكمنا بأنها لا تزال .

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ فوجدتم لها قدما، أم وجدتم لها بقاء أبد الأبد؟ فإن قلتم: إنكم قد وجدتم ذلك أثبتم لأنفسكم أنكم لم تزالوا على هيئتكم و عقولكم بلا نهاية، و لا تزالون كذلك، و لئن قلتم هذا دفعتم العيان و كذبكم العالمون الذين يشاهدونكم.

قالوا: بل لم نشاهد لها قدما و لا بقاء أبد الأبد.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فلم صرتم بأن

تحكموا بالقدم و البقاء دائما، لأنكم لم تشاهدوا حدوثها و انقضاءها أولى من تارك التمييز لها مثلكم، فيحكم لها بالحدوث و الانقضاء و الانقطاع، لأنه لم يشاهد لها قدما و لا

__________________________________________________

(1) في المصدر: من الخلة، و هو أنّه قد تخلّل به معانيه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 764

بقاء أبد الآبد. أو لستم تشاهدون الليل و النهار و أحدهما بعد الآخر؟ فقالوا: نعم.

فقال: أ ترونهما لم يزالا و لا يزالان؟ فقالوا: نعم.

قال: فيجوز عندكم اجتماع الليل و النهار، فقالوا: لا.

قال (صلى الله عليه و آله): فإذن ينقطع أحدهما عن الآخر، فيسبق أحدهما، و يكون الثاني جاريا بعده، قالوا: كذلك هو.

قال: قد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل و نهار لم تشاهدوهما، فلا تنكروا لله قدرة.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ تقدرون ما تقدم «1» من الليل و النهار متناه أو غير متناه؟ فإن قلتم: غير متناه.

فكيف وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله؟ و إن قلتم: إنه متناه. فقد كان و لا شي ء منهما «2». قالوا: نعم.

قال لهم: أقلتم، إن العالم قديم ليس بمحدث. و أنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به، و بمعنى ما جحدتموه؟

قالوا: نعم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فهذا الذي نشاهده من الأشياء، بعضها إلى بعض مفتقر، لأنه لا قوام للبعض إلا بما يتصل به، كما نرى أن البناء محتاج بعض أجزائه إلى بعض و إلا لم يتسق و لم يستحكم، و كذلك سائر ما نرى.

و قال (صلى الله عليه و آله): فإن كان هذا المحتاج بعضه إلى بعض لقوته و تمامه هو القديم، فأخبروني أن لو كان محدثا فكيف كان يكون؟ و ماذا كانت تكون صفته؟ قال:

فبهتوا و علموا أنهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها إلا و هي موجودة في هذا الذي زعموا أنه قديم، فوجموا ثم قالوا: سننظر في أمرنا.

ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران، فقال: و أنتم فما الذي دعاكم إلى ما قلتموه من هذا؟

قالوا: لأنا وجدنا العالم صنفين: خيرا، و شرا، و وجدنا الخير ضد الشر، فأنكرنا أن يكون فاعل واحد يفعل الشي ء و ضده، بل لكل واحد منهما فاعل، ألا ترى أن الثلج محال أن يسخن، كما أن النار محال أن تبرد، فأثبتنا لذلك صانعين قديمين: ظلمة و ضياء.

فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أو لستم وجدتم سوادا و بياضا، و حمرة و صفرة و خضرة و زرقة، و كل واحد منها ضد لسائرها، لاستحالة اجتماع اثنين منها في محل واحد، كما أن الحر و البرد ضدان لاستحالة اجتماعهما في محل واحد؟ قالوا: نعم.

قال: فهلا أثبتم بعدد كل لون صانعا قديما، ليكون فاعل كل ضد من هذه الألوان غير فاعل الضد الآخر؟

فسكتوا.

ثم قال: و كيف اختلط النور و الظلمة، و هذا من طبعه الصعود، و هذه من طبعها النزول، أرأيتم لو أن رجلا

__________________________________________________

(1) في المصدر: أ تقولون ما قبلكم.

(2) في المصدر زيادة: بقديم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 765

أخذ شرقا يمشي إليه، و الآخر غربا، أ كان يجوز عندكم أن يلتقيا ما داما سائرين على وجوههما؟ قالوا: لا. قال:

فوجب أن لا يختلط النور و الظلمة، لذهاب كل واحد منهما إلى غير جهة الآخر، فكيف حدث هذا العالم من امتزاج ما هو محال أن يمتزج؟! بل هما مدبران جميعا مخلوقان. فقالوا:

سننظر في أمورنا.

ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على مشركي العرب، فقال: و أنتم، فلم عبدتم الأصنام من دون الله؟ فقالوا:

نتقرب بذلك إلى الله تعالى.

فقال: أو هي سامعة مطيعة لربها عابدة له حتى تتقربوا بتعظيمها إلى الله تعالى؟ قالوا: لا.

قال: و أنتم الذين تنحتونها بأيديكم؟ [قالوا: نعم، قال:] فلئن تعبدكم هي- لو كان يجوز منها العبادة- أحرى من أن تعبدوها، إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم و عواقبكم، و الحكيم فيما يكلفكم.

قال: فلما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك اختلفوا، فقال بعضهم: إن الله قد يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصورة، فصورنا هذه الصور، نعظمها لتعظيمنا تلك الصور التي حل فيها ربنا.

و قال آخرون منهم: إن هذه صور أقوام سلفوا، كانوا مطيعين لله قبلنا، فمثلنا صورهم و عبدناها تعظيما لله.

و قال آخرون منهم: إن الله لما خلق آدم و أمر الملائكة بالسجود له، كنا نحن أحق بالسجود لآدم من الملائكة، ففاتنا ذلك، و صورنا صورته فسجدنا لها تقربا إلى الله، كما تقربت الملائكة بالسجود لآدم إلى الله تعالى، و كما أمرتم بالسجود بزعمكم إلى جهة مكة ففعلتم، ثم نصبتم في غير ذلك البلد بأيديكم محاريب سجدتم إليها، و قصدتم الكعبة لا محاريبكم، و قصدتم بالكعبة إلى الله تعالى لا إليها.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أخطأتم الطريق و ضللتم، أما أنتم- و هو (صلى الله عليه و آله) يخاطب الذين قالوا: إن الله يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور التي صورناها، فصورنا هذه نعظمها لتعظيمنا لتلك الصور التي حل فيها ربنا- فقد وصفتم ربكم بصفة المخلوقات، أو يحل ربكم في

شي ء حتى يحيط به ذلك الشي ء؟ فأي فرق بينه إذن و بين سائر ما يحل فيه من لونه و طعمه و رائحته و لينه و خشونته و ثقله و خفته؟ و لم صار هذا المحلول فيه محدثا و ذلك قديما دون أن يكون ذلك محدثا و هذا قديما؟ و كيف يحتاج إلى المحال من لم يزل قبل المحال، و هو عز و جل [لا يزال كما لم يزل؟ فإذا وصفتموه بصفة المحدثات في الحلول فقد لزمكم أن تصفوه بالزوال، و ما وصفتموه بالزوال و الحدوث وصفتموه «1» بالفناء، لأن ذلك أجمع من صفات الحال و المحلول فيه، و جميع ذلك يغير الذات، فإن جاز أن تتغير ذات الباري عز و جل بحلوله في شي ء، جاز أن يتغير بأن يتحرك و يسكن و يسود و يبيض و يحمر و يصفر و تحله الصفات التي تتعاقب على الموصوف بها حتى يكون فيه جميع صفات المحدثين و يكون محدثا تعالى الله عن ذلك.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فإذا بطل ما ظننتموه من أن الله يحل في شي ء فقد فسد ما بنيتم عليه قولكم.

قال: فسكت القوم، و قالوا: سننظر في أمورنا.

__________________________________________________

(1) في المصدر: فصفوه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 766

ثم أقبل على الفريق الثاني، فقال لهم: أخبرونا عنكم إذا عبدتم صور من كان يعبد الله فسجدتم لها و صليتم، و وضعتم الوجوه الكريمة على التراب، فما الذي أبقيتم لرب العالمين؟ أما علمتم أن من حق من يلزم تعظيمه و عبادته أن لا يساوى به عبده؟ أرأيتم ملكا عظيما إذا ساويتموه بعبيده في التعظيم و الخشوع و الخضوع أ يكون في ذلك وضع للكبير كما

يكون زيادة في تعظيم الصغير؟ فقالوا: نعم. فقال: أ فلا تعلمون أنكم من حيث تعظمون الله بتعظيم صور عباده المطيعين له تزرون على رب العالمين؟ فسكت القوم بعد أن قالوا: سننظر في أمورنا.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للفريق الثالث: لقد ضربتم لنا مثلا و شبهتمونا بأنفسكم و لسنا سواء، و ذلك أنا عباد الله مخلوقون مربوبون نأتمر له فيما أمرنا، و ننزجر عما زجرنا، و نعبده من حيث يريد منا، فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه و لم نتعد إلى غيره مما لم يأمرنا، و لم يأذن لنا، لأنا لا ندري لعله أراد منا الأول و هو يكره الثاني، و قد نهانا أن نتقدم بين يديه. فلما أمرنا أن نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا، ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فأطعنا، فلم نخرج في شي ء من ذلك من اتباع أمره، و الله عز و جل حيث أمر بالسجود لآدم لم يأمر بالسجود لصورته التي هي غيره، فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه، لأنكم لا تدرون لعله يكره ما تفعلون، إذ لم يأمركم به.

ثم قال: لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أرأيتم لو أمركم رجل بدخول «1» داره يوما بعينه، أ لكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره؟ و لكم أن تدخلوا دارا له اخرى مثلها بغير أمره؟ أو وهب لكم رجل ثوبا من ثيابه، أو عبدا من عبيده، أو دابة من دوابه، أ لكم أن تأخذوا ذلك؟ قالوا: نعم. قال: فإن لم تجدوه أخذتم آخر مثله؟ قالوا: لا، لأنه لم يأذن لنا في الثاني كما أذن لنا في الأول.

قال (صلى الله عليه و آله):

فأخبروني، الله تعالى أولى بأن لا يتقدم على ملكه بغير أمره أو بعض المملوكين؟ قالوا:

بل الله أولى بأن لا يتصرف في ملكه بغير أمره و إذنه. قال (صلى الله عليه و آله): فلم فعلتم، و من «2» أمركم أن تسجدوا لهذه الصور؟ قال: فقال القوم: سننظر في أمورنا ثم سكتوا.

قال الصادق (عليه السلام): فو الذي بعثه بالحق نبيا ما أتت على جماعتهم ثلاثة أيام حتى أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأسلموا، و كانوا خمسة و عشرين رجلا، من كل فرقة خمسة، و قالوا: ما رأينا مثل حجتك- يا محمد- نشهد أنك رسول الله.

و قال الصادق (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فأنزل الله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ «3» فكان في هذه الآية رد على ثلاثة أصناف منهم: لما قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فكان ردا على الدهرية الذين قالوا: إن الأشياء لا بدء لها و هي دائمة. ثم قال: وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ فكان ردا على الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران. ثم

__________________________________________________

(1) في المصدر: لو أذن لكم رجل دخول.

(2) في المصدر: و متى.

(3) الأنعام 6: 1. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 767

قال: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فكان ردا على مشركي العرب الذين قالوا: إن أوثاننا آلهة. ثم أنزل الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «1» إلى آخرها، فكان فيها رد على من ادعى من دون الله ضدا أو ندا.

قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأصحابه: قولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ

أي نعبد واحدا، لا نقول كما قالت الدهرية:

إن الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة. و لا كما قالت الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران. و لا كما قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة. فلا نشرك بك شيئا، و لا ندعو من دونك إلها، كما يقول هؤلاء الكفار، و لا نقول كما قالت اليهود و النصارى: إن لك ولدا، تعاليت عن ذلك».

4506/ [2]- العياشي: عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنه لن يغضب لله شي ء كغضب الطلح «2» و السدر، إن الطلح كانت كالأترج «3»، و السدر كالبطيخ، فلما قالت اليهود: يد الله مغلولة: نقص حملهما فصغر، فصار له عجم، و اشتد العجم «4». و لما أن قالت النصارى: المسيح ابن الله. أذعرتا فخرج لهما هذا الشوك، و نقص حملهما و صار الشوك «5» إلى هذا الحمل، و ذهب حمل الطلح، فلا يحمل حتى يقوم قائمنا أو تقوم الساعة». ثم قال: «من سقى طلحة أو سدرة فكأنما سقى مؤمنا من ظمأ».

4507/ [3]- عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا: عزير ابن الله، و اشتد غضب الله على النصارى حين قالوا: المسيح ابن الله، و اشتد غضب الله على من أراق دمي و آذاني في عترتي».

قوله تعالى:

قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [30]

4508/ [1]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ أي لعنهم الله أنى يؤفكون، فسمى اللعنة قتالا، و كذلك قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ «6» أي لعن الإنسان».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 86/ 44.

3- تفسير العيّاشي 2: 86/ 43.

1- الاحتجاج: 250.

(1) الإخلاص 112: 1.

(2)

الطلح: شجر عظام من شجر العضاه ترعاه الإبل. «المعجم الوسيط- طلح- 2: 561».

(3) الأترج: شجر يعلو، ناعم الأغصان و الورق، و ثمره كالليمون الكبار، و هو ذهبي اللون، ذكي الرائحة، حامض الماء. «المعجم الوسيط 1: 4».

(4) العجم: النوى و كلّ ما كان في جوف مأكول، كالزبيب و ما أشبهه. «الصحاح- عجم- 5: 1980».

(5) في «ط»: النبق.

(6) عبس 80: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 768

سورة التوبة(9): آية 31 ..... ص : 768

قوله تعالى:

اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ- إلى قوله تعالى- يُشْرِكُونَ [31]

4509/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ فقال: «أما و الله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، و لو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم، و لكن أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون».

و رواه أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن): عن أبيه، عن عبد الله بن يحيى، بباقي السند و المتن «1».

4510/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن محمد بن خالد، عن حماد، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، قال: «و الله ما صلوا لهم و لا صاموا، و لكن أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم».

4511/ [3]- و عنه: عن أبيه، عمن ذكره، عن عمرو بن أبي المقدام، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول

الله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، قال: «و الله ما صلوا لهم و لا صاموا، و لكن أطاعوهم في معصية الله».

4512/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، قال: «أما و الله ما صاموا لهم و لا صلوا، و لكنهم أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم».

و

في خبر آخر عنه: «و لكنهم أطاعوهم في معصية الله».

4513/ [5]- عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ،

__________________________________________________

1- الكافي 1: 43/ 1.

2- المحاسن: 246/ 245.

3- المحاسن: 246/ 244.

4- تفسير العياشي 2: 86/ 45 و 46.

5- تفسير العياشي 2: 86/ 47. [.....]

(1) المحاسن: 246/ 246.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 769

قال: «أما إنهم لم يتخذوهم آلهة، إلا أنهم أحلوا حراما فأخذوا به، و حرموا حلالا فأخذوا به، فكانوا أربابا من دون الله».

4514/ [6]- قال أبو بصير، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، و لو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم، و لكنهم أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فكانوا يعبدونهم من حيث لا يشعرون».

4515/ [7]- عن حذيفة، أنه (عليه السلام) سئل عن قول الله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ.

فقال: «لم يكونوا يعبدونهم، و لكن كانوا إذا أحلوا لهم أشياء استحلوها، و إذا حرموا عليهم حرموها».

4516/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، قال: «أما

المسيح فبعض، عظموه في أنفسهم حتى زعموا أنه إله، و أنه ابن الله. و طائفة منهم قالوا: ثالث ثلاثة. و طائفة منهم قالوا: هو الله.

و أما قوله: أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ فإنهم أطاعوهم و أخذوا بقولهم، و اتبعوا ما أمروهم به، و دانوا بما دعوهم إليه، فاتخذوهم أربابا بطاعتهم لهم و تركهم أمر الله و كتبه و رسله، فنبذوه وراء ظهورهم، و ما أمرهم به الأحبار و الرهبان اتبعوه و أطاعوهم و عصوا الله، و إنما ذكر هذا في كتابنا لكي يتعظ به «1»، فعير الله بني إسرائيل بما صنعوا، يقول الله: وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ».

4517/ [9]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: «أما و الله، ما صاموا لهم و لا صلوا، و لكن أحلوا لهم حراما، و حرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم و عبدوهم من حيث لا يشعرون».

4518/ [10]- قال: و روى الثعلبي، بإسناده عن عدي بن حاتم، قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و في عنقي صليب من ذهب، فقال لي: «يا عدي، اطرح هذا الربق «2» من عنقك». قال: فطرحته ثم انتهيت إليه، و هو يقرأ من سورة براءة هذه الآية اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً حتى فرغ منها. فقلت له: إنا لسنا نعبدهم؟ فقال:

«أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، و يحلون ما حرم الله فتستحلونه؟» قال: فقلت: بلى، قال: «فتلك عبادتهم».

سورة التوبة(9): آية 33 ..... ص : 769

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [33]

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 87/ 48.

7- تفسير العيّاشي 2: 78/ 49.

8- تفسير القمّي 1: 289.

9-

مجمع البيان 5: 37.

10- مجمع البيان 5: 37.

(1) في المصدر: نتعظ بهم.

(2) في المصدر: الوثن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 770

4519/ [1]- ابن بابويه: قال حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

قال: «و الله ما نزل تأويلها بعد، و لا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبق كافر بالله العظيم و لا مشرك بالإمام إلا كره خروجه حتى لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة، قالت: يا مؤمن، في بطني كافر فاكسرني و اقتله».

4520/ [2]- العياشي: عن أبي المقدام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، قال: «يكون أن لا يبقى أحد إلا أقر بمحمد (صلى الله عليه و آله)».

4521/ [3]- و قال في خبر آخر عنه: قال: «ليظهره الله في الرجعة».

4522/ [4]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، قال: «إذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبق مشرك بالله العظيم و لا كافر إلا كره خروجه».

4523/ [5]- الطبرسي: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد (عليهم السلام)، فلا يبقى أحد إلا أقر بمحمد (صلى الله عليه

و آله)».

4524/ [6]- علي بن إبراهيم: أنها نزلت في القائم من آل محمد (صلى الله عليه و آله)، و هو الذي ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله.

سورة التوبة(9): الآيات 34 الي 35 ..... ص : 770

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 670/ 16، ينابيع المودة: 423.

2- تفسير العيّاشي 2: 87/ 50.

3- تفسير العيّاشي 2: 87/ 51.

4- تفسير العيّاشي 2: 87/ 52.

5- مجمع البيان 5: 38.

6- تفسير القمّي 1: 289. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 771

يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ- إلى قوله تعالى- تَكْنِزُونَ [34- 35]

4525/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن معاذ بن كثير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه حتى يأتيه به فيستعين به على عدوه، و هو قول الله عز و جل في كتابه: وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ».

4526/ [2]- الشيخ في (أماليه): قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، و ساق إسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما نزلت هذه الآية وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ كل مال تؤدى زكاته فليس بكنز، و إن كان تحت سبع أرضين، و كل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز، و إن كان فوق الأرض».

4527/ [3]- و عنه: بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «مانع الزكاة يجر قصبه في النار»

يعني أمعاءه في النار.

4528/ [4]- و عنه: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه أي جعفر (عليه السلام)، أنه سئل عن الدنانير و الدراهم، و ما على الناس فيها؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «هي خواتيم الله في أرضه، جعلها الله مصلحة لخلقه، و بها تستقيم شؤونهم و مطالبهم، فمن أكثر له منها فقام بحق الله تعالى فيها، و أدى زكاتها، فذاك الذي طابت و خلصت له، و من أكثر له منها فبخل بها، و لم يؤد حق الله فيها، و اتخذ منها الأبنية «1»، فذاك الذي حق عليه وعيد الله عز و جل في كتابه، يقول الله تعالى: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ».

4529/ [5]- العياشي: عن سعدان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى: الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ، قال: «إنما عنى بذلك ما جاوز ألفي درهم».

__________________________________________________

1- الكافي 4: 61/ 4.

2- الأمالي 2: 133.

3- الأمالي 2: 133.

4- الأمالي 2: 133.

5- تفسير العيّاشي 2: 87/ 53.

(1) في المصدر: الآنية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 772

4530/ [6]- عن معاذ بن كثير- صاحب الأكسية- قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه حتى يأتيه فيستعين به على عدوه، و ذلك قول الله: وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ».

4531/ [7]- عن الحسين بن علوان: عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن المؤمن إذا كان عنده من ذلك شي ء ينفقه

على عياله ما شاء، ثم إذا قام القائم يحمل إليه ما عنده، فما بقي من ذلك يستعين به على أمره، فقد أدى ما يجب عليه».

4532/ [8]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية: إن الله حرم كنز الذهب و الفضة و أمر بإنفاقه في سبيل الله.

و قوله تعالى: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ الآية، قال: كان أبو ذر الغفاري يغدو كل يوم و هو في الشام، فينادي بأعلى صوته: بشر أهل الكنوز بكي في الجباه، و كي في الجنوب، و كي في الظهور «1» حتى يتردد الحر في أجوافهم.

و قد تقدم حديث أبي ذر مع عثمان و كعب في معنى الآية، في قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ «2» الآية، من سورة البقرة.

سورة التوبة(9): آية 36 ..... ص : 772

قوله تعالى:

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [36]

4533/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان «3» الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن محمد بن يوسف، عن محمد

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 87/ 54.

7- تفسير العيّاشي 2: 87/ 55.

8- تفسير القمّي 1: 289.

1- الغيبة: 86/ 17.

(1) في المصدر زيادة: أبدا.

(2) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآيات (84- 86) من سورة البقرة، و لم يذكر المصنّف الحديث كاملا هناك، انظر تفسير القمي 1: 51.

(3) في «س» و «ط»: محمّد بن الحسن، تصحيف، صوابه ما في المتن، ترجم له النجاشي في رجاله: 338 و الشيخ الطوسي في الفهرست: 147، و رويا كتبه باسنادهما إلى محمّد

بن يحيى عنه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 773

ابن عيسى «1»، عن محمد بن سنان، عن فضيل الرسان، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) ذات يوم، فلما تفرق من كان عنده، قال لي: «يا أبا حمزة، من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله، قيام قائمنا، فمن شك فيما أقول لقي الله و هو به كافر، و له جاحد».

ثم قال: «بأبي أنت و أمي، المسمى باسمي، و المكنى بكنيتي، السابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا».

ثم قال: «يا أبا حمزة، من أدركه فلم يسلم له فما سلم لمحمد و علي (عليهما السلام) و قد حرم الله عليه الجنة، و مأواه النار و بئس مثوى الظالمين.

و أوضح من هذا- بحمد الله- و أنور و أبين و أزهر لمن هداه الله و أحسن إليه قول الله عز و جل في محكم كتابه: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ و معرفة الشهور- المحرم و صفر و ربيع و ما بعده، و الحرم منها، هي:

رجب، و ذو القعدة، و ذو الحجة، و المحرم- لا تكون دينا قيما لأن اليهود و النصارى و المجوس و سائر الملل و الناس جميعا من الموافقين و المخالفين يعرفون هذه الشهور، و يعدونها بأسمائها، و إنما هم الأئمة القوامون بدين الله (عليهم السلام)، و الحرم منها: أمير المؤمنين علي (عليه السلام) الذي اشتق الله تعالى له اسما من اسمه العلي، كما اشتق لرسوله (صلى الله عليه و

آله) اسما من اسمه المحمود، و ثلاثة من ولده، أسماؤهم علي بن الحسين، و علي بن موسى، و علي بن محمد، فصار لهذا الاسم المشتق من اسم الله جل و عز حرمة به، و صلوات الله على محمد و آله المكرمين المحترمين به».

4534/ [2]- و عنه، قال: أخبرنا سلامة بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر المعروف بالحاجي، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي الرازي، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثني عبيد بن كثير، قال: حدثنا أحمد «2» بن موسى الأسدي، عن داود بن كثير، قال: دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) بالمدينة، فقال لي: «ما الذي أبطأ بك عنا، يا داود؟» فقلت: حاجة عرضت بالكوفة.

فقال: «من خلفت بها؟» قلت: جعلت فذاك، خلفت عمك زيدا، تركته راكبا على فرس متقلدا مصحفا «3»، ينادي بأعلى صوته: سلوني سلوني قبل أن تفقدوني، فبين جوانحي علم جم، قد عرفت الناسخ من المنسوخ، و المثاني و القرآن العظيم، و إني العلم بين الله و بينكم.

فقال (عليه السلام) لي: «يا داود، لقد ذهبت بك المذاهب» ثم نادى: «يا سماعة بن مهران، ائتني بسلة الرطب»

__________________________________________________

2- الغيبة: 87/ 18. [.....]

(1) زاد في المصدر: عن عبد الرزّاق، و قد روى محمّد بن عيسى عن محمّد بن سنان بلا واسطة في غير مورد، راجع معجم رجال الحديث 16: 141 و 17: 88 و 111.

(2) في المصدر: أبو أحمد.

(3) في المصدر: سيفا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 774

فأتاه بسلة فيها رطب، فتناول منها رطبة فأكلها و استخرج النواة من فيه فغرسها في الأرض، ففلقت و أنبتت و أطلعت و أعذقت، فضرب بيده إلى بسرة من عذق،

فشقها و استخرج منها رقا أبيض، ففضه و دفعه إلي، و قال:

«اقرأه» فقرأته و إذا فيه سطران: الأول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. و الثاني: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن الحسين، محمد بن علي، جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمد بن علي، علي بن محمد، الحسن بن علي، الخلف الحجة.

ثم قال: «يا داود، أ تدري متى كتب هذا في هذا؟» قلت: الله أعلم و رسوله و أنتم. فقال: «قبل أن يخلق آدم بألفي عام».

و روى الشيخ المفيد هذين الخبرين في كتاب (الغيبة) «1».

4535/ [3]- و عنه، قال: أخبرنا سلامة بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار «2»، قال:

أخبرنا أحمد بن محمد السياري، عن أحمد بن هلال، قال: و حدثنا علي بن محمد بن عبد الله الحناني «3»، عن أحمد بن هلال، عن امية بن ميمون الشعيري، عن زياد القندي، قال: سمعت أبا إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد (عليهم السلام) أجمعين يقول: «إن الله عز و جل خلق بيتا من نور، و جعل قوامه أربعة أركان: الله أكبر، و لا إله إلا الله، و سبحان الله، و الحمد لله «4». ثم خلق من الأربعة أربعة، و من الأربعة أربعة، ثم قال عز و جل: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ».

4536/ [4]- الشيخ في (الغيبة) رواه بحذف الإسناد، عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن تأويل قول

الله عز و جل: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ.

قال: فتنفس سيدي الصعداء، ثم قال: «يا جابر، أما السنة فهي جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و شهورها اثنا عشر شهرا، فهو أمير المؤمنين، و إلي و إلى ابني جعفر، و ابنه موسى، و ابنه علي، و ابنه محمد، و ابنه علي، و إلى ابنه الحسن، و إلى ابنه محمد الهادي المهدي. اثنا عشر إماما، حجج الله في خلقه، و أمناؤه على وحيه و علمه. و الأربعة الحرم الذين هم الدين القيم، أربعة منهم يخرجون باسم واحد: علي أمير المؤمنين، و أبي علي بن الحسين، و علي

__________________________________________________

3- الغيبة: 88/ 19.

4- الغيبة: 149/ 110.

(1) ..... تأويل الآيات 1: 202/ 11، 12، و لم يراد في الفصول العشرة في الغيبة و لا في رسائل الغيبة الاخرى للشيخ المفيد.

(2) في المصدر: أخبرنا الحسن بن عليّ بن مهزيار، و الظاهر صحّة ما في المتن، يؤيّده ما في تهذيب الأحكام 6: 53/ 128، و راجع معجم رجال الحديث 8: 177.

(3) في المصدر: الخبائي، و في تهذيب الأحكام 6: 51/ 118 و فهرست الطوسي: 23: الجبائي، و راجع معجم رجال الحديث 12: 167.

(4) في المصدر: أركان كتب عليها أربعة أسماء، تبارك، و سبحان، و الحمد و اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 775

ابن موسى، و علي بن محمد، فالإقرار بهؤلاء هو الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم، أي قولوا بهم جميعا تهتدوا».

4537/ [5]- السيد شرف الدين النجفي: عن المقلد بن غالب الحسني (رحمه الله)، عن رجاله، بإسناد متصل إلى

عبد الله بن سنان الأسدي، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «قال أبي- يعني محمد الباقر (عليه السلام)- لجابر بن عبد الله: لي إليك حاجة أخلو بك فيها، فلما خلا به، قال: يا جابر، أخبرني عن اللوح الذي رأيته عند امي فاطمة الزهراء (عليها السلام)؟

فقال: أشهد بالله لقد دخلت على سيدتي فاطمة لأهنئها بولدها الحسين (عليه السلام)، فإذا بيدها لوح أخضر من زمردة خضراء فيه كتابة، أنور من الشمس، و أطيب رائحة من المسك الأذفر. فقلت: ما هذا اللوح، يا بنت رسول الله؟ فقالت: هذا لوح أنزله الله عز و جل على أبي، و قال لي: احفظيه، ففعلت، فإذا فيه اسم أبي و بعلي و اسم ابني و الأوصياء من بعد ولدي الحسين، فسألتها أن تدفعه إلي لأنسخه، ففعلت.

فقال له أبي: ما فعلت بنسختك؟ فقال: هي عندي. قال: فهل لك أن تعارضني عليها؟ قال: فمضى جابر إلى منزله، فأتاه بقطعة جلد أحمر. فقال له: انظر في صحيفتك حتى أقرأها عليك، فكان في صحيفته:

بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم نزل به الروح الأمين على محمد خاتم النبيين، يا محمد: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ.

يا محمد، عظم أسمائي، و اشكر نعمائي، و لا تجحد آلائي، و لا ترج سوائي، و لا تخش غيري، فإنه من يرج سوائي و يخش غيري أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين.

يا محمد، إني اصطفيتك على الأنبياء، و اصطفيت وصيك عليا على الأوصياء، و جعلت الحسن عيبة علمي بعد انقضاء مدة أبيه، و الحسين خير أولاد

الأولين و الآخرين، فيه تثبت الإمامة و منه العقب، و علي بن الحسين زين العابدين، و الباقر العلم الداعي إلى سبيلي على منهاج الحق، و جعفر الصادق في القول و العمل، تلبس من بعده فتنة صماء، فالويل كل الويل لمن كذب عترة نبيي و خيرة خلقي، و موسى الكاظم الغيظ، و علي الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلق الله، و محمد الهادي شبيه جده الميمون، و علي الداعي إلى سبيلي، و الذاب عن حرمي، و القائم في رعيتي «1»، و الحسن الأعز «2»، يخرج منه ذو الاسمين خلف محمد، يخرج في آخر الزمان و على رأسه عمامة بيضاء تظله عن الشمس، و ينادي مناد بلسان

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 204/ 13.

(1) في المصدر: رغبتي.

(2) في المصدر: الأغرّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 776

فصيح يسمعه الثقلان و من بين الخافقين: هذا المهدي من آل محمد. فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا».

4538/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فغرة الشهور شهر الله عز ذكره، و هو شهر رمضان، و قلب شهر رمضان ليلة القدر، و نزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان، فاستقبل الشهر بالقرآن».

4539/ [7]- العياشي: عن أبي خالد الواسطي، قال: أتيت أبا جعفر (عليه السلام) يوم شك فيه من رمضان، فإذا مائدة موضوعة و هو يأكل، و نحن نريد أن نسأله، فقال: «أدنوا الغداء، إذا كان مثل هذا اليوم لم يحكم فيه

سبب ترونه فلا تصوموا».

ثم قال: «حدثني أبي، علي بن الحسين (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما ثقل في مرضه، قال: أيها الناس، إن السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثم قال «1» بيده: رجب مفرد، و ذو القعدة، و ذو الحجة، و المحرم ثلاث متواليات. ألا و هذا الشهر المفروض شهر رمضان، فصوموا لرؤيته، و أفطروا لرؤيته، فإذا خفي الشهر فأتموا العدة شعبان ثلاثين، و صوموا الواحد و الثلاثين، Ƞقال بيده: الواحد و الاثنين و الثلاثة، ثم ثنى إبهامه، ثم قال: أيها الناس، شهر كذا و شهر كذا. و قال علي (عليه السلام): صمنا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) تسعة و عشرين يوما و لم نقضه، و رآه تماما».

4540/ [8]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنت قاعدا عنده خلف المقام و هو محتب «2» مستقبل القبلة، فقال: «أما النظر إليها عبادة، و ما خلق الله بقعة من الأرض أحب إليه منها- ثم أهوى بيده إلى الكعبة- و لا أكرم عليه منها، لها حرم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات و الأرض، ثلاثة أشهر متوالية و شهر مفرد للعمرة».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «شوال و ذو القعدة و ذو الحجة و رجب».

4541/ [9]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً يقول: جميعا كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً.

سورة التوبة(9): آية 37 ..... ص : 776

قوله تعالى:

زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ [36- 37]

__________________________________________________

6- الكافي 4: 65/ 1.

7- تفسير العيّاشي 2: 88/ 56. [.....]

8- تفسير العيّاشي 2: 88/ 57.

9- تفسير القمّي 1: 289.

(1) أي أشار.

(2) الاحتباء: ضمّ الساقين إلى البطن بالثوب أو اليدين. «مجمع البحرين-

حبا- 1: 94».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 777

4542/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّمَا النَّسِي ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَ يُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ كان سبب نزولها أن رجلا من كنانة كان يقف في الموسم، فيقول:

قد أحللت دماء المحلين من طيئ و خثعم في شهر المحرم و أنسأته، و حرمت بدله صفرا. فإذا كان العام المقبل، يقول: قد أحللت صفرا و أنسأته و حرمت بدله شهر المحرم. فأنزل الله: إِنَّمَا النَّسِي ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ- إلى قوله:

زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ.

سورة التوبة(9): الآيات 40 الي 41 ..... ص : 777

قوله تعالى:

إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا [40- 41]

4543/ [3]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن محمد بن أيوب، عن علي بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن يوسف بن صهيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أقبل يقول لأبي بكر في الغار: اسكن، فإن الله معنا. و قد أخذته الرعدة و هو لا يسكن، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حاله، قال: تريد أن أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون، و أريك جعفرا و أصحابه في البحر يغوصون؟ قال: نعم. فمسح رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيده على وجهه، فنظر إلى الأنصار في مجالسهم يتحدثون،

و نظر إلى جعفر و أصحابه في البحر يغوصون، فأضمر تلك الساعة أنه ساحر».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 290.

3- الكافي 8: 262/ 377.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 778

4544/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما خرج من الغار متوجها إلى المدينة، و قد كانت قريش جعلت لمن أخذه مائة من الإبل، فخرج سراقة بن مالك بن جعشم فيمن يطلب، فلحق برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم اكفني شر سراقة بما شئت. فساخت قوائم فرسه فثنى رجله، ثم اشتد، فقال: يا محمد، إني قد علمت أن الذي أصاب قوائم فرسي إنما هو من قبلك، فادع الله أن يطلق لي فرسي، فلعمري إن لم يصبكم مني خير لم يصبكم مني شر.

فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأطلق الله عز و جل فرسه، فعاد في طلب رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى فعل ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يدعو رسول الله (صلى الله عليه و آله) فتأخذ الأرض قوائم فرسه، فلما أطلقه في الثالثة، قال: يا محمد، هذه إبلي بين يديك فيها غلامي، فإن احتجت إلى ظهر أو لبن فخذ منه، و هذا سهم من كنانتي علامة، و أنا أرجع فأرد عنك الطلب، فقال: لا حاجة لنا فيما عندك».

4545/ [3]- و قال الزمخشري في (ربيع الأبرار): قال سراقة بن مالك بن جعشم الكناني الذي تبع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مهاجره، فرسخت قوائم فرسه في الأرض،

فدعا له فتخلص، يخاطب أبا جهل:

أبا حكم و الله لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه علمت و لم تشكك بأن محمدا رسول ببرهان فمن ذا يقاومه؟

قال: و كان عكرمة بن أبي جهل إذا نشر المصحف غشي عليه، و يقول: هذا كلام ربي «1».

4546/ [4]- و ذكر الطبرسي في (إعلام الورى) في حديث سراقة بن جعشم مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال:

الذي اشتهر في العرب يتقاولون فيه الأشعار، و يتفاوضونه في الديار، أنه تبعه و هو متوجه إلى المدينة «2» فساخت «3» قوائم فرسه حتى تغيبت بأجمعها في الأرض و هو بموضع جدب، و قاع صفصف، فعلم أن الذي أصابه أمر سماوي، فنادى: يا محمد، ادع ربك يطلق لي فرسي، و ذمة الله علي أن لا أدل عليك أحدا. فدعا له فوثب جواده كأنه أفلت من انشوطة، و كان رجلا داهية، و علم بما رأى أنه سيكون له نبأ، فقال: اكتب لي أمانا، فكتب له و انصرف.

قال محمد بن إسحاق: إن أبا جهل قال في أمر سراقة أبياتا، فأجابه سراقة:

__________________________________________________

2- الكافي 8: 263/ 378.

3- ربيع الأبرار 2: 81.

4- إعلام الورى: 24.

(1) ربيع الأبرار 2: 91 و فيه: هو كلام ربّي.

(2) في المصدر زيادة: طالبا لغرته ليحظى بذلك عند قريش حتّى إذا أمكنته الفرصة في نفسه و أيقن أن ظفر ببغيته.

(3) في المصدر: ساخت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 779

أبا حكم و اللات «1» لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه عجبت «2» و لم تشكك بأن محمدا نبي ببرهان فمن ذا يكاتمه عليك بكف الناس عنه فإنني أرى أمره يوما ستبدو معالمه 4547/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي،

عن بعض رجاله، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغار، قال لأبي بكر: كأني أنظر إلى سفينة جعفر و أصحابه تعوم في البحر، و أنظر إلى الأنصار محتبين في أفنيتهم. فقال أبو بكر: و تراهم، يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: فأرنيهم. فمسح على عينيه فرآهم».

4548/ [6]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناد مرفوع، قال: قال ابن الكواء لأمير المؤمنين (عليه السلام): أين كنت حيث ذكر الله تعالى نبيه و أبا بكر فقال: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ويحك يا بن الكواء، كنت على فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد طرح علي ريطته «3»، فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها، فلم يبصروا رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث خرج، فأقبلوا علي يضربونني بما في أيديهم حتى تنفط «4» جلدي و صار مثل البيض، ثم انطلقوا بي يريدون قتلي، فقال بعضهم: لا تقتلوه الليلة، و لكن أخروه و اطلبوا محمدا- قال- فأوثقوني بالحديد، و جعلوني في بيت، و استوثقوا مني و من الباب بقفل، فبينا أنا كذلك إذ سمعت صوتا من جانب البيت، يقول: يا علي، فسكن الوجع الذي كنت أجده، و ذهب الورم الذي كان في جسدي، ثم سمعت صوتا آخر يقول: يا علي، فإذا الحديد الذي في رجلي قد تقطع، ثم سمعت صوتا آخر يقول: يا علي. فإذا الباب قد تساقط ما عليه و فتح، فقمت و خرجت، و قد كانوا جاءوا بعجوز كمهاء «5» لا تبصر و لا تنام، تحرس

الباب، فخرجت عليها و هي لا تعقل «6»».

4549/ [7]- و روى صاحب كتاب (سير الصحابة)، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن موسى الهمداني، عن محمد بن علي الطالقاني، عن جعفر الكناني، عن أبان بن تغلب، قال: قلت لسيدي جعفر الصادق (عليه السلام): جعلت فداك، هل في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أنكر على أبي بكر؟

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 290.

6- خصائص الأئمّة: 58. [.....]

7- الاحتجاج: 186.

(1) في المصدر: و اللّه.

(2) في المصدر: علمت.

(3) الرّيطة: ثوب لين دقيق. «لسان العرب- ربط- 7: 307».

(4) تنفّط: تقرّح و صار بين الجلد و اللحم ماء. «لسان العرب- نفط- 7: 416».

(5) الكمهاء: التي تولد عمياء. «لسان العرب- كمه- 13: 536».

(6) في المصدر: عليها فإذا هي لا تعقل من النوم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 780

قال: «نعم- يا أبان- الذي أنكر على الأول اثنا عشر رجلا: ستة من المهاجرين، و ستة من الأنصار، و هم: خالد ابن سعيد بن العاص الأموي، و سلمان الفارسي، و أبو ذر الغفاري، و عمار بن ياسر، و المقداد بن الأسود الكندي، و بريدة الأسلمي. و من الأنصار: قيس بن سعد بن عبادة، و خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، و سهل بن حنيف، و أبو الهيثم بن التيهان، و أبي بن كعب، و أبو أيوب الأنصاري- و ساق الحديث- و إنهم استأذنوا أمير المؤمنين (عليه السلام) في إقامة الحجة على أبي بكر، و إن الحق لعلي دونه، فاحتج كل واحد منهم على أبي بكر مما سمع من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في إقامة علي (عليه السلام) خليفة من بعده (صلى الله عليه و آله).

و بعد احتجاج الاثني

عشر عليه، قال أبو بكر: لست بخيركم. فقالوا له: إن كنت صادقا فانزل عن المنبر، و لا تعد. فنزل، فقال عمر بن الخطاب: و الله ما أقلناك و لا استقلناك. ثم أخذ عمر بن الخطاب بيد أبي بكر و انطلق به و الناس قد ثاروا عليهم، فجاءوا «1» إلى منزل أبي بكر.

هذا ما جرى لهم من الأمور حيث صعد أبو بكر المنبر، و مكث أبو بكر في منزله ثلاثة أيام لم يظهر إلى الناس، فلما كان في اليوم الرابع دخل عليه عمر، و قال: ما الذي يقعدك، إن أصلع قريش قد طمع فيها؟ فقال أبو بكر: إليك عني- يا عمر- إني لفي شغل عنها، أما رأيت ما فعل بي الناس. فدخل عليه عثمان بن عفان في ألف رجل، و قال: ما يقعدكم عنها، و الله لقد طمعت فيها بنو هاشم؟ و جاء معاذ بن جبل في ألف رجل، و قال: ما يقعدكم عنها، و قد طمع أصلع قريش فيها؟ و جاء سالم مولى حذيفة في ألف رجل، و ما زالوا يجتمعون حتى صاروا في أربعة آلاف رجل، و جاءوا شاهرين أسيافهم يقدمهم عمر حتى توسطوا مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام) في نفر من أصحابه، فقال عمر: يا أصحاب علي، لئن تكلم اليوم أحد منكم ما تكلم به بالأمس لنأخذن ما فيه عيناه.

فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص الأموي، فقال: يا بن الخطاب، أ بأسيافكم تهددوننا، و أسيافنا أحد منها، و منها ذو الفقار؟! و بجمعكم تفزعونا، و بقتلنا- و الله- مدحنا و ذمكم، و فينا من هو أكبر منكم: حجة الله، و وصي رسول الله؟! و

لولا أني أمرت بطاعة إمامي لشهرت سيفي و جاهدتكم في سبيل الله، و قد قال الله تعالى: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ «2» فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): شكر الله مقامك.

ثم قال سلمان: الله أكبر، سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: بينا أخي و ابن عمي في مسجدي و هو في جماعة من أصحابه إذ نكبت عنهم جماعة من كلاب أهل النار، يريدون قتله و قتل من معه، و لست أشك أنكم هم. فهم به عمر بن الخطاب. فنهض علي (عليه السلام) فتناول أثياب عمر بن الخطاب و خناقه، و جلد به الأرض، و وضع رجله على صدره، و قال: يا بن صهاك، لولا كتاب من الله سبق، و عهد من رسول الله، لأهرقت دمك، أنت أقل صبرا و أضعف ناصرا.

__________________________________________________

(1) في «ط»: فجاء.

(2) البقرة 2: 249.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 781

ثم أقبل على أصحابه، و قال: انصرفوا- يرحمكم الله- فو الله إن رفع أحدهم عليكم سيفا أو طرفا لألحقن آخرهم بأولهم. فنكسوا رؤوسهم جميعا، ثم قال: و الله لأدخلن هذا المسجد كما دخل أخواي موسى و هارون، إذ قال له قومه: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «1» و الله لا أدخلنه إلا لزيارة رسول الله (صلى الله عليه و آله) أو لقضية أقضيها، فإنه لا يجوز لحجة الله و وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يترك من يسترشده. ثم رفع رجله عن صدر عمر و ركله، و قال له: اذهب، فإن لله فيك أمرا هو بالغه».

قال أبان: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): «فما

دخله إلا كما قال (عليه السلام)، ثم خرج و أصحابه و دخل أبو بكر و جمعه، ثم ارتقى المنبر دون مقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) بدرجة، ثم حمد الله و أثنى عليه، و ذكر النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال في الجماعة رجل: كيف يصلي عليه و قد خالف أمره الذي جاء من الله تعالى! ثم بدأ أبو بكر بنفسه، فساعة ما ذكر نفسه انتقض «2» عليه عقبه «3» الذي لدغه فيه الحريش، فقصر قامته، و أسبل ثوبه على عقبه، و أوجز في كلامه، و نزل عن المنبر، و أسرع إلى منزله يستقيم حاله، فتبعه أبو ذر مسرعا، فلما دخل أبو بكر منزله هجم عليه، و دخل خلفه، ثم قال له: يا أبا بكر، بالله عليك هل انتقض عليك عقبك الذي ضربك فيه الحريش في الغار، و قال لك رسول الله (صلى الله عليه و آله): ويلك، لا تحزن. فقلت: أخاف الموت؟ فقال: لا تموت، إنما ينتقض عليك ساعة تنقض عهدي و تظلم وصيي؟

فقال له أبو بكر: من أين لك ذلك، و ما كنت معنا في الغار؟

فقال: إن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: اذهب فانظر إلى أبي بكر، فإنه يبلغ إلى داره فينتقض عليه عقبه الذي لدغه فيه الحريش. فأتيتك كما أخبرني المظلوم الصادق، ثم دخل عمر و خرج أبو ذر مسرعا».

قال في القاموس: الحريش: دويبة قدر الإصبع بأرجل كثير «4» ة.

4550/ [8]- ابن طاوس في (طرائفه)، قال: و من طريق العامة ما ذكره أبو هاشم بن الصباغ في كتاب (النور و البرهان) يرفعه إلى محمد بن إسحاق، قال: قال حسان: قدمت مكة معتمرا و أناس من قريش يقذفون أصحاب

رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال ما هذا لفظه: فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) فنام على فراشه، و خشي من أبي بكر أن يدلهم عليه، فأخذه معه إلى الغار.

4551/ [9]- المفيد في (الاختصاص): عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عمرو بن سعيد الثقفي، عن يحيى ابن الحسن بن فرات، عن يحيى بن مساور، عن أبي الجارود المنذر بن الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما

__________________________________________________

8- الطرائف: 410.

9- الاختصاص: 324.

(1) المائدة 5: 24.

(2) انتقض الجرح بعد بريه: أي نكس. «أقرب الموارد- نقض- 2: 1337».

(3) عقب كلّ شي ء: آخره. «لسان العرب- عقب- 1: 611». [.....]

(4) القاموس المحيط- حرش- 2: 278.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 782

صعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) الغار طلبه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و خشي أن يغتاله المشركون، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) على حراء و علي (عليه السلام) بثبير، فبصر به النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: مالك، يا علي؟ فقال: بأبي أنت و امي، خشيت أن يغتالك المشركون، فطلبتك. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ناولني يدك، يا علي. فرجف الجبل حتى تخطى برجله إلى الجبل الآخر، ثم رجع الجبل إلى قراره».

4552/ [10]- و روى الحسين بن حمدان الخصيبي، بإسناده، عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، عن أبيه محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «لما لقنه جابر بن عبد الله الأنصاري رسالة جده رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ابنه الباقر (عليه السلام) قال له علي بن الحسين (عليه السلام):

يا جابر، أ كنت شاهدا حديث جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم الغار؟ قال جابر: لا، يا بن رسول الله. قال: إذن أحدثك، يا جابر؟ قال:

حدثني، جعلت فداك، فقد سمعته من جدك (صلى الله عليه و آله).

فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما هرب إلى الغار من مشركي قريش حيث كبسوا داره لقتله، و قالوا:

اقصدوا فراشه حتى نقتله فيه. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه): يا أخي، إن مشركي قريش يكبسوني في هذه الليلة، و يقصدون فراشي، فما أنت صانع يا علي؟

قال له أمير المؤمنين: أنا- يا رسول الله- اضطجع في فراشك، و تكون خديجة «1» في موضع من الدار، و اخرج و استصحب الله حيث تأمن على نفسك. فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): فديتك- يا أبا الحسن- أخرج لي ناقتي العضباء حتى أركبها، و أخرج إلى الله هاربا من مشركي قريش، و افعل بنفسك ما تشاء، و الله خليفتي عليك و على خديجة.

فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ركب الناقة و سار، و تلقاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا رسول الله، إن الله أمرني أن أصحبك في مسيرك و في الغار الذي تدخله و أرجع معك إلى المدينة إلى أن تنيخ ناقتك بباب أبي أيوب الأنصاري. فسار (صلى الله عليه و آله) فتلقاه أبو بكر، فقال له: يا رسول الله، أصحبك؟ فقال ويحك- يا أبا بكر- ما أريد أن يشعر بي أحد، فقال: فأخشى- يا رسول الله- أن يستخلفني المشركون على لقائي إياك، و لا أجد بدا من صدقهم.

فقال له (عليه السلام): ويحك- يا

أبا بكر- أو كنت فاعلا ذلك؟ فقال: إي و الله، لئلا أقتل، أو أحلف فأحنث.

فقال (صلى الله عليه و آله): ويحك- يا أبا بكر- فما صحبتك إياي بنافعتك. فقال له أبو بكر: و لكنك تستغشني و تخشى أن انذر بك المشركين. فقال له (عليه السلام): سر إذا شئت. فتلقاه الغار، فنزل عن ناقته العضباء و أبركها بباب الغار، و دخل و معه جبرئيل و أبو بكر.

و قامت خديجة في جانب الدار باكية على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و اضطجع أمير المؤمنين (عليه السلام) على

__________________________________________________

10- الهداية الكبرى: 82.

(1) المراد بخديجة هنا، خديجة الكبرى (عليها السّلام)، على ما يأتي في سياق الحديث، و هو غير صحيح، إذ أنّها توفّيت في هام الحزن، قبل الهجرة بثلاث سنين، و قيل: بسنة، و كلا التأريخين لا يدلّان على بقاء خديجة (عليها السّلام) إلى زمان الهجرة. و سيأتي توضيح للمصنّف عن هذه المسألة في ذيل هذا الحديث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 783

فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليفديه بنفسه، و وافى المشركون الدار ليلا فتسوروا عليها و دخلوا، و قصدوا إلى فراش رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فوجدوا أمير المؤمنين (عليه السلام) مضطجعا فيه، فضربوا بأيديهم إليه، و قالوا: يا بن أبي كبشة، لم ينفعك سحرك و لا كهانتك و لا خدمة الجان لك، اليوم نسقي أسلحتنا من دمك. فنفض أمير المؤمنين أيديهم عنه، فكأنهم لم يصلوا إليه، و جلس في الفراش، و قال: ما بالكم- يا مشركي قريش- أنا علي بن أبي طالب! قالوا له: و أين محمد، يا علي؟ قال: حيث يشاء الله. قالوا: و من في الدار؟ قال: خديجة. قالوا:

الحبيبة الكريمة لولا تبعلها بمحمد. يا علي، و حق اللات و العزى لولا حرمة أبيك أبي طالب و عظم محله في قريش لأعملنا أسيافنا فيك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا مشركي قريش، أعجبتكم كثرتكم، و فالق الحب، و بارئ النسمة، ما يكون إلا ما يريد الله، و لو شئت أن أفني جمعكم، كنتم أهون علي من فراش السراج، فلا شي ء أضعف منه. فتضاحك القوم المشركون، و قال بعضهم لبعض: خلوا عليا لحرمة أبيه و اقصدوا الطلب لمحمد.

و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الغار، و جبرئيل (عليه السلام) و أبو بكر معه، فحزن رسول الله (صلى الله عليه و آله) على علي (عليه السلام) و خديجة فقال جبرئيل (عليه السلام): لا تحزن إن الله معنا. ثم كشف له فرأى عليا و خديجة (عليهما السلام) و رأى سفينة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) و من معه تعوم في البحر، فأنزل الله سكينته على رسوله، و هو الأمان مما خشيه على علي و خديجة، فأنزل الله الآية ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ يريد جبرئيل (عليه السلام) إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ الآية. و لو كان الذي حزن أبو بكر لكان أحق بالأمان من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لو لم يحزن.

ثم إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لأبي بكر: يا أبا بكر، إني أرى عليا و خديجة، و مشركي قريش و خطابهم و سفينة جعفر بن أبي طالب و من معه تعوم في البحر، و أرى الرهط من الأنصار مجلبين في المدينة.

فقال أبو بكر: و تراهم- يا رسول الله- في [هذه

الليلة، و في هذه الساعة، و أنت في الغار و في هذه الظلمة، و ما بينهم و بينك من بعد المدينة عن مكة؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني أريك- يا أبا بكر- حتى تصدقن. و مسح يده على بصره، فقال: انظر- يا أبا بكر- إلى مشركي قريش، و إلى أخي على الفراش و خطابه لهم، و خديجة في جانب الدار، و انظر إلى سفينة جعفر تعوم في البحر. فنظر أبو بكر إلى الكل، ففزع و رعب، و قال: يا رسول الله، لا طاقة لي بالنظر إلى ما رأيته، فرد علي غطائي، فمسح على بصره فحجب عما أراه رسول الله.

و قصد المشركون في الطلب ليقفوا أثر رسول الله (صلى الله عليه و آله) [حتى جاءوا إلى باب الغار، و حجب الله عنهم الناقة و لم يروها، و قالوا: هذا أثر ناقة محمد و مبركها في باب الغار. فدخلوا فوجدوا على باب الغار نسجا قد أظله، فقالوا: ويحكم ما ترون إلى نسج هذه العنكبوت على باب الغار، فكيف دخله محمد؟! فصدهم الله عنه و رجعوا.

و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الغار و هاجر إلى المدينة، و خرج أبو بكر فحدث المشركين بخبره مع البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 784

رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال لهم: لا طاقة لكم بسحر محمد». و قصص يطول شرحها. قال جابر: هكذا و الله- يا بن رسول الله- حدثني جدك رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما زاد و لا نقص حرفا واحدا».

قلت: تقدم في قوله تعالى: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ

يُخْرِجُوكَ الآية، في حديث هند بن أبي هالة: أن ماتت خديجة بعد أبي طالب بشهر، فاجتمع بذلك على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حزنان، و ذلك قبل الهجرة «1».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً

في حديث عن علي بن الحسين (عليه السلام): «ماتت خديجة قبل الهجرة بسنة، و مات أبو طالب بعد موت خديجة، فلما فقدهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئم المقام بمكة و دخله حزن شديد، و أشفق على نفسه من كفار قريش، فشكا إلى جبرئيل (عليه السلام) فأوحى الله عز و جل: اخرج من القرية الظالم أهلها، و هاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكة ناصر، و انصب للمشركين حربا، فعند ذلك توجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة «2»»

فلعل رواية الحسين بن حمدان ببقاء خديجة إلى وقت الهجرة وقعت و هما من الراوي، و الله أعلم.

4553/ [11]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن أحمد، عن ابن فضال، عن الرضا (عليه السلام): «فأنزل الله سكينته على رسوله و أيده بجنود لم تروها». قلت: هكذا؟ قال: «هكذا نقرؤها، و هكذا تنزيلها».

4554/ [12]- العياشي: عن عبد الله بن محمد الحجال، قال: كنت عند أبي الحسن الثاني (عليه السلام) و معي الحسن بن الجهم، فقال له الحسن: إنهم يحتجون علينا بقول الله تبارك و تعالى: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ.

قال: «و ما لهم في ذلك، فو الله لقد قال الله: فأنزل الله سكينته على رسوله. و ما ذكره فيها بخير».

قال: قلت له أنا: جعلت فداك، و هكذا تقرؤنها؟ قال: «هكذا قرأتها».

و قد تقدم في قوله تعالى: وَ

إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ «3» الآية، من سورة الأنفال روايات في ذلك، و أن الغار في جبل ثور بمكة، و أنه (صلى الله عليه و آله) لبث فيه ثلاثة أيام.

4555/ [13]- قال زرارة: قال أبو جعفر (عليه السلام): «فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ ألا ترى أن السكينة إنما نزلت على رسوله وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى فقال:- هو الكلام الذي تكلم به عتيق». رواه الحلبي عنه (عليه السلام).

__________________________________________________

11- الكافي 8: 378/ 571.

12- تفسير العيّاشي 2: 88/ 58.

13- تفسير العيّاشي 2: 88/ ذيل الحديث (58).

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (30) من سورة الأنفال.

(2) يأتي في الحديث (3) من تفسير الآية (78) من سورة الإسراء.

(3) تقدّم في تفسير الآية (30) من سورة الأنفال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 785

4556/ [14]- و قال علي بن إبراهيم، قوله: وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا هو قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، و قوله: انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا قال: شبابا و شيوخا، يعني إلى غزوة تبوك.

سورة التوبة(9): آية 42 ..... ص : 785

قوله تعالى:

لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَ سَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَ لكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ [42]

4557/ [1]- ابن بابويه: قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد الحجال الأسدي، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الأعلى بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في هذه الآية لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَ سَفَراً قاصِداً

لَاتَّبَعُوكَ وَ لكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ: «إنهم كانوا يستطيعون، و قد كان في العلم أنه لو كان عرضا قريبا و سفرا قاصدا لفعلوا».

4558/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال:

حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن عبد الله، عن أبي محمد البرقي «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ.

قال: «كذبهم الله عز و جل في قولهم: لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ، و قد كانوا مستطيعين للخروج».

4559/ [3]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً، يقول: «غنيمة قريبة لَاتَّبَعُوكَ».

4560/ [4]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في قول الله: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَ سَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ الآية: «إنهم يستطيعون، و قد كان في علم الله أنه لو كان عرضا

__________________________________________________

14- تفسير القمّي 1: 290.

1- التوحيد: 351/ 15.

2- التوحيد: 351/ 16.

3- تفسير القمّي 1: 290.

4- تفسير العيّاشي 2: 89/ 59. [.....]

(1) في المصدر: أحمد بن محمّد البرقي، و الظاهر صحّته، و أنّ الحديث مرفوع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 786

قريبا و سفرا قاصدا لفعلوا».

4561/ [5]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ: يعني إلى تبوك، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يسافر سفرا أبعد منه

و لا أشد، و كان سبب ذلك أن الصيافة «1» كانوا يقدمون المدينة من الشام و معهم الدرنوك «2» و الطعام، و هم الأنباط، فأشاعوا بالمدينة أن الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله (صلى الله عليه و آله) في عسكر «3»، و أن هرقل قد سار في جنوده، و جلب معهم غسان و جذام و بهراء و عاملة، و قد قدم عساكره البلقاء «4»، و نزل هو حمص.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصحابه بالتهيؤ إلى تبوك، و هي من بلاد البلقاء، و بعث إلى القبائل حوله، و إلى مكة، و إلى من أسلم من خزاعة و مزينة و جهينة، فحثهم على الجهاد، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعسكره فضرب في ثنية الوداع «5»، و أمر أهل الجدة أن يعينوا من لا قوة به، و من كان عنده شي ء أخرجه، و حملوا و قووا و حثوا على ذلك.

و

خطب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال بعد حمد الله و الثناء عليه: «أيها الناس، إن أصدق الحديث كتاب الله، و أولى القول كلمة التقوى، و خير الملل ملة إبراهيم، و خير السنن سنة محمد، و أشرف الحديث ذكر الله، و أحسن القصص هذا القرآن، و خير الأمور عزائمها، و شر الأمور محدثاتها، و أحسن الهدى هدى الأنبياء، و أشرف القتلى «6» الشهداء، و أعمى العمى الضلالة بعد الهدى. و خير الأعمال ما نفع، و خير الهدى ما اتبع، و شر العمى عمى القلب، و اليد العليا خير من اليد السفلى، و ما قل و كفى خير مما كثر و أليه، و شر المعذرة حين يحضر الموت، و شر

الندامة يوم القيامة، و من الناس من لا يأتي الجمعة إلا نزرا، و منهم من لا يذكر الله إلا هجرا، و من أعظم الخطايا «7» اللسان الكذب، و خير الغنى غنى النفس، و خير الزاد التقوى، و رأس الحكمة مخافة الله، و خير ما ألقي في القلب اليقين.

و الارتياب من الكفر، و التباعد «8» من عمل الجاهلية، و الغلول من قيح «9» جهنم، و السكر جمر النار، و الشعر من إبليس، و الخمر جماع الإثم، و النساء حبائل إبليس، و الشباب شعبة من الجنون، و شر المكاسب كسب الربا،

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 290.

(1) أي الذين يمترون في الصيف.

(2) الدرنوك: ضرب من البسط ذو خمل. «الصحاح- درنك- 4: 1583».

(3) في المصدر زيادة: عظيم.

(4) البلقاء: كورة من أعمال دمشق، بين الشام و وادي القرى. «معجم البلدان 1: 489».

(5) ثنيّة الوداع: اسم موضع مشرف على المدينة. «معجم البلدان 2: 86».

(6) في المصدر: و أشرف القتل قتل.

(7) في المصدر: خطايا.

(8) في المصدر: و النياحة.

(9) في المصدر: جمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 787

و شر الأكل «1» أكل مال اليتيم، و السعيد من وعظ بغيره، و الشقي من شقي في بطن امه. و إنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع و الأمر «2» إلى آخره، و ملاك الأمر خواتيمه، و أربى الربا الكذب، و كل ما هو آت قريب، و سباب المؤمن فسوق، و قتال المؤمن كفر، و أكل لحمه «3»، من معصية الله، و حرمة ماله كحرمة دمه، و من توكل على الله كفاه، و من صبر ظفر، و من يعف يعف الله عنه، و من كظم الغيظ يأجره الله، و من يصبر على الرزية يعوضه الله، و من

يتبع السمعة يسمع الله «4» به، و من يصم يضاعف الله له، و من يعص الله يعذبه. اللهم اغفر لي و لأمتي، اللهم اغفر لي و لأمتي، أستغفر الله لي و لكم».

قال: فرغب الناس في الجهاد لما سمعوا هذا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قدمت القبائل من العرب ممن استنفرهم، و قعد عنه قوم من المنافقين و غيرهم، و

لقي رسول الله (صلى الله عليه و آله) الجد بن قيس، فقال له: «يا أبا وهب، ألا تنفر معنا في هذه الغزاة، لعلك أن تستحفد «5» من بنات الأصفر «6»؟» فقال: يا رسول الله، و الله إن قومي ليعلمون أن ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء مني، و أخاف إن خرجت معك أن لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر، فلا تفتني، و ائذن لي أن أقيم.

و قال لجماعة من قومه: لا تخرجوا في الحر. فقال ابنه: ترد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تقول له ما تقول، ثم تقول لقومك: لا تنفروا في الحر، و الله لينزلن الله في هذا قرآنا يقرؤه الناس إلى يوم القيامة. فأنزل الله على رسوله في ذلك: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَ لا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ «7».

ثم قال الجد بن قيس: أ يطمع محمد أن حرب الروم مثل حرب غيرهم، لا يرجع من هؤلاء أحد أبدا.

سورة التوبة(9): آية 49 ..... ص : 787

قوله تعالى:

عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكاذِبِينَ [43]

4562/ [1]- ابن بابويه: قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام)

1: 202/ 1.

(1) في المصدر: المآكل.

(2) في المصدر: العمل. [.....]

(3) قوله: و أكل لحمه، أي بالغيبة.

(4) أى يعمل العمل ليسمعه الناس، أو يذكر عمله للناس و يحبّ ذلك، و يسمّع اللّه به: أي يشهّر اللّه تعالى بمساوئ عمله و سوء سريرته.

(5) حفد: خدم، و قوله: تستحفد، أي تجعلهنّ حفدة لك، أي أعوانا و خدما.

(6) بنو الأصفر: ملوك الروم.

(7) التوبة 9: 49.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 788

حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي ابن موسى (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك إن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى». فقال له المأمون فيما سأله: يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول الله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ.

قال الرضا (عليه السلام): «هذا مما نزل بإياك أعني و اسمعي يا جارة، خاطب الله تعالى بذلك نبيه (صلى الله عليه و آله) و أراد به أمته، و كذلك قوله عز و جل: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «1». و قوله تعالى:

وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا «2»». قال: صدقت، يا بن رسول الله.

4563/ [2]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكاذِبِينَ.

يقول: «تعرف أهل العذر «3» و الذين جلسوا بغير عذر».

سورة التوبة(9): الآيات 44 الي 47 ..... ص : 788

قوله تعالى:

لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي

رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ لكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَ قِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ [44- 47]

4564/ [1]- في رواية علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله: ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا: أي وبالا، وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ أي هربوا عنكم، و تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قوم من أهل الثبات و البصائر لم يكن يلحقهم شك و لا ارتياب، و لكنهم قالوا: نلحق برسول

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 293.

1- تفسير القمّي 1: 294.

(1) الزمر 39: 65.

(2) الإسراء 17: 74.

(3) في «ط»: أهل الزور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 789

الله (صلى الله عليه و آله)، منهم: أبو خيثمة و كان قويا، و كانت له زوجتان و عريشان «1»، و كانت زوجتاه قد رشتا عريشتيه، و بردتا له الماء، و هيأتا له طعاما، فأشرف على عريشته، فلما نظر إليهما، قال: لا و الله، ما هذا بإنصاف، رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، قد خرج في الضح «2» و الريح، و قد حمل السلاح يجاهد في سبيل الله، و أبو خيثمة قوي قاعد في عريشت ه و امرأتين حسناوين، لا و الله، ما هذا بإنصاف. ثم أخذ ناقته فشد عليها رحله و لحق برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنظر الناس إلى راكب على الطريق، فأخبروا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «كن أبا خيثمة» فأقبل و أخبر النبي (صلى

الله عليه و آله) بما كان منه، فجزاه خيرا و دعا له.

و كان أبو ذر (رحمه الله) تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثلاثة أيام، و ذلك أن جمله كان أعجف «3»، فلحق بعد ثلاثة أيام به، و وقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه و حمل ثيابه على ظهره، فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «كن أبا ذر» فقالوا: هو أبو ذر. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أدركوه بالماء فإنه عطشان» فأدركوه بالماء، و وافى أبو ذر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و معه إداوة «4» فيها ماء، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أبا ذر، معك ماء و عطشت!» قال: نعم- يا رسول الله، بأبي أنت و امي- انتهيت إلى صخرة عليها ماء السماء فذقته، فإذا هو عذب بارد، فقلت: لا أشربه حتى يشرب حبيبي رسول الله.

فقال رسول الله: «يا أبا ذر- رحمك الله- تعيش وحدك، و تموت وحدك، و تبعث وحدك، و تدخل الجنة وحدك، يسعد بك قوم من أهل العراق، يتولون غسلك و تجهيزك و الصلاة عليك و دفنك».

فلما سير به عثمان إلى الربذة، فمات بها ابنه ذر، وقف على قبره، فقال: رحمك الله- يا ذر- لقد كنت كريم الخلق، بارا بالوالدين، و ما علي في موتك من غضاضة «5»، و ما بي إلى غير الله من حاجة، و قد شغلني الاهتمام بك عن الاغتمام لك، و لولا هول المطلع لأحببت أن أكون مكانك، فليت شعري ما قالوا لك، و ما قلت لهم؟ ثم رفع يده فقال: اللهم إنك فرضت

لك عليه حقوقا، و فرضت لي عليه حقوقا، فإني قد وهبت له ما فرضت لي عليه من حقوقي، فهب له ما فرضت عليه من حقوقك، فإنك أولى بالحق و أكرم مني.

و كانت لأبي ذر غنيمات يعيش هو و عياله منها، فأصابها داء، يقال له: النقاز «6»، فماتت كلها، فأصاب أبا ذر و ابنته الجوع فماتت أهله، فقالت ابنته: أصابنا الجوع، و بقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا.

فقال: يا بنية، قومي بنا إلى الرمل نطلب القت- و هو نبت له حب- فصرنا إلى الرمل، فلم نجد شيئا، فجمع

__________________________________________________

(1) العريش: ما يستظلّ به. «الصحاح- عرش- 3: 1010».

(2) الضحّ: الشمس. «الصحاح- ضحح- 1: 385».

(3) الأعجف: المهزول. «الصحاح- عجف- 4: 1399».

(4) الإداوة: المطهرة. «الصحاح- أدا- 6: 2266». [.....]

(5) الغضاضة: الذلّة و المنقصة. «القاموس المحيط- غاض- 2: 351».

(6) النقاز: داء يأخذ الغنم فتنقز منه حتّى تموت. «الصحاح- نقز- 3: 900».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 790

أبي رملا و وضع رأسه عليه، و رأيت عينيه قد انقلبتا، فبكيت، و قلت له: يا أبت، كيف أصنع بك و أنا وحيدة؟

فقال: يا بنية، لا تخافي فإني إذا مت جاءك من أهل العراق من يكفيك أمري، فإنه أخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في غزاة تبوك، فقال: «يا أبا ذر، تعيش وحدك، و تموت وحدك، و تبعث وحدك، و تدخل الجنة وحدك، يسعد بك أقوام من أهل العراق، يتولون غسلك و تجهيزك و دفنك». فإذا أنا مت فمدي الكساء على وجهي، ثم اقعدي على طريق العراق، فإذا أقبل ركب فقومي إليهم، و قولي: هذا أبو ذر، صاحب رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد توفي.

قال: فدخل عليه قوم من أهل

الربذة، فقالوا: يا أبا ذر، ما تشتكي؟ قال: ذنوبي؟ قالوا: فما تشتهي؟ قال:

رحمة ربي. قالوا: فهل لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني.

قالت ابنته: فلما عاين الموت سمعته يقول: مرحبا بحبيب أتى على فاقة، لا أفلح من ندم، اللهم خنقني خناقك، فو حقك إنك لتعلم أني أحب لقاءك.

قالت ابنته: فلما مات مددت الكساء على وجهه، ثم قعدت على طريق العراق، فجاء نفر، فقلت لهم: يا معشر المسلمين، هذا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قد توفي. فنزلوا و مشوا و هم يبكون فجاءوا فغسلوه و كفنوه و دفنوه، و كان فيهم الأشتر. فروي أنه قال: دفنته في حلة كانت معي قيمتها أربعة آلاف درهم.

قالت ابنته: فكنت أصلي بصلاته، و أصوم بصيامه، فبينا أنا ذات ليلة نائمة عند قبره إذ سمعته يتهجد بالقرآن في نومي، كما كان يتهجد به في حياته. فقلت: يا أبت، ماذا فعل بك ربك؟ فقال: يا بنية، قدمت على رب كريم، رضي عني و رضيت عنه، و أكرمني و حباني، فاعملوا و لا تغتروا «1» و كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بتبوك رجل يقال له: المضرب، من كثرة ضرباته التي أصابته ببدر و احد، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «عد لي أهل العسكر» فعددهم، فقال: إنهم خمسة و عشرون ألف رجل سوى العبيد و التباع. فقال: «عد المؤمنين». فعددهم فقال: هم خمسة و عشرون رجلا.

و قد كان تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قوم من المنافقين، و قوم من المؤمنين مستبصرين لم يعثر عليهم في نفاق، منهم: كعب بن مالك الشاعر، و مرارة بن الربيع، و هلال بن امية

الواقفي «2». فلما تاب الله عليهم، قال كعب: ما كنت قط أقوى مني في ذلك الوقت الذي خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى تبوك، و ما اجتمعت لي راحلتان قط إلا في ذلك اليوم، و كنت أقول: أخرج غدا، أخرج بعد غد، فإني قوي، و توانيت و بقيت بعد خروج النبي (صلى الله عليه و آله) أياما، أدخل السوق فلا أقضي حاجة، فلقيت هلال بن امية و مرارة بن الربيع، و قد كانا تخلفا أيضا، فتوافقنا أن نبكر إلى السوق، و لم نقض حاجة، فما زلنا نقول: نخرج غدا و بعد غد. حتى بلغنا إقبال رسول الله (صلى الله عليه و آله) فندمنا.

__________________________________________________

(1) في المصدر: فاعملي فلا تغتري.

(2) في «س» و «ط»: الرافعي، تصحيف صوابه ما في المتن، نسبة إلى بني واقف، بطن من الأوّس، انظر أسد الغابة 5: 66 و أنساب السمعاني 5: 567.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 791

فلما وافى رسول الله (صلى الله عليه و آله) استقبلناه نهنئه بالسلامة، فسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام، و أعرض عنا، و سلمنا على إخواننا فلم يردوا علينا السلام، فبلغ ذلك أهلونا فقطعوا كلامنا، و كنا نحضر المسجد فلا يسلم علينا أحد و لا يكلمنا، فجاءت نساؤنا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقلن: قد بلغنا سخطك على أزواجنا، أ فنعتزلهم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا تعتزلنهم، و لكن لا يقربوكن».

فلما رأى كعب بن مالك و صاحباه ما قد حل بهم، قالوا: ما يقعدنا بالمدينة و لا يكلمنا رسول الله، و لا إخواننا، و لا أهلونا، فهلموا نخرج إلى هذا الجبل، فلا نزال فيه حتى يتوب

الله علينا أو نموت. فخرجوا إلى ذناب «1» جبل بالمدينة، فكانوا يصومون، و كان أهلوهم يأتونهم بالطعام فيضعونه ناحية، ثم يولون عنهم فلا يكلمونهم، فبقوا على هذا أياما كثيرة يبكون بالليل و النهار، و يدعون الله أن يغفر لهم. فلما طال عليهم الأمر، قال لهم كعب: يا قوم، قد سخط الله علينا و رسوله، و قد سخط علينا أهلونا و إخواننا، فلا يكلمنا أحد، فلم لا يسخط بعضنا على بعض.

فتفرقوا في الجبل «2»، و حلفوا أن لا يكلم أحد منهم صاحبه حتى يموت أو يتوب الله عليه، فبقوا على ذلك ثلاثة أيام، و كل واحد منهم في ناحية من الجبل، لا يرى أحد منهم صاحبه و لا يكلمه، فلما كان في الليلة الثالثة و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيت ام سلمة نزلت توبتهم على رسول الله (صلى الله عليه و آله).

قوله: «لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين و الأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة» قال الصادق (عليه السلام):

«هكذا نزلت. و هو أبو ذر و أبو خيثمة و عمرو بن وهب الذين تخلفوا، ثم لحقوا برسول الله (صلى الله عليه و آله)».

ثم قال في هؤلاء الثلاثة: وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا «3»، فقال العالم (عليه السلام): «إنما انزل: و على الثلاثة الذين خالفوا. و لو خلفوا لم يكن عليهم عيب حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ حيث لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لا إخوانهم و لا أهلوهم، فضاقت عليهم المدينة حتى خرجوا منها وَ ضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ «4» حيث حلفوا أن لا يكلم بعضهم بعضا فتفرقوا، و تاب الله عليهم لما عرف من صدق نياتهم».

4565/ [2]-

العياشي: عن المغيرة، قال: سمعته يقول في قول الله: وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً.

قال: «يعني بالعدة النية، يقول: لو كان لهم نية لخرجوا».

سورة التوبة(9): الآيات 50 الي 51 ..... ص : 791

قوله تعالى:

إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَ يَتَوَلَّوْا وَ هُمْ فَرِحُونَ

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 89/ 60.

(1) الذناب من كلّ شي ء: عقبه و مؤخّره. «أقرب الموارد- ذنب- 1: 374».

(2) في المصدر: في الليل.

(3، 4). 9: 118.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 792

- إلى قوله تعالى- وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [50- 51]

4566/ [1]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ: «أما الحسنة فالغنيمة و العافية، و أما المصيبة فالبلاء و الشدة يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَ يَتَوَلَّوْا وَ هُمْ فَرِحُونَ قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ».

سورة التوبة(9): آية 52 ..... ص : 792

قوله تعالى:

قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ [52]

4567/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ؟

قال: «إما موت في طاعة الله، أو إدراك ظهور إمام وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ مع ما نحن فيه من المشقة «1» أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ- قال:- هو المسخ أَوْ بِأَيْدِينا و هو القتل، قال الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ».

سورة التوبة(9): الآيات 53 الي 57 ..... ص : 792

قوله تعالى:

قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالى وَ لا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 292.

2- الكافي 8: 286/ 431.

(1) في المصدر: الشدّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 793

- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ يَجْمَحُونَ [53- 57]

4568/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي امية يوسف بن ثابت بن أبي سعيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنهم قالوا حين دخلوا عليه: إنما أحببناكم لقرابتكم من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لما أوجب الله عز و جل من حقكم، ما أحببناكم للدنيا نصيبها منكم إلا لوجه الله و

الدار الآخرة، و ليصلح امرؤ منا دينه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «صدقتم، صدقتم». ثم قال: «من أحبنا كان معنا- أو جاء معنا- يوم القيامة هكذا».

ثم جمع بين السبابتين. ثم قال: «و الله لو أن رجلا صام النهار و قام الليل، ثم لقي الله عز و جل بغير ولايتنا أهل البيت للقيه و هو عنه غير راض، أو ساخط عليه» ثم قال: «و ذلك قول الله عز و جل: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالى وَ لا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ».

ثم قال: «و كذلك الإيمان لا يضر معه العمل، و كذلك الكفر لا ينفع معه العمل». ثم قال: «إن تكونوا وحدانيين فقد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) وحدانيا، يدعوا الناس فلا يستجيبون له، و كان أول من استجاب له علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي».

4569/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن أبي امية يوسف ابن ثابت، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا يضر مع الإيمان عمل، و لا ينفع مع الكفر عمل، ألا ترى أنه قال: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ ... و ماتوا وَ هُمْ كافِرُونَ «1»».

4570/ [3]- أحمد بن محمد بن

خالد البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، و ابن محبوب، عن علي بن رئاب و عبد الله بن بكير، عن يوسف بن ثابت، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يضر مع الإيمان عمل، و لا ينفع مع الكفر عمل».

ثم قال: «ألا ترى أن الله تبارك و تعالى قال: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 106/ 80.

2- الكافي 2: 335/ 3.

3- المحاسن: 166/ 123. [.....]

(1) الذي في الآية 55: وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ و في الآية 125: وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ فلعلّ الخلط من النسّاخ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 794

4571/ [4]- العياشي: عن يوسف بن ثابت، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قيل له لما دخلنا عليه: إنا أحببناكم لقرابتكم من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لما أوجب الله من حقكم، ما أحببناكم لدنيا نصيبها منكم إلا لوجه الله و الدار الآخرة، و ليصلح امرؤ منا دينه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «صدقتم، صدقتم، من أحبنا جاء معنا يوم القيامة هكذا» ثم جمع بين السبابتين و قال: «و الله لو أن رجلا صام النهار و قام الليل ثم لقي الله بغير ولايتنا، لقيه غير راض، أو ساخط عليه». ثم قال:

«و ذلك قول الله: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ- إلى قوله:- وَ هُمْ كافِرُونَ».

ثم قال: «و كذلك الإيمان لا يضر معه عمل، و كذلك الكفر لا ينفع معه عمل».

4572/ [5]- علي بن إبراهيم: و قوله في المنافقين: قُلْ لهم يا محمد: أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ

يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ إلى قوله: وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ، و كانوا يحلفون للرسول أنهم مؤمنون، فأنزل الله وَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَ ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ يعني غارات في الجبال، أَوْ مُدَّخَلًا قال: موضعا يلتجئون إليه لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَ هُمْ يَجْمَحُونَ أي يعرضون عنكم.

4573/ [6]- الطبرسي في معنى مُدَّخَلًا سربا «1» في الأرض، عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة التوبة(9): الآيات 58 الي 60 ..... ص : 794

قوله تعالى:

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ- إلى قوله تعالى- إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [58- 60]

4574/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 89/ 61.

5- تفسير القمّي 1: 298.

6- مجمع البيان 5: 62.

1- الكافي 2: 302/ 4.

(1) في المصدر: أسرابا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 795

إسحاق بن غالب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق، كم ترى أهل هذه الآية: فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ؟» قال: ثم قال: «هم أكثر من ثلثي الناس».

4575/ [2]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق بن غالب، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق، كم ترى أصحاب هذه الآية: فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ؟». ثم قال

لي: «هم أكثر من ثلثي الناس».

4576/ [3]- العياشي: عن إسحاق بن غالب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق، كم ترى أهل هذه الآية: فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ؟» قال: «هم أكثر من ثلثي الناس».

4577/ [4]- علي بن إبراهيم: أنها نزلت لما جاءت الصدقات، و جاء الأغنياء و ظنوا أن الرسول (صلى الله عليه و آله) يقسمها بينهم، فلما وضعها رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الفقراء تغامزوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لمزوه، و قالوا: نحن الذين نقوم في الحرب، و نغزو معه، و نقوي أمره، ثم يدفع الصدقات إلى هؤلاء الذين لا يعينونه، و لا يغنون عنه شيئا؟! فأنزل الله: وَ لَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ رَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ.

ثم فسر الله عز و جل الصدقات لمن هي، و على من تجب، فقال: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فأخرج الله من الصدقات جميع الناس إلا هذه الثمانية أصناف الذين سماهم الله.

و بين الصادق (عليه السلام) من هم،

فقال: «الفقراء: هم الذين لا يسألون و عليهم مؤنات من عيالهم، و الدليل على أنهم هم الذين لا يسألون قول الله في سورة البقرة: لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً «1».

وَ الْمَساكِينِ هم أهل الزمانة «2» من العميان و

العرجان و المجذومين، و جميع أصناف الزمنى من الرجال و النساء و الصبيان. وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها هم السعاة و الجباة في أخذها و جمعها و حفظها حتى يؤدوها إلى من يقسمها. وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ هم قوم وحدوا الله و لم تدخل المعرفة في قلوبهم من أن محمدا رسول الله، فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتألفهم و يعلمهم كيما يعرفوا، فجعل الله لهم نصيبا في الصدقات كي يعرفوا و يرغبوا».

و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المؤلفة قلوبهم: أبو سفيان بن حرب بن أمية،

__________________________________________________

2- كتاب الزهد: 47/ 126.

3- تفسير العيّاشي 2: 89/ 62.

4- تفسير القمّي 1: 298.

(1) البقرة 2: 273.

(2) الزمانة: العاهة. «لسان العرب- زمن- 13: 199».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 796

و سهيل بن عمرو، و هو من بني عامر بن لؤي، و همام بن عمرو و أخوه، و صفوان بن امية بن خلف القرشي ثم الجمحي «1»، و الأقرع بن حابس التميمي ثم أحد بني حازم، و عيينة بن حصن الفزاري، و مالك بن عوف، و علقمة ابن علاثة، بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يعطي الرجل منهم مائة من الإبل و رعاتها، و أكثر من ذلك و أقل».

«وَ فِي الرِّقابِ قوم قد لزمهم كفارات في قتل الخطأ، و في الظهار، و قتل الصيد في الحرم، و في الإيمان، و ليس عندهم ما يكفرون، و هم مؤمنون، فجعل الله لهم منها سهما في الصدقات ليكفر عنهم. وَ الْغارِمِينَ قوم وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة الله من غير إسراف، فيجب على الإمام أن يقضي ذلك عنهم و يكفيهم من مال الصدقات وَ فِي سَبِيلِ

اللَّهِ قوم يخرجون إلى الجهاد و ليس عندهم ما ينفقون، أو قوم من المسلمين ليس عندهم ما يحجون به، أو في جميع سبل الخير، فعلى الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتى يقووا به على الحج و الجهاد وَ ابْنِ السَّبِيلِ أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة الله فيقطع عليهم و يذهب مالهم، فعلى الإمام أن يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات.

و الصدقات تتجزأ ثمانية أجزاء، فيعطى كل إنسان من هذه الثمانية على قدر ما يحتاج إليه بلا إسراف و لا تقتير، مفوض ذلك إلى الإمام، يعمل بما فيه الصلاح».

4578/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، و محمد بن مسلم، أنهما قالا لأبي عبد الله (عليه السلام): أ رأيت قول الله عز و جل: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ أكل هؤلاء يعطى، و إن كان لا يعرف؟ فقال: «إن الإمام يعطي هؤلاء جميعا، لأنهم يقرون له بالطاعة».

قال: قلت: فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال: «يا زرارة، لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف ما يوجد لها موضع، و إنما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، فأما اليوم فلا تعطها أنت و أصحابك إلا من يعرف، فمن وجدت من أصحابك هؤلاء المسلمين عارفا فأعطيه دون الناس». ثم قال: «سهم المؤلفة قلوبهم و سهم الرقاب عام، و الباقي خاص».

قال: قلت: فإن لم يوجدوا؟ قال: «لا تكون فريضة فرضها الله عز و جل إلا يوجد لها أهل».

قال: قلت: فإن

لم تسعهم الصدقات؟ فقال: «إن الله فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم، و لو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم، إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله، و لكن أتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم، و لو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير».

4579/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن

__________________________________________________

5- الكافي 3: 496/ 1.

6- الكافي 3: 50/ 16.

(1) في «س»: الجشعمي، و في «ط»: الجعشمي، و في المصدر: الجشمي الجمحي، و ما في المتن هو الصواب، نسبة إلى بني جمح بن عمرو، انظر جمهرة النسب: 95، التبيين في أنساب القرشيين: 452، المحبّر: 473. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 797

عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ؟

قال: «الفقير: الذي لا يسأل الناس، و المسكين: الذي يسأل الناس «1»، و البائس: أجهدهم، و كل ما فرض الله عز و جل عليك فإعلانه أفضل من إسراره، و كل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه، و لو أن رجلا يحمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا».

4580/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين «2»، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، أنه سأله عن الفقير و المسكين، فقال: «الفقير: الذي لا يسأل، و المسكين: الذي هو أجهد منه، الذي يسأل».

4581/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي

بن الحكم، عن موسى بن بكر، قال:

قال لي أبو الحسن (عليه السلام): «من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه و عياله كان كالمجاهد في سبيل الله عز و جل، فإن غلب عليه فليستدن على الله و رسوله (صلى الله عليه و آله) ما يقوت به عياله، فإن مات و لم يقضه كان على الإمام قضاؤه، فإن لم يقضه كان عليه وزره، إن الله عز و جل يقول: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها إلى قوله: وَ الْغارِمِينَ فهذا فقير مسكين مغرم».

4582/ [9]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، [عن العباس «3»، عن علي بن الحسن، عن سعيد، عن زرعة، عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن يصلح أن يأخذها؟ قال: «هي تحل للذين وصف الله تعالى في كتابه لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ و قد تحل الزكاة لصاحب السبع مائة، و تحرم على صاحب خمسين درهما».

فقلت له: كيف يكون هذا؟ فقال: «إذا كان صاحب السبع مائة له عيال كثيرة، فلو قسمها بينهم لم تكفهم «4»، فليعف عنها نفسه، و ليأخذها لعياله. و أما صاحب الخمسين فإنها تحرم عليه إذا كان وحده، و هو محترف يعمل بها، و هو يصيب منها ما يكفيه إن شاء الله».

__________________________________________________

7- الكافي 3: 502/ 18.

8- الكافي 5: 93/ 3.

9- التهذيب 4: 48/ 127.

(1) في المصدر: و المسكين أجهد منه.

(2) في المصدر: محمّد بن الحسن، و قد روى محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسن الصفّار و محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب،

و روى الأخير و محمّد بن الحسن بن علّان عن صفوان، راجع معجم رجال الحديث 9: 133 و 18: 8.

(3) من المصدر، و هو الصواب، فقد روى محمّد بن عليّ بن محبوب عن العبّاس بن معروف و العبّاس بن موسى الورّاق، و روى العبّاس بن معروف عن عليّ بن الحسن، راجع معجم رجال الحديث 9: 241 و 245 و 17: 9.

(4) في المصدر: لم تكفه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 798

قال: و سألته عن الزكاة، هل تصلح لصاحب الدار و الخادم؟ فقال: «نعم، إلا أن تكون داره دار غلة، فيخرج له من غلتها دراهم تكفيه لنفسه و عياله، و إن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه و عياله في طعامهم و كسوتهم و حاجتهم في غير إسراف، فقد حلت له الزكاة، و إن كان غلتها تكفيهم فلا».

4583/ [10]- و عنه: بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحابنا، عن الصادق (عليه السلام)، قال: سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته و قد أدى بعضها. قال: «يؤدى عنه من مال الصدقة، فإن الله عز و جل يقول: وَ فِي الرِّقابِ».

4584/ [11]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى ابن بكر، و علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، جميعا، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «المؤلفة قلوبهم قوم وحدوا الله، و خلعوا عبادة من يعبد من دون الله، و لم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمدا رسول الله، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتألفهم و يعرفهم كيما يعرفوا و يعلمهم».

4585/ [12]- و عنه: عن

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.

قال: «هم قوم وحدوا الله عز و جل، و خلعوا عبادة من يعبد من دون الله، و شهدوا أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله)، فأمر الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يتألفهم بالمال و العطاء لكي يحسن إسلامهم، و يثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه و أقروا به، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم حنين تألف رؤساء العرب من قريش و سائر مضر، منهم: أبو سفيان بن حرب، و عيينة بن حصن الفزاري، و أشباههم من الناس. فغضبت الأنصار و اجتمعت إلى سعد بن عبادة، فانطلق بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالجعرانة «1»، فقال: يا رسول الله، أ تأذن لي بالكلام؟ فقال: نعم. فقال: إن كان هذا الأمر من هذه الأموال التي قسمت بين قومك شيئا أنزله الله رضينا به، و إن كان غير ذلك لم نرض به».

قال زرارة: و سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا معشر الأنصار، كلكم على قول سيدكم سعد؟ فقالوا: سيدنا الله و رسوله «2». ثم قالوا في الثالثة: نحن على مثل قوله و رأيه».

قال زرارة: و سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «فحط الله نورهم، و فرض الله للمؤلفة قلوبهم سهما في القرآن».

__________________________________________________

10-

التهذيب 8: 275/ 1002.

11- الكافي 2: 301/ 1.

12- الكافي 2: 320/ 2.

(1) الجعرانة: منزل بين الطائف و مكّة. «معجم البلدان 2: 142».

(2) يأتي في الحديث (22) عن العيّاشي زيادة في هذا الموضع، و هي قوله: فأعادها عليهم ثلاث مرّات، كلّ ذلك يقولون: اللّه سيّدنا و رسوله. ثمّ قالوا بعد الثالثة. الحديث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 799

4586/ [13]- و عنه: عن علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «المؤلفة قلوبهم لم يكونوا قط أكثر منهم اليوم».

4587/ [14]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن رجل، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «ما كانت المؤلفة قلوبهم قط أكثر منهم اليوم، إنهم قوم وحدوا الله و خرجوا من الشرك، و لم تدخل معرفة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) قلوبهم و ما جاء به، فتألفهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تألفهم المؤمنون بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) لكيما يعرفوا».

4588/ [15]- العياشي: عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن تصلح أن يأخذها؟ فقال: «هي للذين قال الله في كتابه: لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ و قد تحل الزكاة لصاحب ثلاث مائة درهم، و تحرم على صاحب خمسين درهما».

فقلت له: و كيف يكون هذا؟ قال: «إذا كان صاحب الثلاث مائة درهم له عيال كثيرة، لو قسمها بينهم لم تكفهم، فليعفف عنها نفسه، و ليأخذها لعياله، و أما صاحب

الخمسين فإنها تحرم عليه إذا كان وحده، و هو محترف يعمل بها، و هو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله».

4589/ [16]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن الفقير و المسكين، قال: «الفقير: الذي يسأل، و المسكين: أجهد منه، و البائس: أجهدهما».

4590/ [17]- عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ؟ قال:

«الفقير الذي يسأل، و المسكين أجهد منه، الذي لا يسأل».

4591/ [18]- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل أوصى بسهم من ماله، و ليس يدري أي شي ء هو.

قال: «السهام ثمانية، و كذلك قسمها رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم تلا إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ إلى آخر الآية، ثم قال: «إن السهم واحد من ثمانية».

4592/ [19]- عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ إلى آخر الآية.

فقال: «إن جعلتها فيهم جميعا، و إن جعلتها لواحد، أجزأ عنك».

__________________________________________________

13- الكافي 2: 302/ 3.

14- الكافي 2: 302/ 5. [.....]

15- تفسير العيّاشي 2: 90/ 63.

16- تفسير العيّاشي 2: 90/ 64.

17- تفسير العيّاشي 2: 90/ 65.

18- تفسير العيّاشي 2: 90/ 66.

19- تفسير العيّاشي 2: 90/ 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 800

4593/ [20]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: أ رأيت قوله: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ إلى آخر الآية، كل هؤلاء يعطى إذا كان لا يعرف؟ قال: «إن الإمام يعطي هؤلاء جميعا لأنهم يقرون له بالطاعة».

قال: قلت له: فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال: «يا زرارة، لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع،

و إنما كان يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، و أما اليوم فلا تعطها أنت و أصحابك إلا من يعرف».

4594/ [21]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها، قال: «هم السعاة».

4595/ [22]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.

قال: «هم قوم وحدوا الله، و خلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك و تعالى، و شهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، و هم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله)، فأمر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يتألفهم بالمال و العطاء لكي يحسن إسلامهم، و يثبتوا على دينهم الذين قد دخلوا فيه و أقروا به. و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم حنين تألف رؤوسهم من رؤوس العرب من قريش و سائر مضر، منهم: أبو سفيان بن حرب، و عيينة بن حصين الفزاري، و أشباههم من الناس، فغضب الأنصار، فاجتمعوا إلى سعد بن عبادة، فانطلق بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالجعرانة، فقال: يا رسول الله، أ تأذن لي في الكلام؟ فقال: نعم. فقال: إن كان هذا الأمر من هذه الأموال التي قسمت بين قومك شيئا أمرك الله به رضينا، و إن كان غير ذلك لم نرض».

قال زرارة: فسمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله: يا معشر الأنصار، كلكم على مثل قول سعد سيدكم؟ قالوا: الله سيدنا و رسوله، فأعادها عليهم ثلاث مرات، كل ذلك يقولون: الله سيدنا و رسوله. ثم قالوا بعد الثالثة: نحن على مثل

قوله و رأيه».

قال زرارة: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «فحط الله نورهم، و فرض للمؤلفة قلوبهم سهما في القرآن».

4596/ [23]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، قال: «قوم تألفهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قسم فيهم الشي ء».

4597/ [24]- عن زرارة، قال أبو جعفر (عليه السلام): «فلما كان في قابل جاءوا بضعف الذين أخذوا و أسلم ناس كثير» قال: «فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) خطيبا، فقال: هذا خير أم الذي قلتم، قد جاءوا من الإبل بكذا و كذا ضعف ما أعطيتهم، و قد أسلم لله عالم و ناس كثير، و الذي نفس محمد بيده لوددت أن عندي ما أعطي كل إنسان ديته

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 2: 90/ 68.

21- تفسير العيّاشي 2: 91/ 69.

22- تفسير العيّاشي 2: 91/ 70.

23- تفسير العيّاشي 2: 92/ 71.

24- تفسير العيّاشي 2: 92 ذيل الحديث 71.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 801

على أن يسلم لله رب العالمين».

4598/ [25]- قال الحسن بن موسى من غير هذا الوجه أيضا رفعه، قال: قال رجل منهم حين قسم النبي (صلى الله عليه و آله) غنائم حنين: إن هذه القسمة ما يريد الله بها. فقال له بعضهم: يا عدو الله، تقول هذا لرسول الله.

ثم جاء إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فأخبره مقالته، فقال: «قد اوذي أخي موسى (عليه السلام) بأكثر من هذا فصبر». قال:

و كان يعطي لكل رجل من المؤلفة قلوبهم مائة راحلة.

4599/ [26]- عن سماعة، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن (عليهما السلام)، قال: ذكر أحدهما أن رجلا دخل على رسول الله (صلى

الله عليه و آله) يوم غنيمة حنين، و كان يعطي المؤلفة قلوبهم، يعطي الرجل منهم مائة راحلة و نحو ذلك، و قسم رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث أمر، فأتاه ذلك الرجل قد أزاغ الله قلبه و ران عليه، فقال له: ما عدلت حين قسمت. فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ويلك ما تقول؟ ألم تر قسمت الشاة حتى لم يبق معي شاة؟ أو لم أقسم البقر حتى لم يبق معي بقرة واحدة؟ أو لم أقسم الإبل حتى لم يبق معي بعير واحد؟».

فقال بعض أصحابه له: اتركنا- يا رسول الله- حتى نضرب عنق هذا الخبيث. فقال: «لا، هذا يخرج في قوم يقرءون القرآن، لا يجوز تراقيهم، بلى قاتلهم غيري «1»».

4600/ [27]- عن زرارة، قال: دخلت أنا و حمران، على أبي جعفر (عليه السلام) فقلنا: إنا نمد المطمر «2»؟ فقال:

«و ما المطمر؟» قلنا: الذي «3» وافقنا من علوي أو غيره توليناه، و من خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره.

قال: «يا زرارة، قول الله أصدق من قولك، فأين الذي قال الله: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا «4» أين المرجون لأمر الله؟ أين الذين خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا؟ أين أصحاب الأعراف؟ أين المؤلفة قلوبهم؟».

فقال زرارة: ارتفع صوت أبي جعفر و صوتي حتى كان يسمعه من على باب الدار، فلما كثر الكلام بيني و بينه، قال لي: «يا زرارة، حقا على الله أن يدخلك الجنة».

4601/ [28]- عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسألوه

أن يستعملهم على صدقة المواشي و النعم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 2: 92/ 72.

26- تفسير العيّاشي 2: 92/ 73.

27- تفسير العيّاشي 2: 93/ 74.

28- تفسير العيّاشي 2: 93/ 75. [.....]

(1) في المصدر: قاتلهم اللّه.

(2) في «ط»: و المصدر: المطهر.

(3) في المصدر: الدين فمن.

(4) النساء 2: 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 802

للعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم، فنحن أولى به؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي و لا لكم، و لكن وعدت الشفاعة- ثم قال: أنا أشهد أنه قد وعدها- فما ظنكم يا بني عبد المطلب إذا أخذت بحلقة باب الجنة، أ تروني مؤثرا عليكم غيركم؟!».

4602/ [29]- عن أبي إسحاق، عن بعض أصحابنا، عن الصادق (عليه السلام)، قال: سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته، و قد أدى بعضها، قال: «يؤدي من مال الصدقة، إن الله يقول في كتابه: وَ فِي الرِّقابِ».

4603/ [30]- عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): عبد زنا؟ قال: «يجلد نصف الحد». قال: قلت: فإن هو عاد. فقال: «يضرب مثل ذلك». قال: قلت: فإن هو عاد. قال: «لا يزاد على نصف الحد».

قال: قلت: فهل يجب عليه الرجم في شي ء من فعله؟ فقال: «نعم، يقتل في الثامنة، إن فعل ذلك ثمان مرات».

قلت: فما الفرق بينه و بين الحر، و إنما فعلهما واحد؟ فقال: «إن الله تعالى رحمه أن يجمع عليه ربق الرق و حد الحر». قال: ثم قال: «على إمام المسلمين أن يدفع ثمنه إلى مولاه من سهم الرقاب».

4604/ [31]- عن الصباح بن سيابة، قال: أيما مسلم مات و ترك دينا، لم يكن في فساد و

على إسراف، فعلى الإمام أن يقضيه، فإن لم يقضيه فعليه إثم ذلك، إن الله يقول: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ فهو من الغارمين، و له سهم عند الإمام، فإن حبسه فإثمه عليه.

4605/ [32]- عن عبد الرحمن بن الحجاج: أن محمد بن خالد: سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصدقات. قال:

«اقسمها فيمن قال الله، و لا تعطي من سهم الغارمين الذين ينادون نداء الجاهلية».

قلت: و ما نداء الجاهلية؟ قال: «الرجل يقول: يا آل بني فلان. فيقع فيهم القتل و الدماء، فلا يؤدي ذلك من سهم الغارمين، و الذين يغرمون من مهور النساء». قال: و لا أعلمه إلا قال: «و لا الذين لا يبالون بما صنعوا من أموال الناس»

سورة التوبة(9): آية 61 ..... ص : 803

قوله تعالى:

وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ [61]

4609/ [36]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن حريز، قال: كانت لإسماعيل بن أبي عبد الله دنانير، و أراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن، فقال إسماعيل: يا أبت، إن فلانا يريد الخروج إلى اليمن و عندي كذا و كذا دينارا، أفترى أن أدفعها إليه، يبتاع لي بها بضاعة من اليمن؟

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بني، أما بغلك أنه يشرب الخمر؟» فقال إسماعيل: هكذا يقول الناس. فقال:

«يا بني، لا تفعل» فعصى إسماعيل أباه و دفع إليه دنانيره، فاستهلكها و لم يأته بشي ء منها، فخرج إسماعيل و قضى أن أبا عبد الله (عليه السلام) حج و حج إسماعيل تلك السنة، فجعل يطوف بالبيت

و يقول: اللهم آجرني و أخلف علي.

فلحقه أبو عبد الله (عليه السلام) فهمزه بيده من خلفه، و قال له: «مه- يا بني- فلا و الله ما لك على الله من هذا حجة، و لا لك أن يأجرك، و لا يخلف عليك، و قد بلغك أنه يشرب الخمر فائتمنته».

فقال إسماعيل: يا أبت، إني لم أره يشرب الخمر، إنما سمعت الناس يقولون.

فقال: «يا بني، إن الله عز و جل يقول في كتابه: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ، يقول: يصدق الله و يصدق المؤمنين، فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم. و لا تأتمن شارب الخمر، فإن الله عز و جل يقول في كتابه: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ «1» فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟ إن شارب الخمر لا يزوج إذا خطب، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأستهلكها لم يكن للذي ائتمنه على الله أن يأجره، و لا يخلف عليه».

__________________________________________________

34- تفسير العيّاشي 2: 94/ 81.

35- تفسير العيّاشي 2: 95/ 82.

36- الكافي 5: 299/ 1.

(1) النساء 4: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 804

4610/ [2]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد «1» بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن حماد بن بشير «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من شرب الخمر بعد أن حرمها الله تعالى على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب، و لا يصدق إذا حدث، و لا يشفع إذا شفع، و لا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيعها فليس للذي ائتمنه على الله عز و جل

أن يأجره، و لا يخلف عليه».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إني أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن، فأتيت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت له: إني أريد أن أستبضع فلانا بضاعة؟. فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟ فقلت: قد بلغني عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك. فقال لي: صدقهم، فإن الله عز و جل يقول: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ. ثم قال: إنك إن استبضعته فهلكت أو ضاعت فليس لك على الله عز و جل أن يأجرك و لا يخلف عليك.

قال: قلت له: و لم؟ فقال لي: إن الله عز و جل يقول: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً «3» فهل تعرف سفيها أسفه من شارب الخمر؟» الحديث.

4611/ [3]- العياشي: عن حماد بن عثمان «4»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إني أردت أن أستبضع فلانا بضاعة إلى اليمن، فأتيت إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت: إني أريد أن أستبضع فلانا؟ فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟». فقلت: قد بلغني من المؤمنين أنهم يقولون ذلك. فقال: «صدقهم، إن الله عز و جل يقول: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ». فقال: «يعني يصدق الله و يصدق المؤمنين، لأنه كان رؤوفا رحيما بالمؤمنين».

4612/ [4]- ابن الفارسي في (الروضة): عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «حج رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و ذكر خطبة رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم الغدير التي تضمنت نصب علي (عليه السلام) إماما للناس- قال (صلى الله عليه و آله) في خطبته:

بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الآية.

معاشر الناس، ما قصرت عن تبليغ ما أنزله،

و أنا مبين سبب هذه الآية، أن جبرئيل (عليه السلام) هبط إلي مرارا ثلاثا، يأمرني عن السلام ربي، و هو السلام، أن أقوم في هذا المشهد، و اعلم كل أبيض و أحمر و أسود أن علي بن

__________________________________________________

2- الكافي 6: 397/ 9. [.....]

3- تفسير العيّاشي 2: 95/ 83.

4- روضة الواعظين: 92.

(1) في «س»: الحسن بن أحمد، تصحيف صوابه ما في المتن، راجع رجال النجاشي: 40، و معجم رجال الحديث 5: 116.

(2) في «س، ط»: داود بن بشير، و هو سهو، و الصواب ما في المتن، و هو حمّاد بن بشير الطنافسي الكوفي، عدّة الشيخ في رجاله: 173 من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و راجع معجم رجال الحديث 6: 203.

(3) النساء 4: 5.

(4) في «ط»: حماد بن سنان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 805

أبي طالب أخي و وصيي و خليفتي، و هو الإمام بعدي الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وليكم بعد الله و رسوله. و قد أنزل الله تبارك و تعالى علي بذلك آية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «1» و علي بن أبي طالب الذي أقام الصلاة، و آتى الزكاة و هو راكع، يريد الله عز و جل في كل حال.

و سألت جبرئيل (عليه السلام) أن يستعفي لي من تبليغ ذلك إليكم، لعلمي بقلة المتقين، و كثرة المنافقين، و إدغال الآثمين، و ختل المستهزئين الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، و يحسبونه هينا و هو عند الله عظيم، لكثرة أذاهم غير مرة حتى سموني اذنا، و زعموا أنه لكثرة ملازمتي إياه

«2» و إقبالي عليه حتى أنزل الله في ذلك: الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ، فقال: قُلْ أُذُنُ «3» على الذين تزعمون أنه أذن خَيْرٍ لَكُمْ إلى آخر الآية. و لو شئت أن اسمي القائلين بأسمائهم، لسميت و أومأت [إليهم بأعيانهم، و لو شئت أن أدل عليهم لدللت، و لكني في أمرهم قد تكرمت، و كل ذلك لا يرضي الله مني إلا أن ابلغ ما أنزل إلي، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ». «4»

و الخطبة طويلة ذكرناها بطولها في قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية من سورة المائدة «5».

4613/ [5]- علي بن إبراهيم: كان سبب نزولها أن عبد الله بن نفيل كان منافقا، و كان يقعد لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فيسمع كلامه و ينقله إلى المنافقين، و ينم عليه، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا محمد، إن رجلا من المنافقين ينم [عليك ، و ينقل حديثك إلى المنافقين. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«من هو؟».

فقال: يا رسول الله، الرجل الأسود الوجه، الكثير شعر الرأس، ينظر بعينين كأنهما قدران، و ينطق بلسان شيطان. فدعاه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره فحلف أنه لم يفعل، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قد قبلت منك، فلا تفعل».

فرجع إلى أصحابه، فقال: إن محمدا اذن، أخبره الله أني أنم عليه، و أنقل أخباره فقبل. و أخبرته أني لم أفعل ذلك فقبل، فأنزل الله على نبيه وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ

هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ أي يصدق الله فيما يقول له، و يصدقكم فيما تعتذرون إليه في الظاهر، و لا يصدقك في

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 300.

(1) المائدة 5: 55.

(2) في المصدر: ملازمته إياي.

(3) في المصدر زيادة: الأذن من يصدّق بكلّ ما يسمع.

(4) المائدة 5: 67.

(5) تقدم في الحديث (9) من تفسير الآية (3) من سورة المائدة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 806

الباطن، قوله: وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ يعني المقرين بالإيمان من غير اعتقاد.

4614/ [6]- و في (نهج البيان): عن الصادق (عليه السلام): أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن نفيل المنافق، يسمع كلام رسول الله و ينقله إلى المنافقين، و يعيبه عندهم، و ينم عليه أيضا، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك المنافق، فأحضره و نهاه عن ذلك و استتابه.

سورة التوبة(9): آية 62 ..... ص : 806

قوله تعالى:

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ- إلى قوله تعالى- إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ [62] 4615/ [7]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ أنها نزلت في المنافقين الذين كانوا يحلفون للمؤمنين أنهم منهم لكي يرضى عنهم المؤمنون، فقال الله: وَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ.

سورة التوبة(9): الآيات 64 الي 66 ..... ص : 806

قوله تعالى:

يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ- إلى قوله تعالى- كانُوا مُجْرِمِينَ [64- 66]

4616/ [8]- العياشي: عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزلت هذه الآية: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ إلى قوله: نُعَذِّبْ طائِفَةً» قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): تفسير هذه الآية؟

قال: «تفسيرها- و الله- ما نزلت آية قط إلا و لها تفسير». ثم قال: «نعم، نزلت في التيمي و العدوي و العشرة معهما، إنهم اجتمعوا اثنا عشر فكمنوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في العقبة، و ائتمروا بينهم ليقتلوه، فقال بعضهم لبعض: إن فطن نقول: إنما كنا نخوض و نلعب. و إن لم يفطن لنقتلنه، فأنزل الله هذه الآية وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ فقال الله لنبيه قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ يعني محمدا (صلى الله عليه و آله) كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ يعني عليا (عليه السلام)، إن يعف عنهما في أن

__________________________________________________

6- نهج البيان 2: 140 (مخطوط).

7- تفسير القمّي 1: 300. [.....]

8- تفسير العيّاشي 2: 95/ 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 807

يلعنهما على المنابر و يلعن غيرهما فذلك

قوله تعالى: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً».

4617/ [2]- الطبرسي: قيل: نزلت في اثني عشر رجلا وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) عند رجوعه من تبوك، فأخبر جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، و أمره أن يرسل إليهم و يضرب وجوه رواحلهم، و عمار كان يقود دابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و حذيفة يسوقها، فقال لحذيفة: «اضرب وجوه رواحلهم» فضربها حتى نحاهم. فلما نزل قال لحذيفة: «من عرفت من القوم؟» قال: لم أعرف منهم أحدا. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنه فلان و فلان. حتى عدهم كلهم. فقال حذيفة: ألا تبعث إليهم فتقتلهم؟ فقال: «أكره أن تقول العرب: لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم».

عن ابن كيسان، قال: و روي عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله، إلا أنه قال: ائتمروا بينهم ليقتلوه، و قال بعضهم لبعض: إن فطن نقول: إنما كنا نخوض و نلعب. و إن لم يفطن نقتله.

4618/ [3]- علي بن إبراهيم: قال: كان قوم من المنافقين لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى تبوك، كانوا يتحدثون فيما بينهم و يقولون: أ يرى محمد أن حرب الروم مثل حرب غيرهم، لا يرجع منهم أحد أبدا. فقال بعضهم: ما أخلقه أن يخبر الله محمدا بما كنا فيه و بما في قلوبنا، و ينزل عليه بهذا قرآنا يقرؤه الناس! و قالوا هذا على حد الاستهزاء.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمار بن ياسر: «الحق القوم، فإنهم قد احترقوا» فلحقهم عمار، فقال: ما قلتم؟

قالوا: ما قلنا شيئا، إنما كنا نقول شيئا على حد اللعب و المزاح. فأنزل الله وَ

لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ.

4619/ [4]- و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ.

قال: «هؤلاء قوم كانوا مؤمنين فارتابوا و شكوا و نافقوا بعد إيمانهم، و كانوا أربعة نفر. و قوله: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ كان أحد الأربعة مخشي بن حمير «1» فاعترف و تاب، و قال: يا رسول الله، أهلكني اسمي. فسماه رسول الله (صلى الله عليه و آله) عبد الله بن عبد الرحمن، فقال: يا رب، اجعلني شهيدا حيث لا يعلم أحد أين أنا. فقتل يوم اليمامة، و لم يعلم أحد أين قتل فهو الذي عفا الله عنه».

__________________________________________________

2- مجمع البيان 5: 70.

3- تفسير القمّي 1: 300.

4- تفسير القمّي 1: 300.

(1) في «س»: فحبتر، و في «ط»: مجنتر، و في المصدر: محتبر، تصحيفات صوابها ما في المتن، و هو مخشي بن حميّر الأشجعي حليف لبني سلمة من الأنصار، كان من المنافقين من أصحاب مسجد ضرار، ترجم له في اسد الغابة 4: 338 و الاصابة 3: 391 و ذكر قصّته هذه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 808

4620/ [5]- الشيباني: روي عن الباقر (عليه السلام): أن هذه الآية نزلت في رجوع النبي (صلى الله عليه و آله) من غزاة تبوك في حق المنافقين الذين نفروا ناقة النبي (صلى الله عليه و آله) ليلة العقبة، و كان حذيفة بن اليمان يسوقها، و عمار يأخذ بزمامها، و كانوا اثني عشر رجلا، فأمر النبي (صلى الله عليه و آله) حذيفة

أن يضرب وجوه رواحلهم حتى نحاهم عن الطريق، و لم يعرفهم حذيفة و عرفهم النبي (صلى الله عليه و آله) فأحضرهم بين يديه، و وبخهم، و قالوا: إنما كنا نخوض و نلعب. فكذبهم و لعنهم، و كان قد آخى بينهم، فقال لهم: «أكفرتم بعد إيمانكم».

4621/ [6]- القصة: قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): «لقد رامت الفجرة الكفرة ليلة العقبة قتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على العقبة، و رام من بقي من مردة المنافقين بالمدينة قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فما قدروا على مغالبة ربهم، حملهم على ذلك حسدهم لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام) لما فخم من أمره، و عظم من شأنه.

من ذلك: أنه لما خرج من المدينة، و قد كان خلفه عليها، قال له: إن جبرئيل أتاني، و قال لي: يا محمد، إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، و يقول لك: يا محمد، إما أن تخرج أنت و يقيم علي، و إما أن تقيم أنت و يخرج علي، فإن عليا قد ندبته لإحدى اثنتين، لا يعلم أحد كنه جلال من أطاعني فيهما و عظيم ثوابه غيري. فلما خلفه أكثر المنافقون الطعن فيه فقالوا: مله و سئمه، و كره صحبته. فتبعه علي (عليه السلام) حتى لحقه، و قد وجد مما قالوا فيه.

فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أشخصك عن مركزك؟ قال: بلغني عن الناس كذا و كذا. فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فانصرف علي (عليه السلام) إلى موضعه، فدبروا عليه أن يقتلوه، و تقدموا في أن يحفروا له في طريقه

حفيرة طويلة قدر خمسين ذراعا، ثم غطوها بحصر رقاق، و نثروا فوقها يسيرا من التراب، بقدر ما غطوا وجوه الحصر، و كان ذلك على طريق علي (عليه السلام) الذي لا بد له من عبوره، ليقع هو و دابته في الحفيرة التي عمقوها، و كان ما حوالي المحفور أرض ذات أحجار، و دبروا على أنه إذا وقع مع دابته في ذلك المكان كبسوه بالأحجار حتى يقتلوǮ

فلما بلغ علي (عليه السلام) قرب المكان لوى فرسه عنقه، و أطاله الله فبلغت جحفلته «1» اذنه، و قال: يا أمير المؤمنين، قد حفر ها هنا و دبر عليك الحتف- و أنت أعلم- لا تمر فيه. فقال له علي (عليه السلام): جزاك الله من ناصح خيرا كما أنذرتني، فإن الله عز و جل لا يخليك من صنعة الجميل. و سار حتى شارف المكان فتوقف الفرس خوفا من المرور على المكان، فقال علي (عليه السلام): سر بإذن الله تعالى سالما سويا، عجيبا شأنك، بديعا أمرك. فتبادرت الدابة فإذا الله عز و جل قد متن الأرض و صلبها و لأم حفرها، و جعلها كسائر الأرض. فلما جاوزها علي (عليه السلام) لوى الفرس عنقه، و وضع جحفلته على اذنه، ثم قال: ما أكرمك على رب العالمين، جوزك على هذا المكان الخاوي!! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جازاك الله بهذه السلامة عن تلك النصيحة التي نصحتني. ثم قلب وجه

__________________________________________________

5- نهج البيان 2: 140 (مخطوط).

6- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 380/ 265.

(1) الجحفلة لذي الحافر كالشّفة للإنسان. «أقرب الموارد- جحفل- 1: 104».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 809

الدابة إلى ما يلي كفلها «1» و القوم معه، بعضهم كان أمامه، و بعضهم خلفه، و قال:

اكشفوا عن هذا المكان، فكشفوا عنه فإذا هو خاو، و لا يسير عليه أحد إلا وقع في الحفيرة، فأظهر القوم الفزع و التعجب مما رأوا، فقال علي (عليه السلام) للقوم: أ تدرون من عمل هذا؟ قالوا: لا ندري. قال علي (عليه السلام): لكن فرسي هذا يدري. ثم قال: يا أيها الفرس، كيف هذا و من دبره؟ فقال الفرس: يا أمير المؤمنين، إذا كان الله عز و جل يبرم ما يروم جهال الخلق نقضه، أو كان ينقض ما يروم جهال الخلق إبرامه، فالله هو الغالب، و الخلق هم المغلوبون، فعل هذا- يا أمير المؤمنين- فلان و فلان، إلى أن ذكر العشرة بمواطأة من أربعة و عشرين، هم مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في طريقه.

ثم دبروا هم على أن يقتلوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) على العقبة، و الله عز و جل من وراء حياطة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ولي الله لا يغلبه الكافرون، فأشار بعض أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) بأن يكاتب رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، و يبعث رسولا مسرعا، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله- يعني جبرئيل (عليه السلام)- إلى محمد رسوله (صلى الله عليه و آله) أسرع، و كتابه إليه أسبق، فلا يهمنكم هذا.

فلما قرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من العقبة التي بإزائها فضائح المنافقين و الكافرين نزل دون العقبة، ثم جمعهم، فقال لهم: هذا جبرئيل الروح الأمين، يخبرني أن عليا دبر عليه كذا و كذا، فدفع الله عز و جل عنه بألطافه و عجائب معجزاته بكذا و كذا، و أنه صلب الأرض تحت حافر دابته،

و أرجل أصحابه، ثم انقلب على ذلك الموضع علي و كشف عنه فرأيت الحفيرة، ثم إن الله عز و جل لأمها كما كانت لكرامته عليه، و إنه قيل له: كاتب بهذا، و أرسل إلى رسول الله. فقال: رسول الله إلى رسول الله أسرع، و كتابه إليه أسبق. و لم يخبرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما قال علي (عليه السلام) على باب المدينة: إن من مع رسول الله منافقين سيكيدونه، و يدفع الله عز و جل عنه.

فلما سمع الأربعة و العشرون أصحاب العقبة ما قاله (صلى الله عليه و آله) في أمر علي (عليه السلام)، قال بعضهم لبعض:

ما أمهر محمدا بالمخرقة «2»! إن فيجا «3» أتاه مسرعا، أو طيرا من المدينة من بعض أهله وقع عليه! إن عليا قتل بحيلة كذا و كذا، و هو الذي واطأنا عليه أصحابنا، فهو الآن لما بلغه كتم الخبر، و قلبه إلى ضده يريد أن يسكن من معه لئلا يمدوا أيديهم عليه، و هيهات- و الله- ما لبث عليا بالمدينة إلا حتفه «4»، و لا أخرج محمدا إلى ها هنا إلا حتفه «5»، و قد هلك علي، و هو ها هنا هالك لا محالة، و لكن تعالوا حتى نذهب إليه و نظهر له السرور بأمر علي ليكون أسكن لقلبه إلينا، إلى أن نمضي فيه تدبيرنا، فحضروه و هنئوه على سلامة علي من الورطة التي رامها أعداؤه. ثم قالوا له: يا رسول الله، أخبرنا عن علي، أهو أفضل أم ملائكة الله المقربون؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و هل شرفت الملائكة إلا بحبها لمحمد و علي، و قبولها لولايتهما؟ إنه لا أحد من محبي علي قد

نظف قلبه من قذر الغش و الدغل و الغل و نجاسات الذنوب إلا كان أظهر و أفضل من الملائكة،

__________________________________________________

(1) كفل الدابّة: العجز. «القاموس المحيط- كفل- 4: 46».

(2) المخرقة: يراد بها هنا الافتراء و الكذب.

(3) قال في اللسان: و في الحديث ذكر الفيج، و هو المسرع في مشيه، الذي يحمل الأخبار من بلد إلى بلد. «لسان العرب- فيج- 2: 350».

(4، 5) في المصدر: حينه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 810

و هل أمر الله الملائكة بالسجود لآدم إلا لما كانوا قد وضعوه في نفوسهم، إنه لا يصير في الدنيا خلق بعدهم إذا رفعوا عنها إلا و هم- يعنون أنفسهم- أفضل منهم في الدين فضلا، و أعلم بالله علما. فأراد الله «1» أن يعرفهم أنهم قد اخطأوا في ظنونهم و اعتقاداتهم، فخلق آدم و علمه الأسماء كلها، ثم عرضها عليهم فعجزوا عن معرفتها، فأمر آدم أن ينبئهم بها، و عرفهم فضله في العلم عليهم.

ثم أخرج من صلب آدم ذريته منهم الأنبياء و الرسل و الخيار من عباد الله، أفضلهم محمد ثم آل محمد، و من الخيار الفاضلين منهم أصحاب محمد و خيار امة محمد، و عرف الملائكة بذلك أنهم أفضل من الملائكة إذا احتملوا ما حملوه من الأثقال، و قاسوا ما هم فيه من تعرض أعوان الشياطين و مجاهدة النفوس، و احتمال أذى ثقل العيال، و الاجتهاد في طلب الحلال، و معاناة مخاطرة الخوف من الأعداء من لصوص مخوفين، و من سلاطين جور قاهرين، و صعوبة المسالك في المضايق و المخاوف، و الأجزاع «2» و الجبال و التلال، لتحصيل أقوات الأنفس و العيال، من الطيب الحلال.

عرفهم الله عز و جل أن خيار المؤمنين يحتملون هذه البلايا، و يتخلصون

منها، و يحاربون الشياطين و يهزمونهم، و يجاهدون أنفسهم بدفعها عن شهواتها، و يغلبونها مع ما ركب فيهم من شهوة الفحولة و حب اللباس و الطعام و العزة و الرئاسة، و الفخر و الخيلاء، و مقاساة العناء و البلاء من إبليس لعنه الله و عفاريته، و خواطرهم و إغوائهم و استهزائهم «3»، و دفع ما يكابدونه من ألم الصبر على سماع الطعن من أعداء الله، و سماع الملاهي، و الشتم لأولياء الله، و مع ما يقاسونه في أسفارهم لطلب أقواتهم، و الهرب من أعداء دينهم، و الطلب لمن يأملون معاملته من مخالفيهم في دينهم.

قال الله عز و جل: يا ملائكتي، و أنتم من جميع ذلك بمعزل، لا شهوات الفحولة تزعجكم، و لا شهوة الطعام تحقركم، و لا الخوف من أعداء دينكم و دنياكم ينخب في قلوبكم، و لا لإبليس في ملكوت سماواتي و أرضي شغل على إغواء ملائكتي الذين قد عصمتهم منه «4». يا ملائكتي، فمن أطاعني منهم و سلم دينه من هذه الآفات و النكبات فقد احتمل في جنب محبتي ما لم تحتملوه، و اكتسب من القربات ما لم تكتسبوه.

فلما عرف الله ملائكته فضل خيار امة محمد (صلى الله عليه و آله) و شيعة علي (عليه السلام) و خلفائه عليهم، و احتمالهم في جنب محبة ربهم ما لا تحتمله الملائكة، أبان بني آدم الخيار المتقين بالفضل عليهم. ثم قال: فلذلك فاسجدوا لآدم. لما كان مشتملا على أنوار هذه الخلائق الأفضلين. و لم يكن سجودهم لآدم، إنما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه لله عز و جل، و كان بذلك معظما مبجلا له، و لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون الله، و أن

يخضع له خضوعه لله، و يعظمه بالسجود له كتعظيمه لله، و لو أمرت أحدا أن يسجد هكذا لغير الله، لأمرت ضعفاء

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: و بنبيّه.

(2) الأجزاع: جمع جزع، و هو الوادي إذا قطعته عرضا. «الصحاح- جزع- 3: 1195». [.....]

(3) في المصدر: و استهوائهم.

(4) في المصدر: منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 811

شيعتنا و سائر المكلفين من شيعتنا أن يسجدوا لمن توسط في علوم علي وصي رسول الله، و محض وداد «1» خير خلق الله علي بعد محمد رسول الله، و احتمل المكاره و البلايا في التصريح بإظهار حقوق الله، و لم ينكر علي حقا أرقبه «2» عليه قد كان جهله أو أغفله.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): عصى الله إبليس فهلك لما كانت معصيته بالكبر على آدم، و عصى الله آدم بأكل الشجرة فسلم و لم يهلك لما لم يقارن بمعصيته التكبر على محمد و آله الطيبين، و ذلك أن الله تعالى قال له: يا آدم، عصاني فيك إبليس و تكبر عليك فهلك، و لو تواضع لك بأمري، و عظم عز جلالي لأفلح كل الفلاح كما أفلحت، و أنت عصيتني بأكل الشجرة، و بالتواضع لمحمد و آل محمد تفلح كل الفلاح، و تزول عنك وصمة الزلة «3»، فادعني بمحمد و آله الطيبين لذلك. فدعا بهم فأفلح كل الفلاح لما تمسك بعروتنا أهل البيت.

ثم إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بالرحيل في أول نصف الليل الأخير، و أمر مناديه فنادى: ألا لا يسبقن رسول الله أحد إلى العقبة، و لا يطأها حتى يجاوزها رسول الله (صلى الله عليه و آله). ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة، فينظر

من يمر به، و يخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمره أن يستتر «4» بحجر، فقال حذيفة: يا رسول الله، إني أتبين الشر في وجوه رؤساء عسكرك، و إني أخاف إن قعدت في أصل الجبل و جاء منهم من أخاف أن يتقدمك إلى هناك للتدبير عليك يحس بي، فيكشف عني فيعرفني و موضعي من نصيحتك فيتهمني و يخافني فيقتلني.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنك إذا بلغت أصل العقبة فاقصد أكبر صخرة هناك إلى جانب أصل العقبة، و قل لها: إن رسول الله يأمرك أن تنفرجي حتى أدخل جوفك، ثم يأمرك أن تثقب فيك ثقبة ابصر منها المارين، و يدخل علي منها الروح لئلا أكون من الهالكين. فإنها تصير إلى ما تقول لها بإذن الله رب العالمين.

فأدى حذيفة الرسالة، و دخل جوف الصخرة، و جاء الأربعة و العشرون على جمالهم، و بين أيديهم رجالتهم، يقول بعضهم لبعض: من رأيتموه ها هنا كائنا ما كان فاقتلوه، لئلا يخبروا محمدا أنهم قد رأونا ها هنا فينكص محمد، و لا يصعد هذه العقبة إلا نهارا، فيبطل تدبيرنا عليه. فسمعها حذيفة، و استقصوا فلم يجدوا أحدا.

و كان الله قد ستر حذيفة بالحجر عنهم فتفرقوا، فبعضهم صعد على الجبل و عدل عن الطريق المسلوك، و بعضهم وقف على سفح الجبل عن يمين و شمال، و هم يقولون: ألا ترون حين «5» محمد كيف أغراه بأن يمنع الناس من صعود العقبة حتى يقطعها هو، لنخلو به ها هنا، فنمضي فيه تدبيرنا و أصحابه عنه بمعزل؟ و كل ذلك يوصله الله من قريب أو بعيد إلى اذن حذيفة، و

يعيه.

__________________________________________________

(1) محض الودّ: أخلصه. «مجمع البحرين- محض- 4: 229».

(2) رقبت الشي ء: رصدته و انتظرته، و المراد هنا: أرصده له و انتظر رعايته منه. «الصحاح- رقب- 1: 137».

(3) في المصدر: الذلّة.

(4) في «س»: يتشبه، و في «ط»: يتشبث.

(5) حينه: أجله. «مجمع البحرين- حين- 6: 240».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 812

فلما تمكن القوم على الجبل حيث أرادوا كلمت الصخرة حذيفة، و قالت: انطلق الآن إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره بما رأيت و ما سمعت. قال حذيفة: كيف أخرج عنك، و إن رآني القوم قتلوني مخافة على أنفسهم من نميمتي عليهم؟ قالت الصخرة: إن الذي أمكنك من جوفي و أوصل إليك الروح من الثقبة التي أحدثها في هو الذي يوصلك إلى نبي الله و ينقذك من أعداء الله. فنهض حذيفة ليخرج، فانفرجت الصخرة، فحوله الله طائرا فطار في الهواء محلقا حتى انقض بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم أعيد إلى صورته، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما رأى و سمع.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أو عرفتهم بوجوههم؟

فقال: يا رسول الله، كانوا متلثمين و كنت أعرف أكثرهم بجمالهم، فلما فتشوا الموضع فلم يجدوا أحدا أحدروا اللثام فرأيت وجوههم و عرفتهم بأعيانهم و أسمائهم، فلان و فلان حتى عد أربعة و عشرين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا حذيفة، إذا كان الله تعالى يثبت محمدا، لم يقدر هؤلاء و لا الخلق أجمعون أن يزيلوه، إن الله تعالى بالغ في محمد أمره و لو كره الكافرون. ثم قال: يا حذيفة، فانهض بنا أنت و سلمان و عمار، و توكلوا على الله، فإذا جزنا الثنية

الصعبة فأذنوا للناس أن يتبعونا.

فصعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ناقته و حذيفة و سلمان أحدهما آخذ بخطام ناقته يقودها، و الاخر خلفها يسوقها، و عمار إلى جانبها، و القوم على جمالهم و رجالتهم منبثون حوالي الثنية على تلك العقبات، و قد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تقع به في المهوى الذي يهول الناظر النظر إليه من بعده، فلما قربت الدباب من ناقة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أذن الله تعالى لها، فارتفعت ارتفاعا عظيما، فجاوزت ناقة رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم سقطت في جانب المهوى، و لم يبق منها شي ء إلا صار كذلك، و ناقة رسول الله (صلى الله عليه و آله) كأنها لا تحس بشي ء من تلك القعقعات «1» التي كانت للدباب.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمار: اصعد الجبل، فاضرب بعصاك هذه وجوه رواحلهم فارم بها. ففعل ذلك عمار، فنفرت بهم، و سقط بعضهم فانكسر عضده، و منه من انكسرت رجله، و منهم من انكسر جنبه، و اشتدت لذلك أوجاعهم، فلما جبرت و اندملت بقيت عليهم آثار الكسر إلى أن ماتوا، و لذلك قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حذيفة و أمير المؤمنين (عليه السلام): إنهما أعلم الناس بالمنافقين، لقعوده في أصل العقبة و مشاهدته من مر سابقا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و كفى الله رسوله أمر من قصد له، و عاد رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة، فكسا الله الذل و العار من كان قد قعد

عنه، و ألبس الخزي من كان دبر على علي (عليه السلام) ما دفع الله عنه».

و سيأتي عن قريب- إن شاء الله تعالى- ذكر من كان على العقبة من طريق الخاصة و العامة، في قوله تعالى:

__________________________________________________

(1) القعقعة: تتابع الصوت في شدّة. «لسان العرب- قعع- 8: 287».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 813

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا «1»

سورة التوبة(9): آية 67 ..... ص : 813

قوله تعالى:

نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ [67]

4622/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن قاسم الرقام، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ.

فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا ينسى و لا يسهو، و إنما ينسى و يسهو المخلوق المحدث، ألا تسمعه عز و جل يقول: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «2» و إنما يجازي من نسيه و نسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم، كما قال الله عز و جل:

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «3»، و قوله عز و جل: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «4»، أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا».

4623/ [2]- و عنه: بإسناده عن أبي معمر السعداني، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «قوله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إنما يعني أنهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا بطاعته فنسيهم

في الآخرة، أي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا فصاروا منسيين من الجنة «5»».

4624/ [3]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) نَسُوا اللَّهَ قال: قال: «تركوا طاعة الله».

فَنَسِيَهُمْ قال: «فتركهم».

4625/ [4]- عن أبي معمر السعدي، قال: قال علي (عليه السلام) في قول الله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ. قال: «فإنما يعني أنهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا له بالطاعة، و لم يؤمنوا به و برسوله فَنَسِيَهُمْ في الآخرة أي لم

__________________________________________________

1- التوحيد: 159/ 1، عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 125/ 18.

2- التوحيد: 259/ 5.

3- تفسير العيّاشي 2: 95/ 95.

4- تفسير العيّاشي 2: 96/ 86.

(1) يأتي في تفسير الآيات (74- 79) من هذه السورة.

(2) مريم 19: 64. [.....]

(3) الحشر 59: 19.

(4) الأعراف 7: 51.

(5) في المصدر: من الخير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 814

يجعل لهم في ثوابه نصيبا، فصاروا منسيين من الخير».

سورة التوبة(9): آية 70 ..... ص : 814

قوله تعالى:

وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ [70]

4626/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: قوله عز و جل: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى «1»؟ قال: «هم أهل البصرة «2»».

قلت: وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ؟ قال: «أولئك قوم لوط، ائتفكت عليهم، أي انقلبت و صار عاليها سافلها «3»».

سورة التوبة(9): آية 71 ..... ص : 814

قوله تعالى:

وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [71]

4627/ [2]- الشيخ في (التهذيب): عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن صفوان بن مهران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تاتيني المرأة المسلمة قد عرفتني بعمل، أعرفها بإسلامها، ليس لها محرم، فأحملها؟

قال: «فاحملها، فإن المؤمن محرم للمؤمنة». ثم تلا هذه الآية: وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ.

قلت: صفوان بن مهران هو الجمال، و قوله: «أحملها» أي أسوقها إلى مكة، أورد الشيخ هذا الحديث في كتاب الحج.

4628/ [3]- العياشي: عن صفوان الجمال، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بأبي أنت و امي، [تأتيني المرأة المسلمة قد عرفتني بعملي، و عرفتها بإسلامها و حبها إياكم و ولايتها لكم، و ليس لها محرم.

فقال: «إذا جاءتك المرأة المسلمة فاحملها، فإن المؤمن محرم المؤمنة» و تلا هذه الآية

__________________________________________________

1- الكافي 8: 180/ 202.

2- التهذيب 5: 401/ 1395.

3- تفسير العياشي 2: 96/ 87.

(1) النجم 53: 53.

(2) في المصدر زيادة: هي المؤتفكة.

(3) في المصدر: ائتفكت عليهم: انقلبت عليهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 815

وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ.

سورة التوبة(9): آية 72 ..... ص : 815

قوله تعالى:

وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [72]

4629/ [1]- العياشي: عن ثوير، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «إذا صار أهل الجنة في الجنة و دخل ولي الله إلى جناته و مساكنه و اتكأ كل مؤمن على أريكته، حفته خدامه، و تهدلت عليه الأثمار، و تفجرت حوله العيون، و جرت من تحته الأنهار، و بسطت له الزرابي، و وضعت «1» له النمارق، و أتته الخدام بما شاءت شهوته من

قبل أن يسألهم ذلك- قال- و يخرج عليه الحور العين من الجنان فيمكثون بذلك ما شاء الله، ثم إن الجبار يشرف عليهم، فيقول لهم: أوليائي و أهل طاعتي و سكان جنتي في جواري، ألا هل أنبئكم بخير مما أنتم فيه؟

فيقولون: ربنا، و أي شي ء خير مما نحن فيه، نحن فيما اشتهت أنفسنا و لذت أعيننا من النعم في جوار الكريم!- قال- فيعود عليهم القول، فيقولون: ربنا نعم، فأتنا بخير مما نحن فيه.

فيقول لهم تبارك و تعالى: رضاي عنكم و محبتي لكم خير و أعظم مما أنتم فيه».

قال: «فيقولون: نعم، يا ربنا، رضاك عنا و محبتك لنا خير لنا و أطيب لأنفسنا». ثم قرأ علي بن الحسين (عليه السلام) هذه الآية وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

4630/ [2]- (بستان الواعظين): قال الحسين (عليه السلام)- و في نسخة الحسن- في قول الله عز و جل: وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ.

قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هي قصور في الجنة من لؤلؤة بيضاء، فيها سبعون دارا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير امرأة من الحور العين، في كل بيت مائدة، على كل مائدة سبعون قصعة، على كل قصعة سبعون وصيفا و وصيفة، و يعطي الله المؤمن ذلك في غداة، و يأكل ذلك الطعام، و يطوف على تلك الأزواج».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 96/ 88.

2- ......

(1) في المصدر: و صفّفت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 816

4631/ [3]- الطبرسي في (جوامع الجامع): أبو

الدرداء، عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «عدن دار الله التي لم ترها عين، و لم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها غير ثلاثة: النبيون، و الصديقون، و الشهداء، يقول الله عز و جل:

طوبى لمن دخلك».

4632/ [4]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن جابر (رضي الله عنه)، عنه (صلى الله عليه و آله): «إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال الله تعالى: تشتهون شيئا فأزيدكم؟ قالوا: يا ربنا، و ما خير مما أعطيتنا! قال: رضواني أكبر».

4633/ [5]- عن زيد بن أرقم، قال رجل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): تزعم- يا أبا القاسم- أن أهل الجنة يأكلون و يشربون؟ قال: «نعم و الذي نفسي بيده، إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل و الشرب».

قال: فإن الذي يأكل تكون له الحاجة و الجنة طيبة لا خبث فيها! قال: «عرق يفيض من أحدهم كريح «1» المسك فيضمر بطنه».

سورة التوبة(9): آية 73 ..... ص : 816

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ [73] 4634/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: قال: إنما نزلت: يا أيها النبي جاهد الكفار بالمنافقين، لأن النبي (صلى الله عليه و آله) لم يجاهد المنافقين بالسيف، و جاهد الكفار بالسيف.

4635/ [2]- ثم قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «جاهد الكفار و المنافقين بإلزام الفرائض».

سورة التوبة(9): الآيات 74 الي 79 ..... ص : 816

قوله تعالى:

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا

__________________________________________________

3- جوامع الجامع: 182.

4- ربيع الأبرار 1: 247. [.....]

5- ربيع الأبرار 1: 248.

1- تفسير القمّي 1: 301.

2- تفسير القمّي 1: 301.

(1) في المصدر: كرشح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 817

- إلى قوله تعالى- وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [74- 79]

4636/ [1]- العياشي: عن جابر بن أرقم، قال: بينا نحن في مجلس لنا و أخي زيد بن أرقم يحدثنا، إذ أقبل رجل على فرسه، عليه هيئة السفر، فسلم علينا، ثم وقف فقال: أ فيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد: أنا زيد بن أرقم، فما تريد؟

فقال الرجل: أ تدري من أين جئت؟ قال: لا. قال: من فسطاط مصر، لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال له زيد: و ما هو؟ قال: حديث غدير خم في ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).

فقال: يا بن أخي، إن قبل غدير خم ما أحدثك به، أن جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام) نزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدعا قوما أنا فيهم، فاستشارهم في ذلك

ليقوم به في الموسم، فلم ندر ما نقول، و بكى (صلى الله عليه و آله) فقال له جبرئيل: ما لك- يا محمد- أ جزعت من أمر الله! فقال: «كلا- يا جبرئيل- و لكن قد علم ربي ما لقيت من قريش إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادي، و أهبط إلي جنودا من السماء فنصروني، فكيف يقروا لعلي من بعدي!» فانصرف عنه جبرئيل، ثم نزل عليه فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ «1».

فلما نزلنا الجحفة «2» راجعين و ضربنا أخبيتنا نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «3»، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو ينادي: «يا أيها الناس، أجيبوا داعي الله، أنا رسول الله» فأتيناه مسرعين في شدة الحر فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه، و بعضه على قدميه من الحر، و أمر بقم «4» ما تحت الدوح، فقم ما كان ثم من الشوك و الحجارة، فقال رجل: ما دعاه إلى قم هذا المكان، و هو يريد أن يرحل من ساعته؟! ليأتينكم اليوم بداهية، فلما فرغوا من القم أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يؤتى بأحداج «5» دوابنا و أقتاب «6» إبلنا و حقائبنا، فوضعنا بعضها على بعض، ثم ألقينا عليها ثوبا، ثم صعد عليها رسول الله (صلى الله عليه و آله) فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال:

«أيها الناس، إنه نزل علي عشية عرفة أمر ضقت به ذرعا مخافة تكذيب أهل الإفك، حتى جاءني في هذا

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي

2: 97/ 89.

(1) هود 11: 12.

(2) الجحفة: قرية على طريق المدينة. «معجم البلدان 2: 111».

(3) المائدة 5: 67.

(4) قمّ: كنس. «الصحاح- قمم- 5: 2015».

(5) الحدج: الحمل. «الصحاح- حدج- 1: 305» و في المصدر: بأحلاس، و الحلس: ما يلي ظهر الدابة تحت السرج أو الرحل.

(6) القتب: رحل صغير على قدر السنام. «الصحاح- قتب- 1: 198».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 818

الموضع وعيد من ربي إن لم أفعل، ألا و إني غير هائب لقوم و لا محاب لقرابتي.

أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: الله و رسوله، قال: «اللهم اشهد، و أنت- يا جبرئيل- فاشهد» حتى قالها ثلاثا. ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فرفعه إليه، ثم قال: «اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والد من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله» قالها ثلاثا. ثم قال: «هل سمعتم؟» قالوا:

اللهم بلى، قال: «فأقررتم؟» قالوا: اللهم نعم. ثم قال: «اللهم اشهد، و أنت- يا جبرئيل- فاشهد».

ثم نزل فانصرفنا إلى رحالنا، و كان إلى جانب خبائي خباء لنفر من قريش، و هم ثلاثة، و معي حذيفة بن اليمان، فسمعنا أحد الثلاثة و هو يقول: و الله إن محمدا لأحمق إن كان يرى أن الأمر يستقيم لعلي من بعده! و قال آخر: أ تجعله أحمق، ألم تعلم أنه مجنون، قد كاد أن يصرع عند امرأة ابن أبي كبشة؟ و قال الثالث: دعوه إن شاء أن يكون أحمق، و إن شاء أن يكون مجنونا، و الله ما يكون ما يقول أبدا. فغضب حذيفة من مقالتهم، فرفع جانب الخباء فأدخل رأسه إليهم، و قال: فعلتموها و رسول الله (صلى الله عليه

و آله) بين أظهركم و وحي الله ينزل عليكم، و الله لأخبرنه بكرة بمقالتكم.

فقالوا له: يا أبا عبد الله، و إنك ها هنا و قد سمعت ما قلنا، اكتم علينا فإن لكل جوار أمانة.

فقال لهم: ما هذا من جوار الأمانة، و لا من مجالسها، و ما نصحت الله و رسوله إن أنا طويت عنه هذا الحديث.

فقالوا له: يا أبا عبد الله، فاصنع ما شئت، فو الله لنحلفن أنا لم نقل، و أنك قد كذبت علينا، أ فتراه يصدقك و يكذبنا و نحن ثلاثة؟

فقال لهم: أما أنا فلا ابالي إذا أديت النصيحة إلى الله و إلى رسوله، فقولوا ما شئتم أن تقولوا.

ثم مضى حتى أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) إلى جانبه محتب «1» بحمائل سيفه، فأخبره بمقالة القوم، فبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأتوه، فقال لهم: «ماذا قلتم؟» فقالوا: و الله ما قلنا شيئا، فإن كنت بلغت عنا شيئا فمكذوب علينا. فهبط جبرئيل بهذه الآية يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا، و قال علي (عليه السلام) عند ذلك: «ليقولوا ما شاءوا، و الله إن قلبي بين أضلاعي، و إن سيفي لفي عنقي، و لئن هموا لأهمن».

فقال جبرئيل للنبي (صلى الله عليه و آله): اصبر للأمر الذي هو كائن. فأخبر النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) بما أخبره به جبرئيل. فقال: «إذن أصبر للمقادير».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و قال رجل من الملأ شيخ: لئن كنا بين أقوامنا كما يقول هذا لنحن أشر من الحمير» قال: «و قال آخر شاب

إلى جنبه: لئن كنت صادقا لنحن أشر من الحمير».

4637/ [2]- عن جعفر بن محمد الخزاعي، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لما قال

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 99/ 90.

(1) احتبى بثوبه: اشتمل. «لسان العرب- 14: 160».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 819

النبي (صلى الله عليه و آله) ما قال في غدير خم و صار بالأخبية، مر المقداد بجماعة منهم و هم يقولون: و الله إن كنا أصحاب كسرى و قيصر لكنا في الخز و الوشي و الديباج و النساجات، و إنا معه في الأخشنين: نأكل الخشن و نلبس الخشن، حتى إذا دنا موته و فنيت أيامه و حضر أجله أراد أن يوليها عليا من بعده، أما و الله ليعلمن».

قال: «فمضى المقداد و أخبر النبي (صلى الله عليه و آله) به فقال: الصلاة جامعة» قال: «فقالوا: قد رمانا المقداد فقوموا نحلف عليه- قال- فجاءوا حتى جثوا بين يديه، فقالوا: بآبائنا و أمهاتنا- يا رسول الله- لا و الذي بعثك بالحق، و الذي أكرمك بالنبوة، ما قلنا ما بلغك، لا و الذي اصطفاك على البشر».

قال: «فقال النبي (صلى الله عليه و آله): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بك- يا محمد- ليلة العقبة وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ كان أحدهم يبيع الرؤوس و آخر يبيع الكراع و يفتل القرامل «1» فأغناهم الله برسوله، ثم جعلوا حدهم و حديدهم عليه».

4638/ [3]- و عنه: قال أبان بن تغلب، عنه (عليه السلام): «لما نصب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) يوم غدير خم، فقال:

من كنت مولاه فعلي مولاه، ضم رجلان من قريش رؤوسهما و قالا: و الله لا نسلم له ما قال أبدا.

فأخبر النبي (صلى الله عليه و آله) فسألهما عما قالا، فكذبا و حلفا بالله ما قالا شيئا، فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا الآية». قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لقد توليا و ما تابا».

4639/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في الذين تحالفوا في الكعبة ألا يردوا هذا الأمر في بني هاشم، و هي كلمة الكفر، ثم قعدوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في العقبة و هموا بقتله، و هو قوله تعالى: وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا.

4640/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن أبيه، عن زياد بن المنذر، قال: حدثني جماعة من المشيخة، عن حذيفة بن اليمان، أنه قال: الذين نفروا برسول الله ناقته في منصرفه من تبوك أربعة عشر: أبو الشرور، و أبو الدواهي، و أبو المعازف، و أبوه، و طلحة، و سعد بن أبي وقاص، و أبو عبيدة، و أبو الأعور، و المغيرة، و سالم مولى أبي حذيفة، و خالد بن الوليد، و عمرو بن العاص، و أبو موسى الأشعري، و عبد الرحمن بن عوف، و هم الذين أنزل الله عز و جل فيهم وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا.

4641/ [6]- الطبرسي: قال الباقر (عليه السلام): «كان ثمانية منهم من قريش، و أربعة من العرب».

__________________________________________________

3- تفسير

العيّاشي 2: 100/ 91. [.....]

4- تفسير القمّي 1: 301.

5- الخصال: 499/ 6.

6- مجمع البيان 5: 79.

(1) القرامل: ضفائر من شعر أو صوف أو إبريسم تصل به المرأة شعرها. «لسان العرب- قرمل- 11: 556».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 820

4642/ [7]- و قد تقدم في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ من سورة الأنعام

حديث مسند عن المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) في قصة النضر بن الحارث الفهري مع جماعة المنافقين الذين اجتمعوا عند عمر بن الخطاب ليلا، و ذكر الحديث، و قال فيه: «فلما رأوه- يعني النضر الفهري- بظهر المدينة ميتا بحجرة من طين انتحبوا و بكوا، و قالوا: من أبغض عليا و أظهر بغضه قتله بسيفه، و من خرج من المدينة بغضا لعلي أنزل الله عليه ما نرى، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل من شيعة علي مثل سلمان و أبي ذر و المقداد و عمار و أشباههم من ضعفاء الشيعة.

فأوحى الله إلى نبيه ما قالوا، فلما انصرفوا إلى المدينة أعلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فحلفوا بالله كاذبين أنهم لم يقولوا، فأنزل الله فيهم يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ بظاهر القول لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إنا قد آمنا و أسلمنا لله و للرسول فيما أمرنا به من طاعة علي وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا من قتل محمد ليلة العقبة و إخراج ضعفاء الشيعة من المدينة بغضا لعلي وَ ما نَقَمُوا منهم إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ بسيف علي في حروب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و فتوحه فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ

وَ إِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ».

و الحديث طويل، ذكرناه بطوله في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ «1».

4643/ [8]- ابن شهر آشوب: روي أن النبي (صلى الله عليه و آله) لما فرغ من غدير خم و تفرق الناس اجتمع نفر من قريش يتأسفون على ما جرى، فمر بهم ضب، فقال بعضهم: ليت محمدا أمر علينا هذا الضب دون علي. فسمع ذلك أبو ذر، فحكى ذلك لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فبعث إليهم و أحضروهم و عرض عليهم مقالتهم فأنكروا و حلفوا، فأنزل الله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ الآية، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر».

4644/ [9]- و من طريق العامة ما ذكره الزمخشري في (الكشاف) في تفسير قوله تعالى: لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَ قَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ «2» رفعه إلى ابن جريج، قال: وقفوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) على الثنية ليلة العقبة و هم اثنا عشر رجلا ليفتكوا به.

4645/ [10]- و قال الزمخشري أيضا، في تفسير قوله تعالى: وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَ ما نَقَمُوا: و هو الفتك برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك عند مرجعه من تبوك توافق خمسة عشر منهم على أن يدفعوه عن راحلته إلى

__________________________________________________

7- الكشكول في ما جرى على آل الرسول: 184.

8- المناقب 3: 41.

9- الكشاف 2: 277.

10- الكشاف 2: 291.

(1) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (146- 151) من سورة الأنعام.

(2) التوبة 9: 48.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 2، ص: 821

الوادي إذا تسنم العقبة بالليل، فأخذ عمار بن ياسر بخطام ناقته يقودها، و حذيفة خلفه يسوقها، فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة وقع أخفاف الإبل و قعقعة السلاح، فالتفت فإذا هم قوم متلثمون، فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله.

فهربوا.

4646/ [11]- قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر البخلاء، و سماهم منافقين و كاذبين، فقال: وَ مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ إلى قوله: أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ.

4647/ [12]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «هو ثعلبة بن حاطب بن عمرو بن عوف، كان محتاجا فعاهد الله، فلما آتاه الله بخل به».

قال: ثم ذكر المنافقين، فقال: أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. و قال:

و أما قوله: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ فجاء سالم بن عمير الأنصاري بصاع من تمر، فقال: يا رسول الله، كنت ليلتي أجيرا لجرير حتى نلت صاعين تمرا، أما أحدهما فأمسكته، و أما الآخر فأقرضه ربي، فأمر رسول الله أن ينبذه «1» في الصدقات، فسخر منه المنافقون، و قالوا: و الله إن الله لغني عن هذا الصاع، ما يصنع الله بصاعه شيئا! و لكن أبا عقيل أراد أن يذكر نفسه ليعطى من الصدقات، فقال: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.

سورة التوبة(9): آية 80 ..... ص : 821

قوله تعالى:

اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [80]

4648/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، إنها نزلت لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة و مرض عبد الله

بن أبي، و كان ابنه عبد الله بن عبد الله مؤمنا، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أبوه يجود بنفسه، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت و امي، إنك إن لم تأت أبي كان ذلك عارا علينا، فدخل إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و المنافقون عنده، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله: يا رسول الله: استغفر له. فاستغفر له.

فقال عمر: ألم ينهك الله- يا رسول الله- أن تصلي عليهم أو تستغفر له؟ فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أعاد عليه، فقال له: «ويلك، إني خيرت فاخترت، إن الله يقول:

__________________________________________________

11- تفسير القمي 1: 301.

12- تفسير القمي 1: 301.

1- تفسير القمي 1: 302.

(1) في المصدر: ينثره. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 822

اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ».

فلما مات عبد الله جاء ابنه إلى رسول الله، فقال: بأبي أنت و امي- يا رسول الله- إن رأيت أن تحضر جنازته.

فحضره رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قام على قبره، فقال له عمر: يا رسول الله، ألم ينهك الله أن تصلي على أحد منهم مات أبدا، و أن تقوم على قبره؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ويلك، و هل تدري ما قلت، إنما قلت: اللهم احش قبره نارا، و جوفه نارا، و أصله النار». فبدا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما لم يكن يحب.

4649/ [2]- العياشي: عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ «1».

قال: «ذهب علي أمير

المؤمنين فآجر نفسه على أن يستقي كل دلو بتمرة يختارها، فجمع تمرا فأتى به النبي (صلى الله عليه و آله) و عبد الرحمن بن عوف على الباب، فلمزه- أي وقع فيه- فأنزلت هذه الآية الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ إلى قوله: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ».

4650/ [3]- عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «إن الله تعالى قال لمحمد (صلى الله عليه و آله): إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم، فأنزل الله:

سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ «2»، و قال: وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ «3» فلم يستغفر لهم بعد ذلك، و لم يقم على قبر أحد منهم».

4651/ [4]- عن زرارة، قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لابن عبد الله بن أبي:

إذا فرغت من أبيك فأعلمني. و كان قد توفي، فأتاه فأعلمه، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) نعليه للقيام، فقال له عمر:

أليس قد قال الله: وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ «4»؟! فقال له: ويحك- أو ويلك- إنما أقول: اللهم املأ قبره نارا، و املأ جوفه نارا، و أصله يوم القيامة نارا».

4652/ [5]- عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام): «توفي رجل من المنافقين فأرسل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ابنه: إذا أردتم أن تخرجوا فأعلموني. فلما حضر أمره أرسلوا

إلى النبي (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 101/ 93.

3- تفسير العيّاشي 2: 100/ 92.

4- تفسير العيّاشي 2: 101/ 94.

5- تفسير العيّاشي 2: 102/ 95.

(1) التوبة 9: 79.

(2) المنافقون 63: 6.

(3) التوبة 9: 84.

(4) التوبة 9: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 823

فأقبل (عليه السلام) نحوهم حتى أخذ بيد ابنه في الجنازة فمضى- قال- فتصدى له عمر، فقال: يا رسول الله، أما نهاك ربك عن هذا، أن تصلي على أحد منهم مات أبدا أو تقوم على قبره؟! فلم يجبه النبي (صلى الله عليه و آله)».

قال: «فلما كان قبل أن ينتهوا به إلى قبره، قال عمر أيضا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): أما نهاك الله عن أن تصلي على أحد منهم مات أبدا أو تقوم على قبره، ذلك بأنهم كفروا بالله و برسوله و ماتوا و هم كافرون؟! فقال النبي (صلى الله عليه و آله) لعمر عند ذلك: ما رأيتنا صلينا له على جنازته، و لا قمنا له على قبره، ثم قال: إن ابنه رجل من المؤمنين، و كان يحق علينا أداء حقه. فقال له عمر: أعوذ بالله من سخط الله و سخطك، يا رسول الله».

4653/ [6]- عن محمد بن المهاجر، عن امه ام سلمة، قالت: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له:

أصلحك الله، صحبتني امرأة من المرجئة، فلما أتينا الربذة أحرم الناس فأحرمت معهم، و أخرت إحرامي إلى العقيق، فقالت: يا معشر الشيعة، تخالفون الناس في كل شي ء، يحرم الناس من الربذة و تحرمون من العقيق، و كذلك تخالفون الناس في الصلاة على الميت، يكبر الناس أربعا و تكبرون خمسا؟! و هي تشهد بالله أن التكبير على الميت أربع.

فقال

أبو عبد الله (عليه السلام): «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا صلى على الميت كبر فتشهد، ثم كبر و صلى على النبي (صلى الله عليه و آله) و دعا، ثم كبر و استغفر للمؤمنين، ثم كبر و دعا للميت، ثم كبر و انصرف. فلما نهاه الله عن الصلاة على المنافقين كبر و تشهد، ثم كبر و صلى على النبي (صلى الله عليه و آله) و دعا، ثم كبر و دعا للمؤمنين، ثم كبر و انصرف، و لم يدع للميت».

سورة التوبة(9): الآيات 81 الي 84 ..... ص : 823

قوله تعالى:

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَ كَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ ماتُوا وَ هُمْ فاسِقُونَ [81- 84]

4654/ [1]- علي بن إبراهيم: نزلت في الجد بن قيس لما قال لقومه: لا تخرجوا في الحر، ففضح الله الجد بن قيس و أصحابه، فلما اجتمع لرسول الله (صلى الله عليه و آله) الخيول ارتحل من ثنية الوداع، و خلف أمير المؤمنين (عليه السلام) على المدينة، فأرجف المنافقون بعلي (عليه السلام)، فقالوا: ما خلفه إلا تشاؤما به. فبلغ ذلك عليا فأخذ سيفه و سلاحه و لحق برسول الله (صلى الله عليه و آله) بالجرف، فقال له رسول الله: «يا علي، ألم أخلفك على المدينة؟». قال: «نعم، و لكن

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 102/ 96.

1- تفسير القمّي 1: 292.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 824

المنافقين زعموا أنك خلفتني تشاؤما بي». فقال: «كذب المنافقون- يا علي- أما ترضى أن تكون أخي و أنا أخاك بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي «1»، و أنت خليفتي في امتي، و أنت وزيري و وصيي و أخي في الدنيا و الآخرة»

فرجع علي (عليه السلام) إلى المدينة.

سورة التوبة(9): آية 87 ..... ص : 824

قوله تعالى:

رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ [87]

4655/ [1]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ.

قال: «مع النساء».

4656/ [2]- عن عبد الله الحلبي، قال: سألته عن قول الله: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ.

فقال: «النساء، إنهم قالوا: إن بيوتنا عورة. و كانت بيوتهم في أطراف البيوت حيث يتفرد «2» الناس، فأكذبهم الله، قال: وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً «3» و هي رفيعة السمك حصينة».

سورة التوبة(9): الآيات 91الي 93 ..... ص : 824

قوله تعالى:

لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ- إلى قوله تعالى- فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [91- 93]

4657/ [3]- علي بن إبراهيم: جاء البكاءون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هم سبعة: من بني عمرو بن عوف

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 103/ 97.

2- تفسير العيّاشي 2: 103/ 98.

3- تفسير القمّي 1: 293، تفسير الطبري 10: 146، الدر المنثور 4: 263، عن ابن جرير الطبري، و في: 264 عن ابن إسحاق و ابن المنذر و أبي الشيخ.

عن جماعة من الصحابة ذكرهم.

(1) في المصدر زيادة: و إن كان بعدي نبي لقلت أنت. [.....]

(2) في «ط»: يتقذر.

(3) الأحزاب 33: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 825

سالم بن عمير، قد شهد بدرا، لا اختلاف فيه، و من بني واقف هرمي بن عمير «1»، و من بني حارثة علبة بن زيد «2»، و هو الذي تصدق بعرضه «3»، و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بصدقة، فجعل الناس يأتون بها، فجاء عليه، فقال: يا رسول الله، و الله ما عندي ما أتصدق به، و قد جعلت عرضي حلا. فقال

له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قد قبل الله صدقتك». و من بني مازن بن النجار، أبو ليلى عبد الرحمن بن كعب، و من بني سلمة عمرو بن غنمة، و من بني زريق سلمة بن صخر «4»، و من بني [سليم بن منصور] «5» العرباض بن سارية السلمي.

هؤلاء جاءوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يبكون، فقالوا: يا رسول الله، ليس بنا قوة أن نخرج معك. فأنزل الله فيهم لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ، قال: و إنما سأل هؤلاء البكاءون نعلا يلبسونها.

4658/ [2]- العياشي: عن عبد الرحمن بن حرب، قال: لما أقبل الناس مع أمير المؤمنين (عليه السلام) من صفين أقبلنا معه، فأخذ طريقا غير طريقنا الذي أقبلنا فيه، حتى إذا جزنا النخيلة و رأينا أبيات الكوفة، إذا شيخ جالس في ظل بيت و على وجهه أثر المرض، فأقبل إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) و نحن معه حتى سلم عليه و سلمنا معه، فرد ردا حسنا، فظننا أنه قد عرفه.

فقال له أمير المؤمنين: «مالي أرى وجهك متنكرا مصفرا، فمم ذاك، أمن مرض؟»، فقال: نعم.

فقال: «لعلك كرهته؟» فقال: ما أحب أنه يعتريني، و لكن احتسب الخير فيما أصابني.

قال: «فأبشر برحمة الله و غفران ذنبك، فمن أنت يا عبد الله». فقال: أنا صالح بن سليم.

فقال: «ممن؟» قال: أما الأصل فمن سلامان بن طيئ، و أما الجوار و الدعوة، فمن بني سليم بن منصور. فقال:

أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما أحسن اسمك، و اسم أبيك، و اسم أجدادك، و اسم من اعتزيت إليه! فهل شهدت معنا غزاتنا هذه؟».

فقال: لا، و لقد أردتها، و لكن ما

ترى في من لجب «6» الحمى خذلني عنها.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ- إلى

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 103/ 99.

(1) انظر الاختلاف في اسمه و لقبه في المحبّر: 281، اسد الغابة 5: 58، الاصابة 3: 601، 615.

(2) في «س، ط»: و من بني جارية علية بن يزيد، و الصواب ما في المتن و هو علبة بن زيد بن صيفي من بني حارثة، يعدّ في أهل المدينة، ترجم له في اسد الغابة 4: 10، الاصابة 2: 499، و ذكرا أنّه أحد البكائين و هو الذي تصدّق بعرضه، و في المحبّر: 281: علبة بن صيفي بن عمرو بن زيد.

(3) العرض: موضع المدح و الذّم من الإنسان. و تصّدقت بعرضي: أي تصدّقت به علي من ذكرني بما يرجع إليّ عيبه. «النهاية 3: 209».

(4) الظاهر من المحبّر: 281 و جمهرة أنساب العرب: 356 و اسد الغابة 2: 337 أنّه ليس من بني زريق، بل من ولد الحارث بن زيد مناة، حلفاء بني بياضة.

(5) أثبتناه من المحبّر: 281.

(6) لجب البحر لجبا: هاج و اضطرب موجه. «أقرب الموارد- لجب- 2: 1129».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 826

آخر الآية- ما قول الناس فيما بيننا و بين أهل الشام؟».

قال: منهم المسرور و المحبور فيما كان بينك و بينهم، أولئك أغش الناس لك. فقال له: «صدقت».

قال: و منهم الكاسف «1» الأسف لما كان من ذلك، و أولئك نصحاء الناس لك. فقال له: «صدقت، جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه، و لكن لا يدع على العبد ذنبا إلا حطه، و إنما الأجر في القول باللسان و العمل

باليد و الرجل، فإن الله ليدخل بصدق النية و السريرة الصالحة جما من عباده الجنة».

4659/ [3]- عن الحلبي، عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: «إن الله احتج على العباد بالذي آتاهم و عرفهم، ثم أرسل إليهم رسولا، ثم أنزل عليهم كتابا، فأمر فيه و نهى، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالصلاة فنام عنها، فقال: أنا أنمتك و أنا أيقظتك، فإذا قمت فصلها ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، و ليس كما يقولون: إذا نام عنها هلك، و كذلك الصائم [يقول الله له «2»: أنا أمرضتك و أنا أصحك، فإذا شفيتك فاقضه.

و كذلك إذا نظرت في جميع الأمور لم تجد أحدا في ضيق، و لم تجد أحدا إلا و لله عليه الحجة، و له فيه المشيئة» قال: «فلا يقولون: إنه ما شاءوا صنعوا، و ما شاءوا لم يصنعوا- و قال- إن الله يضل من يشاء و يهدي من يشاء، و ما أمر العباد إلا بدون سعتهم، و كل شي ء أمر الناس فأخذوا به فهم يسعون له، و ما [لا] يسعون له فهو موضوع عنهم، و لكن الناس لا خير فيهم» ثم تلا (عليه السلام) هذه الآية: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ قال: «وضع عنهم: ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ- قال- وضع عنهم إذ لا يجدون ما ينفقون، و قال:

إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَ هُمْ أَغْنِياءُ إلى قوله: لا يَعْلَمُونَ- قال- وضع عليهم لأنهم يطيقون إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَ هُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ فجعل السبيل عليهم لأنهم يطيقون وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ الآية- قال- عبد الله بن يزيد بن ورقاء الخزاعي أحدهم».

4660/ [4]- عن عبد الرحمن بن كثير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا عبد الرحمن، شيعتنا- و الله- لا تتقحم»

الذنوب و الخطايا، هم صفوة الله الذين اختارهم لدينه، و هو قول الله: ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 104/ 100.

4- تفسير العيّاشي 2: 105/ 101.

(1) رجل كاسف: مهموم قد تغيّر لونه و هزل من الحزن. «لسان العرب- كسف- 9: 299».

(2) أثبتناه من الحديث (5) الآتي عن محمّد بن يعقوب.

(3) في النسخ و المصدر: يتختم، و ما أثبتناه هو الظاهر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 827

4661/ [5]- محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم «1»، عن أبان الأحمر، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «اكتب» فأملى علي: «أن من قولنا: إن الله يحتج على العباد بما أتاهم و عرفهم، ثم أرسل إليهم رسولا و أنزل عليهم الكتاب، فأمر فيه و نهى، أمر فيه بالصلاة و الصيام، فنام رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الصلاة، فقال: أنا أنيمك و أنا أوقظك فإذا قمت فصل، ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، ليس كما يقولون: إذا نام عنها هلك، و كذلك الصائم يقول الله له: أنا أمرضك و أنا أصحك فإذا شفيتك فاقضه».

ثم

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و كذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا «2» إلا و لله عليه الحجة، و لله فيه المشيئة، و لا أقول: إنهم ما شاءوا صنعوا- ثم قال- إن الله يهدي من يشاء و يضل من يشاء- و قال- و ما أمروا إلا بدون سعتهم، و كل شي ء أمر الناس به فهم يسعون له، و كل شي ء لا يسعون له فهو موضوع عنهم، و لكن الناس لا خير فيهم- ثم تلا (عليه السلام)- لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ فوضع عنهم ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ- قال- فوضع عنهم لأنهم لا يجدون».

سورة التوبة(9): آية 94 ..... ص : 827

قوله تعالى:

ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ [94]

4662/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ، فقال: «الغيب: ما لم يكن، و الشهادة: ما قد كان».

سورة التوبة(9): الآيات 95الي 99 ..... ص : 827

قوله تعالى:

سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

5- الكافي 1: 126/ 4.

1- معاني الأخبار: 146/ 1.

(1) (عن علي بن الحكم) ليس في «ط»، و في «س»: علي بن أحمد، و الصواب ما في المتن، فقد روى أحمد بن محمّد كتاب علي بن الحكم و بعض رواياته، انظر رجال النجاشي: 274، الفهرست: 87، معجم رجال الحديث 11: 381 و ما بعدها.

(2) في المصدر زيادة: في ضيق و لم تجد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 828

قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ [95- 99]

4663/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: و لما قدم النبي (صلى الله عليه و آله) من تبوك كان أصحابه المؤمنون يتعرضون للمنافقين و يؤذونهم، و كانوا يحلفون لهم أنهم على الحق و ليس هم بمنافقين لكي يعرضوا عنهم و يرضوا عنهم، فأنزل الله سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ. ثم وصف الأعراب، فقال: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً وَ أَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ

مَغْرَماً وَ يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ- إلى قوله- قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ.

4664/ [2]- العياشي: عن داود بن الحصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ أ يثيبهم عليه؟ قال: «نعم».

و

في رواية اخرى عنه (عليه السلام): يثابون عليه؟ قال: «نعم».

سورة التوبة(9): آية 100 ..... ص : 828

قوله تعالى:

وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ [100]

4665/ [3]- الشيخ، في (مجالسه): قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة و سألت، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر و أمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم معاوية، فقال: أيها الناس، هذا الحسن بن علي و ابن فاطمة، رآني للخلافة أهلا، و لم ير نفسه لها أهلا، و قد أتانا ليبايع طوعا.

ثم قال: قم، يا حسن. فقام الحسن (عليه السلام) فخطب، فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء و تتابع النعماء

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 302.

2- تفسير العيّاشي 2: 105/ 102 و 103.

3- الأمالي 2: 174.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 829

و صارف الشدائد و البلاء، عند الفهماء و

غير الفهماء، المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله و كبريائه، و علوه عن لحوق الأوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين.

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته و وجوده و وحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، اصطفاه و انتجبه و ارتضاه، و بعثه داعيا إلى الحق و سراجا منيرا، و للعباد مما يخافون نذيرا، و لما يأملون بشيرا، فنصح للامة و صدع بالرسالة، و أبان لهم درجات العمالة «1»، شهادة عليها أمات و أحشر، و بها في الآجلة أقرب و أخر.

و أقول- معشر الخلائق- فاسمعوا، و لكم أفئدة و أسماع فعوا: إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام، و اختارنا و اصطفانا و اجتبانا، فأذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا، و الرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق و دينه أبدا، و طهرنا من كل أفن و غية «2»، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الأمور و أفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، و اختاره للرسالة، و أنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله عز و جل، فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله تعالى و لرسوله (صلى الله عليه و آله)، و أول من آمن و صدق الله و رسوله. و قد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «3» فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الذي على بينة من ربه،

و أبي الذي يتلوه، و هو شاهد منه.

و قد قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أمره أن يسير إلى مكة و الموسم ببراءة: سر بها- يا علي- فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني، و أنت هو يا علي. فهو من رسول الله، و رسول الله منه.

و قال له نبي الله (صلى الله عليه و آله) حين قضى بينه و بين أخيه جعفر بن أبي طالب (عليهما السلام) و مولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة: أما أنت- يا علي- فمني و أنا منك، و أنت ولي كل مؤمن بعدي. فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) سابقا و وقاه بنفسه.

ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في كل موطن يقدمه، و لكل شديدة يرسله، ثقة منه به، و طمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله [و رسوله و أنه أقرب المقربين من الله و رسوله، و قد قال الله عز و جل: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «4» فكان أبي سابق السابقين إلى الله عز و جل و إلى رسوله (صلى الله عليه و آله) و أقرب الأقربين، و قد قال الله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً «5» فأبي كان أولهم إسلاما و إيمانا، و أولهم إلى الله و رسوله هجرة، و لحوقا، و أولهم على وجده و وسعه نفقة.

__________________________________________________

(1) العمالة: أجرة العامل. «المعجم الوسيط 2: 628».

(2) الأفن: النقص، و الغيّة: الفساد، يقال: هو ولد غيّة، أي ولد زنية «لسان العرب- أفن- 13: 19 و- غوى- 15: 140، المعجم الوسيط- غوى- 2:

667».

(3) هود

11: 17.

(4) الواقعة 56: 10- 11.

(5) الحديد 57: 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 830

قال سبحانه: وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «1» فالناس من جميع الأمم يستغفرون له لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيه (صلى الله عليه و آله) و ذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد.

و قد قال الله تعالى: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز و جل فضل السابقين على المتخلفين و المتأخرين، فكذلك فضل أسبق السابقين على السابقين.

و قد قال الله عز و جل: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ «2» فهو المجاهد في سبيل الله حقا، و فيه نزلت هذه الآية.

و كان ممن استجاب لرسول الله (صلى الله عليه و آله) عمه حمزة و جعفر بن عمه، فقتلا شهيدين (رضي الله عنهما) في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجعل الله تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم، و جعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، و ذلك لمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و منزلتهما و قرابتهما منه (صلى الله عليه و آله)، و صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

و كذلك جعل الله تعالى لنساء النبي (صلى الله عليه و آله) للمحسنة منهن أجرين و للمسيئة منهن وزرين ضعفين لمكانهن من رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، و جعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد إلا المسجد الحرام: مسجد إبراهيم خليله (عليه السلام) بمكة، و ذلك لمكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ربه. و فرض الله عز و جل الصلاة على نبيه (صلى الله عليه و آله) على كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليك؟ فقال:

قولوا اللهم صل على محمد و آل محمد. فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) فريضة واجبة. و أحل الله تعالى خمس الغنيمة لرسوله (صلى الله عليه و آله) و أوجبها له في كتابه، و أوجب لنا من ذلك ما أوجبه له، و حرم عليه الصدقة و حرمها علينا معه، فأدخلنا- فله الحمد- فيما أدخل فيه نبيه (صلى الله عليه و آله)، و أخرجنا و نزهنا مما أخرجه منه و نزهه عنه، كرامة أكرمنا الله عز و جل بها، و فضيلة فضلنا بها على سائر العباد.

و قال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله) حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجوه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «3»، فأخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الأنفس معه أبي، و من البنين أنا و أخي، و من النساء فاطمة امي من الناس جميعا، فنحن أهله و لحمه و دمه و نفسه، و نحن منه و هو منا.

__________________________________________________

(1) الحشر 59: 10.

(2) التوبة 9: 19. [.....]

(3) آل عمران 3: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 831

و قد قال

الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1» فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنا و أخي و امي و أبي، فجللنا و نفسه في كساء لام سلمة خيبري، و ذلك في حجرتها، و في يومها، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، و هؤلاء أهلي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا. فقالت ام سلمة (رضي الله عنها): أدخل معهم، يا رسول الله. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): يرحمك الله، أنت على خير و إلى خير، و ما أرضاني عنك! و لكنها خاصة لي و لهم.

ثم مكث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه، يأتينا في كل يوم عند طلوع الفجر، فيقول: الصلاة يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

و امر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك، فقال (صلى الله عليه و آله): أما إني لم أسد أبوابكم و أفتح باب علي من تلقاء نفسي، و لكني أتبع ما يوحى إلي، و إن الله أمر بسدها و فتح بابه. فلم يكن من بعد ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يلد فيه الأولاد غير رسول الله و أبي علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، تكرمة من الله تعالى لنا، و تفضلا اختصنا به على جميع الناس. و هذا باب أبي قريب «2» باب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجده، و منزلنا بين منازل رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أن الله أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يبني مسجده، فبني فيه عشرة أبيات: تسعة لبنيه و أزواجه، و عاشرها و هو متوسطها لأبي، فها هو بسبيل مقيم، و البيت هو المسجد المطهر، و هو الذي قال الله تعالى: أَهْلَ الْبَيْتِ فنحن أهل البيت، و نحن الذين أذهب الله عنا الرجس و طهرنا تطهيرا.

أيها الناس، إني لو قمت حولا فحولا، أذكر الذي أعطانا الله عز و جل، و خصنا به من الفضل في كتابه، و على لسان نبيه، لم أحصه، و أنا ابن النذير البشير، و السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، و أبي علي ولي المؤمنين، و شبيه هارون. و إن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، و لم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية.

و ايم الله، لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله، و على لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله)، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) فالله بيننا و بين من ظلمنا حقنا، و نزل على رقابنا، و حمل الناس على أكتافنا، و منعنا سهمنا في كتاب الله من الفي ء و الغنائم، و منع امنا فاطمة إرثها من أبيها.

إنا لا نسمي أحدا، و لكن اقسم بالله قسما تأليا، لو أن الناس سمعوا قول الله عز و جل و رسوله لأعطتهم السماء قطرها و الأرض بركتها، و لما اختلف في هذه الامة سيفان، و لأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، إذن و ما طمعت فيها يا معاوية، و لكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، و زحزحت

عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، و ترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت- يا معاوية- و أصحابك من بعدك. و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

ما ولت امة أمرها رجلا قط و فيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا. و لقد

__________________________________________________

(1) الأحزاب 33: 33.

(2) في المصدر: قرين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 832

تركت بنو إسرائيل- و كانوا أصحاب موسى- هارون أخاه و خليفته و وزيره، و عكفوا على العجل و أطاعوا فيه سامريهم [و هم يعلمون أنه خليفة موسى، و قد سمعت هذه الامة رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول ذلك لأبي (عليه السلام): إنه مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. و قد رأوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين نصبه لهم بغدير خم، و سمعوه، و نادى له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب.

و قد خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) حذارا من قومه إلى الغار- لما أجمعوا على أن يمكروا به، و هو يدعوهم- لما لم يجد عليهم أعوانا [و لو وجد عليهم أعوانا] لجاهدهم، و قد كف أبي يده و ناشدهم و استغاث أصحابه فلم يغث و لم ينصر، و لو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، و قد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه و آله) في سعة.

و قد خذلتني الامة و بايعتك- يا بن حرب- و لو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، و قد جعل الله عز و جل هارون في سعة حين استضعفه قومه و عادوه، و كذلك أنا و أبي

في سعة من الله حين تركتنا الامة، و تابعت «1» غيرنا، و لم نجد عليها «2» أعوانا، و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا.

أيها الناس، إنكم لو التمستم بين المشرق و المغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أبوه وصي رسول الله لم تجدوا غيري و غير أخي، فاتقوا الله و لا تضلوا بعد البيان، و كيف بكم، و أنى ذلك لكم «3»؟ و إني قد بايعت هذا- و أشار بيده إلى معاوية- وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «4».

أيها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقه، و إنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، و كل صواب نافع، و كل خطأ ضار لأهله، و قد كانت القضية فهمها سليمان فنفعت سليمان و لم تضر داود، و أما القرابة فقد نفعت المشرك و هي و الله للمؤمن أنفع. قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمه أبي طالب و هو في الموت: قل: لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة. و لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول له و يعد إلا ما يكون منه على يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا- أعني أبا طالب- يقول الله عز و جل: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «5».

أيها الناس، اسمعوا وعوا، و اتقوا الله و راجعوا، و هيهات منكم الرجعة إلى الحق و قد صارعكم النكوص، و خامركم الطغيان و الجحود أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ

لَها كارِهُونَ «6» و السلام على من اتبع الهدى».

قال: «فقال معاوية: و الله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض، و هممت أن أبطش به، ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية».

__________________________________________________

(1) في المصدر: و بايعت.

(2) في المصدر: عليهم.

(3) في المصدر: منكم.

(4) الأنبياء 21: 111.

(5) النساء 4: 18.

(6) هود 11: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 833

4666/ [2]- العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل سبق بين المؤمنين كما سبق بين الخيل يوم الرهان».

قلت: أخبرني عما ندب الله المؤمن من الاستباق إلى الإيمان؟

قال: «قول الله تعالى: سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ «1»، و قال: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «2»، و قال: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ، فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم، ثم ثنى بالأنصار، ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم و منازلهم عنده».

4667/ [3]- ابن شهر آشوب، قال: و أما الروايات في أن عليا أسبق الناس إسلاما، فقد صنفت فيها كتب، منها ما رواه السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «3».

قال: سابق هذه الامة علي بن أبي طالب (عليه السلام).

4668/ [4]- مالك بن أنس، عن سمي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ نزلت في أمير المؤمنين، فهو أسبق الناس كلهم بالإيمان، و صلى إلى القبلتين، و بايع البيعتين: بيعة بدر، و بيعة الرضوان، و هاجر الهجرتين: مع جعفر من مكة

إلى الحبشة، و من الحبشة إلى المدينة «4».

و روي عن جماعة من المفسرين أنها نزلت في علي (عليه السلام).

4669/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر السابقين، فقال: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ، و هم النقباء: أبو ذر، و المقداد، و سلمان، و عمار، و من آمن و صدق، و ثبت على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

4670/ [6]- و في (نهج البيان): عن الصادق (عليه السلام): «أنها نزلت في علي (عليه السلام) و من تبعه من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان، رضي الله عنهم و رضوا عنه، و أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، ذلك الفوز العظيم».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 105/ 104.

3- المناقب 2: 5.

4- مناقب ابن شهر آشوب 2: 5، شواهد التنزيل 1: 256/ 346.

5- تفسير القمّي 1: 303.

6- نهج البيان 2: 140 (مخطوط). [.....]

(1) الحديد 57: 21.

(2) الواقعة 56: 10- 11.

(3) الواقعة 56: 10- 11.

(4) كذا في المناقب نقلا عن كتاب أبي بكر الشيرازي، و في الشواهد: و هاجر الهجرتين، بلا تحديد، و هو الأرجح، و كأنّ المراد بهما: هجرته إلى الطائف، و هجرته إلى المدينة، و إلّا فلم يثبت أنّه هاجر مع أخيه جعفر إلى الحبشة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 834

سورة التوبة(9): آية 102 ..... ص : 834

قوله تعالى:

وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [102]

4671/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن رجل، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «الذين خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً فأولئك قوم مؤمنون، يحدثون في إيمانهم

من الذنوب التي يعيبها المؤمنون و يكرهونها، فأولئك عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ».

4672/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، قال: حدثني جماعة من مشايخنا منهم أبان بن عثمان، و هشام بن سالم، و محمد بن حمران عن الصادق (عليه السلام) قال: «عسى موجبة».

4673/ [3]- العياشي: عن محمد بن خالد بن الحجاج الكرخي، عن بعض أصحابه، رفعه إلى خيثمة، قال:

قال أبو جعفر (عليه السلام)، في قول الله: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ: «و عسى من الله واجب، و إنما نزلت في شيعتنا المذنبين».

4674/ [4]- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، رفعه إلى الشيخ «1»

، في قوله تعالى: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً، قال: «قوم اجترحوا ذنوبا مثل قتل حمزة و جعفر الطيار ثم تابوا- ثم قال- و من قتل مؤمنا لم يوفق للتوبة إلا أن الله لا يقطع طمع العباد فيه، و رجاءهم منه». و قال هو أو غيره: «إن عسى من الله واجب».

4675/ [5]- عن الحلبي، عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «المعترف بذنبه:

قوم اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً».

4676/ [6]- عن أبي بكر الحضرمي، قال: قال محمد بن سعيد: سل أبا عبد الله (عليه السلام) فاعرض عليه كلامي، و قل له: إني أتولاكم و أبرأ من عدوكم، و أقول بالقدر، و قولي فيه قولك. قال: فعرضت كلامه على أبي

__________________________________________________

1- الكافي 2: 300/ 2.

2- الخصال: 218/ 43.

3- تفسير العيّاشي 2: 105/ 105.

4- تفسير العيّاشي 2: 105/

106.

5- تفسير العيّاشي 2: 106/ 107.

6- تفسير العيّاشي 2: 106/ 108.

(1) المراد به الإمام الكاظم (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 835

عبد الله (عليه السلام) فحرك يده، ثم قال: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ. قال: ثم قال: «ما أعرفه من موالي أمير المؤمنين».

قلت: يزعم أن سلطان هشام ليس من الله، فقال: «ويله ما له، أما علم أن الله جعل لآدم دولة، و لإبليس دولة!».

4677/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً، قال: «أولئك قوم مذنبون، يحدثون في إيمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون و يكرهونها، فأولئك عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ».

4678/ [8]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: من وافقنا من علوي أو غيره توليناه، و من خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره. قال: «يا زرارة، قول الله أصدق من قولك، أين الذين خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا؟».

4679/ [9]- الطبرسي: عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): أنها نزلت في أبي لبابة، و لم يذكر معه غيره، و سبب نزولها فيه ما جرى منه في بني قريظة حين قال: إن نزلتم على حكمه فهو الذبح. قال: و به قال مجاهد.

4680/ [10]- علي بن إبراهيم: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما حاصر بني قريظة، قالوا له: ابعث لنا أبا لبابة نستشره في أمرنا. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أبا لبابة، ائت حلفاءك و مواليك» فأتاهم، فقالوا له: يا أبا لبابة، ما ترى، ننزل على حكم

محمد؟

فقال: انزلوا، و اعلموا أن حكمه فيكم هو الذبح. و أشار إلى حلقه، ثم ندم على ذلك، فقال: خنت الله و رسوله، و نزل من حصنهم، و لم يرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و مر إلى المسجد و شد في عنقه حبلا، ثم شده إلى الاسطوانة التي تسمى اسطوانة التوبة، و قال: لا أحله حتى أموت أو يتوب الله علي. فبلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «أما لو أتانا لاستغفرنا الله له، فأما إذا قصد إلى ربه فالله أولى به».

و كان أبو لبابة يصوم النهار، و يأكل بالليل ما يمسك به رمقه، و كانت ابنته تأتيه بعشائه و تحله عند قضاء الحاجة، فلما كان بعد ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيت ام سلمة نزلت توبته. فقال: «يا ام سلمة، قد تاب الله على أبي لبابة». فقالت: يا رسول الله، فآذنه بذلك؟ فقال: «لتفعلن» فأخرجت رأسها من الحجرة، فقالت: يا أبا لبابة، أبشر قد تاب الله عليك. فقال: الحمد لله. فوثب المسلمون ليحلوه، فقال: لا و الله حتى يحلني رسول الله.

فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «يا أبا لبابة، قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك.

فقال: يا رسول الله، أ فأتصدق بمالي كله؟ قال: «لا». قال: فبثلثيه؟ قال: «لا». قال: فبنصفه؟ قال: «لا». قال: فبثلثه قال:

«نعم». فأنزل الله: وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ __________________________________________________

7-

تفسير العياشي 2: 106/ 109.

8- تفسير العياشي 2: 106/ 110.

9- مجمع البيان 5: 101. [.....]

10- تفسير القمي 1: 303.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 836

أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

سورة التوبة(9): الآيات 103الي 104 ..... ص : 836

قوله تعالى:

خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها- إلى قوله تعالى- وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [103- 104]

4681/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما نزلت هذه الآية «1» خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها و أنزلت في شهر رمضان، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) مناديه فنادى في الناس: إن الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة، ففرض الله عز و جل عليهم من الذهب و الفضة، و فرض الصدقة من الإبل و البقر و الغنم، و من الحنطة و الشعير، و التمر و الزبيب، فنادى فيهم بذلك في شهر رمضان، و عفا لهم عما سوى ذلك».

ثم قال: «ثم لم يعرض «2» لشي ء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل، فصاموا و أفطروا، فأمر مناديه فنادى في المسلمين: أيها المسلمون، زكوا أموالكم تقبل صلواتكم- قال- ثم وجه عمال الصدقة و عمال الطسوق» «3».

4682/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد بن عامر، بإسناده، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من زعم أن الإمام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر، إنما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الإمام، قال الله عز

و جل: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها».

4683/ [3]- ابن بابويه: قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ: «أي يقبلها من أهلها، و يثيب عليها».

__________________________________________________

1- الكافي 3: 497/ 2.

2- الكافي 1: 451/ 1.

3- التوحيد: 161/ 2.

(1) في المصدر: لما أنزلت آية الزكاة.

(2) في المصدر: يفرض.

(3) الطسوق: جمع طسق، الوظيفة من خراج الأرض. «الصحاح- طسق- 4: 1517».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 837

4684/ [4]- العياشي: عن علي بن حسان الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها جارية هي في الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟

قال: «نعم».

4685/ [5]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قوله: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها، هو قوله: وَ آتَوُا الزَّكاةَ «1»؟ قال: قال: «الصدقات في النبات و الحيوان، و الزكاة في الذهب و الفضة و زكاة الصوم».

4686/ [6]- عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): تصدقت يوما بدينار، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): أما علمت أن صدقة المؤمن لا تخرج من يده حتى يفك بها عن لحى سبعين شيطانا، و ما تقع في يد السائل حتى تقع في يد الرب تبارك و تعالى، ألم يقل هذه

الآية: أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ» إلى آخر الآية.

4687/ [7]- عن معلى بن خنيس، قال: خرج أبو عبد الله (عليه السلام) في ليلة قد رشت «2» و هو يريد ظلة بني ساعدة، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شي ء، فقال: «بسم الله، اللهم أردده علينا» فأتيته فسلمت عليه، فقال:

«معلى؟». قلت: نعم، جعلت فداك. قال: «التمس بيدك» فما وجدت من شي ء فادفعه إلي، فإذا أنا بخبز كثير منتثر، فجعلت أدفع إليه الرغيف و الرغيفين، و إذا معه جراب أعجز عن حمله، فقلت: جعلت فداك، احمله علي. فقال:

«أنا أولى به منك، و لكن امض معي».

فأتينا ظلة بني ساعدة، فإذا نحن بقوم نيام، فجعل يدس الرغيف و الرغيفين حتى أتى على آخرهم «3»، حتى إذا انصرفنا قلت له: يعرف هؤلاء هذا الأمر؟ قال: «لا، لو عرفوا كان الواجب علينا أن نواسيهم بالاقة- و هو الملح- إن الله لم يخلق شيئا إلا و له خازن يخزنه إلا الصدقة، فإن الرب تبارك و تعالى يليها بنفسه، و كان أبي إذا تصدق بشي ء وضعه في يد السائل، ثم ارتجعه منه فقبله و شمه، ثم رده في يد السائل، و ذلك أنها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل، فأحببت أن أليها إذ وليها الله و وليها أبي، و إن صدقة الليل تطفئ غضب الرب و تمحو الذنب العظيم، و تهون الحساب، و صدقة النهار تنمي المال، و تزيد في العمر».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 106/ 111.

5- تفسير العيّاشي 2: 107/ 112.

6- تفسير العيّاشي 2: 107/ 113.

7- تفسير العيّاشي 2: 107/ 114.

(1) البقرة 2: 277، التوبة 9: 5 و 11، الحج 22:

41.

(2) الرشّ: المطر القليل. «الصحاح- رشش- 3: 1006».

(3) في «ط» نسخة بدل: آخره. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 838

4688/ [8]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من شي ء إلا وكل به ملك، إلا الصدقة فإنها تقع في يد الله».

4689/ [9]- عن أبي بكر، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنه من صلاتي، و صدقتي من يدي إلى يد السائل فإنها تقع في يد الله تبارك و تعالى».

4690/ [10]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1»، قال: «كان علي بن الحسين (صلوات الله عليه) إذا اعطى السائل قبل يده و شمه، ثم وضع في يد السائل «2»، فقيل له: لم تفعل ذلك؟ قال: لأنها تقع في يد الله قبل يد العبد». و قال: «ليس من شي ء إلا وكل به ملك إلا الصدقة فإنها تقع في يد الله». قال الفضل: أظنه يقبل الخبز أو الدرهم.

4691/ [11]- عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): «ضمنت على ربي أن الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرب، و هو قوله: هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ».

سورة التوبة(9): آية 105 ..... ص : 838

قوله تعالى:

وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [105]

4692/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم ابن محمد، عن

علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تعرض الأعمال على رسول الله (صلى الله عليه و آله)- أعمال العباد- كل صباح، أبرارها و فجارها، فاحذروها، و هو قول الله عز و جل:

__________________________________________________

8- تفسير العياشي 2: 108/ 115.

9- تفسير العياشي 2: 108/ 116.

10- تفسير العياشي 2: 108/ 117.

11- تفسير العياشي 2: 108/ 118.

1- الكافي 1: 170/ 1.

(1) في المصدر: عن أحدهما (عليهما السلام).

(2) في المصدر: قبل يد السائل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 839

اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ» و سكت «1».

4693/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «هم الأئمة».

4694/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «ما لكم تسوءون رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟» فقال له رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: «أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوءوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سروه».

4695/ [4]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الزيات «2»، عن عبد الله بن أبان الزيات- و كان مكينا عند الرضا (عليه السلام)- قال: قلت للرضا (عليه السلام): ادع الله لي و لأهل بيتي. فقال: «أو لست أفعل، و الله إن أعمالكم لتعرض علي في

كل يوم و ليلة».

قال: فاستعظمت ذلك، فقال لي: «أما تقرأ كتاب الله عز و جل وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ- قال- هو و الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4696/ [5]- و عنه: عن أحمد بن مهران. عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله الصامت، عن يحيى بن مساور، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه ذكر هذه الآية فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «هو و الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4697/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «إن الأعمال تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبرارها و فجارها».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 171/ 2.

3- الكافي 1: 171/ 3.

4- الكافي 1: 171/ 4.

5- الكافي 1: 171/ 5.

6- الكافي 1: 171/ 6.

(1) «أعمال العباد» عطف بيان للأعمال. «أبرارها و فجارها». بجرّهما: بدل تفصيل للعباد، و الضميران راجعان إلى العبّاد، و الأبرار: جمع برّ بالفتح بمعنى البارّ، و الفجّار بالضم و التشديد جمع فاجر. أو برفعهما: بدل تفصيل لأعمال العباد، و الضميران راجعان إلى الأعمال، ففي إطلاق الأبرار و الفجار على الأعمال تجوّز. على أنّه يحتمل كون الأبرار حينئذ جمع البرّ بالكسر، و ربما يقرأ الفجّار بكسر الفاء و تخفيف الجيم جمع فجار بفتح الفاء مبنيّا على الكسر و هو اسم الفجور، أو جمع فجر بالكسر و هو أيضا الفجور. «فاحذروها» الضمير للفجار أو للأعمال باعتبار الثاني. و لعلّه (عليه السّلام) سكت عن ذكر المؤمنين، و تفسيره تقيّة أو إحالة على الظهور. (مرآة العقول 3: 4).

(2) في المصدر: عن الزّيات، و الصحيح ما في

المتن الموافق لما في بصائر الدرجات: 449/ 2، بقرينة سائر الروايات، كما أشار لذلك في معجم رجال الحديث 14: 42 و 57. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 840

4698/ [7]- و عنه: عن أحمد عن عبد العظيم، عن الحسين بن مياح، عمن أخبره، قال: قرأ رجل عند أبي عبد الله (عليه السلام): وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، فقال: «ليس هكذا هي، إنما هي:

و المأمونون. فنحن المأمونون».

4699/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، قال:

روى لي غير واحد من أصحابنا أنه قال: لا تتكلموا في الإمام، فإن الإمام يسمع الكلام و هو في بطن امه، فإذا وضعته كتب الملك بين عينيه: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «1» فإذا قام بالأمر رفع «2» له في كل بلدة من نور، ينظر منه إلى أعمال العباد.

4700/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، قال: كنت أنا و ابن فضال جلوسا إذ أقبل يونس، فقال: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك، قد أكثر الناس في العمود، قال:

فقال لي: «يا يونس، ما تراه؟ أ تراه عمودا من حديد يرفع لصاحبك؟» قال: قلت: ما أدري. قال: «لكنه ملك موكل بكل بلدة، يرفع الله به أعمال تلك البلدة».

قال: فقام ابن فضال فقبل رأسه، فقال: رحمك الله يا أبا محمد، لا تزال تجي ء بالحديث الحق الذي يفرج الله به عنا.

4701/ [10]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد و يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي

بن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الأعمال تعرض علي في كل خميس، فإذا كان الهلال أجملت، فإذا كان النصف من شعبان عرضت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على علي (عليه السلام) ثم تنسخ في الذكر الحكيم».

4702/ [11]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عمر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله عز و جل: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ.

قال: «إن الأعمال تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله) كل صباح، أبرارها و فجارها، فاحذروا».

4703/ [12]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيوب، عن

__________________________________________________

7- الكافي 1: 351/ 62.

8- الكافي 1: 319/ 6.

9- الكافي 1: 319/ 7.

10- بصائر الدرجات: 444/ 1.

11- بصائر الدرجات: 444/ 2.

12- بصائر الدرجات: 446/ 14.

(1) الأنعام 6: 115.

(2) في «ط»: وضع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 841

محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن الأعمال «1» تعرض على نبيكم كل عشية خميس، فليستحي أحدكم أن يعرض على نبيه العمل القبيح».

4704/ [13]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن منصور، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الأعمال تعرض كل خميس على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا كان يوم عرفة هبط الرب تبارك و تعالى، و هو قول الله تبارك و تعالى: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً «2»». فقلت: جعلت فداك، أعمال

من هذه؟ فقال: «أعمال مبغضينا و مبغضي شيعتنا».

4705/ [14]- و عنه: عن أحمد بن موسى، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن غير واحد «3»، قال: تعرض أعمال العباد في يوم الخميس على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على الأئمة (عليهم السلام).

4706/ [15]- و عنه: عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول: «ما لكم تسوءون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟» فقال له رجل: جعلت فداك، و كيف نسوؤه؟

فقال: «أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية الله ساءه، فلا تسوؤا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و سروه».

4707/ [16]- و عنه: عن محمد بن الحسين و يعقوب «4» بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسألته عن قوله: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «إيانا عنى».

4708/ [17]- و عنه، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن عبد الكريم بن يحيى الخثعمي، عن بريد العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «ما من مؤمن يموت و لا كافر فيوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على علي (عليه السلام) فهلم جرا إلى آخر من فرض الله طاعته على العباد».

__________________________________________________

13- معاني الأخبار: 446/ 15.

14- تفسير العيّاشي 446/ 16.

15- بصائر الدرجات: 446/ 17.

16- بصائر الدرجات: 447/ 1.

17- بصائر الدرجات: 448/ 8.

(1) في المصدر: أعمال

العباد. [.....]

(2) الفرقان 25: 23.

(3) في المصدر: عنه (عليه السّلام).

(4) في «س، ط»: عن يعقوب، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو من مشايخ الصفّار، و الرواة عن ابن أبي عمير، راجع رجال النجاشي: 450، و معجم رجال الحديث 20: 147.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 842

4709/ [18]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله تعالى: اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ قلت: من المؤمنون؟ قال: «من عسى أن يكون غير صاحبكم؟» «1».

4710/ [19]- و عنه: حدثنا السندي بن محمد، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الأعمال، هل تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «ما فيه شك».

قيل: أ رأيت قول الله تعالى: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ؟ فقال: «لله شهداء في أرضه «2»».

4711/ [20]- و عنه: عن الهيثم النهدي، عن أبيه، عن عبد الله بن أبان، قال: قلت للرضا (عليه السلام) و كان بيني و بينه شي ء: ادع الله لي و لمواليك. فقال: «و الله إن أعمالكم لتعرض علي في كل خميس».

4712/ [21]- و عنه، عن الهيثم النهدي، عن محمد بن علي بن سعيد الزيات، عن عبد الله بن أبان، قال: قلت للرضا (عليه السلام): إن قوما من مواليك سألوني أن تدعوا الله لهم؟ فقال: «و الله إني لتعرض علي في كل يوم أعمالكم».

4713/ [22]- ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أبي سعيد الآدمي، عن الحسن بن علي

بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أبا الخطاب كان يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعرض عليه أعمال أمته كل خميس؟

فقال أبو عبد الله: «ليس هكذا، و لكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعرض عليه أعمال أمته كل صباح، أبرارها و فجارها، فاحذروا، و هو قول الله عز و جل: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ» و سكت.

قال أبو بصير: إنما عنى الأئمة (عليهم السلام).

4714/ [23]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ: «المؤمنون هنا الأئمة الطاهرون (عليهم السلام)».

4715/ [24]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن إبراهيم الأحمري، عن محمد بن الحسين و يعقوب بن يزيد، و عبد الله بن الصلت، و العباس بن معروف، و منصور، و أيوب، و القاسم، و محمد بن عيسى، و محمد بن خالد،

__________________________________________________

18- بصائر الدرجات: 449/ 1.

19- بصائر الدرجات: 450/ 10.

20- بصائر الدرجات: 450/ 8.

21- بصائر الدرجات: 450/ 11.

22- معاني الأخبار: 392/ 37.

23- تفسير القمّي 1: 304.

24- الأمالي 2: 23.

(1) في المصدر: إلّا صاحبك.

(2) في «ط»: في خلقه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 843

و غيرهم، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك، أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «إيانا عنى».

4716/ [25]- و عنه: بإسناده عن إبراهيم الأحمري، قال: حدثني محمد بن عبد الحميد، و عبد الله بن

الصلت، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال إبراهيم: و حدثني عبد الله بن حماد، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو في نفر من أصحابه: إن مقامي بين أظهركم خير لكم من مفارقتي، و إن مفارقتي إياكم خير لكم. فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، و قال: يا رسول الله، أما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا، فكيف تكون مفارقتك إيانا خيرا لنا؟

فقال: أما مقامي بين أظهركم خير لكم، لأن الله عز و جل يقول: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «1» يعني يعذبهم بالسيف، فأما مفارقتي إياكم فهي خير لكم، لأن أعمالكم تعرض علي كل اثنين و خميس، فما كان من حسن حمدت الله تعالى عليه، و ما كان من سي ء استغفرت لكم».

4717/ [26]- و عنه، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا علي بن سليمان، قال: حدثنا أحمد بن القاسم الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن محمد السياري، قال: حدثنا محمد ابن خالد البرقي، قال: حدثنا سعيد بن مسلم، عن داود بن كثير الرقي، قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال لي مبتدئا من قبل نفسه: «يا داود، لقد عرضت علي أعمالكم يوم الخميس، فرأيت فيما عرض علي من عملك صلتك لابن عمك فلان، فسرني ذلك، بأني علمت أن صلتك له أسرع لفناء عمره، و قطع أجله».

قال داود: و كان لي ابن عم معاندا ناصبا خبيثا، بلغني عنه و عن عياله سوء حال فصككت له نفقة قبل خروجي إلى

مكة، فلما صرت في المدينة أخبرني أبو عبد الله (عليه السلام) بذلك.

4718/ [27]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سئل عن الأعمال، هل تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: «ما فيه شك».

قيل له: أ رأيت قول الله: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ؟ قال: «لله شهداء في أرضه» «2».

4719/ [28]- عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «تريدون أن تروون علي، هو الذي في نفسك».

__________________________________________________

25- الأمالي 2: 22.

26- الأمالي 2: 27. [.....]

27- تفسير العيّاشي 2: 208/ 119.

28- تفسير العيّاشي 2: 108/ 120.

(1) الأنفال 8: 33.

(2) في «س»: في خلقه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 844

4720/ [29]- عن يحيى الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قلت: حدثني في علي حديثا؟ فقال: «أشرحه لك أم أجمعه؟».

قلت: بل اجمعه. فقال: «علي باب الهدى، من تقدمه كان كافرا، و من تخلف عنه كان كافرا».

قلت: زدني. قال: «إذا كان يوم القيامة نصب منبر عن يمين العرش له أربع و عشرون مرقاة، فيأتي علي و بيده اللواء حتى يرتقيه و يركبه، و يعرض الخلق عليه، فمن عرفه دخل الجنة، و من أنكره دخل النار».

قلت: هل فيه آية من كتاب الله؟ قال: «نعم، ما تقول في هذه الآية، يقول تبارك و تعالى: فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ هو و الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4721/ [30]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن أبا الخطاب كان يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعرض عليه أعمال

أمته كل خميس؟

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو هكذا، و لكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعرض عليه أعمال أمته كل صباح، أبرارها و فجارها، فاحذروا، و هو قول الله: فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ».

4722/ [31]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى:

فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أعمال أمته كل صباح، أبرارها، و فجارها، فاحذروا».

4723/ [32]- عن بريد العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): في قول الله: اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، فقال: «ما من مؤمن يموت و لا كافر يوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) فهلم جرا إلى آخر من فرض الله طاعته على العباد».

4724/ [33]- و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و المؤمنون هم الأئمة (عليهم السلام)».

4725/ [34]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ، قال:

«إن لله شاهدا في أرضه، و إن أعمال العباد تعرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4726/ [35]- عن محمد بن حسان الكوفي، عن محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة نصب منبر عن يمين العرش له أربع و عشرون مرقاة، و يجي ء علي بن أبي طالب (عليه السلام) و بيده

__________________________________________________

29- تفسير العيّاشي 2: 108/ 121.

30- تفسير العيّاشي 2: 109/ 122.

31- تفسير العيّاشي 2: 109/ 123.

32- تفسير العيّاشي 2: 109/ 124.

33- تفسير العيّاشي 2: 109/ 125.

34-

تفسير العيّاشي 2: 109/ 126.

35- تفسير العيّاشي 2: 110/ 127.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 845

لواء الحمد فيرتقيه و يركبه، و تعرض الخلائق عليه، فمن عرفه دخل الجنة، و من أنكره دخل النار، و تفسير ذلك في كتاب الله وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ- قال- هو و الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)».

و تقدم معنى قوله تعالى: عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ «1».

سورة التوبة(9): آية 106 ..... ص : 845

قوله تعالى:

وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [106]

4727/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ.

قال: «قوم كانوا مشركين، فقتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين، ثم إنهم دخلوا في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة، و لم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ».

4728/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر الواسطي، عن رجل، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «المرجون قوم كانوا مشركين، فقتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين، ثم إنهم بعد ذلك دخلوا في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يكونوا يؤمنون فيكونوا من المؤمنين «2» فتجب لهم الجنة، و لم يكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال

مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ».

4729/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن ابن الطيار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين، قتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين، ثم دخلوا بعد ذلك في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة، و لم يكونوا على جحودهم فتجب لهم النار، فهم على تلك الحالة مرجون لأمر الله، إما يعذبهم، و إما يتوب عليهم».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 299/ 1.

2- الكافي 2: 299/ 2.

3- تفسير القمّي 1: 304. [.....]

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (73) من سورة الأنعام، و الحديث (1) من تفسير الآية (94) من هذه السورة.

(2) زاد في المصدر: و لم يؤمنوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 846

4730/ [4]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ، قال: «هم قوم من المشركين أصابوا دما من المسلمين، ثم أسلموا، فهم المرجون لأمر الله».

4731/ [5]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: «المرجون هم قوم قاتلوا يوم بدر و احد و يوم حنين و سلموا من المشركين، ثم أسلموا بعد تأخر، فإما يعذبهم، و إما يتوب عليهم».

4732/ [6]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ.

قال: «هم قوم مشركون، فقتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين، ثم إنهم دخلوا في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يؤمنوا فيكونوا من المؤمنين فتجب

لهم الجنة، و لم يكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ».

4733/ [7]- قال حمران: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المستضعفين. قال: «هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفار، فهم المرجون لأمر الله».

4734/ [8]- عن ابن الطيار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الناس على ست فرق، يؤولون «1» إلى ثلاث فرق:

الإيمان، و الكفر، و الضلال. و هم أهل الوعد من الذين وعد الله الجنة و النار، و هم: المؤمنون، و الكافرون، و المستضعفون، و المرجون لأمر الله إما يعذبهم و إما يتوب عليهم، و المعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا، و أصحاب الأعراف».

4735/ [9]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين، فقتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما، ثم دخلوا بعد ذلك في الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك، و لم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة، و لم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ». قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يرى فيهم رأيه».

قال: قلت: جعلت فداك، من أين يرزقون؟ قال: «من حيث يشاء الله».

و قال أبو إبراهيم (عليه السلام): «هؤلاء قوم وقفهم حتى يرى فيهم رأيه».

4736/ [10]- عن الحارث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته بين الإيمان و الكفر منزلة؟

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 110/ 128.

5- تفسير العيّاشي 2: 110/ 129.

6- تفسير العيّاشي 2: 110/ 130.

7- تفسير العيّاشي 2: 110 ذيل الحديث 130.

8- تفسير العيّاشي 2: 110/ 131.

9- تفسير العيّاشي 2: 111/ 132.

10- تفسير العيّاشي 2: 111/ 133.

(1) في المصدر و «ط»: يؤتون.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 2، ص: 847

فقال: «نعم، و منازل لو يجحد شيئا منها أكبه الله في النار، بينهما آخرون مرجون لأمر الله، و بينهما المستضعفون، و بينهما آخرون خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا، و بينهما قوله: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ «1»».

4737/ [11]- عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المرجون قوم ذكر لهم فضل علي (عليه السلام) فقالوا: ما ندري لعله كذلك، و ما ندري لعله ليس كذلك؟ قال: «أرجه، قال تعالى: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ الآية».

سورة التوبة(9): الآيات 107الي 108 ..... ص : 847

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [107- 108]

4738/ [1]- علي بن إبراهيم: إنه كان سبب نزولها أنه جاء قوم من المنافقين إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا رسول الله، أ تأذن لنا أن نبني مسجدا في بني سالم للعليل، و الليلة المطيرة، و للشيخ الفاني؟ فأذن لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو على الخروج إلى تبوك. فقالوا: يا رسول الله، لو أتيتنا فصليت فيه؟ فقال (صلى الله عليه و آله):

«أنا على جناح السفر، فإذا وافيت- إن شاء الله- أتيته فصليت فيه».

فلما أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) من تبوك نزلت عليه هذه الآية في شأن المسجد و أبي عامر الراهب، و قد كانوا حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) أنهم يبنون ذلك للصلاح و الحسنى، فأنزل الله على رسوله وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ يعني أبا

عامر الراهب، كان يأتيهم فيذكر رسول الله و أصحابه وَ لَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ يعني مسجد قبا «2» أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ «3» قال: كانوا يتطهرون بالماء.

4739/ [2]- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): فهذا العجل في زمان

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 111/ 134.

1- تفسير القمّي 1: 305.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليه السّلام): 488/ 309.

(1) الأعراف 7: 46. [.....]

(2) قبا: قرية قرب المدينة على ميلين منها، فيها مسجد التقوى. «معجم البلدان 4: 301».

(3) التوبة 9: 108.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 848

النبي (صلى الله عليه و آله)، هو أبو عامر الراهب الذي سماه النبي (صلى الله عليه و آله) الفاسق، و عاد رسول الله (صلى الله عليه و آله) غانما ظافرا، و أبطل الله تعالى كيد المنافقين، و أمر الله تعالى بإحراق مسجد الضرار، و أنزل الله عز و جل وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً الآيات.

و قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): فهذا العجل في حياته (صلى الله عليه و آله) دمر الله عليه و أصابه «1» بقولنج «2» و فالج و جذام و لقوة «3»، و بقي أربعين صباحا في أشد عذاب، ثم صار إلى عذاب الله تعالى».

4740/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان «4»، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المسجد الذي أسس على التقوى. فقال: «مسجد قبا».

4741/ [4]- و عنه: عن علي بن

إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى و ابن أبي عمير، جميعا، عن معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تدع إتيان المساجد «5» كلها، مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم».

4742/ [5]- الشيخ «6»: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان «7»، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن المسجد الذي أسس على التقوى. فقال: «مسجد قبا».

4743/ [6]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا معشر الأنصار، إن الله قد أحسن إليكم الثناء، فما ذا تصنعون؟

قالوا: نستنجي بالماء».

4744/ [7]- العياشي: عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم. قال: «مسجد قبا».

__________________________________________________

3- الكافي 3: 296/ 2.

4- الكافي 4: 560/ 1.

5- التهذيب 3: 361/ 736.

6- التهذيب 1: 354/ 1052.

7- تفسير العيّاشي 2: 111/ 135.

(1) في «ط»: و أصحابه.

(2) القولنج: مرض معويّ مولم يعسر معه خروج الثفل و الريح. «القاموس المحيط 1: 211».

(3) اللّقوة: مرض يعرض للوجه فيميله إلى أحد جانبيه. «لسان العرب- لقا- 15: 253».

(4) في المصدر: حماد بن عيسى، و ما في المتن كما في «س، ط»: و التهذيب الآتي برقم (5). راجع معجم رجال الحديث 6: 217 و 221 و 231.

(5) في المصدر: المشاهد.

(6) في «ط»: و عنه.

(7) في الكافي المتقدّم نصه برقم (3): حماد

بن عيسى. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 849

4745/ [8]- عن زرارة و حمران و محمد بن سلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قوله: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ قال: «مسجد قبا».

و أما قوله: أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ قال: «يعني: من مسجد النفاق، و كان على طريقه إذا أتى مسجد قبا، فكان ينضح بالماء و السدر، و يرفع ثيابه عن ساقيه، و يمشي على حجر في ناحية الطريق، و يسرع المشي، و يكره أن يصيب ثيابه منه شي ء».

فسألته: هل كان النبي (صلى الله عليه و آله) يصلي في مسجد قبا؟ قال: «نعم، كان منزله على سعد بن خيثمة الأنصاري».

فسألته: هل كان لمسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) سقف؟ فقال: «لا، و قد كان بعض أصحابه قال: ألا تسقف مسجدنا، يا رسول الله؟ قال: عريش كعريش موسى».

4746/ [9]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا، قال: «الذين يحبون أن يتطهروا نظف الوضوء، و هو الاستنجاء بالماء- و قال:- نزلت هذه الآية في أهل قبا».

4747/ [10]- و في رواية ابن سنان: عنه (عليه السلام) قال: قلت له: ما ذلك الطهر؟ قال: «نظف الوضوء إذا خرج أحدهم من الغائط، فمدحهم الله بتطهرهم».

4748/ [11]- الطبرسي، قال: يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا بالماء عن الغائط و البول. قال: و هو المروي عن السيدين الباقر و الصادق (عليهما السلام).

قال: و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال لأهل قبا: «ماذا تفعلون في طهركم، فإن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء؟» قالوا: نغسل أثر الغائط، فقال: «انزل الله فيكم وَ اللَّهُ

يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ».

سورة التوبة(9): آية 109 ..... ص : 849

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ [109]

4749/ [1]- علي بن إبراهيم: قال في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «مسجد الضرار الذي

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 111/ 136.

9- تفسير العيّاشي 2: 112/ 137.

10- تفسير العيّاشي 2: 112/ 138.

11- مجمع البيان 5: 111.

1- تفسير القمّي 1: 305.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 850

أسس على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم».

سورة التوبة(9): آية 110 ..... ص : 850

قوله تعالى:

لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ [110]

4750/ [1]- علي بن إبراهيم: (إلا) في موضع (حتى) تتقطع «1» قلوبهم و الله عليم حكيم، فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) مالك بن الدخشم الخزاعي و عامر بن عدي أخا بني عمرو بن عوف على أن يهدموه و يحرقوه، فجاء مالك فقال لعامر: انتظرني حتى اخرج نارا من منزلي. فدخل و جاء بنار و أشعل في سعف النخل، ثم أشعله في المسجد فتفرقوا، و قعد زيد بن حارثة حتى احترقت البنية، ثم أمر بهدم حائطه.

4751/ [2]- الطبرسي: روي عن البرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إلى أن تقطع».

سورة التوبة(9): الآيات 111الي 112 ..... ص : 850

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [111- 112]

4752/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 305.

2- مجمع البيان 5: 106.

3- الكافي 5: 22/ 1.

(1) في المصدر: تنقطع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 851

عبد الله (عليه السلام) قال: «لقي عباد البصري «1» علي بن الحسين (عليه السلام) في طريق مكة، فقال له: يا علي بن الحسين، تركت الجهاد و صعوبته و أقبلت على الحج و لينته، إن الله عز و جل يقول: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ

بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

فقال له علي بن الحسين: «أتم الآية»، فقال: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.

فقال علي بن الحسين (صلوات الله عليه): «إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم، فالجهاد معهم أفضل من الحج».

4753/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن الدعاء إلى الله و الجهاد في سبيله، أهو لقوم لا يحل إلا لهم، و لا يقوم به إلا من كان منهم، أم هو مباح لكل من وحد الله عز و جل و آمن برسوله (صلى الله عليه و آله)، و من كان كذا فله أن يدعو إلى الله عز و جل و إلى طاعته، و أن يجاهد في سبيله؟ فقال: «ذلك لقوم لا يحل إلا لهم، و لا يقوم بذلك إلا من كان منهم».

قلت: من أولئك؟ قال: «من قام بشرائط الله عز و جل في القتال و الجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل، و من لم يكن قائما بشرائط الله عز و جل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد، و لا الدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد».

قلت: فبين لي، يرحمك الله. قال: «إن الله عز و جل أخبر

نبيه (صلى الله عليه و آله) في كتابه بالدعاء إليه، و وصف الدعاة إليه، فجعل ذلك لهم درجات، يعرف بعضها بعضا، و يستدل ببعضها على بعض، فأخبر أنه تبارك و تعالى أول من دعا إلى نفسه و دعا إلى طاعته و اتباع أمره، فبدأ بنفسه، فقال: وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «2» ثم ثنى برسوله، فقال: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «3» يعني بالقرآن، و لم يكن داعيا إلى الله عز و جل من خالف أمر الله و يدعو إليه بغير ما أمر به في كتابه، و الذي أمر ألا يدعى إلا به. و قال في نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «4» يقول: تدعو. ثم ثلث بالدعاء إليه بكتابه أيضا، فقال تبارك و تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ أي

__________________________________________________

2- الكافي 5: 13/ 1.

(1) هو عباد بن كثير الثقفي البصري. نزيل مكّة. انظر ترجمته في: الجرح و التعديل 6: 84/ 433، تهذيب الكمال 14: 145/ 3090، سير أعلام النبلاء 7: 106/ 46، تهذيب التهذيب 5: 100/ 169.

(2) يونس 10: 25.

(3) النحل 16: 125.

(4) الشورى 42: 52. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 852

يدعو وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ «1».

ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده و بعد رسوله في كتابه، فقال: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «2» ثم أخبر عن هذه الأمة، و ممن هي، و أنها من ذرية إبراهيم و ذرية إسماعيل من سكان الحرم، ممن

لم يعبدوا غير الله قط، الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم و إسماعيل، من أهل المسجد، الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، الذين وصفناهم قبل هذا في صفة امة إبراهيم (عليه السلام)، الذين عناهم الله تبارك و تعالى في قوله: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي «3» يعني أول من اتبعه على الإيمان به و التصديق له فيما جاء به من عند الله عز و جل من الامة التي بعث فيها و منها و إليها قبل الخلق، ممن لم يشرك بالله قط، و لم يلبس إيمانه بظلم و هو الشرك.

ثم ذكر أتباع نبيه (صلى الله عليه و آله) و أتباع هذه الامة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و جعلها داعية إليه، و أذن لها في الدعاء إليه، فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «4».

ثم وصف أتباع نبيه (صلى الله عليه و آله) من المؤمنين، فقال الله عز و جل: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ «5» و قال: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ «6» يعني أولئك المؤمنين. و قال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ «7».

ثم حلاهم و وصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم إلا من كان منهم، فقال فيما حلاهم به و وصفهم: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ إلى قوله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ

يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ «8» و قال في صفتهم و حليتهم أيضا: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «9» ثم أخبر أنه اشترى من هؤلاء المؤمنين و من كان على مثل صفتهم أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ ثم ذكر

__________________________________________________

(1) الإسراء 17: 9.

(2) آل عمران 3: 104.

(3) يوسف 12: 108.

(4) الأنفال 8: 64.

(5) الفتح 48: 29.

(6) التحريم 66: 8.

(7) المؤمنون 23: 1.

(8) المؤمنون 23: 2- 11.

(9) الفرقان 25: 68- 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 853

وفاءهم له بعهده و ميثاقه و مبايعته، فقال: وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

فلما نزلت هذه الآية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ قام رجل إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا نبي الله، أ رأيتك الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم، أ شهيد هو؟ فأنزل الله عز و جل على رسوله التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ففسر النبي (صلى الله عليه و آله) المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم و حليتهم بالشهادة و الجنة، و قال: التائبون من الذنوب، العابدون الذين لا يعبدون إلا الله، و لا يشركون به شيئا، الحامدون الذين يحمدون الله على كل

حال في الشدة و الرخاء، السائحون و هم الصائمون، الراكعون الساجدون الذين يواظبون على الصلوات الخمس، و الحافظون لها و المحافظون عليها بركوعها و سجودها و في الخشوع فيها و في أوقاتها، الآمرون بالمعروف بعد ذلك و العاملون به، و الناهون عن المنكر و المنتهون عنه.

قال: فبشر من قتل و هو قائم بهذه الشروط بالشهادة و الجنة، ثم أخبر تبارك و تعالى أنه لم يأمر بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط، فقال عز و جل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ «1» و ذلك أن جميع ما بين السماء و الأرض لله عز و جل و لرسوله و لأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين و الكفار و الظلمة و الفجار من أهل الخلاف لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و المؤمنين، و المولي عن طاعتهما، مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات، و غلبوهم عليه مما أفاء الله على رسوله، فهو حقهم أفاء الله عليهم و رده إليهم.

و إنما معنى الفي ء كل ما صار إلى المشركين ثم رجع مما كان قد غلب عليه «2» أو فيه، فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء، مثل قول الله عز و جل: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «3» أي رجعوا، ثم قال: وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «4» و قال: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي

حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ أي ترجع فَإِنْ فاءَتْ أي رجعت فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «5» يعني بقوله: تَفِي ءَ أي ترجع، فذلك الدليل على أن الفي ء كل راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه، يقال للشمس إذا زالت: قد فاءت، حين يفي ء الفي ء عند رجوع الشمس إلى زوالها، و كذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار،

__________________________________________________

(1) الحج 22: 39- 40.

(2) في «ط»: ممّا كان عليه.

(3) البقرة 2: 226.

(4) البقرة 2: 227.

(5) الحجرات 49: 9. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 854

فإنما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم، فذلك قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ما كان المؤمنون أحق به منهم.

و إنما اذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان التي وصفناها، و ذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما، و لا يكن مظلوما حتى يكون مؤمنا، و لا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الإيمان التي اشترط الله عز و جل على المؤمنين و المجاهدين. فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل كان مؤمنا، و إذا كان مؤمنا كان مظلوما، و إذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد، لقوله عز و جل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ و إن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم، ممن ينبغي و يجب جهاده حتى يتوب إلى الله، و ليس مثله مأذونا له في الجهاد و الدعاء إلى الله عز و جل، لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين اذن لهم في القرآن في القتال. فلما نزلت هذه الآية: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا في المهاجرين الذين أخرجهم «1»

أهل مكة من ديارهم و أموالهم، أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم، و اذن لهم في القتال».

فقلت: فهذه نزلت في المهاجرين، بظلم مشركي أهل مكة لهم، فما بالهم في قتالهم كسرى و قيصر و من دونهم من مشركي قبائل العرب؟

فقال: «لو كان إنما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط، لم يكن لهم إلى قتال كسرى و قيصر و غير أهل مكة من قبائل العرب سبيل، لأن الذين ظلموهم غيرهم، و إنما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة، لإخراجهم إياهم من ديارهم و أموالهم بغير حق، و لو كانت الآية إنما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة، كانت الآية مرتفعة الفرض «2» عمن بعدهم، إذ لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد، و كان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذ لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد.

و ليس كما ظننت، و لا كما ذكرت، و لكن المهاجرين ظلموا من جهتين: ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم و أموالهم، فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك، و ظلمهم كسرى و قيصر و من كان دونهم من قبائل العرب و العجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به دونهم «3»، فقد قاتلوهم بإذن الله عز و جل لهم في ذلك، و بحجة هذه الآية يقاتل مؤمنو كل زمان.

و إنما أذن الله عز و جل للمؤمنين، الذين قاموا بما وصف الله عز و جل من الشرائط التي شرطها الله عز و جل على المؤمنين في الإيمان و الجهاد، و من كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن، و هو مظلوم، و مأذون له في الجهاد بذلك المعنى. و من كان على خلاف ذلك

فهو ظالم، و ليس من المظلومين، و ليس بمأذون له في القتال، و لا بالنهي عن المنكر، و الأمر بالمعروف، لأنه ليس من أهل ذلك، و لا مأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل، لأنه ليس يجاهد مثله و أمر بدعائه إلى الله عز و جل، و لا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون بجهاده، و حظر الجهاد عليه و منعه منه،

__________________________________________________

(1) في «ط»: في المال و الدار و أخرجوهم.

(2) في «ط»: الغرض.

(3) في المصدر: منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 855

و لا يكون داعيا إلى الله عز و جل من أمر بدعاء مثله إلى التوبة و الحق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و لا يأمر بالمعروف من قد امر أن يؤمر به، و لا ينهى عن المنكر من قد امر أن ينهى عنه.

فمن كان قد تمت فيه شرائط الله عز و جل التي وصف الله بها أهلها من أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) و هو مظلوم، فهو مأذون له في الجهاد، كما أذن لهم في الجهاد بذلك المعنى، لأن حكم الله عز و جل في الأولين و الآخرين و فرائضه عليهم سواء، إلا من علة أو حادث يكون، و الأولون و الآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء، و الفرائض عليهم واحدة، يسأل الآخرون عن أداء الفرائض كما «1» يسأل عنه الأولون، و يحاسبون عما به يحاسبون، و من لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين، فليس من أهل الجهاد، و ليس بمأذون له فيه حتى يفي ء بما شرط الله عز و جل عليه، فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل على المؤمنين

و المجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد.

فليتق الله عز و جل عبد و لا يغتر بالأماني التي نهى الله عز و جل عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن، و يتبرأ منها و من حملتها و رواتها، و لا يقدم على الله عز و جل بشبهة لا يعذر بها، فإنه ليس وراء المتعرض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها و هي غاية الأعمال في عظم قدرها. فليحكم امرؤ لنفسه و ليرها كتاب الله عز و جل و يعرضها عليه، فإنه لا أحد أعرف بالمرء من نفسه، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد، و إن علم تقصيرا فليصلحها، و ليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد، ثم ليقدم بها و هي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها و بين جهادها.

و لسنا نقول لمن أراد الجهاد و هو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عز و جل على المؤمنين و المجاهدين: لا تجاهدوا. و لكن نقول: قد علمناكم ما شرط الله عز و جل على أهل الجهاد الذين بايعهم و اشترى منهم أنفسهم و أموالهم بالجنان. فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك، و ليعرضها على شرائط الله عز و جل، فإن رأى أنه قد وفى بها و تكاملت فيه، فإنه ممن أذن الله عز و جل له في الجهاد، و إن أبى إلا أن «2» يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي و المحارم و الإقدام على الجهاد بالتخبيط و العمى، و القدوم على الله عز و جل بالجهل و الروايات الكاذبة، فلقد- لعمري- جاء

الأثر فيمن فعل هذا الفعل. إن الله عز و جل ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم. فليتق الله عز و جل امرؤ، و ليحذر أن يكون منهم، فقد بين لكم و لا عذر لكم بعد البيان في الجهل، و لا قوة إلا بالله، و حسبنا الله عليه توكلنا و إليه المصير».

4754/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تلوت: «التائبون العابدون» فقال: «لا، اقرأ: التائبين العابدين، إلى آخرها». فسئل عن العلة في ذلك؟ فقال: «اشترى من المؤمنين التائبين العابدين».

__________________________________________________

3- الكافي 8: 377/ 569.

(1) في المصدر: عمّا.

(2) في المصدر: أن لا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 856

4755/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أخذ سارقا فعفا عنه فذلك له، فإن رفعه إلى الإمام قطعه، فإن قال له الذي سرق له «1»: أنا أهب له. لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفع إليه، و إنما الهبة قبل الترافع «2» إلى الإمام، و ذلك قول الله عز و جل: وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ فإن انتهى الحد إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه».

4756/ [5]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و عبد الله ابن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: كرهت أن أسأل أبا جعفر (عليه السلام) فاحتلت مسألة لطيفة لأبلغ بها حاجتي منها،

فقلت: أخبرني عمن قتل، مات؟ قال: «لا، الموت موت، و القتل قتل».

فقلت له: ما أجد قولك قد فرق بين الموت و القتل في القرآن. قال: «أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ «3» و قال:

وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ «4» فليس كما قلت- يا زرارة- فالموت موت، و القتل قتل، و قد قال الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا».

قال: فقلت: إن الله عز و جل يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «5» أ فرأيت من قتل لم يذق الموت؟ فقال:

«ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه، إن من قتل لا بد أن يرجع إلى الدنيا حتى يذوق الموت».

4757/ [6]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص النخاس «6»، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ إلى آخر الآية. فقال: «ذلك في الميثاق».

ثم قرأت: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ إلى آخر الآية [فقال أبو جعفر (عليه السلام): «لا تقرأ هكذا، و لكن اقرأ: التائبين العابدين، إلى آخر الآية]. ثم قال: «إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هم الذين يشتري منهم أنفسهم و أموالهم» يعني في الرجعة.

__________________________________________________

4- الكافي 7: 251/ 1.

5- مختصر بصائر الدرجات: 19.

6- مختصر بصائر الدرجات: 21.

(1) في المصدر: منه.

(2) في المصدر: أن يرفع.

(3) آل عمران 3: 144.

(4) آل عمران 3: 158.

(5) آل عمران 3: 185، الأنبياء 21: 35، العنكبوت 29: 57. [.....]

(6) كذا في «س»

و هو الصواب كما أشار لذلك في معجم رجال الحديث 19: 206، و هو وهيب بن حفص الجريري النخّاس مولى بني أسد، ترجم له النجاشي في رجاله: 431 و الشيخ الطوسي في الفهرست: 173. و في «ط» و المصدر: وهب بن حفص النخّاس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 857

47584758/ [7]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن أبي خالد القماط، عن عبد الرحمن القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قرأ هذه الآية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ فقال: «هل تدري من يعني؟». فقلت: يقاتل المؤمنون فيقتلون و يقتلون. فقال: «لا، و لكن من قتل من المؤمنين رد حتى يموت، و من مات رد حتى يقتل، و تلك القدرة فلا تنكرها».

4759/ [8]- العياشي: عن زرارة، قال: كرهت أن أسأل أبا جعفر (عليه السلام) في الرجعة فاحتلت مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: جعلت فداك، أخبرني عمن قتل، مات؟ قال: «لا، الموت موت، و القتل قتل».

قال: فقلت له: ما أحد يقتل إلا مات؟ قال: فقال: «يا زرارة، قول الله تعالى أصدق من قولك، قد فرق بينهما في القرآن، قال: أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ «1» و قال: وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ «2» ليس كما قلت- يا زرارة- الموت موت، و القتل قتل، و قد قال الله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ» الآية.

قال: فقلت له: إن الله يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «3» أ فرأيت من قتل لم يذق الموت؟ قال: فقال:

«ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه، إن من قتل لا بد أن يرجع إلى

الدنيا حتى يذوق الموت».

4760/ [9]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ الآية. قال: «يعني في الميثاق».

قال: ثم قرأت عليه التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «لا، و لكن اقرأها: التائبين العابدين، إلى آخر الآية» و قال: «إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هؤلاء اشترى منهم أنفسهم و أموالهم» يعني في الرجعة.

4761/ [10]- محمد بن الحسن، عن الحسين بن خرزاد، عن البرقي- في هذا الحديث- ثم قال (عليه السلام): «ما من مؤمن إلا و له ميتة و قتلة: من مات بعث حتى يقتل، و من قتل بعث حتى يموت».

4762/ [11]- صباح بن سيابة، في قول الله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، قال: ثم وصفهم، فقال: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ الآية، قال: هم الأئمة (عليهم السلام).

4763/ [12]- عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي (عليه السلام) إذا أراد القتال

__________________________________________________

7- مختصر بصائر الدرجات: 23.

8- تفسير العيّاشي 2: 112/ 139.

9- تفسير العيّاشي 2: 112/ 140.

10- تفسير العيّاشي 2: 113/ 141.

11- تفسير العيّاشي 2: 113/ 142.

12- تفسير العيّاشي 2: 113/ 143.

(1) آل عمران 3: 144.

(2) آل عمران 3: 158.

(3) آل عمران 3: 185، الأنبياء 21: 35، العنكبوت 29: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 858

قال هذه الدعوات: اللهم إنك أعلمت سبيلا من سبلك جعلت فيه رضاك، و ندبت إليه أولياءك، و جعلته أشرف سبلك عندك ثوابا، و أكرمها إليك مآبا، و أحبها إليك مسلكا، ثم اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله

فيقتلون و يقتلون، وعدا عليه حقا، فاجعلني ممن اشتريت فيه منك نفسه، ثم وفى لك ببيعته التي بايعك عليها غير ناكث، و لا ناقض عهدا، و لا مبدل تبديلا» مختصر.

و روى هذا الحديث بزيادة محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن ابن القداح، عن أبيه ميمون، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان إذا أراد» و ذكر الحديث «1».

4764/ [13]- عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قرأ هذه الآية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ. فقال: هل تدري ما يعني؟» فقلت: يقاتل المؤمنون فيقتلون و يقتلون.

قال: «ما من مؤمن إلا و له قتلة و ميتة: من مات من المؤمنين رد حتى يقتل، و من قتل رد حتى يموت، و تلك القدرة فلا تنكرها».

4765/ [14]- عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «من أخذ سارقا فعفا عنه فذلك له، فإذا رفع إلى الإمام قطعه، و إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام، و كذلك قول الله: وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ فإذا انتهى الحد «2» إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه».

4766/ [15]- الطبرسي: «التائبين العابدين» بالياء، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

12- تفسير العيّاشي 2: 113/ 143.

(1) آل عمران 3: 144.

(2) آل عمران 3: 158.

(3) آل عمران 3: 185، الأنبياء 21: 35، العنكبوت 29: 57

سورة التوبة(9): آية 114 ..... ص : 858

قوله تعالى:

وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [114]

4767/ [1]- العياشي: عن إبراهيم بن أبي

البلاد، عن بعض أصحابه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما تقول الناس في قول الله: وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ؟ قلت: يقولون: إن إبراهيم وعد

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 2: 113/ 144.

14- تفسير العيّاشي 2: 114/ 145.

15- مجمع البيان 5: 112.

1- تفسير العيّاشي 2: 114/ 146. [.....]

(1) الكافي 5: 46/ 1.

(2) في «ط»: فإن رفع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 859

أباه أن يستغفر له؟ قال: «ليس هو هكذا، إن إبراهيم وعده أن يسلم فاستغفر له، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه».

4768/ [2]- عن أبي إسحاق الهمداني، [رفعه عن رجل «1»، قال: صلى رجل إلى جنبي فاستغفر لأبويه، و كانا ماتا في الجاهلية، فقلت: تستغفر لأبويك و قد ماتا في الجاهلية؟ فقال: قد استغفر إبراهيم لأبيه. فلم أدر ما أرد عليه، فذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ، قال: لما مات تبين أنه عدو لله فلم يستغفر له.

4769/ [3]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: قوله إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ؟ قال: «الأواه:

الدعاء».

4770/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الأواه: هو الدعاء».

4771/ [5]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الأواه: المتضرع إلى الله في صلاته، و إذا خلا في قفرة من الأرض و في الخلوات».

4772/ [6]- و قال علي بن إبراهيم- في معنى الآية وَ ما كانَ

اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ-: قال إبراهيم لأبيه: إن لم تعبد الأصنام استغفرت لك. فلما لم يدع الأصنام تبرأ منه إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ أي دعاء.

سورة التوبة(9): آية 115 ..... ص : 859

قوله تعالى:

وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ [115]

4773/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

2- تفسير العياشي 2: 114/ 148.

3- تفسير العياشي 2: 114/ 147.

4- الكافي 2: 337/ 1.

5- تفسير القمي 1: 306.

6- تفسير القمي 1: 306.

1- الكافي 1: 124/ 3.

(1) في «ط»: عن أبي إسحاق الهمداني، عن الخليل، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 860

وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه».

و قال: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها «1»، قال: «يبين لها ما تأتي و ما تترك».

و قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً «2»، قال: «عرفناه، إما آخذ و إما تارك».

و عن قوله: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى «3»، قال: «عرفناهم فاستحبوا العمى على الهدى».

4774/ [2]- عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حماد، عن عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله، هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال: فقال:

«لا».

قلت: فهل كلفوا المعرفة؟ قال: «لا، على الله البيان لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها «4» و لا يُكَلِّفُ

اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها «5»».

قال: و سألته عن قوله: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه».

و روى ابن بابويه هذين الحديثين في كتاب (التوحيد) «6».

4775/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن فضالة بن أيوب الأزدي، عن أبان الأحمر، قال:

و حدثنا به أحمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله:

وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و يسخطه».

و قال: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها «7»، قال: «بين لها ما تأتي و ما تترك».

و قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً «8»، قال: «عرفناه: فإما آخذ و إما تارك».

4776/ [4]- العياشي: عن علي بن أبي حمزة، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إن أباك أخبرنا بالخلف من

__________________________________________________

2- الكافي 1: 125/ 5.

3- المحاسن: 276/ 389.

4- تفسير العيّاشي 2: 115/ 149.

(1) الشمس 91: 8.

(2) الإنسان 76: 3. [.....]

(3) فصّلت 41: 17.

(4) البقرة 2: 286.

(5) الطلاق 65: 7.

(6) التوحيد: 411/ 4 و: 414/ 11.

(7) الشمس 91: 8.

(8) الإنسان 76: 3.

رهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 861

بعده، فلو أخبرتنا به؟ قال: فأخذ بيدي فهزها، ثم قال: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ. قال: فخففت، فقال لي: «مه، لا تعود عينيك كثرة النوم فإنها أقل شي ء في الجسد شكرا».

4777/ [5]- عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ

قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه».

ثم قال: «أما إنا أنكرنا لمؤمن بما لا يعذر الله الناس بجهالته، و الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، و ترك رواية حديث لم تحفظ خير لك من رواية حديث لم تحصه، إن على كل حق حقيقة، و على كل صواب «1» نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، و ما خالف كتاب الله فدعوه، و لن يدعه كثير من أهل هذا العالم».

سورة التوبة(9): الآيات 117الي 118 ..... ص : 861

قوله تعالى:

لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ- إلى قوله تعالى- التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [117- 118] تقدم عند ذكر غزوة تبوك من رواية علي بن إبراهيم أنها نزلت في أبي ذر، و أبي خيثمة، و عميرة بن وهب، الذين تخلفوا ثم لحقوا برسول الله (صلى الله عليه و آله). «2»

4778/ [1]- الطبرسي: روي عن الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، أنه قرأ: «لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين و الأنصار» إلى آخر الآية.

و في قوله تعالى: وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا إلى آخر الآية، قرأ علي بن الحسين زين العابدين و أبو جعفر محمد بن علي الباقر و جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام): «خالفوا».

4779/ [2]- علي بن إبراهيم: قال العالم (عليه السلام): «إنما انزل (و على الثلاثة الذين خالفوا) و لو خلفوا لم يكن عليهم عيب حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ حيث لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لا إخوانهم و لا أهلوهم، فضاقت عليهم المدينة حتى خرجوا منها، و ضاقت عليهم أنفسهم حيث حلفوا أن لا يكلم بعضهم بعضا، فتفرقوا و

تاب الله عليهم لما عرف من صدق نياتهم».

و قد تقدم ذكر ذلك عند ذكر غزاة تبوك من السورة بزيادة، و تقدم أن الثلاثة: كعب بن مالك الشاعر، و مرارة

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 115/ 150.

1- مجمع البيان 5: 118 و 120.

2- تفسير القمّي 1: 297.

(1) في المصدر: ثواب.

(2) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآيات (44- 47) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 862

بن الربيع، و هلال بن أمية الرافعي، تقدم مستوفى في رواية علي بن إبراهيم «1».

4780/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن فيض بن المختار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كيف تقرأ وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا؟ قلت: خُلِّفُوا.

قال: «لو كان (خلفوا) لكانوا في حال طاعة، و لكنهم خالفوا، عثمان و صاحباه، أما و الله ما سمعوا صوت حافر و لا قعقعة حجر إلا قالوا اتينا، فسلط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا».

4781/ [4]- و في (نهج البيان): روي أن السبب في هذه الآية عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن النبي (صلى الله عليه و آله) لما توجه إلى غزاة تبوك تخلف عنه كعب بن مالك الشاعر، و مرارة بن الربيع، و هلال بن أمية الرافعي، تخلفوا عن النبي (صلى الله عليه و آله) على أن يتحوجوا و يلحقوه، فلهوا بأموالهم و حوائجهم عن ذلك، و ندموا و تابوا، فلما رجع النبي مظفرا منصورا أعرض عنهم، فخرجوا على وجوههم و هاموا في البرية مع الوحوش، و ندموا أصدق ندامة، و خافوا أن لا يقبل الله توبتهم و رسوله لإعراضه عنهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فتلا على

النبي، فأنفذ إليهم من جاء بهم، فتلا عليهم، و عرفهم أن الله قد قبل توبتهم».

4782/ [5]- ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ، قال: «هي الإقالة».

4783/ [6]- العياشي: عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، قال: «كعب، و مرارة بن الربيع، و هلال بن أمية».

4784/ [7]- عن فيض بن المختار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كيف تقرأ هذه الآية في التوبة وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا؟» قال: قلت: خُلِّفُوا.

قال: «لو خلفوا لكانوا في حال طاعة- و زاد الحسين بن المختار عنه: لو كانوا خلفوا ما كان عليهم من سبيل- و لكنهم خالفوا، عثمان و صاحباه، أما و الله ما سمعوا صوت حافر «2» و لا قعقعة حجر إلا قالوا أتينا، فسلط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا».

__________________________________________________

3- الكافي 8: 377/ 568.

4- نهج البيان 2: 141 (مخطوط).

5- معاني الأخبار: 215/ 1. [.....]

6- تفسير العيّاشي 2: 115/ 151.

7- تفسير العيّاشي 2: 115/ 152.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (44- 47) من هذه السورة.

(2) في المصدر: كافر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 863

4785/ [8]- قال صفوان: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما كان أبو لبابة أحدهم» يعني في وَ عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا.

و في نسخة أخرى: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبو لبابة أحدهم» إلى آخر الحديث.

4786/ [9]- عن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام) في

قوله: ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا، قال: «أقالهم، فو الله ما تابوا».

4787/ [10]- الطبرسي: عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قرأ: «لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين و الأنصار».

قال أبان: قلت له: يا بن رسول الله، إن العامة لا تقرأ كما عندك؟ قال: «و كيف تقرأ، يا أبان؟».

قال: قلت إنها تقرأ: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ «1». فقال: «ويلهم، و أي ذنب كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى تاب الله عليه منه، إنما تاب الله به «2» على أمته».

سورة التوبة(9): آية 119 ..... ص : 863

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [119]

4788/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، قال: «إيانا عنى».

و رواه الصفار في (بصائر الدرجات) بعين السند و المتن «3».

4789/ [2]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، قال:

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 116/ 153.

9- تفسير العيّاشي 2: 116/ 154.

10- الاحتجاج: 76.

1- الكافي 1: 162/ 1.

2- الكافي 1: 162/ 2.

(1) التوبة 9: 117.

(2) في «ط»: إنّما عنى به.

(3) بصائر الدرجات: 51/ 1، و السند خال من: معلّى بن محمّد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 864

«الصادقون: هم الأئمة الصديقون «1» بطاعتهم».

4790/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن الحسين

بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن، عن أحمد ابن محمد، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، قال:

«الصادقون: الأئمة الصديقون بطاعتهم».

4791/ [4]- الشيخ في (أماليه): عن أبي عمير، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدثنا حسن بن حماد، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، قال: «مع علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

4792/ [5]- سليم بن قيس الهلالي:- في حديث المناشدة- قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فأنشدتكم الله جل اسمه، أ تعلمون أن الله أنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، فقال سلمان: يا رسول الله، أ عامة هي أم خاصة؟ فقال: أما المؤمنون فعامة لأن جماعة المؤمنين «2» أمروا بذلك، و أما الصادقون فخاصة لأخي علي و الأوصياء من بعده إلى يوم القيامة؟». قالوا: اللهم نعم.

4793/ [6]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا حمزة، إنما يعبد الله من عرف الله، و أما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره، هكذا ضالا».

قلت: أصلحك الله، و ما معرفة الله؟ قال: «يصدق الله و يصدق محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في موالاة علي (عليه السلام)، و الائتمام به و بأئمة الهدى من بعده، و البراءة إلى الله من عدوهم، و كذلك عرفان الله».

قال: قلت: أصلحك الله، أي شي ء إذا عملته أنا استكملت حقيقة الإيمان؟ قال: «توالي أولياء الله، و تعادي أعداء الله، و تكون مع الصادقين كما أمرك الله».

قال: قلت: و من

أولياء الله، و من أعداء الله؟ فقال: «أولياء الله محمد رسول الله، و علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين، ثم انتهى الأمر إلينا، ثم ابني جعفر- و أومأ إلى جعفر و هو جالس- فمن والى هؤلاء فقد والى الله، و كان مع الصادقين كما أمره الله».

قلت: و من أعداء الله، أصلحك الله؟ قال: «الأوثان الأربعة».

قال: قلت: من هم؟ قال: «أبو الفصيل و رمع و نعثل و معاوية، و من دان بدينهم، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله».

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 51/ 2.

4- الأمالي 1: 261، ترجمة الامام عليّ (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 2: 421/ 930، شواهد التنزيل 1: 261/ 355، كفاية الطالب: 236. [.....]

5- كتاب سليم بن قيس: 150.

6- تفسير العيّاشي 2: 116/ 155.

(1) في المصدر: و الصّديقون.

(2) في «ط»: قال: المأمورون فالعامّة من المؤمنين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 865

4794/ [7]- عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. قال:

«بطاعتهم».

4795/ [8]- عن هشام بن عجلان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أسألك عن شي ء لا أسأل عنه أحدا بعدك، أسألك عن الإيمان الذي لا يسع الناس جهله؟

قال: «شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و الإقرار بما جاء من عند الله، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و حج البيت، و صوم شهر رمضان، و الولاية لنا، و البراءة من عدونا، و تكون مع الصادقين».

4796/ [9]- ابن شهر آشوب: من (تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان) حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ قال: أمر الله الصحابة

أن يخافوا الله، ثم قال: وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ يعني مع محمد و أهل بيته.

4797/ [10]- و عنه: و عن (شرف النبي) عن الخركوشي، و (الكشف) عن الثعلبي، قالا: روى الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) في هذه الآية، قال: «محمد و آله».

4798/ [11]- و من طريق المخالفين: ما رواه موفق بن أحمد بإسناده عن ابن عباس، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. قال: هو علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) خاصة.

و مثله في كتاب (رموز الكنوز) لعبد الرزاق بن رزق الله بن خلف «1».

4799/ [12]- الطبرسي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قال: «مع آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

قال: و قراءة ابن عباس: من الصادقين. قال: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

4800/ [13]- و في (نهج البيان)، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن الصادقين ها هنا هم الأئمة الطاهرون من آل محمد أجمعين».

4801/ [14]- و فيه أيضا: روي أن النبي (صلى الله عليه و آله) سئل عن الصادقين ها هنا، فقال: «هم علي و فاطمة و الحسن و الحسين و ذريتهم الطاهرون إلى يوم القيامة».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 117/ 156.

8- تفسير العيّاشي 2: 117/ 157.

9- المناقب 3: 92، شواهد التنزيل 1: 262/ 357.

10- مناقب ابن شهر آشوب 3: 92.

11- المناقب للخوارزمي: 198، تفسير الحبري: 275/ 35، شواهد التنزيل 1: 259/ 351، فرائد السمطين 1: 369/ 299.

12- مجمع البيان 5: 122، شواهد التنزيل 1: 260/ 253، فرائد السمطين 1: 370/

300.

13- نهج البيان 2: 142 «مخطوط».

14- نهج البيان 2: 142 «مخطوط».

(1) عنه، تحفة الأبرار: 109 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 866

سورة التوبة(9): الآيات 120الي 121 ..... ص : 866

قوله تعالى:

ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [120- 121] 4802/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ لا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ: أي عطش وَ لا نَصَبٌ أي عناء وَ لا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي جوع وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ يعني لا يدخلون بلاد الكفار وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا يعني قتلا و أسرا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ و قوله:

وَ لا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً وَ لا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ، قال:

كلما فعلوا من ذلك لله جازاهم الله عليه.

سورة التوبة(9): آية 122 ..... ص : 866

قوله تعالى:

وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [122]

4803/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إذا حدث، على الإمام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال: «أين قول الله عز و جل: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ!- قال- هم في عذر ما داموا في الطلب، و هؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 307. [.....]

2- الكافي 1: 309/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2،

ص: 867

4804/ [2]- عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله، بلغنا شكواك و أشفقنا، فلو أعلمتنا أو علمتنا من؟ فقال: «إن عليا (عليه السلام) كان عالما، و العلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم مثل علمه، أو ما شاء «1» الله».

قلت: أ فيسع الناس إذا مات العالم أن لا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: «أما أهل هذه البلدة فلا- يعني المدينة- و أما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم، إن الله يقول: وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».

قال: قلت: أ رأيت من مات في ذلك؟ فقال: «هو بمنزلة وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «2»».

قال: قلت: فإذا قدموا، فبأي شي ء يعرفون صاحبهم؟ قال: «يعطى السكينة و الوقار و الهيبة».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (العلل)، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي و الحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله بلغنا شكواك، و ذكر مثله «3».

4805/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: حدثنا حماد،

عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول العامة: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «من مات و ليس له إمام مات ميتة جاهلية». فقال: «الحق و الله».

قلت: فإن إمام هلك و رجل بخراسان و لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال: «لا يسعه ذلك، إن الإمام إذا هلك وقعت حجة وصيه على من هو معه في البلد، و حق النفر على من ليس بحضرته، إذا بلغهم. إن الله عز و جل يقول: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».

قلت: فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم؟ قال: «إن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «4»».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 311/ 3.

3- الكافي 1: 309/ 2.

(1) في «ط»: و ما يشاء.

(2) النساء 4: 100.

(3) علل الشرائع: 591/ 40.

(4) النساء 4: 100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 868

قلت: فبلغ البلد بعضهم فوجدك مغلقا عليك بابك، و مرخى عليك سترك، لا تدعوهم إلى نفسك، و لا يكون من يدلهم عليك، فبم يعرفون ذلك؟ قال: «بكتاب الله المنزل».

قلت: فيقول الله عز و جل كيف؟ قال: «أراك قد تكلمت في هذا قبل اليوم؟» قلت: أجل. قال: فذكر ما أنزل الله في علي (عليه السلام)، و ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حسن و حسين (عليهما السلام)، و ما خص الله به عليا (عليه السلام)، و ما قال فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله) من وصيته إليه و

نصبه إياه و ما يصيبهم، و إقرار الحسن و الحسين بذلك، و وصيته إلى الحسن، و تسليم الحسين إليه، يقول «1» الله: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «2»».

قلت: فإن الناس يتكلمون في أبي جعفر (عليه السلام)، و يقولون: كيف تخطت من ولد أبيه من له مثل قرابته و من هو أسن منه، و قصرت عمن هو أصغر منه؟ فقال: «يعرف صاحب هذا الأمر بثلاث خصال لا تكون في غيره: هو أولى الناس بالذي قبله، و هو وصيه، و عنده سلاح رسول الله (صلى الله عليه و آله) و وصيته، و ذلك عندي لا أنازع فيه».

قلت: إن ذلك مستور مخافة السلطان؟ قال: «لا يكون في ستر إلا و له حجة ظاهرة، إن أبي استودعني ما هنالك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا، فدعوت أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر، قال:

اكتب: هذا ما أوصى به يعقوب بنيه يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «3» و أوصى محمد بن علي إلى ابنه جعفر بن محمد، و أمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمع، و أن يعممه بعمامته، و أن يربع قبره، و يرفعه أربع أصابع، ثم يخلي عنه، فقال: اطووه، ثم قال للشهود: انصرفوا، رحمكم الله.

فقلت بعد ما انصرفوا: ما كان في هذا- يا أبت- أن تشهد عليه؟ فقال: إني كرهت أن تغلب، و أن يقال: إنه لم يوص، فأردت أن يكون لك حجة، فهو الذي إذا قدم الرجل البلد قال: من وصي فلان؟ قيل: فلان».

قلت: «فإن أشرك في الوصية؟ قال:

«تسألونه فإنه سيبين لكم».

4806/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن علي بن إسماعيل، و عبد الله بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إذا هلك الإمام فبلغ قوما ليسوا بحضرته؟ قال: «يخرجون في الطلب، فإنهم لا يزالون في عذر ما داموا في الطلب».

قلت: يخرجون كلهم أو يكفيهم أن يخرجوا «4» بعضهم؟ قال: «إن الله عز و جل يقول: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ- قال- هؤلاء المقيمون

__________________________________________________

4- علل الشرائع: 591/ 41.

(1) في المصدر: بقول.

(2) الأحزاب 33: 6.

(3) البقرة 2: 133.

(4) في المصدر: يخرج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 869

في السعة حتى يرجع إليهم أصحابهم».

4807/ [5]- عنه: عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عبد الجبار، عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن بلغنا وفاة الإمام كيف نصنع؟ قال: «عليكم النفير».

قلت: النفير جميعا؟ قال: «إن الله يقول: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ» الآية.

قلت: نفرنا فمات بعضهم في الطريق؟ قال: فقال: «إن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «1»».

4808/ [6]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن أبي الخير

صالح بن أبي حماد، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد المؤمن الأنصاري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن قوما يروون أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «اختلاف امتي رحمة؟» فقال:

«صدقوا».

فقلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب؟ فقال: «ليس حيث تذهب و ذهبوا، إنما أراد قول الله تعالى: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ فأمرهم الله أن ينفروا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يختلفوا إليه فيتعلموا، ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافا في الدين، إنما الدين واحد، إنما الدين واحد».

4809/ [7]- العياشي: عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: إذا حدث للإمام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال: «يكونون كما قال الله: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ إلى قوله: يَحْذَرُونَ».

قال: قلت له: فما حالهم؟ قال: «هم في عذر».

4810/ [8]- و عنه أيضا في رواية أخرى: ما تقول في قوم هلك إمامهم، كيف يصنعون؟ قال: فقال لي: «أما تقرأ كتاب الله فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ إلى قوله: يَحْذَرُونَ».

قلت: جعلت فداك، فما حال المنتظرين حتى يرجع المتفقهون؟ قال: فقال لي: «رحمك الله، أما علمت أنه كان بين محمد و عيسى (عليه و على نبينا و آله الصلاة و السلام) خمسون و مائتا سنة، فمات قوم على دين عيسى انتظارا لدين

__________________________________________________

5- علل الشرائع: 591/ 42.

6- علل الشرائع: 85/ 4. [.....]

7- تفسير العيّاشي 2: 117/ 158.

8- تفسير العيّاشي 2: 117/ 159.

(1) النساء 4:

100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 870

محمد (صلى الله عليه و آله) فآتاهم الله أجرهم مرتين».

4811/ [9]- عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: كتب إلي: «إنما شيعتنا من تابعنا و لم يخالفنا، فإذا خفنا خاف، و إذا أمنا أمن، قال الله: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «1» فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ الآية، فقد فرضت عليكم المسألة و الرد إلينا، و لم يفرض علينا الجواب».

4812/ [10]- عن عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بلغنا وفاة الإمام؟ قال: «عليكم النفر».

قلت: جميعا؟ قال: «إن الله يقول: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ» الآية.

قلت: نفرنا فمات بعضنا في الطريق؟ قال: فقال: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إلى قوله:

أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «2».

قلت: فقدمنا المدينة فوجدنا صاحب هذا الأمر مغلقا عليه بابه مرخى عليه ستره؟ قال: «إن هذا الأمر لا يكون إلا بأمر بين، هو الذي إذا دخلت المدينة، قلت: إلى من أوصى فلان؟ قالوا: إلى فلان».

4813/ [11]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «تفقهوا، فإن من لم يتفقه منكم فإنه أعرابي، إن الله يقول في كتابه: لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ إلى قوله: يَحْذَرُونَ».

4814/ [12]- الطبرسي: قال الباقر (عليه السلام): «كان هذا حين كثر الناس فأمرهم الله سبحانه أن تنفر منهم طائفة و تقيم طائفة للتفقه، و أن يكون الغزو نوبا».

4815/ [13]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ: كي يعرفوا اليقين.

سورة التوبة(9): آية 123 ..... ص : 870

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [123]

4816/

[1]- الشيخ: بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، قال: حدثنا بعض أصحابنا،

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 117/ 160.

10- تفسير العيّاشي 2: 118/ 161.

11- تفسير العيّاشي ك 2: 118/ 162.

12- مجمع البيان 5: 126.

13- تفسير القمّي 1: 307.

1- التهذيب 6: 174/ 345.

(1) النحل 16: 43، الأنبياء 21: 7.

(2) النساء 4: 100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 871

عن محمد بن حميد «1»، عن يعقوب القمي، عن أخيه عمران بن عبد الله القمي، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) في قول الله عز و جل: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، قال: «الديلم».

4817/ [2]- العياشي: عن عمران بن عبد الله القمي، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى:

قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، قال: «الديلم».

4818/ [3]- علي بن إبراهيم: قال: يجب على كل قوم أن يقاتلوا من يليهم ممن يقرب من بلادهم من الكفار، و لا يجوزوا ذلك الموضع، و الغلظة: أي أغلظوا لهم القول و الفعل «2».

سورة التوبة(9): الآيات 124الي 125 ..... ص : 871

قوله تعالى:

وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ [124- 125]

4819/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أيها العالم، أخبرني أي الأعمال أفضل عند الله؟

قال: «ما لا يقبل الله شيئا إلا به».

قلت: و ما هو؟ قال: «الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو، أعلى الأعمال درجة، و أشرفها منزلة، و أسناها

حظا».

قال: قلت: ألا تخبرني عن الإيمان، أقول هو و عمل، أم قول بلا عمل؟ فقال: «الإيمان عمل كله، و القول بعض ذلك العمل، بفرض من الله بين في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجته، يشهد له به الكتاب، و يدعوه إليه».

قال: قلت له: صفه لي- جعلت فداك- حتى أفهمه. قال: «الإيمان حالات و درجات و طبقات و منازل، فمنه التام المنتهي تمامه، و منه الناقص البين نقصانه، و منه الراجح الزائد رجحانه».

قلت: إن الإيمان ليتم و ينقص و يزيد؟ قال: «نعم».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 118/ 163.

3- تفسير القمّي 1: 307.

1- الكافي 2: 28/ 1. [.....]

(1) في «س» و «ط»: محمّد بن أحمد، انظر معجم رجال الحديث 16: 47.

(2) في المصدر: و القتل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 872

قلت: كيف ذاك؟ قال: «لأن الله تبارك و تعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم، و قسمه عليها، و فرقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلا و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها قلبه الذي به يعقل و يفقه و يفهم، و هو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح و لا تصدر إلا عن رأيه و أمره، و منها عيناه اللتان يبصر بهما، و أذناه اللتان يسمع بهما، و يداه اللتان يبطش بهما، و رجلاه اللتان يمشي بهما، و فرجه الذي الباه من قبله، و لسانه الذي ينطق به، و رأسه الذي فيه وجهه.

فليس من هذه جارحة إلا و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، بفرض من الله تبارك و تعالى اسمه، ينطق به الكتاب لها، و يشهد به عليها، ففرض على القلب غير ما فرض على السمع، و فرض على السمع

غير ما فرض على العينين، و فرض على العينين غير ما فرض على اللسان، و فرض على اللسان غير ما فرض على اليدين، و فرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، و فرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج، و فرض على الفرج غير ما فرض على الوجه.

فأما ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار و المعرفة و المحبة «1» و الرضا و التسليم، بأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، إلها واحدا لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، و أن محمدا عبده و رسوله (صلى الله عليه و آله)، و الإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار و المعرفة، و هو عمله، و هو قول الله عز و جل:

إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً «2»، و قال: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ «3» و قال: الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «4»، و قال: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ «5»، فذلك ما فرض الله عز و جل على القلب من الإقرار و المعرفة و هو عمله و هو رأس الإيمان.

و فرض الله على اللسان القول و التعبير عن القلب بما عقد عليه و أقر به، قال الله تبارك و تعالى: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «6»، و قال: وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «7»، فهذا ما فرض الله على اللسان، و هو عمله.

و فرض على

السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله، و أن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز و جل عنه، و الإصغاء إلى ما أسخط الله عز و جل، فقال في ذلك: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ __________________________________________________

(1) في المصدر: و العقد، بدل (و المحبة).

(2) النحل 16: 106.

(3) الرعد 13: 28.

(4) المائدة 5: 41.

(5) البقرة 2: 284.

(6) البقرة 2: 83.

(7) العنكبوت 29: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 873

يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «1»، ثم استثنى عز و جل موضع النسيان، فقال: وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «2»، و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «3»، و قال عز و جل:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ «4»، و قال: وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ «5»، و قال: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «6»، فهذا ما فرض الله على السمع من الإيمان أن لا يصغي إلى ما لا يحل له، و هو عمله، و هو من الإيمان.

و فرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه، و أن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له، و هو عمله، و هو من الإيمان، فقال تبارك و تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ «7»، فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم، و أن ينظر المرء إلى فرج

أخيه، و يحفظ فرجه أن ينظر إليه، و قال: وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ «8»، من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها، و تحفظ فرجها من أن تنظر إليها».

و قال: «كل شي ء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها من النظر.

ثم نظم ما فرض على القلب و اللسان و السمع و البصر في آية اخرى، فقال: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ «9»، يعني بالجلود الفروج و الأفخاذ، و قال: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «10»، فهذا ما فرض الله على العينين من غض البصر عما حرم الله عز و جل، و هو عملهما، و هو من الإيمان.

و فرض على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرم الله، و أن يبطش بهما إلى ما أمر الله عز و جل، و فرض عليهما من الصدقة و صلة الرحم و الجهاد في سبيل الله و الطهور للصلاة، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ «11»، و قال:

__________________________________________________

(1) النساء 4: 140.

(2) الأنعام 6: 68.

(3) الزمر 39: 17- 18.

(4) المؤمنون 23: 1- 4.

(5) القصص 28: 55. [.....]

(6) الفرقان 25: 72.

(7) النور 24: 31.

(8) النور 24: 31.

(9) فصلت 41: 22.

(10) الإسراء 17: 36.

(11) المائدة 5: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 874

فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها «1»،

فهذا ما فرض الله على اليدين، لأن الضرب من علاجهما.

و فرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شي ء من معاصي الله، و فرض عليهما المشي إلى ما يرضي الله عز و جل، فقال: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا «2»، و قال:

وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ «3»، و قال فيما شهدت الأيدي و الأرجل على أنفسهما و على أربابهما من تضييعهم لما أمر الله عز و جل به، و فرضه عليهما الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «4» فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين و على الرجلين، و هو عملهما، و هو من الإيمان.

و فرض على الوجه السجود له بالليل و النهار في مواقيت الصلوات، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «5» و هذه فريضة جامعة على الوجه و اليدين و الرجلين، و قال في موضع آخر: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «6» و قال فيما فرض الله على الجوارح من الطهور و الصلاة بها، و ذلك أن الله عز و جل لما صرف نبيه (صلى الله عليه و آله) إلى الكعبة عن بيت المقدس، و أنزل الله عز و جل: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ «7» فسمى الصلاة إيمانا، فمن لقي الله عز و جل حافظا لجوارحه، موفيا كل جارحة من جوارحه ما فرض الله عز و جل عليها لقي الله عز و جل مستكملا لإيمانه، و هو

من أهل الجنة، و من خان في شي ء منها أو تعدى ما أمر الله عز و جل فيها لقي الله عز و جل ناقص الإيمان».

قال: قلت: قد فهمت نقصان الإيمان و تمامه، فمن أين جاءت زيادته؟ فقال: «قول الله عز و جل: وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ. و قال: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً «8» و لو كان كله واحدا لا زيادة فيه و لا نقصان لم يكن لأحد منهم فضل على الآخر، و لاستوت النعم فيه، و لاستوى الناس و بطل التفضيل، و لكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة، و بالزيادة في

__________________________________________________

(1) محمّد 47: 4.

(2) الإسراء 17: 37.

(3) لقمان 31: 19.

(4) يس 36: 65.

(5) الحج 22: 77.

(6) الجنّ 72: 18.

(7) البقرة 2: 143.

(8) الكهف 18: 13. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 875

الإيمان «1» تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله، و بالنقصان دخل المفرطون النار».

4820/ [2]- العياشي: عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام): وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ. يقول: «شكا إلى شكهم».

4821/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ أي شكا إلى شكهم.

سورة التوبة(9): الآيات 126الي 129 ..... ص : 875

قوله تعالى:

أَ وَ لا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ- إلى قوله تعالى- فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [126- 129] 4822/ [4]- علي بن إبراهيم في قوله تعالى: أَ

وَ لا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ قال: أي يمرضون ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَ لا هُمْ يَذَّكَّرُونَ، قال: و قوله تعالى: وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ يعني المنافقين ثُمَّ انْصَرَفُوا أي تفرقوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ عن الحق إلى الباطل باختيارهم الباطل على الحق.

ثم خاطب الله عز و جل الناس، و احتج عليهم برسول الله، فقال: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أي مثلكم في الخلقة، و يقرأ «من أنفسكم» أي من أشرفكم عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أي ما أنكرتم و جحدتم حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ.

ثم عطف على النبي بالمخاطبة، فقال: فَإِنْ تَوَلَّوْا يا محمد عما تدعوهم إليه فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.

4823/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «هكذا أنزل الله عز و جل: لقد جاءنا رسول من أنفسنا عزيز عليه ما عنتنا حريص علينا بالمؤمنين رءوف رحيم».

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 118/ 164.

3- تفسير القمّي 1: 308.

4- تفسير القمّي 1: 308.

5- الكافي 8: 378/ 570.

(1) في «ط»: الأعمال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 876

4824/ [3]- العياشي: عن ثعلبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال الله تبارك و تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، قال: «فينا». عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ، قال: «فينا». حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ، قال: «فينا». بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، قال: «شركنا المؤمنون في هذه الرابعة و ثلاثة لنا».

4825/ [4]- عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: تلا

هذه الآية لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، قال: «من أنفسنا». قال: عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ، قال: «ما عنتنا». قال: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ، قال:

«علينا». بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، قال: «بشيعتنا رءوف رحيم، فلنا ثلاثة أرباعها، و لشيعتنا ربعها».

4826/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن السياري، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، أنه قال: قام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أرضي أرض مسبعة «1»، و إن السباع تغشى منزلي و لا تجوز حتى تأخذ فريستها.

فقال: «اقرأ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 118/ 165.

4- تفسير العيّاشي 2: 118/ 166.

5- الكافي 2: 457/ 21.

(1) المسبعة: كثيرة السّباع. «لسان العرب- سبع- 8: 148».

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 877

المستدرك (سورة التوبة) ..... ص : 877

سورة التوبة(9): آية 28 ..... ص : 877

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [28]

[1]- عن جابر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لئن بقيت لأخرجن المشركين من جزيرة العرب».

[2]- (دعائم الإسلام): عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «لتمنعن مساجدكم يهودكم و نصاراكم و صبيانكم و مجانينكم أو ليمسخنكم الله قردة و خنازير ركعا و سجدا، و قد قال الله عز و جل: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ».

سورة التوبة(9): آية 38 ..... ص : 877

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [38]

[3]- قال علي (عليه السلام): «انفروا- رحمكم الله- إلى قتال عدوكم، و لا تثاقلوا إلى الأرض فتقروا بالخسف،

__________________________________________________

1- الدر المنثور 4: 166.

2- دعائم الإسلام 1: 149.

3- نهج البلاغة: 452 الرسالة 62.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 878

و تبوءوا بالذل و يكون نصيبكم الأخس، و إن أخا الحرب الأرق، و من نام لم ينم عنه».

سورة التوبة(9): آية 69 ..... ص : 878

قوله تعالى:

كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ- إلى قوله تعالى- مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ [69]

[1]- الشيخ في (الأمالي)، بإسناده، عن أبي عمرو، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي معشر، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «تأخذون كما أخذت الأمم من قبلكم ذراعا بذراع، و شبرا بشبر، و باعا بباع، حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه».

قال: قال أبو هريرة: و إن شئتم فاقرءوا القرآن كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَ أَكْثَرَ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ، قال أبو هريرة: و الخلاق: الدين فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ حتى فرغ من الآية.

قالوا: يا نبي الله، فما صنعت اليهود و النصارى؟ قال: «و ما الناس إلا هم».

سورة التوبة(9): آية 85 ..... ص : 878

قوله تعالى:

وَ لا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ أَوْلادُهُمْ [85]

[2]- الشيخ في (الأمالي)، بإسناده عن علي بن عقبة عن أبي كهمس، عن عمرو بن سعيد بن هلال، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أوصني. فقال: «أوصيك بتقوى الله و الورع و الاجتهاد، و اعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه، و انظر إلى من هو دونك و لا تنظر إلى من هو فوقك، فكثيرا ما قال الله عز و جل لرسوله (صلى الله عليه و آله): وَ لا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ أَوْلادُهُمْ، و قال عز ذكره: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا «1» فإن نازعتك نفسك إلى شي ء من ذلك فاعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان قوته الشعير، و حلواه التمر و وقوده السعف، و إذا أصبت

بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإن الناس لم يصابوا بمثله أبدا و لن يصابوا بمثله أبدا».

__________________________________________________

1- أمالي الطوسي 1: 272.

2- أمالي الطوسي 2: 294. [.....]

(1) طه 20: 131.

البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 879

سورة التوبة(9): آية 86 ..... ص : 879

قوله تعالى:

وَ إِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا- إلى قوله تعالى- أُولُوا الطَّوْلِ [86] [1]- الطبرسي: عن ابن عباس و غيره: أُولُوا الطَّوْلِ أي أولوا المال و القدرة و الغنى.

[2]- عن ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن ابن عباس، في قوله: أُولُوا الطَّوْلِ، قال:

أهل الغنى.

سورة التوبة(9): آية 113 ..... ص : 879

قوله تعالى:

ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [113] [3]- الطبرسي، قال: في تفسير الحسن: أن المسلمين قالوا للنبي (صلى الله عليه و آله): ألا تستغفر لآبائنا الذين ماتوا في الجاهلية، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.

تم بحمد الله و منه الجزء الثاني من تفسير البرهان و يتلوه الجزء الثالث أوله تفسير سورة يونس

__________________________________________________

1- مجمع البيان 5: 89.

2- الدر المنثور 4: 259.

3- مجمع البيان 5: 115.

الجزء الثالث

سورة يونس ..... ص : 9

سورة يونس فضلها: ..... ص : 9

4827/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن فضيل الرسان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة يونس في كل شهرين أو ثلاثة لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين، و كان يوم القيامة من المقربين».

العياشي: عن فضيل الرسان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) الحديث بعينه «1».

4828/ [2]- عن أبان بن عثمان، عن محمد، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «اقرأ». قلت: من أي شي ء أقرأ؟ قال:

«اقرأ من السورة السابعة» «2».

قال: فجعلت ألتمسها، فقال: «اقرأ سورة يونس» فقرأت حتى انتهيت إلى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ «3» ثم قال: «حسبك، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اني لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن!».

4829/ [3]- و من كتاب (خواص القرآن): عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة اعطي من الأجر و الحسنات بعدد من كذب يونس (عليه السلام) و صدق به، و من كتبها و جعلها في منزله و سمى جميع من في الدار و كان بهم عيوب ظهرت، و من كتبها في طست و غسلها بماء نظيف و عجن بها دقيقا على أسماء المتهمين و خبزه، و كسر لكل

واحد منهم قطعة و أكلها المتهم، فلا يكاد يبلعها، و لا يبلعها أبدا و يقر بالسرقة».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 106.

2- تفسير العياشي 2: 119/ 1.

3- خواص القران: 2 «قطعة منه».

(1) تفسير العياشي 2: 119/ 2.

(2) قوله (السابعة) تصحيف (التاسعة) يؤيّده ما في الكافي 2: 462 حيث روى نفس الحديث و فيه (التاسعة) و ذلك بجعل الأنفال و التوبة سورة واحدة.

(3) يونس 10: 26.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 11

سورة يونس(10): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 11

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ- إلى قوله تعالى- وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ [1- 2]

4830/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): يا بن رسول الله، ما معنى الر؟ قال (عليه السلام): «معناه أنا الله الرءوف».

4831/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: الر هو حرف من حروف الاسم الأعظم المقطع «1» في القرآن، فإذا ألفه الرسول أو الإمام فدعا به أجيب. ثم قال: أَ كانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله): أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ.

4832/ [3]- العياشي: عن يونس، عمن ذكره، في قول الله وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا إلى آخر الاية.

قال: «الولاية».

4833/ [4]- عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا

أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قال: «الولاية».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 22/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 308.

3- تفسير العيّاشي 2: 119/ 3.

4- تفسير العيّاشي 2: 119/ 4. [.....]

(1) في المصدر: المنقطع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 12

4834/ [5]- عن إبراهيم بن عمر، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قال: «هو رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4835/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قال: «هو رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4836/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قال: «هو رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

4837/ [8]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن يونس، قال:

أخبرني من رفعه، إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ.

قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

4838/ [9]- الطبرسي: قيل: إن معنى قَدَمَ صِدْقٍ شفاعة محمد (صلى الله عليه و آله) لهم يوم القيامة. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة يونس(10): آية 3 ..... ص : 12

قوله تعالى:

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [3]

4839/ [1]- محمد بن

يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد، و ما كان ليخلق الشر قبل الخير، و في يوم الأحد و الاثنين خلق الأرضين، و خلق أقواتها في يوم الثلاثاء، و خلق السماوات يوم الأربعاء و يوم الخميس، و خلق أقواتها يوم الجمعة، و ذلك قول الله عز و جل: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ «1»».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 120/ 5.

6- تفسير القمّي 1: 308.

7- الكافي 8: 364/ 554.

8- الكافي 1: 349/ 50.

9- مجمع البيان 5: 134.

1- الكافي 8: 145/ 117.

(1) الفرقان 25، 59، السجدة 32: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 13

4840/ [2]- العياشي: عن أبي جعفر، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله خلق السماوات و الأرض في ستة أيام، فالسنة تنقص ستة أيام».

4841/ [3]- عن الصباح بن سيابة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إن الله خلق الشهور اثني عشر شهرا، و هي ثلاثمائة و ستون يوما، فحجز عنها «1» ستة أيام خلق فيها السماوات و الأرض، فمن ثم تقاصرت الشهور».

4842/ [4]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن الله جل ذكره و تقدست أسماؤه خلق الأرض قبل السماء، ثم استوى على العرش لتدبير الأمور». و معنى استوى يأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة طه «2».

سورة يونس(10): آية 5 ..... ص : 13

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ [5]

4843/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي نعيم البلخي، عن مقاتل بن حيان، عن عبد الرحمن بن أبي ذر، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله)، قال: كنت آخذا بيد النبي (صلى الله عليه و آله) و نحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت، فقلت: يا رسول الله، أين تغيب؟

قال: «في السماء، ثم ترفع من سماء إلى سماء، حتى ترفع إلى السماء السابعة العليا، حتى تكون تحت العرش، فتخر ساجدة، فتسجد معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب، من أين تأمرني أن أطلع، أ من مشرقي أو من مغربي «3»؟ فذلك قوله عز و جل: وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ «4» يعني بذلك صنع الرب العزيز في ملكه، العليم بخلقه- قال- فيأتيها جبرئيل (عليه السلام) بحلة ضوء من نور العرش، على مقدار ساعات النهار، على طوله في أيام الصيف، أو قصره في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف و الربيع- قال- فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه، ثم ينطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها». قال

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 120/ 6.

3- تفسير العيّاشي 2: 120/ 7.

4- تفسير العيّاشي 2: 120/ 7.

1- التوحيد: 280/ 7.

(1) في المصدر و «ط»: فخرج منها.

(2) يأتي في تفسير الآية (5) من سورة طه. [.....]

(3) في المصدر: أمن مغربي أم من مطلعي.

(4) يس 36: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 14

النبي (صلى الله عليه و آله): «فكأني بها و قد حبست مقدار ثلاث «1»، ثم لا تكسى ضوءا و تؤمر أن تطلع من مغربها،

فذلك قوله عز و جل: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ «2».

و القمر كذلك من مطلعه و مجراه في أفق السماء و مغربه، و ارتفاعه إلى السماء السابعة، و يسجد تحت العرش، ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور الكرسي، فذلك قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً». قال أبو ذر (رحمه الله): ثم اعتزلت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صلينا المغرب.

4844/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى «3» قال: «اقسم بقبض محمد إذا قبض. ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ «4» بتفضيله أهل بيته وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى «5» يقول ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه، و هو قول الله عز و جل: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى «6».

و قال الله عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله): قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ «7» قال: لو أني أمرت أن أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله عز و جل: كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ «8» يقول:

أضاءت الأرض بنور محمد (صلى الله عليه و آله) كما تضي ء الشمس، فضرب الله مثل محمد (صلى الله عليه و آله) الشمس، و مثل الوصي القمر، و هو قول الله عز و جل: جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً، و قوله وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ

نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ «9»، و قوله عز و جل: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ «10»، يعني قبض محمد (صلى الله عليه و آله)، و ظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته، و هو قوله عز و جل: وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ «11»».

4845/ [3]- و عنه: بإسناده عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن علي بن أبي النوار، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، لأي شي ء صارت الشمس أشد حرارة من القمر؟ فقال: «إن الله خلق الشمس من نور النار، و صفو الماء، طبقا من هذا و طبقا من هذا، حتى إذا كانت سبعة أطباق ألبسها لباسا

__________________________________________________

2- الكافي 8: 380/ 574.

3- الكافي 8: 241/ 332.

(1) في المصدر زيادة: ليال.

(2) التكوير 81: 1- 2.

(3) النجم 53: 1- 2.

(4) النجم 53: 1- 2.

(5) النجم 53: 1- 2.

(6) النجم 53: 1- 2.

(7) الأنعام 6: 58.

(8) البقرة 2: 17.

(9) يس 36: 37.

(10) البقرة 2: 17. [.....]

(11) الأعراف 7: 198.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 15

من نار، فمن ثم صارت أشد حرارة من القمر».

قلت: جعلت فداك، و القمر؟ قال: «إن الله تعالى ذكره خلق القمر من ضوء نور النار و صفو الماء، طبقا من هذا و طبقا من هذا، حتى إذا كانت سبعة أطباق ألبسها لباسا من ماء، فمن ثم صار القمر أبرد من الشمس».

روى ابن بابويه هذا الحديث في (الخصال): عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن عيسى بن محمد، عن علي بن مهزيار «1»، عن أبي أيوب،

عن محمد بن مسلم، قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام)، و ذكر الحديث «2».

سورة يونس(10): آية 7 ..... ص : 15

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ [7] 4846/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا أي لا يؤمنون به وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ قال: الآيات: أمير المؤمنين و الائمة (عليهم السلام)، و الدليل على ذلك

قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما لله آية أكبر مني».

4847/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير أو غيره، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الاية: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ «3». قال: «ذلك إلي إن شئت أخبرتهم و إن شئت لم أخبرهم- ثم قال:- لكني أخبرك بتفسيرها».

قلت: عَمَّ يَتَساءَلُونَ؟ قال: فقال: «هي في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: ما لله عز و جل آية هي أكبر مني، و لا لله من نبأ أعظم مني».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- تفسير الآيات بالائمة (عليهم السلام) بالرواية في آخر السورة، في قوله تعالى: قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الاية «4».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 309.

2- الكافي 1: 161/ 3.

(1) زاد في المصدر: عن عليّ بن حسّان.

(2) الخصال: 356/ 39.

(3) النبأ 78: 1- 2.

(4) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (101) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 16

سورة يونس(10): الآيات 9 الي 11 ..... ص : 16

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ دَعْواهُمْ

فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ- إلى قوله تعالى- لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ [9- 11]

4848/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق و محمد بن أحمد السناني، و علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن جعفر بن سليمان البصري، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً «1».

فقال: «إن الله تبارك و تعالى يضل الظالمين يوم القيامة عن دار كرامته، و يهدي أهل الايمان و العمل الصالح إلى جنته، كما قال عز و جل: وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ «2» و قال عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ».

4849/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل عن قول الله عز و جل: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً «3».

فقال: يا علي، إن الوفد لا يكونون إلا ركبانا، أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله عز ذكره و اختصهم و رضي أعمالهم فسماهم المتقين. ثم قال له: يا علي، أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إنهم ليخرجون من

قبورهم، و إن الملائكة تستقبلهم بنوق من نوق الجنة «4». عليها رحال الذهب، مكللة بالدر و الياقوت، و جلائلها الإستبرق و السندس، و خطمها جدل الأرجوان، تطير بهم إلى المحشر، مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه و عن يمينه

__________________________________________________

1- التوحيد: 241/ 1.

2- الكافي 8: 95/ 69.

(1) الكهف 18: 17.

(2) إبراهيم 14: 27.

(3) مريم 19: 85.

(4) في المصدر: العز.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 17

و عن شماله، يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم. و على باب الجنة شجرة، إن الورقة منها ليستظل تحتها ألف «1» رجل من الناس، و عن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية- قال- فيسقون منها شربة شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد، و يسقط عن أبشارهم الشعر و ذلك قوله عز و جل: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً «2» من تلك العين المطهرة. قال: ثم يصرفون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة، فيغتسلون فيها، و هي عين الحياة فلا يموتون أبدا.

قال: ثم يوقف بهم قدام العرش، و قد سلموا من الآفات و الأسقام و الحر و البرد أبدا.

قال: فيقول الجبار جل ذكره للملائكة الذين معهم: احشروا أوليائي إلى الجنة، و لا توقفوهم مع الخلائق، فقد سبق رضاي عنهم، و وجبت رحمتي لهم، و كيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات و السيئات! قال:

فتسوقهم الملائكة إلى الجنة».

و ساق الحديث بطوله إلى أن قال في آخره ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «أما الجنان المذكورة، في الكتاب، فإنهن: جنة عدن، و جنة الفردوس، و جنة النعيم، و جنة المأوى». قال: «فإن لله عز و جل جنانا محفوفة بهذه الجنات، و إن المؤمن ليكون له من الجنان ما أحب و

اشتهى، يتنعم فيهن كيف يشاء، و إذا أراد المؤمن شيئا أو اشتهى إنما دعواه فيها إذا أراد، أن يقول: سبحانك اللهم، فإذا قالها تبادرت إليه الخدم بما اشتهى من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به، و ذلك قوله عز و جل: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ يعني الخدام.

قال: وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يعني بذلك عند ما يقضون من لذاتهم من الجماع و الطعام و الشراب يحمدون الله عز و جل عند فراغهم».

و الحديث طويل، يأتي بطوله- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً من سورة مريم «3».

4850/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن أبى، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) قال: «سأل يهودي رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: أخبرني عن تفسير (سبحان الله، و الحمد لله، و لا اله إلا الله، و الله اكبر)، قال النبي (صلى الله عليه و آله): علم الله عز و جل أن بني آدم يكذبون على الله عز و جل، فقال: (سبحان الله) تنزيها عما يقولون. و أما قوله (الحمد لله) فإنه علم أن العباد لا يؤدون شكر نعمته، فحمد نفسه قبل أن يحمدوه، و هو أول الكلام، لولا ذلك لما أنعم الله على أحد بنعمته. و قوله (لا إله إلا الله) يعني وحدانيته، لا يقبل الله الأعمال إلا

بها،

__________________________________________________

3- الأمالي: 157/ 1. [.....]

(1) في «ط»: مائة ألف.

(2) الإنسان 76: 21.

(3) يأتي في الحديث (11) من تفسير الآيات (73- 98) من سورة مريم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 18

و هي كلمة التقوى، يثقل الله بها الموازين يوم القيامة. و أما قوله تعالى: و الله أكبر فهي كلمة أعلى الكلمات، و أحبها إلى الله عز و جل، يعني أنه ليس شي ء أكبر مني، لا تصح «1» الصلاة إلا بها لكرامتها على الله، و هو الاسم الأكرم.

قال اليهودي: صدقت- يا محمد- فما جزاء قائلها؟

قال: إذا قال العبد: (سبحان الله) سبح معه مادون العرش، فيعطى قائلها عشر أمثالها، و إذا قال: (الحمد لله) أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعيم الاخرة، و هي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، و ينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا (الحمد لله) و ذلك قوله جل و عز: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، و أما قوله: (لا إله إلا الله) فالجنة جزاؤه، و ذلك قوله عز و جل:

هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ «2» يقول: هل جزاء لا إله إلا الله إلا الجنة.

فقال اليهودي: صدقت يا محمد».

و روى هذا الحديث الشيخ المفيد في كتاب (الاختصاص) «3».

4851/ [4]- العياشي: عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن التسبيح؟ فقال: «هو اسم من أسماء الله، و دعوى أهل الجنة».

4852/ [5]- المفيد في (الاختصاص): بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)- في حديث طويل مع يهودي، و قد سأله عن

مسائل- قال (صلى الله عليه و آله): «إذا قال العبد: (سبحان الله) سبح كل شي ء معه ما دون العرش، فيعطى قائلها عشر أمثالها، و إذا قال: (الحمد لله) أنعم الله عليه بنعيم الدنيا حتى يلقاه بنعيم الاخرة، و هي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، و الكلام ينقطع في الدنيا ما خلا الحمد لله، و ذلك قوله: تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ».

4853/ [6]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ، قال: لو عجل الله لهم الشر كما يستعجلون الخير لقضي إليهم أجلهم، أي فرغ من أجلهم.

سورة يونس(10): آية 12 ..... ص : 18

قوله تعالى:

وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ [12]

__________________________________________________

4- تفسير العياشي 2: 120/ 9.

5- الاختصاص: 34.

6- تفسير القمي 1: 309.

(1) في «ط»: لا تصلح، و في المصدر: لا تفتتح.

(2) الرحمن 55: 60.

(3) الاختصاص: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 19

4854/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: دَعانا لِجَنْبِهِ العليل الذي لا يقدر أن يجلس أَوْ قاعِداً، قال: الذي لا يقدر أن يقوم أَوْ قائِماً، قال: الصحيح. و قوله: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ أي ترك و مر و نسي كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ.

سورة يونس(10): الآيات 13 الي 16 ..... ص : 19

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ- إلى قوله تعالى- فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ [13- 16] 4855/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ، قال: يعني عادا و ثمود و من أهلكه الله، ثم قال: ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ يعني حتى نرى، فوضع النظر مكان الرؤية.

و قال: و قوله: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ، قال: فإن قريشا قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله):

ائتنا بقرآن غير هذا، فإن هذا شي ء تعلمته من اليهود و النصارى، قال الله: قُلْ لهم لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَ لا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ أي

لقد لبثت فيكم أربعين سنة قبل أن يوحى إلي و لم أتكلم «1» بشي ء منه حتى أوحي إلي.

4856/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: و أما قوله أَوْ بَدِّلْهُ فإنه حدثني الحسن بن علي، عن أبيه، عن حماد ا بن عيسى، عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ:

«يعني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ يعني في علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 309.

2- تفسير القمّي 1: 309.

3- تفسير القمّي 1: 310.

(1) في المصدر: آتكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 20

4857/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن الحسين، عن عمر بن يزيد، عن محمد بن جمهور، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ، قال: «قالوا: أو بدل عليا (عليه السلام)».

4858/ [4]- العياشي: عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ: «قالوا: لو بدل مكان علي أبو بكر أو عمر اتبعناه».

4859/ [5]- عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ:

«يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)».

4860/ [6]- عن منصور بن حازم،

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لم يزل رسول (صلى الله عليه و آله) يقول: إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ حتى نزلت سورة الفتح فلم يعد إلى ذلك الكلام».

سورة يونس(10): الآيات 18 الي 19 ..... ص : 20

قوله تعالى:

وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ [18- 19] 4861/ [1]- قال علي بن إبراهيم: كانت قريش تعبد الأصنام و يقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، فإنا لا نقدر على عبادة الله. فرد الله عليهم، فقال: قل لهم، يا محمد: أَ تُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ أي ليس يعلم، فوضع حرفا مكان حرف، أي ليس له شريك يعبد.

و قال: قوله: وَ ما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً أي على مذهب واحد فَاخْتَلَفُوا وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أي كان ذلك في علم الله السابق أن يختلفوا، و بعث فيهم الأنبياء و الأئمة بعد الأنبياء، و لولا ذلك لهلكوا عند اختلافهم.

__________________________________________________

3- الكافي 1: 347/ 37. [.....]

4- تفسير العيّاشي 2: 120/ 10.

5- تفسير العيّاشي 2: 120/ 11.

6- تفسير العيّاشي 2: 120/ 12.

1- تفسير القمّي 1: 310.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 21

سورة يونس(10): آية 20 ..... ص : 21

قوله تعالى:

وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ [20]

4862/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ «1».

فقال: «المتقون: شيعة علي (عليه السلام)، و الغيب: هو الحجة القائم، و شاهد ذلك

قول الله عز و جل:

وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ».

4863/ [2]- و عنه: بإسناده عن محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو صالح خلف بن حماد الكشي «2»، قال:

حدثنا سهل بن زياد، قال: حدثني محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قال الرضا (عليه السلام): «ما أحسن الصبر و انتظار الفرج! أما سمعت قول الله عز و جل: وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ «3» و فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ، فعليكم بالصبر، فإنه إنما يجي ء الفرج على اليأس، فقد كان الذين من قبلكم أصبر منكم».

4864/ [3]- و عنه: بإسناده عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن الفرج.

قال: «إن الله عز و جل يقول: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ».

سورة يونس(10): آية 23 ..... ص : 21

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ [23]

4865/ [4]- العياشي: عن منصور بن يونس، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ثلاث يرجعن على صاحبهن:

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 17.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 645/ 5.

3- كمال الدين و تمام النعمة: 645/ 4.

4- تفسير العيّاشي 2: 121/ 13.

(1) البقرة 2: 1- 2.

(2) في «س، ط»: بن حامد الكنجي، تصحيف صوابه ما في المتن، ترجم له الشيخ الطوسي في رجاله: 472 و قال: خلف بن حمّاد يكنّى أبا صالح، من أهل كش.

(3) هود 11: 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 22

النكث، و البغي، و المكر، قال الله: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ».

سورة يونس(10): آية 24 ..... ص : 22

قوله تعالى:

إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها- إلى قوله تعالى- يَتَفَكَّرُونَ [24]

4866/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، بلغنا أن لآل جعفر راية، و لآل العباس رايتين، فهل انتهى إليك من علم ذلك شي ء؟

قال: «أما آل جعفر فليس بشي ء، و لا إلى شي ء، و أما آل العباس فإن لهم ملكا مبطئا «1»، يقربون فيه البعيد، و يباعدون فيه القريب، و سلطانهم عسر ليس فيه يسر، حتى إذا أمنوا مكر الله و أمنوا عقابه، صيح فيهم صيحة لا يبقى لهم منال يجمعهم و لا رجال تمنعهم «2»، و هو قول الله: حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها» الاية.

قلت: جعلت فداك، متى يكون ذلك؟

قال: «أما إنه لم يوقت لنا فيه وقت، و لكن إذا حدثناكم بشي ء فكان كما نقول، فقولوا:

صدق الله و رسوله و إن كان بخلاف ذلك، فقولوا: صدق الله و رسوله تؤجروا مرتين، و لكن إذا اشتدت الحاجة و الفاقة و أنكر الناس بعضهم بعضا، فعند ذلك توقعوا هذا الأمر صباحا و مساء».

فقلت: جعلت فداك، الحاجة و الفاقة قد عرفناهما، فما إنكار الناس بعضهم بعضا؟

قال: «يأتي الرجل أخاه في حاجة فيلقاه بغير الوجه الذي كان يلقاه فيه، و يكلمه بغير الكلام الذي كان يكلمه».

4867/ [2]- العياشي: عن الفضل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، إنا نتحدث أن لآل جعفر راية، و لآل فلان راية، فهل في ذلك شي ء؟

فقال: «أما لآل جعفر فلا، و أما راية بني فلان فإن لهم ملكا مبطئا، يقربون فيه البعيد، و يبعدون فيه القريب، و سلطانهم عسر ليس فيه يسر، لا يعرفون في سلطانهم من أعلام الخير شيئا، يصيبهم فيه فزعات ثم فزعات، كل

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 310.

2- تفسير العيّاشي 2: 121/ 14.

(1) في المصدر: مبطنا. [.....]

(2) في «ط»: لأي بقي لهم منال يجمعهم و لا يسعهم. و الظاهر أنّها تصحيف ناد- يجمعهم و لا يسعهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 23

ذلك يتجلى عنهم، حتى إذا أمنوا مكر الله، و أمنوا عذابه، و ظنوا أنهم قد استقروا، صيح فيهم صيحة لم يكن لهم فيها مناد يسمعهم و لا يجمعهم «1»، و ذلك قول الله عز و جل: حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها إلى قوله لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ألا إنه ليس أحد من الظلمة إلا و لهم بقيا، إلا آل فلان فإنهم لا بقيا لهم».

قال: جعلت فداك، أ ليس لهم بقيا؟

قال: «بلى، و لكنهم يصيبون منا دما، فبظلمهم نحن و شيعتنا فلا بقيا لهم».

و قد مضى

حديث في معنى الآية بذلك في قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ الآية، من سورة الأنعام «2».

4868/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يعظ الناس و يزهدهم في الدنيا، و يرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة، في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و حفظ عنه و كتب.

كان يقول: «أيها الناس- و ساق الحديث إلى أن قال فيه- فاتقوا الله عباد الله، و اعلموا أن الله عز و جل لم يحب زهرة الدنيا و عاجلها لأحد من أوليائه، و لم يرغبهم فيها و في عاجل زهرتها، و ظاهر بهجتها، و إنما خلق الدنيا و خلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملا لآخرته.

و ايم الله، لقد ضرب لكم فيها الأمثال، و صرف الأيام لقوم يعقلون، و لا قوة إلا بالله، فازهدوا فيما زهدكم الله عز و جل فيه من عاجل الحياة الدنيا، فإن الله عز و جل يقول و قوله الحق: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

فكونوا عباد الله من القوم الذين يتفكرون: و لا تركنوا إلى الدنيا، فإن الله عز و جل قال لمحمد (صلى الله

عليه و آله):

وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ «3» و لا تركنوا إلى زهرة الدنيا و ما فيها، ركون من اتخذها دار قرار و منزل استيطان، فانها دار بلغة «4»، و منزل قلعة «5»، و دار عمل، فتزودوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرق أيامها، و قبل الإذن من الله في خرابها، فكأن قد أخربها الذي عمرها أول مرة و ابتدأها، و هو ولي ميراثها، فأسأل الله العون

__________________________________________________

3- الكافي 8: 75: 29.

(1) في «ط»: منال يسعهم و لا يجمعهم.

(2) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآيتين (44- 45) من سورة الأنعام.

(3) هود 11: 113.

(4) البلغة: ما يتبلّغ به من العيش و لا فضل فيه. «لسان العرب- بلغ- 8: 421».

(5) منزل قلعة: أي تحوّل و ارتحال. «النهاية 4: 102».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 24

لنا و لكم على تزود التقوى و الزهد فيها، جعلنا الله و إياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا، الراغبين لأجل ثواب الآخرة، فإنما نحن له و به، و صلى الله على محمد النبي و آله و سلم، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته».

سورة يونس(10): آية 25 ..... ص : 24

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [25]

4869/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا العباس ا بن سعد «1» الأزرق- و كان من العامة- قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا شريك بن عبد الله، عن العلاء ا بن عبد الكريم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ، فقال: «إن السلام، هو

الله عز و جل، و داره التي خلقها لأوليائه الجنة».

4870/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ، قال: حدثنا موسى بن إسحاق القاضي، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي ظبيان، عن ا بن عباس، أنه قال: دار السلام الجنة، و أهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات و الأمراض و الأسقام، و لهم السلامة من الهرم و الموت و تغير الأحوال عليهم، فهم المكرمون الذين لا يهانون أبدا، و هم الأعزاء الذين لا يذلون أبدا، و هم الأغنياء الذين لا يفتقرون أبدا، و هم السعداء الذين لا يسقون أبدا، و هم الفرحون المسرورون «2» الذين لا يغتمون و لا يهتمون أبدا، و هم الأحياء الذين لا يموتون أبدا، فهم في قصور الدر و المرجان، أبوابها مشرعة إلى عرش الرحمن وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ «3».

4871/ [3]- ابن شهر آشوب: عن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، و زيد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، في قوله تعالى: وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ: «يعني به الجنة يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني به

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 176/ 2.

2- معاني الأخبار: 176/ 1.

3- المناقب 3: 74، شواهد التنزيل 1: 263/ 358.

(1) في المصدر: العباس بن سعيد.

(2) في المصدر: المستبشرون.

(3) الرعد 13: 23 و 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 25

ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

سورة يونس(10): آية 26 ..... ص : 25

قوله تعالى:

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ

فِيها خالِدُونَ [26]

4872/ [1]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكتاب، قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سيف، عن فضيل بن خديج «1»، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيما كتب إلى محمد بن أبي بكر حين ولاه مصر، و أمره أن يقرأه على أهل مصر، و فيما كتب (عليه السلام): «قال الله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ فأما الحسنى فهي الجنة، و الزيادة هي الدنيا».

4873/ [2]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ: «فأما الحسنى فهي الجنة، و أما الزيادة فالدنيا، ما أعطاهم الله فيها لم يحاسبهم به في الآخرة، و يجمع الله لهم ثواب الدنيا و الآخرة، و يثيبهم بأحسن أعمالهم في الدنيا و الآخرة، يقول الله: وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ».

4874/ [3]- الطبرسي: عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «الزيادة: هي أن ما أعطاهم الله تعالى [من النعم في الدنيا لا يحاسبهم به في الآخرة».

4875/ [4]- و عن علي (عليه السلام): «أن الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب».

4876/ [5]- و روي في (نهج البيان): عن علي بن إبراهيم، قال: قال: الزيادة هبة الله عز و جل: وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ، قال: القتر: الجوع و الفقر، و الذلة: الخوف.

__________________________________________________

1- الأمالي

1: 25، أمالي المفيد: 262/ 3. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 311.

3- مجمع البيان 5: 158.

4- مجمع البيان 5: 158.

5- تفسير القمّي 1: 311 و ليس فيه (الزيادة هبة اللّه عزّ و جلّ) و لم نجد الحديث في نهج البيان المخطوط.

(1) في سند الحديث اختلافات سبقت الإشارة إليها في الحديث (10) من تفسير الآية (32) من سورة الأعراف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 26

4877/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن محمد بن مروان «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما من شي ء إلا و له كيل أو وزن إلا الدموع، فإن القطرة تطفئ بحارا من نار، فإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجها قتر و لا ذلة، فإذا فاضت حرمه الله على النار، و لو أن باكيا بكى في أمة لرحمها الله».

4878/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة و منصور بن يونس، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من عين إلا و هي باكية يوم القيامة، إلا عينا بكت من خوف الله، و ما اغرورقت عين بمائها من خشية الله عز و جل إلا حرم الله عز و جل سائر جسدها على النار، و لا فاضت على خده فرهق ذلك الوجه قتر و لا ذلة، و ما من شي ء إلا و له كيل أو وزن إلا الدمعة، فإن الله عز و جل يطفئ باليسير منها البحار من النار، فلو أن عبدا بكى في أمة لرحم الله عز و جل تلك الامة ببكاء ذلك العبد».

4879/

[8]- العياشي: عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما من عبد اغرورقت عيناه بمائها إلا حرم الله ذلك الجسد على النار، و ما فاضت عين من خشية الله إلا لم يرهق ذلك الوجه قتر و لا ذلة».

4880/ [9]- عن محمد بن مروان، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما من شي ء إلا و له وزن أو ثواب إلا الدموع، فإن القطرة تطفئ البحار من النار، فإذا اغرورقت عيناه بمائها حرم الله عز و جل سائر جسده على النار، و إن سالت الدموع على خديه لم يرهق وجهه قتر و لا ذلة، و لو أن عبدا بكى في امة لرحمها الله».

سورة يونس(10): آية 27 ..... ص : 26

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ- إلى قوله تعالى- خالِدُونَ [27]

4881/ [1]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ.

__________________________________________________

6- الكافي 2: 349/ 1.

7- الكافي 2: 349/ 2.

8- تفسير العيّاشي 1: 121/ 15.

9- تفسير العيّاشي 2: 122/ 16.

1- تفسير القمّي 1: 311.

(1) في «س، ط»: محمد بن مسلم، تصحيف صحيحه ما أثبتناه من المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 27

قال: «هؤلاء أهل البدع و الشبهات و الشهوات يسود الله وجوههم، ثم يلقونه، يقول الله: كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً يسود الله وجوههم يوم القيامة، و يلبسهم الذلة و الصغار، يقول الله: أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ».

4882/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن

يحيى الحلبي، عن المثنى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً، قال: «أ ما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سوادا من خارج، فلذلك هم يزدادون سوادا».

4883/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً، قال: «أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سوادا من خارج، فكذلك وجوههم تزداد سوادا».

سورة يونس(10): الآيات 28 الي 31 ..... ص : 27

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَ شُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ- إلى قوله تعالى- قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ [28- 31] 4884/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَ شُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ قال: يبعث الله نارا تزيل بين الكفار و المؤمنين.

قال: قوله تعالى: هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ أي تتبع ما قدمت وَ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أي بطل عنهم ما كانوا يفترون.

و قوله: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إلى قوله: وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «1» فإنه محكم.

سورة يونس(10): آية 35 ..... ص : 27

قوله تعالى:

قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ

__________________________________________________

2- الكافي 8: 252/ 355.

3- تفسير العيّاشي 2: 122/ 17.

1- تفسير القمّي 1: 312. [.....]

(1) يونس 10: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 28

أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [35]

4885/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عمرو بن عثمان، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لقد قضى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بقضية، ما قضى بها أحد كان قبله، و كانت أول قضية قضى بها بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أنه لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أفضى الأمر إلى أبي بكر أتي برجل قد شرب الخمر، فقال له أبو بكر: أشربت الخمر؟

فقال الرجل: نعم. فقال: و لم شربتها و هي محرمة؟ فقال: إني لما أسلمت و منزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر و يستحلونها، و لو أعلم أنها حرام اجتنبتها».

قال: «فالتفت أبو بكر إلى عمر، فقال: ما تقول- يا أبا حفص- في أمر هذا الرجل؟ فقال: معضلة و أبو الحسن لها. فقال أبو بكر: يا غلام، ادع لنا عليا. فقال عمر: بل يؤتى الحكم في منزله.

فأتوه و معهم سلمان الفارسي، فأخبروه بقضية «1» الرجل، فاقتص عليه قصته، فقال علي (عليه السلام) لأبي بكر:

ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين و الأنصار، فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، فإن لم يكن تلي عليه آية التحريم فلا شي ء عليه. ففعل أبو بكر بالرجل ما قال علي (عليه السلام)، فلم يشهد عليه أحد، فخلى سبيله. فقال سلمان لعلي (عليه السلام): لقد أرشدتهم؟ فقال علي (عليه السلام): إنما أردت أن أجدد تأكيد هذه الآية في و فيهم أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ».

و روى السيد الرضي هذا الحديث في كتاب (الخصائص) عن الإمام الصادق (عليه السلام) «2».

4886/ [2]- و عنه: عن أبي محمد القاسم بن العلاء (رحمه الله)، بإسناده عن عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا (عليه السلام)- في حديث- قال فيه: «إن الأنبياء و الأئمة (صلوات الله عليهم) يوفقهم الله و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله تعالى: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ».

و الحديث طويل ذكرناه بطوله في قوله

تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ من سورة القصص «3».

__________________________________________________

1- الكافي 7: 249/ 4.

2- الكافي 1: 157/ 1، معاني الأخبار: 100.

(1) في المصدر: فأخبره بقصّة.

(2) خصائص الأئمة: 81.

(3) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآيتين (68- 69) من سورة القصص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 29

4887/ [3]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال و الحجال جميعا، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الرحمن بن مسلمة الحريري «1»، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يوبخوننا و يكذبوننا أنا نقول: إن صيحتين تكونان، يقولون: من أين تعرف المحقة من المبطلة إذا كانتا؟

قال: «فما تردون عليهم؟» قلت: ما نرد عليهم شيئا. قال: «قولوا: يصدق بها- إذا كانت- من يؤمن بها من قبل، إن الله عز و جل يقول: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ».

4888/ [4]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد، عن ابن فضال و الحجال، عن داود بن فرقد، قال: سمع رجل من العجلية «2» هذا الحديث، قوله: «ينادي مناد: ألا إن فلان بن فلان و شيعته هم الفائزون. أول النهار و ينادي آخر النهار: ألا إن عثمان و شيعته هم الفائزون» «3». فقال الرجل: فما يدرينا أيما الصادق من الكاذب؟

فقال: يصدقه عليها من كان يؤمن بها قبل أن ينادى، إن الله عز و جل يقول: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ.

4889/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن

أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن الحارث بن المغيرة، عن ميمون البان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) «4» في فسطاطه فرفع جانب الفسطاط، فقال: «إن أمرنا قد كان أبين من هذه الشمس- ثم قال- ينادي مناد من السماء: إن فلان بن فلان هو الإمام. و ينادي باسمه، و ينادي إبليس لعنه الله من الأرض كما نادى برسول الله (صلى الله عليه و آله) ليلة العقبة».

4890/ [6]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ينادي مناد باسم القائم (عليه السلام)».

قلت: خاص أو عام؟ قال: «عام، يسمع كل قوم بلسانهم».

قلت: فمن يخالف القائم (عليه السلام) و قد نودي باسمه؟ قال: «لا يدعهم إبليس حتى ينادي فيشكك الناس».

4891/ [7]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه (رحمه الله)، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن

__________________________________________________

3- الكافي 8: 208/ 252.

4- الكافي 8: 209/ 253.

5- كمال الدين و تمام النعمة: 650/ 4.

6- كمال الدين و تمام النعمة: 650/ 8.

7- كمال الدين و تمام النعمة: 652/ 13.

(1) كذا في النسخ و رجال البرقي: 24، و في المصدر و غيبة النعماني الآتي تحت الرقم (8) و تنقيح المقال 2: 148: الجريري، بالمعجمة.

(2) العجليّة: طائفة من الغلاة، و هم أتباع عمير بن بيان العجلي- «معجم الفرق الاسلامية: 170».

(3) في المصدر زيادة: قال: و ينادي أول الهار منادي آخر النهار. [.....]

(4) في المصدر: أبي جعفر، و ميمون البان معدود في أصحاب الأئمّة السجّاد و الباقر

و الصادق (عليهم السلام)، انظر معجم رجال الحديث 19: 112.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 30

علي الكوفي، عن أبيه، عن أبي المغرا، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «صوت جبرئيل من السماء، و صوت إبليس من الأرض، فاتبعوا الصوت الأول، و إياكم و الأخير أن تفتنوا به».

قلت: الأحاديث في المناديين مستفيضة، و ذكر منها ابن بابويه في آخر كتاب (كمال الدين و تمام النعمة) «1»، و محمد بن إبراهيم النعماني في آخر كتاب (الغيبة) «2»، و سيأتي من ذلك- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ من سورة الشعراء «3».

4892/ [8]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني علي بن الحسن التيملي، عن أبيه، عن محمد بن خالد، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الرحمن بن مسلمة الحريري «4»، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يوبخونا و يقولون: من أين تعرف المحقة من المبطلة إذا كانتا؟

قال: «فما تردون عليهم؟ قلت: ما نرد عليهم شيئا، فقال: «قولوا لهم: يصدق بها- إذا كانت- من يؤمن بها قبل أن تكون، إن الله عز و جل يقول: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ».

4893/ [9]- العياشي: عن عمرو بن أبي القاسم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و ذكر أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم قرأ: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ إلى قوله: تَحْكُمُونَ فقلنا: من هو أصلحك الله؟ فقال: «بلغنا أن ذلك علي (عليه السلام)».

4894/ [10]-

علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ فأما مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ فهم محمد (صلى الله عليه و آله) و آل محمد (عليهم السلام) من بعده، و أما من لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فهو من خالف- من قريش و غيرهم- أهل بيته من بعده».

سورة يونس(10): الآيات 39 الي 46 ..... ص : 30

قوله تعالى:

بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

8- كتاب الغيبة: 266/ 32.

9- تفسير العيّاشي 2: 122/ 18.

10- تفسير القمّي 1: 312.

(1) كمال الدين و تمام النعمة: 649 باب (57).

(2) كتاب الغيبة: 247 باب (14).

(3) يأتي في تفسير الآية (4) من سورة الشعراء.

(4) في المصدر: الجريري، بالمعجمة، انظر هامش الحديث الثالث المتقدّم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 31

فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ [39- 46] 4895/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ أي لم يأتهم تأويله. كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، قال: نزلت في الرجعة كذبوا بها، أي أنها لا تكون، ثم قال:

وَ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ.

4896/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ مِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ «فهم أعداء محمد و آل محمد من بعده وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ الفساد: المعصية لله و لرسوله».

4897/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد

الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا ما لا يعلمون «1» و لا يردوا ما لا يعلمون «2»». ثم قرأ أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ «3»، و قال:

بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ.

4898/ [4]- سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات): عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الأمور العظام من الرجعة و أشباهها. فقال: «إن هذا الذي تسألون عنه لم يجئ أوانه، و قد قال الله عز و جل:

بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ».

4899/ [5]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن الأمور العظام التي تكون مما لم يكن، فقال: «لم يئن «4» أو ان كشفها بعد، و ذلك قوله: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ».

4900/ [6]- عن حمران، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الأمور العظام من الرجعة و غيرها، فقال: «إن هذا الذي تسألون عنه لم يأت أوانه، قال الله: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 312.

2- تفسير القمّي 1: 312.

3- الكافي 1: 34/ 8.

4- مختصر بصائر الدرجات: 24.

5- تفسير العيّاشي 2: 122/ 19.

6- تفسير العيّاشي 2: 122/ 20. [.....]

(1) في المصدر: حتّى يعلموا.

(2) في المصدر: ما لم يعلموا.

(3) الأعراف 7: 169.

(4) في «ط»: لم يكن.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 3، ص: 32

4901/ [7]- عن أبي السفاتج، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «آيتان في كتاب الله خص «1» الله الناس ألا يقولوا ما لا يعلمون، قول الله: أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ «2» و قوله: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ».

4902/ [8]- عن إسحاق بن عبد العزيز، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خص هذه الامة بآيتين من كتابه أن لا يقولوا ما لا يعلمون و لا يردوا ما لا يعلمون». ثم قرأ أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ «3» الآية، و قوله: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ إلى قوله: الظَّالِمِينَ.

4903/ [9]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ إلى قوله: وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ أنه محكم. ثم قال: وَ إِمَّا نُرِيَنَّكَ يا محمد بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من الرجعة و قيام القائم (عليه السلام) أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ من قبل ذلك فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ.

سورة يونس(10): آية 47 ..... ص : 32

قوله تعالى:

وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ [47]

4904/ [1]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير هذه الآية: لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ، قال: «تفسيرها بالباطن: أن لكل قرن من هذه الامة رسولا من آل محمد يخرج إلى القرن الذي هو إليهم رسول، و هم الأولياء، و هم الرسل».

و أما قوله: فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ، قال: «معناه أن الرسل يقضون بالقسط وَ هُمْ

لا يُظْلَمُونَ كما قال الله».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 122/ 21.

8- تفسير العيّاشي 2: 123/ 22.

9- تفسير القمّي 1: 312.

1- تفسير العيّاشي 2: 123/ 23.

(1) في «ط»: حظر.

(2) الأعراف 7: 169.

(3) الأعراف 7: 169

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 33

سورة يونس(10): الآيات 49 الي 54 ..... ص : 33

قوله تعالى:

إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ- إلى قوله تعالى- وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ [49- 54]

4905/ [1]- العياشي: عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ، قال: «هو الذي سمي لملك الموت (عليه السلام) في ليلة القدر».

و قد تقدمت روايات في ذلك، في قوله تعالى: ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ من أول سورة الأنعام «1».

4906/ [2]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً: «يعني ليلا أو نهارا ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ فهذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة و هم يجحدون نزول العذاب عليهم».

4907/ [3]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ ثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ أي صدقتم في الرجعة، فيقال لهم: آلْآنَ تؤمنون يعني بأمير المؤمنين (عليه السلام) وَ قَدْ كُنْتُمْ بِهِ من قبل تَسْتَعْجِلُونَ، ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ. ثم قال:

وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ يا محمد، أهل مكة في علي أَ حَقٌّ هُوَ أي إمام هو قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ إمام.

4908/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن القاسم بن محمد الجوهري، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ، قال: «ما تقول في علي؟ قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ».

4909/ [5]- العياشي: عن يحيى بن سعيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه، في قول الله: وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ، قال: «يستنبئك- يا محمد- أهل مكة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، إمام هو؟ قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 123/ 24.

2- تفسير القمّي 1: 312.

3- تفسير القمّي 1: 312. [.....]

4- الكافي 1: 356/ 87.

5- تفسير العيّاشي 2: 123/ 25.

(1) تقدّمت في تفسير الآية (2) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 34

4910/ [6]- ابن شهرآشوب: عن الباقر (عليه السلام)، في قوله: وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ أَ حَقٌّ هُوَ، قال: «يسألونك- يا محمد- علي وصيك؟ قل: إي و ربي إنه لوصيي».

4911/ [7]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ آل محمد حقهم ما فِي الْأَرْضِ جميعا لَافْتَدَتْ بِهِ في ذلك الوقت، يعني الرجعة.

4912/ [8]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال حدثني محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسين، عن صالح بن أبي حماد «1»، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن رجل، عن حماد بن عيسى، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله تبارك و تعالى: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ، قال: قيل له: ما ينفعهم إسرار الندامة و هم في العذاب؟ قال:

«كرهوا شماتة الأعداء».

العياشي: عن حماد بن عيسى، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ و ذكر الحديث «2».

سورة يونس(10): الآيات 55 الي 58 ..... ص : 34

قوله تعالى:

أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ هُوَ يُحيِي وَ يُمِيتُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ- إلى قوله تعالى- فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [55- 58] 4913/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ هُوَ يُحيِي وَ يُمِيتُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ إنه محكم. قال: ثم قال: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، قال: رسول الله (صلى الله عليه و آله) و القرآن. ثم قال: قُلْ لهم يا محمد بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ [قال: الفضل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رحمته أمير المؤمنين (عليه السلام)] فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا، قال: فليفرح شيعتنا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا أعطوا أعداؤنا من الذهب

__________________________________________________

6- المناقب 3: 61، شواهد التزيل 1: 267/ 363 و 364.

7- تفسير القمّي 1: 313.

8- تفسير القمّي 1: 313.

1- تفسير القمّي 1: 313.

(1) في المصدر: صالح بن أبي عمّار، و هو خطأ حسبما أشار له في معجم رجال الحديث 9: 54.

(2) تفسير العيّاشي 2: 123/ 26.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 35

و الفضة.

4914/ [2]- العياشي: عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «شكا رجل إلى النبي (صلى الله عليه و آله) وجعا في صدره، فقال: استشف بالقرآن، لأن الله يقول: وَ شِفاءٌ

لِما فِي الصُّدُورِ».

4915/ [3]- عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا، قال: «فليفرح شيعتنا هو خير مما أعطي عدونا من الذهب و الفضة».

4916/ [4]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ؟ قال: «الإقرار بنبوة محمد (عليه و آله السلام) و الائتمام بأمير المؤمنين (عليه السلام) هو خير مما يجمع هؤلاء في دنياهم».

4917/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن محمد بن الفضيل، عن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ؟ قال: «بولاية محمد و آل محمد (عليهم السلام) هو خير مما يجمع هؤلاء من دنياهم».

4918/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، قال: حدثنا سهل بن المرزبان الفارسي، قال: حدثنا محمد بن منصور، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن الفيض بن المختار، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «خرج رسول (صلى الله عليه و آله) ذات يوم و هو راكب، و خرج علي (عليه السلام) و هو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن، إما أن تركب و إما أن تنصرف، فإن الله عز و جل أمرني أن تركب إذا ركبت، و تمشي إذا مشيت، و تجلس إذا جلست، إلا أن يكون

حد من حدود الله لا بد لك من القيام و القعود فيه. و ما أكرمني الله بكرامة إلا و قد أكرمك بمثلها، و خصني بالنبوة و الرسالة، و جعلك وليي في ذلك، تقوم في حدوده و في صعب أموره.

و الذي بعث محمدا بالحق نبيا، ما آمن بي من أنكرك، و لا أقر بي من جحدك، و لا آمن بي «1» من كفر بك، و إن فضلك لمن فضلي، و إن فضلي «2» لفضل الله، و هو قول الله عز و جل: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ففضل الله نبوة نبيكم، و رحمته ولاية علي بن أبي طالب فَبِذلِكَ قال: بالنبوة و الولاية

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 124/ 27.

3- تفسير العيّاشي 2: 124/ 28.

4- تفسير العيّاشي 2: 124/ 29.

5- الكافي 1: 350/ 55.

6- الأمالي: 399/ 13. [.....]

(1) في المصدر: باللّه.

(2) زاد في المصدر: لك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 36

فَلْيَفْرَحُوا يعني الشيعة هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ يعني مخالفيهم، من الأهل و المال و الولد في دار الدنيا.

و الله- يا علي- ما خلقت إلا لتعبد ربك، و لتعرف بك معالم الدين، و يصلح بك دارس السبيل، و لقد ضل من ضل عنك، و لن يهتدي إلى الله عز و جل من لم يهتد إليك و إلى ولايتك، و هو قول ربي عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «1» يعني إلى ولايتك.

و لقد أمرني ربي تبارك و تعالى أن أفترض من خلقك ما أفترضه من حقي، و إن حقك لمفروض على من آمن بي، و لولاك لم يعرف حزب الله، و بك يعرف عدو

الله، و من لم يلقه بولايتك لم يلقه بشي ء، و لقد أنزل الله عز و جل إلي: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يعني في ولايتك يا علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ «2» و لو لم ابلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، و من لقي الله عز و جل بغير ولايتك فقد حبط عمله، و عد ينجز لي، و ما أقول إلا قول ربي تبارك و تعالى، و إن الذي أقول لمن الله عز و جل أنزله فيك».

4919/ [7]- الطبرسي، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «فضل الله: رسول الله، و رحمته: علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)».

4920/ [8]- الشيخ في (أماليه): قال: أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدثنا نصر بن مزاحم، قال: حدثنا محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال:

بِفَضْلِ اللَّهِ النبي (صلى الله عليه و آله) وَ بِرَحْمَتِهِ علي (عليه السلام).

4921/ [9]- ابن الفارسي: قال ابن عباس: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ فالفضل من الله النبي (صلى الله عليه و آله)، و برحمته علي (عليه السلام).

سورة يونس(10): آية 59 ..... ص : 36

قوله تعالى:

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَ حَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ [59] 4922/ [1]- علي بن إبراهيم: و هو ما أحلته و حرمته أهل الكتاب لقوله:

__________________________________________________

7- مجمع البيان 5: 178.

8- الأمالي 1: 260.

9- روضة الواعظين: 106، تاريخ بغداد 5: 15، شواهد التنزيل 1: 268/ 365، ترجمة الامام علي (عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر 2:

426/ 934، كفاية الطالب: 237.

1- تفسير القمي 1: 313.

(1) طه 20: 82.

(2) المائدة 5: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 37

وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا «1»، و قوله: وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً الآية «2»، فاحتج الله عليهم، فقال: قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ.

سورة يونس(10): آية 61 ..... ص : 37

قوله تعالى:

وَ ما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَ ما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ- إلى قوله تعالى- كِتابٍ مُبِينٍ [61] 4923/ [1]- علي بن إبراهيم: مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ لا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا قرأ هذه الآية بكى بكاء شديدا. و معنى قوله: وَ ما تَكُونُ فِي شَأْنٍ أي في عمل تعمله خيرا أو شرا وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ أي لا يغيب عنه مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

سورة يونس(10): الآيات 62 الي 64 ..... ص : 37

قوله تعالى:

أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [62- 64]

4924/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا عقبة، لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الأمر الذي أنتم عليه، و ما بين أحدكم و بين أن يرى ما تقربه عينه إلا أن تبلغ نفسه إلى هذه». ثم أهوى بيده إلى الوريد، ثم اتكأ.

و كان معي المعلى فغمزني أن أسأله، فقلت: يا بن رسول الله، فإذا بلغت نفسه هذه، أي شي ء يرى؟ فقلت له بضع عشرة مرة: أي شي ء؟ فقال في كلها: «يرى»، و لا يزيد عليها، ثم جلس في آخرها، فقال: «يا عقبة». فقلت:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 313.

2- الكافي 3: 128/ 1.

(1) الأنعام 6:

139.

(2) الأنعام 6: 136.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 38

لبيك و سعديك. فقال: «أبيت إلا أن تعلم؟» فقلت: نعم- يا بن رسول الله- إنما ديني مع دينك، فإذا ذهب ديني كان ذلك «1»، كيف لي بك- يا بن رسول الله- كل ساعة «2»؟ و بكيت، فرق لي، فقال: «يراهما، و الله». فقلت: بأبي و أمي، من هما؟ قال: «ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام)- يا عقبة- لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتى تراهما».

قلت: فإذا نظر إليهما المؤمن، أ يرجع إلى الدنيا؟ فقال: «لا، يمضي أمامه، إذا نظر إليهما».

فقلت له: يقولان شيئا؟ قال: «نعم، يدخلان جميعا على المؤمن، فيجلس رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند رأسه، و علي (عليه السلام) عند رجليه، فيكب عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيقول: يا ولي- الله، أبشر، أنا رسول الله، إني خير لك مما تركت من الدنيا. ثم ينهض رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيقوم علي (عليه السلام) حتى يكب عليه، فيقول:

يا ولي الله، أبشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحب «3» أما لأنفعنك». ثم قال: «إن هذا في كتاب الله عز و جل».

فقلت: أين- جعلني الله فداك- هذا من كتاب الله؟ قال: «في يونس، قول الله عز و جل ها هنا: الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

4925/ [2]- و عنه: بإسناده عن أبان بن عثمان، عن عقبة أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الرجل إذا وقعت نفسه في صدره يرى». قلت: جعلت فداك، و ما يرى؟

قال: «يرى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيقول له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا رسول الله: أبشر. ثم يرى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيقول أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحب، أما لأنفعنك «4» اليوم».

قال: قلت له: أ يكون أحد من الناس يرى هذا ثم يرجع إلى الدنيا؟ قال: قال: «لا، إذا رأى هذا أبدا مات، و أعظم ذلك» «5» قال: «و ذلك في القرآن قول الله عز و جل: الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ».

4926/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رجل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): أخبرني عن قول الله عز و جل:هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

، قال: «هي الرؤيا الحسنة، يرى المؤمن فيبشر بها في دنياه».

__________________________________________________

2- الكافي 3: 133/ 8.

3- الكافي 8: 90/ 60. [.....]

(1) قال المجلسي في (البحار 6: 186): أي إنّ ديني إنّما يستقيم إذا كان موافقا لدينك، فإذا ذهب ديني لعدم علمي بما تعتقده كان ذلك، أي الخسران و الهلاك و العذاب الأبديّ، أشار إليه مبهما لتفخيمه.

(2) أي لا يتيسّر لي السؤال منك كلّ ساعة.

(3) في المصدر: تحبّه.

(4) في المصدر: كنت تحبّه، تحبّ أن أنفع.

(5) قال المجلسي في (البحار 6: 294): قوله: «و أعظم ذلك» يحتمل أن يكون هذا كلامه (عليه السّلام) و المراد أنّ الميّت يعدّ ذلك أمرا عظيما، أو من كلام الراوي، و المراد أنّه (عليه السّلام) أعظم كلامي و استغرب ما قلت له من جواز

الرجوع إلى الدنيا بعد رؤية ذلك، و هو أظهر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 39

4927/ [4]- ابن بابويه مرسلا، قال: أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجل من أهل البادية له حشم و جمال، فقال:

يا رسول الله، أخبرني عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ.

فقال: «أما قوله تعالى:هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فهي الرؤيا الحسنة، يراها المؤمن فيبشر بها في دنياه، و أما قول الله عز و جل: فِي الْآخِرَةِ

فإنها بشارة المؤمن عند الموت، يبشر بها عند موته، إن الله قد غفر لك و لمن يحملك إلى قبرك».

4928/ [5]- المفيد في (أماليه): قال: أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا ابن أبي خيثمة، قال: حدثنا عبد الله «1» بن داهر، عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن ابن عباس رحمه الله، قال: سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. فقيل له: من هؤلاء الأولياء؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «هم قوم أخلصوا لله تعالى في عبادته، و نظروا الى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، فعرفوا آجلها حين غر الخلق سواهم بعاجلها، فتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم، و أماتوا منها ما علموا أنه سيميتهم».

ثم قال: «أيها المعلل نفسه بالدنيا، الراكض على حبائلها، المجتهد في عمارة ما سيخرب منها، ألم تر إلى مصارع آبائك في البلى «2»، و مضاجع أبنائك تحت الجنادل و الثرى، كم مرضت بيديك و عللت بكفيك، تستوصف لهم الأطباء و تستعتب لهم

الأحباء، فلم يغن عنهم غناؤك، و لا ينجع فيهم دواؤك».

4929/ [6]- العياشي: عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، عن بعض الفقهاء، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ، ثم قال: «تدرون من أولياء الله؟» قالوا: من هم، يا أمير المؤمنين؟ فقال: «هم نحن و أتباعنا فمن تبعنا من بعدنا، طوبى لنا و طوبى لهم، و طوباهم أفضل من طوبانا».

قيل: يا أمير المؤمنين، ما شأن طوباهم أفضل من طوبانا؟ ألسنا نحن و هم على أمر؟ قال: «لا، لأنهم حملوا ما لم تحملوا، و أطاقوا ما لم تطيقوا».

4930/ [7]- عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وجدنا في كتاب علي بن الحسين (عليه السلام):

أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ قال: إذا أدوا فرائض الله، و أخذوا بسنن رسول

__________________________________________________

4- من لا يحضره الفقيه 1: 79/ 356، الدر المنثور 4: 375.

5- الأمالي: 86/ 2.

6- تفسير العيّاشي 2: 124/ 30.

7- تفسير العيّاشي 2: 124/ 31.

(1) في «س، ط»: و بعض نسخ المصدر: عبد الملك، و الظاهر صحّة ما في المتن، و هو عبد اللّه بن داهر بن يحيى الرازي الأحمري، روى عنه أحمد ابن أبي خيثمة، و روى هو عن أبيه عن الأعمش، تاريخ بغداد 9: 453.

(2) البلى: الفناء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 40

الله (صلى الله عليه و آله)، و تورعوا عن محارم الله، و زهدوا في عاجل زهرة الدنيا، و رغبوا فيما عند الله، و اكتسبوا الطيب من رزق الله، لا يريدون به التفاخر و التكاثر، ثم أنفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فأولئك الذين بارك الله لهم فيما اكتسبوا، و

يثابون على ما قدموا لآخرتهم».

4931/ [8]- عن عبد الرحيم، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إنما أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا، فينزل عليه ملك الموت، فيقول له: أما ما كنت ترجو فقد أعطيته، و أما ما كنت تخافه فقد أمنت منه، و يفتح له باب إلى منزله من الجنة، و يقال له: انظر إلى مسكنك من الجنة، و انظر هذا رسول الله و علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام) رفقاؤك، و هو قول الله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ».

4932/ [9]- عن عقبة بن خالد، قال: دخلت أنا و المعلى على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: «يا عقبة، لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الدين الذي أنتم عليه، و ما بين أحدكم و بين أن يرى ما تقربه عينه إلا أن تبلغ نفسه إلى هذه» و أومأ بيده إلى الوريد، ثم اتكأ.

و غمزني المعلى أن سله، فقلت: يا بن رسول الله، إذا بلغت نفسه إلى هذه، فأي شي ء يرى. فقال: «يرى».

فقلت له بضع عشرة مرة: أي شي ء يرى؟ فقال [في آخرها: «يا عقبة» فقلت: لبيك و سعديك، فقال: «أبيت إلا أن تعلم؟» فقلت: نعم- يا بن رسول الله- إنما ديني مع دينك «1»، فإذا ذهب ديني كان ذلك، فكيف بك، يا بن رسول الله، كل ساعة؟ و بكيت، فرق لي، فقال: «يراهما، و الله» فقلت: بأبي و أمي، من هما؟ فقال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام). يا عقبة، لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتى تراهما».

قلت: فإذا نظر إليهما المؤمن، أ يرجع إلى الدنيا؟ قال: «لا، مضى

أمامه».

فقلت له: يقولان له شيئا، جعلت فداك؟ فقال: «نعم، يدخلان جميعا على المؤمن فيجلس رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن رأسه، و علي (عليه السلام) عن رجليه، فيكب عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيقول: يا ولي الله، أبشر فإني رسول الله، إني خير لك مما تترك من الدنيا. ثم ينهض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيقوم علي (عليه السلام) حتى يكب عليه، فيقول: يا ولي الله، أبشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبني، أما لأنفعنك». ثم قال: «أما إن هذا في كتاب الله».

قال: جعلت فداك، أين في كتاب الله؟ قال: «في يونس الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ إلى قوله:ْعَظِيمُ ».

4933/ [10]- عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما يصنع بأحد عند الموت؟

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 124/ 32.

9- تفسير العيّاشي 2: 125/ 33.

10- تفسير العيّاشي 2: 126/ 34. [.....]

(1) في المصدر: مع دمي. قال المجلسي في (البحار 6: 186): المراد بالدم الحياة، أي لا أترك طلب الدين ما دمت حيّا. و قوله: «فإذا ذهب ديني كان ذلك» فالمعنى أنّ ديني مقرون بحياتي، فمع عدم الدين فكأنّي لست بحيّ، و قوله: «كان ذلك» أي كان الموت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 41

قال: «أما و الله- يا أبا حمزة- ما بين أحدكم و بين أن يرى مكانه من الله و مكانه مما تقربه عينه إلا أن تبلغ نفسه ها هنا- ثم أهوى بيده إلى نحره- ألا أبشرك، يا أبا حمزة؟» فقلت: «بلى، جعلت فداك.

فقال: «إذا كان ذلك أتاه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي

(عليه السلام) معه، فقعد عند رأسه، فقال له- إذا كان ذلك- رسول الله (صلى الله عليه و آله): أما تعرفني؟ أنا رسول الله، هلم إلينا، فما أمامك خير لك مما خلفت، أما ما كنت تخاف فقد أمنته، و أما ما كنت ترجو فقد هجمت عليه، أيتها الروح اخرجي إلى روح الله و رضوانه. و يقول له علي (عليه السلام) مثل قول رسول الله (صلى الله عليه و آله)». ثم قال: «يا أبا حمزة، ألا أخبرك بذلك من كتاب الله؟ قوله:

الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ الآية».

4934/ [11]- سليم بن قيس الهلالي، قال: سألت علي بن أبي طالب (عليه السلام) قلت: أصلحك الله، من لقي الله مؤمنا عارفا بإمامه مطيعا له، من أهل الجنة هو؟ قال: «نعم، إذا لقى الله و هو «1» من الذين قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ «2» الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ «3»».

قلت: فمن لقي الله منهم على الكبائر؟ قال: «هو في مشيئة الله، إن عذبه فبذنبه، و إن تجاوز عنه فبرحمته».

قلت: فيدخله النار و هو مؤمن؟ قال: «نعم، لأنه ليس من المؤمنين الذين عنى الله أنه ولي المؤمنين، لأن الذين عنى الله أنه لهم ولي، و أنه لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، هم المؤمنون الذين يتقون الله، و الذين عملوا الصالحات، و الذين لم يلبسوا إيمانهم بظلم».

4935/ [12]- ابن شهر آشوب: عن زريق، عن الصادق (عليه السلام)، في قوله تعالى:هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

، قال: «هو أن يبشراه بالجنة عند الموت». يعني محمدا و عليا (عليهما السلام).

4936/ [13]- الطبرسي: في معنى هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ، عن أبي

جعفر (عليه السلام) في معنى البشارة: «أنها في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له، و في الآخرة الجنة، و هي ما يبشرهم به الملائكة عند خروجهم من القبور، و في القيامة إلى أن يدخلوا الجنة يبشرونهم بها حالا بعد حال».

ثم قال: و روي ذلك في حديث مرفوع عن النبي (صلى الله عليه و آله).

4937/ [14]- و في (نهج البيان) في معنى ذلك: روي عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) قالا: «هي الرؤيا الصالحة

__________________________________________________

11- كتاب سليم بن قيس: 56.

12- المناقب 3: 223.

13- مجمع البيان 5: 182.

14- نهج البيان 2: 144 «مخطوط».

(1) في المصدر زيادة: مؤمن.

(2) البقرة 2: 25.

(3) الأنعام 6: 82.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 42

يراها المؤمن، و في الآخرة الجنة مما أعده الله له من النعم عند الموت، و هو قول الله تعالى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ «1» أبدا ثم في الجنة».

4938/ [15]- الطبرسي: في معنى أَوْلِياءَ اللَّهِ عن علي بن الحسين (عليه السلام): «أنهم الذين أدوا فرائض الله، و أخذوا بسنن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تورعوا عن محارم الله، و زهدوا في عاجل هذه الدنيا، و رغبوا فيما عند الله، و اكتسبوا الطيب من رزق الله لمعاشهم، لا يريدون به التكاثر و التفاخر، ثم أنفقوه فيما يلزمهم من الحقوق الواجبة، فأولئك الذين يبارك الله لهم فيما اكتسبوا، و يثابون على ما قدموا منه لآخرتهم».

4939/ [16]- و قال علي بن إبراهيم، في معنى الآية، قال: البشرى في الحياة الدنيا هي الرؤيا الصالحة «2» يراها المؤمن، و في الآخرة الجنة عند الموت، و هو قول الله: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ

ادْخُلُوا الْجَنَّةَ «3».

ثم قال: و قوله: تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ أي لا تغيير للامامة، و الدليل على أن الكلمات الإمامة، قوله:

وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ «4» يعني الإمامة.

سورة يونس(10): الآيات 65 الي 71 ..... ص : 42

قوله تعالى:

وَ لا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً- إلى قوله تعالى- ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَ لا تُنْظِرُونِ [65- 71] 4940/ [1]- علي بن إبراهيم قال في قوله: وَ لا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً إلى قوله تعالى بِما كانُوا يَكْفُرُونَ فإنه محكم، و قوله: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ مخاطبة لمحمد (صلى الله عليه و آله) نَبَأَ نُوحٍ أي خبر نوح إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَ تَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَ شُرَكاءَكُمْ الذين تعبدون ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً أي لا تغتموا ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ أي ادعوا علي وَ لا تُنْظِرُونِ.

__________________________________________________

15- مجمع البيان 5: 181.

16- تفسير القمّي 1: 314.

1- تفسير القمّي 1: 314.

(1) النحل 16: 32.

(2) في المصدر: الحسنة.

(3) النحل 16: 32. [.....]

(4) الزخرف 43: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 43

سورة يونس(10): آية 74 ..... ص : 43

قوله تعالى:

ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا- إلى قوله تعالى- فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ [74]

4941/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي و عقبة جميعا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل خلق الخلق، فخلق من أحب، مما أحب، و كان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة. و خلق من أبغض مما أبغض، و كان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال».

فقلت: و أي شي ء الظلال؟ فقال: «ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا و ليس بشي ء؟ ثم بعث منهم النبيين، فدعوهم إلى الإقرار بالله

عز و جل، و هو قوله عز و جل وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «1»، ثم دعوهم إلى الإقرار بالنبيين، فأقر بعض و أنكر بعض، ثم دعوهم إلى ولايتنا، فأقر بها و الله من أحب، و أنكرها من أبغض، و هو قوله: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ». ثم قال: أبو جعفر (عليه السلام): «كان التكذيب ثم» «2».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (العلل): عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع، بباقي السند و المتن «3».

4942/ [2]- العياشي: عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: إن الله خلق الخلق و هي أظلة، فأرسل رسوله محمدا (صلى الله عليه و آله) فمنهم من آمن به، و منهم من كذبه، ثم بعثه في الخلق الآخر فآمن به من كان آمن به في الأظلة، و جحده من جحد به يومئذ، فقال: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ».

4943/ [3]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ إلى قوله بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ، قال: «بعث الله الرسل إلى الخلق و هم في أصلاب الرجال و أرحام النساء، فمن صدق حينئذ صدق بعد ذلك، و من كذب حينئذ كذب بعد ذلك».

4944/ [4]- عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله خلق الخلق، فخلق من

__________________________________________________

1- الكافي 2: 8/ 3.

2- تفسير العيّاشي 2: 126/ 35.

3- تفسير العيّاشي 2: 126/ 36.

4- تفسير العيّاشي 2: 126/ 37.

(1) الزخرف 43: 87.

(2) ثمّ هنا:

ظرف لا يتصرّف، بمعنى هنالك.

(3) علل الشرائع: 118/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 44

أحب مما أحب، و كان ما أحب أن يخلقه من طينة من الجنة، و خلق من أبغض، مما أبغض، و كان ما أبغض أن خلقه من طينة من «1» النار، ثم بعثهم في الظلال».

فقلت: و أي شي ء الظلال؟ فقال: «أما ترى ظلك في الشمس شيئا و ليس بشي ء؟ ثم بعث فيهم النبيين يدعونهم إلى الإقرار بالله، فأقر بعض و أنكر بعض، ثم دعوهم إلى ولايتنا، فأقربها- و الله- من أحب «2»، و أنكرها من أبغض، و هو قوله: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ». ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان التكذيب ثم».

سورة يونس(10): الآيات 84 الي 86 ..... ص : 44

قوله تعالى:

وَ قالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ- إلى قوله تعالى- وَ نَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [84- 86]

4945/ [1]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ قالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ: «فإن قوم موسى استعبدهم آل فرعون، و قالوا: لو كان لهؤلاء على الله كرامة كما يقولون ما سلطنا عليهم. فقال موسى لقومه: يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ نَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ».

4946/ [2]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قوله:

رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، قال: «لا تسلطهم

علينا فتفتنهم بنا».

سورة يونس(10): آية 87 ..... ص : 44

قوله تعالى:

وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ [87]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 314.

2- تفسير العيّاشي 2: 127/ 38.

(1) (من) ليس في المصدر.

(2) في المصدر زيادة: اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 45

4947/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً، قال: يعني بيت المقدس.

4948/ [2]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن عباد بن يعقوب، عن محمد بن يعقوب، عن أبي جعفر الأحول، عن منصور، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: «لما خافت بنو إسرائيل جبابرتها، أوحى الله إلى موسى و هارون (عليهما السلام) أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً- قال- أمروا أن يصلوا في بيوتهم».

4949/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون «1»، و قد اجتمع في مجلسه جماعة من العلماء و الفقهاء و المتكلمين «2»، فسألته العلماء عن الفرق بين العترة و الامة و شرف العترة، و ذكر اثني عشر موطنا في تفسير الاصطفاء من القرآن- إلى أن قال:- «و أخرج محمد (صلى الله عليه و آله) الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك، و تكلم العباس، فقال: يا رسول الله، لم تركت عليا و أخرجتنا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أنا تركته و أخرجتكم، و لكن الله عز و جل تركه

و أخرجكم، و في هذا تبيان قوله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى».

قالت العلماء: و أين هذا من القرآن؟ قال الرضا (عليه السلام): «أوجدكم في ذلك قرانا و أقرؤه عليكم؟» قالوا:

هات. قال: «قول الله عز و جل: وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ففي هذه الاية منزلة هارون من موسى، و فيها أيضا منزلة علي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و مع هذا دليل ظاهر «3» في قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين قال: ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد و آله».

قالت العلماء يا أبا الحسن، هذا الشرح و هذا البيان لا يوجد إلا عندكم معشر أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال (عليه السلام): «و من ينكر لنا ذلك، و رسول الله يقول: أنا مدينة العلم و علي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها؟ و فيما أوضحنا و شرحنا من الفضل و الشرف و التقدمة و الاصطفاء و الطهارة، ما لا ينكره إلا معاند لله عز و جل».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 314.

2- تفسير القمّي 1: 314. [.....]

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 232/ 1.

(1) في المصدر زيادة: بمرو.

(2) في المصدر: جماعة من علماء أهل العراق و خراسان.

(3) في المصدر: واضح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 46

4950/ [4]- العياشي: عن أبي رافع، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خطب الناس، فقال: «أيها الناس، إن الله أمر موسى و هارون أن يبنيا لقومهما بمصر بيوتا، و أمرهما أن لا يبيت

في مسجدهما جنب، و لا يقرب فيه النساء إلا هارون و ذريته، و إن عليا مني بمنزلة هارون و ذريته من موسى، فلا يحل لأحد أن يقرب النساء في مسجدي، و لا يبيت فيه جنب إلا علي و ذريته، فمن ساءه ذلك فهاهنا». و أشار بيده نحو الشام.

4951/ [5]- و من طريق المخالفين: ما رواه ابن المغازلي الشافعي في (المناقب): يرفعه إلى حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: لما قدم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) المدينة، لم يكن لهم بيوت يبيتون فيها، فكانوا يبيتون في المسجد فيحتلمون، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا تبيتوا في المسجد، فتحتلموا». ثم إن القوم بنوا بيوتا حول المسجد، و جعلوا أبوابها إلى المسجد، و إن النبي (صلى الله عليه و آله) بعث إليهم معاذ بن جبل، فنادى أبا بكر، فقال: إن رسول الله «1» يأمرك أن تسد بابك الذي في المسجد، و تخرج من المسجد. فقال: سمعا و طاعة، فسد بابه و خرج من المسجد ثم أرسل إلى عمر، فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يأمرك أن تسد بابك الذي في المسجد و تخرج منه، فقال: سمعا و طاعة لله و لرسوله، غير أني راغب إلى الله في خوخة «2» في المسجد. فأبلغه معاذ ما قال عمر، ثم أرسل إلى عثمان و عنده رقية، فقال: سمعا و طاعة، فسد بابه، و خرج من المسجد، ثم أرسل إلى حمزة فسد بابه، و قال: سمعا و طاعة لله و لرسوله. و علي في ذلك متردد «3»، لا يدري أهو فيمن يقيم أو فيمن يخرج، و كان النبي (صلى الله عليه و آله)

قد بنى له بيتا في المسجد بين أبياته، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «اسكن طاهرا مطهرا».

فبلغ حمزة قول النبي (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام)، فقال: يا محمد، تخرجنا و تمسك غلمان بني عبد المطلب! فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «لو كان الأمر إلي ما جعلت دونكم من أحد، و الله ما أعطاه إياه إلا الله، و إنك لعلى خير من الله و رسوله، أبشر» بشره النبي (صلى الله عليه و آله) فقتل يوم احد شهيدا.

و نفس «4» ذلك رجال على علي (عليه السلام)، فوجدوا «5» في أنفسهم، و تبين فضله عليهم و على غيرهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله)، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه و آله)، فقام خطيبا، فقال: «إن رجالا يجدون في أنفسهم في أني أسكنت عليا في المسجد، و الله ما أخرجتهم و لا أسكنته، إن الله عز و جل أوحى إلى موسى و أخيه: أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ و أمر موسى أن لا يسكن مسجده و لا ينكح فيه و لا يدخله جنب إلا هارون و ذريته، و إن عليا مني بمنزلة هارون و موسى، و هو أخي دون أهلي، و لا يحل

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 127/ 39.

5- مناقب عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): 254/ 303.

(1) في «ط»: إنّ اللّه تبارك و تعالى.

(2) في «ط»: فرجة، و الخوخة: باب صغير كالنافذة الكبيرة، و تكون بين بيتين ينصب عليها باب. «النهاية 2: 86».

(3) في المصدر: و عليّ على ذلك يتردّد.

(4) نفس الشي ء على فلان، حسده عليه و لم يره أهلا له. «المعجم

الوسيط- نفس- 2: 940».

(5) وجدوا: غضبوا أو حزنوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 47

مسجدي لأحد ينكح فيه النساء إلا علي و ذريته، فمن ساءه فها هنا» و أومأ بيده نحو الشام.

4952/ [6]- و من (مناقب ابن المغازلي الشافعي) أيضا: يرفعه إلى عدي بن ثابت، قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المسجد، فقال: «إن الله أوحى إلى نبيه موسى أن ابن لي مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا أنت و هارون و ابنا هارون، و إن الله أوحى إلي أن أبني مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا انا و علي و فاطمة «1» و ابنا علي».

سورة يونس(10): الآيات 88 الي 89 ..... ص : 47

قوله تعالى:

وَ قالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ- إلى قوله تعالى- سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [88- 89] 4953/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ زِينَةً أي ملكا وَ أَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ أي يفتنوا الناس بالأموال و العطايا ليعبدوه و لا يعبدوك رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ أي أهلكها وَ اشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ فقال الله عز و جل: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَ لا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ أي لا تتبعا سبيل فرعون و أصحابه.

4954/ [2]- قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث طويل، يذكر فيه أن لرسول الله (صلى الله عليه و آله) مثل آيات موسى (عليه السلام): و أما الطمس على أموال قوم فرعون فقد كان مثله لمحمد و علي (عليهما السلام)، و ذلك أن شيخا كبيرا جاء بابنه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الشيخ يبكي

و يقول: يا رسول الله، ابني هذا غذوته صغيرا، و ربيته طفلا غريرا، و أعنته بمالي كثيرا حتى اشتد أزره، و قوي ظهره، و كثر ماله، و فنيت قوتي، و ذهب مالي عليه، و صرت من الضعف إلى ما ترى، قعد بي فلا يواسيني بالقوت الممسك لرمقي.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للشاب: ماذا تقول؟ فقال: يا رسول الله، لا فضل معي عن قوتي و قوت عيالي.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للشيخ: ما تقول؟ فقال: يا رسول الله، إن له أنابير «2» حنطة و شعير و تمر و زبيب

__________________________________________________

6- مناقب عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): 252/ 301.

1- تفسير القمّي 1: 314.

2- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 421/ 288، 289. [.....]

(1) (فاطمة) ليس في المصدر.

(2) الأنبار: أكداس البرّ واحدها: نبر، و جمعها: أنابير. «المعجم الوسيط- نبر- 2: 897».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 48

و بدر «1» الدراهم و الدنانير و هو غني.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للابن: ما تقول؟ فقال: يا رسول الله، ما لي شي ء مما قال.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اتق الله- يا فتى- و أحسن إلى والدك المحسن إليك، يحسن الله إليك. قال: لا شي ء لي.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فنحن نعطيه عنك في هذا الشهر، فأعطه أنت فيما بعده. و قال لاسامة: أعط الشيخ مائة درهم نفقة شهره لنفسه و عياله، ففعل.

فلما كان رأس الشهر جاء الشيخ و الغلام، فقال الغلام، لا شي ء لي. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لك مال كثير، و لكنك تمسي اليوم و أنت فقير و قير «2»،

أفقر من أبيك هذا، لا شي ء لك.

فانصرف الشاب، فإذا جيران أنابيره قد اجتمعوا عليه، يقولون: حول هذه الأنابير عنا، فجاء إلى أنابيره فإذا الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب قد نتن جميعه، و ففسد و هلك، و أخذوه بتحويل ذلك عن جوارهم، فاكترى اجراء بأموال كثيرة فحولوها و أخرجوها بعيدا عن المدينة، ثم ذهب ليخرج إليهم الكراء من أكياسه التي فيها دراهمه و دنانيره فإذا هي قد طمست و مسخت حجارة، و أخذه الحمالون بالاجرة، فباع ما كان له من كسوة و فرش و دار و أعطاها في الكبراء و خرج من ذلك كله صفراء، ثم بقي فقيرا و قيرا لا يهتدي إلى قوت يومه، فسقم لذلك جسده و ضني، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أيها العاقون للآباء و الأمهات، اعتبروا و اعلموا أنه كما طمس في الدنيا على أمواله، فكذلك جعل بدل ما كان أعده له في الجنة من الدرجات معدا له في النار من الدركات».

قال الإمام العسكري: «و أما نظيرها لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فإن رجلا من محبيه كتب إليه من الشام: يا أمير المؤمنين، إني بعيالي مثقل، و عليهم إن خرجت خائف، و بأموالي التي اخلفها إن خرجت ضنين، و أحب اللحاق بك، و الكون في جملتك، و الحضور «3» في خدمتك، فجد لي يا أمير المؤمنين.

فبعث إليه علي (عليه السلام): اجمع أهلك و عيالك، و اجعل «4» عندهم مالك، وصل على ذلك كله على محمد و آله الطيبين، ثم قل: اللهم هذه كلها ودائعي عندك، بأمر عبدك و وليك علي بن أبي طالب. ثم قم و انهض إلي ففعل الرجل ذلك، و اخبر معاوية

بهربه إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأمر معاوية أن يسبى عياله و يسترقوا، و أن تنهب أمواله. فذهبوا فألقى الله تعالى عليهم شبه عيال معاوية و حاشيته، و شبه أخص حاشية ليزيد بن معاوية، يقولون: نحن أخذنا هذا المال و هو لنا، و أما عياله فقد استرققناهم و بعثناهم إلى السوق. فكفوا لما رأوا ذلك، و عرف الله عياله أنه قد ألقى عليهم شبه عيال معاوية و عيال خاصة يزيد، فأشفقوا من أموالهم أن يسرقها اللصوص، فمسخ الله المال عقارب و حيات، كلما قصد اللصوص ليأخذوا منه لدغوا و لسعوا، فمات منهم قوم

__________________________________________________

(1) البدر: جمع بدرة، كمية من المال تقدّر بعشرة آلاف درهم. «الصحاح- بدر- 2: 587».

(2) الوفير: الذليل المهان. «لسان العرب- وقر- 5: 292».

(3) في المصدر: و الحفوف.

(4) في المصدر: و حصّل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 49

و ضني آخرون».

4955/ [3]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان بنى قول الله عز و جل: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما و بين أخذ فرعون أربعون عاما».

4956/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): دعا موسى (عليه السلام) و أمن هارون (عليه السلام) و أمنت الملائكة (عليهم السلام)، فقال الله تعالى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما و من غزا في سبيل الله استجيب له كما أستجيب لكما يوم القيامة».

4957/ [5]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان بين قوله: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما و بين أن أخذ فرعون أربعون

سنة».

4958/ [6]- المفيد في (الاختصاص): قال الصادق (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما، قال: «كان بين أن قال: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما و بين أخذ فرعون أربعون سنة».

4959/ [7]- الطبرسي: مكث فرعون بعد هذا الدعاء أربعين سنة، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة يونس(10): الآيات 90 الي 92 ..... ص : 49

قوله تعالى:

وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ بَغْياً وَ عَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ [90- 92]

4960/ [1]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ بَغْياً وَ عَدْواً إلى قوله: وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ: «فإن بني إسرائيل قالوا: يا موسى، ادع الله أن يجعل لنا مما نحن فيه فرجا. فدعا، فأوحى الله إليه: أن أسر بهم. قال: يا رب، البحر أما مهم. قال: امض، فإني آمره أن يطيعك و ينفرج لك.

فخرج موسى ببني إسرائيل، و أتبعهم فرعون حتى إذا كاد أن يلحقهم، و نظروا إليه و قد أظلهم، قال موسى

__________________________________________________

3- الكافي 2: 355/ 5.

4- الكافي 2: 370/ 8.

5- تفسير العيّاشي 2: 127/ 40.

6- الاختصاص: 266.

7- مجمع البيان 5: 196.

1- تفسير القمّي 1: 315.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 50

للبحر: انفرج لي. قال: ما كنت لأفعل. و قال بنو إسرائيل لموسى: غررتنا و أهلكتنا، فليتك تركتنا يستعبدنا آل فرعون، و لم نخرج إلى أن نقتل قتلة. قال: كلا، إن معي ربي سيهديني.

و اشتد على موسى ما كان يصنع به عامة قومه، و قالوا: يا موسى، إنا لمدركون، و زعمت أن البحر ينفرج لنا حتى نمضي و نذهب، فقد رهقنا

فرعون و قومه، و هم هؤلاء نراهم قد دنوا منا. فدعا موسى ربه، فأوحى الله إليه:

أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ «1» فضربه فانفلق البحر، فمضى موسى و أصحابه حتى قطعوا البحر، و أدركهم آل فرعون، فلما نظروا إلى البحر، قالوا لفرعون: ما تعجب مما ترى؟ قال: أنا فعلت هذا. فمروا و مضوا فيه، فلما توسط فرعون و من معه أمر الله البحر فأطبق عليهم، فأغرقهم أجمعين، فلما أدرك فرعون الغرق قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يقول الله: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ يقول: كنت من العاصين فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ- قال- إن قوم فرعون ذهبوا أجمعين في البحر، فلم ير منهم أحد، هووا في البحر إلى النار، و أما فرعون فنبذه الله وحده فألقاه بالساحل لينظروا إليه و ليعرفوه، ليكون لمن خلفه آية، و لئلا يشك أحد في هلاكه، لأنهم كانوا اتخذوه ربا، فأراهم الله إياه جيفة ملقاة بالساحل، ليكون لمن خلفه عبرة و عظة، يقول الله: وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ».

4961/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «ما أتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا كئيبا حزينا، و لم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون، فلما أمره الله بنزول هذه الآية: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ نزل عليه و هو ضاحك مستبشر، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما أتيتني- يا جبرئيل- إلا و تبينت الحزن في وجهك حتى الساعة؟ قال: نعم- يا محمد- لما أغرق الله فرعون قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي

آمنت به بنو إسرائيل و أنا من المسلمين، فأخذت حمأة «2» فوضعتها في فيه، ثم قلت له: آلان و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين؟! و عملت ذلك من غير أمر الله، خفت أن تلحقه الرحمة من الله، و يعذبني على ما فعلت، فلما كان الآن و أمرني الله أن أؤدي إليك ما قلته أنا لفرعون، أمنت و علمت أن ذلك كان لله رضا».

و قال أيضا، في قوله تعالى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ: «فإن موسى (عليه السلام) أخبر بني إسرائيل أن الله قد أغرق فرعون فلم يصدقوه، فأمر الله البحر فلفظ به على ساحل البحر حتى رأوه ميتا».

4962/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الواحد بن عبدوس «3» النيسابوري العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي ابن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): لأي علة أغرق الله عز و جل فرعون و قد آمن به و أقر بتوحيده؟

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 316.

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 77/ 7. [.....]

(1) الشعراء 26: 62.

(2) الحمأة: الطين الأسود المنتن. «القاموس المحيط- حمأ- 1: 14».

(3) نسبة إلى جدّه عبدوس، و و عبد الواحد بن محمد بن عبدوس، انظر معجم رجال الحديث 11: 36 و ما بعدها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 51

قال: «لأنه آمن عند رؤية البأس، و الإيمان عند رؤية البأس غير مقبول، و ذلك حكم الله تعالى في السلف و الخلف، قال الله تعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا «1» و قال عز و

جل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً «2» و هكذا فرعون حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فقيل له آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً و قد كان فرعون من قرنه إلى قدمه في الحديد، و قد لبسه على بدنه، فلما غرق ألقاه الله تعالى على نجوة «3» من الأرض ببدنه، ليكون لمن بعده علامة، فيرونه مع تثقله بالحديد على مرتفع من الأرض، و سبيل الثقيل أن يرسب و لا يرتفع، فكان ذلك آية و علامة.

و لعلة أخرى أغرق الله عز و جل فرعون، و هي أنه استغاث بموسى (عليه السلام) لما أدركه الغرق و لم يستغث بالله، فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى، لم تغث فرعون لأنك لم تخلقه، و لو استغاث بي لأغثته».

4963/ [4]- و عنه، قال: حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابوري (رضي الله عنه)، عن عمه أبي عبد الله محمد بن شاذان، قال: حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابوري (رضي الله عنه)، عن عمه أبي عبد الله محمد بن شاذان، قال: حدثنا الفضل بن شاذان، عن محمد بن أبي عمير، قال: قلت لموسى بن جعفر (عليه السلام): أخبرني عن قول الله عز و جل لموسى و هارون (عليهما السلام): اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى «4».

فقال: «أما قوله فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً أي كنياه، و قولا له: يا أبا مصعب،

و كان اسم فرعون أبا مصعب الوليد ابن مصعب و أما قوله: لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى فإنما قال ليكون أحرص لموسى على الذهاب، و قد علم الله عز و جل أن فرعون لا يتذكر و لا يخشى إلا عند رؤية البأس، ألا تسمع الله عز و جل يقول: حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فلم يقبل الله إيمانه، و قال:

آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ».

4964/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن سفيان بن سعيد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)- و كان و الله صادقا كما سمي- يقول: «يا سفيان، عليك بالتقية فإنها سنة إبراهيم الخليل (عليه السلام)، و إن الله عز و جل قال لموسى و هارون (عليهما السلام): اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى __________________________________________________

4- علل الشرائع: 67/ 1.

5- معاني الآخبار: 385/ 20.

(1) غافر 40: 84- 85.

(2) الأنعام 6: 158.

(3) النجوة: المكان المرتفع. «لسان العرب- نجا- 15: 305».

(4) طه 20: 43- 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 52

فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى «1» يقول الله عز و جل: كنياه و قولا له: يا أبا مصعب، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان إذا أراد سفرا ورى بغيره، و قال: أمرني ربي بمداراة الناس، كما أمرني «2» بأداء الفرائض، و لقد أدبه الله عز و جل بالتقية، فقال: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا

الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ «3».

يا سفيان من استعمل التقية في دين الله فقد تسنم الذروة العليا من العز، إن عز المؤمن في حفظ لسانه، و من لم يملك لسانه ندم».

قال سفيان: فقلت له: يا بن رسول الله، هل يجوز أن يطمع الله تعالى عباده في كون ما لا يكون؟ قال: «لا».

قال: فقلت: فكيف قال الله عز و جل لموسى و هارون (عليه السلام): لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى و قد علم أن فرعون لا يتذكر و لا يخشى؟ فقال: «إن فرعون قد تذكر و خشي، و لكن عند رؤية البأس حيث لم ينفعه الإيمان، ألا تسمع الله عز و جل يقول: «حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فلم يقبل الله عز و جل إيمانه، و قال: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً يقول: نلقيك على نجوة من الأرض لتكون لمن بعدك علامة و عبرة».

4965/ [6]- العياشي: عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، يرفعه، قال: «لما صار موسى في البحر أتبعه فرعون و جنوده، قال: فتهيب فرس فرعون أن يدخل البحر، فتمثل له جبرئيل (عليه السلام) على رمكة «4»، فلما رأى الفرس الرمكة أتبعها فدخل البحر هو و أصحابه فغرقوا».

4966/ [7]- المفيد في (الاختصاص): عن عبد الله بن جندب، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «كان على مقدمة فرعون ست مائة ألف و مائتا ألف، و على ساقته «5» ألف ألف- قال- لما صار موسى

(عليه السلام) في البحر أتبعه فرعون و جنوده- قال- فتهيب فرس فرعون أن يدخل البحر، فتمثل له جبرئيل (عليه السلام) على ماديانة «6»، فلما رأى فرس فرعون الماديانة أتبعها، فدخل البحر هو و أصحابه فغرقوا».

و ستأتي- إن شاء الله تعالى- روايات في القصة في سورة الشعراء زيادة على ما هنا «7».

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 127/ 41.

7- الاختصاص: 266.

(1) طه 20: 43- 44.

(2) في «ط»: كان إذا يتذكر أو يخشى قريشا يقول لهم قولا لينا، قال: و إنّما أمره.

(3) فصّلت 41: 34- 35. [.....]

(4) الرّمكة: الأنثى من البراذين. «الصحاح- رمك- 4: 1588».

(5) ساقة الجيش: مؤخّره. «الصحاح- سوق- 4: 1499».

(6) الماديانة: الرّمكة.

(7) تأتي في تفسير الآيات (10- 63) من سورة الشعراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 53

سورة يونس(10): آية 93 ..... ص : 53

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ [93] 4967/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: ردهم إلى مصر، و غرق فرعون.

سورة يونس(10): آية 94 ..... ص : 53

قوله تعالى:

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ [94]

4968/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن عمرو بن سعيد الراشدي، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى السماء، فأوحى الله إليه في علي (صلوات الله عليه) ما أوحى «1» من شرفه و عظمه عند الله، و رد إلى البيت المعمور، و جمع له النبيين فصلوا خلفه، عرض في نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله) من عظم ما أوحى الله إليه في علي (عليه السلام)، فأنزل الله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ يعني الأنبياء، فقد أنزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ، وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ «2»». فقال الصادق (عليه السلام): «فوالله ما شك و ما سأل».

4969/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن بكر بن صالح، عن أبي الخير «3»، عن محمد بن حسان، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل الداري، عن محمد بن سعيد الإذخري- و كان ممن يصحب موسى بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام)- أن موسى أخبره،

أن يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل، فيها: و أخبرني عن قول الله عز و جل: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ من المخاطب

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 316.

2- تفسير القمّي 1: 316.

3- علل الشرائع: 129/ 1.

(1) في المصدر زيادة: ما يشاء.

(2) يونس 10: 95.

(3) في «ط»: الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 54

بالاية؟ فإن كان المخاطب بها النبي (صلى الله عليه و آله) أليس قد شك فيما أنزل الله عز و جل إليه؟ و إن كان المخاطب غيره فعلى غيره إذن أنزل القرآن؟

قال موسى: فسألت أخي علي بن محمد (عليهما السلام) عن ذلك، فقال: «أما قوله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ فإن المخاطب بذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يكن في شك مما أنزل الله عز و جل، و لكن قالت الجهلة: كيف لا يبعث إلينا نبيا من الملائكة؟ إنه لم يفرق بينه و بين غيره في الاستغناء عن المأكل و المشرب و المشي في الأسواق. فأوحى الله عز و جل إلى نبيه (صلى الله عليه و آله): فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ بمحضر من الجهلة، هل بعث الله رسولا قبلك إلا و هو يأكل الطعام و يمشي في الأسواق؟ و لك بهم أسوة، و إنما قال: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ و لم يكن «1»، و لكن لينصفهم، كما قال له (صلى الله عليه و آله):

فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «2» و لو قال: تعالوا نبتهل فنجعل

لعنة الله عليكم. لم يكونوا يجيبون للمباهلة و قد عرف أن نبيه (صلى الله عليه و آله) مؤد عنه رسالته، و ما هو من الكاذبين، و كذلك عرف النبي (صلى الله عليه و آله) أنه صادق فيما يقول، و لكن أحب أن ينصف من نفسه».

4970/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر «3»، رفعه إلى أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ.

قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا أشك و لا أسأل».

4971/ [4]- العياشي: عن محمد بن سعيد الأسدي «4»: أن موسى بن محمد بن الرضا (عليه السلام) أخبره: أن يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل: أخبرني عن قول الله تبارك و تعالى: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ من المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب بها النبي (صلى الله عليه و آله) أليس قد شك فيما أنزل الله؟ و إن كان المخاطب بها غيره فعلى غيره إذن انزل الكتاب؟

قال موسى: فسألت أخي عن ذلك، فقال: «فأما قوله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ فإن المخاطب بذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يك في شك مما أنزل الله، و لكن

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 130/ 2.

4- تفسير العيّاشي 2: 128/ 42.

(1) في المصدر: و لم يقل.

(2) آل عمران 3: 61. [.....]

(3)

في المصدر: عمير، تصحيف صوابه ما في المتن، و هو إبراهيم بن عمر اليماني، روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام)، و له أصل رواه عنه حمّاد بن عيسى، رجال النجاشي: 20، فهرست الطوسي: 9.

(4) في المصدر: محمد بن سعيد الأزدي، و تقدّم في الحديث (2) الإذخري، عن علل الشرائع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 55

قالت الجهلة: كيف لم يبعث إلينا نبيا من الملائكة؟ إنه لم يفرق بينه و بين غيره في الاستغناء عن المأكل و المشرب و المشي في الأسواق. فأوحى الله إلى نبيه: فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ بمحضر الجهلة: هل بعث الله رسولا قبلك إلا و هو يأكل الطعام و يشرب و يمشى في الأسواق؟ و لك بهم أسوة، و إنما قال: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ و لم يكن، و لكن ليتبعهم، كما قال له (عليه السلام): فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «1» و لو قال: تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم. لم يكونوا يجيبون «2» للمباهلة، و قد عرف أن نبيكم مؤد عنه رسالته، و ما هو من الكاذبين، و كذلك عرف النبي (صلى الله عليه و آله) أنه صادق فيما يقول، و لكن أحب أن ينصف من نفسه».

4972/ [5]- و عنه: عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ.

قال: «لما أسري بالنبي (صلى الله عليه و آله) ففرغ من مناجاة ربه، رد إلى البيت المعمور- و هو بيت في السماء الرابعة،

بحذاء الكعبة- فجمع الله النبيين و الرسل و الملائكة، و أمر جبرئيل فأذن و أقام، فتقدم فصلى بهم، فلما فرغ التفت إليه، فقال: فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ إلى قوله: مِنَ المُمْتَرِينَ».

4973/ [6]- ابن شهر آشوب: سئل الباقر (عليه السلام) عن قوله تعالى: فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ.

فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل و أقام، و جمع النبيين و الصديقين و الشهداء و الملائكة، ثم تقدمت و صليت بهم، فلما انصرفت «3» قال لي جبرئيل: قل لهم: بم تشهدون؟

قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، و أنك رسول الله، و أن عليا أمير المؤمنين».

4974/ [7]- (تفسير الثعلبي) و (أربعين الخطيب) بإسنادهما عن الحسين بن محمد الدينوري، بإسناده عن علقمة، عن ابن مسعود، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «لما عرج بي إلى السماء، انتهيت مع جبرئيل إلى السماء الرابعة، فرأيت بيتا من ياقوت أحمر، فقال جبرئيل: هذا هو البيت المعمور، خلقه الله تعالى قبل السماوات و الأرض بخمسين ألف عام، ثم قال: قم- يا محمد- فصل. و جمع الله النبيين فصليت بهم، فلما سلمت أتاني ملك من عند ربي، و قال يا محمد، ربك يقرئك السلام، و يقول لك: سل الرسل على ماذا أرسلتهم من قبلك؟ فسألهم، فقالوا: على ولايتك و ولاية علي بن أبي طالب».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 128/ 43.

6- ....، البحار 37: 338/ 79 عن تأول الآيات، و لم نجده في مناقب ابن شهر آشوب.

7- ....، مائة منقبة: 150/ 82 عن ابن عباس، ينابيع المودة: 82 عن ابن مسعود.

(1) آل عمران 3: 61.

(2) في المصدر و «ط»: يجيئون.

(3)

في «س»: انصرف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 56

سورة يونس(10): الآيات 96 الي 97 ..... ص : 56

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَ لَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [96- 97] 4975/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الذين جحدوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قوله: حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ قال: عرضت عليهم الولاية، و قد فرض الله عليهم الإيمان بها، فلم يؤمنوا بها.

سورة يونس(10): آية 98 ..... ص : 56

قوله تعالى:

فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ [98]

4976/ [2]- محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن لله عز و جل رياح رحمة و رياح عذاب، فإن شاء الله أن يجعل العذاب من الرياح رحمة فعل- قال- و لن يجعل الرحمة من الريح عذابا- قال- و ذلك أنه لم يرحم قوما قط أطاعوه، و كانت طاعتهم إياه وبالا عليهم، إلا من بعد تحولهم عن طاعته «1»».

قال: «و كذلك فعل بقوم يونس لما آمنوا رحمهم الله بعد ما قد كان قدر عليهم العذاب و قضاه، ثم تداركهم برحمته، فجعل العذاب المقدر عليهم رحمة، فصرفه عنهم، و قد أنزله عليهم و غشيهم، و ذلك لما آمنوا به و تضرعوا إليه».

4977/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): لأي علة صرف الله عز و

جل العذاب عن قوم يونس و قد أظلهم، و لم يفعل

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 317.

2- الكافي 8: 92/ 64.

3- علل الشرائع: 77/ 1.

(1) كذا، و الظاهر أنّ المراد «أنّه لم يعذّب قوما- قطّط- أطاعوه، و ما كانت طاعتهم إيّاه وبالا عليهم إلّا من بعد تحوّلهم عن طاعته» و اللّه العالم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 57

ذلك بغيرهم من الأمم؟

فقال: «لأنه كان في علم الله عز و جل أنه سيصرفه عنهم لتوبتهم، و إنما ترك إخبار يونس بذلك، لأنه عز و جل أراد أن يفرغه لعبادته في بطن الحوت، فيستوجب بذلك ثوابه و كرامته».

4978/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي المغرا حميد بن المثنى العجلي، عن سماعة أنه سمعه (عليه السلام) و هو يقول: «ما رد الله العذاب عن قوم قد أظلهم إلا قوم يونس».

فقلت: أ كان قد أظلهم؟ قال: «نعم، قد نالوه بأكفهم».

فقلت: كيف كان ذلك؟ قال: «كان في العلم المثبت عند الله عز و جل الذي لم يطلع عليه أحد أنه سيصرفه عنهم».

4979/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس، و كان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبون ذلك، فهم أن يدعو عليهم، و كان فيهم رجلان: عابد، و عالم، و كان اسم أحدهما تنوخا «1»، و الآخر اسمه روبيل، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، و كان العالم ينهاه، و يقول:

لا تدع عليهم، فإن الله يستجيب لك، و لا يحب هلاك عباده. فقبل قول العابد، و لم يقبل قول العالم، فدعا عليهم، فأوحى الله عز و جل إليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا و كذا، في شهر كذا و كذا، في يوم كذا و كذا.

فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد و بقي العالم فيها، فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب، فقال العالم لهم: يا قوم، افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم و يرد العذاب عنكم. فقالوا: كيف نصنع؟ قال: اجتمعوا و اخرجوا إلى المفازة، و فرقوا بين النساء و الأولاد، و بين الإبل و أولادها، و بين البقر و أولادها، و بين الغنم و أولادها، ثم ابكوا و أدعوا. فذهبوا و فعلوا ذلك، و ضجوا و بكوا، فرحمهم الله و صرف عنهم العذاب، و فرق العذاب على الجبال، و قد كان نزل و قرب منهم.

فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله، فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم، قال لهم: ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له، و لم يعرفوه: إن يونس دعا عليهم فاستجاب الله له، و نزل العذاب عليهم، فاجتمعوا و بكوا و دعوا فرحمهم الله، و صرف ذلك عنهم، و فرق العذاب على الجبال، فهم إذن يطلبون يونس ليؤمنوا به.

فغضب يونس، و مر على وجهه مغاضبا، كما حكى الله تعالى، حتى انتهى إلى ساحل البحر، فإذا سفينة قد شحنت، و أرادوا أن يدفعوها، فسألهم يونس أن يحملوه فحملوه، فلما توسطوا البحر بعث الله حوتا عظيما، فحبس عليهم السفينة من قدامها، فنظر إليه يونس ففزع منه، و صار إلى مؤخر السفينة فدار إليه الحوت و فتح فاه،

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 77/ 2.

4- تفسير القمّي 1:

317. [.....]

(1) في المصدر: مليخا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 58

فخرج أهل السفينة، فقالوا: فينا عاص. فتساهموا «1» فخرج سهم يونس، و هو قول الله عز و جل: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ «2» فأخرجوه فألقوه في البحر، فالتقمه الحوت و مر به في الماء.

و قد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين (عليه السلام) عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه. قال: يا يهودي، أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه، فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه، فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر، ثم دخل في بحر طبرستان، ثم خرج في دجلة الغور «3»، ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون، و كان قارون هلك في أيام موسى (عليه السلام)، و وكل [الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل، و كان يونس في بطن الحوت يسبح الله و يستغفره، فسمع قارون صوته، فقال للملك الموكل به: أنظرني فإني أسمع كلام آدمي. فأوحى الله إلى الملك الموكل به: أنظره. فأنظره، ثم قال قارون: من أنت؟ قال يونس، أنا المذنب الخاطئ يونس بن متى.

قال: فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات! هلك.

قال: فما فعل الرءوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك.

قال: فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال: هيهات! ما بقي من آل عمران أحد.

فقال قارون: وا أسفا على آل عمران. فشكر الله له ذلك، فأمر الله الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا، فرفع عنه.

فلما رأى يونس ذلك نادى في الظلمات: أن لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فاستجاب الله له، و أمر الحوت أن يلفظه فلفظه

على ساحل البحر، و قد ذهب جلده و لحمه. و أنبت الله عليه شجرة من يقطين- و هي الدباء «4»- فأظلته عن الشمس فشكر «5»، ثم أمر الله الشجرة فتنحت عنه، و وقعت الشمس عليه فجزع، فأوحى الله إليه: يا يونس، لم لم ترحم مائة ألف أو يزيدون، و أنت تجزع من ألم ساعة؟ فقال: يا رب، عفوك عفوك، فرد الله عليه بدنه و رجع إلى قومه و آمنوا به، و هو قوله: فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ». و قالوا: مكث يونس في بطن الحوت تسع ساعات.

4980/ [5]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لبث يونس (عليه السلام) في بطن الحوت ثلاثة أيام، و نادى في الظلمات الثلاث- ظلمة بطن الحوت، و ظلمة الليل، و ظلمة البحر- أن لا إله إلا أنت

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 319.

(1) تساهموا: تقارعوا. «الصحاح- سهم- 5: 1957».

(2) الصافات 37: 141.

(3) في المصدر: دجلة الغوراء، و في معجم البلدان: دجلة العوراء: اسم لدجلة البصرة، علم لها.

(4) الدّبّاء: القرع. «المعجم الوسيط- دب- 1: 268».

(5) في «ط»: فسكن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 59

سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجاب له ربه، فأخرجه الحوت إلى الساحل، ثم قذفه فألقاه بالساحل، و أنبت الله عليه شجرة من يقطين- و هو القرع- فكان يمصه و يستظل به و بورقه، و كان تساقط شعره ورق جلده.

و كان يونس يسبح و يذكر الله الليل و النهار، فلما أن قوي و اشتد بعث الله دودة، فأكلت أسفل القرع فذبلت القرعة ثم يبست، فشق ذلك

على يونس، فظل حزينا، فأوحى الله إليه: مالك حزينا، يا يونس، قال: يا رب، هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست، فقال: يا يونس، أحزنت لشجرة لم تزرعها و لم تسقها و لم تعي «1» بها أن يبست حين استغنيت عنها و لم تجزع لمائة ألف أو يزيدون «2» أردت أن ينزل عليهم العذاب؟! إن أهل نينوى قد آمنوا و اتقوا فارجع إليهم.

فانطلق يونس إلى قومه، فلما دنا من نينوى استحيا أن يدخل، فقال لراع لقيه: ائت أهل نينوى فقل لهم: إن هذا يونس قد جاء. قال الراعي أ تكذب، أما تستحيي، و يونس قد غرق في البحر و ذهب. قال له يونس: إن نطقت الشاة بأني يونس، قبلت مني؟ فقال الراعي: بلى. قال يونس: اللهم أنطق هذه الشاة حتى تشهد له بأني يونس فانطقت «3» الشاة له بأنه يونس.

فلما أتى الراعي قومه و أخبرهم، أخذوه و هموا بضربه، فقال: إن لي بينة لما أقول. قالوا: من يشهد؟ قال:

هذه الشاة تشهد. فشهدت بأنه صادق و أن يونس قد رده الله إليهم، فخرجوا يطلبونه، فوجدوه فجاءوا به، و آمنوا و حسن إيمانهم، فمتعهم الله إلى حين و هو الموت، و أجارهم من ذلك العذاب».

4981/ [6]- العياشي: عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «وجدنا في بعض كتب أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: حدثني رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن جبرئيل (عليه السلام) حدثه أن يونس بن متى (عليه السلام) بعثه الله إلى قومه و هو ابن ثلاثين سنة، و كان رجلا تعتريه الحدة و كان قليل الصبر على قومه و المداراة لهم، عاجزا عما حمل من ثقل

حمل أوقار النبوة و أعلامها، و أنه تفسخ تحتها كما يتفسخ تحتها كما يتفسخ الجذع تحت حمله «4».

و أنه أقام فيهم يدعوهم إلى الإيمان بالله و التصديق به و اتباعه ثلاثا و ثلاثين سنة، فلم يؤمن به و لم يتبعه من قومه إلا رجلان اسم أحدهما روبيل، و اسم الآخر تنوخا، و كان روبيل من أهل بيت العلم و النبوة و الحكمة، و كان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل أن يبعثه الله بالنبوة. و كان تنوخا رجلا مستضعفا عابدا زاهدا، منهمكا في العبادة، و ليس له علم و لا حكم، و كان روبيل صاحب غنم يرعاها و يتقوت منها، و كان تنوخا رجلا حطابا يحتطب على رأسه، و يأكل من كسبه. و كان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا، لعلم روبيل و حكمته و قديم صحبته.

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 129/ 44.

(1) في «ط»: و لم تعبأ.

(2) في المصدر: و لم تحزن لأهل نينوى أكثر من مائة ألف.

(3) في المصدر: و ذهب. قال له: اللهمّ إنّ هذه الشاة تشهد لك أنّي يونس. فنطقت.

(4) الجذع: الشاب من الإبل، و الكلام كناية عن عدم التحمّل لما يعرض لها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 60

فلما رأى يونس أن قومه لا يجيبونه و لا يؤمنون ضجر، و عرف من نفسه قله الصبر، فشكا ذلك إلى ربه، و كان فيما شكا أن قال: يا رب، إنك بعثتني إلى قومي و لي ثلاثون سنة، فلبثت فيهم أدعوهم إلى الإيمان بك و التصديق برسالاتي، و أخوفهم عذابك و نقمتك ثلاثا و ثلاثين سنة، فكذبوني و لم يؤمنوا بي، و جحدوا نبوتي و استخفوا برسالاتي، و قد تواعدوني و خفت أن

يقتلوني، فأنزل عليهم عذابك، فإنهم قوم لا يؤمنون».

قال: «فأوحى الله إلى يونس: أن فيهم الحمل و الجنين و الطفل، و الشيخ الكبير و المرأة الضعيفة و المستضعف المهين، و أنا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبي، لا اعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك، و هم- يا يونس- عبادي و خلقي و بريتي في بلادي و في عيلتي، أحب أن أتأناهم و أرفق بهم و أنتظر توبتهم، و إنما بعثتك إلى قومك لتكون حيطا عليهم، تعطف عليهم لسخاء الرحم الماسة منهم، و تتأناهم و برأفة النبوة، و تصبر معهم بأحلام الرسالة، و تكون لهم كهيئة الطبيب المداوي العالم بمداواة الداء، فخرقت بهم «1»، و لم تستعمل قلوبهم بالرفق، و لم تسسهم بسياسة المرسلين، ثم سألتني عن «2» سوء نظرك العذاب لهم عند قلة الصبر منك، و عبدي نوح كان أصبر منك على قومه، و أحسن صحبة، و أشد تأنيا في الصبر عندي، و أبلغ في العذر، فغضبت له حين غضب لي، و أجبته حين دعاني.

فقال يونس: يا رب، إنما غضبت عليهم فيك، و إنما دعوت عليهم حين عصوك، فوعزتك لا أتعطف عليهم برأفة أبدا، و لا أنظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم و تكذيبهم إياي، و جحدهم نبوتي، فأنزل عليهم عذابك، فإنهم لا يؤمنون أبدا.

فقال الله: يا يونس، إنهم مائة ألف أو يزيدون من خلقي، يعمرون بلادي، و يلدون عبادي، و محبتي أن أتأناهم للذي سبق من علمي فيهم و فيك، و تقديري و تدبيري غير علمك و تقديرك، و أنت المرسل و أنا الرب الحكيم، و علمي فيهم- يا يونس- باطن في الغيب عندي لا يعلم ما منتهاه، و علمك فيهم ظاهر لا باطن له. يا

يونس، قد أجبتك إلى ما سألت من إنزال العذاب عليهم، و ما ذلك- يا يونس- بأوفر لحظك عندي، و لا أحمد «3» لشأنك، و سيأتيهم العذاب في شوال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فأعلمهم ذلك».

قال: «فسر ذلك يونس و لم يسؤه، و لم يدر ما عاقبته، فانطلق يونس إلى تنوخا العابد، فأخبره بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم، و قال له: انطلق حتى أعلمهم بما أوحى الله إلي من نزول العذاب.

فقال تنوخا: فدعهم في غمرتهم و معصيتهم حتى يعذبهم الله تعالى.

فقال له يونس: بل نلقى روبيل فنشاوره، فإنه رجل عالم حكيم من أهل بيت النبوة، فانطلقا إلى روبيل، فأخبره يونس بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس. فقال له: ما ترى؟ انطلق بنا حتى أعلمهم ذلك.

__________________________________________________

(1) أي لم ترفق بهم و تحسن معاملتهم.

(2) في «ط» نسخة بدل: مع. [.....]

(3) في المصدر: و لا أجمل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 61

فقال له روبيل: ارجع إلى ربك رجعة نبي حكيم و رسول كريم، و سله أن يصرف عنهم العذاب فإنه غني عن عذابهم، و هو يحب الرفق بعباده، و ما ذلك بأضر لك عنده و لا أسوأ لمنزلتك لديه، و لعل قومك بعد ما سمعت و رأيت من كفرهم و جحودهم يؤمنون يوما، فصابرهم و تأنهم.

فقال له تنوخا: و يحك يا روبيل! ما أشرف على يونس و أمرته به بعد كفرهم بالله، و جحدهم لنبيه، و تكذيبهم إياه، و إخراجهم إياه من مساكنه، و ما هموا به من رجمه! فقال روبيل لتنوخا: اسكت، فانك رجل عابد، لا

علم لك، ثم أقبل على يونس، فقال: أ رأيت يا يونس إذا أنزل الله العذاب على قومك، أ ينزله فيهلكهم جميعا أو يهلك بعضا و يبقي بعضا؟ فقال له يونس: بل يهلكهم الله جميعا، و كذلك سألته، ما دخلتني لهم رحمة تعطف فأراجع الله فيها و أسأله أن يصرف عنهم.

فقال له روبيل: أ تدري- يا يونس- لعل الله إذا أنزل عليهم العذاب فأحسوا به أن يتوبوا إليه و يستغفروا فيرحمهم، فإنه أرحم الراحمين، و يكشف عنهم العذاب من بعد ما أخبرتهم عن الله أنه ينزل عليهم العذاب يوم الأربعاء، فتكون بذلك عندهم كذابا.

فقال له تنوخا: ويحك- يا روبيل- لقد قلت عظيما، يخبرك النبي المرسل أن الله أوحى إليه بأن العذاب ينزل عليهم، فترد قول الله و تشك فيه و في قول رسوله؟! اذهب فقد حبط عملك.

فقال روبيل لتنوخا: لقد فشل رأيك، ثم أقبل على يونس، فقال: إذا نزل الوحي و الأمر من الله فيهم على ما انزل عليك فيهم من إنزال العذاب عليهم و قوله الحق، أ رأيت إذا كان ذلك فهلك قومك كلهم و خربت قريتهم، أليس يمحوا الله اسمك من النبوة، و تبطل رسالتك، و تكون كبعض ضعفاء الناس، و يهلك على يديك مائة ألف أو يزيدون من الناس؟

فأبى يونس أن يقبل وصيته، فانطلق و معه تنوخا إلى قومه، فأخبرهم أن الله أوحى إليه أنه منزل العذاب عليكم يوم الأربعاء في شوال في وسط الشهر بعد طلوع الشمس. فردوا عليه قوله، فكذبوه و أخرجوه من قريتهم إخراجا عنيفا. فخرج يونس و معه تنوخا من القرية، و تنحيا عنهم غير بعيد، و أقاما ينتظران العذاب.

و أقام روبيل مع قومه في قريتهم، حتى إذا دخل

عليهم شوال صرخ روبيل بأعلى صوته في رأس الجبل إلى القوم: أنا روبيل، شفيق عليكم، رحيم بكم، هذا شوال قد دخل عليكم، و قد أخبركم يونس نبيكم و رسول ربكم أن الله أوحى إليه أن العذاب ينزل عليكم في شوال في وسط الشهر يوم الأربعاء بعد طلوع الشمس، و لن يخلف الله وعده رسول، فانظروا ما أنتم صانعون؟ فأفزعهم كلامه و وقع في قلوبهم تحقيق نزول العذاب، فأجفلوا نحو روبيل، و قالوا له: ماذا أنت مشير به علينا- يا روبيل- فإنك رجل عالم حكيم، لم نزل نعرفك بالرأفة «1» علينا و الرحمة لنا، و قد بلغنا ما أشرت به على يونس فينا، فمرنا بأمرك و أشر علينا برأيك.

فقال لهم روبيل: فإني أرى لكم و أشير عليكم أن تنظروا و تعمدوا إذا طلع الفجر يوم الأربعاء في وسط الشهر

__________________________________________________

(1) في المصدر: بالرقة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 62

أن تعزلوا الأطفال عن الأمهات في أسفل الجبل في طريق الأودية، و توقفوا النساء و كل المواشي جميعا عن أطفالها في سفح الجبل، و يكون هذا كله قبل طلوع الشمس، فإذا رأيتم ريحا صفراء أقبلت من المشرق، فعجوا عجيجا، الكبير منكم و الصغير بالصراخ و البكاء، و التضرع إلى الله، و التوبة إليه و الاستغفار له، و ارفعوا رؤوسكم إلى السماء، و قولوا: ربنا ظلمنا أنفسنا و كذبنا نبيك و تبنا إليك من ذنوبنا، و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين المعذبين، فاقبل توبتنا و ارحمنا يا أرحم الراحمين. ثم لا تملوا من البكاء و الصراخ و التضرع إلى الله و التوبة إليه حتى تتوارى الشمس بالحجاب، أو يكشف الله عنكم العذاب قبل ذلك. فأجمع رأي

القوم جميعا على أن يفعلوا ما أشار به عليهم روبيل.

فلما كان يوم الأربعاء الذي توقعوا فيه العذاب، تنحى روبيل عن القرية حيث يسمع صراخهم و يرى العذاب إذا نزل، فلما طلع الفجر يوم الأربعاء فعل قوم يونس ما أمرهم روبيل به، فلما بزغت الشمس أقبلت ريح صفراء مظلمة مسرعة، لها صرير و حفيف و هدير، فلما رأوها عجوا جميعا بالصراخ و البكاء و التضرع إلى الله، و تابوا إليه و استغفروه، و صرخت الأطفال بأصواتها تطلب أمهاتها، و عجت سخال «1» البهائم تطلب الثدي، و عجت الانعام تطلب الرعي، فلم يزالوا بذلك و يونس و تنوخا يسمعان ضجيجهم «2» و صراخهم، و يدعوان الله بتغليظ العذاب عليهم، و روبيل في موضعه يسمع صراخهم و عجيجهم، و يرى ما نزل، و هو يدعو الله بكشف العذاب عنهم.

فلما أن زالت الشمس، و فتحت أبواب السماء، و سكن غضب الرب تعالى، رحمهم الرحمن فاستجاب دعاءهم، و قبل توبتهم، و أقالهم عثرتهم، و أوحى الله إلى إسرافيل (عليه السلام): أن اهبط إلى قوم يونس، فإنهم قد عجوا إلي بالبكاء و التضرع، و تابوا إلي و استغفروني، فرحمتهم و تبت عليهم، و أنا الله التواب الرحيم، أسرع إلى قبول توبة عبدي التائب من الذنوب، و قد كان عبدي يونس و رسولي سألني نزول العذاب على قومه، و قد أنزلته عليهم، و أنا الله أحق من وفى بعهده، و قد أنزلته عليهم، و لم يكن اشترط يونس حين سألني أن انزل عليهم العذاب أن اهلكهم، فاهبط إليهم فاصرف عنهم ما قد نزل بهم من عذابي.

فقال إسرافيل: يا رب، إن عذابك قد بلغ أكتافهم، و كاد أن يهلكهم، و ما أراه إلا

و قد نزل بساحتهم، فإلى أين أصرفه؟

فقال الله: كلا إني قد أمرت ملائكتي أن يصرفوه، و لا ينزلوه عليهم حتى يأتيهم أمري فيهم و عزيمتي، فاهبط- يا إسرافيل- عليهم، و اصرفه عنهم، و اضرب به إلى الجبال بناحية مفايض العيون و مجاري السيول في الجبال العاتية، المستطيلة على الجبال، فأذلها به و لينها حتى تصير ملتئمة «3» حديدا جامدا. فهبط إسرافيل عليهم فنشر أجنحته فاستاق بها ذلك العذاب، حتى ضرب بها تلك الجبال التي أوحى الله إليه أن يصرفه إليها- قال أبو

__________________________________________________

(1) السخال: جمع سخلة، ولد الغنم ذكرا كان أو أنثى. «الصحاح- سخل- 5: 18728».

(2) في «ط»: صيحتهم.

(3) في المصدر: مليّنة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 63

جعفر (عليه السلام): و هي الجبال التي بناحية الموصل اليوم- فصارت حديدا إلى يوم القيامة. فلما رأى قوم يونس أن العذاب قد صرف عنهم هبطوا إلى منازلهم من رؤوس الجبال، و ضموا إليهم نساءهم و أولادهم و أموالهم، و حمدوا الله على ما صرف عنهم.

و أصبح يونس و تنوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه، لا يشكان أن العذاب قد نزل بهم و أهلكهم جميعا، لما خفيت أصواتهم عنهما، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع طلوع الشمس، ينظران إلى ما صار إليه القوم، فلما دنوا من القوم و استقبلهم الحطابون و الحمارة «1» و الرعاة بأغنامهم، و نظروا إلى أهل القرية مطمئنين، قال يونس لتنوخا: يا تنوخا، كذبني الوحي، و كذبت و عدي لقومي، لا و عزة ربي لا يرون لي وجها أبدا بعد ما كذبني الوحي «2» فانطلق يونس هاربا على وجهه، مغاضبا لربه «3»، ناحية بحر أيلة متنكرا، فرارا من أن يراه أحد من قومه، فيقول

له: يا كذاب، فلذلك قال الله: وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ «4» الآية.

و رجع تنوخا إلى القرية، فلقي روبيل، فقال له: يا تنوخا، أي الرأيين كان أصوب و أحق أن يتبع: رأيي، أو رأيك؟

فقال له تنوخا: بل رأيك كان أصوب، و لقد كنت أشرت برأي الحكماء و العلماء.

و قال له تنوخا: أما إني لم أزل أرى أني أفضل منك لزهدي و فضل عبادتي، حتى استبان فضلك لفضل علمك، و ما أعطاك الله ربك من الحكمة مع التقوى أفضل من الزهد و العبادة بلا علم. فاصطحبا فلم يزالا مقيمين مع قومهما، و مضى يونس على وجهه مغاضبا لربه، فكان من قصته ما أخبر الله به في كتابه إلى قوله: فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ «5»».

قال أبو عبيدة: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): كم كان غاب يونس عن قومه حتى رجع إليهم بالنبوة و الرسالة فآمنوا به و صدقوه؟

قال: «أربعة أسابيع: سبعا منها: في ذهابه إلى البحر، و سبعا منها في رجوعه إلى قومه».

فقلت له: و ما هذه الأسابيع شهور، أو أيام، أو ساعات؟

فقال: «يا أبا عبيدة، إن العذاب أتاهم يوم الأربعاء، في النصف من شوال، و صرف عنهم من يومهم ذلك، فانطلق يونس مغاضبا فمضى يوم الخميس، سبعة أيام في مسيره إلى البحر، و سبعة أيام في بطن الحوت، و سبعة أيام تحت الشجرة بالعراء، و سبعة أيام في رجوعه إلى قومه، فكان ذهابه و رجوعه مسير ثمانية و عشرين يوما، ثم

__________________________________________________

(1) الحمّارة: أصحاب الحمير في السفر. «الصحاح- حمر- 2: 637».

(2) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «بعد ما كذبني الوحي» أي باعتقاد القوم، البحار 17: 399.

(3) قال المجلسي (رحمه

اللّه): قوله: «مغاضبا لربّه» أي على قومه لربّه تعالى، أي كان غضبه للّه تعالى لا للهوى، أو خائفا عن تكذيب قومه لما تخلّف عنه من وعد ربّه، البحار 17: 399.

(4) الأنبياء 21: 87.

(5) الصافات 37: 148.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 64

أتاهم فآمنوا به و صدقوه و اتبعوه، فلذلك قال الله: فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ».

4982/ [7]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أضل قوم يونس العذاب دعوا الله فصرفه عنهم». قلت: كيف ذلك؟ قال: «كان في العلم أنه يصرفه عنهم».

4983/ [8]- عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم، فأصبحوا أول يوم و وجوههم صفر، و أصبحوا اليوم الثاني و وجوههم سود». قال: «و كان الله واعدهم أن يأتيهم العذاب، فأتاهم العذاب حتى نالوه برماحهم، ففرقوا بين النساء و أولادهن و البقر و أولادها، و لبسوا المسوح و الصوف، و وضعوا الحبال في أعناقهم، و الرماد على رؤوسهم، و صاحوا صيحة «1» واحدة إلى ربهم، و قالوا آمنا بإله يونس».

قال: «فصرف الله عنهم العذاب إلى جبال آمد «2»- قال- و أصبح يونس و هو يظن أنهم هلكوا، فوجدهم في عافية، فغضب و خرج كما قال الله: مُغاضِباً «3» حتى ركب سفينة فيها رجلان، فاضطربت السفينة، فقال الملاح: يا قوم، في سفينتي مطلوب. فقال يونس: أنا هو، و قام ليلقي نفسه، فأبصر السمكة و قد فتحت فاها، فها بها، و تعلق به الرجلان، و قالا له: أنت و حدك و نحن رجلان نتساهم. فتساهموا «4» فوقعت السهام عليه، فجرت السنة بأن

السهام إذا كانت ثلاث مرات فإنها لا تخطئ، فألقى نفسه فالتقمه الحوت، فطاف به البحار السبعة حتى صار إلى البحر المسجور، و به يعذب قارون، فسمع قارون صوتا «5»، فسأل الملك عن ذلك، فأخبره أنه يونس، و أن الله قد حبسه في بطن الحوت. فقال له قارون: أ تأذن لي أن أكلمه؟ فأذن له.

فقال: يا يونس، فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ فأخبره أنه مات فبكى.

قال: فما فعل الرؤوف العطوف على قومه هارون بن عمران؟ فأخبره أنه مات، فبكى و جزع جزعا شديدا، و سأله عن أخته كلثم، و كانت سميت «6» له، فأخبره أنها ماتت، فقال: وا أسفا على آل عمران- قال- فأوحى الله إلى الملك الموكل به: أن ارفع عنه العذاب بقية الدنيا لرقته على قومه» «7».

4984/ [9]- عن معمر، قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «إن يونس لما أمره الله بما أمره، فأعلم قومه

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 136/ 45.

8- تفسير العيّاشي 2: 136/ 46.

9- تفسير العيّاشي 2: 137/ 47.

(1) في المصدر: و ضجوا ضجة. [.....]

(2) آمد: بلد قديم حصين من أعظم مدن ديار بكر و أجلّها قدرا و أشهرها ذكرا. «معجم البلدان 1: 56».

(3) الأنبياء 21: 87.

(4) في المصدر: فساهمهم.

(5) في المصدر: دويّا.

(6) في المصدر: مسّماة.

(7) في المصدر: قرابته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 65

فأظلهم العذاب، ففرقوا بينهم و بين أولادهم و بين البهائم و أولادها، ثم عجوا إلى الله و ضجوا، فكف الله العذاب عنهم، فذهب يونس مغاضبا فالتقمه الحوت، فطاف به سبعة أبحر».

فقلت له: كم بقي في بطن الحوت؟ قال: «ثلاثة أيام، ثم لفظه الحوت و قد ذهب جلده و شعره، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين

فأظلته، فلما قوي أخذت في اليبس، فقال: يا رب، شجرة أظلتني يبست، فأوحى الله إليه: يا يونس، تجزع لشجرة أظلتك و لا تجزع لمائة ألف أو يزيدون من العذاب؟!»

و ستأتي- إن شاء الله تعالى- روايات في ذلك في سورة الأنبياء و سورة الصافات «1».

سورة يونس(10): الآيات 99 الي 100 ..... ص : 65

قوله تعالى:

وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ يَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ [99- 100] 4985/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ يعني لو شاء الله أن يجبر الناس كلهم على الإيمان لفعل.

4986/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم عن عبد الله بن تميم القرشي، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، في مسائل سألها المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فكان فيما سأله أن قال له المأمون: فما معنى قول الله تعالى: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ؟.

فقال الرضا (عليه السلام): «حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: إن المسلمين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لو أكرهت- يا رسول الله- من قدرت عليه

من الناس على الإسلام لكثر عددنا و قوينا على عدونا. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما كنت لألقى الله تعالى ببدعة لم يحدث لي فيها شيئا، و ما أنا من المتكلفين.

فأنزل الله تبارك و تعالى عليه: يا محمد وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً على سبيل الإلجاء و الاضطرار في الدنيا، كما يؤمنون عند المعاينة و رؤية البأس في الآخرة، و لو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني ثوابا

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 319.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 134/ 33.

(1) تأتي في تفسير الآية (87) من سورة الأنبياء، و تفسير الآيات (139- 177) من سورة الصافات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 66

و لا مدحا، لكني أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين، ليستحقوا منى الزلفى و الكرامة و دوام الخلود في جنة الخلد أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.

و أما قوله تعالى: وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها، و لكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله، و إذنه أمره لها بالإيمان ما كانت مكلفة متعبدة، و إلجاؤه إياها إلى الإيمان عند زوال التكليف و التعبد عنها».

فقال المأمون: فرجت عني- يا أبا الحسن- فرج الله عنك.

4987/ [3]- العياشي: عن علي بن عقبة، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «اجعلوا أمركم هذا لله و لا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله، و ما كان للناس فلا يصعد إلى الله، و لا تخاصموا الناس بدينكم، فإن الخصومة ممرضة للقلب، إن الله قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): يا محمد

إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ «1» و قال: أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ذروا الناس، فإن الناس أخذوا من الناس، و إنكم أخذتم من رسول الله و علي، و لا سواء، إني سمعت أبي (عليه السلام) و هو يقول: إن الله إذا كتب إلى عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره».

4988/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس و علي بن محمد، عن سهل بن زياد أبي سعيد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الرجس هو الشك، و الله لا نشك في ربنا أبدا».

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد و الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر و عمران بن علي الحلبي، عن أبي بصير «2»، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل ذلك «3».

4989/ [5]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الرجس هو الشك، و لا نشك في ديننا أبدا.»

و ستأتي إن شاء الله تعالى زيادة رواية في ذلك، في قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «4».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 137/ 48.

4- الكافي 1: 226/ 1.

5- بصائر الدرجات: 226/ 13.

(1) القصص 28: 56.

(2) (عن أبي بصير) ليس في المصدر. [.....]

(3) الكافي 1: 228/ 1.

(4) تأتي في الحديث (4)

من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 67

سورة يونس(10): آية 101 ..... ص : 67

قوله تعالى:

قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [101]

4990/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن هلال، عن أمية بن علي، عن داود الرقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى:

وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ. قال: «الآيات هم آل محمد «1»، و النذر هم الأنبياء (صلوات الله عليهم أجمعين)».

و روى هذا الحديث علي بن إبراهيم، في تفسيره، بعين السند و المتن «2».

4991/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ.

قال: «لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) أتاه جبرئيل (عليه السلام) بالبراق فركبها، فأتى بيت المقدس، فلقي من لقي من إخوانه من الأنبياء (صلوات الله عليهم)، ثم رجع فحدث أصحابه: إني أتيت بيت المقدس و رجعت من الليلة، و قد جاءني جبرئيل بالبراق فركبتها، و آية ذلك أني مررت بعير لأبي سفيان على ماء لبني فلان، و قد أضلوا جملا لهم أحمر، و قد هم القوم في طلبه.

فقال بعضهم لبعض: إنما جاء الشام و هو راكب سريع، و لكنكم قد أتيتم الشام و عرفتموها، فسلوه عن أسواقها و أبوابها و تجارها. فقالوا: يا رسول الله، كيف الشام، و

كيف أسواقها؟» قال: «و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا سئل عن الشي ء لا يعرفه شق ذلك عليه حتى يرى ذلك في وجهه- قال- فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، هذه الشام قد رفعت لك. فالتفت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فإذا هو بالشام بأبوابها و أسواقها و تجارها، و قال: أين السائل عن الشام؟ فقالوا له: فلان و فلان، فأجابهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) في كل ما سألوه، فلم يؤمن منهم إلا قليل، و هو قول الله تبارك و تعالى: وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ» ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نعوذ بالله أن لا نؤمن بالله و برسوله، آمنا بالله و برسوله (صلى الله عليه و آله)».

4992/ [3]- العياشي: عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «لما أسري

__________________________________________________

1- الكافي 1: 16/ 1.

2- الكافي 8: 364/ 555.

3- تفسير العيّاشي 2: 137/ 49.

(1) في المصدر: هم الأئمة.

(2) تفسير القمّي 1: 320.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 68

برسول الله (صلى الله عليه و آله) أتاه جبرئيل (عليه السلام) بالبراق فركبها، فأتى بيت المقدس، فلقي من لقي من الأنبياء، ثم رجع فأصبح يحدث أصحابه: إني أتيت بيت المقدس الليلة، و لقيت إخواني من الأنبياء. فقالوا: يا رسول الله، و كيف أتيت بيت المقدس الليلة؟ فقال: جاءني جبرئيل (عليه السلام) بالبراق، فركبته، و آية ذلك أني مررت بعير لأبي سفيان على ماء لبني فلان، و قد أضلوا جملا لهم و هم في طلبه».

قال: «فقال القوم بعضهم لبعض: إنما جاء راكبا

سريعا، و لكنكم قد أتيتم الشام و عرفتموها، فسلوه عن أسواقها و أبوابها و تجارها». قال: «فسألوه، فقالوا: يا رسول الله، كيف الشام و كيف أسواقها؟ و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا سئل عن الشي ء لا يعرفه يشق عليه حتى يرى ذلك في وجهه- قال- فبينا هو كذلك إذ أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، هذه الشام قد رفعت لك، فالتفت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فإذا هو بالشام و أبوابها و تجارها، فقال: أين السائل عن الشام؟ فقالوا: أين بيت فلان و مكان فلان «1»؟ فأجابهم عن كل ما سألوه عنه- قال- فلم يؤمن منهم إلا قليل، و هو قول الله: وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ فنعوذ بالله أن لا نؤمن بالله و رسوله، آمنا بالله و برسوله، آمنا بالله و برسوله».

سورة يونس(10): آية 102 ..... ص : 68

قوله تعالى:

قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ [102]

4993/ [1]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن شي ء في الفرج.

فقال: «أو ليس تعلم أن انتظار الفرج من الفرج؟ إن الله يقول: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ».

سورة يونس(10): الآيات 103 الي 109 ..... ص : 68

قوله تعالى:

كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- وَ اتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ [103- 109]

4994/ [2]- العياشي: عن مصقلة الطحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما يمنعكم أن تشهدوا على من مات منكم على هذا الأمر أنه من أهل الجنة؟! إن الله يقول: كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 138/ 50.

2- تفسير العيّاشي 2: 138/ 51.

(1) في «ط»: فقالوا: أين فلان و أين فلان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 69

4995/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: في قوله: قُلْ يا محمد يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ فإنه محكم.

ثم قال: و قوله: وَ لا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَ لا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ فإنه مخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله) و المعني للناس. ثم قال: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ أي لست بوكيل عليكم أحفظ أعمالكم، إنما علي أن أدعوكم. ثم قال: وَ اتَّبِعْ يا محمد ما يُوحى إِلَيْكَ وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 320.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 3، ص: 70

المستدرك (سورة يونس) ..... ص : 70

سورة يونس(10): آية 6 ..... ص : 70

قوله تعالى:

إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ [6]

[1]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن علي (عليه السلام): «من اقتبس علما من علم النجوم من حملة القرآن، ازداد به إيمانا و يقينا». ثم تلا: إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ الآية.

سورة يونس(10): آية 95 ..... ص : 70

قوله تعالى:

وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ [95] [2]- ابن شهر آشوب: عن أبي القاسم الكوفي، في قوله تعالى: وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ يعني بالآيات ها هنا الأوصياء المتقدمين و المتأخرين.

__________________________________________________

1- ربيع الأبرار 1: 117.

2- المناقب 2: 253.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 71

سورة هود ..... ص : 71

فضلها ..... ص : 71

4996/ [1]- ابن بابويه: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة هود في كل جمعة بعثه الله تعالى يوم القيامة في زمرة النبيين، و لم تعرف له خطيئة عملها يوم القيامة».

4997/ [2]- العياشي: عن ابن سنان، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة هود في كل جمعة بعثه الله «1» في زمرة المؤمنين و النبيين، و حوسب حسابا يسيرا، و لم يعرف خطيئة عملها يوم القيامة».

4998/ [3]- و من كتاب (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة اعطي من الأجر و الثواب بعدد من صدق هودا و الأنبياء (عليهم السلام) و من كذب بهم، و كان يوم القيامة في درجة الشهداء، و حوسب حسابا يسيرا».

4999/ [4]- و روي عن الصادق (عليه السلام): «من كتب هذه السورة على رق ظبي» و يأخذها معه أعطاه الله قوة و نصرا، و لو حاربه مائة رجل لانتصر عليهم و غلبهم، و إن صاح بهم انهزموا، و كل من رآه يخاف منه».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 106. [.....]

2- تفسير العيّاشي 2: 139/ 1.

3- عنه جامع الأخبار و الآثار 2: 194/ 4.

4- خواص القرآن: 42 «مخطوط».

(1) في المصدر زيادة: يوم القيامة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 73

سورة هود

البرهان في تفسير القرآن، ج 3،

ص: 77

سورة هود(11): الآيات 1 الي 6 ..... ص : 77

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ- إلى قوله تعالى- كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ [1- 6]

5000/ [1]- ابن بابويه: في رواية سفيان بن سعيد الثوري، في معنى الر: قال الصادق (عليه السلام): «معناه:

أنا الله الرؤوف».

5001/ [2]- قال علي بن إبراهيم: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ يعني من عند الله تعالى.

أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَ بَشِيرٌ وَ أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ و هو محكم.

5002/ [3]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قال: «هو القرآن» مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ قال: «من عند حكيم خبير» وَ أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ «يعني المؤمنين» و قوله:

وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

5003/ [4]- ابن شهر آشوب: روى رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ: «أن المعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

5004/ [5]- و من طريق المخالفين: ابن مردويه، بإسناده عن ابن عباس، قال: قوله تعالى: وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ

__________________________________________________

1- معاني الآخبار: 22/ 1.

2- تفسير القمي 1: 321.

3- تفسير القمي 1: 321.

4- المناقب 3: 98، شواهد التنزيل 1: 271/ 367.

5- تأويل الآيات 1: 223/ 1 عن ابن مردويه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 78

أن المعني به علي بن أبي طالب (عليه السلام).

5005/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ قال:

الدخان و الصيحة.

ثم قال: و قوله: أَلا إِنَّهُمْ

يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ يقول: يكتمون ما في صدورهم من بغض علي (عليه السلام). و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن آية المنافق بغض علي». فكان قوم يظهرون المودة لعلي (عليه السلام) عند النبي (صلى الله عليه و آله) «1» و يسرون بغضه. فقال: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ فإنه كان إذا حدث بشي ء من فضل علي (عليه السلام)، أو تلا عليهم ما أنزل الله فيه، نفضوا ثيابهم و قاموا. يقول الله تعالى يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ حين قاموا إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ.

5006/ [7]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أخبرني جابر بن عبد الله: أن المشركين كانوا إذا مروا برسول الله (صلى الله عليه و آله) حول البيت طأطأ أحدهم رأسه و ظهره- هكذا- و غطى رأسه بثوبه حتى لا يراه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله عز و جل:

أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ».

5007/ [8]- العياشي: عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أخبرني جابر بن عبد الله: أن المشركين كانوا إذا مروا برسول الله (صلى الله عليه و آله) طأطأ أحدهم رأسه و ظهره- هكذا- و غطى رأسه بثوبه حتى لا يراه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ إلى قوله: وَ ما يُعْلِنُونَ».

5008/ [9]- الطبرسي: روي عن علي بن الحسين، و أبي جعفر، و جعفر بن محمد (عليهم السلام): (يثنوني) على مثال (يفعوعل).

5009/ [10]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي

الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها يقول: تكفل بأرزاق الخلق. قال: قوله: وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها يقول: حيث تأوي بالليل وَ مُسْتَوْدَعَها حيث تموت.

5010/ [11]- العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجل من أهل البادية، فقال: يا رسول الله، إن لي بنين و بنات، و إخوة و أخوات، و بني بنين و بني بنات، و بني إخوة و بني أخوات، و المعيشة علينا خفيفة، فإن رأيت- يا رسول الله- أن تدعوا الله أن يوسع علينا؟-

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 321.

7- الكافي 8: 144/ 115.

8- تفسير العيّاشي 2: 139/ 2.

9- مجمع البيان 5: 215.

10- تفسير القمّي 1: 321. [.....]

11- تفسير العيّاشي 2: 139/ 3.

(1) (عند النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) ليس في «ط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 79

قال:- و بكى، فرق له المسلمون، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ من كفل بهذه الأفواه المضمونة على الله رزقها صب الله عليه الرزق صبا كالماء المنهمر، إن قليلا فقليلا، و إن كثيرا فكثيرا- قال:- ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمن له المسلمون».

قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «فحدثني من رأى الرجل فى زمن عمر فسأله عن حاله، فقال: من أحسن من خوله حلالا و أكثرهم مالا».

سورة هود(11): آية 7 ..... ص : 79

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [7]

5011/ [1]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله

(عليه السلام) قال: «إن الله خلق الخير يوم الأحد، و ما كان ليخلق الشر قبل الخير، و خلق يوم الأحد و الاثنين الأرضين و خلق يوم الثلاثاء أقواتها، و خلق يوم الأربعاء السماوات، و خلق يوم الخميس أقواتها، و الجمعة «1»، و ذلك في قوله تعالى: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فلذلك أمسكت اليهود يوم السبت».

و روى محمد بن يعقوب هذا الحديث، بإسناده، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2».

و تقدم في أول سورة يونس «3»، و يأتي أيضا في غيرها إن شاء الله تعالى «4».

5012/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبدالرحمن ابن كثير، عن داود الرقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ فقال:

«ما يقولون؟» قلت: يقولون: إن العرش كان على الماء، و الرب فوقه! فقال (عليه السلام): «كذبوا، من زعم هذا فقد صير الله محمولا، و وصفه بصفة المخلوقين، و لزمه أن الشي ء الذي يحمله أقوى منه».

قلت: بين لي، جعلت فداك، فقال: «إن الله حمل دينه و علمه الماء، قبل أن تكون أرض أو سماء، أو جن أو

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 140/ 4.

2- الكافي 1: 103/ 7.

(1) (و الجمعة) ليس في «ط» و الذي في (الكافي 8: 145/ 118): «و خلق السماوات يوم الأربعاء و يوم الخميس، و خلق أقواتها يوم الجمعة».

(2) الكافي 8: 145/ 117.

(3) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (3) من سورة يونس.

(4) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (59) من سورة الفرقان، و الحديث (1) من تفسير الآية

(4) من سورة السجدة، و الحديث (1) من تفسير الآية (4) من سورة الحديد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 80

إنس، أو شمس أو قمر، فلما أراد أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه، فقال لهم: من ربكم؟ فأول من نطق رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) فقالوا: أنت ربنا، فحملهم العلم و الدين. ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة ديني و علمي، و أمنائي في خلقي، و هم المسؤولون. ثم قال لبني آدم: أقروا لله بالربوبية، و لهؤلاء النفر بالولاية و الطاعة، فقالوا: نعم- ربنا- أقررنا. فقال الله للملائكة: اشهدوا فقالت الملائكة: شهدنا على أن لا يقولوا غدا: إنا كنا عن هذا غافلين، أو يقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل، و كنا ذرية من بعدهم أ فتهلكنا بما فعل المبطلون.

يا داود، ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق».

و روى هذا الحديث ابن بابويه، في كتاب (التوحيد) هكذا: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا جدعان بن نصر أبو نصر الكندي، قال: حدثني سهل بن زياد الآدمي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن كثير، عن داود الرقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ فقال لي: «ما يقولون؟» و ذكر مثله «1».

5013/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم و الحجال، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «كان كل شي ء

ماء، و كان عرشه على الماء، فأمر الله عز ذكره الماء فاضطرم نارا، ثم أمر النار فخمدت، فارتفع من خمودها دخان، فخلق الله عز و جل السماوات من ذلك الدخان، و خلق الله الأرض من الرماد «2»، ثم اختصم الماء و النار و الريح، فقال الماء: أنا جند الله الأكبر، و قالت النار: أنا جند الله الأكبر، و قالت الريح: أنا جند الله الأكبر، فأوحى الله عز و جل إلى الريح: أنت جندي الأكبر».

5014/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا.

قال: «ليس يعني أكثر عملا، و لكن أصوبكم عملا، و إنما الإصابة خشية الله و النية الصادقة» «3».

ثم قال: «الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، و العمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز و جل، و النية أفضل من العمل، ألا إن النية هي العمل- ثم تلا قوله عز و جل- قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ «4» يعني على نيته».

__________________________________________________

3- الكافي 3: 153/ 142 و: 95/ 68.

4- الكافي 2: 13/ 4.

(1) التوحيد: 319/ 1.

(2) في «ط»: الماء.

(3) في المصدر زيادة: و الحسنة.

(4) الإسراء 17: 84. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 81

5015/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي

خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا.

فقال: «إن الله تبارك و تعالى خلق العرش و الماء و الملائكة قبل خلق السموات و الأرض، و كانت الملائكة تستدل بأنفسها و بالعرش و بالماء على الله عز و جل، ثم جعل عرشه على الماء، ليظهر بذلك قدرته للملائكة، فيعلمون أنه على كل شي ء قدير، ثم رفع العرش بقدرته و نقله فجعله فوق السماوات السبع، و خلق السماوات و الأرض في ستة أيام، و هو مستول على عرشه، و كان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين، و لكنه عز و جل خلقها في ستة أيام، ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شي ء، فيستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى مرة بعد اخرى، و لم يخلق الله عز و جل العرش لحاجة به إليه، لأنه غني عن العرش و عن جميع ما خلق، و لا يوصف بالكون على العرش، لأنه ليس بجسم، تعالى الله عن صفة خلقه علوا كبيرا، و أما قوله عز و جل: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فإنه عز و جل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته و عبادته، لا على سبيل الامتحان و التجربة، لأنه لم يزل عليما بكل شي ء».

فقال المأمون: فرجت عني- يا أبا الحسن- فرج الله عنك.

5016/ [6]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: «إن الله عز و جل خلق العرش أرباعا، لم يخلق قبله

إلا ثلاثة أشياء: الهواء، و القلم، و النور، ثم خلقه من أنوار مختلفة، فمن ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة، و نور أصفر اصفرت منه الصفرة، و نور أحمر احمرت منه الحمرة، و نور أبيض و هو نور الأنوار، و منه ضوء النهار. ثم جعله سبعين ألف طبق، غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين، ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه، و يقدسه بأصوات مختلفة، و ألسنة غير مشتبهة، و لو أذن للسان منها فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال و المدائن و الحصون، و لخسف البحار، و لأهلك ما دونه. له ثمانية أركان، على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصي عددهم إلا الله عز و جل، يسبحون في الليل و النهار لا يفترون، و لو أحسن شي ء مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين، بينه و بين الإحساس الجبروت و الكبرياء و العظمة و القدس و الرحمة ثم العلم، و ليس وراء هذا مقال» «1».

5017/ [7]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان الله تبارك و تعالى كما وصف

__________________________________________________

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 134/ 33.

6- التوحيد: 324/ 1.

7- تفسير العيّاشي 2: 140/ 5.

(1) في «ط»: ممّا فوقه لما زال عن ذلك طرفة عين بينه و بين إحساسه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 82

نفسه، و كان عرشه على الماء، و الماء على الهواء: و الهواء لا يجري».

5018/ [8]- قال محمد بن عمران العجلي: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أي شي ء كان موضع البيت حيث كان الماء في قول الله: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ؟ قال: «كانت مهاة بيضاء» يعني درة.

5019/ [9]-

و روي عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه سئل عن مدة ما كان عرشه على الماء قبل أن يخلق الأرض و السماء؟ فقال (عليه السلام): «تحسن أن تحسب؟» فقيل له: نعم.

فقال: «لو أن الأرض من المشرق إلى المغرب و من الأرض إلى السماء حب خردل، ثم كلفت على ضعفك أن تحمله حبة حبة من المشرق إلى المغرب حتى أفنيته، لكان ربع عشر جزء من سبعين ألف جزء من بقاء عرش ربنا على الماء، قبل أن يخلق الأرض و السماء- ثم قال (عليه السلام):- إنما مثلت لك مثالا».

و ستأتي إن شاء الله تعالى زيادة على ما هنا في سورة طه، في قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «1».

سورة هود(11): الآيات 8 الي 11 ..... ص : 82

قوله تعالى:

وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ- إلى قوله تعالى- إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ [8- 11]

5020/ [10]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا علي بن الصباح، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد الحضرمي قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ. قال: «العذاب خروج القائم (عليه السلام)، و الامة المعدودة [عدة] أهل بدر، أصحابه».

5021/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف، عن حسان، عن هاشم بن عمار، عن أبيه- و كان من أصحاب علي (عليه السلام)- عن علي) (صلوات الله عليه) في قوله تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ

ما يَحْبِسُهُ.

قال: «الامة المعدودة: أصحاب القائم (عليه السلام) الثلاثمائة و البضعة عشر».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 140/ 6.

9- إرشاد القلوب: 377 «نحوه».

10- الغيبة: 241/ 36.

11- تفسير القمّي 1: 323.

(1) يأتي في الأحاديث (1- 12) من تفسير الآية (5) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 83

5022/ [3]- قال علي بن إبراهيم: و الامة في كتاب الله على وجوه كثيرة، فمنها: المذهب، و هو قوله: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً «1» أي على مذهب واحد. و منها: الجماعة من الناس، و هو قوله: وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ «2» أي جماعة. و منها: الواحد، قد سماه الله امة، و هو قوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً «3».

و منها: جميع أجناس الحيوان، و هو قوله: وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ «4». و منها: أمة محمد (صلى الله عليه و آله)، و هو قوله: كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ «5» و هي أمة محمد (صلى الله عليه و آله). و منها: الوقت، و هو قوله: وَ قالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ «6» أي بعد وقت. و قوله: إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ يعني به الوقت. و منها: الخلق كله، و هو قوله: وَ تَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ «7» و قوله: وَ يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ «8» و مثله كثير.

5023/ [4]- العياشي: عن أبان بن مسافر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ «يعني عدة كعدة بدر» لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ

يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَՙҘљϙșXǙˠعَنْهُمْ قال:

«العذاب».

5024/ [5]- عن عبد الأعلى الحلبي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): أصحاب القائم (عليه السلام) الثلاثمائة و البضعة عشر رجلا، هم و الله الامة المعدودة التي قال الله في كتابه: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ- قال- يجمعون له في ساعة واحدة قزعا «9» كقزع الخريف».

5025/ [6]- عن الحسين، عن الخزاز «10»، عن أبي عبد الله (عليه السلام): وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ. قال: «هو القائم (عليه السلام) و أصحابه».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 323.

4- تفسير العيّاشي 2: 140/ 7.

5- تفسير العيّاشي 2: 140/ 8.

6- تفسير العيّاشي 2: 141/ 9.

(1) البقرة 2: 213. [.....]

(2) القصص 28: 28: 23.

(3) النحل 16: 120.

(4) فاطر 35: 24.

(5) الرعد 13: 30.

(6) يوسف 12: 45.

(7) الجاثية 45: 28.

(8) النحل 16: 84.

(9) القزع: قطع من السّحاب رقيقة. «الصحاح- قزع- 3: 1265».

(10) في «ط» الحسين عن الحرّ، و الظاهر أنّه تصحيف الحسين بن الحرّ، انظر رجال البرقي: 26، معجم رجال الحديث 5: 211.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 84

5026/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1»

في قول الله عز و جل:اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

«2».

[قال: «الخيرات: الولاية، و قوله تبارك و تعالى:يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً] يعني أصحاب القائم (عليه السلام) الثلاثمائة و البضعة عشر رجلا- قال- هم و الله الامة المعدودة- قال- يجتمعون و الله في ساعة واحدة قزعا كقزع الخريف».

5027/ [8]- الطبرسي: قيل: إن الامة المعدودة هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في

آخر الزمان ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا، كعدة أهل بدر، يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف. قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

5028/ [9]- قال شرف الدين النجفي: و يؤيده ما رواه محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز، قال:

روى بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ.

قال: «العذاب هو القائم (عليه السلام)، و هو عذاب على أعدائه، و الامة المعدودة هم الذين يقومون معه، بعدد أهل بدر».

5029/ [10]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ.

قال: إن متعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم (عليه السلام) فنردهم و نعذبهم لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أي يقولون: ألا لا يقوم القائم، و لا يخرج؟ على حد الاستهزاء، فقال الله: أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.

5030/ [11]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ لَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ وَ لَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي قال: إذا أغنى الله العبد ثم افتقر أصابه اليأس و الجزع و الهلع، و إذا كشف الله عنه ذلك فرح، و قال: ذهب السيئات عني إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ثم قال: إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قال: صبروا في الشدة، و عملوا الصالحات في الرخاء.

__________________________________________________

7- في المصدر: 8: 313/ 487، ينابيع المودة: 421.

8- مجمع البيان 5: 218، ينابيع المودة: 424.

9- تأويل الآيات 1: 223/ 3.

10- تفسير القمّي 1: 322.

11- تفسير القمّي 1: 323. [.....]

(1) في «س، ط»: أبي

عبد اللّه (عليه السّلام)، راجع معجم رجال الحديث 21: 384.

(2) البقرة 2: 148.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 85

سورة هود(11): الآيات 12 الي 16 ..... ص : 85

قوله تعالى:

فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ وَكِيلٌ [12]

5031/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن عمار بن سويد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في هذه الآية: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ.

فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما نزل قديدا «1»، قال لعلي (عليه السلام): يا علي، إني سألت ربي أن يوالي بيني و بينك ففعل، و سألت ربي أن يؤاخي بيني و بينك ففعل، و سألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل.

فقال رجلان من قريش: و الله لصاع من تمر في شن «2» بال أحب إلينا مما سأل محمد ربه، فهلا سأل ربه ملكا يعضده على عدوه، أو كنزا يستغني به عن فاقته؟! و الله ما دعاه «3» إلى حق و لا باطل إلا أجابه إليه. فأنزل الله تبارك و تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ إلى آخر الآية».

5032/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن عمارة بن سويد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «سبب نزول هذه الآية

أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خرج ذات يوم، فقال لعلي (عليه السلام): يا علي، إني سألت الله الليلة، أن يجعلك وزيري ففعل، و سألته أن يجعلك وصيي ففعل، و سألته أن يجعلك خليفتي في أمتي ففعل.

فقال رجل من الصحابة: و الله لصاع من تمر في شن بال أحب إلي مما سأل محمد ربه، ألا سأله ملكا يعضده أو مالا يستعين به على فاقته؟! فو الله ما دعا عليا قط إلى حق أو إلى باطل إلا أجابه. فأنزل الله على رسوله:

فَلَعَلَّكَ تارِكٌ الآية».

5033/ [3]- الشيخ في (أماليه): روى هذا الحديث، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو

__________________________________________________

1- الكافي 8: 378/ 572.

2- تفسير القمّي 1: 324.

3- الأمالي 1: 106.

(1) قديد: موضع قرب مكة. «معجم البلدان 4: 313».

(2) الشنّ: القربة الخلق. «الصحاح- شنن- 5: 2146».

(3) في «ط»: ما دعا عليا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 86

حفص عمر بن محمد المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا أبو علي بن همام الإسكافي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عيسى، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن عمار بن يزيد «1»، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: «لما نزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) بطن قديد، قال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): يا علي، إني سألت الله عز و جل أن يوالي بيني و بينك ففعل، و سألته أن يؤاخي بيني و بينك ففعل، و سألته أن يجعلك وصيي ففعل.

فقال رجل من القوم: و الله لصاع من تمر في شن بال خير مما سأل محمد

ربه، هلا سأله ملكا يعضده على عدوه، أو كنزا يستعين به على فاقته، و الله ما دعاه إلى باطل إلا أجابه إليه. فأنزل الله تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ وَكِيلٌ».

و روى أيضا هذا الحديث المفيد في (أماليه)، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد المعروف با بن الزيات (رحمه الله)، و ساق الحديث بباقي السند و المتن، إلا أن في آخر السند: عن ابن مسكان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) «2»، و ساق الحديث إلى آخره كما في أمالي الشيخ.

5034/ [4]- العياشي: عن عمار بن سويد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام): يقول في هذه الآية: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ إلى قوله: أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ.

قال: «إن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) لما نزل قديدا «3»، قال: لعلي (عليه السّلام): إني سألت ربي أن يوالي بيني و بينك ففعل، و سألت ربي أن يؤاخي بيني و بينك ففعل، و سألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل.

فقال رجل «4» من قريش: و الله لصاع من تمر في شن بال أحب إلينا مما سأل محمد ربه، فهلا سأله ملكا يعضده على عدوه، أو كنزا يستعين به على فاقته؟! و الله ما دعاه إلى باطل إلا أجابه إليه. فأنزل الله عليه: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ إلى آخر الآية».

قال: «و دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين في آخر صلاته، رافعا بها صوته،

يسمع الناس: اللهم هب لعلي المودة في صدور المؤمنين، و الهيبة و العظمة في صدور المنافقين، فأنزل الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا

__________________________________________________

4- تفسير العياشي 2: 141/ 11.

(1) كذا، و قد تقدم في الحديث (1) و يأتي في الحديث (4) عمار بن سويد، و في الحديث (2) عمارة بن سويد، و كلاهما ممن روى عن الصادق (عليه السلام)، و روى عنهما ابن مسكان، و يأتي عن أمالي المفيد في ذيل هذا الحديث: عمر بن يزيد، و هو أيضا ممن روى عن الصادق (عليه السلام) و روى عنه ابن مسكان، و لا دليل على التعيين.

(2) الأمالي: 279/ 5.

(3) في المصدر: غديرا.

(4) في المصدر: رجلان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 87

فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا «1» بني امية.

قال رجل: و الله لصاع من تمر في شن بال أحب إلي مما سأل محمد ربه، أ فلا سأله ملكا يعضده، أو كنزا يستظهر به على فاقته؟! فأنزل الله فيه عشر آيات من هود، أولها: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ إلى أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ولاية علي قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ إلى فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ في ولاية علي (عليه الصلاة و السلام) فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «2» لعلي ولايته مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها يعني فلانا و فلانا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها «3»، أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً «4»- قال-

كانت ولاية علي في كتاب موسى أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ «5» في ولاية علي إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ إلى قوله: وَ يَقُولُ الْأَشْهادُ «6» هم الأئمة (عليهم السلام) هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ إلى قوله: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَ فَلا تَذَكَّرُونَ» «7».

5035/ [5]- عن جابر بن أرقم، عن أخيه زيد بن أرقم، قال: إن جبرئيل الروح الأمين نزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) عشية عرفة، فضاق بذلك صدر رسول الله (صلى الله عليه و آله) مخافة تكذيب أهل الإفك و النفاق، فدعا قوما أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم، فلم ندر ما نقول له و بكى (صلى الله عليه و آله)، فقال له جبرئيل يا محمد، أ جزعت من أمر الله؟ فقال: «كلا- يا جبرئيل- و لكن قد علم ربي ما لقيت من قريش، إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادهم، و أهبط إلي جنودا من السماء فنصروني، فكيف يقرون لعلي من بعدي؟!» فانصرف عنه جبرئيل فنزل: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ.

5036/ [6]- ابن بابويه في (أماليه): قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أسري به إلى السماء، انتهى به جبرئيل إلى نهر، يقال له:

النور، و هو قول الله عز و جل:

وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ «8» فلما انتهى به إلى ذلك النهر، قال له جبرئيل (عليه السلام) يا محمد، اعبر على بركة الله، قد نور الله لك بصرك، و مد لك أمامك، فإن هذا نهر لم يعبره أحد، لا

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 141/ 10، شواهد التنزيل 1: 272/ 368. [.....]

6- الأمالي: 290/ 10.

(1) مريم 19: 96- 97.

(2) هود 11: 13- 14.

(3) هود 11: 15.

(4، 5) هود 11: 17.

(6) هود 11: 17- 18.

(7) هود 11: 18- 24.

(8) الأنعام 6: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 88

ملك مقرب و لا نبي مرسل، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه، ثم أخرج منه فأنفض اجنحتي، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك و تعالى منها ملكا مقربا، له عشرون ألف وجه و أربعون ألف لسان، كل لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر. فعبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى به إلى الحجب، و الحجب خمسمائة حجاب، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام، ثم قال: تقدم، يا محمد. فقال له: «يا جبرئيل، و لم لا تكون معي؟» قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان.

فتقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما شاء الله أن يتقدم حتى سمع ما قال الرب تبارك و تعالى: أنا المحمود و أنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، و من قطعك بتكته «1»، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، و أني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، و أنك رسولي، و أن عليا وزيرك. فهبط رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فكره أن يحدث الناس بشي ء، كراهية أن يتهموه، لأنهم

كانوا حديثي عهد بالجاهلية، حتى مضى لذلك ستة أيام، فأنزل الله تبارك و تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ فاحتمل رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك حتى كان يوم الثامن، فأنزل الله تبارك و تعالى عليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «2» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تهديد بعد وعيد، لأمضين لأمر «3» الله عز و جل، فإن يتهموني و يكذبوني فهو أهون علي من أن يعاقبني الله العقوبة الموجعة في الدنيا و الآخرة».

قال: و سلم جبرئيل (عليه السلام) على علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين، فقال علي (عليه السلام) «يا رسول الله، أسمع الكلام و لم أحس الرؤية». فقال: «يا علي، هذا جبرئيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني. ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه بإمرة المؤمنين».

ثم قال: «يا بلال، ناد في النسا: أن لا يبقى غدا أحد- إلا عليل- إلا خرج إلى غدير خم». فلما كان من الغد خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) بجماعة من «4» أصحابه، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال:

«أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى أرسلني إليكم برسالة، و إني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني و تكذبوني، حتى أنزل الله علي و عيدا بعد وعيد، فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله تعالى. إن الله تبارك و تعالى أسرى بي و أسمعني، و قال لي: يا محمد، أنا المحمود و أنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن

وصلك وصلته، و من قطعك بتكته، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، و أني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، و أنك رسولي، و أن عليا وزيرك». ثم أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما، و لم ير قبل ذلك، ثم قال:

«أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى مولاي، و أنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من

__________________________________________________

(1) البتك: القطع. «الصحاح- بتك- 4: 1574».

(2) المائدة 5: 67.

(3) في المصدر: أمر.

(4) (من) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 89

والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله». فقال الشكاك و المنافقون و الذين في قلوبهم مرض و زيغ: نبرأ إلى الله من مقالته، ليس بحتم، و لا نرضى أن يكون علي وزيره، هذه منه عصبية فقال سلمان و المقداد و أبو ذر و عمار بن ياسر: و الله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «1» فكرر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك ثلاثا، ثم قال: «إن كمال الدين و تمام النعمة و رضى الرب بإرسالي إليكم بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

قوله تعالى:

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ- إلى قوله تعالى- أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ [13- 14] تقدم في الاية السابقة عن الصادق (عليه السلام) منها إلى عشر آيات، إلى قوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَ فَلا تَذَكَّرُونَ «2» فليؤخذ

معناها من الحديث المذكور في الآية السابقة «3».

5037/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ إلى قوله: صادِقِينَ: يعني قولهم: إن الله لم يأمره بولاية علي، و إنما يقول من عنده فيه.

فقال الله عز و جل فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ أي بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) من عند الله.

قوله تعالى:

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ- إلى قوله تعالى- وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [15- 16] 5038/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 324.

2- تفسير القمي 1: 324. [.....]

(1) المائدة 5: 3.

(2) هود 11: 24.

(3) تقدم في الحديث (4) من تفسير الآية (12) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 90

أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ.

قال: من عمل الخير على أن يعطيه الله ثوابه في الدنيا، أعطاه ثوابه في الدنيا، و كان له في الآخرة النار.

5039/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و علي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم ابن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف، فقال: أ ترى يجيب «1» الله هذا الخلق كله؟

فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحد إلا غفر الله له، مؤمنا كان أو كافرا، إلا أنهم في مغفرتهم على ثلاث منازل- و ذكر المنازل الثلاث فقال في الثالثة- و كافر وقف هذا الموقف، زينة الحياة الدنيا، غفر

الله له ما تقدم من ذنبه، إن تاب من الشرك فيما بقي من عمره، و إن لم يتب وفاه أجره و لم يحرمه أجر هذا الموقف، و ذلك قوله عز و جل: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ».

و قد تقدم الحديث بتمامه في قوله تعالى فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ «2».

5040/ [3]- العياشي: عن عمار بن سويد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها يعني فلانا و فلانا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها».

سورة هود(11): آية 17 ..... ص : 90

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ- إلى قوله تعالى- لا يُؤْمِنُونَ [17]

5041/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن أبي بصير و الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: «إنما نزلت: (أ فمن كان على بينة من ربه- يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)-، و يتلوه شاهد منه إماما و رحمة و من قبله كتاب موسى أولئك يؤمنون به) فقدموا و أخروا في التأليف».

__________________________________________________

2- الكافي 4: 521/ 10.

3- تفسير العيّاشي 2: 142/ 11.

4- تفسير القمّي 1: 324.

(1) في المصدر: يخيب.

(2) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآيات (200- 202) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 91

5042/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أحمد ابن

عمر الحلال، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ.

فقال: «أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) الشاهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) على بينة من ربه».

5043/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن حماد، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لو كسرت لي الوسادة فقعدت عليها، لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، و أهل الإنجيل بإنجيلهم، و أهل الزبور بزبورهم، و أهل الفرقان بفرقانهم، بقضاء يصعد إلى الله يزهر. و الله ما نزلت آية في كتاب الله، في ليل أو نهار، إلا و قد علمت فيمن أنزلت، و لا أحد ممن مرت على رأسه المواسي من قريش إلا و قد أنزلت فيه آية من كتاب الله، تسوقه إلى الجنة أو النار».

فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، ما الآية التي نزلت فيك؟ قال: «أما سمعت الله يقول: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ فرسول الله (صلى الله عليه و آله) على بينة من ربه، و أنا الشاهد له، و أتلوه منه» «1».

5044/ [4]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يوم الجمعة يخطب على المنبر، فقال: «و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلا و قد أنزلت فيه آية من كتاب الله عز و جل، أعرفها كما أعرفه».

فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين ما آيتك التي نزلت فيك؟ فقال: «إذا

سألت فافهم، و لا عليك ألا تسأل عنها غيري، أقرأت سورة هود؟» فقال: نعم، يا أمير المؤمنين، قال: «أ فسمعت الله عز و جل يقول: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ؟». قال: نعم قال: «فالذي على بينة من ربه محمد (صلى الله عليه و آله)، و يتلوه شاهد منه- و هو الشاهد، و هو منه «2»- أنا علي بن أبي طالب و أنا الشاهد و الله لنبيه، و أنا منه (صلى الله عليه و آله)».

5045/ [5]- و عنه، في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، قال: حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده

__________________________________________________

2- الكافي 1: 147/ 3.

3- بصائر الدرجات: 152/ 2.

4- الأمالي 1: 381.

5- الأمالي 2: 174، ينابيع المودة: 480.

(1) في المصدر: و أنا شاهد له فيه و أتلوه معه.

(2) الظاهر أنّ قوله: «و هو الشاهد، و هو منه» من كلام الراوي، و «هو» يعود على عليّ (عليه السّلام)، و الهاء في «منه» تعود إلى الرسول (صلى اللّه عليه و آله). [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 92

علي بن الحسين، عن الحسن (عليهم السلام)- في خطبة طويلة خطبها بمحضر معاوية- و قال فيها: «أقول معشر الخلائق- فاسمعوا، و لكم أفئدة و أسماع فعوا، إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام، و اختارنا و اصطفانا و اجتبانا، فأذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا- و الرجس: هو الشك- فلا نشك في الله الحق و دينه أبدا،

و طهرنا من كل أفن «1» و عيبة، مخلصين إلى آدم نعمة منه. لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الأمور، و أفضت الدهور، إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، و اختاره للرسالة، و أنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله عز و جل، فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله تعالى و لرسوله (صلى الله عليه و آله)، و أول من آمن و صدق الله و رسوله. و قد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ فرسول الله الذي على بينة من ربه، و أبي الذي يتلوه، و هو شاهد منه». و ساق الخطبة و هي طويلة.

5046/ [6]- الشيخ المفيد (في أماليه)، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد الإصفهاني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا الصباح بن يحيى المزني، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله، قال: قام «2» رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن قول الله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ.

قال: قال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) الذي كان على بينة من ربه، و أنا الشاهد له و منه، و الذي نفسي بيده ما أحد جرت عليه المواسي من قريش إلا و قد أنزل الله فيه من كتابه طائفة. و الذي نفسي بيده لئن تكونوا تعلمون ما قضى الله لنا أهل البيت على

لسان النبي الامي أحب إلي من أن يكون لي مل ء هذه الرحبة ذهبا، و الله ما مثلنا في هذه الامة إلا كمثل سفينة نوح و كباب حطة في بني إسرائيل».

5047/ [7]- سليم بن قيس الهلالي: و من كتابه نسخت عن قيس بن سعد بن عبادة «3»- في حديث له مع معاوية- قال قيس: لقد قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاجتمعت الأنصار إلى أبي، ثم قالوا: نبايع سعدا. فجاءت قريش فخاصمونا بحجة علي و أهل بيته (عليهم السلام)، و خاصمونا بحقه و قرابته، فلم يعد قريش أن يكونوا ظلموا الأنصار و آل محمد (عليهم السلام)، و لعمري ما لأحد من الأنصار و لا من قريش و لا من العرب و لا من العجم في الخلافة

__________________________________________________

6- الأمالي: 145/ 5، شواهد التنزيل 1: 276/ 375، منتخب كنز العمال 1: 449.

(7) كتاب سليم بن قيس: 163.

(1) الأفن: النقص، و الأفن: ضعف الرأي. «الصحاح- أفن- 5: 2071».

(2) في المصدر: قدم.

(3) هو قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري، الخزرجي المدني، وال، صحابي، كان شريف قومه غير مدافع، و كان يحمل راية الأنصار مع النبيّ (صلى اللّه عليه و آله)، و صحب عليا (عليه السّلام) في خلافته و استعمله على مصر، و كان على مقدّمته يوم صفين، ثمّ كان مع الحسن (عليه السّلام)، و رجع بعد الصلح إلى المدينة و توفّي بها سنة (60 ه). و قيل: هرب من معاوية سنة (58 ه) و سكن تفليس فمات فيها. المحبّر: 155، الجرح و التعديل 7: 99، اسد الغابة 4: 215، سير أعلام النبلاء 3: 102، تهذيب التهذيب 8: 395.

رهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 93

حق و لا نصيب

مع علي بن أبي طالب و ولده من بعده (عليهم السلام). فغضب معاوية، و قال: يا بن سعد، عمن أخذت هذا، و عمن ترويه، و ممن سمعته، أبوك حدثك هذا و عنه أخذته؟

فقال قيس بن سعد: أخذته عمن هو خير من أبي، و أعظم علي حقا من أبي. قال: من هو؟ قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام) عالم هذه الامة و ربانيها، و صديقها و فاروقها، الذي أنزل الله فيه: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «1» فلم يدع في علي (عليه السلام) آية نزلت في علي (عليه السلام) «2» إلا ذكرها.

فقال معاوية: إن صديقها أبو بكر، و فاروقها عمر، و الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام «3».

قال قيس: أحق بهذه الأشياء «4» و أولى بها الذي أنزل الله فيه: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ و الذي أنزل الله فيه: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «5» و الذي نصبه رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم غدير خم، فقال: «من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه» و قال في غزوة تبوك: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي».

5048/ [8]- العياشي: عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الذي على بينة من ربه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الذي تلاه من بعده الشاهد منه أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم أوصياؤه واحدا بعد واحد».

5049/ [9]- عن جابر بن عبد الله بن يحيى، قال: سمعت عليا (عليه السلام) و هو يقول: «ما من رجل من

قريش إلا و قد أنزلت فيه آية أو آيتان من كتاب الله». فقال له رجل من القوم: فما نزل فيك، يا أمير المؤمنين؟ فقال: «أما تقرأ الآية التي في هود: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ محمد (صلى الله عليه و آله) على بينة من ربه، و أنا الشاهد».

5050/ [10]- (كشف الغمة): قال عباد بن عبد الله الأسدي: سمعت عليا يقول و هو على المنبر: «ما من رجل من قريش إلا و قد نزلت فيه آية أو آيتان». فقال رجل ممن تحته: فما نزلت فيك أنت؟ فغضب ثم قال: «أما إنك لو لم تسألني على رؤوس الأشهاد ما حدثتك. و يحك، هل تقرأ سورة هود.- ثم قرأ علي (عليه السلام) أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ رسول الله (صلى الله عليه و آله) على بينة، و أنا الشاهد منه».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 142/ 12.

9- تفسير العيّاشي 2: 142/ 13، تفسير الطبري 12: 11، فرائد السمطين 1: 340/ 262، الدر المنثور 4: 409.

10- كشف الغمة 1: 315، النور المشتعل: 106/ 26- 28.

(1) الرعد 13: 43.

(2) في المصدر: فلم يدع آية نزلت في عليّ.

(3) عبد اللّه بن سلام بن الحارث الاسرائيلي، صحابي، أسلم عند قدوم النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) المدينة، اتّخذ في صفّين سيفا من خشب و اعتزلها، و أقام بالمدينة إلى أن مات سنة (43 ه). الجرح و التعديل 5: 62، اسد الغابة 3: 176، سير أعلام النبلاء 2: 413، تهذيب التهذيب 5: 249، الاصابة 2: 320.

(4) في المصدر: الأسماء.

(5) الرعد 13: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 94

5051/ [11]- و عنه: قال ابن

عباس في معنى الآية: هو علي (عليه السلام) شهد للنبي (صلى الله عليه و آله) و هو منه.

5052/ [12]- ابن شهر آشوب: عن الطبري بإسناده، عن جابر بن عبد الله، عن علي (عليه السلام) و روى الأصبغ و زين العابدين و الباقر و الصادق و الرضا (عليهم السلام) أنه قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ أنا».

5053/ [13]- عن الحافظ أبي نعيم بثلاثة طرق، قال: سمعت عليا يقول: «قول الله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ رسول الله (صلى الله عليه و آله) على بينة من ربه، و أنا الشاهد».

5054/ [14]- حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ قال: هو رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ قال: هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كان- و الله- لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله).

5055/ [15]- كتاب (فصيح الخطيب): أنه سأله ابن الكواء، فقال: و ما أنزل فيك؟ قال: «قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ و قد روى زاذان نحوا من ذلك.

5056/ [16]- الثعلبي: عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ الشاهد علي (عليه السلام).

و رواه القاضي أبو عمر، و عثمان بن أحمد، و أبو نصر القشيري، في كتابيهما. و رواه الفلكي المفسر، عن مجاهد، و عن عبد الله بن شداد.

5057/ [17]- و من طريق المخالفين:

ابن المغازلي الشافعي، في تفسير قوله: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ قال: قال علي (عليه السلام): «رسول الله (صلى الله عليه و آله) على بينة من ربه، و أنا الشاهد منه، أتلوه و اتبعه».

5058/ [18]- و روى ابن المغازلي الشافعي: بإسناده عن علي بن عابس، قال: دخلت أنا و أبو مريم على عبد الله بن عطاء، قال أبو مريم: حدث عليا بالحديث الذي حدثتني به عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) جالسا إذ مر علينا ابن عبد الله بن سلام، قلت: جعلت فداك، هذا ابن الذي عنده علم «1» الكتاب؟

__________________________________________________

11- كشف الغمة 1: 3087. [.....]

12- المناقب 3: 85.

13- المناقب 3: 85.

14- المناقب 3: 85، شواهد التنزيل 1: 280/ 383.

15- المناقب 3: 86.

16- المناقب 3: 86، شواهد التنزيل 1: 279/ 381.

17- المناقب للمغازلي: 270/ 318.

18- المناقب للمغازلي: 313/ 358.

(1) في المصدر زيادة: من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 95

قال: «لا، و لكنه صاحبكم علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي نزلت فيه آيات من كتاب الله تعالى: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «1»، أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ، إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ «2» الآية».

5059/ [19]- موفق بن أحمد، قال: قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ قال ابن عباس: هو علي (عليه السلام) أول من يشهد للنبي (صلى الله عليه و آله)، و هو منه.

5060/ [20]- الثعلبي في (تفسيره) يرفعه إلى ابن عباس أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ علي خاصة.

5061/ [21]- و بإسناده عن الشعبي، يرفعه إلى علي (عليه

السلام)- في حديث طويل- قال علي (عليه السلام): «ما من رجل من قريش إلا و قد نزلت فيه الآية أو الآيتان، فقال له رجل: فأي شي ء نزل فيك؟ فقال: أما تقرأ الآية التي في هود: وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ».

5062/ [22]- أبو بكر بن مردويه، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد السري بن يحيى التميمي، حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر، حدثنا أبي، حدثنا عمي الحسين بن سعيد بن أبي الجهم، حدثنا أبي، عن أبان بن تغلب، عن مسلم، قال: سمعت أبا ذرّ، و المقداد بن الأسود و سلمان الفارسي، قالوا: كنا قعودا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما معنا غيرنا، إذ أقبل ثلاثة رهط من المهاجرين البدريين، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تفترق امتي بعدي ثلاث فرق: فرقة أهل حق لا يشوبه باطل، مثلهم كمثل الذهب، كلما فتنته «3» بالنار ازداد جودة و طيبا، و إمامهم هذا- لأحد الثلاثة- و هو الذي أمر الله به في كتابه إماما و رحمة. و فرقة أهل باطل لا يشوبونه بحق، مثلهم كمثل خبث الحديد، كلما فتنته بالنار ازداد خبثا، و إمامهم هذا- لأحد الثلاثة-. و فرقة أهل ضلالة، مذبذبين بين ذلك، لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء، و إمامهم هذا- لأحد الثلاثة-».

قال: فسألتهم عن أهل الحق و إمامهم. فقالوا: هذا علي بن أبي طالب (عليه السلام) إمام المتقين، و أمسكوا عن الاثنين، فجهدت أن يسموهما فلم يفعلوا.

و روى هذا الحديث أخطب خطباء خوارزم موفق بن أحمد، و رواه أيضا أبو الفرج المعافى، و هو شيخ البخاري «4».

__________________________________________________

19- المناقب للخوارزمي: 197.

20- ... مناقب ابن شهر آشوب 3: 86.

21- ... تفسير الطبري

12: 11، فرائد السمطين 1: 340/ 362.

22- ... الطرائف: 241/ 246.

(1) الرعد 13: 43.

(2) المائدة 5: 55. [.....]

(3) الفتنة: الاختبار. و فتنه بالنار: أي أدخلها فيها ليتميّز. «مجمع البحرين- فتن- 6: 291».

(4) ... الطرائف: 241/ 346، اليقين: 181/ 184.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 96

5063/ [23]- ابن المغازلي الشافعي: يرفعه إلى عباد بن عبد الله، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: «ما نزلت آية من كتاب الله جل و عز إلا و قد علمت متى أنزلت و فيمن أنزلت، و ما من قريش رجل إلا و قد أنزلت فيه آية من كتاب الله عز و جل، تسوقه إلى جنة أو نار». فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، فما نزل فيك؟ قال: «لو لا أنك سألتني على رؤوس الأشهاد لما حدثتك، أما تقرأ: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ رسول الله (صلى الله عليه و آله) على بينة من ربه، و أنا الشاهد منه».

و من (كتاب الحبري) مثله «1»، و من (رموز الكنوز) للرسعني مثله «2».

5064/ [24]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في خطبة له- قال: «و قال في محكم كتابه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً «3» فقرن طاعته بطاعته، و معصيته بمعصيته، فكان ذلك دليلا على ما فوض إليه، و شاهدا له على من اتبعه و عصاه. و بين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم، فقال تبارك و تعالى، في التحريض على اتباعه، و الترغيب في تصديقه و القبول لدعوته: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ

اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «4» فاتباعه (صلى الله عليه و آله) محبة الله، و رضاه غفران الذنوب و كمال الفوز و وجوب الجنة، و في التولي عنه و الإعراض محادة الله و غضبه و سخطه. و البعد منه سكن النار، و ذلك قوله تعالى: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ يعني الجحود به و العصيان له».

و قد مضى حديث في معنى الآية، عن العياشي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ الآية فليطلب هناك «5».

سورة هود(11): الآيات 18 الي 21 ..... ص : 96

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ [18]

5065/ [1]- العياشي: عن أبي عبيدة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله:

__________________________________________________

23- المناقب: 270/ 318.

24- الكافي 8: 26/ 4.

1- لم نجده في العياشي المطبوع.

(1) تفسير الحبري: 276/ 36 عن زاذان نحوه»، و في مستدرك تفسير الحبري: 340/ 79 بروآية فرات في تفسيره ص 69 عن الحبري بالإسناد عن عباد بن عبد الله الأسدي.

(2) ... عنه تحفة الأبرار: 110 (مخطوط).

(3) النساء 4: 80.

(4) آل عمران 3: 31.

(5) تقديم في الحديث (4) من تفسير الآية (12) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 97

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ إلى قوله: يَبْغُونَها عِوَجاً «1».

قال: «أي يطلبون لسبيل الله زيغا عن الاستقامة، يحرفونها بالتأويل و يصفونها بالانحراف عن الحق و الصواب».

5066/ [1]- و عن النبي (صلى الله عليه و آله) في خبر: «أن الله تعالى فرض على الخلق خمسة، فأخذوا أربعة و تركوا واحدا، فسألوا عن الأربعة، قال: الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم». قالوا: فما الواحد الذي تركوا؟

قال: «ولاية علي بن أبي طالب» قالوا: هي واجبة من الله تعالى؟ قال: «نعم، قال الله: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً» الآيات.

قوله تعالى:

وَ يَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ [18- 21]

5067/ [2]- العياشي: عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ يَقُولُ الْأَشْهادُ.

قال: «هم الأئمة (عليهم السلام): هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ».

5068/ [3]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية: يعني بالأشهاد الأئمة (عليهم السلام)، أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ لآل محمد (صلى الله عليه و آله) حقهم. ثم قال: و قوله: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ يَبْغُونَها عِوَجاً يعني يصدون عن طريق الله، و هي الإمامة وَ يَبْغُونَها عِوَجاً يعني حرفوها إلى غيرها.

ثم قال: و قوله: ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ قال: ما قدروا أن يسمعوا بذكر أمير المؤمنين (عليه السلام). ثم قال: و قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَ أي بطل عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ يعني يوم القيامة، بطل الذي يدعونه «2» غير أمير المؤمنين (عليه السلام).

__________________________________________________

1- مناقب ابن شهر آشوب 3: 199.

2- تفسير العيّاشي 2: 142/ 11.

3- تفسير القمّي 1: 325.

(1) هود 11: 19. [.....]

(2) في المصدر: الذين دعوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 98

سورة هود(11): آية 23 ..... ص : 98

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ [23] 5069/ [1]- علي بن إبراهيم قال: و قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أي تواضعوا لله و عبدوه.

5070/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد ابن عيسى، عن الحسين

بن المختار، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إن عندنا رجلا يقال له: كليب، فلا يجي ء عنكم شي ء إلا قال: أنا اسلم، فسميناه: كليب تسليم؟ قال: فترحم عليه، ثم قال: «أ تدرون ما التسليم؟» فسكتنا، فقال: «هو و الله الإخبات، قول الله عز و جل: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ».

5071/ [3]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي اسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إن عندنا رجلا يسمى كليبا، فلا يخرج عنكم حديث و لا شي ء إلا قال: أنا اسلم، فسميناه: كليب تسليم؟ قال: فترحم عليه، و قال:

«أ تدرون ما التسليم؟» فسكتنا، فقال: «هو و الله الإخبات، قول الله عز و جل: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ».

5072/ [4]- العياشي: عن أبي اسامة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن عندنا رجلا يسمى كليبا، لا يجي ء عنكم شي ء إلا قال: أنا اسلم، فسميناه: كليب تسليم؟ قال: فترحم عليه، ثم قال: «أ تدرون ما التسليم؟» فسكتنا، فقال: «هو و الله الإخبات، قول الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ».

الكشي: عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن حسين بن المختار، عن أبي اسامة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن عندنا رجلا يسمى كليبا، فلا يجي ء عنكم شي ء إلا قال: أنا اسلم. و ذكر الحديث «1».

سورة هود(11): الآيات 24 الي 31 ..... ص : 98

قوله تعالى:

مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَ الْأَصَمِّ وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 325.

2- الكافي

1: 321/ 3.

3- مختصر بصائر الدرجات: 75.

4- تفسير العيّاشي 2: 143/ 15.

(1) رجال الكشي: 339/ 627.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 99

- إلى قوله تعالى- اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ [24- 31] 5073/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني المؤمنين و الكافرين «1».

و قال في قوله تعالى: وَ ما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ: يعني الفقراء و المساكين الذين نراهم بادي الرأي.

ثم قال: و قوله: فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ الأنبياء: أي اشتبهت عليكم حتى لم تعرفوها و لم تفهموها وَ يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ أي الفقراء الذين آمنوا به.

ثم قال: و قوله: وَ يا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إلى قوله: لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ أي تقصر أعينكم عنهم و تستحقرونهم لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ.

و قد تقدم في الآية [24] حديث في قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ الآية «2»

سورة هود(11): آية 34 ..... ص : 99

قوله تعالى:

وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ [34]

5074/ [2]- العياشي: عن ابن أبي نصر البزنطي، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «قال الله في «3» نوح (عليه السلام): وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ.- قال:- الأمر إلى الله يهدي و يضل».

5075/ [3]- عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) في قوله: وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ. قال: «نزلت في العباس».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 325.

2- تفسير العيّاشي 2: 143/ 16.

3-

تفسير العيّاشي 2: 144/ 17.

(1) في المصدر: و الخاسرين.

(2) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآية (12) من هذه السورة.

(3) في المصدر زيادة: قوم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 100

و سيأتي إن شاء الله تعالى في قوله تعالى: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى حديث مسند «1».

5076/ [1]- عن علي بن إبراهيم: بإسناده عن أبي الطفيل، عن علي بن الحسين (عليهما السلام): «أنه نزلت وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي في العباس».

سورة هود(11): آية 35 ..... ص : 100

قوله تعالى:

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ [35]

5077/ [2]- الشيباني في (نهج البيان): عن مقاتل، قال: إن كفار مكة قالوا: إن محمدا افترى القرآن. قال: و روي مثل ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة هود(11): الآيات 36 الي 49 ..... ص : 100

قوله تعالى:

وَ أُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا وَ لا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ- إلى قوله تعالى- فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [36- 49]

5078/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «كان اسم نوح (عليه السلام) عبد الغفار، و إنما سمي نوحا لأنه كان ينوح على قومه» «2».

5079/ [4]- و عنه: عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 23.

2- نهج البيان 2: 146 (مخطوط). [.....]

3- علل الشرائع: 28/ 1.

4- علل الشرائع: 28/ 2.

(1) يأتي في الحديث (4) من تفسير الاية (72) من سورة الإسراء.

(2) في المصدر: على نفسه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 101

عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن سعيد بن جناح، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان اسم نوح عبد الملك، و إنما سمي نوحا لأنه بكى خمسمائة سنة».

5080/ [3]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن

أبان، عن محمد بن اورمة، عمن ذكره، عن سعيد بن جناح، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان اسم نوح عبد الأعلى، و إنما سمي نوحا لأنه بكى خمسمائة عام».

ثم قال ابن بابويه: الأخبار في اسم نوح (عليه السلام) كلها متفقة غير مختلفة، تثبت له التسمية بالعبودية، و هو عبد الغفار و الملك و الأعلى.

5081/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن الرضا (عليه السلام) قال: قلت له: لأي علة أغرق الله عز و جل الدنيا كلها في زمن نوح (عليه السلام)، و فيهم الأطفال و من لا ذنب له؟

فقال: «ما كان فيهم الأطفال، لأن الله عز و جل أعقم أصلاب قوم نوح و أرحام نسائهم أربعين عاما، فانقطع نسلهم، فاغرقوا و لا طفل فيهم، ما كان الله عز و جل ليهلك بعذابه من لا ذنب له. و أما الباقون من قوم نوح (عليه السلام) فاغرقوا لتكذيبهم نبي الله نوحا (عليه السلام)، و سائرهم اغرقوا برضاهم تكذيب المكذبين، و من غاب عن أمر فرضي به كان كمن شاهده و أتاه».

5082/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): «إن سفينة نوح كانت مأمورة، طافت بالبيت حيث غرقت الأرض، ثم أتت منى في أيامها، ثم رجعت السفينة و كانت مأمورة، و طافت بالبيت طواف النساء».

5083/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن أبي

عبد الله (عليه السلام) قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يحدث عطاء، قال: «كان طول سفينة نوح ألف ذراع و مائتي ذراع، و عرضها ثمانمائة ذراع، و طولها في السماء مائتي ذراع، و طافت بالبيت و سعت بين الصفا و المروة سبعة أشواط، ثم استوت على الجودي».

5084/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام الخراساني، عن المفضل بن عمر، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) بالكوفة أيام قدم على أبي العباس «1»، فلما انتهينا إلى الكناسة «2»، قال:

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 28/ 3.

4- علل الشرائع: 30/ 1.

5- الكافي 4: 212/ 1.

6- الكافي 4: 212/ 2.

7- الكافي 8: 279/ 421.

(1) هو أبو العباس، عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العباس بن عبد المطلب، أوّل ملوك العبّاسيين، ولد و منشأ بالشّراة سنة 104 ه، و تولى-- الخلافة في 132 ه، و توفّي في 136 ه. المحبّر: 33، تاريخ اليعقوبي 3: 73، تاريخ الطبري 9: 123، تاريخ بغداد 10: 46.

(2) الكناسة: محلّة مشهورة بالكوفة. «المعجم البلدان 4: 481».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 102

«هاهنا صلب عمي زيد (رحمه الله)» ثم مضى حتى انتهى إلى طاق الزياتين، و هو آخر السراجين، فنزل، و قال: «انزل، فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول، الذي خطه آدم (عليه السلام)، و أنا أكره أن أدخله راكبا».

قال: قلت: فمن غيره عن خطته؟ قال: «أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح (عليه السلام)، ثم غيره أصحاب كسرى و النعمان «1»، ثم غيره بعد زياد بن أبي سفيان».

فقلت: و كانت الكوفة و مسجدها في زمن نوح (عليه السلام)؟ فقال لي: «نعم- يا مفضل-

و كان منزل نوح و قومه في قرية على منزل من الفرات مما يلي غربي الكوفة- قال- و كان نوح (عليه السلام) رجلا نجارا، فجعله الله عز و جل نبيا و انتجبه، و نوح (عليه السلام) أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء- قال- و لبث نوح (عليه السلام) في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم إلى الله عز و جل، فيهزءون به و يسخرون منه، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم، فقال:

رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً «2» فأوحى الله عز و جل إلى نوح: أن اصنع سفينة و أوسعها، و عجل عملها، فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده، فأتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها».

قال المفضل: ثم انقطع حديث أبي عبد الله (عليه السلام) عند زوال الشمس، فقام أبو عبد الله (عليه السلام) فصلى الظهر و العصر، ثم انصرف من المسجد، فالتفت عن يساره، و أشار بيده إلى موضع الداريين «3»، و هو موضع دار ابن حكيم، و ذلك فرات اليوم، فقال لي: «يا مفضل، و هاهنا نصبت أصنام قوم نوح (عليه السلام) يغوث، و يعوق، و نسر». ثم مضى حتى ركب دابته، فقلت: جعلت فداك، في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها؟ قال: «في دورين».

قلت: و كم الدوران؟ قال: «ثمانون سنة».

قلت: فإن العامة يقولون: عملها في خمسمائة عام؟ فقال: «كلا، كيف و الله يقول: وَ وَحْيِنا»؟

قال: قلت: فأخبرني عن قول الله عز و جل: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ فأين كان موضعه، و كيف كان؟ فقال: «كان التنور في بيت عجوز مؤمنة في

دبر قبلة ميمنة المسجد».

فقلت له: فأين ذلك؟ قال: «موضع زاوية باب الفيل اليوم».

ثم قلت له: و كان بدء خروج الماء من ذلك التنور؟ فقال: «نعم، إن الله عز و جل أحب أن يري قوم نوح آية، ثم إن الله تبارك و تعالى أرسل عليهم المطر يفيض فيضا، و فاض الفرات فيضا، و العيون كلهن فيضا، فأغرقهم الله عز و جل و أنجى نوحا و من معه في السفينة».

__________________________________________________

(1) هو النعمان بن المنذر اللّخمي، أبو قابوس: من أشهر ملوك الحيرة في الجاهلية. و التي كانت تابعة للفرس، عز له كسرى في نهاية أمره و نفاه إلى خانقين، فسجن فيها حتّى مات سنة 15 ق ه. المحبرّ: 359، تاريخ اليعقوبي 1: 244، تاريخ الطبري 2: 115.

(2) نوح 71: 26- 27.

(3) في «ط»: موضع دار الدارين. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 103

فقلت له: كم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء فنزل «1» منها؟ فقال: «لبث فيها سبعة أيام و لياليها، و طافت بالبيت أسبوعا، ثم استوت على الجودي و هو فرات الكوفة».

فقلت له: مسجد الكوفة قديم؟ فقال: «نعم، و هو مصلى الأنبياء، و لقد صلى فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أسري به إلى السماء، فقال له جبرئيل (عليه السلام): يا محمد، هذا مسجد أبيك آدم (عليه السلام)، و مصلى الأنبياء (عليهم السلام)، فانزل فصل فيه. فنزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فصلى فيه، ثم إن جبرئيل (عليه السلام) عرج به إلى السماء».

5085/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي رزين الأسدي،

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «إن نوحا (صلى الله عليه) لما فرغ من السفينة، و كان ميعاده فيما بينه و بين ربه في إهلاك قومه أن يفور التنور، ففار التنور في بيت امرأته، فقالت: إن التنور قد فار، فقام إليه فختمه، فقام الماء «2»، و أدخل من أراد أن يدخل، و أخرج من أراد أن يخرج، ثمّ جاء إلى خاتمه فنزعه، يقول الله عز و جل: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ «3»».

قال: «و كان نجرها في وسط مسجدكم، و لقد نقص عن ذرعه سبعمائة ذراع».

5086/ [9]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «جاءت امرأة نوح (عليه السلام) و هو يعمل السفينة، فقالت له: إن التنور قد خرج منه ماء.

فقام إليه مسرعا حتى جعل الطبق عليه و ختمه بخاتمه، فقام الماء، فلما فرغ من السفينة جاء إلى الخاتم ففضه، و كشف الطبق، ففار الماء».

5087/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كانت شريعة نوح (عليه السلام) أن يعبد الله بالتوحيد و الإخلاص و خلع الأنداد، و هي الفطرة التي فطر الناس عليها، و أخذ الله ميثاقه على نوح (عليه السلام) و على النبيين (عليهم السلام) أن يعبدوا الله (تبارك و تعالى)، و لا يشركوا به شيئا، و أمر بالصلاة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و

الحلال و الحرام، و لم يفرض عليه أحكام حدود و لا فرائض مواريث، فهذه شريعته، فلبث فيهم نوح ألف سنة إلا خمسين عاما،

__________________________________________________

8- الكافي 8: 281/ 422.

9- الكافي 8: 282/ 423.

10- الكافي 8: 282/ 424.

(1) في المصدر: و خرجوا، و في «ط»: و خرج.

(2) قام الماء: جمد. «الصحاح- قوم- 5: 2016».

(3) القمر 54: 11- 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 104

يدعوهم سرا و علانية، فلا أبو و عتوا، قال: رب إني مغلوب فانتصره «1». فأوحى الله عز و جل اليه: لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ فلذلك قال نوح (عليه السلام): وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً «2» فأوحى الله عز و جل إليه: أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ» «3».

5088/ [11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن الحسن بن علي عن عمر بن أبان، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن نوحا (عليه السلام) لما غرس النوى مر عليه قومه، فجعلوا يضحكون و يسخرون، و يقولون: قد قعد غراسا. حتى إذا طال النخل و كان جبارا طوالا، قطعه ثم نحته، فقالوا: قد قعد نجارا. ثم ألفه و جعله سفينة، فمروا عليه فجعلوا يضحكون و يسخرون، و يقولون: قد قعد ملاحا في فلاة من الأرض. حتى فرغ منها (صلى الله عليه و آله)».

5089/ [12]- و عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل الجعفي و عبد الكريم بن عمرو، و عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «حمل نوح (عليه السلام) في

السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله عز و جل: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ «4» فكان من الضأن اثنين: زوج داجنة تربيها الناس، و الزوج الآخر الضأن التي تكون في الجبال الوحشية، أحل لهم صيدها و من المعز اثنين: زوج داجنة يربيها الناس، و الزوج الآخر الظباء الوحشية التي تكون في المفاوز و من الإبل اثنين: البخاتي، و العراب «5» و من البقر اثنين: زوج داجنة يربيها الناس «6»، و الزوج الآخر البقر الوحشية و كل طير طيب: وحشي أو إنسي، ثم غرقت الأرض».

5090/ [13]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن داود بن أبي يزيد، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ارتفع الماء على كل جبل، و على كل سهل خمسة عشر ذراعا».

5091/ [14]- الشيخ: بإسناده عن أبي القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله (عليهم السلام) قال: «إن الله عز و جل أوحى إلى نوح (عليه السلام)- و ذكر الحديث و قال فيه- ثم ورد إلى باب الكوفة،

__________________________________________________

11- الكافي 8: 283/ 425.

12- الكافي 8: 283/ 427.

13- الكافي 8: 284/ 428.

14- التهذيب 6: 22/ 51.

(1) تضمين من سورة القمر 54: 10.

(2) نوح 71: 27.

(3) المؤمنون 23: 27.

(4) الأنعام 6: 143 و 144. [.....]

(5) البخاتي: الإبل الخراسانيّة، و العرب: خلافها، و واحدها عربيّ. «الصحاح- عرب- 1: 179 و لسان العرب- بخت- 2: 9».

(6) في المصدر:

داجنة للناس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 105

في وسط مسجدها، ففيها قال الله تعالى للأرض: ابْلَعِي ماءَكِ فبلعت ماءها من مسجد الكوفة، كما بدأ الماء منه «1»، و تفرق الجمع الذي كان مع نوح (عليه السلام) في السفينة».

5092/ [15]- ابن بابويه: عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر، عن جعفر بن محمد بن يحيى، عن غالب، عن أبي خالد، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ. قال: «كانوا ثمانية».

5093/ [16]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قال الرضا (عليه السلام): «لما هبط نوح (عليه السلام) إلى الأرض، كان هو و ولده و من تبعه ثمانين نفسا، فبنى حيث نزل قرية، فسماها قرية فسماها قرية الثمانين، لأنهم كانوا ثمانين».

5094/ [17]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن الرضا (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «قال أبي (عليه السلام): قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله عز و جل قال لنوح (عليه السلام): يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ لأنه كان مخالفا له، و جعل من اتبعه من أهله» «2».

قال: و سألني «كيف يقرءون هذه الآية في ابن نوح؟». فقلت: يقرؤها الناس على وجهين: (إنه عمل غير صالح) و (إنه عمل غير صالح) «3». فقال: كذبوا هو ابنه، و لكن

الله عز و جل نفاه عنه حين خالفه في دينه».

__________________________________________________

15- معاني الأخبار: 151/ 1.

16- علل الشرائع: 30/ 1.

17- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 75/ 3.

(1) في «ط»: منها.

(2) في «س»: من أمته.

(3) قرأ الكسائي و يعقوب و سهل: (إنّه عمل غير صالح) و قرأ الباقون: (عمل غير صالح).

قال أبو عليّ الطبرسي: من قرأ: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فالمراد أنّ سؤالك ما ليس لك به علم عمل غير صالح. و يحتمل أن يكون الضمير في (إنّه) لما دلّ عليه قوله: ارْكَبْ مَعَنا وَ لا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ هود: 42، فيكون تقدره: أنّ كونّك مع الكافرين و انحيازك إليهم و تركك الركوب معنا و الدخول في جملتنا، عمل غير صالح. و يجوز أن يكون الضمير لابن نوح، كانّه جعل عملا غير صالح، كما يجعل الشي ء الشي ء لكثرة ذلك منه، كقولهم: الشعر زهير. أو يكون المراد أنّه ذو عمل غير صالح صالح فحذف المضاف.

و من قرأ: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فيكون في المعنى كقراءة من قرأ: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ و هو يجعل الضمير لابن نوح. و تكون القراءتان متّفقتين في المعنى، و إن اختلفتا في اللفظ.

و من ضعّف هذه القراءة بانّ العرب لا تقول: هو يعمل غير حسن، حتّى يقولوا: عمل غير حسن، فالقول فيه: إنّهم يقيمون الصفة مقام الموصوف عند ظهور المعنى، فيقول القائل: قد فعلت صوابا، و قلت حسنا، بمعنى فعلت فعلا صوابا، و قلت قولا حسنا.

قال عمر بن أبي ربيعة:

أيّها القائل غير الصواب أخر النّصح و أقلل عتابي مجمع البيان 5: 251.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 106

5095/ [18]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن

أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «بقي نوح في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم إلى الله عز و جل فلم يجيبوه، فهم أن يدعو عليهم، فوافاه عند طلوع الشمس اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الدنيا، و هم العظماء من الملائكة، فقال لهم نوح (عليه السلام): من أنتم «1»؟ فقالوا: نحن اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدنيا، و إن مسيرة غلظ سماء الدنيا خمسمائة عام، و من سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام، و خرجنا عند طلوع الشمس، و وافيناك في هذا الوقف، فنسألك أن لا تدعو على قومك. فقال نوح: قد أجلتهم «2» ثلاثمائة سنة.

فلما أتى عليهم ستمائة سنة و لم يؤمنوا، هم أن يدعو عليهم، فوافاه اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية، فقال نوح: من أنتم؟ فقالوا نحن اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية، و غلظ السماء الثانية مسيرة خمسمائة عام، و من السماء الثانية إلى سماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، و من سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام، خرجنا عند طلوع الشمس، و وافيناك ضحوة نسألك أن لا تدعو على قومك. فقال نوح: قد أجلتهم «3» ثلاثمائة سنة.

فلما أتى عليهم تسعمائة سنة و لم يؤمنوا، هم أن يدعو عليهم، فأنزل الله عز و جل: أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ فقال نوح: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً «4».

فأمره الله أن يغرس النخل، فأقبل يغرس، فكان قومه يمرون به فيسخرون منه و يستهزئون به، و يقولون:

شيخ قد أتى له

تسعمائة سنة يغرس النخل! و كانوا يرمونه بالحجارة، فلما أتى لذلك خمسون سنة و بلغ النخل و استحكم أمر بقطعه، فسخروا منه، و قالوا: بلغ النخل مبلغه، و هو قوله: وَ كُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.

فأمره الله أن ينحت السفينة، و أمر جبرئيل أن ينزل عليه و يعلمه كيف يتخذها «5»، فقدر طولها في الأرض ألف و مائتا ذراع، و عرضها ثمانمائة ذراع، و طولها في السماء ثمانون ذراعا. فقال: يا رب من يعينني على اتخاذها؟

فأوحى الله إليه: ناد في قومك: من أعانني عليها و نجر منها شيئا صار ما ينجره ذهبا و فضة، فنادى نوح فيهم بذلك فأعانوه عليها، و كانوا يسخرون منه و يقولون يتخذ «6» سفينة في البر!».

__________________________________________________

18- تفسير القمّي 1: 325.

(1) في «ط»: ما أنتم.

(2) في «ط» نسخة بدل: احتملتهم.

(3) في «ط» نسخة بدل: احتملتهم.

(4) نوح 71: 26- 27.

(5) في «ط»: ينحتها. [.....]

(6) في المصدر: ينحت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 107

5096/ [19]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أراد الله عز و جل هلاك قوم نوح عقم أرحام النساء أربعين سنة، فلم يولد فيهم مولود، فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة أمره الله أن ينادي بالسريانية فلا تبقى بهيمة و لا حيوان إلا حضر، فأدخل من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين في السفينة، و كان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلا. فقال الله عز و جل: احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَ أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَ مَنْ

آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ و كان نجر السفينة في مسجد الكوفة، فلما كان في اليوم الذي أراد الله إهلاكهم، كانت امرأة نوح تخبز في الموضع الذي يعرف ب (فار التنور) في مسجد الكوفة، و قد كان نوح اتخذ لكل ضرب من أجناس الحيوان موضعا في السفينة، و جمع لهم فيها جميع ما يحتاجون من الغذاء، فصاحت امرأته لما فار التنور، فجاء نوح إلى التنور فوضع عليه طينا و ختمه، حتى أدخل جميع الحيوان السفينة.

ثم جاء إلى التنور ففض الخاتم و رفع الطين، و انكسفت الشمس، و جاء من السماء ماء منهمر، صب بلا قطر، و تفجرت الأرض عيونا، و هو قوله عز و جل: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ «1» و قال الله عز و جل: ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها يقول: مجراها: أي مسيرها، و مرساها: أي موقفها.

فدارت السفينة، و نظر نوح إلى ابنه يقع و يقوم، فقال له: يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَ لا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ فقال ابنه، كما حكى الله عز و جل: سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ فقال نوح: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ثم قال نوح: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ فقال الله: يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فقال نوح، كما حكى الله: رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَ إِلَّا

تَغْفِرْ لِي وَ تَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ فكان كما حكى الله: وَ حالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ».

فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): «فدارت السفينة، فضربها الموج حتى وافت مكة و طافت بالبيت، و غرق جميع الدنيا إلا موضع البيت و إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق، فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباحا، و من الأرض عيونا، حتى ارتفعت السفينة، فسحت «2» السماء- قال- فرفع نوح (عليه السلام) يده، فقال: يا دهمان، أيقن.

و تفسيرها يا رب احبس «3». فأمر الله الأرض أن تبلغ ماءها، و هو قوله: وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي أي أمسكي وَ غِيضَ الْماءُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ فبلعت الأرض ماءها، فأراد ماء السماء أن يدخل في الأرض، فامتنعت الأرض عن قبوله، و قالت: إنما أمرني الله عز و جل أن أبلع مائي، فبقي ماء

__________________________________________________

19- تفسير القمّي 1: 326.

(1) القمر 54: 11- 13.

(2) سحّ الماء: صبّ، و سال من فوق. «الصحاح- سحح- 1: 373».

(3) في المصدر: يا رهمان اخفرس (أ تغرك) تفسيرها ربّ أحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 108

السماء على وجه الأرض، و استوت السفينة على جبل الجودي، و هو بالموصل جبل عظيم، فبعث الله جبرئيل فساق الماء إلى البحار حول الدنيا. و أنزل الله على نوح: يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَ بَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَ عَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَ أُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ فنزل نوح- بالموصل- من السفينة مع الثمانين، و بنوا مدينة الثمانين، و كان لنوح بنت ركبت معه في السفينة، فتناسل الناس منها، و ذلك قول النبي (صلى الله عليه و آله): نوح

أحد الأبوين. ثم قال الله تعالى لنبيه: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَ لا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ».

5097/ [20]- علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن موسى بن أكيل النميري، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ.

فقال: «ليس بابنه، إنما هو ابنه من زوجته، و هو على لغة طيئ، يقولون لا بن المرأة (أبنه). فقال نوح: رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَ إِلَّا تَغْفِرْ لِي وَ تَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ».

5098/ [21]- محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن بكر بن محمد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ أي ابنها، و هي لغة طيئ».

5099/ [22]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن كثير النواء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن نوحا (عليه السلام) ركب السفينة أول يوم من رجب، فأمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم، و قال: من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النيران «1» مسيرة سنة».

الشيخ في (أماليه) قال: حدثنا والدي، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن الحسن بن مت الجوهري، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن كثير النواء، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، الحديث بعينه إلا أن

فيه: «تباعدت عنه النار» «2».

5100/ [23]- العياشي: عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كانت شريعة نوح (عليه السلام) أن يعبد الله بالتوحيد و الإخلاص و خلع الأنداد، و هي الفطرة التي فطر الناس عليها، و أخذ ميثاقه على نوح و النبيين أن يعبدوا الله و لا يشركوا به شيئا، و أمره بالصلاة و الأمر و النهي و الحلال و الحرام، و لم يفرض عليه أحكام حدود و لا

__________________________________________________

20- تفسير القمّي 1: 328.

21- قرب الاسناد: 20.

22- من لا يحضره الفقيه 2: 55/ 243.

23- تفسير العيّاشي 2: 144/ 18.

(1) في المصدر: النار.

(2) الأمالي 1: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 109

فرض مواريث، فهذه شريعته، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم سرا و علانية، فلما أبوا و عتوا قال:

رب اني مغلوب فانتصر «1». فأوحى الله: أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ فلذلك قال نوح: وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً «2» و أوحى الله إليه: أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ» «3».

5101/ [24]- عن المفضل بن عمر، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) بالكوفة أيام قدم على أبي العباس، فلما انتهينا إلى الكناسة، نظر عن يساره، ثم قال: «يا مفضل، ها هنا صلب عمي زيد (رحمه الله)». ثم مضى حتى أتى طاق الزياتين و هو آخر السراجين، فنزل، فقال لي: «انزل، فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول، الذي خطه آدم، و أنا أكره أن أدخله راكبا».

فقلت له: فمن غيره عن خطته فقال: «أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح، ثم غيره بعد أصحاب كسرى و النعمان بن المنذر، ثم غيره زياد بن أبي سفيان».

فقلت له:

جعلت فداك، و كانت الكوفة و مسجدها في زمن نوح؟ فقال: «نعم- يا مفضل- و كان منزل نوح و قومه في قرية على متن الفرات، مما يلي غربي الكوفة- قال- و كان نوح رجلا نجارا، فأرسله «4» الله و انتجبه، و نوح أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء و إن نوحا لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم إلى الهدى، فيمرون به و يسخرون منه، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم، فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إلى قوله: إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً «5».- قال- فأوحى الله إليه: يا نوح، أن اصنع الفلك و أوسعها، و عجل علمها بأعيننا. و وحينا، فعمل نوح سفينته في مسجد الكوفة بيده، يأتي بالخشب من بعد حتى فرغ منها».

قال المفضل: ثم انقطع حديث أبي عبد الله (عليه السلام) عند ذلك، عند زوال الشمس، فقام فصلى الظهر ثم العصر، ثم انصرف من المسجد، فالتفت عن يساره، و أشار بيده إلى موضع دار الداريين، و هي «6» في موضع دار ابن حكيم، و ذلك فرات اليوم، ثم قال لي: «يا مفضل ها هنا نصبت أصنام قوم نوح: يغوث، و يعوق، و نسر». ثم مضى حتى ركب دابته، فقلت له: جعلت فداك، في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها؟ قال: «في دورين».

فقلت: و كم الدوران؟ قال: «ثمانون سنة».

قلت: فإن العامة تقول: عملها في خمسمائة عام؟ فقال: «كلا، كيف و الله يقول: وَ وَحْيِنا؟!».

__________________________________________________

24- تفسير العيّاشي 2: 144/ 19.

(1) تضمين من سورة القمر 54: 10.

(2) نوح 71: 27. [.....]

(3) المؤمنون 23: 27.

(4) في «ط»: فانتباه.

(5) نوح 71: 26- 27.

(6) في «س»: دار الدارين، و هو.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 3، ص: 110

5102/ [25]- عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، قال: كانت السفينة طولها أربع و أربعون في أربعين سمكها، و كانت مطبقة «1» بطبق، و كان معه خرزتان، تضي ء إحداهما بالنار ضوء الشمس، و تضي ء إحداهما بالليل ضوء القمر، فكانوا يعرفون وقت الصلاة، و كانت عظام آدم معه في السفينة، فلما خرج من السفينة صير قبره تحت المنارة التي بمسجد منى «2».

5103/ [26]- عن المفضل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أ رأيت قول الله: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ ما هذا التنور، و أين كان موضعه، و كيف كان؟ فقال: «كان التنور حيث و صفت لك».

فقلت: فكان بدء خروج الماء من ذلك التنور؟ فقال: نعم، إن الله أحب أن يري قوم نوح الآية، ثم إن الله بعده أرسل عليهم مطرا يفيض فيضا، و فاض الفرات فيضا أيضا، و العيون كلهن «3»، فغرقهم الله و أنجى نوحا و من معه في السفينة».

فقلت له: و كم لبث نوح و من معه في السفينة حتى نضب الماء و خرجوا منها؟ فقال: «لبثوا فيها سبعة أيام و لياليها، و طافت بالبيت، ثم استوت على الجودي، و هو فرات الكوفة».

فقلت له: إن مسجد الكوفة لقديم؟ فقال: «نعم، و هو مصلى الأنبياء، و لقد صلى فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث انطلق به جبرئيل على البراق، فلما انتهى به إلى دار السلام، و هو ظهر الكوفة، و هو يريد بيت المقدس، قال له: يا محمد، هذا مسجد أبيك آدم، و مصلى الأنبياء، فانزل فصل فيه. فنزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فصلى، ثم انطلق به إلى بيت

المقدس فصلى، ثم إن جبرئيل عرج به إلى السماء».

5104/ [27]- عن الحسن بن علي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاءت امرأة نوح إليه و هو يعمل السفينة، فقالت له: إن التنور قد خرج منه ماء، فقام إليه مسرعا حتى جعل الطبق عليه، فختمه بخاتمه، فقام الماء، فلما فرغ نوح من السفينة جاء إلى خاتمه ففضه، و كشف الطبق، ففار الماء».

5105/ [28]- أبو عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «مسجد الكوفة فيه فار التنور، و نجرت السفينة، و هو سرة بابل، و مجمع الأنبياء».

5106/ [29]- عن سلمان الفارسي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث له في فضل مسجد الكوفة- «فيه

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 2: 145/ 20.

26- تفسير العيّاشي 2: 146/ 21.

27- تفسير العيّاشي 2: 147/ 22.

28- تفسير العيّاشي 2: 147/ 23.

29- تفسير العيّاشي 2: 147/ 24.

(1) في «ط»: منطبقة.

(2) قال المجلسي (رحمه اللّه): و أكثر أخبارنا تدلّ على كون قبره (عليه السّلام) في الغريّ. البحار 11: 333.

(3) زاد في المصدر و «ط»: عليها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 111

نجرت سفينة نوح، و فيه فار التنور، و به كان بيت نوح و مسجده، و في الزاوية اليمنى فار التنور». يعني بمسجد الكوفة.

5107/ [30]- عن الأعمش، رفعه إلى علي (عليه السلام) في قوله: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ.

فقال: «أما و الله ما هو تنور الخبز» ثم أومأ بيده إلى الشمس، فقال: «طلوعها».

5108/ [31]- عن إسماعيل بن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «صنعها في مائة سنة، ثم أمره أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين، الأزواج الثمانية الحلال التي خرج بها آدم من الجنة، ليكون معيشة

لعقب نوح في الأرض، كما عاش عقب آدم، فإن الأرض تغرق و ما فيها إلا ما كان معه في السفينة».

قال: «فحمل نوح في السفينة من الأزواج الثمانية التي قال الله: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ «1»، مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ... وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ «2» فكان زوجين من الضأن: زوج يربيها الناس و يقومون بأمرها، و زوج من الضأن التي تكون في الجبال الوحشية، أحل لهم صيدها و من المعز اثنين: زوج يربيه الناس، و زوج من الظباء، و من البقر اثنين. زوج يربيه الناس، و زوج هو البقر الوحشي، و من الإبل زوجين و هي: البخاتي و العراب، و كل طير وحشي أو إنسي، ثم غرقت الأرض».

5109/ [32]- عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أن نوحا حمل الكلب في السفينة، و لم يحمل ولد الزنا».

5110/ [33]- عن عبيد الله الحلبي، عنه (عليه السلام)، قال: «ينبغي لولد الزنا أن لا تجوز له شهادة، و لا يؤم بالناس، لم يحمله نوح في السفينة و قد حمل فيها الكلب و الخنزير».

5111/ [34]- عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ.

قال: «كانوا ثمانية».

5112/ [35]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ.

قال: «إنما في لغة طيئ (أبنه) بنصب الألف يعني ابن امرأته».

5113/ [36]- عن موسى، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ.

__________________________________________________

30- تفسير العيّاشي 2: 147/ 25.

31- تفسير العيّاشي 2: 147/ 26. [.....]

32- تفسير العيّاشي 2: 148/ 27.

33- تفسير العيّاشي 2: 148/

28.

34- تفسير العيّاشي 2: 148/ 29.

35- تفسير العيّاشي 2: 148/ 30.

36- تفسير العيّاشي 2: 148/ 31.

(1) الزمر 39: 6.

(2) الأنعام 6: 143- 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 112

قال: «ليس بابنه، إنما هو ابن امرأته، و هي لغة طيئ يقولون لابن المرأة (أبنه) قال نوح: رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ إلى الْخاسِرِينَ».

5114/ [37]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول نوح: (يا بنى اركب معنا)، قال: «ليس بابنه».

قال: قلت: إن نوحا قال: يا بني؟ قال: «فإن نوحا قال ذلك و هو لا يعلم».

5115/ [38]- عن إبراهيم بن أبي العلاء، عن غير واحد، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «لما قال الله: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي قالت الأرض: إنما أمرت أن أبلع مائي أنا فقط، و لم أؤمر أن أبلع ماء السماء،- قال- فبلعت الأرض ماءها، و بقي ماء السماء فصير بحرا حول الدنيا» «1».

5116/ [39]- عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ.

قال: «نزلت بلغة الهند: اشربي».

5117/ [40]- و في رواية عباد، عنه (عليه السلام): يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ حبشية».

5118/ [41]- عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام)، يحدث عطاء، قال: كان [طول سفينة نوح ألف ذراع و مائتي ذراع، و عرضها ثمانمائة ذراع، و طولها في السماء ثمانين ذراعا، و طافت بالبيت سبعا، وسعت بين الصفا و المروة سبعة أشواط، ثم استوت على الجودي».

5119/ [42]- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «استوت على الجودي، هو فرات الكوفة».

5120/ [43]- عن أبي بصير، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال:

قال: «يا أبا محمد، إن الله أوحى إلى الجبال أني واضع «2» سفينة نوح على جبل منكن في الطوفان، فتطاولت و شمخت، و تواضع جبل عندكم بالموصل، يقال له الجودي، فمرت السفينة تدور في الطوفان على الجبال كلها حتى انتهت إلى الجودي فوقعت عليه، فقال نوح بالسريانية بارات قني بارات قني «3»». قال: قلت له: جعلت فداك، أي شي ء هذا الكلام؟ فقال: «اللهم أصلح، اللهم أصلح».

__________________________________________________

37- تفسير العيّاشي 2: 149/ 32.

38- تفسير العيّاشي 2: 149/ 33.

39- تفسير العيّاشي 2: 149/ 34.

40- تفسير العيّاشي 2: 149 ذيل الحديث 34.

41- تفسير العيّاشي 2: 149/ 35.

42- تفسير العيّاشي 2: 149/ 36.

43- تفسير العيّاشي 2: 15/ 37. [.....]

(1) في المصدر: حول السماء و حول الدنيا.

(2) في المصدر: إنّي مهرق.

(3) في «ط» بالسريانيّة كلاما، و في المصدر: يا راتقي يا راتقي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 113

5121/ [44]- عن أبي بصير، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: «كان نوح في السفينة، فلبث فيها ما شاء الله، و كانت مأمورة فخلى سبيلها نوح، فأوحى الله إلى الجبال: أني واضع سفينة عبدي نوح على جبل منكم، فتطاولت الجبال و شمخت غير الجودي، و هو جبل بالموصل، فضرب جؤجؤ السفينة «1» الجبل، فقال نوح عند ذلك: رب أتقن. و هو بالعربية: رب أصلح».

5122/ [45]- و روى كثير النواء عن أبي جعفر (عليه السلام)، يقول: «سمع نوح صرير السفينة على الجودي، فخاف عليها، فأخرج رأسه من كوة كانت فيها، فرفع يده و أشار بإصبعه، و هو يقول: يا رهمان «2» أتقن، تأويلها: رب أحسن».

5123/ [46]- عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما ربك نوح في السفينة قيل:

بعدا للقوم الظالمين».

5124/ [47]- عن الحسن بن علي الوشاء، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله قال لنوح: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ لأنه كان مخالفا له، و جعل من اتبعه من أهله».

قال: و سألني: «كيف يقرءون هذه الآية في نوح؟». قلت: يقرؤها الناس على وجهين: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ، و إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فقال: «كذبوا، هو ابنه، و لكن الله نفاه عنه حين خالفه في دينه».

سورة هود(11): الآيات 50 الي 53 ..... ص : 113

قوله تعالى:

وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ- إلى قوله تعالى- وَ ما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَ ما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ [50- 53]

5125/ [1]- ابن شهر آشوب: قيل لزين العابدين (عليه السلام): إن جدك كان يقول: «إخواننا بغوا علينا».

__________________________________________________

44- تفسير العيّاشي 2: 150/ 38.

45- تفسير العيّاشي 2: 151/ 39.

46- تفسير العيّاشي 2: 151/ 40.

47- تفسير العيّاشي 2: 151/ 41.

1- المناقب 3: 218، الاحتجاج: 312.

(1) جؤجؤ السفينة: صدرها. «الصحاح- جأجأ- 1: 39».

(2) في المصدر: و «ط»: ربعمان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 114

فقال (عليه السلام): «أما تقرأ كتاب الله: وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً؟ فهو «1» مثلهم، أنجاه الله و الذين معه، و أهلك عادا بالريح العقيم».

5126/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: قال: إن عادا كانت بلادهم في البادية، من المشرق «2» إلى الأفجر «3»، أربعة منازل، و كان لهم زرع و نخيل كثير، و لهم أعمار طويلة و أجسام طويلة، فعبدوا الأصنام فبعث الله إليهم هودا يدعوهم إلى الإسلام و خلع الأنداد،

فأبوا و لم يؤمنوا بهود و آذوه، فكفت عنهم السماء سبع سنين حتى قحطوا، و كان هود زراعا، و كان يسقي الزرع، فجاء قوم إلى بابه يريدونه فخرجت عليهم امرأة شمطاء «4» عوراء، فقالت لهم:

من أنتم؟ فقالوا: نحن من بلاد كذا و كذا، أجدبت بلادنا فجئنا إلى هود نسأله أن يدعو الله لنا حتى نمطر و تخصب بلادنا فقالت: لو استجيب لهود لدعا لنفسه، فقد احترق زرعه لقلة الماء.

فقالوا: و أين هو؟ قالت: هو في موضع كذا و كذا. فجاءوا إليه، فقالوا يا نبي الله، قد أجدبت بلادنا و لم نمطر، فاسئل الله أن تخصب بلادنا و تمطر. فتهيأ للصلاة و صلى و دعا لهم، فقال لهم: «ارجعوا فقد أمطرتم و أخصبت بلادكم».

فقالوا: يا نبي الله، إنا رأينا عجبا. قال: «و ما رأيتم؟» قالوا: رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء، قالت لنا: من أنتم، و ما تريدون؟ قلنا: جئنا إلى نبي الله هود ليدعو الله لنا فنمطر. فقالت: لو كان هود داعيا لدعا لنفسه، فإن زرعه قد احترق.

فقال هود: «تلك أهلي، و أنا أدعو الله لها بطول العمر و البقاء» قالوا. و كيف ذاك! قال: «لأنه ما خلق الله مؤمنا إلا و له عدو يؤذيه، و هي عدوي، فلئن يكون عدوي ممن أملكه خير من أن يكون عدوي ممن يملكني».

فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله، و ينهاهم عن عبادة الأصنام حتى خصبت بلادهم، و أنزل الله عليهم المطر، و هو قوله عز و جل: وَ يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ قالوا، كما حكى الله: يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ

وَ ما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَ ما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ الآية، فلما لم يؤمنوا أرسل الله عليهم الريح الصرصر، يعني الباردة، و هو قوله في سورة القمر:

كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ «5» و حكى في سورة الحاقة، فقال: وَ أَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ

__________________________________________________

2- تفسير القمي 1: 329.

(1) في المصدر: فهم.

(2) في المصدر: الشقيق، و في تفسير القمي 2: 298 (سورة الأحقاف) قال: و الأحقاف بلاد عاد من الشقوق إلى الأجفر. و جميعا تطلق على عدة مواضع في البادية. انظر «معجم البلدان 3: 356 و 5: 133».

(3) الأجفر: موضع بين فيد و الخزيمية. «معجم البلدان 1: 102». [.....]

(4) الشمط: بياض شعر الرأس يخالطه سواده. «الصحاح- شمط- 3: 1138».

(5) القمر 54: 18- 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 115

سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً «1» قال: كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال و ثمانية أيام.

5127/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الريح العقيم تخرج من تحت الأرضين السبع، و ما يخرج منها شي ء قط إلا على قوم عاد حين غضب الله عليهم، فأمر الخزان أن يخرجوا منها مثل سعة الخاتم، فعصت على الخزنة، فخرج منها مثل مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، فضج الخزنة إلى الله من ذلك، و قالوا: يا ربنا، إنها قد عتت علينا، و نحن نخاف أن يهلك من لم يعصك من خلقك و عمار بلادك، فبعث الله عز و جل جبرئيل فردها بجناحه،

و قال لها: اخرجي على ما أمرت به. فرجعت و خرجت على ما أمرت به، فأهلكت قوم عاد و من كان بحضرتهم».

5128/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث- قال: قال: «و أما الريح العقيم فإنها ريح عذاب، لا تذر «2» شيئا من الأرحام، و لا شيئا من النبات، و هي ريح تخرج من تحت الأرضين السبع، و ما خرجت منها ريح قط، إلا على قوم عاد حين غضب الله تعالى عليهم».

و ذكر الحديث كما تقدم بتغيير يسير في بعض الألفاظ.

سورة هود(11): آية 56 ..... ص : 115

قوله تعالى:

إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [56]

5129/ [1]- العياشي: عن أبي معمر السعدي، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ: «يعني أنه على حق، يجزي بالإحسان إحسانا، و بالسي ء سيئا، و يعفو عمن يشاء و يغفر سبحانه و تعالى».

سورة هود(11): آية 61 ..... ص : 115

قوله تعالى:

وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ [61]

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 330.

4- الكافي 8: 92/ 64.

1- تفسير العيّاشي 2: 151/ 42.

(1) الحاقّة 69: 6- 7.

(2) في المصدر: لا تلقح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 116

5130/ [1]- العياشي: عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن علي بن الحسين (صلوات الله عليه) كان في المسجد الحرام جالسا، فقال له رجل من أهل الكوفة. قال علي (عليه السلام): «إن إخواننا بغوا علينا»؟

فقال له علي بن الحسين (صلوات الله عليه): يا عبد الله، أما تقرأ كتاب الله: وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً «1»؟ فأهلك الله عادا، و أنجى هودا: وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً فأهلك الله ثمودا و أنجى صالحا».

5131/ [2]- عن يحيى بن المساور الهمداني، عن أبيه، قال: جاء رجل من أهل الشام إلى علي بن الحسين (عليه السلام) فقال: أنت علي بن الحسين؟ قال: «نعم». قال: أبوك الذي قتل المؤمنين، فبكى علي بن الحسين ثم مسح عينيه، فقال: «ويلك، كيف قطعت على أبي أنه قتل المؤمنين؟» قال: قوله: «إخواننا قد بغوا علينا، فقاتلناهم على بغيهم».

فقال: «ويلك، أما تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قال: «فقد قال الله: وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً «2»،

وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً فكانوا إخوانهم في دينهم أو في عشيرتهم؟» قال له الرجل: لا، بل في عشيرتهم.

قال: «فهؤلاء إخوانهم في عشيرتهم و ليسوا إخوانهم في دينهم». قال: فرجت عني، فرج الله عنك.

5132/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سأل جبرئيل (عليه السلام) كيف كان مهلك قوم صالح (عليه السلام)؟ فقال: يا محمد، إن صالحا بعث إلى قومه و هو ابن ست عشرة سنة، فلبث فيهم حتى بلغ عشرين و مائة سنة، لا يجيبونه إلى خير، قال: و كان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله عز ذكره فلما رأى ذلك منهم، قال: يا قوم، بعثت إليكم و أنا ابن ست عشرة سنة، و قد بلغت عشرين و مائة سنة، و أنا أعرض عليكم أمرين: إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما سألتموني الساعة، و إن شئتم سألت آلهتكم، فإن أجابتني بالذي سألت خرجت عنكم، فقد سئمتكم و سئمتموني.

قالوا: لقد أنصفت، يا صالح. فاتعدوا ليوم يخرجون فيه، قال: فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم، ثم قربوا طعامهم و شرابهم فأكلوا و شربوا، فلما أن فرغوا دعوه، فقالوا: يا صالح اسأل، فقال لكبيرهم: ما اسم هذا؟ قالوا:

فلان. فقال له صالح: يا فلان، أجب. فلم يجبه، فقال صالح: ماله لا يجيب؟ قالوا: ادع غيره. فدعاها كلها بأسمائها فلم يجبه منها شي ء، فأقبلوا على أصنامهم، فقالوا لها: مالك لا تجيبين صالحا؟ فلم تجب.

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 151/ 43.

2- تفسير العيّاشي 2: 20/ 53.

3- الكافي 8: 185/ 213.

(1) الأعراف 7: 65، هود 11:

50.

(2) الأعراف 7: 85، هود 11: 84، العنكبوت 29: 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 117

فقالوا: تنح عنا، و دعنا و آلهتنا ساعة. ثم نحوا بسطهم و فرشهم، و نحوا ثيابهم، و تمرغوا على التراب، و طرحوا التراب على رؤوسهم، و قالوا لأصنامهم: لئن لم تجبن صالحا اليوم ليفضحنا «1». قال: ثم دعوه فقالوا: يا صالح، ادعها. فدعاها فلم تجبه.

فقال لهم: يا قوم، قد ذهب صدر النهار، و لا أرى آلهتكم تجيبني، فسألوني حتى أدعوا إلي فيجيبكم الساعة. فانتدب له منهم سبعون رجلا من كبرائهم و المنظور إليهم منهم، فقالوا: يا صالح، نحن نسألك، فإن أجابك ربك اتبعناك و أجبناك، و يبايعك جميع أهل قريتنا.

فقال لهم صالح (عليه السلام): سلوني ما شئتم. فقالوا: تقدم بنا إلى هذا الجبل. و كان الجبل قريبا منهم، فانطلق معهم صالح، فلما انتهوا إلى الجبل، قالوا: يا صالح، ادع لنا ربك يخرج لنا من هذا الجبل الساعة ناقة حمراء شقراء وبراء عشراء، بين جنبيها ميل «2»، فقال لهم صالح: قد سألتموني شيئا يعظم علي و يهون على ربي جل و عز و تعالى.

قال: فسأل الله تبارك و تعالى صالح ذلك، فانصدع الجبل صدعا كادت تطير منه عقولهم لما سمعوا ذلك، ثم اضطرب ذلك الجبل اضطرابا شديدا، كالمرأة إذا أخذها المخاض، ثم لم يفجأهم إلا رأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع، فما استتمت رقبتها حتى اجترت، ثم خرج سائر جسدها، ثم استوت قائمة على الأرض، فلما رأوا ذلك، قالوا يا صالح، ما أسرع ما أجابك ربك! ادع لنا ربك يخرج لنا فصيلها، فسأل الله عز و جل، فرمت به، فدب حولها.

فقال لهم: يا قوم، أبقي شي ء قالوا: لا، انطلق بنا

إلى قومنا نخبرهم بما رأينا و يؤمنون بك. قال: فرجعوا، فلم يبلغ السبعون إليهم حتى ارتد منهم أربعة و ستون رجلا، قالوا: سحر و كذب. قال: فانتهوا إلى الجميع، فقال الستة:

حق، و قال الجميع: كذب و سحر، قال: فانصرفوا على ذلك ثم ارتاب من الستة واحد، فكان فيمن عقرها».

قال ابن محبوب: فحدثت بهذا الحديث رجلا من أصحابنا، يقال له: سعيد بن يزيد، فأخبرني أنه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام، قال: فرأيت جنبها قد حك الجبل فأثر جنبها فيه، و جبل آخر بينه و بين هذا ميل.

5133/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ «3»؟

قال: «هذا فيما كذبوا به صالحا، و ما أهلك الله عز و جل قوما قط حتى يبعث إليهم قبل ذلك الرسل، فيحتجوا عليهم، فبعث الله إليهم صالحا فدعاهم إلى الله، فلم يجيبوه و عتوا عليه، و قالوا: لن نؤمن لك حتى تخرج

__________________________________________________

4- الكافي 8: 187/ 214.

(1) في المصدر: لتفضحن. [.....]

(2) أي المسافة بين جنبيها قدر ميل.

(3) القمر 54: 23- 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 118

لنا من هذه الصخرة ناقة عشراء، و كانت الصخرة يعظمونها و يعبدونها، و يذبحون «1» عندها في رأس كل سنة، و يجتمعون عندها، فقالوا له: إن كنت كما تزعم نبيا رسولا، فادع لنا إلهك حتى يخرج لنا من هذه الصخرة الصماء ناقة عشراء «2»، فأخرجها

الله كما طلبوا منه.

ثم أوحى الله تبارك و تعالى إليه: أن- يا صالح- قال لهم: إن الله قد جعل لهذه الناقة من الماء شرب يوم، و لكم شرب يوم. و كانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم، فيحلبونها فلا يبقى صغير و لا كبير إلا شرب من لبنها يومهم ذلك فإذا كان الليل و أصبحوا، غدوا إلى مائهم فشربوا منه ذلك اليوم، و لم تشرب الناقة ذلك اليوم، فمكثوا بذلك ما شاء الله.

ثم إنهم عتوا على الله، و مشى بعضهم إلى بعض، و قالوا: اعقروا هذه الناقة و استريحوا منها، لا نرضى أن يكون لنا شرب يوم و لها شرب يوم. ثم قالوا: من الذي يلي قتلها، و نجعل له جعلا ما أحب؟ فجاءهم رجل أحمر أشقر أزرق، ولد زنا، لا يعرف له أب، يقال له: قدار «3»، شقي من الأشقياء، مشؤوم عليهم، فجعلوا له جعلا، فلما توجهت الناقة إلى الماء الذي كانت ترده، تركها حتى شربت و أقبلت راجعة، فقعد لها في طريقها، فضربها بالسيف ضربة فلم تعمل شيئا، فضربها ضربة اخرى فقتلها، و خرت إلى الأرض على جنبها، و هرب فصيلها حتى صعد إلى الجبل، فرغا ثلاث مرات إلى السماء. و أقبل قوم صالح، فلم يبق منهم أحد إلا شركه في ضربته، و اقتسموا لحمها فيما بينهم، فلم يبق منهم صغير و لا كبير إلا أكل منها.

فلما رأى ذلك صالح أقبل إليهم، فقال: يا قوم، ما دعاكم إلى ما صنعتم، أ عصيتم أمر ربكم؟ فأوحى الله تبارك و تعالى إلى صالح (عليه السلام): إن قومك قد طغوا و بغوا، و قتلوا ناقة بعثتها إليهم حجة عليهم، و لم يكن عليهم

فيها ضرر، و كان لهم منها أعظم المنفعة، فقل لهم: إني مرسل عليهم عذابي إلى ثلاثة أيام، فإن هم تابوا و رجعوا قبلت توبتهم، و صددت عنهم، و إن هم لم يتوبوا و لم يرجعوا بعثت عليهم عذابي في اليوم الثالث.

فأتاهم صالح (عليه السلام)، فقال لهم: يا قوم، إني رسول ربكم إليكم، و هو يقول لكم: إن أنتم تبتم و رجعتم و استغفرتم غفرت لكم، و تبت عليكم، فلما قال لهم ذلك كانوا أعتى ما كانوا و أخبث، و قالوا: يا صالح، ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين.

قال: يا قوم، إنكم تصبحون غدا و وجوهكم مصفرة، و اليوم الثاني وجوهكم محمرة، و اليوم الثالث وجوهكم مسودة. فلما أن كان أول يوم أصبحوا و وجوههم مصفرة، فمشى بعضهم إلى بعض، و قالوا: قد جاءكم ما قال لكم صالح، فقال العتاة منهم: لا نسمع قول صالح و لا نقبل قوله، و إن كان عظيما فلما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرة، فمشى بعضهم إلى بعض، فقالوا: يا قوم، قد جاءكم ما قال لكم صالح. فقال العتاة منهم: لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح، و لا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها، و لم يتوبوا و لم يرجعوا فلما كان اليوم الثالث

__________________________________________________

(1) في «س»: و يدعون.

(2) في «س»: حمراء.

(3) في «س»: قذار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 119

أصبحوا و وجوههم مسودة، فمشى بعضهم إلى بعض، فقالوا: يا قوم، أتاكم ما قال لكم صالح. فقال العتاة منهم: قد أتانا ما قال لنا صالح فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل (عليه السلام)، فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم، و فلقت «1». قلوبهم، و صدعت أكبادهم، و قد

كانوا في تلك الثلاثة أيام قد تحنطوا و تكفنوا، و علموا أن العذاب نازل بهم، فماتوا جميعا في طرفة عين، صغيرهم و كبيرهم، فلم يبق لهم ناعقة و لا راغية و لا شي ء إلا أهلكه الله، فأصبحوا في ديارهم و مضاجعهم موتى أجمعين، ثم أرسل الله عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين، و كانت هذه قصتهم».

قد تقدم حديث أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) من طريق العياشي [في معنى الآية]، في سورة الأعراف «2»

سورة هود(11): الآيات 69 الي 83 ..... ص : 119

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ- إلى قوله تعالى- وَ أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [69- 83]

5134/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن داود بن فرقد، عن أبي يزيد الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تعالى بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط: جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل، و كروبيل (عليهم السلام)، فمروا بإبراهيم (عليه السلام) و هم معتمون، فسلموا عليه فلم يعرفهم، و رأى هيئة حسنة، فقال: لا يخدم هؤلاء أحد إلا أنا بنفسي، و كان صاحب ضيافة، فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه ثم قربه إليهم، فلما وضعه بين أيديهم رأى أيديهم لا تصل إليه، نكرهم و أوجس منهم خيفة، فلما رأى ذلك جبرئيل (عليه السلام) حسر العمامة عن وجهه و عن رأسه فعرفه إبراهيم (عليه السلام)، فقال: أنت هو؟ قال: نعم:

و مرت امرأته سارة، فبشرها بإسحاق، و من وراء إسحاق يعقوب. فقالت ما قال الله عز و جل،

و أجابوها بما في الكتاب العزيز.

فقال لهم إبراهيم (عليه السلام): لماذا جئتم؟ قالوا: في إهلاك قوم لوط. فقال لهم: إن كان فيها مائة من المؤمنين.

__________________________________________________

1- الكافي 8: 327/ 505.

(1) في «س»: و قلعت.

(2) تقدم في الحديث (2) من تفسير الآيتين (75- 76) من سورة الأعراف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 120

أ تهلكونهم؟ قال جبرئيل لا. قال: و إن كان فيهم خمسون؟ قال: لا. قال: و إن كان فيهم ثلاثون؟ قال: لا. قال: و إن كان كان فيهم عشرون؟ قال: لا. قال: و إن كان فيهم عشرة؟ قال: لا. قال: و إن كان فيهم خمسة؟ قال: لا. قال: فإن فيها لوطا. قالوا: نحن أعلم بمن فيها، لننجينه و أهله إلا امرأته كانت من الغابرين. ثم مضوا».

قال: و قال الحسن بن علي «1»: لا أعلم هذا القول إلا و هو يستبقيهم «2»، و هو قول الله عز و جل: يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ.

«فأتوا لوطا و هو في زراعة له قرب المدينة، فسلموا عليه و هم معتمون، فلما رآهم رأى هيئة حسنة، عليهم عمائم بيض و ثياب بيض، فقال لهم: المنزل؟ فقالوا: نعم فتقدمهم و مشوا خلفه، فندم على عرضه المنزل عليهم، فقال: أي شي ء صنعت، آتي بهم قومي و أنا أعرفهم؟

فالتفت إليهم، فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. قال جبرئيل (عليه السلام) «3»: لا تعجل عليهم حتى يشهد عليهم ثلاث مرات. فقال جبرئيل (عليه السلام): هذه واحدة. ثم مشى ساعة ثم التفت إليهم، فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. فقال جبرئيل (عليه السلام): هذه اثنتان. ثم مضى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم، فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله، فقال جبرئيل (عليه السلام): هذه

الثالثة.

ثم دخل و دخلوا معه. حتى دخل منزله، فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة، فصعدت فوق السطح فصفقت «4»، فلم يسمعوا، فدخنت، فلما رأوا الدخان أقبلوا يهرعون، حتى جاءوا إلى الباب، فنزلت إليهم، فقالت:

عندنا قوم ما رأيت قوما قط أحسن منهم هيئة. فجاءوا إلى الباب ليدخلوا، فلما رآهم لوط قام إليهم، فقال لهم يا قوم: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ثم قال: هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فدعاهم كلهم إلى الحلال، فقالوا: لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ فقال لهم: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ- قال- فقال جبرئيل (عليه السلام): لو يعلم أي قوة له! فكاثروه «5» حتى دخلوا الباب، فصاح به: جبرئيل، و قال: يا لوط، دعهم يدخلون، فلما دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم، فذهبت أعينهم، و هو قول الله عز و جل: فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ «6».

ثم ناداه جبرئيل، فقال له: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ و قال له جبرئيل:

إنا بعثنا في إهلاكهم. فقال: يا جبرئيل، عجل. فقال: إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ فأمره فتحمل و من معه إلا امرأته، ثم اقتلعها- يعني المدينة- جبرئيل بجناحه من سبع أرضين، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء

__________________________________________________

(1) قال المجلسي (رحمه اللّه): أي ابن فضّال. البحار 12: 19، و في المصدر: الحسن العسكري أبو محمّد.

(2) قال المجلسي (رحمه اللّه): أي أظنّ غرض إبراهيم (عليه السّلام) كان استبقاء و الشفاعة لهم، لا محض إنجاء لوط من بينهم. البحار 12: 169.

(3) كذا، و الظاهر فقال اللّه لجبرئيل.

(4) في المصدر: و صعقت.

(5) كاثره: غلبه

بالكثرة. «الصحاح- كثر- 2: 803».

(6) القمر 54: 37. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 121

الدنيا نباح الكلاب و صراخ الديوك، ثم قلبها و أمطر عليها و على من حول المدينة حجارة من سجيل».

5135/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن سعيد، قال: أخبرني زكريا بن محمد، عن أبيه، عن عمرو، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم الله، فطلبهم إبليس الطلب الشديد، و كان من فضلهم و خيرتهم أنهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا بأجمعهم، و تبقى النساء خلفهم، فلم يزل إبليس يعتادهم «1»، فكانوا إذا رجعوا خرب إبليس ما يعملون، فقال بعضهم لبعض: تعالوا نرصد هذا الذي يخرب متاعنا.

فرصدوه فإذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان، فقالوا له: أنت الذي تخرب متاعنا مرة بعد اخرى، فاجتمع رأيهم على أن يقتلوه، فبيتوه عند رجل، فلما كان الليل صاح، فقال له: ما لك؟ فقال: كان أبي ينومني على بطنه. فقال له: تعال فنم على بطني- قال- فلم يزل يدلك الرجل حتى علمه أن «2» يفعل بنفسه، فأولا علمه إبليس، و الثانية علمه هو «3»، ثم انسل ففر منهم، و أصبحوا فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلام، و يعجبهم منه، و هم لا يعرفونه، فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفى الرجال بعضهم ببعض. ثم جعلوا يرصدون مارة الطريق فيفعلون بهم، حي تنكب «4» مدينتهم الناس، ثم تركوا نساءهم و أقبلوا على الغلمان، فلما رأى أنه قد أحكم أمره في الرجال جاء إلى النساء، فصير نفسه امرأة، فقال: إن رجالكن يفعل بعضهم ببعض: قلن: نعم قد رأينا ذلك، و كل ذلك يعظهم لوط

و يوصيهم، و إبليس يغويهم حتى استغنى النساء بالنساء.

فلما كملت عليهم الحجة، بعث الله جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل (عليهم السلام) في زي غلمان عليهم أقبية، فمروا بلوط و هو يحرث، فقال: أين تريدون، ما رأيت أجمل منكم قط! فقالوا: إنا رسل سيدنا إلى رب هذه المدينة.

قال: أ و لم يبلغ سيدكم ما يفعل أهل هذه المدينة؟ يا بني إنهم و الله يأخذون الرجال فيفعلون بهم حتى يخرج الدم. فقالوا: أمرنا سيدنا أن نمر وسطها.

قال: فلي إليكم حاجة؟ قالوا: و ما هي؟ قال: تصبرون ها هنا إلى اختلاط الظلام- قال- فجلسوا- قال- فبعث ابنته، و قال: جيئي لهم بخبز، و جيئي لهم بماء في القربة «5»، و جيئي لهم عباء يتغطون بها من البرد.

فلما أن ذهبت الابنة أقبل المطر بالوادي، فقال لوط: الساعة يذهب بالصبيان الوادي. فقال: قوموا حتى نمضي. و جعل لوط يمشي في أصل الحائط، و جعل جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل يمشون وسط الطريق. فقال: يا

__________________________________________________

2- الكافي 5: 544/ 5.

(1) أي يعتاد المجي ء إليهم كلّ يوم.

(2) في المصدر: أنّه.

(3) قال المجلسي: لعلّ المعنى أنّه كان- إبليس- أوّلا معلّم هذا الفعل حيث علّمه ذلك الرجل، ثمّ صار ذلك الرجل معلّم الناس. و استظهر كونها تصحيف (عمله). مرآة العقول 20: 391.

(4) تنكّب: عدل. «الصحاح- نكب- 1: 228».

(5) في المصدر: القرعة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 122

بني، امشوا هاهنا. فقالوا: أمرنا سيدنا أن نمر في وسطها. و كان لوط يستغنم الظلام، و مر إبليس، فأخذ من حجر امرأة صبيا فطرحه في البئر، فتصايح أهل المدينة كلهم على باب لوط، فلما أن نظروا إلى الغلمان في منزل لوط، قالوا: يا لوط، قد دخلت في عملنا. فقال:

هؤلاء ضيفي، فلا تفضحوني في ضيفي. قالوا: هم ثلاثة، خذ واحدا و أعطنا اثنين- قال- فأدخلهم الحجرة، و قال لو أن لي أهل بيت يمنعونني منكم».

قال: «و تدافعوا على الباب، و كسروا باب لوط، و طرحوا لوطا، فقال له جبرئيل: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فأخذ كفا من بطحاء، فضرب بها وجوههم، و قال: شاهت الوجوه «1»، فعمي أهل المدينة كلهم، و قال لهم لوط: يا رسل ربي، فما أمركم ربي فيهم؟ قالوا: أمرنا أن نأخذهم بالسحر. قال: فلي إليكم حاجة قالوا: و ما حاجتك؟

قال: تأخذونهم الساعة، فاني أخاف أن يبدو لربي فيهم، فقالوا يا لوط: إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ لمن يريد أن يأخذ، فخذ أنت بناتك و امض ودع امرأتك».

فقال أبو جعفر (عليه السلام): رحم الله لوطا، لو يدري من معه في الحجرة لعلم أنه منصور حيث يقول: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ أي ركن أشد من جبرئيل معه في الحجرة! فقال الله عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله) وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ من ظالمي أمتك، إن علموا ما عمل قوم لوط». قال: «و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من ألح في وطء الرجال لم يمت حتى يدعو الرجال إلى نفسه».

5136/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول لوط (عليه السلام): هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ.

قال: «عرض عليهم التزويج».

5137/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن سعيد، عن محمد

بن سليمان، عن ميمون البان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقرئ عنده آيات من هود، فلما بلغ وَ أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ قال: فقال: «من مات مصرا على اللواط لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الحجارة، تكون فيه منيته، و لا يراه أحد».

5138/ [5]- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن عبد الملك، و الحسين بن علي بن يقطين، و موسى بن عبد الملك، عن رجل، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن إتيان الرجل المرأة من خلفها.

فقال: «أحلتها آية من كتاب الله عز و جل، قول لوط: هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ و قد علم أنهم لا يريدون الفرج».

__________________________________________________

3- الكافي 5: 548/ 7.

4- الكافي 5: 548/ 9.

5- التهذيب 7: 414/ 1659.

(1) شاهت الوجوه: قبحت. «الصحاح- شوه- 6: 2238».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 123

5139/ [6]- ابن بابويه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ.

قال: «حاضت».

5140/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بعث الله نبيا بعد لوط إلا في عز من قومه».

5141/ [8]- و عنه، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح، عن أبي عبد الله

(عليه السلام) قال: في قوله تعالى: قُوَّةً.

قال: «القوة: القائم (عليه السلام)، و الركن الشديد: ثلاثمائة و ثلاثة عشر».

5142/ [9]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله:

وَ أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً.

قال: «ما من عبد يخرج من الدنيا يستحل عمل قوم لوط إلا رماه الله جندلة من تلك الحجارة، تكون منيته فيها، و لكن الخلق لا يرونه».

5143/ [10]- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك و تعالى لما قضى عذاب قوم لوط و قدره، أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم، يسلي به مصابه بهلاك قوم لوط- قال- فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل- قال- فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم و خاف أن يكونوا سراقا، فلما رأته الرسل فزعا مذعورا فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ «1»» قال أبو جعفر (عليه السلام): «و الغلام العليم هو إسماعيل من «2» هاجر.

فقال إبراهيم للرسل: أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ «3» قال إبراهيم للرسل: فَما خَطْبُكُمْ بعد البشارة قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ «4» قوم لوط إنهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين». قال أبو جعفر (عليه السلام): «قال إبراهيم:

__________________________________________________

6- معاني الآخبار: 224/ 1.

7- تفسير القمي 1: 335.

8- تفسير القمي 1: 335.

9- تفسير القمي 1: 336. [.....]

10- تفسير العياشي 2: 152/ 44 و 45.

(1) الحجر 15: 52- 53.

(2) في المصدر: بن.

(3) الحجر 15: 54- 55.

(4) الحجر 15: 57- 58.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 124

إِنَّ

فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ «1»، قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ «2».

فلما عذبهم الله أرسل إلى إبراهيم رسلا يبشرونه بإسحاق، و يعزونه بهلاك قوم لوط، و ذلك قوله: وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قوم منكرون «3» فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ يعني زكيا مشويا نضيجا فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ». قال أبو جعفر (عليه السلام): «إنما عنى سارة قائمة فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ فضحكت «4» يعني فعجبت من قولهم- و في رواية أبي عبد الله (عليه السلام): فَضَحِكَتْ قال: حاضت- و قالت: يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عَجِيبٌ إلى قوله: حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

فلما جاءت إبراهيم البشارة بإسحاق، فذهب عنه الروح، أقبل يناجي ربه في قوم لوط و يسأله كشف البلاء عنهم، فقال الله تعالى: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ بعد طلوع الشمس من يومك محتوما غَيْرُ مَرْدُودٍ».

5144/ [11]- عن أبي يزيد الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله بعث أربعة أملاك بإهلاك قوم لوط:

جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل، و كروبيل، فمروا بإبراهيم و هم معتمون، فسلموا عليه فلم يعرفهم، و رأى هيئة حسنة، فقال: لا يخدم هؤلاء إلا أنا بنفسي، و كان صاحب أضياف، فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه، ثم قربه إليهم، فلما وضعه بين أيديهم رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم و أوجس منهم خيفة. فلما رأى ذلك جبرئيل حسر العمامة

عن وجهه، فعرفه إبراهيم، فقال له: أنت هو؟ قال: نعم، و مرت امرأته سارة فبشرها بإسحاق، و من وراء إسحاق يعقوب، قالت ما قال الله، و أجابوها بما في الكتاب.

فقال إبراهيم: فيما جئتم؟ قالوا، في هلاك قوم لوط. فقال لهم: إن كان فيها مائة من المؤمنين، أ تهلكونهم؟

فقال له جبرئيل: لا. قال: فإن كانوا خمسين؟ قال: لا. قال: فإن كانوا ثلاثين؟ قال: لا. قال: فإن كانوا عشرين؟ قال: لا قال: فإن كانوا عشرة؟ قال: لا. قال: فإن كانوا خمسة؟ قال: لا. قال: فإن كانوا واحدا؟ قال: لا. قال: إن فيها لوطا. قالوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ «5» ثم مضوا».

قال: و قال الحسن بن علي: لا أعلم هذا القول إلا و هو يستبقيهم، و هو قول الله: يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ.

عن عبد الله بن هلال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، و زاد فيه: «فقال: كلوا، فقالوا: إنا لا نأكل حتى تخبرنا ما ثمنه، فقال: إذا أكلتم فقولوا: بسم الله، و إذا فرغتم فقولوا: الحمد لله». قال: «فالتفت جبرئيل إلى أصحابه، و كانوا

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 153/ 46.

(1) العنكبوت 29: 32.

(2) الحجر 15: 60.

(3) هذا اللفظ في سورة الذاريات 51: 25.

(4) قوله: (فضحكت) في الآية مقدّم على قوله (فبشّرناها) و أخّر هنا للتفسير.

(5) العنكبوت 29: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 125

أربعة رئيسهم جبرئيل، فقال: حق الله أن يتخذه خليلا» «1».

5145/ [12]- عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ.

قال: «مشويا نضيجا.»

5146/ [13]- عن الفضل بن أبي قرة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أوحى الله إلى

إبراهيم: أنه سيولد لك. فقال لسارة، فقالت: أ ألد و أنا عجوز؟ فأوحى الله إليه: أنها ستلد و يعذب أولادها أربعمائة سنة بردها الكلام علي». قال: «فلما طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا و بكوا إلى الله أربعين صباحا، فأوحى الله إلى موسى و هارون أن يخلصهم من فرعون، فحط عنهم سبعين و مائة سنة».

قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هكذا أنتم لو فعلتم لفرج الله عنا، فأما إذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه».

5147/ [14]- عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) مر بقوم فسلم عليهم، فقالوا: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته و رضوانه، فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تجاوزوا بنا ما قالت الأنبياء لأبينا إبراهيم (عليه السلام)، إنما قالوا: رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».

و روى الحسن بن محمد مثله، غير أنه قال: «ما قالت الملائكة لأبينا (عليه السلام)».

5148/ [15]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «مر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بقوم فسلم عليهم، فقالوا:

عليك السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته و رضوانه. فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم (عليه السلام)، إنما قالوا: رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ».

5149/ [16]- العياشي: عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ. قال: «دعاء».

عن زرارة، و حمران و محمد بن مسلم،

عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، مثله.

5150/ [17]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة،

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 154/ 48.

13- تفسير العيّاشي 2: 154/ 49.

14- تفسير العيّاشي 2: 154/ 50. [.....]

15- الكافي 2: 472/ 13.

16- تفسير العيّاشي 2: 154/ 51.

17- الكافي 2: 338/ 1.

(1) تفسير العيّاشي 2: 153/ 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 126

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الأواه هو الدعاء».

5151/ [18]- العياشي: عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «إن إبراهيم (عليه السلام) جادل في قوم لوط، و قال: إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها «1» فزاده إبراهيم، فقال جبرئيل: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ».

5152/ [19]- عن أبي يزيد الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تعالى بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط: جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل، و كروبيل، فأتوا لوطا و هو في زراعة قرب القرية، فسلموا عليه و هم معتمون، فلما رآهم رأى هيئة حسنة، عليهم ثياب بيض، و عمائم بيض، فقال لهم: المنزل؟ فقالوا: نعم. فتقدمهم و مشوا خلفه، فندم على عرضه المنزل عليهم، فقال: أي شي ء صنعت، آتي بهم قومي و أنا أعرفهم؟!.

فالتفت إليهم فقال لهم: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. فقال جبرئيل «2»: لا تعجل عليهم حتى يشهد عليهم ثلاث مرات. فقال جبرئيل: هذه واحدة. ثم مضى ساعة، ثم التفت إليهم، فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله.

فقال جبرئيل: هذه الثانية، ثم مشى، فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم، فقال: إنكم لتأتون شرارا من

خلق الله. فقال جبرئيل: هذه الثالثة.

ثم دخل و دخلوا معه حتى دخل منزله، فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة، فصعدت فوق السطح فصفقت «3»، فلم يسمعوا، فدخنت، فلما رأو الدخان أقبلوا يهرعون حتى جاءوا إلى الباب، فنزلت المرأة إليهم و قالت: عنده قوم ما رأيت قوما قط أحسن هيئة منهم. فجاءوا إلى الباب ليدخلوها، فلما رآهم لوط قام إليهم، فقال لهم: يا قوم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ و قال: هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فدعاهم إلى الحلال، فقالوا: ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ قال لهم: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ- قال- فقال جبرئيل: لو يعلم أي قوة له.- فقال- فكاثروه حتى دخلوا المنزل، فصاح به جبرئيل، و قال: يا لوط دعهم يدخلون، فلما دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم، و هو قول الله:

فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ «4».

ثم ناداه جبرئيل: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ و قال له جبرئيل: إنا بعثنا في إهلاكهم فقال: يا جبرئيل، عجل، فقال: إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ فأمره فتحمل و من معه إلا امرأته، ثم اقتلعها- يعني المدينة- جبرئيل بجناحه من سبع أرضين، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 2: 154/ 52.

19- تفسير العيّاشي 2: 155/ 53.

(1) العنكبوت 29: 32.

(2) كذا، و الظاهر فقال اللّه لجبرئيل.

(3) في المصدر: فصعقت.

(4) القمر 54: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 127

الكلاب و صراخ الديوك، ثم قلبها و أمطر عليها و على من حول المدينة حجارة من سجيل».

5153/ [20]- عن أبي بصير، عن أحدهما

(عليهما السلام) قال: «إن جبرئيل لما أتى لوطا في هلاك قومه، و دخلوا عليه، و جاءه قومه يهرعون إليه- قال- فوضع يده على الباب، ثم ناشدهم، فقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي، قالُوا أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ «1» ثم عرض عليهم بناته بنكاح، فقالوا: ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ. قال: فما منكم رجل رشيد؟- قال- فأبوا، فقال: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ- قال- و جبرئيل ينظر إليهم فقال: لو يعلم أي قوة له! ثم دعاه و أتاه، ففتحوا الباب و دخلوا، فأشار جبرئيل بيده، فرجعوا عميان يلتمسون الجدران بأيديهم، يعاهدون الله لئن أصبحنا لا نستبقي أحدا من آل لوط».

فقال: «فلما قال جبرئيل: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ قال له لوط: يا جبرئيل، عجل. قال: نعم. ثم قال: يا جبرئيل، عجل. قال: الصبح موعدهم، أليس الصبح بقريب؟ ثم قال جبرئيل: يا لوط، اخرج منها أنت و ولدك حتى تبلغ موضع كذا و كذا. فقال: جبرئيل، إن حمراتي حمرات ضعاف. قال: ارتحل فاخرج منها. فارتحل حتى إذا كان السحر نزل إليها جبرئيل، فأدخل جناحه تحتها حتى إذا استقلت «2» قلبها عليهم، و رمى جبرئيل المدينة بحجارة من سجيل، و سمعت امرأة لوط الهدة، فهلكت منها».

5154/ [21]- عن صالح بن سعد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ.

قال: «قوة: القائم (عليه السلام)، و الركن الشديد: الثلاثمائة و ثلاثة عشر أصحابه» «3».

5155/ [22]- عن الحسين بن علي بن يقطين، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن إتيان الرجل المرأة من خلفها.

قال: «أحلتها آية في

كتاب الله، قول لوط: هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ و قد علم أنهم ليس الفرج يريدون».

5156/ [23]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سأل جبرئيل (عليه السلام): كيف كان مهلك قوم لوط؟

فقال: يا محمد، إن قوم لوط كانوا أهل قرية لا يتنظفون من الغائط، و لا يتطهرون من الجنابة، بخلاء أشحاء

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 2: 156/ 54.

21- تفسير العيّاشي 2: 156/ 55.

22- تفسير العيّاشي 2: 157/ 56.

23- تفسير العيّاشي 2: 157/ 57. [.....]

(1) الحجر 15 70.

(2) أي ارتفعت.

(3) أي إنّه تمنّى قوّة مثل قوّة القائم (عليه السّلام) و أصحابنا مثل أصحابه، يدلّ عليه الحديث الآتي برقم (27) عن كمال الدين: 673/ 26.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 128

على الطعام، و إن لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة، و إنما كان نازلا عليهم و لم يكن منهم، و لا عشيرة له فيهم و لا قوم، و إنه دعاهم إلى الإيمان بالله و اتباعه، و كان ينهاهم عن الفواحش، و يحثهم على طاعة الله فلم يجيبوه، و لم يتبعوه.

و إن الله لما هم بعذابهم بعث إليهم رسلا منذرين عذرا و نذرا، فلما عتوا عن أمره بعث الله إليهم ملائكة ليخرجوا من كان في قريتهم من المؤمنين، فما وجدوا «1» فيها غير بيت من المسلمين فأخرجوهم منها، و قالوا للوط: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ في هذه الليلة بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَ اتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَ لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَ امْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ «2».

قال: فلما انتصف الليل سار لوط ببناته، و تولت امرأته مدبرة فانطلقت إلى قومها تسعى بلوط، و تخبرهم أن لوطا قد سار ببناته.

و إني نوديت من تلقاء العرش لما

طلع الفجر: يا جبرئيل، حق القول من الله بحتم عذاب قوم لوط اليوم، فاهبط إلى قرية قوم لوط و ما حوت فاقتلعها من تحت سبع أرضين، ثم اعرج بها إلى السماء، ثم أوقفها حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها، ودع منها آية بينة- منزل لوط- عبره للسيارة.

فهبطت على أهل القرية الظالمين، فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقها، و ضربت بجناحي الأيسر على ما حوى غربها، فاقتلعتها- يا محمد- من تحت سبع أرضين إلا منزل لوط آية للسيارة، ثم عرجت بها في خوافي «3» جناحي إلى السماء، و أوقفتها حتى سمع أهل السماء زقاء «4» ديوكها و نباح كلابها فلما أن طلعت الشمس نوديت من تلقاء العرش: يا جبرئيل، اقلب القرية على القوم المجرمين، فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها أعلاها، و أمطر الله عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك، و ما هي- يا محمد- من الظالمين من أمتك ببعيد».

قال: «فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، و أين كانت قريتهم من البلاد؟ قال: كان موضع قريتهم إذ ذلك في موضع «5» بحيرة طبرية «6» اليوم، و هي في نواحي الشام.

فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، أ رأيت حيث قلبتها عليهم في أي موضع من الأرض وقعت القرية و أهلها؟ فقال: يا محمد، وقعت فيما بين الشام إلى مصر، فصارت تلالا في البحر».

__________________________________________________

(1) في «س»: وجدنا.

(2) الحجر 15: 65.

(3) الخوافي: الريش الصغار التي في جناح الطير عند القوادم. «مجمع البحرين- خفا- 1: 129».

(4) زقا الصّدى يزقو و يزقى زقاء: أي صاح. «الصحاح- زقا- 6: 2368».

(5) في «ط» و المصدر زيادة: الحيرة و.

(6) بحيرة طبريّة:

بركة تحيط بها الجبال، تصب إليها فضلات أنهار كثيرة، و مدينة طبريّة مشرفة عليها، و هي من أعمال الأردن. «معجم البلدان 1:

351 و 4: 17».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 129

5157/ [24]- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: «إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل مظلما قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و هكذا قراءة أمير المؤمنين (عليه السلام)».

5158/ [25]- عن ميمون البان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقرئ عنده آيات من هود، فلما بلغ وَ أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ قال: «من مات مصرا على اللواط لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الحجارة، تكون فيه منيته، و لا يراه أحد».

5159/ [26]- عن السكوني، عن أبي جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: «قال النبي (صلى الله عليه و آله): لما عمل قوم لوط ما عملوا، بكت الأرض إلى ربها حتى بلغت دموعها إلى السماء، و بكت السماء حتى بلغت دموعها العرش، فأوحى الله إلى السماء أن احصبيهم، و أوحى إلى الأرض أن اخسفي بهم».

5160/ [27]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما كان قول لوط (عليه السلام) لقومه: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ إلا تمنيا لقوة القائم (عليه السلام)، و ما الركن «1» إلا شدة أصحابه، فإن الرجل منهم ليعطى قوة أربعين رجلا، و إن قلبه أشد من زبر الحديد، و لو مروا بجبال الحديد لتدكدكت، و لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز و

جل».

5161/ [28]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ جاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ أي يسرعون و يعدون. و قال في قوله تعالى مُسَوَّمَةً: أي منقطة «2».

سورة هود(11): الآيات 84 الي 101 ..... ص : 129

قوله تعالى:

وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ وَ يا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ- إلى قوله

__________________________________________________

24- تفسير العيّاشي 2: 158/ 58.

25- تفسير العيّاشي 2: 158/ 59.

26- تفسير العيّاشي 2: 159/ 60.

27- كمال الدين و تمام النعمة: 673/ 26.

28- تفسير القمّي 1: 335 و 336. [.....]

(1) في المصدر: و لا ذكر.

(2) في المصدر: منقوطة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 130

تعالى- وَ ما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ [84- 101] 5162/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: بعث الله شعيبا إلى مدين، و هي قرية على طريق الشام، فلم يؤمنوا به، و حكى الله قولهم، قال: يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا إلى قوله: الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ.

قال: قالوا: إنك لأنت السفيه الجاهل. فكنى الله عز و جل قولهم فقال: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ و إنما أهلكهم الله بنقص المكيال و الميزان، قال: يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ رَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَ ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ.

ثم قال علي بن إبراهيم: ثم ذكرهم و خوفهم بما نزل بالأمم الماضية، فقال: يا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ

ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَ ما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ، قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَ إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً و كان قد ضعف بصره وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَ ما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ إلى قوله: إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ. أي انتظروا. فبعث الله عليهم صيحة فماتوا، و هو قوله: وَ لَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَ أَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ.

5163/ [2]- العياشي: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ.

قال: «كان سعرهم رخيصا».

5164/ [3]- عن محمد بن الفضيل، عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن انتظار الفرج.

فقال: «أو ليس تعلم أن انتظار الفرج من الفرج؟- ثم قال- إن الله تبارك و تعالى يقول: وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ».

5165/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو صالح خلف بن حماد الكشي، قال: حدثنا سهل بن زياد، قال: حدثني محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قال الرضا (عليه السلام): «ما أحسن الصبر و انتظار الفرج، أما سمعت قول الله عز و جل: وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ و فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ «1» فعليكم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 337.

2- تفسير العيّاشي 2: 159/ 61.

3- تفسير العيّاشي 2: 159/ 62.

4- كمال الدين و تمام النعمة: 645/ 5.

(1) الأعراف 7: 71، يونس 10: 102.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 3، ص: 131

بالصبر فإنه إنما يجي ء الفرج على اليأس، فقد كان الذين من قبلكم اصبر منكم».

5166/ [5]- و عنه: عن علي بن عبد الله الوراق، و محمد بن أحمد السناني، و علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن جعفر بن سليمان البصري، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: قلت: فقوله عز و جل: وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ و قوله عز و جل: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ «1».

فقال: «إذا فعل العبد ما أمره الله عز و جل به من الطاعة، كان فعله وفقا لأمر الله عز و جل، و سمي العبد به موفقا، و إذا أراد العبد أن يدخل في شي ء من معاصي الله، فحال الله تبارك و تعالى بينه و بين تلك المعصية فتركها، كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره، و متى خلى بينه و بين تلك المعصية فلم يحل بينه و بينها حتى يرتكبها «2»، فقد خذله و لم ينصره و لم يوفقه».

5167/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر عز و جل قصة موسى (عليه السلام): فقال: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِينٍ إلى قوله تعالى وَ أُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً يعني الهلاك و الغرق وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ أي يرفدهم الله بالعذاب. ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى أي

أخبارها نَقُصُّهُ عَلَيْكَ يا محمد مِنْها قائِمٌ وَ حَصِيدٌ إلى قوله: وَ ما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ أي غير تخسير.

5168/ [7]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قرأ «فمنها قائما و حصيدا» بالنصب، ثم قال:

«يا أبا محمد، لا يكون حصيدا إلا بالحديد».

و

في رواية اخرى: «فمنها قائم و حصيد. أ يكون الحصيد إلا بالحديد» «3».

سورة هود(11): آية 103 ..... ص : 131

قوله تعالى:

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [103] 5169/ [1]- علي بن إبراهيم: أي يشهد عليهم الأنبياء و الرسل.

__________________________________________________

5- التوحيد: 241/ 1.

6- تفسير القمّي 1: 337.

7- تفسير العيّاشي 2: 159/ 63.

1- تفسير القمّي 1: 338.

(1) آل عمران 3: 160.

(2) في «س»، «ط»: يتركها.

(3) تفسير العيّاشي 2: 159/ 64. و في نور الثقلين 2: 394/ 205 هذه الرواية بالنصب أيضا. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 132

5170/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى و محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسماعيل بن جابر، عن رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز و جل: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ.

قال: «المشهود: يوم عرفة، و المجموع له الناس: يوم القيامة».

5171/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمد بن هاشم، عمن روى عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سأله الأبرش الكلبي عن قول الله عز و جل: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ «1».

فقال: أبو جعفر (عليه

السلام): «و ما قيل لك؟» فقال: قالوا: الشاهد: يوم الجمعة، و المشهود: يوم عرفة. فقال أبو جعفر (عليه السلام): ليس كما قيل لك، الشاهد: يوم عرفة، و المشهود: يوم القيامة، أما تقرأ القرآن؟ قال الله عز و جل:

ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ».

5172/ [4]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: في قول الله عز و جل: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ.

قال: «فذلك يوم القيامة، و هو اليوم الموعود».

سورة هود(11): الآيات 105 الي 108 ..... ص : 132

قوله تعالى:

يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ- إلى قوله تعالى- غَيْرَ مَجْذُوذٍ [105- 108]

5173/ [1]- الحسين بن سعيد الأهوازي، في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن درست، عن أبي جعفر الأحول، عن حمران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنه بلغنا أنه يأتي على جهنم حتى تصفق أبوابها. فقال: «لا

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 298/ 1.

3- معاني الأخبار: 1: 299/ 5.

4- تفسير العيّاشي 2: 159/ 65.

1- كتاب الزهد: 98/ 265.

(1) البروج 85: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 133

و الله إنه الخلود».

قلت: خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ؟ فقال: «هذه في الذين يخرجون من النار».

5174/ [2]- و عنه، قال: حدثنا فضالة، عن القاسم بن بريد، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجهنميين.

فقال: «كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: يخرجون منها فينتهى بهم إلى عين عند باب الجنة. تسمى

عين الحيوان، فينضح عليهم من مائها، فينبتون كما ينبت الزرع، تنبت لحومهم و جلودهم و شعورهم».

5175/ [3]- و عنه: عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان، عن أديم أخي أيوب، عن حمران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنهم يقولون: لا تعجبون من قوم يزعمون أن الله يخرج قوما من النار فيجعلهم من أصحاب الجنة مع أوليائه.

فقال: «أما يقرءون قول الله تبارك و تعالى: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ «1» إنها جنة دون جنة، و نار دون نار، إنهم لا يساكنون أولياء الله- و قال- إن بينهما و الله منزلة «2»، و لكن لا أستطيع أن أتكلم، إن أمرهم لأضيق من الحلقة، إن القائم إذ اقام بدأ بهؤلاء».

5176/ [4]- و عنه: عن فضالة، عن عمر بن أبان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمن ادخل في النار، ثم اخرج منها: ثم ادخل الجنة.

فقال: «إن شئت حدثتك بما كان يقول فيه أبي، قال: إن أناسا يخرجون من النار بعد ما كانوا حمما «3»، فينطلق بهم إلى نهر عند باب الجنة، يقال له: الحيوان، فينضح عليهم من مائه فتنبت لحومهم و دماؤهم و شعورهم».

5177/ [5]- و عنه: عن فضالة، عن عمر بن أبان، قال: سمعت عبدا صالحا يقول في الجهنميين: «إنهم يدخلون النار بذنوبهم، و يخرجون بعفو الله».

5178/ [6]- و عنه: عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)

__________________________________________________

2- كتاب الزهد: 95/ 256.

3- كتاب الزهد: 95/ 257.

4- كتاب الزهد: 96/ 258.

5- كتاب الزهد: 96/ 259.

6- كتاب الزهد: 96/ 260.

(1) الرحمن 55: 62.

(2) في المصدر نسخة بدل: منزلتين.

(3) في المصدر نسخة بدل: حميما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص:

134

يقول: «إن قوما يحرقون بالنار حتى إذا صاروا حمما «1» أدركتهم الشفاعة- قال- فينطلق بهم إلى نهر يخرج من رشح أهل الجنة فيغتسلون فيه، فتنبت لحومهم و دماؤهم، و يذهب عنهم قشف «2» النار، و يدخلون الجنة، فيسمون الجهنميين فينادون بأجمعهم: اللهم أذهب عنا هذا الاسم- قال- فيذهب عنهم».

ثم قال: «يا أبا بصير، إن أعداء علي هم الخالدون في النار لا تدركهم الشفاعة».

5179/ [7]- و عنه: عن فضالة، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن آخر من يخرج من النار لرجل يقال له: همام «3»، فينادي: يا رباه «4»، يا حنان، يا منان».

5180/ [8]- و عنه: عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن الأحول، عن حمران، قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الكفار و المشركين يرون «5» أهل التوحيد في النار، فيقولون: ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا، و ما نحن و أنتم إلا سواء- قال- فيأنف لهم الرب عز و جل، فيقول للملائكة: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء الله، و يقول للمؤمنين مثل ذلك، حتى إذا لم يبق أحد إلا تبلغه الشفاعة، قال الله تبارك و تعالى: أنا أرحم الراحمين، اخرجوا برحمتي، فيخرجون كما يخرج الفراش» «6».

5181/ [9]- العياشي: عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ إلى آخر الآيتين.

قال: «هاتان الآيتان في غير أهل الخلود من أهل الشقاوة و السعادة، إن شاء الله يجعلهم خارجين. و لا تزعم- يا زرارة- إني أزعم ذلك».

5182/ [10]- عن حمران، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، قول الله تعالى: خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما

شاءَ رَبُّكَ. [لأهل النار، أ فرأيت قوله لأهل الجنة: خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ ؟ قال: «نعم، إن شاء جعل لهم دينا فردهم، و ما شاء».

و سألته عن قول الله: خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ. قال: «هذه في الذين يخرجون من النار».

__________________________________________________

7- كتاب الزهد: 96/ 261. [.....]

8- كتاب الزهد: 97/ 264.

9- تفسير العيّاشي 1: 160/ 67.

10- تفسير العيّاشي 2: 160/ 68.

(1) في المصدر نسخة بدل: حميما.

(2) قشف قشفا: إذا لوّحته الشمس فتغيّر. «الصحاح- قشف- 4: 1616».

(3) و في المصدر نسخة بدل: هام.

(4) في المصدر: ينادي فيها عمرا.

(5) في «ط»: يعبّرون.

(6) في المصدر زيادة: قال ثمّ قال أبو جعفر (عليه السّلام)، ثمّ مدّت العمد و أعمدت (و أصمدت) عليهم و كان و اللّه الخلود.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 135

5183/ [11]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ.

قال: «في ذكر أهل النار استثناء، و ليس في ذكر أهل الجنة استثناء «1» وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ».

و في رواية اخرى: عن حماد، عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) «عطاء غير مجدود» بالدال «2».

5184/ [12]- عن مسعدة بن صدقة، قال: قص أبو عبد الله (عليه السلام) قصص أهل الميثاق، من أهل الجنة و أهل النار، فقال في صفات أهل الجنة: «فمنهم من لقي الله شهيدا لرسله». ثم مر «3» في صفتهم حتى بلغ من قوله: «ثم جاء الاستثناء من الله في الفريقين جميعا، فقال الجاهل بعلم التفسير: إن هذا الاستثناء من الله

إنما هو لمن دخل الجنة و النار، و ذلك أن الفريقين جميعا يخرجان منهما، فيبقيان و ليس فيهما أحد. و كذبوا، لكن عنى بالاستثناء أن ولد آدم كلهم و ولد الجان معهم على الأرض، و السماوات تظلهم، فهو ينقل المؤمنين حتى يخرجهم إلى ولاية الشياطين، و هي النار، فذلك الذي عنى الله في أهل الجنة و أهل النار: ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ يقول:

في الدنيا، و الله تبارك و تعالى ليس بمخرج أهل الجنة منها أبدا، و لا كل أهل النار منها أبدا، و كيف يكون ذلك و قد قال الله في كتابه: ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً «4» ليس فيها استثناء؟! و كذلك قال أبو جعفر (عليه السلام): من دخل في ولاية آل محمد (عليهم السلام) دخل الجنة، و من دخل في ولاية عدوهم دخل النار، و هذا الذي عنى الله من الاستثناء في الخروج من الجنة و النار و الدخول».

5185/ [13]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن يحيى، عن ضريس البجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمارة السكري السرياني، قال: حدثنا إبراهيم بن عاصم بقزوين، قال: حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن زيد بن سلام بن عبد الله، قال: حدثني أبي عبد الله بن زيد، قال:

حدثني أبي زيد بن سلام، عن أبيه سلام بن عبد الله، عن عبد الله بن سلام مولى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقلت: أخبرني أ يعذب الله عز و جل خلقا بلا حجة؟ فقال: «معاذ الله عز و جل».

قلت: فأولاد المشركين في الجنة أم في

النار؟ فقال: «إن الله تبارك و تعالى أولى بهم، إنه إذا كان يوم القيامة، و جمع الله عز و جل الخلائق لفصل القضاء يأتي بأولاد المشركين، فيقول لهم: عبيدي و إمائي، من ربكم، و ما

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 160/ 69.

12- تفسير العيّاشي 2: 159/ 66.

13- التوحيد: 390/ 1.

(1) قال المجلسي: ظاهر خبر أبي بصير أنّ في مصحف أهل البيت (عليهم السّلام) لم يكن الاستثناء في حال أهل الجنّة بل كان فيه (خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض عطاء غير مجذوذ) و إنّما زيد في الخبر من النسّاخ «بحار الأنوار 8: 349/ 10. و سيأتي عن الصادق (عليه السّلام) تفسير للاستثناء في الحديث (12).

(2) تفسير العيّاشي 2: 161/ 70. [.....]

(3) في المصدر: من.

(4) الكهف 18: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 136

دينكم، و ما أعمالكم؟- قال- فيقولون: اللهم ربنا أنت خلقتنا «1»، و أنت أمتنا «2»، و لم تجعل لنا ألسنة ننطق بها، و لا أسماعا نسمع بها، و لا كتابا نقرؤه، و لا رسولا فنتبعه، و لا علم لنا إلا ما علمتنا».

قال: «فيقول لهم عز و جل: عبيدي و إمائي، إن أمرتكم بأمر أ تفعلونه؟ فيقولون: السمع و الطاعة لك، يا ربنا.

فيأمر الله عز و جل نارا يقال لها الفلق، أشد شي ء في جهنم عذابا، فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل و الأغلال، فيأمرها الله عز و جل أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة، فتنفخ، فمن شدة نفختها تنقطع السماء، و تنطمس النجوم، و تجمد البحار، و تزول الجبال، و تظلم الأبصار، و تضع الحوامل حملها، و تشيب الولدان من هولها يوم القيامة، ثم يأمر الله تبارك و تعالى أطفال المشركين أن يلقوا أنفسهم

في تلك النار، فمن سبق له في علم الله عز و جل أن يكون سعيدا، ألقى نفسه فيها، فكانت النار عليه بردا و سلاما، كما كانت على إبراهيم (عليه السلام)، و من سبق له في علم الله عز و جل أن يكون شقيا، امتنع فلم يلق نفسه في النار، فيأمر الله تبارك و تعالى النار فتلتقطه لتركه أمر الله، و امتناعه من الدخول فيها، فيكون تبعا لآبائه في جهنم، و ذلك قوله عز و جل: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ».

5186/ [14]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها: فهذا في نار الدنيا قبل يوم القيامة: ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ قال: و قوله: وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها يعني في جنان الدنيا التي تنقل إليها أرواح المؤمنين ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ يعني غير مقطوع من نعيم الآخرة في الجنة يكون متصلا به، و هو رد على من ينكر عذاب القبر و الثواب و العقاب في الدنيا في البرزخ قبل يوم القيامة.

سورة هود(11): الآيات 111 الي 112 ..... ص : 136

قوله تعالى:

وَ إِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَ مَنْ تابَ مَعَكَ وَ لا تَطْغَوْا [111- 112] 5187/

[1]- علي بن إبراهيم، قال في قوله تعالى: وَ إِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ قال: في القيامة،

__________________________________________________

14- تفسير القمّي 1: 338.

1- تفسير القمّي 1: 338.

(1) في المصدر زيادة: و لم نخلق شيئا.

(2) في المصدر زيادة: و لم نمت شيئا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 137

ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَ مَنْ تابَ مَعَكَ وَ لا تَطْغَوْا أي في الدنيا لا تطغوا.

سورة هود(11): آية 113 ..... ص : 137

قوله تعالى:

وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ [113]

5188/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ.

قال: «هو الرجل يأتي السلطان فيحب بقاءه إلى أن يدخل يده إلى كيسه فيعطيه».

5189/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: ركون مودة و نصيحة و طاعة.

5190/ [3]- العياشي: عن بعض أصحابنا: قال أحدهم: إنه سئل عن قوله الله: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ.

قال: «هو الرجل من شيعتنا يقول بقول هؤلاء الجائرين».

5191/ [4]- عن عثمان بن عيسى، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ.

قال: «أما إنه لم يجعلها خلودا و لكن تمسكم النار، فلا تركنوا إليهم».

سورة هود(11): آية 114 ..... ص : 137

قوله تعالى:

وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ [114]

5192/ [5]- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عما فرض الله من الصلاة. فقال: «خمس صلوات في الليل و النهار».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 108/ 12.

2- تفسير القمّي 1: 338.

3- تفسير العيّاشي 2: 161/ 71.

4- تفسير العيّاشي 2: 161/ 72.

5- التهذيب 2: 241/ 954.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 138

فقلت: هل سماهن و بينهن في كتابه؟ فقال: «نعم، قال الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ «1» و دلوكها: زوالها، ففي ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات، سماهن و بينهن و وقتهن،

و غسق الليل: انتصافه. ثم قال: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً «2» فهذه الخامسة.

و قال في ذلك: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ و طرفاه: المغرب و الغداة وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ و هي صلاة العشاء الآخرة، و قال: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى «3» و هي صلاة الظهر، و هي أول صلاة صلاها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هي وسط النهار، و وسط صلاتين بالنهار: صلاة الغداة، و صلاة العصر».

و في بعض القراءات: «حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى صلاة لعصر و قوموا لله قانتين».

قال: «و نزلت هذه الآية يوم الجمعة، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في سفر، فقنت فيها و تركها على حالها في السفر و الحضر، و أضاف للمقيم ركعتين، و إنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي (صلى الله عليه و آله) يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الإمام، فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربع ركعات كصلاة الظهر في سائر الأيام».

5193/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الفضل بن عثمان المرادي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعد هن إلا هالك: يهم العبد بالحسنة أن يعملها، فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته، و إن هو عملها كتب الله له عشرا و يهم بالسيئة أن يعملها، فإن لم يعملها لم يكتب عليه شي ء، و إن هو عملها اجل سبع ساعات، و قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات،

و هو صاحب الشمال: لا تعجل، عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فإن الله عز و جل يقول: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ. أو استغفار، فإن هو قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب و الشهادة، العزيز الحكيم، الغفور الرحيم، ذا الجلال و الإكرام و أتوب إليه. لم يكتب عليه شي ء، و إن مضت سبع ساعات و لم يتبعها بحسنة أو استغفار، قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات:

اكتب على الشقي المحروم».

5194/ [3]- و عنه: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ.

قال: «صلوات «4» المؤمن بالليل يذهبن «5» بما عمل من ذنب النهار» «6».

__________________________________________________

2- الكافي 2: 313/ 4.

3- الكافي 3: 266/ 10.

(1) الإسراء 17: 78. [.....]

(2) الإسراء 17: 78.

(3) البقرة 2: 238.

(4) في المصدر: صلاة.

(5) في المصدر: تذهب.

(6) في المصدر: بالنهار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 139

5195/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، قال: «صلوات المؤمن بالليل يذهبن بما عمل من ذنب النهار».

5196/ [5]- و عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عمن رواه، عن الحارث بن الأحول صاحب الطاق، عن جميل بن صالح، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يغرنك الناس من نفسك، فإن الأمر يصل إليك

من دونهم، لا تقطع النهار بكذا و كذا، فإن معك من يحفظ عليك. و لم أر شيئا قط أشد طلبا و لا أسرع دركا من الحسنة للذنب العظيم القديم. و لا تستصغر شيئا من الخير فإنك تراه غدا حيث يسرك، و لا تستصغر شيئا من الشر فإنك تراه غدا حيث يسوؤك، إن الله عز و جل يقول:

إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ».

و روى هذا الحديث المفيد في (أماليه): عن الصادق (عليه السلام) «1».

5197/ [6]- و عنه، قال: حدثني محمد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ.

قال: «صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنهار».

5198/ [7]- الحسين بن سعيد، في كتاب (الزهد): عن فضالة بن أيوب، عن عبد الله بن يزيد، عن علي بن يعقوب، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يغرنك الناس من نفسك، فإن الأمر «2» يصل إليك دونهم، و لا تقطع عنك النهار بكذا و كذا، فإن معك من يحفظ عليك. و لا تستقل قليل الخير فإنك تراه غدا بحيث يسرك، و لا تستقل قليل الشر فإنك تراه غدا بحيث يسوؤك، و أحسن فإني لم أر شيئا أشد طلبا و لا أسرع دركا من حسنة لذنب قديم، فإن الله تبارك و تعالى يقول: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ».

5199/ [8]- الشيخ في (أماليه) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال: أخبرني

الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) محمد بن

__________________________________________________

4- علل الشرائع: 363/ 7.

5- ثواب الأعمال: 134، الاختصاص: 231.

6- ثواب الأعمال: 42.

7- كتاب الزهد: 16/ 31.

8- الأمالي 1: 24، الغارات: 147.

(1) الأمالي: 67/ 3.

(2) في المصدر: الأجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 140

أبي بكر مصر و أعمالها، كتب له كتابا، و أمره أن يقرأه على أهل مصر، و ليعمل بما وصاه به فيه، و كان الكتاب:

«بسم الله الرحمن الرحيم.

من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر، و محمد بن أبي بكر. سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.

أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسئولون، و إليه تصيرون، فإن الله تعالى يقول: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ «1» و يقول: وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ «2» و يقول: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ «3» و اعلموا- عباد الله- أن الله عز و جل سائلكم عن الصغير من عملكم و الكبير، فإن يعذب فنحن أظلم، و إن يعف فهو أرحم الراحمين.

يا عباد الله، إن أقرب ما يكون العبد الى المغفرة و الرحمة حين يعمل لله بطاعته و ينصحه بالتوبة، عليكم بتقوى الله فإنها تجمع الخير و لا خير غيرها، و يدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا و خير الآخرة، قال الله عز و جل: وَ قِيلَ لِلَّذِينَ

اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ «4».

اعلموا- عباد الله- أن المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب إما لخير [الدنيا] «5» فإن الله يثيبه بعمله في دنياه، قال الله سبحانه لإبراهيم (عليه السلام): وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ «6» فمن عمل لله تعالى آتاه أجره في الدنيا و الآخرة، و كفاه المهم فيهما، و قد قال الله تعالى: يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ «7» فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الاخرة، قال الله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ «8» و الحسنى هي الجنة، و الزيادة هي الدنيا.

[و إما لخير الآخرة] «9»، فإن الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة، قال الله عز و جل: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم، ثم أعطاهم بكل واحدة عشرة

__________________________________________________

(1) المدثر 74: 38.

(2) آل عمران 3: 28. [.....]

(3) الحجر 15: 92- 93.

(4) النحل 16: 30.

(5) من الغارات.

(6) العنكبوت 29: 27.

(7) الزمر 39: 10.

(8) يونس 10: 26.

(9) من الغارات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 141

أمثالها إلى سبعمائة ضعف، و قال الله عز و جل: جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً «1» و قال: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ «2» فارغبوا في هذا يرحمكم الله، و اعملوا له، و تحاضوا عليه.

و اعلموا- يا عباد الله- أن المتقين حازوا عاجل الخير و آجله، و شاركوا أهل الدنيا في دنياهم،

و لم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم الله في الدنيا ما كفاهم به و أغناهم، قال الله عز و جل: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «3» سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، و أكلوها بأفضل ما أكلت، و شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات، ما يأكلون، و شربوا من طيبات ما يشربون، و لبسوا من أفضل ما يلبسون، و سكنوا من أفضل ما يسكنون، و تزوجوا من أفضل ما يتزوجون، و ركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا، و هم غدا جيران الله تعالى، يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون، لا ترد لهم دعوة، و لا ينقص لهم نصيب من اللذة، فإلى هذا- يا عباد الله- يشتاق من كان له عقل، و يعمل له بتقوى الله، و لا حول و لا قوة إلا بالله.

يا عباد الله، إن اتقيتم و حفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد، و ذكرتموه بأفضل ما ذكر، و شكرتموه بأفضل ما شكر، و أخذتم بأفضل الصبر و الشكر، و اجتهدتم أفضل الاجتهاد و إن كان غيركم أطول منكم صلاة، و أكثر منكم صياما، فأنتم أتقى لله منه، و أنصح لاولي الأمر.

احذروا- يا عباد الله- الموت و سكرته، فأعدوا له عدته، فإنه يفجأكم بأمر عظيم، بخير لا يكون معه شر أبدا، و بشر لا يكون معه خيرا أبدا، فمن أقرب إلى الجنة من عاملها؟ و من أقرب إلى النار من عاملها؟ إنه ليس أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم

إلى أي المنزلين يصير: إلى الجنة، أم إلى النار، أعدو هو لله أم ولي؟ فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة و شرعت له طرقها، و رأى ما أعد الله له فيها، ففرغ من كل شغل، و وضع عنه كل ثقل، و إن كان عدوا لله فتحت له أبواب النار، و شرعت له طرقها، و نظر إلى ما أعد الله له فيها، و فاستقبل كل مكروه، و ترك كل سرور، كل هذا يكون عند الموت، و عنده يكون بيقين، قال الله تعالى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «4»، و يقول: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ «5».

يا عباد الله، إن الموت ليس منه فوت، فاحذروه قبل وقوعه، و أعدوا له عدته، فإنكم طرائد «6» الموت، إن أقمتم له أخذكم، و إن فررتم منه أدرككم، و هو ألزم لكم من ظلكم، الموت معقود بنواصيكم، و الدنيا تطوى خلفكم،

__________________________________________________

(1) النباء 78: 36.

(2) سبأ 34: 37.

(3) الأعراف 7: 32.

(4) النحل 16: 32.

(5) النحل 16: 28- 29.

(6) الطرائد: جمع طريدة، ما طردت من صيد و غيره. «لسان العرب- طرد- 3: 267».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 142

فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات، و كفى بالموت واعظا، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت، فيقول أكثروا ذكر الموت، فإنه هادم اللذات، حائل بينكم و بين الشهوات.

يا عباد الله، ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت، القبر،

فاحذروا ضيقه «1» و ضنكه و ظلمته و غربته، إن القبر يقول كل يوم: أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود و الهوام. و القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض: مرحبا و أهلا، قد كنت ممن أحب أن يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك، فيتسع له مد البصر، و إن الكفار إذا دفن قالت له الأرض: لا مرحبا بك و لا أهلا، لقد كنت ممن أبغض أن يمشي «2» على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه. و إن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه: عذاب القبر، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة و تسعين تنينا، فينهشن لحمه و يكسرن عظمه، و يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا أبدا.

يا عباد الله، إن أنفسكم الضعيفة و أجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا، فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم و أنفسكم مما لا طاقة لكم به و لا صبر لكم عليه، فاعملوا بما أحب الله، و اتركوا ما كره الله.

يا عباد الله، إن بعد البعث ما هو أشد من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، و يسكر منه الكبير، و يسقط فيه الجنين، و تذهل كل مرضعة عما أرضعت، يوم عبوس قمطرير، يوم كان شره مستطيرا، إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم، و ترعد «3» منه السبع الشداد، و الجبال الأوتاد، و الأرض المهاد، و تنشق السماء فهي يومئذ واهية، و تتغير فكأنها وردة كالدهان، و

تكون الجبال كثيبا «4» مهيلا بعد ما كانت صما صلابا، و ينفخ في الصور فيفزع من في السماوات و من في الأرض إلا من شاء الله، فكيف من عصى بالسمع و البصر و اللسان و اليد و الرجل و الفرج و البطن، إن لم يغفر الله له و يرحمه «5» من ذلك اليوم! لأنه يقضي و يصير إلى غيره، إلى نار قعرها بعيد، و حرها شديد، و شرابها صديد، و عذابها جديد، و مقامعها حديد، لا يفتر عذابها، و لا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة، و لا يسمع لأهلها دعوة.

و اعلموا- يا عباد الله- أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز عن العباد، و جنة عرضها كعرض السماوات و الأرض أعدت للمتقين، لا يكون معها شر أبدا، لذاتها لا تمل، و مجتمعها لا يتفرق، سكانها قد جاوروا الرحمن، و قام بين أيديهم الغلمان بصحاف من الذهب، فيها الفاكهة و الريحان. ثم اعلم- يا محمد بن أبي بكر- أني قد وليتك». و ساق الحديث إلى آخره.

و روى هذا الحديث المفيد في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال:

أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني، قال:

لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) محمد بن أبي بكر مصر و أعمالها، كتب إليه كتابا، و أمره أن يقرأه

__________________________________________________

(1) في المصدر: ضيهته. [.....]

(2) في المصدر: من أبغض من يمشي.

(3) في «س» و المصدر: و ترغب.

(4) في المصدر: سرابا.

(5) في الغارات

زيادة: و اعلموا- عباد اللّه- أن ما بعد ذلك اليوم أشدّ و أدهى على من لم يغفر اللّه له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 143

على أهل مصر، و ليعمل بما وصاه فيه. فكان الكتاب: «بسم الله الرحمن الرحيم» و ساق الحديث إلى آخره «1».

5200/ [9]- و عنه: بإسناده، قال: قال الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ.

قال: «صلاة الليل تذهب بذنوب النهار».

5201/ [10]- العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ و طرفاه:

المغرب و الغداة وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ و هي صلاة العشاء الآخرة».

5202/ [11]- عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أحدهما (عليهما السلام) يقول: «إن عليا (عليه السلام) أقبل على الناس، فقال: أي آية في كتاب الله أرجى عندكم؟ فقال بعضهم: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ «2». قال: حسنة، و ليست إياها. فقال بعضهم: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ «3» قال: حسنة، و ليست إياها. و قال بعضهم: وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ «4» قال: حسنة، و ليست إياها».

قال: «ثم أحجم الناس، فقال: ما لكم، يا معشر المسلمين؟ قالوا: لا و الله، ما عندنا شي ء. قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: أرجى آية في كتاب الله: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ و قرأ الآية كلها، و قال: يا علي، و الذي بعثني بالحق بشيرا و نذيرا، إن أحدكم ليقوم إلى وضوئه فتساقط من جوارحه الذنوب، فإذا استقبل الله بوجهه و قلبه لم ينفتل عن صلاته

و عليه من ذنوبه شي ء، كما ولدته أمه، فإذا أصاب شيئا بين الصلاتين كان له مثل ذلك حتى عد الصلوات الخمس. ثم قال: يا علي، إنما منزلة الصلوات الخمس لامتي كنهر جار على باب أحدكم، فما ظن أحدكم لو كان في جسده درن ثم اغتسل في ذلك النهر خمس مرات في اليوم، أ كان يبقى في جسده درن؟ فكذلك و الله الصلوات الخمس لامتي».

5203/ [12]- عن إبراهيم الكرخي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه مولى له. فقال: «يا فلان، متى جئت؟» فسكت. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «جئت من هاهنا و من هاهنا، انظر بما تقطع به يومك، فإن معك ملكا موكلا، يحفظ عليك ما تعمل، فلا تحتقر سيئة، و إن كانت صغيرة، فإنها ستسوؤك يوما، و لا تحتقر حسنة فإنه ليس شي ء- أشد طلبا و لا أسرع دركا من الحسنة، إنها لتدرك الذنب العظيم القديم فتذهب به، و قال الله في كتابه:

إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ- قال: قال- صلاة الليل تذهب بذنوب النهار- قال- تذهب بما جرحتم».

__________________________________________________

9- الأمالي 1: 300.

10- تفسير العيّاشي 2: 161/ 73.

11- تفسير العيّاشي 2: 161/ 74.

12- تفسير العيّاشي 2: 162/ 75.

(1) الأمالي: 260/ 3.

(2) النساء 4: 48 و 116.

(3) الزمر 39: 53.

(4) آل عمران 3: 135.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 144

5204/ [13]- عن إبراهيم بن عمر، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ- إلى- السَّيِّئاتِ، فقال: «صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب النهار».

5205/ [14]- عن سماعة بن مهران، قال: سأل أبا عبد الله (عليه السلام) رجل من أهل الجبال عن رجل أصاب مالا من أعمال السلطان،

فهو يتصدق منه، و يصل قرابته، و يحج ليغفر له ما اكتسب، و هو يقول: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الخطيئة لا تكفر الخطيئة، و لكن الحسنة تكفر الخطيئة». ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن كان خلط الحلال حراما فاختلط جميعا فلم يعرف الحلال من الحرام، فلا بأس».

5206/ [15]- و عنه: في رواية المفضل بن سويد، أنه قال: «انظر ما أصبت به فعد به على إخوانك، فإن الله يقول: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ».

قال المفضل: كنت خليفة أخي على الديوان، قال: و قد قلت جعلت فداك، قد ترى مكاني من هؤلاء القوم، فما ترى؟ قال: لو لم يكن كتب» «1».

5207/ [16]- عن المفضل بن مزيد الكاتب، قال: دخل علي أبو عبد الله (عليه السلام) و قد أمرت أن اخرج لبني هاشم جوائز، فلم أعلم إلا و هو على رأسي، و أنا مستخل، فوثبت إليه، فسألني عما أمر لهم، فناولته الكتاب، فقال:

«ما أرى لإسماعيل هاهنا شيئا»؟ فقلت: هذا الذي خرج إلينا.

ثم قلت له: جعلت فداك، قد ترى مكاني من هؤلاء القوم؟ فقال لي: «انظر ما أصبت به فعد به على إخوانك، فإن الله يقول: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ».

5208/ [17]- عن إبراهيم الكرخي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من أهل المدينة، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «يا فلان، من أين جئت؟» فسكت. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «جئت من هاهنا و هاهنا، لغير معاش تطلبه، و لا لعمل آخرة، انظر بما تقطع به يومك و ليلتك، و اعلم أن معك ملكا كريما موكلا بك، يحفظ عليك ما تفعل، و يطلع على

سرك الذي تخفيه من الناس، فاستحي و لا تحقرن سيئة، فإنها ستسوؤك يوما، و لا تحقرن حسنة و إن صغرت عندك، و قلت في عينك، فإنها ستسرك يوما.

و اعلم أنه ليس شي ء أضر عاقبة و لا أسرع ندامة من الخطيئة، و أنه ليس شي ء أشد طلبا و لا أسرع دركا للخطيئة من الحسنة، أما إنها لتدرك الذنب العظيم القديم [المنسي عند عامله فتحذفه و تسقطه و تذهب به بعد إساءته، و ذلك قول الله إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ».

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 2: 162/ 76.

14- تفسير العيّاشي 2: 162/ 77. [.....]

15- تفسير العيّاشي 2: 163/ 78.

16- تفسير العيّاشي 2: 163/ 79.

17- تفسير العيّاشي 2: 163/ 80.

(1) أي ليت أنّ أخاك ما اشتغل في كتابة الديوان، و لم تكن خليفته. و في نسخة من رجال الكشّي: 374/ 701 (لو لم يكن كيت) و هو ينصرف إلى نفس المعنى. أي ليت الأمر لم يكن كما ذكرت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 145

5209/ [18]- عن ابن خراش، عن أبي عبد الله (عليه السلام): إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ.

قال: «صلاة الليل تكفر ما كان من ذنوب النهار».

سورة هود(11): الآيات 118 الي 123 ..... ص : 145

اشارة

قوله تعالى:

وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً- إلى قوله تعالى- وَ لِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [118- 123] 5210/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً أي على مذهب واحد وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ.

5211/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن

عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الاستطاعة و قول الناس، فقال و تلا هذه الآية: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ «يا أبا عبيدة، الناس مختلفون في إصابة القول، و كلهم هالك».

قال: قلت: قوله: إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ؟ قال: «هم شيعتنا، و لرحمته خلقهم، و هو قوله: وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ يقول: لطاعة الإمام، الرحمة التي يقول: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ «1» يقول: علم الإمام، و وسع علمه الذي هو من علمه كل شي ء، هم شيعتنا.

ثم قال: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ «2» يعني ولاية غير الإمام و طاعته، ثم قال: يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ «3» يعني النبي (صلى الله عليه و آله) و الوصي و القائم، يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ «4» إذا قام وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ «5» و المنكر من أنكر فضل الإمام و جحده وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ «6» و هو «7» أخذ العلم من أهله وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ «8» و الخبائث: قول من خالف وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ «9» و هي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ «10» و الأغلال: ما كانوا يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام، فلما عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم و الإصر الذنب، و هي الآصار.

ثم نسبهم، فقال: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ «11» يعني بالإمام

__________________________________________________

18- تفسير العياشي 2: 164 ذيل الحديث 80.

1- تفسير القمي 1: 338.

2- الكافي 1: 355/ 83.

(1) الأعراف 7: 156.

(2) الأعراف 7: 156.

(3) الأعراف 7: 157.

(4) الأعراف 7: 157.

(5) الأعراف 7: 157.

(6) الأعراف 7: 157.

(7) (و هو) ليس في المصدر. [.....]

(8) الأعراف

7: 157.

(9) الأعراف 7: 157.

(10) الأعراف 7: 157.

(11) الأعراف 7: 157.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 146

وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1» يعني الذين اجتنبوا الجبت و الطاغوت أن يعبدونها، و الجبت و الطاغوت: فلان و فلان و فلان، و العبادة: طاعة الناس لهم.

ثم قال: وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ «2» ثم جزاهم فقال:هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ

«3» و الإمام يبشرهم بقيام القائم و بظهوره، و بقتل أعدائهم، و بالنجاة في الآخرة، و الورود على محمد (صلى الله عليه و آله الصادقين) على الحوض».

5212/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ.

فقال: «كانوا امة واحدة، فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة».

ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، قال:

سئل أبو عبد الله (عليه السلام)، مثله «4».

5213/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن أحمد الشيباني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ

وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ «5» قال: «خلقهم ليأمرهم بالعبادة».

قال: و سألته عن قوله عز و جل: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ قال: «خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم».

5214/ [5]- علي بن إبراهيم: عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا يزالون مختلفين- في الدين- إلا من رحم ربك، يعني آل محمد و أتباعهم، يقول الله: وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ يعني أهل رحمة لا يختلفون في الدين».

5215/ [6]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قوله الله: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً- إلى- مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ.

__________________________________________________

3- الكافي 8: 379/ 573.

4- علل الشرائع: 13/ 10.

5- تفسير القمّي 1: 338.

6- تفسير العيّاشي 2: 164/ 81.

(1) الأعراف 7: 157.

(2) الزمر 39: 54.

(3) يونس 10: 64.

(4) علل الشرائع: 120/ 2.

(5) الذاريات 51: 56.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 147

قال: «كانوا امة واحدة، فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة».

5216/ [7]- عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن رجل، قال: سألت علي بن الحسين (عليه السلام) عن قول الله:

وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ قال: «عنى بذلك من خالفنا من هذه الامة، و كلهم يخالف بعضهم بعضا في دينهم، و أما قوله: إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ فأولئك أولياؤنا من المؤمنين، و لذلك خلقهم من الطينة الطيبة، أما تسمع لقول إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ «1»- قال- إيانا عنى و أولياءه و شيعته و شيعة وصيه، قال: وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ «2»- قال- عنى بذلك و الله

من جحد وصيه و لم يتبعه من أمته، و كذلك و الله حال هذه الامة».

5217/ [8]- عن يعقوب بن سعيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ «3» قال: «خلقهم للعبادة».

قال: قلت: و قوله: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ؟ فقال: «نزلت هذه بعد تلك».

5218/ [9]- عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ.

قال: «أولئك هم أولياؤنا من المؤمنين، و لذلك خلقهم من الطينة الطيبة أما تسمع لقول إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ «4»- قال- إيانا عنى بذلك و أولياءه و شيعته و شيعة وصيه وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ «5» عنى بذلك- و الله- من جحد وصيه و لم يتبعه من أمته، و كذلك و الله حال هذه الامة».

5219/ [10]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ هم الذين سبق الشقاء لهم، فحق عليهم القول أنهم للنار خلقوا، و هم الذين حقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون.

قال علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه، فقال: وَ كُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ أي أخبارهم ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَ جاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ في القرآن، و هذه السورة من أخبار الأنبياء و هلاك الأمم. ثم قال: وَ قُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ أي نعاقبكم وَ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ وَ لِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَ

الْأَرْضِ وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 164/ 82. [.....]

8- تفسير العيّاشي 2: 164/ 83.

9- تفسير العيّاشي 2: 164/ 84.

10- تفسير القمّي 1: 338.

(1) البقرة 2: 126.

(2) البقرة 2: 126.

(3) الذاريات 51: 56.

(4) البقرة 2: 126.

(5) البقرة 2: 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 148

باب في معنى التوكل ..... ص : 148

5220/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، في حديث مرفوع إلى النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك و تعالى أرسلني إليك بهدية لم يعطها أحدا قبلك، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قلت: و ما هي؟ قال:

الصبر، و أحسن منه. قلت: و ما هو؟ قال: الرضا، و أحسن منه. قلت: و ما هو؟ قال: الزهد، و أحسن منه. قلت: و ما هو؟ قال: الإخلاص، و أحسن منه. قلت: و ما هو؟ قال: اليقين، و أحسن منه، قلت: و ما هو، يا جبرئيل؟ قال: إن مدرجة «1» ذلك التوكل على الله عز و جل فقلت: و ما التوكل على الله عز و جل؟ فقال: العلم بأن المخلوق لا يضر و لا ينفع، و لا يعطي و لا يمنع، و استعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله، و لم يرج و لم يخف سوى الله، و لم يطمع في أحد سوى الله، فهذا هو التوكل.

قال: قلت: يا جبرئيل، فما تفسير الصبر؟ قال: تصبر في الضراء كما تصبر في السراء،

و في الفاقة كما تصبر في الغناء، و في البلاء كما تصبر في العافية، و لا يشكو حاله عند المخلوق بما يصيبه من البلاء.

قلت: و ما تفسير القناعة؟ قال: يقنع بما يصيبه من الدنيا، يقنع بالقليل و يشكر اليسير.

قلت: فما تفسير الرضا؟ فقال: الرضا أن «2» لا يسخط على سيده، أصاب من الدنيا أو لم يصب، و لا يرضى لنفسه باليسير من العمل.

قلت: يا جبرئيل، فما تفسير الزهد؟ قال: الزاهد يحب من يحب خالقه، و يبغض من يبغض خالقه، و يتحرج من حلال الدنيا و لا يلتفت إلى حرامها، فإن حلالها حساب و حرامها عقاب، و يرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه، و يتحرج من الكلام كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها، و يتحرج عن حطام الدنيا و زينتها كما يجتنب النار أن يغشاها «3» و أن يقصر أمله و كأن بين عينيه أجله.

قلت: يا جبرئيل، فما تفسير الإخلاص؟ قال: المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد، و إذا وجد رضي، و إذا بقي عنده شي ء أعطاه في الله، فإن من لم يسأل المخلوق فقد أقر لله عز و جل بالعبودية، و إذا وجد فرضي، فهو عن الله راض، و الله تبارك و تعالى عنه راض، و إذا أعطى لله عز و جل فهو على حد الثقة بربه عز و جل.

قلت: فما تفسير اليقين؟ قال: الموقن يعمل لله كأنه يراه، فإن لم يكن يرى الله فإن الله يراه، و أن يعلم يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، و إن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، و هذا كله أغصان التوكل، و مدرجة الزهد».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 260/ 1.

(1) المدرجة: الطريق، و ممرّ الأشياء

على الطريق.

(2) في المصدر: قال الراضي.

(3) في المصدر: تغشاه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 149

المستدرك (سورة هود) ..... ص : 149

سورة هود(11): آية 116 ..... ص : 149

قوله تعالى:

فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ كانُوا مُجْرِمِينَ [116]

[1]- فرات بن إبراهيم الكوفي في (تفسيره) معنعنا عن زيد بن علي (عليه السلام) في قوله تعالى: فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إلى آخر الآية، قال: تخرج الطائفة منا، و مثلنا كمن كان قبلنا من القرون، فمنهم من يقتل، و تبقى منهم بقية ليحيوا ذلك الأمر يوما ما.

[2]- و عنه، قال: حدثني جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن زيد بن علي (عليه السلام)، في قوله: فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ قال: نزلت هذه فينا.

سورة هود(11): آية 117 ..... ص : 149

قوله تعالى:

وَ ما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ [117]

[3]- الطبرسي في (مكارم الأخلاق)، في موعظة رسول الله (صلى الله عليه و آله) لابن مسعود قال: قال له: «يا ابن مسعود: أنصف الناس من نفسك، و انصح الأمة و ارحمهم، فإذا كنت كذلك و غضب الله على أهل بلدة أنت فيها، و أراد أن ينزل عليهم العذاب، نظر إليك فرحمهم بك، يقول الله تعالى: وَ ما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ».

__________________________________________________

1- تفسير فرات: 63.

2- تفسير فرات: 63. [.....]

3- مكارم الأخلاق: 457.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 151

سورة يوسف ..... ص : 151

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 153

سورة يوسف فضلها ..... ص : 153

5221/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة يوسف (عليه السلام) في كل يوم أو في كل ليلة، بعثه الله تعالى يوم القيامة و جماله مثل جمال يوسف (عليه السلام)، و لا يصيبه فزع يوم القيامة، و كان من خيار عباد الله الصالحين». و قال: «إنها كانت في التوراة مكتوبة».

5222/ [2]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «من قرأ سورة يوسف (عليه السلام) في كل يوم أو في كل ليلة، بعثه الله يوم القيامة و جماله على جمال يوسف (عليه السلام)، و لا يصيبه يوم القيامة ما يصيب الناس من الفزع، و كان جيرانه من عباد الله الصالحين». ثم قال: «إن يوسف كان من عباد الله الصالحين و أومن في الدنيا أن يكون زانيا أو فحاشا».

5223/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تنزلوا النساء بالغرف، و لا تعلموهن الكتابة، و لا تعلموهن سورة يوسف «1»، و علموهن المغزل و سورة النور».

5224/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تعلموا نساءكم سورة يوسف، و لا تقرئوهن إياها فإن فيها الفتن،

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 106.

2- تفسير العيّاشي 2: 166/ 1.

3- الكافي 5: 516/ 1.

4- الكافي 5: 516/ 2.

(1) (و لا تعلموهنّ سورة يوسف) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 3، ص: 154

و علموهن سورة النور فإن فيها المواعظ».

5225/ [5]- (مجمع البيان): عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «علموا أرقاءكم سورة يوسف، فإنه أيما مسلم تلاها و علمها أهله و ما ملكت يمينه، هون الله تعالى عليه سكرات الموت، و أعطاه من القوة أن لا يحسده مسلم».

5226/ [6]- و من (خواص القرآن) في سورة يوسف: قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و جعلها في منزله ثلاثة أيام و أخرجها منه إلى جدار من جدران من خارج البيت و دفنها «1» لم يشعر إلا و رسول السلطان يدعوه إلى خدمته، و يصرفه إلى حوائجه بإذن الله تعالى. و أحسن من هذا كله أن يكتبها و يشربها يسهل الله له الرزق، و يجعل له الحظ بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

5- مجمع البيان 5: 315.

6- خواص القرآن: 3 «مخطوط».

(1) (و دفنها) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 155

سورة يوسف(12): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 155

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ- إلى قوله تعالى- وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ [1- 3] 5227/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ: أي كي تعقلوا. قال: ثم خاطب الله نبيه، فقال: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ.

سورة يوسف(12): الآيات 4 الي 33 ..... ص : 155

قوله تعالى:

إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ- إلى قوله تعالى- أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَ أَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ [4- 33] 5228/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا علي بن محمد، عمن حدثه، عن المنقري، عن عمرو بن شمر، عن إسماعيل السدي، عن عبد الرحمن بن سابط القرشي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، في قول الله عز و جل: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ.

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 339.

2- تفسير القمي 1: 339.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 156

قال في تسمية النجوم: هي الطارق و حوبان «1» و الذيال «2» و ذو الكتفين «3» و وثاب و قابس و عمودان و فليق «4» و مصبح و الصرح و الفروع «5» و الضياء و النور- يعني الشمس و القمر- و كل هذه النجوم محيطة بالسماء.

5229/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «تأويل هذه الرؤيا أنه سيملك مصر، و يدخل عليه أبواه و إخوته، فأما الشمس فأم يوسف راحيل، و القمر يعقوب، و أما الأحد عشر كوكبا

فإخوته، فلما دخلوا عليه سجدوا شكرا لله و حده حين نظروا إليه، و كان ذلك السجود لله».

5230/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن الثمالي، قال: صليت مع علي بن الحسين (عليهما السلام) الفجر بالمدينة يوم جمعة، فلما فرغ من صلاته و سبحته «6»، نهض إلى منزله و أنا معه، فدعا مولاة له تسمى سكينة، فقال لها: «لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتموه فإن اليوم يوم الجمعة».

قلت له: ليس كل من يسأل مستحقا؟ فقال: «يا ثابت، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقا فلا نطعمه و نرده، فينزل بنا- أهل البيت- ما نزل بيعقوب و آله، أطعموهم أطعموهم.

إن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه، و يأكل هو و عياله منه، و إن سائلا مؤمنا صواما محقا، له عند الله منزلة، و كان مجتازا غريبا اعتر «7» على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه: أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم. يهتف بذلك على بابه مرارا، و هم يسمعونه و قد جهلوا حقه، و لم يصدقوا قوله، فلما أيس أن يطعموه و غشيه الليل استرجع و استعبر و شكا جوعه إلى الله عز و جل، و بات طاويا، و أصبح صائما جائعا صابرا حامدا لله تعالى و بات يعقوب و آل يعقوب شباعا بطانا، و أصبحوا و عندهم فضل من طعامهم».

قال: «فأوحى الله عز و جل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت- يا يعقوب- عبدي ذلة استجررت بها

غضبي، و استوجبت بها أدبي، و نزول عقوبتي و بلواي عليك و على ولدك. يا يعقوب، إن أحب أنبيائي إلي و أكرمهم علي من رحم مساكين عبادي، و قربهم إليه، و أطعمهم، و كان له مأوى و ملجأ. يا يعقوب، أما رحمت

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 339.

3- علل الشرائع: 45/ 1.

(1) في «س»، «ط»: و خربان. [.....]

(2) في المصدر نسخة بدل: الدبال.

(3) في المصدر نسخة بدل: ذو الكنفين.

(4) في المصدر نسخة بدل: فيلق.

(5) في المصدر نسخة بدل: القروع. و يأتي ذكرها في الحديث (13) مع بعض الاختلاف.

(6) السبحة: النافلة. «مجمع البحرين- سبح- 2: 370» و في «ط»: و تسبيحه.

(7) اعتّر: تعرّض للسؤال. «مفردات ألفاظ القرآن- عرّ-: 328».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 157

ذميال عبدي، المجتهد في عبادته، القانع باليسير من ظاهر «1» الدنيا، عشاء أمس، لما اعتر «2» ببابك عند أوان إفطاره، و هتف بكم: أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع. فلم تطعموه شيئا، فاسترجع و استعبر و شكا ما به إلي، و بات طاويا، حامدا لي، و أصبح لي صائما، و أنت- يا يعقوب- و ولدك شباع، و أصبحت و عندكم فضل من طعامكم.

أو ما علمت- يا يعقوب- أن العقوبة و البلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي؟ و ذلك حسن النظر مني لأوليائي، و استدراج مني لأعدائي، أما و عزتي لأنزلن بك بلواي، و لأجعلنك و ولدك غرضا لمصابي، و لأؤدبنك بعقوبتي، فاستعدوا لبلواي، و ارضوا بقضائي، و اصبروا للمصائب».

فقلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): جعلت فداك، متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال: «في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب و آل يعقوب شباعا، و بات فيها ذميال طاويا جائعا، فلما رأى يوسف الرؤيا و أصبح

يقصها على أبيه يعقوب، فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف و بقي مغتما، فأوحى الله عز و جل إليه: أن استعد للبلاء. فقال يعقوب ليوسف: لا تقصص رؤياك على إخوتك فإني أخاف أن يكيدوا لك كيدا، فلم يكتم يوسف رؤياه و قصها على إخوته».

قال: علي بن الحسين (عليه السلام): «و كانت أول بلوى نزلت بيعقوب و آل يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا- قال- فاشتدت رقة يعقوب على يوسف، و خاف أن يكون ما أوحى الله عز و جل إليه من الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصة، فاشتدت رقته عليه من بين ولده، فلما رأى إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف و تكرمته إياه و إيثاره إياه عليهم، اشتد ذلك عليهم و بدأ البلاء منهم «3» فتآمروا فيما بينهم و قالوا: لَيُوسُفُ وَ أَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَ تَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ أي تتوبون، فعند ذلك قالوا: يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَ إِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ الآية. فقال يعقوب: إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ فانتزعه حذرا عليه من أن تكون البلوى من الله عز و جل على يعقوب في يوسف خاصة لموقعه من قلبه و حبه له».

قال: «فغلبت قدرة الله و قضاؤه و نافذ أمره في يعقوب و يوسف و إخوته، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه، و لا عن يوسف و ولده، فدفعه إليهم و هو لذلك كاره متوقع للبلوى من الله في يوسف، فلما خرجوا

من منزلهم لحقهم مسرعا فانتزعه من أيديهم و ضمه إليه و اعتنقه و بكى و دفعه إليهم، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم و لا يدفعه إليهم، فلما أمعنوا «4» به أتوا به غيضة «5» أشجار، فقالوا: نذبحه و نلقيه تحت هذه الشجرة

__________________________________________________

(1) في «س»: طاهر.

(2) في «ط»: عبر.

(3) في «ط» و المصدر: فيهم.

(4) أمعن: أبعد. «لسان العرب- معن- 13: 409».

(5) الغيضة: مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر. «لسان العرب- غيض- 7: 202».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 158

فيأكله الذئب الليلة. فقال كبيرهم: لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ و لكن أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ فانطلقوا به إلى الجب فألقوه فيه، و هم يظنون أنه يغرق فيه، فلما صار في قعر الجب ناداهم: يا ولد رومين، أقرئوا يعقوب مني السلام. فلما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض: لا تزولوا من هنا حتى تعلموا أنه قد مات.

فلم يزالوا بحضرته حتى أيسوا «1» وَ جاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ فلما سمع مقالتهم استرجع و استعبر، و ذكر ما أوحى الله عز و جل إليه من الاستعداد للبلاء، فصبر و أذعن للبلوى، و قال لهم: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً و ما كان الله ليطعم لحم يوسف الذئب من قبل أن أرى تأويل رؤياه الصادقة».

قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين (عليه السلام) عند هذا.

5231/ [4]- الشيخ عمر بن إبراهيم الأوسي «2»، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لجبرئيل (عليه السلام): «أنت مع قوتك هل أعييت قط؟» يعني أصابك تعب و مشقة، قال: نعم- يا محمد- ثلاث مرات:

يوم ألقي إبراهيم في النار، أوحى الله إلي، أن أدركه، فوعزتي و جلالي لئن سبقك إلى النار لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت إليه بسرعة و أدركته بين النار و الهواء، فقلت: يا إبراهيم، هل لك حاجة؟ قال: إلى الله فنعم، و أما إليك فلا.

و الثانية: حين امر إبراهيم بذبح ولده إسماعيل، أوحى الله إلي: أن أدركه، فوعزتي و جلالي لئن سبقك السكين إلى حلقه لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت بسرعة حتى حولت السكين و قلبتها في يده و أتيته بالفداء.

و الثالثة: حين رمي يوسف في الجب، فأوحى الله تعالى إلي: يا جبرئيل، أدركه، فو عزتي و جلالي إن سبقك إلى قعر الجب لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت إليه بسرعة و أدركته إلى الفضاء، و رفعته إلى الصخرة التي كانت في قعر الجب، و أنزلته عليها سالما فعييت، و كان الجب مأوى الحيات و الأفاعي، فلما حست به، قالت كل واحدة لصاحبتها: إياك أن تتحركي، فإن نبيا كريما نزل بنا و حل بساحتنا، فلم تخرج واحدة من وكرها إلا الأفاعي فإنها خرجت و أرادت لدغه فصحت بهن صيحة صمت آذانهن إلى يوم القيامة.

قال ابن عباس: لما استقر يوسف (عليه السلام) في قعر الجب سالما و اطمأن من المؤذيات، جعل ينادي إخوته:

«إن لكل ميت وصية، و وصيتي إليكم إذا رجعتم فاذكروا وحدتي، و إذا أمنتم فاذكروا وحشتي، و إذا طعمتم فاذكروا جوعتي، و إذا شربتم فاذكروا عطشي، و إذا رأيتم شابا فاذكروا شبابي».

__________________________________________________

4- ......

(1) في المصدر: أمسوا.

(2) و هو عمر بن إبراهيم الأنصاري الأوسي المالكي المتوفّى نحو سنة (751 ه)، له كتاب (زهر الكمال) في قصّة يوسف (عليه الصلاة السّلام)، مرتّب على سبعة عشر

مجلسا و كلّ مجلس يبدأ بخطبة و أشار و حكايات و أخبار، و نقل عنه السيد البحراني (رحمه اللّه). كشف الظنون 2: 961، هدية العارفين 5: 796، رياض العلماء 4: 299، الذريعة 12: 71 و فيه: «زهر الكلام». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 159

فقال له جبرئيل (عليه السلام): يا يوسف، أمسك عن هذا، و اشتغل بالدعاء، و قل: يا كاشف كل كربة، و يا مجيب كل دعوة، و يا جابر كل كسير، و يا حاضر كل بلوى، و يا مؤنس كل وحيد، و يا صاحب كل غريب، و يا شاهد كل نجوى، أسألك بحق لا إله إلا أنت أن تجعل لي من أمري فرجا و مخرجا، و أن تجعل في قلبي حبك حتى لا يكون لي هم و شغل سواك، برحمتك يا أرحم الراحمين.

فقالت الملائكة: يا ربنا، نسمع صوتا و دعاء، أما الصوت فصوت نبي، و أما الدعاء فدعاء نبي، فأوحى الله تعالى إليهم: هو نبيي يوسف، و أوحى تعالى إلى جبرئيل: أن اهبط على يوسف، و قل له: لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ.

و سئل ابن عباس عن الموثق الذي أخذه يعقوب على أولاده. فقال: قال لهم: «معشر أولادي، إن جئتموني بولدي و إلا فأنتم براء من النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان، له أمة يهدون بالحق و به يعدلون، أهل كلمة عظيمة، أعظم من السماوات و الأرض، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، صاحب الناقة و القضيب، الذي سماه الله حبيب، ذو الوجه الأقمر، و الجبين الأزهر، و الحوض و الكوثر، و المقام المشهود، له ابن عم يسمى حيدرة، زوج ابنته، و خليفته على قومه، علي

بن أبي طالب، تأتونه و هو معرض عنكم بوجهه يوم القيامة، إن خنتموني في ولدي». قالوا: نعم قال: يعقوب: فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ «1»» قالوا: نعم: فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

و سئل ابن عباس: بم عرفوا يوسف، يعني إخوته؟ قال: كانت له علامة بقرنه، و ليعقوب مثلها و لإسحاق و لسارة، و هي شامة، قد جاء فرفع التاج من رأسه و فيه رائحة المسك فشموها فعرفوه.

5232/ [5]- نرجع إلى رواية أبي حمزة «2» عن علي بن الحسين (عليه السلام): قال أبو حمزة: فلما كان من الغد غدوت عليه، فقلت له: جعلت فداك، إنك حدثتني أمس بحديث يعقوب و ولده ثم قطعته، فما كان من قصة إخوة يوسف و قصة يوسف بعد ذلك؟ فقال: «إنهم لما أصبحوا، قالوا: انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف، أمات أم هو حي؟ فلما انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة، و قد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه، فملأ جذب دلوه فإذا هو غلام متعلق بدلوه، فقال لأصحابه يا بُشْرى هذا غُلامٌ فلما أخرجوه أقبل إليهم إخوة يوسف، فقالوا: هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب، و جئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم، و تنحوا به ناحية، فقالوا: إما أن تقر لنا أنك عبد لنا فنبيعك على بعض هذه السيارة أن تقتلك؟ فقال لهم يوسف: لا تقتلوني و اصنعوا ما شئتم. فأقبلوا به إلى السيارة، فقالوا: من منك يشتري منا هذا العبد فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما، و كان إخوته فيه من الزاهدين، و سار به الذي اشتراه من البدو حتى أدخله مصر، فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر، و ذلك قول الله

عز و جل: وَ قالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً».

__________________________________________________

5- علل الشرائع: 48/ 1.

(1) يوسف 12: 64.

(2) المتقدمة في الحديث (3) من تفسير هذه الآيات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 160

قال أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): ابن كم كان يوسف يوم ألقوه في الجب؟ فقال: كان ابن تسع سنين».

فقلت: كم كان بين منزل يعقوب يومئذ و بين مصر؟ فقال: «مسيرة اثني عشر يوما».

قال: «و كان يوسف من أجمل أهل زمانه، فلما راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه، فقال لها: معاذ الله، إنا من أهل بيت لا يزنون، فغلقت الأبواب عليها و عليه، و قالت: لا تخف. و ألقت نفسها عليه، فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه فلحقته، فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه، فأفلت يوسف منها في ثيابه وَ أَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ- قال- فهم الملك بيوسف ليعذبه، فقال له يوسف: و اله يعقوب، ما أردت بأهلك سوءا، بل هي راودتني عن نفسي، فسل هذا الصبي: أينا راود صاحبه عن نفسه؟- قال- و كان عندها من أهلها صبي زائر لها. فأنطق الله الصبي لفصل القضاء، فقال: أيها الملك انظر إلى قميص يوسف، فإن كان مقدودا من قدامه فهو الذي راودها، و إن كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته.

فلما سمع الملك كلام الصبي و ما اقتصه، أفزعه ذلك فزعا شديدا، فجي ء بالقميص فنظر إليه، فلما رآه مقدودا من خلفه، قال لها: إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ و قال ليوسف: أَعْرِضْ عَنْ هذا و لا يسمعه منك أحد، و اكتمه-

قال- فلم يكتمه يوسف، و أذاعه في المدينة حتى قالت نسوة منهن: امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ فبلغها ذلك، فأرسلت إليهن، و هيأت لهن طعاما و مجلسا، ثم أتتهن بأترج و أتت كل واحدة منهن سكينا، ثم قالت ليوسف: اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَ قُلْنَ ما قلن، فقالت لهن:

فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ يعني في حبه. و خرجت النسوة من عندها، فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صاحبتها تسأله الزيارة فأبى عليهن، و قال: إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَ أَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ فصرف الله عنه كيدهن. فلما شاع أمر يوسف و امرأة العزيز و النسوة في مصر، بدا للملك بعد ما سمع قول الصبي ليسجنن يوسف، فسجنه في السجن، و دخل السجن مع يوسف فتيان، و كان من قصتهما و قصة يوسف ما قصه الله في الكتاب».

قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين (عليه السلام).

5233/ [6]- و روى ابن بابويه، قال: روي في خبر عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «دخل يوسف السجن و هو ابن اثنتي عشرة سنة، و مكث فيه ثماني عشرة سنة، و مكث بعد خروجه ثمانين سنة فذلك مائة و عشر سنين».

5234/ [7]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، قال: قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «قال والدي (عليه السلام): و الله إني لأصانع بعض ولدي، و أجلسه على فخذي، و اكثر له المحبة، و اكثر له الشكر، و إن الحق لغيره من ولدي، و لكن

__________________________________________________

6- أمالي الصدوق: 208 ذيل الحديث (7).

7- تفسير العيّاشي 2: 166/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 161

مخافة «1» عليه من غيره، لئلا يصنعوا به ما فعل

بيوسف و إخوته، و ما أنزل الله سورة يوسف إلا أمثالا لكي لا يحسد بعضنا بعضا كما حسد يوسف إخوته و بغوا عليه، فجعلها رحمة على من تولانا و دان بحبنا و جحد أعداءنا، و حجة على من نصب لنا الحرب و العداوة».

5235/ [8]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الأنبياء على خمسة أنواع: منهم من يسمع الصوت مثل صوت السلسلة فيعلم ما عني به، و منهم من ينبأ في منامه مثل يوسف و إبراهيم، و منهم من يعاين، و منهم من ينكت في قلبه، و يوقر «2» في اذنه».

5236/ [9]- عن أبي خديجة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنما ابتلي يعقوب بيوسف أنه ذبح كبشا سمينا، و رجل من أصحابه يدعى (بقوم) «3» محتاج لم يجد ما يفطر عليه، فأغفله و لم يطعمه، فابتلي بيوسف، و كان بعد ذلك كل صباح مناديه ينادي: من لم يكن صائما فليشهد غداء يعقوب. فإذا كان المساء نادى:

من كان صائما فليشهد عشاء يعقوب».

5237/ [10]- عن أبي حمزة الثمالي، قال: صليت مع علي بن الحسين (صلوات الله عليه) الفجر بالمدينة في يوم جمعة، فدعا مولاة له يقال لها: سكينة، و قال لها: «لا يقفن علي بابي اليوم سائل إلا أعطيتموه، فإن اليوم الجمعة».

فقلت: ليس كل من يسأل محق، جعلت فداك؟ فقال: «يا ثابت، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقا فلا نطعمه و نرده، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب و آله، أطعموهم، أطعموهم».

ثم قال: «إن يعقوب كان كل يوم يذبح كبشا يتصدق منه و يأكل هو و عياله، و إن سائلا مؤمنا صواما قواما، له عند الله منزلة، مجتازا غريبا اعتر

بباب يعقوب عشية جمعة، عند أوان إفطاره، فهتف ببابه: أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم. يهتف بذلك على بابه مرارا و هم يسمعونه، جهلوا حقه و لم يصدقوا قوله. فلما أيس منهم أن يطعم و تغشاه الليل استرجع و استعبر و شكا جوعه إلى الله، و بات طاويا، و أصبح صائما جائعا صابرا، حامدا لله، و بات يعقوب و أولاده شباعا بطانا، و أصبحوا و عندهم فضلة من طعامهم».

قال: «فأوحى الله إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت عبدي ذلة استجررت بها غضبي، و استوجبت بها أدبي و نزول عقوبتي و بلواي عليك و على ولدك. يا يعقوب، أما علمت أن أحب أنبيائي إلي، و أكرمهم علي، من رحم مساكين عبادي، و قربهم إليه، و أطعمهم، و كان لهم مأوى و ملجأ. يا يعقوب، أما رحمت ذميال عبدي، المجتهد في عبادتي، القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند أوان إفطاره،

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 166/ 3.

9 تفسير العيّاشي 2: 167/ 4.

10- تفسير العيّاشي 2: 167/ 5.

(1) في المصدر: محافظة.

(2) وقر في أذنه: سكن فيها و ثبت و بقي أقره.

(3) في نسخة من «ط»: بيوم. و تقدّم في الحديث (3). و يأتي في الحديث (10) أنّ اسمه (ذميال).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 162

يهتف بكم. أطعموا السائل الغريب المجتاز. فلم تطعموه شيئا، و استرجع و استعبر و شكا ما به إلي، و بات طاويا حامدا صابرا، و أصبح لي صائما، و بت- يا يعقوب- و ولدك ليلكم شباعا و أصبحتم و عندكم فضلة من طعامكم.

أو ما علمت- يا يعقوب- أني بالعقوبة و البلوى إلى أوليائي أسرع مني بها إلى أعدائي،

و ذلك مني حسن نظر إلى أوليائي، و استدراج مني لأعدائي، أما و عزتي لأنزلن بك بلواي، و لأجعلنك و ولدك غرضا لمصائبي، و لأؤدبنك بعقوبتي، فاستعدوا لبلائي و ارضوا بقضائي، و اصبروا للمصائب».

قال: أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال: «في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب و ولده شباعا، و بات فيها ذميال جائعا، رآها فأصبح فقصها على يعقوب من الغد، فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف الرؤيا مع ما أوحي إليه: أن استعد للبلاء، فقال ليوسف: لا تقصص رؤياك هذه على إخوتك، فإني أخاف أن يكيدوا لك، فلم يكتم يوسف رؤياه، و قصها على إخوته».

فقال علي بن الحسين (عليه السلام): «فكانت أول بلوى نزلت بيعقوب و آله الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا التي رآها- قال- و اشتدت رقة يعقوب على يوسف، و خاف أن يكون ما أوحى الله إليه من الاستعداد للبلاء إنما ذلك في يوسف، فاشتدت رقته عليه و خاف أن ينزل به البلاء في يوسف من بين ولده. فلما أن رأى إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف من إكرامه و إيثاره إياه عليهم، اشتد ذلك عليهم، و ابتدأ البلاء فيهم، فتأمروا فيما بينهم، و قالوا: لَيُوسُفُ وَ أَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ، اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَ تَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ أي تتوبون، فعند ذلك قالوا: يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ، أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ قال يعقوب: إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ حذرا منه عليه أن تكون البلوى من الله

على يعقوب في يوسف و كان يعقوب مستعدا للبلوى في يوسف خاصة».

قال: «فغلبت قدرة الله و قضاؤه و نافذ أمره في يعقوب و يوسف و إخوته، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه و لا عن يوسف و إخوته، فدفعه إليهم و هو لذلك كاره، متوقع البلاء من الله في يوسف خاصة، لموقعه من قلبه و حبه له فلما خرجوا به من منزله لحقهم مسرعا، فانتزعه من أيديهم و ضمه إليه، و اعتنقه و بكى، ثم دفعه إليهم و هو كاره، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم ثم لا يدفعه إليهم، فلما أمعنوا مالوا به إلى غيضة أشجار، فقالوا: نذبحه و نلقيه تحت هذا الشجر فيأكله الذئب الليلة. فقال كبيرهم: لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَ أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ. فانطلقوا به إلى الجب، فألقوه في غيابت الجب و هم يظنون أنه يغرق فيه، فلما صار في قعر الجب ناداهم، يا ولد رومين «1» أقرئوا يعقوب مني السلام، فلما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض: لا تفرقوا من هنا حتى تعلموا- أنه قد مات- قال- فلم يزالوا بحضرته حتى أيسوا وَ جاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ. فلما

__________________________________________________

(1) في «س»: يا ولد رسول اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 163

سمع مقالتهم استرجع و استعبر، و ذكر ما أوحى الله عز و جل إليه من الاستعداد للبلاء، فصبروا و أذعن للبلوى، و قال لهم: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ و ما كان الله ليطعم لحم يوسف الذئب من قبل أن أرى تأويل رؤياه الصادقة».

قال أبو حمزة ثم انقطع

حديث علي بن الحسين (عليه السلام) عند هذا الموضع.

5238/ [11]- عن مسمع أبي سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما القي يوسف في الجب نزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا غلام، ما تصنع هاهنا؟ من طرحك في هذا الجب؟ فقال: إخوتي، لمنزلتي من أبي حسدوني، و لذلك في هذا الجب طرحوني، فقال له جبرئيل (عليه السلام): أ تحب أن تخرج من هذا الجب؟ فقال: ذلك إلى إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب.

فقال له جبرئيل: فإن إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب يقول لك: قل: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات و الأرض، ذو الجلال و الإكرام، أن تصلي على محمد و آل محمد، و أن تجعل لي من أمري فرجا و مخرجا، و ترزقني من حيث لا أحتسب. فقالها يوسف، فجعل الله له من الجب يومئذ فرجا، و من كيد المرأة مخرجا، و آتاه ملك مصر من حيث لم يحتسب».

و

من رواية أخرى عنه (عليه السلام): «و ترزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب».

5239/ [12]- عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ. قال: «كان ابن سبع سنين».

5240/ [13]- عن جابر بن عبد الله الأنصاري، في قول الله: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ.

قال في تسمية النجوم: هي الطارق و حوبان و أمان و ذو الكتاف و وابس و وثاب و عروان «1» و فليق و فصيح و الصرح و الفروع «2» و الضياء و النور- يعني الشمس و القمر- و كل هذه النجوم محيطة بالسماء.

5241/

[14]- عن أبي جميلة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أتي بقميص يوسف إلى يعقوب قال: اللهم لقد كان ذئبا رفيقا حين لم يشق القميص- قال- و كان به نضح من دم».

5242/ [15]- عن أبي حمزة، قال: ثم انقطع ما قال علي بن الحسين (عليه السلام) عند هذا الموضع «3»، فلما كان

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 170/ 6.

12- تفسير العيّاشي 2: 170/ 7. [.....]

13- تفسير العيّاشي 2: 179/ 8.

14- تفسير العيّاشي 2: 171/ 9.

15- تفسير العيّاشي 2: 171/ 10.

(1) في المصدر: و حوبان و الريان و ذو الكنفان و وابس (قابس) و وثاب و عمران.

(2) في المصدر: و البدوع. و قد تقدّم ذكرها في الحديث (1) مع بعض الاختلاف.

(3) تقدّم في الحديث (10) من تفسير هذه الآيات، رواية أبي حمزة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 164

من غد غدوت إليه، فقلت له: جعلت فداك، إنك حدثتني أمس حديث يعقوب و ولده ثم قطعته، فما كان من قصة يوسف بعد ذلك؟

فقال: «إنهم لما أصبحوا قالوا: انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف، مات أم هو حي؟ فلما انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب السيارة قد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه، فلما جذب دلوه فإذا هو بغلام متعلق به، فقال لأصحابه: يا بُشْرى هذا غُلامٌ فلما أخرجه أقبل إليه إخوة يوسف، فقالوا: هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب، و جئنا اليوم لنخرجه. فانتزعوه من أيديهم و تنحوا به ناحية، ثم قالوا له: إما أن تقر لنا أنك عبد لنا فنبيعك من بعض هذه السيارة، أو نقتلك؟ فقال لهم يوسف: لا تقتلوني و اصنعوا ما شئتم. فأقبلوا به إلى السيارة، فقالوا: هل منكم أحد يشتري

منا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما، و كان إخوته فيه من الزاهدين، و سار به الذي اشتراه حتى دخل مصر، فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر، و ذلك قول الله: وَ قالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً».

5243/ [16]- عن الحسن، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ، قال: «كانت عشرين درهما».

5244/ [17]- عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) مثله، و زاد فيه: «البخس: النقص، و هي قيمة كلب الصيد، إذا قتل كانت ديته عشرين درهما».

5245/ [18]- عن عبد الله بن سليمان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: «قد كان يوسف بين أبويه مكرما، ثم صار عبدا حتى بيع بأبخس و أوكس الثمن، ثم لم يمنع الله أن بلغ به حتى صار ملكا».

5246/ [19]- عن ابن حصين، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ.

قال: «كانت الدراهم ثمانية عشر درهما».

5247/ [20]- و بهذا الإسناد، عن الرضا (عليه السلام) قال: «كانت الدراهم عشرين درهما، و هي قيمة كلب الصيد إذا قتل، و البخس: النقص».

5248/ [21]- قال أبو حمزة: قلت لعلي بن الحسين (عليهما السلام): ابن كم كان يوسف يوم القي في الجب؟ قال:

«ابن سبع سنين».

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 2: 172/ 11.

17- تفسير العيّاشي 2: 172/ 12.

18- تفسير العيّاشي 2: 172/ 13.

19- تفسير العيّاشي 2: 172/ 14.

20- تفسير العيّاشي 2: 172/ 15.

21- تفسير العيّاشي 2: 172/ 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 165

قلت: فكم كان بين منزل يعقوب يومئذ و بين مصر؟ قال: «مسيرة ثمانية عشر يوما».

قال: «و كان يوسف من

أجمل أهل زمانه، فلما راهق راودته امرأة الملك عن نفسه فقال لها: معاذ الله، أنا من أهل بيت لا يزنون، فغلقت الأبواب عليها و عليه، و قالت: لا تخف، و ألقت نفسها عليه، فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه، و لحقته فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه، و أفلت يوسف منها في ثيابه».

5249/ [22]- عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما همت به و هم بها، قالت: كما أنت. قال:

و لم؟ قالت: حتى اعطي وجه الصنم لا يرانا. فذكر الله عند ذلك، و قد علم أن الله يراه، ففر منها هاربا».

5250/ [23]- عن محمد بن قيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن يوسف لما حل سراويله رأى مثال يعقوب قائما عاضا على إصبعه، و هو يقول له: يا يوسف! فهرب».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لكني و الله ما رأيت عورة أبي قط، و لا رأى أبي عورة جدي قط، و لا رأى جدي عورة أبيه قط- قال- و هو عاض على إصبعه، فوثب و خرج الماء من إبهام رجله».

5251/ [24]- عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أي شي ء يقول الناس في قول الله عز و جل:

لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ»؟ قلت: يقولون: رأى يعقوب عاضا على إصبعه، فقال: «لا، ليس كما يقولون».

قلت: فأي شي ء رأى؟ قال: «لما همت به و هم بها، قامت إلى صنم معها في البيت، فألقت عليه ثوبا، فقال لها يوسف: ما صنعت؟ قالت: طرحت عليه ثوبا، أستحي أن يرانا، فقال يوسف: فأنت تستحين من صنمك و هو لا يسمع و لا يبصر، و لا أستحي أنا من

ربي؟!».

5252/ [25]- عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان، لأن الله قال: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً» «1».

5253/ [26]- نرجع إلى حديث أبي حمزة «2»: «و أفلت يوسف منها في ثيابه وَ أَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ- قال- فهم الملك بيوسف ليعذبه، فقال له يوسف:

و إله يعقوب ما أردت بأهلك سواء هي راودتني عن نفسي، فاسأل هذا الصبي، أينا راود صاحبه عن نفسه؟- قال- و كان عندها صبي من أهلها زائرا لها في المهد، فقال: هذا طفل لم ينطق. فقال: كلمه ينطقه الله. فكلمه فأنطق الله الصبي بفصل القضاء، فقال للملك: انظر أيها الملك إلى القميص، فإن كان مقدودا من قدامه فهو راودها، و إن كان

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 2: 173/ 17.

23- تفسير العيّاشي 2: 173/ 18. [.....]

24- تفسير العيّاشي 2: 174/ 19.

25- ....

26- تفسير العيّاشي 2: 174.

(1) النساء 4: 76.

(2) المتقدّم في الحديث (15) من تفسير هذه الآيات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 166

مقدودا من خلفه فهي التي راودته عن نفسه، و صدق و هي من الكاذبين».

فلما سمع الملك كلام الصبي و ما اقتص به، أفزعه ذلك فزعا شديدا، فدعا بالقميص فنظر إليه، فلما رأى القميص مقدودا من خلفه، قال لها: إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ و قال ليوسف: أَعْرِضْ عَنْ هذا فلا يسمعه منك أحد و اكتمه، فلم يكتمه يوسف، و أذاعه في المدينة حتى قال نسوة منهن: امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ فبلغها ذلك، فأرسلت إليهن و هيأت لهن طعاما و مجلسا، ثم أتتهن بأترج

و آتت كل واحدة منهن سكينا، و قالت ليوسف: اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَ قُلْنَ ما قلن، فقالت لهن: فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ في حبه- قال- فخرج النسوة من عندها، فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صواحبها، تسأله الزيارة، فأبى عليهن، و قال: رَبِّ ... إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَ أَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ فلما ذاع أمر يوسف و أمر امرأة العزيز و النسوة في مصر، بدا للملك بعد ما سمع من قول الصبي ما سمع ليسجنن يوسف، فحبسه في السجن، و دخل مع يوسف في السجن فتيان، فكان من قصتهما و قصة يوسف ما قصه الله في كتابه».

قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين (عليه السلام) عند ذلك.

5254/ [27]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنه كان من خبر يوسف (عليه السلام)، أنه كان له أحد عشر أخا، و كان له من امه أخ، واحد يسمى بنيامين، و كان يعقوب إسرائيل الله، و معنى إسرائيل الله: أي خالص الله، ابن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله، فرأى يوسف هذه الرؤيا و له تسع سنين، فقصها على أبيه، فقال يعقوب: يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً أي يحتالون عليك، و قال يعقوب ليوسف وَ كَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَ يُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ عَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

و كان يوسف من أحسن الناس وجها، و كان يعقوب يحبه و يؤثره على أولاده، فحسده إخوته على

ذلك، و قالوا فيما بينهم ما حكى الله عز و جل: إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَ أَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ فعمدوا على قتل يوسف، فقالوا: نقتله حتى يخلو لنا وجه أبينا. فقال لا وي: لا يجوز قتله، و لكن نغيبه عن أبينا و نخلو نحن به. فقالوا كما حكى الله عز و جل: يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَ إِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ أي يرعى الغنم وَ يَلْعَبْ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ فأجرى الله على لسان يعقوب: إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ فقالوا كما حكى الله عز و جل: لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ و العصبة: عشرة إلى ثلاثة عشر فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ أي لتخبرنهم بما هموا به».

__________________________________________________

27- تفسير القمّي 1: 339.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 167

5255/ [28]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ.

يقول: «لا يشعرون أنك أنت يوسف، أتاه جبرئيل و أخبره بذلك».

5256/ [29]- و قال علي بن إبراهيم: فقال لاوي: أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ فأدنوه من رأس الجب، فقالوا له: انزع قميصك، فبكى، و قال: يا إخوتي، لا تجردوني. فسل واحد منهم عليه السكين، و قال: لئن لم تنزعه لأقتلنك. فنزعه، فدلوه في البئر و تنحوا عنه، فقال يوسف في الجب: يا إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب،

ارحم ضعفي و قلة حيلتي و صغري. فنزلت سيارة من أهل مصر، فبعثوا رجلا ليستقي لهم الماء من الجب، فلما أدلى الدلو على يوسف تشبث بالدلو، فجروه فنظروا إلى غلام من أحسن الناس وجها، فعدوا إلى صاحبهم فقالوا: يا بشرى هذا غلام، فنخرجه و نبيعه و نجعله بضاعة لنا. فبلغ إخوته فجاءوا و قالوا: هذا عبد لنا. ثم قالوا ليوسف: لئن لم تقر لنا بالعبودية لنقتلنك. فقالت السيارة ليوسف: ما تقول؟ قال: نعم أنا عبدهم.

فقالت السيارة: فتبيعونه منا؟ قالوا: نعم. فباعوه منهم على أن يحملوه إلى مصر وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَ كانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ قال: الثمن الذي بيع به يوسف ثمانية عشر درهما، و كان عندهم كما قال الله تعالى: وَ كانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ.

5257/ [30]- و قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام) في قول الله: وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ.

قال: «كانت عشرين درهما- و البخس: النقص- و هي قيمة كلب الصيد، إذا قتل كانت قيمته عشرين درهما».

5258/ [31]- و قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ جاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ. قال: «إنهم ذبحوا جديا على قميصه».

5259/ [32]- قال علي بن إبراهيم: و رجع إخوته فقالوا: نعمد إلى قميصه فنلطخه بالدم، و نقول لأبينا: إن الذئب أكله. فلما فعلوا ذلك قال لهم لاوي: يا قوم، ألسنا بني يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله، فتظنون أن الله يكتم هذا الخبر عن أنبيائه؟

فقالوا: و ما الحيلة؟ فقال: نقوم و نغتسل

و نصلي جماعة و نتضرع إلى الله تعالى أن يكتم ذلك عن نبيه فإنه جواد كريم. فقاموا و اغتسلوا، و كان في سنة إبراهيم و إسحاق و يعقوب أنهم لا يصلون جماعة حتى يبلغوا أحد عشر رجلا، فيكون واحد منهم إماما و عشرة يصلون خلفه، فقالوا: كيف نصنع و ليس لنا إمام؟ فقال لاوي: نجعل

__________________________________________________

28- تفسير القمّي 1: 340.

29- تفسير القمّي 1: 340.

30- تفسير القمّي 1: 341.

31- تفسير القمّي 1: 341.

32- تفسير القمّي 1: 341.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 168

الله إمامنا. فصلوا و تضرعوا و بكوا، و قالوا: يا رب اكتم علينا هذا. ثم وَ جاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ و معهم القميص قد لطخوه بالدم قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ أي نعدو وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِينَ إلى قوله: عَلى ما تَصِفُونَ ثم قال يعقوب: ما كان أشد غضب ذلك الذئب على يوسف و أشفقه على قميصه، حيث أكل يوسف و لم يمزق قميصه! قال: فحملوا يوسف إلى مصر و باعوه من عزيز مصر، فقال العزيز لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ أي مكانه عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً و لم يكن له ولد، فأكرموه و ربوه، فلما بلغ أشده هوته امرأة العزيز، و كانت لا تنظر إلى يوسف امرأة إلا هوته، و لا رجل إلا أحبه، و كان وجهه مثل القمر ليلة البدر. فراودته امرأة العزيز، و هو قوله:

وَ راوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَ غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَ قالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ فما زالت تخدعه، حتى كان كما قال الله عز

و جل: وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ فقامت امرأة العزيز و غلقت الأبواب، فلما هما رأى يوسف صورة يعقوب في ناحية البيت عاضا على إصبعه، يقول: يا يوسف، أنت في السماء مكتوب في النبيين، و تريد أن تكتب في الأرض من الزناة؟! فعلم أنه قد أخطأ.

5260/ [33]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، في قوله عز و جل، في قول يعقوب: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ قال: «بلا شكوى».

قلت: هذا الحديث في (الأمالي) مسبوق بحديث عن الصادق (عليه السلام).

5261/ [34]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات، من أهل الإسلام و الديانات من اليهود و النصارى و المجوس و الصابئين و سائر أهل المقالات، فلم يقم أحد إلا و قد ألزمه حجته، كأنه القم حجرا، قام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال: يا بن رسول الله، أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال: «نعم». فقال له: فما تقول في قوله عز و جل في يوسف. وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها؟

فقال (عليه السلام): «أما قوله تعالى في يوسف (عليه السلام): وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها فإنها همت بالمعصية، و هم يوسف بقتلها إن أجبرته، لعظم ما تداخله، فصرف الله عنه قتلها و الفاحشة، و هو قوله عز و جل: كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ و السوء: القتل، و الفحشاء:

الزنا».

5262/ [35]- و عنه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن حمدان بن سليمان النيشابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن

__________________________________________________

33- الأمالي 1: 300.

34- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 191/ 1.

35- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 201/ 1. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 169

موسى (عليهما السلام) فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك: «إن الأنبياء معصومون»؟ قال: «بلى». و ذكر الحديث، إلى أن قال فيه: فأخبرني عن قول الله تعالى: وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ.

فقال الرضا (عليه السلام): «لقد همت به، و لو لا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت به، لكنه كان معصوما، و المعصوم لا يهم بذنب و لا يأتيه. و لقد حدثني أبي، عن أبيه الصادق (عليه السلام)، أنه قال: همت بأن تفعل، و هم بأن لا يفعل». فقال المأمون: لله درك، يا أبا الحسن.

5263/ [36]- و عنه: عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ «يعني أن يدخل في الزنا».

5264/ [37]- و عنه: بإسناده عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال في قول الله تعالى: لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ.

قال: «قامت امرأة العزيز إلى الصنم فألقت عليه ثوبا، فقال لها يوسف: ما هذا؟ فقال: أستحي من الصنم أن يرانا. فقال لها يوسف: أ

تستحين ممن لا يسمع و لا يبصر و لا يفقه و لا يأكل و لا يشرب، و لا أستحي أنا ممن خلق الإنسان و علمه؟! فذلك قوله عز و جل: لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ».

و روي هذا الحديث في (صحيفة الرضا (عليه السلام)) عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ببعض الاختلاف اليسير «1».

5265/ [38]- عن ابن بسطام، في كتاب (طب الأئمة (عليهم السلام) عن محمد بن القاسم بن منجاب، قال: حدثنا خلف بن حماد، عن عبد الله بن مسكان، عن جابر بن يزيد، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «قال جل جلاله:

وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ فالسوء ها هنا الزنا».

5266/ [39]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عبد الله بن رباط، عن محمد بن النعمان الأحول، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز و جل: وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً، قال: «أشده: ثماني عشرة سنة، و استوى: التحى».

5267/ [40]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن بعض رجاله، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما

__________________________________________________

36- معاني الأخبار: 172/ 1.

37- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 45/ 162.

38- طب الأئمة (عليهم السلام): 55.

39- معاني الأخبار: 226/ 1.

40- تفسير القمّي 1: 342.

(1) صحيفة الرضا (عليه السّلام): 257/ 186.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 170

همت به و هم بها، قامت إلى صنم في بيتها، فألقت عليه ملاءة «1» لها، فقال لها يوسف: ما

تعملين؟ قالت: القي على هذا الصنم ثوبا لا يرانا، فإني أستحي منه، فقال يوسف: فأنت تستحين من صنم لا يسمع و لا يبصر، و لا أستحي أنا من ربي؟! فوثب وعدا، و عدت من خلفه، و أدركهما العزيز على هذه الحالة، و هو قول الله تعالى: وَ اسْتَبَقَا الْبابَ وَ قَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَ أَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ.

فبادرت امرأة العزيز، فقالت للعزيز: ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ فقال يوسف للعزيز: هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها فألهم الله يوسف أن قال للملك: سل هذا الصبي في المهد، فإنه يشهد أنها راودتني عن نفسي، فقال العزيز للصبي، فأنطق الله الصبي في المهد ليوسف، حتى قال: إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَ هُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَ إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَ هُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فلما رأى قميصه قد تخرق من دبر قال لامرأته: إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ثم قال ليوسف:

أَعْرِضْ عَنْ هذا وَ اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ و شاع الخبر بمصر، و جعل النساء يتحدثن بحديثها و يعذلنها «2» و يذكرنها، و هو قوله تعالى: وَ قالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا».

5268/ [41]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: قَدْ شَغَفَها حُبًّا يقول: «قد حجبها حبه عن الناس، فلا تعقل غيره» و الحجاب: هو الشغاف، و الشغاف: هو حجاب القلب.

5269/ [42]- ثم قال علي بن إبراهيم: فبلغ ذلك امرأة العزيز، فبعثت إلى كل امرأة رئيسة، فجمعتهن في منزلها، و هيأت

لهن مجلسا، و دفعت إلى كل امرأة اترجة و سكينا. فقالت: اقطعن. ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن- و كان في بيت- فخرج يوسف عليهن، فلما نظرن إليه، أقبلن يقطعن أيديهن، و قلن كما حكى الله عز و جل: فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَ أَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً أي أترجة وَ آتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَ قالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ إلى قوله: إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ.

فقالت امرأة العزيز: فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ أي في حبه وَ لَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ أي دعوته فَاسْتَعْصَمَ أي امتنع، ثم قالت: وَ لَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَ لَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ فما أمسى يوسف في ذلك اليوم «3» حتى بعثت إليه كل امرأة رأته تدعوه إلى نفسها، فضجر يوسف، فقال: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَ إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أي حيلتهن أَصْبُ إِلَيْهِنَّ أي: أميل إليهن. و أمرت امرأة العزيز بحبسه، فحبس في السجن.

__________________________________________________

41- تفسير القمّي 1: 357.

42- تفسير القمّي 1: 343.

(1) الملاءة: كل ثوب ليّن رقيق «مجمع البحرين 1: 398».

(2) في المصدر: ز يعيّرنها.

(3) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: البيت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 171

سورة يوسف(12): الآيات 35 الي 56 ..... ص : 171

قوله تعالى:

ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ- إلى قوله تعالى- يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ [35- 56]

5270/ [1]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ: «فالآيات: شهادة الصبي، و القميص المخرق من دبر، و استباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب، فلما عصاها لم تزل ملحة «1» بزوجها حتى حبسه وَ

دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ يقول: عبدان للملك، أحدهما خباز، و الآخر صاحب الشراب، و الذي كذب و لم ير المنام هو الخباز».

5271/ [2]- رجع إلى حديث علي بن إبراهيم «2»، قال: و وكل الملك بيوسف رجلين يحفظانه، فلما دخلا السجن، قالا له: ما صناعتك؟ قال: اعبر الرؤيا. فرأى أحد الموكلين في منامه، كما قال الله عز و جل: أَعْصِرُ خَمْراً قال يوسف: تخرج، و تصير على شراب الملك، و ترتفع «3» منزلتك عنده: وَ قالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ و لم يكن رأى ذلك، فقال له يوسف: أنت يقتلك الملك و يصلبك، و تأكل الطير من رأسك. فضحك «4» الرجل، و قال: إني لم أر ذلك. فقال يوسف، كما حكى الله تعالى: يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَ أَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ.

و قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قوله: إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قال: «كان يقوم على المريض، و يلتمس المحتاج، و يوسع على المحبوس». فلما أراد- من رأى في نومه يعصر خمرا- الخروج من الحبس، قال له يوسف:

اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فكان كما قال الله عز و جل: فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ.

5272/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن إسماعيل بن عمر، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن يوسف أتاه جبرئيل، فقال له: يا يوسف، إن رب العالمين يقرئك

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 344.

2- تفسير القمّي 1: 344.

3- تفسير القمّي 1: 344. [.....]

(1) في «ط»: مولعة.

(2) حديث (42) المتقدّم آنفا.

(3) في «س، ط»: نسخة بدل: ترفع.

(4) في

المصدر: من دماغك، فجحد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 172

السلام، و يقول لك: من جعلك في أحسن خلقه؟ قال: فصاح و وضع خده على الأرض، ثم قال: أنت يا رب ثم قال له: و يقول لك: من حببك إلى أبيك دون إخوتك؟- قال:- فصاح و وضع خده على الأرض، و قال: أنت يا رب قال:

و يقول لك: و من أخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها، و أيقنت بالهلكة؟- قال:- فصاح و وضع خده على الأرض، ثم قال: أنت يا رب. قال: فإن ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ».

قال: «فلما انقضت المدة، و أذن الله له في دعاء الفرج، فوضع خده على الأرض، ثم قال: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك، فإني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب.

ففرج الله عنه».

قلت: جعلت فداك، أ ندعوا نحن بهذا الدعاء؟ فقال: «أدع بمثله: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك، فإني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه و آله) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة (عليهم السلام)».

5273/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: ثم إن الملك رأى رؤيا، فقال لوزرائه: إني رأيت في نومي سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ أي مهازيل، و رأيت سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ يابِساتٍ و

قرأ «1» أبو عبد الله (عليه السلام): «سبع سنابل «2»».

ثم قال: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ فلم يعرفوا تأويل ذلك، فذكر الذي كان على رأس الملك رؤياه التي رآها، و ذكر يوسف بعد سبع سنين، و هو قوله: وَ قالَ

الَّذِي نَجا مِنْهُما وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أي بعد حين أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ فجاء إلى يوسف فقال: أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَ سَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ يابِساتٍ؟

قال يوسف: تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ أي لا يدوسوه فإنه يفسد في طول سبع سنين، و إذا كان في سنبله لا يفسد ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ أي سبع سنين مجاعة شديدة، يأكلن ما قدمتم لهن في السبع سنين الماضية.

قال الصادق (عليه السلام): «إنما نزل: ما قربتم لهن «3»».

ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ أي يمطرون.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قرأ رجل على أمير المؤمنين (عليه السلام): ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ «4» على البناء للفاعل، فقال: و يحك، أي شي ء يعصرون، يعصرون الخمر؟! قال الرجل: يا أمير المؤمنين، كيف أقرأها؟ فقال: إنما نزلت وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ أي يمطرون بعد سني المجاعة، و الدليل على ذلك، قوله:

__________________________________________________

4- تفسير القمي 1: 345.

(1) في «س، ط»: قال.

(2) انظر مجمع البيان 5: 361.

(3) انظر مجمع البيان 5: 361.

(4) قرأ الصادق (عليه السلام)، و الأعرج، و عيسى بن عمر (يعصرون) بياء مضمومة و صاد مفتوحة، و قرأ حمزة و الكسائي و خلف (تعصرون) بتاء-

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 173

وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً» «1».

فرجع الرجل إلى الملك فأخبره بما قال يوسف، فقال الملك: ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ يعني إلى الملك فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي

بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ فجمع الملك النسوة، فقال لهن: ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ أي لا أكذب عليه الآن كما كذبت عليه من قبل. ثم قالت: وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ أي تأمر بالسوء إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي فقال الملك: ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فلما نظر إلى يوسف قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ فاسأل حاجتك؟ قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ يعني: على الكناديج «2» و الأنابير «3»، فجعله عليها، و هو قوله: وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ.

5274/ [5]- الطبرسي في كتاب (النبوة): بالإسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن علي بن بنت إلياس، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «و أقبل يوسف (عليه السلام) على جمع الطعام، فجمع في السبع سنين المخصبة، فكبسه في الخزائن، فلما مضت تلك السنون، و أقبلت السنون المجدبة، أقبل يوسف على بيع الطعام، فباعهم في السنة الأولى بالدراهم و الدنانير، حتى لم يبق بمصر و ما حولها دينار و لا درهم إلا صار في ملك يوسف:

و باعهم في السنة الأولى بالدراهم و الدنانير، حتى لم يبق بمصر و ما حولها حلي و لا جواهر إلا صار في ملكه. و باعهم في السنة الثانية بالحلي و الجواهر، حتى لم يبق بمصر و ما حولها حلي و لا جواهر إلى صار في ملكه. و باعهم في السنة الثالثة بالدواب و المواشي، حتى

لم يبق بمصر و ما حولها دابة و ماشية إلا صار في ملكه، و باعهم في السنة الرابعة بالعبيد و الإماء، حتى لم يبق بمصر و ما حولها عبد و لا أمة إلا صار في ملكه و باعهم في السنة الخامسة بالدور و العقار، حتى لم يبق بمصر و ما حولها دار و لا عقار إلا صار في ملكه و باعهم في السنة السادسة بالمزارع و الأنهار، حتى لم يبق بمصر و ما حولها نهر و لا مزرعة إلا صار في ملكه، و باعهم في السنة السابعة برقابهم، حتى لم يبق بمصر و ما حولها عبد و لا حر إلا صار عبدا ليوسف. فملك أحرارهم و عبيدهم و أموالهم، و قال الناس:

ما رأينا و لا سمعنا بملك أعطاه الله من الملك ما أعطي هذا الملك حكما و علما و تدبيرا.

ثم قال يوسف للملك: أيها الملك، ما ترى فيما خولني ربي من ملك مصر و ما حولها»؟ أشر علينا برأيك، فإني لم أصلحهم لافسدهم و لم أنجهم من البلاء لأكون بلاء عليهم، و لكن الله تعالى أنجاهم على يدي. قال الملك:

__________________________________________________

5- مجمع البيان 5: 372.

- مفتوحة و صاد مكسورة، و الباقون بالياء، مجمع البيان 5: 361، النشر في القراءات العشر 2: 295، كتاب التيسير في القراءات السبع: 129.

(1) النبأ 78: 14.

(2) الكندوج: شبه المخزن، معرّب كندو. «القاموس المحيط 1: 212».

(3) الأنابير: جمع أنبار: أكداس الطعام. «تاج العروس- نبر- 3: 553». [.....]

(4) في المصدر: و أهلها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 174

الرأي رأيك.

قال يوسف: إني اشهد الله و أشهدك أيها الملك أني قد أعتقت أهل مصر كلهم، و رردت عليهم أموالهم و عبيدهم، و رددت عليك أيها

الملك خاتمك «1» و سريرك و تاجك، على أن لا تسير إلا بسيرتي، و لا تحكم إلا بحكمي.

قال له الملك: إن ذلك لزيني و فخري أن لا أسير إلا بسيرتك، و لا أحكم إلا بحكمك، و لولاك ما قويت عليه و لا اهتديت له، و لقد جعلت سلطاني عزيزا لا يرام، و أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أنك رسوله، فأقم على ما وليتك، فإنك لدينا مكين أمين».

5275/ [6]- ابن بابويه، في كتاب (الغيبة): في حديث مسند، قال: رؤي بلاطة مكتوب عليها بالحبشة، قرأها الأسقف، و فسر ما فيها بالحبشية، ثم نقلت إلى العربية، فإذا فيها مكتوب: أنا الريان بن دومغ، فسئل أبو عبد الله المديني عن الريان، من كان؟ فقال: هو والد العزيز الملك الذي كان في زمان يوسف النبي (عليه السلام)، و اسمه الريان ابن دومغ، و قد كان عمر العزيز سبعمائة سنة، و عمر الريان والده ألف و سبعمائة سنة، و عمر دومغ ثلاثة آلاف سنة.

فإذا فيها: أنا الريان بن دومغ، خرجت في طلب النيل الأعظم لأعلم فيضه و منبعه، إذ كنت أرى مفيضه، فخرجت و معي ممن صحبت أربعة آلاف ألف رجل، فسرت ثمانين سنة، إلى أن انتهيت إلى الظلمات و البحر المحيط بالدنيا، فرأيت النيل يقطع البحر المحيط و يعبر فيه، و لم يكن لي منفذ، و تماوت أصحابي، و بقيت في أربعة آلاف رجل، فخشيت على ملكي، فرجعت إلى مصر، و بنيت الأهرام و البراني، و بنيت الهرمين و أودعتهما كنوزي و ذخائري، و قلت في ذلك شعرا- و ذكر الأشعار، و هي كثيرة، و من جملتها-:

أنا صاحب الأهرام في مصر كلها و

باني برانيها بها و المقدم تركت بها آثار كفي و حكمتي على الدهر لا تبلى و لا تتهدم و فيها كنوز جمة و عجائب و للدهر إمر «2» مرة و تهجم سيفتح أقفالي و يبدي عجائبي ولي لربي آخر الدهر ينجم بأكناف بيت الله تبدو أموره و لا بد أن يعلو و يسمو به السم قال ابن بابويه: قال أبو الجيش خمارويه «3» بن أحمد بن طولون: هذا شي ء ليس لأحد فيه حيلة إلا القائم من آل محمد (عليه السلام). وردت البلاطة كما كانت مكانها.

__________________________________________________

6- كما الدين و تمام النعمة: 563.

(1) في «ط»: عليك الملك و خاتمك.

(2) الإمر: الأمر العظيم الشنيع. «لسان العرب- أمر 4: 33».

(3) في «ط» أبو الحسن حمدويه، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر أنساب السمعاني 5: 160، النجم الزاهرة 3: 49.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 175

5276/ [7]- العياشي: عن محمد بن مروان، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن يوسف خطب امرأة جميلة كانت في زمانه، فردت عليه: إن عبد الملك إياي يطلب!- قال- فطلبها إلى أبيها، فقال له أبوها: إن الأمر أمرها.- قال- فطلبها إلى ربه، و بكى، فأوحى الله إليه إني قد زوجتكها، ثم أرسل إليها: إني أريد أن أزوركم.

فأرسلت إليه: أن تعال. فلما دخل عليها، أضاء البيت لنوره، فقالت: ما هذا إلا ملك كريم. فاستسقى، فقامت إلى الطاس لتسقيه، فجعل يتناول الطاس من يدها، فتناوله فاها، فجعل يقول: انتظري و لا تجعلي- قال- فتزوجها».

5277/ [8]- عن العباس بن هلال، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «إن يوسف النبي، قال له السجان: إني لأحبك. فقال له يوسف: لا تقل هكذا. فإن عمتي أحبتني فسرقتني،

و إن أبي أحبني فحسدني إخوتي فباعوني، و إن امرأة العزيز أحبتني فحبستني».

5278/ [9]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «جاء جبرئيل إلى يوسف في السجن، فقال: قل في دبر كل صلاة فريضة: اللهم اجعل لي فرجا و مخرجا، و ارزقني من حيث أحتسب، و من حيث لا أحتسب».

5279/ [10]- عن طربال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أمر الملك بحبس يوسف في السجن، ألهمه الله تأويل الرؤيا، فكان يعبر لأهل السجن رؤياهم، و إن فتيين أدخلا معه السجن يوم حبسه، فلما باتا، أصبحا فقالا له:

إنا رأينا رؤيا، فعبرها لنا.

قال: و ما رأيتما؟ قال أحدهما: إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه. و قال الآخر: إني رأيت أني أسقي الملك خمرا. فعبر لهما رؤياهما على ما في الكتاب، ثم قال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك- قال- و لم يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه، فلذلك قال الله: فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ».

قال: فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف، من أراك الرؤيا التي رأيتها؟ فقال: أنت يا رب. قال:

فمن حببك إلى أبيك؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن وجه السيارة إليك؟ فقال: أنت يا رب. قال: فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا؟ قال:

أنت يا رب. قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا رب. قال: فكيف استغثت بغيري، و لم تستغث بي و تسألني أن أخرجك من السجن، و استغثت و أمك عبدا من عبادي، ليذكرك إلى مخلوق من

خلقي، في قبضتي، و لم تفزع إلي؟! البث في السجن بذنبك بضع سنين، بإرسالك عبدا إلى عبد».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 175/ 20.

8- تفسير العيّاشي 2: 175/ 21.

9- تفسير العيّاشي 2: 176/ 22.

10- تفسير العيّاشي 2: 176/ 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 176

5280/ [11]- قال ابن أبي عمير: قال ابن أبي حمزة: فمكث في السجن عشرين سنة.

5281/ [12]- سماعة، عن قول الله: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ قال: هو العزيز.

5282/ [13]- ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً.

قال: أحمل فوق رأسي جفنة فيها خبز، تأكل الطير منه».

5283/ [14]- يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال الله ليوسف: أ لست الذي حببتك إلى أبيك، و فضلتك على الناس بالحسن؟ أ و لست الذي سقت إليك السيارة، فأنقدتك و أخرجتك من الجب؟ أ و لست الذي صرفت عنك كيد النسوة؟ فما حملك على أن ترفع رغبتك، أو تدعو مخلوقا هو دوني؟! فالبث لما قلت، في السجن بضع سنين».

5284/ [15]- عن عبد الله بن عبد الرحمن، عمن ذكره، عنه (عليه السلام) قال: «لما قال للفتى: اذكرني عند ربك.

أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فضرب برجله حتى كشط له عن الأرض السابعة، فقال له: يا يوسف، انظر ماذا ترى؟ قال:

أرى حجرا صغيرا، ففلق الحجر، فقال: ماذا ترى؟ قال: أرى دودة صغيرة. قال: فمن رازقها؟ قال: الله. قال: فإن ربك يقول: لم أنس هذه الدودة، في ذلك الحجر، في قعر الأرض السابعة، أ ظننت أني أنساك، حتى تقول للفتى: اذكرني عند ربك؟! لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين- قال- فبكى يوسف عند ذلك، حتى بكت لبكائه الحيطان، قال: فتأذى

به أهل السجن، فصالحهم على أن يبكي يوما، و يسكت يوما، فكان في اليوم الذي يسكت أسوء حالا».

5285/ [16]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بكى أحد بكاء ثلاثة: آدم، و يوسف، و داود».

فقلت: ما بلغ من بكائهم؟ فقال: «أما آدم، فبكى حين اخرج من الجنة، و كان رأسه في باب من أبواب السماء، فبكى حتى تأذى به أهل السماء، فشكوا ذلك إلى الله، فحط من قامته. و أما داود، فإنه بكى حتى هاج العشب من دموعه، و إنه كان ليزفر الزفرة، فتحرق ما نبت من دموعه. و أما يوسف، فإنه كان يبكي على أبيه يعقوب، و هو في السجن، فتأذى به أهل السجن، فصالحهم على أن يبكي يوما، و يسكت يوما».

5286/ [17]- عن شعيب العقرقوفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إن يوسف أتاه جبرئيل، فقال: يا يوسف إن

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 176 ذيل الحديث 23.

12- تفسير العيّاشي 2: 177/ 24.

13- تفسير العيّاشي 2: 177/ 25.

14- تفسير العيّاشي 2: 177/ 26.

15- تفسير العيّاشي 177: 27. [.....]

16- تفسير العيّاشي 2: 177/ 28.

17- تفسير العيّاشي 2: 178/ 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 177

رب العالمين يقرئك السلام، و يقول لك: من جعلك أحسن خلقه؟- قال- فصاح، و وضع خده على الأرض، ثم قال: أنت يا رب، ثم قال له: و يقول لك: من حببك إلى أبيك دون إخوتك؟- قال- فصاح، و وضع خده على الأرض، ثم قال: أنت يا رب. قال: و يقول لك: من أخرجك من الجب، بعد أن طرحت فيها، و أيقنت بالهلكة؟ قال: فصاح، و وضع خده على الأرض، ثم قال: أنت يا رب، ثم قال: فإن

ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره، فالبث في السجن بضع سنين».

قال: «فلما انقضت المدة، أذن له في دعاء الفرج، و وضع خده على الأرض، ثم قال: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك، فإني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين، إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب، قال:

ففرج الله عنه».

قال: فقلت له: جعلت فداك، أ ندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال: «ادع بمثله، اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك، فإني أتوجه إليك بوجه نبيك نبي الرحمة (صلى الله عليه و آله) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة (عليهم السلام)».

5287/ [18]- عن يعقوب بن يزيد، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في قول الله تعالى: فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ، قال: «سبع «1» سنين».

5288/ [19]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «رأت فاطمة (عليها السلام) في النوم، كأن الحسن و الحسين (عليهما السلام) ذبحا، أو قتلا، فأحزنها ذلك- قال- فأخبرت به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رؤيا. فتمثلت، بين يديه، فقال: أريت فاطمة هذا البلاء؟ فقالت: لا، يا رسول الله. فقال: يا أضغاث، أنت أريت فاطمة هذا البلاء؟

فقالت: نعم، يا رسول الله. قال: فما أردت بذلك؟ قالت: أردت أن أحزنها، فقال لفاطمة (عليها السلام): اسمعي، ليس هذا بشي ء».

5289/ [20]- عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما «2» (عليهما السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال:

لو كنت بمنزلة يوسف، حين أرسل إليه الملك يسأله عن رؤياه، ما حدثته حتى أشترط عليه أن يخرجني من السجن، و عجبت لصبره عن شأن امرأة الملك، حتى أظهر الله

عذره».

5290/ [21]- عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقرأ: «سبع سنابل «3» خضر».

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 2: 178/ 30.

19- تفسير العيّاشي 2: 178/ 31.

20- تفسير العيّاشي 2: 179/ 32.

21- تفسير العيّاشي 2: 179/ 33.

(1) في «ط»: تسع.

(2) في المصدر: عنهما.

(3) في «ط»: سنبلات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 178

5291/ [22]- عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كانت سنين «1» يوسف و الغلاء الذي أصاب الناس، و لم يتمن «2» الغلاء لأحد قط- قال- فأتاه التجار، فقالوا: بعنا. فقال: اشتروا. فقالوا: نأخذ كذا بكذا.

فقال: خذوا. و أمر فكالوهم، فحملوا و مضوا، حتى دخلوا المدينة، فلقيهم قوم تجار. فقالوا لهم: كيف أخذتم؟

قالوا: كذا بكذا. و أضعفوا الثمن- قال- فقدموا أولئك على يوسف، فقالوا: بعنا، فقال: اشتروا، كيف تأخذون؟ قالوا:

بعنا كما بعت كذا بكذا. فقال: ما هو كما تقولون، و لكن خذوا. فأخذوا، ثم مضوا حتى دخلوا المدينة، فلقيهم آخرون، فقالوا: كيف أخذتم؟ فقالوا: كذا بكذا. و أضعفوا الثمن- قال- فعظم الناس ذلك الغلاء، و قالوا: اذهبوا بنا حتى نشتري- قال- فذهبوا إلى يوسف، فقالوا: بعنا. فقال: اشتروا. فقالوا: بعنا كما بعت. فقال: و كيف بعت؟ قالوا:

كذا بكذا. فقال: ما هو كذلك، و لكن خذوا- قال- فأخذوا، و رجعوا إلى المدينة، فأخبروا الناس. و قالوا: فيما بينهم:

تعالوا حتى نكذب في الرخص كما كذبنا في الغلاء- قال- فذهبوا إلى يوسف، فقالوا له: بعنا. فقال: اشتروا. فقالوا:

بعنا كما بعت. قال: و كيف بعت؟ قالوا: كذا بكذا- بالحط من السعر- فقال: ما هو هكذا، و لكن خذوا. قال: فأخذوا، و ذهبوا إلى المدينة، فلقيهم الناس، فسألوهم: بكم اشتريتم؟ فقالوا: كذا بكذا. بنصف

الحط الأول. فقال الآخرون:

اذهبوا بنا حتى نشتري. فذهبوا إلى يوسف فقالوا: بعنا فقال: اشتروا، فقالوا: بعنا كما بعت. فقال: و كيف بعت؟

فقالوا: كذا بكذا.- بالحط من النصف- فقال: ما هو كما تقولون، و لكن خذوا. فلم يزالوا يتكاذبون، حتى رجع السعر إلى الأمر الأول، كما أراد الله تعالى».

5292/ [23]- عن محمد بن علي الصيرفي، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون» بضم الياء: يمطرون، ثم قال: أما سمعت قوله: وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً» «3».

5293/ [24]- عن علي بن معمر، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: «عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون» مضمومة، ثم قال: «أما سمعت قول الله: وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً» «4».

5294/ [25]- عن سماعة، قال: سألته عن قول الله: ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ، قال: «يعني العزيز».

5295/ [26]- عن الحسن بن موسى، قال: روى أصحابنا، عن الرضا (عليه السلام) قال له رجل: أصلحك الله، كيف

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 2: 179/ 34.

23- تفسير العيّاشي 2: 180/ 35 ..

24- تفسير العيّاشي 2: 180/ 36 ..

25- تفسير العيّاشي 2: 180/ 37.

26- تفسير العيّاشي 2: 180/ 38 و 39. [.....]

(1) في المصدر نسخة بدل: كان سبق.

(2) في «ط»: يمرّ.

(3) النبأ 78: 14.

(4) النبأ 78: 14.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 179

صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ فكأنه أنكر ذلك عليه، فقال له أبو الحسن (عليه السلام): «يا هذا، أيهما أفضل، النبي أو الوصي؟» فقال: لا بل النبي. قال: «فأيهما أفضل، مسلم أو مشرك؟» قال: لا بل مسلم. قال: «فإن العزيز- عزيز مصر- كان مشركا، و كان يوسف

نبيا، و إن المأمون مسلم، و أنا وصي، و يوسف سأل العزيز أن يوليه، حتى قال:

استعملني على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم. و المأمون أخبرني على ما أنا فيه».

قال: و قال في قوله: حَفِيظٌ عَلِيمٌ قال: «حافظ لما في يدي، عالم بكل لسان».

5296/2]- قال سليمان: قال سفيان: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما يجوز أن يزكي الرجل نفسه؟ قال: «نعم، إذا اضطر إليه، أما سمعت قول يوسف: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ و قول العبد الصالح:

أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ» «1».

5297/ [28]- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن شريف بن سابق التفليسي، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول يوسف: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ، قال: «حفيظ بما تحت يدي، عليم بكل لسان».

5298/ [29]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه)، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن نصير، عن الحسن بن موسى، قال روى أصحابنا، عن الرضا (عليه السلام) أنه قال له رجل: أصلحك الله، كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ فكأنه أنكر ذلك عليه، فقال له أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «يا هذا أيهما أفضل، النبي أو الوصي؟» فقال: لا، بل النبي. قال:

«فأيهما أفضل، مسلم أو مشرك؟» قال: لإبل مسلم قال: «فإن عزيز مصر كان مشركا، و كان يوسف (عليه السلام) نبيا، و إن المأمون مسلم، و أنا وصي، و يوسف سأل العزيز أن يوليه، حتى «2» قال: اجْعَلْنِي عَلى

خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ و المأمون أجبرني على ما أنا فيه» «3».

قال: و قال (عليه السلام) في قوله تعالى: حَفِيظٌ عَلِيمٌ قال: «حافظ لما في يدي، عالم بكل لسان».

5299/ [30]- قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: دخلت على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله، إن الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد، مع إظهارك الزهد في الدنيا.

__________________________________________________

27- تفسير العيّاشي 2: 181/ 40.

28- علل الشرائع: 125/ 4.

29- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 138/ 1.

30- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 139/ 2.

(1) الأعراف 7: 68.

(2) في المصدر: حين.

(3) في المصدر: و أنا أجبرت على ذلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 180

قال (عليه السلام): «قد علم الله تعالى كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك، و بين القتل، اخترت القبول على القتل. ويحهم، أما علموا أن يوسف (عليه السلام) كان نبيا و رسولا، و لما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز، قال له: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ و دفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه و إجبار، و بعد الإشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه. فإلى الله المشتكى و هو المستعان».

سورة يوسف(12): الآيات 58 الي 82 ..... ص : 180

قوله تعالى:

وَ جاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّا لَصادِقُونَ [58- 82] 5300/ [1]- رجعت رواية علي بن إبراهيم «1»، قال: فأمر يوسف أن تبنى كناديج من صخر، و طينها بالكلس، ثم أمر بزروع مصر، فحصدت، و دفع إلى كل إنسان حصة، و ترك الباقي في سنبله، و

لم يدسه، و وضعها في الكناديج، ففعل ذلك سبع سنين.

فلما جاءت سني الجدب، كان يخرج السنبل، فيبيع بما شاء، و كان بينه و بين أبيه ثمانية عشر يوما، و كانوا في بادية، و كان الناس من الآفاق يخرجون إلى مصر ليمتاروا طعاما، و كان يعقوب و ولده نزولا في بادية فيها مقل «2»، فأخذ إخوة يوسف من ذلك المقل، و حملوه إلى مصر، ليمتاروا طعاما، و كان يوسف يتولى البيع بنفسه، فلما دخل إخوته عليه، عرفهم و لم يعرفوه، كما حكى الله عز و جل: وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ وَ لَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ فأعطاهم، و أحسن إليهم في الكيل، قال لهم: «من أنتم؟» قالوا: نحن بنو يعقوب بن ابراهيم، خليل الله الذي ألقاه نمرود في النار فلم يحترق، و جعلها الله عليه بردا و سلاما، قال: «فما فعل أبوكم»؟

قالوا: شيخ ضعيف، قال: «فلكم أخ غيركم»؟ قالوا: لنا أخ من أبينا، لا من امنا. قال: «فإذا رجعتم إلي فائتوني به» و هو قوله: ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَ لا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَ أَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَ لا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَ إِنَّا لَفاعِلُونَ.

ثم قال يوسف لقومه: «ردوا هذه البضاعة التي حملوها إلينا، و اجعلوها فيما بين رحالهم، حتى إذا رجعوا إلى منازلهم و رأوها، رجعوا إلينا و هو قوله: وَ قالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني: كي يرجعوا: فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 346.

(1) المتقدمة في الحديث (4) من تفسير الآيات (35- 56) من هذه السورة.

(2)

المقل: ثمر الدوم، و الدوم: شجر عظام من الفصيلة النخلية، يكثر في صعيد مصر و بلاد العرب. «الصحاح- مقل- 5: 1820، المعجم الوسيط- دوم- 1: 305». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 181

فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ فقال يعقوب: هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَ لَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ في رحالهم التي حملوها إلى مصر قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي أي ما نريد هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَ نَمِيرُ أَهْلَنا وَ نَحْفَظُ أَخانا وَ نَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ فقال يعقوب: لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ يعقوب: اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ فخرجوا، و قال لهم يعقوب: يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَ ادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَ ما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ ءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ عَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ إلى قوله لا يَعْلَمُونَ.

5301/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه) مرسلا، عن الصادق (عليه السلام): في قول الله عز و جل: وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ، قال: «الزارعون» «1».

5302/ [3]- العياشي: عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ملك يوسف مصر و براريها، لم يجاوزها إلى غيرها».

5303/ [4]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يحدث، قال: «لما فقد يعقوب يوسف اشتد حزنه عليه و بكاؤه حتى ابيضت عيناه من الحزن، و احتاج حاجة شديدة و تغيرت حاله، و كان يمتار القمح من مصر لعياله في السنة مرتين، للشتاء و الصيف، و إنه بعث

عدة من ولده ببضاعة يسيرة إلى مصر مع رفقة خرجت، فلما دخلوا على يوسف، و ذلك بعد ما ولاه العزيز مصر، فعرفهم يوسف و لم يعرفه إخوته لهيبة الملك و عزته. فقال لهم:

هلموا بضاعتكم قبل الرفاق. و قال لفتيانه: عجلوا لهؤلاء الكيل و أوفوهم، فإذا فرغتم فاجعلوا بضاعتهم هذه في رحالهم، و لا تعلموهم بذلك. ففعلوا.

ثم قال لهم يوسف: قد بلغني أنه قد كان لكم أخوان لأبيكم، فما فعلا؟ قالوا: أما الكبير منهما فإن الذئب أكله، و أما الصغير فخلفناه عند أبيه و هو به ضنين و عليه شفيق. قال: فإني أحب أن تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتاروا فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَ لا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَ إِنَّا لَفاعِلُونَ فلما رجعوا إلى أبيهم و فتحوا متاعهم، وجدوا بضاعتهم في رحالهم، قالوا: يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا و كيل لنا كيل قد زاد حمل بعير فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ.

فلما احتاجوا إلى الميرة بعد ستة أشهر، بعثهم يعقوب، و بعث معهم بضاعة يسيرة، و بعث معهم بنياميل «2»

__________________________________________________

2- من لا يحضره الفقيه 3: 160/ 703.

3- تفسير العيّاشي 2: 181/ 41.

4- تفسير العيّاشي 2: 81/ 42.

(1) إبراهيم 14: 12.

(2) كذا و في الرواية الآتية في ذيل هذه الرواية (بنيامين) و هو الموافق لأغلب المصادر، انظر تاريخ اليعقوبي 1: 33، الكامل في التاريخ 1: 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 182

و أخذ عليهم بذلك موثقا من الله، لتأتنني به إلا أن يحاط بكم أجمعين، فانطلقوا مع الرفاق حتى دخلوا على يوسف، فقال لهم:

معكم بنياميل؟ قالوا: نعم هو في الرحل. قال لهم: فائتوني به.

فأتوا به و هو في دار الملك. قال: أدخلوه وحده. فأدخلوه عليه، فضمه إليه و بكى، و قال له: أنا أخوك يوسف فلا تبتئس بما تراني أعمل، و اكتم ما أخبرتك به و لا تحزن و لا تخف. ثم أخرجه إليهم و أمر فتيته أن يأخذوا بضاعتهم و يعجلوا لهم الكيل، فإذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل بنياميل، ففعلوا به ذلك.

و ارتحل القوم مع الرفقة فمضوا، فلحقهم يوسف و فتيته فنادوا فيهم قال: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قالُوا وَ أَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَ ما كُنَّا سارِقِينَ قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ قال: فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ، قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فقال لهم يوسف: ارتحلوا عن بلادنا: قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً و قد أخذ علينا موثقا من الله لنرد به إليه: فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ إن فعلت قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ فقال كبيرهم: إني لست أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي.

و مضى إخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب، فقال لهم: فأين بنياميل؟ قالوا: بنياميل سرق مكيال الملك، فأخذه الملك بسرقته، فحبس عنده، فاسأل أهل القرية و العير حتى يخبروك بذلك، فاسترجع و استعبر و اشتد حزنه، حتى تقوس ظهره».

عن أبي حمزة، عن أبي

بصير، عنه (عليه السلام) ذكر فيه (بنيامين) و لم يذكر فيه (بنياميل) «1».

5304/ [5]- عن أبان الأحمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما دخل إخوة يوسف عليه- و قد جاءوا بأخيهم معهم وضع لهم الموائد، ثم قال: يمتار كل واحد منكم مع أخيه لأمه على الخوان، فجلسوا، و بقي أخوه قائما.

فقال له: مالك لا تجلس مع إخوتك؟ قال: ليس لي منهم أخ من امي. قال: فلك أخ من أمك، زعم هؤلاء أن الذئب أكله؟ قال: نعم. قال: فاقعد و كل معي- قال- فترك إخوته الأكل، و قالوا: إنا نريد أمرا، و يأبى الله إلا أن يرفع ولد يامين علينا».

قال: «ثم حين فرغوا من جهازهم، أمر أن يوضع الصاع «2» فى رحل أخيه، فلما فصلوا نادى مناد: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ- قال- فرجعوا، فقالوا: ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ إلى قوله: جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ يعنون السنة التي تجري فيهم، أن يحبسه، فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ فقالوا: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 183/ 44.

(1) تفسير العيّاشي 2: 183/ 43.

(2) الصاع: الذي يكال به، و هو أربعة أمداد، و الصوع: لغة في الصاع، و يقال: هو إناء يشرب فيه. «الصحاح- صوع- 2: 1247».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 183

قال الحسن بن علي الوشاء: فسمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «يعنون المنطقة «1». فلما فرغ من غذائه، قال: ما بلغ من حزنك على أخيك؟ فقال: ولد لي عشرة أولاد، فكلهم شققت لهم اسما من اسمه- قال- فقال له: ما أراك حزنت عليه حيث اتخذت النساء من بعده. قال: أيها العزيز،

إن لي أبا شيخا كبيرا صالحا، فقال: يا بني، تزوج، لعلك تصيب ولدا يثقل الأرض بشهادة أن لا إله إلا الله».

قال أبو محمد عبد الله بن محمد: هذا من رواية الرضا (عليه السلام).

5305/ [6]- عن علي بن مهزيار، عن بعض أصحابنا، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «و قد كان هيأ لهم طعاما. فلما دخلوا عليه، قال: ليجلس كل بني أم على مائدة- قال- فجلسوا، و بقي بنيامين قائما، فقال له يوسف:

مالك لا تجلس؟ قال له: إنك قلت: ليجلس كل بني أم على مائدة، و ليس لي منهم ابن ام. فقال يوسف: أ ما كان لك ابن ام؟ قال له بنيامين: بلى. قال يوسف: فما فعل؟ قال: زعم هؤلاء أن الذئب أكله. قال: فما بلغ من حزنك عليه؟

قال: ولد لي أحد عشر ابنا، كلهم شققت له اسما من أسمه. فقال له يوسف: أراك قد عانقت النساء و شممت الولد من بعده. قال له بنيامين: إن لي أبا صالحا، و إنه قال: تزوج، لعل الله أن يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح؟

فقال له: تعال فاجلس معي على مائدتي؟ فقال أخوة يوسف: لقد فضل الله يوسف و أخاه، حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته».

5306/ [7]- عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك، لم سمي أمير المؤمنين (أمير المؤمنين)؟ قال: «لأنه يميرهم العلم، أما سمعت كلام الله: وَ نَمِيرُ أَهْلَنا».

5307/ [8]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا خير فيمن لا تقية له، و لقد قال يوسف:

أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و ما سرقوا».

5308/ [9]- و في رواية أبي بصير، عن أبي عبد

الله (عليه السلام) «2» قال: قيل له، و أنا عنده: إن سالم بن حفصة يروي عنك: أنك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج؟

فقال: «ما يريد سالم مني، أ يريد أن أجي ء بالملائكة، فو الله ما جاء بهم النبيون، و لقد قال إبراهيم: إِنِّي سَقِيمٌ «3». و و الله ما كان سقيما، و ما كذب، و لقد قال: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ «4». و ما فعله كبيرهم، و ما كذب، و لقد قال يوسف: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارЙ™ϙșƙή و الله ما كانوا سرقوا، و ما كذب».

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 183/ 45.

7- تفسير العيّاشي 2: 184/ 46.

8- تفسير العيّاشي 2: 184/ 47.

9- تفسير العيّاشي 2: 184/ 49.

(1) المنطقة: ما يشدّ به الوسط، و سيأتي بيانها في الأحاديث (13) و (14) و (28) و (29) و (30).

(2) في المصدر: أبي جعفر (عليه السّلام). [.....]

(3) الصافات 37: 89.

(4) الأنبياء 21: 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 184

5309/ [10]- عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله في يوسف: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ.

قال: «إنهم سرقوا يوسف من أبيه، ألا ترى أنه قال لهم، حين قالوا و أقبلوا عليهم: ماذا تفقدون؟ قالوا: نفقد صواع الملك. و لم يقولوا: سرقتم صواع الملك. إنما عنى، أنكم سرقتم يوسف من أبيه».

5310/ [11]- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «صُواعَ الْمَلِكِ طاسه الذي يشرب فيه».

5311/ [12]- عن محمد بن أبي حمزة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: صُواعَ الْمَلِكِ.

قال: «كان قدحا من ذهب- و قال- كان صواع يوسف إذا «1» كيل به قال: لعن الله الخوان، و لا

تخونوا به، بصوت حسن».

5312/ [13]- عن إسماعيل بن همام، قال: قال الرضا (عليه السلام) في قول الله تعالى: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ.

قال: «كانت لإسحاق النبي (عليه السلام) منطقة، يتوارثها الأنبياء و الأكابر، فكانت عند عمة يوسف، و كان يوسف عندها، و كان تحبه، فبعث إليها أبوه: أن ابعثيه إلي، و أرده إليك. فبعثت إليه: أن دعه عندي الليلة، لأشمه ثم أرسله إليك غدوة. فلما أصبحت، أخذت المنطقة فربطتها في حقوه»، و ألبسته قميصا، و بعثت به إليه، و قالت:

سرقت المنطقة. فوجدت عليه، و كان إذا سرق أحد في ذلك الزمان، دفع إلى صاحب السرقة، فأخذته، فكان عندها».

5313/ [14]- عن الحسن بن علي الوشاء، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «كانت الحكومة في بني إسرائيل، إذا سرق أحد شيئا استرق به، و كان يوسف عند عمته و هو صغير، و كانت تحبه، و كانت لإسحاق منطقة ألبسها يعقوب، و كانت عند أخته، و إن يعقوب طلب يوسف أن يأخذه من عمته، فاغتمت لذلك، و قالت له: دعه، حتى أرسله إليك. فأرسلته، و أخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت الثياب، فلما أتى يوسف أباه، جاءت فقالت: سرقت المنطقة. ففتشته، فوجدتها في وسطه. فلذلك قال إخوة يوسف، حيث جعل الصاع في وعاء أخيه فقال لهم يوسف: ما جزاء من وجد في رحله؟

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 185/ 50.

11- تفسير العيّاشي 2: 185/ 51.

12- تفسير العيّاشي 2: 185/ 52.

13- تفسير العيّاشي 2: 185/ 53.

14- تفسير العيّاشي 2: 186/ 54.

(1) في المصدر: إذ.

(2) الحقو: الخصر و مشدّ الإزار. «الصحاح- حقا- 6: 2317».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 185

قالوا [هو]

جزاؤه. بإجراء السنة التي تجري فيهم، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، ثم استخرجها من وعاء أخيه، فلذلك قال إخوة يوسف: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ يعنون المنطقة فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ».

عن الحسن بن علي الوشاء، عن الرضا (عليه السلام)، و ذكر مثله «1».

5314/ [15]- عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ذكر بني يعقوب، قال: «كانوا إذا غضبوا، اشتد غضبهم حتى تقطر جلودهم دما أصفر، و هم يقولون: خذ أحدنا مكانه، يعني جزاءه، فأخذ الذي وجد الصاع عنده».

5315/ [16]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما استيأس إخوة يوسف من أخيهم، قال لهم يهودا، و كان أكبرهم: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ- قال- و رجع إلى يوسف يكلمه في أخيه، فكلمه حتى ارتفع الكلام بينهما، حتى غضب يهودا، و كان إذا غضب قامت شعرة في كتفه و خرج منها الدم».

قال: «و كان بين يدي يوسف ابن له صغير، معه رمانة من ذهب، و كان الصبي يلعب بها- قال- فأخذها يوسف من الصبي، فدحرجها نحو يهودا، و حبا الصبي نحو يهودا ليأخذها، فمس يهودا، فسكن يهودا. ثم عاد إلى يوسف، فكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا، و قامت الشعرة، و سال منها الدم، فأخذ يوسف الرمانة من الصبي فد حرجها نحو يهودا، و حبا الصبي نحو يهودا فسكن يهودا. و قال يهودا: إن في البيت معنا لبعض ولد يعقوب».

قال: «فعند ذلك قال لهم يوسف: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ» «2».

5316/

[17]- و في رواية هشام بن سالم، عنه (عليه السلام) قال: «لما أخذ يوسف أخاه، اجتمع عليه إخوته، و قالوا له: خذ أحدنا مكانه، و جلودهم تقطر دما أصفر. و هم يقولون: خذ أحدنا مكانه- قال- فلما أبى عليهم و خرجوا من عنده قال لهم يهودا: قد علمتم ما فعلتم بيوسف: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ».

قال: «فرجعوا إلى أبيهم، و تخلف يهودا- قال- فدخل على يوسف و كلمه في أخيه، حتى ارتفع الكلام بينه و بينه، فغضب، و كان على كتفه شعرة إذا غضب قامت الشعرة، فلا تزال تقذف بالدم حتى يمسه بعض ولد يعقوب».

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 2: 186/ 55.

16- تفسير العيّاشي 2: 176/ 56.

17- تفسير العيّاشي 2: 187/ ذيل الحديث (56).

(1) تفسير العيّاشي 2: 186/ ذيل الحديث 54.

(2) يوسف 12: 89. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 186

قال: «فكان بين يدي يوسف ابن له صغير، في يده رمانة من ذهب، يلعب بها، فلما رآه يوسف قد غضب و قامت الشعرة تقذف بالدم، أخذ الرمانة من يد الصبي، ثم دحرجها نحو يهودا، و اتبعها الصبي ليأخذها، فوقعت يده على يهودا- قال- فذهب غضبه- قال- فارتاب يهودا، و رجع الصبي بالرمانة إلى يوسف. ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب و قامت الشعرة، فجعلت تقذف بالدم، فلما رآه يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا و اتبعها الصبي ليأخذها، فوقعت يده على يهودا، فسكن غضبه- قال- فقال يهودا: إن في البيت لمن ولد يعقوب، حتى صنع ذلك ثلاث مرات».

5317/ [18]- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم «1»: فخرجوا و خرج معهم بنيامين، فكان لا يؤاكلهم و لا يجالسهم و

لا يكلمهم، فلما وافوا مصر، و دخلوا على يوسف و سلموا، نظر يوسف إلى أخيه فعرفه، فجلس منهم بالبعد. فقال يوسف: «أنت أخوهم؟». قال: نعم. قال: فلم لا تجلس معهم؟» قال: لأنهم أخرجوا أخي من أبي و أمي، فرجعوا و لم يردوه، و زعموا أن الذئب أكله، فآليت على نفسي ألا أجتمع معهم على أمر ما دمت حيا.

قال: فهل تزوجت؟ قال: بلى، قال: «فولد لك ولد؟» قال: بلى، قال: «كم ولد لك؟» قال: ثلاث بنين. قال: «فما سميتهم؟» قال: سميت واحدا منهم الذئب، و واحدا القميص، و واحدا الدم. قال: «و كيف اخترت هذه الأسماء؟» قال: لئلا أنسى أخي، كلما دعوت واحدا من ولدي ذكرت أخي، قال يوسف لهم: «أخرجوا» و حبس بنيامين عنده.

فلما خرجوا من عنده، قال يوسف لأخيه: «أنا أخوك يوسف فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ». ثم قال له:

«أنا أحب أن تكون عندي». قال: لا يدعني إخوتي، فإن أبي قد أخذ عليهم عهد الله و ميثاقه أن يردوني إليه. قال:

فأنا أحتال بحيلة، فلا تنكر إذا رأيت شيئا، و لا تخبرهم». فقال: لا. فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ و أعطاهم و أحسن إليهم، قال لبعض قوامه: «اجعلوا هذا الصاع في رحل هذا». و كان الصاع الذي يكيلون به من ذهب، فجعلوه في رحله، من حيث لم يقف عليه إخوته. فلما ارتحلوا، بعث إليهم يوسف و حبسهم، ثم أمر مناديا ينادي: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ. فقال إخوة يوسف: ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ أي كفيل.

5318/ [19]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد ابن

عثمان، عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا قد روينا عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ؟ فقال: «و الله ما سرقوا، و ما كذب، و قال إبراهيم (عليه السلام): بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ «2» فقال- و الله ما فعلوا، و ما كذب».

قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما عندكم فيها، يا صيقل؟» قال: فقلت: ما عندنا فيها إلا التسليم. قال: فقال:

__________________________________________________

18- تفسير القمّي 1: 348.

19- الكافي 2: 255/ 17.

(1) المتقدّمة في الحديث (1) من تفسير هذه الآيات.

(2) الأنبياء 21: 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 187

«إن الله أحب اثنين، و أبغض اثنين: أحب الخطر «1» فيما بين الصفين، و أحب الكذب في الإصلاح، و أبغض الخطر في الطرقات، و أبغض الكذب في غير الإصلاح. إن إبراهيم (عليه السلام) إنما قال: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا إرادة الإصلاح، و دلالة على أنهم لا يفعلون، و قال يوسف (عليه السلام) إرادة الإصلاح».

5319/ [20]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحجال «2»، عن ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن عمر «3»، عن عطاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا كذب على مصلح.

ثم تلا: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ ثم قال: و الله ما سرقوا و ما كذب. ثم تلا: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ «4» ثم قال: و الله ما فعلوه و ما كذب».

5320/ [21]- و عنه: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي

بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «التقية من دين الله». قلت: من دين الله؟ قال: «إي و الله من دين الله، و لقد قال يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ- ثم قال- و الله ما كانوا سرقوا شيئا، و لقد قال إبراهيم (عليه السلام): إِنِّي سَقِيمٌ «5» و الله ما كان سقيما».

5321/ [22]- ابن بابويه: قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا إبراهيم بن علي، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا خير فيمن لا تقية له، و لقد قال يوسف: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و ما سرقوا».

5322/ [23]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن أبي نصر، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى عن سماعة، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «التقية من دين الله عز و جل». قلت: من دين الله؟ قال فقال: «إي و الله من دين الله، لقد قال يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و الله ما كانوا سرقوا شيئا».

__________________________________________________

20- الكافي 2: 256/ 22.

21- الكافي 2: 172/ 3.

22- علل الشرائع: 51/ 1.

23- علل الشرائع: 51/ 2.

(1) الخطر: التبختر في المشي «الصحاح- خطر: 2: 648».

(2) في المصدر: الحجّاج.

(3) في المصدر: معمر بن عمرو، و يحتمل كونه معمر بن عمر بن عطاء.

انظر رجال البرقي: 11، معجم رجال الحديث 3: 404 و 18: 267.

(4) الأنبياء 21: 63.

(5) الصافات 37: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 188

5323/ [24]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال: «ما سرقوا و ما كذب».

5324/ [25]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مسعود، عن أبيه، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن صالح بن سعيد، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل في يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ.

قال: «إنهم سرقوا يوسف من أبيه، ألا ترى أنه قال لهم حين قالوا: ما ذا تفقدون؟ قالوا: نفقد صواع الملك.

و لم يقولوا: سرقتم صواع الملك. إنما عنى أنكم سرقتم يوسف من أبيه».

5325/ [26]- و عنه، عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن أبي إسحاق إبراهيم بن هاشم، عن صالح بن سعيد، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قلت قوله في يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال: «إنهم سرقوا يوسف من أبيه».

5326/ [27]- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم «1»: فقال إخوة يوسف: تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَ ما كُنَّا سارِقِينَ، قال يوسف (عليه السلام): فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي

رَحْلِهِ فخذه و احبسه فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ فتشبثوا بأخيه و حبسوه، و هو قوله: كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ أي احتلنا له: ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ.

فسئل الصادق (عليه السلام) عن قوله: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال: «ما سرقوا و ما كذب يوسف (عليه السلام) فإنما عنى سرقتم يوسف من أبيه».

و قوله: أَيَّتُهَا الْعِيرُ أي يا أهل العير، و مثله قولهم لأبيهم: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها يعني: أهل العير. فلما اخرج ليوسف الصواع من رحل أخيه، قال إخوته: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ يعنون يوسف (عليه السلام): فتغافل يوسف عليهم، و هو قوله: فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ.

__________________________________________________

24- علل الشرائع: 52/ 3. [.....]

25- علل الشرائع: 52/ 4.

26- معاني الأخبار: 209/ 1.

27- تفسير القمّي 1: 348.

(1) المتقدّمة في الحديث (18) من تفسير هذه الآيات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 189

5327/ [28]- ابن بابويه قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله العلوي، قال: حدثني علي بن محمد العلوي العمري، قال: حدثني إسماعيل بن همام، قال: قال الرضا (عليه السلام) في قول الله عز و جل: قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ.

قال: «كانت لإسحاق النبي (عليه السلام) منطقة يتوارثها

الأنبياء و الأكابر، و كانت عند عمة يوسف، و كان يوسف عندها، و كانت تحبه، فبعث إليها أبوه و قال: ابعثيه إلي و أرده إليك. فبعثت إليه: دعه عندي الليلة أشمه، ثم أرسله إليك غدوة- قال- فلما أصبحت أخذت المنطقة، فربطتها في حقوه، و لبسته قميصا، و بعثت به إليه، فلما خرج من عندها طلبت المنطقة، و قالت: سرقت المنطقة، فوجدت عليه، و كان إذا سرق أحد في ذلك الزمان، دفع إلى صاحب السرقة، و كان عبده».

5328/ [29]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مسعود، عن أبيه، عن عبد الله بن محمد بن خالد، قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء، قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: «كانت الحكومة في بني إسرائيل، إذا سرق أحد شيئا استرق به، و كان يوسف (عليه السلام) عند عمته و هو صغير، و كانت تحبه، و كانت لإسحاق (عليه السلام) منطقة ألبسها يعقوب، و كانت عند ابنته، و أن يعقوب طلب يوسف أن يأخذه من عمته، فاغتمت لذلك، و قالت له: دعه حتى أرسله إليك، فأرسلته و أخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت الثياب، فلما أتى يوسف أباه، جاءت و قالت: سرقت المنطقة، ففتشته، فوجدتها في وسطه. فلذلك قال إخوة يوسف حيث جعل الصاع في وعاء أخيه: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فقال لهم يوسف: فما جزاء من وجدنا في رحله؟ قالوا: هو جزاؤه. كما جرت السنة التي تجري فيهم، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، ثم استخرجها من وعاء أخيه، و لذلك قال إخوة يوسف: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ

مِنْ قَبْلُ يعنون المنطقة: فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ».

5329/ [30]- علي بن إبراهيم: قال: أخبرنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن الحسن بن علي بن بنت إلياس و إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: كانت الحكومة في بني إسرائيل، إذا سرق أحد شيئا استرق به و كان يوسف عند عمته و هو صغير، و كانت تحبه، و كانت لإسحاق منطقة ألبسها يعقوب، و كانت عند أخته، و أن يعقوب طلب يوسف ليأخذه من عمته، فاغتمت لذلك، و قالت: دعه حتى أرسله إليك، و أخذت المنطقة، و شدت بها وسطه تحت الثياب، فلما أتى يوسف أباه، جاءت فقالت: قد سرقت المنطقة. ففتشته، فوجدتها معه في وسطه، فلذلك قال إخوة يوسف، لما حبس يوسف أخاه، حيث جعل الصواع في وعاء أخيه، فقال يوسف: ما جزاء من وجد في رحله؟ قالوا: [هو] جزاؤه.- السنة التي تجري فيهم- فلذلك قال إخوة يوسف: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ.

__________________________________________________

28- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 76/ 5.

29- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 76/ 6.

30 تفسير القمّي 1: 355.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 190

5330/ [31]- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم «1»: قال: فاجتمعوا إلى يوسف، و جلودهم تقطر دما أصفر، فكانوا يجادلونه في حبسه- و كان ولد يعقوب إذا غضبوا خرج من ثيابهم شعر و يقطر من رؤوسهم دم أصفر- و هم يقولون: يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ فأطلق عن هذا. فلما رأى يوسف ذلك، قال: مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ

وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ و لم يقل: إلا من سرق متاعنا: إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ و أرادوا الانصراف إلى أبيهم، قال لهم لاوي بن يعقوب: أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ في هذا وَ مِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فارجعوا أنتم إلى أبيكم، فأما أنا، فلا ارجع إليه حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ ثم قال لهم: ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَ ما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَ ما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها أي أهل القرية و أهل العير وَ إِنَّا لَصادِقُونَ.

قال: فرجع إخوة يوسف إلى أبيهم و تخلف يهودا، فدخل على يوسف، فكلمه حتى ارتفع الكلام بينه و بين يوسف و غضب، و كانت على كتف يهودا شعرة، فقامت الشعرة فأقبلت تقذف بالدم، و كان لا يسكن حتى يمسه بعض أولاد يعقوب- قال- و كان بين يدي يوسف ابن له، في يده رمانة من ذهب يلعب بها، فلما رأى يوسف أن يهودا قد غضب و قامت الشعرة تقذف بالدم، أخذ الرمانة من الصبي، ثم دحرجها نحو يهودا و تبعها الصبي ليأخذها، فوقعت يده علي يهودا، فذهب غضبه. قال: فارتاب يهودا، و رجع الصبي بالرمانة إلى يوسف، ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا، و قامت الشعرة تقذف بالدم، فلما رأى ذلك يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا فتبعها الصبي ليأخذها، فوقعت يده على يهودا، فسكن غضبه، و قال: إن في البيت لمن ولد يعقوب. حتى صنع ذلك ثلاث مرات.

5331/ [32]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم،

عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.

قال: «كان يوسف يوسع المجلس، و يستقرض للمحتاج، و يعين الضعيف».

سورة يوسف(12): الآيات 83 الي 101 ..... ص : 190

قوله تعالى:

قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [83- 101]

5332/ [1]- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم «2»: فلما رجع إخوة يوسف إلى أبيهم، و أخبروه بخبر أخيهم،

__________________________________________________

31- تفسير القمّي 1: 349.

32- الكافي 2: 465/ 3.

1- تفسير القمّي 1: 350.

(1) المتقدّمة في الحديث (27) من تفسير هذه الآيات.

(2) المتقدّمة في الحديث (31) من تفسير الآيات (58- 82) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 191

قال يعقوب: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ثم تَوَلَّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ يعني عميتا من البكاء فَهُوَ كَظِيمٌ أي محزون، و الأسف أشد الحزن.

و سئل أبو عبد الله (عليه السلام): ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال: «حزن سبعين ثكلى بأولادها- و قال- إن يعقوب لم يعرف الاسترجاع، و من هنا قال: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ فقالوا له: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ أي لا تفتؤ عن ذكر يوسف حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أي ميتا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ».

5333/]- الحسين بن سعيد، في كتاب (التمحيص): عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ما الصبر الجميل؟

قال: «ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى أحد من الناس، إن إبراهيم بعث يعقوب «1» إلى راهب من الرهبان عابد من العباد

في حاجة، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم، فوثب إليه فاعتنقه ثم قال له: مرحبا بخليل الرحمن.

فقال له يعقوب: إني لست بخليل الرحمن، و لكن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. قال له الراهب: فما الذي بلغ بك ما أرى من الكبر؟ قال: الهم و الحزن و السقم- قال- فما جاز عتبة الباب حتى أوحى الله إليه: يا يعقوب، شكوتني إلى العباد. فخر ساجدا عند عتبة الباب، يقول: رب لا أعود. فأوحى الله إليه: إني قد غفرت لك، فلا تعد إلى مثلها.

فما شكا شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا، إلا أنه قال يوما:نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ».

5334/ [3]- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن الحسن الواسطي، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قدم أعرابي على يوسف (عليه السلام) ليشتري منه طعاما، فباعه، فلما فرغ قال له يوسف (عليه السلام): أين منزلك؟ قال له: بموضع كذا و كذا. فقال له: فإذا مررت بوادي كذا و كذا، فقف و ناد:

يا يعقوب، يا يعقوب، فإنه سيخرج لك رجل عظيم جميل «2» و سيم، فقل له: لقيت رجلا بمصر و هو يقرئك السلام، و يقول لك: إن وديعتك عند الله عز و جل لن تضيع».

قال: «فمضى الأعرابي حتى انتهى إلى الموضع، فقال لغلمانه: احفظوا علي الإبل. ثم نادى: يا يعقوب، يا

__________________________________________________

2- التمحيص: 63/ 143.

3- كمال الدين و تمام النعمة: 141/ 9. [.....]

(1) قال المجلسي: بعث إبراهيم يعقوب (عليهما السلام) بعد

كبر يعقوب، غريب، و لعلّه كان بعد فوت إبراهيم، و كان البعث على سبيل الوصيّه، و في بعض النسخ: «إن اللّه بعث» و هو الصواب. بحار الأنوار 12: 311.

(2) في المصدر زيادة: جسيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 192

يعقوب. فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتقى الحائط بيده حتى أقبل، فقال له الرجل: أنت يعقوب؟

قال: نعم، فأبلغه ما قال يوسف، فسقط مغشيا عليه، ثم أفاق، و قال للأعرابي: يا أعرابي، أ لك حاجة إلى الله عز و جل؟ فقال له: نعم، إني رجل كثير المال، و لي ابنة عم ليس يولد لي منها، و أحب ان تدعو الله أن يرزقني ولدا.- قال- فتوضأ يعقوب، و صلى ركعتين، ثم دعا الله عز و جل، فرزق أربعة بطون- أو قال: ستة أبطن- في كل بطن اثنان.

فكان يعقوب (عليه السلام) يعلم أن يوسف (عليه السلام) حي لم يمت، و أن الله تعالى ذكره سيظهره له بعد غيبته، و كان يقول لبنيه: إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ و كان بنوه و أهله و أقرباؤه يفندونه على ذكره ليوسف، حتى إنه لما وجد ريح يوسف، قال: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ و هو يهودا ابنه، فألقى قميص يوسف عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ».

5335/ [4]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: أخبرني عن قول يعقوب (عليه السلام) لبنيه: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ أ كان يعلم أنه حي، و

قد فارقه منذ عشرين سنة؟ قال: «نعم».

قال: قلت: كيف علم؟ قال: «إنه دعا في السحر، و سأل الله عز و جل أن يهبط عليه ملك الموت، فهبط عليه تربال «1» و هو ملك الموت، فقال له تربال: ما حاجتك، يا يعقوب؟ قال: أخبرني عن الأرواح، تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ قال: بل أقبضها متفرقة روحا روحا. قال له: فأخبرني هل مر بك «2» روح يوسف فيما مر بك؟ قال: لا. فعلم يعقوب أنه حي، فعند ذلك قال لولده: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ».

ابن بابويه: قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن نصير، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن يعقوب حين قال لولده: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ و ساق الحديث بنحو ما تقدم «3».

5336/ [5]- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: أخبرني عن يعقوب حين قال لولده: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ، أ كان علم أنه حي، و قد فارقه منذ عشرين سنة، و ذهبت عيناه من البكاء عليه؟

__________________________________________________

4- الكافي 8: 199/ 238.

5- تفسير القمّي 1: 350.

(1) في «س» في الموضعين: قربال، و المصدر في الموضعين: بريال.

(2) في «ط»: قال: فمرّ بك روح يوسف.

(3) علل الشرائع: 52/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 193

قال: «نعم، علم أنه حي، إنه دعا ربه في السحر أن يهبط عليه ملك الموت،

فهبط عليه ملك الموت في أطيب رائحة و أحسن صورة، فقال له: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت، أليس سألت الله أن ينزلني عليك؟ قال: نعم.

قال: ما حاجتك، يا يعقوب؟

قال له: أخبرني عن الأرواح، تقبضها جملة أو تفاريقا؟ قال: يقبضها أعواني متفرقة ثم تعرض علي مجتمعة.

قال يعقوب: فأسألك بإله إبراهيم و إسحاق و يعقوب، هل عرض عليك في الأرواح روح يوسف؟ فقال: لا. فعند ذلك علم أنه حي، فقال لولده: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ».

و كتب عزيز مصر إلى يعقوب: أما بعد فهذا ابنك قد اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة- و هو يوسف- و اتخذته عبدا، و هذا ابنك بنيامين أخذته- و قد سرق «1»- و اتخذته عبدا. فما ورد على يعقوب شي ء كان أشد عليه من ذلك الكتاب. فقال للرسول: «مكانك حتى أجيبه» فكتب إليه يعقوب (عليه السلام):

بسم الله الرحمن الرحيم: من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله. أما بعد. فقد فهمت كتابك تذكر فيه: أنك اشتريت ابني و اتخذته عبدا، فإن البلاء موكل ببني آدم، إن جدي إبراهيم ألقاه نمرود ملك الدنيا في النار، فلم يحترق، و جعلها الله عليه بردا و سلاما، و إن أبي إسحاق «2» أمر الله تعالى جدي أن يذبحه بيده، فلما أراد أن يذبحه، فداه الله بكبش عظيم.

و إنه كان لي ولد لم يكن في الدنيا أحد أحب إلي منه. و كان قرة عيني و ثمرة فؤادي، فأخرجه إخوته ثم رجعوا إلي، و زعموا أن الذئب أكله، فاحدودب لذلك ظهري، و ذهب من كثرة البكاء عليه بصري. و كان

له أخ من امه كنت آنس به، فخرج مع إخوته إلى ما قبلك «3» ليمتاروا لنا طعاما، فرجعوا و ذكروا أنه سرق صواع الملك، و أنك حبسته، و إنا أهل بيت لا يليق بنا السرق و لا الفاحشة، و أنا أسألك بإله إبراهيم و إسحاق و يعقوب إلا ما مننت علي به و تقربت إلى الله، و رددته إلي».

فلما ورد الكتاب على يوسف، أخذه و وضعه على وجهه، و قبله و بكى بكاء شديدا، ثم نظر إلى إخوته فقال لهم: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ فقالوا له كما حكى الله عز و جل: لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ أي لا تخليط يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ».

5337/ [6]- العياشي: عن جابر، قال، قلت لأبي جعفر (عليه السلام): رحمك الله، ما الصبر الجميل؟

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 188/ 57.

(1) في المصدر: بنيامين، و قد وجدت متاعي عنده.

(2) الذي عليه أغلب الروايات أنّ الذبيح هو إسماعيل (عليه السّلام)، راجع مجمع البيان 8: 707، تفسير الميزان 17: 155.

(3) في المصدر: إلى ملكك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 194

فقال: «ذاك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس، إن إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان، عابد من العباد في حاجة، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم، فوثب إليه فاعتنقه، ثم قال: مرحبا بخليل الرحمن، قال يعقوب:

إني لست بإبراهيم، و لكني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فقال له الراهب: فما بلغ بك ما

أرى من الكبر؟ قال: اللهم و الحزن و السقم. فما جاوز عتبة الباب حتى أوحى الله إليه: أن يا يعقوب شكوتني إلى العباد! فخر ساجدا عند عتبة الباب يقول: رب لا أعود. فأوحى الله إليه: أني قد غفرتها لك، فلا تعودن إلى مثلها، فما شكا شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا، إلا أنه قال يومانَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ».

5338/ [7]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له بعض أصحابنا: ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال: «حزن سبعين ثكلى حرى».

5339/ [8]- و بهذا الإسناد عنه، قال: قيل له: كيف يحزن يعقوب على يوسف و قد أخبره جبرئيل أنه لم يمت و أنه سيرجع إليه؟ فقال: «إنه نسي ذلك».

5340/ [9]- محمد بن سهل البحراني، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «البكاءون خمسة:

آدم، و يعقوب، و يوسف، و فاطمة بنت محمد، و علي بن الحسين (عليهم السلام)، و أما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره، و حتى قيل له: تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ».

5341/ [10]- عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن يعقوب أتى ملكا بناحيتهم يسأله الحاجة، فقال له الملك: أنت إبراهيم؟ قال: لا. قال: و أنت إسحاق بن إبراهيم؟ قال: لا. قال: فمن أنت؟ قال: أنا يعقوب بن إسحاق. قال: فما بلغ بك ما أرى مع حداثة السن؟ قال: الحزن على ابني يوسف. قال: لقد بلغ بك الحزن- يا يعقوب- كل مبلغ! فقال: إنا معاشر الأنبياء أسرع شي ء البلاء إلينا، ثم الأمثل فالأمثل من

الناس. فقضى حاجته، فلما جاوز صغير بابه «1» هبط عليه جبرئيل، فقال له: يا يعقوب، ربك يقرئك السلام، و يقول لك: شكوتني إلى الناس! فعفر و وجهه في التراب، و قال: يا رب زلة أقلنيها فلا أعود بعد هذا أبدا. ثم عاد إليه جبرئيل، فقال: يا يعقوب، ارفع رأسك، إن ربك يقرئك السلام، و يقول لك: قد أقلتك، فلا تعد تشكوني إلى خلقي. فما رؤي ناطقا بكلمة مما كان فيه، حتى أتاه بنوه، فصرف وجهه إلى الحائط، و قال نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ و

في حديث آخر عنه: جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة، فلما دخل عليه- و كان أشبه الناس بإبراهيم- قال

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 188/ 58.

8- تفسير العيّاشي 2: 188/ 59.

9- تفسير العيّاشي 2: 188/ 60. [.....]

10- تفسير العيّاشي 2: 189/ 61.

(1) أي بابه الصّغير، بإضافة الصفة إلى الموصوف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 195

له: أنت إبراهيم خليل الرحمن؟ قال لا، الحديث «1».

5342/ [11]- الفضيل بن يسار. قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنما أشكو بثي و حزني إلى الله منصوبة».

5343/ [12]- عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن يعقوب حين قال:

اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ أ كان علم أنه حي، و قد فارقه منذ عشرين سنة، و ذهبت عيناه من الحزن؟ قال: «نعم، علم أنه حي».

قال: و كيف علم؟ قال: «إنه دعا في السحر أن يهبط عليه ملك الموت، فهبط عليه، تربال «2»، و هو ملك الموت، فقال له تربال: ما حاجتك، يا يعقوب؟ قال: أخبرني عن الأرواح، تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ قال: بل

متفرقة، روحا روحا. قال: فمر بك روح يوسف؟ قال: لا. قال: فعند ذلك علم أنه حي، فقال لولده: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ».

و في خبر أخر: «عزرائيل و هو ملك الموت» و ذكر نحوه عنه.

5344/ [13]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)- عاد إلى الحديث الأول «3»- قال: «و اشتد حزنه- يعني يعقوب- حتى تقوس ظهره، و أدبرت الدنيا عن يعقوب و ولده، حتى احتاجوا حاجة شديدة و فنيت ميرتهم، فعند ذلك، قال يعقوب لولده: اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ فخرج منهم نفر و بعث معهم ببضاعة يسيرة، و كتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يتعطفه على نفسه و ولده، و أوصى ولده أن يبدءوا بدفع كتابه قبل البضاعة، فكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم: إلى عزيز مصر، و مظهر العدل و موفي الكيل، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، صاحب نمرود الذي جمع لإبراهيم الحطب و النار ليحرقه بها، فجعلها الله عليه بردا و سلاما و أنجاه منها: أخبرك- أيها العزيز- إنا أهل بيت قديم، لم يزل البلاء إلينا سريعا من الله، ليبلونا بذلك عند السراء و الضراء، و أن مصائب تتابعت علي منذ عشرين سنة أولها: أنه كان لي ابن سميته يوسف، و كان سروري من بين ولدي، و قرة عيني و ثمرة فؤادي، و أن إخوته من غير امه سألوني أن أبعثه معهم يرتع و يلعب، فبعثته معهم بكرة، و أنهم جاءوني عشاء يبكون، و جاءوني على قميصه بدم كذب، فزعموا أن الذئب أكله فاشتد لفقده حزني، و كثر على

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2:

189/ 63.

12- تفسير العيّاشي 2: 189/ 64.

13- تفسير العيّاشي 2: 190/ 65.

(1) تفسير العيّاشي 2: 189/ 62.

(2) في «س» في موضعين: قربال.

(3) الحديث (4) من تفسير الآيات (58- 82) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 196

فراقه بكائي، حتى ابيضت عيناي من الحزن. و أنه كان له أخ من خالته «1»، و كنت به معجبا و عليه رفيقا، و كان لي أنيسا، و كنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري، فيسكن بعض ما أجد في صدري، و أن إخوته ذكروا لي أنك- أيها العزيز- سألتهم عنه و أمرتهم أن يأتوك به، و إن لم يأتوك به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر، فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا، فرجعوا إلي فليس هو معهم، و ذكروا أنه سرق مكيال الملك، و نحن أهل بيت لا نسرق، و قد حبسته و فجعتني به، و قد اشتد لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري و عظمت به مصيبتي، مع مصائب متتابعات علي. فمن علي بتخلية سبيله و إطلاقه من حبسك، و طيب لنا القمح، و اسمح لنا في السعر، و عجل بسراح آل يعقوب.

فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه، نزل جبرئيل على يعقوب فقال له: يا يعقوب، إن ربك يقول لك: من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها إلى عزيز مصر؟ قال يعقوب: أنت بلوتني بها عقوبة منك و أدبا لي، قال الله: فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري؟ قال يعقوب: اللهم لا. قال: أ فما استحييت مني حين شكوت مصائبك إلى غيري، و لم تستغث بي و تشكو ما بك إلي؟ فقال يعقوب: أستغفرك يا إلهي و أتوب إليك. و أشكو بثي و

حزني إليك.

فقال الله تبارك و تعالى: قد بلغت بك- يا يعقوب- و بولدك الخاطئين الغاية في أدبي، و لو كنت- يا يعقوب- شكوت مصائبك إلي عند نزولها بك، و استغفرت و تبت إلي من ذنبك، لصرفتها عنك بعد تقديري إياها عليك، و لكن الشيطان أنساك ذكري، فصرت إلى القنوط من رحمتي و أن الله الجواد الكريم، أحب عبادي المستغفرين التائبين الراغبين إلي فيما عندي. يا يعقوب، أنا راد إليك يوسف و أخاه، و معيد إليك ما ذهب من مالك و لحمك و دمك، و راد إليك بصرك، و مقوم لك ظهرك، و طب نفسا، و قر عينا، و إن الذي فعلته بك كان أدبا مني لك، فاقبل أدبي.

قال: و مضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر، حتى دخلوا على يوسف في دار المملكة، فقالوا: يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا بأخينا بنيامين، و هذا كتاب أبينا يعقوب إليك في أمره. يسألك تخلية سبيله، و أن تمن به عليه،- قال- فأخذ يوسف كتاب يعقوب، فقبله، و وضعه على عينيه، و بكى و انتحب حتى بلت دموعه القميص الذي عليه. ثم أقبل عليهم، فقال: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ من قبل وَ أَخِيهِ من بعد؟ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا، قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا فلا تفضحنا، و لا تعاقبنا اليوم، و اغفر لنا، قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ.

و في رواية أخرى عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) نحوه.

__________________________________________________

(1) هذا الخبر يدلّ على أنّ بنيامين لم يكن من أمّ يوسف بل

من خالته، و يأتي في الحديث (51) ما يؤيّد أنّه من خالته أيضا. و في بعض كتب التاريخ أنّهما من أمّ واحدة و هي راحيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 197

5345/ [14]- عن عمرو بن عثمان، عن بعض أصحابنا، قال: لما قال إخوة يوسف: يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ قال يوسف: لا صبر على ضر آل يعقوب، فقال عند ذلك: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إلى آخر الآية.

5346/ [15]- عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن قوله: وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ قال: «المقل».

و في هذه الرواية: (و جئنا ببضاعة مزجئة) «1» قال: «كانت المقل، و كانت بلادهم بلاد المقل، و هي البضاعة».

5347/ [16]- عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، رفعه، قال: «كتب يعقوب النبي إلى يوسف: من يعقوب ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، إلى عزيز مصر. أما بعد، فإنا أهل بيت لم يزل البلاء سريعا إلينا، ابتلي جدي إبراهيم، فألقي في النار، ثم ابتلي أبي إسحاق بالذبح، فكان لي ابن و كان قرة عيني، و كنت أسر به، فابتليت بأن أكله الذئب، فذهب بصري حزنا عليه من البكاء، و كان له أخ، و كنت أسر به بعده، فأخذته في سرق، و إنا أهل بيت لم نسرق قط، و لا يعرف لنا سرق، فإن رأيت أن تمن علي به فعلت».

قال: «فلما أوتي يوسف بالكتاب، فتحه و قرأه فصاح، ثم قام و دخل منزله فقرأه و بكى، ثم غسل وجهه ثم خرج إلى إخوته، ثم عاد فقرأه فصاح و بكى، ثم قام فدخل منزله، فقرأه و بكى، ثم غسل وجهه و عاد إلى

إخوته، فقال لهم: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ و أعطاهم قميصه، و هو قميص إبراهيم، و كان يعقوب بالرملة، فلما فصلوا بالقميص من مصر، قال يعقوب: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ».

5348/ [17]- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ليس رجل من ولد فاطمة يموت و لا يخرج من الدنيا، حتى يقر للإمام بإمامته، كما أقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا: تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا».

5349/ [18]- عن أخي مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ.

قال: «وجد يعقوب ريح قميص إبراهيم، حين فصلت العير من مصر و هو بفلسطين».

5350/ [19]- عن مفضل الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «أ تدري ما كان قميص

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 2: 192/ 66.

15- تفسير العيّاشي 2: 192/ 67.

16- تفسير العيّاشي 2: 192/ 68.

17- تفسير العيّاشي 2: 193/ 69.

18- تفسير العيّاشي 2: 193/ 70. [.....]

19- تفسير العيّاشي 2: 193/ 71.

(1) قال المجلسي (رحمه اللّه): و في رواية اخرى لعله (عليه السّلام) قرأ (مزجّاة» بتشديد الجيم، أو «مزجيّة» بكسر الجيم و تشديد الياء، و لم ينقل في القراءة الشاذّة غير القراءة المشهورة. البحار 12: 315.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 198

يوسف؟» قال: قلت: لا. قال: «إن إبراهيم لما أوقدوا النار له، أتاه جبرئيل من ثياب الجنة فألبسه إياه، فلم يضره معه حر و لا برد، فلما حضر إبراهيم الموت، جعله في تميمة، و علقه على إسحاق، و علقه إسحاق على يعقوب، فلما ولد ليعقوب يوسف. علقه عليه، و كان في عضده حتى كان من

أمره ما كان، فلما أخرج يوسف القميص من التميمة وجد يعقوب ريحه، و هو قوله: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ فهو ذلك القميص الذي انزل من الجنة».

قلت: جعلت فداك، فإلى من صار ذلك القميص؟ فقال: «إلى أهله- ثم قال- كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمد (صلى الله عليه و آله)».

5351/2]- عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، رفعه بإسناد له، قال: «إن يعقوب وجد ريح قميص يوسف من مسيرة عشر ليال، و كان يعقوب ببيت المقدس و يوسف بمصر، و هو القميص الذي نزل على إبراهيم من الجنة، فدفعه إبراهيم إلى إسحاق، و إسحاق إلى يعقوب، و دفعه يعقوب إلى يوسف (عليهم السلام)».

5352/ [21]- عن نشيط بن صالح العجلي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أ كان إخوة يوسف (صلوات الله عليه) أنبياء؟

قال: «لا، و لا بررة أتقياء، و كيف و هم يقولون لأبيهم: تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ».

5353/ [22]- عن سليمان بن عبد الله الطلحي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما حال بني يعقوب، هل خرجوا من الإيمان؟ فقال: «نعم».

قلت له: فما تقول في آدم؟ قال: «دع آدم».

5354/ [23]- عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن بني يعقوب بعد ما صنعوا بيوسف أذنبوا، فكانوا أنبياء؟! «1»».

5355/ [24]- عن نشيط، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته، أ كان ولد يعقوب أنبياء؟

قال: «لا، و لا بررة أتقياء، كيف يكونون كذلك و هم يقولون ليعقوب: تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ».

5356/ [25]- عن مقرن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كتب عزيز مصر إلى يعقوب: أما بعد فهذا ابنك يوسف

اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة و اتخذته عبدا، و هذا ابنك بنيامين أخذته، قد سرق و اتخذته عبدا-

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 2: 194/ 73.

21- تفسير العيّاشي 2: 194/ 74.

22- تفسير العيّاشي 2: 194/ 75.

23- تفسير العيّاشي 2: 194/ 76.

24- تفسير العيّاشي 2: 195/ 77.

25- تفسير العيّاشي 2: 195/ 78.

(1) قال المجلسي (رحمه اللّه): استفهام على الإنكار، البحار 12: 316.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 199

قال- فما ورد على يعقوب شي ء أشد عليه من ذلك الكتاب، فقال للرسول: مكانك حتى أجيبه، فكتب إليه يعقوب:

أما بعد، فقد فهمت كتابك بأنك أخذت ابني بثمن بخس و اتخذته عبدا، و أنك اتخذت ابني بنيامين و قد سرق فاتخذته عبدا، فإنا أهل بيت لا نسرق، و لكنا أهل بيت نبتلى، و قد ابتلي أبونا إبراهيم بالنار، فوقاه الله، و ابتلي أبونا إسحاق بالذبح، فوقاه الله، و اني قد ابتليت بذهاب بصري، و ذهاب ابني، و عسى الله أن يأتيني بهم جميعا».

قال: «فلما ولى الرسول عنه، رفع يده إلى السماء، ثم قال: يا حسن الصحبة، يا كريم «1» المعونة، يا خير كلمة «2»، ائتني بروح و فرج من عندك- قال- فهبط عليه جبرئيل، فقال ليعقوب: ألا أعلمك دعوات يرد الله بها بصرك، و يرد عليك ابنيك؟ فقال: بلى. فقال: قل: يا من لا يعلم أحد كيف هو و حيث هو و قدرته إلا هو، يا من سد الهواء بالسماء، و كبس الأرض على الماء، و اختار لنفسه أحسن الأسماء، ائتني بروح منك و فرج من عندك. فما انفجر عمود الصبح، حتى أتي بالقميص، فطرح على وجهه، فرد الله عليه بصره و رد عليه ولده».

5357/ [26]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه

السلام)- عاد إلى الحديث الأول الذي قطعناه «3»: «قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا الذي بلته دموع عيني فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً لو قد شم بريحي وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ و ردهم إلى يعقوب في ذلك اليوم، و جهزهم بجميع ما يحتاجون إليه، فلما فصلت عيرهم من مصر، وجد يعقوب ريح يوسف، فقال لمن بحضرته من ولده:

إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ».

قال: «و أقبل ولده يحثون السير بالقميص، فرحا و سرورا بما رأوا من حال يوسف، و الملك الذي أعطاه الله، و العز الذي صاروا إليه في سلطان يوسف، و كان مسيرهم من مصر إلى بلد يعقوب تسعة أيام، فلما أن جاء البشير، ألقى القميص على وجهه فارتد بصيرا، و قال لهم: ما فعل بنيامين؟ قالوا: خلفناه عند أخيه صالحا.- قال- فحمد الله يعقوب عند ذلك، و سجد لربه سجدة الشكر، و رجع إليه بصره، و تقوم له ظهره، و قال لولده: تحملوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم. فساروا إلى يوسف و معهم يعقوب و خالة يوسف (ياميل) فأحثوا السير فرحا و سرورا، فساروا تسعة أيام إلى مصر».

5358/ [27]- الشيخ، في (أماليه): قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني محمد بن جعفر بن رباح الأشجعي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: أخبرنا أرطاة بن حبيب، عن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) قال: «لما أصابت امرأة العزيز الحاجة، قيل لها: لو أتيت يوسف؟ فشاورت في

__________________________________________________

26- تفسير العيّاشي 2: 196/ 79.

27- الأمالي 2: 71.

(1) في البحار 12: 316/ 138 نسخة بدل: يا كثير.

(2) في المصدر: يا خيرا كلّه.

(3) الحديث

(13) من تفسير هذه الآيات. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 200

ذلك، فقيل لها: إنا نخافه عليك، قالت: كلا، إني لا أخاف من يخاف الله. فلما دخلت عليه فرأته في ملكه، قالت:

الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته، و جعل الملوك عبيدا بمعصيته، فتزوجها فوجدها بكرا، فقال لها: أليس هذا أحسن، أليس هذا أجمل؟ فقالت: إني كنت بليت منك بأربع خلال، كنت أجمل أهل زماني، و كنت أجمل أهل زمانك، و كنت بكرا، و كان زوجي عنينا.

فلما كان من أمر إخوة يوسف ما كان، كتب يعقوب إلى يوسف (عليهما السلام) و هو لا يعلم أنه يوسف:

بسم الله الرحمن الرحيم، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله عز و جل إلى عزيز آل فرعون: سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإنا أهل بيت مولعة بنا أسباب البلاء، كان جدي إبراهيم (عليه السلام) القي في النار في طاعة ربه، فجعلها الله عز و جل عليه بردا و سلاما، و أمر الله جدي أن يذبح أبي، ففداه بما فداه به، و كان لي ابن و كان من أعز الناس علي، ففقدته، فأذهب حزني عليه نور بصري، و كان له أخ من امه، فكنت إذا ذكرت المفقود ضممت أخاه هذا إلى صدري، فيذهب عني بعض وجدي، و هو المحبوس عندك في السرقة، فإني أشهدك أني لم أسرق و لم ألد سارقا. فلما قرأ يوسف الكتاب، بكى و صاح، و قال: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ».

5359/ [28]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق، قال:

حدثنا

أبو همام الوليد بن شجاع السكوني، قال: حدثنا مخلد بن الحسين، بالمصيصة «1»، عن موسى بن سعيد «2» الرقاشي، قال: لما قدم يعقوب على يوسف (عليهما السلام)، خرج يوسف (عليه السلام) فاستقبله في موكبه، فمر بامرأة العزيز و هي تعبد في غرفة لها، فلما رأته عرفته، فنادته بصوت حزين: أيها الذاهب «3»، طالما أحزنتني، ما أحسن التقوى، كيف حررت العبيد! و ما أقبح الخطيئة، كيف عبدت الأحرار!

5360/ [29]- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني- مولى بني هاشم- قال: أخبرنا المنذر بن محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الخزاز، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: قلت لجعفر بن محمد (عليهما السلام): أخبرني عن يعقوب (عليه السلام)، لما قال له بنوه: يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي فأخر الاستغفار لهم، و يوسف (عليه السلام) لما قالوا له: تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ؟

قال: «لأن قلب الشاب أرق من قلب الشيخ، و كانت جناية ولد يعقوب على يوسف، و جنايتهم على يعقوب

__________________________________________________

28- الأمالي 2: 72.

29- علل الشرائع: 54/ 1.

(1) و هي بلدة كبيرة على ساحل بحر الشام. أنساب السمعاني 5: 315، تهذيب التهذيب 10: 72.

(2) لعلّه تصحيف موسى بن عقبة، انظر تهذيب التهذيب 10: 72.

(3) في المصدر: الراكب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 201

إنما كانت بجنايتهم على يوسف، فبادر يوسف إلى العفو عن حقه، و أخر يعقوب العفو لأن عفوه إنما كان عن حق غيره، فأخرهم إلى السحر ليلة الجمعة».

5361/ [30]-

نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم «1»: قال: «فلما ولى الرسول إلى الملك بكتاب يعقوب، رفع يعقوب يديه إلى السماء فقال: يا حسن الصحبة، يا كريم المعونة، يا خير كلمة «2»، ائتني بروح منك و فرج من عندك. فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا يعقوب، ألا أعلمك دعوات يرد الله عليك بصرك و ابنيك؟ قال: نعم.

قال: قل: يا من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو، يا من سد «3» السماء بالهواء، و كبس الأرض على الماء، و اختار لنفسه أحسن الأسماء، ائتني بروح منك و فرج من عندك. قال: فما انفجر عمود الصبح، حتى أتي بالقميص فطرح عليه، و رد الله عليه بصره و ولده».

قال: «و لما أمر الملك بحبس يوسف في السجن، ألهمه الله تأويل الرؤيا. فكان يعبر لأهل السجن، فلما سأله الفتيان الرؤيا: و عبر لهما، و قال للذي ظن أنه ناج منهما: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ «4». و لم يفزع في تلك الحالة إلى الله، فأوحى الله إليه: من أراك الرؤيا التي رأيتها؟ قال يوسف: أنت يا رب. قال: فمن حببك إلى أبيك؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن وجه إليك السيارة التي رأيتها؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن أنطق لسان الصبي بعذرك؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا رب. قال: فكيف استعنت بغيري و لم تستعن بي، و أملت عبدا من عبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي و في قبضتي، و لم تفزع إلي؟ فالبث في السجن بضع سنين.

فقال يوسف: أسألك بحق آبائي عليك إلا فرجت

عني. فأوحى الله إليه: يا يوسف و أي حق لآبائك علي، إن كان أبوك آدم، خلقته بيدي، و نفخت فيه من روحي، و أسكنته جنتي، و أمرته أن لا يقرب شجرة منها، فعصاني و سألني فتبت عليه و إن كان أبوك نوح، انتجبته من بين خلقي، و جعلته رسولا إليهم، فلما عصوا دعاني فاستجبت له فأغرقتهم و أنجيته و من معه في الفلك، و إن كان أبوك إبراهيم، اتخذته خليلا، و أنجيته من النار، و جعلتها عليه بردا و سلاما، و إن كان أبوك يعقوب، و هبت له اثني عشر ولدا، فغيبت عنه واحدا، فما زال يبكي حتى ذهب بصره، و قعد على الطريق يشكوني إلى خلقي، فأي حق لآبائك علي؟

قال «فقال له: جبرئيل يا يوسف، قل: أسألك بمنك العظيم، و إحسانك «5» القديم، و لطفك العميم، يا رحمن يا رحيم. فقالها، فرأى الملك الرؤيا فكان فرجه فيها».

__________________________________________________

30- تفسير القمّي 1: 352.

(1) الحديث (5) من تفسير هذه الآيات.

(2) في المصدر: يا خيرا كله.

(3) في المصدر: شيّد.

(4) يوسف 12: 42.

(5) في المصدر: و سلطانك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 202

5362/ [31]- قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «قال السجان ليوسف: إني لأحبك، فقال يوسف: ما أصابني بلاء إلا من الحب، إن كانت عمتي أحبتني، سرقتني.

و إن كان أبي أحبني، حسدني إخوتي، و إن كانت امرأة العزيز أحبتني، حبستني».

ثم قال: «و شكا يوسف في السجن إلى الله تعالى، فقال: رب بماذا استحققت السجن؟ فأوحى الله إليه أنت اخترته حين قلت: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ «1» هلا قلت: العافية أحب إلي مما يدعونني

إليه؟».

5363/ [32]- قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن عمارة، عن أبي سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما طرح إخوة يوسف يوسف في الجب، دخل عليه جبرئيل و هو في الجب، فقال: يا غلام، من طرحك في هذا الجب؟ فقال له يوسف: إخوتي، لمنزلتي من أبي حسدوني، و لذلك في الجب طرحوني، قال: فتحب أن تخرج منها؟ فقال له يوسف: ذلك إلى إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب، قال: فإن إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب يقول لك، قل: اللهم إني اسألك فإن لك الحمد كله، لا إله إلا أنت الحنان المنان، بديع السماوات و الأرض، ذو الجلال و الإكرام، صل على محمد و آل محمد، و اجعل لي من أمري فرجا و مخرجا، و ارزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب. فدعا ربه، فجعل الله له من الجب فرجا، و من كيد المرأة مخرجا، و آتاه ملك مصر من حيث لا يحتسب».

5364/ [33]- محمد بن يعقوب: عن محمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن بشر بن جعفر، عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «أ تدري ما كان قميص يوسف (عليه السلام)؟» قال: قلت: لا. قال: «إن إبراهيم (عليه السلام) لما أوقدت له النار، أتاه جبرئيل (عليه السلام) بثوب من ثياب الجنة فألبسه إياه، فلم يضره معه حر و لا برد، فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة «2» و علقه على إسحاق، و علقة إسحاق على يعقوب، فلما ولد يوسف (عليه السلام)، علقه عليه فكان في عضده حتى

كان من أمره ما كان، فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة، وجد يعقوب ريحه، و هو قوله: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ فهو ذلك القميص الذي أنزله الله من الجنة».

قلت: جعلت فداك، فإلى من صار ذلك القميص؟ قال: «إلى أهله- ثم قال- كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمد (صلى الله عليه و آله)» «3».

__________________________________________________

31- تفسير القمّي 1: 354.

32- تفسير القمّي 1: 354.

33- الكافي 1: 181/ 5. [.....]

(1) يوسف 12: 33.

(2) التّميمة: عوذة تعلّق على صغار الإنسان مخافة العين. و مراده هنا الخرقة التي توضع فيها التميمة.

(3) في المصدر: آل محمّد (صلى اللّه عليه و آله).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 203

و روى محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) هذا الحديث، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن بشر بن جعفر، عن مفضل الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله».

و رواه أيضا ابن بابويه: في (العلل) هكذا: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن محمد بن نصير، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل السراج، عن بشر بن جعفر، عن مفضل الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «أ تدري ما كان قميص يوسف؟» و ذكر مثله «2».

5365/ [34]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن محمد بن نصير، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس

بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان القميص الذي أنزل به على إبراهيم من الجنة في قصبة من فضة، و كان إذا لبس كان واسعا كبيرا، فلما فصلوا بالقميص، و يعقوب بالرملة و يوسف بمصر، قال يعقوب: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ عنى ريح الجنة حين فصلوا بالقميص لأنه كان من الجنة».

5366/ [35]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص أخي مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ.

قال: «وجد يعقوب ريح قميص إبراهيم حين فصلت العير من مصر و هو بفلسطين».

5367/ [36]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن علي بن مهزيار، عن إسماعيل السراج، عن يونس بن يعقوب، عن المفضل الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «أخبرني ما كان قميص يوسف؟» قلت: لا أدري.

قال: «إن إبراهيم لما أوقدت له النار، أتاه جبرئيل بثوب من ثياب الجنة فألبسه إياه، فلم يصبه معه حر و لا برد، فلما حضر إبراهيم الموت، جعله في تميمة و علقه على إسحاق، و علقه إسحاق على يعقوب، فلما ولد ليعقوب يوسف، علقه عليه فكان في عنقه، حتى كان من أمره ما كان، فلما أخرج يوسف القميص من التميمة، وجد يعقوب ريحه، و هو قوله: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ و هو ذلك القميص الذي انزل من الجنة».

قلت له: جعلت فداك، فإلى

من صار ذلك القميص؟ فقال: «إلى أهله- ثم قال- كل نبي ورث علما أو غيره

__________________________________________________

34- علل الشرائع: 53/ 1.

35- علل الشرائع: 53/ 3.

36- تفسير القمّي 1: 354.

(1) بصائر الدرجات: 209/ 58.

(2) علل الشرائع: 53/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 204

فقد انتهى إلى محمد (عليه السلام)- و كان يعقوب بفلسطين و فصلت العير من مصر فوجد يعقوب ريحه، و هو من ذلك القميص الذي اخرج من الجنة- و نحن ورثته (صلى الله عليه و آله)».

5368/ [37]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير الصيرفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن في صاحب هذا الأمر شبها من يوسف (عليه السلام)». قال: قلت له: كأنك تذكر حياته أو غيبته؟

قال: فقال لي: «و ما تنكر من ذلك هذه الأمة أشباه الخنازير؟ إن إخوة يوسف (عليه السلام) كانوا أسباطا أولاد الأنبياء، تاجروا يوسف و بايعوه و خاطبوه و هم إخوته و هو أخوهم، فلم يعرفوه حتى قال: أنا يوسف، و هذا أخي، فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يفعل الله عز و جل بحجته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف (عليه السلام)»؟

إن يوسف (عليه السلام) كان إليه ملك بمصر، و كان بينه و بين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد أن يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب (عليه السلام) و ولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الأمة أن يفعل الله عز و جل بحجته كما فعل بيوسف؟ أن يمشي في أسواقهم، و يطأ بسطهم، حتى يأذن الله في ذلك له، كما

أذن ليوسف، قالوا: أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ؟».

5369/ [38]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): خير وقت دعوتم الله عز و جل فيه الأسحار، و تلا هذه الآية في قول يعقوب (عليه السلام): سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي قال: أخرهم إلى السحر».

5370/ [39]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول يعقوب لبنيه: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي، قال: «أخرهم إلى السحر من ليلة الجمعة».

و قد مر أيضا حديث إسماعيل بن الفضل الهاشمي، عن الصادق (عليه السلام) في معنى ذلك «1».

5371/ [40]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «وجد يعقوب ريح قميص يوسف حين فصلت العير من مصر و هو بفلسطين، من مسيرة عشر ليال».

5372/ [41]- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم «2»: «ثم رحل يعقوب و أهله من البادية، بعد ما رجع إليه بنوه بالقميص، فألقوه على وجهه فارتد بصيرا، فقال له: أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ __________________________________________________

37- الكافي 1: 271/ 4.

38- الكافي 2: 346/ 6.

39- من لا يحضره الفقيه 1: 272/ 1240.

40- مجمع البيان 5: 402.

41- تفسير القمي 1: 355.

(1) تقدم في الحديث (29) من تفسير هذه الآيات. [.....]

(2) المتقدمة في الحديث (36) من تفسير هذه الآيات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 205

قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قال: أخرهم إلى السحر، لأن الدعاء

و الاستغفار فيه مستجاب.

فلما وافى يعقوب و أهله و ولده مصر، قعد يوسف على سريره، و وضع تاج الملك على رأسه، فأراد أن يراه أبوه على تلك الحالة، فلما دخل أبوه لم يقم له، فخروا له كلهم سجدا، فقال يوسف: يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَ قَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَ جاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَ بَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ».

5373/ [42]- ثم قال علي بن إبراهيم: و حدثني محمد بن عيسى، أن يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد بن علي بن موسى مسائل، فعرضها على أبي الحسن (عليه السلام)، و كان أحدها: أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً أسجد يعقوب و ولده ليوسف و هم أنبياء؟

فأجاب أبو الحسن (عليه السلام): «أما سجود يعقوب و ولده ليوسف، فإنه لم يكن ليوسف، و إنما كان ذلك من يعقوب و ولده طاعة لله، و تحية ليوسف، كما كان السجود من الملائكة لادم و لك يكن لادم، و إنما كان ذلك منهم طاعة لله و تحية لادم، فسجد يعقوب و ولده و سجد يوسف معهم شكرا لله تعالى لاجتماع شملهم، ألم تر أنه يقول في شكره ذلك الوقت: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.

فنزل عليه جبرئيل، فقال له: يا يوسف، أخرج يدك، فأخرجها فخرج من بين أصابعه نور، فقال: ما هذا النور، يا جبرئيل؟ فقال: هذه النبوة،

أخرجها الله من صلبك لأنك لم تقم لأبيك. فحط الله نوره، و محا النبوة من صلبه، و جعلها في ولد لاوي أخي يوسف، و ذلك لأنهم لما أرادوا قتل يوسف قال: لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَ أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ «1» فشكر الله له ذلك، و لما أرادوا ان يرجعوا إلى أبيهم من مصر و قد حبس يوسف أخاه، قال:

فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ «2» فشكر الله له ذلك، فكان أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي، و كان موسى من ولده، و هو موسى بن عمران بن يصهر بن واهث بن لاوي بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم.

فقال يعقوب لابنه: يا بني أخبرني ما فعل بك إخوتك حين أخرجوك من عندي؟ قال: يا أبت أعفني من ذلك. قال: فأخبرني ببعضه، فقال: يا أبت، إنهم لما أدنوني من الجب قالوا: انزع قميصك. فقلت لهم: يا إخوتي، اتقوا الله و لا تجردوني. فسلوا علي السكين، و قالوا: لئن لم تنزع لنذبحنك. فنزعت القميص، فألقوني في الجب عريانا- قال- فشهق يعقوب شهقة و اغمي عليه، فلما أفاق، قال: يا بني حدثني فقال: يا أبت، أسألك بإله إبراهيم و إسحاق و يعقوب إلى أعفيتني. فأعفاه».

__________________________________________________

42- تفسير القمّي 1: 356.

(1) يوسف 12: 10.

(2) يوسف 12: 80.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 206

5374/ [43]- ابن بابويه: قال أبي (رحمه الله): حدثنا أحمد بن إدريس، و محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن غير واحد، رفعوه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما تلقى يوسف يعقوب، ترجل له يعقوب و لم يترجل له يوسف،

فلم ينفصلا من العناق حتى أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال له: يا يوسف، ترجل لك الصديق و لم تترجل له، ابسط يدك. فبسطها، فخرج نور من راحته، فقال له يوسف: ما هذا؟

قال: هذا أنه «1» لا يخرج من صلبك «2» نبي عقوبة».

5375/ [44]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه، عن محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أقبل يعقوب (عليه السلام) إلى مصر، خرج يوسف (عليه السلام) ليستقبله، فلما رآه يوسف، هم بأن يترجل ليعقوب، ثم نظر إلى ما هو فيه من الملك فلم يفعل، فلما سلم على يعقوب، نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال له: يا يوسف، إن الله تبارك و تعالى يقول لك: ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح «3»؟ ما أنت فيه؟ ابسط يدك. فبسطها، فخرج من بين أصابعه نور، فقال: ما هذا، يا جبرئيل؟ فقال: هذا أنه «4» لا يخرج من صلبك نبي أبدا، عقوبة لك بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه».

5376/ [45]- نرجع إلى رواية على بن إبراهيم «5» قال: «و لما مات العزيز- و ذلك في السنين المجدبة- افتقرت امراة العزيز و احتاجت حتى سألت الناس، فقالوا لها: ما يضرك لو قعدت للعزيز- و كان يوسف يسمى العزيز- فقالت: أستحي منه، فلم يزالوا بها حتى قعدت له على الطريق فأقبل يوسف في موكبه، فقامت إليه، و قالت:

سبحان من جعل الملوك بالمعصية عبيدا، و جعل العبيد بالطاعة ملوكا.

فقال لها يوسف: أنت هاتيك؟ فقالت: نعم- و كان اسمها زليخا- فقال لها: هل

لك في؟ قالت: أنى! بعد ما كبرت، أ تهزأ بي؟ قال: لا «6». فأمر بها، فحولت إلى منزله، و كانت هرمة، فقال لها يوسف: أ لست فعلت بي كذا و كذا؟

فقالت: يا نبي الله، لا تلمني، فإني بليت ببلية لم يبل بها أحد.

قال: و ما هي؟ قالت: بليت بحبك، و لم يخلق الله لك في الدنيا نظيرا، و بليت «7» بأنه لم تكن بمصر امرأة

__________________________________________________

43- علل الشرائع: 55/ 1.

44- علل الشرائع: 55/ 2.

45- تفسير القمّي 1: 357.

(1) في المصدر: آية.

(2) في المصدر: عقبك.

(3) زاد في المصدر: إلّا.

(4) في المصدر: آية.

(5) المتقدّمة في الحديث (42) من تفسير هذه الآيات.

(6) في المصدر: قالت: دعني بعد ما كبرت، أ تهزأ بي؟ قال: لا، قالت: نعم.

(7) في المصدر زيادة: بحسني. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 207

أجمل مني، و لا أكثر مالا مني، نزع عني مالي و ذهب عني جمالي، و بليت بزوج عنين.

فقال لها يوسف: و ما حاجتك؟ قالت: تسأل الله أن يرد علي شبابي. فسأل الله، فرد عليها شبابها، فتزوجها و هي بكر». قالوا: إن العزيز الذي كان زوجها أولا كان عنينا.

5377/ [46]- ابن بابويه: أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الله بن المغيرة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «استأذنت زليخا على يوسف، فقيل لها: إنا نكره أن نقدم، بك عليه لما كان منك إليه، قالت: إني لا أخاف من يخاف الله. فلما دخلت قال: يا زليخا، ما لي أراك قد تغير لونك؟

قالت: سبحان الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا، و جعل العبيد بطاعتهم ملوكا.

قال لها: ما الذي دعاك- يا زليخا- إلى ما كان منك؟

قال: حسن وجهك، يا يوسف.

فقال لها: كيف لو رأيت نبيا يقال له محمد (صلى الله عليه و آله)، يكون في آخر الزمان، أحسن مني وجها، و أحسن مني خلقا، و أسمح مني كفا؟ قالت: صدقت.

قال: و كيف علمت أني صدقت؟ قالت: لأنك حين ذكرته وقع حبه في قلبي. فأوحى الله عز و جل إلى يوسف: أنها قد صدقت، و أني قد أحببتها لحبها محمدا، فأمره الله تبارك و تعالى أن يتزوجها».

5378/ [47]- العياشي: عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله:

سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي.

فقال: «أخرهم إلى السحر ليلة الجمعة «1»، قال: يا رب، إنما ذنبهم فيما بيني و بينهم، فأوحى الله عز و جل:

أني قد غفرت لهم».

5379/ [48]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي.

قال: «أخرهم إلى السحر ليلة الجمعة».

5380/ [49]- عن محمد بن سعيد الأزدي، صاحب موسى بن محمد بن الرضا (عليه السلام) عن موسى: أنه قال لأخيه: إن يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل» فقال: أخبرني عن قول الله: وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً أسجد يعقوب و ولده ليوسف؟

قال: فسألت أخي عن ذلك، فقال: «أما سجود يعقوب و ولده ليوسف، فشكرا لله تعالى لاجتماع شملهم، ألا ترى أنه يقول في شكر ذلك الوقت: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ الآية».

__________________________________________________

46- علل الشرائع: 55/ 1.

47- تفسير العيّاشي 2: 196/ 80.

48- تفسير العيّاشي 2: 196/ 81.

49- تفسير العيّاشي 2: 197/ 82.

(1) (ليلة الجمعة) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 208

5381/ [50]- عن أبي بصير، عن أبي

جعفر (عليه السلام)- عاد إلى الحديث الأول»

- قال: «فساروا تسعة أيام إلى مصر، فلما دخلوا على يوسف في دار الملك، اعتنق أباه فقبله و بكى و رفعه و رفع خالته على سرير الملك، ثم دخل منزله، فادهن و اكتحل و لبس ثياب العز و الملك، ثم رجع «2» إليهم. فما رأوه سجدوا جميعا إعظاما و شكرا لله، فعند ذلك قال: يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ إلى قوله: بَيْنِي وَ بَيْنَ إِخْوَتِي- قال- و لم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن و لا يكتحل و لا يتطيب و لا يضحك و لا يمس النساء حتى جمع الله ليعقوب شمله، و جمع بينه و بين يعقوب و إخوته».

5382/ [51]- عن الحسن بن أسباط، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) في كم دخل يعقوب من ولده على يوسف؟ قال: «في أحد عشر ابنا له»، فقيل له: أسباط؟ قال: «نعم».

و سألته عن يوسف و أخيه، أ كان أخاه لامه، أم ابن خالته؟ قال: «ابن خالته».

5383/ [52]- عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ قال: «العرش: السرير».

و في قوله: وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً قال: «كان سجودهم ذلك عبادة لله».

5384/ [53]- عن محمد بن بهروز، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: «إن يعقوب قال ليوسف حيث التقيا:

أخبرني- يا بني- كيف صنع بك؟ فقال له يوسف: انطلق بي فأقعدت على رأس الجب، فقيل لي: انزع القميص.

فقلت لهم: إني أسألكم بوجه أبي الصديق يعقوب، لا تبدوا عورتي و لا تسلبوني قميصي، قال: فأخرج علي فلان السكين. فغشي على يعقوب، فلما أفاق، قال له يعقوب: حدثني

كيف صنع بك؟ فقال له يوسف: «إني أطالب- يا أبتاه- لما كففت. فكف».

5385/ [54]- عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر بعد ما جمع الله ليعقوب شمله، و أراه تأويل رؤيا يوسف الصادقة؟ قال: «عاش حولين».

قلت: فمن كان يومئذ الحجة لله في الأرض، يعقوب أم يوسف؟ قال: «كان يعقوب الحجة، و كان الملك ليوسف، فلما مات يعقوب حمل يوسف عظام يعقوب في تابوت إلى أرض الشام، فدفنه في بيت المقدس، ثم كان يوسف بن يعقوب الحجة».

__________________________________________________

50- تفسير العيّاشي 2: 197/ 83.

51- تفسير العيّاشي 2: 197/ 84.

52- تفسير العيّاشي 2: 197/ 85.

53- تفسير العيّاشي 2: 198/ 86.

54- تفسير العيّاشي 2: 198/ 87.

(1) المتقدّم في الحديث (26) من تفسير هذه الآيات.

(2) في «س، ط»: نسخة بدل: خرج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 209

5386/ [55]- عن إسحاق بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إن الله بعث إلى يوسف- و هو في السجن- يا بن يعقوب، ما أسكنك مع الخطائين؟ قال: جرمي- قال- فاعترف بجرمه فاخرج «1» و اعترف بمجلسه منها مجلس الرجل من أهله «2»، فقال له: ادع بهذا الدعاء: يا كبير كل كبير، يا من لا شريك له و لا وزير، يا خالق الشمس و القمر المنير، يا عصمة المضطر الضرير، يا قاصم كل جبار مبير «3»، يا مغني البائس الفقير، يا جابر العظم الكسير، يا مطلق المكبل الأسير، أسألك بحق محمد و آل محمد، أن تجعل لي من أمري فرجا و مخرجا، و ترزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب- قال- فلما أصبح، دعابة «4» الملك، فخلى سبيله، و ذلك قوله:

وَ قَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ».

5387/ [56]- عن عباس بن يزيد، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في أهل بيته، إذ قال: أحب يوسف أن يستوثق لنفسه، قال: فقيل: بماذا، يا رسول الله؟ قال: لما عزل له عزيز مصر عن مصر، لبس ثوبين جديدين- أو قال: لطيفين «5»- و خرج إلى فلاة من الأرض، فصلى ركعات، فلما فرغ رفع يده إلى السماء، فقال: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ- قال- فهبط إليه جبرئيل، فقال له: يا يوسف، ما حاجتك؟ قال: رب تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ» فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «خشي الفتن».

5388/ [57]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن (عليه السلام) عنه، قال: قلت له: جعلت فداك، ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب و يلبس الخشن و يتخشع؟

فقال: «أما علمت أن يوسف (عليه السلام) نبي ابن نبي، كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب، و يجلس في مجالس آل فرعون «6» يحكم، فلم يحتج الناس إلى لباسه، و إنما احتاجوا إلى قسطه، و إنما يحتاج من الإمام في أن إذا قال صدق، و إذا وعد أنجز، و إذا حكم عدل، لأن الله لا يحرم طعاما و لا شرابا من حلال، و إنما حرم الحرام

__________________________________________________

55- تفسير العيّاشي 2: 198/ 88.

56- تفسير العيّاشي 2: 199/ 89. [.....]

57- الكافي 6: 453/ 5.

(1) الظاهر أنّ الصحيح: فاعترف بجرمك فاخرج.

(2) في الحديث غرابة، و هو يخالف عصمة

يوسف (عليه السّلام) المؤكّدة في الكتاب الكريم، كقوله تعالى: وَ لَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ يوسف: 32، و كذلك في سائر روايات هذا الباب.

(3) أي مهلك يسرف في إهلاك الناس. «أقرب الموارد- بور- 1: 67».

(4) في المصدر: دعاه.

(5) في المصدر: نظيفين.

(6) المراد ملك مصر، و هو غير فرعون موسى كما يستفاد من السير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 210

قل أو كثر، و قد قال الله عز و جل: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ «1»».

و قد تقدم هذا الحديث من طريق العياشي في قوله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ «2» الآية.

5389/ [58]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله (عليه السلام) فرأى عليه ثيابا بيضا كأنها غرقئ «3» البيض، فقال له: إن هذا اللباس ليس من لباسك؟

فقال له: «اسمع مني و ع ما أقول لك، فإنه خير لك عاجلا و آجلا، إن أنت مت على السنة و الحق و لم تمت على بدعة، أخبرك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان في زمان مقفر جدب، فأما إذا أقبلت الدنيا، فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها، و مؤمنوها لا منافقوها، و مسلموها لا كفارها، فما أنكرت يا ثوري؟ فو الله إنني لمع ما ترى ما أتى علي مذ عقلت، صباح و لا مساء و لله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إلا وضعته».

قال: و أتاه قوم ممن يظهرون الزهد و يدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف.

و أظهروا الاحتجاج بينهم و بينه (عليه السلام) و أبطل

حجتهم، و قال (عليه السلام): «أعلموا- أيها النفر- أني سمعت أبي يروي عن آبائه (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال يوما: ما عجبت من شي ء كعجبي من المؤمن أنه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له، و إن ملك ما بين مشارق الأرض و مغاربها كان خيرا له، و كل ما يصنع الله عز و جل به فهو خير له. و أخبروني أين أنتم عن سليمان بن داود (عليه السلام)، حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطاه الله جل اسمه ذلك، و كان يقول الحق و يعمل به، ثم لم نجد الله عز و جل عاب عليه ذلك، و لا أحدا من المؤمنين، و داود النبي (عليه السلام) قبله في ملكه و شدة سلطانه، ثم يوسف النبي (عليه السلام) حيث قال لملك مصر: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ «4» فكان من أمره الذي كان، أن اختار مملكة الملك و ما حولها إلى اليمن، و كانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم، و كان يقول الحق و يعمل به، فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه ثم ذي القرنين، كان عبدا أحب الله فأحبه الله، و طوى له الأسباب، و ملكه مشارق الأرض و مغاربها، و كان يقول الحق و يعمل به، ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه».

5390/ [59]- عمر بن إبراهيم الأوسي: عن عبد الله، قال: عاش يعقوب و العيص مائة سنة و سبعة و أربعين سنة، فلما جمع الله ليوسف شمله، و أقر عينيه بمراده، تمنى الموت خلف أبيه، فقال: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ

قال رسول

الله (صلى الله عليه و آله): «ما تمنى أحد من الأنبياء الموت إلا

__________________________________________________

58- الكافي 5: 65 و 69/ 1.

59- ... قصص الأنبياء للثعلبي: 124 «نحوه».

(1) الأعراف 7: 32.

(2) تقدّم في الحديث (14) من تفسير الآية (7) من سورة الأعراف.

(3) الغرقى: القشرة الملتزقة ببياض البيض «لسان العرب- غرق- 10: 286».

(4) يوسف 12: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 211

يوسف».

فلما حضره الموت، أوصى إخوته أن يحملوه إلى الشام، و يدفنوه مع آبائه، ثم استخلف من بعده يهودا، ثم روبيل، ثم ريالون، ثم شمعون، ثم معجز «1» ثم معمائيل، ثم دان، ثم لاوي، ثم شدخ، ثم خبير «2» و كان هارون و موسى (على نبينا و آله و عليهما السلام) من نسل لاوي، و كان بين دخول يوسف مصر و دخول موسى أربعمائة سنة و ثمانون سنة.

سورة يوسف(12): الآيات 102 الي 105 ..... ص : 211

قوله تعالى:

ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَ هُمْ يَمْكُرُونَ- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ [102- 105] 5391/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم قال الله لنبيه: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَ هُمْ يَمْكُرُونَ ثم قال: وَ ما أَكْثَرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ.

قال: و قوله تعالى: وَ كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَ هُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ قال:

الكسوف و الزلزلة و الصواعق.

سورة يوسف(12): آية 106 ..... ص : 211

قوله تعالى:

وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ [106]

5392/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن سماعة، عن أبي بصير، و إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ، قال: «يطيع الشيطان من حيث لا يعلم، فيشرك».

5393/ [3]- و عنه: عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن ضريس، عن أبي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 357. [.....]

2- الكافي 2: 292/ 3.

3- الكافي 2: 292/ 4.

(1) في «س»: سجر.

(2) في «س»: خيبر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 212

عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ، قال: «شرك طاعة، و ليس شرك عبادة».

5394/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول

الله تعالى: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ.

قال: «شرك طاعة و ليس شرك عبادة، و المعاصي التي يرتكبون فهي شرك طاعة، أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بالله في الطاعة لغيره، و ليس بإشراك عبادة، أن يعبدوا غير الله».

5395/ [4]- العياشي: عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ.

قال: «من ذلك قول الرجل: لا، و حياتك».

5396/ [5]- عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ، قال: «كانوا يقولون: نمطر بنوء «1» كذا، و بنوء كذا لا نمطر «2». و منهم أنهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم بما يقولون».

5397/ [6]- عن محمد بن الفضيل، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «شرك لا يبلغ به الكفر».

5398/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «شرك طاعة، قول الرجل: لا و الله و فلان. و لو لا الله فلان «3»، و المعصية منه».

5399/ [8]- أبو بصير، عن أبي إسحاق، قال: هو قول الرجل: لو لا الله و أنت ما فعل بي كذا و كذا، و أشباه ذلك.

5400/ [9]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «شرك طاعة و ليس بشرك عبادة، و المعاصي التي

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 358.

4- تفسير العيّاشي 2: 199/ 90.

5- تفسير العيّاشي 2: 199/ 91.

6- تفسير العيّاشي 2: 199/ 92.

7- تفسير العيّاشي 2: 199/ 93.

8- تفسير العيّاشي 2: 199/ 94.

9- تفسير العيّاشي 2: 199/ 95.

(1) النوء: سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر و طلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته في كلّ ليلة إلى ثلاثة عشر يوما، و

كانت العرب تضيف الأمطار و الرباح و الحرّ و البرد إلى الساقط منها، و قال الأصمعي: إلى الطالع منها في سلطانه، فتقول: مطرنا بنوء كذا، و الجمع، أنواء و نوءان. «الصحاح- نوأ- 1: 79».

(2) في المصدر: لأعطى.

(3) في «ط» و المصدر: لو لا اللّه لو كلت فلانا. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 213

يرتكبون مما أوجب الله عليها النار، شرك طاعة، أطاعوا الشيطان و أشركوا بالله في طاعته، و لم يكن بشرك عبادة، فيعبدون مع الله غيره».

5401/1]- عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ.

قال: «هو الرجل يقول: لو لا فلان لهلكت، و لو لا فلان لأصبت كذا و كذا، و لو لا فلان لضاع عيالي، ألا ترى أنه قد جعل لله شريكا في ملكه، يرزقه و يدفع عنه».

قال: قلت: فيقول: لو لا أن الله من علي بفلان لهلكت؟ قال: «نعم، لا بأس بهذا».

5402/ [11]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «شرك طاعة و ليس شرك عبادة في المعاصي التي يرتكبون، فهي شرك طاعة، أطاعوا فيها الشيطان، فأشركوا في الله في طاعة غيره، و ليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غيره».

5403/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش و الكرسي، و ذكر الحديث إلى أن قال: «و له الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره، و هي التي

وصفها في الكتاب، فقال: فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ «1» جهلا بغير علم، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم، يشرك و هو لا يعلم، و يكفر به و هو يظن أنه يحسن، فذلك قال: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم، فيضعونها بغير مواضعها».

و الحديث بتمامه يأتي- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ «2» من سورة النمل.

سورة يوسف(12): آية 108 ..... ص : 213

قوله تعالى:

قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي وَ سُبْحانَ اللَّهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [108]

5404/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 200/ 96.

11- تفسير العيّاشي 2: 200/ 98.

12- التوحيد: 321/ 1.

1- الكافي 1: 342/ 66.

(1) الأعراف 7: 180.

(2) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة النمل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 214

الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي، قال: «ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين و الأوصياء من بعدهما (عليهم السلام)».

5405/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، قال: قال علي بن حسان لأبي جعفر (عليه السلام): يا سيدي، إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك.

فقال: «و ما ينكرون من ذلك «1»؟ لقد قال الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي فو الله ما تبعه إلا علي

(عليه السلام) و له تسع سنين، و أنا ابن تسع سنين».

5406/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تبارك و تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي.

قال: «يعني عليا (عليه السلام) أول من اتبعه على الإيمان به و التصديق له بما جاء به من عند الله عز و جل، من الأمة التي بعث فيها و منها و إليها قبل الخلق، ممن لم يشرك بالله قط، و لم يلبس إيمانه بظلم و هو الشرك».

5407/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن علي بن أسباط، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): يا سيدي، إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك.

قال: «و ما ينكرون علي من ذلك؟ فو الله لقد قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي فما اتبعه غير علي (عليه السلام)، و كان ابن تسع سنين- قال- و أنا ابن تسع سنين».

5408/ [5]- و في رواية أبي الجارود: عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي، فقال: «يعني نفسه، و من اتبعه علي بن أبي طالب (عليه السلام) «2»».

5409/ [6]- العياشي: عن إسماعيل الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي.

قال: فقال: «علي بن أبي طالب (عليه السلام) خاصة» و إلا فلا أصابتني شفاعة محمد (صلى الله عليه و آله).

5410/ [7]- عن

علي بن أسباط، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام) قال: قلت: جعلت فداك، إنهم يقولون في

__________________________________________________

2- الكافي 1: 315/ 8.

3- الكافي 5: 14/ 1.

4- تفسير القمّي 1: 358.

5- تفسير القمّي 1: 358.

6- تفسير العيّاشي 2: 200/ 99.

7- تفسير العيّاشي 2: 200/ 100.

(1) في المصدر زيادة: قوله اللّه عزّ و جلّ.

(2) في المصدر زيادة: و آل محمّد (عليهم السلام). [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 215

حداثة سنك.

قال: «ليس شي ء يقولون «1»، إن الله تعالى يقول: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي فو الله ما كان اتبعه إلا علي (عليه السلام) و هو ابن تسع سنين، و مضى أبي و أنا ابن تسع سنين، فما عسى أن يقولوا؟! إن الله يقول: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ إلى قوله: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «2»».

5411/ [8]- عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي، قال: «ذاك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام)، و الأوصياء من بعدهما».

5412/ [9]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام) قال: «قُلْ هذِهِ سَبِيلِي يعني نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عليا (عليه السلام) [و] من تبعه: آل محمد».

5413/ [10]- و في رواية: «يعني بالسبيل عليا (عليه السلام) و لا ينال ما عند الله إلا بولايته».

5414/ [11]- ابن الفارسي في (الروضة): قال: قال الباقر (عليه السلام): قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي. قال: «علي اتبعه».

5415/ [12]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد،

عن يونس بن عبد الرحمن، عن هشام بن الحكم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سُبْحانَ اللَّهِ قال: «أنفة «3» الله».

5416/ [13]- و عنه: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط، عن سليمان مولى طربال، عن هشام الجواليقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: سُبْحانَ اللَّهِ ما يعنى به؟ قال: «تنزيهه».

5417/ [14]- ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن هشام بن الحكم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سُبْحانَ اللَّهِ فقال: (عليه السلام):

«أنفة الله عز و جل».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 201/ 101.

9- المناقب 3: 72.

10- المناقب 3: 72.

11- روضة الواعظين: 105، شواهد التنزيل 1: 286/ 391 و 392.

12- الكافي 1: 92/ 10.

13- الكافي 1: 92/ 11.

14- التوحيد 312/ 2.

(1) في البحار 25: 101/ 2، أي شي ء يقولون.

(2) النساء 4: 65.

(3) الانفة: علزّة و الحميّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 216

5418/ [15]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن سليمان مولى طربال، عن هشام الجواليقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: سُبْحانَ اللَّهِ ما يعنى به؟ قال: «تنزيهه».

5419/ [16]- و عنه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الشعراني العماري، من ولد عمار بن ياسر (رحمه الله)، قال:

حدثنا أبو محمد عبيد الله بن يحيى بن عبد الباقي الأذني بأذنه «1»، قال: حدثنا علي بن الحسن المعاني، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، قال: حدثنا محمد بن حجار «2»، عن يزيد بن الأصم، قال: سأل رجل عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين، ما تفسير سُبْحانَ اللَّهِ؟

فقال: إن في هذا الحائط رجلا كان إذا سئل أنبأ، و إذا سكت ابتدأ «3». فدخل الرجل فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن ما تفسير سُبْحانَ اللَّهِ؟ قال: «هو تعظيم جلال الله عز و جل. و تنزيهه عما قال فيه كل مشرك، فإذا قالها العبد صلى عليه كل ملك».

سورة يوسف(12): آية 109 ..... ص : 216

قوله تعالى:

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [109]

5420/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار، عن أبو يهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)- في حديث- قال فيه مخاطبا: «أو لست تعلم أن الله تعالى لم يخل الدنيا من نبي قط أو إمام من البشر؟ أو ليس الله تعالى يقول: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ يعني إلى الخلق: إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فأخبر أنه لم يبعث الملائكة إلى الأرض، فيكونوا أئمة و حكاما، و إنما أرسلوا إلى أنبياء الله».

__________________________________________________

15- معاني الأخبار: 9/ 2.

16- التوحيد: 311/ 1.

1- عيون

أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 270/ 1.

(1) أذنة: بلد من الثّغور قرب المصّيصة- من ثغور الشام- خرج منه جماعة من أهل العلم و سكنه آخرون. «معجم البلدان 1: 133». [.....]

(2) الظاهر أنّه محمّد بن جحادة. انظر تاريخ بغداد 14: 112.

(3) في «ط»: أنبأ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 217

سورة يوسف(12): آية 110 ..... ص : 217

قوله تعالى:

حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا [110]

5421/ [1]- قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «و كلهم إلى أنفسهم، فظنوا أن الشياطين قد تمثلت لهم في صورة الملائكة».

5422/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك، إن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى» و ذكر الحديث إلى أن قال فيه: فقال المأمون لأبي الحسن (عليه السلام): فأخبرني عن قول الله تعالى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا.

قال الرضا (عليه السلام): «يقول الله تعالى حتى إذا استيأس الرسل من قومهم، و ظن قومهم أن الرسل قد كذبوا، جاء الرسل نصرنا».

5423/]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في قول الله: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا. مخففة، قال: «ظنت الرسل أن الشياطين تمثل لهم على صورة الملائكة».

5424/ [4]- عن ابن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «و كلهم الله إلى

أنفسهم أقل من طرفة عين».

5425/ [5]- عن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أما أهل الدنيا فقد أظهروا الكذب، و ما كانوا إلا من الذين و كلهم الله إلى أنفسهم ليمن عليهم».

5426/ [6]- عن محمد بن هارون، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن جبرئيل من عند الله إلا بالتوفيق».

5427/ [7]- عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف لم يخف رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيما يأتيه من

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 358.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 201/ 1.

3- تفسير العيّاشي 2: 201/ 102.

4- تفسير العيّاشي 2: 201/ 103.

5- تفسير العيّاشي 2: 201/ 104.

6- تفسير العيّاشي 2: 201/ 105.

7- تفسير العيّاشي 2: 201/ 106.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 218

قبل الله أن يكون ذلك مما ينزغ به الشيطان؟

قال: فقال: «إن الله إذا اتخذ عبدا رسولا أنزل عليه السكينة و الوقار، فكان الذي يأتيه من قبل الله مثل الذي يراه بعينه».

5428/ [8]- أبو جعفر بن جرير الطبري: بإسناده إلى أبي علي النهاوندي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد القاساني، قال: حدثنا محمد بن سليمان، قال: حدثنا علي بن يوسف، قال: حدثني أبي، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فشكا إليه طول دولة الجور، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): و الله لا يكون ما تأملون حتى يهلك المبطلون، و يضمحل الجاهلون، و يأمن المتقون، و قليل ما يكون حتى لا يكون لأحدكم موضع قدمه، و حتى تكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها،

فبينا أنتم كذلك إذ جاء نصر الله و الفتح و هو قول ربي عز و جل في كتابه: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا».

ذكر هذا الحديث الطبري في كتابه في أبواب القائم (عليه السلام).

سورة يوسف(12): آية 111 ..... ص : 218

قوله تعالى:

لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ- إلى قوله تعالى- يُؤْمِنُونَ [111] 5429/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال الله عز و جل: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ يعني لاولي العقول: ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى يعني القرآن لكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ يعني من كتب الأنبياء وَ تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

__________________________________________________

8- دلائل الإمامة: 251.

1- تفسير القمّي 1: 358.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 219

سورة الرعد ..... ص : 219

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 221

سورة الرعد فضلها ..... ص : 221

5430/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «من أكثر من قراءة سورة الرعد لم يصبه الله بصاعقة أبدا، و لو كان ناصبيا، و إذا كان مؤمنا أدخله الجنة بغير حساب، و يشفع في جميع من يعرفه من أهل بيته و إخوانه».

5431/ [2]- العياشي: عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أكثر قراءة سورة الرعد لم تصبه صاعقة أبدا، و إن كان ناصبيا، فإنه لا يكون أشر من الناصب، و إن كان مؤمنا أدخله الله الجنة بغير حساب، و يشفع في جميع من يعرف من أهل بيته و إخوانه من المؤمنين».

5432/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر عشر حسنات بوزن كل سحاب مضى، و كل سحاب يكون، و يبعث يوم القيامة من الموفين بعهد الله، و من كتبها و علقها في ليلة مظلمة بعد صلاة العشاء الآخرة على ضوء نار، و جعلها من ساعته على باب سلطان جائر و ظالم، هلك و زال ملكه».

5433/ [4]- و عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها في ليلة مظلمة بعد صلاة العتمة، و جعلها من ساعته على باب السلطان الجائر الظالم، قام عليه عسكره و رعيته، فلا يسمع كلامه، و يقصر عمره و قوله، و يضيق صدره، و إن جعلت على باب ظالم أو كافر أو زنديق، فهي تهلكه بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 106.

2- تفسير العيّاشي 2: 202/ 1.

3- خواص القرآن: 3، مجمع البيان 6: 419. [.....]

4- خواص القرآن:

42 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 223

سورة الرعد(13): آية 1 ..... ص : 223

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ المر [1]

5434/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): يا بن رسول الله، ما معنى قول الله عز و جل: المر؟

قال: «المر معناه: أنا الله المحيي المميت الرزاق».

5435/ [2]- العياشي: عن أبي لبيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «يا أبا لبيد، إن في حروف القرآن لعلما جما، إن الله تبارك و تعالى أنزل الم ذلِكَ الْكِتابُ «1» فقام محمد (صلى الله عليه و آله) حتى ظهر نوره، و ثبتت كلمته، و ولد يوم ولد و قد مضى من الألف السابع مائة سنة و ثلاث سنين- ثم قال:- و تبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار، و ليس من حروف مقطعة حرف تنقضي أيامه إلا و قائم من بني هاشم عند انقضائه- ثم قال- الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون «2»، فذلك مائة و إحدى و ستون «3»، ثم كان بدء خروج الحسين بن علي (عليه السلام): الم اللَّهُ «4» فلما بلغت مدتها «5» قام قائم من ولد العباس عند

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 22/ 1.

2- تفسير العيّاشي 2: 202/ 2.

(1) البقرة 2: 1- 2.

(2) في المصدر: ستّون.

(3) في المصدر: و ثلاثون.

(4) آل عمران 3: 1- 2.

(5) في المصدر: مدّته.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 3، ص: 224

المص «1» و يقوم قائمنا عند انقضائها. المر فافهم ذلك و عه و اكتمه».

سورة الرعد(13): آية 2 ..... ص : 224

قوله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها [2] 5436/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني بغير اسطوانة.

5437/ [2]- ثم قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت له:

أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ «2». فقال: «هي محبوكة إلى الأرض» و شبك بين أصابعه.

فقلت كيف تكون محبوكة إلى الأرض، و الله يقول: رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها؟ فقال: «سبحان الله! أ ليس الله يقول: بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها؟» فقلت: بلى. فقال (عليه السلام): «ثم عمد، و لكن لا ترونها».

قلت: كيف ذلك، جعلني الله، فداك؟ قال: فبسط كفه اليسرى، ثم وضع اليمنى عليها، فقال: «هذه أرض الدنيا، و السماء الدنيا عليها فوقها قبة، و الأرض الثانية فوق السماء الدنيا، و السماء الثانية فوقها قبة، و الأرض الثالثة فوق السماء الثانية، و السماء الثالثة فوقها قبة، و الأرض الرابعة فوق السماء الثالثة، و السماء الرابعة فوقها قبة، و الأرض الخامسة فوق السماء الرابعة، و السماء الخامسة فوقها قبة، و الأرض السادسة فوق السماء الخامسة، و السماء السادسة فوقها قبة، و الأرض السابعة فوق السماء السادسة، و السماء السابعة فوقها قبة، و عرش الرحمن تبارك و تعالى فوق السماء السابعة، و هو قوله عز و جل: خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طباقا وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ «3» فأما صاحب الأمر فهو رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الوصي بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) قائم على وجه الأرض، فإنما يتنزل الأمر إليه من فوق السماء من

بين السماوات و الأرضين».

قلت: فما تحتنا إلا أرض واحدة؟ فقال: «ما تحتنا إلا أرض واحدة، و إن الست لهن فوقنا» «4».

5438/ [3]- العياشي: عن الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): أخبرني عن قول الله:

وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ «5» قال: «محبوكة إلى الأرض» و شبك بين أصابعه.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 359.

2- تفسير القمّي 2: 328.

3- تفسير العيّاشي 2: 203/ 3.

(1) الأعراف 7: 1.

(2) الذاريات 51: 7.

(3) الطلاق 65: 12. [.....]

(4) في المصدر: فوقها.

(5) الذاريات 51: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 225

فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض، و هو يقول: رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها؟ فقال: «سبحان الله! أ ليس يقول: بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها؟!».

فقلت: بلى. فقال: «ثم عمد و لكن لا ترى».

فقلت: كيف ذاك؟ فبسط كفه اليسرى ثم وضع اليمنى عليها، فقال: هذه الأرض الدنيا و السماء الدنيا عليها قبة».

قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ سيأتي- إن شاء الله تعالى- معنى ذلك في سورة طه «1».

سورة الرعد(13): الآيات 4 الي 6 ..... ص : 225

قوله تعالى:

وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَ جَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ- إلى قول تعالى- وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ [4- 6]

5439/ [1]- ابن شهر آشوب: عن الخركوشي في (شرف المصطفى) و الثعلبي في (الكشف و البيان) و الفضل ابن شاذان في (الأمالي) و اللفظ له، بإسنادهم عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي (عليه السلام): «الناس من شجر شتى، و أنا و أنت من شجرة واحدة- ثم قرأ- وَ جَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ بالنبي و بك».

قال: و رواه النطنزي في (الخصائص) عن

سلمان

، و

في رواية: «أنا و علي من شجرة، و الناس من أشجار شتى».

قلت: و روى حديث جابر بن عبد الله، الطبرسي، و علي بن عيسى في (كشف الغمة) «2».

5440/ [2]- العياشي: عن الخطاب الأعور، رفعه إلى أهل العلم و الفقه من آل محمد (عليه و آله السلام)، قال: «وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ يعني: هذه الأرض الطيبة مجاورة لهذه الأرض المالحة و ليست منها، كما يجاور القوم القوم و ليسوا منهم».

5441/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: و قوله: وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ أي متصلة بعضها ببعض

__________________________________________________

1- ...، المناقب لا بن المغازلي: 400/ 454، شواهد التنزيل 1: 288/ 395، ترجمة الإمام علي (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 1: 142/ 178، تفسير القرطبي 9: 283، فرائد السمطين 1: 52/ 17، الدرّ المنثور 4: 605، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 136، الصواعق المحرقة: 123.

2- تفسير العيّاشي 2: 203/ 4.

3- تفسير القمّي 1: 359.

(1) يأتي في تفسير الآية (5) من سورة طه.

(2) مجمع البيان 6: 424، كشف الغمة 1: 295.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 226

وَ جَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ أي بساتين وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوانٌ و الصنوان: التالة «1» التي تنبت من أصل الشجرة وَ غَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ فمنه حلو، و منه حامض، و منه مر، يسقى بماء واحد إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.

ثم حكى الله عز و جل قول الدهرية من قريش، فقال: وَ إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَ إِذا كُنَّا تُراباً أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ثم قال: أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ و

كانوا يستعجلون بالعذاب، فقال الله عز و جل: وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ أي العذاب.

قوله تعالى:

وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ [6]

5442/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي بنيسابور، سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة، قال: أخبرنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا ابن ذكوان، قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: كنا في مجلس الرضا (عليه السلام) فتذاكرنا الكبائر، و قول المعتزلة فيها: إنها لا تغفر، فقال الرضا (عليه السلام): «قال أبو عبد الله (عليه السلام): قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة، قال الله جل جلاله: وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ».

سورة الرعد(13): آية 7 ..... ص : 226

قوله تعالى:

وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ [7]

5443/]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن موسى بن مسلم، عن مسعدة، قال: كنت عند الصادق (عليه السلام) إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متكئا على عصاه، فسلم فرد عليه أبو عبد الله (عليه السلام) الجواب، ثم قال: يا بن رسول الله، ناولني يدك لاقبلها. فأعطاه يده

__________________________________________________

1- التوحيد: 406/ 4.

2- كفاية الأثر: 260.

(1) التال: صغار النّخل. «المعجم الوسيط- تال- 1: 90».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 227

فقبلها ثم بكى، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «ما يبكيك يا شيخ؟» فقال: جعلت فداك، أقمت على قائمكم منذ مائة سنة، أقول: هذا الشهر، و هذه السنة. و قد كبر سني ورق جلدي و دق عظمي و اقترب أجلي، و لا أرى فيكم ما أحب، أراكم مقتولين «1»

مشردين، و أرى أعداءكم يطيرون بالأجنحة، فكيف لا أبكي؟! فدمعت عينا أبي عبد الله (عليه السلام) ثم قال: «يا شيخ، إن أبقاك الله حتى ترى قائمنا كنت معنا في السنام الأعلى، و إن حلت بك المنية جئت يوم القيامة مع ثقل محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن ثقله، فقال (صلى الله عليه و آله): إني مخلف فيكم الثقلين فتمسكوا بهما لن تضلوا: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي». فقال الشيخ: لا ابالي بعد ما سمعت هذا الخبر.

ثم قال: «يا شيخ، اعلم أن قائمنا يخرج من صلب الحسن، و الحسن يخرج من صلب علي، و علي يخرج من صلب محمد، و محمد يخرج من صلب علي، و علي يخرج من صلب ابني هذا- و أشار إلى ابنه موسى (عليه السلام)- و هذا خرج من صلبي. نحن اثنا عشر، كلنا معصومون مطهرون».

فقال الشيخ: يا سيدي، بعضكم أفضل من بعض؟ فقال: «لا، نحن في الفضل سواء، و لكن بعضنا أعلم من بعض». ثم قال: «يا شيخ، و الله لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا أهل البيت، ألا و إن شيعتنا يقعون في فتنة و حيرة في غيبته، هناك يثبت الله على هداه المخلصين، اللهم أعنهم على ذلك».

5444/ [2]- و عنه، قال: حدثنا علي بن الحسن بن محمد، قال: حدثنا عتبة بن عبد الله الحمصي «2» بمكة قراءة عليه سنة ثمانين و ثلاثمائة، قال: حدثنا علي بن موسى الغطفاني، قال: حدثنا أحمد بن يوسف الحمصي، قال:

حدثني محمد بن عكاشة، قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن الحسن (عليه السلام)،

قال: «خطب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما، فقال بعد ما حمد الله و أثنى عليه:

معاشر الناس، كأني ادعى فأجيب، و إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله و عترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، فتعلموا منهم، و لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، لا تخلو الأرض منهم، و لو خلت إذن لساخت بأهلها.

ثم قال (عليه السلام): اللهم إني أعلم أن العلم لا يبيد و لا ينقطع، و أنك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع، أو خائف مغمور كي لا تبطل حجتك، و لا يضل أو لياؤك بعد إذ هديتهم، أولئك الأقلون عددا، الأعظمون قدرا عند الله.

فلما نزل عن منبره قلت له: يا رسول الله، أما أنت الحجة على الخلق كلهم؟ قال: يا حسن، إن الله يقول:

إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فأنا المنذر، و علي الهادي.

قلت: يا رسول الله، فقولك: إن الأرض لا تخلو من حجة؟ قال: نعم، علي هو الإمام و الحجة بعدي و أنت الإمام و الحجة بعده و الحسين الإمام و الحجة و الخليفة بعدك و لقد نبأني اللطيف الخبير أنه يخرج من صلب

__________________________________________________

2- كفاية الأثر: 162.

(1) في المصدر: معتلين. العتل: أن تأخذ بتلبيب الرجل فتجرّه جرّا عنيفا و تذهب به إلى حبس أو بليّة. «لسان العرب- عتل- 11: 424».

(2) في «س»: الجعفي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 228

الحسين ولد يقال له علي سمي جده علي، فإذا مضى الحسين قام بالأمر بعده علي ابنه، و هو الإمام و الحجة بعد أبيه و يخرج الله من صلب علي ولدا سميي، و أشبه الناس بي علمه علمي، و حكمه حكمي، و هو الإمام و

الحجة بعد أبيه و يخرج الله تعالى من صلب محمد مولودا يقال له جعفر، أصدق الناس قولا و فعلا، و هو الإمام و الحجة بعد أبيه و يخرج الله تعالى من صلب جعفر مولودا يقال له موسى، سمي موسى بن عمران (عليه السلام)، أشد الناس تعبدا، فهو الإمام و الحجة بعد أبيه، و يخرج الله تعالى من صلب موسى ولدا يقال له علي، معدن علم الله، و موضع حكمه، و هو الإمام و الحجة بعد أبيه و يخرج الله من صلب علي مولدا يقال له محمد، فهو الإمام و الحجة بعد أبيه و يخرج الله تعالى من صلب محمد ولدا يقال له علي، فهو الإمام و الحجة بعد أبيه و يخرج الله تعالى من صلب علي مولودا يقال له الحسن، فهو الإمام و الحجة بعد أبيه و يخرج الله تعالى من صلب الحسن الحجة القائم إمام شيعته، و منقذ أوليائه، يغيب حتى لا يرى، فيرجع عن أمره قوم، و يثبت عليه آخرون وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «1» و لو لم يكن «2» من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز و جل ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا، فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا، فلا تخلو الأرض منكم، أعطاكم الله علمي و فهمي، و لقد دعوت الله تبارك و تعالى أن يجعل العلم و الفقه في عقبي و عقب عقبي و زرعي و زرع زرعي».

5445/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، و فضالة بن أيوب، عن موسى بن بكر، عن الفضيل، قال: سألت أبا

عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، فقال: «كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم».

5446/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ.

فقال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنذر، و لكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم الهداة من بعده علي (عليه السلام)، ثم الأوصياء واحدا بعد واحد».

5447/ [5]- و عنه: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن محمد ابن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ؟

فقال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنذر، و علي (عليه السلام) الهادي، يا أبا محمد، هل من هاد اليوم؟» قلت: بلى- جعلت فداك- ما زال منكم هاد من نور هاد حتى رفعت «3» إليك، فقال: «رحمك الله- يا أبا محمد- لو كان إذا نزلت

__________________________________________________

3- الكافي 1: 147/ 1، بصائر الدرجات: 50/ 6. [.....]

4- الكافي 1: 148/ 2، بصائر الدرجات: 49/ 1.

5- الكافي 1: 148/ 3، بصائر الدرجات: 51/ 9.

(1) يونس 10: 48، الأنبياء 21: 38، النمل 27: 71، سبأ 34: 29، يس 36: 48، الملك 67: 25.

(2) في المصدر: يبق.

(3) في المصدر: هاد بعد هاد حتّى دفعت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 229

آية على رجل ثم مات ذلك الرجل، ماتت الآية، مات الكتاب، و لكنه حي يجري فيمن بقي كما

جرى فيمن مضى».

5448/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ.

فقال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنذر، و علي (عليه السلام) الهادي، أما و الله ما ذهبت منا، و ما زالت فينا إلى الساعة».

و روى محمد بن الحسن الصفار، في كتاب (بصائر الدرجات) هذه الأحاديث «1».

5449/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى البصري، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي سنة ست عشرة و مائة «2»، قال: حدثنا قيس بن الربيع و منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد ابن عبد الله، قال: قال علي (عليه السلام): «ما نزلت من القرآن آية إلا و قد علمت أين نزلت، و فيمن نزلت، و في أي شي ء نزلت، و في سهل نزلت أو في جبل».

قيل: فما نزل فيك؟ فقال: «لو لا أنكم سألتموني ما أخبرتكم، نزلت في هذه الآية: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فرسول الله (صلى الله عليه و آله) المنذر، و أنا الهادي إلى ما جاء به».

5450/ [8]- و عنه، قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و يعقوب بن يزيد جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم،

قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ.

قال: «كل إمام هاد لكل قوم في زمانهم».

5451/ [9]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام):

إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ.

فقال: «المنذر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام) الهادي، و في كل وقت و زمان إمام منا يهديهم إلى ما

__________________________________________________

6- الكافي 1: 148/ 4، ينابيع المودّة: 100.

7- الأمالي: 227/ 13، شواهد التنزيل 1: 300/ 413.

8- كمال الدين و تمام النعمة: 667/ 9، ينابيع المودة: 100.

9- كمال الدين و تمام النعمة: 667/ 10.

(1) بصائر الدرجات: 49- 51/ 1، 6، 7، 9.

(2) في المصدر: و مائتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 230

جاء به رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

5452/ [10]- محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بطهور فلما فرغ أخذ بيد علي (عليه السلام) فألزمها يده، ثم قال: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ثم ضم يده إلى صدره، و قال: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ثم قال: يا علي، أنت أصل الدين، و منار الإيمان، و غاية الهدى، و قائد الغر المحجلين، أشهد لك بذلك».

5453/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

«المنذر: رسول (صلى الله عليه و آله)، و الهادي: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و بعده الأئمة (عليهم السلام)، و هو قوله: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أي في كل زمان إمام هدى «1» مبين» فهو رد على من أنكر أن في كل عصر و زمان إماما، و أنه لا تخلو الأرض من حجة، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تخلو الأرض من إمام قائم بحجة الله، إمام ظاهر مشهور، و إما خائف مغمور، لئلا تبطل حجج الله و بيناته».

و الهدى في كتاب الله على وجوه، فمنه: الأئمة (عليهم السلام)، و هو قوله: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أي إمام مبين و منه: البيان و هو قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ «2» أي يبين لهم و قوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ «3» أي بينا لهم، و مثله كثير و منه: الثواب، و هو قوله تعالى: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ «4» أي لنثيبنهم و منه: النجاة، و هو قوله تعالى: كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ «5» أي سينجيني و منه: الدلالة، و هو قوله تعالى: وَ أَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ «6» أي أدلك.

5454/ [12]- الشيخ في (مجالسه): بإسناده عن الحسين، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بعث الله نبيا أكرم من محمد (صلى الله عليه و آله)، و لا خلق قبله أحدا، و لا أنذر الله خلقه بأحد من خلقه قبل محمد (صلى الله عليه و آله)، فذلك قوله تعالى: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى «7». و قال: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فلم يكن قبله مطاع في الخلق، و لا يكون بعده

إلى أن تقوم الساعة، في كل قرن، إلى أن يرث الله الأرض و من عليها».

__________________________________________________

10- بصائر الدرجات: 50/ 8.

11- تفسير القمّي 1: 359.

12- الأمالي 2: 282. [.....]

(1) في المصدر: هاد.

(2) السجدة 32: 26.

(3) فصلت 41: 17.

(4) العنكبوت 29: 69.

(5) الشعراء 26: 62.

(6) النازعات 79: 19.

(7) النجم 43: 56.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 231

5455/ [13]- سليم بن قيس الهلالي: في حديث قيس بن سعد مع معاوية، قال قيس: أنزل الله في أمير المؤمنين (عليه السلام): إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ.

5456/ [14]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فينا نزلت هذه الآية: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا المنذر و أنت الهادي- يا علي- فمنا الهادي و النجاة و السعادة إلى يوم القيامة».

5457/ [15]- عن عبد الرحيم القصير، قال: كنت يوما من الأيام عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال: «يا عبد الرحيم» قلت: لبيك: قال: «قول الله: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ إذ قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا المنذر و علي الهادي، فمن الهادي اليوم؟» قال: فسكت طويلا، ثم رفعت رأسي، فقلت: جعلت فداك، هي فيكم، توارثونها رجل فرجل حتى انتهت إليك، فأنت- جعلت فداك- الهادي، قال: «صدقت- يا عبد الرحيم- إن القرآن حي لا يموت، و الآية حية لا تموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في أقوام فماتوا مات القرآن، و لكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين».

و قال عبد الرحيم: قال: أبو عبد الله (عليه السلام): «إن القرآن حي لم يمت،

و إنه يجري كما يجري الليل و النهار، و كما تجري الشمس و القمر، و يجري على آخرنا كما يجري على أولنا».

5458/ [16]- عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول في قول الله تبارك و تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا المنذر و علي الهادي، و كل إمام هاد للقرن الذي هو فيه».

5459/ [17]- عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ.

فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا المنذر و في كل زمان إمام منا يهديهم إلى ما جاء به نبي الله (صلى الله عليه و آله)، و الهداة من بعده: علي (عليه السلام)، ثم الأوصياء من بعده، واحد بعد واحد، أما و الله ما ذهبت منا، و ما زالت فينا إلى الساعة، رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنذر، و بعلي (عليه السلام) يهتدي المهتدون».

5460/1]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال النبي (صلى الله عليه و آله): أنا المنذر، و علي الهادي إلى أمري».

__________________________________________________

13- ...، ينابيع المودة: 104. عن كتاب سليم بن قيس.

14- تفسير العيّاشي 2: 203/ 5.

15- تفسير العيّاشي 2: 203/ 6.

16- تفسير العيّاشي 2: 204/ 7.

17- تفسير العيّاشي 2: 204/ 8.

18- تفسير العيّاشي 2: 204/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 232

5461/ [19]- أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان: بإسناده عن عبد الله بن عمر، قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بي أنذرتم، و بعلي بن أبي طالب

اهتديتم- و قرأ: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ- و بالحسن أعطيتم الإحسان و بالحسين تسعدون و به تشقون، ألا و إن الحسين باب من أبواب الجنة، من عاداه حرم الله عليه ريح الجنة».

5462/ [20]- الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بإسناده عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن حكيم بن جبير، عن أبي برزة الأسلمي، قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالطهور، و عنده علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) بعد ما تطهر فألصقها بصدره، ثم قال: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ- و يعني نفسه- ثم ردها إلى صدر علي (عليه السلام) ثم قال: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ثم قال: «إنك منار الأنام، و غاية الهدى، و أمير القراء، أشهد على ذلك أنك كذلك».

5463/ [21]- ابن الفارسي في (الروضة) قال: قال علي (عليه السلام): «إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ المنذر: محمد (صلى الله عليه و آله)، و لكل قوم هاد: أنا».

5464/ [22]- ابن شهرآشوب، عن الحسكاني في (شواهد التنزيل)، و المرزباني في (ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين (عليه السلام))، قال أبو برزة: دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالطهور، و عنده علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بيد علي بعد ما تطهر، فألصقها بصدره، ثم قال: «إنما أنا منذر». ثم ردها إلى صدر علي (عليه السلام)، ثم قال:

وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، ثم قال: «أنت منار الأنام، و رواية الهدى، و أمين القرآن، و أشهد على ذلك أنك كذلك».

5465/ [23]- الثعلبي في (الكشف) عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس،

قال: لما نزلت هذه الآية، وضع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يده على صدره، و قال: «أنا المنذر» و أومأ بيده إلى منكب علي (عليه السلام) فقال: «أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون بعدي».

5466/ [24]- عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام): «فالنبي المنذر، و بعلي (عليه السلام) يهتدي المهتدون».

5467/ [25]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «النبي المنذر، و علي الهادي».

5468/ [26]- سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن هذه الآية، فقال لي:

__________________________________________________

19- مائة منقبة: 22/ 4، مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوارزمي 1: 145. [.....]

20- شواهد التنزيل 1: 301/ 414.

21- روضة الواعظين: 104، 116.

22- المناقب 3: 83.

23- المناقب 23: 84.

24- المناقب 3: 84 «نحوه».

25- لمن نجده في المناقب.

26- المناقب 3: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 233

«هادي هذه الامة علي بن أبي طالب».

5469/ [27]- الثعلبي، عن السدي، عن عبد خير، عن علي (عليه السلام) قال: «المنذر: النبي (صلى الله عليه و آله)، و الهادي: رجل من بني هاشم». يعني نفسه (عليه السلام).

5470/ [28]- ابن عباس و الضحاك و الزجاج: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ علي بن أبي طالب (عليه السلام).

قلت: و الرواية عن ابن عباس في هذه الآية بهذا المعنى مستفيضة من طرق الخاصة و العامة، يطول الكتاب بذكرها.

5471/ [29]- قال ابن شهر آشوب: صنف أحمد بن محمد بن سعيد كتابا في قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام).

سورة الرعد(13): الآيات 8 الي 9 ..... ص : 233

قوله تعالى:

اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ

وَ ما تَزْدادُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ [8- 9]

5472/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد ابن عيسى، عن حريز، عمن ذكره، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز و جل: اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَ ما تَزْدادُ.

قال: «الغيض: كل حمل دون تسعة أشهر: وَ ما تَزْدادُ: كل شي ء يزداد على تسعة أشهر، فكلما رأت المرأة الدم الخالص في حملها، فإنها تزداد بعدد الأيام التي رأت في حملها من الدم».

5473/ [2]- العياشي: عن حريز، رفعه إلى أحدهما (عليهما السلام) في قول الله: اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَ ما تَزْدادُ.

قال: «الغيض: كل حمل دون تسعة أشهر وَ ما تَزْدادُ: كل شي ء يزداد على تسعة أشهر، و كلما رأت الدم

__________________________________________________

27- المناقب 3: 84، مسند أحمد بن حنبل 1: 126، شواهد التنزيل 1: 299/ 410 و: 300/ 412، ينابيع المودّة: 99.

28- المناقب 3: 83، تفسير الحبري: 281/ 38.

29- المناقب 3: 83.

1- الكافي 6: 12/ 2.

2- تفسير العيّاشي 2: 204/ 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 234

في حملها من الحيض يزداد بعدد الأيام التي رأت في حملها من الدم».

5474/ [3]- عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في قوله: ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى «يعني الذكر و الأنثى وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ- قال- الغيض: ما كان أقل من الحمل وَ ما تَزْدادُ: ما زاد على الحمل، فهو مكان ما رأت من الدم في حملها».

5475/ [4]- عن محمد بن مسلم، و حمران، و زرارة، عنهما (عليهما

السلام) قالا: «ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى من أنثى أو ذكر وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ- قال- ما لم يكن حملا وَ ما تَزْدادُ من أنثى أو ذكر».

5476/ [5]- عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ.

قال: ما لم يكن حملا وَ ما تَزْدادُ- قال- الذكر و الأنثى جميعا».

5477/ [6]- عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى قال: «الذكر و الأنثى» وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ قال: «ما كان دون التسعة فهو غيض» وَ ما تَزْدادُ قال: «كلما رأت الدم في حال حملها ازداد به على التسعة أشهر، إن كانت رأت الدم خمسة أيام أو أقل أو أكثر، زاد ذلك على التسعة أشهر».

5478/ [7]- ابن بابويه: قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ.

فقال: «الغيب: ما لم يكن، و الشهادة: ما قد كان».

سورة الرعد(13): آية 10 ..... ص : 234

قوله تعالى:

سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ [10]

5479/ [1]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى:

__________________________________________________

3- تفسير العياشي 2: 204/ 11.

4- تفسير العياشي 2: 204/ 12. [.....]

5- تفسير العياشي 2: 205/ 13.

6- تفسير العياشي 2: 205/ 14.

7- معاني الآخبار: 146/ 1.

1- تفسير القمي 1: 360.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص:

235

سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ، قال: «فالسر و العلانية عنده سواء».

5480/ [2]- و قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ مستخف في جوف بيته.

وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ يعني تحت الأرض، فذلك كله عند الله عز و جل واحد يعلمه.

سورة الرعد(13): آية 11 ..... ص : 235

قوله تعالى:

لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [11]

5481/ [3]- علي بن إبراهيم: إنها قرئت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لقارئها: «أ لستم عربا، فكيف تكون المعقبات من بين يديه؟! و إنما المعقب من خلفه».

فقال الرجل: جعلت فداك، كيف هذا؟ فقال: «إنما نزلت (له معقبات من خلفه و رقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله) و من ذا الذي يقدر أن يحفظ الشي ء من أمر الله؟ و هم الملائكة الموكلون بالناس».

5482/ [4]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ.

يقول: «بأمر الله، من أن يقع في ركي «1»، أو يقع عليه حائط، أو يصيبه شي ء حتى إذا جاء القدر، خلوا بينه و بينه، يدفعونه إلى المقادير، و هما ملكان يحفظانه بالليل، و ملكان بالنهار يتعاقبانه».

و تقدم حديث جابر عن النبي (صلى الله عليه و آله) في قوله تعالى: يَعِدُهُمْ وَ يُمَنِّيهِمْ وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً من سورة النساء، أن ابن آدم له ملكان يحفظانه «2».

5483/ [5]- العياشي: عن بريد العجلي، قال: سمعني أبو عبد الله (عليه السلام) و أنا أقرأ لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فقال: «مه، و كيف تكون المعقبات من بين يديه؟ إنما

تكون المعقبات من خلفه إنما أنزلها الله (له رقيب من بين يديه و معقبات من خلفه. يحفظونه بأمر الله)».

5484/ [6]- عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ.

قال: «بأمر الله- ثم قال- ما من عبد إلا و معه ملكان يحفظانه، فإذا جاء الأمر من عند الله، خليا بينه و بين أمر

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 360.

3- تفسير القمّي 1: 360.

4- تفسير القمّي 1: 360.

5- تفسير العيّاشي 2: 205/ 15.

6- تفسير العيّاشي 2: 205/ 16.

(1) الرّكيّ: جنس للرّكيّة، و هي البئر، و جمعها، ركايا «النهاية- ركا- 2: 261».

(2) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (120) من سورة النساء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 236

الله».

5485/ [5]- عن فضيل بن عثمان سكرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في هذه الآية لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ الآية، قال: «هن المقدمات المؤخرات المعقبات الباقيات الصالحات».

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ [11] 5486/ [1]- قال علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ أي من دافع.

5487/ [2]- عبد الله بن جعفر الحميري: عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سمعته- يعني الرضا (عليه السلام)- يقول، في قول الله تبارك و تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ.

فقال: «إن القدرية يحتجون بأولها، و ليس كما يقولون، ألا ترى

أن الله تعالى يقول: وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ و قال نوح: وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ»

- قال- الأمر إلى الله يهدي من يشاء».

5488/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال:

حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل، عن أبيه، قال:

سمعت أبا خالد الكابلي يقول: سمعت زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: «الذنوب التي تغير النعم:

البغي على الناس، و الزوال عن العادة في الخير و اصطناع المعروف، و كفران النعم، و ترك الشكر، قال الله عز و جل:

إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ».

5489/ [4]- العياشي: عن سليمان بن عبد الله، قال: كنت عند أبي الحسن موسى (عليه السلام) قاعدا، فأتي بامرأة

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 205/ 17.

1- تفسير القمّي 1: 360.

2- قرب الإسناد: 158. [.....]

3- معاني الأخبار: 270/ 2.

4- تفسير العيّاشي 2: 205/ 18.

(1) هود 11: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 237

قد صار وجهها قفاها، فوضع يده اليمنى في جبينها، و يده اليسرى من خلف ذلك، ثم عصر وجهها عن اليمين، ثم قال: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ فرجع وجهها، و قال: «احذري أن تفعلي كما فعلت».

فقالوا: يا بن رسول الله، و ما فعلت؟ فقال: «ذلك مستور إلا أن تتكلم به» فسألوها، فقالت: كانت لي ضرة، فقمت اصلي، فظننت أن زوجي معها، فالتفت إليها فرأيتها قاعدة و ليس هو معها. فرجع وجهها على ما كان.

5490/ [5]- عن أبي

عمرو المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن أبي كان يقول: إن الله قضى قضاء حتما لا ينعم على عبد بنعمة فيسلبها إياه قبل أن يحدث العبد ذنبا يستوجب بذلك الذنب سلب تلك النعمة، و ذلك قول الله: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ».

5491/ [6]- عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في قول الله: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ «فصار الأمر إلى الله تعالى».

5492/ [7]- عن الحسين بن سعيد المكفوف، كتب إليه (عليه السلام) في كتاب له: جعلت فداك، يا سيدي، علم مولاك ما لا يقبل لقائله دعوة، و ما لا يؤخر لفاعله دعوة، و ما حد الاستغفار الذي وعد عليه نوح، و الاستغفار الذي لا يعذب قائله، و كيف يلفظ بهما؟ و معنى قوله: وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ «1» وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ «2» و قوله: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ «3»، وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي «4» و إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ؟ و كيف يغير القوم ما بأنفسهم؟

فكتب (صلوات الله عليه): «كافأكم الله عني بتضعيف الثواب، و الجزاء الحسن الجميل، و عليكم جميعا السلام و رحمة الله و بركاته، الاستغفار ألف، و التوكل: من توكل على الله فهو حسبه، و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب، و أما قوله: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ أي من قال بالأئمة و اتبع أمرهم بحسن طاعتهم، و أما التغير فإنه لا يسي ء إليهم حتى يتولوا ذلك بأنفسهم بخطاياهم، و ارتكابهم ما نهى عنه»

و كتب بخطه.

سورة الرعد(13): الآيات 12 الي 13 ..... ص : 237

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 206/ 19.

6- تفسير العيّاشي 2: 206/ 20.

7- تفسير العيّاشي 2: 206/ 21.

(1) الطلاق 65: 2، 4، 5.

(2) الأنفال 8: 49.

(3) طه 20: 123.

(4) طه 20: 124.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 238

وَ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَ هُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ [12- 13]

5493/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، و محمد بن بكران النقاش، و محمد بن إبراهيم ابن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: قال الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً.

قال (عليه السلام): «خوفا للمسافر، و طمعا للمقيم».

5494/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان علي (عليه السلام) يقوم في المطر أول ما تمطر حتى يبتل رأسه و لحيته و ثيابه، فقيل له: يا أمير المؤمنين، الكن «1» الكن، فقال: إن هذا ماء قريب العهد بالعرش، ثم أنشأ يحدث، فقال: إن تحت العرش بحرا فيه ماء ينبت أرزاق الحيوانات، فإذا أراد الله (عز ذكره) أن ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه لهم، أوحى الله إليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء، حتى يصير إلى سماء الدنيا- فيما أظن- فيلقيه إلى السحاب، و السحاب بمنزلة الغربال، ثم يوحي الله إلى الريح أن اطحنيه و أذيبيه ذوبان الماء،

ثم انطلقي به إلى موضع كذا و كذا فامطري عليهم.

فيكون كذا و كذا عبابا و غير ذلك، فتقطر عليهم على النحو الذي يأمرها به، فليس من قطرة تقطر إلا و معها ملك حتى يضعها موضعها، و لم تنزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد و وزن معلوم، إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح (عليه السلام)، فإنه نزل ماء منهمر بلا وزن و لا عدد».

5495/ [3]- قال: و حدثني أبو عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال لي أبي (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله عز و جل جعل السحاب غرابيل للمطر، هي تذيب البرد حتى يصير ماء كي لا يضر به شيئا يصيبه، و الذي ترون فيه من البرد و الصواعق نقمة من الله عز و جل يصيب بها من يشاء من عباده. ثم قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تشيروا إلى المطر، و لا إلى الهلال، فإن الله يكره ذلك».

و روى ذلك الحميري في (قرب الإسناد) بإسناده، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2».

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 294/ 51.

2- الكافي 8: 239/ 326.

3- الكافي 8: 240 ذيل الحديث (326).

(1) الكنّ: ما يرد الحرّ و البرد من الأبنية و المساكن. «النهاية- كنن- 4: 206». [.....]

(2) قرب الإسناد: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 239

5496/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد ابن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يموت المؤمن بكل ميتة إلا

الصاعقة، لا تأخذه و هو يذكر الله عز و جل».

5497/ [5]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ميتة المؤمن؟

قال: «يموت المؤمن بكل ميتة، يموت غرقا، و يموت بالهدم، و يبتلى بالسبع، و يموت بالصاعقة، و لا تصيب ذاكر الله عز و جل».

5498/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الصواعق لا تصيب ذاكرا» قال: قلت: و ما الذاكر؟ قال: «من قرأ مائة آية».

5499/ [7]- العياشي: عن يونس بن عبد الرحمن، أن داود قال: كنا عنده فأرعدت السماء، فقال هو: «سبحان من يسبح له الرعد بحمده و الملائكة من خيفته» فقال له أبو بصير: جعلت فداك، إن للرعد كلاما؟ فقال: «يا أبا محمد، سل عما يعنيك، و دع ما لا يعنيك».

5500/ [8]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرعد، أي شي ء يقول؟ قال: «إنه بمنزلة الرجل يكون في الإبل فيزجرها، هاي هاي، كهيئة ذلك».

قلت: فما البرق؟ قال لي: «تلك من مخاريق «1» الملائكة، تضرب السحاب فتسوقه إلى الموضع الذي قضى الله فيه المطر».

5501/ [9]- محمد بن إبراهيم النعماني: بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت عليا (عليه السلام)- في حديث، فيه- في قوله تعالى: وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ قال: «يريد المكر».

5502/ [10]- قال علي بن إبراهيم: قوله: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً يعني يخافه قوم، و يطمع فيه قوم، أن يمطروا: وَ يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ

يعني يرفعها من الأرض. وَ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ و هو الملك الذي يسوق السحاب وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَ هُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ

__________________________________________________

4- الكافي 2: 363/ 1.

5- الكافي 2: 363/ 3.

6- الكافي 2: 363/ 2.

7- تفسير العياشي 2: 207/ 22.

8- تفسير العياشي 2: 207/ 23.

9- الغيبة: 278/ 62.

10- تفسير القمي 1: 361.

(1) المخراق: منديل أو نحوه يلوى فيضرب به، أو يلف فيفزع به، و أراد هنا أنها آلة تزجر بها الملائكة السحاب و تسوقه، انظر «لسان العرب- خرق- 10: 76».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 240

أي شديد الغضب.

5503/ [11]- الشيخ في (الأمالي)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا نصر بن القاسم بن نصر أبو ليث الفرائضي، و عمرو بن أبي حسان «1» الزيادي، قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا ديلم بن غزوان العبدي، و علي بن أبي سارة الشيباني، قالا: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعث رجلا إلى فرعون من فراعنة العرب يدعوه إلى الله عز و جل، فقال لرسول النبي (صلى الله عليه و آله): أخبرني عن هذا الذي تدعوني إليه، أمن فضة هو، أم من ذهب، أم من حديد؟ فرجع إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، و أخبره بقوله، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «ارجع إليه فادعه»، قال: يا نبي الله، إنه أعتى من ذلك.

قال: «إرجع إليه» فرجع إليه، فقال كقوله، فبينا هو يكلمه إذ رعدت سحابة رعدة فألقت على رأسه صاعقة ذهبت بقحف رأسه، فأنزل الله جل ثناؤه: وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ

يَشاءُ وَ هُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ.

سورة الرعد(13): آية 14 ..... ص : 240

قوله تعالى:

لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْ ءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَ ما هُوَ بِبالِغِهِ وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ [14]

5504/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْ ءٍ «فهذا مثل ضربه الله للذين يعبدون الأصنام، و الذين يعبدون آلهة من دون الله، فلا يستجيبون لهم بشي ء، و لا ينفعهم إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ ليبلغ فاه ليتناوله من بعيد و لا يناله».

5505/ [2]- و قال علي بن إبراهيم في قوله: وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ أي في بطلان.

5506/ [3]- ثم قال: حدثني أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، رأيت أمرا عظيما، فقال: و ما رأيت؟ قال: كان لي

__________________________________________________

11- الأمالي 2: 99.

1- تفسير القمّي 1: 361.

2- تفسير القمّي 1: 361.

3- تفسير القمّي 1: 361.

(1) في المصدر: عمرو بن أبي هشام. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 241

مريض، و نعت له ماء من بئر بالأحقاف «1» يستشفى به في برهوت «2»، قال: فانتهيت و معي قربة و قدح لآخذ من مائها و أصب في القربة و إذا بشي ء قد هبط من جو السماء كهيئة السلسلة، و هو يقول: يا هذا، اسقني، الساعة أموت. فرفعت رأسي، و رفعت إليه القدح لأسقيه، فإذا رجل في عنقه سلسلة، فلما ذهبت أناوله القدح، اجتذب مني حتى

علق بالشمس، ثم أقبلت على الماء أغترف إذ أقبل الثانية و هو يقول: العطش العطش، يا هذا، اسقني، الساعة أموت. فرفعت القدح لأسقيه، فاجتذب مني حتى علق بالشمس، حتى فعل ذلك الثالثة، فقمت و شددت قربتي و لم أسقه.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ذاك قابيل بن آدم الذي قتل أخاه، و هو قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْ ءٍ إلى قوله: إِلَّا فِي ضَلالٍ».

سورة الرعد(13): آية 15 ..... ص : 241

قوله تعالى:

وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ [15] 5507/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ قال: بالعشي، قال: ظل المؤمن يسجد طوعا، و ظل الكافر يسجد كرها، و هو نموهم و حركتهم و زيادتهم و نقصانهم.

5508/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً الآية: «أما من يسجد من أهل السماوات طوعا، فالملائكة يسجدون لله طوعا، أما من يسجد من أهل الأرض طوعا، فمن «3» ولد في الإسلام فهو يسجد له طوعا، و أما من يسجد له كرها، فمن اجبر على الإسلام، و أما من لم يسجد فظله يسجد له بالغداة و العشي».

5509/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن غالب بن عبد الله، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 361.

2- تفسير القمّي 1: 362.

3- الكافي 2: 379/ 1.

(1) في «س»: بين الأحقاف.

(2) برهوت: بفتح الأول و الثاني و ضمّ الهاء و سكون

الواو، باليمن يوضع فيه أرواح الكفار، و قيل: بئر بحضرموت، و قيل: هو اسم للبلد الذي فيه هذا البئر. «معجم البلدان 1: 405».

(3) في «س» و «ط»: الأرض ممن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 242

أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى: وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ.

قال: «هو الدعاء قبل طلوع الشمس و قبل غروبها، و هي ساعة إجابة».

5510/]

- العياشي: عن عبد الله بن ميمون القداح، قال: سمعت زيد بن علي يقول: يا معشر من يحبنا، ألا ينصرنا «1» من الناس أحد؟ فإن الناس لو يستطيعون أن يحبونا لأحبونا، و الله لأحبتنا أشد خزانة من الذهب و الفضة، إن الله خلق ما هو خالق ثم جعلهم أظلة، ثم تلا هذه الآية وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً الآية، ثم أخذ ميثاقنا و ميثاق شيعتنا، فلا ينقص منها واحد، و لا يزداد فينا واحد.

سورة الرعد(13): آية 16 ..... ص : 242

قوله تعالى:

قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ [16] 5511/ [5]- قال علي بن إبراهيم: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَ فَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَ لا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ يعني المؤمن و الكافر أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَ النُّورُ أما الظلمات فالكفر، و أما النور فهو الإيمان، ثم قال في قوله: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ: الآية محكمة.

سورة الرعد(13): الآيات 17 الي 18 ..... ص : 242

قوله تعالى:

أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ- إلى قوله تعالى- وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ [17- 18] 5512/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها يقول: الكبير على قدر كبره، و الصغير على قدر صغره: فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَ مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ.

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 207/ 24.

5- تفسير القمّي 1: 362.

6- تفسير القمّي 1: 362.

(1) في المصدر: لا ينصرنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 243

ثم قال: قول الله: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً يقول: أنزل الحق من السماء فاحتملته القلوب بأهوائها، ذو اليقين على قدر يقينه، و ذو الشك على قدر شكه، فاحتمل الهوى باطلا كثيرا و جفاء، فالماء هو الحق، و الأودية هي القلوب، و السيل هو الهوى، و الزبد هو الباطل، و الحلية و المتاع هو الحق، قال الله: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ فالزبد و خبث الحديد «1» هو الباطل، و المتاع و الحلية هو الحق، من أصاب

الزبد و خبث الحديد «2» في الدنيا لم ينتفع به، و كذلك صاحب الباطل يوم القيامة لا ينتفع به، و أما المتاع و الحلية فهو الحق، من أصاب الحلية و المتاع في الدنيا انتفع به، و كذلك صاحب الحق يوم القيامة ينتفع به، كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ.

5513/ [2]- ثم قال أيضا: قوله: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً أي مرتفعا، وَ مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ يعني ما يخرج من الماء من الجواهر و هو مثل، أي يثبت الحق في قلوب المؤمنين، و في قلوب الكفار لا يثبت كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً يعني يبطل وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ و هذا مثل للمؤمنين و المشركين، و قال الله عز و جل: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ فالمؤمن إذا سمع الحديث ثبت في قلبه و أجابه «3» و آمن به، فهو مثل الماء الذي يبقى «4» في الأرض فينبت النبات، و الذي لا ينتفع به يكون مثل الزبد الذي تضربه الرياح فيبطل.

5514/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث يذكره في «5» أحوال الكفار: «و ضرب مثلهم بقوله: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن، فهو يضمحل و يبطل و يتلاشى عند التحصيل، و الذي ينفع الناس

منه فالتنزيل الحقيقي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و القلوب تقبله، و الأرض في هذا الموضع هي محل العلم و قراره».

5515/ [4]- و قال الطبرسي في معنى سوء الحساب، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «هو أن «6» لا يقبل منهم

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 1: 363.

3- الاحتجاج: 249.

4- مجمع البيان 6: 442.

(1) في المصدر: الحلية. [.....]

(2) في المصدر: الحلية.

(3) في «س»: و رجا ربه.

(4) في «ط»: يقع.

(5) في «س»: يذكر من.

(6) في «س»: هؤلاء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 244

حسنة، و لا يغفر لهم سيئة».

5516/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ بِئْسَ الْمِهادُ قال: يمتهدون «1» في النار.

سورة الرعد(13): آية 19 ..... ص : 244

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ [19]

5517/ [2]- ابن شهر آشوب: عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام) أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ. قال: «علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

5518/ [3]- عن محمد بن مروان، عن السدي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى:

أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ،

قال: علي (عليه السلام) كَمَنْ هُوَ أَعْمى قال: الأول.

5519/ [4]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا رفعه، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) في حديث طويل- قال: «يا هشام، ثم ذكر اولي الألباب بأحسن الذكر، و حلاهم بأحسن التحلية «2»، و قال: أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ.

5520/ [5]- و قال الحسن بن علي (عليهما السلام): «إذا طلبتم الحوائج

فاطلبوها من أهلها، قيل: يا بن رسول الله، و من أهلها؟ قال: «الذين قص «3» الله في كتابه و ذكرهم، فقال: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ- قال- هم أولو العقول».

5521/ [6]- العياشي: عن عقبة بن خالد، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأذن لي، و ليس هو في مجلسه، فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه و ليس عليه جلباب، فلما نظر إلينا، قال: «أحب لقاءكم» ثم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 363.

2- المناقب 3: 61.

3- المناقب 3: 60.

4- الكافي 1: 12.

5- الكافي 1: 15/ 12.

6- تفسير العيّاشي 2: 207/ 25.

(1) في «س»: يتمهّدون، و في المصدر: يمهدون. و المهاد: الفراض، و مهد لنفسه: كسب و عمل، و مهد لنفسه خيرا و امتهده: هيّأه و توطأه «لسان العرب- مهد- 3: 410» و التمهّد: التمكّن «الصحاح- مهد- 3: 541».

(2) في المصدر: الحلية.

(3) في «ط»: خصّ. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 245

جلس، ثم قال: «أنتم أولو الألباب في كتاب الله، قال الله: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ».

5522/ [6]- عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «تفكر ساعة خير من عبادة سنة، قال الله: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ».

سورة الرعد(13): الآيات 20 الي 21 ..... ص : 245

قوله تعالى:

الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ لا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ [20- 21]

5523/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن الرحم معلقة بالعرش، تقول: اللهم صل من وصلني و اقطع من قطعني، و هي رحم

آل محمد، و هو قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ و رحم كل ذي رحم».

5524/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن صفوان الجمال، قال: وقع بين أبي عبد الله (عليه السلام) و بين عبد الله بن الحسن كلام، حتى وقعت الضوضاء بينهم، و اجتمع الناس، فافترقا عشيتهما بذلك، و غدوت في حاجة، فإذا أنا بأبي عبد الله (عليه السلام) على باب عبد الله بن الحسن، و هو يقول: «يا جارية، قولي لأبي محمد يخرج» قال: فخرج فقال: يا أبا عبد الله، ما بكر بك؟ فقال: «إني تلوت آية في كتاب الله عز و جل البارحة، فأقلقتني». قال: و ما هي؟ قال: «قول الله جل و عز ذكره: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ» فقال: صدقت، لكأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله جل و عز قط، فاعتنقا و بكيا.

5525/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ فقال:

«قرابتك».

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 208/ 26.

1- الكافي 2: 121/ 7.

2- الكافي 2: 124/ 23.

3- الكافي 2: 125/ 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 246

5526/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان و هشام بن الحكم، و درست بن أبي منصور، عن عمر

بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ؟

قال: «نزلت في رحم آل محمد (عليه السلام) و قد تكون في قرابتك» ثم قال: «فلا تكونن ممن يقول للشي ء إنه في شي ء واحد» «1».

5527/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «و مما فرض الله عز و جل أيضا في المال من غير الزكاة، قوله عز و جل: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ».

5528/ [6]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن حماد بن عثمان قال: دخل رجل على أبي عبد الله (عليه السلام) فشكا إليه رجلا من أصحابه، فلم يلبث أن جاء المشكو، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «ما لفلان يشكوك؟» فقال له: يشكوني أني أستقضيت «2» منه حقي. قال: فجلس أبو عبد الله (عليه السلام) مغضبا، ثم قال: «كأنك إذا استقضيت حقك لم تسئ؟! أ رأيت ما حكى الله عز و جل في كتابه:

يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ؟ أ ترى أنهم خافوا الله أن يجور عليهم؟ لا و الله ما خافوا إلا الاستقضاء، فسماه الله عز و جل: سوء الحساب، فمن استقضى فقد أساء».

5529/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: «إن رحم آل محمد (صلى الله عليه و آله) معلقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني و اقطع من قطعني، و هي تجري في كل رحم، و نزلت هذه الآية في آل محمد، و ما عاهدهم

عليه، و ما أخذ عليهم من الميثاق في الذر من ولاية أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) بعده، و هو قوله: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ لا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ الآية، ثم ذكر أعداهم، فقال:

وَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ «3» يعني في أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو الذي أخذ الله عليهم في الذر، و أخذ عليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغدير خم ثم قال: أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ «4»».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 125/ 28.

5- الكافي 3: 498/ 8.

6- الكافي 5: 100/ 1، تفسير القمّي 1: 363.

7- تفسير القمّي 1: 363.

(1) قال الفيض الكاشاني (رحمه اللّه): يعني إذا نزلت آية في شي ء خاصّ، فلا تخصّص حكمها بذلك الأمر بل عمّمه في نظائره، الوافي 5:

505/ 442.

(2) في تفسير القمّي: بالصاد المهملة في المواضع كافة، و معنى استقضيت منه: طلبت منه حقّي أن يقضيه. و استقصى المسألة: بلغ النهاية في طلبها.

(3) الرعد 13: 25.

(4) الرعد 13: 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 247

5530/ [8]- ابن بابويه، عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لرجل: «يا فلان، ما لك و لأخيك؟» فقال:

جعلت فداك، كان لي عليه شي ء فاستقصيت «1» في حقي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ أ تراهم خافوا أن يجور عليهم أو يظلمهم؟ لا، و لكنهم خافوا الاستقصاء و المداقة» «2».

5531/ [9]- الحسين بن سعيد: عن القاسم، عن عبد الصمد بن بشير، عن

معاوية، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «إن صلة الرحم تهون الحساب يوم القيامة» ثم قرأ: يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ.

5532/ [10]- العياشي: عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الرحم معلقة بالعرش، تقول:

اللهم صل من وصلني و اقطع من قطعني، و هي رحم آل محمد و رحم كل مؤمن، و هو قول الله: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ».

5533/ [11]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): بر الوالدين و صلة الرحم يهون الحساب. ثم تلا هذه الآية وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ.

5534/ [12]- عن محمد بن الفضيل، قال: سمعت العبد الصالح (عليه السلام) يقول: وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ قال: «هي رحم آل محمد، معلقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني، و اقطع من قطعني، و هي تجري في كل رحم».

5535/ [13]- عن عمر بن مريم، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ.

قال: «من ذلك، صلة الرحم، و غاية تأويلها صلتك إيانا».

5536/ [14]- عن صفوان بن مهران الجمال، قال: وقع بين عبد الله بن الحسن و بين أبي عبد الله (صلوات الله عليه)

__________________________________________________

8- معاني الأخبار: 246/ 1.

9- الزهد: 37/ 99. [.....]

10- تفسير العيّاشي 2: 208/ 27.

11- تفسير العيّاشي 2: 208/ 28.

12- تفسير العيّاشي 2: 208/ 29.

13- تفسير العيّاشي 2: 208/ 30.

14- تفسير العيّاشي 2: 208/ 31.

(1) في «ط» زيادة: عليه.

(2) داقّه

في الحساب: أي حاسبه بالدقّة. «المعجم الوسيط 1: 291».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 248

كلام، حتى ارتفعت أصواتهما، و اجتمع الناس، ثم افترقا تلك العشية، فلما أصبحت غدوت في حاجة لي، فإذا أبو عبد الله (عليه السلام) على باب عبد الله بن الحسن، و هو يقول: «قولي- يا جارية- لأبي محمد: هذا أبو عبد الله بالباب» فخرج عبد الله بن الحسن و هو يقول: يا أبا عبد الله، ما بكر بك؟ قال: «إني تلوت البارحة آية من كتاب الله فأقلقتني».

قال: و ما هي؟ قال: «قوله عز و جل: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ». قال: فاعتنقا و بكيا جميعا ثم قال عبد الله بن الحسن: صدقت- و الله- يا أبا عبد الله، كأن لم تمر بي هذه الآية قط.

5537/ [15]- و كتب إلينا الفضل بن شاذان، عن أبي عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد، عن سالمة- مولاة ام ولد كانت لأبي عبد الله- قالت: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، حين حضرته الوفاة، فأغمي عليه، فلما أفاق، قال: «اعطوا الحسن بن علي بن الحسين- و هو الأفطس- سبعين دينارا».

قلت: أ تعطي رجلا حمل عليك بالشفرة «1»؟ قال: «ويحك، أما تقرئين القرآن؟». قالت: بلى، قال: «أما سمعت قول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ» قال: «و قال: يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ- قال- هو صلة الإمام».

5538/ [16]- عن الحسن بن موسى قال: روى أصحابنا أنه سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول تعالى:

وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ

بِهِ أَنْ يُوصَلَ.

قال: «هو صلة الامام في كل سنة بما قل أو كثر» ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و ما أريد بذلك إلا تزكيتكم».

5539/ [17]- عن سماعة، قال: سألته عن قول الله: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ.

فقال: «هو ما افترض الله في المال غير الزكاة، و من أدى ما فرض الله عليه، فقد قضى ما عليه».

5540/ [18]- عن سماعة، قال: إن الله فرض للفقراء من أموال الأغنياء فريضة، لا يحمدون بأدائها، و هي الزكاة، بها حقنوا دماءهم، و بها سموا مسلمين، و لكن الله فرض في الأموال حقوقا غير الزكاة، و مما فرض الله في المال غير الزكاة، قوله: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ و من أدى ما فرض الله عليه فقد قضى ما عليه، و أدى شكر ما أنعم الله عليه من ماله، إذا هو حمده على ما أنعم عليه، بما فضله به من السعة على غيره، و لما وفقه لأداء ما افترض الله، و أعانه عليه.

5541/ [19]- عن أبي إسحاق، قال: سمعته يقول في سُوءَ الْحِسابِ: «لا تقبل حسناتهم، و يؤخذون

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 2: 209/ 32 و 33.

16- تفسير العيّاشي 2: 209/ 34.

17- تفسير العيّاشي 2: 209/ 35.

18- تفسير العيّاشي 2: 210/ 36، الكافي 3: 498/ 8.

19- تفسير العيّاشي 2: 210/ 37.

(1) الشّفرة- بالفتح: السكّين العظيم. «الصحاح- شفر- 2: 701».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 249

بسيئاتهم».

5542/ [20]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ.

قال: «تحسب عليهم السيئات، و لا «1» تحسب لهم الحسنات، و هو الاستقصاء».

5543/ [21]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)

في قوله: وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ.

قال: «الاستقصاء و المداقة» و قال: «تحسب عليهم السيئات، و لا تحسب لهم الحسنات».

5544/ [22]- عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لرجل: «يا فلان، مالك و لأخيك؟» قال:

جعلت فداك، كان لي عليه حق فاستقصيت منه حقي. قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أخبرني عن قول الله: وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ أ تراهم خافوا أن يجور عليهم أو يظلمهم؟ لا و الله، خافوا الاستقصاء و المداقة».

5545/ [23]- قال محمد بن عيسى: و بهذا الإسناد، أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال لرجل شكاه بعض إخوانه: «ما لأخيك فلان يشكوك؟» قال: أ يشكوني إذا استقصيت حقي؟ قال: فجلس مغضبا ثم قال: «كأنك إذا استقصيت لم تسئ؟! أ رأيت ما حكى الله تبارك و تعالى: وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ أخافوا أن يجور عليهم الله؟ لا و الله ما خافوا إلا الاستقصاء، فسماه الله عز و جل: سُوءَ الْحِسابِ فمن استقصى فقد أساء».

5546/ [24]- عن الحسين بن عثمان، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن صلة الرحم تزكي الأعمال، و تنمي الأموال، و تيسر الحساب، و تدفع البلوى، و تزيد في العمر» «2».

5547/ [25]- ابن شهر آشوب: عن محمد بن الفضيل «3»، عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) في قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، قال: «هي رحم آل محمد (عليهم السلام)».

5548/ [26]- الطبرسي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سوء الحساب أن يحسب عليهم السيئات، و لا يحسب لهم الحسنات، و هو الاستقصاء».

__________________________________________________

20- تفسير العيّاشي 2: 210/ 38. [.....]

21- تفسير العيّاشي 2: 210/ 39.

22- تفسير

العيّاشي 2: 210/ 40.

23- تفسير العيّاشي 2: 210/ 41.

24- تفسير العيّاشي 2: 210/ 41.

25- المناقب 2: 168.

26- مجمع البيان 6: 444.

(1) (لا) ليس في «س».

(2) في المصدر: الأعمار.

(3) في المصدر: محمّد بن المفضّل. و كلاهما روى عن الامام موسى بن جعفر (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 250

سورة الرعد(13): آية 22 ..... ص : 250

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ [22] 5549/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ يعني يدفعون.

5550/ [2]- و عنه، قال: و حدثني أبي، عن حماد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (صلوات الله عليه): يا علي، ما من دار فيها فرحة إلا تبعتها ترحة، و ما من هم إلا و له فرج، إلا هم أهل النار، فإذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها سريعا، و عليك بصنائع الخير، فإنها تدفع مصارع السوء. و إنما قال رسول (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) على حد التأديب للناس، لا بأن لأمير المؤمنين (عليه السلام) سيئات عملها».

5551/ [3]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن محمد بن قيس، عن أبي سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما، واضعا يده على كتف العباس، فاستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعانقه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قبل ما بين عينيه، ثم سلم العباس على علي (عليه السلام) فرد عليه ردا خفيفا «1»، فغضب العباس، فقال: يا رسول الله، لا يدع

علي زهوه. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا عباس، لا تقل ذلك في علي، فإني لقيت جبرئيل آنفا، فقال لي: لقيني الملكان الموكلان بعلي الساعة، فقالا: ما كتبنا عليه ذنبا منذ ولد إلى هذا اليوم».

سورة الرعد(13): الآيات 23 الي 24 ..... ص : 250

قوله تعالى:

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 364.

2- تفسير القمّي 1: 364.

3- تفسير القمّي 1: 364.

(1) في «ص»: خفيا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 251

سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [23- 24] 5552/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: نزلت في الأئمة (عليهم السلام) و شيعتهم الذين صبروا.

5553/ [2]- و عنه، قال: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نحن صبر و شيعتنا أصبر منا، لأنا صبرنا بعلم، و صبروا على ما لا يعلمون».

5554/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنا صبر و شيعتنا أصبر منا»، قلت: جعلت فداك، كيف صارت شيعتكم أصبر منكم؟

قال: «لأنا نصبر على ما نعلم، و شيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون».

5555/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن الأصبغ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل، و أحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عز و جل عليك، و الذكر ذكران: ذكر الله عز و جل عند المصيبة، و أفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرم عليك فيكون حاجزا».

5556/ [5]-

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، قال: أخبرني يحيى بن سليم الطائفي، قال: أخبرني عمرو بن شمر اليماني، يرفع الحديث إلى علي (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، و صبر على الطاعة، و صبر المعصية فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها، كتب الله له ثلاثمائة درجة، ما بين الدرجة، إلى الدرجة، كما بين السماء إلى الأرض و من صبر على الطاعة، كتب الله له ستمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة، كما بنى تخوم الأرض إلى العرش و من صبر عن المعصية، كتب الله له تسعمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة، كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش».

5557/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه، كان له من الأجر مثل «1» ألف شهيد».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 365. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 365.

3- الكافي 2: 76/ 25.

4- الكافي 2: 74/ 11.

5- الكافي 2: 75/ 15.

6- الكافي 2: 75/ 17.

(1) في المصدر: له مثل أجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 252

5558/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن مرحوم، عن أبي سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه، و الزكاة عن يساره، و البر مطل عليه، و يتنحى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال الصبر للصلاة و

الزكاة و البر: دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عنه فأنا دونه».

5559/ [8]- العياشي: عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، إن رجلا من أصحابنا ورعا مسلما كثير الصلاة، قد ابتلي بحب اللهو، و هو يسمع الغناء؟ فقال: «أ يمنعه ذلك من الصلاة لوقتها، أو من صوم، أو من عبادة مريض، أو حضور جنازة، أو زيارة أخ؟» قال: قلت: لا، ليس يمنعه ذلك من شي ء من الخير و البر. قال: فقال: «هذا من خطوات الشيطان، مغفور له ذلك إن شاء الله».

ثم قال: «إن طائفة من الملائكة عابوا ولد آدم في اللذات و الشهوات، أعني لكم الحلال ليس الحرام،- قال- فأنف الله للمؤمنين من ولد آدم من تعيير الملائكة لهم- قال- فألقى الله في هم أولئك الملائكة اللذات و الشهوات، كيلا يعيبوا المؤمنين- قال- فلما جرى ذلك في «1» همهم، عجوا إلى الله من ذلك، فقالوا: ربنا عفوك عفوك، ردنا إلى ما خلقتنا له و اخترتنا «2» عليه، فإنا نخاف أن نصير في أمر مريج «3»- قال- فنزع الله ذلك من همهم- قال- فإذا كان يوم القيامة، و صار أهل الجنة في الجنة، استأذن أولئك الملائكة على أهل الجنة، فيؤذن لهم، فيدخلون عليهم فيسلمون عليهم، و يقولون لهم: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ في الدنيا عن اللذات و الشهوات الحلال».

5560/ [9]- عن محمد بن الهيثم، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ على الفقر في الدنيا فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ- قال- يعني الشهداء».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- معنى قوله: وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ في سورة مريم، في قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ

إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً «4».

سورة الرعد(13): آية 25 ..... ص : 252

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ [25]

__________________________________________________

7- الكافي 2: 73/ 8.

8- تفسير العيّاشي 2: 211/ 42.

9- تفسير العيّاشي 2: 211/ 43.

(1) في المصدر: فلمّا أحسوا ذلك من.

(2) في المصدر: أجبرتنا.

(3) مرج الأمر و مروجا، مرجا: التبس و اختلط فهو مارج، و مريج. «المعجم الوسيط- مرج- 2: 860».

(4) مريم 19: 85.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 253

تقدم عن قريب حديث في معنى هذه الآية، في قوله تعالى: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ لا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ رواية محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام) «1».

سورة الرعد(13): الآيات 28 الي 29 ..... ص : 253

قوله تعالى:

الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ [28- 29] 5561/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الَّذِينَ آمَنُوا: الشيعة، و ذكر الله: أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)، ثم قال:

أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ أي حسن مرجع.

5562/ [2]- العياشي: عن خالد بن نجيح، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قوله: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.

فقال: «بمحمد (عليه و آله السلام) تطمئن القلوب، و هو ذكر الله و حجابه».

5563/ [3]- و عن أنس بن مالك، أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ثم قال لي: «أ تدري يا بن ام سليم، من هم؟» قلت: من هم، يا رسول الله؟ قال:

«نحن أهل البيت، و شيعتنا».

5564/ [4]- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن

رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «طوبى: شجرة في الجنة، في دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ليس أحد من شيعته إلا و في داره غصن من أغصانها، و الورقة من أوراقها تستظل تحتها امة من الأمم».

و قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يكثر تقبيل فاطمة (عليها السلام)، فأنكرت ذلك عائشة، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا عائشة، إني لما أسري بي إلى السماء، دخلت الجنة، فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 365. [.....]

2- تفسير العيّاشي 2: 211/ 44.

3- ... خصائص الوحي المبين: 185/ 138، تأويل الآيات 1: 233/ 11 و فيه: عن ابن عباس، و لا يصحّ، لأنّ أمّ سليم الوارد ذكرها في الخبر هي أمّ أنس و ليست أمّ ابن عباس.

4- تفسير القمّي 1: 365.

(1) تقدم في الحديث (7) من تفسير الآيات (20- 21) من سورة الرعد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 254

و ناولني من ثمارها فأكلته، فحول الله تعالى ذلك ماء، في ظهري، فلما هبطت إلى الأرض، واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتها قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها».

5565/ [5]- و عنه: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث الإسراء بالنبي (صلى الله عليه و آله)-، قال فيما رأى ليلة الإسراء، قال: «فإذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها، ما دارها سبعمائة «1» سنة، و ليس في الجنة منزل إلا و فيه فنن «2» منها. فقلت: ما هذه يا جبرئيل؟ فقال: هذه شجرة طوبى، قال الله تعالى: طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ».

5566/ [6]- ابن بابويه: قال:

حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مسعود، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي البوفكي، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن مروان بن مسلم، عن أبي بصير، قال: قال الصادق (عليه السلام): «طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا، فلم يزغ قلبه بعد الهداية».

فقلت له: جعلت فداك، و ما طوبى؟ قال: «شجرة في الجنة، أصلها في دار علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ليس من مؤمن الا و في داره غصن من أغصانها، و ذلك قول الله عز و جل: طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ».

5567/ [7]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن لأهل الدين علامات يعرفون بها: صدق الحديث، و أداء الأمانة و وفاء العهد، و صلة الأرحام، و رحمة الضعفاء، و قلة المراقبة للنساء- أو قال: قلة المؤاتاة للنساء- و بذل المعروف، و حسن الخلق، و سعة الخلق، و اتباع العلم و ما يقرب إلى الله عز و جل زلفى طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ و طوبى: شجرة في الجنة أصلها في دار النبي محمد (صلى الله عليه و آله)، و ليس من مؤمن إلا و في داره عصن منها، لا يخطر على قلبه شهوة شي ء إلا أتاه به ذلك، و لو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام، ما خرج منه، و لو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما. ألا ففي

هذا فارغبوا، إن المؤمن من نفسه في شغل، و الناس منه في راحة، إذا جن عليه الليل افترش وجهه و سجد لله عز و جل بمكارم بدنه، يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا فهكذا كونوا».

و روى هذا الحديث، ابن بابويه، في (أماليه)، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) مثله، إلا أن فيه: «و قلة المؤاتاة للنساء» و ساق الحديث بتغيير

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 11.

6- معاني الأخبار: 112/ 1، و نحوه في تفسير الحبري: 284/ 40، و خصائص الوحي المبين: 231/ 177، و العمدة: 351/ 675.

7- في المصدر: 2: 187/ 30.

(1) في المصدر: تسعمائة.

(2) في «ط»: غصن، و في المصدر: فيها فرع، و جميعها بمعنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 255

يسير في بعض الألفاظ.

هذا مما يحضرني من نسخة الكتاب، و هو في المجلس التاسع و الثلاثين «1».

5568/ [8]- العياشي: عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس ذات يوم، إذ دخلت عليه ام أيمن و في ملحفتها «2» شي ء، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا ام أيمن، أي شي ء في ملحفتك؟ فقالت: يا رسول الله، فلانة بنت فلانة أملكوها فنثروا عليها، فأخذت من نثارها شيئا. ثم إن ام أيمن بكت، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما يبكيك؟ فقالت:

فاطمة زوجتها

فلم تنثر عليها شيئا! فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تبكي، فو الذي بعثني بالحق بشيرا و نذيرا، لقد شهد إملاك فاطمة جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل في ألوف من الملائكة، و لقد أمر الله طوبى فنثرت عليهم من حللها و سندسها و إستبرقها و درها و زمردها و ياقوتها و عطرها، فأخذوا منه حتى ما دروا ما يصنعون به، و لقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة، فهي في دار علي بن أبي طالب».

5569/ [9]- عن أبان بن تغلب، قال: كان النبي (صلى الله عليه و آله): يكثر تقبيل فاطمة (صلوات الله عليها)، قال: فعاتبته على ذلك عاƘԘɘ̠فقالت: يا رسول الله، إنك لتكثر تقبيل فاطمة؟ فقال لها: «ويلك، لما أن عرج بي إلى السماء، مر بي جبرئيل على شجرة طوبى، فناولني من ثمرها فأكلتها، فحول الله ذلك إلى ظهري، فلما أن هبطت إلى الأرض، واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلت فاطمة إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها».

5570/ [10]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «طوبى: شجرة تخرج من جنة عدن، قد غرسها ربنا بيده».

5571/ [11]- عن أبي قتيبة تميم بن ثابت، عن ابن سيرين، في قوله: طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ قال:

طوبى: شجرة في الجنة، أصلها في حجرة علي (عليه السلام)، و ليس في الجنة حجرة إلا فيها غصن من أغصانها.

5572/ [12]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن المؤمن إذا لقي أخاه و تصافحا، لم تزل الذنوب تتحات عنهما ما داما متصافحين، كتحات الورق عن الشجر، فإذا افترقا، قال ملكاهما: جزا كما الله خيرا عن أنفسكما، فإذا التزم كل واحد منهما صاحبه،

ناداهما مناد، طوبى لكما و حسن مآب، و طوبى: شجرة في الجنة،

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 211/ 45.

9- تفسير العيّاشي 2: 212/ 46، و نحوه في ذخائر العقبى: 36، و ينابيع المودة: 197.

10- تفسير العيّاشي 2: 212/ 47.

11- تفسير العيّاشي 2: 212/ 48، مناقب ابن المغازلي: 268/ 315، الدر المنثور 4: 644.

12- تفسير العيّاشي 2: 212/ 49. [.....]

(1) الأمالي: 183/ 7.

(2) الملحفة: اللباس الذي فوق سائر اللباس، من دثار البرد و نحوه «لسان العرب- لحف- 9: 314».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 256

أصلها في دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، و فرعها في منازل أهل الجنة، فإذا افترقا ناداهما ملكان كريمان: أبشرا يا وليي الله بكرامة الله، و الجنة من ورائكما».

5573/ [13]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث، و أداء الأمانة، و وفاء العهد، و قلة العجز و البخل، و صلة الأرحام، و رحمة الضعفاء، و قلة المؤاتاة للنساء، و بذل المعروف، و حسن الخلق، و سعة الحلم، و اتباع العلم فيما يقرب إلى الله زلفى: طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ و طوبى: شجرة في الجنة، أصلها في دار رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فليس من مؤمن إلا و في داره غصن من أغصانها، لا ينوي في قلبه شيئا إلا أتاه به ذلك الغصن، و لو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام، ما خرج منها، و لو أن غرابا طار من أصلها، ما بلغ أعلاها حتى يبياض هرما، ألا ففي هذا فارغبوا. إن للمؤمن في نفسه شغلا، و الناس منه في راحة، إذا جن عليه الليل

فرش وجهه، و سجد لله بمكارم بدنه، يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا فهكذا فكونوا».

5574/ [14]- الطبرسي: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بالإسناد عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن طوبى، قال: شجرة أصلها في داري، و فروعها على أهل الجنة، ثم سئل عنها مرة اخرى، فقال: في دار علي. فقيل له في ذلك، فقال: إن داري و دار علي في الجنة بمكان واحد».

5575/ [15]- و في كتاب (صفة الجنة و النار) «1» بالإسناد عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه و آله) في قول الله تبارك و تعالى: طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ «يعني و حسن مرجع، فأما طوبى فإنها شجرة في الجنة، ساقها في دار محمد (صلى الله عليه و آله)، و لو أن طائرا طار من ساقها لم يبلغ فرعها حتى يقتله الهرم، على كل ورقة منها ملك يذكر الله، و ليس في الجنة دار إلا و فيها غصن من أغصانها، و إن أغصانها لترى من وراء سور الجنة، تحمل لهم ما يشاءون من حليها و حللها و ثمارها، لا يؤخذ منها شي ء إلا أعاده الله كما كان، بأنهم كسبوا طيبا، و أنفقوا قصدا، و قدموا فضلا، فقد أفلحوا و أنجحوا».

5576/ [16]- الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، في (مناقب أمير المؤمنين): بإسناده عن بلال بن حمامة «2»، قال: طلع علينا النبي (صلى الله عليه و آله) ذات يوم و وجهه مشرق كدائرة

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 2: 213/ 50.

14- مجمع البيان 6: 448، شواهد التنزيل

1: 304/ 417، ينابيع المودة: 96، تفسير القرطبي 9: 317.

15- الاختصاص: 358.

16- مائة منقبة: 166/ 92.

(1) من كتاب (الاختصاص).

(2) هو بلال بن رباح الحبشي، أبو عبد اللّه، مؤذّن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و خازنه على بيت المال. و حمامة امّه، و هو أحد السابقين للإسلام، شهد المشاهد كلّها مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله). توفّي في دمشق سنة 20 ه. تقريب التهذيب 1: 110، الأعلام للزّركلي 2: 73.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 257

القمر، فقام عبد الرحمن بن عوف، فقال: يا رسول الله، ما هذا النور؟

فقال: «بشارة أتتني من ربي في أخي و ابن عمي، و ابنتي، و إن الله قد زوج عليا بفاطمة، و أمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى، فحملت رقاعا- يعني صكاكا- بعدد محبي أهل بيتي، و أنشأ من تحتها ملائكة من نور، و دفع إلى كل ملك صكا، فإذا استوت القيامة بأهلها، نادت الملائكة في الخلائق: يا محبي علي بن أبي طالب، هلموا خذوا ودائعكم. فلا تلقى محبا «1» لنا أهل البيت إلا دفعت الملائكة إليه صكا فيه فكاكه من النار، فبأخي و ابن عمي و ابنتي فكاك رجال و نساء من النار «2».

و سيأتي هذا الحديث من طريق الجمهور «3».

5577/ [17]- كتاب (الخرائج): إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «يا فاطمة، إن بشارة أتتني من ربي في أخي و ابن عمي، و ابنتي، بأن الله عز و جل زوج عليا بفاطمة، و أمر رضوان- خازن الجنة- فهز شجرة طوبى، فحملت رقاعا بعدد محبي أهل بيتي، و أنشأ ملائكة من تحتها من نور، و دفع إلى كل ملك خطا، فإذا استقرت القيامة

بأهلها، فلا تلقي تلك الملائكة محبا لنا إلا دفعت إليه صكا فيه براءة من النار».

5578/ [18]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أطعم ثلاثة نفر من المؤمنين، أطعمه الله من ثلاث جنان ملكوت السماء: الفردوس، و جنة عدن، و طوبى، و هي شجرة من جنة عدن غرسها ربي بيده».

5579/ [19]- و عنه: بإسناده، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و ذكر تفسير حروف (أبجد) إلى آخرها- فقال: و أما الطاء، ف طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ و هي شجرة غرسها الله عز و جل، و نفخ فيها من روحه، و إن أغصانها لترى من وراء سور الجنة، تنبت بالحلي و الحلل، و الثمار متدلية على أفواهم».

5580/ [20]- و عنه: بإسناده، عن الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): دخلت أم أيمن على النبي (صلى الله عليه و آله) و في ملحفتها شي ء، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما معك يا أم أيمن؟ فقالت: إن فلانة أملكوها فنثروا عليها، فأخذت من نثارها. ثم بكت أم أيمن، فقالت: يا رسول الله، فاطمة زوجتها و لم تنثر عليها شيئا! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أم أيمن، لم تبكين؟ إن الله تبارك و تعالى لما زوجت فاطمة عليا، أمر أشجار

__________________________________________________

17- الخرائج و الجرائح 2: 536/ 11.

18- ثواب الأعمال: 136.

19- معاني الأخبار: 46، ينابيع المودة: 96 و 132.

20- امالي الصدوق: 236/ 3.

(1) في المصدر: فلا يبقى محبّ.

(2) في المصدر: فكاكه من

الرجال و النساء بعوض حبّ علي بن أبي طالب و فاطمة ابنتي و أولادهما. [.....]

(3) يأتي في الحديث (28) من تفسير هذه الآيات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 258

الجنة أن تنثر عليهم من حليها و حللها و ياقوتها و درها و زمردها و إستبرقها، فأخذوا منها ما لا يعلمون، و لقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة، فجعلها في منزل علي».

5581/ [21]- ابن شهر آشوب: عن ابن بطة، و ابن المؤذن، و السمعاني، في كتبهم، بالإسناد، عن ابن عباس، و أنس بن مالك، قالا: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس، إذ جاء علي (عليه السلام) فقال: «يا علي، ما جاء بك؟» قال:

«جئت اسلم عليك»، قال: «هذا جبرئيل يخبرني أن الله تعالى زوجك فاطمة، و أشهد على ذلك أربعين ألف ملك، و أوحى الله إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدر و الياقوت. فنثرت عليهم الدر و الياقوت، فابتدرت إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدر و الياقوت، و هن يتهادين بينهن إلى يوم القيامة، و كانوا يتهادون و يقولون: هذه تحفة خير النساء».

و

في رواية ابن بطة عن عبد الله: «فمن أخذ منه يومئذ شيئا أكثر مما أخذه صاحبه أو أحسن، افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة».

5582/ [22]- و عن خباب بن الأرت، في حديث: «أن الله تعالى أوحى إلى جبرئيل: زوج النور من النور، فكان الولي الله، و الخطيب جبرئيل، و المنادي ميكائيل، و الداعي إسرافيل، و الناثر عزرائيل، و الشهود ملائكة السماوات و الأرضين. ثم أوحى إلى شجرة طوبى: أن انثري ما عليك، فنثرت الدر الأبيض، و الياقوت الأحمر، و الزبرجد الأخضر و اللؤلؤ الرطب، فبادرت الحور العين يلتقطن و

يهدين بعضهن إلى بعض».

5583/ [23]- (كشف الغمة): عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أيها الناس، هذا علي بن أبي طالب، و أنتم تزعمون أني زوجته ابنتي فاطمة، و لقد خطبها إلي أشراف قريش فلم أزوجها «1»، كل ذلك أتوقع الخبر من السماء، حتى جاءني جبرئيل ليلة أربع و عشرين من شهر رمضان، فقال: يا محمد، العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، و قد جمع الروحانيين و الكروبيين في واد يقال له: الأفيح، تحت شجرة طوبى، و زوج فاطمة عليا، و أمرني فكنت الخاطب، و الله تعالى الولي، و أمر شجرة طوبى فحملت الحلي و الدر و الياقوت، ثم نثرته، و أمر الحور العين فاجتمعن و التقطن [فهن يتهادينه إلى يوم القيامة، و يقلن: هذا نثار فاطمة».

5584/ [24]- و عن محمد بن سيرين في قوله تعالى: طُوبى لَهُمْ قال: هي شجرة في الجنة، أصلها في حجرة علي (عليه السلام)، و ليس في الجنة حجرة إلا و فيها غصن من أغصانها.

5585/ [25]- ابن الفارسي في (الروضة)، قال: قال ابن عباس: طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ طوبى شجرة

__________________________________________________

21- المناقب 3: 346، نزهة المجالس 2: 223.

22- المناقب 3: 346.

23- كشف الغمة 1: 367.

24- كشف الغمة 1: 323، مناقب ابن المغازلي: 268/ 315.

25- روضة الواعظين: 105.

(1) في المصدر: فلم أجب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 259

في الجنة، في دار علي (عليه السلام)، ما في الجنة دار إلا و فيها غصن من أغصانها، ما خلق الله من شي ء إلا و هو تحت طوبى، و تحتها مجمع أهل الجنة، يذكرون نعمة الله عليهم، لما تحت طوبى من كثبان المسك كما تحت «1» شجر الدنيا من

الرمل.

5586/ [26]- ابن بابويه في (أماليه): بإسناده، عن عبد الله بن سليمان- و كان قارئا للكتب- في حديث يذكر فيه صفة النبي (صلى الله عليه و آله)، حديث قدسي عن الله عز و جل، قال فيه لعيسى (عليه السلام) في صفة النبي (صلى الله عليه و آله)، قال سبحانه في الصفة: لم ير قبله مثله و لا بعده، طيب الريح، نكاح النساء، ذو النسل القليل، إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة، لا صخب فيه و لا نصب، يكفلها في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك، لها فرخان مستشهدان، كلامه القرآن، و دينه الإسلام و أنا السلام، طوبى لمن أدرك زمانه، و شهد أيامه، و سمع كلامه.

قال عيسى: يا رب، و ما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة، أنا غرستها، تظل الجنان، أصلها من رضوان، ماؤها من تسنيم، برده برد الكافور، و طعمه طعم الزنجبيل، من يشرب من تلك العين شربة لم يظمأ بعدها أبدا.

فقال عيسى: أللهم اسقني منها. قال: حرام- يا عيسى- على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي، و حرام على الأمم أن يشربوا حتى تشرب امة ذلك النبي، أرفعك إلي، ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من امة ذلك النبي العجائب، و لتعينهم على اللعين الدجال، أهبطك في وقت الصلاة لتصلي معهم، إنهم امة مرحومة.

5587/ [27]- و من طريق المخالفين، ما رواه موفق بن أحمد، في كتاب (المناقب): بإسناده عن أحمد بن عامر بن سليمان، عن الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، قال: «حدثني موسى بن جعفر، حدثني أبي جعفر بن محمد، حدثني أبي محمد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين، حدثني أبي الحسين بن علي، حدثني أبي علي

بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أتاني ملك فقال: يا محمد، إن الله عز و جل يقرأ عليك السلام، و يقول: قد زوجت فاطمة من علي، فزوجها منه، و قد أمرت شجرة طوبى أن تحمل الدر و الياقوت و المرجان، و إن أهل السماء قد فرحوا بذلك، و سيولد منهما ولدان سيدا شباب أهل الجنة، و بهما يزين أهل الجنة، فأبشر يا محمد، فإنك خير الأولين و الآخرين».

و روى هذا الحديث من طريق الخاصة ابن بابويه، عن الرضا (عليه السلام) «2».

5588/ [28]- و عن موفق بن أحمد: بإسناده، عن بلال بن حمامة، قال: طلع علينا النبي ذات يوم، و وجهه مشرق كدارة القمر، فقام عبد الرحمن بن عوف، فقال: يا رسول الله، ما هذا النور؟

فقال: «بشارة أتتني من ربي في أخي و ابن عمي، و ابنتي، أن الله تعالى قد زوج عليا من فاطمة، و أمر رضوان

__________________________________________________

26- الامالي: 224/ 8.

27- المناقب: 246.

28- المناقب: 246.

(1) في المصدر: المسك أكثر ممّا تحت.

(2) عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 27/ 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 260

- خازن الجنان- فهز شجرة طوبى، فحملت رقاعا- يعني صكاكا- بعدد محبي أهل بيتي، و أنشأ من تحتها ملائكة من نور، و دفع إلى كل ملك صكا، فإذا كان يوم القيامة، و استوت القيامة بأهلها، نادت الملائكة في الخلائق، فلا تلقى محبا لنا أهل البيت إلا دفعت إليه صكا فيه فكاكه من النار، فبأخي و ابن عمي و ابنتي فكاك رقاب رجال و نساء من امتي من النار».

5589/ [29]- و عنه أيضا: بإسناده عن أم سلمة، و سلمان الفارسي، و علي بن أبي طالب

(عليه السلام) و كل قالوا- و ذكر حديث تزويج علي من فاطمة (عليهما السلام)- و إن الله (عز و جل) لما أشهد على تزويج فاطمة من علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ملائكته، أمر شجرة طوبى أن تنثر حملها و ما فيها من الحلي و الحلل، فنثرت الشجرة ما فيها، و التقطته الملائكة و الحور العين، و إن الحور و الملائكة ليتهادينه و يفتخرن به إلى يوم القيامة.

5590/ [30]- و عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى، ما في الجنة دار و لا قصر و لا حجرة و لا بيت إلا و فيه غصن من تلك الشجرة، و إن أصلها في داري».

ثم أتى عليه ما شاء الله، ثم حدثهم يوما آخر، فقال: «إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى، ما في الجنة قصر و لا بيت و لا دار إلا و فيه من تلك الشجرة غصن، و إن أصلها في دار علي» فقام عمر فقال: يا رسول الله، أو ليس حدثنا عن هذه، و قلت: أصلها في داري؟ ثم حدثتنا ثانيا و تقول: أصلها في دار علي؟ فرفع النبي (صلى الله عليه و آله) رأسه و قال: «أو ما علمت بأن داري و دار علي واحدة، و حجرتي و حجرة علي واحدة، و قصري و قصر علي واحد، و درجتي و درجة علي واحدة و ستري و ستر «1» علي واحد».

فقال: إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله، كيف يصنع؟ قال النبي (صلى الله عليه و آله): «إذا أراد أن يأتي أحدنا أهله، ضرب الله بيني و بينه حجابا من نور، فإذا فرغنا

من تلك الحاجة، رفع الله عنا ذلك الحجاب» فعرف عمر حق علي (عليه السلام).

5591/ [31]- و من تفسير الثعلبي: يرفع الإسناد إلى جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن طوبى، فقال: شجرة في الجنة، أصلها في دار علي، و فرعها على أهل الجنة.

فقالوا: يا رسول الله، سألناك فقلت: أصلها في داري، و فرعها على أهل الجنة؟! فقال: داري و دار علي واحدة في الجنة، بمكان واحد».

سورة الرعد(13): الآيات 31 الي 36 ..... ص : 260

قوله تعالى:

وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى [31]

__________________________________________________

29- المناقب: 251.

30- جامع الآخبار: 174. [.....]

31- ... العمدة: 351/ 676، ينابيع المودة: 96.

(1) في «س، ط» نسخة بدل: و سرّي و سرّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 261

5592/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: لو كان شي ء من القرآن كذلك، لكان هذا.

5593/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر- أو غيره- عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، أخبرني عن النبي (صلى الله عليه و آله)، ورث النبيين كلهم؟ قال: «نعم».

قلت: من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: «ما بعث الله نبيا إلا و محمد (صلى الله عليه و آله) أعلم منه».

قال: قلت: إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله؟ قال: «صدقت، و سليمان بن داود كان يفهم منطق الطير، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقدر على هذه المنازل».

قال: و قال: «إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده و شك في أمره، فقال:

ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ «1» حين فقده فغضب عليه، فقال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «2» و إنما غضب لأنه كان يدله على الماء، فهذا و هو طائر قد اعطي ما لم يعط سليمان، و قد كانت الريح و النمل و الإنس و الجن و الشياطين و المردة له طائعين، و لم يكن يعرف الماء تحت الهواء، و كان الطير يعرفه. و إن الله يقول في كتابه وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى و قد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال و تقطع به البلدان و تحيا به الموتى، و نحن نعرف الماء تحت الهواء. و إن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به، مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون، و جعله الله لنا في ام الكتاب، إن الله يقول: وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «3» ثم قال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا «4» فنحن الذين اصطفانا الله عز و جل و أورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شي ء».

و روى هذا الحديث محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) عن محمد بن الحسين «5»، عن حماد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) ببعض التغيير اليسير «6».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 365.

2- الكافي 1: 176/ 7.

(1) النمل 27: 20.

(2) النمل 27: 21.

(3) النمل 27: 75.

(4) فاطر 35: 32.

(5) في المصدر: محمد بن الحسن، أنظر معجم رجال الحديث 6: 190.

(6) بصائر الدرجات:

134/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 262

قوله تعالى:

أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً- إلى قوله تعالى- وَ مِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ [31- 36] 5594/ [1]- قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً يعني جعلهم كلهم مؤمنين. و قوله: وَ لا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أي عذاب.

5595/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ لا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ: «و هي النقمة أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ فتحل بقوم غيرهم، فيرون ذلك و يسمعون به، و الذين حلت بهم عصاة كفار مثلهم، و لا يتعظ بعضهم ببعض، و لا يزالون كذلك حتى يأتي وعد الله الذي وعد المؤمنين من النصر، و يخزي الله الكافرين».

5596/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم، في قوله: فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ أي طولت لهم الأمل، ثم أهلكتهم.

5597/ [4]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ «الظاهر من القول هو الرزق».

5598/ [5]- ثم قال علي بن إبراهيم في قوله: وَ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ أي من دافع وَ عُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ أي عاقبة ثوابهم النار.

5599/ [6]- و عنه: قال: أبو عبد الله (عليه السلام): «إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، و قد أطفئت

سبعين مرة بالماء ثم التهبت، و لو لا ذلك ما استطاع آدمي أن يطفئها، و إنها ليؤتى بها يوم القيامة حتى توضع على النار، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرب و لا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه فزعا من صرختها».

5600/ [7]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 1: 365.

2- تفسير القمي 1: 365.

3- تفسير القمي 1: 366.

4- تفسير القمي 1: 366. [.....]

5- تفسير القمي 1: 366.

6- تفسير القمي 1: 366.

7- تفسير القمي 1: 366.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 263

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ «فرحوا بكتاب الله إذا تلي عليهم، و إذا تلوه تفيض أعينهم دمعا من الفزع و الحزن، و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

و هي في قراءة ابن مسعود: (و الذي أنزلنا إليك الكتاب هو الحق، و من يؤمن به) أي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يؤمن به وَ مِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ أنكروا من تأويله ما أنزله في علي و آل محمد (صلوات الله عليهم)، و آمنوا ببعضه، فأما المشركون، فأنكروه كله، أوله و آخره، و أنكروا أن محمدا رسول الله.

سورة الرعد(13): آية 38 ..... ص : 263

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً [38]

5601/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن سهل، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن الوليد الكندي، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) في زمن مروان، فقال: «من أنتم؟» فقلنا: من أهل الكوفة، فقال: «ما من بلدة من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، و لا سيما هذه العصابة، إن الله جل ذكره هداكم

لأمر جهله الناس، و أحببتمونا و أبغضنا الناس، و اتبعتمونا و خالفنا الناس، و صدقتمونا و كذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، و أماتكم مماتنا، فأشهد على أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم و بين أن يرى ما يقر الله به عينيه و يغتبط إلا أن تبلغ نفسه إلى هذه- و أهوى بيده إلى حلقه- و قد قال الله عز و جل في كتابه: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً فنحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

و روى هذا الحديث الشيخ في (أماليه)، بإسناده عن العباس، عن عبد الله بن الوليد، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فسلمنا عليه، و جلسنا بين يديه، فسألنا: «من أنتم؟» فقلنا: من أهل الكوفة، و ذكر الحديث «1».

5602/ [2]- العياشي: عن معاوية بن وهب، قال: سمعته يقول: «الحمد لله، نافع عبد آل عمر «2» كان في بيت حفصة و يأتيه الناس وفودا، فلا يعاب ذلك عليهم، و لا يقبح عليهم، و إن أقواما يأتونا صلة لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيأتونا خائفين مستخفين، يعاب ذلك و يقبح عليهم، و لقد قال الله في كتابه: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً فما كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا كأحد أولئك، جعل الله له أزواجا، و جعل له ذرية، ثم لم يسلم مع أحد من الأنبياء [مثل من أسلم مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أهل بيته، أكرم الله بذلك رسوله (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 81/ 38.

2- تفسير العيّاشي 2: 213/ 51.

(1) الأمالي

2: 291.

(2) في «ط»: و المصدر: الحمد للّه الذي قدح عند آل عمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 264

5603/ [3]- عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما آتى الله أحدا من المرسلين شيئا، إلا و قد آتاه محمدا (صلى الله عليه و آله)، و قد آتى الله محمدا كما آتى المرسلين من قبله» ثم تلا هذه الآية: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً.

5604/ [4]- عن علي بن عمر بن أبان الكلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أشهد على أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم و بين أن يغبط أو يرى ما تقربه عينه، إلا أن تبلغ نفسه هذه- و أهوى إلى حلقه-، قال الله في كتابه:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً فنحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

5605/ [5]- عن المفضل بن صالح، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): خلق الله الخلق قسمين، فألقى قسما، و أمسك قسما، ثم قسم ذلك القسم على ثلاثة أثلاث، فألقى ثلثين و أمسك ثلثا، ثم اختار من ذلك الثلث قريشا، ثم اختار من قريش بني عبد المطلب، ثم اختار من بني عبد المطلب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنحن ذريته، فإن قلت للناس: لرسول الله ذرية، جحدوا، و لقد قال الله: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً فنحن ذريته».

قال: فقلت: أنا أشهد أنكم ذريته. ثم قلت له: ادع الله لي- جعلت فداك- أن يجعلني معكم في الدنيا و الآخرة. فدعا لي

ذلك، قال: و قبلت باطن يده.

5606/ [6]- و في رواية شعيب، عنه (عليه السلام) أنه قال: «نحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الله ما أدري على ما يعادوننا! إلا لقرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

سورة الرعد(13): آية 39 ..... ص : 264

قوله تعالى:

يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ [39]

5607/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، و حفص ابن البختري و غيرهما، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في هذه الآية: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ قال: فقال:

«و هل يمحى إلا ما كان ثابتا، و هل يثبت إلا ما لم يكن؟».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 214/ 52.

4- تفسير العيّاشي 2: 214/ 53.

5- تفسير العيّاشي 2: 214/ 54.

6- تفسير العيّاشي 2: 214/ 55.

1- الكافي 1: 113/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 265

5608/ [2]- و عنه: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه، و علم علمه ملائكته و رسله، فما عليه ملائكته و رسله فإنه سيكون، لا يكذب نفسه و لا ملائكته و لا رسله و علم عنده مخزون، يقدم منه ما يشاء، و يؤخر منه ما يشاء، و يثبت ما يشاء».

5609/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن عبد الله بن سنان قال: لما قدم أبو عبد الله (عليه السلام) على أبي

العباس، و هو بين الحيرة «1» و الكوفة «2» و معه ابن شبرمة القاضي، فقال له: إلى أين يا أبا عبد الله؟ فقال: «أردتك» فقال: قد قصر الله خطاك. قال: فمضى معه.

فقال له ابن شبرمة: ما تقول يا أبا عبد الله، في شي ء سألني عنه الأمير، فلم يكن عندي فيه شي ء؟ فقال: «و ما هو؟» قال: سألني عن أول كتاب كتب في الأرض. فقال: «نعم، إن الله عز و جل عرض على آدم (عليه السلام) ذريته عرض العين في صور الذر، نبيا فنبيا، و ملكا فملكا، و مؤمنا فمؤمنا، و كافرا فكافرا، فلما انتهى إلى داود (عليه السلام)، قال: من هذا الذي نبأته و كرمته و فصرت عمره؟- قال- فأوحى الله عز و جل إليه: هذا ابنك داود، عمره أربعون سنة، و إني قد كتبت الآجال و قسمت الأرزاق، و أنا أمحو ما أشاء و اثبت و عندي أم الكتاب، فإن جعلت له شيئا من عمرك، ألحقته له. قال: يا رب، قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة،- قال- فقال الله عز و جل لجبرئيل و ميكائيل و ملك الموت: اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى- قال- فكتبوا عليه كتابا و ختموه بأجنحتهم من طينة عليين».

قال: «فلما حضرت آدم الوفاة، أتاه ملك الموت، فقال آدم: يا ملك الموت، ما جاء بك؟ قال: جئت لأقبض روحك. قال: قد بقي من عمري ستون سنة، فقال: إنك جعلتها لا بنك داود- قال- و نزل عليه جبرئيل، و أخرج له الكتاب» فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فمن أجل ذلك، إذا اخرج الصك على المديون ذل المديون، فقبض روحه».

5610/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن

المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «إن الله عز و جل، عرض على آدم أسماء الأنبياء و أعمارهم- قال- فمر بآدم اسم داود النبي، فإذا عمره في العالم أربعون سنة، فقال آدم (عليه السلام): يا رب، ما أقل عمر داود و ما أكثر عمري! يا رب، إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة، أثبت ذلك له؟ قال: نعم يا آدم. قال: فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة، فأنفذ ذلك له، و أثبتها له عندك و اطرحها من عمري».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 114/ 6.

3- الكافي 7: 378/ 1. [.....]

4- علل الشرائع: 553/ 1.

(1) الحيرة: مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة. «معجم البلدان 2: 328».

(2) في المصدر: و هو بالحيرة، خرج يوما يريد عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة و الكوفة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 266

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فأثبت الله عز و جل لداود في عمره ثلاثين سنة، و كانت له عند الله مثبتة، و ذلك قول الله عز و جل: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ- قال- فمحا الله ما كان عنده مثبتا لآدم، و أثبت لداود ما لم يكن عنده مثبتا».

قال: «فمضى عمر آدم، فهبط عليه ملك الموت ليقبض روحه، فقال له آدم: يا ملك الموت، إنه قد بقي من عمري ثلاثون سنة. فقال له ملك الموت: يا آدم، ألم تجعلها لا بنك داود النبي، و طرحتها من عمرك حين عرض عليك أسماء الأنبياء من ذريتك، و عرضت

عليك أعمارهم، و أنت يومئذ بوادي الروحاء؟- قال- فقال له آدم: ما أذكر هذا- قال- فقال له ملك الموت: يا آدم، لا تجحد، ألم تسأل الله عز و جل أن يثبتها لداود، و يمحوها من عمرك، فأثبتها لداود في الزبور و محاها من عمرك في الذكر؟ قال آدم: حتى أعلم ذلك».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «و كان آدم صادقا، لم يذكر و لم يجحد، فمن ذلك اليوم أمر الله تبارك و تعالى العباد، أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا و تعاملوا إلى أجل مسمى، لنسيان آدم و جحوده ما جعل على نفسه».

5611/ [5]- علي بن إبراهيم: قال حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا كانت ليلة القدر، نزلت الملائكة و الروح و الكتبة إلى سماء الدنيا، فيكتبون ما يكون من قضاء الله تبارك و تعالى في تلك السنة، فإذا أراد الله أن يقدم أو يؤخر أو ينقص شيئا أو يزيده، أمر الملك أن يمحو ما يشاء، ثم أثبت الذي أراد».

قلت: و كل شي ء عنده بمقدار مثبت في كتابه؟ قال: «نعم».

قلت: فأي شي ء يكون بعد؟ قال: «سبحان الله، ثم يحدث الله أيضا ما يشاء، تبارك الله و تعالى».

5612/ [6]- الشيخ في (أماليه): عن شيخه (رحمه الله)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن ليلة القدر، فقال:

«تنزل فيها الملائكة و الروح و

الكتبة إلى سماء الدنيا، فيكتبون ما هو كائن في أمر السنة، و ما يصيب العباد فيها، و أمر موقوف لله تعالى فيه «1» المشيئة، يقدم فيه ما يشاء، و يؤخر ما يشاء، و هو قوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ».

5613/ [7]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي بسر من رأى، قال: حدثني أبي عبد الصمد بن موسى، قال: حدثني عمي عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه محمد بن إبراهيم، قال: بعث أبو جعفر المنصور إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 366.

6- الأمالي 1: 59.

7- الأمالي 2: 94.

(1) في المصدر: منه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 267

الصادق (عليهما السلام)، و أمر بفرش فطرحت إلى جانبه، فأجلسه عليها، ثم قال: علي بمحمد، علي بالمهدي. يقول ذلك مرارا، فقيل له: الساعة يأتي يا أمير المؤمنين، ما يحبسه إلا أنه يتبخر. فما لبث أن وافى، و قد سبقته رائحته، فأقبل المنصور على جعفر (عليه السلام)، فقال: يا أبا عبد الله، حديث حدثنيه في صلة الرحم، اذكره يسمعه المهدي.

قال: «نعم، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الرجل ليصل رحمه و قد بقي من عمره ثلاث سنين، فيصيرها الله عز و جل ثلاثين سنة، و يقطعها و قد بقي من عمره ثلاثون سنة، فيصيرها الله عز و جل ثلاث سنين، ثم تلا (عليه السلام): يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» الآية.

قال: هذا حسن- يا أبا عبد الله- و ليس إياه

أردت، قال أبو عبد الله: «نعم، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): صلة الرحم تعمر الديار، و تزيد في الأعمار، و إن كان أهلها غير أخيار».

قال: هذا حسن يا أبا عبد الله، و ليس هذا أردت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «نعم، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): صلة الرحم تهون الحساب، و تقي ميتة السوء» قال المنصور: نعم إياه أردت.

5614/ [8]- العياشي: عن علي بن عبد الله بن مروان، عن أيوب بن نوح، قال: قال لي أبو الحسن العسكري (عليه السلام)- و أنا واقف بين يديه بالمدينة- ابتداء من غير مسألة: «يا أيوب، إنه ما نبأ الله من نبي إلا بعد أن يأخذ عليه ثلاث خصال: شهادة أن لا إله إلا الله، و خلع الأنداد من دون الله، و أن لله المشيئة يقدم ما يشاء، و يؤخر ما يشاء، أما إنه إذا جرى الاختلاف بينهم، لم يزل الاختلاف بينهم إلى أن يقوم صاحب الأمر».

5615/ [9]- عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما بعث الله نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خلال: الإقرار لله بالعبودية، و خلع الأنداد، و أن الله يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء».

5616/ [10]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن ليلة القدر. فقال: «ينزل فيها الملائكة و الكتبة، إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون من أمر السنة، و ما يصيب العباد، و أمر عنده موقوف، له فيه المشيئة، فيقدم منه ما يشاء، و

يؤخر ما يشاء، و يمحو و يثبت، و عنده أم الكتاب».

5617/ [11]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: «لو لا آية في كتاب الله، لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة».

فقلت له: أية آية؟ فقال: «قول الله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 215/ 56.

9- تفسير العيّاشي 2: 215/ 57.

10- تفسير العيّاشي 2: 215/ 58.

11- تفسير العيّاشي 215/ 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 268

5618/ [12]- عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ.

قال: «هل يثبت إلا ما لم يكن، و هل يمحو إلا ما كان».

5619/ [13]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله لم يدع شيئا كان أو يكون إلا كتبه في كتاب، فهو موضوع بين يديه ينظر إليه، فما شاء منه قدم، و ما شاء منه أخر، و ما شاء منه محا، و ما شاء منه كان، و ما لم يشأ لم يكن».

5620/ [14]- عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ؟

فقال: «يا حمران، إنه إذا كان ليلة لقدر، و نزلت الملائكة الكتبة إلى السماء الدنيا، فيكتبون ما يقضى في تلك السنة من أمر، فإذا أراد الله أن يقدم شيئا أو يؤخره، أو ينقص منه أو يزيد، أمر الملك فمحا ما يشاء، ثم أثبت الذي أراد».

قال: فقلت له عند ذلك: فكل شي ء يكون فهو عند الله في كتاب؟ قال: «نعم».

قلت: فيكون كذا و كذا، ثم كذا و كذا

حتى ينتهي إلى آخره؟ قال: «نعم».

قلت: فأي شي ء يكون بيده بعد؟ قال: «سبحان الله، ثم يحدث الله أيضا ما شاء، تبارك الله و تعالى».

5621/ [15]- عن الفضيل، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «العلم علمان: علم علمه ملائكته و رسله و أنبياءه، و علم عنده مخزون، لم يطلع عليه أحد، يحدث فيه ما يشاء».

5622/ [16]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك و تعالى كتب كتابا فيه ما كان و ما هو كائن، فوضعه بين يديه، فما شاء منه قدم، و ما شاء منه آخر، و ما شاء منه محا، و ما شاء منه أثبت، و ما شاء منه كان، و ما لم يشأ لم يكن».

5623/ [17]- عن الفضيل، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «من الأمور أمور محتومة كائنة لا محالة، و من الأمور امور موقوفة عند الله، يقدم فيها ما يشاء و يمحو ما يشاء و يثبت منها ما يشاء، لم يطلع على ذلك أحدا- يعني الموقوفة- فأما ما جاءت به الرسل، فهي كائنة، لا يكذب نفسه و لا نبيه و لا ملائكته».

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 215/ 60.

13- تفسير العيّاشي 215/ 61.

14- تفسير العيّاشي 216/ 62. [.....]

15- تفسير العيّاشي 216/ 63.

16- تفسير العيّاشي 216/ 64.

17- تفسير العيّاشي 217/ 65.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 269

5624/ [18]- عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر و أبو عبد الله (عليهما السلام): «يا أبا حمزة، إن حدثناك بأمر أنه يجي ء من ها هنا فجاء من ها هنا، فإن الله يصنع ما يشاء، و إن حدثناك اليوم بحديث، و حدثناك غدا بخلافه، فإن الله يمحو ما يشاء و

يثبت».

5625/ [19]- عن حماد بن عيسي، عن ربعي، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه و علم علمه ملائكته و رسله و أنبياءه، فما علم ملائكته [و رسله «1» فإنه سيكون، لا يكذب نفسه و لا ملائكته و لا رسله، علم عنده مخزون، يقدم فيه ما يشاء، و يؤخر ما يشاء، و يمحو ما يشاء، و يثبت ما يشاء».

5626/ [20]- عن عمرو بن الحمق، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) حين ضرب على قرنه، فقال لي:

«يا عمرو، إني مفارقكم»، ثم قال: «سنة إلى السبعين فيها بلاء» قالها ثلاثا.

فقلت فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم يجبني، و اغمنى عليه، فبكت ام كلثوم فأفاق فقال: يا ام كلثوم لا تؤذيني، فانك لو قد ترين ما ارى لم تبكى، ان الملائكة فى السماوات السبع بعضهم خلف بعض و النبيين خلفهم و هذا محمد (صلى الله عليه و آله) أخذ بيدي، يقول: انطلق يا على فما امامك خير لك مما أنت فيه فقلت: بأبي أنت و أمي، قلت لي: إلي السبعين بلاء، فهل بعد السبعين رخاء؟ فقال: «نعم يا عمرو، و إن بعد البلاء رخاء و يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ».

5627/ [21]- قال أبو حمزة: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن عليا كان يقول: «إلى السبعين بلاء، و بعد السبعين رخاء» و قد مضت السبعون و لم يروا رخاء؟

فقال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا ثابت، إن الله كان قد وقت هذا الأمر في السبعين، فلما قتل الحسين (صلوات الله عليه)، اشتد غضب الله على أهل الأرض،

فأخره إلى أربعين و مائة سنة، فحدثناكم فأذعتم الحديث و كشفتم قناع الستر، فأخره الله و لم يجعل لذلك عندنا وقتا» ثم قال: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ.

5628/ [22]- عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله إذا أراد فناء قوم، أمر الفلك فأسرع الدور بهم، فكان ما يريد من النقصان، فإذا أراد الله بقاء قوم، أمر الفلك فأبطأ الدور بهم، فكان ما يريد من الزيادة، فلا تنكروا، فإن الله يمحو ما يشاء و يثبت و عنده ام الكتاب».

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 217/ 66.

19- تفسير العيّاشي 217/ 67.

20- تفسير العيّاشي 217/ 68.

21- تفسير العيّاشي 218/ 69.

22- تفسير العيّاشي 218/ 70.

(1) من الكافي 1: 114/ 6، و قد تقدّمت الرواية في الحديث (2) من تفسير هذه الآيات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 270

5629/ [23]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله يقدم ما يشاء، و يؤخر ما يشاء، و يمحو ما يشاء، و يثبت ما يشاء، و عنده ام الكتاب،- و قال- لكل أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه، و ليس شي ء يبدو له إلا و قد كان في علمه، إن الله لا يبدو له من جهل».

5630/ [24]- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك و تعالى أهبط إلى الأرض ظللا من الملائكة على آدم (عليه السلام) و هو بواد يقال له الروحاء، و هو واد بين الطائف و مكة- قال- فمسح على ظهر آدم ثم صرخ بذريته و هم ذر- قال- فخرجوا كما يخرج النحل من كورها، فاجتمعوا على شفير الوادي. فقال الله تعالى

لآدم (عليه السلام): انظر ما ذا ترى؟ فقال آدم (عليه السلام): ذرا كثيرا على شفير الوادي. فقال الله: يا آدم، هؤلاء ذريتك أخرجتهم من ظهرك لأخذ عليهم الميثاق لي بالربوبية، و لمحمد بالنبوة، كما أخذت عليهم في السماء.

قال آدم (عليه السلام): يا رب، و كيف وسعتهم ظهري؟ قال الله تعالى: يا آدم، بلطف صنعي و نافذ قدرتي. قال آدم: يا رب، فما تريد منهم في الميثاق؟ فقال الله: أن لا يشركوا بي شيئا. قال آدم: فمن أطاعك منهم يا رب، فما جزاؤه؟ قال الله: اسكنه جنتي، قال آدم: فمن عصاك فما جزاؤه؟ قال: اسكنه ناري. قال آدم: يا رب، لقد عدلت فيهم، و ليعصينك أكثرهم إن لم تعصمهم».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «ثم عرض الله على آدم أسماء الأنبياء، و أعمارهم- قال- فمر آدم باسم داود النبي (عليه السلام)، فإذا عمره أربعون سنة، فقال: يا رب، ما أقل عمر داود و أكثر عمري! يا رب، إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة، أ ينفذ ذلك له. قال: نعم يا آدم. قال: فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة فأنفذ ذلك له، و أثبتها له عندك، و اطرحها من عمري».

قال: «فأثبت الله لداود من عمره ثلاثين سنة، و لم تكن له عند الله مثبتة، و محا من عمر آدم ثلاثين سنة، و كانت له عند الله مثبتة». فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فذلك قول الله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ- قال- فمحا الله ما كان عنده مثبتا لآدم، و أثبت لداود (عليه السلام) ما لم يكن عنده مثبتا».

قال: «فلما دنا عمر آدم (عليه السلام)، هبط عليه ملك الموت (عليه السلام)

ليقبض روحه، فقال له آدم (عليه السلام): يا ملك الموت، قد بقي من عمري ثلاثون سنة.

فقال له ملك الموت: أ لم تجعلها لابنك داود النبي، و طرحتها من عمرك حيث عرض الله عليك أسماء الأنبياء من ذريتك، و عرض عليك أعمارهم، و أنت يومئذ بوادي الروحاء؟ فقال آدم: يا ملك الموت، ما أذكر هذا.

فقال له ملك الموت: يا آدم، لا تجهل، أ لم تسأل الله أن يثبتها لداود و يمحوها من عمرك، فأثبتها لداود في الزبور، و محاها من عمرك من الذكر؟- قال- فقال آدم: فأحضر الكتاب حتى أعلم ذلك».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «و كان آدم صادقا، لم يذكر و لم يجحد». قال أبو جعفر (عليه السلام): «فمن ذلك اليوم،

__________________________________________________

23- تفسير العيّاشي 218/ 71.

24- تفسير العيّاشي 218/ 73.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 271

أمر الله العباد أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا و تعاملوا إلى أجل مسمى، لنسيان آدم و جحوده ما جعل على نفسه».

5631/ [25]- عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) سئل عن قول الله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ.

قال: «إن ذلك الكتاب كتاب يمحو الله فيه ما يشاء و يثبت، فمن ذلك الذي يرد الدعاء القضاء، و ذلك الدعاء مكتوب عليه: الذي يرد به القضاء، حتى إذا صار إلى أم الكتاب، لم يغن الدعاء فيه شيئا».

5632/ [26]- عن الحسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن المرء ليصل رحمه و ما بقي من عمره إلا ثلاث سنين فيمدها الله إلى ثلاث و ثلاثين سنة، و إن المرء ليقطع رحمه

و قد بقي من عمره ثلاث و ثلاثون سنة، فيقصرها الله ثلاث سنين أو أدنى» قال الحسين: و كان جعفر (عليه السلام) يتلو هذه الآية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ.

5633/ [27]- صاحب (الثاقب في المناقب) عن أبي هاشم الجعفري، قال: سأل محمد بن صالح الأرضي أبا محمد، يعني الحسن العسكري (عليه السلام) عن قول الله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ.

فقال (عليه السلام): «هل يمحو إلا ما كان، و هل يثبت إلا ما لم يكن؟!».

فقلت في نفسي: هذا خلاف قول هشام، إنه لا يعلم بالشي ء حتى يكون. فنظر إلي أبو محمد (عليه السلام)، و قال: «الله تعالى، الجبار، العالم بالأشياء قبل كونها، الخالق إذ لا مخلوق، و الرب إذ لا مربوب، و القادر قبل المقدور عليه»، فقلت: أشهد أنك حجة الله، و وليه بقسط، و أنك على منهاج أمير المؤمنين (عليه السلام).

سورة الرعد(13): الآيات 41 الي 42 ..... ص : 271

قوله تعالى:

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها- إلى قوله تعالى- وَ سَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ [41- 42]

5634/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عمن ذكره، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام)، يقول: إنه يسخي نفسي في سرعة الموت أو القتل فينا، قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها و هو فقد «1» العلماء».

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 220/ 74.

26- تفسير العيّاشي 220/ 75.

27- الثاقب في المناقب: 566/ 507. [.....]

1- الكافي 1: 30/ 6.

(1) في المصدر و هو: ذهاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 272

5635/ [2]-

الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ننقصها بذهاب علمائها و فقهائها و خيار أهلها».

5636/ [3]- ابن شهر آشوب: عن تفسير وكيع، و سفيان، و السدي، و أبي صالح، أن عبد الله بن عمر قرأ قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها يوم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قال: يا أمير المؤمنين، لقد كنت الطرف الأكبر في العلم، اليوم نقص علم الإسلام، و مضى ركن الإيمان.

5637/ [4]- الزعفراني، عن المزني، عن الشافعي، عن مالك، السدي، عن أبي صالح، قال: لما قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال ابن عباس: هذا اليوم نقص «1» العلم من أرض المدينة. ثم قال: إن نقصان الأرض، نقصان علمائها و خيار أهلها، إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال، و لكنه يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤساء جهالا، فيسألوا فيفتوا بغير علم، فضلوا و أضلوا.

5638/ [5]- ابن بابويه في (الفقيه) مرسلا: عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها فقال: «فقد العلماء».

5639/ [6]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: موت علمائها. و قال: قوله: وَ اللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أي لا مدافع «2». و قوله وَ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً قال: المكر من الله هو العذاب وَ سَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ أي ثواب القيامة.

سورة الرعد(13): آية 43 ..... ص : 272

قوله تعالى:

وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [43]

5640/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم،

عن أبيه، و محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسن، عمن ذكره، جميعا عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام):

__________________________________________________

2- مجمع البيان 6: 461.

3- المناقب 3: 308.

4- المناقب 3: 308.

5- من لا يحضره الفقيه 1: 118/ 560.

6- تفسير القمي 1: 367.

1- الكافي 1: 179/ 6.

(1) في المصدر: هذا نقص الفقه و.

(2) في المصدر: لا مانع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 273

قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ، قال: «إيانا عنى، و علي (عليه السلام) أولنا و أفضلنا و خيرنا بعد النبي (صلى الله عليه و آله)».

5641/ [2]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن سدير قال: كنت أنا و أبو بصير و يحيى البزاز و داود بن كثير في مجلس أبي عبد الله (عليه السلام) إذ خرج إلينا و هو مغضب، فلما أخذ مجلسه قال: «يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله عز و جل، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني، فما علمت في أي بيوت الدار هي».

قال سدير: فلما أن قام من مجلسه و صار في منزله، دخلت أنا أبو بصير و ميسر، و قلنا له: جعلنا فداك، سمعناك و أنت تقول كذا و كذا في أمر جاريتك، و نحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا، و لا ننسبك إلى علم الغيب! قال:

فقال: «يا سدير، أما تقرأ القرآن؟» قلت: بلى. قال: «فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز و جل «قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ

قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ «1»» قال: قلت: جعلت فداك، قد قرأته. قال: «فهل عرفت الرجل، و هل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟» قال: قلت: أخبرني به، قال: «قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر، فما يكون ذلك من علم الكتاب؟» قال: قلت: جعلت فداك، ما أقل هذا! فقال: «يا سدير، ما أكثر هذا أن ينسبه الله عز و جل إلى العلم الذي أخبرك به! يا سدير، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز و جل أيضا:

قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ»؟ قال: قلت: قد قرأته، جعلت فداك، قال: «أ فمن عنده علم الكتاب كله أفهم، أم من عنده علم الكتاب بعضه؟». قلت: لا، بل من عنده علم الكتاب كله، فأومأ بيده إلى صدره، و قال: «علم الكتاب و الله كله عندنا، علم الكتاب و الله كله عندنا».

و روى هذا الحديث الصفار: في (بصائر الدرجات) بتغيير يسير بزيادة و نقصان «2».

5642/ [3]- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين (عليه السلام)».

و سئل عن الذي عنده علم من الكتاب أعلم، أم الذي عنده علم الكتاب؟ فقال: «ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب، إلا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر. و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا إن العلم الذي هبط به آدم (عليه السلام) من السماء إلى الأرض، و جميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين، في عترة خاتم النبيين (صلى الله عليه و آله)».

5643/ [4]-

محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن

__________________________________________________

2- الكافي 1: 200/ 3.

3- تفسير القمّي 1: 367.

4- بصائر الدرجات: 232/ 1.

(1) النمل 27: 40. [.....]

(2) بصائر الدرجات: 233/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 274

بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كنت عنده فذكروا سليمان و ما أعطى من العلم، و ما اوتى من الملك، فقال لي:

«و ما اعطي سليمان بن داود؟ إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم، و صاحبكم الذي قال الله: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ كان و الله عند علي (عليه السلام) علم الكتاب».

فقلت: صدقت و الله، جعلت فداك.

5644/ [5]- و عنه: عن أحمد بن موسى، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ «1» قال:

ففرج أبو عبد الله (عليه السلام) بين أصابعه، فوضعها على صدره، ثم قال: «و الله عندنا علم الكتاب كله».

5645/ [6]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول في قول الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.

قال: «الذي عنده علم الكتاب هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

5646/ [7]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) في هذه الآية قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ

بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.

قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

5647/ [8]- و عنه: عن محمد بن الحسين، و يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد ابن معاوية، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.

5648/ [9]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بعض أصحابنا، قال: كنت مع أبي جعفر (عليه السلام) في المسجد أحدثه، إذ مر بعض ولد عبد الله بن سلام، فقلت: جعلت فداك، هذا ابن الذي يقول الناس: عنده علم الكتاب.

فقال: «لا، إنما ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام) نزلت فيه خمس آيات، إحداها: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ».

__________________________________________________

5- بصائر الدرجات: 232/ 2.

6- بصائر الدرجات: 236/ 19.

7- بصائر الدرجات: 233/ 4.

8- بصائر الدرجات: 234/ 12.

9- بصائر الدرجات: 234/ 11.

(1) النمل 27: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 275

5649/ [10]- و عنه: عن عبد الله، بن محمد، عمن رواه، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.

قال: «نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، إنه عالم هذه الامة بعد النبي (صلى الله عليه و آله)».

5650/ [11]- و عنه: عن أبي الفضل العلوي، قال: حدثني سعيد بن عيسى الكريزي البصري، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن

أبي تمام، عن سلمان الفارسي (رحمه الله)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.

فقال: «أنا هو الذي عنده علم الكتاب». و قد صدقه الله و أعطاه الوسيلة في الوصية، فلا تخلى أمته «1» من وسيلة إليه و إلى الله، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ «2».

5651/ [12]- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال:

حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن عمرو بن مغلس، عن خلف، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قول الله جل ثناؤه:

قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ «3» قال: «ذاك وصي أخي سليمان بن داود».

فقلت له: يا رسول الله، فقول الله عز و جل: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ قال: «ذاك أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

5652/ [13]- العياشي: عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.

قال: «إيانا عنى، و علي أولنا و أفضلنا و خيرنا بعد النبي (صلى الله عليه و آله)».

5653/ [14]- عن عبد الله بن عطاء، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) هذا ابن عبد الله بن سلام، يزعم أن أباه الذي يقول الله: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ؟ قال: «كذب، هو علي بن أبي

__________________________________________________

10- بصائر الدرجات: 236/ 18.

11-

بصائر الدرجات: 236/ 21.

12- أمالي الصدوق: 453/ 3.

13- تفسير العيّاشي 2: 220/ 76.

14- تفسير العيّاشي 2: 220/ 77.

(1) في المصدر: امّة.

(2) المائدة 5: 35. [.....]

(3) النمل 27: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 276

طالب (عليه السلام)».

5654/ [15]- عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.

فقال: «نزلت في علي (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و في الأئمة بعده، و علي (عليه السلام) عنده علم الكتاب».

5655/ [16]- و عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.

قال: «نزلت في علي (عليه السلام)، إنه عالم هذه الامة بعد النبي (صلى الله عليه و آله)».

5656/ [17]- ابن الفارسي في (الروضة)، قال: قال الباقر (عليه السلام): «وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ علي بن أبي طالب (عليه السلام) عنده علم الكتاب، الأول و الآخر».

5657/ [18]- الطبرسي في كتاب (الاحتجاج): روي عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن الوليد السمان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما تقول الناس في اولي العزم، و عن صاحبكم؟» يعني أمير المؤمنين (عليه السلام). قال:

قلت: ما يقدمون على اولي العزم أحدا.

قال: فقال: «إن الله تبارك و تعالى قال عن موسى: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً «1» و لم يقل:

كل شي ء. و قال عن عيسى: وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ «2» و لم يقل: كل الذي تختلفون، و قال عن صاحبكم- يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)-: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ

الْكِتابِ و قال الله عز و جل: وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «3» و علم هذا الكتاب عنده».

5658/ [19]- ابن شهر آشوب: عن محمد بن مسلم، و أبي حمزة الثمالي، و جابر بن يزيد، عن الباقر (عليه السلام)، و علي بن فضال و الفضيل بن يسار، و أبي بصير، عن الصادق (عليه السلام)، و أحمد بن عمر الحلبي، و محمد بن الفضيل، عن الرضا (عليه السلام)، و قد روي عن موسى بن جعفر، و عن زيد بن علي (عليهم السلام)، و عن محمد بن الحنفية، و عن سلمان الفارسي، و عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنهم) و عن إسماعيل السدي: أنهم قالوا في قوله تعالى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

__________________________________________________

15- تفسير العيّاشي 2: 221/ 78.

16- تفسير العيّاشي 2: 221/ 79.

17- روضة الواعظين: 105.

18- الاحتجاج: 375.

19- المناقب 2: 29.

(1) الأعراف 7: 145.

(2) الزخرف 43: 63.

(3) الأنعام 6: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 277

5659/ [20]- و الثعلبي في (تفسيره) بإسناده عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عباس، و روي عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قيل لهما، زعموا أن الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام؟

قال: «لا، ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

5660/ [21]- و روي أنه سئل سعيد بن جبير وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ عبد الله بن سلام؟ قال: لا، و كيف و هذه السورة مكية؟

5661/ [22]- و قد روي عن ابن عباس: لا و الله، ما هو إلا علي بن أبي طالب

(عليه السلام)، لقد كان عالما بالتفسير و التأويل و الناسخ و المنسوخ و الحلال و الحرام.

5662/ [23]- و روي عن ابن الحنفية: أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عنده علم الكتاب، الأول و الآخر، رواه النطنزي في (الخصائص).

5663/ [24]- و من طريق المخالفين: ما رواه الثعلبي بطريقين في معني وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ أنه علي ابن أبي طالب (عليه السلام)».

5664/ [25]- و ما رواه الفقيه ابن المغازلي الشافعي بإسناده، عن علي بن عابس، قال: دخلت أنا و أبو مريم علي عبد الله بن عطاء، قال أبو مريم: حدث عليا بالحديث الذي حدثتني عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) جالسا إذ مر عليه ابن عبد الله بن سلام، قلت: جعلني الله فداك، هذا ابن الذي عنده علم الكتاب؟ قال: «لا، و لكنه صاحبكم علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي نزلت فيه آيات من كتاب الله عز و جل وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ، أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «1»، إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ «2» الآية.

__________________________________________________

20- المناقب 2: 29، شواهد التنزيل 1: 308/ 425.

21- المناقب 2: 29، شواهد التنزيل 1: 310/ 427، ينابيع المودّة: 104.

22- المناقب 2: 29.

23- المناقب 2: 29.

24- المناقب 2: 29، و نحوه في النور المشتعل: 125، و خصائص الوحي المبين: 210/ 158 و 159، و العمدة: 291/ 477. [.....]

25- المناقب: 314.

(1) هود 11: 17.

(2) المائدة 5: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 279

المستدرك (سورة الرعد) ..... ص : 279

سورة الرعد(13): آية 26 ..... ص : 279

قوله تعالي:

وَ فَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ [26]

[1]- الطبرسي في (مكارم الأخلاق) عن عبد الله بن مسعود- في

حديث طويل- عن رسول الله (صلي الله عليه و آله) أنه قال له: «يا ابن مسعود: ما ينفع من يتنعم في الدنيا إذا أخلد في النار يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ «1» يبنون الدور و يشيدون القصور، و يزخرفون المساجد، ليست همتهم إلا الدنيا، عاكفون عليها، معتمدون فيها، آلهتهم بطونهم، قال الله تعالي: وَ تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ «2». و قال الله تعالي: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ إلي قوله: أَ فَلا تَذَكَّرُونَ «3» و ما هو إلا منافق، جعل دينه هواه و إلهه بطنه، كل ما اشتهي من الحلال و الحرام لم يمتنع منه، قال الله تعالي: وَ فَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ».

سورة الرعد(13): آية 30 ..... ص : 279

قوله تعالي:

كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ- إلي قوله تعالي- بِالرَّحْمنِ [30]

[2]- الطبرسي في (مجمع البيان): عن قتادة و مقاتل و ابن جريج، في قوله تعالي: كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ ...

__________________________________________________

1- مكارم الآخلاق: 449.

2- مجمع البيان 6: 450.

(1) الروم 30: 7.

(2) الشعراء 26: 129- 131.

(3) الجاثية 45: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 280

نزلت في صلح الحديبية حين أرادوا كتاب الصلح فقال رسول الله (صلي الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): «اكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم». فقال: سهيل بن عمرو و المشركون: ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة- يعنون مسيلمة الكذاب- اكتب: باسمك اللهم. و هكذا كان أهل الجاهلية يكتبون.

ثم قال رسول الله (صلي الله عليه و آله): «اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله». فقال مشركو قريش: لئن

كنت رسول الله ثم قاتلناك و صددناك لقد ظلمناك، و لكن اكتب: هذا ما صالح محمد بن عبد الله. فقال اصحاب رسول الله (صلي الله عليه و آله): دعنا نقاتلهم. قال: «لا، و لكن اكتبوا كما يريدون» فأنزل الله عز و جل كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ الآية.

و

عن ابن عباس: انها نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي (صلي الله عليه و آله): اسجدوا للرحمن قالوا: و ما الرحمن!.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 281

سورة ابراهيم ..... ص : 281

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 283

سورة ابراهيم فضلها ..... ص : 283

5665/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: «من قرا سورة ابراهيم و الحجر في ركعتين جميعا في كل جمعة، لم يصبه فقر ابدا، و لا جنون و لا بلوى».

5666/ [2]- العياشي: عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرا سورة ابراهيم و الحجر في ركعتين جميعا في كل جمعة، لم يصبه فقر ابدا، و لا جنون، و لا بلوى».

5667/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلي الله عليه و آله) انه قال: «من قرا هذه السورة اعطي من الحسنات بعدد من عبد الأصنام، و عدد من لم يعبدها، و من كتبها في خرقة بيضاء و علقها علي طفل، امن عليه من البكاء و الفزع، و مما يصيب الصبيان».

5668/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها علي خرقة بيضاء و جعلها علي عضد طفل صغير، امن من البكاء و الفزع و التوابع، و سهل الله فطامه عليه بإذن الله تعالي».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 107.

2- تفسير العياشي 2: 222/ 1.

3- ...

4- خواص القرآن: 43 (مخطوط).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 285

سورة ابراهيم(14): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 285

قوله تعالي:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ- الي قوله تعالي- وَ وَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ [1- 2] 5669/ [1]- قال علي بن ابراهيم: في قوله تعالي: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ يا محمد لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ يعني من الكفر الي الإيمان إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ و الصراط: الطريق الواضح، و امامة الأئمة (عليهم السلام).

ثم قال: و قوله: اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي

السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ وَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ انه محكم.

سورة ابراهيم(14): آية 4 ..... ص : 285

قوله تعالي:

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [4]

5670/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا ابو العباس احمد بن إسحاق الماذرائي بالبصرة، قال: حدثنا ابو قلابة عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا غانم بن الحسن السعدي، قال حدثنا مسلم بن خالد المكي، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «ما انزل الله تبارك و تعالي كتابا و لا وحيا الا بالعربية، و كان يقع في مسامع الأنبياء (عليهم السلام)، بألسنة قومهم، و كان يقع في مسامع نبينا (صلي الله عليه و آله) بالعربية، فإذا كلم به قومه كلمهم بالعربية، فيقع في مسامعهم بلسانهم، و كان احد لا يخاطب رسول

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 367.

2- علل الشرائع: 126/ 8. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 286

الله (صلي الله عليه و آله) بأي لسان خاطبه الا وقع في مسامعه بالعربية، كل ذلك يترجم له جبرئيل (عليه السلام)، تشريفا من الله عز و جل له (صلي الله عليه و آله)».

سورة ابراهيم(14): آية 5 ..... ص : 286

قوله تعالي:

وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ- الي قوله تعالي- صَبَّارٍ شَكُورٍ [5]

5671/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا احمد بن محمد بن يحيي العطار، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال:

حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمد بن الحسن الميثمي، عن مثني الحناط، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «ايام الله عز و جل ثلاثة: يوم يقوم القائم، و يوم الكرة، و يوم القيامة».

5672/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن مثني الحناط، عن جعفر بن محمد، عن أبيه

(عليهما السلام)، قال: «ايام الله عز و جل ثلاثة: يوم يقوم القائم، و يوم الكرة، و يوم القيامة».

5673/ [3]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و يعقوب بن يزيد، عن احمد بن الحسن الميثمي، عن ابان بن عثمان، عن مثني الحناط، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ايام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم، و يوم الكرة، و يوم القيامة».

5674/ [4]- الشيخ في (اماليه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا ابو احمد عبيد الله بن الحسين بن ابراهيم العلوي النصيبي (رحمه الله) ببغداد، قال: سمعت جدي ابراهيم بن علي يحدث، عن أبيه علي بن عبيد الله، قال: حدثني شيخان بران من أهلنا سيدان، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه (عليهم السلام)، و حدثنيه الحسين بن زيد بن علي ذو الدمعة، قال: حدثني عمي عمر بن علي، قال: حدثني اخي محمد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين (صلي الله عليهم). قال ابو جعفر (عليه السلام): «و حدثني عبد الله بن العباس و جابر بن عبد الله الأنصاري، و كان بدريا أحديا شجريا، و ممن محض من اصحاب رسول الله (صلي الله عليه و آله) في مودة امير المؤمنين (عليه السلام)، قالوا: بينا رسول الله (صلي الله عليه و آله) في مسجده في رهط من الصحابة، فيهم: ابو بكر، و ابو عبيدة «1»، و عمر، و عثمان، و عبد الرحمن، و رجلان من قراء الصحابة، هما: من

__________________________________________________

1- الخصال: 108/ 75، ينابيع المودة: 424.

2- معاني الأخبار: 365/ 1، ينابيع المودة: 424.

3- مختصر بصائر الدرجات: 18، ينابيع المودة: 424.

4- الأمالي

2: 105.

(1) (و أبو عبيدة) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 287

المهاجرين عبد الله بن ام عبد، و من الأنصار أبي بن كعب، و كانا بدريين، فقرا عبد الله من السورة التي يذكر فيها لقمان حتي أتي علي هذه الآية: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً الآية «1»، و قرا أبي من السورة التي يذكر فيها ابراهيم (عليه السلام): وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ قالوا: قال رسول الله (صلي الله عليه و آله): ايام الله نعماؤه و بلاؤه، و هي مثلاته «2» سبحانه.

ثم اقبل (صلي الله عليه و آله) علي من شهده من الصحابة، فقال: اني لأتخولكم بالموعظة «3» تخولا مخالفة السآمة عليكم، و قد اوحي الي ربي جل جلاله ان أذكركم بالنعمة، و أنذركم بما اقتص عليكم من كتابه، و تلا: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ الآية. ثم قال لهم: قولوا الآن قولكم، ما أول نعمة رغبكم الله فيها و بلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم و احسن إليهم بها، من المعاش و الرياش و الذرية و الأزواج، الي سائر ما بلاهم الله عز و جل به من أنعمه الظاهرة.

فلما امسك القوم اقبل رسول الله (صلي الله عليه و آله) على علي (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن، قل، فقد قال أصحابك. فقال: و كيف لي بالقول- فداك أبي و امي- و انما هدانا الله بك؟ قال: و مع ذلك فهات. قل ما أول نعمة بلاك الله عز و جل، و أنعم عليك بها؟ قال: ان خلقني جل ثناؤه و لم أك شيئا مذكورا. قال: صدقت، فما الثانية؟ قال:

الله احسن بي

إذ خلقني فجعلني حيا لا مواتا. قال: صدقت، فما الثالثة؟ قال: ان انشأني- فله الحمد- في احسن صورة و اعدل تركيب. قال: صدقت، فما الرابعة؟ قال: ان جعلني متفكرا واعيا لا ابله ساهيا. قال: صدقت، فما الخامسة؟ قال: ان جعل لي مشاعر أدرك ما ابتغيت بها، و جعل لي سراجا منيرا. قال: صدقت، فما السادسة؟ قال:

ان هداني لدينه، و لم يضلني عن سبيله. قال: صدقت، فما السابعة؟ قال: ان جعل لي مردا في حياة لا انقطاع لها.

قال: صدقت، فما الثامنة؟ قال: ان جعلني ملكا مالكا لا مملوكا. قال: صدقت، فما التاسعة؟ قال: ان سخر لي سماءه و ارضه و ما فيهما و ما بينهما من خلقه، قال صدقت، فما العاشرة؟ قال: ان جعلنا سبحانه ذكرانا قواما علي حلائلنا لا إناثا، قال: صدقت، فما بعد هذا؟ قال: كثرت نعم الله- يا نبي الله- فطابت، و تلا وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها «4». فتبسم رسول الله (صلي الله عليه و آله)، و قال: لتهنئك الحكمة، ليهنئك العلم- يا أبا الحسن- و أنت وارث علمي، و المبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي، من أحبك لدينك و أخذ بسبيلك فهو ممن هدي الي صراط مستقيم، و من رغب عن هداك، و أبغضك و تخلاك، لقي الله يوم القيامة لا خلاق له».

5675/ [5]- العياشي: عن ابراهيم بن عمر، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ.

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 222/ 2.

(1) لقمان 31: 20.

(2) المثلات: جمع مثلة، بفتح الميم و ضم الفاء: العقوبة. «لسان العرب- مثل- 11: 615».

(3) أتخوّلكم بالموعظة: أي أتعهّدكم. «النهاية 2: 88».

(4) إبراهيم 14: 34، النحل 16:

18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 288

قال: «بآلاء الله» يعني نعمه.

5676/ [6]- و قال علي بن ابراهيم: ايام الله ثلاثة: يوم القائم (صلوات الله عليه)، و يوم الموت، و يوم القيامة.

5677/ [7]- الطبرسي: المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ذكرهم بنعم الله سبحانه في سائر أيامه».

سورة ابراهيم(14): آية 7 ..... ص : 288

قوله تعالي:

وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ [7]

5678/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيي بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من اعطي الشكر اعطي الزيادة، يقول الله عز و جل:

لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ».

5679/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن هشام، عن ميسر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «شكر النعمة: اجتناب المحارم، و تمام الشكر: قول الرجل: الحمد لله رب العالمين».

5680/ [3]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، عن رجلين من أصحابنا سمعاه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما أنعم الله علي عبد من نعمة فعرفها بقلبه، و حمد الله ظاهرا بلسانه، فتم كلامه بالحمد «1» حتي امر له بالمزيد».

5681/ [4]- و عنه: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عيينة، عن عمر بن يزيد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «شكر كل نعمة- و ان عظمت- ان تحمد الله عز و جل عليها».

5682/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد بن عيسي،

عن معمر بن خلاد، قال: سمعت أبا

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 1: 367.

7- مجمع البيان 6: 467.

1- الكافي 2: 78/ 8.

2- الكافي 2: 78/ 10. [.....]

3- الكافي 2: 78/ 9.

4- الكافي 2: 78/ 11.

5- الكافي 2: 78/ 13.

(1) (بالحمد) ليس في «س» و المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 289

الحسن (عليه السلام) يقول: «من حمد الله على النعمة فقد شكره، و كان الحمد أفضل من تلك النعمة».

5683/ [6]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: «ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال: الحمد لله. إلا أدى شكرها».

5684/ [7]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، قال: خرج أبو عبد الله (عليه السلام) من المسجد، و قد ضاعت دابته، فقال: «لئن ردها الله علي لأشكرن الله حق شكره» قال: «فما لبث أن أتي بها، فقال: «الحمد لله» فقال قائل له: جعلت فداك، أ لست قلت: لأشكرن الله حق شكره؟! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ألم تسمعني قلت: الحمد لله؟».

5685/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف ابن عميرة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال: «نعم».

قلت: و ما هو؟ قال: «يحمد الله علي كل نعمة عليه في أهل و مال، و ان كان فيما أنعم الله عليه في ماله حق أداه، و منه قوله عز و جل: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا

لَهُ مُقْرِنِينَ «1». و منه قوله تعالى: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ «2». و قوله: رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً «3»».

5686/ [9]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز و جل؟ قال: «الكفر في كتاب الله علي خمسة أوجه». و ذكر الحديث، و قد ذكرناه بتمامه في قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ من سورة البقرة «4».

و

قال في الحديث: «الوجه الثالث من وجوه الكفر: كفر النعم، و ذلك قول الله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السلام): هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ «5»». و قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ و قال:

__________________________________________________

6- الكافي 2: 79/ 14.

7- الكافي 2: 79/ 18.

8- الكافي 2: 78/ 12.

9- الكافي 2: 287/ 1.

(1) الزخرف 43: 13.

(2) المؤمنون 23: 29.

(3) الإسراء 17: 80.

(4) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

(5) النمل 27: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 290

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ «1»».

5687/ [10]- الشيخ في (أماليه) قال: حدثنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري (رحمه الله)، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال:

حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد

البرقي، عن أبي قتادة القمي، عن داود بن سرحان، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه سدير الصيرفي، فسلم و جلس، فقال له: «يا سدير، ما كثر مال رجل قط الا عظمت الحجة لله تعالى عليه، فإن قدرتم أن تدفعوها عن أنفسكم فافعلوا. فقال له: يا بن رسول الله، بماذا؟ قال: «بقضاء حوائج إخوانكم من أموالكم».

ثم قال: «تلقوا النعم- يا سدير- بحسن مجاورتها، و اشكروا من أنعم عليكم، و أنعموا علي من شكركم، فإنكم إذا كنتم كذلك استوجبتم من الله تعالى الزيادة، و من إخوانكم المناصحة». ثم تلا: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ.

5688/ [11]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن هشام بن بلاس «2» المعدل البغدادي النميري بدمشق، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن عليه، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر محمد بن علي (صلوات الله عليهما)، قال: «من اعطي الدعاء لم يحرم الإجابة، و من أعطي الشكر لم يمنع الزيادة» و تلا أبو جعفر (عليه السلام): وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ.

5689/ [12]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا حيان بن بشر أبو بشر «3» الأسدي القاضي بالمصيصة «4»، قال: حدثني خالي أبو عكرمة عامر بن عمران الضبي الكوفي، قال: حدثني محمد بن المفضل بن سلمة الضبي، عن أبيه المفضل بن سلمة، عن مالك بن أعين الجهني، قال: أوصي علي بن الحسين (عليه السلام) بعض ولده، فقال: «يا بني، اشكر الله لما أنعم عليك، و أنعم علي من شكرك، فإنه لا زوال للنعمة إذا شكرت، و لا بقاء لها إذا كفرت،

و الشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه الشكر بها»- و تلا- يعني علي ابن الحسين (عليه السلام)- قول الله تعالى: وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ الي آخر الآية.

5690/ [13]- العياشي: عن أبي عمرو المدائني، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أيما عبد أنعم الله

__________________________________________________

10- الأمالي 1: 309. [.....]

11- الأمالي 2: 67.

12- الأمالي 2: 114.

13- تفسير العيّاشي 2: 222/ 3.

(1) البقرة 2: 152.

(2) في المصدر: ملابس.

(3) في «س، ط»: أبو سرحان بن بشير، و في المصدر: أبو بشر حنان بن بشر. انظر تاريخ بغداد 8: 284.

(4) المصّيصة: مدينة على شاطئ نهر جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية و بلاد الروم. «معجم البلدان 5: 144».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 291

عليه بنعمة فعرفها بقلبه- و في رواية اخرى: فأقربها بقلبه- و حمد الله عليها بلسانه، لم ينفد كلامه حتي يأمر الله له بالزيادة- و في رواية أبي إسحاق المدائني: حتي يأذن الله له بالزيادة- و هو قوله: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ».

5691/ [14]- و عن أبي ولاد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أ رأيت هذه النعمة الظاهرة علينا من الله، أ ليس ان شكرناه عليها و حمدناه زادنا، كما قال الله في كتابه: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ؟

فقال: «نعم، من حمد الله علي نعمه و شكره، و علم أن ذلك منه لا من غيره، زاد الله نعمه»

سورة ابراهيم(14): آية 9 ..... ص : 291

قوله تعالى:

أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ- الي قوله تعالى- وَ إِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ [9] 5692/ [15]- قال علي بن ابراهيم، قوله: أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ الي قوله: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ يعني في

أفواه الأنبياء قالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَ إِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ.

سورة ابراهيم(14): آية 12 ..... ص : 291

قوله تعالى:

وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [12]

5693/ [16]- العياشي: الحسن بن ظريف، عن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ قال: «الزارعون».

5694/ [17]- ابن بابويه في (الفقيه) مرسلا عن الصادق (عليه السلام) في قوله عز و جل: وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ. قال: «الزارعون».

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 2: 222/ 5.

15- تفسير القمّي 1: 368.

16- تفسير العيّاشي 2: 222/ 6.

17- من لا يحضره الفقيه 3: 160/ 703.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 292

سورة ابراهيم(14): الآيات 13 الي 14 ..... ص : 292

قوله تعالى:

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا- الي قوله تعالى- وَ لَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ [13- 14]

5695/ [1]- علي بن ابراهيم، قال: حدثني أبي رفعه الي النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «من آذى جاره طمعا في مسكنه ورثه الله داره، و هو قوله: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ- الي قوله- فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَ لَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ».

سورة ابراهيم(14): آية 15 ..... ص : 292

قوله تعالى:

وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ [15]

5696/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عنه (عليه السلام) قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): ان فيك شبها من عيسي بن مريم، و لو لا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسي بن مريم، لقلت فيك قولا لا تمر بملإ من الناس الا أخذوا التراب من تحت قدميك، يلتمسون بذلك البركة».

قال: «فغضب الأعرابيان و المغيرة بن شعبة و عدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا الا عيسي بن مريم، فأنزل الله علي نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ- يعني من بني هاشم- مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ «1»».

قال: «فغضب الحارث بن عمرو

الفهري، فقال: «اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك- أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل- فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فأنزل الله عليه مقالة الحارث، و نزلت هذه الآية: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «2»».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 368.

2- الكافي 8: 57/ 18.

(1) الزخرف 43: 57- 60. [.....]

(2) الأنفال 8: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 293

ثم قال له: يا بن عمرو، اما تبت و اما رحلت. فقال: يا محمد، بل تجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب و العجم. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): ليس ذلك الي، ذلك الي الله تبارك و تعالى، فقال: يا محمد، قلبي ما يتابعني علي التوبة، و لكن أرحل عنك. فدعا براحلته فركبها، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت «1» هامته، ثم أتي الوحي الي النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ «2»».

قال: قلت: جعلت فداك، انا لا نقرؤها هكذا. فقال: «هكذا أنزل الله بها جبرئيل علي محمد (صلى الله عليه و آله)، و هكذا هو و الله مثبت في مصحف فاطمة (عليها السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لمن حوله من المنافقين: انطلقوا الي صاحبكم، فقد أتاه ما استفتح به، قال الله عز و جل: وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ».

5697/ [2]- علي بن ابراهيم: قوله تعالى: وَ اسْتَفْتَحُوا أي دعوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ أي خسر.

5698/ [3]- ثم قال: و في

رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «العنيد: المعرض عن الحق».

سورة ابراهيم(14): الآيات 16 الي 17 ..... ص : 293

قوله تعالى:

مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَ يُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ- الي قوله تعالى- مِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ [16- 17] 5699/ [4]- قال علي بن ابراهيم، في قوله تعالى: مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَ يُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ قال: ماء يخرج من فروج الزواني.

5700/ [5]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أي و يسقي مما يسيل من الدم و القيح من فروج الزواني في النار».

5701/ [6]- قال علي بن ابراهيم: و قوله: يَتَجَرَّعُهُ وَ لا يَكادُ يُسِيغُهُ وَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ما هُوَ بِمَيِّتٍ قال: يقرب اليه فيكرهه، فإذا دنا منه شوى و جهه، و وقعت فروة رأسه، فإذا شرب تقطعت أمعاؤه

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 368.

3- تفسير القمّي 1: 368.

4- تفسير القمّي 1: 368.

5- مجمع البيان 6: 474.

6- تفسير القمّي 1: 368.

(1) في المصدر: فرضخت.

(2) المعارج 70: 1- 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 294

و مزقت «1» تحت قدميه، و انه ليخرج من أحدهم مثل الوادي صديدا و قيحا. ثم قال: و انهم ليبكون حتي تسيل دموعهم فوق وجوههم جداول، ثم تنقطع الدموع فتسيل الدماء حتي لو أن السفن أجريت فيها لجرت، و هو قوله:

وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ «2».

5702/ [4]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ان أهل النار لما غلي الزقوم و الضريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب، فاتوا بشراب غساق «3» و صديد يَتَجَرَّعُهُ وَ لا يَكادُ يُسِيغُهُ وَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ما هُوَ بِمَيِّتٍ وَ مِنْ وَرائِهِ

عَذابٌ غَلِيظٌ و حميم تغلي به جهنم منذ خلقت، كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَ ساءَتْ مُرْتَفَقاً «4».

سورة ابراهيم(14): آية 18 ..... ص : 294

قوله تعالى:

مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ- الي قوله تعالى- هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [18] 5703/ [1]- قال علي بن ابراهيم: و قوله: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ قال: من لم يقر بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بطل عمله، مثل الرماد الذي تجي ء الريح فتحمله.

5704/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيي، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من الله، فسعيه غير مقبول، و هو ضال متحير، و الله شانئ لأعماله، و مثله كمثل شاة ضلت عن راعيها و قطيعها، فهجمت ذاهبة و جائية يومها، فلما جنها الليل بصرت بقطيع من غير راعيها، فحنت إليها و اغترت بها، فباتت معها في مربضها «5»، فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها و قطيعها، فضلت «6» متحيرة تطلب راعيها، و قطيعها، فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها، و اغترت بها، فصاح بها الراعي: الحقي براعيك و قطيعك، فإنك

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 223/ 7.

1- تفسير القمّي 1: 368.

2- الكافي 1: 306/ 2.

(1) زاد في المصدر: إلى.

(2) محمد 47: 15.

(3) الغسّاق: ما يغسق من صديد أهل النار، أي يسيل. «مجمع البحرين- غسق- 5: 223». [.....]

(4) الكهف 18: 29.

(5) في «س»: مربطها.

(6) في «س»: و المصدر: فهجمت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 295

تائهة متحيرة عن راعيك و قطيعك، فهجمت ذعرة متحيرة نادة «1»، لا راعي لها

يرشدها الي مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها.

و كذلك و الله- يا محمد- من أصبح من هذه الامة لا امام له من الله عز و جل ظاهرا عادلا، أصبح ضالا تائها، و ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق، و اعلم- يا محمد- أن أئمة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين الله، قد ضلوا و أضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا علي شي ء، ذلك هو الضلال البعيد».

سورة ابراهيم(14): الآيات 21 الي 22 ..... ص : 295

قوله تعالى:

وَ بَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً- الي قوله تعالى- إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ [21- 22] 5705/ [1]- علي بن ابراهيم: قوله تعالى: وَ بَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً معناه مستقبل، أنهم يبرزون، و لفظه ماض.

5706/ [2]- ثم قال: و قوله: لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ فالهدى ها هنا هو الثواب سَواءٌ عَلَيْنا أَ جَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ أي مفر. قال: قوله: وَ قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ أي لما فرغ من أمر الدنيا من أوليائه إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ أي بمغيثكم وَ ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ أي بمغيثي إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ يعني في الدنيا.

5707/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام). قال: «قال عز و جل يذكر إبليس و تبريه من أوليائه من الإنس يوم القيامة:

إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ».

5708/ [4]- العياشي:

عن حريز، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: وَ قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ، قال: «هو الثاني، و ليس في القرآن وَ قالَ الشَّيْطانُ الا و هو الثاني».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 368.

2- تفسير القمّي 1: 368.

3- الكافي 2: 287 ضمن الحديث 1.

4- تفسير العيّاشي 2: 223/ 8.

(1) ندّ: نفر و ذهب على وجهه شاردا. «الصحا- ندد- 2: 543».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 296

5709/ [5]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه إذا كان يوم القيامة يؤتي بإبليس في سبعين غلا و سبعين كبلا «1»، فينظر الأول الي زفر في عشرين و مائة كبل و عشرين و مائة غل، فينظر إبليس، فيقول: من هذا الذي أضعف الله له العذاب، و أنا أغويت هذا الخلق جميعا؟ فيقال: هذا زفر. فيقول: بما حدد له هذا العذاب؟

فيقال: ببغيه علي علي (عليه السلام). فيقول له إبليس: ويل لك و ثبور لك، أما علمت أن الله أمرني بالسجود لآدم فعصيته، و سألته أن يجعل لي سلطانا علي محمد و أهل بيته و شيعته، فلم يجبني الي ذلك و قال: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ «2» و ما عرفتهم حين «3» استثناهم، إذ قلت وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ «4»؟ فمنتك به نفسك غرورا فتوقف بين يدي الخلائق. ثم قال له: ما الذي كان منك الي علي و الي الخلق الذي اتبعوك علي الخلاف؟ فيقول الشيطان- و هو زفر- لإبليس: أنت أمرتني بذلك.

فيقول له إبليس: فلم عصيت ربك و أطعتني؟ فيرد زفر عليه ما قال الله: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِي

عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ الي آخر الآية».

سورة ابراهيم(14): الآيات 24 الي 26 ..... ص : 296

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ- الي قوله تعالى- ما لَها مِنْ قَرارٍ [24- 26]

5710/ [1]- محمد بن يعقوب: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن سيف، عن أبيه، عن عمرو بن حريث، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ.

قال: فقال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصلها، و أمير المؤمنين (عليه السلام) فرعها، و الأئمة من ذريتهما أغصانها،

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 223/ 9.

1- الكافي 1: 355/ 80.

(1) الكبل: القيد الضخم. «الصحاح- كبل- 5: 1808».

(2) الحجر 15: 42.

(3) في «س» و «ط» نسخة بدل: حتى.

(4) الأعراف 7: 17. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 297

و علم الأئمة ثمرتها، و شيعتهم المؤمنون ورقها، هل فيها فضل «1»؟» قال: قلت: لا و الله. قال: «و الله إن المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها، و إن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها».

5711/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى: كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها.

فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا أصلها، و علي فرعها، و الأئمة أغصانها، و علمنا ثمرها، و شيعتنا ورقها. يا أبا حمزة، هل ترى فيها فضلا؟» قال: «قلت: لا

و الله، لا ارى فيها. قال: فقال: «يا أبا حمزة، و الله ان المولود ليولد من شيعتنا فتورق ورقة منها، و يموت فتسقط ورقة منها».

5712/ [3]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، عن سلام بن المستنير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها، فقال: «الشجرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، نسبة ثابت في بني هاشم، و فرع الشجرة علي (عليه السلام)، و عنصر الشجرة فاطمة (عليها السلام) و أغصانها الأئمة، و ورقها الشيعة، و ان الرجل منهم ليموت فتسقط منها ورقة «2»، و ان المولود منهم ليولد فتورق ورقة «3»».

قال: قلت له: جعلت فداك، قوله تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها؟ قال: «هو ما يخرج من الإمام من الحلال و الحرام في كل سنة الى شيعته».

5713/ [4]- و عنه: عن احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن المفضل بن صالح، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى: كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ.

قال: «النبي (صلى الله عليه و آله) و الأئمة هم الأصل الثابت، و الفرع: الولاية لمن دخل فيها».

5714/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد الضبي، قال: حدثنا محمد بن هلال، قال: حدثنا نائل بن نجيح، قال: حدثنا

__________________________________________________

2- بصائر الدرجات: 78/ 1.

3- بصائر الدرجات: 79/ 2.

4- بصائر الدرجات: 80/ 1.

5- معاني الأخبار: 400/ 61.

(1)

قال المجلسي قوله: «فضل» أي شي ء آخر غير ما ذكرنا، فلا يدخل في هذه الشجرة، و لا يلحق بالنبيّ (صلى اللّه عليه و آله) غير من ذكّر، فالمخالفون و سائر الخلق داخلون في الشجرة الخبيثة، و ملحقون بها. و قيل: أي هل في هذه الكلمة فضل عن الحقّ، و في بعض النسخ: «شوب» مكان «فضل» أي هل فيها شوب خطأ و بطلان، أو شوب حقّ بالباطل أو خلط شي ء غير ما ذكر. مرآة القول 5: 104.

(2) في «س»: ورقته.

(3) في «س»: ورقته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 298

عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل:

كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها».

قال: «اما الشجرة فرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و فرعها علي (عليه السلام)، و غصن الشجرة فاطمة بنت رسول الله (صلوات الله عليهما)، و ثمرها أولادها (عليهم السلام)، و ورقها شيعتنا» ثم قال (عليه السلام): «ان المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة، و ان المولود من شيعتنا ليولد فتورق الشجرة ورقة».

5715/ [6]- و عنه، قال: حدثنا جماعة من أصحابنا، قالوا: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثني جعفر بن إسماعيل الهاشمي، قال: سمعت خالي محمد بن علي، يروي عن عبد الرحمن بن حماد، عن عمر بن سالم بياع السابري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ قال: «أصلها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و فرعها امير المؤمنين (عليه السلام)، و الحسن و

الحسين ثمرها، و تسعة من ولد الحسين أغصانها، و الشيعة ورقها، و الله ان الرجل منهم ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة».

قلت: قوله تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها؟ قال: «ما يخرج من علم الإمام إليكم في كل سنة من حج و عمرة».

5716/ [7]- علي بن ابراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً الآية. قال: «الشجرة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصلها نسبه ثابت في بني هاشم، و فرع الشجرة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و غصن الشجرة فاطمة (عليها السلام)، و ثمرها الأئمة من ولد علي و فاطمة (عليهم السلام)، و شيعتهم ورقها، و ان المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقه، و ان المؤمن ليولد فتورق الشجرة ورقة».

قلت: أ رأيت قوله تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها؟ قال: «يعني بذلك ما يفتي به الأئمة شيعتهم في كل حج و عمرة من الحلال و الحرام». ثم ضرب الله لأعداء آل محمد مثلا، فقال: وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ.

5717/ [8]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «كذلك الكافرون لا تصعد اعمالهم الى السماء، و بنو امية لا يذكرون الله في مجلس و لا في مسجد، و لا تصعد اعمالهم الي السماء الا قليل منهم».

5718/ [9]- الطبرسي، قال: روى ابو الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «ان هذا مثل بني امية».

__________________________________________________

6- كمال الدين و تمام النعمة: 345/ 30.

7- تفسير القمّي 1: 369.

8-

تفسير القمّي 1: 369.

9- مجمع البيان 6: 481.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 299

5719/ [10]- العياشي: عن محمد بن علي الحلبي، عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في قول الله: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ.

قال: «يعني النبي (صلى الله عليه و آله) و الأئمة من بعده، و هم الأصل الثابت، و الفرع الولاية لمن دخل فيها».

5720/ [11]- عن محمد بن يزيد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فرعها، و الأئمة من ذريتهما أغصانها، و علم الأئمة ثمرها، و شيعتهم ورقها، فهل ترى فيها فضلا؟» قلت: لا و الله. قال: «و الله ان المؤمن ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة، و انه ليولد فتورق ورقة فيها».

قال: قلت: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها قال: «يعني ما يخرج الى الناس من علم الإمام في كل حين يسأل عنه».

5721/ [12]- عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ الآيتان، قال: «هذا مثل ضربه الله لأهل بيت نبيه، و لمن عاداهم هو مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ».

5722/ [13]- محمد بن يعقوب: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام): «ان عليا (صلوات الله عليه) قال في رجل نذر ان يصوم زمانا، قال: الزمان خمسة أشهر، و الحين ستة أشهر، ان الله عز و جل يقول: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها».

5723/ [14]- و عنه: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن الحسن

بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه سئل عن رجل قال: لله علي ان أصوم حينا، و ذلك في شكر.

فقال ابو عبد الله (عليه السلام): «قد أتي علي (عليه السلام) في مثل هذا، فقال: صم ستة أشهر، فإن الله عز و جل يقول:

تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها يعني ستة أشهر».

5724/ [15]- العياشي: عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام): ان عليا (عليه السلام) قال في رجل نذر ان يصوم زمانا، قال: الزمان خمسة أشهر، و الحين ستة أشهر، لأن الله يقول: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ».

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 224/ 10.

11- تفسير العيّاشي 2: 224/ 11.

12- تفسير العيّاشي 2: 225/ 15. [.....]

13- الكافي 4: 142/ 5.

14- الكافي 4: 142/ 6.

15- تفسير العيّاشي 2: 224/ 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 300

5725/ [16]- عن الحلبي، قال: سئل ابو عبد الله (عليه السلام)، عن رجل جعل لله عليه صوما حينا في شكر.

قال: فقال: «قد سئل علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن هذا، فقال: فليصم ستة أشهر، ان الله يقول: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها و الحين ستة أشهر».

5726/ [17]- عن خالد بن جرير، قال: سئل ابو عبد الله (عليه السلام) عن رجل قال: لله علي ان أصوم حينا، و ذلك في شكر.

فقال ابو عبد الله (عليه السلام): «قد أتي علي (عليه السلام) في مثل هذا، فقال: صم ستة أشهر، فإن الله يقول: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ يعني ستة أشهر».

سورة ابراهيم(14): آية 27 ..... ص : 300

قوله تعالى:

يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ

ما يَشاءُ [27]

5727/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان، ملك عن يمينه و ملك عن يساره، و أقيم الشيطان بين عينيه، عيناه من نحاس، فيقال له: كيف تقول في الرجل الذي كان بين ظهرانيكم؟- قال- فيفزع له فزعة، فيقول إذا كان مؤمنا: أ عن محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) تسألان؟ فيقولان له:

نم نومة لا حلم فيها، و يفسح له في قبره تسعة اذرع، و يرى مقعده من الجنة، و هو قول الله عز و جل: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ و إذا كان كافرا، قالا له: من هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ فيقول: لا ادري. فيخليان بينه و بين الشيطان».

و روى هذا الحديث الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد) قال: حدثنا النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا وضع الرجل في قبره» و ساق الحديث الي آخره «1».

5728/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 2: 224/ 13.

17- تفسير العيّاشي 2: 224/ 14.

1- الكافي 3: 28/ 10.

2- الكافي 3: 239/ 12.

(1) الزهد: 86/ 231.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 301

ابن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ان المؤمن إذا اخرج من بيته شيعته الملائكة

الي قبره، يزدحمون عليه، حتى إذا انتهي به الى قبره، قالت له الأرض: مرحبا بك و أهلا، اما و الله لقد كنت أحب ان يمشي علي مثلك، لترين ما اصنع بك. فيوسع له مد بصره، و يدخل عليه في قبره ملكا القبر و هما قعيدا القبر: منكر و نكير، فيلقيان فيه الروح الي حقويه «1»، فيقعدانه و يسألانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول:

الله. فيقولان: ما دينك؟ فيقول: الإسلام. فيقولان: و من نبيك؟ فيقول: محمد (صلى الله عليه و آله). فيقولان: و من امامك؟

فيقول: فلان- قال- فينادي مناد من السماء: صدق عبدي، افرشوا له في قبره من الجنة، و افتحوا له في قبره بابا الي الجنة، و البسوه من ثياب الجنة، حتى يأتينا و ما عندنا خير له، ثم يقال له: نم نومة العروس، لا حلم فيها.

قال: و ان كان كافرا خرجت الملائكة تشيعه الى قبره يلعنونه، حتى إذا انتهى به الى قبره، قالت له الأرض:

لا مرحبا بك و لا أهلا، اما و الله لقد كنت ابغض ان يمشي علي مثلك، لا جرم لترين ما اصنع بك اليوم. فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه- قال- ثم يدخل عليه ملكا القبر، و هما قعيدا القبر: منكر و نكير».

قال ابو بصير: جعلت فداك، يدخلان علي المؤمن و الكافر في صورة واحدة؟ فقال: «لا».

قال: «فيقعدانه فيلقيان فيه الروح الي حقويه، فيقولان له: من ربك؟ فيتلجلج، و يقول: قد سمعت الناس يقولون. فيقولان له: لا دريت. و يقولان له: ما دينك؟ فيتلجلج، فيقولان له: لا دريت. و يقولان له: من نبيك؟ فيقول:

قد سمعت الناس يقولون، فيقولان له: لا دريت. و يسألانه عن امام زمانه- قال-: فينادي مناد من السماء: كذب عبدي،

افرشوا له في قبره من النار، و البسوه من ثياب النار، و افتحوا له بابا الى النار، حتى يأتينا، و ما عندنا شر له، فيضربانه بمرزبة «2» ثلاث ضربات، ليس منها ضربة الا يتطاير قبره نارا، لو ضربت بتلك المرزبة جبال تهامة لكانت رميما».

و قال ابو عبد الله (عليه السلام): «و يسلط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا، و الشيطان يغمه غما- قال- و يسمع عذابه من خلق الله الا الجن و الإنس- قال- و انه ليسمع خفق نعالهم و نفض أيديهم، و هو قول الله عز و جل:

يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ».

5729/ [3]- و عنه: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن احمد بن محمد بن أبي نصر، و الحسن بن علي، جميعا، عن أبي جميلة مفضل بن صالح، عن جابر، عن عبد الأعلى و علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن ابراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، قال: قال امير المؤمنين (عليه السلام): «ان ابن آدم إذا كان في آخر يوم من ايام الدنيا، و أول يوم من ايام الآخرة، مثل له ماله و ولده و عمله، فيلتفت الي ماله فيقول له: و الله اني كنت عليك حريصا شحيحا، فمالي عندك؟ فيقول: خذ

__________________________________________________

3- الكافي 3: 231/ 1.

(1) الحقو: الخصر و مشدّ الإزار. «الصحاح- حقا- 6: 2317».

(2) المرزبّة: المطرقة الكبيرة تكسر بها الحجارة. «المعجم الوسيط- رزب- 1: 341».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 302

مني كفنك- قال- فيلتفت الي ولده، فيقول:

و الله اني كنت لكم محبا، و اني كنت عليكم محاميا فما ذا لي عندكم؟

فيقولون: نؤديك الي حفرتك، نواريك فيها- قال- فيلتفت الي عمله فيقول: و الله اني كنت فيك الزاهدا، و ان كنت علي لثقيلا، فما لي عندك؟ فيقول: انا قرينك في قبرك و يوم نشرك، حتى اعرض انا و أنت علي ربك».

قال: «فإن كان لله وليا، أتاه أطيب الناس ريحا و أحسنهم منظرا، و أحسنهم رياشا «1»، فيقول: ابشر بروح و ريحان و جنة نعيم و مقدمك خير مقدم، فيقول له: من أنت؟ فيقول: انا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا الي الجنة، و انه ليعرف غاسله و يناشد حامله ان يعجله، فإذا ادخل قبره، أتاه ملكا القبر يجران اشعارهما، و يخدان «2» الأرض بأقدامهما، أصواتهما كالرعد القاصف «3»، و أبصارهما كالبرق الخاطف، فيقولان له: من ربك؟ و ما دينك؟

و من نبيك؟ فيقول الله ربي، و ديني الإسلام، و نبيي محمد (صلى الله عليه و آله)، فيقولان له: ثبتك الله فيما تحب و ترضي.

و هو قول الله عز و جل: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ ثم يفسحان له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا الي الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين، نوم الشاب الناعم، فإن الله عز و جل يقول: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا «4»».

قال: «و إذا كان لربه عدوا، فإنه يأتيه أقبح من خلق الله زيا و رؤيا، و أنتنه ريحا، فيقول له: ابشر بنزل من حميم، و تصلية جحيم. و انه ليعرف غاسله، و يناشد حملته ان يحبسوه، فإذا ادخل القبر أتاه ممتحنا القبر فألقيا عنه أكفانه، ثم

يقولان له: من ربك؟ و ما دينك؟ و من نبيك؟ فيقول: لا ادري. فيقولان: لا دريت و لا هديت. فيضربان يأفوخه بمرزبة معهما ضربة ما خلق الله عز و جل من دابة الا و تذعر لها، ما خلا الثقلين، ثم يفتحان له بابا الي النار، ثم يقولان له: نم بشر حال، فيه من الضيق مثل ما فيه القنا «5» من الزج «6»، حتى ان دماغه ليخرج من بين ظفره و لحمه، و يسلط الله عليه حيات الأرض و عقاربها و هوامها، فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره و انه ليتمني قيام الساعة فيما هو فيه من الشر».

و

قال جابر: قال ابو جعفر (عليه السلام): «قال النبي (صلى الله عليه و آله): اني كنت انظر الي الإبل و الغنم و انا أرعاها، و ليس من نبي الا و قد رعي الغنم، و كنت انظر إليها قبل النبوة و هي متمكنة في المكينة «7»، ما حولها شي ء يهيجها، حتى تذعر و تطير، فأقول: ما هذا؟ و اعجب، حتى حدثني جبرئيل (عليه السلام): ان الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا الا سمعها و يذعر لها، الا الثقلين، فقلت: ذلك لضربة الكافر، فنعوذ بالله من عذاب القبر».

__________________________________________________

(1) الرّياش: اللّباس الفاخر «المجم الوسيط- راش- 1: 385».

(2) خدّ الأرض: حفرها «المعجم الوسيط- خدّ- 1: 220».

(3) قصف الرّعد: اشتدّ صوته «المعجم الوسيط- قصف- 2: 740». [.....]

(4) الفرقان 25: 24.

(5) القنا: اسم الجنس الجمعي من (القناة) و هي الرمح الأجوف، انظر «المعجم الوسيط- قنا- 2: 764».

(6) الزّج: الحديدة في أسفل الرّمح «المعجم الوسيط- زج- 1: 389».

(7) أي في مكان استقرارها و تمكّنها، و لعلّها تصحيف (المكنة) بمعنى المكان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص:

303

و روى هذا الحديث علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن علي بن مهزيار، عن عمرو بن عثمان، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن ابراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، عن امير المؤمنين (عليه السلام)، الا ان في رواية محمد بن يعقوب زيادة في آخر الحديث ذكرناها «1».

و روى ايضا هذا الحديث الشيخ في (اماليه)، بإسناده عن عباد، عن عمه، عن أبيه، عن جابر، عن ابراهيم ابن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، ذكر ان علي بن أبي طلاب (عليه السلام)، و عبد الله بن عباس، ذكر ان ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا، و أول يوم من الآخرة، و ساق الحديث الي آخره «2».

5730/ [4]- الشيخ في (اماليه): عن الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا اخي دعبل، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج، عن علقمة بن مرشد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء بن عازب، عن النبي (صلى الله عليه و آله) في قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ.

قال: «في القبر إذا سئل الموتى».

5731/ [5]- العياشي: عن صفوان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ان الشيطان ليأتي الرجل من أوليائنا فيأتيه عند موته، يأتيه عن يمينه و عن يساره ليصده عما هو عليه، فيأبى الله له ذلك، و كذلك قال الله:

يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ».

5732/ [6]- عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: «إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان: ملك عن يمينه، و ملك عن شماله، و

أقيم الشيطان بين يديه، عيناه من نحاس، فيقال له:

ما تقول في هذا الرجل الذي خرج من بين ظهرانيكم يزعم انه رسول الله؟ فيفزع لذلك فزعة فيقول- ان كان مؤمنا-: محمد رسول الله. فيقال له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها، و يفسح له في قبره تسعة اذرع، و يرى مقعده من الجنة، و هو قول الله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ. و ان كان كافرا، قالوا: من هذا الرجل الذي كان بين ظهرانيكم يقول انه رسول الله؟ فيقول: ما ادري. فيخلي بينه و بين الشيطان».

5733/ [7]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ان الميت إذا اخرج من بيته شيعته الملائكة الى قبره يترحمون عليه، حتى إذا انتهي به الي قبره، قالت الأرض له: مرحبا بك و أهلا و سهلا، و الله لقد كنت أحب ان يمشي علي مثلك، لا جرم لترى ما اصنع بك، فيوسع له مد بصره، و يدخل عليه في قبره قعيدا القبر منكر و نكير، فيلقيان فيه الروح الي حقويه، فيقعدانه فيسألانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: الله. فيقولان: و ما دينك؟ فيقول:

__________________________________________________

4- الأمالي 1: 386.

5- تفسير العيّاشي 2: 225/ 16.

6- تفسير العيّاشي 2: 225/ 17.

7- تفسير العيّاشي 2: 225/ 18.

(1) تفسير القمّي 1: 369.

(2) الأمالي 1: 357.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 304

الإسلام. فيقولان: و من نبيك؟ فيقول: محمد (صلى الله عليه و آله). فيقولان: و من امامك؟ فيقول: علي. فينادي مناد من السماء: صدق عبدي، افرشوا له في القبر من الجنة، و البسوه من ثياب الجنة، و افتحوا له في قبره بابا الى الجنة، حتى يأتينا و ما عندنا

خير له. ثم يقولان له: نم نومة العروس، نم نومة لا حلم فيها.

و ان كان كافرا، أخرجت له ملائكة يشيعونه الي قبره يلعنونه، حتى إذا انتهي الي الأرض، قالت الأرض: لا مرحبا بك و لا أهلا، اما و الله لقد كنت ابغض ان يمشي علي مثلك، لا جرم لترين ما اصنع بك اليوم، فتضايق عليه حتى تلتقي جوانحه. و يدخل عليه ملكا القبر، و هما قعيدا القبر منكر و نكير- قال: قلت له: جعلت فداك، يدخلان علي المؤمن و الكافر في صورة واحدة؟ فقال: «لا». فيقعدانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون، [فيقولان: لا دريت، فما دينك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون.] و يتلجلج لسانه. فيقولان: لا دريت، فمن نبيك؟

فيقول: سمعت الناس يقولون، و يتلجلج لسانه. فيقولان: لا دريت. فينادي مناد. من السماء: كذب عبدي، افرشوا له في قبره من النار، و البسوه من ثياب النار، و افتحوا له بابا الي النار، حتى يأتينا و ما له عندنا شر له- قال- ثم يضربانه بمرزبة معهما ثلاث ضربات ليس منها ضربة الا تطاير قبره نارا، و لو ضربت تلك الضربة علي جبال تهامة، لكانت رميما».

قال ابو عبد الله (عليه السلام): «و يسلط الله عليه في قبره الحيات و العقارب تنهشه نهشا، و الشياطين تغمه غما، يسمع عذابه من خلق الله الا الجن و الإنس، و انه ليسمع خفق نعالهم، و نفض أيديهم، و هو قول الله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا- قال- عند موته وَ فِي الْآخِرَةِ- قال- في قبره وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ».

5734/ [8]- عن سويد بن غفلة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)

قال: «ان ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا و أول يوم من الآخرة، مثل له ماله و ولده و عمله، فيلتفت الى ماله، فيقول: و الله اني كنت عليك لحريصا شحيحا، فما عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك. فيلتفت الي ولده، فيقول: و الله اني كنت لكم محبا، و اني كنت عليكم لمحاميا، فما ذا عندكم؟ فيقولون: نؤديك الى حفرتك و نواريك فيها. فيلتفت الي عمله، فيقول: و الله اني كنت لكم محبا، و اني كنت عليكم لمحاميا، فما ذا عندكم؟ فيقولون: نؤديك الي حفرتك و نواريك فيها. فيلتفت الي عمله، فيقول: و الله اني كنت فيك لزاهدا، و ان كنت علي لثقيلا، فما عندك؟ فيقول: انا قرينك في قبرك و يوم نشرك حين اعرض انا و أنت علي ربك.

فإن كان لله وليا، أتاه أطيب الناس ريحا و أحسنهم رياشا، فيقول: ابشر بروح و ريحان و جنة نعيم، قدمت خير مقدم، فيقول: من أنت؟ فيقول: انا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا الي الجنه و انه ليعرف غاسله و يناشد حامله ان يعجله، فإذا ادخل قبره أتاه اثنان، هما فتانا القبر، يجران اشعارهما، و يبحثان الأرض بأنيابهما، أصواتهما كالرعد العاصف، و أبصارهما كالبرق الخاطف، ثم يقولان: من ربك، و ما دينك، و من نبيك؟ فيقول: الله ربي، و ديني الإسلام، و نبيي محمد. فيقولان: ثبتك الله فيما يحب و يرضي. و هو قول الله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ. ثم يفسحان له في قبره مد بصره، و يفتحان له بابا الي الجنة، ثم يقولان له:

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 227/ 10 و 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص:

305

نم قرير العين، نوم الشاب الناعم، فإنه يقول الله: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا «1».

و أما إن كان لربه عدوا، فإنه يأتيه أقبح من خلق الله رياشا، و أنتنهم ريحا فيقول: أبشر ينزل من حميم و تصلية جحيم. و انه ليعرف غاسله و يناشد حامله ان يحبسه، فإذا ادخل في قبره أتاه ممتحنا القبر، فألقيا أكفانه، ثم قالا له:

من ربك، و ما دينك، و من نبيك؟ فيقول: لا ادري. فيقولان: لا دريت و لا هديت. فيضربان يأفوخه بمرزبة ضربة ما خلق الله من دابة الا تذعر لها، ما خلا الثقلين، ثم يفتح له باب الى النار، ثم يقولان له: نم بشر حال، فإنه من الضيق مثل ما فيه القناة من الزج، حتى ان دماغه ليخرج مما بين ظفره و لحمه، و يسلط الله عليه حيات الأرض و عقاربها و هو أمها فتنهشه حتى يبعثه من قبره، و انه ليتمني قيام الساعة مما هو فيه من الشر».

قال جابر «2»: قال ابو جعفر (عليه السلام): «قال النبي (صلى الله عليه و آله): اني كنت لأنظر الى الغنم و الإبل و انا أرعاها، و ليس من نبي الا قد رعي، فكنت انظر إليها قبل النبوة و هي متمكنة فيه المكنية، ما حولها شي ء يهيجها حتى تذعر، فأنظر فأقول: ما هذا؟ و اعجب، حتى حدثني جبرئيل (عليه السلام): ان الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا الا سمعها و يذعر لها الا الثقلان، فعلمت ان ذلك انما كان بضربة الكافر، فنعوذ بالله من عذاب القبر».

5735/ [9]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان: ملك عن يمينه،

و ملك عن شماله، و أقيم الشيطان بين يديه، عيناه من نحاس، فيقال له: كيف تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟- قال- فيفزع لذلك، فيقول- ان كان مؤمنا-: عن محمد تسألاني؟ فيقولان له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها. و يفسح له في قبره تسعة «3» اذرع، و يرى مقعدة من الجنة.

و ان كان كافرا، قيل له: ما تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ فيقول: ما أدرى، و يخلي بينه و بين الشيطان، و يضرب بمرزبة من حديد يسمع صوته كل شي ء، و هو قول الله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ».

5736/ [10]- و من طريق المخالفين: ما رواه النطنزي، عن ابن عباس، في قوله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ، قال: بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).

5737/ [11]- ابن بابويه: قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق، و محمد بن احمد السناني، و علي بن احمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قالوا: حدثنا ابو العباس احمد بن يحيي بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 227/ 19.

10- ... تفسير الحبري: 288/ 42، شواهد التنزيل 1: 314/ 434.

11- التوحيد: 241/ 1. [.....]

(1) الفرقان 25: 24.

(2) وقع جابر في السند المتقدّم في أول هذا الحديث و قد حذف من أسانيد العيّاشي، انظر أسانيد الحديث (3) من تفسير هذه الآيات، عن الكافي و تفسير القمّي و أمالي الشيخ.

(3) في «ط»: سبعة، و في المصدر: خمسة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 306

عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه،

عن جعفر بن سليمان البصري، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً «1».

فقال: «ان الله تبارك و تعالى يضل الظالمين يوم القيامة عن دار كرامته، و يهدي اهل الإيمان و العمل الصالح الى جنته، كما قال عز و جل: وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ و قال عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ «2»».

سورة ابراهيم(14): الآيات 28 الي 29 ..... ص : 306

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ [28- 29]

5738/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق ابن حسان، عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال امير المؤمنين (عليه السلام): «ما بال أقوام غيروا سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عدلوا عن وصيه، لا يتخوفون ان ينزل بهم العذاب؟» ثم تلا هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ ثم قال: «نحن النعمة التي أنعم الله بها علي عباده، و بنا يفوز من فاز يوم القيامة».

5739/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز

و جل: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً الآية.

قال: «عني بها قريشا قاطبة، الذين عادوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و نصبوا له الحرب، و جحدوا وصية وصيه».

5740/ [3]- و عنه: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلي بن محمد، عن الوشاء، عن ابان بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً

__________________________________________________

1- الكافي 1: 169/ 1.

2- الكافي 1: 169/ 4.

3- الكافي 8: 103/ 77.

(1) الكهف 18: 17.

(2) يونس 20: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 307

قال: «ما تقولون في ذلك؟». قلت: نقول: هم الأفجران من قريش: بنو امية و بنو المغيرة.

قال: ثم قال: «هي و الله قريش قاطبة، ان الله تبارك و تعالى خاطب نبيه (صلى الله عليه و آله) فقال: اني فضلت قريشا علي العرب، و أتممت عليهم نعمتي، و بعثت إليهم رسولي، فبدلوا نعمتي كفرا و أحلوا قومهم دار البوار».

5741/ [4]- علي بن ابراهيم: قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن عثمان بن عيسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً.

قال: «نزلت في الأفجرين من قريش: بني امية و بني المغيرة، فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر، و اما بنو امية فمتعوا الى حين- ثم قال- و نحن و الله نعمة الله التي أنعم بها علي عباده، و بنا يفوز من فاز، ثم قال لهم:

تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ «1»».

5742/ [5]- ثم قال: حدثني أبي، عن إسحاق بن الهيثم، عن سعد بن

طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام) قال: «ما بال قوم غيروا سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عدلوا عن وصيه «2»، لا يخافون ان ينزل بهم العذاب؟» ثم تلا هذه الآية الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ ثم قال: «نحن- و الله- نعمة الله التي أنعم بها علي عباده، و بنا فاز من فاز».

5743/ [6]- العياشي: عن عمرو بن سعيد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ قال: فقال: «ما تقولون في ذلك؟» فقلت: نقول: هما الأفجران من قريش: بنو امية و بنو المغيرة.

فقال: «بلي، هي قريش قاطبة، ان الله خاطب نبيه (صلى الله عليه و آله) فقال: اني قد فضلت قريشا علي العرب، و أتممت عليهم نعمتي، و بعث إليهم رسولا، فبدلوا نعمتي و كذبوا رسولي».

5744/ [7]- و في رواية زيد الشحام، عنه (عليه السلام)، قال: قلت له: بلغني ان امير المؤمنين (عليه السلام) سئل عنها، فقال: «عني بذلك الأفجرين من قريش: امية و محزوم، فأما مخزوم فقتلها الله يوم بدر، و اما امية فمتعوا الى حين»؟

فقال ابو عبد الله (عليه السلام): «عني الله و الله بها قريشا قاطبة، الذين عادوا رسول الله و نصبوا له الحرب».

5745/ [8]- عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال امير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً.

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 1: 371.

5- تفسير القمّي 1: 86.

6- تفسير العيّاشي 2: 229/ 22.

7- تفسير العيّاشي 2: 229/ 23.

8- تفسير العيّاشي 2: 229/ 24.

(1) إبراهيم 14: 30.

[.....]

(2) في المصدر: عن وصيته في حق علي و الأئمة (عليهم السلام) و.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 308

قال: «نحن نعمة الله التي أنعم الله بها علي العباد».

5746/ [9]- عن ذريح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «جاء ابن الكواء الى امير المؤمنين (عليه السلام) فسأله عن قول الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ. قال:

تلك قريش، بدلوا نعمة الله كفرا، و كذبوا نبيه (صلى الله عليه و آله) يوم بدر».

5747/ [10]- عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري، قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن موسى (عليه السلام) حين ادخل عليه ما هذه الدار، و دار من هي؟ قال: «لشيعتنا فترة، و لغيرهم فتنة». قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: «أخذت منه عامرة، و لا يأخذها الا معمورة» فقال: اين شيعتكم؟ فقرا ابو الحسن (عليه السلام): لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ «1» قال له: فنحن كفار؟ قال: «لا، و لكن كما قال الله عز و جل: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ» فغضب عند ذلك و غلظ عليه.

5748/ [11]- علي بن حاتم، قال: وجدت في كتاب أبي، عن حمزة الزيات، عن عمر بن مرة، قال: قال ابن عباس لعمر: يا امير المؤمنين، هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ قال: هما الأفجران من قريش، أخوالي و أعمامك، فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر، و اما أعمامك فأملي الله لهم الى حين.

5749/ [12]- عن مسلم المشوف، عن

علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله: وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ.

قال: «هما الأفجران من قريش: بنو امية و بنو المغيرة».

5750/ [13]- ابن شهر آشوب: عن مجاهد، في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً:

كفرت بنو امية بمحمد (صلى الله عليه و آله) و اهل بيته.

5751/ [14]- عن أبي الطفيل: عن امير المؤمنين (عليه السلام)، قال: يقول الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها، قال: «تلك في الأفجرين من قريش».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 229/ 25.

10- تفسير العيّاشي 2: 229/ 26.

11- تفسير العيّاشي 2: 230/ 27.

12- تفسير العيّاشي 2: 230/ 28.

13- المناقب 3: 99.

14- تفسير العيّاشي 2: 283/ 31، فرائد السمطين 1: 395/ 331 ضمن حديث طويل.

(1) البيّنة 98/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 309

سورة ابراهيم(14): آية 31 ..... ص : 309

قوله تعالى:

قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلالٌ [31]

5752/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة ابن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ان الله عز و جل فرض للفقراء له في اموال الأغنياء فريضة لا يحمدون الا بأدائها، و هي الزكاة، بها حقنوا دماءهم، و بها سموا مسلمين، و لكن الله عز و جل فرض في اموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة، فقال عز و جل: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ «1» فالحق المعلوم غير الزكاة، و هو شي ء يفرضه الإنسان علي نفسه في ماله، يجب عليه ان يفرضه علي قدر

طاقته و سعة حاله «2»، فيؤدي الذي فرض علي نفسه كل يوم، و ان شاء في كل جمعة، و ان شاء في كل شهر. و قال الله عز و جل ايضا: أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً «3» و هذا غير الزكاة، و قد قال الله عز و جل ايضا يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً و الماعون ايضا، و هو القرض يقرضه، و المتاع يعيره، و المعروف يصنعه. و مما فرض الله عز و جل ايضا في المال من غير الزكاة، قوله عز و جل: الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ «4» و من ادى ما فرض الله عليه فقد قضي ما عليه، و ادى شكر ما أنعم الله عليه في ماله، إذا هو حمده علي ما أنعم الله عليه فيه مما فضله به من السعة علي غيره، و لما وفقه لأداء ما فرض الله عز و جل، و أعانه عليه».

5753/ [2]- العياشي: عن زرعة، عن سماعة، قال: ان الله فرض للفقراء في اموال الأغنياء فريضة لا يحمدون بأدائها و هي الزكاة، بها حقنوا دماءهم، و بها سموا مسلمين و لكن الله فرض في الأموال حقوقا غير الزكاة، و قد قال الله تبارك و تعالى: وَ يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً.

5754/ [3]- علي بن ابراهيم: قوله: يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلالٌ اي لا صداقة.

__________________________________________________

1- الكافي 3: 498/ 8.

2- تفسير العيّاشي 2: 230/ 29.

3- تفسير القمّي 1: 371.

(1) المعارج 70: 24.

(2) في المصدر: ماله.

(3) الحديد 57: 18. [.....]

(4) الرعد 13: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 310

سورة ابراهيم(14): الآيات 32 الي 33 ..... ص : 310

قوله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ

الثَّمَراتِ- الى قوله تعالى- وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دائِبَيْنِ [32- 33] 5755/ [1]- علي بن ابراهيم: و قوله: وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دائِبَيْنِ اي علي الولاء.

و كيفية خلق السماوات و الأرض تقدم في أول سورة هود، في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ «1». و قوله: وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً تقدم الحديث في أول سورة البقرة، في قوله تعالى الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً «2». و قوله وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ تقدم حديثها في سورة يونس، في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «3».

سورة ابراهيم(14): الآيات 34 الي 36 ..... ص : 310

قوله تعالى:

وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها- الى قوله تعالى- وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [34- 36]

5756/ [2]- العياشي: عن حسين بن هارون- شيخ من اصحاب أبي جعفر (عليه السلام)- عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقرا هذه الآية: وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ. قال: ثم قال ابو جعفر (عليه السلام): «الثوب، و الشي ء لم تسأله إياه أعطاك».

5757/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا قرا هذه الآية: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها يقول: «سبحان من لم يجعل في احد

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 371.

2- تفسير العيّاشي 2: 230/ 30.

3- الكافي 8: 394/ 592.

(1) تقدّم في الأحاديث (1، 2، 3، 5، 6) من تفسير الآية (7) من سورة هود.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (22)

من سورة البقرة.

(3) تقدّم في الأحاديث (1- 3) من تفسير الآية (5) من سورة يونس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 311

من معرفة نعمه الا المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في احد من معرفة إدراكه اكثر من العلم انه لا يدركه، فشكر جل و عز معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره، فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا، كما علم علم العالمين انهم لا يدركونه فجعله ايمانا، علما منه انه قد «1» وسع العباد، فلا يتجاوز ذلك، فإن شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته، و كيف يبلغ مدى عبادته من لا مدى له و لا كيف؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».

و تقدم حديث في معني الآية في قوله تعالى: وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ «2».

5758/ [3]- علي بن ابراهيم: قال: و قوله يحكي قول ابراهيم: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً يعني مكة وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فإن الأصنام لم تضل، و انما ضل الناس بها.

5759/ [4]- العياشي: عن الزهري، قال: أتي رجل أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن شي ء فلم يجبه، فقال له الرجل: فإن كنت ابن أبيك، فإنك من أبناء عبدة الأصنام، فقال له: «كذبت، ان الله امر ابراهيم (عليه السلام) ان ينزل إسماعيل (عليه السلام) بمكة ففعل، فقال ابراهيم (عليه السلام): رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ فلم يعبد احد من ولد إسماعيل صنما قط، و لكن العرب عبدة الأصنام، و قالت بنو إسماعيل: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فكفرت و لم تعبد الأصنام».

5760/ [5]- عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من

أحبنا فهو منا اهل البيت». فقلت: جعلت فداك، منكم؟ قال: «منا و الله، اما سمعت قول ابراهيم (عليه السلام): فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي؟».

5761/ [6]- عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من اتقي الله منكم و أصلح فهو منا اهل البيت» قال: منكم اهل البيت؟ قال: «منا اهل البيت، قال فيها ابراهيم (عليه السلام): فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي «3»».

قال عمر بن يزيد: قلت له: من آل محمد؟ قال: «اي و الله من آل محمد، اي و الله من أنفسهم، اما تسمع الله يقول: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ «4»؟ و قول ابراهيم (عليه السلام): فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي؟».

5762/ [7]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أحب «5» آل محمد و قدمهم علي

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 371.

4- تفسير العيّاشي 2: 230/ 31.

5- تفسير العيّاشي 2: 231/ 32.

6- تفسير العيّاشي 2: 231/ 33.

7- تفسير العيّاشي 2: 231/ 34.

(1) القدّ: المقدار «المعجم الوسيط- قدّ- 2: 718».

(2) تقدم في الحديث (4) من تفسير الآية (5) من هذه السورة. [.....]

(3) في «س»: فأحبنا.

(4) آل عمران 3: 68.

(5) في المصدر: تولّى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 312

جميع الناس بما قدمهم من قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهو من آل محمد (عليه السلام) لتوليه آل محمد (عليهم السلام)، لأنه من القوم بأعيانهم، و انما هو منهم بتوليه و اتباعه إياهم، و كذلك حكم الله في كتابه وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ «1» و قول ابراهيم: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

5763/ [8]- ابن شهر آشوب: قال النبي (صلى الله عليه و آله) في قوله

تعالى: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ:

«فانتهت الدعوة الى و الى علي» و في خبر: «انا دعوة ابراهيم» و انما عني بذلك الطاهرين، لقوله (صلى الله عليه و آله):

«نقلت من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات لم يمسني سفاح الجاهلية» «2».

و قد تقدمت رواية عبد الله بن مسعود في معني الآية عن النبي (صلى الله عليه و آله) في قوله تعالى: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً- الآية- من سورة البقرة، من طريق أصحابنا و الجمهور «3».

سورة ابراهيم(14): آية 37 ..... ص : 312

قوله تعالى:

رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [37]

5764/ [1]- علي بن ابراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ان ابراهيم (عليه السلام) كان نازلا في بادية الشام، فلما ولد له من هاجر إسماعيل (عليه السلام)، اغتمت سارة من ذلك غما شديدا لأنه لم يكن له منها ولد، فكانت تؤذي ابراهيم (عليه السلام) في هاجر و تغمه، فشكا ابراهيم (عليه السلام) ذلك الى الله عز و جل فأوحي الله اليه: انما مثل المراة مثل الضلع العوجاء، ان تركتها استمتعت بها، و ان أقمتها كسرتها، ثم امره ان يخرج إسماعيل و امه. فقال ابراهيم: يا رب، الى اي مكان؟ قال: الى حرمي و امني و أول بقعة خلقتها من الأرض، و هي مكة. فأنزل الله عليه جبرئيل بالبراق، فحمل هاجر و إسماعيل و ابراهيم (عليهما السلام)، و كان ابراهيم (عليه السلام) لا يمر بموضع حسن فيه شجر و نخل و زرع الا قال: يا جبرئيل، الى ها هنا، الى ها هنا.

فيقول جبرئيل: لا، امض امض، حتى وافي مكة، فوضعه في موضع البيت.

و قد كان ابراهيم (عليه الصلاة و السلام) عاهد سارة ان لا ينزل حتى يرجع إليها، فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه

__________________________________________________

8- مناقب ابن شهر آشوب 2: 176.

1- تفسير القمّي 1: 60.

(1) المائدة: 5: 51.

(2) يأتي في تفسير الآية التالية (37) من هذه السورة الحديث 6) و هو تابع إلى تفسير الآية (36) فموضعه الصحيح هنا.

(3) تقدّم في الحديثين (13 و 14) من تفسير الآية (124) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 313

شجر، فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها، فاستظلوا تحته، فلما سرحهم إبراهيم (عليه السلام) و وضعهم و أراد الانصراف عنهم إلى سارة، قالت له هاجر: يا إبراهيم، لم تدعنا في موضع ليس فيه أنيس و لا ماء و لا زرع؟

فقال إبراهيم (عليه السلام): الله الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان و هو يكفيكم، ثم انصرف عنهم. فلما بلغ كدى،- و هو جبل بذي طوى- التفت إليهم إبراهيم (عليه السلام)، فقال: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ثم مضى، و بقيت هاجر» و الحديث طويل ذكرناه في سورة البقرة عند قوله تعالى: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ «1».

5765/ [2]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن حنان، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي الآية، قال: «نحن و الله بقية تلك العترة».

5766/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن

أذينة، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: «هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما أمروا أن يطوفوا بها ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم و مودتهم، و يعرضوا علينا نصرتهم» ثم قرأ هذا الآية: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ.

5767/ [4]- ابن بابويه: قال: حدثنا علي بن حاتم، قال: حدثني محمد بن جعفر و علي بن سليمان، قالا:

حدثنا أحمد بن محمد، قال: قال الرضا (عليه السلام): «أ تدري لم سميت (الطائف) الطائف؟» قلت: لا. قال: «لأن الله عز و جل لما دعاه إبراهيم (عليه السلام) أن يرزق أهله من كل الثمرات، أمر قطعة من الأردن فسارت بثمارها حتى طافت بالبيت، ثم أمرها أن تنصرف إلى هذا الموضع الذي سمي الطائف، فلذلك سميت الطائف».

5768/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بإسناده، قال: قال: أبو الحسن (عليه السلام) في الطائف: «أ تدري لم سمي الطائف؟» قلت: لا. فقال: «إن إبراهيم (عليه السلام) دعا ربه أن يرزق أهله من كل الثمرات، فقطع لهم قطعة من الأردن فأقبلت حتى طافت بالبيت سبعا، ثم أقرها الله عز و جل في موضعها، فإنما سميت الطائف للطواف بالبيت».

5769/ [6]- المفيد: في (الإختصاص)، قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد الكوفي الخزاز، قال:

حدثني أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، عن ابن فضال، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي مسروق النهدي، عن

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 371.

3- الكافي 1: 322/ 1.

4- علل الشرائع: 442/ 2.

5- علل الشرائع: 442/ 1.

6- الاختصاص: 85، و هذا الحديث تابع إلى تفسير الآية (36) من هذه السورة،

و قد أشرنا إليه في محلّه.

(1) تقدم فى الحديث (4) من تفسير الآيات (126- 129) من سورة البقرة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 314

مالك بن عطية، عن أبي حمزة، قال: دخل سعد بن عبد الملك- و كان أبو جعفر (عليه السلام) يسميه سعد الخير، و هو من ولد عبد العزيز بن مروان- على أبي جعفر (عليه السلام)، فنشج «1» كما تنشج النساء- قال- فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ما يبكيك يا سعد؟» قال: و كيف لا أبكي و أنا من الشجرة الملعونة في القرآن؟

فقال له: «لست منهم، أنت أموي منا أهل البيت، أما سمعت قول الله عز و جل يحكي عن إبراهيم: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي «2»».

5770/ [7]- العياشي: عن رجل ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ إلى قوله: لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «نحن منهم، و نحن بقية تلك الذرية».

5771/ [8]- و في رواية اخرى، عن حنان بن سدير، عنه (عليه السلام): «نحن بقية تلك العترة».

5772/ [9]- عن الفضل بن موسى الكاتب، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: «إن إبراهيم (عليه السلام) لما أسكن إسماعيل (عليه السلام) و هاجر مكة و ودعهما لينصرف عنهما بكيا، فقال لهما إبراهيم (عليه السلام): ما يبكيكما؟ فقد خلفتكما في أحب الأرض إلى الله، و في حرم الله. فقالت له هاجر: يا إبراهيم، ما كنت أرى أن نبيا مثلك يفعل ما فعلت. قال: و ما فعلت؟ فقالت: إنك خلفت امرأة ضعيفة و غلاما ضعيفا، لا حيلة لهما، بلا أنيس من بشر، و لا ماء يظهر، و لا زرع

قد بلغ، و لا ضرع يحلب! قال: فرق إبراهيم (عليه السلام) و دمعت عيناه عند ما سمع منها، فأقبل حتى انتهى إلى باب بيت الله الحرام، فأخذ بعضادتي الكعبة، ثم قال: اللهم إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ».

قال أبو الحسن (عليه السلام): «فأوحى الله إلى إبراهيم (عليه السلام) أن اصعد أبا قبيس فناد في الناس: يا معشر الخلائق، إن الله يأمركم بحج هذا البيت الذي بمكة محرما من استطاع إليه سبيلا فريضة من الله؟- قال- فصعد إبراهيم (عليه السلام) أبا قبيس، فنادى في الناس بأعلى صوته، يا معشر الخلائق، إن الله يأمركم بحج هذا البيت الذي بمكة محرما من استطاع إليه سبيلا فريضة من الله- قال- فمد الله لإبراهيم في صوته، حتى أسمع به أهل المشرق و المغرب و ما بينهما من جميع ما قدر الله و قضى في أصلاب الرجال من النطف، و جميع ما قدر الله و قضى في أرحام النساء إلى يوم القيامة، فهناك- يا فضل- وجب الحج على جميع الخلائق، فالتلبية من الحاج في أيام الحج هي إجابة لنداء إبراهيم (عليه السلام) يومئذ بالحج عن الله».

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 231/ 35.

8- تفسير العيّاشي 2: 232/ 36.

9- تفسير العيّاشي 2: 232/ 37.

(1) نشج الباكي، نشجا و نشيجا: تردّد البكاء في صدره من غير انتحاب. «المعجم الوسيط- نشج- 2: 921».

(2) إبراهيم 14: 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 315

5773/ [10]- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن إبراهيم خليل الرحمن (صلوات الله عليه)،

سأل ربه حين أسكن ذريته الحرم، فقال: رب ارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون، فأمر الله تبارك و تعالى قطعة من الأردن حتى جاءت فطافت بالبيت سبعا، ثم أمر الله أن تقول: الطائف، فسميت الطائف لطوافها بالبيت».

5774/ [11]- عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ: «أما أنه لم يعن الناس كلهم، أنتم أولئك و نظراؤكم، إنما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو متل العشرة السوداء في الثور الأبيض، ينبغي للناس أن يحجوا هذا البيت و يعظموه لتعظيم الله إياه، و إن يلقونا حيث كنا، نحن الأدلاء على الله».

5775/ [12]- عن ثعلبة بن ميمون، عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن أبانا إبراهيم كان مما اشترط على ربه أن قال: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ».

5776/ [13]- و في رواية اخرى عنه، قال: كنا في الفسطاط عند أبي جعفر (عليه السلام) نحوا من خمسين رجلا، قال: فجلس بعد سكوت كان منا طويلا فقال: «ما لكم لا تنطقون، لعلكم ترون أني نبي؟ لا و الله ما أنا كذلك، و لكن في قرابة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) قريبة، و ولادة، من وصلها وصله الله، و من أحبها أحبه الله، و من أكرمها أكرمه الله، أ تدرون أي البقاع أفضل عند الله منزلة؟». فلم يتكلم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: «تلك مكة الحرام، التي رضيها لنفسه حرما، و جعل بيته فيها».

ثم قال: «أ تدرون أي البقاع أفضل من مكة؟» فلم يتكلم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: «ما بين الحجر الأسود إلى باب الكعبة، ذلك حطيم إبراهيم (عليه السلام) نفسه

الذي كان يذود فيه غنمه و يصلي فيه، فو الله لو أن عبدا صف قدميه في ذلك المكان، قام النهار مصليا حتى يجنه الليل، و قام الليل مصليا حتى يجنه النهار، ثم لم يعرف لنا حقا أهل البيت و حرمنا حقنا، لم يقبل الله منه شيئا أبدا.

إن أبانا إبراهيم (صلوات الله عليه) كان فيما اشترط على ربه أن قال: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ أما إنه لم يقل: الناس كلهم، أنتم أولئك رحمكم الله و نظراؤكم، فإنما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض، و ينبغي للناس أن يحجوا هذا البيت، و أن يعظموه لتعظيم الله إياه، و أن يلقونا أينما كنا، نحن الأدلاء على الله».

و

في خبر آخر: «أ تدرون أي بقعة أعظم حرمة عند الله؟» فلم يتكلم أحد، و كان هو الراد على نفسه، فقال:

«ذلك ما بين الركن الأسود و المقام، إلى باب الكعبة، ذلك حطيم إسماعيل (عليه السلام) الذي كان يذود فيه غنمه». ثم

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 232/ 38.

11- تفسير العيّاشي 2: 232/ 39.

12- تفسير العيّاشي 1: 233/ 40.

13- تفسير العيّاشي 2: 233/ 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 316

ذكر الحديث «1».

5777/ [14]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال:

«هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما أمروا أن يطوفوا ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم، و يعرضون علينا نصرتهم» ثم قرأ هذه الآية: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ فقال: «آل محمد، ثم قال- إلينا إلينا».

و تقدم حديث الباقر (عليه السلام) مع قتادة، في باب مقدمات الكتاب «2»، و يأتي في قوله تعالى: وَ قَدَّرْنا فِيهَا

السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ «3».

و تقدم في قوله تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا من سورة آل عمران، حديث جابر بن عبد الله، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) «4».

سورة ابراهيم(14): الآيات 38 الي 46 ..... ص : 316

قوله تعالى:

رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَ ما نُعْلِنُ- إلى قوله تعالى- وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ [38- 46]

5778/ [1]- العياشي: عن السري، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقرأ: «رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَ ما نُعْلِنُ وَ ما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْ ءٍ شأن إسماعيل، و ما أخفى أهل البيت».

5779/ [2]- عن حريز بن عبد الله، عمن ذكره، عن أحدهما (عليهما السلام)، أنه كان يقرأ هذه الآية: «رب اغفر لي و لولدي» يعني إسماعيل و إسحاق.

5780/ [3]- و في رواية اخرى: عمن ذكره، عن أحدهما (عليهما السلام)، أنه قرأ: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ قال:

«آدم و حواء».

5781/ [4]- عن جابر، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تعالى: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ.

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 2: 234/ 43.

1- تفسير العيّاشي 2: 234/ 44.

2- تفسير العيّاشي 2: 234/ 45.

3- تفسير العيّاشي 2: 234/ 46.

4- تفسير العيّاشي 2352/ 47. [.....]

(1) تفسير العيّاشي 2: 233/ 42.

(2) تقدّم في الحديث (3) باب (6) في النهي عن تفسير القرآن بالرأي و النهي عن الجدال.

(3) يأتي في الحديث (4) من تفسير الآيات (15- 19) من سورة سبأ.

(4) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (103) من سورة آل عمران.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 317

قال: «هذه كلمة صحفها الكتاب، إنما كان استغفار إبراهيم (عليه السلام) لأبيه عن موعدة وعدها إياه، و إنما قال:

رب اغفر لي و

لولدي. يعني إسماعيل و إسحاق. و الحسن و الحسين و الله ابنا رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

5782/ [5]- علي بن إبراهيم: و أما قوله رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ قال: إنما أنزلت: (و لولدي) إسماعيل و إسحاق، و قوله: وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ قال:

تبقى أعينهم مفتوحة من هول جهنم، لا يقدرون أن يطرفوها. قال: وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ قال: قلوبهم تتصدع من الخفقان. ثم قال: وَ أَنْذِرِ النَّاسَ يا محمد يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَ وَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ أي حلفتم ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ أي لا تهلكون وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ يعني ممن قد هلكوا من بني امية وَ تَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ قال: مكر بني فلان.

5783/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح بن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «و الله للذي صنعه الحسن بن علي (عليهما السلام) كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس، فو الله، فيه «1» نزلت هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «2» إنما هي طاعة الإمام، و طلبوا القتال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ «3» مع الحسين (عليه السلام) قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ

قَرِيبٍ «4»، نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام)».

5784/ [7]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «5» «إنما هي طاعة الإمام، و طلبوا القتال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ «6» مع الحسين (عليه السلام) قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ «7»، نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام)».

5785/ [8]- عن سعد بن عمر، عن غير واحد ممن حضر أبا عبد الله (عليه السلام)، و رجل يقول: قد ثبت دار صالح و دار عيسى بن علي- ذكر دور العباسين- فقال رجل: أراناها الله خرابا، أو خربها بأيدينا. فقال له أبو

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 372.

6- الكافي 8: 330/ 506.

7- تفسير العيّاشي 2: 235/ 48.

8- تفسير العيّاشي 2: 235/ 49.

(1) في المصدر: و اللّه لقد.

(2) النساء 4: 77.

(3) النساء 4: 77.

(4) النساء 4: 77.

(5) النساء 4: 77.

(6) النساء 4: 77. [.....]

(7) النساء 4: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 318

عبد الله (عليه السلام): «لا تقل هكذا، بل تكون مساكن القائم و أصحابه، أما سمعت الله يقول: وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ؟».

5786/ [9]- عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ و إن كان مكر بني العباس بالقائم لتزول منه قلوب الرجال».

5787/ [10]- عن الحارث، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «إن نمرود أراد أن ينظر إلى ملك السماء، فأخذ نسورا أربعة فرباهن حتى كن نشاطا، و جعل

تابوتا من خشب، و أدخل فيه رجلا، ثم شد قوائم النسور بقوائم التابوت، ثم أطارهن، ثم جعل في وسط التابوت عمودا، و جعل في رأس العمود لحما، فلما رأى النسور اللحم طرن، و طرن بالتابوت و الرجل، فارتفعن إلى السماء، فمكثن ما شاء الله. ثم إن الرجل أخرج من التابوت رأسه فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها، و نظر إلى الأرض فإذا هو لا يرى الجبال إلا كالذر، ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها، و نظر إلى الأرض فإذا هو لا يرى إلا الماء، ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها، و نظر إلى الأرض فإذا هو لا يرى شيئا فلما نزل اللحم «1» إلى سفل العمود، و طلبت النسور اللحم، سمعت الجبال هدة النسور فخافت من أمر السماء، و هو قول الله: وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ».

5788/ [11]- الشيخ في (مجالسه): قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن وهبان، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن حبشي، قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن الحسين، قال:

حدثنا أبي، قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «اتقوا الله، و عليكم بالطاعة لأئمتكم، قولوا ما يقولون، و اصمتوا عما صمتوا، فإنكم في سلطان من قال الله تعالى: وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ- يعني بذلك ولد العباس- فاتقوا الله فإنكم في هدنة، صلوا في عشائرهم، و اشهدوا جنائزهم، و أدوا الأمانة إليهم، و عليكم بحج هذا البيت فأدمنوه، فإن في إدمانكم الحج دفع مكاره الدنيا عنكم

و أهوال يوم القيامة».

سورة ابراهيم(14): آية 48 ..... ص : 318

قوله تعالى:

يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ وَ بَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [48]

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 235/ 50.

10- تفسير العيّاشي 2: 235/ 51.

11- الأمالي 2: 280.

(1) في البحار 12: 44/ 36: لا يرى شيئا، ثمّ وقع في ظلمة لم ير ما فوقه و ما تحته، ففزع فألقى اللحم، فأتبعته النسور منقضّات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 319

5789/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليمان بن جعفر، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سأله الأبرش الكلبي عن قول الله عز و جل: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ. قال: «تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب».

فقال الأبرش: فقلت: إن الناس يومئذ لفي شغل عن الأكل! فقال أبو جعفر (عليه السلام): «هم في النار لا يشتغلون عن أكل الضريع و شرب الحميم و هم في العذاب، فكيف يشتغلون عنه في الحساب؟».

5790/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله «1» (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ. قال: «تبدل خبزا نقيا يأكل منه الناس حتى يفرغوا من الحساب».

فقال له قائل: إنهم لفي شغل يومئذ عن الأكل و الشرب! فقال: «إن الله عز و جل خلق ابن آدم أجوف، و لا بد له من الطعام و الشراب، أهم أشد شغلا يومئذ أم من في النار و قد استغاثوا؟ و الله عز و جل يقول: وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا

يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ «2»؟».

5791/ [3]- و عنه: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، و أبو منصور، عن أبي الربيع، قال سأل نافع أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أخبرني عن قول الله عز و جل: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ أي أرض تبدل يومئذ؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام):

«أرض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله عز و جل من الحساب».

فقال نافع: إنهم عن الأكل لمشغولون؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أهم يومئذ أشغل، أم إذ هم في النار؟» فقال نافع: بل إذ هم في النار. قال: «و الله ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم، و دعوا بالشراب فسقوا الحميم».

فقال: صدقت، يا بن رسول الله.

5792/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد البزاز، قال: حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن مرة، عن ثوبان: أن يهوديا جاء إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال له: يا

__________________________________________________

1- الكافي 6: 286/ 1.

2- الكافي 6: 286/ 4.

3- الكافي 8: 120/ 93.

4- علل الشرائع: 96/ 5.

(1) في المصدر: أبا جعفر.

(2) الكهف 18: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 320

محمد، أسألك فتخبرني فيه. فرفسه ثوبان برجله، و قال له: قل يا رسول الله. فقال: لا أدعوه إلا بما سماه أهله. قال:

أ رأيت قول الله عز و جل: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ أين الناس

يومئذ؟ قال: «في الظلمة دون المحشر».

قال: فما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها؟ قال: «كبد الحوت». قال: فما شرابهم على أثر ذلك؟ قال:

«السلسبيل» قال: صدقت، يا محمد.

5793/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لقد خلق الله عز و جل في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض، فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه، ثم خلق الله عز و جل آدم أبا هذا البشر، و خلق ذريته منه، و لا و الله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها، و لا خلت النار من أرواح الكفار و العصاة منذ خلقها عز و جل، لعلكم ترون إذا كان يوم القيامة و صير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة، و صير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار، أن الله تعالى لا يعبد في بلاده، و لا يخلق خلقا يعبدونه و يوحدونه و يعظمونه! بلى و الله، ليخلقن الله خلقا من غير فحولة و لا إناث، يعبدونه و يوحدونه و يعظمونه، و يخلق لهم أرضا تحملهم، و سماء تظلهم، أليس الله عز و جل يقول: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ، و قال الله عز و جل: أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ» «1».

5794/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن

محمد بن النعمان الأحول، عن سلام بن المستنير، عن ثوير بن أبي فاختة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) في حديث يصف فيه المحشر، قال: «تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب، بارزة ليس عليها جبال و لا نبات، كما دحاها أول مرة».

5795/ [7]- المفيد في (إرشاده) قال: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد، قال: حدثني جدي، قال:

حدثني الزبير بن أبي بكر، قال حدثني عبد الرحمن بن عبيد الله الزهري، قال: حج هشام بن عبد الملك، فدخل المسجد الحرام متكئا على يد سالم مولاه، و محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) جالس في المسجد، فقال له سالم مولاه: يا أمير المؤمنين، هذا محمد بن علي بن الحسين. قال هشام: المفتون به أهل العراق؟ قال: نعم. فقال:

اذهب إليه، فقل له، يقول لك أمير المؤمنين: ما الذي يأكل الناس و يشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يحشر الناس على مثل قرص نقي، فيها أنهار متفجرة، يأكلون و يشربون حتى يفرغ من

__________________________________________________

5- الخصال: 358/ 45.

6- تفسير القمّي 2: 252.

7- الإرشاد: 264. [.....]

(1) سورة ق 50: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 321

الحساب».

قال: فرأى هشام أنه قد ظفر به، فقال: الله أكبر، اذهب إليه فقل له: يقول لك ما أشغلهم عن الأكل و الشرب يومئذ؟! فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «هم في النار أشغل، و لم يشتغلوا عن أن «1» قالوا: أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ «2»». فسكت هشام لا يرجع كلاما.

الطبرسي في (الإحتجاج): عن عبد الرحمن بن عبيد الله الزهري، قال: حج هشام بن عبد الملك، و ذكر الحديث بعينه «3».

5796/ [8]- العياشي:

عن ثوير بن أبي فاختة، عن علي بن الحسين (عليه السلام). قال: «تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب، بارزة ليست عليها جبال و لا نبات، كما دحاها أول مرة».

5797/ [9]- عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله «4» (عليه السلام) عن قول الله: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ.

قال: «تبدل خبزة نقية، يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب، قال الله وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ «5»».

5798/ [10]- عن محمد، عن محمد بن هاشم، عمن أخبره، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال له الأبرش الكلبي: بلغني أنك قلت في قول الله: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ أنها تبدل خبزة؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «صدقوا، تبدل الأرض خبزة نقية في الموقف، يأكلون منها». فضحك الأبرش، و قال: أما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخبز؟ فقال: «ويحك، في أي المنزلتين هم أشد شغلا و أسوء حالا، إذ هم في الموقف، أو في النار يعذبون»؟ فقال: لا، في النار. فقال: «ويحك، و إن الله يقول: لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ «6»» قال: فسكت.

5799/ [11]- و في خبر آخر عنه (عليه السلام) قال: «و هم في النار لا يشغلون عن أكل الضريع و شرب الحميم و هم في العذاب، فكيف يشتغلون عنه في الحساب؟».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 236/ 52.

9- تفسير العيّاشي 2: 327/ 53.

10- تفسير العيّاشي 2: 237/ 54.

11- تفسير العيّاشي 2: 237/ 55.

(1) في المصدر: يشغلوا إلى أن.

(2) الأعراف 7: 50.

(3) الإحتجاج 2: 323.

(4) في المصدر: أبا جعفر.

(5) الأنبياء 21: 8.

(6) الواقعة 56: 52- 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص:

322

5800/ [12]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ قال: «تبدل خبزة نقية، يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب».

فقال له قائل: «إنهم يومئذ في شغل عن الأكل و الشرب؟! فقال له: «ابن آدم خلق أجوف، لا بد له من الطعام و الشراب، أهم أشد شغلا، أم و هم في النار و قد استغاثوا؟ فقال: وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ «1»؟».

5801/ [13]- عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لقد خلق الله في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض، فأسكنوها واحدا بعد واحد مع عالمه، ثم خلق الله آدم أبا هذا البشر، و خلق ذريته منه، و لا و الله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها الله، و لا خلت النار من أرواح الكافرين منذ خلقها الله. لعلكم ترون أنه إذا كان يوم القيامة، و صير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة، و صير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار، أن الله تبارك و تعالى لا يعبد في بلاده، و لا يخلق خلقا يعبدونه و يوحدونه! بلى و الله، ليخلقن خلقا من غير فحولة و لا إناث، يعبدونه و يوحدونه و يعظمونه، و يخلق لهم أرضا تحملهم و سماء تظلهم، أليس الله يقول: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ و قال الله:

أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ «2»».

5802/ [14]- قال علي بن إبراهيم: قوله: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ قال: تبدل خبزة بيضاء نقية في الموقف،

يأكل منها المؤمنون.

سورة ابراهيم(14): الآيات 49 الي 52 ..... ص : 322

قوله تعالى:

وَ تَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ- إلى قوله تعالى- وَ لِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [49- 52] 5803/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ تَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ قال: مقيدين بعضهم إلى بعض: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ قال: السرابيل: القمص.

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 238/ 56.

13- تفسير العيّاشي 2: 238/ 57.

14- تفسير القمّي 1: 372. [.....]

1- تفسير القمّي 1: 372.

(1) الكهف 18: 29.

(2) سورة ق 50: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 323

5804/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ: «و هو الصفر الحار الذائب، انتهى حره، يقول الله عز و جل: وَ تَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ سربلوا ذلك الصفر فتغشى وجوههم النار».

5805/ [3]- و قال في قوله: هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ: يعني محمدا وَ لِيُنْذَرُوا بِهِ وَ لِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَ لِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ أي أولو العقول.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 372.

3- تفسير القمّي 1: 372.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 325

المستدرك (سورة إبراهيم) ..... ص : 325

سورة ابراهيم(14): آية 14 ..... ص : 325

قوله تعالى:

ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَ خافَ وَعِيدِ [14]

[1]- تحف العقول: عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال- في حديث طويل-: «فخافوا الله أيها المؤمنون من البيات خوف أهل التقوى، فإن الله يقول: ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَ خافَ وَعِيدِ فاحذروا زهرة الحياة الدنيا و غرورها و شرورها، و تذكروا ضرر عاقبة الميل إليها، فإن زينتها فتنة، و حبها خطيئة».

__________________________________________________

1- تحف العقول: 273.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 327

سورة الحجر ..... ص : 327

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 329

سورة الحجر فضلها ..... ص : 329

5806/ [1]- خواص القرآن: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة اعطي من الحسنات بعدد المهاجرين و الأنصار، و من كتبها بزعفران و سقاها امرأة قليلة اللبن كثر لبنها، و من كتبها و جعلها في عضده، و هو يبيع و يشتري، كثر بيعه و شراؤه، و يحب الناس معاملته، و كثر رزقه بإذن الله تعالى ما دامت عليه».

5807/ [2]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها بزعفران و سقاها امرأة قليلة اللبن كثر لبنها، و من كتبها و جعلها في خزينته أو جيبه، و غدا و خرج و هي في صحبته فإنه يكثر كسبه، و لا يعدل أحد عنه بما يكون عنده مما يبيع و يشتري، و تحب الناس معاملته».

__________________________________________________

1- خواص القرآن: 3 «قطعة منه».

2- خواص القرآن: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 331

سورة الحجر(15): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 331

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَ قُرْآنٍ مُبِينٍ رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ- إلى قوله تعالى- يَعْلَمُونَ [1- 3] معنى الر قد تقدم «1».

5808/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا كان يوم القيامة، نادى مناد من عند الله: لا يدخل الجنة إلا مسلم. فيومئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. ثم قال: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا وَ يُلْهِهِمُ الْأَمَلُ أي يشغلهم فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ».

5809/ [2]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار ابن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله «2»

(عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله عز و جل: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ قال: هو إذا خرجت أنا و شيعتي، و خرج عثمان و شيعته، و نقتل بني امية، فعندها يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين».

5810/ [3]- و عنه، قال: حدثنا الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن عبد الله بن مسكان، عن كامل التمار، قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ بفتح السين

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 372.

2- مختصر بصائر الدرجات: 18.

3- مختصر بصائر الدرجات: 71.

(1) تقدّم في الحديث (1 و 2) من تفسير الآيات (1- 2) من سورة يونس، و الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 6) من سورة هود.

(2) في المصدر: أبو جعفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 332

مثقلة اللام، هكذا قرأها.

5811/ [4]- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل: وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً «1» لا تدفع عنها عذابا قد استحقته عند النزع وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ «2» يشفع لها بتأخير الموت عنها وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ «3» لا يقبل منها فداء مكانه، يمات و يترك هو فداء. «4»

قال الصادق (عليه السلام): و هذا اليوم يوم الموت، فإن الشفاعة و الفداء لا يغني عنه، فأما في القيامة، فإنا و أهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء، ليكونن على الأعراف- بين الجنة و النار- محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و الطيبون من آلهم، فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات، ممن كان مقصرا، في بعض شدائدها، فنبعث عليهم

خيار شيعتنا، كسلمان، و المقداد، و أبي ذر، و عمار، و نظرائهم في العصر الذي يليهم، ثم في كل عصر إلى يوم القيامة، فينقضون عليهم كالبزاة و الصقور، و يتناولونهم كما تتناول البزاة و الصقور صيدها، فيزفونهم إلى الجنة زفا. و إنا لنبعث على آخرين من محبينا من خيار شيعتنا كالحمام، فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحب، و ينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا. و سيؤتى بالواحد من مقصري شيعتنا في أعماله، بعد أن قد حاز الولاية و التقية و حقوق إخوانه، و يوقف بإزائه ما بين مائه و أكثر من ذلك، إلى مائة ألف من النصاب، فيقال له:

هؤلاء- فداؤك من النار فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة، و أولئك النصاب النار، و ذلك ما قال الله عز و جل: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بالولاية: لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ في الدنيا، منقادين للإمامة، ليجعل مخالفوهم فداءهم من النار».

5812/ [5]- العياشي: عن عبد الله بن عطاء المكي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ.

قال: «ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق: أنه لا يدخل الجنة إلا مسلم. ثم يود سائر الخلق أنهم كانوا مسلمين».

5813/ [6]- و بهذا الإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام): «فثم يود الخلق أنهم كانوا مسلمين».

سورة الحجر(15): الآيات 4 الي 8 ..... ص : 332

قوله تعالى:

وَ ما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَ لَها كِتابٌ مَعْلُومٌ- إلى قوله تعالى- وَ ما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ [4- 8]

__________________________________________________

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 241. [.....]

5- تفسير العيّاشي 2: 239/ 1.

6- تفسير العيّاشي 2: 239/ 2.

(1) البقرة 2: 48.

(2) البقرة 2: 48.

(3) البقرة 2: 48.

(4) «فداء» ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 333

5814/ [1]- و

قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَ لَها كِتابٌ مَعْلُومٌ أي أجل مكتوب. ثم حكى قول قريش لرسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ أي هلا تأتينا بالملائكة؟ فرد الله عز و جل عليهم، فقال: ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ ما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ قال: لو أنزلنا الملائكة لم ينظروا و هلكوا.

سورة الحجر(15): الآيات 14 الي 18 ..... ص : 333

قوله تعالى:

وَ لَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً- إلى قوله تعالى- شِهابٌ مُبِينٌ [14- 18] 5815/ [2]- علي بن إبراهيم قال: وَ لَوْ فَتَحْنا أيضا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ وَ لَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً قال: منازل الشمس و القمر.

وَ زَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ بالكواكب.

و رواه الطبرسي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

وَ حَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ معنى الرجيم تقدم حديثه في سورة آل عمران، في قوله تعالى:

وَ إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَ ذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «2».

5816/ [3]- علي بن إبراهيم: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ قال: لم تزل الشياطين تصعد إلى السماء و تتجسس، حتى ولد النبي (صلى الله عليه و آله).

5817/ [4]- قال علي بن إبراهيم: و روي عن آمنة ام النبي (صلى الله عليه و آله) أنها قالت: لما حملت برسول الله (صلى الله عليه و آله): لم أشعر بالحمل، و لم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل، و رأيت في نومي كأن آتيا أتاني، فقال لي: قد حملت بخير الأنام. ثم وضعته يتقي الأرض بيديه و ركبتيه، و رفع رأسه إلى السماء، و خرج مني

نور،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 373.

2- تفسير القمّي 1: 373.

3- تفسير القمّي 1: 373.

4- تفسير القمّي 1: 373.

(1) مجمع البيان 6: 509. و فيه: بالكواكب النيّرة.

(2) آل عمران 3: 36. و لم يرد هناك حديث في معنى الرجيم، و الرجيم: هو المرجوم باللعن، المشؤوم، المطرود من مواضع الخير: إذ لا يذكره مؤمن إلّا لعنه. و قيل: المرمي بالشهب. انظر التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 16، مجمع البيان 2: 509، مجمع البحرين- رجم- 6: 68. و ستأتي أحاديث بهذا المعنى في تفسير الآيات (98- 100) من سورة النحل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 334

أضاء ما بين السماء و الأرض.

و رميت الشياطين بالنجوم، و حجبوا من السماء، و رأت قريش الشهب تتحرك و تزول و تسير في السماء ففزعوا، و قالوا: هذا قيام الساعة. و اجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة، و كان شيخا كبيرا مجربا، فسألوه عن ذلك، فقال:

انظروا إلى هذه النجوم التي تهتدون بها في ظلمات البر و البحر، فإن كانت قد زالت فهي الساعة، و إن كانت ثابتة فهو لأمر قد حدث.

و كان بمكة رجل يهودي يقال له: يوسف، فلما رأى النجوم تتحرك و تسير في السماء، خرج إلى نادي قريش و قال: يا معشر قريش، هل ولد الليلة فيكم مولود؟ فقالوا: لا، فقال: أخطأتم و التوراة، قد ولد في هذه الليلة آخر الأنبياء و أفضلهم، و هو الذي نجده في كتبنا، أنه إذا ولد ذلك النبي رجمت الشياطين، و حجبوا من السماء. فرجع كل واحد إلى منزله يسأل أهله، فقالوا: قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب ابن. فقال اليهودي: اعرضوه علي. فمشوا معه إلى باب آمنة، فقالوا لها: أخرجي ابنك ينظر إليه

هذا اليهودي، فأخرجته في قماطه، فنظر في عينيه، و كشف عن كتفه، فرأى شامة سوداء عليها شعرات، فسقط إلى الأرض مغشيا عليه، فضحكوا منه، فقال: أ تضحكون، يا معشر قريش؟ هذا نبي السيف، ليبيدنكم، و ذهبت النبوة من بني إسرائيل إلى آخر الأبد. و تفرق الناس يتحدثون بخير اليهودي.

فلما رميت الشياطين بالنجوم أنكرت ذلك، و اجتمعوا إلى إبليس، فقالوا: قد منعنا من السماء، و قد رمينا بالشهب! فقال: اطلبوا، فإن أمرا قد حدث في الدنيا. فتفرقوا، فرجعوا، و قالوا: لم نر شيئا. فقال إبليس: أنا لها بنفسي. فجال ما بين المشرق و المغرب، حتى انتهى إلى الرحم فرآه محفوفا بالملائكة، و جبرئيل على باب الحرم بيده حربة، فأراد إبليس أن يدخل، فصاح به جبرئيل، فقال: اخسأ يا ملعون. فجاء من قبل حراء، فصار مثل الصر «1»، ثم قال: يا جبرئيل حرف أسألك عنه. قال: و ما هو؟ قال: ما هذا، و ما اجتماعكم في الدنيا؟ فقال: نبي هذه الأمة قد ولد، و هو آخر الأنبياء و أفضلهم. قال: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا. قال: ففي أمته؟ قال: بلى. قال: قد رضيت.

5818/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: «كان إبليس (لعنة الله) يخترق السماوات السبع، فلما ولد عيسى (عليه السلام)، حجب عن ثلاث سماوات، و كان يخترق أربع سماوات، فلما ولد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، حجب عن السبع كلها، و

رميت الشياطين بالنجوم، و قالت قريش: هذا قيام الساعة، كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه. و قال عمرو بن أمية، و كان من أزجر «2» أهل الجاهلية: انظروا هذه النجوم التي يهتدى بها، و يعرف بها أزمان الشتاء و الصيف، فإن كان رمي بها،

__________________________________________________

4- الأمالي: 235/ 1.

(1) الصّرّ: طائر كالعصفور أصفر. «أقرب الموارد- صرر-: 643» و في الحديث الآتي: ثمّ صار مثل الصّرّ، و هو العصفور. [.....]

(2) الزّجر: العيافة، و هو ضرب من التّكهّن. «لسان العرب- زجر- 4: 319».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 335

فهو هلاك كل شي ء، و إن كانت ثبتت و رمي بغيرها، فهو أمر حدث.

و أصبحت الأصنام كلها صبيحة مولد النبي ليس منها صنم إلا و هو منكب على وجهه، و ارتجس «1» في تلك الليلة إيوان كسرى، و سقطت منه أربعة عشر شرفة، و غاضت بحيرة ساوة، و فاض وادي السماوة، و خمدت نيران فارس، و لم تخمد قبل ذلك بألف عام، و رأى الموبذان «2» في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، و قد قطعت دجلة و انتشرت «3» في بلادهم̠و انقصم طاق الملك كسرى من وسطه، و انخرقت عليه دجلة العوراء «4»، و انتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز، ثم استطار حتى بلغ المشرق، و لم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا، و الملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك، و انتزع علم الكهنة، و بطل سحر السحرة، و لم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها، و عظمت قريش في العرب، سموا آل الله عز و جل- قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام)- إنما سموا آل الله عز و جل

لأنهم في بيت الله الحرام.

و قالت آمنة: إن ابني- و الله- سقط فاتقى الأرض بيده، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثم خرج مني نور أضاء له كل شي ء، و سمعت في الضوء قائلا يقول: إنك قد ولدت سيد الناس، فسميه محمدا. و أتي به عبد المطلب لينظر إليه، و قد بلغه ما قالت امه، فأخذه و وضعه في حجره، ثم قال:

الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردان قد ساد في المهد على الغلمان وفاق شأنه جميع الشان «5»

ثم عوذه بأركان الكعبة، و قال فيه أشعارا».

قال: «و صاح إبليس (لعنه الله) في أبالستة، فاجتمعوا إليه، و قالوا: ما الذي أفزعك يا سيدنا؟ فقال لهم: ويلكم، لقد أنكرت السماوات و الأرض منذ الليلة، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع «6» عيسى بن مريم، فاخرجوا و انظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث. فافترقوا، ثم اجتمعوا إليه، فقالوا: ما وجدنا شيئا. فقال إبليس (لعنه الله)، أنا لهذا الأمر، ثم انغمس في الدنيا، فجالها حتى انتهى إلى الحرم، فوجد الحرم محفوفا «7» بالملائكة، فذهب ليدخل، فصاحوا به فرجع، ثم صار مثل الصر- و هو العصفور- فدخل من قبل حراء، فقال له جبرئيل:

وراءك، لعنك الله. فقال له: حرف أسألك عنه يا جبرئيل، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض؟ فقال له: ولد محمد (صلى الله عليه و آله). فقال له: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا، قال: ففي أمته؟ قال: نعم. قال: رضيت».

__________________________________________________

(1) الرّجس: الصّوت الشديد، و ارتجس البناء: رجف. انظر «المعجم الوسيط- رجس- 1: 330».

(2) الموبذان للمجوس: كقاضي القضاة عند المسلمين، و الموبذ: القاضي. «لسان العرب- موبذ- 3: 511».

(3)

في المصدر: و انسربت.

(4) دجلة العوراء: اسم لدجلة البصرة، علم لها. «معجم البلدان 2: 442».

(5) (وفاق ... الشأن) ليس في «س، و المصدر».

(6) في المصدر: ولد.

(7) في المصدر: محفوظا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 336

5819/ [1]- العياشي: عن بكر بن محمد الأزدي، عن عمه عبد السلام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يا عبد السلام، احذر الناس و نفسك».

فقلت: بأبي أنت و أمي، أما الناس فقد أقدر على أن أحذرهم، فأما نفسي فكيف؟

قال: «إن الخبيث المسترق السمع يجيئك فيسترق، ثم يخرج في صورة آدمي، فيقول: قال عبد السلام».

فقلت: بأبي أنت و أمي، هذا ما لا حيلة له. قال: «هو ذلك».

سورة الحجر(15): الآيات 19 الي 20 ..... ص : 336

قوله تعالى:

وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ- إلى قوله تعالى- وَ مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ [19- 20] 5820/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ أي الجبال: وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْزُونٍ وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَ مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ قال: لكل ضرب من الحيوان قدرنا شيئا مقدرا.

5821/ [3]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْزُونٍ: «فإن الله تبارك و تعالى أنبت في الجبال الذهب و الفضة و الجوهر و الصفر و النحاس و الحديد و الرصاص و الكحل و الزرنيخ، و أشباه ذلك لا يباع إلا وزنا».

سورة الحجر(15): آية 21 ..... ص : 336

قوله تعالى:

وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [21] 5822/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ قال:

الخزانة: الماء الذي ينزل من السماء فينبت لكل ضرب من الحيوان ما قدر الله له من الغذاء.

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 239/ 3.

2- تفسير القمّي 1: 374.

3- تفسير القمّي 1: 374.

4- تفسير القمّي 1: 375.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 337

5823/ [2]- ابن الفارسي في (الروضة): روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) أنه قال: «في العرش تمثال جميع ما خلق الله في البر و البحر- قال- و هذا تأويل قوله: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ و إن بين القائمة من قوائم العرش، و القائمة الثانية خفقان الطير المسرع مسيرة ألف عام، و العرش يكسى كل يوم.

سبعين «1» لونا من النور، لا يستطيع

أن ينظر إليه خلق من خلق الله، و الأشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة.

و إن كان لله ملكا يقال له: حزقائيل، له ثمانية عشر ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام، فخطر له خاطر بأن قال: هل فوق العرش شي ء؟ فزاده الله مثلها أجنحة اخرى، فكان له ست و ثلاثون ألف جناح، ما بين الجناح، إلى الجناح خمسمائة عام، ثم أوحى الله إليه: أيها الملك، طر، فطار مقدار عشرين ألف عام و لم ينل رأس قائمة من قوائم العرش، ثم ضاعف الله له في الجناح و القوة، و أمره أن يطير، فطار مقدار عشرين ألف عام، و لم ينل أيضا، فأوحى الله إليه: أيها الملك، لو طرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك و قوتك، لم تبلغ إلى ساق العرش. فقال الملك: سبحان ربي الأعلى، فأنزل الله عز و جل: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى «2» فقال النبي (صلى الله عليه و آله):

اجعلوها في سجودكم».

5824/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان علي (عليه السلام) يقوم في المطر أول ما تمطر حتى يبتل رأسه و لحيته و ثيابه. فقيل له: يا أمير المؤمنين، الكن الكن. فقال: إن هذا ماء قريب عهد بالعرش. ثم أنشأ يحدث، فقال: إن تحت العرش بحرا فيه ماء، ينبت أرزاق الحيوانات، فإذا أراد الله عز و جل أن ينبت به لهم ما يشاء، رحمة منه لهم، أوحى إليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء، حتى يصير إلى سماء الدنيا- فيما أظن- فيلقيه إلى السحاب، و السحاب بمنزلة الغربال، ثم يوحي الله إلى

الريح أن اطحنيه و أذيبيه ذوبان الماء، ثم انطلقي به إلى موضع كذا و كذا فامطري عليهم. فيكون كذا و كذا عبابا «3» و غير ذلك، فتقطر عليهم على النحو الذي يأمرها به، فليس من قطرة تقطرا إلا و معها ملك، حتى يضعها موضعها، و لم تنزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد معدود و وزن معلوم، إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح (عليه السلام)، فإنه نزل ماء منهمر بلا وزن و لا عدد».

5825/ [4]- و عنه، قال: و حدثني أبو عبد الله (عليه السلام) قال: «قال لي أبي (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله عز و جل جعل السحاب غرابيل للمطر، هي تذيب البرد حتى يصير ماء لكيلا يضربه شيئا يصيبه، و الذي ترون فيه من البرد و الصواعق نقمة من الله عز و جل، يصيب بها من يشاء من عباده. ثم

__________________________________________________

2- روضة الواعظين 47.

3- الكافي 8: 239/ 326. [.....]

4- الكافي 8: 240/ 326.

(1) في المصدر زيادة: ألف.

(2) الأعلى 87: 1.

(3) العباب: المطر الكثير. «لسان العرب- عبب- 1: 573».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 338

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تشيروا إلى المطر، و لا إلى الهلال، فإن الله يكره ذلك».

و روى ذلك الحميري في (قرب الإسناد) بإسناده، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

5826/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر «2»، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل بن سليمان، قال: قال

أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): «لما صعد موسى (عليه السلام) الطور، فنادى ربه عز و جل، قال: رب أرني خزائنك قال: يا موسى:

إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له: لكن: فيكون».

سورة الحجر(15): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 338

قوله تعالى:

وَ أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ [22] 5827/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: التي تلقح الأشجار.

5828/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، و هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) حين سأله عن الرياح، قال: «و لله عز ذكره رياح رحمة لواقح و غير ذلك، ينشرها بين يدي رحمته، منها ما يهيج السحاب للمطر، و منها رياح تحبس السحاب بين السماء و الأرض، و رياح تعصر السحاب فتمطره بإذن الله».

5829/ [3]- العياشي: عن ابن وكيع، عن رجل، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تسبوا الريح، فإنها بشر «3»، و إنها نذر، و إنها لواقح، فاسألوا الله من خيرها، و تعوذوا به من شرها».

5830/ [4]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لله رياح رحمة لواقح، ينشرها بين يدي رحمته».

__________________________________________________

5- التوحيد: 133/ 17.

1- تفسير القمّي 1: 375.

2- الكافي 8: 91/ 63.

3- تفسير العيّاشي 2: 239/ 4.

4- تفسير العيّاشي 2: 239/ 5.

(1) قرب الاسناد: 35.

(2) (عن عمه عبد اللّه بن عامر) ليس في «ط».

(3) البشور، من الرياح: التي تبشّر بالمطر. جمعها بشر. «المعجم الوسيط- بشر- 1: 58».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 339

قوله تعالى:

فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَ ما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ نَحْنُ الْوارِثُونَ [22- 23]

5831/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَ ما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ أي لا تقدرون أن تخزنوه: وَ إِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ نَحْنُ الْوارِثُونَ أي نرث الأرض و من عليها.

سورة الحجر(15): آية 24 ..... ص : 339

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ [24]

5832/ [2]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ، قال: «هم المؤمنون من هذه الامة».

5833/ [3]- الشيباني في (نهج البيان) قال: روي عن الصادق (عليه السلام): «أن المستقدمين أصحاب الحسنات، و المستأخرين أصحاب السيئات».

سورة الحجر(15): آية 26 ..... ص : 339

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [26] 5834/ [4]- علي بن إبراهيم: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ قال: الماء المتصلصل بالطين: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ قال: حمأ متغير.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 375.

2- تفسير العيّاشي 2: 240/ 6. [.....]

3- نهج البيان 2: 161. «مخطوط».

4- تفسير القمّي 1: 375.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 340

5835/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله عز و جل خلق المؤمن من طينة الجنة، و خلق الكافر من طينة النار- و قال- إذا أراد الله عز و جل بعبد خيرا، طيب روحه و جسده، فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه، و لا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره».

قال: و سمعته يقول: «الطينات ثلاث: طينة الأنبياء، و المؤمن من تلك الطينة، إلا أن الأنبياء من صفوتها، هم الأصل و لهم فضلهم، و المؤمنون الفرع من طين لازب، كذلك لا يفرق الله عز و جل بينهم و بين شيعتهم- و قال- طينة الناصب من حمأ مسنون، و أما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه، و لا ناصب عن نصبه، و لله المشيئة فيهم».

5836/ [3]- العياشي: عن جابر، عن أبي

جعفر (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال الله للملائكة:

إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ «1» قال:

و كان ذلك من الله تقدمة منه إلى الملائكة احتجاجا منه عليهم، و ما كان الله ليغير ما بقوم إلا بعد الحجة عذرا و نذرا، فاغترف الله غرفة بيمينه- و كلتا يديه يمين «2»- من الماء العذب الفرات، فصلصلها في كفه فجمدت، ثم قال: منك أخلق النبيين و المرسلين و عبادي الصالحين، الأئمة المهديين، الدعاة إلى الجنة، و أتباعهم إلى يوم القيامة و لا ابالي، و لا اسأل عما أفعل و هم يسألون.

ثم اغترف الله غرفة بكفه الاخرى من الماء الملح الأجاج، فصلصلها في كفه فجمدت، ثم قال لها: منك أخلق الجبارين، و الفراعنة، و العتاة، و إخوان الشياطين، و أئمة الكفر، و الدعاة إلى النار، و أتباعهم إلى يوم القيامة، و لا ابالي، و لا أسأل عما أفعل و هم يسألون. و اشترط في ذلك البداء فيهم، و لم يشترط في أصحاب اليمين البداء لله فيهم، ثم خلط الماءين في كفه جميعا فصلصلهما، ثم أكفأهما قدام عرشه، و هما بلة من طين».

سورة الحجر(15): الآيات 27 الي 35 ..... ص : 340

قوله تعالى:

وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ

__________________________________________________

2- الكافي 2: 2/ 2.

3- تفسير العيّاشي 2: 240/ 7.

(1) الحجر 15: 28 و 29.

(2) قال المجلسي (رحمه اللّه): لمّا كانت اليد كناية عن القدرة، فيحتمل أن يكون المراد باليمين القدرة على الرحمة و النعمة و الفضل، و بالشمال القدرة على العذاب و القهر و الابتلاء، فالمعنى: أنّ عذابه و قهره

و إمراضه و إماتته و سائر المصائب و العقوبات لطف و رحمة لاشتماله على الحكم الخفيّة و المصالح العامة، و به يمكن أن يفسّر ما ورد في الدعاء: و الخير في يديك. بحار الأنوار 5: 238.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 341

فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ- إلى قوله تعالى- إِلى يَوْمِ الدِّينِ [27- 35]

5837/ [1]- (تحفة الإخوان) قال: ذكر بعض المفسرين، بحذف الإسناد، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: أخبرني عن خلق آدم، كيف خلقه الله تعالى؟

قال: «إن الله تعالى لما خلق نار السموم، و هي نار لا حر لها و لا دخان، فخلق منها الجان، فذلك معنى قوله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ و سماه مارجا، و خلق منه زوجه و سماها مارجة، فواقعها فولدت الجان، ثم ولد الجان ولدا و سماه الجن، و منه تفرعت قبائل الجن، و منهم إبليس اللعين، و كان يولد الجان الذكر و الأنثى، و يولد الجن كذلك توأمين، فصاروا تسعين ألفا ذكرا و أنثى، و ازدادوا حتى بلغوا عدة الرمال.

و تزوج إبليس بامرأة من ولد الجان يقال لها: لهبا بنت روحا «1» بن سلساسل «2»، فولدت منه بيلقيس «3» و طونة في بطن واحد، ثم شعلا و شعيلة في بطن واحد، ثم دوهر و دوهرة في بطن واحد، ثم شوظا و شيظة في بطن واحد، ثم فقطس و فقطسة في بطن واحد، فكثر أولاد إبليس (لعنة الله) حتى صاروا لا يحصون، و كانوا يهيمون على وجوههم كالذر، و النمل، و البعوض، و الجراد، و الطير، و الذباب. و كانوا يسكنون المفاوز «4» و

القفار، و الحياض، و الآجام، و الطرق، و المزابل، و الكنف «5»، و الأنهار، و الآبار، و النواويس «6»، و كل موضع وحش، حتى امتلأت الأرض منهم. ثم تمثلوا بولد آدم بعد ذلك، و هم على صور الخيل، و الحمير، و البغال، و الإبل، و المعز، و البقر، و الغنم، و الكلاب، و السباع، و السلاحف.

فلما امتلأت الأرض من ذرية إبليس (لعنه الله) أسكن الله الجان الهواء دون السماء، و أسكن ولد الجن في سماء الدنيا، و أمرهم بالعبادة و الطاعة و هو قوله تعالى: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ «7».

و كانت السماء تفتخر على الأرض، و تقول: إن ربي رفعني فوقك، و أنا مسكن الملائكة، و في العرش و الكرسي و الشمس و القمر و النجوم، و خزائن الرحمة، و مني ينزل الوحي. فقالت الأرض: إن ربي بسطني و استودعني عروق الأشجار و النبات و العيون، و خلق في الثمرات و الأنهار و الأشجار. فقالت لها السماء: ليس

__________________________________________________

1- تحفة الإخوان: 62 «مخطوط».

(1) في المصدر: دوحا.

(2) في المصدر: سلبائيل.

(3) في المصدر: بلقيس.

(4) المفاوز: جمع مفازة، البرّيّة القفر. «لسان العرب- فوز- 5: 393».

(5) الكنف: واحدها الكنيف، و هو الحضيرة المتّخذة للإبل و الغنم، و المرحاض. «المعجم الوسيط- كنف- 2: 801».

(6) النواويس: جمع ناووس أو ناءوس، مقبرة النصارى. و يطلق على حجر منقور تجعل فيه جثّة الميّت. «أقرب الموارد- نوس- 2: 1358».

(7) الذاريات 51: 56. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 342

عليك أحد يذكر الله تعالى؟

فقالت الأرض: يا رب، إن السماء تفتخر علي، إذ ليس علي أحد يذكرك. فنوديت الأرض: أن اسكني، فإني أخلق من أديمك صورة لا مثل لها من الجن «1»، و

أرزقه العقل و العلم و الكتاب و اللسان، و انزل عليه من كلامي، ثم أملأ بطنك و ظهرك و شرقك و غربك على مزاج تربك في اللون، و الحرية، و السرية، و افتخري يا أرض على السماء بذلك.

ثم استقرت الأرض و سألت ربها أن يهبط إليها خلقا، فأذن لها بذلك، على أن يعبدوه و لا يعصوه- قال- و هبط الجن و إبليس اللعين و سكنا الأرض، فأعطوا على ذلك العهد، و نزلوا و هم سبعون ألف قبيلة يعبدون الله حق عبادته دهرا طويلا.

ثم رفع الله إبليس إلى سماء الدنيا لكثرة عبادته، فعبد الله تعالى فيها ألف سنة، ثم رفع إلى السماء الثانية، فعبد الله تعالى فيها ألف سنة، و لم يزل يعبد الله في كل سماء ألف سنة حتى رفعه الله إلى السماء السابعة، و كان أول يوم في السماء الأولى السبت، و الأحد في الثانية، حتى كان يوم الجمعة صير في السماء السابعة، و كان يعبد الله حق عبادته، و يوحده حق توحيده، و كان بمنزلة عظيمة حتى إذا مر به جبرئيل و ميكائيل، يقول بعضهم لبعض:

لقد أعطي هذا العبد من القوة على طاعة الله و عبادته ما لم يعط أحد من الملائكة.

فلما كان بعد ذلك بدهر طويل، أمر الله تعالى جبرئيل أن يهبط إلى الأرض، و يقبض من شرقها و غربها و قعرها و بسطها قبضة، ليخلق منها خلقا جديدا، ليجعله أفضل الخلائق».

5838/ [2]- و عنه: قال ابن عباس: فنزل إبليس (لعنه الله) فوقف وسط الأرض، و قال: يا أيتها الأرض، إني جئتك ناصحا لك، إن الله تعالى يريد أن يخلق منك خلقا يفضله على جميع الخلق، و أخاف أن يعصيه، و قد

أرسل الله إليك جبرئيل، فإذا جاءك فاقسمي عليه أن لا يقبض منك شيئا. فلما هبط جبرئيل بإذن ربه، نادته الأرض، و قالت:

يا جبرئيل، بحق من أرسلك إلي، لا تقبض مني شيئا، فإني أخاف أن يعصيه ذلك الخلق، فيعذبه في النار. قال:

فارتعد جبرئيل من هذا القسم، و رجع إلى السماء و لم يقبض منها شيئا، فأخبر الله تعالى بذلك، فبعث الله تعالى ميكائيل ثانية، فجرى له مثل ما جرى لجبرئيل، فبعث الله عزرائيل ملك الموت، فلما هم بها أن يقبض منها، قالت له مثل ما قالت لهما، فقال: و عزة ربي لا أعصي له أمرا. ثم قبض منها قبضة من شرقها و غربها و حلوها و مرها و طيبها و مالحها و خسيسها «2» و قعرها و بسطها، فقدم ملك الموت بالقبضة، و وقف أربعين عاما لا ينطق، فأتاه النداء أن يا ملك الموت، ما صنعت؟ فأخبره بجميع القضية. قال الله تعالى: و عزتي و جلالي لاسلطنك على قبض أرواح هذا الخلق الذي أخلقه لقلة رحمتك. فجعل الله نصف تلك القبضة في الجنة، و النصف الآخر في النار. قال:

و خلق الله آدم من سبع أرضين: فرأسه من الأرض و الاولى، و عنقه من الثانية، و صدره من الثالثة، و يداه من الرابعة،

__________________________________________________

2- تحفة الإخوان: 63 «مخطوط».

(1) في «س»: الحسن.

(2) في المصدر: و حسنها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 343

و بطنه و ظهره من الخامسة، و فخذاه و عجزه من السادسة، و ساقاه و قدماه من السابعة.

5839/ [3]- و عنه: قال ابن عباس: خلق الله آدم (عليه السلام) على الأقاليم: فرأسه من تربة الكعبة، و صدره من تربة الدهناء «1»، و بطنه و ظهره من تربة الهند،

و يداه من تربة المشرق، و رجلاه من تربة المغرب. و فيه تسعة أبواب: سبعة في رأسه، و هي: عيناه و أذناه و منخراه و فمه، و اثنان في بدنه، و هما: قبله و دبره. و خلق فيه الحواس: ففي العينين حاسة البصر، و في الأذنين حاسة السمع، و في منخرية الشم، و في فمه الذوق، و في يديه اللمس، و في رجليه المشي، و خلق الله له لسانا ينطق، و خلق له أسنانا: أربع ثنيات، و أربع رباعيات، و أربعة أنياب، و ستة عشر ضرسا.

ثم ركب في رقبته ثمان فقرات، و في ظهره أربع عشرة فقرة، و في جنبه الأيمن ثمانية أضلاع، و في الأيسر سبعة، و واحد أعوج للعلم السابق، لأنه خلق منه حواء (عليها السلام).

ثم خلق القلب فجعله في الجانب الأيسر من الصدر، و خلق المعدة أمام القلب، و خلق الرية، و هي كالمروحة للقلب، و خلق الكبد و جعله في الجانب الأيمن، و ركب فيها المرارة، و خلق الطحال في الجانب الأيسر محاذي الكبد، و خلق الكليتين إحداهما فوق الكبد و الاخرى فوق الطحال، و خلق ما بين ذلك حجبا و أمعاء، و ركب سن «2» الصدر و دخله في الأضلاع، و خلق العظام، ففي الكتف عظم، و في الساعدين عظمين، و في الكف خمسة أعظم و في كل إصبع ثلاثة أعظم، إلا الإبهام ففيه عظمان، و جعل في الوركين عظمين.

ثم ركب فيها العروق و جعل أصلها الوتين، و هو بيت الدم الذي ينفجر منه إلى البدن، و هي عروق مختلفة، أربعة تسقي الدماغ، و أربعة تسقي العينين، و أربعة تسقي الأذنين، و أربعة تسقي المنخرين، و أربعة تسقي الشفتين، و

اثنان يسقيان الصدغين، و عرقان في اللسان، و عرقان في الفم يسقيان الأسنان إلى الدماغ، و سبعة تسقي العنق، و سبعة تسقي الصدر، و عشرة تسقي الظهر، و عشرة تسقي البطن، و سائر العروق تسقي سائر البدن متفرقة، لا يعلم عددها إلا الله تعالى خالقها.

و اللسان ترجمان، و العينان سراجان، و الأذنان سماعان، و المنخران نقيبان، و اليدان جناحان، و الرجلان سياران، و الكبد فيه الرحمة، و الطحال فيه الضحك، و الكليتان فيهما المكر، و الرئة فيها الخفة، و هي مروحة القلب، و المعدة خزانة، و القلب عماد الجسد، فإذا صلح صلح الجسد.

قال: فلما خلق الله تعالى آدم على هذه الصورة، أمر الملائكة فحملوه، و وضعوه على باب الجنة عدة من الملائكة، و كان جسدا لا روح فيه، و كانت الملائكة تتعجب منه و من صفته و صورته، لأنهم لم يكونوا رأوا مثله، فذلك قوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً «3» يعني لم يكن إنسانا موصوفا. و كان إبليس ممن يطيل النظر إليه، و يقول: ما خلق الله تعالى هذا إلا لأمر، فربما أدخل في فيه و أخرج،

__________________________________________________

3- تحفة الإخوان: 63 «مخطوط».

(1) الدّهناء: الفلاة و الدّهناء: موضع كلّه رمل. «لسان العرب- دهن- 13: 163».

(2) السّنّ: حرف الفقار، و في «ط»: سيف.

(3) الإنسان 76: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 344

فإنه خلق ضعيف خلق من طين، و هو أجوف، و الأجوف لا بد له من مطعم. و قيل: إنه قال يوما للملائكة: أما تعلمون أنتم لم فضل هذا الخلق عليكم؟ قالوا: نطيع ربنا و لا نعصيه، و هو يقول في ذلك: لئن فضل هذا الخلق علي لأعصينه، و إن

فضلت عليه لاهلكنه.

قال: فلما أراد الله أن ينفخ فيه الروح، خلق روح آدم (عليه السلام) ليست كالأرواح، و هي روح فضلها الله تعالى على جميع أرواح الخلق من الملائكة و غيرها، فذلك قوله تعالى: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ، و قال الله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي «1». قال: فلما خلق الله تعالى روح آدم (عليه السلام) أمر بغمسها في جميع الأنوار، ثم أمرها أن تدخل في جسد آدم (عليه السلام) بالتأني دون الاستعجال، فرأت الروح مدخلا ضيقا و منافذ ضيقة، فقالت: يا رب، كيف أدخل من الفضاء إلى الضيق؟ فنوديت: أن ادخلي كرها. فدخلت الروح من يافوخه إلى عينيه ففتحهما آدم (عليه السلام)، فجعل ينظر إلى بدنه و لا يقدر على الكلام، و نظر إلى سرادق العرش مكتوبا عليه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فصارت الروح إلى أذنيه، فجعل يسمع تسبيح الملائكة. ثم جعلت الروح تدور في رأسه و دماغه، و الملائكة قبل خلقه بذلك، قوله تعالى:

إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ «2». ثم صارت الروح إلى الخياشيم، ففتحت العطسة المجاري المسدودة و سارت إلى اللسان، فقال آدم (عليه السلام):

«الحمد لله الذي لم يزل». فهي أول كلمة قالها، فناداه الرب: يرحمك ربك- يا آدم- لهذا خلقتك، و هذا لك و لذريتك، و لمن قال مثل مقالتك.

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «ليس على إبليس أشد من تسميت العاطس».

قال:

فصارت الروح في جسد آدم (عليه السلام) حتى بلغت الساقين و القدمين، فاستوى آدم قائما على

قدميه في يوم الجمعة، عند زوال الشمس.

قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «كانت الروح في رأس آدم (عليه السلام) مائة عام، و في صدره مائة عام، و في ظهرة مائة عام، و في بطنه مائة عام، و في عجزه و في وركيه مائة عام، و في ساقيه و قدميه مائة عام».

فلما استوى آدم قائما، نظرت إليه الملائكة كأنه الفضة البيضاء، فأمرهم الله بالسجود له، فأول من بارد إلى السجود جبرئيل، ثم ميكائيل، ثم عزرائيل، ثم إسرافيل، ثم الملائكة المقربون. و كان السجود لآدم يوم الجمعة عند الزوال، فبقيت الملائكة في سجودها إلى العصر، فجعل الله تعالى هذا اليوم عيدا لآدم (عليه السلام) و لأولاده، و أعطاه الله تعالى فيه الإجابة في الدعاء، و في يوم الجمعة و ليلتها أربع و عشرون ساعة، في كل ساعة يعتق سبعون ألف عتيق من النار.

5840/ [4]- و عنه: قال جعفر الصادق (عليه السلام): «و أبى إبليس (لعنه الله) من أن يسجد لآدم (عليه السلام) استكبارا

__________________________________________________

4- تحفة الإخوان: 65 «مخطوط».

(1) الإسراء 17: 85.

(2) سورة ص 38: 71 و 72.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 345

و حسدا، فقال الله تعالى: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ «1» و النار تأكل الطين، و أنا الذي عبدتك دهرا طويلا قبل أن تخلقه، و أنا الذي كسوتني الريش و النور، و أنا الذي عبدتك في أكناف السماوات مع الكروبيين و الصافين و المسبحين «2» و الروحانيين و المقربين. قال الله تعالى: لقد علمت في سابق علمي من ملائكتي الطاعة و منك المعصية، فلم ينفعك طول العبادة

لسابق العلم فيك، و قد أبلستك «3» من الخير كله إلى آخر الأبد، و جعلتك مذموما مدحورا شيطانا رجيما لعينا. فعند ذلك تغيرت خلقته الحسنة إلى خلقة كريهة مشوهة، فوثب عليǠالملائكة بحرابها و هم يلعنونه، و يقولون له: رجيم ملعون، رجيم ملعون. فأول من طعنه جبرئيل، ثم ميكائيل، ثم إسرافيل، ثم عزرائيل، ثم جميع الملائكة، من كل ناحية و هو هارب من بين أيديهم، حتى ألقوه في البحر المسجور، فبادرت إليه الملائكة بحراب من نار، فلم يزالوا يطعنونه حتى بلغوه القرار، و غاب عن عيون الملائكة، و الملائكة في اضطراب و السماوات في رجفان من جرأة إبليس اللعين و عصيانه أمر الله. قال الله تعالى: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها «4» حتى عرف اللغات كلها، حتى لغات الحيات و الضفادع، و جميع ما في البر و البحر».

قال ابن عباس: لقد تكلم آدم (عليه السلام) بسبعمائة «5» ألف ألف لغة، أفضلها العربية ثم أمر الله تعالى الملائكة أن يحملوا آدم (عليه السلام) على أكتافهم ليكون عاليا عليهم، و هم يقولون: سبوح قدوس لا خروج عن طاعتك.

و سارت به في طرق السماوات و قد اصطفت حوله الملائكة، فلا يمر آدم (عليه السلام) على صف إلا و يقول: «السلام عليكم و رحمة الله، يا ملائكة ربي». فيجيبونه: و عليك السلام و رحمة الله و بركاته، يا صفوة الله و روحه و فطرته.

و ضرب له في الصفيح الأعلى قبابا من الياقوت الأحمر، و من الزبرجد الأخضر، فما مر آدم (عليه السلام) بموقف من الملائكة و مقام النبيين إلا و سماه باسمه و اسم أصحابه، و على آدم (عليه السلام) يومئذ ثياب السندس الأخضر في رقة الهواء، و له ظفيرتان

مرصعتان بالدر و الجواهر، محشوتان بالمسك الأذفر «6» و العنبر على قامة آدم (عليه السلام) من رأسه إلى قدميه، و على رأسه تاج من ذهب مرصع بالجوهر و العنبر و الفيروزج الأخضر، له أربعة أركان، و في كل ركن منها درة عظيمة يغلب ضوؤها على ضوء الشمس و القمر، و في أصابعه خواتيم الكرامة، و في وسطه منطقة الرضوان، و لها نور يسطع في كل غرفة، فوقف آدم على المنبر في هذه الزينة، و قد علمه الأسماء كلها، و أعطاه قضيبا من نور، فتحير الملائكة فيه، فقالوا: إلهنا، خلقت خلقا أكرم من هذا؟ فقال الله تعالى: «ليس من خلقته بيدي كمن قلت له: كن فيكون».

__________________________________________________

(1) سورة ص 38: 75 و 76.

(2) في المصدر: و الحافّين.

(3) الإبلاس: الانكسار و الحزن. و إبليس من رحمة اللّه: أي يئس. «الصحاح- بلس- 3: 909».

(4) البقرة 2: 31. [.....]

(5) في المصدر: بتسعمائة.

(6) الذّفر: كلّ ريح ذكيّة من طيب أو نتن. يقال: مسك أذفر. «الصحاح- ذفر- 2: 663».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 346

فانتصب آدم على منبره قائما، و سلم على الملائكة، و قال: «السلام عليكم، يا ملائكة ربي و رحمة الله و بركاته» فأجابه الملائكة: و عليك السلام و رحمة الله و بركاته. فإذا النداء: يا آدم، لهذا خلقتك، و هذا السلام تحية لك و لذريتك إلى يوم القيامة».

قال النبي (صلى الله عليه و آله) «ما فشا السلام في قوم إلا أمنوا من العذاب، فإن فعلتموه دخلتم الجنة».

و قال النبي (صلى الله عليه و آله) «ألا أدلكم على شي ء إن فعلتموه دخلتم الجنة» قالوا: بلى يا رسول الله، قال:

«أطعموا الطعام، و أفشوا السلام، و صلوا في الليل و الناس نيام،

تدخلوا الجنة بسلام».

و قال النبي (صلى الله عليه و آله): «إذا سلم المؤمن على أخيه، يبكي إبليس لعنه الله، و يقول: يا ويلتاه. و لم يفترقا حتى يغفر الله لهما».

قال: فأخذ آدم في خطبته فبدأ يقول: «الحمد لله» فصار ذلك سنة لأولاده، و أثنى على الله تعالى بما هو أهله، ثم ذكر علم السماوات و الأرضين و ما فيها من خلق رب العالمين، فعند ذلك قال الله تعالى للملائكة:

أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «1» فشهدت الملائكة على أنفسها و أقرت، و قالت: سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ «2» قال الله تعالى: يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ «3» فجعل آدم يخبرهم بأسماء كل شي ء، خفيها و ظاهرها، برها و بحرها، حتى الذرة و البعوضة، فتعجبت الملائكة من ذلك، قال الله تعالى: أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ «4» يعني ما كتم إبليس من إضمار المعصية.

قال: و نزل آدم (عليه السلام) من منبره، و زاد الله في حسنه أضعافا زيادة على ما كان عليه من الحسن و الجمال، فلما نزل قرب إليه قطف «5» من عنب أبيض فأكله، و هو أول شي ء أكله من طعام الجنة، فلما استوفاه، قال: «الحمد لله رب العالمين»، فقال الله تعالى: يا آدم، لهذا خلقتك، و هو سنتك و سنة ذريتك إلى آخر الدهر. ثم أخذته السنة، أي النعاس، مبادئ النوم، لأنه لا راحة لبدن يأكل إلا النوم، ففزعت الملائكة، و قالت: النوم هو الموت. فلما سمع إبليس بأكل آدم (عليه السلام) فرح و تسلى ببعض ما فيه، و قال: سوف أغويه.

قال النبي (صلى

الله عليه و آله): «من علامة الموت النوم، و من علامة القيامة اليقظة».

و قال: «سألت بنو إسرائيل موسى (عليه السلام): هل ينام ربنا؟ فأوحى الله إليه: لو نمت لسقطت السماوات على الأرض».

و سألت اليهود نبينا محمدا (صلى الله عليه و آله): هل ينام ربك؟ فأنزل الله تعالى جبرئيل بهذه الآية:

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 31.

(2) البقرة 2: 32.

(3، 4) البقرة 2: 33.

(5) القطف: العنقود ساعة يقطف. «أقرب الموارد- قطف- 2: 1016».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 347

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ «1». فقالوا: أ ينام أهل الجنة؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «لا ينامون، لأن النوم أخو الموت، و أهل الجنة لا يموتون، و كذلك أهل النار لا يموتون لأنهم معذبون دائما».

5841/ [5]- و عنه: قال جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): «فلما نام آدم (عليه السلام)، خلق الله من ضلع جنبه الأيسر ما يلي الشراسيف «2» و هو ضلع أعوج، فخلق منه حواء، و إنما سميت بذلك لأنها خلقت من حي، و ذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها «3» فكانت حواء على خلق آدم (عليه السلام)، و على حسنه و جماله، و لها سبعمائة ظفيرة مرصعات بالياقوت و اللؤلؤ و الجواهر و الدر، محشوة بالمسك، شكلاء «4»، دعجاء «5»، غنجاء «6»، غضة «7»، بيضاء، مخضوبة الكفين، تسمع لذوائبها خشخشة، و هي نفيسة «8» متوجة، و هي على صورة آدم (عليه السلام) غير أنها أرق منه جلدا، و أصفى منه لونا، و أحسن منه صوتا، و أدعج منه عينا، و أقنى منه أنفا، و أصفى منه

سنا، و أصغر منه سنا، و ألطف منه نباتا «9»، و ألين منه كفا، فلما خلقها الله تعالى، أجلسها عند رأس آدم و قد رآها في نومه، و قد تمكن حبها في قلبه- قال- فانتبه آدم (عليه السلام) من نومته فقال: يا رب، من هذه؟ فقال الله تعالى: هذه أمتي حواء. قال: يا رب، لمن خلقتها؟ قال: لمن أخذ بها الأمانة، و أصدقها الشكر. قال: يا رب، أقبلها على هذا. فتزوجها- قال- فزوجه إياها قبل دخول الجنة».

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «رأى هذا في المنام و هي تكلمه، و هي تقول له: أنا أمة الله و أنت عبد الله، فاخطبني من ربك».

و

قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «طيبوا النكاح، فإن النساء عند الرجال لا يملكن لأنفسهن ضرا و لا نفعا، و إنهن أمانة الله عندكم فلا تضاروهن و لا تعضلوهن».

5842/ [6]- و عنه: قال جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): «إن آدم (عليه السلام) رأى حواء في المنام، فلما انتبه، قال: يا رب، من هذه التي أنست بقربها؟ قال الله تعالى: هذه أمتي، و أنت عبدي، يا آدم، ما خلقت خلقا هو أكرم علي منكما، إذا أنتما عبدتماني و أطعتماني، و قد خلقت لكما دارا، و سميتها جنتي، فمن دخلها كان وليي حقا،

__________________________________________________

5- تحفة الإخوان: 66 «مخطوط».

6- تحفة الإخوان: 67 «مخطوط».

(1) البقرة 2: 255.

(2) الشّرسوف: الطرف اللّيّن من الضّلع ممّا يلي البطن، جمعها شراسيف. «المعجم الوسيط- شرس- 1: 478».

(3) النساء 4: 1.

(4) الشكلاء: مؤنث الأشكل، و هو ما فيه حمرة و بياض مختلطان. «أقرب الموارد- شكل- 1: 606- 607».

(5) دعجت العين: اشتدّ سوادها و بياضها و اتّسعت، فهي دعجاء. «المعجم الوسيط»-

دعج- 1: 284».

(6) غنجت المرأة: تدلّلت على زوجها بملاحة، كأنها تخالفه و ليس بها خلاف. «المعجم الوسيط- غنج- 2: 664». [.....]

(7) الغضّ: الطريّ الحديث من كلّ شي ء. «المعجم الوسيط- غضّ- 2: 654».

(8) في المصدر: نسقة.

(9) في المصدر: بيانا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 348

و من لم يدخلها كان عدوي حقا. فقال آدم (عليه السلام): و لك يا رب، عدو و أنت رب السماوات؟ قال الله تعالى: يا آدم، لو شئت أجعل الخلق كلهم أوليائي لفعلت و لكني أفعل ما أشاء، و أحكم ما أريد. قال آدم (عليه السلام): يا رب، فهذه أمتك حواء قد رق لها قلبي، فلمن خلقتها؟ قال الله تعالى: خلقتها لك لتسكن الدنيا فلا تكن وحيدا في جنتي قال:

فأنكحنيها يا رب. قال: أنكحتكها بشرط أن تعلمها مصالح ديني، و تشكرني عليها، فرضي آدم بذلك، فاجتمعت الملائكة، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل أن اخطب. فكان الولي رب العالمين، و الخطيب جبرئيل الأمين، و الشهود الملائكة المقربين، و الزوج آدم (عليه السلام) أبا النبيين، فتزوج آدم (عليه السلام) بحواء على الطاعة و التقى و العمل الصالح، فنثرت الملائكة عليهما من نثار الجنة».

قال ابن عباس: أعلموا بالنكاح فإنه سنة أبيكم آدم (عليه السلام) و قال: ليس شي ء مباح أحب إلى الله من النكاح، فإذا اغتسل المؤمن من حلاله بكى إبليس، و قال: يا ويلتاه، هذا العبد أطاع ربه و غفر له ذنبه، و لا شي ء مباح أبغض إلى الله تعالى من الطلاق. قال الصادق (عليه السلام): «لعن الله الذواق و الذواقة».

5843/ [7]- و عنه: قال أبو بصير: أخبرني كيف كان خروج آدم (عليه السلام) من الجنة؟

فقال الصادق (عليه السلام): «لما تزوج آدم (عليه السلام) بحواء

أوحى الله تعالى إليه: يا آدم، أن اذكر نعمتي عليك، فإني جعلتك بديع فطرتي، و سويتك بشرا على مشيئتي، و نفخت فيك من روحي، و أسجدت لك ملائكتي، و حملتك على أكتافهم، و جعلتك خطيبهم، و أطلقت لسانك بجميع اللغات، و جعلت ذلك كله شرفا لك و فخرا، و هذا إبليس اللعين قد أبلسته و لعنته حين أبى أن يسجد لك و قد خلقتك كرامة لأمتي، و خلقت أمتي نعمة لك، و ما نعمة أكرم من زوجة صالحة، تسرك إذا نظرت إليها، و قد بنيت لكما دار الحيوان من قبل أن أخلقكما بألف «1» عام، على أن تدخلاها بعهدي و أمانتي.

و كان الله تعالى عرض هذه الأمانة على السماوات و الأرضين، و على الملائكة جميعا، و هي أن تكافئوا على الإحسان، و تعدلوا عن الإساءة. فأبوا عن قبولها، فعرضها على آدم (عليه السلام)، فتقبلها، فتعجبت الملائكة من جرأة آدم (عليه السلام) في قبول الأمانة، يقول الله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا «2» و ما كان بين أن قبل الأمانة آدم و بين أن عصى ربه إلا كما بين الظهر و العصر، ثم مثل الله تعالى لآدم (عليه السلام) و لحواء، اللعين إبليس، حتى نظر إلى سماجته «3»، فقيل له: هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى «4» ثم ناداه الرب: إن من عهدي إليكما أن تدخلا الجنة، و تأكلا منها رغدا حيث شئتما، و لا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين، فقبلا هذا العهد كله، فقال:

__________________________________________________

7- تحفة الإخوان: 67 «مخطوط».

(1) في المصدر: بألفي.

(2) الأحزاب

33: 72.

(3) سمج الشي ء: قبح، يسمج سماجة، إذا لم يكن فيه ملاحة. «لسان العرب- سمج- 2: 300».

(4) طه 20: 117.

رهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 349

يا آدم، أنت عندي أكرم من ملائكتي إذا أطعتني و رعيت عهدي، و لم تكن جبارا كفورا. و في كل ذلك يقبل الأمانة و العهد، و لا يسأل ربه التوفيق و العصمة، و شهد الملائكة عليه.

ثم مكث آدم (عليه السلام) و حواء مكللين متوجين مكرمين لما دخلا الجنة حتى كانا في وسط جنات عدن، نظر آدم و إذا هو بسرير من جوهر، له سبعمائة قائمة من أنواع الجواهر، و له سرادقات «1» كثيرة، و على ذلك السرير فرش من السندس و الإستبرق، و بين الفراشين كثبان من المسك و الكافور و العنبر، و على السرير أربع قباب: فيه الرضوان و الغفران و الخلد و الكرم، فناداه السرير: إلي يا آدم، فلك خلقت، و لك زينت. فنزل آدم عن فرسه، و حواء عن ناقتها، و جلسا على السرير بعد أن طافا على جميع نواحي الجنة، ثم قدم لهما من عنب الجنة و فواكهها فأكلا منها، ثم تحولا إلى قبة الكرم، و هي أزين القباب، و عن يمين السرير يومئذ جبل من مسك، و عن يساره جبل من عنبر، و شجرة طوبى قد أظلت على السرير، فأحب أدم (عليه السلام) أن يدنو من حواء، فأسبلت القباب ستورها، و انظمت الأبواب، و تغشاها و كان معها كأهل الجنة في الجنة خمسمائة عام من أعوام الدنيا في أتم السرور و أنعم الأحوال. و كان آدم (عليه السلام) ينزل عن السرير، و يمشي في منابر الجنة، و حواء خلفه تسحب سندسها، و كلما تقدما من

قصر نثرت عليهما من ثمار الجنة حتى يرجعا إلى السرير، و إبليس (لعنه الله) خائف لما جرى عليه من طعنهم له بالحراب و رجمهم إياه، و صار مختفيا عن آدم (عليه السلام) و حواء، فبينما هو كذلك و إذا هو بصوت عال: يا أهل السماوات، قد سكن آدم و حواء الجنة بالعهد و الميثاق، و أبحت لهما جميع ما في الجنة إلا شجرة الخلد، فإن قرباها و أكلا منها كانا من الظالمين».

قال: «فلما سمع إبليس اللعين ذلك فرح فرحا شديدا، و قال: لأخرجنهما من الجنة. ثم أتى مستخفيا في طرق السماوات. حتى وقع على باب الجنة، و إذا بالطاوس و قد خرج من الجنة، و له جناحان، إذا نشر أحدهما غطى به سدرة المنتهى، و له ذنب من زمردة صفراء، و هو من الجواهر، و على كل جوهر منه ريشة بيضاء، و هو أطيب طيور الجنة صوتا و تغريدا، و أحسنها ألحانا بالتسبيح و الثناء لله رب العالمين، و كان يخرج في وقت و يمر صفح «2» السماوات السبع، يخطر في مشيه، و يرجع في تسبيحه، فيعجب جميع الملائكة من حسن صورته و تسبيحه، فيرجع إلى الجنة. فلما رآه إبليس دعا به بكلام لين، و قال: أيها الطائر العجيب الخلقة، حسن الألوان، طيب الصوت، أي طائر أنت من طيور الجنة؟ قال: أنا طاوس الجنة، و لكن مالك- أيها الشخص- مذعور، كأنك تخاف طالبا يطلبك؟ فقال إبليس: أنا ملك من ملائكة الصفيح «3» الأعلى، مع الملائكة الكروبين الذين لا يفترون عن التسبيح ساعة و لا طرفة عين، جئت أنظر إلى الجنة و إلى ما أعد الله لأهلها فيها، فهل لك أن تدخلني الجنة و أعلمك ثلاث

كلمات، من قالهن لا يهرم و لا يسقم و لا يموت؟ فقال الطاوس: و يحك- أيها الشخص- أهل الجنة يموتون؟ قال إبليس: نعم، يموتون و يهرمون و يسقمون إلا من كانت عنده هذه الكلمات. و حلف على ذلك، فوثق

__________________________________________________

(1) السرادقات: جمع سرادق، ما أحاط بالبناء. «لسان العرب- سردق- 10: 157».

(2) صفح كلّ شي ء: وجهه و ناحيته. «لسان العرب- صفح- 2: 516».

(3) الصّفيح: من أسماء السّماء. «النهاية- صفح- 3: 35».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 350

به الطاوس و لم يظن أن أحدا يحلف بالله كاذبا، فقال: أيها الشخص، ما أحوجني إلى هذه الكلمات، غير أني أخاف أن رضوان خازن الجنان يستخبرني عنك، لكن أبعث إليك بالحية، فإنها سيدة دواب الجنة».

قال: «و دخل الطاوس الجنة، و ذكر للحية جميع ذلك فقالت: و ما أحوجني و إياك إلى هذه الكلمات. قال الطاوس: قد ضمنت له أن أبعث بك إليه، فانطلقي إليه سريعا قبل أن يسبقك سواك، فكانت الحية يومئذ على صورة الجمل، و لها قوائم، و لها زغب مثل العبقري «1» ما بين أسود و أبيض و أحمر و أخضر و أصفر، و لها رائحة كرائحة المسك المشاب بالعنبر، و كان مسكنها في جنة المأوى، و مبركها على ساحل نهر الكوثر، و كلامها التسبيح و الثناء لله رب العالمين، و قد خلقها الله تعالى قبل أن يخلق آدم (عليه السلام) بمائة عام، و كانت تأنس بحواء و آدم (عليه السلام) و تخبرهما بكل شجرة في الجنة.

فخرجت الحية مسرعة من باب الجنة فرأت إبليس لعنه الله على ما وصفه الطاوس، فتقدم إليها إبليس بالكلام الطيب، و قال لها مثل ما قال للطاوس، فقالت الحية: و كيف أدخلك و لا

يحل لك ركوبي؟ فقال لها إبليس:

إني أرى بين نابيك فرجة واسعة، و اعلمي أنها تسعني، و اجعليني فيها و أدخليني الجنة حتى أعلمك هذه الكلمات الثلاث. فقالت الحية: إذا حملتك في فمي، فكيف أتكلم إذا كلمني رضوان؟ فقال لها اللعين: لا عليك، فإن معي أسماء ربي، إذا قلتها لا ينطق بي و لا بك أحد من الملائكة. فدخلت و الملائكة ساهون عن محاورتهما، غير أن حواء كانت قد افتقدت الحية فلم تجدها، و كانت مؤتلفة بها لحسن حديثها، و الحية مع إبليس يحلف لها و يخادعها- قال- و لم يزل إبليس يحلف لها و يخدعها، حتى وثقت به و فتحت فاها، فوثب إبليس و قعد بين أنيابها، و خرج منه ريح فصار نابها سما إلى آخر الأبد- قال- فضمته الحية و دخلت الجنة، و لم يكلمها رضوان للقدر و القضاء السابق بعلم الرحمن، حتى إذا توسطت الحية الجنة، قالت له: اخرج فمي و عجل قبل أن يفطن بك رضوان. قال إبليس: لا تعجلي، فإنما حاجتي في الجنة آدم و حواء، فإني أريد أن أكلمهما من فيك، فإن فعلت ذلك علمتك الكلمات الثلاث. فقالت الحية: هاتيك قبة حواء فاخرج إليها و كلمها. قال: لا أكلمها إلا من فيك، فحملته الحية إلى قبة حواء، فقال إبليس من فم الحية: يا حواء، يا زينة الجنة، أ لست تعلمين أني معك في الجنة، و أني أحدثك و أخبرك بكل ما في الجنة، و أني صادقة في كل ما أحدثك به؟ فقالت حواء: نعم، و ما عرفتك إلا بصدق الحديث. قال إبليس: يا حواء، أخبريني ما الذي أحل لكما في الجنة، و حرم عليكما؟ فأخبرته بما نهاهما عنه.

فقال إبليس: و

لماذا نهاكما ربكما عن شجرة الخلد؟ قالت: لا علم لي بذلك. قال إبليس: أنا أعلم، إنما نهاكما ربكما لأنه أراد أن يفعل بكما مثل ما فعل بذلك العبد الذي مأواه تحت الشجرة، الذي أدخله قبل دخولكما بألف «2» عام».

قال: «فوثبت حواء من سريرها لتنظر ذلك العبد، فخرج إبليس من فم الحية كالبرق الخاطف، حتى قعد

__________________________________________________

(1) العبقريّ: ضرب من البسط. «تاج العروس- عبقر- 3: 379».

(2) في المصدر: بألفي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 351

تحت الشجرة، فأقبلت حواء فرأته، فلما قربت منه، نادته: أيها الشخص، من أنت؟ قال: أنا خلق من خلق الله تعالى، و أنا في هذه الجنة منذ ألف عام، خلقني كما خلقكما بيده، و نفخ في روحه، و أسجد لي ملائكته و أسكنني جنته، و نهاني عن أكل هذه الشجرة، فكنت لا آكل منها حتى نصحني بعض الملائكة، و قال لي: كل منها، فإن من أكل منها كان مخلدا في الجنة أبدا و حلف لي أنه لمن الناصحين، فوثقت بيمينه و أكلت منها، فأنا في الجنة إلى يومي هذا كما ترين، و قد أمنت من الهرم و السقم و الموت و الخروج من الجنة. فقال لها إبليس بعد ما حكى لها:

و الله ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. فناداها: يا حواء، كلي منها، فإنها أطيب ما أكلت من ثمار الجنة، فأسرعي إليها و اسبقي زوجك، فإن من سبق كان له الفضل على صاحبه، أما تنظرين إلي كيف آكل منها؟ هذا و الحية واقفة تسمع ما يقول إبليس (لعنه الله) لحواء، فالتفتت حواء للحية، و قالت: أنت معي منذ أدخلني الله الجنة، و لم تخبريني بهذا الكلام؟!

و سكتت الحية، و لم تدر ما يقول إبليس اللعين في جواب حواء «1»، و رغبت عن الكلام، و ما كان من أمرها الذي قد ضمن لها إبليس أن يعلمها الثلاث كلمات.

فأقبلت حواء إلى آدم (عليه السلام)، و كانت مسرورة بقول الحية لها، و مقالة إبليس تحت الشجرة، و أخبرته بخبر الحية و الشخص و قد حلف لهما نصحا، و ذلك قوله تعالى: وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ «2» و قرب القدر المقدور و القضاء المبرم، و خروجهم من الجنة، و هو الأمر المحتوم، فركنا جميعا إلى قول إبليس اللعين و قسمه فتقدمت حواء إلى تلك الشجرة، و لها أغصان لا تحصى، و على الأغصان سنابل، كل حبة منها مثل القلة، و لها رائحة كالمسك الأذفر، أشد بياضا من اللبن، و أحلى من العسل، فأخذت سبع سنابل من سبعة أغصان، فقال اللعين: كلي منها يا حواء، يا زينة الجنة. فأكلت واحدة، و ادخرت لها واحدة، و جاءت بخمس منها إلى آدم (عليه السلام)، و لم يكن لآدم (عليه السلام) في ذلك أمر و لا نهي، بل كان ذلك في سابق علم الله تعالى حين افتخرت السماء على الأرض، و شكت الأرض إلى ربها، و قال: يا أرض اسكني. و قال للملائكة: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «3». فتناول آدم (عليه السلام) من السنابل سنبلة واحدة من يدها، و قد نسي العهد المأخوذ عليه، فذلك قوله تعالى: فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً «4»، أي جزما- قال- فذاق آدم (عليه السلام) من الشجرة كما ذاقت حواء، فذلك قوله تعالى: فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما «5».

5844/ [8]- و عنه: قال ابن عباس (رضي الله عنه)

سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «و الذي نفسي بيده، ما ساغ آدم (عليه السلام) من تلك السنابل إلا سنبلة واحدة حتى طار التاج عن رأسه، و تعارى من لباسه، و انتزعت

__________________________________________________

8- تحفة الإخوان: 70 «مخطوط». [.....]

(1) في المصدر: ما تقول و خافت من رضوان.

(2) الأعراف 7: 21.

(3) البقرة 2: 30.

(4) طه 20: 115.

(5) الأعراف 7: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 352

خواتيمه، و سقط كل ما كان على حواء من لباسها، و حليها، و زينتها، و كل شي ء طار عنها، و ناداه لباسه و تاجه: يا آدم، طال حزنك، و كثرت حسرتك، و عظمت مصيبتك، فعليك السلام، و هذه الساعة الفراق إلى يوم التلاق، فإن رب العزة عهد إلينا أن لا نكون إلا على عبد مطيع خاشع. و انتفض السرير من فراشه و طار في الهواء، و هو ينادي:

آدم المصطفى قد عصى الرحمن و أطاع الشيطان، و حواء قد انتفضت ذوائبها عنها، و ما كان فيها من الدهر و الجواهر و اللؤلؤ، و انحلت المنطقة من وسطها، و هي تقول: لقد عظمت مصيبتكما و طال حزنكما، و لم يبق عليهما من لباسهما شي ء وَ طَفِقا أي أقبلا: يَخْصِفانِ عَلَيْهِما أي يرقعان عليهما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ أي ورق التين وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ «1».

قال ابن عباس: إن الله تعالى حذر أولاد آدم كما حذر آدم (عليه السلام) في قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما «2». قال: و جعل كل واحد منهما ينظر إلى عورة صاحبه، و هرب إبليس مبادرا،

و صار مختفيا في بعض طرق السماوات، و لم يبق شي ء إلا نادى آدم: يا عاصي.

و غض أهل الجنة أبصارهم عنهما، و قالوا: أخرجتما من جنتكما! و ناداه فرسه الميمون- و قد خلقه الله من مسك الجنة و جميع طيبها من الكافور و الزعفران و العنبر و غير ذلك، و عجن بماء الحيوان، و عرفه من المرجان، و ناصيته من الياقوت، و حافره من الزبرجد الأخضر، و سرجه من الزمرد، و لجامه من الياقوت، و له أجنحة من أنواع الجواهر، و ليس في الجنة دابة أحسن من فرس آدم (عليه السلام) إلا البراق،

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «فضل البراق على سائر دواب الجنة، كفضلي على سائر النبيين»

، و قال ابن عباس: قد خلق الله الميمون فرس آدم (عليه السلام) قبل أن يخلق آدم (عليه السلام) بخمسمائة عام-: يا آدم، هكذا العهد بينك و بين الله تعالى؟! و انقبضت أشجار الجنة عنهما حتى لم يتمكنا أن يستترا بشي ء منها، فكلما قرب من شجرة، نادته: إليك عنى يا عاصي. فلما كثرت عليه الملامة و التوبيخ، مر هاربا، و إذا هو بشجرة الطلح قد التفت على ساقيه فمسكته بأغصانها، و نادته إلى أين تهرب، يا عاصي؟ فوقف آدم فزعا مرعوبا مبهوتا، و ظن أن العذاب قد أتاه، و جعل ينادي: الأمان، الأمان، و حواء مجتهدة أن تستر نفسها بشعرها، و هو ينكشف عنها، فلما أكثرت عليه، ناداها: يا بادية السوء، هل تقدرين على أن تستري بي، و قد عصيت ربك؟ فقعدت حواء عند ذلك، و وضعت ذقنها على ركبتها كيلا يراها أحد، و هي تحت الشجرة و آدم واقف قد قبضت عليه شجرة الطلح.

قال ابن عباس:

فنودي جبرئيل: «ألا ترى إلى بديع فطرتي آدم، كيف عصاني؟ يا جبرئيل، ألا ترى إلى حواء أمتي، كيف عصتني، و طاوعت عدوي إبليس؟» فاضطرب جبرئيل الأمين لما سمع نداء رب العالمين، و داخله الخوف و خر ساجدا، و حملة العرش قد سكنت حركاتهم، و هم يقولون: سبحانك، قدوس قدوس، سبوح سبوح، الأمان الأمان. فأخذ جبرئيل (عليه السلام) يعد على آدم (عليه السلام) ما أنعم الله تعالى به عليه، و يعاتبه على المعصية،

__________________________________________________

(1) الأعراف 7: 22.

(2) الأعراف 7: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 353

فاضطرب آدم (عليه السلام) فزعا، و ارتعد خوفا، حتى ذهب كلامه، و جعل يشير إلى جبرئيل (عليه السلام): «دعني أهرب من الجنة خوفا من ربي، و حياء منه». قال جبرئيل (عليه السلام): إلى أين تهرب- يا آدم- و ربك أقرب الأقربين، و مدرك الهاربين؟ فقال آدم (عليه السلام) «يا جبرئيل، ردني أنظر إلى الجنة نظرة الوداع». فجعل آدم (عليه السلام) ينظر عن يمينه و عن شماله، و جبرئيل لا يفارقه، حتى صار قريبا من باب الجنة، و قد أخرج رجله اليمنى و بقيت رجله اليسرى، فنودي:

«يا جبرئيل، قف به على باب الجنة حتى يخرج معه أعداؤه الذين حملوه على أكل الشجرة، يراهم و يرى ما يفعل بهم». فأوقفه جبرئيل، و ناداه الرب: «يا آدم، و خلقتك لتكون عبدا شكورا، لا لتكون عبدا كفورا».

فقال آدم (عليه السلام): «يا رب، أسألك أن تعيدني إلى تربتي التي خلقت منها ترابا كما كنت أولا». فأجابه الرب: «يا آدم، قد سبق في علمي، و كتبت في اللوح أن أملأ من ظهرك الجنة و النار». فسكت آدم.

قال ابن عباس: لما أمرت حواء بالخروج، و ثبت إلى ورقة من

ورق تين الجنة، طولها و عرضها لا يعلمه إلا الله تعالى لتستتر بها، فلما أخذتها، سقطت من يدها، و نطقت: يا حواء، إنك لفي غرور، إنه لا يسترك شي ء في الجنة بعد أن عصيت الله تعالى. فعندها بكت حواء بكاء شديدا، و أمر الله الورقة أن تجيبها، فاستترت بها، فقبض جبرئيل (عليه السلام) بناصيتها حتى أتى بها إلى آدم (عليه السلام) و هو على باب الجنة، فلما رأت آدم (عليه السلام)، صاحت صيحة عظيمة، و قالت: يا لها من حسرة، يا جبرئيل، ردني أنظر إلى الجنة نظر الوداع. فجعلت تومئ بنظرها إلى الجنة يمينا و شمالا، و تنظر إليها بحسرة، فاخرجا من الجنة، و الملائكة صفوف لا يعلم عددهم إلا الله تعالى، ينظرون إليهما. ثم أتي بالطاوس، و قد طعنته الملائكة حتى سقطت أرياشه، و جبرئيل يجره، و يقول له: اخرج من الجنة خروج آيس، فإنك مشؤوم أبدا ما بقيت، و سلبه تاجه، و اجتث أجنحته.

قال ابن عباس: أحب الطيور إلى إبليس الطاوس، و أبغضها إليه الديك.

و

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «أكثروا في بيوتكم الديوك، فإن إبليس لا يدخل بيتا فيه ديك أفرق» «1».

و

قال (صلى الله عليه و آله): «ما أحب من الدنيا إلا أربعة: فرسا أجاهد بها في سبيل الله، و شاة أفطر على لبنها، و سيفا أدفع به عن عيالي، و ديكا يوقظني عند الصلاة».

و

قال (صلى الله عليه و آله): «إذا صاح الديك في السحر، نادى مناد من الجنان: أين الخاشعون، الذاكرون، الراكعون، الساجدون، السائحون، المستغفرون؟ فأول من يسمع ذلك ملك من الملائكة في السماوات، و هو على صورة الديك، له زغب و ريش أبيض، و رأسه تحت العرش، و رجلاه

تحت الأرض السفلى، و جناحاه منشوران، فإذا سمع ذلك النداء من الجنة، ضرب جناحيه ضربة، و قال: يا غافلين، اذكروا الله تعالى الذي وسعت رحمته كل شي ء».

و

روي أن النبي سليمان بن داود (عليه السلام) لما حشر الطير، و أحب أن يستنطق الطير، و كان حاشرها جبرئيل و ميكائيل، فأما جبرئيل فكان يحشر طيور المشرق و المغرب من البراري، و أما ميكائيل فكان يحشر طيور الهواء و الجبال، فنظر سليمان (عليه السلام) إلى عجائب خلقتها، و اختلاف صورها، و جعل يسأل كل صنف منهم، و هم

__________________________________________________

(1) يقال: ديك أفرق، للذي عرفه مفروق. «الصحاح- فرق- 4: 1542».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 354

يجيبونه بمساكنهم، و معايشهم، و أوكارهم، و أعشاشهم، و كيف تبيض، و كيف تحيض، و كان آخر من تقدم بين يديه الديك، فوقف بين يديه في حسنه و جماله و بهائه، و مد عنقه، و ضرب بجناحه، و صاح صيحة أسمع الملائكة و الطيور و جميع من حضر: يا غافلين، اذكروا الله. ثم قال: يا نبي الله، إني كنت مع أبيك آدم (عليه السلام) أوقظه لوقت الصلاة، و كنت مع نوح (عليه السلام) في الفلك، و كنت مع إبراهيم الخليل (عليه السلام)، حين أظفره الله بعدوه نمرود، و نصره عليه بالبعوض «1»، و كنت أكثر ما أسمع أباك إبراهيم (عليه السلام) «2» يقرأ آية الملك: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ «3» إلى آخر الآية، و أعلم يا نبي الله، أني لا أصيح صيحة في ليل أو نهار إلا أفزعت بها الجن و الشياطين، و أما إبليس فإنه يذوب كما يذوب الرصاص في النار.

قال: ثم أتي بالحية، و

قد جذبتها الملائكة جذبة هائلة، و قد قطعوا يديها و رجليها، و إذا هي مسحوبة على وجهها، مبطوحة على بطنها، لا قوائم لها، و صارت ممدودة، و منعت النطق فصارت خرساء مشقوقة اللسان، فقالت لها الملائكة: لا رحمك الله تعالى و لا رحم الله من يرحمك، و نظر إليها آدم و حواء، و الملائكة يرجمونها من كل ناحية.

و

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله): أنه قال: «من قتل الحية فله سبع حسنات، و من تركها و لم يقتلها مخافة شرها لم يكن في ذلك له أجر، و من قتل وزغا «4» فله حسنة، و من قتل حية فله حسنات مضاعفة».

و قال ابن عباس (رضي الله عنه): قتل حية أحب إلي من قتل كافر.

قال: ثم اخرج آدم (عليه السلام) من الجنة، و أبرزه جبرئيل إلى السماوات، و حجبت عنه حواء فلم يرها و نظرت الملائكة إلى آدم (عليه السلام) و هو عريان، ففزعت منه، و جعلت تقول: إلهنا، و هذا آدم بديع فطرتك، أقله و لا تخذله.

و آدم (عليه السلام) قد وضع يده اليمنى على باب الجنة «5»، و اليسرى على سوأته، و دموعه تجري على خديه، فوقف آدم (عليه السلام)، و ناداه الرب جل و علا: «يا آدم». قال: «لبيك يا ربي و سيدي و مولاي و خالقي، تراني و لا أراك، و أنت علام الغيوب». قال الله تعالى: «يا آدم، قد سبق في علمي، إذا تاب العاصي تبت عليه، و أتفضل عليه برحمتي. يا آدم، ما أهون الخلق علي إذا عصوني، و ما أكرمهم علي إذا أطاعوني».

فقال آدم (عليه السلام): «بحق من هو الشرف الأكبر، إلا ما أقلت عثرتي، و عفوت عني» فأتاه

النداء، «يا آدم، من الذي سألتني بحقه؟».

فقال آدم (عليه السلام): «إلهي و سيدي و مولاي و ربي، هذا صفيك و حبيبك و خاصتك و خالصتك و رسولك محمد بن عبد الله، فلقد رأيت اسمه مكتوبا على العرش، و في اللوح المحفوظ، و على صفح السماوات، و على

__________________________________________________

(1) (بالبعوض): ليس في المصدر.

(2) في المصدر: آدم.

(3) آل عمران 3: 26.

(4) الوزغ: حيوان صغير يقال له: سام أبرص. «مجمع البحرين- وزغ- 5: 18».

(5) في المصدر: على رأسه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 355

أبواب الجنان، و قد علمت- يا رب- أنك لا تفعل به ذلك إلا و هو أكرم الخليقة عندك».

قال ابن عباس: فنوديت حواء: «يا حواء»، قالت: «لبيك لبيك، يا سيدي و مولاي و ربي، لا إله إلا أنت، قد ذهبت زينتي، و عظمت مصيبتي، و حلت شقوتي، و بقيت عريانة لا يسترني شي ء من جنتك، يا رب». فنوديت: «يا حواء، من الذي صرف عنك هذه الخيرات التي كنت فيها، و الزينة التي كنت عليها؟».

قالت: إلهي و سيدي، ذلك خطيئتي، و قد خدعني إبليس بغروره و أغواني، و أقسم لي بحقك و عزتك إنه لمن الناصحين لي، و ما ظننت أن عبدا يحلف بك كاذبا.

قال: «الآن اخرجي أبدا، فقد جعلتك ناقصة العقل و الدين و الميراث و الشهادة و الذكر، معوجة الخلقة «1»، شاخصة البصر، و جعلتك أسيرة أيام حياتك، و أحرمتك أفضل الأشياء: الجمعة، و الجماعة، و السلام، و التحية، و قضيت عليك بالطمث- و هو الدم- و جهد الحبل، و الطلق، و الولادة، فلا تلدين حتى تذوقي طعم الموت، فأنت أكثر حزنا، و أكسر قلبا، و أكثر دمعة، و جعلتك دائمة الأحزان، و لم أجعل منكن

حاكما، و لا أبعث منكن نبيا».

فقال آدم: «يا رب، إنك أخرجتني من الجنة، و تريد أن تجمع بيني و بين عدوي إبليس اللعين، فقوني عليه، يا رب».

فقال له: «يا آدم، تقوا عليه بتقواي و توحيدي و ذكري، و هو أن تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله و أكثر من ذلك، فإنها لعدوي و عدوك مثل الشهاب القاتل. يا آدم، قد جعلت مسكنك المساجد، و طعامك الحلال الذي ذكر عليه اسمي، و شرابك ما أجريته من ماء معين، و ليكن شعارك ذكري، و دثارك ما أنسجته بيدك».

فقال آدم: «زدني، يا رب». قال: «أحفظك بملائكتي» فقال: «يا رب، زدني». فقال: «لا يولد لك ولد إلا وكلت به ملائكة يحرسونه». قال: «يا رب، زدني» قال: «لا أنزع التوبة منك و لا من ذريتك ما تابوا إلي». قال: «زدني، يا رب».

قال: «أغفر لك و لولدك و لا أبالي، و أنا الرب العلي المتعالي».

قال: فعندها تكلمت حواء، و قالت: إلهي، خلقتني من ضلع أعوج، و جعلتني ناقصة العقل و الدين و الشهادة و الميراث و الذكر، و حرمتني أفضل الأشياء، و ألزمتني الحبل و الطلق، و صيرتني بالنجاسة، و كيف أخرج من الجنة و قد حرمتني جميع الخيرات؟ فنوديت: «أن اخرجي، فإني ارفق قلوب عبادي عليكن».

قال ابن عباس: لقد جعل بين الرجال و النساء الالفة و الانس، فاحبسوهن في البيوت، و أحسنوا إليهن ما استطعتم.

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «المرأة ضلع مكسور فاجبروه».

و

قال (عليه السلام): «المرأة ريحانة، و ليست بقهرمانة».

و

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «كل امرأة صالحة عبدت ربها، و أدت فرضها، و أطاعت زوجها، دخلت الجنة».

فنوديت: «اخرجي، فإني مخرج منكما ما يملأ الجنة

و النار، فأما الذين يملؤون الجنة فمن نبي و صديق

__________________________________________________

(1) في «س»: الخلق. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 356

و شهيد و مستغفر، و من يصلي عليكما، و يستغفر لكما». قال (عليه السلام): «ما من مؤمن و لا مؤمنة يستغفر لآدم و حواء إلا عرض الاستغفار عليهما، فيفرحان، و يقولان: يا رب، هذا ولدنا فلان قد استغفر لنا، و صلى علينا، فتفضل عليه، و زد من كرمك و إحسانك إليه». و روي: أن من لم يصل عليهما عند ذكرهما، فقد عقهما.

فقالت حواء: أسألك- يا رب- أن تعطيني كما أعطيت آدم. فقال الرب عز و جل: «إني قد وهبتك الحياء و الرحمة و الأنس، و كتبت لك من ثواب الاغتسال و الولادة ما لو رأيته من الثواب الدائم، و النعيم المقيم، و الملك الكبير، لقرت به عينك. يا حواء، أيما امرأة ماتت في ولادتها حشرتها مع الشهداء، يا حواء، أيما امرأة أخذها الطلق إلا كتبت لها أجر شهيد، فإن تحملت «1» و ولدت، غفرت لها ذنوبها و لو كانت مثل زبد البحر و رمل البر و ورق الشجر، و إن ماتت فهي شهيدة، و حضرتها الملائكة عند قبض روحها، و بشروها بالجنة، و تزف إلى بعلها في الآخرة، و تفضل على سائر الحور العين بسبعين درجة» فقالت حواء: حسبي ما أعطيت.

قال: و تكلم إبليس اللعين، و قال: يا رب إنك أغويتني و أبلستني، و كان ذلك في سابق علمك، فأنظرني إلى يوم يبعثون. قال: فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ «2» و هي النفخة الاولى. قال: فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ

شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ «3» قال: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ «4».

قال: إنك أنظرتني، فأين مسكني إذا هبطت إلى الأرض؟ قال: «المزابل». قال: فما قراءتي؟ قال: «الشعر» قال:

فما مؤذني؟ قال: «المزمار». قال: فما طعامي؟ قال: «ما لم يذكر عليه اسمي». قال: فما شرابي؟ قال: «الخمور جميعها». قال: فما بيتي؟ قال: «الحمام». قال: فما مجلسي؟ قال: «الأسواق، و محافل النساء النائحات». قال: فما شعاري؟ قال: «الغناء» قال: فما دثاري؟ قال: «سخطي» قال: فما مصائدي؟ قال: «النساء».

قال إبليس: لا خرجت محبة النساء من قلبي، و لا من قلوب بني آدم، فنودي. «يا ملعون، إني لا أنزع التوبة من بني آدم حتى ينزعوا بالموت، فاخرج منها فإنك رجيم، و إن عليك لعنتي إلى يوم الدين».

فقال آدم: يا رب، هذا عدوي و عدوك أعطيته النظرة، و قد أقسم بعزتك أنه يغوي أولادي، فبم أحترز عن مصائده و مكائده؟» فنودي: «يا آدم، قد مننت عليك بثلاث خصال: واحدة لي، و واحدة لك، و واحدة بيني و بينك أما التي لي، فهي أن تعبدني و لا تشرك بي شيئا، و أما التي لك، فهو ما عملت من صغيرة و كبيرة من الحسنات، فلك الحسنة بعشر أمثالها، و العشر بمائة، و المائة بألف، و أضعفها لك كالجبال الرواسي، و إن عملت سيئة، فواحدة بواحدة، و إن أنت استغفرتني، غفرتها لك، و أنا الغفور الرحيم و أما التي بيني و بينك فلك الدعاء

__________________________________________________

(1) في المصدر: سلمت.

(2) الحجر 15: 37 و 38.

(3) الأعراف 7: 16 و 17.

(4) الأعراف 7: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 357

و المسألة، و مني الإجابة، فابسط يديك فادعني، فإني قريب مجيب».

قال:

فلما سمع بذلك اللعين، صاح بأعلى صوته، حسدا لآدم (عليه السلام)، قال: كيف أكيد بولد آدم الآن؟

فنودي: «يا ملعون أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ وَ عِدْهُمْ وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً «1»» قال إبليس: يا رب، زدني. قال: «لا يولد لآدم ولد إلا و يولد لك سبعة». قال: يا رب، زدني. قال:

«زدتك أن تجري بهم مجرى الدم في عروقهم و توسوس و تسكن في صدورهم، و تخنس «2» في قلوبهم» قال إبليس: يا رب، فبم أهبط إلى الأرض؟ قال: «على اليأس من رحمتي».

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «أخلفوا ظن إبليس اللعين فيما سأل ربه، فإن شركه في الأموال المكتسبة من غير حلها، و شركه في الأولاد الحرام، فطيبوا النكاح، و ازدجروا عن الزنا».

و

قال (عليه السلام): «إذا جامعتم أزواجكم فاذكروا الله تعالى على كل حال، و إلا يدخل إبليس اللعين ذكره كما يدخل الرجل ذكره في فرج امرأته، و يفعل بها كما يفعل زوجها».

و

قال (عليه السلام): «إذا سمع إبليس ذكر الله أو تسبيحه، ذاب كما يذوب الملح في الماء».

و

قال (عليه السلام): «لقد أعطى الله هذه الامة سورتين، من قرأهما قبل طلوع الشمس و قبل غروبها و لي عنه إبليس، و انصرف و له نبيح كنبيح الكلاب، و هما المعوذتان».

و قال ابن عباس: لما نزلت: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «3» قال جبرئيل: يا محمد، لا تخف على أمتك منذ نزلت هذه السورة الشريفة. يا محمد، ما من أحد من أمتك يقرأها موقنا بثوابها، إلا دخل الجنة. يا محمد، من قرأها كان بينه و بين الشياطين حجاب. يا محمد، من قرأها أمن من الخسف و المسخ و الغرق و

الرجف.

قال: فلما اعطي كل واحد منهم ما سأل، نظر آدم (عليه السلام) إلى الحية، فقال: «يا رب، هذه اللعينة التي أعانت عدوي، فبماذا أتقوى عليها إذا أهبطتها إلى الأرض؟». فنودي: «يا آدم، إني جعلت مسكنها الظلمات، و طعامها التراب، فلا أمانة لها، فإذا رأيتها فاشدخ رأسها».

قال ابن عباس: لو لا قعود إبليس ما بين نابيها ما كان لها سم، فاقتلوها حيث وجدتموها، و قال: رحم الله من قتل حية، و قيل للطاوس: «مسكنك أطراف الدنيا، و رزقك ما أنبتت الأرض، و القي عليك المحبة في قلوب بني آدم».

5845/ [9]- و عنه: قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «فلما اعطي هؤلاء ما اعطوا، أمروا أن يهبطوا إلى الأرض، فقال تعالى: اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «4» فالمستقر:

__________________________________________________

9- تحفة الإخوان: 74 «مخطوط».

(1) الاسراء 17: 64.

(2) أي تتوارى، و في «ط»: تجلس.

(3) الإخلاص 112: 1.

(4) الأعراف 7: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 358

القبر، و الحين: القيامة، فهبط آدم (عليه السلام) من الجنة من باب التوبة، و حواء من باب الرحمة، و إبليس من باب اللعنة، و الطاوس من باب الغضب، و الحية من باب السخط، و كان نزولهم وقت العصر فمن هذه الأبواب، تنزل التوبة و الرحمة و اللعنة و الغضب و السخط».

و

قال (عليه السلام): «خلق الله تعالى آدم (عليه السلام) يوم الجمعة، و فيها جمع بين روحه و جسده، و فيها زوجه حواء، و فيها دخل الجنة و أقام فيها نصف يوم مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا، و هبط ما بين الظهر و العصر من باب يقال له: المبرم، و هو حذاء البيت المعمور، و قيل

من باب المعارج «1»، فهبط آدم (عليه السلام) إلى بلاد الهند على جبل من جبالها، يقال له: بود، و هو جبل معلوم محيط بأرض الهند، و هبطت حواء بجدة برستمسام «2»، و الحية بأصفهان، و الطاوس بأطراف البحر، فلم ير بعضهم بعضا حين اهبطوا، و لم يكن على آدم (عليه السلام) حين اهبط إلا ورقة من أوراق الجنة ملتصقة إلى جلده، فرمتها الريح في بلاد الهند فصارت معدن الطيب جميعه.

و أخذ آدم في البكاء مائة عام شوقا إلى الجنة، و هو واقف منكس رأسه خوفا من الله تعالى، و خرج من عينه اليمنى ماء يملأ دجلة، و من عينه اليسرى ماء يملأ الفرات، و صار لدموعه مجار في الأرض، و رسخت عروق رجليه في الأرض، و عاش تسعمائة سنة و ثلاثين سنة، و ما فرغ من حزنه على الجنة، و مات حزينا عليها.

و قد أنبت الله من دموعه العود الرطب و الصندل «3» و الكافور، و جميع أنواع الطيب، و امتلأت الأودية بالأشجار الطيبة، و بكت حواء كذلك حتى أنبت من دموعها الزنجبيل و القرنفل و الهيل، و جميع أنواع ذلك. و كانت الريح تحمل كلام آدم إلى حواء و حواء إلى آدم (عليهما السلام)، فيصير كل واحد منهما قريبا من صاحبه و بينهما البلاد البعيدة. و كانا يبكيان حتى رحمهما الملائكة، و بقيت حواء شاخصة بصرها إلى الله تعالى أعواما، و قد وضعت يدها على رأسها، فأورثت ذلك بناتها».

5846/ [10]- و عنه: قال ابن عباس: أول من علم هبوط آدم (عليه السلام) النسر، فأتاه و بكى معه، و كان النسر وحشيا، فسقط على ساحل البحر، فنظر إلى حوت يضطرب في الماء، فأنس إليه لأنه

لم يكن له انس، فلما علم النسر بنزول آدم (عليه السلام) أخبر الحوت به، و قال له: إني رأيت اليوم خلقا عظيما، يقبض و يبسط، و يقوم و يقعد، و يأكل و يشرب، و ينام و يستيقظ، و يبول و يتغوط، و يجي ء و يذهب، معتدل القامة، بادي البشرة، حسن الصورة! فقال الحوت: إن كان كما تقول فقد كاد أن لا يكون لي معه مستقر في البحر، و لا لك معه مستقر في البر، و هذا الوداع بيني و بينك. و في بعضها: أن الحوت قال: إنك لتخبرني عن خلق عظيم يأكل و يشرب، فإن كنت صادقا فإنه سيجرني من بحري، و يأخذك من برك.

و في بعضها: إن آدم (عليه السلام) لما هبط من الجنة نادى ملك: أيتها الأرض و من عليها و فيها من الخلق، قد

__________________________________________________

10- تحفة الإخوان: 75 «مخطوط».

(1) في المصدر (المعراج).

(2) في المصدر: برستمام.

(3) الصّندل: شجر خشبه طيّب الرائحة، و له ألوان مختلفة: حمر و بيض و صفر. «لسان العرب 11: 386».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 359

هبط إليكم إنسان نسي عهد ربه، فسماه إنسانا، فأول ما سمع النسر بذلك انفض إلى الحوت و أخبره بذلك ففزع، و قال كل واحد منهما لصاحبه: هذا وقت الوداع بيني و بينك، فويل لأهل البحر و البر من هذا الإنسان.

قال: و بقي آدم (عليه السلام) باكيا ساجدا لله تعالى حتى شربت الطير من دموعه، و نبتت الأشجار و رسخت عروق رجليه في الأرض كما ترسخ الأشجار، و بكت معه السباع، فلما لقيته ولت عنه هاربة، و قالت: نحن سكان الأرض قبلك يا آدم، و قد أفزعتنا و أبكيتنا لبكائك، و أورثتنا حزنا طويلا. فمن ذلك

«1» صارت لا تأنس ببني آدم، و يقال: تفرقت عنه جميع الطيور أيضا إلا النسر، فإنه كان يساعده.

ثم أنبت الله له الشعر و اللحية، فكان آدم (عليه السلام) قبل ذلك اليوم أمرد كأنه الفضة البيضاء، فلما نظر آدم (عليه السلام) إلى اللحية، قال: «يا رب، ما هذا الذي لم أعهده منك في الجنة؟». قال: «هذه لحيتك، غير أنها زينتك، ليعرف الذكر من الأنثى».

و

روي أنه أقام على البكاء ثلاثمائة عام لا يرفع رأسه نحو السماء، و هو يقول: «بأي وجه أنظر إلى السماء، و هبطت منها عريانا عاصيا؟» فبكت الأنعام و الطيور و السباع، و لقد أبكى الكروبيين و الروحانيين، و قالوا: إلهنا، أقل عثرته فإنه في حرقة من الذنب.

و

قال (عليه السلام): «لو وضع بكاء يعقوب على يوسف، و بكاء جميع الخلق إلى آخر الأبد لرجح بكاء آدم على بكائهم، و ذلك لأنه بقي من دموعه في الأرض بعد أن كف عن البكاء مائة عام، تشرب منه الوحوش و السباع و الطيور، و لدموعه رائحة كرائحة المسك الأذفر، و لذلك كثر الطيب في بلاد الهند».

فعند ذلك أمر الله تعالى جبرئيل: «أن آدم بديع فطرتي، قد أبكى السماوات السبع و الأرضين السبع، و لم يذكر أحدا غيري و لا يخاف سواي، و لقد أحرقت قلبه خطيئته، و هو أول من عبدني، و أول من دعاني بأسمائي الحسنى، و أنا الرحمن «2» الذي سبقت رحمتي غضبي، و لقد قضيت في سابق علمي أن من دعاني نادما على ذنبه متضرعا، أن تدركه رحمتي، و ها أنا قد خصصته بكلمات تكون له توبة، تخرجه من الظلمات إلى النور». فنزل بها جبرئيل و له نور، و هو ضاحك مستبشر على آدم

(عليه السلام)، فقال: السلام عليك يا طويل الحزن و البكاء، فلم يسمع آدم (عليه السلام) ذلك لغليان صدره، حتى ناداه بصوت رفيع: السلام عليك يا آدم، قد قبل الله توبتك و غفر لك خطيئتك، ثم أمر بجناحه على صدره و وجهه حتى هذأ من بكائه، و سكن غليان صدره، و سمع الصوت. فقال آدم (عليه السلام): «و عليك السلام يا خليلي، ابتداء سخط أم ابتداء إحسان و غفران؟» قال جبرئيل: بل ابتداء رحمة و غفران- يا آدم- لقد أبكيت أهل السماوات و الأرضين، فدونك هذه الكلمات، فإنها كلمات التوبة و الرحمة و الغفران.

قيل: هذه الكلمات التي قالها يونس (عليه السلام) في ظلمات ثلاث:

__________________________________________________

(1) في المصدر: يومئذ. [.....]

(2) في المصدر: أنا الله الرحمن الرحيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 360

لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ «1». و قال عبد الله بن عمرو بن العاص «2»: كان قوله: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «3» و قيل: كان قوله: سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا و ظلمت نفسي، فتب علي يا خير التوابين، قال: فهذه الكلمات التي قالها الله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ «4» قال: فلما قالها آدم (عليه السلام) في سجوده نشر صوته «5» في الآفاق، فجعلت الأرض و الجبال و البحار و الأشجار و الأطيار، يقولون له: يا آدم، قرت عيناك، و هناك في توبتك.

ثم أمر الله تعالى أن يبعث هذه الكلمات إلى حواء، فذكرها آدم (عليه السلام) فحملتها الريح إلى حواء فلما سمعتها استبشرت، و قالت: هذه كلمات و لغات لم أسمعهن قط و قد جعلهن توبة و رحمة،

و هو أرحم الراحمين.

قال: فتكلمت بها و سجدت، و كانت توبتها، فلما فرغت من الكلمات، قال لها جبرئيل: ارفعي رأسك، فرفعته، فإذا لها حجاب من نور، و فتحت لها أبواب السماوات، و نودي لها بالتوبة و الغفران.

و قيل له: يا آدم، إن الله قبل توبتك. ثم ذهب ليقوم يمشي فلم يقدر، لأن رجليه رسخت في الأرض كعروق الشجر، حتى اقتلعه جبرئيل (عليه السلام) كاقتلاع العرق، فصاح آدم (عليه السلام) من الألم الذي داخله، و قال: «ما ذا تفعل الخطيئة!». فنظرت إليه الملائكة، و قد تغير لونه، و نحل جسمه، و ذهب نوره و بهاؤه، و قد حفرت الدموع في وجنتيه نهرين، فقالت الملائكة: يا آدم، ما الذي نزل بك من تغير الحال بعد الزينة و الحسن و الجمال، أين نور الجنان؟ أين لباس الرضوان؟ قال آدم: «هذا الذي وعدني فيه ربي، حين قال: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَ لا تَعْرى وَ أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَ لا تَضْحى «6»». فقال جبرئيل (عليه السلام) للملائكة، كفوا عن آدم، و لا تعيروه بخطيئته، و لا توبخوه بذنبه، فقد محيت خطيئته، و غفر ذنبه. فعند ذلك استغفرت له الملائكة، فضرب جبرئيل بجناح الرحمة، فانفجرت عين ماء أشد رائحة من المسك، فاغتسل آدم (عليه السلام) بذلك الماء، و هو يقول: «اللهم طهرتني من خطيئتي، و أخرجتني من كربي». فكساه حلتين من سندس الجنة.

و بعث الله ميكائيل إلى حواء، فبشرها و كساها، فلما عرفت قبول توبتها، انطلقت إلى الساحل و اغتسلت، و هي تبكي شوقا إلى آدم (عليه السلام)، فكل قطرة سقطت من دموعها في البحر انقلبت لؤلؤة و مرجانة و دررا و يواقيت، فانصرفت إلى موضعها تنتظر قدوم

آدم (عليه السلام)، فجعل آدم (عليه السلام) يسأل جبرئيل (عليه السلام) عن

__________________________________________________

(1) الأنبياء 21: 87.

(2) هو عبد اللّه بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم، صحابي، كان يكنّى أبا محمّد، و قيل: أبو عبد الرحمن، أسلم قبل أبيه، و شهد صفين مع معاوية، و ولاه معاوية الكوفة لفترة قصيرة، و مات سنة خمس و ستّين عن اثنتين و سبعين سنة. «طبقات ابن سعد 4: 261، الإصابة 2: 351، حيلة الأولياء 1: 283».

(3) الأعراف 7: 23.

(4) البقرة 2: 37.

(5) في «ط» و المصدر: دعوته.

(6) طه 20: 118 و 119.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 361

حواء، فأخبره أن الله تعالى قد قبل توبتها، و بشره بأن الله تعالى يجمع بينهما في أشرف «1» البقاع و أكرم الأعياد، و أعلمه أن الله تعالى أمره أن يبني له بيتا فيطوف به و يسعى، و يؤدي صلاته فيه، كما رأى الملائكة يفعلون حول البيت المعمور، و أنه سيعرض عليه إبليس هناك فيرجمه كما رجمته الملائكة حين امتنع من السجود، فعند ذلك ضحك آدم (عليه السلام)، و وثب قائما، و كان رأسه في الهواء، فأمر الله تعالى الملائكة و الحيوانات حتى النمل و الجراد و البعوض أن يهنئوه بالتوبة، ففعلوا ذلك، و أمر الله تعالى جبرئيل (عليه السلام) أن يضع قدمه على رأس آدم من طوله، فاغتم آدم (عليه السلام) من ذلك، لما فاته من تسبيح الملائكة. فقال له الأمين جبرئيل: لا يغمك ذلك، فإن الله تعالى يفعل ما يريد. فأمره ببناء بيت يشبه البيت المعمور بحذائه، ليطوف به هو و أولاده كما تطوف الملائكة حول البيت المعمور، و هو في السماء الرابعة بحذاء الكعبة و

بقدرها.

ثم سار جبرئيل مع آدم (عليه السلام) إلى موضع البيت، و كان كلما وضع قدمه في موضع، صار ذلك المكان عمارة، و بين الخطوتين مفازة، إلى أن وصل مكة فبناها، و هي أول قرية بنيت، و أول بيت بني، فأوحى الله إليه: «يا آدم، ابن لي الآن بيتا الذي وضعته في الأرض قبل أن تخلق بألف عام، و قد أمرت الملائكة أن تعينك على بنائه، فإذا بنيته فطف حوله و سبحني، و اذكرني، و قد سني، و لا تجزع على زوجتك حواء، فإني سأجمع بينكما في مشاعر بيتي، و أجعل هذا البيت القبلة الكبرى، قبلة للنبي محمد، فحسبك- يا آدم- بمحمد شرفا، و قد علمت- يا آدم- ما بقلبك من حواء، و ما بقلبها منك من المحبة و الوداد، فإذا رأيتها فكن بها لطيفا، فإني جعلتها أم النبيين».

قال: فخر آدم ساجدا لربه، و هو يقول: حسبي ربي ما أوحيت إلي من فضائل هذا البيت و مناسكه. فبناه آدم و ساعدته الملائكة، فلما تم بناؤه، علمه جبرئيل (عليه السلام) جميع المناسك، و جمع الله تعالى بين آدم (عليه السلام) و حواء على جبل عرفات، فتعارفا فيه، و ذلك يوم الجمعة، و الحمد لله رب العالمين.

5847/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن القاسم- المفسر المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه)- قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه علي ابن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)، و ذكر الحديث، قالا: فقلنا له: فعلى

هذا لم يكن إبليس لعنه الله أيضا ملكا؟

فقال: لا، بل كان من الجن، أما تسمعان الله تعالى يقول: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ «2» فأخبر عز و جل أنه كان من الجن، و هو الذي قال الله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ».

5848/ [12]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ.

__________________________________________________

11- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 266/ 1.

12- تفسير القمّي 1: 375.

(1) في المصدر: أبرك.

(2) الكهف 18: 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 362

قال: هو أبو إبليس، و قال: الجن من ولد الجان، منهم مؤمنون و منهم كافرون و يهود و نصارى، و تختلف أديانهم، و الشياطين من ولد إبليس، و ليس فيهم مؤمن إلا واحد اسمه هام بن هيم بن لا قيس بن إبليس، جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فرآه جسيما عظيما و امرءا مهولا، فقال له: «من أنت؟» قال: أنا هام بن هيم بن لا قيس بن إبليس، قد كنت يوم قتل قابيل هابيل غلاما ابن أعوام أنهى عن الاعتصام، و آمر بإفساد الطعام. فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بئس- لعمري- الشاب المؤمل، و الكهل المؤمر» «1». فقال: دع عنك هذا- يا محمد- فقد جرت توبتي على يد نوح، و لقد كنت معه في السفينة، فعاتبته على دعائه على قومه، و لقد كنت مع إبراهيم حيث ألقي في النار، فجعلها الله عليه بردا و سلاما، و لقد كنت مع موسى حين أغرق الله فرعون، و نجى بني إسرائيل، و لقد كنت مع هود حين دعا

على قومه فعاتبته، و لقد كنت مع صالح فعاتبته على دعائه على قومه، و لقد قرأت الكتب كلها، فكلها تبشرني بك، و الأنبياء يقرءونك السلام، و يقولون: أنت أفضل الأنبياء و أكرمهم، فعلمني مما أنزل الله عليك شيئا. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): «علمه». فقال هام: يا محمد، إنا لا نطيع إلا نبيا أو وصي نبي، فمن هذا؟ قال: «هذا أخي و وصيي و وزيري و وارثي علي بن أبي طالب». قال نعم، نجدا اسمه في الكتب: إليا، فعلمه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلما كانت ليلة الهرير بصفين، جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).

قلت: حديث الهام بن الهيم بن لا قيس بن إبليس متكرر في الكتب رواه الصفار في (البصائر) «2»: عن الصادق (عليه السلام)، و رواه غيره أيضا، ليس هذا موضع ذكره.

5849/ [13]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الأحول، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الروح التي في آدم (عليه السلام) في قوله: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي. قال: «هذه روح مخلوقة، و الروح التي في عيسى (عليه السلام) مخلوقة».

5850/ [14]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة، عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ رُوحٌ مِنْهُ «3». قال: «هي روح الله مخلوقة، خلقها الله في آدم و عيسى (عليهما السلام)».

5851/ [15]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم

بن عروة، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي __________________________________________________

13- الكافي 1: 103/ 1.

14- الكافي 1: 103/ 2.

15- الكافي 1: 103/ 3. [.....]

(1) قال المجلسي (رحمه الله): المؤمل، على بناء المفعول، أي بئس حالك عند شبابك حيث كانوا يأملون منك الخير، و في حال كونك كهلا حيث أمروك عليهم. «بحار الأنوار 27: 14».

(2) بصائر الدرجات: 118/ 8.

(3) النساء 4: 171.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 363

كيف هذا النفخ؟

فقال: «إن الروح متحرك كالريح، و إنما سمي روحا لأنه اشتق اسمه من الريح، و إنما أخرجه على لفظ «1» الريح لأن الأرواح مجانسة للريح، و إنما أضافه إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح، كما قال لبيت من البيوت:

بيتي و لرسول من الرسل: رسولي «2» و أشباه ذلك، و كل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر».

5852/ [16]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن بحر، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عما يروون: أن الله تعالى خلق آدم (عليه السلام) على صورته! فقال: «هي صورة محدثة مخلوقة، اصطفاها الله و اختارها على سائر الصور المختلفة، و فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه، و الروح إلى نفسه، فقال: بيتي، و نفخت فيه من روحي».

5853/ [17]- ابن بابويه، قال: حدثنا حمزة بن محمد العلوي (رحمه الله)، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: سألت

أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي.

قال: «روح اختاره الله و اصطفاه و خلقه، و أضافه إلى نفسه، و فضله على جميع الأرواح، فأمر فنفخ منه في آدم (عليه السلام)».

5854/ [18]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن الحلبي و زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك و تعالى أحد صمد، ليس له جوف، و إنما الروح خلق من خلقه، نصر و تأييد و قوة، يجعله الله في قلوب الرسل و المؤمنين».

5855/ [19]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي جعفر الأصم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الروح التي في آدم (عليه السلام) و التي في عيسى (عليه السلام)، ما هما؟

قال: «روحان مخلوقان، اختارهما الله و اصطفاهما، روح آدم و روح عيسى (صلوات الله عليهما)».

5856/ [20]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن

__________________________________________________

16- الكافي 1: 104/ 4.

17- التوحيد: 170/ 1.

18- التوحيد: 171/ 2.

19- التوحيد: 171/ 4.

20- التوحيد 172/ 5.

(1) في المصدر: عن لفظة.

(2) في المصدر: خليلي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 364

أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي.

قال: «من قدرتي».

5857/ [21]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن أحمد بن محمد بن عمران (رضي الله عنه)، قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي.

قال: «إن الله عز و جل خلق خلقا و خلق روحا، ثم أمر ملكا فنفخ فيه، و ليست بالتي نقصت «1» من قدرة الله شيئا، هي من قدرته».

5858/ [22]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ، قال: «روح خلقها الله فنفخ في آدم منها».

5859/ [23]- عن محمد بن اورمة، عن أبي جعفر الأحول، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الروح التي في آدم (عليه السلام) في قوله: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي.

قال: «هذه روح مخلوقة لله، و الروح التي في عيسى بن مريم (عليهما السلام) مخلوقة لله».

5860/ [24]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي.

قال: «خلق خلقا و خلق روحا، ثم أمر الملك فنفخ فيه، و ليست بالتي نقصت من الله شيئا، هي من قدرته تبارك و تعالى».

5861/ [25]- و في رواية سماعة، عنه (عليه السلام): «خلق آدم فنفخ فيه». و سألته عن الروح، قال: «هي من قدرته من الملكوت».

سورة الحجر(15): الآيات 36 الي 38 ..... ص : 364

قوله تعالى:

قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ

الْمُنْظَرِينَ

__________________________________________________

21- التوحيد: 172/ 6.

22- تفسير العيّاشي 2: 241/ 8.

23- تفسير العيّاشي 2: 241/ 9.

24- تفسير العيّاشي 2: 241/ 10. [.....]

25- تفسير العيّاشي 2: 241/ 11.

(1) في «ط»: انقضت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 365

إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [36- 38]

5862/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا علي بن حبشي بن قوني (رحمه الله) فيما كتب إلي، قال: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن يحيى بن أبي العلاء الرازي: أن رجلا دخل على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: جعلت فداك، أخبرني عن قول الله عز و جل لإبليس: فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ.

قال: «إلى يوم الوقت المعلوم، يوم ينفخ في الصور نفخة واحدة، فيموت إبليس ما بين النفخة الاولى و الثانية».

5863/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن محمد بن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى: فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ.

قال: «يوم الوقت المعلوم، يوم يذبحه رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الصخرة التي في بيت المقدس».

5864/ [3]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إبليس قال:

أنظرني إلى يوم يبعثون، فأبى الله ذلك عليه، فقال: فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ فإذا كان يوم الوقت المعلوم ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم (عليه السلام) إلى يوم

الوقت المعلوم، و هي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قلت: و إنها لكرات؟ قال: «نعم، إنها لكرات و كرات، ما من إمام في قرن إلا و يكر في قرنه، و يكر معه البر و الفاجر في دهره، حتى يديل الله عز و جل المؤمن من الكافر، فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين (عليه السلام) في أصحابه، و جاء إبليس في أصحابه، و يكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال لها (الروحاء) قريبا من كوفتكم، فيقتتلون قتالا لم يقتتل مثله منذ خلق الله عز و جل العالمين، فكأني أنظر إلى أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) قد رجعوا إلى خلفهم القهقرى مائة قدم، و كأني أنظر إليهم و قد وقعت بعض أرجلهم في الفرات، فعند ذلك يهبط الجبار «1» عز و جل فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ «2» و رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمامه، بيده حربة من نور، فإذا نظر إليه إبليس رجع القهقرى ناكصا على عقبيه، فيقولون له

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 402/ 2.

2- تفسير القمّي 2: 245.

3- مختصر بصائر الدرجات: 26.

(1) تقدّم تأويلها في الحديث (1) من تفسير الآية (210) من سورة البقرة.

(2) البقرة 2: 210.

الȘљǘǙƠفي تفسير القرآن، ج 3، ص: 366

أصحابه: أين تريد و قد ظفرت؟ فيقول: إني أرى مالا ترون، إني أخاف الله رب العالمين، فيلحقه النبي (صلى الله عليه و آله)، فيطعنه طعنة بين كتفيه، فيكون هلاكه و هلاك جميع أشياعه، فعند ذلك يعبد الله عز و جل و لا يشرك به شي ء، و يملك أمير المؤمنين (عليه السلام) أربعا و أربعين ألف سنة، حتى يلد الرجل من شيعة علي (عليه السلام) ألف ولد

من صلبه ذكر، في كل سنة ذكر، و عند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان، عند مسجد الكوفة و ما حوله بما شاء الله».

5865/ [4]- العياشي: عن أبان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن علي بن الحسين (عليه السلام) إذا أتى الملتزم «1»، قال: اللهم إن عندي أفواجا من ذنوب و أفواجا من خطايا، و عندك أفواجا من رحمة و أفواجا من مغفرة، يا من استجاب لأبغض خلقه إليه إذ قال: فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ استجب لي، و افعل بي كذا و كذا».

5866/ [5]- عن الحسن بن عطية، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن إبليس عبد الله في السماء الرابعة في ركعتين ستة آلاف سنة، و كان من إنظار الله إياه إلى يوم الوقت المعلوم بما سبق من تلك العبادة».

5867/ [6]- عن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول إبليس:

رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قال له وهب: جعلت فداك، أي يوم هو؟

قال: «يا وهب، أ تحسب أنه يوم يبعث الله فيه الناس؟ إن الله أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا، فإذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة، و جاء إبليس حتى يجثو بين يديه على ركبتيه، فيقول: يا ويله من هذا اليوم، فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك اليوم هو الوقت المعلوم».

5868/ [7]- شرف الدين النجفي: بحذف الإسناد، مرفوعا إلى وهب بن جميع، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن إبليس و قوله: رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ أي يوم هو؟

قال: «يا وهب، أ تحسب

أنه يوم يبعث الله الناس؟ لا، و لكن الله عز و جل أنظره إلى يوم يبعث قائمنا، فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك اليوم هو الوقت المعلوم».

5869/ [8]- (تحفة الإخوان): بحذف الإسناد، عن محمد بن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله جعفر بن

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 241/ 12.

5- تفسير العيّاشي 2: 241/ 13.

6- تفسير العيّاشي 2: 242/ 14.

7- تأويل الآيات 2: 509/ 12.

8- تحفة الإخوان: 77. «مخطوط».

(1) الملتزم: هو ما بين الحجر الأسود و الساب، من الكعبة المعظمة بمكة، و يقال له: المدعى و المتعوذ. «مراصد الاطلاع 3: 1305».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 367

محمد (عليهما السلام) قال: «يوم الوقت المعلوم، يوم يذبحه رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1» على الصخرة التي في بيت المقدس».

5870/ [9]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث طويل- قال فيه: «و من سلم الأمور لمالكها، لم يستكبره عن أمره كما استكبر إبليس عن السجود لآدم (عليه السلام)، و استكبر أكثر الأمم عن طاعة أنبيائهم، فلم ينفعهم التوحيد كما لم ينفع إبليس ذلك السجود الطويل، فإنه سجد سجدة واحدة أربعة آلاف عام، لم يرد بها غير زخرف الدنيا، و التمكين من النظرة. فلذلك لا تنفع الصلاة و الصيام «2» إلا مع الاهتداء إلى سبيل النجاة و طريق الحق، و قد قطع الله عذر عباده بتبيين آياته و إرسال رسله لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، و لم يخل أرضه من عالم تحتاج الخليقة إليه، و متعلم على سبيل نجاة، أولئك هم الأقلون عددا».

سورة الحجر(15): الآيات 41 الي 42 ..... ص : 367

قوله تعالى:

قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ [41- 42]

5871/ [1]-

محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «هذا صراط علي مستقيم».

5872/ [2]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ، قال: «هو- و الله- علي (عليه السلام)، هو- و الله- الميزان و الصراط المستقيم».

5873/ [3]- أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان، في (مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) المائة) قال: الخامس و الثمانون: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام)، قال: «قام عمر بن الخطاب إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: إنك لا تزال تقول لعلي بن أبي طالب: أنت مني بمنزلة هارون من موسى و قد ذكر الله هارون في القرآن و لم يذكر عليا؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): يا غليظ، يا أعرابي، إنك

__________________________________________________

9- الاحتجاج: 247. [.....]

1- الكافي 1: 351/ 63.

2- مختصر بصائر الدرجات: 68.

3- مائة منقبة: 160/ 85.

(1) زاد في المصدر: بيده الشريفة.

(2) في «ط» و المصدر: و الصدقة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 368

ما تسمع الله يقول: هذا صراط علي مستقيم».

5874/ [4]- العياشي: عن أبي جميلة، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أخيه جعفر الصادق (عليه السلام)، عن قوله:

هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ، قال: «هو أمير المؤمنين (عليه السلام)».

5875/ [5]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت: أ رأيت قول الله: إِنَّ عِبادِي

لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ما تفسير هذا؟ قال: «قال الله: إنك لا تملك أن تدخلهم جنة و لا نارا».

5876/ [6]- عن علي بن النعمان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ، قال: «ليس على هذه العصابة خاصة سلطان».

قال: قلت و كيف- جعلت فداك- و فيهم ما فيهم؟ قال: «ليس حيث تذهب، إنما قوله: لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ أن يجيب إليهم الكفر و يبغض إليهم الإيمان».

5877/ [7]- عن أبي بصير، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) و هو يقول: «نحن أهل بيت الرحمة و بيت النعمة و بيت البركة، و نحن في الأرض بنيان، و شيعتنا عرى الإسلام، و ما كانت دعوة إبراهيم (عليه السلام) إلا لنا و لشيعتنا، و لقد استثنى الله إلى يوم القيامة على إبليس، فقال: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ».

5878/ [8]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، إذ دخل عليه أبو بصير و قد حفزه «1» النفس، فلما أخذ مجلسه، قال له أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد، ما هذا النفس العالي؟» و ذكر الحديث إلى أن قال: قال: «يا أبا محمد، لقد ذكركم الله عز و جل في كتابه، فقال: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ و الله، ما أراد بهذا إلا الائمة (عليهم السلام) و شيعتهم».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (فضائل الشيعة» «2».

5879/ [9]- ابن بابويه: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن

النعمان، عن بعض أصحابنا، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ قال: «ليس له على هذه العصابة خاصة سلطان».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 242/ 15.

5- تفسير العيّاشي 2: 242/ 16.

6- تفسير العيّاشي 2: 242/ 17.

7- تفسير العيّاشي 2: 243/ 18.

8- الكافي 8: 33/ 6.

9- معاني الأخبار: 158.

(1) الحفز: الحث و الإعجال. «لسان العرب- حفز- 5: 337».

(2) فضائل الشيعة: 62/ 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 369

قال: قلت: و كيف- جعلت فداك- و فيهم ما فيهم؟ قال: «ليس حيث تذهب، إنما قوله: لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ أن يحبب لهم الكفر، و يبغض لهم الإيمان».

سورة الحجر(15): الآيات 43 الي 44 ..... ص : 369

قوله تعالى:

وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ [43- 44]

5880/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثني محمد بن عبد الله، قال: حدثني علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن الفضيل الزرقي، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: «للنار سبعة أبواب: باب يدخل منه فرعون و هامان و قارون، و باب يدخل منه المشركون و الكفار ممن لم يؤمن بالله طرفة عين، و باب يدخل منه بنو امية، هو لهم خاصة لا يزاحمهم فيه أحد، و هو باب لظى، و هو باب سقر، و هو باب الهاوية، تهوي بهم سبعين خريفا، فكلما فارت بهم فورة، قذف بهم في أعلاها سبعين خريفا «1»، فلا يزالون هكذا أبدا خالدين مخلدين، و باب يدخل منه مبغضونا و محاربونا و خاذلونا، و

إنه لأعظم الأبواب و أشدها حرا».

قال محمد بن الفضيل الزرقي: فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الباب الذي ذكرته- عن أبيك عن جدك (عليهما السلام)- أنه يدخل منه بنو امية، يدخل منه من مات منهم على الشرك، أو من أدرك منهم الإسلام؟ فقال:

«لا ام لك، ألم تسمعه يقول: و باب يدخل منه المشركون و الكفار، فهذا الباب يدخل منه كل مشرك و كل كافر لا يؤمن بيوم الحساب، و هذا الباب الآخر يدخل منه بنو امية لأنه هو لأبي سفيان و معاوية و آل مروان خاصة، يدخلون من ذلك الباب، فتحطبهم النار حطبا «2»، لا تسمع لهم فيها واعية، و لا يحيون فيها و لا يموتون».

5881/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال:

حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن الفضيل الزرقي، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، قال: «إن للجنة ثمانية أبواب: باب يدخل منه النبيون و الصديقون، و باب يدخل منه الشهداء و الصالحون، و خمسة أبواب يدخل منها شيعتنا و محبونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو و أقول: رب سلم شيعتي و محبي و أنصاري، و من تولاني في دار

__________________________________________________

1- الخصال: 361/ 51. [.....]

2- الخصال: 407/ 6.

(1) في المصدر زيادة: ثمّ تهوي بهم كذلك سبعين خريفا.

(2) في المصدر: فتحطمهم النار حطما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 370

الدنيا فإذا النداء من بطنان العرش: قد أجبت دعوتك، و شفعتك في شيعتك و يشفع كل رجل من شيعتي، و من

تولاني و نصرني، و حارب من حاربني بفعل أو قول، في سبعين ألفا من جيرانه و أقربائه. و باب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله، و لم يكن في قلبه مثقال «1» ذرة من بغضنا أهل البيت».

5882/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: «يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب: بابها الأول للظالم و هو زريق، و بابها الثاني لحبتر، و الباب الثالث للثالث، و الرابع لمعاوية، و الباب الخامس لعبد الملك، و الباب السادس لعسكر بن هوسر، و الباب السابع لأبي سلامة، فهم أبواب لمن تبعهم».

5883/ [4]- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سأله رجل، عن الجزء و جزء الشي ء.

فقال: «من سبعة»، إن الله يقول: لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ».

5884/ [5]- عن إسماعيل بن همام الكوفي، قال: قال الرضا (عليه السلام) في رجل أوصى بجزء من ماله. فقال:

«جزء من سبعة، إن الله يقول في كتابه: لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ».

5885/ [6]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية قال: يدخل في كل باب أهل مذهب «2»، و للجنة ثمانية أبواب.

5886/ [7]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ «فوقوفهم على الصراط».

و أما: لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ فبلغني- و الله أعلم- أن الله جعلها سبع درجات، أعلاها الجحيم، يقوم أهلها على الصفا منها، تغلي أدمغتهم فيها كغلي القدور بما فيها.

و الثانية: لظى: نَزَّاعَةً لِلشَّوى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلَّى وَ جَمَعَ فَأَوْعى «3».

و الثالثة: سقر لا تُبْقِي

وَ لا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ «4».

و الرابعة: الحطمة تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ «5» تذر كل من صار إليها مثل الكحل، فلا تموت الروح، كلما صاروا مثل الكحل عادوا.

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 243/ 19.

4- تفسير العيّاشي 2: 243/ 20.

5- تفسير العيّاشي 2: 244/ 21.

6- تفسير القمّي 1: 376.

7- تفسير القمّي 1: 376.

(1) في المصدر: مقدار.

(2) في المصدر: ملّة.

(3) المعارج 70: 16- 18.

(4) المدثر 74: 28- 30.

(5) المرسلات 77: 32 و 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 371

و الخامسة: الهاوية، فيها مالك، و يدعون: يا مالك، أغثنا فإذا أغاثهم جعل لهم آنية «1» من صفر من نار، فيها صديد: ماء يسيل من جلودهم- كأنه مهل «2»، فإذا رفعوه ليشربوا منه، تساقط لحم وجوههم فيها من شدة حرها، و هو قول الله: وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَ ساءَتْ مُرْتَفَقاً «3» و من هوى فيها هوى سبعين عاما في النار، كلما احترق جلده، بدل جلدا غيره.

و السادسة: السعير، فيها ثلاثمائة سرادق من نار، في كل سرادق ثلاثمائة قصر، ثلاثمائة بيت من نار، في كل بيت ثلاثمائة لون من عذاب النار، فيها حيات من نار، و جوامع من نار، و عقارب من نار، و سلاسل من نار، و أغلال من نار، و هو الذي يقول الله تعالى: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَ أَغْلالًا وَ سَعِيراً «4».

و السابعة: جهنم، و فيها الفلق، و هو جب في جهنم، إذا فتح أسعر النار سعرا، و هو أشد النار عذابا و أما صعود، فجبل من صفر من نار وسط جهنم و أما أثام، فهو واد من صفر مذاب، يجري حول الجبل، فهو أشد

النار عذابا.

5887/ [8]- ابن طاوس في (الدروع الواقية)، قال: في كتاب (زهد النبي (صلى الله عليه و آله)) لأبي محمد جعفر بن أحمد القمي، قال: إنه لما نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه و آله) وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ بكى النبي (صلى الله عليه و آله) بكاء شديدا، و بكى أصحابه لبكائه، فلم يدروا ما نزل به جبرئيل (عليه السلام)، و لم يستطع أحد من أصحابه أن يكلمه. و كان النبي (صلى الله عليه و آله) إذا رأى فاطمة (عليها السلام) فرح بها، فانطلق بعض أصحابه إلى باب بيتها، فوجد بين يديها شعيرا و هي تطحن فيه، و تقول: وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى «5» فسلم عليها، و أخبرها بخبر النبي (صلى الله عليه و آله) و بكائه، فنهضت و التفت بشملة «6» لها خلق «7»، قد خيطت في اثني عشر مكانا بسعف النخل. فلما خرجت نظر سلمان الفارسي إلى الشملة و بكى، و قال: وا حزناه، إن قيصر و كسرى في الحرير و السندس، و ابنة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليها شملة صوف خلق قد خيطت في اثني عشر مكانا! فلما دخلت فاطمة (عليها السلام) على النبي (صلى الله عليه و آله)، قالت: «يا رسول الله، إن سلمان تعجب من لباسي، فو الذي بعثك بالحق نبيا، ما لي و لعلي منذ خمس سنين إلا مسك «8» كبش نعلف عليه بالنهار بعيرنا، فإذا كان الليل

__________________________________________________

8- الدروع الواقية: 58 «مخطوط». [.....]

(1) في «س» و «ط»: نسخة بدل: أكنّة.

(2) المهل: ما ذاب من صفر أو حديد، و ضرب من القطران.

«لسان العرب- مهل- 11: 633».

(3) الكهف 18: 29.

(4) الإنسان 76: 4.

(5) القصص 28: 60.

(6) الشّملة: كساء من صوف أو شعر. «المعجم الوسيط- شمل- 1: 495».

(7) الخلق: البالي من الثياب و الجلد و غيرهما. «المعجم الوسيط- خلق- 1: 252».

(8) المسك: الجلد. «المعجم الوسيط- مسك- 2: 869».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 372

افترشناه، و إن مرفقتنا «1» لمن أدم حشوها ليف». فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يا سلمان، إن ابنتي لفي الخيل السبق».

ثم قالت: «يا أبت- فدتك نفسي- ما الذي أبكاك؟». فذكر لها ما نزل به جبرئيل (عليه السلام) من الآيتين المتقدمتين. قال: فسقطت فاطمة (عليها السلام) على وجهها، و هي تقول: «الويل ثم الويل لمن دخل النار». فسمع سلمان، فقال: يا ليتني كنت كبشا لأهلي، فأكلوا لحمي و مزقوا جلدي، و لم أسمع بذكر النار.

و قال أبو ذر: يا ليت امي كانت عاقرا و لم تلدني، و لم أسمع بذكر النار، و قال عمار: يا ليتني كنت طائرا أطير في القفار، و لم يكن علي حساب و لا عقاب، و لم أسمع بذكر النار.

و قال علي (عليه السلام): «يا ليت السباع مزقت «2» لحمي، و ليت امي لم تلدني، و لم أسمع بذكر النار» ثم وضع علي (عليه السلام) يده على رأسه و جعل يبكي، و يقول: وا بعد سفراه، وا قلة زاداه، في سفر القيامة يذهبون، و في النار يترددون، و بكلاليب النار يتخطفون، مرضى لا يعاد سقيمهم، و جرحى لا يداوى جريحهم، و أسرى لا يفك أسيرهم. من النار يأكلون، و منها يشربون، و بين أطباقها يتقلبون، و بعد لبس القطن و الكتان مقطعات النيران يلبسون، و بعد معانقة الأزواج مع الشياطين

مقرنون».

سورة الحجر(15): آية 47 ..... ص : 372

قوله تعالى:

وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ [47] 5888/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: العداوة.

5889/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير- و ذكر حديثا- قال له: «يا أبا محمد، لقد ذكركم الله في كتابه، فقال: إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ و الله، ما أراد بهذا غيركم».

و رواه ابن بابويه في كتاب (فضائل الشيعة) «3».

5890/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «خرجت أنا و أبي، حتى إذا كنا بين القبر و المنبر، إذا هو بأناس من الشيعة، فسلم عليهم،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 377.

2- الكافي 8: 35.

3- الكافي 8: 212/ 259.

(1) المرفقة: المتّكأ و المخدّة. «أقرب الموارد- رفق- 1: 420».

(2) في «ط» و المصدر: فرّقت.

(3) فضائل الشيعة: 61/ 18. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 373

ثم قال: إني- و الله- لأحب أرياحكم و أرواحكم، فأعينوني على ذلك بورع و اجتهاد، و اعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالورع و الاجتهاد. و من ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله، أنتم شيعة الله، و أنتم أنصار الله، و أنتم السابقون الأولون، و السابقون الآخرون، و السابقون في الدنيا، و السابقون في الآخرة إلى الجنة، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله عز و جل، و ضمان رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و الله، ما على درجة الجنة أكثر أرواحا منكم، فتنافسوا في فضائل الدرجات، أنتم الطيبون، و نساؤكم الطيبات، كل

مؤمنة حوراء عيناء، و كل مؤمن صديق، و لقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقنبر: يا قنبر، أبشر و بشر و استبشر، فو الله لقد مات رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو على أمته ساخط إلا الشيعة.

ألا و إن لكل شي ء عزا، و عز الإسلام الشيعة، ألا و إن لكل شي ء دعامة، و دعامة الإسلام الشيعة، ألا و إن لكل شي ء ذروة، و ذروة الإسلام الشيعة،. لا و إن لكل شي ء شرفا، و شرف الإسلام الشيعة، ألا و إن لكل شي ء سيدا، و سيد المجالس مجلس الشيعة، ألا و إن لكل شي ء إماما، و إمام الأرض أرض تسكنها الشيعة. و الله، لولا ما في الأرض منكم، ما رأيت بعين عشبا أبدا. و الله، لو لا ما في الأرض منكم، ما أنعم الله على أهل خلافكم، و لا أصابوا الطيبات، ما لهم في الدنيا و لا لهم في الآخرة من نصيب، كل ناصب و إن تعبد و اجتهد منسوب إلى هذه الآية عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً «1» فكل ناصب مجتهد فعمله هباء، شيعتنا ينطقون بنور «2» الله عز و جل، و من يخالفهم ينطقون بتفلت «3».

و الله، ما عن عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله عز و جل روحه إلى السماء، فيبارك عليها، فإن كان قد أتى عليها أجلها، جعلها في كنوز من رحمته، و في رياض جنته، و في ظل عرشه، و إن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة، ليردوها إلى الجسد الذي خرجت منه، لتسكن فيه- و الله- إن حاجكم و عماركم لخاصة الله عز و جل، و إن فقراءكم لأهل الغنى، و إن أغنياءكم لأهل

القناعة، و إنكم كلكم لأهل دعوته، و أهل إجابته».

5891/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله، و زاد فيه: «ألا و أن لكل شي ء جواهرا، و جوهر ولد آدم محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن، و شيعتنا بعدنا. حبذا شيعتنا ما أقربهم من عرش الله عز و جل و أحسن صنع الله إليهم يوم القيامة.

و الله- لولا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو، لسلمت عليهم الملائكة قبلا. و الله ما من عبد من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائما إلا و له بكل حرف مائة حسنة، و لا قرأ في صلاته جالسا إلا و له بكل حرف خمسون حسنة، و لا في غير صلاة إلا و له بكل حرف عشر حسنات، و إن للصامت من شيعتنا لأجر من قرأ القرآن ممن

__________________________________________________

4- الكافي 8: 214/ 260.

(1) الغاشية 88: 3 و 4.

(2) في «ط»: بأمر.

(3) في «ط»: بتغلّب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 374

خالفه. أنتم- و الله- على فرشكم نيام، لكم أجر المجاهدين، و أنتم- و الله- في صلاتكم لكم أجر الصافين في سبيله، و أنتم- و الله- الذين قال الله عز و جل: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ إنما شيعتنا أصحاب الأربعة أعين عينين في الرأس، و عينين في القلب، ألا و الخلائق كلهم كذلك، ألا إن الله عز و جل فتح أبصاركم، و أعمى أبصارهم».

5892/ [5]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد

الله (عليه السلام) في قوله: إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ.

قال: «و الله ما عنى غيركم».

5893/ [6]- عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «أنتم- و الله- الذين قال الله: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ إنما شيعتنا أصحاب الأربعة أعين: عينين في الرأس، و عينين في القلب، ألا و الخلائق كلهم كذلك، إلا أن الله فتح أبصاركم و أعمى أبصارهم».

5894/ [7]- عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ليس منكم رجل و لا امرأة إلا و ملائكة الله يأتونه بالسلام، و أنتم الذين قال الله: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ».

5895/ [8]- و من طريق المخالفين، ما نقله أبو نعيم الحافظ، عن رجاله، عن أبي هريرة، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «يا رسول الله، أيما أحب إليك، أنا أم فاطمة؟ قال: فاطمة أحب إلي منك، و أنت أعز علي منها.

و قال: و كأني بك و أنت على حوضي تذود عنه الناس، و إن عليه أباريق عدد نجوم السماء، و إني و أنت و الحسن و الحسين و حمزة و جعفر في الجنة: إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ و أنت معي و شيعتك، ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ لا ينظر أحدكم في قفا صاحبه».

5896/ [9]- أحمد بن حنبل في (مسنده): يرفعه إلى زيد بن أبي أوفى، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجده، فذكر قصة مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين

أصحابه، فقال علي (عليه السلام) له- يعني لرسول الله (صلى الله عليه و آله):: «لقد ذهبت روحي و انقطع ظهري حين رأيتك فعلت، بأصحابك ما فعلت، غيري، فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبى و الكرامة». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «و الذي بعثني بالحق نبيا، ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، و أنت أخي و وارثي».

قال: «و ما أرث منك يا رسول الله؟» قال: «ما أورث الأنبياء قبلي». قال: «ما أورث الأنبياء قبلك؟» قال: «كتاب الله و سنة نبيهم و أنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة، و أنت أخي و رفيقي» ثم تلا رسول

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 244/ 22.

6- تفسير العيّاشي 2: 244/ 23.

7- تفسير العيّاشي 2: 244/ 24.

8- ... مجمع الزوائد 9: 173.

9- ... فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل 2: 638/ 1085، فرائد السمطين 1: 115/ 80 و 1: 121/ 83، ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب من تاريخ ابن عساكر 1: 123/ 138.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 375

الله (صلى الله عليه و آله): إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ، «المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض».

5897/ [10]- ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) يرفعه إلى زيد بن أرقم، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «إني مؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة». ثم قال لعلي: «أنت أخي و رفيقي». ثم تلا هذه الآية إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ «الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض».

سورة الحجر(15): الآيات 48 الي 72 ..... ص : 375

قوله تعالى:

لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ- إلى قوله تعالى- لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [48-

72] 5898/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ أي تعب و عناء قوله تعالى: نَبِّئْ عِبادِي أي أخبرهم أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ وَ نَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ فقد كتبنا خبرهم في سورة هود (عليه السلام) «1» و نزيد هنا من طريق العياشي «2».

5899/ [2]- علي بن إبراهيم: و قوله تعالى: وَ قَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أي أعلمناه أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ يعني قوم لوط مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ و قوله: لَعَمْرُكَ أي و حياتك يا محمد إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ فهذه فضيلة لرسول الله (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء.

5900/ [3]- العياشي: عن محمد بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن سارة قالت لإبراهيم (عليه السلام):

قد كبرت، فلو دعوت الله أن يرزقك ولدا فتقر أعيننا، فإن الله قد اتخذك خليلا، و هو مجيب دعوتك إن شاء الله، فسأل إبراهيم (عليه السلام) ربه أن يرزقه غلاما عليما «3». فأوحى الله إليه: أني واهب لك غلاما حليما، ثم أبلوك فيه بالطاعة لي- قال أبو عبد الله (عليه السلام):- فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين، ثم جاءته البشارة من الله بإسماعيل مرة اخرى بعد ثلاث سنين».

__________________________________________________

10- ... العمدة لابن بطريق: 170/ 263، تحفة الأبرار: 87.

1- تفسير القمّي 1: 377.

2- تفسير القمّي 1: 377.

3- تفسير العيّاشي 2: 244/ 25.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (69- 83) من سورة هود. [.....]

(2) الحديث (3، 4) من تفسير هذه الآيات.

(3) في المصدر: حليما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 376

5901/ [4]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: أصلحك الله، أ كان رسول الله (صلى الله

عليه و آله) يتعوذ من البخل؟ قال: «نعم- يا أبا محمد- في كل صباح و مساء، و نحن نعوذ بالله من البخل، إن الله يقول في كتابه:

وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1» و سأنبئك عن عاقبة البخل، إن قوم لوط كانوا أهل قرية بخلاء أشحاء على الطعام، فأعقبهم الله داء لا دواء له في فروجهم».

قلت: و ما أعقبهم؟ قال: «إن قرية قوم لوط كانت على طريق السيارة إلى الشام و مصر، فكانت المارة تنزل بهم فيضيفونهم، فلما أن كثر ذلك عليهم، ضاقوا بهم ذرعا و بخلا و لؤما، فدعاهم البخل إلى أن كان إذا نزل بهم الضيف فضحوه من غير شهوة بهم إلى ذلك، و إنما كانوا يفعلون ذلك بالضيف حتى تنكل النازعة عنهم، فشاع أمرهم في القرى، و حذرتهم المارة، فأورثهم البخل بلاء لا يدفعونه عن أنفسهم، من غير شهوة لهم إلى ذلك «2»، حتى صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد، و يعطونهم عليه الجعل، فأي داء أعدى من البخل، و لا أضر عاقبة، و لا أفحش عند الله».

قال أبو بصير، فقلت له: أصلحك الله، هل كان أهل قرية لوط كلهم هكذا مبتلين؟ قال: «نعم، إلا أهل بيت من المسلمين، أما تسمع لقوله: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ «3»».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن لوطا لبث مع قومه ثلاثين سنة، يدعوهم إلى الله و يحذرهم عقابه- قال- و كانوا قوما لا يتنظفون من الغائط، و لا يتطهرون من الجنابة، و كان لوط و آله يتنظفون من الغائط، و يتطهرون من الجنابة، و كان لوط ابن خالة إبراهيم، و إبراهيم ابن خالة لوط

(عليهما السلام)، و كانت امرأة إبراهيم (عليه السلام) سارة اخت لوط (عليه السلام)، و كان إبراهيم و لوط (عليهما السلام) نبيين مرسلين منذرين، و كان لوط (عليه السلام) رجلا سخيا كريما يقري الضيف إذا نزل به و يحذره قومه- قال- فلما رأى قوم لوط ذلك، قالوا: إنا ننهاك عن العالمين، لا تقر ضيفا نزل بك، فإنك إن فعلت فضحنا ضيفك، و أخزيناك فيه. و كان لوط (عليه السلام) إذا نزل به الضيف كتم أمره، مخافة أن يفضحه قومه، و ذلك أن لوطا (عليه السلام) كان فيهم لا عشيرة له- قال- و إن لوطا و إبراهيم (عليهما السلام) يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط، و كانت لإبراهيم و لوط (عليهما السلام) منزلة من الله شريفة، و إن الله تبارك و تعالى كان إذا هم بعذاب قوم لوط، أدركته فيهم مودة إبراهيم (عليه السلام) و خلته، و محبة لوط (عليه السلام)، فيراقبهم فيه فيؤخر عذابهم».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فلما اشتد أسف الله تعالى «4» على قوم لوط و قدر عذابهم و قضاه، أحب أن يعوض إبراهيم (عليه السلام) من عذاب قوم لوط بغلام حليم، فيسلي به مصابه بهلاك قوم لوط، فبعث الله رسلا إلى

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 244/ 26.

(1) الحشر 59: 9، التغابن 64: 16.

(2) في «ط، س» و المصدر: في شهوة بهم إليه. و ما أثبتناه من بحار الأنوار 12: 147/ 1، علل الشرايع: 549/ 4.

(3) الذاريات 51: 35 و 36.

(4) أي غضبه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 377

إبراهيم (عليه السلام) يبشرونه بإسماعيل، فدخلوا عليه ليلا، ففزع منهم، و خاف أن يكونوا سراقا، فلما أن رأته الرسل فزعا وجلا قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ «1»، قالَ

إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ» قال أبو جعفر (عليه السلام): «و الغلام العليم هو إسماعيل من هاجر، فقال إبراهيم للرسل: أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ فقال إبراهيم (عليه السلام) للرسل: فَما خَطْبُكُمْ؟ بعد البشارة قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ قوم لوط، إنهم كانوا قوما فاسقين، لننذرهم عذاب رب العالمين، قال أبو جعفر (عليه السلام): «فقال إبراهيم (عليه السلام) للرسل: إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ «2» قال: فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ يقول: من عذاب الله، لتنذر قومك العذاب فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ- يا لوط- إذا مضى من يومك هذا سبعة أيام بلياليها بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ [إذا مضى نصف الليل «3» وَ لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ «4».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فقضوا إلى لوط ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ- قال أبو جعفر (عليه السلام)- فلما كان اليوم الثامن مع طلوع الفجر، قدم الله رسلا إلى إبراهيم (عليه السلام) يبشرونه بإسحاق، و يعزونه بهلاك قوم لوط، و ذلك قول الله في سورة هود: وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ «5» يعني ذكيا مشويا نضيجا فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ «6»- قال أبو جعفر (عليه السلام)- إنما عنى امرأة إبراهيم (عليه السلام) سارة قائمة فبشروها بِإِسْحاقَ

وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قالَتْ يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إلى قوله: إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ «7»».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فلما أن جاءت البشارة بإسحاق ذهب عنه الروع، و أقبل يناجي ربه في قوم لوط، و يسأله كشف العذاب عنهم، قال الله: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ «8» بعد طلوع الشمس من يومك هذا، محتوم غير مردود».

قلت: سيأتي هذا الحديث- إنشاء الله تعالى- مسندا من طريق ابن بابويه، في سورة الذاريات «9».

__________________________________________________

(1) هود 11: 69.

(2) العنكبوت 29: 32.

(3) أثبتناه من علل الشرايع: 549/ 4، و بحار الأنوار 12: 149/ 1.

(4) هود 11: 81.

(5) هود 11: 69.

(6) هود 11: 70 و 71.

(7) هود 11: 71- 73. [.....]

(8) هود 11: 76.

(9) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآيات (24- 47) من سورة الذاريات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 378

5902/ [5]- عن صفوان الجمال، قال: صليت خلف أبي عبد الله (عليه السلام) فأطرق، ثم قال: «اللهم لا تقنطني من رحمتك، ثم جهر، فقال: وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ».

سورة الحجر(15): الآيات 75 الي 76 ..... ص : 378

قوله تعالى:

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ [75- 76]

5903/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن ابن أبي عمير، عن أسباط بياع الزطي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله رجل عن قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ، قال: فقال: «نحن المتوسمون، و السبيل فينا مقيم».

5904/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب،

عن يحيى بن إبراهيم، قال: حدثني أسباط بن سالم، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل من أهل هيت، فقال له: أصلحك الله، ما تقول في قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ، قال: «نحن المتوسمون، و السبيل فينا مقيم».

5905/ [3]- و عنه: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ.

قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله عز و جل في قول الله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ».

و روى محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «1».

و رواه أيضا المفيد في (الاختصاص) «2» بالسند و المتن.

5906/ [4]- و عنه: عن أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الإمام، فوض الله إليه كما فوض إلى

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 247/ 27.

1- في المصدر: 1: 169/ 1.

2- الكافي 1: 170/ 2.

3- الكافي 1: 170/ 3.

4- الكافي 1: 364/ 3.

(1) بصائر الدرجات: 375/ 4.

(2) الاختصاص: 307.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 379

سليمان بن داود؟ فقال: «نعم، و ذلك أن رجلا سأله عن مسألة، فأجابه فيها، و سأله آخر عن تلك المسألة، فأجابه

بغير جواب الأول، ثم سأله آخر عنها، فأجابه بغير جواب الأولين، ثم قال: (هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب) «1» و هكذا [هي في قراءة علي (عليه السلام)».

قال: قلت: أصلحك الله، فحين أجابهم بهذا الجواب، يعرفهم الإمام؟ قال: «سبحان الله، ألم تسمع الله يقول:

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ؟ و هم الأئمة، و إنها لبسبيل مقيم لا يخرج منها أبدا- ثم قال- نعم، إن الإمام إذا أبصر إلى الرجل عرفه و عرف لونه، و إن سمع كلامه من خلف حائط عرفه و عرف ما هو، إن الله تعالى يقول:

وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ «2» و هم العلماء، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلا عرفه، ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم».

و روى الصفار هذا الحديث في (بصائر الدرجات): بالإسناد عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في عدة مواضع من الكتاب «3».

5907/ [5]- محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني سندي بن الربيع، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي ابن رئاب، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ليس مخلوق إلا و بين عينيه مكتوب: مؤمن أو كافر و ذلك محجوب عنكم، و ليس بمحجوب عن الأئمة من آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)، ثم ليس يدخل عليهم أحد إلا عرفوه مؤمن هو أو كافر» ثم تلا هذه الآية: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ «فهم المتوسمون».

5908/ [6]- عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم، و الحسن بن البراء، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال: حججت مع أبي

عبد الله (عليه السلام) فلما صرنا في بعض الطريق صعد على جبل، فأشرف ينظر إلى الناس، فقال: «ما أكثر الضجيج و أقل الحجيج!». فقال له داود الرقي: يا بن رسول الله، هل يستجيب الله دعاء هذا الجمع الذي أرى؟ قال: «ويحك- يا أبا سليمان- إن الله لا يغفر أن يشرك به، إن الجاحد لولاية علي (عليه السلام) كعابد وثن».

قلت: جعلت فداك، هل تعرفون محبيكم و مبغضيكم؟ قال: «ويحك- يا أبا سليمان- إنه ليس من عبد يولد إلا كتب بين عينيه: مؤمن أو كافر [و إن الرجل ليدخل إلينا بولايتنا و بالبراءة من أعدائنا، فنرى مكتوبا بين عينيه:

مؤمن أو كافر قال الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ نعرف عدونا من ولينا».

5909/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني

__________________________________________________

5- بصائر الدرجات: 374/ 1.

6- بصائر الدرجات: 378/ 15.

7- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 200/ 1.

(1) سورة ص 38: 39 و هي في المصحف الشريف: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ.

(2) الروم 30: 22. [.....]

(3) بصائر الدرجات: 381/ 1 و 407/ 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 380

أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون يوما و عنده علي بن موسى الرضا (عليه السلام) و قد اجتمع الفقهاء، و أهل الكلام من الفرق المختلفة، فسأله بعضهم، فقال له: يا ابن رسول الله، بأي شي ء تصح الإمامة لمدعيها؟ قال: «بالنص و الدليل».

قال له: فدلالة الإمام فيما هي؟ قال: «في العلم، و استجابة الدعوة».

قال: فما وجه إخباركم بما يكون؟ قال: «ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله (صلى

الله عليه و آله)».

قال: فما وجه إخباركم بما في قلوب الناس؟ قال (عليه السلام) له: «أما بلغك قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله؟». قال: بلى. قال: «فما من مؤمن إلا و له فراسة، ينظر بنور الله على قدر إيمانه، و مبلغ استبصاره و علمه، و قد جمع الله للأئمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين، و قال الله تعالى في كتابه العزيز: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ فأول المتوسمين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم أمير المؤمنين (عليه السلام) من بعده، ثم الحسن و الحسين و الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام) إلى يوم القيامة».

5910/ [8]- و عنه، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدثنا أحمد بن محمد الوراق، قال:

حدثنا بشر بن سعيد بن قيلويه «1» المعدل بالرافقة «2»، قال: حدثنا عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني، قال: سمعت محمد بن حرب الهلالي- أمير المدينة- يقول: سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) فقلت: له: يا بن رسول الله، في نفسي مسألة أريد أن أسألك عنها. فقال: «إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني، و إن شئت فسل».

قال: قلت له: يا بن رسول الله، و بأي شي ء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي؟ فقال: «بالتوسم و التفرس، أما سمعت قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ، و قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله؟!».

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فأخبرني بمسألتي. قال: «أردت أن تسألني عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم لم يطق حمله علي بن أبي

طالب (عليه السلام) عند حط الأصنام عن سطح الكعبة؟» و ساق الحديث إلى أن قال: هذا و الله ما أردت أن أسألك يا بن رسول الله. و الحديث طويل.

5911/ [9]- ابن الفارسي في (روضة الواعظين): قال الصادق (عليه السلام): «إذا قام قائم آل محمد (عليهم السلام) حكم بين الناس بحكم داود (عليه السلام)، لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه، و يخبر كل قوم بما استبطنوه، و يعرف وليه من عدوه بالتوسم، قال الله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ».

__________________________________________________

8- علل الشرائع: 173/ 1.

9- روضة الواعظين: 266.

(1) في المصدر (قلبويه).

(2) الرافقة: بلد متّصل البناء بالرّقّة، و هما على ضفة الفرات، و الرافقة أيضا: من قرى البحرين. «معجم البلدان 3: 15».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 381

5912/ [10]- الشيخ، في (أماليه): عن أبي محمد الفحام، بإسناده، قال: قال الباقر (عليه السلام): «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» ثم تلا هذه الآية: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ.

5913/ [11]- الشيخ المفيد في كتاب (الاختصاص): عن السندي بن الربيع البغدادي، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن علي بن غراب، عن أبي بكر بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «ما من مخلوق إلا و بين عينيه مكتوب: مؤمن أو كافر، و ذلك محجوب عنكم و ليس بمحجوب عن الأئمة من آل محمد (صلوات الله عليهم)، ثم ليس يدخل عليهم أحد إلا عرفوه، مؤمنا أو كافرا» ثم تلا هذه الآية: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ «فهم المتوسمون».

5914/ [12]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و إبراهيم بن هاشم، عن عمرو بن عثمان الخزاز، عن إبراهيم

بن أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة إذ جاءت امرأة مستعدية على زوجها فقضى لزوجها عليها فغضبت، و قالت:

لا و الله ما الحق فيما قضيت، و ما تقضي بالسوية، و لا تعدل في الرعية، و لا قضيتك عند الله بالمرضية- قال- «فنظر إليها مليا، ثم قال: كذبت يا جرية، يا بذية، يا سلفع «1»، يا سلقلقية «2»، يا التي لا تحمل من حيث تحمل النساء».

قال: «فولت المرأة هاربة مولولة و تقول: ويلي ويلي ويلي، لقد هتكت- يا بن أبي طالب- سترا كان مستورا- قال- فلحقها عمرو بن حريث، فقال: يا أمة الله، لقد استقبلت عليا بكلام سررتني به، ثم إنه نزع لك بكلام فوليت عنه هاربة تولولين؟ فقالت: إن عليا- و الله- أخبرني بالحق و بما أكتمه من زوجي منذ و لي عصمتي و من أبوي. فعاد عمرو إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأخبره بما قالت له المرأة، و قال له فيما يقول: ما أعرفك بالكهانة! فقال له علي (عليه السلام): ويلك، إنها ليست بالكهانة مني، و لكن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، فلما ركب الأرواح في أبدانها كتب بين أعينهم: كافر و مؤمن و ما هو مبتلين به، و ما هم عليه من سي ء عملهم و حسنه في قدر اذن الفأرة، ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه (صلى الله عليه و آله) فقال: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) المتوسم، ثم أنا من بعده، و الأئمة من ذريتي هم المتوسمون، فلما تأملتها عرفت ما فيها و ما هي

عليه بسيماها».

و روى هذا الحديث، الصفار في (بصائر الدرجات) «3».

__________________________________________________

10- الأمالي 1: 300.

11- الاختصال: 302.

12- الاختصاص: 302، شواهد التنزيل 1: 323/ 447.

(1) السّلفع: الجريئة السّليطة. «الصحاح- سلفع- 3: 1231».

(2) السّلقلقيّة: المرأة التي تحيض من دبرها. «لسان العرب- سلق- 10: 163».

(3) بصائر الدرجات: 374/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 382

5915/ [13]- الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان و أحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم، و الحسن بن البراء، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال: حججت مع أبي عبد الله (عليه السلام) فأنا معه في بعض الطريق إذ صعد على جبل فنظر إلى الناس، فقال: «ما أكثر الضجيج، و أقل الحجيج!» فقال له داود بن كثير الرقي: يا بن رسول الله، هل يستجيب الله دعاء الجمع الذي أرى؟ فقال: «ويحك- يا أبا سليمان- إن الله لا يغفر أن يشرك به، إن الجاحد لولاية علي (عليه السلام) كعابد وثن».

فقلت له: جعلت فداك هل تعرفون محبيكم من مبغضيكم؟ فقال: «ويحك- يا أبا سليمان- إنه ليس من عبد يولد إلا كتب بين عينيه: مؤمن أو كافر و إن الرجل ليدخل إلينا يتولانا و يتبرأ من عدونا فنرى مكتوبا بين عينيه:

مؤمن، قال الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ فنحن نعرف عدونا من ولينا».

5916/ [14]- يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أسباط بن سالم بياع الزطي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله رجل من أهل هيت «1» عن قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ.

فقال: «نحن المتوسمون، و السبيل فينا مقيم».

5917/ [15]- الحسن بن علي بن المغيرة، عن

عبيس بن هشام، عن عبد الصمد بن بشير، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الإمام، أفوض الله إليه كما فوض إلى سليمان؟ فقال: «نعم، و ذلك أن رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها و سأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأول، ثم سأله آخر عنها فأجابه بغير جواب الأولين، ثم قال: «هذا عطاؤنا فأمسك أو أعط بغير حساب» «2»، و هكذا هي في قراءة علي (عليه السلام)».

قلت: أصلحك الله، حين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الإمام؟ فقال: «سبحان الله، أما تسمع الله يقول في كتابه: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ و هم الأئمة وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ لا تخرج منهم أبدا- ثم قال لي- نعم، إن الإمام إذا نظر إلى الرجل عرفه و عرف ما هو عليه و عرف لونه، و إن سمع كلامه من وراء حائط عرفه و عرف ما هو، إن الله يقول: وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ «3» فهم العلماء، و ليس يسمع شيئا من الألسن تنطق إلا عرفه ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم به».

__________________________________________________

13- الاختصاص: 303.

14- الاختصاص: 303.

15- الاختصاص: 306. [.....]

(1) هيت: بلدة على الفرات فوق الأنبار، و هيت أيضا: من قرى حوران من أعمال دمشق. «معجم البلدان 5: 421».

(2) سورة ص 38: 39 و هي في المصحف الشريف: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ.

(3) الروم 30: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 383

5918/ [16]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ، قال: «هم الأئمة. قال

رسول الله (صلى الله عليه و آله): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله، لقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ».

5919/ [17]- عن أسباط بن سالم قال: سأل رجل من أهل هيت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ، قال: «نحن المتوسمون و السبيل فينا مقيم».

5920/ [18]- عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، رفعه في قوله: لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ، قال: «هم آل محمد الأوصياء (عليهم السلام)».

5921/ [19]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إن في الإمام آية للمتوسمين، و هو السبيل المقيم، ينظر بنور الله و ينطق عن الله، لا يعزب عنه شي ء مما أراد».

5922/ [20]- عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «بينما أمير المؤمنين (عليه السلام) جالس في مسجد الكوفة قد احتبى «1» بسيفه، و القى برنسه «2» وراء ظهره إذ أتته امرأة مستعدية على زوجها، فقضى للزوج على المرأة، فغضبت، فقالت: لا و الله ما هو كما قضيت، لا و الله ما تقضي بالسوية، و لا تعدل في الرعية، و لا قضيتك عند الله بالمرضية- قال- فنظر إليها أمير المؤمنين (عليه السلام) فتأملها، ثم قال لها: كذبت يا جرية، يا بذية، يا سلسع، يا سلفع يا التي تحيض من حيث لا تحيض النساء».

قال: «فولت هاربة، و هي تولول و تقول: يا ويلي يا ويلي يا ويلي ثلاثا- قال- فلحقها عمرو بن حريث، فقال لها: يا أمة الله، أسألك؟ فقالت: ما للرجال و النساء في الطرقات؟ فقال: إنك استقبلت أمير المؤمنين عليا بكلام سررتني به، ثم قرعك «3» أمير المؤمنين بكلمة فوليت مولولة؟ فقالت: إن ابن أبي طالب-

و الله- استقبلني فأخبرني بما هو في، و بما كتمته من بعلي منذ و لي عصمتي، لا و الله ما رأيت طمثا قط من حيث تراه النساء- قال- فرجع عمرو بن حريث إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: و الله يا أمير المؤمنين، ما نعرفك بالكهانة؟ فقال له: و ما ذلك يا بن حريث؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، إن هذه المرأة ذكرت أنك أخبرتها بما هو فيها، و أنها لم تر طمثا قط من حيث تراه النساء. فقال له: ويلك- يا بن حريث- إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، و ركب

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 2: 247/ 28.

17- تفسير العيّاشي 2: 247/ 29.

18- تفسير العيّاشي 2: 247/ 30.

19- تفسير العيّاشي 2: 248/ 31.

20- تفسير العيّاشي 2: 248/ 32.

(1) الاحيباء: ضمّ الساقين إلى البطن بالثوب أو اليدين. «مجمع البحرين- حبا- 1: 94».

(2) البرنس: قلنسوة طويلة، و كان النسّاك يلبسونها في صدر الإسلام. «الصحاح- برنس- 3: 908».

(3) في «ط»: فزعك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 384

الأرواح في الأبدان، فكتب بين أعينها: كافر و مؤمن. و ما هي مبتلاه به إلى يوم القيامة، ثم أنزل بذلك قرآنا على محمد (صلى الله عليه و آله)، فقال: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) المتوسم، ثم أنا من بعده، ثم الأوصياء من ذريتي من بعدي، إني لما رأيتها تأملتها، فأخبرتها بما هو فيها، و لم أكذب».

5923/ [21]- شرف الدين النجفي، قال: روى الفضل بن شاذان (رحمه الله) بإسناده عن رجاله، عن عمار بن أبي مطروف، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «ما من أحد إلا

و مكتوب بين عينيه: مؤمن أو كافر.

محجوبة «1» عن الخلائق إلا الأئمة و الأوصياء، فليس بمحجوب عنهم» ثم تلا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ثم قال: «نحن المتوسمون، و ليس- و الله- أحد يدخل علينا إلا عرفناه بتلك السمة».

5924/ [22]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية قال: قال: «نحن المتوسمون، و السبيل فينا مقيم، و السبيل:

طريق الجنة».

سورة الحجر(15): آية 78 ..... ص : 384

قوله تعالى:

وَ إِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ [78] 5925/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ يعني: أصحاب الغيضة «2»، و هم قوم شعيب لَظالِمِينَ.

سورة الحجر(15): آية 80 ..... ص : 384

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ [80] 5926/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: كان لقريتهم ماء، و هي الحجر التي ذكرها الله في كتابه في قوله تعالى:

وَ لَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ.

__________________________________________________

21- تأويل الآيات 1: 251/ 10.

22- تفسير القمّي 1: 377.

1- تفسير القمّي 1: 377. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 331.

(1) في المصدر: محجوب.

(2) الغيضة: الأجمة، و هي مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر. «الصحاح- غيض- 3: 1097».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 385

و قد تقدمت قصة قوم صالح في سورة هود «1».

سورة الحجر(15): آية 85 ..... ص : 385

قوله تعالى:

فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [85]

5927/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: قال الرضا (عليه السلام) في قول الله عز و جل فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ، قال: «العفو من غير عتاب».

سورة الحجر(15): آية 87 ..... ص : 385

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [87]

5928/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن العباس، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن السبع المثاني و القرآن العظيم، هي فاتحة الكتاب؟ قال: «نعم».

قلت: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من السبع؟ قال: «نعم، هي أفضلهن».

5929/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه)، قال حدثني يوسف بن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار، عن أبيهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه، محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) أنه قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية من فاتحة الكتاب، و هي سبع آيات تمامها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: إن الله تعالى قال لي: يا محمد وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب، و جعلها بإزاء القرآن العظيم».

5930/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن محمد بن

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 373/ 1.

2- التهذيب 2: 289/ 1157.

3-

عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 301/ 60.

4- تفسير القمّي 1: 377.

(1) تقدّمت في الحديثين (3 و 4) من تفسير الآية (61) من سورة هود.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 386

سنان، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نحن المثاني التي أعطاها الله تعالى نبينا، و نحن وجه الله تعالى، نتقلب في الأرض بين أظهركم، من عرفنا فأمامه اليقين، و من جهلنا فأمامه السعير».

5931/ [4]- العياشي: عن سورة بن كليب، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «نحن المثاني التي اعطي نبينا (صلى الله عليه و آله)».

5932/ [5]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته، عن قوله تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي.

قال: «فاتحة الكتاب يثنى فيها القول».

5933/ [6]- عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: «إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني و سورة اخرى، و صل ركعتين و ادع الله».

قلت: أصلحك الله، و ما المثاني؟ قال: «فاتحة الكتاب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «1»».

5934/ [7]- عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «نحن المثاني التي اعطي نبينا، و نحن وجه الله تعالى في الأرض نتقلب بين أظهركم، من عرفنا فأمامه اليقين، و من أنكرنا فأمامه السعير».

5935/ [8]- عن يونس بن عبد الرحمن، عمن ذكره، رفعه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله:

وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، قال: «إن ظاهرها الحمد، و باطنها ولد الولد، و السابع منها القائم (عليه السلام)».

5936/ [9]- قال حسان العامري: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ

الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، قال: «ليس هكذا تنزيلها «2»، إنما هي وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي نحن هم وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ولد الولد».

5937/ [10]- عن القاسم بن عروة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، قال: «سبعة أئمة و القائم».

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 249/ 33.

5- تفسير العيّاشي 2: 249/ 34.

6-- تفسير العيّاشي 2: 249/ 25.

7- تفسير العيّاشي 2: 249/ 36.

8- تفسير العيّاشي 2: 250/ 37.

9- تفسير العيّاشي 2: 250/ 38. [.....]

10- تفسير العيّاشي 2: 250/ 39.

(1) الفاتحة 1: 1 و 2.

(2) أي ليس معناها ظننت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 387

5938/ [11]- عن السدي، عمن سمع عليا (عليه السلام) يقول: «سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي فاتحة الكتاب».

5939/ [12]- عن سماعة، قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، قال: «لم يعط الأنبياء إلا محمد، و هم السبعة الأئمة الذين يدور عليهم الفلك، و القرآن العظيم:

محمد (صلى الله عليه و آله)».

سورة الحجر(15): آية 88 ..... ص : 387

قوله تعالى:

لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [88]

5940/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما نزلت هذه الآية لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، و من رمى ببصره إلى ما في يدي غيره كثر همه، و

لم يشف غيظه، و من لم يعلم أن لله عليه نعمة، لا في مطعم و لا في مشرب و لا في ملبس «1»، فقد قصر عمله و دنا عذابه، و من أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا، و من شكا مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه، و من دخل النار من هذه الامة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا، و من أتى ذا ميسرة فتخشع له طلبا لما في يديه ذهب ثلثا دينه. ثم قال: و لا تعجل، و ليس يكون الرجل ينال «2» من الرجل الرفق فيبجله و يوقره، فقد يجب ذلك له عليه، و لكن تراه أنه يريد بتخشعه ما عند الله، و يريد أن يحيله «3» عما في يديه».

5941/ [2]- العياشي: عن حماد، عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ.

قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نزل به ضيقة، [فاستسلف من يهودي فقال اليهودي: و الله ما لمحمد ثاغية

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 251/ 40.

12- تفسير العيّاشي 2: 251/ 41.

1- تفسير القمّي 1: 381.

2- تفسير العيّاشي 2: 251/ 42.

(1) في البحار 73: 89. إلّا في مطعم أو ملبس.

(2) في المصدر: و «ط»: يسأل.

(3) في «ط» نسخة بدل: يخليه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 388

و لا راغية «1»، فعلام أسلفه؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني لأمين الله في سمائه و أرضه، و لو ائتمنني على شي ء لأديته إليه- قال- فبعث بدرقة «2» له، فرهنها عنده، فنزلت عليه وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا

«3»».

5942/ [3]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر، عن درست، عن إسحاق بن عمار، عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لما نزلت هذه الآية: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا «4» استوى رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالسا، ثم قال: من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه حسرات على الدنيا، و من أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه و لم يشف غيظه، و من لم يعرف لله عليه نعمة، إلا في مطعم أو مشرب، فقد قصر عمله و دنا عذابه».

سورة الحجر(15): الآيات 91 الي 93 ..... ص : 388

قوله تعالى:

الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ- إلى قوله تعالى- عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ [91- 93] 5943/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قال: قسموا القرآن و لم يؤلفوه على ما أنزل الله، فقال: لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.

5944/ [5]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما، قال في الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قال: هم قريش».

5945/ [6]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قوله الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ. قال: «هم قريش».

__________________________________________________

3- كتاب الزهد: 46/ 125.

4- تفسير القمّي 1: 377.

5- تفسير العيّاشي 2: 251/ 43.

6- تفسير العيّاشي 2: 252/ 44. [.....]

(1) الثاغية: الشاة. «الصحاح- ثغا- 6: 2293»، و الراغية: الناقة. «الصحاح- رغا- 4: 2360».

(2) الدرقة: ترس من المجلد. «لسان العرب- درق- 10: 95».

(3) طه 20: 131.

(4) طه 20: 131.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 389

سورة الحجر(15): الآيات 94 الي 95 ..... ص : 389

قوله تعالى:

فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [94- 95]

5946/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، و محمد بن الحسن الصفار جميعا، قالا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و محمد بن عيسى بن عبيد، قالا: حدثنا صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «اكتتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمكة مختفيا خائفا خمس سنين، ليس يظهر أمره، و علي (عليه السلام) معه و خديجة، ثم أمره الله عز و جل أن يصدع بما امر به، فظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أظهر أمره».

5947/ [2]- و عنه،

قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله و عبد الله بن جعفر الحميري و محمد بن يحيى العطار و أحمد بن إدريس جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن عبيد الله بن علي الحلبي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «مكث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمكة بعد ما جاءه الوحي عن الله تبارك و تعالى ثلاث عشرة سنة، منها ثلاث سنين مختفيا خائفا لا يظهر حتى أمره الله عز و جل أن يصدع بما أمره به، فأظهر حينئذ الدعوة».

5948/ [3]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان الأحمر، رفعه، قال: «المستهزئون برسول الله (صلى الله عليه و آله) خمسة: الوليد بن المغيرة المخزومي، و العاص بن وائل السهمي، و الأسود بن عبد يغوث الزهري، و الأسود بن المطلب، و الحارث بن الطلاطلة الثقفي».

5949/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الحسيني، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن علي الخراساني، قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن صالح العباسي، عن أبيه و إبراهيم بن عبد الرحمن الآملي «1»، قال: حدثنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي

علي بن الحسين، قال:

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 344/ 28.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 344/ 29.

3- الخصال: 278/ 24.

4- الخصال: 279/ 25.

(1) في «س» و المصدر: الأيلي، في «ط»: الأبلي، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر الجامع في الرجال 1: 48، الخصال: 532/ 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 390

حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال ليهودي من يهود الشام و أحبارهم، و قد أخبره فيما أجاب عنه من جواب مسائله: فأما المستهزئون، فقال الله عز و جل: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ فقتل الله خمستهم، قد قتل كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد أما الوليد بن المغيرة، فإنه مر بنبل لرجل من بني خزاعة قد راشه «1» في الطريق، فأصابته شظية منه فانقطع أكحله «2» حتى أدماه، فمات و هو يقول: قتلني رب محمد و أما العاص بن وائل السهمي، فإنه خرج في حاجة له إلى كداء «3»، فتدهده «4» تحته حجر، فسقط فتقطع قطعة قطعة، فمات و هو يقول: قتلني رب محمد و أما الأسود بن عبد يغوث، فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة «5»، و معه غلام له، فاستظل بشجرة تحت كداء، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه:

امنع عني هذا فقال: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلا نفسك. فقتله و هو يقول: قتلني رب محمد».

قال مصنف هذا الكتاب: و في خبر آخر في الأسود، يقال: «إن النبي (صلى الله عليه و آله) كان قد دعا عليه أن يعمي الله بصره، و أن يثكله بولده. فلما كان في ذلك اليوم، جاء حتى صار إلى كداء، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) بورقة

خضراء، فضرب بها وجهه فعمي، و بقي حتى أثكله الله عز و جل بولده يوم بدر، ثم مات».

«و أما الحارث بن الطلاطلة، فإنه خرج من بيته في السموم، فتحول حبشيا، فرجع إلى أهله، فقال: أنا الحارث. فغضبوا عليه و قتلوه، و هو يقول: قتلني رب محمد و أما الأسود بن المطلب، فإنه أكل حوتا مالحا، فأصابه غلبة العطش، فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه فمات، و هو يقول: قتلني رب محمد. و كل ذلك في ساعة واحدة، و ذلك انهم كانوا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا له: يا محمد، ننتظر بك إلى الظهر، فإن رجعت عن قولك و إلا قتلناك. فدخل النبي (صلى الله عليه و آله) منزله، فأغلق عليه بابه مغتما بقولهم، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) ساعته، فقال له: يا محمد، السلام يقرئك السلام، و هو يقول: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ يعني أظهر أمرك لأهل مكة و ادع، وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. قال: يا جبرئيل، كيف أصنع بالمستهزئين و ما أو عدوني؟

قال: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ. قال: يا جبرئيل، كانوا عندي الساعة بين يدي. فقال: قد كفيتهم. فأظهر أمره عند ذلك».

5950/ [5]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها «6»، قال: «نسختها فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 252/ 45.

(1) راش السهم: ركّب عليه الرّيش. «المعجم الوسيط- ريش- 1: 385».

(2) الأكحل: وريد في وسط الذراع. «المعجم الوسيط- كحل- 2: 778».

(3) كداء: ثنية بأعلى مكّة عند المحصّب. «معجم البلدان- كداء- 4: 439».

(4) تدهده: تدحرج. «المعجم الوسيط- دهده- 1: 299». [.....]

(5) في «س»: ابن ربيعة.

(6) الاسراء 17: 110.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 3، ص: 391

5951/ [6]- عن أبان بن عثمان الأحمر، رفعه، قال: كان المستهزئون خمسة من قريش: الوليد بن المغيرة المخزومي، و العاص بن وائل السهمي، و الحارث بن حنظلة، و الأسود بن عبد يغوث بن وهب الزهري، و الأسود ابن المطلب بن أسد، فلما قال الله: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قد أخزاهم، فأماتهم الله بشر ميتات».

5952/ [7]- عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «اكتتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمكة سنين، ليس يظهر، و علي (عليه السلام) معه و خديجة، ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر، فظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب، فإذا أتاهم، قالوا: كذاب، امض عنا».

5953/ [8]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن الحسين (عليه السلام) قال: «إن يهوديا من يهود الشام و أحبارهم كان قد قرأ التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف الأنبياء (عليهم السلام)، و عرف دلائلهم، أتى إلى المسجد فجلس، و فيه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و فيهم علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، و ابن عباس «1»، و أبو معبد الجهني، فقال: يا امة محمد، ما تركتم لنبي درجة، و لا لمرسل فضيلة إلا نحلتموها نبيكم، فهل تجيبوني عما أسألكم عنه؟ فكاع القوم «2» عنه، فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام):

نعم، ما أعطى الله عز و جل نبيا درجة، و لا مرسلا فضيلة إلا و قد جمعها لمحمد (صلى الله عليه و آله)، و زاد محمدا (صلى الله عليه

و آله) على الأنبياء أضعافا مضاعفة.

فقال له اليهودي: فهل أنت مجيبي؟ قال: نعم، سأذكر لك اليوم من فضائل رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما يقر الله به أعين المؤمنين، و يكون فيه إزالة لشك الشاكين في فضائله (صلى الله عليه و آله)، إنه كان إذا ذكر لنفسه فضيلة، قال: و لا فخر و أنا أذكر لك فضائله غير مزر بالأنبياء، و لا منتقص لهم، و لكن شكرا لله على ما أعطى محمدا (صلى الله عليه و آله) مثل ما أعطاهم، و ما زاده الله، و ما فضله عليهم.

فقال اليهودي: اني أسألك فأعد له جوابا. قال له علي (عليه السلام): هات. فذكر له اليهودي ما أعطى الله عز و جل الأنبياء، فذكر له أمير المؤمنين (عليه السلام) ما أعطى الله عز و جل محمدا (صلى الله عليه و آله) في مقابلة ما أعطى الله تعالى الأنبياء و زاد محمدا (صلى الله عليه و آله) عليهم.

و كان فيما قال له اليهودي: فإن هذا موسى بن عمران (عليه السلام) قد أرسله الله إلى فرعون، و أراه الآية الكبرى.

قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) أرسله إلى فراعنة شتى مثل: أبي جهل بن هشام، و عتبة ابن ربيعة، و شيبة، و أبي البختري، و النضر بن الحارث، و أبي بن خلف، و منبه و نبيه ابني الحجاج، و إلى الخمسة

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 252/ 46.

7- تفسير العيّاشي 2: 252/ 47.

8- الاحتجاج: 210.

(1) في المصدر زيادة: و ابن مسعود.

(2) كعت عن الشي ء أكيع لغة كععت عنه أكعّ إذا هبته و جبنت عنه. «لسان العرب- كوع- 8: 317».

البرهان في تفسير القرآن،

ج 3، ص: 392

المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، و العاص بن وائل السهمي، و الأسود بن عبد يغوث الزهري، و الأسود ابن المطلب، و الحارث بن الطلاطلة. فأراهم الآيات في الآفاق و في أنفسهم، حتى تبين لهم أنه الحق.

قال له اليهودي، لقد انتقم الله عز و جل لموسى (عليه السلام) من فرعون. قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، و لقد انتقم الله جل اسمه لمحمد (صلى الله عليه و آله) من الفراعنة، فأما المستهزئون، فقال الله عز و جل: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ فقتل الله خمستهم، كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد فأما الوليد بن المغيرة فمر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه و وضعه في الطريق، فأصابته شظية منه، فانقطع أكحله حتى أدماه، فمات و هو يقول: قتلني رب محمد و أما العاص بن وائل السهمي، فإنه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده تحته حجر، فسقط فتقطع قطعة قطعة، فمات و هو يقول: قتلني رب محمد و أما الأسود بن عبد يغوث، فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة، فاستظل بشجرة، فأتاه جبرئيل، فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عني فقال: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلا نفسك، فقتله و هو يقول: قتلني رب محمد و أما الأسود بن المطلب، فإن النبي (صلى الله عليه و آله) دعا عليه أن يعمي الله بصره، و أن يثكله بولده، فلما كان في ذلك اليوم، خرج حتى صار إلى موضع، أتاه جبرئيل بورقة خضراء، فضرب بها وجهه فعمي، و بقي حتى أثكله الله عز و جل بولده و أما الحارث بن الطلاطلة، فإنه خرج من بيته في السموم، فتحول حبشيا، فرجع

إلى أهله، فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه و قتلوه، و هو يقول: قتلني رب محمد».

و

روي أن الأسود بن الحارث أكل حوتا مالحا، فأصابه غلبة العطش، فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه فمات و هو يقول: قتلني رب محمد.

«كل ذلك في ساعة واحدة، و ذلك أنهم كانوا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا له: يا محمد، ننتظر بك إلى الظهر، فإن رجعت عن قولك و إلا قتلناك. فدخل النبي (صلى الله عليه و آله)، فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) عن الله من ساعته، فقال: «يا محمد، السلام يقرأ عليك السلام، و هو يقول لك: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ يعني أظهر أمرك لأهل مكة، و ادعهم إلى الإيمان. قال: يا جبرئيل، كيف أصنع بالمستهزئين و ما أو عدوني؟ فقال له: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ. قال: يا جبرئيل، كانوا الساعة بين يدي؟ قال:

كفيتهم. فأظهر أمره عند ذلك، و أما بقيتهم من الفراعنة، فقتلوا يوم بدر بالسيف، و هزم الله الجمع و ولوا الدبر».

5954/ [9]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية: في معنى الآية: فإنها نزلت بمكة، بعد أن نبئ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بثلاث سنين، و ذلك أن النبوة نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم الاثنين، و أسلم علي (عليه السلام) يوم الثلاثاء، ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوج النبي (صلى الله عليه و آله). ثم دخل أبو طالب إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و هو يصلي، و علي (عليه السلام) بجنبه، و كان مع أبي طالب جعفر، فقال له أبو طالب: صل جناح ابن عمك فوقف جعفر

عن يسار رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فبدر رسول الله (صلى الله عليه و آله) من بينهما، فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصلي،

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 1: 378.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 393

و علي (عليه السلام) و جعفر و زيد بن حارثة و خديجة يأتمون به فلما أتى لذلك ثلاث سنين «1» أنزل الله عليه: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ.

و كان المستهزئون برسول الله (صلى الله عليه و آله) خمسة: الوليد بن المغيرة، و العاص بن وائل، و الأسود بن المطلب، و الأسود بن عبد يغوث، و الحارث بن الطلاطلة الخزاعي. أما الوليد فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) دعا عليه لما كان يبلغه من إيذائه و استهزائه،

فقال: «اللهم أعم بصره، و أثكله بولده»

فعمي بصره، و قتل ولده ببدر، و كذلك دعا على الأسود بن عبد يغوث و الحارث بن طلاطلة الخزاعي، فمر الوليد بن المغيرة برسول الله (صلى الله عليه و آله) و معه جبرئيل (عليه السلام)، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد، هذا الوليد بن المغيرة، و هو من المستهزئين بك. قال: نعم. و قد كان مر برجل من خزاعة على باب المسجد و هو يريش نبلا، فوطئ على بعضها، فأصاب عقبه قطعة من ذلك فدميت، فلما مر بجبرئيل (عليه السلام) أشار إلى ذلك الموضع، فرجع الوليد إلى منزله، و نام على سريره، و كانت ابنته نائمة أسفل منه، فانفجر الموضع الذي أشار إليه جبرئيل (عليه السلام) أسفل عقبه، فسال منه الدم حتى صار إلى فراش ابنته، فانتبهت ابنته، فقالت: يا جارية، انحل وكاء «2» القربة. قال الوليد: ما هذا وكاء

القربة، و لكنه دم أبيك، فاجمعي لي ولدي و ولد أخي فإني ميت. فجمعتهم، فقال لعبد الله بن أبي ربيعة: إن عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيقة «3»، فخذ كتابا من محمد إلى النجاشي أن يرده. ثم قال لابنه هاشم، و هو أصغر ولده: يا بني، أوصيك بخمس خصال فاحفظها: أوصيك بقتل أبي درهم الدوسي، فإنه غلبني على امرأتي و هي بنته، و لو تركها و بعلها كانت تلد لي ابنا مثلك، و دمي في خزاعة، و ما تعمدوا قتلي، و أخاف أن تنسوا بعدي، و دمي في بني خزيمة بن عامر، و دياتي في ثقيف فخذها، و لأسقف نجران علي مائتا دينار فاقضها، ثم فاضت نفسه.

و مر الأسود بن المطلب برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأشار جبرئيل (عليه السلام) إلى بصره فعمي و مات. و مر به الأسود بن عبد يغوث، فأشار جبرئيل (عليه السلام) إلى بطنه، فلم يزل يستسقي حتى انشق بطنه. و مر العاص بن وائل، فأشار جبرئيل (عليه السلام) إلى رجليه، فدخل عود في أخمص قدمه، و خرج من ظاهره و مات. و مر الحارث بن الطلاطلة، فأشار جبرئيل (عليه السلام) إلى وجهه، فخرج إلى جبال تهامة، فأصابتها من السماء ديم، فاستسقى حتى انشق بطنه، و هو قول الله: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ.

فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقام على الحجر، فقال: «يا معشر قريش، يا معشر العرب، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله، و آمركم بخلع الأنداد و الأصنام، فأجيبوني تملكوا بها العرب، و تدين لكم العجم، و تكونوا ملوكا في الجنة»

فاستهزءوا منه، و قالوا: جن محمد بن عبد الله،

و لم يجسروا عليه لموضع أبي طالب. فاجتمعت قريش إلى أبي طالب، فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سفه أحلامنا، و سب آلهتنا، و أفسد

__________________________________________________

(1) في «ط»: سنتين.

(2) الوكاء: خيط يشدّ به السّرّة و الكيس و القربة و نحوها. «مجمع البحرين- وكأ- 1: 453».

(3) في المصدر: مضيعة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 394

شباننا، و فرق جماعتنا فإن كان يحمله على ذلك العدم، جمعنا له مالا، فيكون أكثر قريش مالا، و نزوجه أي امرأة شاء من قريش.

فقال له أبو طالب: ما هذا، يا بن أخي؟

فقال: «يا عم، هذا دين الله، الذي ارتضاه لأنبيائه و رسله، بعثني الله رسولا إلى الناس».

فقال: يا بن أخي، إن قومك قد أتوني يسألوني أن أسألك أن تكف عنهم. فقال: «يا عم، لا أستطيع أن أخالف أمر ربي»

فكف عنه أبو طالب.

ثم اجتمعوا إلى أبي طالب، فقالوا: أنت سيد من ساداتنا، فادفع إلينا محمدا لنقتله، و تملك علينا. فقال أبو طالب قصيدته الطويلة، منها:

و لما رأيت القوم لا ود عندهم و قد قطعوا أكل العرى و الوسائل كذبتم و بيت الله يبزى «1» محمد و لما نطاعن دونه و نناضل و نسلمه حتى نصرع حوله و نذهل عن أبنائنا و الحلائل فلما اجتمعت قريش على قتل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كتبوا الصحيفة القاطعة، جمع أبو طالب بني هاشم «2»، و حلف لهم بالبيت و الركن و المقام و المشاعر في الكعبة، لئن شاكت محمدا شوكة لآتين عليكم يا بني هاشم. فأدخله الشعب، و كان يحرسه بالليل و النهار، قائما على رأسه بالسيف أربع سنين.

فلما خرجوا من الشعب حضرت أبا طالب الوفاة، فدخل عليه رسول الله (صلى الله

عليه و آله) و هو يجود بنفسه،

فقال: «يا عم، ربيت صغيرا و كفلت يتيما، فجزاك الله عني خيرا، أعطني كلمة أشفع لك بها عند ربي» فروي أنه لم يخرج من الدنيا حتى أعطى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الرضا، و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لو قمت المقام المحمود لشفعت في أبي و أمي و عمي، و أخ كان لي مؤاخيا في الجاهلية».

5955/ [10]- ثم قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة و عبد الله بن سنان و أبي حمزة الثمالي، قالوا: سمعنا أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، يقول: «لما حج رسول الله (صلى الله عليه و آله) حجة الوداع نزل بالأبطح، و وضعت له وسادة فجلس عليها، ثم رفع يده إلى السماء، و بكى بكاء شديدا، ثم قال: يا رب، إنك وعدتني في أبي و امي و عمي ألا تعذبهم بالنار- قال- فأوحى الله إليه: أني آليت على نفسي ألا يدخل جنتي إلا من شهد أن لا إله إلا الله و أنك عبدي و رسولي، و لكن ائت الشعب فنادهم، فإن أجابوك فقد وجبت لهم رحمتي. فقام النبي (صلى الله عليه و آله) إلى الشعب، فناداهم، و قال: يا أبتاه، و يا أماه، و يا عماه، فخرجوا ينفضون التراب عن رؤوسهم، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا ترون إلى هذه الكرامة التي أكرمني الله بها؟

فقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله حقا حقا، و أن جميع ما أتيت به من عند الله فهو الحق. فقال: ارجعوا

__________________________________________________

10- تفسير القمّي 1: 380.

(1)

يبزى: أي يقهر و يغلب، أراد لا يبزى فحذف (لا) من جواب القسم، و هي مراده، أي لا يقهر و لم نقاتل عنه و ندافع. «النهاية 1: 125».

(2) في المصدر: لأبثنّ عليكم بني هاشم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 395

إلى مضاجعكم.

و دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) مكة و قدم عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) من اليمن، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا أبشرك، يا علي؟ فقال: بأبي أنت و أمي، لم تزل مبشرا. فقال: ألا ترى إلى ما رزقنا الله تبارك و تعالى في سفرنا هذا؟ و أخبره الخبر. فقال علي (عليه السلام): الحمد لله- قال- فأشرك رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بدنته أباه و أمه و عمه».

سورة الحجر(15): الآيات 97 الي 98 ..... ص : 395

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ [97- 98]

5956/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم ابن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حفص إن من صبر صبر قليلا، و من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله عز و جل بعث محمدا (صلى الله عليه و آله)، فأمره بالصبر و الرفق، فقال: وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ «1»، و قال تبارك و تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا

ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ «2» فصبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى نالوه بالعظائم و رموه بها، فضاق صدره، فأنزل الله عز و جل عليه: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ».

5957/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال الله: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ أي بما يكذبونك، و يذكرون الله فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ

__________________________________________________

1- الكافي 2: 71/ 3.

2- تفسير القمّي 1: 381.

(1) المزمل 73: 10 و 11.

(2) فصلت 41: 34 و 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 397

المستدرك (سورة الحجر) ..... ص : 397

سورة الحجر(15): آية 9 ..... ص : 397

قوله تعالى:

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [9] [1]- ابن شهر آشوب، في قوله تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ «1» و قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ.

قال: في تفسير يوسف القطان، و وكيع بن الجراح، و إسماعيل السدي، و سفيان الثوري، أنه: قال الحارث: سألت أمير المؤمنين (عليه السلام) عن هذه الآية؟ فقال: «و الله إنا نحن أهل الذكر، نحن أهل العلم، نحن معدن التأويل و التنزيل».

سورة الحجر(15): آية 10 ..... ص : 397

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ [10] [2]- الطبرسي: في (مجمع البيان) عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ: في أمم الأولين.

__________________________________________________

1- مناقب ابن شهر آشوب 4: 179.

2- مجمع البيان 6: 508.

(1) النحل 16: 43، الأنبياء 21: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 398

سورة الحجر(15): آية 39 ..... ص : 398

قوله تعالى:

رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ [39]

[1]- (نهج البلاغة): قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطبة القاصعة: «فاحذروا عباد الله عدو الله أن يعديكم بدائه، و أن يستفزكم بندائه، و أن يجلب عليكم بخيله و رجله، فلعمري لقد فوق لكم سهم الوعيد، و أغرق إليكم بالنزع الشديد، و رماكم من مكان قريب، فقال: رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.

سورة الحجر(15): آية 46 ..... ص : 398

قوله تعالى:

ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ [46]

[2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب و يعقوب السراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب الناس فقال فيها: ألا و إن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها، و اعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة، و فتحت لهم أبوابها، و وجدوا ريحها و طيبها، و قيل لهم: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ.

سورة الحجر(15): آية 99 ..... ص : 398

قوله تعالى:

وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [99]

[3]- في كتاب (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام): «هلك العاملون إلا العابدون، و هلك العابدون إلا العالمون، و هلك العالمون إلا الصادقون، و هلك الصادقون إلا المخلصون، و هلك المخلصون إلا المتقون، و هلك المتقون إلا الموقنون، و إن الموقنين لعلى خلق عظيم، قال الله تعالى: وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ.

__________________________________________________

1- نهج البلاغة: 287 الخطبة 192.

2- الكافي 8: 67/ 23.

3- مصباح الشريعة: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 399

سورة النحل ..... ص : 399

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 401

سورة النحل فضلها ..... ص : 401

5958/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة النحل في كل شهر، كفي المغرم في الدنيا. و سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون و الجذام و البرص، و كان مسكنه في جنة عدن، و هي وسط الجنان».

5959/ [2]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة النحل في كل شهر دفع الله عنه المغرم «1» في الدنيا و سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون و الجذام و البرص، و كان مسكنه في جنة عدن». و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و جنة عدن هي وسط الجنان».

5960/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يحاسبه الله تعالى بما أنعم عليه، و إن مات يومه أو ليلته و تلاها كان له من الأجر كالذي مات و أحسن الوصية، و من كتبها و دفنها في بستان احترق جميعه، و إن تركت في منزل قوم هلكوا قبل السنة جميعهم».

5961/ [4]- و عن الصادق (عليه السلام) قال: «من كتبها و جعلها في حائط البستان لم تبق شجرة تحمل إلا و سقط حملها و تنثر، و إن جعلها في منزل قوم بادوا و انقرضوا «2» من أولهم إلى آخرهم في تلك السنة، فاتق الله- يا فاعله- و لا تعمله إلا لظالم».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 107.

2- تفسير العيّاشي 2: 254/ 1.

3- ... مجمع البيان 6: 535 مثله.

4- خواص القرآن: 43 (مخطوط). [.....]

(1) في المصدر: المعرّة.

(2) في «ط»: و انصرفوا.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 3، ص: 403

سورة النحل(16): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 403

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ [1- 2]

5962/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، قال:

حدثنا علي بن الحسين، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل:

أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ.

قال: «هو أمرنا، أمر الله عز و جل أن لا يستعجل «1» به حتى يؤيده الله بثلاثة أجناد: الملائكة، و المؤمنين، و الرعب، و خروجه كخروج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك قوله عز و جل: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ «2»».

و رواه المفيد في كتاب (الغيبة): بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «3».

5963/ [2]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة): قال: أخبرني أبو المفضل محمد بن

__________________________________________________

1- الغيبة: 243/ 43.

2- دلائل الإمامة: 252.

(1) في المصدر: ألّا تستعجل.

(2) الأنفال 8: 5.

(3) أخرجه في تأويل الآيات عن المفيد في (الغيبة) 1: 252/ 1 و لعلّ مراد صاحب تأويل الآيات من المفيد: النعماني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 404

عبد الله، قال: أخبرنا محمد بن همام، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا علي بن يونس الخزاز، عن إسماعيل بن عمر بن أبان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا أراد الله قيام القائم (عليه السلام)، بعث جبرئيل (عليه السلام) في صورة طائر أبيض، فيضع إحدى رجليه

على الكعبة و الاخرى على بيت المقدس، ثم ينادي بأعلى صوته أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ- قال- فيحضر القائم فيصلي عند مقام إبراهيم ركعتين، ثم ينصرف و حواليه أصحابه، و هم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا، إن فيهم لمن يسري من فراشه ليلا فيخرج و معه الحجر، فيلقيه فتعشب الأرض».

5964/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن أول من يبايع القائم (عليه السلام) جبرئيل (عليه السلام) ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه، ثم يضع رجلا على بيت الله الحرام و رجلا على بيت المقدس، ثم ينادي بصوت طلق يسمعه الخلائق: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ».

5965/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن الحسين بن أبي العلاء، عن سعد الإسكاف، قال: أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) يسأله عن الروح، أليس هو جبرئيل؟

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «جبرئيل (عليه السلام) من الملائكة، و الروح غير جبرئيل» فكرر ذلك على الرجل، فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد يزعم أن الروح غير جبرئيل.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنك ضال تروي عن أهل الضلال، يقول الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله):

أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ و الروح غير الملائكة».

5966/ [5]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد و محمد

بن الحسين، و موسى بن عمر بن يزيد الصيقل، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ.

فقال: «جبرئيل الذي انزل على الأنبياء، و الروح يكون معهم و مع الأوصياء، لا يفارقهم، يفقههم «1» و يسددهم من عند الله، و أنه لا إله إلا هو، محمد رسول الله، و بهما عبد الله و استعبد الخلق «2» على هذا، الجن

__________________________________________________

3- كمال الدين و تمام النعمة: 671/ 18.

4- الكافي 1: 215/ 6.

5- مختصر بصائر الدرجات: 3.

(1) (يفقّههم) ليس في المصدر.

(2) في «ط» و بهما قد استعبد. الخلق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 405

و الإنس و الملائكة، و لم يعبد الله ملك «1» و لا إنس و لا جان إلا بشهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، و ما خلق الله عز و جل خلقا إلا لعبادته».

5967/ [6]- العياشي: عن هشام بن سالم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ.

قال: «إذا أخبر الله النبي (صلى الله عليه و آله) بشي ء إلى الوقت فهو قوله أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ حتى يأتي ذلك الوقت». و قال: «إن الله إذا أخبر أن شيئا كائن فكأنه قد كان».

5968/ [7]- عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن أول من يبايع القائم جبرئيل (عليه السلام)، ينزل عليه في صورة طير أبيض فيبايعه، ثم يضع رجلا على البيت الحرام و رجلا على بيت المقدس، ثم ينادي بصوت رفيع

يسمع الخلائق: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ».

و في رواية اخرى عن أبان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، نحوه «2».

5969/ [8]- و قال علي بن إبراهيم: نزلت لما سألت قريش رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن ينزل عليهم العذاب، فأنزل الله تبارك و تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ و قوله: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ يعني بالقوة التي جعلها الله فيهم.

5970/ [9]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ يقول: «بالكتاب و النبوة».

سورة النحل(16): الآيات 4 الي 6 ..... ص : 405

قوله تعالى:

خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ- إلى قوله تعالى- حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ [4- 6] 5971/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ قال: خلقه من

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 254/ 2.

7- تفسير العيّاشي 2: 254/ 3. [.....]

8- تفسير القمّي 1: 382.

9- تفسير القمّي 1: 382.

1- تفسير القمّي 1: 382.

(1) زاد في المصدر: و لا نبيّ.

(2) تفسير العيّاشي 2: 254/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 406

قطرة من ماء مهين «1»، فيكون خصيما متكلما بليغا.

5972/ [2]- ثم قال: و قال أبو الجارود في قوله: وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ و الدف ء:

حواشي الإبل، و يقال: بل هي الأدفاء من البيوت و الثياب.

5973/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم في قوله: دِفْ ءٌ أي ما يستدفئون به، مما يتخذ من صوفها و وبرها.

5974/ [4]- ثم قال: و قوله: وَ لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ قال: حين ترجع من المرعى، وَ حِينَ تَسْرَحُونَ حين تخرج إلى

المرعى.

سورة النحل(16): آية 7..... ص : 406

قوله تعالى:

وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [7]

5975/ [5]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول- و ذكر الحج- فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هو أحد الجهادين، و هو جهاد الضعفاء و نحن الضعفاء، أما إنه ليس شي ء أفضل من الحج إلا الصلاة، و في الحج ها هنا صلاة، و ليس في الصلاة قبلكم حج، لا تدع الحج و أنت تقدر عليه، أما ترى أنه يشعث فيه رأسك، و يقشف «2» فيه جلدك، و تمنع فيه من النظر إلى النساء.

و إنا نحن لها هنا، و نحن قريب، و لنا مياه متصلة، ما نبلغ الحج حتى يشق علينا، فكيف أنتم في بعد البلاد؟

و ما من ملك و لا سوقة يصل إلى الحج إلا بمشقة، من تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها، و ذلك قوله عز و جل: وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ».

5976/ [6]- العياشي: عن الكاهلي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يذكر الحج، فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: هو أحد الجهادين، هو جهاد الضعفاء، و نحن الضعفاء، إنه ليس شي ء أفضل من الحج إلا

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 382.

3- تفسير القمّي 1: 382.

4- تفسير القمّي 1: 382.

5- الكافي 4: 253/ 7.

6- تفسير العيّاشي 2: 254/ 5.

(1) في المصدر: قطرة ماء منتن.

(2) القشف: قدّر الجلد. قشف يقشف: لم يتعهّد

الغسل و النظافة. «لسان العرب- قشف- 9: 282».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 407

الصلاة، و في الحج ها هنا صلاة، و ليس في الصلاة قبلكم حج، لا تدع الحج و أنت تقدر عليه، ألا ترى أنه يشعث فيه رأسك، و يقشف فيه جلدك، و تمنع فيه من النظر إلى النساء، إنا ها هنا و نحن قريب، و لنا مياه متصلة، فما نبلغ الحج حتى يشق علينا، فكيف أنتم في بعد البلاد؟ و ما من ملك و لا سوقة يصل إلى الحج إلا بمشقة، من تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها، و ذلك قول الله: وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ».

5977/ [3]- علي بن إبراهيم في معنى الآية، قال: إلى مكة و المدينة و جميع البلدان.

سورة النحل(16): الآيات 8 الي 15 ..... ص : 407

قوله تعالى:

وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً- إلى قوله تعالى- وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَ أَنْهاراً وَ سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [8- 15]

5978/ [1]- العياشي: عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن أبوال الخيل و البغال و الحمير. قال:

فكرهها. قلت: أليس لحمها حلالا؟ قال: فقال: «أليس قد بين الله لكم: وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ «1» و قال في الخيل و البغال و الحمير: لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً فجعل للأكل الأنعام التي قص الله في الكتاب، و جعل للركوب الخيل و البغال و الحمير، و ليس لحومها بحرام و لكن الناس عافوها».

5979/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن

زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) في أبوال الدواب تصيب الثوب، فكرهه، فقلت: أليس لحومها حلالا؟ قال: «بلى، و لكن ليس مما جعله الله للأكل».

5980/ [4]- علي بن إبراهيم: قال: وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها و لم يقل عز و جل لتركبوها و تأكلوها، كما قال في الأنعام. وَ يَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ قال: العجائب التي خلقها الله في البر و البحر وَ عَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَ مِنْها جائِرٌ يعني الطريق «2» و قوله: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 1: 382.

1- تفسير العيّاشي 2: 255/ 6. [.....]

2- التهذيب 1: 264/ 772.

4- تفسير القمّي 1: 382.

(1) النحل 16: 5.

(2) في المصدر زيادة: وَ لَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ يعني الطريق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 408

فِيهِ تُسِيمُونَ أي تزرعون و قوله: يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّيْتُونَ وَ النَّخِيلَ وَ الْأَعْنابَ وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ يعني بالمطر: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

ثم قال: قوله تعالى: وَ ما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ أي خلق فأخرج مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ قوله: وَ هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَ تَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها يعني ما يخرج من البحر من أنواع الجواهر وَ تَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ يعني السفن. قال: و قوله: وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ يعني الجبال وَ أَنْهاراً وَ سُبُلًا يعني طرقا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ يعني كي تهتدوا.

سورة النحل(16): آية 16 ..... ص : 408

قوله تعالى:

وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [16]

5981/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق، قال: حدثنا داود الجصاص،

قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ، قال: «النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و العلامات: الأئمة (عليهم السلام)».

5982/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أسباط بن سالم، قال: سأل الهيثم أبا عبد الله (عليه السلام)- و أنا عنده- عن قوله عز و جل: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.

فقال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله): النجم، و العلامات: الأئمة (عليهم السلام)».

5983/ [3]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ، قال: «نحن العلامات، و النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

5984/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و العلامات: الأئمة (عليهم السلام)».

5985/ [5]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ، قال: «العلامات: الأوصياء، و النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 160/ 1.

2- الكافي 1: 161/ 2.

3- الكافي 1: 161/ 3.

4- تفسير القمّي 1: 383.

5- تفسير القمّي 2: 343.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 409

5986/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد

بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن منصور بن بزرج، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ، قال: «النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و العلامات: الأئمة من بعده (عليه و عليهم السلام)».

5987/ [7]- العياشي: عن المفضل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله:

وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ قال: «هو أمير المؤمنين (عليه السلام)».

5988/ [8]- عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.

قال: «النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و العلامات: الأوصياء، بهم يهتدون».

5989/ [9]- عن أبي مخلد الخياط، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.

قال: «النجم: محمد (صلى الله عليه و آله)، و العلامات: الأوصياء (صلوات الله عليهم)».

5990/ [10]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ، قال: «نحن العلامات، و النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

5991/ [11]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.

قال: «هم الأئمة».

5992/ [12]- عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ قال: هو الجدي، لأنه نجم لا يزول «1»، و عليه بناء القبلة، و به يهتدي أهل البر و البحر».

5993/ [13]- عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في

قوله: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.

قال: «ظاهر و باطن، الجدي، عليه تبنى القبلة، و به يهتدي أهل البر و البحر لأنه لا يزول».

__________________________________________________

6- الأمالي 1: 164.

7- تفسير العيّاشي 2: 255/ 7، شواهد التنزيل 1: 327/ 453.

8- تفسير العيّاشي 2: 255/ 8.

9- تفسير العيّاشي 2: 256/ 9، شواهد التنزيل 1: 327/ 454.

10- تفسير العيّاشي 2: 256/ 10. [.....]

11- تفسير العيّاشي 2: 256/ 11.

12- تفسير العيّاشي 2: 256/ 12.

13- تفسير العيّاشي 2: 256/ 13.

(1) في «ط»: لا يدور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 410

5994/ [14]- الطبرسي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن العلامات، و النجم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لقد قال: إن الله جعل النجوم أمانا لأهل السماء، و جعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض».

سورة النحل(16): آية 18 ..... ص : 410

قوله تعالى:

وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [18]

5995/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا قرأ هذه الآية: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها يقول: «سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم أنه لا يدركه، فشكر جل و عز معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره، فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا. كما علم علم العالمين أنهم لا يدركونه فجعله إيمانا، علما منه أنه قد «1» وسع العباد فلا يتجاوز ذلك، فإن شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته، و كيف يبلغ مدى عبادته من لا مدى له و لا كيف؟ تعالى الله قدرا عن ذلك علوا كبيرا».

و قد تقدم في

هذه الآية هذا الحديث و غيره في قوله تعالى: وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها من سورة إبراهيم «2».

سورة النحل(16): الآيات 20 الي 25 ..... ص : 410

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَ ما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ- إلى قوله تعالى- أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ [20- 25] 5996/ [2]- علي بن إبراهيم: إنه رد على عبدة الأصنام، قال: و قوله: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ في علي قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني أكاذيب الأولين.

__________________________________________________

14- مجمع البيان 5: 545.

1- الكافي 8: 394/ 592.

2- تفسير القمّي 1: 383.

(1) القد: قدر الشي ء و تقطيعه. «لسان العرب- قدد- 3: 345».

(2) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (34- 36) من سورة إبراهيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 411

5997/ [2]- علي، بن إبراهيم، قال: حدثني جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قوله:

فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ: «يعني أنهم لا يؤمنون بالرجعة أنها حق قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ يعني أنها كافرة وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ يعني أنهم عن ولاية علي (عليه السلام) مستكبرون لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عن ولاية علي (عليه السلام)».

و قال: «نزلت هذه الآية هكذا: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ في علي قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ».

5998/ [3]- العياشي: عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن هذه الآية وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَ

ما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ.

قال: «الذين يدعون من دون الله: الأول و الثاني و الثالث، كذبوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بقوله: والوا عليا و اتبعوه. فعادوا عليا (عليه السلام) و لم يوالوه، و دعوا الناس إلى ولاية أنفسهم، فذلك قول الله: وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ».

قال: «و أما قوله: لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً فإنه يعني لا يعبدون شيئا وَ هُمْ يُخْلَقُونَ فإنه يعني و هم يعبدون، و أما قوله: أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ يعني كفارا غير مؤمنين، و أما قوله: وَ ما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ فإنه يعني أنهم لا يؤمنون، أنهم يشركون إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فإنه كما قال الله. و أما قوله: فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فإنه يعني عن ولاية علي (عليه السلام) مستكبرون، قال الله لمن فعل ذلك وعيدا منه: لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عن ولاية علي (عليه السلام)».

عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله سواء «1».

5999/ [4]- عن مسعدة بن صدقة، قال: مر الحسين بن علي (عليه السلام) بمساكين قد بسطوا كساء لهم، فألقوا عليه كسرا، فقالوا: هلم يا بن رسول الله، فثنى وركه فأكل معهم، ثم تلا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ثم قال: «قد أجبتكم فأجيبوني» قالوا: نعم- يا ابن رسول الله- و تعمى عين، فقاموا معه حتى أتوا منزله، فقال للرباب: «أخرجي ما كنت تدخرين».

6000/ [5]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل هذه الآية هكذا: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ في علي قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعنون بني إسرائيل».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 383.

3- تفسير العيّاشي 2: 256/ 14.

4- تفسير العيّاشي 2:

257/ 15.

5- تفسير العيّاشي 2: 257/ 17، شواهد التنزيل 1: 331/ 456.

(1) تفسير العيّاشي 2: 257/ ذيل حديث (14). [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 412

6001/ [6]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ في علي قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ: «سجع أهل الجاهلية في جاهليتهم، فذلك قوله: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، و أما قوله: لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ فإنه يعني ليستكملوا «1» الكفر يوم القيامة، و أما قوله: وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ يعني يتحملون كفر الذين يتولونهم، قال الله: أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ».

6002/ [7]- علي بن إبراهيم: قال الله عز و جل: لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ قال: يحملون آثامهم، يعني الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، و آثام كل من اقتدى بهم، و هو

قول الصادق (عليه السلام): «و الله ما أهريقت محجمة من دم، و لا قرع عصا بعصا، و لا غصب فرج حرام، و لا أخذ مال من غير حله، إلا و وزر ذلك في أعناقهما، من غير أن ينقص من أوزار العاملين شيئا».

6003/ [8]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن عقبة بن بشير الأسدي، عن الكميت بن زيد الأسدي، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: «و الله- يا كميت- لو كان عندنا مال لأعطيناك منه، و لكن لك ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لحسان بن ثابت: لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنا».

قال: قلت: خبرني عن الرجلين؟ قال: فأخذ الوسادة فكسرها في صدره، ثم قال: «و

الله- يا كميت- ما أهريقت محجمة من دم، و لا أخذ مال من غير حله، و لا قلب حجر عن حجر، إلا ذاك في أعناقهما».

6004/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد ما بويع له بخمسة أيام خطبة، فقال فيها: و اعلموا أن لكل حق طالبا، و لكل دم ثائرا، و الطالب لحقنا كقيام الثائر بدمائنا، و الحاكم في حق نفسه هو العادل الذي لا يحيف، و الحاكم الذي لا يجوز، و هو الله الواحد القهار.

و اعلموا أن على كل شارع بدعة وزره و وزر كل مقتد «2» به من بعده، من غير أن ينقص من أوزار العاملين شيئا، و سينتقم الله من الظلمة مأكلا بمأكل و مشربا بمشرب، من لقم العلقم و مشارب الصبر الأدهم «3»، فليشربوا بالصب «4» من الراح «5» السم المداف، و ليلبسوا دثار «6» الخوف دهرا طويلا، و لهم بكل ما أتوا و عملوا من

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 257/ 18.

7- تفسير القمّي 1: 383.

8- الكافي 8: 102/ 75.

9- تفسير القمّي 1: 384.

(1) في المصدر: ليتكلّموا.

(2) في «ط»: معتقد.

(3) الأدهم: الأسود. «لسان العرب- دهم- 12: 209».

(4) في «ط»: معتقد.

(5) الراح: الخمر. «الصحاح- روح- 1: 368».

(6) الدثار: كلّ ما كان من الثياب فوق الشعار. «الصحاح- دثر- 2: 655».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 413

أفاويق «1» الصبر الأدهم فوق ما أتوا و عملوا، أما إنه لم يبق إلا الزمهرير من شتائهم، و ما لهم من الصيف إلا رقدة، ويحهم ما تزودوا و جمعوا على ظهورهم من الآثام و الخطايا.

فيا مطايا الخطايا، و يا زور

الزور، و أوزار الآثام مع الذين ظلموا، اسمعوا و اعقلوا و توبوا، و ابكوا على أنفسكم، فسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

فاقسم ثم اقسم، لتحملنها بنو امية من بعدي، و ليعرفنها في دار غيرهم عما قليل، فلا يبعد الله إلا من ظلم، و على البادي- يعني الأول- ما سهل لهم من سبيل الخطايا مثل أوزارهم و أوزار كل من عمل بوزرهم إلى يوم القيامة، و من أوزار الذين يضلونهم بغير علم، ألا ساء ما يزرون».

6005/ [10]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد السياري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي، قال: حدثني حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي إسحاق الليثي، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام): يا بن رسول الله، أخبرني عن المؤمن المستبصر إذا بلغ في المعرفة و كمل، هل يزني؟ قال: «اللهم لا». قلت: فيلوط؟ قال: «اللهم لا». قلت: فيسرق؟ قال:

«لا». قلت: فيشرب الخمر؟ قال: «لا». قلت: فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟ قال: «لا».

قلت: فيذنب ذنبا؟ قال: «نعم، هو مؤمن مذنب ملم». قلت: ما معنى ملم؟ قال: «الملم بالذنب لا يلزمه و لا يصير عليه».

قال: فقلت: سبحان الله! ما أعجب هذا، لا يزني، و لا يلوط، و لا يسرق، و لا يشرب الخمر، و لا يأتي بكبيرة من الكبائر و لا فاحشة! فقال: «لا تعجب من أمر الله، إن الله عز و جل يفعل ما يشاء، و لا يسأل عما يفعل و هم يسألون، فمم عجبت يا إبراهيم؟ سل و لا تستنكف و لا تستح، فإن

هذا العلم لا يتعلمه مستكبر و لا مستحيي».

قلت: يا بن رسول الله، إني أجد من شيعتكم من يشرب الخمر، و يقطع الطريق، و يخيف السبيل، و يزني، و يلوط، و يأكل الربا، و يرتكب الفواحش، و يتهاون بالصلاة و الصيام و الزكاة، و يقطع الرحم، و يأتي الكبائر، فكيف هذا، و لم ذاك؟ فقال: «يا إبراهيم، هل يختلج في صدرك شي ء غير هذا؟» قلت: نعم- يا بن رسول الله- اخرى أعظم من ذلك. فقال: «و ما هو، يا أبا إسحاق؟» قال: فقلت: يا بن رسول الله، و أجد من أعدائكم، و من مناصبيكم من يكثر من الصلاة و من الصيام، و يخرج الزكاة، و يتابع بين الحج و العمرة، و يحرص على الجهاد، و يأثر «2» على البر و على صلة الأرحام، و يقضي حقوق إخوانه، و يواسيهم من ماله، و يتجنب شرب الخمر و الزنا و اللواط، و سائر الفواحش، فمم ذاك؟ و لم ذلك؟ فسره لي با بن رسول الله و برهنه و بينه، فقد- و الله- كثر فكري، و أسهر ليلي و ضاق ذرعي.

قال: فتبسم الباقر (صلوات الله عليه)، ثم قال: «يا إبراهيم، خذ إليك بيانا شافيا فيما سألت، و علما مكنونا من

__________________________________________________

10- علل الشرائع: 606/ 81.

(1) الأفاويق: ما اجتمع من الماء في السحاب، فهو يمطر ساعة بعد ساعة. و الأفاويق أيضا جميع (الفيقة) اسم اللبن الذي يجتمع في الضّرع بين الحلبتين. و كنىّ به هنا عن استمرار العذاب.

(2) أثر أن يفعل ذلك الأمر: أي فرغ له و عزّم عليه. «لسان العرب- أثر- 4: 8».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 414

خزائن علم الله و سره، أخبرني- يا إبراهيم- كيف تجد اعتقادهما؟».

قلت: يا

بن رسول الله، أجد محبيكم و شيعتكم على ما هم فيه مما و صفته من أفعالهم، لو أعطي أحدهم ما بين المشرق و المغرب ذهبا و فضة أن يزول عن ولايتكم و محبتكم إلى موالاة غيركم و محبتهم، ما زال، و لو ضربت خياشيمه بالسيوف فيكم، و لو قتل فيكم ما ارتدع و لا رجع عن محبتكم و ولايتكم. و أرى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم، لو اعطي أحدهم ما بين المشرق و المغرب ذهبا و فضة أن يزول عن محبة الطواغيت و موالاتهم إلى موالاتكم، ما فعل و لا زال، و لو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم، و لو قتل فيهم، ما ارتدع و لا رجع، و إذا سمع أحدهم منقبة لكم و فضلا اشمأز من ذلك و تغير لونه، و رؤي كراهية ذلك في وجهه، بغضا لكم و محبة لهم.

قال: فتبسم الباقر (عليه السلام)، ثم قال: «يا إبراهيم، ها هنا هلكت العاملة الناصبة، تصلى نارا حامية، تسقى من عين آنية، و من أجل ذلك قال الله عز و جل: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً «1» ويحك- يا إبراهيم- أ تدري ما السبب و القصة في ذلك، و ما الذي قد خفي على الناس منه»؟

قلت: يا بن رسول الله، فبينه لي و اشرحه و برهنه.

قال: «يا إبراهيم، إن الله تبارك و تعالى لم يزل عالما قديما، خلق الأشياء لا من شي ء، و من زعم أن الله عز و جل خلق الأشياء من شي ء فقد كفر، لأنه لو كان ذلك الشي ء الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته و هويته، كان ذلك الشي ء أزليا، بل خلق

الله عز و جل الأشياء كلها لا من شي ء، فكان مما خلق الله عز و جل أرضا طيبة، ثم فجر منها ماء عذبا زلالا، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام فطبقها «2» و عمها، ثم نضب ذلك الماء عنها، فأخذ من صفوة ذلك الطين طينا، فجعله طين الأئمة (عليهم السلام)، ثم أخذ ثفل «3» ذلك الطين، فخلق منه شيعتنا، و لو ترك طينتكم- يا إبراهيم- على حالها كما ترك طينتنا، لكنتم و نحن شيئا واحدا».

قلت: يا بن رسول الله، فما فعل بطينتنا؟

قال: «أخبرك- يا إبراهيم- خلق الله عز و جل بعد ذلك أرضا سبخة خبيثة منتنة، ثم فجر منها ماء أجاجا آسنا «4» مالحا، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت، فلم تقبلها، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها و عمها، ثم نضب ذلك الماء عنها، ثم أخذ من ذلك الطين، فخلق منه الطغاة و أئمتهم، ثم مزجه بثفل طينتكم، و لو ترك طينتهم على حالها و لم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين، و لا صلوا و لا صاموا و لا زكوا و ĘǠحجوا و لا أدوا

__________________________________________________

(1) الفرقان 25: 23. [.....]

(2) طبقها: غشاها و عمّها. «المعجم الوسيط- طبق- 2: 550».

(3) الثّفل: ما استقرّ تحت الماء و نحوه من كدر. «المعجم الوسيط- ثفل- 1: 97».

(4) في «س»: منتنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 415

أمانة، و لا أشبهوكم في الصور، و ليس شي ء أشد «1» على المؤمن من أن يرى صورة عدوه مثل صورته».

قلت: يا بن رسول الله، فما صنع بالطينتين؟

قال: «مزج بينهما بالماء الأول و الماء الثاني، ثم عركها عرك الأديم، ثم أخذ من ذلك قبضة، فقال: هذه إلى الجنة

و لا ابالي و أخذ قبضة اخرى، و قال: هذه إلى النار و لا ابالي ثم خلط بينهما، فوقع من سنخ المؤمن و طينته على سنخ الكافر و طينته، و وقع من سنخ الكافر و طينته على سنخ المؤمن و طينته. فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صيام أو حج أو جهاد، أو جناية «2»، أو كبيرة من هذه الكبائر، فهو من طينة الناصب و عنصره الذي قد مزج فيه، لأن من سنخ الناصب و عنصره و طينته اكتساب المآثم و الفواحش و الكبائر، و ما رأيت من الناصب، و مواظبته على الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و الجهاد و أبواب البر، فهو من طينة المؤمن و سنخه الذي قد مزج فيه، لأن من سنخ المؤمن و عنصره و طينته اكتساب الحسنات و استعمال الخير و اجتناب المآثم.

فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عز و جل، قال: أنا عدل لا أجور، و منصف لا أظلم، و حكم لا أحيف و لا أميل و لا أشطط، ألحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب و طينته، و ألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن و طينته، ردوها كلها إلى أصلها، فإني أنا الله لا إله إلا أنا عالم السر و أخفى، و أنا المطلع على قلوب عبادي، لا أحيف و لا أظلم، و لا الزم أحدا إلا بما عرفته منه قبل أن أخلقه».

ثم قال الباقر (عليه السلام): «يا إبراهيم، اقرأ هذه الآية» قلت: يا بن رسول الله، أية آية؟ قال: «قوله تعالى: قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ «3»

هو في الظاهر ما تفهمونه، و هو- و الله- في الباطن هذا بعينه. يا إبراهيم، إن للقرآن ظاهرا و باطنا، و محكما و متشابها، و ناسخا و منسوخا».

ثم قال: «أخبرني- يا إبراهيم- عن الشمس إذا طلعت، و بدأ شعاعها في البلدان، أهو بائن من القرص؟» قلت: في حال طلوعه بائن. قال: «أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك الشعاع بالقرص حتى يعود إليه؟» قلت: نعم.

قال: «كذلك يعود كل شي ء إلى سنخه و جوهره و أصله، فإذا كان يوم القيامة، نزع الله عز و جل سنخ الناصب و طينته مع أثقاله و أوزاره من المؤمن، فيلحقها كلها بالناصب، و ينزع سنخ المؤمن و طينته مع حسناته و أبواب بره و اجتهاده من الناصب، فيلحقها كلها بالمؤمن، أفترى ها هنا ظلما أو عدوانا؟» قلت: لا، يا بن رسول الله.

قال: «هذا- و الله- القضاء الفاصل، و الحكم القاطع، و العدل البين، لا يسأل عما يفعل و هم يسألون، هذا- يا إبراهيم- الحق من ربك، فلا تكن من الممترين، و هذا من حكم الملكوت».

قلت: يا بن رسول الله، و ما حكم الملكوت؟

قال: «حكم الله و حكم أنبيائه، و قصة الخضر و موسى (عليهما السلام) حين استصحبه، فقال: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً

__________________________________________________

(1) في المصدر: أكبر.

(2) في المصدر: أو خيانة.

(3) يوسف 12: 79.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 416

وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً «1» افهم- يا إبراهيم- و اعقل، أنكر موسى على الخضر، و استفظع أفعاله حتى قال له الخضر: يا موسى، ما فعلته عن أمري، إنما فعلته عن أمر الله عز و جل. من هذا- ويحك يا إبراهيم- قرآن يتلى، و أخبار تؤثر عن الله عز

و جل، من رد منها حرفا فقد كفر و أشرك، و رد على الله عز و جل».

قال الليثي: فكأني لم أعقل الآيات و أنا أقرأها أربعين سنة إلا ذلك اليوم، فقلت: يا بن رسول الله، ما أعجب هذا، تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم، و تؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم؟

قال: «إي و الله الذي لا إله إلا هو، فالق الحبة و بارئ النسمة و فاطر الأرض و السماء، ما أخبرتك إلا بالحق، و ما أنبأتك إلا الصدق، و ما ظلمهم الله، و ما الله بظلام للعبيد، و إن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله».

قلت: هذا بعينه يوجد في القرآن؟

قال: «نعم، يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن، أ تحب أن أقرأ ذلك عليك؟» قلت: بلى، يا بن رسول الله. فقال: «قال الله عز و جل: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَ ما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ ءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ «2» الآية. أزيدك، يا إبراهيم؟» قلت: بلى، يا بن رسول الله. قال: «لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ أ تحب أن أيدك؟» قلت: بلى، يا بن رسول الله. قال: «فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «3» يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات، و يبدل الله حسنات أعدائنا سيئات، و جلال الله و وجه الله «4» إن هذا لمن عدله و إنصافه، لا راد لقضائه، و لا معقب لحكمه، و هو السميع العليم، ألم أبين لك أمر المزاج و الطينتين من القرآن؟» قلت: بلى، يا بن رسول الله.

قال: «اقرأ- إبراهيم- الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ «5» يعني من الأرض الطيبة، و الأرض المنتنة فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى «6» يقول: لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته و صيامه و زكاته و نسكه، لأن الله عز و جل أعلم بمن اتقى منكم، فإن ذلك من قبل اللمم، و هو المزاج، أزيدك يا إبراهيم؟» قلت: بلى، يا بن رسول الله قال: «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ «7» يعني أئمة الجور، دون أئمة الحق، و يحسبون أنهم مهتدون، خذها إليك- يا أبا إسحاق- فو الله إنه لمن غرر أحاديثنا، و بواطن سرائرنا، و مكنون خزائننا، انصرف و لا تطلع على سرنا أحدا إلا مؤمنا مستبصرا، فإنك إن أذعت سرنا بليت في نفسك و مالك و أهلك و ولدك».

__________________________________________________

(1) الكهف 18: 67- 68.

(2) العنكبوت 29: 12- 13.

(3) الفرقان 25: 70.

(4) (و وجه اللّه) ليس في المصدر.

(5، 6) النجم 53: 32.

(7) الأعراف 7: 29- 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 417

سورة النحل(16): آية 26 ..... ص : 417

قوله تعالى:

قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ [26]

6006/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: «يوم الأربعاء خر عليهم السقف من فوقهم».

6007/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ

بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ.

قال: «بيت مكرهم، أي ماتوا فألقاهم «1» الله في النار، و هو مثل لأعداء آل محمد (عليه و عليهم السلام)».

6008/ [3]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ، قال: «كان بيت غدر يجتمعون فيه».

6009/ [4]- عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قرأ «فأتى الله بيتهم من القواعد يعني بيت مكرهم».

6010/ [5]- عن كليب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ.

قال: «لا، فأتى الله بيتهم من القواعد و إنما كان بيتا».

6011/ [6]- عن الحسن بن زياد الصيقل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ و لم يعلم الذين آمنوا فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ» قال محمد بن كليب، عن أبيه، قال: قال: «إنما كان بيتا» «2».

__________________________________________________

1- الخصال: 388/ 78.

2- تفسير القمّي 1: 384. [.....]

3- تفسير العيّاشي 2: 258/ 19.

4- تفسير العيّاشي 2: 258/ 20.

5- تفسير العيّاشي 2: 258/ 21.

6- تفسير العيّاشي 2: 258/ 22.

(1) في «ط»: و أبقاهم.

قال المجلسي (رضوان اللّه عليه): قوله: بيت مكرهم، أي المراد بالبنيان بيت مكرهم الذي بنوه مجازا. قال في مجمع البيان: قيل: مثل ضربه اللّه لاستيصالهم، و المعنى: فأتى اللّه مكرهم من أصله، أي عاد ضرر المكر إليهم. «بحار الأنوار 8 (الطبعة الحجرية): 365».

(2) في المصدر: قال: أتى بيتا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 418

6012/ [7]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ.

قال: «كان

بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشر».

سورة النحل(16): الآيات 27 الي 29 ..... ص : 418

قوله تعالى:

ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ- إلى قوله تعالى- فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ [27- 29] 6013/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَ يَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَ السُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ قال: الذين أوتوا العلم:

الأئمة (عليهم السلام) يقولون لأعدائهم: أين شركاؤكم، و من أطعتموهم في الدنيا؟ ثم قال فيهم أيضا: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ سلموا لما أصابهم من البلاء، ثم يقولون: ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ فرد الله عليهم، فقال: بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ.

سورة النحل(16): الآيات 30 الي 37 ..... ص : 418

قوله تعالى:

وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ- إلى قوله تعالى- إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ [30- 37]

6014/ [2]- الشيخ في (أماليه) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما كتب لمحمد بن أبي بكر، و لأهل

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 258/ 23.

1- تفسير القمّي 1: 384.

2- الأمالي 1: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 419

مصر حين ولاه مصر- في حديث طويل- قال (عليه السلام): «يا عباد الله، إن أقرب ما يكون العبد من المغفرة

و الرحمة حين يعمل [لله بطاعته و ينصحه في توبته، عليكم بتقوى الله فإنها تجمع الخير، و لا خير غيرها، و يدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا و خير الآخرة، قال الله عز و جل: وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ».

6015/ [2]- العياشي: عن ابن مسكان، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ.

قال: «الدنيا».

6016/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر المؤمنين فقال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ قوله:

طَيِّبِينَ قال: هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم في الدنيا. ثم قال: قوله:لْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ [من العذاب و الموت، و خروج القائم (عليه السلام)ذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ، و قوله: فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب في الرجعة.

ثم قال: قوله: وَ قالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْ ءٍ نَحْنُ وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْ ءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [فإنه محكم ثم قال: قوله:

وَ لَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ يعني الأصنام فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ أي انظروا في أخبار من هلك من قبل.

6017/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين

بن سعيد، عن حماد ابن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كل راية ترفع قبل قيام القائم، فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز و جل».

6018/ [5]- العياشي: عن خطاب بن مسلمة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «ما بعث الله نبيا قط إلا بولايتنا و البراءة من أعدائنا، و ذلك قول الله عز و جل في كتابه: وَ لَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ بتكذيبهم آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)، ثم قال:

فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ».

6019/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: و قوله: إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ مخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

2- تفسير العياشي 2: 258/ 24.

3- تفسير القمي 1: 385.

4- الكافي 8: 295/ 452.

5- تفسير العياشي 2: 258/ 25.

6- تفسير القمي 1: 385. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 420

فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي أي لا يثيب، مَنْ يُضِلُّ أي من يعذب.

سورة النحل(16): الآيات 38 الي 39 ..... ص : 420

قوله تعالى:

وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ- إلى قوله تعالى- وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ [38- 39]

6020/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن سهل، عن محمد، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله تبارك و تعالى: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ؟

قال: فقال لي: «يا أبا بصير، ما تقول في هذه الآية؟» قال: قلت:

إن المشركين يزعمون و يحلفون لرسول الله (صلى الله عليه و آله) أن الله لا يبعث الموتى. قال: فقال: «تبا لمن قال هذا «1»، هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات و العزى؟».

قال: قلت: جعلت فداك، فأوجدنيه؟ قال: فقال لي: «يا أبا بصير، لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوما من شيعتنا، قبائع «2» سيوفهم على عواتقهم، فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا، فيقولون: بعث فلان و فلان و فلان من قبورهم، و هم مع القائم. فيبلغ ذلك قوما من عدونا، فيقولون: يا معشر الشيعة، ما أكذبكم! هذه دولتكم و أنتم تقولون فيها الكذب! لا و الله ما عاش هؤلاء و لا يعيشون إلى يوم القيامة- قال- فحكى الله قولهم فقال: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ».

6021/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ

قال: حدثني أبي، عن بعض رجاله، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما تقول الناس فيها؟». قال: يقولون: نزلت في الكفار.

فقال: «إن الكفار كانوا لا يحلفون بالله، و إنما نزلت في قوم من امة محمد (صلى الله عليه و آله)، قيل لهم: ترجعون بعد الموت قبل القيامة، فحلفوا أنهم لا يرجعون، فرد الله عليهم فقال: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ __________________________________________________

1- الكافي 8: 50/ 14.

2- تفسير القمي 1: 385.

(1) في المصدر زيادة: سلهم.

(2) قبائع: جمع قبيعة، و هي ما على طرف مقبض السيف من فضة أو ذهب. «الصحاح- قبع- 3: 1260».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 421

يعني

في الرجعة، يردهم فيقتلهم و يشفي صدور المؤمنين منهم».

6022/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ.

قال: «ما يقولون فيها؟». قلت: يزعمون أن المشركين كانوا يحلفون لرسول الله (صلى الله عليه و آله): أن الله لا يبعث الموتى. قال: «تبا لمن قال هذا، ويلهم، هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات و العزى؟».

قلت: جعلت فداك، فأوجدنيه أعرفه. قال: «لو قام قائمنا بعث الله إليه قوما من شيعتنا، قبائع سيوفهم على عواتقهم، فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا، فيقولون: بعث فلان و فلان من قبورهم مع القائم. يبلغ ذلك قوما من أعدائنا، فيقولون: يا معشر الشيعة، ما أكذبكم! هذه دولتكم و أنتم تكذبون فيها! لا و الله ما عاشوا و لا يعيشون إلى يوم القيامة. فحكى الله قولهم فقال: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ».

6023/ [4]- عن أبي عبد الله صالح بن ميثم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تعالى: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً «1».

قال: «ذلك حين يقول علي (عليه السلام): أنا أولى الناس بهذه الآية وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ».

6024/ [5]- عن سيرين، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال: «ما يقول الناس في هذه الآية وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ؟» قال: يقولون: لا قيامة و لا بعث و لا نشور.

فقال: «كذبوا و الله، إنما

ذلك إذا قام القائم، و كر معه المكرون، فقال أهل خلافكم: قد ظهرت دولتكم، يا معشر الشيعة، و هذا من كذبكم، تقولون: رجع فلان و فلان و فلان. لا و الله لا يبعث الله من يموت، ألا ترى أنه قال:

وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ كان المشركون أشد تعظيما للات و العزى من أن يقسموا بغيرها، فقال الله: بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا، لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «2»».

6025/ [6]- عن الفضيل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): [إن خرج السفياني ما تأمرني؟ قال: «إذا كان ذلك

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 259/ 26.

4- تفسير العيّاشي 2: 259/ 27.

5- تفسير العيّاشي 2: 259/ 28.

6- تفسير العيّاشي 2: 260/ 29.

(1) آل عمران 3: 83.

(2) النحل 16: 39 و 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 422

كتبت إليك». قلت:] «1» أعلمني آية كتابك؟ قال: «أكتب إليك بعلامة كذا و كذا» و قرأ «2» آية من القرآن.

قلت لفضيل: و ما تلك الآية؟ قال: ما حدثت بها أحدا غير بريد العجلي. قال زرارة: أنا أحدثك بها:

وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إلى آخر الآية، قال: فسكت الفضيل، و لم يقل لا، و لا نعم.

6026/ [7]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة (عليها السلام) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، قال: حدثنا أبي عن سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن فضيل بن يسار، قال: قلت

لأبي عبد الله (عليه السلام): إن خرج السفياني ما تأمرني؟ قال: «إذا كان ذلك كتبت إليك». قلت: أعلمني آية كتابك «3»؟ قال: «أكتب إليك بعلامة كذا و كذا» و قرأ آية من القرآن.

قال: فقلت لفضيل: ما تلك الآية؟ قال: ما حدثت بها أحدا غير بريد العجلي. قال زرارة: أنا أحدثك بها، هي:

وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا قال: فسكت الفضيل و لم يقل لا، و لا نعم.

سورة النحل(16): الآيات 40 الي 41 ..... ص : 422

قوله تعالى:

إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ- إلى قوله تعالى- وَ لَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ [40- 41]

6027/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال:

قلت لأبي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن الإرادة، من الله و من الخلق؟

قال: فقال: «الإرادة من الخلق الضمير، و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل و أما من الله تعالى فإرادته إحداثه، لا غير ذلك، لأنه لا يروي و لا يهم، و لا يتفكر، و هذه الصفات منفية عنه، و هي صفات الخلق، فإرادة الله الفعل، لا غير ذلك، يقول له: كن فيكون، بلا لفظ و لا نطق بلسان، و لا همة، و لا تفكر، و لا كيف لذلك، كما أنه لا كيف له».

6028/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ أي هاجروا و تركوا الكفار في الله

__________________________________________________

7- دلائل الإمامة: 248.

1- الكافي 1: 85/ 3.

2- تفسير القمّي 1: 385.

(1) أثبتناه من الحديث الآتي عن محمّد بن جرير الطبري. [.....]

(2) في «س»: و هو.

(3) في المصدر: قلت: فكيف أعلم أنّه كتابك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3،

ص: 423

لَنُبَوِّئَنَّهُمْ أي لنؤتينهم فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ لَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.

سورة النحل(16): الآيات 43 الي 44 ..... ص : 423

قوله تعالى:

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ وَ الزُّبُرِ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [43- 44]

6029/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الذكر أنا، و الأئمة (عليهم السلام)، أهل الذكر».

و قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ «1» قال أبو جعفر (عليه السلام): «نحن قومه، و نحن المسؤولون».

6030/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ؟ قال:

«الذكر: محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن أهله المسؤولون».

قال: قلت: قوله: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ «2»؟ قال: «إيانا عنى، و نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

6031/ [3]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، قال: سألت الرضا (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ؟ فقال: «نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

قلت: فأنتم المسؤولون، و نحن السائلون؟ قال: «نعم». قلت: حقا علينا أن نسألكم؟ قال: «نعم». قلت: حقا عليكم أن تجيبونا؟ قال: «لا،

ذاك إلينا، إن شئنا فعلنا، و إن شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله تبارك و تعالى: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «3»».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 163/ 1.

2- الكافي 1: 164/ 2.

3- الكافي 1: 164/ 3.

(1) الزخرف 43: 44.

(2) الزخرف 43: 44.

(3) سورة ص 38: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 424

6032/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن أبي بكر الحضرمي، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) و دخل عليه الورد أخو الكميت، فقال: جعلني الله فداك، اخترت لك سبعين مسألة، ما يحضرني منها مسألة واحدة. قال: «و لا واحدة يا ورد؟» قال: بلى، قد حضرني منها واحدة. قال: «و ما هي؟».

قال: قول الله تبارك و تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ من هم؟ قال: «نحن أهل الذكر، و نحن مسئولون».

قلت: فأنتم المسؤولون، و نحن السائلون «1»؟ قال: «نعم». قلت: علينا «2» أن نسألكم؟ قال: «نعم». قلت:

عليكم أن تجيبونا؟ قال: «ذاك إلينا».

و روى هذا الحديث محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن محمد بن الحسين، و ساق السند و المتن بعينه بتغيير يسير في المتن «3».

6033/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز و جل: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ أنهم اليهود و النصارى، قال: «إذن يدعونكم إلى دينهم» ثم قال بيده إلى صدره: «نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

و روى هذا الحديث محمد

بن العباس، قال: حدثنا علي بن سليمان الرازي، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن العلاء بن رزين القلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) و ذكر الحديث بعينه «4».

6034/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «قال علي بن الحسين (عليه السلام): على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم، و على شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم الله عز و جل أن يسألونا، قال: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ- قال- فأمرهم أن يسألونا، و ليس علينا الجواب، إن شئنا أجبنا، و إن شئنا أمسكنا».

6035/ [7]- أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: كتبت إلى الرضا (عليه السلام) مسائل «5»،

__________________________________________________

4- الكافي 1: 164/ 6.

5- الكافي 1: 165/ 7.

6- الكافي 1: 165/ 8.

7- الكافي 1: 165/ 9.

(1) (نحن أهل الذكر ... و نحن السائلون) لم يرد في المصدر.

(2) في المصدر: من هم؟ قال: نحن. قلت: علينا. [.....]

(3) بصائر الدرجات: 58/ 1.

(4) تأويل الآيات 1: 324/ 3.

(5) في المصدر: كتابا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 425

فكان في بعض ما كتب: «قال الله عز و جل: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ و قال الله عز و جل: وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ «1» فقد فرضت عليكم المسألة، و لم يفرض علينا الجواب، قال الله عز و جل: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً

مِنَ اللَّهِ «2»».

و روى هذين الحديثين الصفار أيضا، عن أحمد بن محمد بباقي السند و المتن «3».

6036/ [8]- و عنه: عن محمد بن الحسين و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى و محمد بن يحيى و محمد ابن الحسين، جميعا عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال جل ذكره: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.

قال: «الكتاب: الذكر، و أهله: آل محمد (عليهم السلام)، أمر الله عز و جل بسؤالهم و لم يأمر بسؤال الجهال، و سمى الله عز و جل القرآن ذكرا، فقال تبارك و تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ و قال عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ «4»».

6037/ [9]- و عنه: عن محمد، عن أحمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن حمزة بن الطيار، أنه عرض على أبي عبد الله (عليه السلام) بعض خطب أبيه، حتى إذا بلغ موضعا منها، قال له: «كف و اسكت». ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه و التثبت، و الرد إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد، و يجلوا عنكم العمى، و يعرفوكم فيه الحق، قال الله تبارك و تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ».

6038/ [10]- سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن حماد الطنافسي، عن الكلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ

آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا «5»؟ قال: «الذكر: اسم من أسماء محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن أهل الذكر، فاسأل- يا كلبي- عما بدا لك». فقال: نسيت- و الله- القرآن كله، فما حفظت حرفا أسأله عنه.

6039/ [11]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب،

__________________________________________________

8- الكافي 1: 234/ 3. قطعة منه.

9- الكافي 1: 40/ 10.

10- مختصر بصائر الدرجات: 68.

11- بصائر الدرجات: 62/ 23.

(1) التوبة 9: 122.

(2) القصص 28: 50.

(3) بصائر الدرجات: 58/ 2 و 3.

(4) الزخرف 43: 44.

(5) الطلاق 65: 10- 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 426

عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.

قال: «الذكر: القرآن، و آل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أهل الذكر، و هم المسؤولون».

6040/ [12]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن أبي داود سليمان بن سفيان، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله تبارك و تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ من المعنون بذلك؟ قال: «نحن».

قال: قلت: فأنتم المسؤولون؟ قال: «نعم» قلت: و نحن السائلون؟ قال: «نعم» قلت: فعلينا ان نسألكم؟ قال:

«نعم» قلت: و عليكم أن تجيبونا؟ قال: «لا، ذلك إلينا، إن شئنا فعلنا، و إن شئنا لم نفعل، ثم قال: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «1»».

و روى هذا الحديث، علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، عن أبي داود سليمان بن سفيان، عن ثعلبة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه

السلام) في قوله: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ من المعنون بذلك؟ فقال: «نحن و الله». فقلت: و أنتم المسؤولون؟ قال: «نعم» و ساق الحديث إلى آخره، إلا أن فيه: «و إن شئنا تركنا» الحديث «2».

6041/ [13]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء العراق و خراسان، و ذكر الحديث إلى أن قال فيه الرضا (عليه السلام): «نحن أهل الذكر الذين قال الله في كتابه: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فنحن أهل الذكر، فاسألونا إن كنتم لا تعلمون».

فقالت العلماء: إنما عنى الله بذلك اليهود و النصارى. فقال أبو الحسن (عليه السلام): «سبحان الله، و هل يجوز ذلك؟ إذن يدعونا إلى دينهم، و يقولون: هو أفضل من دين الإسلام».

فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا، يا أبا الحسن؟ فقال (عليه السلام): «نعم، الذكر: رسول الله (صلى الله عليه و آله) و نحن أهله، و ذلك بين في كتاب الله تعالى حيث يقول في سورة الطلاق: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ «3» فالذكر: رسول الله، و نحن أهله».

__________________________________________________

12- بصائر الدرجات: 62: 25.

13- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 228/ 1. [.....]

(1) سورة ص 38: 39.

(2) تفسير القمّي 2: 68.

(3) الطلاق 65: 10- 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 427

6042/ [14]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن

هشام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى:

فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ من هم؟ قال: «نحن».

قلت: علينا أن نسألكم؟ قال: «نعم». قال: قلت: فعليكم أن تجيبونا؟ قال: «ذاك إلينا».

6043/ [15]- المفيد في (إرشاده)، قال: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد، قال: حدثني جدي، قال: حدثني شيخ من أشياخ الري «1»، قال: حدثني يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن معاوية بن عمار الدهني، عن محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، في قوله جل اسمه: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.

قال: «نحن أهل الذكر».

قال الشيخ المفيد: قال الشيخ الرازي «2»: و قد سألت محمد بن مقاتل «3» عن هذا، فتكلم فيه برأيه، و قال:

أهل الذكر: العلماء كافة، فذكرت ذلك لأبي زرعة «4»، فبقي متعجبا من قوله، و أوردت عليه ما حدثني به يحيى بن عبد الحميد. قال: صدق محمد بن علي (عليهما السلام)، إنهم أهل الذكر، و لعمري إن أبا جعفر (عليه السلام) لمن أكبر العلماء، و قد روى أبو جعفر (عليه السلام) أخبار المبتدأ، و أخبار الأنبياء، و كتب عنه الناس المغازي، و أثروا عنه السنن، و اعتمدوا عليه في مناسك الحج التي رواها عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كتبوا عنه تفسير القرآن، و روت عنه الخاصة و العامة الأخبار، و ناظر من كان يرد عليه من أهل الآراء، و حفظ عنه الناس كثيرا من علم الكلام.

6044/ [16]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن الحصين بن المخارق، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله

عز و جل: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ، قال: «نحن أهل الذكر».

6045/ [17]- العياشي: عن حمزة بن محمد الطيار، قال: عرضت على أبي عبد الله (عليه السلام) كلاما لأبي، فقال:

«اكتب، فإنه لا يسعكم فيما نزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف [عنه و التثبت فيه و رده إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد، و يجلوا عنكم فيه العمى، قال الله: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ».

__________________________________________________

14- الأمالي 2: 278.

15- الإرشاد: 264، شواهد التنزيل 1: 335/ 460، العمدة لابن بطريق: 288/ 468.

16- تأويل الآيات 1: 324/ 2.

17- تفسير العيّاشي 2: 260/ 30، شواهد التنزيل 1: 336/ 463، ينابيع المودة: 119.

(1) في المصدر: من أهل الرأي قد علت سنّه.

(2) الشيخ الرازي: هو محمّد بن إدريس الحنظليّ، أبو حاتم الرازي، أحد الحفّاظ من الحادية عشرة. و كان رفيقه أبو زرعة الرازي، توفّي في شعبان 277 ه. تهذيب التهذيب 9: 31/ 40، معجم رجال الحديث 15: 62/ 10186.

(3) محمّد بن مقاتل الرازي: هو إمام أصحاب الرأي بالرّي، و وفاته سنة 248 ه، و قيل: 249 ه. تهذيب التهذيب 9: 469/ 760، لسان الميزان 5: 388/ 1261.

(4) أبو زرعة: هو عبيد اللّه بن عبد الكريم بن يزيد بن فرّوخ، أبو زرعة الرازي، من حفّاظ الحديث، من أهل الريّ، كان رفيقه أبو حاتم الرازي، وفاته 264 ه. سير أعلام النبلاء 13: 65/ 48.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 428

6046/ [18]- عن حمزة بن الطيار، قال: عرضت على أبي عبد الله (عليه السلام) بعض خطب أبيه حتى انتهى إلى موضع، فقال: «كف». فأمسكت، ثم قال لي: «اكتب» و أملى علي «أنه لا يسعكم» الحديث الأول.

6047/ [19]-

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: إن من عندنا يزعمون أن قول الله تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ أنهم اليهود و النصارى. فقال: «إذن يدعونكم إلى دينهم» قال: ثم قال بيده إلى صدره: «نحن أهل الذكر و نحن المسؤولون». قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «الذكر: القرآن».

6048/ [20]- عن أحمد بن محمد، قال: كتب إلي أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «عافانا الله و إياك أحسن عافية، إنما شيعتنا من تابعنا و لم يخالفنا و إذا خفنا خاف، و إذا أمنا أمن، قال الله: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قال: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ «1» الآية، فقد فرضت عليكم المسألة و الرد إلينا، و لم يفرض علينا الجواب، أو لم تنهوا عن كثرة المسائل، فأبيتم أن تنتهوا؟ إياكم و ذاك، فإنه إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم لأنبيائهم، قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ «2»».

6049/ [21]- ابن شهر آشوب، قال: ذكر في (تفسير يوسف القطان)، عن وكيع، عن الثوري، عن السدي، قال: كنت عند عمر بن الخطاب إذ أقبل عليه كعب بن الأشرف و مالك بن الصيف و حيي بن أخطب، فقالوا: إن في كتابكم: وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ «3» إذا كان سعة جنة واحدة كسبع سماوات و سبع أرضين، فالجنان كلها يوم القيامة أين تكون؟ فقال عمر: لا أعلم. فبيناهم في ذلك إذ دخل علي (عليه السلام)، فقال: «في أي شي ء أنتم؟» فألقى اليهود المسألة عليه، فقال (عليه السلام) لهم: «خبروني أن

النهار إذا أقبل الليل أين يكون [و الليل إذا أقبل النهار أين يكون ؟» قالوا له: في علم الله تعالى يكون. فقال علي (عليه السلام): «كذلك الجنان تكون في علم الله».

فجاء علي (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و أخبره بذلك، فنزل فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.

6050/ [22]- شرف الدين النجفي: روى جابر بن يزيد و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «نحن أهل الذكر».

6051/ [23]- و من طريق المخالفين، ما رواه الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في (المستخرج من التفاسير

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 2: 260/ 31.

19- تفسير العيّاشي 2: 260/ 32.

20- تفسير العيّاشي 2: 261/ 33. [.....]

21- المناقب 2: 352.

22- تأويل الآيات 1: 255/ 7.

23- ... عنه الطرائف: 93/ 131 و إحقاق الحقّ 3: 482.

(1) التوبة 9: 122.

(2) المائدة 5: 101.

(3) آل عمران 3: 133.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 429

الاثني عشر) في تفسير قوله تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ يعني أهل بيت النبوة، و معدن الرسالة، و مختلف الملائكة، و الله ما سمي المؤمن مؤمنا إلا كرامة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

سورة النحل(16): الآيات 45 الي 47 ..... ص : 429

قوله تعالى:

أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [45- 47]

6052/ [1]- العياشي: عن إبراهيم بن عمر، عمن سمع أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين (عليه السلام)، ثم صار عند محمد بن علي (عليه السلام)، ثم يفعل الله ما يشاء، فالزم هؤلاء، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة رجل، و معه راية رسول الله (صلى الله عليه و آله)،

عامدا إلى المدينة حتى يمر بالبيداء فيقول: هذا مكان القوم الذين خسف بهم، و هي الآية التي قال الله: أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ».

6053/ [2]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) سئل عن قول الله تعالى: أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ، قال: «هم أعداء الله، و هم يمسخون و يقذفون و يسيحون في الأرض».

6054/ [3]- عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال له: «و إياكم و شذاذا من آل محمد، فإن لآل محمد و علي (عليهم السلام) راية، و لغيرهم رايات [فالزم الأرض، و لا تتبع منهم رجلا أبدا حتى ترى رجلا من ولد الحسين، معه عهد نبي الله و رايته و سلاحه، فإن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين، ثم صار عند محمد بن علي، و يفعل الله ما يشاء]، فالزم هؤلاء أبدا، و إياك و من ذكرت لك.

فإذا خرج رجل منهم معه ثلاث مائة و بضعة عشر رجلا، و معه راية رسول الله (صلى الله عليه و آله) عامدا إلى المدينة حتى يمر بالبيداء، حتى يقول: هذا مكان القوم الذين خسف بهم، و هي الآية التي قال الله تعالى: أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 261/ 34.

2- تفسير العيّاشي 2: 261/ 35.

3- تفسير العيّاشي 1: 65/ 117.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 430

6055/ [4]- علي بن إبراهيم، قال:

قوله: أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ يا محمد، و هو استفهام أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ قال: إذا جاءوا و ذهبوا في التجارات و في أعمالهم، فيأخذهم في تلك الحالة: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ قال:

على تيقظ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.

سورة النحل(16): الآيات 48 الي 51 ..... ص : 430

قوله تعالى:

أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [48- 51] 6056/ [1]- علي بن إبراهيم، قال قوله: أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ داخِرُونَ قال: تحويل كل ظل خلقه الله هو سجوده لله، لأنه ليس شي ء إلا له ظل يتحرك، فتحريكه و تحويله سجوده.

قال: و قوله: وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ. قال: الملائكة ما قدر الله لهم، يأمرون «1» فيه. ثم احتج الله عز و جل على الثنوية، فقال: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ.

6057/ [2]- الطبرسي في (الاحتجاج): قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) قيل له: و لم لا يجوز أن يكون صانع العالم أكثر من واحد؟

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يخلو قولك أنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين، أو يكون أحدهما قويا و الآخر ضعيفا، فإن كانا قويين، فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه و يتفرد بالربوبية؟ و إن زعمت أن أحدهما قوي و الآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما

تقول للعجز الظاهر في الثاني، و إن قلت: إنهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مفترقين من كل جهة، فلما رأينا الخلق منتظما، و الفلك جاريا، و اختلاف الليل و النهار و الشمس و القمر، دل ذلك على صحة الأمر و التدبير و ائتلاف الأمور، و أن المدبر واحد».

6058/ [3]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ

__________________________________________________

4- تفسير القمي 1: 385.

1- تفسير القمي 1: 386.

2- الاحتجاج: 333.

3- تفسير العياشي 2: 261/ 36.

(1) في المصدر: يمرون. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 431

يعني بذلك و لا تتخذوا إمامين إنما هو إمام واحد».

سورة النحل(16): الآيات 52 الي 62 ..... ص : 431

قوله تعالى:

وَ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً- إلى قوله تعالى- وَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَ تَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ [52- 62]

6059/ [1]- العياشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً.

قال: «واجبا».

6060/ [2]- علي بن إبراهيم، قوله: وَ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً أي واجبا. ثم ذكر تفضله «1» فقال: وَ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ أي تفزعون و ترجعون. و النعمة:

في الصحة و السعة و العافية ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.

قال: و قوله: وَ يَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ و هم الذي وصفنا، مما كان العرب يجعلون للأصنام نصيبا في زرعهم، و إبلهم و غنمهم،

فرد الله عليهم فقال: تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ وَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَ لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ.

6061/ [3]- و عنه، قال: قالت قريش، إن الملائكة بنات الله، فنسبوا مالا يشتهون إلى الله، فقال الله عز و جل:

وَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَ لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ يعني من البنين. ثم قال وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَ يُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أي: يستهين به أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ. ثم رد الله عليهم فقال: لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

6062/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي،

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 262/ 37.

2- تفسير القمّي 1: 386.

3- تفسير القمّي 1: 386.

4- التوحيد: 321/ 1.

(1) في «س، ط»: تفصيله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 432

عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش و الكرسي- و ذكر الحديث- إلى أن قال: وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى الذي لا يشبهه شي ء، و لا يوصف، و لا يتوهم، فذلك المثل الأعلى.

و الحديث طويل يأتي بطوله- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ من سورة النمل «1».

6063/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، في حديث تفسير

قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ «2» الآية، و في آخر الحديث: قلت لجعفر بن محمد: جعلت فداك- يا سيدي- إنهم يقولون: مثل نور الرب؟ قال: «سبحان الله! ليس لله مثل، قال الله: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ» «3».

6064/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ أي عند معصيتهم و ظلمهم ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ.

6065/ [7]- العياشي: عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «الأجل الذي سمي في ليلة القدر، هو الأجل الذي قال الله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ».

و قد مضى حديث لحمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في معنى الأجل، في قوله تعالى: قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ من سورة الأنعام «4».

6066/ [8]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَ تَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ يقول:

ألسنتهم الكاذبة أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ أي: معذبون.

سورة النحل(16): آية 64 ..... ص : 432

قوله تعالى:

وَ ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ [64]

6067/ [1]- العياشي: عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لي: «يا أنس، اسكب لي وضوءا»

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 103.

6- تفسير القمّي 1: 386.

7- تفسير العيّاشي 2: 262/ 38.

8- تفسير القمّي 1: 386.

1- تفسير العيّاشي 2: 262/ 39.

(1) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية 26) من سورة النمل.

(2) يأتي في الحديث (9) من تفسير الآية (35) من سورة النور.

(3) النحل 16: 74.

(4) تقدّم في الحديث (6) من

تفسير الآية (2) من سورة الأنعام. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 433

قال: فعمدت فسكبت للنبي (صلى الله عليه و آله) الوضوء في البيت، فأعلمته فخرج و توضأ ثم عاد إلى البيت إلى مجلسه، ثم رفع رأسه إلي، فقال: «يا أنس، أول من يدخل علينا أمير المؤمنين، و سيد المرسلين، و قائد الغر المحجلين».

قال أنس: فقلت- بيني و بين نفسي-: اللهم اجعله رجلا من قومي، قال: فإذا أنا بباب الدار يقرع، فخرجت ففتحت فإذا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فدخل فتمشى فرأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين رآه و ثب على قدميه مستبشرا، فلم يزل قائما و علي (عليه السلام) يمشي حتى دخل عليه البيت فاعتنقه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يمسح بكفه وجهه فيمسح به وجه علي (عليه السلام)، بكفه فيمسح به وجهه، يعني: وجه نفسه. فقال له علي (عليه السلام): «يا رسول الله، لقد صنعت بي اليوم شيئا ما صنعت بي قط». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «و ما يمنعني و أنت وصيي، و الذي يبين لهم ما يختلفون فيه بعدي، و تؤدي عني، و تسمعهم نبوتي».

6068/ [2]- و من طريق العامة: روى الإمام الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بسنده في (حليته):

عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أنس، أسكب لي وضوءا». ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: «يا أنس، أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، و سيد المسلمين، و قائد الغر المحجلين، و خاتم الوصيين».

قال أنس: قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار، و

كتمته، إذ جاء علي (عليه السلام)، فقال: «من هذا، يا أنس؟» فقلت: علي، فقام مستبشرا فاعتنقه، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، و يمسح عرق علي (عليه السلام) بوجهه.

فقال علي (عليه السلام): «يا رسول الله، لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل». قال: «و ما يمنعني و أنت تؤدي عني، و تسمعهم صوتي «1»، و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي».

و روى هذا الحديث من علماء العامة أيضا، موفق بن أحمد، في كتاب (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أنس بصورة ما في كتاب (الحلية) بغير تغيير «2».

سورة النحل(16): الآيات 65 الي 67 ..... ص : 433

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها- إلى قوله تعالى- وَ مِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَ الْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَ رِزْقاً حَسَناً [65- 67]

__________________________________________________

2- حلية الأولياء 1: 63، ترجمة الامام عليّ (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 2: 486/ 1014.

(1) في «ط»: نبوّتي.

(2) المناقب للخوارزمي: 42.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 434

6069/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً: الآية محكمة، ثم قال: قوله:

وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ قال: الفرث:

ما في الكرش.

6070/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) «1»: «ليس أحد يغص بشرب اللبن، لأن الله عز و جل: يقول: لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ».

6071/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ مِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَ الْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً قال: الخل وَ رِزْقاً حَسَناً قال: الزبيب.

6072/ [4]- العياشي: عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد

الله (عليه السلام) قال: «إن الله أمر نوحا (عليه السلام) أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين. فحمل الفحل «2» و العجوة «3»، فكانا زوجا، فلما نضب الماء أمر الله نوحا أن يغرس الحبلة و هي الكرم، فأتاه إبليس فمنعه من غرسها، و أبي نوح (عليه السلام) إلا أن يغرسها، و أبي إبليس أن يدعه يغرسها، و قال: ليست لك و لا لأصحابك، إنما هي لي و لأصحابي فتنازعا ما شاء الله. ثم إنهما اصطلحا على أن جعل نوح (عليه السلام) لإبليس ثلثيها و لنوح (عليه السلام) ثلثها، و قد أنزل الله لنبيه (صلى الله عليه و آله) في كتابه ما قد قرأتموه:

وَ مِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَ الْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَ رِزْقاً حَسَناً فكان المسلمون [يشربون «4» بذلك، ثم أنزل الله آية التحريم، هذه الآية: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ- إلى- مُنْتَهُونَ «5» يا سعيد، فهذه آية التحريم، و هي نسخت الآية الاخرى».

سورة النحل(16): الآيات 68 الي 69 ..... ص : 434

قوله تعالى:

وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 387.

2- الكافي 6: 336/ 5.

3- تفسير القمّي 1: 387.

4- تفسير العيّاشي 2: 262/ 40.

(1) في المصدر: ع أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

(2) في المصدر: النخل.

(3) العجوة: ضرب من أجود التمر بالمدينة. «لسان العرب- عجا- 15: 31».

(4) من بحار الأنوار 66: 489/ 4.

(5) المائدة 5: 90- 91.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 435

ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ- إلى قوله تعالى- يَتَفَكَّرُونَ [68- 69]

6073/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي الوشاء، عن رجل، عن

حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ.

قال: «نحن النحل الذي أوحى الله إليها: أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً أمرنا أن نتخذ من العرب شيعة وَ مِنَ الشَّجَرِ يقول: من العجم وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ من الموالي، و الذي يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ العلم الذي يخرج منا إليكم».

6074/ [2]- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ إلى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ: «فالنحل:

الأئمة، و الجبال: العرب، و الشجر: الموالي عتاقة، و مما يعرشون: يعني الأولاد و العبيد ممن لم يعتق و هو يتولى الله و رسوله و الأئمة. و الثمرات المختلف ألوانها: فنون العلم الذي قد يعلم الأئمة شيعتهم: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ يقول: في العلم شفاء للناس، و الشيعة هم الناس، و غيرهم الله أعلم بهم ما هم».

قال: «و لو كان كما يزعم أنه العسل الذي يأكله الناس، إذن ما أكل منه و لا شرب ذو عاهة إلا برئ، لقول الله:

فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ و لا خلف لقول الله، و إنما الشفاء في علم القرآن، لقوله: وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ «1» فهو شفاء و رحمة لأهله لا شك فيه و لا مرية، و أهله: أئمة الهدى الذين قال الله: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا» «2».

6075/ [3]- و في رواية أبي الربيع الشامي، عنه (عليه السلام) في قول الله: وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ فقال:

«رسول الله (صلى الله عليه و آله)» أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً

قال: «تزوج من قريش» وَ مِنَ الشَّجَرِ قال: «في العرب» وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ، قال: «في الموالي» يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ قال: «أنواع العلم فيه شفاء للناس».

6076/ [4]- ابن شهر آشوب: عن الرضا (عليه السلام) في هذه الآية: «قال النبي (صلى الله عليه و آله): علي أمير بني

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 387.

2- تفسير العيّاشي 2: 263/ 43. [.....]

3- تفسير العيّاشي 2: 264/ 44.

4- المناقب 2: 315.

(1) الإسراء 17: 82.

(2) فاطر 35: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 436

هاشم «1»، فسمي أمير النحل».

6077/ [5]- (أغاني أبي الفرج): في حديث، أن المعلى بن طريف قال: ما عندكم في قوله تعالى: وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ؟

فقال بشار بن برد: النحل المعهود. قال: هيهات، يا أبا معاذ، النحل: بنو هاشم يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ يعني العلم.

6078/ [6]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي، بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ.

قال: «ما بلغ بالنحل أن يوحى إليها، بل فينا نزلت، و نحن النحل، و نحن المقيمون لله في أرضه بأمره، و الجبال: شيعتنا، و الشجر: النساء المؤمنات».

6079/ [7]- العياشي: عن محمد بن يوسف، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ قال: «إلهام».

6080/ [8]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لعقة العسل فيها شفاء، قال: مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ».

6081/ [9]- عن سيف بن عميرة، عن شيخ من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كنا عنده، فسأله

شيخ، فقال: بي وجع و أنا أشرب له النبيذ، و وصفه لي الشيخ؟ فقال له: «ما يمنعك من الماء الذي جعل الله منه كل شي ء حي؟» قال: لا يوافقني. قال له أبو عبد الله (عليه السلام): «فما يمنعك من العسل؟ قال الله: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ قال: لا أجده. قال: «فما يمنعك من اللبن الذي نبت منه لحمك، و اشتد عظمك». قال: لا يوافقني. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «أ تريد أن آمرك بشرب الخمر؟! لا و الله، لا آمرك».

6082/ [10]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لعقة «2» العسل شفاء من كل داء، قال الله عز و جل: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ و هو مع قراءة

__________________________________________________

5- الأغاني 3: 30، مناقب ابن شهر آشوب 2: 315.

6- تأويل الآيات 1: 256/ 12 عن الديلمي في تفسيره.

7- تفسير العيّاشي 2: 263/ 41.

8- تفسير العيّاشي 2: 263/ 42.

9- تفسير العيّاشي 2: 264/ 45.

10- الكافي 6: 332/ 2.

(1) في المصدر: علي أميرها.

(2) في المصدر: لعق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 437

القرآن و مضغ اللبان «1»، يذيب البلغم».

سورة النحل(16): الآيات 70 الي 72 ..... ص : 437

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ [70]

6083/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن العباس، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن القاسم، عن علي بن المغيرة، عن أبي عبد الله «2» (عليه السلام) قال: «إذا بلغ العبد مائة سنة فذلك

أرذل العمر».

6084/ [2]- الطبرسي: روي عن علي (عليه السلام): «إن أرذل العمر خمس و سبعون سنة». و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) مثل ذلك.

قوله تعالى:

لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَ حَفَدَةً [70- 72] 6085/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً قال: إذا كبر لا يعلم ما «3» علمه قبل ذلك. ثم قال: قوله: وَ اللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ قال: لا يجوز للرجل أن يختص نفسه بشي ء من المأكول دون عياله.

قال: قوله: وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعني حواء خلقت من آدم (عليه السلام) وَ حَفَدَةً قال:

الأختان.

6086/ [4]- الطبرسي: في معنى الحفدة: هم أختان الرجل على بناته. قال: و هو المروي عن أبي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 78.

2- مجمع البيان 5: 574. [.....]

3- تفسير القمّي 1: 387.

4- مجمع البيان 5: 5786.

(1) اللّبان: ضرب من العلك، يؤخذ من نبات يفرز مادّة صمغية، و يسمّى الكندر أيضا.

(2) في المصدر زيادة: عن أبيه (عليهما السلام).

(3) في «س، ط»: ممّا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 438

عبد الله (عليه السلام).

6087/ [1]- العياشي: عن عبد الرحمن الأشل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَ حَفَدَةً.

قال: «الحفدة: بنو البنت، و نحن حفدة رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

6088/ [2]- عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَ حَفَدَةً، قال: «هم الحفدة و هم العون

منهم» يعني البنين.

سورة النحل(16): الآيات 75 الي 76 ..... ص : 438

قوله تعالى:

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ- إلى قوله تعالى- هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَ مَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ هُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [75- 76]

6089/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل ينكح أمته من رجل، أ يفرق بينهما إذا شاء؟

فقال: «إن كان مملوكه، فليفرق بينهما إذا شاء، إن الله تعالى يقول: عَبْداً مَمْلُوكاً لا ʙΙ™ҘϙИљϠعَلى شَيْ ءٍ فليس للعبد شي ء من الأمر، و إن كان زوجها حرا فإن طلاقها عتقها» «1».

6090/ [4]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن شعيب بن يعقوب العقرقوفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل- و أنا عنده أسمع- عن طلاق العبد. قال: «ليس له طلاق و لا نكاح، أما تسمع الله تعالى يقول: عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ» قال: «لا يقدر على طلاق و لا على نكاح إلا بإذن مولاه».

6091/ [5]- و عنه: بإسناده عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن المفضل بن صالح، عن ليث المرادي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العبد، هل يجوز طلاقه؟

فقال: «إن كانت أمتك فلا، إن الله تعالى يقول: عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ و إن كانت أمة قوم

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 264/ 46.

2- تفسير العيّاشي 2: 264/ 47.

3- التهذيب 7: 340/ 1392.

4- التهذيب 7: 347/ 1421.

5- التهذيب 7: 348/ 1423.

(1) في المصدر: صفقتها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 439

آخرين أو حرة جاز طلاقها».

6092/ [4]- و

عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن الحسن العطار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع بالعمرة إلى الحج، أ عليه أن يذبح عنه؟

قال: «لا، إن الله يقول: عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ».

6093/ [5]- العياشي: عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل ينكح أمته من رجل.

قال: «إن كان مملوكا فليفرق بينهما إذا شاء، لأن الله يقول: عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ فليس للعبد من الأمر شي ء، و إن كان زوجها حرا فإن طلاقها عتقها «1»».

6094/ [6]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مر عليه غلام له، فدعاه إليه، ثم قال: «يا فتى، أرد عليك فلانة و تطعمنا بدرهم خربز «2»». قال: فقلت: جعلت فداك، إنا نروي عندنا: أن عليا (عليه السلام) أهديت له أو اشتريت [له جارية]. فقال لها: أ فارغة أنت أم مشغولة؟ قالت: مشغولة. قال: فأرسل، فاشترى بضعها من زوجها بخمسمائة درهم. فقال: «كذبوا على علي (عليه السلام)، و لم يحفظوا. أما تسمع إلى قول الله و هو يقول: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ».

6095/ [7]- عن زرارة، عن أبي جعفر و عن أبي عبد الله (عليهما السلام) قال: «المملوك لا يجوز طلاقه و لا نكاحه إلا بإذن سيده».

قلت: فإن كان السيد زوجه، بيد من الطلاق؟ قال: «بيد السيد ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ ما شي ء الطلاق؟!».

6096/ [8]- عن أبي بصير، في الرجل ينكح أمته لرجل، أله أن يفرق بينهما إذا شاء؟

قال: «إن كان مملوكا فليفرق بينهما إذا شاء،

لأن الله يقول: عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ فليس للعبد من الأمر شي ء، و إن كان زوجها حرا فرق بينهما إذا شاء المولى».

6097/ [9]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إذا زوج الرجل غلامه جاريته فرق بينهما إذا «3» شاء».

__________________________________________________

4- التهذيب 5: 200/ 665.

5- تفسير العيّاشي 2: 264/ 48.

6- تفسير العيّاشي 2: 265/ 49. [.....]

7- تفسير العيّاشي 2: 265/ 50.

8- تفسير العيّاشي 2: 265/ 51.

9- تفسير العيّاشي 2: 265/ 52.

(1) في «س»: صفقتها.

(2) الخربز: البطّيخ بالفارسيّة. «لسان العرب- خربز- 5: 345».

(3) في المصدر: متى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 440

6098/ [10]- عن الحلبي، عنه (عليه السلام)، عن الرجل ينكح عبده أمته، قال: «يفرق بينهما «1» إذا شاء بغير طلاق، فإن الله يقول: عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ».

6099/ [11]- عن أحمد بن عبد الله العلوي، عن الحسن بن الحسين، عن الحسين بن زيد بن علي، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: «كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ و يقول: للعبد لا طلاق و لا نكاح، ذلك إلى سيده، و الناس يرون «2» خلاف ذلك، إذا أذن السيد لعبده لا يرون له أن يفرق بينهما».

6100/ [12]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: «المملوك لا يجوز طلاقه و لا نكاحه إلا بإذن سيده».

قلت: فإن السيد كان زوجه، بيد من الطلاق؟ فقال: «بيد السيد ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ الشي ء:

الطلاق».

6101/ [13]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ قال: لا يتزوج و لا يطلق. قال: ثم ضرب الله مثلا في الكفار، قوله: وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ وَ هُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَ مَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ هُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قال: كيف يستوي هذا، و هذا الذي يأمر بالعدل أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)،؟!

6102/ [14]- ابن شهر آشوب: عن حمزة بن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَ مَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ.

قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، يأمر بالعدل، و هو على صراط مستقيم».

سورة النحل(16): الآيات 78 الي 81 ..... ص : 440

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 265/ 53.

11- تفسير العيّاشي 2: 266/ 54.

12- التهذيب 7: 347/ 1419.

13- تفسير القمّي 1: 387.

14- المناقب 2: 107.

(1) في المصدر: قال: ينزعها.

(2) في «ط»: يروون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 441

وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَ سَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ [78- 81] 6103/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ اللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ إلى قوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ: إنه محكم.

ثم قال: قوله: وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً يعني المساكن وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً يعني الخيم و المضارب: تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ أي يوم سفركم: وَ يَوْمَ إِقامَتِكُمْ يعني في مقامكم وَ مِنْ أَصْوافِها وَ أَوْبارِها وَ أَشْعارِها أَثاثاً وَ مَتاعاً إِلى حِينٍ.

6104/ [2]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، في قوله: أَثاثاً قال: «المال»،

وَ مَتاعاً قال: «المنافع»، إِلى حِينٍ: «أي إلى حين بلاغها».

6105/ [3]- قال علي بن إبراهيم في قوله: وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا قال: ما يستظل به وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ يعني القمص، و إنما جعل ما يجعل منه. وَ سَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ يعني الدروع.

6106/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحر و البرد، مما يكونان؟

فقال: «يا أبا أيوب، إن المريخ كوكب حار، و زحل كوكب بارد، فإذا بدأ المريخ في الارتفاع انحط زحل و ذلك في الربيع، فلا يزالان كذلك، كلما ارتفع المريخ درجة انحط زحل درجة ثلاثة أشهر، حتى ينتهي المريخ في الارتفاع و ينتهي زحل في الهبوط فيجلوا المريخ، فلذلك يشتد الحر، فإذا كان آخر الصيف و أول «1» الخريف بدأ زحل في الارتفاع و بدأ المريخ في الهبوط، فلا يزالان كذلك، كلما ارتفع زحل درجة انحط المريخ درجة، حتى ينتهي المريخ في الهبوط و ينتهي زحل في الارتفاع فيجلو زحل، و ذلك في أول الشتاء و آخر الخريف و لذلك يشتد البرد، و كلما ارتفع هذا هبط هذا، و كلما هبط هذا ارتفع هذا، فإذا كان في الصيف يوم بارد فالفعل فى ذلك للقمر، و إذا كان في الشتاء يوم حار فالفعل في ذلك للشمس، و هذا هبط هذا، و كلما هبط هذا بتقدير العزيز العليم، و أنا عبد رب العالمين».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 387. [.....]

2- تفسير القمّي 1: 388.

3- تفسير القمّي 1: 388.

4- الكافي 8: 306/ 474.

(1) في

«ط»: و أوان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 442

سورة النحل(16): آية 83 ..... ص : 442

قوله تعالى:

يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَ أَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ [83]

6107/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمد الهاشمي، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن عيسى، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) في قوله عز و جل: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها.

قال: «لما نزلت: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «1» اجتمع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجد المدينة، فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها، و إن آمنا فهذا ذل حين يتسلط «2» علينا ابن أبي طالب فقالوا: قد علمنا أن محمدا (صلى الله عليه و آله) صادق فيما يقول، و لكن نتولاه و لا نطيع عليا فيما أمرنا، فنزلت هذه الآية: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها «3» يعني ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ أَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ بالولاية».

6108/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن إسحاق بن الهيثم، عن سعد بن ظريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام) قال: «ما بال قوم غيروا سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عدلوا عن وصيه «4»، لا يخافون أن ينزل بهم العذاب، ثم تلا هذه الآية الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ «5»». ثم قال: «نحن- و الله- نعمة الله التي أنعم الله بها على عباده، و بنا

فاز من فاز».

6109/ [3]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ الآية.

قال: «عرفهم ولاية علي (عليه السلام) و أمرهم بولايته، ثم أنكروا بعد وفاته».

6110/ [4]- العياشي: عن جعفر بن أحمد، عن العمركي النيسابوري، عن علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) أنه سئل عن هذه الآية يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ الآية، فقال: «عرفوه ثم أنكروه».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 354/ 77.

2- تفسير القمّي 1: 86.

3- المناقب 3: 99.

4- تفسير العيّاشي 2: 266/ 55.

(1) المائدة 5: 55.

(2) في المصدر: يسلّط.

(3) في المصدر زيادة: يعرفون.

(4) في «س»: وصيّته.

(5) إبراهيم 14: 28- 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 443

سورة النحل(16): الآيات 84 الي 89 ..... ص : 443

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً- إلى قوله تعالى- وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ [84- 89] 6111/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً قال: لكل زمان [و أمة] إمام، تبعث كل أمة مع إمامها. و قوله: الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ قال: كفروا بعد النبي، و صدوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ. ثم قال: وَ يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يعني من الأئمة. ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ جِئْنا بِكَ يا محمد شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ يعني على الأئمة، فرسول الله شهيد على الأئمة، و الأئمة شهداء على الناس.

6112/ [2]- الطبرسي: عن الصادق (عليه السلام) قال: «لكل زمان و أمة إمام «1»، تبعث كل امة مع إمامها».

قوله تعالى:

وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرى

لِلْمُسْلِمِينَ [89]

6113/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن حماد بن عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنا أعلم كتاب الله، و فيه بدء الخلق و ما هو كائن إلى يوم القيامة، و فيه خبر السماء و خبر الأرض، و خبر الجنة و خبر النار، و خبر ما كان و خبر ما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفي، إن الله عز و جل يقول: فيه تبيان كل شي ء».

6114/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن يعقوب، عن الحارث بن المغيرة، و عدة من أصحابنا منهم عبد الأعلى، و أبو عبيدة، و عبد الله بن بشر الخثعمي، سمعوا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إني لأعلم ما في السماوات و ما في الأرض، و أعلم ما في الجنة و أعلم ما في النار، و أعلم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 388. [.....]

2- مجمع البيان 6: 584.

3- الكافي 1: 50/ 8.

4- الكافي 1: 204/ 2.

(1) في «ط»: شهيد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 444

ما كان و ما يكون».

قال: ثم مكث هنيئة، فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه، فقال: «علمت ذلك من كتاب الله عز و جل، إن الله عز و جل يقول: فيه تبيان كل شي ء».

6115/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن عمر، عن عبد الله بن الوليد السمان، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا عبد

الله، ما تقول الشيعة في علي و موسى و عيسى (عليهم السلام)»؟

قال: قلت: جعلت فداك، و عن أي حالات تسألني؟ قال: «أسألك عن العلم». قلت: يقولون: إن موسى و عيسى (عليهما السلام) أفضل من أمير المؤمنين (عليه السلام).

قال: «هو- و الله- «1» أعلم منهما، أليس يقولون: إن لعلي (عليه السلام) ما لرسول الله (صلى الله عليه و آله) من العلم؟» قال: قلت: بلى. قال: «فخاصمهم فيه، إن الله تبارك و تعالى قال لموسى (عليه السلام): وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ «2» فأعلمنا أنه لم يبين له الأمر كله، و قال الله تبارك و تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله): وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ».

6116/ [4]- و عنه: عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن عبد الله بن الوليد، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «أي شي ء تقول الشيعة في عيسى و موسى و أمير المؤمنين (عليه السلام)»؟ قلت: يقولون: إن موسى و عيسى (عليهما السلام) أفضل من أمير المؤمنين (عليه السلام).

فقال: «أ يزعمون أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد علم ما علم رسول الله (صلى الله عليه و آله)»؟ قلت: نعم، و لكن لا يقدمون على اولي العزم من الرسل أحدا. قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فخاصمهم بكتاب الله». قلت: و في أي موضع منه أخاصمهم؟ قال: «قال الله تبارك و تعالى لموسى (عليه السلام): وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ «3» فعلمنا أنه لم يكتب لموسى (عليه السلام) كل شي ء، و قال الله تبارك و تعالى [لعيسى (عليه السلام) وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي

تَخْتَلِفُونَ فِيهِ «4» و قال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله): وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ».

6117/ [5]- و عنه: عن علي بن محمد بن سعد، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن مسلم بن الحجاج، عن يونس، عن الحسين بن علوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله خلق

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 248/ 3.

4- بصائر الدرجات: 247/ 1.

5- بصائر الدرجات: 247/ 2.

(1) في المصدر: عن العلم، فأمّا الفضل فهم سواء. قال: قلت: جعلت فداك، فما عسى أن أقول فيهم؟ فقال: هو و اللّه.

(2) الأعراف: 7: 145.

(3) الأعراف 7: 145.

(4) الزخرف 43: 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 445

اولي العزم من الرسل، و فضلهم بالعلم، و أورثنا علمهم و فضلهم، و فضلنا عليهم في علمهم، و علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما لم يعلموا، و علمنا علم الرسول و علمهم».

6118/ [6]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن أبي بشر، عن كثير بن أبي حمران، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لقد سأل موسى (عليه السلام) العالم مسألة، لم يكن عنده جوابها. و لقد سأل العالم موسى (عليه السلام) مسألة، لم يكن عنده جوابها، و لو كنت بينهما لأخبرت كل واحد منهما بجواب مسألته، و لسألتهما عن مسألة لم يكن عندهما جوابها».

6119/ [7]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لما لقي موسى (عليه السلام) العالم، و كلمه و سأله، نظر إلى خطاف يصفر و يرتفع في السماء، و يسفل

في البحر، فقال العالم لموسى (عليه السلام): أ تدري ما يقول هذا الخطاف؟ قال: و ما يقول؟ قال: يقول: و رب السماء و الأرض، ما علمكما من علم ربكما إلا مثل ما أخذت بمنقاري من هذا البحر».

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أما إني لو كنت عندهما لسألتهما عن مسألة، لا يكون عندهما فيها علم».

6120/ [8]- و عنه: عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) و نحن جماعة في الحجر، فقال: «و رب هذه البنية، و رب هذه الكعبة- ثلاث مرات- لو كنت بين موسى و الخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما، و لأنبأتهما بما ليس في أيديهما».

6121/ [9]- و عنه: عن أحمد بن الحسين، عن الحسن بن راشد، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، قال: و حدثوني جميعا، عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار، قال: كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) في الحجر، فقال: «أعلينا عين؟» فالتفتنا يمنة و يسرة و قلنا: لا، ليس علينا عين. فقال: «و رب هذه الكعبة- ثلاث مرات- لو كنت بين موسى و الخضر (عليهما السلام) لأخبرتهما أني أعلم منهما، و لأنبأتهما بما ليس في أيديهما».

6122/ [10]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد، و محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار، قال: كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من الشيعة في الحجر، فقال: «علينا عين؟» فالتفتنا يمنة و يسرة فلم نر أحدا، فقلنا: ليس علينا عين. فقال: «و رب الكعبة، و رب البنية-

ثلاث مرات- لو كنت بين موسى و الخضر (عليهما السلام) لأخبرتهما أني أعلم منهما، و لأنبأتهما بما ليس في أيديهما، لأن موسى و الخضر (عليهما السلام) أعطيا علم ما كان، و لم يعطيا علم ما يكون و ما هو كائن حتى

__________________________________________________

6- بصائر الدرجات: 249/ 1.

7- بصائر الدرجات: 250/ 2.

8- بصائر الدرجات: 250/ 3. [.....]

9- بصائر الدرجات: 250/ 4.

10- الكافي 1: 203/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 446

تقوم الساعة، و قد ورثناه من رسول الله (صلى الله عليه و آله) وراثة».

6123/ [11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن عبد الله بن سليمان، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن جبرئيل (عليه السلام) أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) برمانتين، فأكل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إحداهما و كسر الأخرى بنصفين، فأكل نصفا و أطعم عليا (عليه السلام) نصفا. ثم قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخي، هل تدري ما هاتان الرمانتان؟ قال: لا. قال: أما الأولى فالنبوة ليس لك فيها نصيب، و أما الاخرى فالعلم و أنت شريكي فيه».

فقلت: أصلحك الله، كيف كان شريكه فيه؟ قال: «لم يعلم الله محمدا (صلى الله عليه و آله) علما إلا و أمره أن يعلمه عليا (عليه السلام)».

6124/ [12]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) برمانتين من الجنة فأعطاه إياهما، فأكل واحدة و كسر الاخرى بنصفين، فأعطى عليا (عليه

السلام) نصفها فأكلها. فقال: يا علي، أما الرمانة الأولى التي أكلتها فالنبوة، ليس لك فيها شي ء، و أما الأخرى فهو العلم و أنت شريكي فيه».

6125/ [13]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس، عن ابن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «نزل جبرئيل (عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه و آله) برمانتين من الجنة فلقيه علي (عليه السلام)، فقال: ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك؟ فقال: أما هذه فالنبوة ليس لك فيها نصيب، و أما هذه فالعلم. ثم فلقها رسول الله (صلى الله عليه و آله) بنصفين، فأعطاه نصفها و أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) نصفها، ثم قال: أنت شريكي فيه و أنا شريكك فيه» قال: «فلم يعلم- و الله- رسول الله (صلى الله عليه و آله) حرفا مما علمه الله عز و جل إلا قد علمه عليا (عليه السلام)، ثم انتهى العلم إلينا». ثم وضع يده على صدره.

6126/ [14]- العياشي: عن يونس، عن عدة من أصحابنا، قالوا: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إني لأعلم خبر السماء و خبر الأرض، و خبر ما كان و خبر ما هو كائن كأنه في كفي». ثم قال: «من كتاب الله أعلمه، إن الله يقول: فيه تبيان كل شي ء».

6127/ [15]- عن منصور، عن حماد اللحام، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن- و الله- نعلم ما في السماوات و ما في الأرض، و ما في الجنة و ما في النار، و ما بين ذلك». قال: فبهت أنظر إليه، فقال: «يا حماد، إن ذلك

__________________________________________________

11- الكافي 1:

205/ 1.

12- الكافي 1: 206/ 2.

13- الكافي 1: 206/ 3.

14- تفسير العيّاشي 2: 266/ 56.

15- تفسير العيّاشي 2: 266/ 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 447

في كتاب الله- ثلاث مرات- ثم تلا هذه الآية وَ يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ إنه من كتاب فيه تبيان كل شي ء».

6128/ [16]- عن عبد الله بن الوليد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال الله لموسى (عليه السلام): وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ «1» فعلمنا أنه لم يكتب لموسى (عليه السلام) الشي ء كله، و قال الله لعيسى (عليه السلام): وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ «2»، و قال الله لمحمد (صلى الله عليه و آله): وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ».

6129/ [17]- عن عبد الملك بن سليمان: أنه وجد في دفين الزمازي رق مكتوب فيه تأريخه ألف و مائتا سنة بخط السريانية، و تفسيره بالعربية، قال: لما وقعت المشاجرة بين موسى بن عمران و الخضر (عليهما السلام) في قوله عز و جل في سورة الكهف في قصة السفينة و الغلام و الجدار، و رجع إلى قومه فسأله أخوه هارون عما استعمله من الخضر، فقال له: علم ما لم يضر جهله، و لكن كان ما هو أعجب من ذلك. قال: و ما هو؟ قال: بينما نحن على شاطئ البحر وقوف إذ أقبل طائر على هيئة الخطاف فنزل على البحر، فأخذ في منقاره ماء فرمى به إلى المشرق، ثم أخذ ثانية و رمى به إلى

المغرب، ثم أخذ ثالثة فرمى به [إلى الجنوب، ثم أخذ رابعة فرمى به إلى الشمال، ثم أخذ فرمى به إلى السماء، ثم أخذ فرمى به إلى الأرض، ثم أخذ مرة أخرى فرمى به إلى البحر، ثم جعل يرفرف و طار، فبقينا مبهوتين لا نعلم ما أراد الطائر بفعله.

فبينما نحن كذلك إذ بعث الله علينا ملكا في صورة آدمي، فقال: ما لي أراكما مبهوتين؟ قلنا: فيما أراد الطائر بفعله، قال: أو ما تعلمان ما أراد؟ قلنا له: الله أعلم. قال: إنه يقول: و حق من شرق المشرق و غرب المغرب، و رفع السماء و دحا الأرض، ليبعثن الله في آخر الزمان نبيا اسمه محمد (صلى الله عليه و آله)، له وصي اسمه علي (عليه السلام)، و علمكما جميعا في علمهما مثل هذه القطرة في هذا البحر.

سورة النحل(16): آية 90 ..... ص : 447

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [90] 6130/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: العدل: شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله).

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 2: 266/ 58.

17- الروضة لابن شاذان: 26، عنه البحار 40: 177/ 60.

1- تفسير القمّي 1: 388.

(1) الأعراف 7: 145.

(2) الزخرف 43: 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 448

و الإحسان: أمير المؤمنين (عليه السلام). و الفحشاء و المنكر و البغي: فلان و فلان و فلان.

6131/ [2]- و عنه، قال: حدثنا، محمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا موسى بن عمران، قال: حدثني، الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد (صلوات الله عليهما)

و أنا عنده، فقال: يا بن رسول الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ و قوله: أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ «1»؟

فقال: «نعم، ليس لله في عباده أمر إلا العدل و الإحسان، فالدعاء من الله عام، و الهدى خاص، مثل قوله:

وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» «2».

6132/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس بن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، عن صباح بن خاقان، عن عمرو بن عثمان التيمي القاضي، قال: خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) على أصحابه، و هم يتذاكرون المروءة. فقال: «أين أنتم من كتاب الله؟» قالوا: يا أمير المؤمنين، في أي موضع؟ فقال: «في قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ فالعدل: الإنصاف، و الإحسان:

التفضل».

6133/ [4]- العياشي: عن سعد، عن أبي جعفر (عليه السلام): إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ قال: «يا سعد، إن الله يأمر بالعدل و هو محمد (صلى الله عليه و آله)، و الإحسان و هو علي (عليه السلام) و إيتاء ذي القربى و هو قرابتنا، أمر الله العباد بمودتنا و إيتائنا، و نهاهم عن الفحشاء و المنكر، من بغى على أهل البيت و دعا إلى غيرنا».

6134/ [5]- عن إسماعيل الحريري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ؟ قال: «اقرأ كما

أقول لك- يا إسماعيل- إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى حقه».

فقلت: جعلت فداك، إنا لا نقرأ هكذا في قراءة زيد. قال: «و لكنا نقرؤها هكذا في قراءة علي (عليه السلام)».

قلت: فما يعني بالعدل؟ قال: «شهادة أن لا إله إلا الله». قلت: و الإحسان؟ قال: «شهادة أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)». قلت: فما يعني بإيتاء ذي القربى حقه؟ قال: «أداء إمام «3» إلى إمام بعد إمام» وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ

__________________________________________________

2- تفسير القمي 1: 388.

3- معاني الآخبار: 257/ 1. [.....]

4- تفسير العياشي 2: 267/ 59.

5- تفسير العياشي 2: 2687/ 60.

(1) يوسف 12: 40.

(2) يونس 10: 25.

(3) في المصدر: أداء إمامة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 449

قال: «ولاية فلان و فلان».

6135/ [6]- عن عمرو بن عثمان، قال: خرج علي (عليه السلام) على أصحابه، و هم يتذاكرون المروءة. فقال: «أين أنتم، أنسيتم من كتاب الله قرآنا ذكر ذلك؟» قالوا: يا أمير المؤمنين، في أي موضع؟ قال: «في قوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ فالعدل: الإنصاف، و الإحسان: التفضل».

6136/ [7]- عن عامر بن كثير، و كان داعية الحسين بن علي «1»، عن موسى بن أبي الغدير، عن عطاء الهمداني، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى

قال: «العدل: شهادة أن لا إله إلا الله، و الإحسان: ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ينهى عن الفحشاء: الأول، و المنكر: الثاني، و البغي: الثالث».

6137/ [8]- و في رواية سعد الإسكاف، عنه، قال: «يا سعد إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ و هو

محمد (صلى الله عليه و آله) فمن أطاعه فقد عدل وَ الْإِحْسانِ علي (عليه السلام)، فمن تولاه فقد أحسن، و المحسن في الجنة، وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى فمن «2» قرابتنا، أمر الله العباد بمودتنا و إيتائنا، و نهاهم عن الفحشاء و المنكر، من بغى علينا أهل البيت و دعا إلى غيرنا».

6138/ [9]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بإسناده إلى عطية بن الحارث، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ.

قال: «العدل: شهادة الإخلاص، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الإحسان: ولاية أمير المؤمنين (عليهم السلام)، و الإتيان بطاعتهما (صلوات الله عليهما). و إيتاء ذي القربى: الحسن و الحسين و الأئمة من ولده (عليهم السلام)، وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ و هو من ظلمهم و قتلهم و منع حقوقهم و موالاة أعدائهم، فهو المنكر الشنيع و الأمر الفظيع».

سورة النحل(16): الآيات 91 الي 96 ..... ص : 449

قوله تعال:

وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 267/ 61.

7- تفسير العيّاشي 2: 267/ 62.

8- تفسير العيّاشي 2: 268/ 63.

9- ... تأويل الآيات 1: 261/ 20، عنه البحار 24: 188/ 7.

(1) هو الحسين بن عليّ بن الحسن (المثلّث) بن الحسن (المثنّى) بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام) المعروف بصاحب فخّ. مقاتل الطالبيين: 285، الأعلام للزركل 2: 244.

(2) (فمن) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 450

جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً- إلى قوله تعالى- ما

عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ [91- 96]

6139/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس عن زيد بن الجهم الهلالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «لما نزلت ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و كان من قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): سلموا على علي بإمرة المؤمنين. فكان مما أكده الله عليهما في ذلك اليوم- يا زيد- قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لهما: قوما فسلما عليه بإمرة المؤمنين. فقالا: أمن الله أو من رسوله، يا رسول الله؟ فقال لهما رسول الله (صلى الله عليه و آله): من الله و من رسوله فأنزل الله عز و جل وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ يعني قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لهما، و قولهما: أمن الله أو من رسوله وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم.

قال: قلت: جعلت فداك، أئمة؟ قال: «إي و الله أئمة». قلت: فإنا نقرأ أربى؟ فقال: «ويحك، ما أربى؟!- و أومأ بيده فطرحها- إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ يعني بعلي (عليه السلام) وَ لَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ يوم القيامة عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَ لا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها يعني بعد مقالة رسول الله (صلى الله عليه و

آله) في علي (عليه السلام) وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني به عليا (عليه السلام) وَ لَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ».

6140/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما نزلت الولاية، و كان من قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغدير خم: سلموا على علي بإمرة المؤمنين. فقالوا: أمن الله أو من رسوله؟ فقال:

اللهم نعم، حقا من الله و من رسوله. فقال: إنه أمير المؤمنين و إمام المتقين، و قائد الغر المحجلين، يقعده الله يوم القيامة على الصراط، فيدخل أولياءه الجنة، و يدخل أعداءه النار. و أنزل الله عز و جل وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ يعني: قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): من الله و رسوله. ثم ضرب لهم مثلا، فقال: وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ».

6141/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «التي نقضت

__________________________________________________

1- الكافي 1: 231/ 1.

2- تفسير القمّي 1: 389.

3- تفسير القمّي 1: 389. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 451

غزلها: امرأة من بني تيم بن مرة يقال لها ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن كعب بن لؤي بن غالب، كانت حمقاء تغزل الشعر، فإذا غزلته نقضته ثم عادت فغزلته، فقال الله: كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ- قال- إن الله تبارك و تعالى أمر بالوفاء و نهى عن نقض العهد، فضرب لهم مثلا».

6142/ [4]- نرجع إلى رواية علي بن

إبراهيم «1»، قال: في قوله (عليه السلام): «أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم». فقيل: يا بن رسول الله، نحن نقرأها: هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ. قال: «ويحك، و ما أربى؟!- و أومأ بيده فطرحها- إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ يعني بعلى بن أبي طالب (عليه السلام) يختبركم وَ لَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَ لَوْ شاءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً- قال- على مذهب واحد و أمر واحد وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ- قال- يعذب بنقض العهد وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ- قال- يثيب وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَ لا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ- قال- هو مثل لأمير المؤمنين (عليه السلام): فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها يعني بعد مقالة النبي (صلى الله عليه و آله) فيه وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني عن علي (عليه السلام) وَ لَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ».

وَ لا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا معطوف على قوله: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ. ثم قال: ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ أي ما عندكم من الأموال و النعمة يزول، و ما عند الله مما تقدمونه من خير أو شر فهو باق.

6143/ [5]- العياشي: عن زيد بن الجهم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «لما سلموا على علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للأول: قم فسلم عن علي بإمرة المؤمنين. فقال: أمن الله و من رسوله، يا رسول الله؟ فقال: نعم، من الله و من رسوله ثم قال لصاحبه: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين.

فقال: أمن الله و من رسوله؟ قال: نعم، من الله و من رسوله ثم قال

لصاحبه: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين.

فقال: أمن الله و من رسوله؟ قال: نعم، من الله و من رسوله ثم قال: يا مقداد، قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين- قال- فقام و سلم، و لم يقل ما قال صاحباه ثم قال: قم- يا أبا ذرّ- فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام و سلم ثم قال:

قم- يا سلمان- و سلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام و سلم».

قال: «حتى إذا خرجا، و هما يقولان: لا و الله، لا نسلم له ما قال أبدا، فأنزل الله تبارك و تعالى على نبيه: وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا بقولكم: أمن الله و من رسوله؟ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم».

قال: قلت: جعلت فداك، إنما نقرؤها أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ فقال: «ويحك- يا زيد- و ما أربى؟! أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ يعني عليا (عليه السلام) وَ لَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ __________________________________________________

4- تفسير القمي 1: 389.

5- تفسير العياشي 2: 268/ 64.

(1) المتقدمة في الحديث (2) من تفسير هذه الآيات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 452

وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَ لا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها بعد ما سلمتم على علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني عليا (عليه السلام) وَ لَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ».

ثم قال

لي: «لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فأظهر ولايته، قالا جميعا: و الله، ليس هذا من تلقاء الله، و ما هو إلا شي ء أراد أن يشرف به ابن عمه. فأنزل الله عليه وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ وَ إِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ يعني فلانا و فلانا وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ يعني عليا (عليه السلام) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ» «1».

6144/ [6]- عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، عنه (عليه السلام)، قال: «التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا عائشة هي نكثت أيمانها».

سورة النحل(16): آية 97 ..... ص : 452

قوله تعالى:

مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [97] 6145/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: القنوع بما رزقه الله.

6146/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قيل له: إن أبا الخطاب يذكر عنك أنك قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت.

فقال: «لعن الله أبا الخطاب- و الله- ما قلت له هكذا، و لكني قلت: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك، إن الله عز و جل يقول: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ «2» و يقول تبارك و تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ

مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً».

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 269/ 65.

1- تفسير القمّي 1: 390.

2- معاني الأخبار: 388/ 26.

(1) الحاقة 69: 44- 52.

(2) غافر 40: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 453

6147/ [3]- الشيخ، في (أماليه): قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام بسر من رأى، قال:

حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن المنصور، قال: حدثني الإمام علي بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: قال سيدنا الصادق (عليه السلام) في قوله: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً قال: «القنوع».

سورة النحل(16): الآيات 98 الي 100 ..... ص : 453

قوله تعالى:

فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ- إلى قوله تعالى- مُشْرِكُونَ [98- 100] 6148/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: الرجيم: أخبث الشياطين، فقلت له: و لم سمي رجيما؟ قال: لأنه يرجم.

و قد تقدم حديث مسند في معنى الرجيم، في قوله تعالى: وَ إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَ ذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ من سورة آل عمران «1».

6149/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو أحمد هانئ بن محمد بن محمود العبدي، قال: حدثنا أبي محمد بن محمود، بإسناده، رفعه إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) في حديث سؤال الرشيد له. فقال (عليه السلام) في جواب سؤاله: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» ثم قرأ آية، و الحديث طويل تقدم في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ من آخر سورة الأنفال «2».

6150/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ

يَتَوَكَّلُونَ قال: ليس له أن يزيلهم عن الولاية، فأما الذنوب فإنهم ينالون منه كما ينالون من غيره.

6151/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن الحسن، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ __________________________________________________

3- الأمالي 1: 281.

4- تفسير القمي 1: 390.

5- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 81/ 9.

6- تفسير القمي 1: 390.

7- الكافي 8: 288/ 433.

(1) آل عمران 3: 36، و لم يرد هناك حديث في هذا المعنى، و قد سبقت الإشارة إلى ذلك فى تفسير الآيات (14- 18) من سورة الحجر. [.....]

(2) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (72) من سورة الأنفال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 454

إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ؟ فقال: «يا أبا محمد، يسلط- و الله- من المؤمن على بدنه و لا يسلط على دينه، قد سلط على أيوب (عليه السلام) فشوه خلقه و لم يسلط على دينه، و قد يسلط من المؤمنين على أبدانهم و لا يسلط على دينهم».

قلت له: عز و جل: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ؟ قال: «الذين هم بالله مشركون، يسلط على أبدانهم و على أديانهم».

6152/ [5]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ. قال: فقال: «يا أبا محمد، يسلط من المؤمنين على أبدانهم و لا يسلط على أديانهم،

قد سلط على أيوب فشوه خلقه و لم يسلط على دينه». و قوله: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ قال: «الذين هم بالله مشركون، يسلط على أبدانهم و على أبدانهم و على أديانهم».

6153/ [6]- عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ قلت: كيف أقول؟ قال: «تقول: أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم». و قال: «إن الرجيم أخبث الشياطين».

قال: قلت له: لم سمي الرجيم؟ قال: «لأنه يرجم». قلت: فانفلت منها بشي ء؟ قال: «لا». قلت: فكيف سمي الرجيم و لم يرجم بعد؟ قال: «يكون في العلم أنه رجيم».

6154/ [7]- عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن التعوذ من الشيطان عند كل سورة نفتحها؟

قال: «نعم، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم».

و ذكر أن الرجيم أخبث الشياطين، فقلت: لم سمي الرجيم؟ قال: «لأنه يرجم». فقلت: هل ينقلب شيئا إذا رجم؟ قال: «لا، و لكن يكون في العلم أنه رجيم».

6155/ [8]- عن حماد بن عيسى، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ.

قال: «ليس له أن يزيلهم عن الولاية، فأما الذنوب و أشباه ذلك فإنه ينال منهم كما ينال من غيرهم».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 269/ 66.

6- تفسير العيّاشي 2: 270/ 67.

7- تفسير العيّاشي 2: 270/ 68.

8- تفسير العيّاشي 2: 270/ 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 455

سورة النحل(16): الآيات 101 الي 102 ..... ص : 455

قوله تعالى:

وَ إِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ- إلى قوله

تعالى- وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ [101- 102] 6156/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ إلى قوله تعالى: وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ قال: إذا نسخت آية قالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): أنت مفتر. فرد الله عليهم، فقال: قل لهم- يا محمد- نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ يعني جبرئيل (عليه السلام) لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ.

6157/ [2]- و عنه، قال: و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: رُوحُ الْقُدُسِ. قال: «هو جبرئيل (عليه السلام)، و القدس: الطاهر لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا هم آل محمد (عليهم السلام) وَ هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ».

6158/ [3]- العياشي: عن محمد بن عذافر الصيرفي، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك و تعالى خلق روح القدس، فلم يخلق خلقا أقرب إلى الله منها، و ليست بأكرم خلقه عليه، فإذا أراد أمرا ألقاه إليها، فألقاه إلى النجوم فجرت به».

سورة النحل(16): آية 103 ..... ص : 455

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ [103] 6159/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: و هو لسان أبي فكيهة «1» مولى بني الحضرمي، كان أعجمي اللسان، و كان

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 390.

2- تفسير القمّي 1: 390.

3- تفسير العيّاشي 2: 270/ 70.

4- تفسير القمّي 1: 390.

(1) و اسمه أفلح و قيل: يسار، مولى بني عبد الدار، و قيل: كان مولى لصفوان بن اميّة بن خلف أسلم قديما بمكة، و كان من المستضعفين ممّن عذّب في اللّه. عذّبه المشركون ليرجع عن دينه فلم يرجع عن

دينه، و هاجر و مات قبل بدر. «الكامل لابن الأثير 2: 68، أسد الغابة 5: 273، البداية و النهاية 3: 102».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 456

قد اتبع نبي الله و آمن به، و كان من أهل الكتاب، فقالت قريش: هذا- و الله- يعلم محمدا، علمه «1» بلسانه، يقول الله:

وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ.

سورة النحل(16): آية 105 ..... ص : 456

قوله تعالى:

إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ [105]

6160/ [1]- العياشي: عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): أنه ذكر رجلا كذابا ثم قال: «قال الله: إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ».

سورة النحل(16): الآيات 106 الي 110 ..... ص : 456

قوله تعالى:

مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [106- 110]

6161/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- «فأما ما فرض على القلب من الإيمان:

فالإقرار، و المعرفة، و العقد، و الرضا، و التسليم بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، و أن محمدا عبده و رسوله (صلوات الله عليه و على آله)، و الإقرار بما جاء به من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار و المعرفة و هو عمله، و هو قول الله عز و جل: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً».

6162/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: قيل لأبي

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 271/ 71.

2- الكافي 2: 28/ 1.

3- الكافي 2: 173/ 10.

(1) (علمه) ليس في المصدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 457

عبد الله (عليه السلام): إن الناس

يروون: أن عليا (عليه السلام) قال على منبر الكوفة: أيها الناس، إنكم ستدعون إلى سبي، فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة مني فلا تبرءوا مني.

قال: «ما أكثر ما يكذب الناس على علي (عليه السلام)!!» ثم قال: «إنما قال: إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة مني و إني لعلى دين محمد (صلى الله عليه و آله)، و لم يقل: و لا تبرءوا مني».

فقال له السائل: أ رأيت إن اختار القتل دون البراءة.

فقال: «و الله، ما ذاك عليه، و ما له «1» إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة و قلبه مطمئن بالإيمان، فأنزل الله عز و جل [فيه : إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله) عندها:

يا عمار، إن عادوا فعد، فقد أنزل الله عز و جل عذرك، و أمرك أن تعود إن عادوا».

6163/ [3]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمد بن مروان، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «ما منع ميثم التمار (رحمه الله) من التقية؟ فو الله، لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار و أصحابه:

إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ».

6164/ [4]- الحميري عبد الله بن جعفر: بإسناده عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن التقية ترس المؤمن، و لا إيمان لمن لا تقية له».

فقلت له: جعلت فداك، أ رأيت قول الله تبارك و تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ قال: «و هل التقية إلا هذا».

6165/ [5]- العياشي: عن محمد بن مروان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما منع

ميثم (رحمه الله) من التقية؟

فو الله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار و أصحابه إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ».

6166/ [6]- العياشي: عن معمر بن يحيى بن سام «2»، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن أهل الكوفة يروون عن علي (عليه السلام) أنه قال: ستدعون إلى سبي و البراءة مني، فإن دعيتم إلى سبي فسبوني، و إن دعيتم إلى البراءة مني فلا تتبرءوا مني فإني على دين محمد (صلى الله عليه و آله).

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما أكثر ما يكذبون على علي (عليه السلام) إنما قال: إنكم ستدعون إلى سبي و البراءة مني، فإذا دعيتم إلى سبي فسبوني، و إذا دعيتم إلى البراءة مني فإني على دين محمد (صلى الله عليه و آله)، و لم يقل: فلا تتبرءوا مني».

__________________________________________________

3- الكافي 2: 174/ 15.

4- قرب الاسناد: 17.

5- تفسير العيّاشي 2: 271/ 72.

6- تفسير العيّاشي 2: 271/ 73.

(1) في «ط»: عليه.

(2) في «ط» و المصدر: سالم، انظر الكاشف للذهبي 3: 165، تهذيب التهذيب 10: 249، تقريب التهذيب 2: 266، جامع الرواة 2: 254.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 458

قال: قلت: جعلت فداك، فإن أراد رجل «1» أن يمضي على القتل و لا يتبرأ؟

فقال: «لا و الله، إلا على الذي مضى عليه عمار، إن الله يقول: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ».

قال: ثم كسع «2» هذا الحديث بواحد: «و التقية في كل ضرورة».

6167/ [7]- عن أبي بكر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): و ما الحرورية، إنا قد كنا و هم منا بعيد «3» فهم اليوم في دورنا، أ رأيت إن أخذونا بالأيمان؟ قال: فرخص لي في الحلف لهم بالعتاق و

الطلاق، فقال بعضنا: مد الرقاب أحب إليك أم البراءة من علي؟

فقال: «الرخصة أحب إلي، أما سمعت قول الله في عمار: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ؟».

6168/ [8]- عن عمرو بن مروان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): رفعت عن أمتي أربع خصال: ما أخطأوا، و ما نسوا، و ما اكرهوا عليه، و ما لم يطيقوا، و ذلك في كتاب الله «4»: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ مختصر».

6169/ [9]- عن عبد الله بن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته فقلت له: إن الضحاك قد ظهر بالكوفة، و يوشك أن ندعي إلى البراءة من علي، فكيف نصنع؟ قال: «فابرأ منه».

قال: قلت له: أي شي ء أحب إليك؟ قال: «أن يمضوا في علي (عليه السلام) على ما مضى عليه عمار بن ياسر (رحمه الله)، أخذ بمكة فقالوا له: ابرأ من رسول الله، فبرى ء منه، فأنزل الله عذره: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ».

6170/ [10]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ، قال: هو عمار بن ياسر، أخذته قريش بمكة، فعذبوه بالنار حتى أعطاهم بلسانه ما أرادوا، و قلبه مقر «5» بالإيمان.

قال: و أما قوله: وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث «6» من بني

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 272/ 74.

8- تفسير العيّاشي 2: 272/ 75.

9- تفسير العيّاشي 2: 272/ 76.

10- تفسير القمّي 1: 390.

(1) في المصدر: الرجل.

(2) كسعه بكذا: إذا جعله تابعا له. «أقرب الموارد- كسع- 2: 1084».

(3) في المصدر: متتابعين، و

في «ط»: متابعين، و الظاهر صحّة ما أثبتناه.

(4) في المصدر زيادة: قوله: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ البقرة: 286، و قوله اللّه. [.....]

(5) في المصدر: مطمئنّ.

(6) هو عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح بن الحارث العامري، أخو عثمان من الرّضاعة، أسلم قبل الفتح، ثمّ ارتدّ مشركا فصار إلى قريش، فلمّا كان يوم- الفتح أمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) بقتله، ثمّ عفا عنه بعد ما استأمن له عثمان. ثمّ ولاه عثمان بعد ذلك مصر سنة 25 ه، و بعد مقتل عثمان صار إلى معاوية، و مات بعسقلان سنة 37 ه. «تهذيب ابن عساكر 7: 435، أسد الغابة 3: 173، الكامل لابن الأثير 3: 88، البداية و النهاية 7: 157».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 459

لؤي.

يقول الله: فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ذلك بأن الله ختم على سمعهم و أبصارهم و قلوبهم و أولئك هم الغافلون لا جرم أنهم فى الآخرة هم الأخسرون هكذا في قراءة ابن مسعود، و قوله أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ سَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ الآية، هكذا في القراءة المشهورة.

هذا كله في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان عاملا لعثمان بن عفان على مصر، و نزل فيه أيضا: وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ «1».

6171/ [11]- العياشي: عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله

(عليه السلام) يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يدعو أصحابه، فمن أراد به خيرا سمع و عرف ما يدعوه إليه، و من أراد به شرا طبع عليه قلبه فلا يسمع و لا يعقل، و هو قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ سَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ».

6172/ [12]- علي بن إبراهيم: ثم قال أيضا في عمار: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.

سورة النحل(16): آية 112 ..... ص : 459

قوله تعالى:

وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ [112] 6173/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له (الثرثار) و كانت بلادهم خصبة كثيرة الخير، و كانوا يستنجون بالعجين، و يقولون: هو ألين لنا، فكفروا بأنعم الله و استخفوا، فحبس الله عنهم الثرثار، فجدبوا حتى أحوجهم الله إلى أكل ما كانوا يستنجون به، حتى كانوا يتقاسمون عليه.

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 273/ 77.

12- تفسير القمّي 1: 391.

1- تفسير القمّي 1: 391.

(1) الأنعام 6: 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 460

6174/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو بن شمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «إني لألحس أصابعي من الأدم حتى أخاف أن يراني جاري «1» فيرى أن ذلك من التجشع، و ليس ذلك كذلك، و إن قوما أفرغت عليهم النعمة- و هم أهل الثرثار- فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوه خبزا هجاء «2»، و جعلوا ينجون به صبيانهم

حتى اجتمع من ذلك جبل عظيم».

قال: «فمر بهم رجل صالح، و إذا امرأة تفعل ذلك بصبي لها، فقال لهم: ويحكم، اتقوا الله عز و جل، و لا تغيروا ما بكم من نعمة. فقالت له: كأنك تخوفنا بالجوع، أما ما دام ثرثارنا يجري فإنا لا نخاف الجوع.

قال: فأسف الله عز و جل، فأضعف لهم الثرثار، و حبس عنهم قطر السماء و نبات الأرض- قال- فاحتاجوا إلى ذلك الجبل، و إنه كان يقسم بينهم بالميزان».

6175/ [3]- العياشي: عن حفص بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن قوما كانوا من «3» بني إسرائيل، يؤتى لهم من طعامهم حتى جعلوا منه تماثيل بمدن كانت في بلادهم يستنجون بها، فلم يزل الله بهم حتى اضطروا إلى التماثيل ينقونها «4» و يأكلون منها، و هو قول الله: وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ».

6176/ [4]- عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان أبي بكره أن يمسح يده بالمنديل و فيه شي ء من الطعام تعظيما له، إلا أن يمصها أو يكون إلى جانبه صبي فيمصها له». قال: «و إني أجد اليسير يقع من «5» الخوان فأتفقده فيضحك الخادم».

ثم قال: «إن أهل قرية- ممن كان قبلكم- كان الله قد أوسع عليهم حتى طغوا، فقال بعضهم لبعض: لو عمدنا إلى شي ء من هذا النقي فجعلنا نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة- قال- فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دوابا أصغر من الجراد فلم يدع لهم شيئا خلقه الله يقدر عليه إلا أكله من شجر أو غيره،

فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به فأكلوه، و هي القرية التي قال الله: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً إلى قوله: بِما كانُوا يَصْنَعُونَ».

__________________________________________________

2- الكافي 6: 301/ 1.

3- تفسير العيّاشي 2: 273/ 78.

4- تفسير العيّاشي 2: 273/ 79.

(1) في المصدر: خادمي.

(2) هجا جوعه: سكن و ذهب، و هجا الطعام: أكله «القاموس المحيط 1- هجا- 34»، و قد يكون المراد من قوله: فجعلوه خبزا هجاء، أي: صالحا للأكل أو صالحا لرفع الجوع، و قد تكون (هجاء) مصحّفة من (هجانا) أي خيارا صالحا، أو من (منجا) أي خيارا صالحا، أو من (منجا) و هي الآلة التي يستنجى بها، كما ذكر ذلك الطريحي (رحمه اللّه) في مادة (نجا).

(3) في المصدر: في.

(4) في «ط» و المصدر: يتبعونها.

(5) في «ط»: في. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 461

سورة النحل(16): آية 115 ..... ص : 461

قوله تعالى:

فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [115]

6177/ [1]- العياشي: عن منصور بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): محرم مضطر إلى الصيد و إلى ميتة، من أيهما يأكل؟ قال: «يأكل من الصيد».

قلت: أليس قد أحل الله الميتة لمن اضطر إليها؟ قال: «بلى، و لكن ألا ترى أنه يأكل من ماله؟ يأكل الصيد و عليه الفداء».

6178/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن موسى بن القاسم، عن محمد، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، قال: سألته عن محرم اضطر إلى أكل الصيد و الميتة، قال: «أيهما أحب إليك أن تأكل «1»؟» قلت:

الميتة، لأن الصيد محرم على المحرم.

فقال: «أيهما أحب إليك، أن تأكل من مالك أو من الميتة؟» قلت: آكل من مالي. قال: «فكل الصيد وافده».

و تفسير الآية قد

تقدم «2».

سورة النحل(16): الآيات 116 الي 124 ..... ص : 461

قوله تعالى:

وَ لا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَ هذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ- إلى قوله تعالى- فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [116- 124] 6179/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ لا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَ هذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ قال: هو ما كانت اليهود تقول: ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا «3».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 274/ 80.

2- التهذيب 5: 368/ 1272.

3- تفسير القمّي 1: 391.

(1) في المصدر زيادة: من الصيد أو الميتة.

(2) تقدّم في تفسير قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ الآية (173) من سورة البقرة.

(3) الأنعام 6: 139.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 462

قال: و قوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً أي طاهرا اجْتَباهُ: أي اختاره وَ هَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قال: إلى الطريق الواضح. ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً و هي الحنيفية العشر التي جاء بها إبراهيم (عليه السلام): خمسة في البدن، و خمسة في الرأس، فأما التي في البدن:

فالغسل من الجنابة، و الطهور بالماء، و تقليم الأظفار، و حلق الشعر من البدن، و الختان و أما التي في الرأس: فطم الشعر «1»، و أخذ الشارب، و إعفاء اللحى، و السواك، و الخلال، فهذه لم تنسخ إلى يوم القيامة.

6180/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران، قال: قال لي عبد صالح (صلوات الله عليه): «يا سماعة، أمنوا

على فرشهم و أخافوني، أما و الله لقد كانت الدنيا، و ما فيها إلا واحد يعبد الله، و لو كان معه غيره لأضافه الله عز و جل إليه حيث يقول: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فصبر «2» بذلك ما شاء الله، ثم إن الله آنسه بإسماعيل و إسحاق فصاروا ثلاثة، أما و الله إن المؤمن لقليل، و إن أهل الكفر لكثير، أ تدري لم ذلك؟» فقلت: لا أدري، جعلت فداك. فقال: «صيروا أنسا للمؤمنين، يبثون إليهم ما في صدورهم فيستريحون إلى ذلك و يسكنون إليه».

6181/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الامة واحد فصاعدا، كما قال الله عز و جل: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ يقول: مطيعا لله عز و جل».

6182/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً.

قال: «و ذلك أنه كان على دين لم يكن عليه أحد غيره، فكان امة واحدة، و أما قانِتاً: فالمطيع، و أما حَنِيفاً: فالمسلم».

6183/ [5]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) عن قوله:

إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً، قال: «شي ء فضله «3» الله به».

__________________________________________________

2- الكافي 2: 190/ 5.

3- الكافي 5: 60/ 16.

4- تفسير القمّي 1: 392.

5- تفسير العيّاشي 2: 274/ 81.

(1) طمّ الشعر: جزّه أو قصّة. «مجمع البحرين- طمم- 6: 107».

(2) في المصدر: فغبر.

(3) في «ط» و المصدر: فضّل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 463

6184/

[6]- و عن أبي بصير، قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً:

«سماه الله امة».

6185/ [7]- و عن يونس بن ظبيان، عنه (عليه السلام): إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً: «أمة واحدة».

6186/ [8]- و عن سماعة بن مهران، قال: سمعت العبد الصالح (عليه السلام) «1» يقول: «لقد كانت الدنيا، و ما كان فيها إلا واحد يعبد الله، و لو كان معه غيره إذن لأضافه إليه حيث يقول: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فصبر بذلك ما شاء الله، ثم إن الله تبارك و تعالى آنسه بإسماعيل و إسحاق فصاروا ثلاثة».

6187/ [9]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ و ذلك أن موسى أمر قومه أن يتفرغوا إلى الله في كل سبعة أيام يوما يجعله الله عليهم، و هو الذي «2» اختلفوا فيه.

سورة النحل(16): آية 125 ..... ص : 463

قوله تعالى:

ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [125] 6188/ [1]- علي بن إبراهيم، قال في قوله تعالى: وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قال: بالقرآن.

6189/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.

قال: «بالقرآن».

6190/ [3]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) قال: «قال الصادق (عليه السلام) و قد ذكر عنده الجدال في

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 274/ 81. [.....]

7- تفسير العيّاشي 2:

274/ 83.

8- تفسير العيّاشي 2: 274/ 84.

9- تفسير القمّي 1: 392.

1- تفسير القمّي 1: 392.

2- الكافي 5: 13/ 1.

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 527/ 322.

(1) في «ط»: أبا عبد اللّه (عليه السّلام).

(2) في المصدر: و هم الذين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 464

الدين، و أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام) قد نهوا عنه، فقال الصادق (عليه السلام): لم ينه عنه مطلقا و لكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله عز و جل يقول: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «1» و قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ؟

فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، و الجدال بغير التي هي أحسن محرم، حرمه الله تعالى على شيعتنا، و كيف يحرم الله الجدال جملة و هو يقول: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى و قال الله: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «2»؟ فجعل الله علم الصدق و الإيمان بالبرهان، و هل يؤتى بالبرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن؟

قيل: يا بن رسول الله، فما الجدال بالتي هي أحسن و التي ليست بأحسن؟

قال: أما الجدال بغير التي هي أحسن، بأن تجادل مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله، و لكن تجحد قوله، أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله، فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة، لأنك لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم و على المبطلين، أما

المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته و ضعف [ما] في يده حجة له على باطله، و أما الضعفاء فتغم قلوبهم لما يرون من ضعف المحق فى يد المبطل.

و أما الجدال بالتي هي أحسن، فهو ما أمر الله تعالى به نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت و إحياءه له، فقال الله تعالى حاكيا عنه: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ «3» فقال الله في الرد عليه: قُلْ يا محمد يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ «4» إلى آخر السورة، فأراد الله من نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث الله هذه العظام و هي رميم؟ فقال الله تعالى: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ أ فيعجز من ابتدأه لا من شي ء أن يعيده بعد أن يبلى؟! بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته، ثم قال: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً أي: إذا كان قد أكمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب يستخرجها، فعرفكم أنه على إعادة ما يبلى أقدر، ثم قال: أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ «5» أي إذا كان خلق السماوات و الأرض أعظم و أبعد في أوهامكم و قدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي، فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم، و الأصعب لديكم، و لم تجوزوا ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي؟

__________________________________________________

(1) العنكبوت 29: 46.

(2)

البقرة 2: 111.

(3) يس 36: 78.

(4) يس 36: 79- 80.

(5) يس 36: 81.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 465

قال الصادق (عليه السلام): فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لأن فيها انقطاع عرى «1» الكافرين، و إزالة شبهتهم و أما الجدال بغير التي هي أحسن فأن تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه و بين باطل من تجادله، و إنما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق، فهذا هو المحرم لأنك مثله، جحد هو حقا، و جحدت أنت حقا آخر».

قال: «فقام إليه رجل فقال: يا بن رسول الله، أ فجادل رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال الصادق (عليه السلام): مهما ظننت برسول الله (صلى الله عليه و آله) من شي ء فلا تظن به مخالفة الله، أ و ليس الله تعالى قال: وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، و قال: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ «2» لمن ضرب الله مثلا، أ فتظن أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خالف ما أمره الله، فلم يجادل بما أمره الله به، و لم يخبر عن الله بما أمره أن يخبر به؟!».

سورة النحل(16): آية 126 ..... ص : 465

قوله تعالى:

وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [126] 6191/ [1]- علي بن إبراهيم: ذلك أن المشركين يوم احد مثلوا بأصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) الذين استشهدوا، منهم حمزة، فقال المسلمون: أما و الله لئن أدالنا «3» الله عليهم لنمثلن بأخيارهم، فذلك قول الله: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ يقول: بالأموات وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ.

6192/ [2]- العياشي: عن الحسين بن حمزة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لما رأى رسول الله

(صلى الله عليه و آله) ما صنع بحمزة بن عبد المطلب، قال: اللهم لك الحمد، و إليك المشتكى، و أنت المستعان على ما أرى. ثم قال: لئن ظفرت لأمثلن و لأمثلن. قال: فأنزل الله: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أصبر، أصبر».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 392. [.....]

2- تفسير العيّاشي 2: 274/ 85.

(1) في المصدر: قطع عذر.

(2) يس 36: 79.

(3) في المصدر: أولانا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 467

المستدرك (سورة النحل) ..... ص : 467

سورة النحل(16): آية 127 ..... ص : 467

قوله تعالى:

وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [127]

[1]- في (الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا (عليه السلام)): «أن رجلا سأل العالم (عليه السلام): أكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ فقال: كلف الله جميع الخلق ما لا يطيقونه، إن لم يعنهم عليه، فإن أعانهم عليه أطاقوه، قال الله جل و عز لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ».

__________________________________________________

1- الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا (عليه السّلام): 349.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 469

سورة الإسراء ..... ص : 469

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 471

سورة الإسراء فضلها ..... ص : 471

6193/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما من عبد قرأ سورة بني إسرائيل في كل ليلة جمعة، لم يمت حتى يدرك القائم (عليه السلام)، و يكون من أصحابه».

6194/ [2]- العياشي: عن الحسن بن علي بن أبي حمزة الثمالي، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة بني إسرائيل في كل ليلة جمعة، لم يمت حتى يدرك القائم (عليه السلام)، و يكون من أصحابه».

6195/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة ورق قلبه عند ذكر الوالدين، كان له قنطار في الجنة، و القنطار ألف و مائتا اوقية، و الاوقية خير من الدنيا و ما فيها، و من كتبها و جعلها في خرقة حرير خضراء و حرز عليها و رمى بالنبال، أصاب و لم يخطئ، و إن كتبها في إناء و شرب ماءها لم يتعذر عليه كلام، و انطلق لسانه بالصواب، و ازداد فهما».

6196/ [4]- و عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها في خرقة حرير خضراء، و تحرز عليها و علقها عليه و رمى بالنشاب أصاب، و لم يخطئ أبدا، و إن كتبها لصغير تعذر عليه الكلام، يكتبها بزعفران و يسقى ماءها، أنطق الله لسانه بإذنه و تكلم».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 107.

2- تفسير العيّاشي 2: 276/ 1.

3- خواص القرآن: 3 «قطعة منه» و مجمع البيان 6: 607 «قطعة منه».

4- خواص القرآن: 43 (مخطوط).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 473

سورة الإسراء(17): آية 1 ..... ص : 473

اشارة

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ

لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [1]

6197/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حكى أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «جاء جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل بالبراق إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخذ واحد باللجام و واحد بالركاب، و سوى الآخر عليه ثيابه، فتضعضعت البراق فلطمها جبرئيل (عليه السلام)، ثم قال لها: اسكني يا براق، فما ركبك نبي قبله، و لا يركبك بعده مثله- قال- فرقت به و رفعته ارتفاعا ليس بالكثير، و معه جبرئيل (عليه السلام) يريه الآيات من السماء و الأرض.

قال (صلى الله عليه و آله): فبينا أنا في مسيري، إذ نادى مناد عن يميني: يا محمد. فلم أجبه، و لم ألتفت إليه، ثم نادى مناد عن يساري: يا محمد. فلم أجبه، و لم ألتفت إليه، ثم استقبلتني امرأة كاشفة عن ذراعيها، و عليها من كل زينة الدنيا، فقالت: يا محمد، انظرني حتى أكلمك. فلم ألتفت إليها، ثم سرت فسمعت صوتا أفزعني، فجاوزت، فنزل بي جبرئيل، فقال: صل. فنزلت و صليت. فقال لي: أ تدري أين صليت؟ فقلت: لا. فقال: صليت بطيبة، و إليها مهاجرتك. ثم ركبت فمضينا ما شاء الله، ثم قال لي: انزل و صل. فنزلت و صليت، فقال لي: أ تدري أين صليت؟

فقلت: لا. فقال: صليت بطور سيناء، حيث كلم الله موسى تكليما. ثم ركبت فمضينا ما شاء الله، ثم قال: انزل فصل.

فنزلت و صليت. فقال لي: أ تدري أين صليت؟ فقلت: لا. فقال: صليت في بيت لحم. و بيت لحم بناحية بيت

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 474

المقدس، حيث ولد عيسى

بن مريم (عليه السلام).

ثم ركبت فمضينا حتى أتينا إلى بيت المقدس، فربطت البراق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط بها، فدخلت المسجد، و معي جبرئيل (عليه السلام) إلى جنبي، فوجدنا إبراهيم و موسى و عيسى (عليهم السلام)، فيمن شاء الله من أنبياء الله، قد جمعوا إلي، و أقيمت الصلاة، و لا أشك إلا و جبرئيل يستقدمنا، فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي، فقدمني فأممتهم و لا فخر.

ثم أتاني الخازن بثلاثة أوان: إناء فيه لبن، و إناء فيه ماء، و إناء فيه خمر، فسمعت قائلا يقول: إن أخذ الماء غرق و غرقت أمته، و إن أخذ الخمر غوى و غوت أمته، و إن أخذ اللبن هدي و هديت أمته. فأخذت اللبن فشربت منه، فقال جبرئيل: هديت و هديت أمتك. ثم قال لي: ماذا رأيت في مسيرك؟ قلت: ناداني مناد عن يميني. فقال لي: أ و أجبته؟ فقلت: لا، و لم ألتفت إليه. فقال: ذلك داعي اليهود، لو أجبته لتهودت أمتك من بعدك. ثم قال: ماذا رأيت؟ قلت: ناداني مناد عن يساري. فقال: أو أجبته؟ فقلت: لا، و لم ألتفت إليه. فقال: ذلك داعي النصارى، لو أجبته لتنصرت أمتك من بعدك. ثم قال: ماذا استقبلك؟ فقلت: لقيت امرأة كاشفة عن ذراعيها، عليها من كل زينة الدنيا، فقالت: يا محمد، انظرني حتى أكلمك. فقال لي: أ فكلمتها؟ فقلت: لم أكلمها، و لم ألتفت إليها. فقال: تلك الدنيا، و لو كلمتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة. ثم سمعت صوتا أفزعني، فقال لي جبرئيل: أ تسمع، يا محمد؟ قلت: نعم. قال: هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين سنة، فهذا حين استقرت.

قالوا: فما ضحك رسول الله (صلى الله عليه و آله)

حتى قبض.

قال (صلى الله عليه و آله): فصعد جبرئيل و صعدت معه إلى السماء الدنيا، و عليها ملك يقال له: إسماعيل، و هو صاحب الخطفة التي قال الله عز و جل: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ «1» و تحته سبعون ألف ملك، تحت كل ملك سبعون ألف ملك، فقال: يا جبرئيل، من هذا الذي معك؟ فقال: محمد رسول الله. قال: و قد بعث؟ قال: نعم. ففتح الباب، فسلمت عليه و سلم علي، و استغفرت له و استغفر لي، و قال: مرحبا بالأخ [الناصح و النبي الصالح. و تلقتني الملائكة حتى دخلت سماء الدنيا، فما لقيني ملك إلا ضاحكا مستبشرا حتى لقيني ملك من الملائكة، لم أر خلقا أعظم منه، كريه المنظر، ظاهر الغضب، فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء، إلا أنه لم يضحك، و لم أر فيه من الاستبشار ما رأيت ممن ضحك من الملائكة، فقلت: من هذا- يا جبرئيل- فإني قد فزعت منه؟ فقال: يجوز أن تفزع منه، و كلنا نفزع منه، إن هذا مالك خازن النار، لم يضحك قط، و لم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا و غيظا على أعداء الله، و أهل معصيته، فينتقم الله به منهم، و لو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك لضحك إليك، و لكنه لا يضحك. فسلمت عليه، فرد علي السلام و بشرني بالجنة، فقلت لجبرئيل، و جبرئيل بالمكان الذي وصفه الله: مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ «2»: ألا تأمره أن يريني النار؟ فقال له

__________________________________________________

(1) الصافات 37: 10.

(2) التكوير 81: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 475

جبرئيل: يا مالك، أر محمدا النار. فكشف عنها غطاءها، و

فتح بابا منها، فخرج منها لهب ساطع في السماء، و فارت فارتفعت «1» حتى ظننت ليتناولني مما رأيت، فقلت: يا جبرئيل، قل له فليرد عليها غطاءها. فأمرها فقال لها: ارجعي. فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه.

ثم مضيت فرأيت رجلا آدما «2» جسيما، فقلت: من هذا، يا جبرئيل؟ فقال: هذا أبوك آدم. فإذا هو تعرض عليه ذريته، فيقول: روح طيب و ريح طيبة، من جسد طيب، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله) سورة المطففين على رأس سبع عشرة آية: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ «3» إلى آخرها.

قال: فسلمت على أبي آدم و سلم علي، و استغفرت له و استغفر لي، و قال: مرحبا بالابن الصالح، و النبي الصالح، و المبعوث في الزمن الصالح.

ثم مررت بملك من الملائكة و هو جالس على مجلس، و إذا جميع الدنيا بين ركبتيه، و إذا بيده لوح من نور، مكتوب فيه كتاب ينظر فيه، و لا يلتفت يمينا و لا شمالا، مقبلا عليه كهيئة الحزين، فقلت: من هذا، يا جبرئيل؟

فقال: هذا ملك الموت، دائب في قبض الأرواح. فقلت: يا جبرئيل، أدنني منه حتى أكلمه. فأدناني منه، فسلمت عليه، و قال له جبرئيل: هذا محمد نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد، فرحب بي و حياني بالسلام، و قال: أبشر- يا محمد- فإني أرى الخير كله في أمتك. فقلت: الحمد لله المنان ذي النعم و الإحسان على عباده، ذلك من فضل ربي و رحمته علي. فقال جبرئيل: هو أشد الملائكة عملا. فقلت: أكل من مات، أو هو ميت فيما بعد هذا، تقبض روحه؟ قال: نعم. قلت: تراهم حيث كانوا و تشهدهم

بنفسك؟ فقال: نعم. و قال ملك الموت: ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي و مكنني منها، إلا كالدرهم في كف الرجل، يقلبه كيف يشاء، و ما من دار إلا و أنا أتصفحها في كل يوم خمس مرات، و أقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم: لا تبكوا عليه، فإن لي فيكم عودة و عودة حتى لا يبقى منكم أحد. قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كفى بالموت طامة، يا جبرئيل. فقال جبرئيل: إن ما بعد الموت أطم و أطم من الموت.

قال: ثم مضيت فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيب و لحم خبيث، يأكلون اللحم الخبيث و يدعون الطيب، فقلت: من هؤلاء، يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون الحرام و يدعون الحلال، و هم من أمتك، يا محمد.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ثم رأيت ملكا من الملائكة، جعل الله أمره عجبا، نصف جسده من النار و النصف الآخر ثلج، فلا النار تذيب الثلج و لا الثلج يطفئ النار، و هو ينادي بصوت رفيع: سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب الثلج، و كف برد هذا الثلج فلا يطفئ حر هذه النار، اللهم يا مؤلف بين الثلج و النار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين. فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك و كله الله بأكناف السماوات و أطراف الأرضين،

__________________________________________________

(1) في المصدر: فارتعدت.

(2) الادم من الناس: الأسمر. «لسان العرب- أدم- 12: 11». [.....]

(3) المطففين 83: 18- 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 476

و هو أنصح ملائكة الله تعالى لأهل الأرض من عباده المؤمنين، يدعو لهم بما تسمع منه منذ خلق، و ملكان يناديان في السماء،

أحدهما يقول: اللهم أعط كل منفق خلفا، و الآخر يقول: اللهم أعط كل ممسك تلفا.

ثم مضيت فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر «1» الإبل، يقرض اللحم من جنوبهم و يلقى في أفواههم، فقلت:

من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الهمازون اللمازون.

ثم مضيت، فإذا أنا بأقوام ترضخ رؤوسهم بالصخر، فقلت: من هؤلاء، يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء.

ثم مضيت، فإذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم، و تخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء، يا جبرئيل؟

فقال: هؤلاء الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «2».

ثم مضيت، فإذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم، و تخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء، يا جبرئيل؟

فقال: هؤلاء الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً.

ثم مضيت، فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء، يا جبرئيل؟ قال:

هؤلاء الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ «3» و إذا هم بسبيل «4» آل فرعون، يعرضون على النار غدوا و عشيا، يقولون: ربنا متى تقوم الساعة؟

قال: ثم مضيت، فإذا أنا بنسوان معلقات بأثدائهن، فقلت: من هؤلاء، يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الزواني «5»، يورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم، فاطلع على عوراتهم و أكل خزائنهم.

قال: ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عز و جل، خلقهم الله كيف شاء، و وضع وجوههم كيف شاء، ليس شي ء من أطباق أجسادهم «6» إلا و يسبح الله و يحمده من كل ناحية،

بأصوات مختلفة، أصواتهم مرتفعة بالتحميد و البكاء من خشية الله، فسألت جبرئيل عنهم، فقال: كما ترى خلقوا، إن الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه قط، و لا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقها، و لا خفضوها إلى ما تحتهم خوفا من الله و خشوعا. فسلمت عليهم، فردوا علي إيماء برؤوسهم، لا ينظرون إلي من الخشوع، فقال لهم جبرئيل: هذا محمد نبي الرحمة أرسله الله إلى العباد رسولا و نبيا، و هو خاتم النبيين و سيدهم، أ فلا تكلمونه؟ قال: فلما سمعوا ذلك من جبرئيل، أقبلوا علي بالسلام و أكرموني و بشروني بالخير لي و لأمتي.

قال (صلى الله عليه و آله): ثم صعدنا إلى السماء الثانية، فإذا فيها رجلان متشابهان، فقلت: من هذان، يا جبرئيل؟

__________________________________________________

(1) المشافر: جمع مشفر، و المشفر كالشّفة للإنسان. «لسان العرب- شفر- 4: 419».

(2) النساء 4: 10.

(3) البقرة 2: 275.

(4) في المصدر: مثل.

(5) في المصدر: اللواتي.

(6) قال المجلسي (رضوان اللّه عليه): قوله: أطباق أجسادهم، أي أعضاؤهم مجازا، أو أغشية أجسادهم من أجنحتهم و ريشهم. قال الفيروزآبادي:

الطبق محركة: غطاء كلّ شي ء، و عظم رقيق يفصل بين كلى فقارين. بحار الأنوار 18: 322.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 477

فقال لي: ابنا الخالة يحيى و عيسى. فسلمت عليهما و سلما علي، فاستغفرت لهما و استغفرا لي، و قالا: مرحبا بالأخ الصالح و النبي الصالح، و إذا فيها من الملائكة مثل ما في السماء الأولى، و عليهم الخشوع، قد وضع الله وجوههم كيف شاء، ليس منهم ملك إلا يسبح الله و يحمده بأصوات مختلفة.

ثم صعدنا إلى السماء الثالثة، فإذا فيها رجل فضل حسنه على سائر الخلق كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم، فقلت: من هذا، يا

جبرئيل؟ فقال: هذا أخوك يوسف. فسلمت عليه و سلم علي، و استغفرت له و استغفر لي، فقال: مرحبا بالنبي الصالح و الأخ الصالح و المبعوث في الزمن الصالح. و إذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثل ما وصفت في السماء الأولى و الثانية، و قال لهم جبرئيل في أمري مثل ما قال للآخرين، و صنعوا بي مثل ما صنع الآخرون.

ثم صعدنا إلى السماء الرابعة، و إذا فيها رجل، فقلت: من هذا، يا جبرئيل؟ قال: هذا إدريس، رفعه الله مكانا عليا، فسلمت عليه و سلم علي و استغفرت له و استغفر لي، و إذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثل ما في السماوات، فبشروني بالخير لي و لامتي. ثم رأيت ملكا جالسا على سرير، تحت يديه سبعون ألف ملك، تحت كل ملك سبعون ألف ملك. فوقع في نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه هو، فصاح به جبرئيل، فقال: قم. فهو قائم إلى يوم القيامة.

ثم صعدنا إلى السماء الخامسة، فإذا فيها رجل كهل، عظيم العين، لم أر كهلا أعظم منه، حوله ثلة «1» من أمته فأعجبتني كثرتهم، فقلت: من هذا، يا جبرئيل؟ فقال: هذا المحبب في قومه هارون بن عمران. فسلمت عليه و سلم علي، و استغفرت له و استغفر لي، و إذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات.

ثم صعدنا إلى السماء السادسة، و إذا فيها رجل آدم، طويل، كأنه من شبوة «2»، و لو أن «3» عليه قميصين لنفذ شعره فيهما، فسمعته يقول: تزعم بنو إسرائيل أني أكرم ولد آدم على الله، و هذا رجل أكرم على الله مني.

فقلت: من هذا، يا جبرئيل؟ فقال: هذا أخوك موسى بن عمران. فسلمت عليه

و سلم علي، و استغفرت له و استغفر لي، و إذا فيها من ملائكة الخشوع مثل ما في السماوات.

قال (صلى الله عليه و آله): ثم صعدنا إلى السماء السابعة، فما مررت بملك من الملائكة إلا قالوا: يا محمد، احتجم و أمر أمتك بالحجامة. و إذا فيها رجل أشمط الرأس «4» و اللحية جالس على كرسي، فقلت: يا جبرئيل، من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله؟ فقال: هذا- يا محمد- أبوك إبراهيم، و هذا محلك

__________________________________________________

(1) في «ط»: ثلاثة.

(2) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (صلى اللّه عليه و آله): كأنّه من شبوة، أقوال: شبوة: أبو قبيلة، موضع بالبادية، و حصن باليمن، و ذكر الثعلبي في وصفه (صلى اللّه عليه و آله): كأنّه من رجال أزد شنوءة، و قال الفيروزآبادي: أزد شنوءة، و قد تشدّد الواو: قبيلة، سميت لشنئان بينهم، انتهى. و على التقادير شبّهه (صلى اللّه عليه و آله) بإحدى تلك الطوائف في الأدمة و طول القامة. الحار 18: 332.

(3) في المصدر: و لو لا أنّ.

(4) الشّمط في الرأس: اختلاف بلونين من سواد و بياض. «لسان العرب- شمط- 7: 335».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 478

و محل من اتقى من أمتك. ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ «1»، فسلمت عليه و سلم علي، و قال: مرحبا بالنبي الصالح، و الابن الصالح، و المبعوث في الزمن الصالح. و إذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات، فبشروني بالخير لي و لامتي.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و رأيت في السماء

السابعة بحارا من نور يتلألأ، يكاد تلألؤه يخطف بالأبصار، و فيها بحار مظلمة و بحار ثلج ترعد، فكلما فزعت «2» و رأيت هؤلاء سألت جبرئيل، فقال: أبشر يا محمد، و اشكر كرامة ربك، و اشكر الله بما صنع إليك. قال: فثبتني الله بقوته و عونه حتى كثر قولي لجبرئيل و تعجبي، فقال جبرئيل:

يا محمد، تعظم ما ترى؟ إنما هذا خلق من خلق ربك، فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى، و ما لا ترى أعظم من هذا من خلق ربك؟ إن بين الله و بين خلقه تسعين «3» ألف حجاب، و أقرب الخلق إلى الله أنا و إسرافيل، و بيننا و بينه أربعة حجب: حجاب من نور، و حجاب من ظلمة، و حجاب من غمام، و حجاب من الماء.

قال (صلى الله عليه و آله): و رأيت من العجائب التي خلق الله و سخره على ما أراده، ديكا رجلاه في تخوم الأرضين السابعة، و رأسه عند العرش، و ملكا من ملائكة الله، خلقه الله كما أراد، رجلاه في تخوم الأرضين السابعة، ثم أقبل مصعدا حتى خرج في الهواء إلى السماء السابعة، و انتهى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه إلى قرب العرش، و هو يقول: سبحان ربي حيثما كنت، لا تدري أين ربك من عظم شأنه، و له جناحان في منكبيه إذا نشرهما جاوزا المشرق و المغرب، فإذا كان في السحر، نشر ذلك الديك جناحيه و خفق بهما و صرخ بالتسبيح، يقول: سبحان الله الملك القدوس، سبحان الله الكبير المتعال، لا إله إلا الله الحي القيوم. و إذا قال ذلك سبحت ديوك الأرض كلها، و خفقت بأجنحتها، و أخذت في الصراخ، فإذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت

ديوك الأرض كلها، و لذلك الديك زغب أخضر و ريش أبيض كأشد بياض، ما رأيته قط، و له زغب أخضر أيضا تحت ريشه الأبيض كأشد خضرة، ما رأيتها قط.

قال (صلى الله عليه و آله): ثم مضيت مع جبرئيل (عليه السلام)، فدخلت البيت المعمور، فصليت فيه ركعتين، و معي أناس من أصحابي عليهم ثياب جدد، و آخرون عليهم ثياب خلقان «4»، فدخل أصحاب الجدد و جلس «5» أصحاب الخلقان، ثم خرجت، فانقاد لي نهران: نهر يسمي الكوثر، و نهر يسمي الرحمة، فشربت من الكوثر و اغتسلت من الرحمة، ثم انقادا لي جميعا حتى دخلت الجنة فإذا على حافتيها بيوتي و بيوت أزواجي، و إذا ترابها كالمسك، فإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة، فقلت: لمن أنت، يا جارية؟ قالت: لزيد بن حارثة. فبشرته بها حين

__________________________________________________

(1) آل عمران 3: 68.

(2) في المصدر و «ط»: فرغت.

(3) في المصدر: سبعين. [.....]

(4) الخلقان: جمع خلق، أي بال. «لسان العرب- خلق- 10: 88».

(5) في المصدر: و حبس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 479

أصبحت، و إذا بطيرها كالبخت «1»، و إذا رمانها مثل الدلاء «2» العظام، و إذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها ما دارها سبعمائة «3» سنة، و ليس في الجنة منزل إلا و فيه فنن «4» منها، فقلت: ما هذه، يا جبرئيل؟ فقال: هذه شجرة طوبى، قال الله: طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ «5».

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فلما دخلت الجنة، رجعت إلى نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار و هولها و أعاجيبها، قال: هي سرادقات الحجب التي احتجب الله بها، و لو لا تلك الحجب لهتك نور العرش كل شي ء فيه.

و انتهيت إلى سدرة المنتهى، فإذا

الورقة منها تظل أمة من الأمم، فكنت منها كما قال الله تبارك و تعالى: قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «6» فناداني آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ «7»- و قد كتبنا ذلك في سورة البقرة «8»- فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رب أعطيت أنبياءك فضائل فأعطني، فقال الله: قد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي: لا حول و لا قوة إلا بالله، لا منجى منك إلا إليك.

قال (صلى الله عليه و آله): و علمتني الملائكة قولا أقوله إذا أصبحت و أمسيت: اللهم إن ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك، و ذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك، و ذلي أصبح مستجيرا بعزك، و فقري أصبح مستجيرا بغناك، و وجهي الفاني البالي أصبح مستجيرا بوجهك الدائم الباقي الذي لا يفنى.

ثم سمعت الأذان، فإذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة، فقال: الله أكبر، الله أكبر. فقال الله: صدق عبدي، أنا أكبر. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. فقال الله تعالى: صدق عبدي، أنا الله لا إله غيري.

فقال: أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله. فقال الله: صدق عبدي، إن محمدا عبدي و رسولي، أنا بعثته و انتجبته. ثم قال: حي على الصلاة، حي على الصلاة. فقال الله: صدق عبدي و دعا إلى فريضتي، فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا، كانت له كفارة لما مضى من ذنوبه. فقال: حي على الفلاح، حي على الفلاح. فقال الله: هي الصلاح و النجاح و الفلاح. ثم أممت الملائكة في السماء كما أممت الأنبياء في بيت المقدس، قال: ثم غشيتني ضبابة فخررت ساجدا، فناداني ربي: أني قد فرضت على

كل نبي كان قبلك خمسين صلاة، و فرضتها عليك و على أمتك، فقم بها أنت في أمتك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فانحدرت حتى مررت بإبراهيم فلم يسألني عن شي ء، حتى انتهيت إلى

__________________________________________________

(1) البخت: الإبل الراسانيّة. «لسان العرب- بخت- 2: 9».

(2) الدلاء: جمع دلو.

(3) في المصدر: تسعمائة.

(4) الفنن: الغصن. «لسان العرب- فنن- 13: 327».

(5) الرعد 13: 29.

(6) النجم 53: 9.

(7) البقرة 2: 285.

(8) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (284- 286) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 480

موسى، فقال: ما صنعت، يا محمد؟ فقلت: قال ربي: فرضت على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة، و فرضتها عليك و على أمتك. فقال موسى: يا محمد، إن أمتك آخر الأمم و أضعفها، و إن ربك لا يرد عليك شيئا، و إن أمتك لا تستطيع أن تقوم بها، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لامتك. فرجعت إلى ربي حتى انتهيت إلى سدرة المنتهى، فخررت ساجدا، ثم قلت: فرضت علي و على امتي خمسين صلاة، و لا أطيق ذلك و لا امتي، فخفف عني. فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال: إرجع، لا تطيق. فرجعت إلى ربي فسألته، فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال: إرجع، و في كل رجعة أرجع إليه أخر ساجدا، حتى رجع إلى عشر صلوات.

فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال: لا تطيق. فرجعت إلى ربي فوضع عني خمسا، فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال: لا تطيق. فقلت: قد استحييت من ربي، و لكن أصبر عليها. فناداني مناد: كما صبرت عليها، فهذه الخمس بخمسين، كل صلاة بعشر، من هم من أمتك بحسنة يعملها فعملها كتبت له عشرا، و إن لم يعملها كتبت

له عشرا، و إن لم يعملها كتبت له واحدة، و من هم من أمتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة، و إن لم يعملها لم أكتب عليه شيئا».

فقال الصادق (عليه السلام): «جزى الله موسى عن هذه الامة خيرا». فهذا تفسير قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا إلى آخر الآية.

6198/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: و روى الصادق (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «بينا أنا راقد في الأبطح و علي عن يميني، و جعفر عن يساري، و حمزة بين يدي، إذا أنا بحفيف «1» أجنحة الملائكة، و قائل يقول: إلى أيهم بعثت يا جبرئيل؟ فقال: إلى هذا- و أشار إلي- ثم قال: هو سيد ولد آدم، و هذا وصيه و وزيره و ختنه و خليفته في أمته، و هذا عمه سيد الشهداء حمزة، و هذا ابن عمه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة، دعه فلتنم عيناه، و لتسمع أذناه، و ليع قلبه، و اضربوا له مثلا: ملك بنى دارا و اتخذ مأدبة و بعث داعيا.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): فالملك الله، و الدار الدنيا، و المأدبة الجنة، و الداعي أنا».

قال: «ثم أدركه جبرئيل بالبراق و أسرى به إلى بيت المقدس، و عرض عليه محاريب الأنبياء و آيات الأنبياء، فصلى فيها و رده من ليلته إلى مكة، فمر في رجوعه بعير لقريش، و إذا لهم ماء في آنية، فشرب منه و صب باقي الماء، و قد كانوا أضلوا بعيرا لهم، و كانوا يطلبونه فلما أصبح، قال لقريش: إن الله قد أسرى بي في هذه الليلة إلى بيت المقدس، فعرض علي محاريب الأنبياء و

آيات الأنبياء، و إني مررت بعير لكم في موضع كذا و كذا، و إذا لهم ماء في آنية فشربت منه و أهرقت باقي ذلك الماء، و قد كانوا أضلوا بعيرا لهم.

فقال أبو جهل: قد أمكنتكم الفرصة من محمد، سلوه كم الأساطين فيها و القناديل؟ فقالوا: يا محمد، إن ها هنا من قد دخل بيت المقدس، فصف لنا كم أساطينه و قناديله و محاريبه؟ فجاء جبرئيل فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه، فجعل يخبرهم بما يسألونه، فلما أخبرهم، قالوا: حتى تجي ء العير، و نسألهم عما قلت.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 13.

(1) في المصدر: بخفق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 481

فقال لهم: و تصديق ذلك أن العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس، يقدمها جمل أحمر. فلما أصبحوا أقبلوا ينظرون إلى العقبة و يقولون: هذه الشمس تطلع الساعة فبيناهم كذلك إذ طلعت العير مع طلوع الشمس يقدمها جمل أحمر، فسألوهم عما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: لقد كان هذا، ضل جمل لنا في موضع كذا و كذا، و وضعنا ماء و أصبحنا و قد أهرق الماء. فلم يزدهم ذلك إلا عتوا».

6199/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن علي بن محمد بن سعيد، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع، عن يونس، عن صباح المزني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «عرج بالنبي (صلى الله عليه و آله) مائة و عشرين مرة، ما من مرة إلا و قد أوصى الله النبي (صلى الله عليه و آله) بولاية علي (عليه السلام) و الأئمة من بعده، أكثر مما أوصاه بالفرائض».

6200/ [4]- العياشي: عن هشام بن الحكم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه

السلام) عن قول الله: سُبْحانَ، فقال:

«أنفة الله».

و في رواية اخرى عن هشام، عنه (عليه السلام)، مثله.

6201/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: «ما تروي هذه الناصبة»؟ فقلت: جعلت فداك، في ماذا؟ فقال: «في أذانهم و ركوعهم و سجودهم». فقلت: إنهم يقولون: إن أبي بن كعب، رآه في النوم. «فقال: كذبوا، إن دين الله عز و جل أعز من أن يرى في النوم».

قال: فقال له سدير الصيرفي: جعلت فداك، فأحدث لنا من ذلك ذكرا؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله عز و جل لما عرج بنبيه (صلى الله عليه و آله) إلى سماواته السبع، أما أولهن فبارك عليه، و الثانية علمه فرضه، فأنزل الله محملا من نور، فيه أربعون نوعا من أنواع النور، كانت محدقة بعرش الله، تغشي أبصار الناظرين، أما واحد منها فأصفر، فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة، و واحد منها أحرم، فمن أجل ذلك احمرت الحمرة، و واحد منها أبيض، فمن أجل ذلك أبيض البياض، و الباقي على سائر عدد الخلق من النور، و الألوان في ذلك المحمل حلق و سلاسل من فضة.

ثم عرج به إلى السماء، فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء، و خرت سجدا، و قالت: سبوح قدوس ما أشبه هذا النور بنور ربنا! فقال جبرئيل (عليه السلام): الله أكبر، الله أكبر، ثم فتحت أبواب السماء و اجتمعت الملائكة فسلمت على النبي (صلى الله عليه و آله) أفواجا، و قالت: يا محمد، كيف أخوك؟ إذا نزلت فأقرئه السلام. قال النبي (صلى الله عليه و آله):

أ فتعرفونه؟ قالوا: و كيف لا نعرفه و

قد أخذ ميثاقك و ميثاقه منا و ميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا، و إنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم و ليلة خمسا- يعنون في وقت كل صلاة- و إنا لنصلي عليك و عليه؟

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 99/ 10.

4- تفسير العيّاشي 2: 276/ 2. [.....]

5- الكافي 2: 482/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 482

قال: ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور، لا تشبه النور الأول، و زادني حلقا و سلاسل، و عرج بي إلى السماء الثانية، فلما قربت من باب السماء الثانية نفرت الملائكة إلى «1» أطراف السماء و خرت سجدا، و قالت:

سبوح قدوس رب الملائكة و الروح، ما أشبه هذا النور بنور ربنا! فقال جبرئيل (عليه السلام): أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. فاجتمعت الملائكة و قالت: يا جبرئيل، من هذا معك؟ قال: هذا محمد (صلى الله عليه و آله). قالوا:

و قد بعث؟ قال: نعم. قال النبي (صلى الله عليه و آله): فخرجوا إلي شبه المعانيق «2» فسلموا علي، و قالوا: أقرئ أخاك السلام، قلت: أ تعرفونه؟ قالوا: و كيف لا نعرفه، و قد أخذ ميثاقك و ميثاقه و ميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا، و إنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم و ليلة خمسا؟ يعنون: في وقت كل صلاة.

قال: ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور، لا تشبه الأنوار الأولى، ثم عرج بي إلى السماء الثالثة، فنفرت الملائكة و خرت سجدا، و قالت: سبوح قدوس رب الملائكة و الروح ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا! فقال جبرئيل (عليه السلام): أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله. فاجتمعت الملائكة و

قالت: مرحبا بالأول و مرحبا بالآخر، و مرحبا بالحاشر، و مرحبا بالناشر، محمد خير النبيين، و علي خير الوصيين. قال النبي (صلى الله عليه و آله): ثم سلموا علي و سألوني عن أخي، قلت: هو في الأرض، أ فتعرفونه؟ قالوا: و كيف لا نعرفه و قد نحج البيت المعمور كل سنة؟ و عليه رق أبيض فيه اسم محمد و اسم علي و الحسن و الحسين و الأئمة (عليهم السلام) و شيعتهم إلى يوم القيامة، و إنا لنبارك عليهم كل يوم و ليلة خمسا- يعنون في وقت كل صلاة- و يمسحون رؤوسهم بأيديهم.

قال: ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه تلك الأنوار الاولى، ثم عرج بي حتى انتهيت إلى السماء الرابعة فلم تقل الملائكة شيئا، و سمعت دويا كأنه في الصدور، فاجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء و خرجت إلي شبه المعانيق، فقال جبرئيل (عليه السلام): حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح. فقالت الملائكة: صوتان مقرونان معروفان. فقال جبرئيل (عليه السلام): قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. فقالت الملائكة: هي لشيعته إلى يوم القيامة. ثم اجتمعت الملائكة و قالوا: كيف تركت أخاك؟ فقلت لهم:

و تعرفونه؟ قالوا: نعرفه و شيعته، و هم نور حول عرش الله، و إن في البيت المعمور لرقا من نور، فيه كتاب من نور، فيه اسم محمد و علي و الحسن و الحسين و الأئمة و شيعتهم إلى يوم القيامة، لا يزيد فيهم رجل، و لا ينقص منهم رجل، و إنه لميثاقنا، و إنه ليقرأ علينا كل يوم جمعة.

ثم قيل لي: ارفع رأسك يا محمد. فرفعت رأسي، فإذا أطباق السماء قد خرقت، و الحجب قد

رفعت، ثم قال لي: طأطئ رأسك، انظر ما ترى؟ فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيت مثل بيتكم هذا، و حرم مثل حرم هذا البيت، لو ألقيت شيئا من يدي لم يقع إلا عليه، فقيل لي: يا محمد، إن هذا الحرم و أنت الحرام، و لكل مثل مثال.

__________________________________________________

(1) في «ط»: في.

(2) المعانيق: جمع المعناق، و المعناق: الفرس الجيد العنق، و في الخبر: «فانطلقنا إلى الناس معانيق» أي مسرعين. «مجمع البحرين- عنق- 5:

219».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 483

ثم أوحى الله إلي: يا محمد، ادن من صاد فاغسل مساجدك و طهرها و صل لربك. فدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) من صاد: و هو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن، فتلقى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الماء بيده اليمنى، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمنى، ثم أوحى الله عز و جل إليه: أن أغسل وجهك فإنك تنظر إلى عظمتي، ثم اغسل ذراعيك اليمنى و اليسرى، فإنك تلقى بيدك كلامي، ثم أمسح رأسك بفضل ما بقي في يدك «1»، و رجليك إلى كعبيك، فإني أبارك عليك و أوطئك موطئا لم يطأه أحد غيرك. فهذه علة الأذان و الوضوء.

ثم أوحى الله عز و جل إليه: يا محمد، استقبل الحجر الأسود و كبرني على عدد حجبي. فمن أجل ذلك صار التكبير سبعا لأن الحجب سبع، فافتتح عند انقطاع الحجب، فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنة، و الحجب متطابقة، بينهن بحار النور و ذلك النور الذي أنزله الله على محمد (صلى الله عليه و آله)، فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلاث مرات لا فتتاح الحجب ثلاث مرات، فصار التكبير سبعا و الافتتاح ثلاثا، فلما فرغ من التكبير و

الافتتاح أوحى الله إليه: سم باسمي. فمن أجل ذلك جعل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في أول السورة.

ثم أوحى الله إليه: أن احمدني، فلما قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قال النبي (صلى الله عليه و آله)- في نفسه-:

شكرا، فأوحى الله عز و جل إليه: قطعت حمدي فسم باسمي. فمن أجل ذلك جعل في الحمد الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مرتين، فلما بلغ وَ لَا الضَّالِّينَ قال النبي (صلى الله عليه و آله): الحمد لله رب العالمين شكرا، فأوحى الله إليه: قطعت ذكري فسم باسمي، فمن أجل ذلك جعل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في أول السورة.

ثم أوحى الله عز و جل إليه: اقرأ يا محمد، نسبة ربك تبارك و تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ «2»، ثم أمسك عنه الوحي. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الواحد الأحد الصمد، فأوحى الله إليه: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، ثم أمسك عنه الوحي. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كذلك الله ربنا، كذلك الله ربنا. فلما قال ذلك أوحى الله إليه: اركع لربك يا محمد. فركع، فأوحى الله إليه و هو راكع، قل: سبحان ربي العظيم. ففعل ذلك ثلاثا، ثم أوحى الله إليه: أن ارفع رأسك يا محمد. ففعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقام منتصبا، فأوحى الله عز و جل إليه: أن اسجد لربك يا محمد. فخر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ساجدا، فأوحى الله عز و جل إليه: قل سبحان ربي الأعلى. ففعل (صلى الله عليه و آله) ذلك ثلاثا، ثم أوحى الله إليه:

أن استو جالسا يا محمد. ففعل، فلما رفع رأسه من سجوده و استوى جالسا نظر إلى عظمته تجلت له فخر ساجدا من تلقاء نفسه، لا لأمر امر به، فسبح أيضا ثلاثا، فأوحى الله إليه: أن انتصب قائما. ففعل فلم ير ما كان يرى من العظمة، فمن أجل ذلك صارت الصلاة ركعة و سجدتين.

ثم أوحى الله عز و جل إليه: أن اقرأ بالحمد لله. فقرأها مثل ما قرأ أولا، ثم أوحى الله عز و جل إليه: اقرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ «3» فإنها نسبتك و نسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة. و فعل في الركوع مثل ما فعل في المرة الاولى، ثم سجد

__________________________________________________

(1) في المصدر: يديك.

(2) الإخلاص 112: 1- 4.

(3) القدر 97: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 484

سجدة واحدة، فلما رفع رأسه تجلت له العظمة فخر ساجدا من تلقاء نفسه، لا لأمير امر به، فسبح أيضا. ثم أوحى الله إليه: ارفع رأسك يا محمد، ثبتك ربك. فلما ذهب ليقوم، قيل: يا محمد، اجلس. فجلس، فأوحى الله إليه: يا محمد، إذا ما أنعمت عليك فسبح» باسمي. فالهم أن قال: بسم الله و بالله، و لا إله إلا الله، و الأسماء الحسنى كلها لله. ثم أوحى الله إليه: يا محمد، صل على نفسك و على أهل بيتك. فقال: صلى الله علي و على أهل بيتي، و قد فعل.

ثم التفت فإذا بصفوف من الملائكة و المرسلين و النبيين، فقيل: يا محمد، سلم عليهم. فقال: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. فأوحى الله إليه: أن السلام و التحية و الرحمة و البركات أنت و ذريتك. ثم أوحى الله إليه: أن لا تلتفت يسارا. و أول آية سمعها بعد قُلْ هُوَ

اللَّهُ أَحَدٌ و إِنَّا أَنْزَلْناهُ آية أَصْحابُ الْيَمِينِ «2» و أَصْحابُ الشِّمالِ «3» فمن أجل ذلك كان السلام واحدة تجاه القبلة، و من أجل ذلك كان التكبير في السجود شكرا.

و قوله: سمع الله لمن حمده. لأن النبي (صلى الله عليه و آله) سمع ضجة الملائكة بالتسبيح و التحميد و التهليل، فمن أجل ذلك قال: سمع الله لمن حمده. و من أجل ذلك صارت الركعتان الأوليان كلما أحدث فيهما حدث كان على صاحبهما إعادتهما، فهذا الفرض الأول في صلاة الزوال، يعني صلاة الظهر».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (العلل) قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قالا:

حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن أبي عمير و محمد بن سنان، عن الصباح المزني، و سدير الصيرفي، و محمد بن النعمان مؤمن الطاق، و عمر بن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

و حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد الله، قالا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و يعقوب بن يزيد و محمد بن عيسى، عن عبد الله بن جبلة، عن الصباح المزني و سدير الصيرفي و محمد بن النعمان الأحول و عمر بن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «4»: أنهم حضروه، و ساق الحديث، إلا أن في رواية ابن بابويه: «فقال: يا محمد سلم، فقلت: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. فقال: يا محمد، إني أنا السلام، و التحية و الرحمة و البركات أنت و ذريتك» «5».

6202/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله

عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، قال: «لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق، فأتيا بيت المقدس، و عرض عليه محاريب الأنبياء

__________________________________________________

6- أمالي الصدوق: 363/ 1.

(1) في «س»: فسم.

(2، 3) الواقعة 56: 27 و 41.

(4) في «س، ط»: أبي جعفر (عليه السّلام).

(5) علل الشرائع: 312/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 485

فصلى بها و رده، فمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في رجوعه بعير لقريش و إذا لهم ماء في آنية، و قد أضلوا بعيرا لهم و كانوا يطلبونه، فشرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ذلك الماء و أهرق باقيه.

فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال لقريش: إن الله جل جلاله قد أسرى بي إلى بيت المقدس و أراني آثار الأنبياء و منازلهم، و إني مررت بعير لقريش في موضع كذا و كذا، و قد أضلوا بعيرا لهم، فشربت من مائهم و أهرقت باقي ذلك. فقال أبو جهل: قد أمكنتكم الفرصة منه، فاسألوه كم الأساطين فيها و القناديل؟

فقالوا: يا محمد، إن هاهنا من قد دخل بيت المقدس فصف لنا كم أساطينه و قناديله و محاريبه؟ فجاء جبرئيل (عليه السلام) فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه، فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه، فلما أخبرهم قالوا: حتى تجي ء العير و نسألهم عما قلت.

فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): تصديق ذلك أن العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس، يقدمها جمل أورق «1». فلما كان من الغد

أقبلوا ينظرون إلى العقبة و يقولون: هذه الشمس تطلع الساعة، فبينا هم كذلك إذ طلعت عليهم العير حين طلع القرص، يقدمها جمل أورق، فسألوهم عما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: لقد كان هذا، ضل جمل لنا في موضع كذا و كذا و وضعنا ماء فأصبحنا و قد أهرق الماء. فلم يزدهم ذلك إلا عتوا».

6203/ [7]- و عنه: بإسناده عن عبد الرحمن بن غنم، قال: جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بدابة دون البغل و فوق الحمار، رجلاها أطول من يديها، خطوها مد البصر، فلما أراد النبي (صلى الله عليه و آله) أن يركب امتنعت. فقال جبرئيل (عليه السلام): إنه محمد، فتواضعت حتى لصقت بالأرض. قال: فركب، فكلما هبطت ارتفعت يداها و قصرت رجلاها، و إذا صعدت ارتفعت رجلاها و قصرت يداها، فمرت به في ظلمة الليل على عير محملة، فنفرت العير من دفيف البراق، فنادى رجل في آخر العير غلاما له في أول العير أن يا فلان، إن العير قد نفرت، و إن فلانة ألقت حملها و انكسرت يدها. و كانت العير لأبي سفيان.

قال: ثم مضى حتى إذا كان ببطن البلقاء «2»، قال (صلى الله عليه و آله): «يا جبرئيل، قد عطشت» فتناول جبرئيل (عليه السلام) قصعة فيها ماء فناوله و شرب، ثم مضى فمر على قوم معلقين بعراقيبهم بكلاليب من نار، فقال:

«ما هؤلاء يا جبرئيل؟» قال: هؤلاء الذين أغناهم الله بالحلال فيبتغون الحرام. قال: ثم مر على قوم تخاط جلودهم بمخائط من نار، فقال: «ما هؤلاء، يا جبرئيل؟». فقال: هؤلاء الذين يأخذون عذرة النساء بغير حل. ثم مضى و مر برجل يرفع حزمة من

حطب، كلما لم يستطع أن يرفعها زاد فيها، فقال: «يا جبرئيل، من هذا؟». قال: هذا صاحب الدين يريد أن يقضي، فإذا لم يستطع زاد عليه.

ثم مضى حتى إذا كان بالجبل الشرقي من بيت المقدس وجد ريحا حارة و سمع صوتا، قال: «ما هذه الريح- يا جبرئيل- التي أجدها، و هذا الصوت الذي أسمع؟» قال: هذه جهنم. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «أعوذ بالله من

__________________________________________________

7- أمالي الصدوق: 364/ 2.

(1) الأورق من الإبل: الذي في لونه بياض إلى سواد. «لسان العرب- ورق- 10: 376».

(2) البلقاء: كورة من أعمال دمشق، بين الشام و وادي القرى. «معجم البلدان 1: 489». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 486

جهنم». ثم وجد ريحا عن يمينه طيبة و سمع صوتا، فقال: «ما هذه الريح التي أجدها، و هذا الصوت الذي أسمع؟» قال: هذه الجنة. فقال (صلى الله عليه و آله): «أسأل الله الجنة».

قال: ثم مضى حتى انتهى إلى باب مدينة بيت المقدس و فيها هرقل، و كانت أبواب المدينة تغلق كل ليلة و يؤتى بالمفاتيح و توضع عند رأسه، فلما كانت تلك الليلة امتنع الباب أن ينغلق فأخبروه، فقال: ضاعفوا عليها من الحرس. قال: فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدخل بيت المقدس، فجاء جبرئيل إلى الصخرة فرفعها، فأخرج من تحتها ثلاثة أقداح: قدحا من لبن، و قدحا من عسل، و قدحا من خمر، فناوله قدح اللبن فشربه، ثم ناوله قدح العسل فشربه، ثم ناوله قدح الخمر، فقال: «قد رويت، يا جبرئيل» قال: أما أنك لو شربته، ضلت أمتك و تفرقت عنك. قال: ثم أم رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيت المقدس بسبعين نبيا.

قال: و هبط

مع جبرئيل (عليه السلام) ملك لم يطأ الأرض قط، معه مفاتيح خزائن الأرض، قال: [يا محمد، إن ربك يقرئك السلام، و يقول: هذه مفاتيح خزائن الأرض فإن شئت فكن نبيا عبدا، و إن شئت نبيا ملكا. فأشار إليه جبرئيل (عليه السلام): أن تواضع يا محمد، فقال: «بل أكون نبيا عبدا.»

ثم صعد إلى السماء فلما انتهى إلى باب السماء استفتح جبرئيل (عليه السلام) فقالوا: من هذا؟ قال: محمد.

قالوا: نعم المجي ء جاء، فدخل، فما مر على ملأ من الملائكة إلا سلموا عليه، و دعوا له و شيعه مقربوها، فمر على شيخ قاعد تحت شجرة، و حوله أطفال، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من هذا الشيخ، يا جبرئيل؟» قال: هذا أبوك إبراهيم (عليه السلام). قال: «فما هؤلاء الأطفال حوله؟». قال: هؤلاء أطفال المؤمنين حوله يغذوهم.

ثم مضى فمر على شيخ قاعد على كرسي، إذا نظر عن يمينه ضحك و فرح، و إذا نظر عن يساره حزن و بكى، فقال: «من هذا يا جبرئيل؟» قال: هذا أبوك آدم، إذا رأى řƠيدخل الجنة من ذريته ضحك و فرح، و إذا رأى من يدخل النار من ذريته حزن و بكى.

قال: ثم مضى، فمر على ملك قاعد على كرسي فسلم عليه، فلم ير [منه من البشر ما رأى من الملائكة، فقال: «يا جبرئيل، ما مررت بأحد من الملائكة إلا رأيت منه ما أحب إلا هذا، فمن هذا الملك؟» قال: هذا مالك خازن النار، أما إنه قد كان أحسن الملائكة بشرا، و أطلقهم وجها، فلما جعل خازن النار أطلع فيها اطلاعة فرأى ما أعد الله فيها لأهلها فلم يضحك بعد ذلك.

ثم مضى حتى إذا انتهى حيث انتهى، فرضت عليه

خمسون صلاة، قال: فأقبل، فمر على موسى (عليه السلام)، فقال: «يا محمد، كم فرض على أمتك؟» قال: «خمسون صلاة». قال: «ارجع إلى ربك فسله أن يخفف عن أمتك»، قال: ثم مر على موسى (عليه السلام)، فقال: «كم فرض على أمتك؟» قال: كذا و كذا. فقال: «إن أمتك أضعف الأمم، إرجع إلى ربك فسله أن يخفف عن أمتك، فإني كنت في بني إسرائيل فلم يكونوا يطيقون إلا دون هذا» فلم يزل يرجع إلى ربه عز و جل حتى جعلها خمس صلوات. قال: ثم مر على موسى (عليه السلام)، فقال: «كم فرض على أمتك؟» قال: «خمس صلوات» قال: «إرجع إلى ربك فسله أن يخفف عن أمتك». قال: «قد استحييت من ربي مما أرجع إليه». البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 487

ثم مضى فمر على إبراهيم خليل الرحمن، فناداه من خلفه فقال: «يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، و أخبرهم أن الجنة ماؤها عذب، و تربتها طيبة، [فيها] قيعان بيض، غرسها سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فمر أمتك فليكثروا من غرسها».

ثم مضى حتى مر بعير يقدمها جمل أورق، ثم أتى إلى أهل مكة فأخبرهم بمسيره، و قد كان بمكة قوم من قريش قد أتوا بيت المقدس فأخبرهم. ثم قال: «آية ذلك أنها تطلع عليكم الساعة عير مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق». قال: فنظروا فإذا هي قد طلعت، و أخبرهم [أنه قد مر بأبي سفيان، و أن إبله قد نفرت في بعض الليل، و أنه نادى غلاما له في أول العير: يا فلان، إن الإبل قد نفرت، و إن

فلانة قد ألقت حملها و انكسرت يدها، فسألوه عن الخبر فوجدوه كما قال النبي (صلى الله عليه و آله).

قال مصنف الكتاب: رجوع الخمسين صلاة إلى خمس صلوات بشفاعة موسى (عليه السلام) في خبر الإسراء متكرر في أحاديث خبر الإسراء «1»، اقتصرنا على ما أوردنا مخافة إلا طالة، و أما العلة في ذلك:

6204/ [8]- فقد روى محمد بن علي بن بابويه في (من لا يحضره الفقيه): عن زيد بن علي بن الحسين، أنه قال: سألت أبي سيد العابدين (عليه السلام)، فقلت له: يا أبت، أخبرني عن جدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما عرج به إلى السماء، و أمره ربه عز و جل بخمسين صلاة، كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران (عليه السلام): «ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك»؟ فقال: «يا بني، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يقترح على ربه عز و جل، و لا يراجعه في شي ء يأمره به، فلما سأله موسى (عليه السلام) ذلك، و صار شفيعا لامته إليه لم يجز له أن يرد شفاعة أخيه موسى (عليه السلام)، فرجع إلى ربه عز و جل فسأله التخفيف، إلى أن ردها إلى خمس صلوات».

قال: فقلت له: يا أبت، فلم لم يرجع إلى ربه عز و جل، و لم يسأله التخفيف من خمس صلوات، و قد سأله موسى (عليه السلام) أن يرجع إلى ربه عز و جل و يسأله التخفيف؟ فقال: «يا بني، أراد (عليه السلام) أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلاة، لقول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «2» ألا ترى أنه (صلى

الله عليه و آله) لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام و يقول: إنها خمس بخمسين ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «3»».

قال: فقلت له: يا أبت، أليس الله جل ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: «بلى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».

قلت: فما معنى قول موسى (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه و آله): «ارجع إلى ربك»؟ فقال: «معناه معنى قول

__________________________________________________

8- من لا يحضره الفقيه 1: 126/ 603.

(1) انظر: علل الشرائع: 132/ 1، أمالي الصدوق: 371/ 6، التوحيد: 176/ 8.

(2) الأنعام 6: 160.

(3) سورة ق 50: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 488

إبراهيم (عليه السلام): إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ «1» و معنى قول موسى (عليه السلام): وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى «2» و معنى قوله عز و جل: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ «3» يعني: حجوا إلى بيت الله. يا بني، إن الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، و المساجد بيوت الله، فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله و قصد إليه، و المصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله عز و جل، فإن لله تبارك و تعالى بقاعا في سماواته فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إلى الله، ألا تسمع الله عز و جل يقول: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ «4» و يقول عز و جل في قصة عيسى بن مريم (عليه السلام): بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ «5» و يقول الله عز و جل: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ «6»».

6205/ [9]- و عنه: بإسناده عن ثابت بن دينار،

قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن الله عز و جل هل يوصف بمكان؟ فقال: «لا، تعالى الله عن ذلك».

قلت: فلم أسرى بنبيه (صلى الله عليه و آله) إلى السماء؟ قال: «ليريه ملكوت السماوات و ما فيها من عجائب صنعه و بدائع خلقه».

قلت: فقول الله عز و جل: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «7»؟ قال: «ذاك رسول الله (صلى الله عليه و آله) دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات، ثم تدلى (صلى الله عليه و آله) فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى».

6206/ [10]- و عنه: بإسناده عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما عرج بي إلى السماء السابعة، و منها إلى سدرة المنتهى، و من السدرة إلى حجب النور، ناداني ربي جل جلاله: يا محمد، أنت عبدي و أنا ربك فلي فاخضع «8» و إياي فاعبد و علي فتوكل و بي فثق، فإني قد رضيت بك عبدا و حبيبا و رسولا و نبيا، و بأخيك علي خليفة و بابا، فهو حجتي على عبادي و إمام خلقي، و به يعرف أوليائي من أعدائي، و به يميز حزب الشيطان من حزبي، و به يقام ديني و تحفظ حدودي و تنفذ أحكامي، و بك و به و بالأئمة من ولده أرحم عبادي و إمائي،

__________________________________________________

9- علل الشرائع: 131/ 1.

10- الأمالي: 504/ 4.

(1) الصافات 37: 99.

(2) طه 20: 84.

(3) الذاريات 51: 50.

(4) المعارج 70: 4.

(5) النساء 4: 158.

(6) فاطر 35: 10.

(7) النجم 53: 8- 9.

(8) في «ط»: فاخشع. [.....]

البرهان

في تفسير القرآن، ج 3، ص: 489

و بالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي و تهليلي و تقديسي و تكبيري و تحميدي «1»، و به أطهر الأرض من أعدائي و أورثها أوليائي، و به اجعل كلمة الذين كفروا السفلى و كلمتي العليا، و به احيي عبادي و بلادي بعلمي به، و له اظهر الكنوز و الذخائر بمشيئتي، و إياه اظهر على الأسرار و الضمائر بإرادتي، و أمده بملائكتي، لتؤيده على إنفاذ أمري، و إعلاء «2» ديني، ذلك وليي حقا، و مهدي عبادي صدقا».

6207/ [11]- و عنه، قال: حدثنا حمزة بن محمد العلوي (رحمه الله)، قال حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن محمد بن حمزة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): لأي علة يجهر في صلاة الفجر و صلاة المغرب و صلاة العشاء الآخرة، و سائر الصلوات مثل: الظهر و العصر لا يجهر فيها؟

و لأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟

قال (عليه السلام): «لأن النبي (صلى الله عليه و آله) لما أسري به إلى السماء، كان أول صلاة فرضها الله عليه صلاة الظهر يوم الجمعة، فأضاف الله عز و جل إليه الملائكة تصلي خلفه، و أمر الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يجهر بالقراءة، ليبين لهم فضله، ثم افترض عليه العصر، و لم يضف إليه أحدا من الملائكة، و أمره أن يخفي القراءة، لأنه لم يكن وراءه أحد، ثم افترض عليه المغرب، ثم أضاف إليه الملائكة، فأمره بالإجهار و كذلك العشاء الآخرة، فلما قرب الفجر افترض الله تعالى عليه الفجر فأمره بالإجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة، فلهذه

العلة يجهر فيها».

فقلت: لأي شي ء صار التسبيح في الأخيرتين أفضل من القراءة؟

قال: «لأنه لما كان في الأخيرتين ذكر ما يظهر له من عظمة الله عز و جل، فدهش و قال: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر فلتلك العلة صار التسبيح أفضل من القراءة».

6208/ [12]- و عنه، قال: أخبرني علي بن حاتم، قال: حدثني القاسم بن محمد، قال: حدثنا حمدان بن الحسين، عن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن زياد، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت له: لأي علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات أفضل؟ و لأي علة يقال في الركوع:

سبحان ربي العظيم و بحمده، و يقال في السجود: سبحان ربي الأعلى و بحمده؟

قال: «يا هشام، إن الله تبارك و تعالى خلق السماوات سبعا و الأرضين، سبعا و الحجب سبعا، فلما أسري بالنبي (صلى الله عليه و آله) و كان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه، فكبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و جعل يقول الكلمات التي تقال في الافتتاح، فلما رفع له الثاني كبر، فلم يزل كذلك حتى بلغ سبع حجب و كبر سبع تكبيرات، فلتلك العلة يكبر في الافتتاح في الصلاة سبع تكبيرات، فلما ذكر ما رأى من عظمة الله ارتعدت فرائصه فابترك على ركبتيه و أخذ يقول: سبحان ربي العظيم و بحمده. فلما اعتدل من ركوعه قائما، نظر إليه في

__________________________________________________

11- علل الشرائع: 322/ 1.

12- علل الشرائع: 332/ 4.

(1) في المصدر: و تمجيدي.

(2) في المصدر: و إعلان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 490

موضع أعلى من ذلك الموضع، خر على

وجهه و هو يقول: سبحان ربي الأعلى و بحمده. فلما قالها سبع مرات سكن ذلك الرعب، فلذلك جرت به السنة».

6209/ [13]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن صباح الحذاء، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) كيف صارت الصلاة ركعة و سجدتين، و كيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين؟

فقال: «إذا سألت عن شي ء ففرغ قلبك لتفهم، إن أول صلاة صلاها رسول الله (صلى الله عليه و آله) إنما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك و تعالى قدام عرشه جل جلاله، و ذلك أنه لما أسري به و صار عند عرشه تبارك و تعالى، قال: يا محمد، ادن من صاد فاغسل مساجدك و طهرها و صل لربك، فدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى حيث أمره تبارك و تعالى، فتوضأ و أسبغ وضوءه، ثم استقبل الجبار تبارك و تعالى قائما، فأمره بافتتاح الصلاة ففعل. فقال:

يا محمد، اقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ إلى آخرها ففعل ذلك، ثم أمره أن يقرأ نسبة ربه تبارك و تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ثم أمسك عنه القول، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ فقال: قل: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ. فأمسك عنه القول فقال رسول الله: كذلك الله ربي، كذلك الله ربي. فلما قال ذلك، قال: اركع- يا محمد- لربك. فركع رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له و هو

راكع: قل سبحان ربي العظيم و بحمده. ففعل ذلك ثلاثا. ثم قال:

ارفع رأسك يا محمد. ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقام منتصبا بين يدي الله عز و جل. فقال: اسجد لربك يا محمد. فخر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ساجدا، فقال: قل سبحان ربي الأعلى و بحمده. ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: استو جالسا، يا محمد. ففعل، فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه جل جلاله، فخر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه عز و جل، فسبح أيضا ثلاثا، فقال: انتصب قائما، ففعل، فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله، فقال له: اقرأ- يا محمد- و افعل كما فعلت في الركعة الأولى. ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم سجد سجدة واحدة، فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك و تعالى الثانية، فخر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه عز و جل فسبح أيضا، ثم قال له: ارفع رأسك ثبتك الله و اشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أن الله يبعث من في القبور، اللهم صل على محمد و آل محمد و أرحم محمدا و آل محمد، كما صليت و باركت و ترحمت و مننت على إبراهيم و آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم تقبل شفاعته في أمته و ارفع درجته. ففعل، فقال: سلم يا محمد. و استقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) ربه تبارك

و تعالى و تقدس وجهه، مطرقا، فقال: السلام عليك. فأجابه الجبار جل جلاله فقال:

و عليك السلام- يا محمد- بنعمتي قويت على طاعتي، و برحمتي «1» إياك اتخذتك نبيا و حبيبا».

__________________________________________________

13- علل الشرائع: 334/ 1.

(1) في المصدر: و بعصمتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 491

ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): «و إنما كانت الصلاة التي امر بها ركعتين و سجدتين، و هو (صلى الله عليه و آله) إنما سجد سجدتين في كل ركعة عما أخبرتك من تذكرة لعظمة ربه تبارك و تعالى، فجعله الله عز و جل فرضا».

قلت:- جعلت فداك- و ما صاد الذي أمره أن يغتسل منه؟

فقال: «عين تنفجر من ركن من أركان العرش، يقال له: ماء الحياة، و هو ما قال الله عز و جل: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ «1» إنما أمره أن يتوضأ و يقرأ و يصلي».

6210/ [14]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب، و علي بن عبد الله الوراق و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران و صالح بن السندي، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): لأي علة عرج الله بنبيه (صلى الله عليه و آله) إلى السماء، و منها إلى سدرة المنتهى، و منها إلى حجب النور و خاطبه و ناجاه هناك، و الله لا يوصف بمكان؟

فقال (عليه السلام): «إن الله لا يوصف بمكان، و لا يجري عليه زمان، و لكنه عز و جل أراد أن يشرف به ملائكته و سكان سماواته، و يكرمهم بمشاهدته، و يريه من عجائب

عظمته ما يخبر به بعد هبوطه، و ليس ذلك على ما يقوله المشبهون، سبحانه و تعالى عما يصفون».

6211/ [15]- العياشي: عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن جبرئيل (عليه السلام) أتى بالبراق إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و كان أصغر من البغل و أكبر من الحمار، مضطرب الأذنين، عيناه في حوافره، خطوته مد البصر».

6212/ [16]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أسري بالنبي (صلى الله عليه و آله) أتي بالبراق و معها جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل، قال: فأمسك له واحد بالركاب، و أمسك الآخر باللجام، و سوى عليه الآخر ثيابه، فلما ركبها تضعضعت، فلطمها جبرئيل (عليه السلام) و قال لها: قري يا براق، فما ركبك أحد قبله مثله، و لا يركبك أحد بعده مثله، إلا أنه تضعضعت عليه».

6213/ [17]- و في رواية اخرى: عن هشام، عنه (عليه السلام) قال: «لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) حضرت الصلاة، فأذن جبرئيل و أقام للصلاة، فقال: يا محمد، تقدم. فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): تقدم يا جبرئيل.

فقال له: إنا لا نتقدم الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم».

__________________________________________________

14- علل الشرائع: 132/ 2.

15- تفسير العيّاشي 2: 276/ 3.

16- تفسير العيّاشي 2: 276/ 4.

17- تفسير العيّاشي 2: 277/ 5.

(1) سورة ص 38: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 492

6214/1]- عن هارون بن خارجة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا هارون، كم بين منزلك و بين المسجد الأعظم؟». قلت: قريب. قال: «يكون ميلا؟». فقلت: لكنه أقرب فقال: «فما تشهد الصلاة كلها فيه؟». فقلت: لا و الله- جعلت فداك- ربما شغلت

«1» فقال لي: «أما إني لو كنت بحضرته ما فاتني فيه صلاة». قال: ثم قال هكذا بيده: «ما من ملك مقرب و لا نبي مرسل، و لا عبد صالح إلا و قد صلى في مسجد كوفان، حتى محمد (صلى الله عليه و آله) ليلة أسري به أمره به جبرئيل، فقال: يا محمد، هذا مسجد كوفان، فقال: استأذن لي حتى اصلي فيه ركعتين، فاستأذن له فهبط به و صلى فيه ركعتين.

ثم قال: أما علمت أن عن يمينه روضة من رياض الجنة، و عن يساره روضة من رياض الجنة، أما علمت أن الصلاة المكتوبة فيه تعدل ألف صلاة في غيره، و النافلة خمسمائة صلاة، و الجلوس «2» فيه من غير قراءة القرآن عبادة». قال: ثم قال هكذا بإصبعه فحركها: «ما بعد المسجدين أفضل من مسجد كوفان» «3».

6215/ [19]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن جبرئيل احتمل رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى به إلى مكان من السماء، ثم تركه و قال له: ما وطئ شي ء قط مكانك».

6216/ [20]- عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى السماء الدنيا لم يمر بأحد من الملائكة إلا استبشر به، إلا مالك خازن جهنم، فقال لجبرئيل: يا جبرئيل، ما مررت بملك من الملائكة إلا استبشر بي إلا هذا الملك، فمن هذا؟ قال: هذا مالك خازن جهنم، و هكذا جعله الله.»

قال: «فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، سله أن يرينيها! فقال جبرئيل: يا مالك، هذا محمد رسول الله، و قد شكا إلي و قال: ما مررت بأحد

من الملائكة إلا استبشر بي و سلم علي إلا هذا. فأخبرته أن الله تعالى هكذا جعله، و قد سألني أن أسألك أن تريه جهنم». قال: «فكشف له عن طبق من أطباقها، فما رؤي رسول الله (صلى الله عليه و آله) ضاحكا حتى قبض (صلى الله عليه و آله)».

6217/ [21]- عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) حضرت الصلاة فأذن جبرئيل (عليه السلام)، فلما قال: الله أكبر، الله أكبر. قالت الملائكة: الله أكبر، الله أكبر. فلما قال:

أشهد أن لا إله إلا الله قالت الملائكة: خلع الأنداد. فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله قالت: نبي بعث. فلما قال: حي على الصلاة قالت: حث على عبادة ربه. فلما قال: حي على الفلاح قالت: أفلح من تبعه».

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 2: 277/ 6.

19- تفسير العيّاشي 2: 277/ 7.

20-- تفسير العيّاشي 2: 277/ 8. [.....]

21- تفسير العيّاشي 2: 278/ 9.

(1) في «ط»: ربما ثقلت.

(2) في «س»: و الحاضر.

(3) في «ط»: من الكوفة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 493

6218/ [22]- عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أخبرهم أنه أسري به، قال بعضهم لبعض: قد ظفرتم به فاسألوه عن أيلة «1»- قال- فسألوه عنها- قال- فأطرق و مكث «2»، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال:

يا رسول الله، ارفع رأسك فإن الله قد رفع إليك أيلة، و قد أمر الله كل منخفض من الأرض فارتفع، و كل مرتفع فانخفض. فرفع رأسه فإذا أيلة قد رفعت له، فجعلوا يسألونه، و يخبرهم و هو ينظر إليها، ثم قال: إن علامة ذلك عير لأبي سفيان تحمل برا يقدمها

جمل أحمر مجمع «3»، تدخل غدا مع الشمس، فأرسلوا الرسل، و قالوا لهم: حيث ما لقيتم العير فاحبسوها، ليكذبوا بذلك قوله- قال- فضرب الله وجوه الإبل فأقرت «4» على الساحل، و أصبح الناس فأشرفوا». فقال أبو عبد الله: «فما رؤيت مكة أكثر مشرفا و لا مشرفة منها يومئذ، لينظروا ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبلت الإبل [من ناحية الساحل، فكان يقول القائل: الإبل الشمس، الشمس الإبل- قال- فطلعتا جميعا».

6219/ [23]- عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلى العشاء الآخرة و صلى الفجر في الليلة التي أسري به فيها بمكة».

6220/ [24]- عن زرارة و حمران بن أعين و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «حدث أبو سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: إن جبرئيل أتاني ليلة أسري بي و حين رجعت، فقلت: يا جبرئيل، هل لك من حاجة؟ فقال: حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله و مني السلام. و حدثنا عند «5» ذلك أنها قالت حين لقيها نبي الله (صلى الله عليه و آله) فقال لها بالذي قال جبرئيل، قالت: إن الله هو السلام، و منه السلام، و إليه السلام، و على جبرئيل السلام».

6221/ [25]- عن سالم «6» الحناط، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن المساجد التي لها الفضل، فقال: «المسجد الحرام، و مسجد الرسول».

قلت: و المسجد الأقصى، جعلت فداك؟ فقال: «ذاك في السماء، إليه أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله)».

فقلت: إن الناس يقولون: إنه بيت المقدس؟ فقال: «مسجد الكوفة أفضل منه».

__________________________________________________

22-

تفسير العيّاشي 2: 378/ 10.

23- تفسير العيّاشي 2: 279/ 11.

24- تفسير العيّاشي 2: 279/ 12.

25- تفسير العيّاشي 2: 279/ 13.

(1) أيلة: بالفتح، مدينة على ساحل بحر القلزم ممّا يلي الشام. «معجم البلدان 1: 292».

(2) في «ط»: و سكت.

(3) رجل مجمع: بلغ أشدّه. «أقرب الموارد- جمع- 1: 138».

(4) في المصدر: فأقربت.

(5) في «ط»: عن.

(6) في المصدر: سلّام. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 494

6222/ [26]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «لما أسري بالنبي (صلى الله عليه و آله) فانتهى إلى موضع، قال له جبرئيل: قف، إن ربك يصلي».

قال: قلت: جعلت فداك، و ما كان صلاته؟ فقال: «كان يقول: سبوح قدوس رب الملائكة و الروح، سبقت رحمتي غضبي».

6223/ [27]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أسري به رفعه جبرئيل بإصبعيه، و وضعهما في ظهره حتى وجد بردهما «1» في صدره، فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) دخله شي ء، فقال: يا جبرئيل، أفي هذا الموضع؟ قال: نعم، إن هذا الموضع لم يطأه أحد قبلك و لا يطأه أحد بعدك».

قال: «و فتح الله له من العظمة مثل مسام الإبرة، فرأى من العظمة ما شاء الله، فقال له جبرئيل: قف يا محمد» و ذكر مثل الحديث الأول سواء.

6224/ [28]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد ابن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما عرج برسول الله (صلى الله عليه و آله) انتهى به جبرئيل إلى مكان فخلى عنه. فقال له:

يا جبرئيل، أ تخليني على هذه الحال؟! فقال: أمضه، فو الله، لقد وطئت مكانا ما وطئه بشر و ما مشى فيه بشر قبلك».

6225/ [29]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة، قال سأل أبو بصير أبا عبد الله (عليه السلام) و أنا حاضر، فقال: جعلت فداك، كم عرج برسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: «مرتين، فأوقفه جبرئيل (عليه السلام) موقفا فقال له: مكانك- يا محمد- فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط و لا نبي، إن ربك يصلي. فقال: يا جبرئيل، و كيف يصلي؟ قال: يقول: سبوح قدوس أنا رب الملائكة و الروح، سبقت رحمتي غضبي. فقال: اللهم عفوك عفوك- قال- و كان كما قال الله: قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «2»».

فقال له أبو بصير: جعلت فداك، و ما قاب قوسين أو أدنى؟ قال: «ما بين سيتها «3» إلى رأسها، فقال: كان بينهما حجاب يتلألأ- و لا أعلمه إلا و قد قال: زبرجد- فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال الله تبارك و تعالى: يا محمد، قال: لبيك ربي. قال: من لامتك من بعدك؟ قال: الله أعلم. قال: علي بن أبي طالب أمير

__________________________________________________

26- تفسير العيّاشي 2: 280/ 14.

27- تفسير العيّاشي 2: 280/ 15.

28- الكافي 1: 367/ 12.

29-- الكافي 1: 367/ 13.

(1) في «ط» و المصدر: بإصبعه وضعها في ظهره حتّى وجد بردها.

(2) النجم 53: 9.

(3) سية القوس: ما عطف من طرفيها. «انظر لسان العرب- سوا- 14: 417».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 495

المؤمنين، و سيد المسلمين، و قائد العز المحجلين».

قال: ثم

قال أبو عبد الله (عليه السلام) لأبي بصير: «يا أبا محمد، و الله ما جاءت ولاية علي (عليه السلام) من الأرض، و لكن جاءت من السماء».

6226/ [30]- الخصيبي في (هدايته): بإسناده عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله)، رأى في طريق الشام عيرا لقريش بمكان، فقال لقريش حين أصبح: يا معشر قريش، إن الله تبارك و تعالى قد أسرى بي في هذه الليلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى- يعني بيت المقدس- حتى ركبت على البراق، و قد أتاني به جبرئيل (عليه السلام)، و هو دابة أكبر من الحمار و أصغر من البغل و خطوتها مد البصر، فلما صرت عليه صعدت إلى السماء و صليت بالنبيين أجمعين، و الملائكة كلهم و رأيت الجنة و ما فيها، و النار و ما فيها، و اطلعت على الملك كله.

فقالوا: يا محمد، كذب بعد كذب يأتينا منك مرة بعد مرة، لئن لم تنته عما تقول و تدعي لنقتلنك شر قتلة، تريد أن تأفكنا عن آلهتنا، و تصدنا عما كان يعبد آباؤنا الشم «1» الغطاريف «2»؟

فقال: يا قوم، إنما أتيتكم بالخير، إن قبلتموه، فإن لم تقبلوه فارجعوا، و تربصوا بي، إني متربص بكم، و إني لأرجوا أن أرى فيكم ما آمله من الله، فسوف تعلمون.

فقال له أبو سفيان: يا محمد، إن كنت صادقا فيما تقول، فإنا قد دخلنا الشام و مررنا على طريق الشام، فخبرنا عن طريق الشام و ما رأيت فيه، و نحن نعلم أنك لم تدخل الشام، فإن أنت أعطيتنا علامته علمنا أنك نبي و رسول.

فقال: و الله لأخبرنكم بما رأت عيناي الساعة، رأيت عيرا لك يا أبا سفيان، و

هي ثلاثة و عشرون جملا يقدمها جمل أرمك «3»، عليه عباءتان قطوانيتان «4»، و فيهما غلامان لك: أحدهما صبيح، و الآخر رياح، في موضع كذا و كذا، و رأيت لك يا هشام بن المغيرة عيرا في موضع كذا و كذا، و هي ثلاثون بعيرا يقدمها جمل أحمر، فيها ثلاثة مما ليك: أحدهم ميسرة، و الآخر سالم و الثالث يزيد، و قد وقع لهم بعير، و يأتونكم يوم كذا و كذا في ساعة كذا و كذا، و وصف لهم جميع ما رأوه في بيت المقدس.

قال أبو سفيان: أما في بيت المقدس فقد وصفت لنا إياه، و أما العير فقد ادعيت أمرا، فإن لم يوافق قولك، علمنا أنك كذاب، و أن ما تدعيه الباطل.

فلما كان ذلك اليوم الذي أخبرهم أن العير تأتيهم فيه، خرج أبو سفيان و هشام بن المغيرة حتى لقيا العير و قد أقبلت في الوقت الذي وعده النبي (صلى الله عليه و آله)، فسألا غلمانهم عن جميع ما كانوا فيه، فأخبروهم مثل ما

__________________________________________________

30- الهداية الكبرى: 57/ 12.

(1) الشّمّ: جمع أشم، و هو السيّد ذو الأنفة الشريف النفس. «تاج العروس- شمم- 8: 360».

(2) الغطريف: السيد الشريف السخيّ و الكثير الخير. «لسان العرب- غطرف- 9: 269».

(3) الجمل الارمك: هو الذي فى لونه كدورة. «لسان العرب- رمك- 10: 434»

(4) القطوانيّة: عباءة بيضاء قصيرة الخمل. «النهاية 4: 85».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 496

أخبرهم به النبي (صلى الله عليه و آله).

فلما أقبلا قال لهما: ما صنعتما؟ فقالا جميعا: لقد رأينا جميع ما قلت، و ما يعلم أحد السحر إلا إياك، و إن لك شيطانا عالما يخبرك بجميع ذلك، و الله لو رأينا ملائكة من السماء تنزل عليك ما

صدقناك و لا قلنا إنك رسول الله و لا آمنا بما تقول، فهو علينا سواء، أو عظت أم لم تكن من الواعظين».

6227/ [31]- العياشي: عن عبد الصمد بن بشير، قال: ذكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) بدء الأذان، فقيل: إن رجلا من الأنصار رأى في منامه الأذان فقصه على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمره رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يعلمه بلالا. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كذبوا، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان نائما في ظل الكعبة فأتاه جبرئيل (عليه السلام) و معه طاس فيه ماء من الجنة، فأيقظه و أمره أن يغتسل به، ثم وضع في محمل له ألف ألف لون من نور، ثم صعد به حتى انتهى إلى أبواب السماء» الحديث.

6228/ [32]- عن عبد الصمد بن بشير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «جاء جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو بالأبطح بالبراق، أصغر من البغل و أكبر من الحمار، عليه ألف ألف محفة»

من نور، فشمس «2» البراق حين أدناه منه ليركبه، فلطمه جبرئيل (عليه السلام) لطمة عرق البراق منها، ثم قال: اسكن، فإنه محمد، ثم زف «3» به من بيت المقدس إلى السماء» الحديث.

و هذا الحديث و سابقه قد تقدما بطولهما عند قوله تعالى: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ من آخر سورة البقرة «4».

6229/ [33]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) [في

احتجاجه على يهودي يخبره عما اوتي الأنبياء من الفضائل، و يأتيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بما أوتي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما هو أفضل مما اوتي الأنبياء من الفضائل، فكان فيما ذكر له اليهودي أن قال له: فإن هذا سليمان بن داود قد سخرت له الرياح فسارت به في بلاده غدوها شهر و رواحها شهر.

فقال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) اعطي ما هو أفضل من هذا، إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، و عرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في

__________________________________________________

31- تفسير العيّاشي 1: 157/ 530.

32- تفسير العيّاشي 1: 159/ 531. [.....]

33- الاحتجاج: 220.

(1) المحفة: مركب من مراكب النساء كالهودج. «مجمع البحرين- حفف- 5: 39».

(2) الشّموس من الدوابّ: إذا شردت و جمحت و منعت ظهرها. «لسان العرب- شمس- 6: 113».

(3) زفّ: أسرع. «لسان العرب- زفف- 9: 136».

(4) تقدّما في الحديثين (8 و 9) من تفسير الآيات (284- 286) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 497

أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش» الحديث

، و قد تقدم بطوله في قوله تعالى: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ الآية «1».

6230/ [34]- علي بن إبراهيم: بإسناده عن أبي برزة الأسلمي، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): «يا علي، إن الله تعالى أشهدك معي في سبعة مواطن.

أما أول ذلك: فليلة أسري بي إلى السماء، قال لي جبرئيل: أين أخوك؟ فقلت: خلفته ورائي قال: ادع الله فليأتك به، فدعوت الله فإذا مثالك معي، و إذا

الملائكة وقوف صفوف، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ قال: هم الذين يباهيهم الله بك يوم القيامة، فدنوت فنطقت بما كان و بما يكون إلى يوم القيامة.

و الثاني: حين أسري بي في المرة الثانية فقال لي جبرئيل: أين أخوك؟ قلت: خلفته ورائي، قال: ادع الله فليأتك به فدعوت الله فإذا مثالك معي، فكشط «2» لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها و عمارها و موضع كل ملك منها.

و الثالث: حين بعثت إلى الجن، فقال لي جبرئيل: أين أخوك؟ قلت: خلفته ورائي، فقال: ادع الله فليأتك به فدعوت الله فإذا أنت معي، فما قلت لهم شيئا و لا ردوا علي شيئا إلا سمعته.

و الرابع: خصصنا بليلة القدر، و أنت معي فيها، و ليست لأحد غيرنا.

و الخامس: دعوت الله فيك فأعطاني فيك كل شي ء إلا النبوة، فإنه قال: خصصتك- يا محمد- بها و ختمتها بك.

و أما السادس: لما أسري بي إلى السماء جمع الله لي النبيين، و صليت بهم و مثالك خلفي.

و السابع: هلاك الأحزاب بأيدينا».

و رواه محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) عن أبي داود السبيعي «3»، عن بريدة الأسلمي «4».

6231/ [35]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن عبد الله الموسوي في داره بمكة بعشرين «5» و ثلاثمائة، قال: حدثني مؤدبي عبيد الله بن أحمد بن نهيك الكوفي، قال: حدثنا محمد بن زياد بن أبي عمير، قال: حدثني علي بن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله __________________________________________________

34- تفسير القمّي 2: 335.

35- الأمالي 2: 255.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (284- 286) من سورة البقرة.

(2) الكشط: القلع و الكشف. «لسان العرب- كشط-

7: 387».

(3) في المصدر: السبعي، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، و هو نفيع بن الحارث، أبو داود الأعمى الهمداني السّبيعي الكوفي، روى عن بريدة الأسلمي و أبي برزة الأسلمي. تهذيب الكمال 30: 10/ 6466.

(4) بصائر الدرجات: 127/ 3.

(5) في المصدر: بثمان و عشرين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 498

جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، إنه لما أسري بي إلى السماء تلقاني الملائكة بالبشارات في كل سماء حتى لقيني جبرئيل (عليه السلام) في محفل من الملائكة، قال: يا محمد، لو اجتمعت أمتك على حب علي، ما خلق الله عز و جل النار.

يا علي، إن الله تعالى أشهدك معي في سبعة مواطن حتى أنست بك.

أما أول ذلك: فليلة أسري بي إلى السماء، قال لي جبرئيل (عليه السلام): أين أخوك يا محمد؟ فقلت: خلفته ورائي، فقال: ادع الله عز و جل فليأتك به فدعوت الله عز و جل فإذا مثالك معي، و إذا الملائكة وقوف صفوف، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يباهيهم الله عز و جل بك يوم القيامة، فدنوت فنطقت بما كان و بما يكون إلى يوم القيامة.

و الثاني: حين أسري بي إلى ذي العرش عز و جل، قال جبرئيل: أين أخوك يا محمد؟ فقلت: خلفته ورائي.

فقال: ادع الله عز و جل فليأتك به فدعوت الله عز و جل فإذا مثالك معي، و كشط لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها و عمارها و موضع كل ملك منها.

و الثالثة: حين بعثت إلى الجن، فقال لي جبرئيل (عليه السلام): أين أخوك؟ فقلت: خلفته ورائي. فقال: ادع الله عز و جل فليأتك

به فدعوت الله عز و جل فإذا أنت معي، فما قلت لهم شيئا و لا ردوا علي شيئا إلا سمعته و وعيته.

و الرابعة: خصصنا بليلة القدر، و أنت معي فيها، و ليست لأحد غيرنا.

و الخامسة: ناجيت الله عز و جل و مثالك معي، فسألت فيك خصالا أجابني إليها إلا النبوة، فإنه قال:

خصصتها بك، و ختمتها بك.

و السادسة: لما طفت بالبيت المعمور كان مثالك معي.

و السابعة: هلاك الأحزاب على يدي و أنت معي.

يا علي، إن الله أشرف إلى الدنيا فاختارني على رجال العالمين، ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين، ثم اطلع الثالثة فاختار فاطمة على نساء العالمين، ثم اطلع الرابعة فاختار الحسن و الحسين و الأئمة من ولده على رجال العالمين.

يا علي، إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن فأنست بالنظر إليه: إني لما بلغت بيت المقدس في معارجي إلى السماء وجدت على صخرتها: لا إله إلا الله، محمد رسول الله أيدته بوزيره و نصرته به. فقلت: يا جبرئيل: و من وزيري؟ فقال: علي بن أبي طالب (عليه السلام). فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها: لا إله إلا الله، أنا وحدي، و محمد صفوتي من خلقي، أيدته بوزيره و نصرته به. فقلت يا جبرئيل و من وزيري؟ فقال:

علي بن أبي طالب. فلما جاوزت السدرة و انتهيت إلى عرش رب العالمين وجدت مكتوبا على قائمة من قوائم العرش: أنا الله، لا إله إلا أنا وحدي، محمد حبيبي و صفوتي من خلقي، أيدته بوزيره و أخيه و نصرته به.

يا علي، إن الله عز و جل أعطاني فيك سبع خصال: أنا أول من يشق القبر و أنت معي، و أنت أول من يقف البرهان في

تفسير القرآن، ج 3، ص: 499

معي على الصراط، فتقول للنار: خذي هذا فهو لك، و ذري هذا فليس هولك و أنت أول من يكسى إذا كسيت، و يحيا إذا حييت، و أنت أول من يقف معي عن يمين العرش، و أول من يقرع معي باب الجنة، و أول من يسكن معي في عليين، و أول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك، و في ذلك فليتنافس المتنافسون».

6232/ [36]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن الحفار، قال: حدثني ابن الجعابي، قال: حدثنا أبو عثمان سعيد ابن عبد الله بن عجب الأنباري، قال: حدثنا خلف بن درست، قال: حدثنا القاسم بن هارون، قال: حدثنا سهل بن سفيان، عن همام، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما عرج بي إلى السماء دنوت من ربي عز و جل حتى كان بيني و بينه قاب قوسين أو أدنى، فقال: يا محمد، من تحب من الخلق؟ قلت: يا رب، عليا.

قال: التفت يا محمد، فالتفت عن يساري فإذا علي بن أبي طالب».

6233/ [37]- البرسي: عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه و آله) ليلة المعراج رأى عليا و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام) في السماء فسلم عليهم، و قد فارقهم في الأرض.

6234/ [38]- المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن عبد الله، عن عبيد الله بن محمد العيشي، قال: أخبرني حماد بن سلمة، عن الأعمش، عن زياد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود، قال: أتيت (فاطمة (صلوات الله عليها))، فقلت لها: أين بعلك؟ فقالت: «عرج به جبرئيل (عليه السلام) إلى السماء». فقلت: في ماذا؟ فقالت: «إن نفرا من الملائكة تشاجروا في شي ء

فسألوا حكما من الآدميين، فأوحى الله إليهم أن تخيروا، فاختاروا علي بن أبي طالب».

صفة البراق ..... ص : 499

6235/ [1]- في (صحيفة الرضا (عليه السلام)): قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله تعالى سخر لي البراق، و هي:

دابة من دواب الجنة، ليست بالطويل و لا بالقصير، فلو أن الله عز و جل أذن لها لجالت الدنيا و الآخرة في جرية واحدة، و هي أحسن الدواب لونا».

6236/ [2]- ابن الفارسي في (روضته): في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في صفة البراق: «وجهها كوجه الإنسان، و خدها كخد الفرس، عرفها من لؤلؤ مسموط «1»، و أذناها «2» زبرجدتان خضراوان، و عيناها مثل

__________________________________________________

36- الأمالي 1: 362.

37- ....... [.....]

38- الاختصاص: 213.

1- صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام): 154/ 95.

2- روضة الواعظين: 108.

(1) السمط: الخيط الواحد المنظوم. «تاج العروس- سمط- 5: 160».

(2) في المصدر زيادة: من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 500

كوكب الزهرة يتوقدان مثل النجمين المضيئين، لها شعاع مثل شعاع الشمس، منحدر عن نحرها الجمان «1»، منظومة الخلق، طويلة اليدين و الرجلين، لها نفس كنفس الآدميين، تسمع الكلام و تفهمه، و هي فوق الحمار و دون البغل».

6237/ [3]- البرسي: عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه و آله) لما جاء جبرئيل (عليه السلام) ليلة الإسراء بالبراق و أمره عن أمر الله بالركوب قال: «ما هذه»؟ فقال: دابة خلقت لأجلك و لها في جنة عدن ألف سنة. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «و ما سير هذه الدابة؟» فقال: إن شئت أن تجوز بها السماوات السبع و الأرضين السبع فتقطع سبعين ألف عام ألف مرة «2» كلمح البصر قدرت.

سورة الإسراء(17): آية 2 ..... ص : 500

قوله تعالى:

وَ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا [2] 6238/ [1]- علي بن

إبراهيم: إنه محكم.

سورة الإسراء(17): آية 3 ..... ص : 500

قوله تعالى:

ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً [3]

6239/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن نوحا (عليه السلام) إنما سمي عبدا شكورا لأنه كان يقول إذا أمسى و أصبح: اللهم إني أشهدك أنه ما أمسى و أصبح بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك، وحدك لا شريك لك، لك الحمد و لك الشكر بها

__________________________________________________

3- مشارق أنوار اليقين: 218.

1- تفسير القمّي 244 «حجري»، و لم نعثر عليه في المطبوع.

2- علل الشرائع: 29/ 1.

(1) الجمان: اللؤلؤ الصّغار. «لسان العرب- جمن- 13: 92».

(2) في «ط»: ألف عام و سبعين ألف مدّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 501

علي حتى ترضى و بعد الرضا» «1».

6240/ [2]- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان نوح (عليه السلام) إذا أصبح و أمسى يقول: أشهد أنه ما أمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فإنها من الله، وحده لا شريك له، له الحمد علي بها و الشكر كثيرا، فأنزل الله: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً فهذا كان شكره».

6241/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن رئاب، عن إسماعيل بن الفضل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا أصبحت و أمسيت فقل عشر مرات: اللهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية

في دين أو دينا فمنك، وحدك لا شريك لك، لك الحمد و لك الشكر بها علي يا رب حتى ترضى و بعد الرضا. فإنك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم و في تلك الليلة».

6242/ [4]- و عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان نوح (عليه السلام) يقول ذلك «2» إذا أصبح، فسمي بذلك عبدا شكورا». و قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من صدق الله نجا».

6243/ [5]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: فما عنى بقوله في نوح (عليه السلام): إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً؟ قال:

«كلمات بالغ فيهن».

قلت: و ما هن؟ قال: «كان إذا أصبح قال: أصبحت أشهدك ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فإنها منك، وحدك لا شريك لك، فلك الحمد على ذلك، و لك الشكر كثيرا. كان يقولها إذا أصبح ثلاثا، و إذا أمسى ثلاثا».

6244/ [6]- العياشي: عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان نوح (عليه السلام) إذا أصبح قال: اللهم إنه ما كان من نعمة و عافية في دين أو دينا فإنها منك، وحدك لا شريك لك، لك الملك و لك الشكر بها علي يا رب حتى ترضى و بعد الرضا».

6245/ [7]- عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنما سمي نوح (عليه السلام) عبدا شكورا

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 14.

3- الكافي 2: 81/ 28.

4- الكافي 2:

81/ 29.

5- الكافي 2: 388/ 38. [.....]

6- تفسير العيّاشي 2: 280/ 16.

7- تفسير العيّاشي 2: 280/ 17.

(1) في المصدر زيادة: إلهنا.

(2) أي الدعاء المذكور في الحديث السابق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 502

لأنه كان يقول إذا أصبح و أمسى: اللهم إنه ما أصبح و أمسى بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك، وحدك لا شريك لك، لك الحمد و لك الشكر به علي يا رب حتى ترضى و بعد الرضا. يقولها إذا أصبح عشرا و إذا أمسى عشرا».

6246/ [8]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: كانَ عَبْداً شَكُوراً.

قال: «كان إذا أمسى و أصبح يقول: أمسيت أشهدك أنه ما أمست بي من نعمة في دين أو دنيا فإنها من الله، وحده لا شريك له، له الحمد بها و الشكر كثيرا».

6247/]- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: ما عنى الله بقوله لنوح (عليه السلام):

إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً؟

فقال: «كلمات بالغ فيهن- و قال- كان إذا أصبح و أمسى قال: اللهم إني أصبحت أشهدك أنه ما أصبح بي من نعمة في دين أو دنيا فإنه منك وحدك لا شريك لك، و لك الشكر بها علي يا رب حتى ترضى و بعد الرضا. فسمي بذلك عبدا شكورا».

سورة الإسراء(17): الآيات 4 الي 6 ..... ص : 502

قوله تعالى:

وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً [4- 6]

6248/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم البطل، عن أبي عبد الله (عليه

السلام) في قوله تعالى:

وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ.

قال: «قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) و طعن الحسن (عليه السلام) وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً- قال- قتل الحسين (عليه السلام) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما فإذا جاء نصر دم الحسين (عليه السلام) بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم (عليه السلام)، فلا يدعون وترا «1» لآل محمد إلا قتلوه وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا خروج القائم (عليه السلام) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ عليهم خروج الحسين (عليه السلام) في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب، لكل بيضة و جهان، المؤدون إلى الناس: أن هذا

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 280/ 18.

9- تفسير العيّاشي 2: 280/ 19.

1- الكافي 8: 206/ 250.

(1) من معاني الوتر: الجناية و الظلم، قال المجلسي: «قوله: لا يدعون وترا، أي ذا وتر و جناية، ففي الكلام تقدير مضاف». بحار الأنوار 51: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 503

الحسين قد خرج. [حتى لا يشك المؤمنون فيه، و أنه ليس بدجال و لا شيطان، و الحجة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين (عليه السلام) جاء الحجة الموت، فيكون الذي يغسله و يكفنه و يحنطه و يلحده في حفرته الحسين بن علي (عليهما السلام)، و لا يلي الوصي إلا الوصي».

6249/ [2]- أبو جعفر محمد بن جرير في (مسند فاطمة (عليها السلام))، قال: حدثنا أبو المفضل، قال: حدثني علي بن الحسن المنقري الكوفي، قال: حدثني أحمد بن زيد الدهان، عن مخول بن إبراهيم، عن رستم بن عبد الله ابن خالد المخزومي، عن سليمان الأعمش، عن محمد بن خلف الطاطري، عن

زاذان، عن سلمان، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله تبارك و تعالى لم يبعث نبيا و لا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا». فقلت: يا رسول الله، لقد عرفت هذا من أهل الكتابين.

فقال: «يا سلمان، هل علمت من نقبائي، و من الاثني عشر الذين اختارهم الله للامة من بعدي»؟ فقلت: الله و رسوله أعلم.

فقال: «يا سلمان، خلقني الله من صفوة نوره و دعاني فأطعته، و خلق من نوري عليا و دعاه فأطاعه، و خلق مني و من علي «1» فاطمة و دعاها فأطاعته، و خلق مني و من علي و فاطمة الحسن و دعاه فأطاعه، و خلق مني و من علي و فاطمة الحسين و دعاه فأطاعه، ثم سمانا بخمسة أسماء من أسمائه: فالله المحمود و أنا محمد، و الله العلي و هذا علي، و الله الفاطر و هذه فاطمة، و لله الإحسان «2» و هذا الحسن، و الله المحسن و هذا الحسين، ثم خلق منا و من نور الحسين تسعة أئمة فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق الله سماء مبنية و لا أرضا مدحية و لا ملكا و لا بشرا، و كنا نورا «3» نسبح الله و نسمع له و نطيع».

قال سلمان: فقلت: يا رسول الله- بأبي أنت و أمي- فما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: «يا سلمان، من عرفهم حق معرفتهم و اقتدى بهم و والى وليهم و تبرأ من عدوهم «4»، فهو و الله منا، يرد حيث نرد، و يسكن حيث نسكن».

فقلت: يا رسول الله، فهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم و أنسابهم؟ فقال: «لا، يا سلمان».

فقلت: يا رسول الله، فأنى لي بهم و قد عرفت

إلى الحسين؟ قال: «ثم سيد العابدين علي بن الحسين، ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين و الآخرين من النبيين و المرسلين، ثم جعفر بن محمد لسان الصادق، ثم موسى ابن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله عز و جل، ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله، ثم محمد بن علي المختار من خلق الله، ثم علي بن محمد الهادي إلى الله، ثم الحسن بن علي الصامت الأمين لسر الله، ثم محمد بن الحسن

__________________________________________________

2- دلائل الإمامة: 237.

(1) في المصدر: و خلق من نور عليّ.

(2) في المصدر: و اللّه ذو الإحسان.

(3) في «س» و «ط»: دوننا نور.

(4) في المصدر: و عادى عدوّهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 504

الهادي المهدي الناطق القائم بأمر «1» الله» ثم قال: «يا سلمان، إنك مدركه، و من كان مثلك و من توالاه بحقيقة المعرفة».

قال سلمان: فشكرت الله كثيرا، ثم قلت: يا رسول الله، و إني مؤجل إلى عهده؟ فقال: يا سلمان، اقرأ: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً.

قال سلمان: فاشتد بكائي و شوقي، ثم قلت: يا رسول الله، بعهد منك؟ فقال: «إي و الله الذي أرسلني «2» بالحق، مني و من علي و فاطمة و الحسن و الحسين و التسعة، و كل من هو منا و معنا و مضام فينا إي و الله- يا سلمان- و ليحضرن إبليس و جنوده، و كل من محض الإيمان محضا و محض الكفر محضا، حتى يؤخذ له بالقصاص و الأوتار و لا يظلم ربك أحدا، و ذلك «3»

تأويل هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ «4»».

قال: سلمان: فقمت من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ما يبالي سلمان متى لقي الموت أو الموت لقيه.

6250/ [3]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان الحناط، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن صالح ابن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ.

قال: «قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، و طعن الحسن بن علي (عليه السلام) وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً- قال- قتل الحسين (عليه السلام) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما- قال- إذا جاء نصر الحسين (عليه السلام): بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ قوما يبعثهم الله قبل قيام القائم (عليه السلام) لا يدعون لآل محمد وترا إلا أخذوه وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا».

6251/ [4]- و عنه، قال: حدثني محمد بن جعفر الكوفي الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى: وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ.

__________________________________________________

3- كامل الزيارات: 62/ 1. [.....]

4- كامل الزيارات: 64/ 7.

(1) في المصدر: بحقّ.

(2) في «س» و «ط»: أرسل محمّدا.

(3) في «ط»: و تحقّق.

(4)

القصص 28: 5- 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 505

قال: «قتل علي (عليه السلام)، و طعن الحسن (عليه السلام): وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً- قال- قتل الحسين (عليه السلام)».

6252/ [5]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة (عليها السلام))، قال: روى أبو عبد الله محمد بن سهل الجلودي، قال: حدثنا أبو الخير أحمد بن محمد بن جعفر الطائي الكوفي، في مسجد أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: حدثنا محمد بن الحسن بن يحيى الحارثي، قال: [حدثنا] علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي- و ذكر حديثه مع القائم (عليه السلام)- قال القائم (عليه السلام): «ألا أنبئك بالخبر: أنه إذا قعد «1» الصبي، و تحرك المغربي، و سار العماني، و بويع السفياني، يأذن الله لي فأخرج بين الصفا و المروة في الثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا سواء، فأجي ء إلى الكوفة و أهدم مسجدها و أبنيه على بنائه الأول، و أهدم ما حوله من بناء الجبابرة، و أحج بالناس حجة الإسلام، و أجي ء إلى يثرب و أهدم الحجرة و اخرج من بها و هما طريان، فأمر بهما تجاه البقيع، و آمر بخشبتين يصلبان عليهما، فتورق من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشد من الفتنة الأولى، فينادي مناد من السماء: يا سماء أبيدي، و يا أرض خذي فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان».

قلت: يا سيدي، ما يكون بعد ذلك؟ قال: «الكرة الكرة، الرجعة الرجعة» ثم تلا هذه الآية: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً.

6253/ [6]- العياشي: عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ

فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ «قتل علي، و طعن الحسن وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً قتل الحسين فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما فإذا جاء نصر دم الحسين (عليه السلام) بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم لا يدعون وترا لآل محمد إلا أخذوه وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا قيام القائم (عليه السلام) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً: خروج الحسين (عليه السلام) في الكرة في سبعين رجلا من أصحابه الذين قتلوا معه، عليهم البيض المذهبة، لكل بيضة وجهان، المؤدى إلى الناس: أن الحسين قد خرج في أصحابه. حتى لا يشك فيه المؤمنون، و أنه ليس بدجال و لا شيطان، و الحجة القائم بين أظهر الناس يومئذ، فإذا استقر عند المؤمن أنه الحسين (عليه السلام) و لا يشكون فيه، و صدقه المؤمنون بذلك، جاء الحجة الموت، فيكون الذي يغسله و يكفنه و يحنطه و يلحده في حفرته الحسين (عليه السلام)، و لا يلي الوصي إلا الوصي».

و زاد إبراهيم: ثم يملكهم الحسين (عليه السلام) حتى يقع حاجباه على عينيه.

6254/ [7]- عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان يقرأ: بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ثم قال: «هو القائم و أصحابه اولي بأس شديد».

__________________________________________________

5- دلائل الإمامة: 296.

6- تفسير العيّاشي 2: 281/ 20.

7- تفسير العيّاشي 2: 281/ 21.

(1) في المصدر: فقد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 506

6255/ [8]- عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته: يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين جوانحي علما

جما، فاسألوني قبل أن تشغر «1» برجلها فتنة شرقية، تطأ في خطامها، ملعون ناعقها، و مولاها، و قائدها، و سائقها، و المتحرز فيها، فكم عندها من رافعة ذيلها، تدعو بويلها، بدجلة أو حولها، لا مأوى يكنها، و لا أحد يرحمها، فإذا استدار الفلك قلتم:

مات أو هلك و أي واد سلك فعندها توقعوا الفرج، و هو تأويل هذه الآية: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين، و لا يخرج الرجل منهم من الدنيا حتى يولد لصلبه ألف ذكر، آمنين من كل بدعة و آفة، عاملين بكتاب الله و سنة رسوله، قد اضمحلت عنهم الآفات و الشبهات».

6256/ [9]- عن رفاعة بن موسى، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن أول من يكر إلى الدنيا الحسين بن علي (عليه السلام) و أصحابه، و يزيد بن معاوية و أصحابه، فيقتلهم حذوا القذة بالقذة» «2». ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام):

ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً.

6257/ [10]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل، عن جميل بن دراج، عن المعلى بن خنيس و زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قالا: سمعناه يقول: «إن أول من يكر في الرجعة الحسين بن علي (عليهما السلام)، و يمكث في الأرض أربعين «3» سنة حتى يسقط حاجباه على عينيه من كبره».

6258/ [11]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن عبد الجبار و أحمد بن الحسن بن علي بن

فضال، عنهم عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي المغرا حميد بن المثنى، عن داود بن راشد، عن حمران بن أعين، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) لنا: «و لسوف يرجع جاركم الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) ألفا، فيملك حتى يقع حاجباه على عينيه من الكبر».

6259/ [12]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت حمران بن أعين و أبا الخطاب

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 282/ 22.

9- تفسير العيّاشي 2: 282/ 23.

10- مختصر بصائر الدرجات: 18.

11- مختصر بصائر الدرجات: 22.

12- مختصر بصائر الدرجات: 24. [.....]

(1) شغر الكلب: إذا رفع إحدى رجليه ليبول. «النهاية 2: 482».

(2) أي مثلا بمثل، يضرب في السويّة بين الشيئين. «مجمع الآمال 1: 195/ 1030».

(3) زاد في «ط»: ألف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 507

يحدثان جميعا- قبل أن يحدث أبو الخطاب ما أحدث- أنهما سمعا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أول من تنشق الأرض عنه و يرجع إلى الدنيا، الحسين بن علي (عليهما السلام)، و إن الرجعة ليست بعامة و هي خاصة، لا يرجع إلا من محض الإيمان محضا أو محض الشرك محضا».

6260/ [13]- و عنه: عن أيوب بن نوح و الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة، عن العباس بن عامر القصباني، عن سعد، عن داود بن راشد، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن أول من يرجع لجاركم الحسين بن علي (عليهما السلام)، فيملك حتى يقع حاجباه على عينيه [من الكبر]».

6261/ [14]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن

عيسى، عن الحسين بن سعيد و محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن المعلى بن عثمان، عن المعلى بن خنيس، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أول من يرجع إلى الدنيا الحسين بن علي (عليهما السلام)، فيملك حتى يسقط حاجباه على عينيه من الكبر».

قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ «1» قال: «نبيكم (صلى الله عليه و آله) راجع إليكم».

6262/ [15]- و عنه: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسين بن سفيان البزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن لعلي (عليه السلام) في الأرض كرة مع الحسين ابنه (صلوات الله عليهما)، يقبل برايته حتى ينتقم له من بني امية و معاوية و آل ثقيف و من شهد حربه، ثم يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفا، و من سائر الناس سبعين ألفا، فيلقاهم بصفين مثل المرة الاولى حتى يقتلهم و لا يبقي منهم مخبرا، ثم يبعثهم الله عز و جل فيدخلهم أشد عذابه مع فرعون و آل فرعون. ثم كرة اخرى مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى يكون خليفة في الأرض، و يكون الأئمة (عليهم السلام) عماله، حتى يبعثه الله «2» علانية، و تكون عبادته علانية في الأرض» «3».

ثم قال: «إي و الله، و أضعاف ذلك- ثم عقد بيده- أضعافا، يعطي الله نبيه (صلى الله عليه و آله) ملك جميع أهل الدنيا منذ يوم خلق الله الدنيا إلى يوم يفنيها، و حتى ينجز له موعده في

كتابه كما قال: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»»

.__________________________________________________

13- مختصر بصائر الدرجات: 27.

14- مختصر بصائر الدرجات: 28.

15- مختصر بصائر الدرجات: 29.

(1) القصص 28: 85.

(2) في المصدر: حتّى يعبد اللّه.

(3) في المصدر زيادة: كما عبد اللّه سرا في الأرض.

(4) التوبة 9: 33، الصف 61: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 508

6263/ [16]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن الحسين بن أحمد المعروف بالمنقري، عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي (عليه السلام)، فأما يوم القيامة، فإنما هو بعث إلى الجنة و بعث إلى النار».

سورة الإسراء(17): الآيات 7 الي 8 ..... ص : 508

قوله تعالى:

إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها [7]

6264/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، و محمد بن بكران النقاش، و محمد بن إبراهيم ابن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: قال الرضا (عليه السلام): «من تذكر مصابنا فبكى أو أبكى «1» لم تبك عينه يوم تبكي العيون، و من جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب».

قال: و قال الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها قال (عليه السلام): «إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها رب يغفر لها».

قوله تعالى:

فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً [7- 8] 6265/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ يعني

القائم (عليه السلام) و أصحابه لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ يعني: ليسودوا وجوهكم وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ يعني: رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أصحابه و أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه وَ لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً: أي يعلوا عليكم و يقتلوكم، ثم عطف على آل محمد (عليه و عليهم السلام)، فقال: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ: أي ينصركم على

__________________________________________________

16- مختصر بصائر الدرجات: 27.

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 294/ 48 و 49.

2- تفسير القمّي 2: 14.

(1) في المصدر: و أبكى. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 509

عدوكم. ثم خاطب بني امية فقال: وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا يعني: عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد (عليهم السلام) وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً: أي حبسا يحصرون فيه.

سورة الإسراء(17): الآيات 9الي 11 ..... ص : 509

قوله تعالى:

إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [9]

6266/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.

قال: «أي يدعو».

6267/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن موسى ابن أكيل النميري، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.

قال: «يهدي إلى الإمام».

6268/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقرئ «1» الجرجاني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن «2» الموصلي ببغداد، قال: حدثنا محمد «3» بن عاصم الطريفي، قال: حدثنا عباس

«4» بن يزيد بن الحسن الكحال مولى زيد بن علي، قال: حدثني أبي، قال:

حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: «الإمام منا لا يكون إلا معصوما، و ليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، فلذلك لا يكون إلا منصوصا».

فقيل له: يا بن رسول الله، فما معنى المعصوم؟ فقال: «هو المعتصم بحبل الله، و حبل الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة، فالإمام يهدي إلى القرآن، و القرآن يهدي إلى الإمام، و ذلك قول الله عز و جل: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 13/ 1.

2- الكافي 1: 169/ 2.

3- معاني الأخبار: 132/ 1.

(1) في «ط»: المنقري.

(2) في «ط» و «س»: ابو بØѠمحمد ابن ابى الحسن.

(3) في «ط» و «س»: أحمد.

(4) في «ط»: عيّاش.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 510

6269/ [4]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن موسى بن أكيل النميري، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل:

إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، قال: «يهدي إلى الإمام».

6270/ [5]- العياشي: عن أبي إسحاق إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، قال: يهدي إلى الإمام.

6271/ [6]- عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام): إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، قال:

«يهدي إلى الولاية».

قوله تعالى:

وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً- إلى قوله تعالى- وَ كانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا [9- 11] 6272/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ

الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً يعني آل محمد (عليهم السلام). ثم عطف علي بني امية، فقال: وَ أَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً.

ثم قال: قوله: وَ يَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَ كانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا قال: يدعو على أعدائه بالشر كما يدعو لنفسه بالخير، و يستعجل الله بالعذاب، و هو قوله وَ كانَ «1» الْإِنْسانُ عَجُولًا.

6273/ [2]- العياشي: عن سلمان الفارسي، قال: إن الله لما خلق آدم، كان أول ما خلق عيناه، فجعل ينظر إلى جسده كيف يخلق، فلما حان أن يبلغ الخلق في رجليه أراد القيام فلم يقدر، و هو قول الله: وَ كانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا و إن الله لما خلق آدم و نفخ فيه، لم يلبث أن تناول عنقود العنب فأكله.

6274/ [3]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما خلق الله آدم و نفخ فيه من روحه، وثب ليقوم قبل أن يتم خلقه فسقط، فقال الله عز و جل: وَ كانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا».

__________________________________________________

4- مختصر بصائر الدرجات: 5.

5- تفسير العيّاشي 2: 282/ 24.

6- بصائر الدرجات: 2: 283/ 25.

1- تفسير القمّي 2: 14.

2- تفسير العيّاشي 2: 283/ 26.

3- تفسير العيّاشي 2: 283/ 27.

(1) في «ط، س» و المصدر: و خلق. و كذا في الحديثين الآتين (3) و (4). [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 511

6275/ [4]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله لما خلق آدم و نفخ فيه من روحه، وثب ليقوم قبل أن تستتم فيه الروح فسقط، فقال الله عز و جل: وَ كانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا».

سورة الإسراء(17): آية 12 ..... ص : 511

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ

فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً- إلى قوله تعالى- تَفْصِيلًا [12]

6276/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين «1» بن يحيى بن ضريس البجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو جعفر [محمد بن «2» عمارة السكري السرياني، قال: حدثنا إبراهيم بن عاصم بقزوين، قال: حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبيد الله مولى رسول الله، قال:

حدثني أبي عبد الله بن يزيد، قال: حدثني يزيد بن سلام «3»

، أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له: لم سمي الفرقان فرقانا؟ قال: «لأنه متفرق الآيات و السور، أنزلت في غير الألواح [و غيره من الصحف و التوراة و الإنجيل و الزبور نزلت كلها جملة في الألواح و الورق».

قال: فما بال الشمس و القمر لا يستويان في الضوء و النور؟ قال: «لما خلقهما الله عز و جل أطاعا و لم يعصيا شيئا، فأمر الله عز و جل جبرئيل (عليه السلام) أن يمحو [ضوء] القمر فمحاه، فأثر المحو في القمر خطوطا سوداء، و لو أن القمر ترك على حاله بمنزلة الشمس لم يمح، لما عرف الليل من النهار، و لا النهار من الليل، و لا علم الصائم كم يصوم، و لا عرف الناس عدد السنين و الحساب، و ذلك قول الله عز و جل: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسابَ».

قال: صدقت يا محمد، فأخبرني، لم سمي الليل ليلا؟ قال: «لأنه يلايل «4» الرجال من النساء، و جعله

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 273.

1- علل الشرائع:

470/ 33.

(1) في «ط»: الحسن انظر نوابغ الرواة: 122.

(2) أثبتناه من التوحيد: 390/ 1، و نوابغ الرواة: 122.

(3) زاد في سند التوحيد: عن أبيه سلّام بن عبيد اللّه، عن عبد اللّه بن سلّام مولى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و الظاهر صحّته.

(4) قال المجلسي (رحمه اللّه):

قوله: «لأنّه يلايل الرجال»

يظهر منه أنّ ملايلة كانت في الأصل بمعنى الملابسة أو نحوها، و ليس هذا المعنى فيما عندنا من كتب اللغة، قال الفيروزآبادي: لايلته: استأجرته لليلة، و عاملته ملايلة، كمياومة. «بحار الأنوار 9: 306».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 512

الله عز و جل الفة و لباسا، و ذلك قول الله عز و جل: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً «1»». قال:

صدقت.

6277/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ قال: المحو في القمر.

6278/ [3]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن الحكم بن المستنير، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: «إن [من الأوقات التي قدرها الله للناس مما يحتاجون إليه، البحر الذي خلقه الله بين السماء و الأرض، فإن الله قدر فيه مجاري الشمس و القمر و النجوم و الكواكب، ثم قدر ذلك كله على الفلك، ثم وكل بالفلك ملكا معه سبعون ألف ملك يديرون الفلك، فإذا دارت الشمس و القمر و النجوم و الكواكب معه نزلت في منازلها التي قدرها الله فيها ليومها و ليلتها.

و إذا كثرت ذنوب العباد، و أراد الله أن يستعتبهم بآية من آياته، أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك الذي عليه مجاري الشمس و القمر و النجوم و الكواكب، فيأمر الملك أولئك

السبعين ألف ملك أن يزيلوا الفلك عن مجاريه- قال- فيزيلونه، فتصير الشمس في ذلك البحر الذي يجري فيه الفلك، فيطمس حرها و يتغير لونها.

و إذا أراد الله أن يعظم الآية طمست الشمس في البحر على ما يحب الله أن يخوف خلقه بالآية، فذلك عند شدة انكساف الشمس، و كذلك يفعل بالقمر، فإذا أراد الله أن يخرجهما و يردهما إلى مجراهما، أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الشمس إلى مجراها، فيرد الملك الفلك إلى مجراه، فتخرج من الماء و هي كدرة، و القمر مثل ذلك».

ثم قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «إنه لا يفزع لهما و لا يرهب إلا من كان من شيعتنا، فإذا كان ذلك فافزعوا إلى الله و ارجعوا».

قال: «و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الأرض مسيرة خمسمائة عام، الخراب منها مسيرة أربعمائة عام، و العمران منها مسيرة مائة عام، و الشمس ستون فرسخا في ستين فرسخا، و القمر أربعون فرسخا في أربعين فرسخا، بطونهما يضيئان لأهل السماء، و ظهورهما يضيئان لأهل الأرض، و الكواكب كأعظم جبل على الأرض، و خلق الشمس قبل القمر».

6279/ [4]- و قال سلام بن المستنير: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لم صارت الشمس أحر من القمر؟ قال: «إن الله خلق الشمس من نور النار و صفو الماء، طبقا من هذا، و طبقا من هذا، حتى إذا صارت سبعة أطباق ألبسها لباسا من نار، فمن هنالك صارت الشمس أحر من القمر».

قلت: فالقمر؟ قال: «إن الله خلق القمر من ضوء «2» النار و صفو الماء، طبقا من هذا، و طبقا من هذا، حتى إذا

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 14.

3- تفسير القمّي 2: 14.

4- تفسير القمّي 2: 17.

(1) النبأ 78: 10- 11.

(2) في

«ط»: نور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 513

صارت سبعة أطباق ألبسها الله لباسا من ماء، فمن هنالك صار القمر أبرد من الشمس».

6280/ [5]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ، قال: «هو السواد الذي في جوف القمر».

6281/ [6]- عن نصر بن قابوس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «السواد الذي في القمر: محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

6282/ [7]- عن أبي الطفيل، قال: كنت في مسجد الكوفة، فسمعت عليا (عليه السلام) و هو على المنبر، و ناداه ابن الكواء و هو في مؤخر المسجد، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن هذا السواد في القمر؟ فقال: «هو قول الله:

فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ».

6283/ [8]- عن أبي الطفيل، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلا و قد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أو في جبل». فقال له ابن الكواء: فما هذا السواد في القمر؟ فقال:

«أعمى سأل عن عمياء، أما سمعت الله يقول: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً فذلك محوها».

قال: يقول الله: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها «1»؟

قال (عليه السلام): «تلك في الأفجرين من قريش».

سورة الإسراء(17): آية 13 ..... ص : 513

قوله تعالى:

وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ [13] 6284/ [1]- علي بن إبراهيم قال: قدره الذي قدر عليه.

6285/ [2]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) عن قوله:

وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، قال: «قدره الذي قدر عليه».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2:

283/ 28.

6- تفسير العيّاشي 2: 283/ 29.

7- تفسير العيّاشي 2: 283/ 30. [.....]

8- تفسير العيّاشي 2: 283/ 31.

1- تفسير القمّي 2: 17.

2- تفسير العيّاشي 2: 284/ 32.

(1) إبراهيم 14: 28- 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 514

6286/ [1]- و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، يقول: «خيره و شره معه حيث كان، لا يستطيع فراقه، حتى يعطى كتابه يوم القيامة بما عمل».

6287/ [2]- ابن بابويه: بإسناده عن سدير الصيرفي، قال: دخلت أنا و المفضل بن عمر و أبو بصير و أبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)- و ذكر الحديث- و قال فيه: «قال الله تقدس ذكره: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ يعني الولاية».

قوله تعالى:

وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [13- 14]

6288/ [3]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن القاسم، عن علي، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن المؤمن يعطى يوم القيامة كتابا منشورا مكتوبا فيه: كتاب الله العزيز الحكيم، أدخلوا فلانا الجنة».

6289/ [4]- العياشي: عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً، قال: «يذكر العبد جميع ما عمل و ما كتب عليه، حتى كأنه فعله تلك الساعة، فلذلك قالوا:

يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها» «1».

6290/ [5]- (بستان الواعظين): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «الكتب كلها تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة بعث الله تبارك و

تعالى ريحا تطيرها بالأيمان و الشمائل، أول حرفه: اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 17.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 354/ 50، ينابيع المودة: 45.

3- كتاب الزهد: 92/ 247.

4- تفسير العيّاشي 2: 284/ 33.

5- ...

(1) الكهف 18: 49.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 515

سورة الإسراء(17): آية 15 ..... ص : 515

قوله تعالى:

وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [15] تقدم ما فيها من الأحاديث في آخر سورة الأنعام «1».

قوله تعالى:

ج

سورة الإسراء(17): الآيات 16الي 22 ..... ص : 515

وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها- إلى قوله تعالى- لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا [16- 22]

6291/ [1]- العياشي: عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: «و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها» مشددة منصوبة: «تفسيرها: كثرنا- و قال- لا قرأتها مخففة».

6292/ [2]- عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها

، قال: «تفسيرها أمرنا أكابرها».

6293/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها

أي كثرنا جبابرتها، ثم قال: قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ- يعني أموال الدنيا- عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ- في الدنيا- ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ- في الآخرة- يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً يعني: يلقى في النار، ثم ذكر من عمل للآخرة فقال: وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعى لَها سَعْيَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ثم قال قوله تعالى: كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ يعني: من أراد الدنيا و أراد الآخرة، و معنى نمد: أي نعطي وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً: أي ممنوعا.

ثم قال: قوله تعالى: لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا أي في النار، و هو مخاطبة للنبي و المعنى للناس، قال: و هو

قول الصادق (عليه السلام): «إن الله بعث نبيه بإياك أعني و اسمعي يا جارة».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 284/ 34.

2- تفسير العيّاشي 2: 284/ 35.

3- تفسير القمّي 2: 17.

(1) تقدّم في الأحاديث (8- 10) من تفسير

الآيات (161- 165) من سورة الأنعام. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 516

سورة الإسراء(17): الآيات 23الي 24 ..... ص : 516

قوله تعالى:

وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً- إلى قوله تعالى- وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً [23- 24]

6294/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال:

حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا العباس بن بكار الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث- قال الشيخ: يا أمير المؤمنين، فما القضاء و القدر اللذان ساقانا، و ما هبطنا واديا و لا علونا تلعة إلا بهما؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الأمر من الله و الحكم- ثم تلا هذه الآية-: وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً أي أمر ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا».

6295/ [2]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن يزيد بن عمير بن معاوية الشامي، قال: دخلت على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بمرو، فقلت له: يا بن رسول الله، روي لنا عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال:

«لا جبر و لا تفويض، بل أمر بين أمرين» ما معناه؟ فقال: «من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر، و من زعم أن الله فوض أمر الخلق و الرزق إلى حججه (عليهم السلام) فقد قال بالتفويض، و القائل بالجبر كافر، و القائل بالتفويض مشرك».

فقلت: يا بن رسول الله، فما أمر بين أمرين؟ فقال: «وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به، و ترك ما نهوا عنه».

قلت له: و هل لله مشيئة و إرادة في ذلك؟ فقال: «أما الطاعات فإرادة الله تعالى

و مشيئته فيها الأمر بها، و الرضا لها، و المعاونة عليها، و إرادته و مشيئته في المعاصي النهي عنها، و السخط لها، و الخذلان عليها».

قلت: فلله عز و جل [فيها] القضاء؟ قال: «نعم، ما من فعل يفعله العباد من خير أو شر إلا و لله فيه قضاء».

قلت: فما معنى هذا القضاء؟ قال: «الحكم عليهم بما يستحقونه من الثواب و العقاب في الدنيا و الآخرة».

6296/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ما هذا الإحسان؟

فقال: «الإحسان: أن تحسن صحبتهما، و لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه، و إن كانا مستغنيين،

__________________________________________________

1- التوحيد: 382 ذيل حديث 28.

2- الاحتجاج: 414.

3- الكافي 2: 126/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 517

أليس الله عز و جل يقول: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ «1»؟».

قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و أما قول الله عز و جل: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما- قال- إن أضجراك فلا تقل لهما أف، و لا تنهرهما إن ضرباك- قال- وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً- قال- إن ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما فذلك منك قول كريم- قال- وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ- قال- لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برحمة و رقة، و لا ترفع صوتك فوق أصواتهما، و لا يدك فوق أيديهما، و لا تتقدم قدامهما».

و روى هذا الحديث ابن بابويه

في (الفقيه): بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، قال:

سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، عن قول الله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً و ذكر الحديث بعينه «2».

6297/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أدنى العقوق أف، و لو علم الله عز و جل شيئا أهون منه لنهى عنه».

6298/ [5]- و عنه بإسناده عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لو علم الله شيئا أدنى من أف لنهى عنه و هو من أدنى العقوق، و من العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما».

6299/ [6]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن أحمد بن محمد، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن حديد بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أدنى العقوق أف، و لو علم الله أيسر منه لنهى عنه».

6300/ [7]- الحسين بن سعيد في (كتاب الزهد): عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو علم الله شيئا أدنى من أف لنهى عنه، و هو أدنى العقوق، و من العقوق: أن ينظر الرجل إلى أبويه فيحد إليهما النظر».

6301/ [8]- العياشي: عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام): أنه ذكر الوالدين، فقال: «هما اللذان قال الله:

وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 260/ 1.

5- الكافي 2: 261/ 7.

6- الكافي 2: 261/ 9.

7- كتاب الزهد: 38: 103.

8- تفسير العيّاشي 2: 284/

36.

(1) آل عمران 3: 92.

(2) من لا يحضره الفقيه 4: 291/ 880.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 518

6302/ [9]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما، قال: «هو أدنى الأدنى، حرمه الله فما فوقه».

6303/ [10]- عن حريز، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أدنى العقوق أف، و لو علم الله أن شيئا أهون منه لنهى عنه».

6304/ [11]- عن أبي ولاد الحناط، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.

فقال: «الإحسان: أن تحسن صحبتهما، و لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه، و إن كانا مستغنيين، أليس الله يقول: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ «1»؟».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و أما قوله: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ- قال- إن أضجراك فلا تقل لهما أف، و لا تنهرهما إن ضرباك- و قال- وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً- قال- يقول لهما:

غفر الله لكما، فذلك منه قول كريم- و قال- وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ- قال- لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة، و لا ترفع صوتك فوق أصواتهما، و لا يديك فوق أيديهما، و لا تتقدم قدامهما».

6305/ [12]- الطبرسي: روي عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه، عن جده أبي عبد الله (عليهما السلام) قال: «لو علم الله كلمة «2» أوجز في ترك عقوق الوالدين من (أف) لأتى بها».

6306/ [13]- قال: و في رواية اخرى عنه (عليه السلام)، قال: «أدنى العقوق (أف) و لو علم الله شيئا

أيسر و أهون منه لنهى عنه».

سورة الإسراء(17): آية 25 ..... ص : 518

قوله تعالى:

فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً [25]

6307/ [1]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام) «الأواب: التواب المتعبد، الراجع عن ذنبه».

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 285/ 37.

10- تفسير العيّاشي 2: 285/ 38.

11- تفسير العيّاشي 2: 285/ 39.

12- مجمع البيان 6: 631. [.....]

13- مجمع البيان 6: 631.

1- مجمع البيان 6: 632.

(1) آل عمران 3: 92.

(2) في المصدر: لفظة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 519

6308/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل القمي، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، رفعه، قال: «مر أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل يصلي الضحى في مسجد الكوفة، فغمز جنبه بالدرة، و قال: نحرت صلاة الأوابين نحرك الله. قال: فأتركها؟- قال- فقال: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى «1»».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «و كفى بإنكار علي (عليه السلام) نهيا».

6309/ [3]- العياشي: عن الأصبغ، قال: خرجنا مع علي (عليه السلام) فتوسط المسجد، فإذا ناس يتنفلون «2» حين طلعت الشمس، فسمعته يقول: «نحروا صلاة الأوابين نحرهم الله» قال: قلت: فما نحروها؟ قال: «عجلوها».

قال: قلت: يا أمير المؤمنين، ما صلاة الأوابين؟ قال: «ركعتان».

6310/ [4]- عن عبد الله بن عطاء المكي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «أنطلق بنا إلى حائط لنا» فدعا بحمار و بغل، فقال: «أيهما أحب إليك؟» فقلت: الحمار، فقال: «إني أحب أن تؤثرني بالحمار» فقلت: البغل أحب إلي، فركب الحمار و ركبت البغل. فلما مضينا اختال الحمار في مشيته حتى هز منكبي أبي جعفر (عليه السلام) فلزم قربوس «3» السرج، فقلت: جعلت فداك، كأني أراك تشتكي بطنك، قال: «و فطنت إلى هذا مني؟ إن رسول الله (صلى الله عليه

و آله) كان له حمار يقال له: عفير، إذا ركبه اختال في مشيته سرورا برسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى يهز منكبيه فيلزم قربوس السرج، فيقول: اللهم ليس مني و لكن ذا من عفير و إن حماري من سروري اختال في مشيه فلزمت قربوس السرج، و قلت: اللهم هذا ليس مني و لكن هذا من حماري».

قال: فقال: «يا بن عطاء، ترى زاغت الشمس؟» فقلت: جعلت فداك، و ما علمي بذلك و أنا معك؟ فقال: «لا، لم تفعل و أوشكت» قال: فسرنا، قال: فقال: «قد فعلت». قلت: هذا المكان الأحمر؟ قال: «ليس يصلى ها هنا، هذه أودية و ليس يصلى». قال: فمضينا إلى أرض بيضاء، قال: «هذه سبخة، و ليس يصلى بالسباخ» قال: فمضينا إلى أرض حصباء، قال: «ها هنا» فنزل و نزلت.

فقال: «يا ابن عطاء، أتيت العراق فرأيت القوم يصلون بين تلك السواري في مسجد الكوفة؟» قال: قلت:

نعم، فقال: «أولئك شيعة أبي علي، هذه صلاة الأوابين، إن الله يقول: فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً».

6311/ [5]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله: فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً.

__________________________________________________

2- الكافي 3: 452/ 8.

3- تفسير العيّاشي 2: 285/ 40.

4- تفسير العيّاشي 2: 285/ 41.

5- تفسير العيّاشي 2: 286/ 42.

(1) العلق 96: 9- 10.

(2) في المصدر: يصلون.

(3) القربوس: حنو السرج، و للسرج قربوسان: مقدّم السرج، و مؤخّره. «لسان العرب- قربس- 6: 172».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 520

قال: «هم التوابون المتعبدون».

6312/ [6]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يا أبا محمد، عليكم بالورع و الاجتهاد، و أداء الأمانة، و صدق الحديث، و حسن الصحبة لمن صحبكم، و طول السجود،

كان ذلك من سنن الأوابين».

قال أبو بصير: الأوابون: التوابون.

6313/ [7]- و عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من صلى أربع ركعات، فقرأ في كل ركعة خمسين مرة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كانت صلاة فاطمة (عليها السلام)، و هي صلاة الأوابين».

6314/ [8]- عن محمد بن حفص بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كانت صلاة الأوابين خمسين صلاة كلها ب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ».

6315/ [9]- ابن بابويه في (الفقيه) قال: محمد بن مسعود العياشي (رحمه الله) روى في كتابه عن عبد الله بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن سماك، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من صلى أربع ركعات، فقرأ في كل ركعة خمسين مرة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كانت صلاة فاطمة (عليها السلام)، و هي صلاة الأوابين».

سورة الإسراء(17): الآيات 26الي 28 ..... ص : 520

قوله تعالى:

وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَ كانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً- إلى قوله تعالى- فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً [26- 28]

6316/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا- أظنه السياري-، عن علي ابن أسباط، قال: لما ورد أبو الحسن (عليه السلام) على المهدي، رآه يرد المظالم، فقال: «يا أمير المؤمنين، ما بال مظلمتنا لا ترد»؟

فقال له: و ما ذاك، يا أبا الحسن؟ قال: «إن الله تبارك و تعالى لما فتح على نبيه (صلى الله عليه و آله) فدك و ما والاها، لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ آتِ ذَا الْقُرْبى

حَقَّهُ فلم يدر رسول

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 286/ 43.

7- تفسير العيّاشي 2: 286/ 44.

8- تفسير العيّاشي 2: 287/ 45. [.....]

9- من لا يحضره الفقيه 1: 356/ 1560.

1- الكافي 1: 456/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 521

الله (صلى الله عليه و آله) من هم، فراجع في ذلك جبرئيل (عليه السلام)، و راجع جبرئيل (عليه السلام) ربه، فأوحى الله إليه: أن ادفع فدك إلى فاطمة. فدعاها رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال لها: يا فاطمة، إن الله أمرني أن أدفع إليك فدك. فقالت: قد قبلت- يا رسول الله- من الله و منك. فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما ولي أبو بكر أخرج عنها و كلاءها، فأتته فسألته أن يردها عليها، فقال لها: ائتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك. فجاءت بأمير المؤمنين (عليه السلام)، و ام أيمن فشهدا لها، فكتب لها بترك التعرض، فخرجت و الكتاب معها، فلقيها عمر، فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت: كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة، قال: أرينيه. فأبت، فانتزعه من يدها و نظر فيه، ثم تفل فيه و محاه و خرقه، فقال لها: هذا لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، فضعي الحبال «1» في رقابنا».

فقال له المهدي: يا أبا الحسن، حدها لي. فقال: «حد منها جبل احد، و حد منها عريش مصر «2»، و حد منها سيف البحر «3»، و حد منها دومة الجندل «4»». فقال له: كل هذا؟ قال: «نعم- يا أمير المؤمنين- هذا كله، إن هذا كله مما لم يوجف على أهله رسول الله (صلى الله عليه و آله) بخيل و لا ركاب». فقال: كثير، و

أنظر فيه.

6317/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضا (عليه السلام) قال: «قوله تعالى: وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها، و اصطفاهم على الامة- قال- فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: ادعوا لي فاطمة فدعيت له، فقال: يا فاطمة. قالت: لبيك يا رسول الله. فقال (صلى الله عليه و آله): هذه فدك و هي مما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، و هي لي خاصة دون المسلمين، و قد جعلتها لك لما أمرني الله تعالى به، فخذيها لك و لولدك».

6318/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد، قال: حدثني أبو نعيم، قال: حدثني حاجب عبيد الله بن زياد، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال لرجل من أهل الشام: «أما قرأت وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ؟» قال: بلى. قال: «فنحن أولئك» «5».

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 233/ 1.

3- الأمالي: 141/ 3.

(1) في البحار 48: 157/ 29: الجبال. قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله: فضعي الجبال، في بعض النسخ المهملة، و يحتمل أن يكون حينئذ كناية عن الترافع إلى الحكّام بأن يكون قال ذلك تعجيزا لها و تحقيرا لشأنها، أو المعنى أنّك إذا أعطيت ذلك وضعت الحبال على رقابنا بالعبوديّة، أو أنّك إذا حكمت على ما لم يوجف

عليها بخيل بأنّها ملكك فاحكمي على رقابنا أيضا بالملكية، و في بعض النسخ بالجيم، أي إن قدرت على وضع الجبال على رقابنا جزاء بما صنعنا فافعلي.

(2) عريش مصر: مدينة كانت أوّل عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم. «مراصد الاطلاع 2: 935».

(3) سيف البحر، ساحله. «الصحاح- سيف- 4: 1379».

(4) دومة الجندل: قيل: هي من أعمال المدينة، حصن على سبعة مراحل من دمشق، بينها و بين المدينة. «مراصد الاطلاع 2: 542».

(5) في المصدر: فنحن هم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 522

6319/ [4]- و من طريق المخالفين: ما رواه الثعلبي، عن السدي، عن ابن الديلمي، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام) لرجل من أهل الشام: «أقرأت القرآن؟» قال: نعم، قال: «فما قرأت في بني إسرائيل وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ؟» قال: و إنكم القرابة التي أمر الله تعالى أن يؤتى حقه؟ قال: «نعم».

6320/ [5]- العياشي: عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أنزل الله تعالى وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، قد عرفت المسكين، فمن ذو القربى؟ قال: هم أقاربك، فدعا حسنا و حسينا و فاطمة، فقال: إن ربي أمرني أن أعطيكم مما أفاء علي- قال- أعطيتكم فداك».

6321/ [6]- عن أبان بن تغلب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أعطى فاطمة فدك؟ قال: «كان وقفها، فأنزل الله وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ فأعطاها رسول الله (صلى الله عليه و آله) حقها».

قلت: رسول الله (صلى الله عليه و آله) أعطاها؟ قال: «بل الله أعطاها».

6322/ [7]- عن أبان بن تغلب، قال: قلت

لأبي عبد الله (عليه السلام): أ كان رسول الله أعطى فاطمة فدك؟

قال: «كان لها من الله».

6323/ [8]- عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أتت فاطمة أبا بكر تريد فدك، فقال: هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك- قال- فأتت بأم أيمن، فقال لها: بم تشهدين؟ قالت: أشهد أن جبرئيل (عليه السلام) أتى محمدا (صلى الله عليه و آله)، فقال: إن الله يقول: وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ فلم يدر محمد (صلى الله عليه و آله) من هم، فقال: يا جبرئيل، سل ربك من هم، فقال: فاطمة ذو القربى، فأعطاها فدك، فزعموا أن عمر محا الصحيفة و قد كان كتبها أبو بكر».

6324/ [9]- عن عطية العوفي، قال: لما فتح رسول الله (صلى الله عليه و آله) خيبر، و أفاء الله عليه فدك، و أنزل عليه وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ قال: «يا فاطمة، لك فدك».

6325/ [10]- عن عبد الرحمن بن صالح: كتب المأمون إلى عبيد الله بن موسى العبسي يسأله عن قصة فدك، فكتب إليه عبيد الله بن موسى بهذا الحديث «1»، رواه عن الفضل بن مرزوق، عن عطية، فرد المأمون فدك على ولد

__________________________________________________

4- تفسير الطبري 15: 53. الدر المنثور 5: 271.

5- تفسير العيّاشي 2: 287/ 46.

6- تفسير العيّاشي 2: 287/ 47.

7- تفسير العيّاشي 2: 287/ 48.

8- تفسير العيّاشي 2: 287/ 49. [.....]

9- تفسير العيّاشي 2: 287/ 50.

10- تفسير العيّاشي 2: 287/ 51.

(1) الظاهر أنّ المراد الحديث المتقدّم آنفا، إلّا أنّ المروي في مجمع البيان 6: 634 بالإسناد عن أبي سعيد الخدري، قال: لما نزل قوله تعالى:

وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ أعطى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) فاطمة فدك، قال

عبد الرحمن بن صالح: كتب المأمون إلى عبيد اللّه بن موسى يسأله عن قصّة فدك، فكتب إليه عبيد اللّه بهذا الحديث. رواه الفضيل بن مرزوق، عن عطية، فردّ المأمون فدك إلى ولد فاطمة (عليها السلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 523

فاطمة (صلوات الله عليها).

6326/ [11]- عن أبي الطفيل، عن علي (عليه السلام)، قال: قال يوم الشورى: «أ فيكم أحد تم نوره من السماء حين قال: وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ؟» قالوا: لا.

6327/ [12]- عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً.

قال: «من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر، و من أنفق في سبيل الخير فهو مقتصد».

6328/ [13]- عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) في قوله وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً، قال: «بذل الرجل ماله، و يقعد ليس له مال».

قال: فيكون تبذير في حلال؟ قال: «نعم».

6329/ [14]- عن عامر بن جذاعة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «اتق الله و لا تسرف و لا تقتر، و كن بين ذلك قواما، إن التبذير من الإسراف، و قال الله: وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إن الله لا يعذب على القصد».

6330/ [15]- عن جميل، عن إسحاق بن عمار، عن عامر بن جذاعة، قال: دخل على أبي عبد الله (عليه السلام) رجل، فقال: يا أبا عبد الله، قرضا إلى ميسرة. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إلى غلة تدرك؟» فقال: لا و الله. فقال: «إلى تجارة تؤدى؟» فقال: لا و الله. قال: «فإلى عقدة «1» تباع؟» فقال: لا و الله. فقال: «أنت إذن ممن جعل الله له في أموالنا حقا». فدعا أبو

عبد الله (عليه السلام) بكيس فيه دراهم، فأدخل يده فناوله قبضة، ثم قال: «اتق الله، و لا تسرف و لا تقتر، و كن بين ذلك قواما، إن التبذير من الإسراف، قال الله: وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً» و قال: «إن الله لا يعذب على القصد».

6331/ [16]- عن جميل، عن إسحاق بن عمار، في قوله: وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً.

قال: لا تبذر في ولاية علي (عليه السلام).

6332/ [17]- عن بشر بن مروان، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فدعا برطب، فأقبل بعضهم يرمي بالنوى، قال: فأمسك أبو عبد الله (عليه السلام) يده، فقال: «لا تفعل، إن هذا من التبذير، و إن الله لا يحب الفساد».

6333/ [18]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي. عن أبيه، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً.

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 288/ 52.

12- تفسير العيّاشي 2: 288/ 53.

13- تفسير العيّاشي 2: 288/ 54.

14- تفسير العيّاشي 2: 288/ 55.

15- تفسير العيّاشي 2: 288/ 56.

16- تفسير العيّاشي 2: 288/ 57.

17- تفسير العيّاشي 2: 288/ 58.

18- المحاسن: 257/ 298.

(1) العقدة: الضيعة، و العقار الذي اعتقده صاحبه ملكا. «أقرب الموارد- عقد- 2: 808».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 524

قال: «لا تبذروا ولاية علي (عليه السلام)».

6334/ [19]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ يعني قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنزلت في فاطمة (عليها السلام) فجعل لها فدك، و المسكين من ولد فاطمة (عليها السلام)، و ابن السبيل من آل محمد (صلى الله عليه و آله)، و

ولد فاطمة (عليها السلام).

قال: و قوله: وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً أي لا تنفق المال في غير طاعة الله إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ و المخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله) و المعني الناس، ثم عطف بالمخاطبة على الوالدين، فقال: وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ يعني: عن الوالدين إذا كان لك عيال، أو كنت عليلا أو فقيرا، فقل لهما قولا ميسورا: أي حسنا، إذا لم تقدر على برهم و خدمتهم، فارج لهم من الله الرحمة.

سورة الإسراء(17): آية 29 ..... ص : 524

قوله تعالى:

وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً [29]

6335/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: فإنه كان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان لا يرد أحدا يسأله شيئا عنده، فجاءه رجل فسأله فلم يحضره شي ء، فقال: «يكون إن شاء الله». فقال: يا رسول الله، أعطني قميصك و كان (عليه السلام) لا يرد أحدا عما عنده «1»، فأعطاه قميصه، فأنزل الله وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ الآية، فنهاه أن يبخل أو يسرف و يقعد محسورا من الثياب.

قال: فقال الصادق (عليه السلام): «المحسور: العريان».

6336/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن عجلان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فجاء سائل فقام إلى مكتل «2» فيه تمر، فملأ يده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر [فسأله فقام فأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر] فقال: «الله رازقنا و إياك». ثم قال: «إن

رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان لا يسأله أحد

__________________________________________________

19- تفسير القمّي 2: 18.

1- تفسير القمّي 2: 18. [.....]

2- الكافي 4: 55/ 7.

(1) في «ط»: كان سبب نزولها أنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) كان لا يردّ أحدا عمّا عنده، فأرسلت إليه امرأة ابنا لها، فقالت: انطلق إليه فاسأله فإن قال: ليس عندنا شي ء، فقل: اعطني قميصك.

(2) المكتل: شبه الزنبيل، يسع خمسة عشر صاعا. «الصحاح- كتل- 5: 1809».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 525

من الدنيا شيئا إلا أعطاه، فأرسلت إليه امرأة ابنا لها، فقالت: انطلق إليه فاسأله، فإن قال لك: ليس عندنا شي ء، فقل:

أعطني قميصك- قال- فأخذ قميصه فرمى به إليه، فأدبه الله تبارك و تعالى على القصد فقال: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً».

6337/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً، قال: «الإحسار: الفاقة».

6338/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ثم علم الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله) كيف ينفق، و ذلك أنه كانت عنده اوقية من الذهب، فكره أن تبيت عنده فتصدق بها، فأصبح و ليس عنده شي ء، و جاءه من يسأله، فلم يكن عنده ما يعطيه، فلامه السائل، و اغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه، و كان رحيما رقيقا، فأدب الله

عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله) بأمره فقال: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً يقول: إن الناس قد يسألونك و لا يعذرونك، فإذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت «1» من المال».

6339/ [5]- العياشي: عن عجلان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فجاءه سائل، فقام إلى مكتل فيه تمر فملأ يده ثم ناوله، ثم جاء آخر فسأله فقام و أخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر فسأله، فقال: «رزقنا الله و إياك» ثم قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا إلا أعطاه- قال- فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت: انطلق إليه فاسأله، فإن قال: ليس عندنا شي ء فقل: أعطني قميصك. فأتاه الغلام فسأله، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ليس عندنا شي ء. قال: فأعطني قميصك. فأخذ قميصه فرمى به إليه، فأدبه الله على القصد فقال: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً».

6340/ [6]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ، قال:

فضم يده و قال: «هكذا» فقال: وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فبسط راحته و قال: «هكذا».

6341/ [7]- عن محمد بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً، قال: الإحسار: الإقتار».

__________________________________________________

3- الكافي 4: 55/ 6.

4- الكافي 5/ 67/ 1.

5- تفسير العيّاشي 2: 289/ 59.

6- تفسير العيّاشي 2:

289/ 60.

7- تفسير العيّاشي 2: 289/ 61.

(1) يقال: حسر القوم فلانا: سألوه فأعطاهم حتىّ لم يبق عنده شي ء. «المعجم الوسيط- حسر- 1: 172».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 526

6342/ [8]- ابن شهر آشوب: روي أنه (عليه السلام) بذل جميع ماله حتى قميصه، و بقي في داره عريانا على حصيرة، إذ أتاه بلال و قال: يا رسول الله، الصلاة فنزل وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً و أتاه بحلة فردوسية.

سورة الإسراء(17): الآيات 31 الي 32 ..... ص : 526

قوله تعالى:

وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ- إلى قوله تعالى- وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِيلًا [31- 32] 6343/ [1]- علي بن إبراهيم، قال في قوله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ يعني مخافة الفقر و الجوع، فإن العرب كانوا يقتلون أولادهم لذلك، فقال الله عز و جل: نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً.

6344/ [2]- العياشي: عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: «لا يملق حاج أبدا»، قال: قلت:

و ما الإملاق؟ قال: «الإفلاس» ثم قال: «قول الله: وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ».

6345/ [3]- و عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الحاج لا يملق أبدا»، قال: قلت: و ما الإملاق؟ قال: «الإفلاس»، ثم قال: وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ.

6346/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِيلًا إنه محكم.

6347/ [5]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً.

يقول: «معصية و مقتا، فإن الله يمقته و

يبغضه، و قوله: وَ ساءَ سَبِيلًا و هو أشد الناس «1» عذابا، و الزنا من أكبر الكبائر».

__________________________________________________

8- حلية الأبرار 1: 156.

1- تفسير القمّي 2: 19.

2- تفسير العيّاشي 2: 289/ 62.

3- تفسير العيّاشي 2: 289/ 63.

4- تفسير القمّي 2: 19. [.....]

5- تفسير القمّي 2: 19.

(1) في المصدر: النار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 527

سورة الإسراء(17): آية 33 ..... ص : 527

قوله تعالى:

وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً [33] 6348/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً أي سلطانا على القاتل، فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً أي ينصر ولد المقتول على القاتل.

6349/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا اجتمعت العدة على قتل رجل واحد، حكم الوالي أن يقتل أيهم شاءوا، و ليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، إن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ».

6350/ [3]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سليمان، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إن الله عز و جل يقول في كتابه: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً فما هذا الإسراف الذي نهى الله عز و جل عنه؟ قال: «نهى أن يقتل غير

قاتله، أو يمثل بالقاتل».

قلت: فما معنى قوله: إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً؟ قال: «و أي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل إلى أولياء المقتول فيقتله، و لا تبعة تلزمه من قتله في دين و لا دنيا؟».

6351/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد، عن صالح، عن الحجال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ؟

قال: «نزلت في الحسن (عليه السلام)، لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفا».

6352/ [5]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا اجتمع العدة على قتل رجل واحد، حكم الوالي أن يقتل أيهم شاءوا، و ليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، إن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ __________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 19.

2- الكافي 7: 284/ 9.

3- الكافي 7: 370/ 7.

4- الكافي 8: 255/ 364.

5- التهذيب 10: 218/ 858.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 528

و إذا قتل الثلاثة واحدا، خير الوالي أي الثلاثة شاء «1» أن يقتل، و يضمن الآخران ثلثي الدية لورثة المقتول».

6353/ [6]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن محمد بن سنان، عن رجل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ

مَنْصُوراً.

قال: «ذلك قائم آل محمد (عليه و عليهم السلام)، يخرج فيقتل بدم الحسين (عليه السلام)، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفا. و قوله: فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ أي لم يكن ليصنع شيئا يكون سرفا «2»» ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام):

«يقتل- و الله- ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائها».

6354/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، ما تقول في حديث روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إذا قام «3» القائم (عليه السلام) قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائهم؟» فقال (عليه السلام): «هو كذلك».

قلت: و قول الله عز و جل: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى «4» ما معناه؟ فقال: «صدق الله في جميع أقواله، لكن ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) يرضون بأفعال آبائهم و يفتخرون بها، و من رضي شيئا، كان كمن أتاه، و لو أن رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب، لكان الراضي عند الله عز و جل شريك القاتل، و إنما يقتلهم القائم (عليه السلام) إذا خرج، لرضاهم بفعل آبائهم».

قال: فقلت له: بأي شي ء يبدأ القائم (عليه السلام) منكم إذا قام؟ قال: «يبدأ ببني شيبة و يقطع أيديهم، لأنهم سراق بيت الله عز و جل».

6355/ [8]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن عثمان بن سعيد، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً

فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً، قال: «نزلت في قتل الحسين (عليه السلام)».

__________________________________________________

6- كامل الزيارات: 63/ 5.

7- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 273/ 5، ينابيع المودة: 424.

8- لم نجده في تفسير القمّي، و رواه عنه في تأويل الآيات 1: 279/ 9.

(1) في «ط»: شاءوا.

(2) في «ط»: فيكون مسرفا.

(3) في «ط»: خرج.

(4) الإسراء 17: 15، فاطر 35: 18، الزمر 39: 7. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 529

6356/ [9]- العياشي: عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «من قتل النفس التي حرم الله فقد قتل الحسين في أهل بيته (عليهم السلام)».

6357/ [10]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نزلت هذه الآية في الحسين (عليه السلام): وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ قاتل الحسين إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً- قال-:

الحسين (عليه السلام)».

6358/ [11]- عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا اجتمع العدة على قتل رجل، حكم الوالي بقتل أيهم شاء، و ليس له أن يقتل أكثر من واحد، إن الله يقول: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً و إذا قتل واحدا ثلاثة، خير الوالي أي الثلاثة شاء أن يقتل، و يضمن الآخران ثلثي الدية لورثة المقتول».

6359/ [12]- عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً.

قال: «هو الحسين بن علي (عليه السلام) قتل مظلوما و نحن أولياؤه، و القائم منا إذا قام طلب بثار الحسين، فيقتل حتى يقال: قد أسرف في القتل- و

قال- «1» المقتول: الحسين (عليه السلام) و وليه: القائم، و الإسراف في القتل: أن يقتل غير قاتله إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل الرسول (صلى الله عليهم) يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جوار».

6360/ [13]- عن أبي العباس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين قتلا رجلا، فقال: «يخير وليه أن يقتل أيهما شاء، و يغرم الباقي نصف الدية- أعني دية المقتول- فترد على ورثته «2»، و كذلك إن قتل رجل امرأة، إن قبلوا دية المرأة فذاك، و إن أبى أولياؤها إلا قتل قاتلها غرموا نصف دية الرجل و قتلوه، و هو قول الله: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ».

6361/ [14]- عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: يا بن رسول الله، زعم ولد الحسن (عليه السلام) أن القائم منهم، و أنهم أصحاب الأمر، و يزعم ولد ابن الحنفية مثل ذلك، فقال: «رحم الله عمي الحسن (عليه السلام)، لقد

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 290/ 64.

10- تفسير العيّاشي 2: 290/ 65.

11- تفسير العيّاشي 2: 290/ 66.

12- تفسير العيّاشي 2: 290/ 67، ينابيع المودة: 425.

13- تفسير العيّاشي 2: 290/ 68.

14- تفسير العيّاشي 2: 291/ 69.

(1) زاد في «ط»: الشي ء.

(2) في المصدر: ذرّيته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 530

أغمد «1» أربعين ألف سيف حين أصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) و أسلمها إلى معاوية، و محمد بن علي سبعين ألف سيف قاتله، لو خطر عليهم خطر ما خرجوا منها حتى يموتوا جميعا، و خرج الحسين (عليه السلام) فعرض نفسه على الله في سبعين رجلا، من أحق بدمه منا؟ نحن- و الله- أصحاب الأمر،

و فينا القائم، و من السفاح و المنصور، و قد قال الله: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً نحن أولياء الحسين بن علي (عليهما السلام)، و على دينه».

6362/ [15]- شرف الدين النجفي، قال: روى بعض الثقات، بإسناده عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً.

قال: «نزلت في الحسين (عليه السلام)، لو قتل وليه أهل الأرض [به ما كان مسرفا، و وليه القائم (عليه السلام)».

سورة الإسراء(17): الآيات 34 الي 35 ..... ص : 530

قوله تعالى:

وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ- إلى قوله تعالى- وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ [34- 35]

6363/ [1]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن أشياء: عن اليتيم، متى «2» ينقطع يتمه؟ فكتب إليه ابن عباس: أما اليتيم، فانقطاع يتمه إذا بلغ أشده، و هو الاحتلام».

6364/ [2]- و في رواية اخرى عن عبد الله بن سنان، عنه قال: «سئل أبي و أنا حاضر عن اليتيم، متى يجوز أمره؟ فقال: حين يبلغ أشده.

قلت: و ما أشده؟ قال: الاحتلام.

قلت: قد يكون الغلام ابن ثماني عشرة سنة لا يحتلم، أو أقل أو أكثر؟ قال: إذا بلغ ثلاث عشرة سنة كتب له الحسن و كتب عليه السي ء، و جاز أمره إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا».

__________________________________________________

15- تأويل الآيات 1: 280/ 10.

1- تفسير العيّاشي 2: 291/ 70.

2- تفسير العيّاشي 2: 291/ 71.

(1) في «س» و «ط»: عمل.

(2) في «س» و «ط»: حتّى.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 3، ص: 531

6365/ [3]- عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا بلغ العبد ثلاثا و ثلاثين سنة فقد بلغ أشده، و إذا بلغ أربعين فقد انتهى منتهاه، فإذا بلغ إحدى و أربعين فهو في النقصان، و ينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن هو في النزع».

6366/ [4]- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا بلغ أشده: الاحتلام، ثلاث عشرة سنة».

6367/ [5]- قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ يعني: بالمعروف، و لا يسرف. قال: و قوله: وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ يعني: إذا عاهدت إنسانا، فأوف له. قال: و قوله: إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا يعني: يوم القيامة. قال: و قوله: وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ أي بالاستواء «1».

6368/ [6]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «القسطاس المستقيم فهو الميزان الذي له لسان».

سورة الإسراء(17): آية 36 ..... ص : 531

قوله تعالى:

وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا [36] 6369/ [1]- قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ قال: لا ترم أحدا بما ليس لك به علم،

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من بهت مؤمنا أو مؤمنة أقيم في طينة خبال، أو يخرج مما قال».

6370/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من بهت مؤمنا أو مؤمنة

بما ليس فيه بعثه الله في طينة خبال حتى يخرج مما قال».

قلت: و ما طينة خبال؟ قال: «صديد يخرج من فروج المومسات».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 292/ 72. [.....]

4- تفسير العيّاشي 2: 292/ 73.

5- تفسير القمّي 2: 19.

6- تفسير القمّي 2: 19.

1- تفسير القمّي 2: 19.

2- الكافي 2: 266/ 5.

(1) في المصدر: بالسواء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 532

6371/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له رجل: بأبي أنت و امي، إني أدخل كنيفا «1» لي، و لي جيران عندهم جوار يتغنين و يضربن بالعود، فربما أطلت الجلوس استماعا مني لهن، فقال: «لا تفعل».

فقال الرجل: و الله، ما أتيتهن، إنما هو سماع أسمعه باذني. فقال: «لله أنت! أما سمعت الله عز و جل يقول:

إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا؟!» فقال: بلى و الله، لكأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله من أعجمي و لا عربي، لا جرم أني لا أعود إن شاء الله، و إني لأستغفر الله.

فقال له: «قم فاغتسل وصل ما بدا لك، فإنك كنت مقيما على أمر عظيم، ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك! احمد الله و اسأله التوبة من كل ما يكره، فإنه لا يكره إلا كل قبيح، و القبيح دعه لأهله فإن لك أهلا».

6372/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد، قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «و فرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما

حرم الله، و أن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز و جل عنه، و الإصغاء إلى ما أسخط الله عز و جل، فقال في ذلك:

وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «2»، ثم استثنى الله عز و جل موضع النسيان، فقال: وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «3»، و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «4»، و قال عز و جل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ «5»، و قال: وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ «6»، و قال: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «7» فهذا ما فرض الله على السمع من الإيمان أن لا يصغي إلى ما لا يحل له و هو عمله، و هو من الإيمان.

و فرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه، و أن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له، و هو عمله، و هو من الإيمان، فقال تبارك و تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ «8» فنهاهم أن

__________________________________________________

3- الكافي 6: 432/ 10.

4- الكافي 2: 28/ 1.

(1) الكنيف: الظلّة تشرع فوق باب الدار، و المرحاض. «المعجم الوسيط- كنف- 2: 801».

(2) النساء 4: 140.

(3) الأنعام 6: 68.

(4) الزمر 39: 17- 18.

(5) المؤمنون 23: 1- 4.

(6) القصص 28: 55. [.....]

(7) الفرقان 25: 72.

(8) النور 24: 30.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 3، ص: 533

ينظروا إلى عوراتهم، و أن ينظر المرء إلى فرج أخيه، و يحفظ فرجه أن ينظر إليه، و قال: وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ «1» من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها، و تحفظ فرجها من أن ينظر إليها- و قال- كل شي ء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية، فإنها من النظر.

ثم نظم ما فرض على القلب و اللسان و السمع و البصر في آية اخرى، فقال: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ «2» يعني بالجلود الفروج و الأفخاذ، و قال: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا فهذا ما فرض الله على العينين عن غض البصر عما حرم الله عز و جل، و هو علمهما، و هو من الإيمان». و الحديث طويل، ذكرناه بتمامه في قوله: وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً من آخر سورة براءة «3».

6373/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال:

حدثني سيدي علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عن أبيه، عن آبائه، عن الحسن «4» بن علي (عليهم السلام)، قال:

«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، و إن عمر مني بمنزلة البصر، و إن عثمان مني بمنزلة الفؤاد- قال- فلما كان من

الغد دخلت عليه و عنده أمير المؤمنين (عليه السلام)، و أبو بكر، و عمر، و عثمان فقلت له: يا أبت، سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا، فما هو؟ فقال (صلى الله عليه و آله): نعم ثم أشار بيده إليهم، فقال: هم السمع و البصر و الفؤاد، و سيسألون عن ولاية وصيي هذا و أشار إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام). ثم قال: إن الله عز و جل يقول: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا ثم قال (صلى الله عليه و آله): و عزة ربي إن جميع امتي لموقوفون يوم القيامة، و مسئولون عن ولايته، و ذلك قول الله عز و جل: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ «5»».

6374/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تزول قدم عبد يوم القيامة من بين يدي الله عز و جل، حتى يسأله عن أربع خصال: عمرك فيما أفنيته، و جسدك فيما أبليته، و مالك من أين اكتسبته و أين وضعته؟ و عن حبنا

__________________________________________________

5- في «ط»: الحسين.

6- تفسير القمّي 2: 19، مناقب ابن المغازلي: 119/ 157، كفاية الطالب: 324، المناقب للخوارزمي: 35، مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوارزمي 1: 42، مجمع الزوائد 10: 346، ينابيع المودة: 106 و 113 و 271.

(1) النور 24: 31.

(2) فصلت 41: 22.

(3) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (124- 125) من سورة التوبة.

(4) في «ط»: الحسين.

(5) الصافات 37: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 534

أهل البيت».

6375/ [7]- العياشي: عن الحسن، قال: كنت أطيل القعود في المخرج «1»

لأسمع غناء بعض الجيران، قال: فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال لي: «يا حسن، إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا السمع و ما وعى، و البصر و ما رأى، و الفؤاد و ما عقد عليه».

6376/ [8]- عن الحسين بن هارون، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا.

قال: «يسأل السمع عما يسمع و البصر عما يطرف، و الفؤاد عما يعقد عليه».

6377/ [9]- عن أبي جعفر، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له رجل: بأبي أنت و أمي، إني أدخل كنيفا لي، و لي جيران و عندهم جوار يغنين و يضربن بالعود، فربما أطيل الجلوس استماعا مني لهن؟ فقال: «لا تفعل».

فقال الرجل: و الله، ما أتيتهن، إنما هو سماع أسمعه باذني. فقال له: «أما سمعت الله يقول: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا؟!». قال: بلى و الله، فكأني لم أسمع هذه الآية قط من كتاب الله من عجمي و لا عربي، لا جرم أني لا أعود إن شاء الله، و إني أستغفر الله. فقال: «قم و اغتسل و صل ما بدا لك، فإنك كنت مقيما على أمر عظيم، ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك. أحمد الله و اسأله التوبة من كل ما يكره، فإنه لا يكره إلا كل قبيح، و القبيح دعه لأهله، فإن لك أهلا».

6378/ [10]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك و تعالى فرض الإيمان على جوارح بني آدم و قسمه عليها، فليس من جوارحه جارحة إلا

و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها عيناه اللتان ينظر بهما، و رجلاه اللتان يمشي بهما ففرض على العين أن لا تنظر إلى ما حرم الله عليه، و أن تغض عما نهاه الله عنه مما لا يحل له و هو عمله، و هو من الإيمان، قال الله تبارك و تعالى: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا فهذا ما فرض الله من غض البصر عما حرم الله و هو عمله «2»، و هو من الإيمان.

و فرض الله على الرجلين ألا يمشى بهما إلى شي ء من معاصي الله، و فرض عليهما المشي فيما فرض الله

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 292/ 74.

8- تفسير العيّاشي 2: 292/ 75.

9- تفسير العيّاشي 2: 292/ 76.

10- تفسير العيّاشي 2: 293/ 77.

(1) المخرج: مكان خروج الفضلات- أعني الكنيف- «مجمع البحرين- خرج- 2: 294». [.....]

(2) في المصدر: عملها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 535

فقال: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا «1»، و قال: وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ «2»».

6379/ [11]- الشيخ، في (التهذيب): عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رجلا جاء إليه فقال له: إن لي جيرانا و لهم جوار يتغنين و يضربن بالعود، فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن؟ فقال له (عليه السلام): «لا تفعل».

فقال: و الله، ما هو شي ء أتيته برجلي، إنما هو سماع أسمعه بأذني. فقال الصادق (عليه السلام): «لله أنت! أما سمعت الله عز و جل يقول: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ

أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا»؟! فقال الرجل: كأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله عز و جل من عربي و لا عجمي، لا جرم إني قد تركتها، و إني أستغفر الله تعالى. فقال له الصادق (عليه السلام): «قم فاغتسل و صل ما بدا لك، فلقد كنت مقيما على أمر عظيم، ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك! استغفر الله و اسأله التوبة من كل ما يكره، فإنه لا يكره إلا القبيح، و القبيح دعه لأهله، فإن لكل أهلا».

سورة الإسراء(17): الآيات 37 الي 40 ..... ص : 535

قوله تعالى:

وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا- إلى قوله تعالى- أَ فَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَ اتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً [37- 40] 6380/ [1]- علي بن إبراهيم، قال في قوله تعالى: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً: أي بطرا و فرحا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ أي لم تبلغها كلها: وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا أي لا تقدر أن تبلغ قلل الجبال.

6381/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «فرض الله على الرجلين أن لا يمشى بهما إلى شي ء من معاصي الله، و فرض عليهما المشي ء إلى ما يرضي الله عز و جل فقال: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا، و قال:

__________________________________________________

11- التهذيب 1: 116/ 304.

1- تفسير القمي 2: 20.

2- الكافي 2: 28/ 1.

(1) الإسراء 17: 37.

(2) لقمان 31: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 536

وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ

«1»».

6382/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ يعني القرآن و ما فيه من الأنباء «2»، ثم قال: وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً فالمخاطبة للنبي و المعنى للناس.

قال: و قوله: أَ فَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَ اتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً و هو رد على قريش فيما قالوا: إن الملائكة هن بنات الله.

سورة الإسراء(17): الآيات 41 الي 43 ..... ص : 536

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَ ما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً- إلى قوله تعالى- سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً [41- 43]

6383/ [4]- العياشي: عن علي بن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام): وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا: «يعني و لقد ذكرنا عليا (عليه السلام) في القرآن و هو الذكر فما زادهم إلا نفورا».

6384/ [5]- قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً قال: إذا سمعوا القرآن، ينفرون عنه و يكذبونه، ثم احتج عز و جل على الكفار الذين يعبدون الأوثان، فقال: قُلْ لهم يا محمد لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا قال: لو كانت الأصنام آلهة كما يزعمون لصعدوا إلى العرش، ثم قال الله لذلك: سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً.

سورة الإسراء(17): آية 44 ..... ص : 536

قوله تعالى:

تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً [44]

6385/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن داود الرقي،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 20.

4- تفسير العيّاشي 2: 293/ 78.

5- تفسير القمّي 2: 20.

6- الكافي 6: 531/ 4.

(1) لقمان 31: 19.

(2) في «ط»: الأخبار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 537

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ. قال: «تنقض «1» الجدر تسبيحها».

6386/ [2]- العياشي: عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قول الله: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ؟ قال: «كل شي ء يسبح بحمده- و قال- إنا لنرى أن تنقض الجدار هو تسبيحه».

6387/ [3]- و في رواية الحسين بن سعيد، عنه: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ.

قال: «كل شي ء يسبح بحمده- و قال- إنا لنرى أن تنقض الجدار هو تسبيحها».

6388/ [4]- عن الحسن، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: «نهى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن أن توسم البهائم في وجوهها، و أن تضرب وجوهها، فإنها تسبح بحمد ربها».

6389/ [5]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما من طير يصاد في بر و لا بحر، و لا شي ء يصاد من الوحش إلا بتضييعه التسبيح».

6390/ [6]- عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أنه دخل عليه رجل فقال له:

فداك أبي و امي، إني أجد الله يقول في كتابه: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ؟

فقال له: «هو كما قال الله تعالى».

قال: أ تسبح الشجرة اليابسة؟ فقال: «نعم، أما سمعت خشب البيت كيف ينقصف «2»، و ذلك تسبيحه، فسبحان الله على كل حال!».

6391/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «للدابة على صاحبها ستة حقوق: لا يحملها فوق طاقتها، و لا يتخذ ظهرها مجلسا يتحدث عليها، و يبدأ بعلفها إذا نزل، و لا يسمها في وجهها، و لا يضربها فإنها تسبح، و يعرض عليها الماء إذا مر به».

6392/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد

بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 293/ 79.

3- تفسير العيّاشي 2: 293/ 80. [.....]

4- تفسير العيّاشي 2: 294/ 82.

5- تفسير العيّاشي 2: 294/ 83.

6- تفسير العيّاشي 2: 294/ 84.

7- الكافي 6: 537/ 1.

8- الكافي 6: 538/ 4.

(1) تنقض البيت: تشقق و سمع له صوت. «أقرب الموارد- نقض- 2: 1337».

(2) انقصف الشي ء: انكسر، و في المصدر: ينقض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 538

راشد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تضربوا الدواب على وجوهها فإنها تسبح بحمد الله».

قال: و في حديث آخر: «لا تسموها في وجوهها».

سورة الإسراء(17): الآيات 45 الي 46 ..... ص : 538

قوله تعالى:

وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً- إلى قوله تعالى- وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً [45- 46] 6393/ [1]- علي بن إبراهيم، قال في قوله تعالى: وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً يعني يحجب الله عنك الشياطين وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أي غشاوة أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً يعني صمما.

قال: قوله: وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا تهجد بالقرآن تستمع له قريش لحسن صوته «1»، و كان إذا قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فروا عنه.

6394/ [2]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر (عليهما السلام): «قال يهودي لأمير المؤمنين (عليه السلام): إن إبراهيم حجب عن نمرود بحجب ثلاث، قال علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و

آله) حجب عمن أراد قتله بحجب خمس، فثلاثة بثلاثة و اثنان فضل، قال الله عز و جل و هو يصف أمر محمد (صلى الله عليه و آله): وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا فهذا الحجاب الأول وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فهذا الحجاب الثاني فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ «2» فهذا الحجاب الثالث ثم قال: وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً فهذا الحجاب الرابع، ثم قال: فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ «3» فهذه حجب خمس».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 20.

2- الاحتجاج 1: 213.

(1) في «ط»: قراءته.

(2) يس 36: 9.

(3) يس 36. 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 539

6395/ [3]- العياشي: عن زيد بن علي، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فذكر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقال: «تدري ما نزل في بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ؟» فقلت: لا، فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان أحسن الناس صوتا بالقرآن، و كان يصلي بفناء الكعبة فرفع صوته، و كان عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و أبو جهل بن هشام و جماعة منهم يسمعون قراءته- قال و كان يكثر قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فيرفع بها صوته- قال- فيقولون: إن محمدا ليردد اسم ربه ترددا، إنه ليحجه، فيأمرون من يقوم فيستمع إليه، و يقولون: إذا جاز بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فأعلمنا حتى نقوم فنستمع قراءته، فأنزل الله في ذلك وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ- بسم الله الرحمن الرحيم- وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً».

6396/ [4]- عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال في بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال: «هو أحق ما جهر به، فأجهر به «1»، و هي

الآية التي قال الله: وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ- بسم الله الرحمن الرحيم- وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً كان المشركون يستمعون إلى قراءة النبي (صلى الله عليه و آله)، فإذا قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ نفروا و ذهبوا، فإذا فرغ منه عادوا و تسمعوا».

6397/ [5]- عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا صلى بالناس جهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فتخلف من خلفه من المنافقين عن الصفوف، فإذا جازها في السورة عادوا إلى مواضعهم و قال بعضهم لبعض: إنه ليردد اسم ربه تردادا، إنه ليحب ربه، فأنزل الله وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً».

6398/ [6]- عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا ثمالي، إن الشيطان ليأتي قرين الإمام فيسأله، هل ذكر ربه؟ فإن قال: نعم اكتسع «2» فذهب، و إن قال: لا ركب على كتفيه، و كان إمام القوم حتى ينصرفوا».

قال: قلت: جعلت فداك، و ما معنى قوله: ذكر ربه؟ قال: «الجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».

سورة الإسراء(17): الآيات 47 الي 51 ..... ص : 539

قوله تعالى:

نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَ إِذْ هُمْ نَجْوى إلى

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 295/ 85.

4- تفسير العيّاشي 2: 295/ 86. [.....]

5- تفسير العيّاشي 2: 295/ 87.

6- تفسير العيّاشي 2: 296/ 88.

(1) في «ط»: هو الحقّ فاجهر به.

(2) اكتسع الفحل: خطر فضرب فخذّيه بذنبه. «القاموس المحيط- كسع- 3: 81».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 540

قوله تعالى- قَرِيباً [47- 51] 6399/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَ إِذْ هُمْ نَجْوى يعني

إذ هم في السر يقولون: هو ساحر و هو قوله: إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً».

ثم حكى لرسول الله (صلى الله عليه و آله) قول الدهرية، فقال: وَ قالُوا أَ إِذا كُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً. ثم قال لهم: قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ و النغض: تحريك الرأس وَ يَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً.

6400/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الخلق الذي يكبر في صدوركم:

الموت».

6401/ [3]- العياشي: عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «جاء أبي بن خلف، فأخذ عظما باليا من حائط، ففته ثم قال: يا محمد، إذا كنا عظاما و رفاتا أ ءنا لمبعوثون؟! فأنزل الله مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ «1»».

سورة الإسراء(17): الآيات 53 الي 55 ..... ص : 540

قوله تعالى:

وَ قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ- إلى قوله تعالى- وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً [53- 55] 6402/ [4]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ أي يدخل بينهم و يحملهم «2» على المعاصي.

قال: و قوله: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ إلى قوله زَبُوراً فهو محكم.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 20.

2- تفسير القمّي 2: 21.

3- تفسير العيّاشي 2: 296/ 89.

4- تفسير القمّي 2: 21.

(1) يس 36: 78- 79.

(2) في «س»: بحملهم، و في المصدر: و يحثّهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 541

6403/ [2]- ابن شهر آشوب: عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش،

عن أبي صالح، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ قال: فضل الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بالعلم و العقل على جميع الرسل، و فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام) على جميع الصديقين بالعلم و العقل.

سورة الإسراء(17): آية 58 ..... ص : 541

قوله تعالى:

وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً [58] 6404/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها أي أهلها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً يعني بالخسف و الموت و الهلاك كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً أي مكتوبا.

6405/ [4]- ابن بابويه: مرسلا، عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً قال: «هو الفناء بالموت».

6406/ [5]- العياشي: عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً، قال: «إنما أمة محمد من الأمم، فمن مات فقد هلك».

6407/ [6]- عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ، قال: «هو الفناء بالموت أو غيره».

6408/ [7]- و في رواية اخرى، عنه (عليه السلام): وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ.

قال: «بالقتل و الموت أو غيره».

سورة الإسراء(17): آية 59 ..... ص : 541

قوله تعالى:

وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

2- المناقب 3: 99.

3- تفسير القمّي 2: 21.

4- من لا يحضره الفقيه 1: 118/ 562.

5- تفسير العيّاشي 2: 297/ 90. [.....]

6- تفسير العيّاشي 2: 297/ 91.

7- تفسير العيّاشي 2: 297/ 92.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 542

إِلَّا تَخْوِيفاً [59] 6409/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ نزلت في قريش، و قوله: وَ آتَيْنا ثَمُودَ

النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَ ما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً فعطف على قوله: وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ.

6410/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ.

قال: «و ذلك أن محمدا (صلى الله عليه و آله) سأله قومه أن يأتيهم بآية، فنزل جبرئيل (عليه السلام)، فقال: إن الله عز و جل يقول: وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إلى قومك إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ و كنا إذا أرسلنا إلى قرية آية فلم يؤمنوا بها أهلكناهم، فلذلك أخرنا عن قومك الآيات».

سورة الإسراء(17): آية 60 ..... ص : 542

قوله تعالى:

وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً [60]

6411/ [3]- العياشي: عن حريز، عمن سمع، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لهم ليعمهوا فيها وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ يعني بني امية».

6412/ [4]- علي بن سعيد، قال: كنت بمكة فقدم علينا معروف بن خربوذ، فقال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «إن عليا (عليه السلام) قال لعمر: يا أبا حفص، ألا أخبرك بما نزل في بني أمية؟ قال: بلى. قال: فإنه نزل فيهم وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ فغضب عمر و قال: كذبت، بنو أمية خير منك، و أوصل للرحم».

6413/ [5]- عن الحلبي، عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، قالوا: سألناه عن قوله: وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ.

قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) رأى أن رجالا على المنابر، يردون الناس ضلالا: زريق، و زفر».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 21.

2- تفسير القمّي 2: 21.

3- تفسير

العيّاشي 2: 297/ 93.

4- تفسير العيّاشي 2: 297/ 94.

5- تفسير العيّاشي 2: 297/ 95.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 543

و قوله: وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ، قال: «هم بنو امية».

6414/ [4]- و في رواية اخرى، عنه (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد رأى رجالا من نار على منابر من نار، يردون الناس على أعقابهم القهقرى، و لسنا نسمي أحدا».

6415/ [5]- و في رواية سلام الجعفي، عنه (عليه السلام)، أنه قال: «إنا لا نسمي الرجال بأسمائهم، و لكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) رأى قوما على منبره يضلون الناس بعده عن الصراط القهقرى».

6416/ [6]- عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أصبح رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما حاسرا حزينا، فقيل له: مالك، يا رسول الله؟ فقال: إني رأيت الليلة صبيان بني أمية يرقون على منبري هذا، فقلت:

يا رب معي؟ فقال: لا، و لكن بعدك».

6417/ [7]- عن أبي الطفيل، قال: كنت في مسجد الكوفة فسمعت عليا (عليه السلام) يقول، و هو على المنبر و ناداه ابن الكواء، و هو في مؤخر المسجد، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن قول الله: وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ، فقال: «الأفجران من قريش، و من بني امية».

6418/ [8]- عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ، قال: «أري رجالا من بني تيم و عدي على المنابر يردون الناس عن الصراط القهقرى».

قلت: وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ؟ قال: «هم بنو أمية، يقول الله: وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً».

6419/ [9]- عن يونس، عن عبد الرحمن

الأشل، قال: سألته عن قول الله: وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ الآية.

فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نام فرأى أن بني امية يصعدون المنابر، فكلما صعد منهم رجل رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) الذلة و المسكنة، فاستيقظ جزوعا من ذلك، و كان الذين رآهم اثني عشر رجلا من بني امية، فأتاه جبرئيل بهذه الآية، ثم قال جبرئيل: إن بني امية لا يملكون شيئا إلا ملك أهل البيت ضعفيه».

6420/ [10]- الطبرسي: إن ذلك رؤيا رآها النبي في منامه، أن قرودا تصعد منبره و تنزل، فساءه ذلك و اغتم به. رواه سهل بن سعيد، عن أبيه، ثم قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

و قالوا على هذا

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 298/ 96.

5- تفسير العيّاشي 2: 298/ 97.

6- تفسير العيّاشي 2: 298/ 98.

7- تفسير العيّاشي 2: 298/ 99.

8- تفسير العيّاشي 2: 298/ 100.

9- تفسير العيّاشي 2: 298/ 101.

10- مجمع البيان 6: 654. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 544

التأويل: إن الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ هم «1» بنو امية.

6421/ [11]- و في (نهج البيان): جاء في أخبارنا، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): «أن النبي (صلى الله عليه و آله) رأى ذات ليلة- و هو بالمدينة- كأن قرودا أربعة عشر قد علوا منبره واحدا بعد واحد، فلما أصبح قص رؤياه على أصحابه، فسألوه عن ذلك. فقال: يصعد منبري هذا بعدي جماعة من قريش ليسوا لذلك أهلا». قال الصادق (عليه السلام): «هم بنو أمية».

6422/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت لما رأى النبي (صلى الله عليه و آله) في نومه كأن قرودا تصعد

منبره، فساءه ذلك و غمه غما شديدا، فأنزل الله: «و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس «2» ليعمهوا فيها، و الشجرة الملعونة في القرآن». كذا نزلت، و هم بنو امية.

6423/ [13]- و من طريق المخالفين، روى الثعلبي في (تفسيره): يرفعه إلى الرشيد، عن سعيد بن المسيب، في قوله تعالى: وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ الآية، قال: رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني امية على المنابر فساءه ذلك، فقيل له: إنها الدنيا [يعطونها] فسري «3» بها عنه إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ بلاء للناس.

6424/ [14]- و من (تفسير الثعلبي) أيضا يرفعه إلى سهل بن سعد، قال: رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني امية ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكا حتى مات، فنزلت هذه الآية.

6425/ [15]- و في كتاب (فضيلة الحسين و حكاية مصيبته و قتله): يرفعه إلى أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رأيت في النوم بني الحكم أو بني العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة» فأصبح كالمتغيظ، فما رؤي رسول الله (صلى الله عليه و آله) مستجمعا ضاحكا بعد ذلك حتى مات.

سورة الإسراء(17): الآيات 61 الي 64 ..... ص : 544

قوله تعالى:

وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

11- نهج البيان 2: 170 «مخطوط».

12- تفسير القمّي 2: 21.

13- ... عنه ابن البطريق في العمدة: 452/ 942، الدر المنثور 5: 310، تحفة الأبرار: 188.

14- ... عنه ابن البطريق في العمدة: 453/ 943، و الدر المنثور 5: 309، تحفة الأبرار: 188.

15- ... عنه تحفة الأبرار: 188.

(1) في المصدر: هي.

(2) في المصدر: لهم.

(3) سرّي عنه: تجلّى همّه و انكشف. «لسان العرب- سرا-

14: 380».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 545

وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ [61- 64] 6426/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل خبر إبليس، فقال: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ إلى قوله لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا أي لأفسدنهم إلا قليلا، فقال الله عز و جل:

اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً و هو محكم وَ اسْتَفْزِزْ أي اخدع مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ قال: ما كان من مال حرام فهو شرك الشيطان، فإذا اشترى به الإماء و نكحهن و ولد له، فهو شرك «1» الشيطان، كما «2» تلد «3» منه، و يكون مع الرجل إذا جامع، فيكون الولد من نطفته و نطفة الرجل إذا كان حراما.

و

في حديث آخر: إذا جامع الرجل أهله و لم يسم، شاركه الشيطان.

6427/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «4»

في معنى: و لا تجعله شرك الشيطان، قال: قلت: و كيف يكون من شرك الشيطان؟

قال: «إذا ذكر اسم الله تنحى الشيطان، و إن فعل و لم يسم أدخل ذكره، و كان العمل منهما جميعا و النطفة واحدة».

6428/ [3]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد Ƞعدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله جميعا، عن الوشاء، عن موسى بن بكر، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه

السلام): «يا أبا محمد، أي شي ء يقول الرجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟». قلت: جعلت فداك، أ يستطيع الرجل أن يقول شيئا؟ فقال: «ألا أعلمك ما تقول؟» قلت: بلى. قال: «تقول: بكلمات الله استحللت فرجها، و في أمانة الله أخذتها، اللهم إن قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله بارا تقيا، و اجعله مسلما سويا، و لا تجعل فيه شركا للشيطان».

قلت: و بأي شي ء يعرف ذلك؟ قال له: «أما تقرأ كتاب الله عز و جل، ثم ابتدأ هو: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ فإن الشيطان يجي ء حتى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل منها، و يحدث كما يحدث، و ينكح كما ينكح».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 21.

2- الكافي 5: 501/ 3.

3- الكافي 5: 502/ 2.

(1) في «س»: شريك.

(2) في «س»: كلّما.

(3) زاد في المصدر: يلزمه. [.....]

(4) في المصدر: عن أبي جعفر (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 546

قلت: بأي شي ء يعرف ذلك، قال: «بحبنا و بغضنا، فمن أحبنا كان من نطفة العبد، و من أبغضنا كان من نطفة الشيطان».

6429/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله، عن جميل بن دراج، عن أبي الوليد، عن أبي بصير، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد، إذا أتيت أهلك، فأي شي ء تقول؟» قال: قلت: جعلت فداك، و أطيق أن أقول شيئا؟ قال: «بلى، قل: اللهم إني بكلماتك استحللت فرجها، و بأمانتك أخذتها، فإن قضيت في رحمها شيئا فاجعله تقيا زكيا، و لا تجعل للشيطان فيه شركا».

قال: قلت: جعلت فداك، و يكون فيه شرك للشيطان؟ قال: «نعم، أما تسمع قول الله عز

و جل: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ فإن الشيطان يجي ء فيقعد كما يقعد الرجل، و ينزل كما ينزل الرجل».

قال: قلت: بأي شي ء يعرف ذلك؟ قال: «بحبنا و بغضنا».

6430/ [5]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن عثمان بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن سليمان بن قيس، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذي ء قليل الحياء، لا يبالي ما قال و ما قيل له، فإنك إن فتشته لم تجده إلا لغية «1» أو شرك الشيطان.

فقال رجل: يا رسول الله، و في الناس شرك شيطان؟ فقال: أما تقرأ قول الله عز و جل: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ.

فقيل: و في الناس من لا يبالي ما قال و ما قيل له؟ فقال: نعم، من تعرض للناس فقال فيهم و هو يعلم أنهم «2» لا يتركونه، فذلك الذي لا يبالي ما قال و ما قيل له».

6431/ [6]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن شرك الشيطان: قوله:

وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ.

قال: «ما كان من مال حرام فهو شرك «3» الشيطان- قال- و يكون مع الرجل حتى يجامع، فيكون من نطفته و نطفة الرجل إذا كان حراما».

6432/ [7]- عن زرارة، قال: كان يوسف أبو الحجاج صديقا لعلي بن الحسين (عليه السلام) و أنه دخل على امرأته

__________________________________________________

4- الكافي 5: 503/ 5.

5- كتاب الزهد: 7/ 12.

6- تفسير العيّاشي 2: 299/ 102.

7- تفسير العيّاشي 2: 299/ 3.

(1) يقال: هو لغيّة و لغيّة: أي لزنية، و هو نقيض قولك: لرشدة. «لسان العرب- غوي- 15: 142».

(2) في «س» و

«ط»: أنّه.

(3) في المصدر: شريك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 547

فأراد أن يضمها- أعني ام الحجاج- قال: فقالت له «1»: إنما عهدك بذاك الساعة، قال: فأتى علي بن الحسين (عليه السلام) فأخبره، فأمره أن يمسك عنها، فأمسك عنها، فولدت بالحجاج، و هو ابن شيطان ذي الردهة «2».

6433/ [8]- عن عبد الملك بن أعين، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إذا زنى الرجل أدخل الشيطان ذكره، ثم عملا جميعا ثم تختلط النطفتان، فيخلق الله منهما، فيكون شركة الشيطان».

6434/ [9]- عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذي ء قليل الحياء، لا يبالي بما قال و لا ما قيل له، فإنك إن فتشته لم تجده إلا لغية أو شرك الشيطان.

قيل: يا رسول الله، و في الناس شرك الشيطان؟ فقال: أو ما تقرأ قول الله: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ».

6435/ [10]- عن يونس، عن أبي الربيع الشامي، قال: كنت عنده ليلة، فذكر شرك الشيطان فعظمه حتى أفزعني، فقلت: جعلت فداك، فما المخرج منها، و ما نصنع؟

قال: «إذا أردت المجامعة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، الذي لا إله إلا هو، بديع السماوات و الأرض، اللهم إن قضيت شيئا خلقته في هذه الليلة «3»، فلا تجعل للشيطان فيه نصيبا، و لا شركا، و لا حظا، و اجعله عبدا صالحا خالصا مخلصا مصيبا «4» و ذريته، جل ثناؤك».

6436/ [11]- عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما قول الله: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ؟ قال: فقال: «قل في ذلك قولا: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان

الرجيم».

6437/ [12]- عن العلاء بن رزين، عن محمد، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «شرك الشيطان، ما كان من مال حرام فهو من شركه «5»، و يكون مع الرجل حين يجامع، فتكون نطفته من نطفته إذا كان حراما- قال- فإن كلتيهما جميعا تختلطان- و قال- ربما خلق من واحدة، و ربما خلق منهما جميعا».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 299/ 104.

9- تفسير العيّاشي 2: 299/ 105.

10- تفسير العيّاشي 2: 300/ 106.

11- تفسير العيّاشي 2: 300/ 107.

12- تفسير العيّاشي 2: 300/ 108.

(1) في «ط»: فقالت لي. و زاد في المصدر: أليس. [.....]

(2) الرّدهة: النّقرة في الجبل يستنقع فيها الماء و قيل: قلّة الرابية. «النهاية 2: 216» و قيل: إنّ شيطان الرّدهة أحد الأبالسة المردة من أعوان عدو اللّه إبليس، و قيل: هو عفريت مارد يتصوّر في صورة حيّة و يكون على الرّدهة. «شرح ابن أبي الحديد 13: 184».

(3) في المصدر: اللّهم إن قصدت تصب منّي في هذه الليلة خليفة.

(4) في المصدر: مصفيّا، و في نور الثقلين 3: 185/ 300: مصغيا.

(5) في «ط»: شركة الشيطان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 548

6438/ [13]- صفوان الجمال، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فاستأذن عيسى بن منصور عليه، فقال له:

«ما لك و لفلان، يا عيسى، أما إنه ما يحبك «1»!» فقال: بأبي و امي، يقول قولنا، و هو يتولى من نتولى. فقال: «إن فيه نخوة إبليس».

فقال: بأبي و امي، أليس يقول إبليس: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ «2»؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«أليس الله يقول: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ فالشيطان يباضع ابن آدم هكذا» و قرن بين إصبعيه.

6439/ [14]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)

قال: سمعته يقول: «كان الحجاج ابن شيطان يباضع ذي الردهة» «3». ثم قال: «إن يوسف دخل على ام الحجاج، فأراد أن يصيبها، فقالت: أليس إنما عهدك «4» بذلك الساعة؟

فأمسك عنها، فولدت الحجاج».

سورة الإسراء(17): آية 65 ..... ص : 548

قوله تعالى:

إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَ كَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا [65]

6440/ [1]- العياشي: عن جعفر بن محمد الخزاعي، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يذكر في حديث غدير خم: «أنه لما قال النبي (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) ما قال، و أقامه للناس، صرخ إبليس صرخة، فاجتمعت له العفاريت، فقالوا: يا سيدنا، ما هذه الصرخة؟ فقال: ويلكم، يومكم كيوم عيسى- و الله- لأضلن فيه الخلق».

قال: «فنزل القرآن: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «5»- قال- فصرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت، فقالوا: يا سيدنا، ما هذه الصرخة الاخرى؟ فقال: ويحكم، حكى الله- و الله- كلامي قرآنا، و أنزل عليه: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ثم رفع رأسه إلى السماء، ثم قال: و عزتك و جلالك لألحقن الفريق بالجميع».

قال: «فقال النبي (صلى الله عليه و آله): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ- قال-

__________________________________________________

13- تفسير العيّاشي 2: 300/ 109.

14- تفسير العيّاشي 2: 301/ 110.

1- تفسير العيّاشي 2: 301/ 111.

(1) في «ط»: ما يحبّ.

(2) الأعراف 7: 12، سورة ص 38: 76.

(3) يباضع: يجامع، و ذو الرّدهة نعت أو عطف بيان للشيطان، إن لم يكن في الكلام تصحيف. «بحار الأنوار 63: 256».

(4) في «ط»: عهدتك.

(5) سبأ 34: 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 549

فصرخ إبليس صرخة، فرجعت إليه العفاريت، فقالوا: يا سيدنا، ما هذه الصرخة

الثالثة؟ قال: و الله، من أصحاب علي، و لكن و عزتك و جلالك- يا رب- لأزينن لهم المعاصي حتى ابغضهم إليك».

قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الذي بعث بالحق محمدا، للعفاريت و الأبالسة على المؤمن أكثر من الزنابير على اللحم، و المؤمن أشد من الجبل، و الجبل تدنو إليه «1» بالفأس فتنحت منه، و المؤمن لا يستقل عن دينه».

6441/ [2]- عن عبد الرحمن بن سالم، في قول الله: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَ كَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا، قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و نحن نرجو أن تجري لمن أحب الله من عباده المسلمين.

سورة الإسراء(17): الآيات 66 الي 69 ..... ص : 549

قوله تعالى:

رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً [66- 69] 6442/ [3]- علي بن إبراهيم: ثم قال: رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ إي السفن في البحر لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً وَ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ أي بطل من تدعون غير الله فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَ كانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً ثم أرهبهم، فقال: أَ فَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً أي عذابا و هلاكا ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى أي مرة اخرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ أي تجي ء من كل جانب فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً.

6443/ [4]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ قال: «هي العاصف» و قوله: تَبِيعاً يقول: وكيلا، و يقال: كفيلا، و يقال: ثائرا.

سورة الإسراء(17): آية 70 ..... ص : 549

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 301/ 112.

3- تفسير القمّي 2: 22. [.....]

4- تفسير القمّي 2: 22.

(1) في «ط»: تواليه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 550

الطَّيِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا [70]

6444/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، قال: حدثنا محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله لا يكرم روح كافر، و لكن يكرم أرواح المؤمنين، و إنما كرامة النفس و الدم بالروح، و

الرزق الطيب هو العلم».

6445/ [2]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن محمد بن الحسن ابن كاس القاضي النخعي بالرملة «1»، قال: حدثني جدي سليم بن إبراهيم بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا نصر بن مزاحم المنقري، قال: حدثنا إبراهيم بن الزبرقان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ.

يقول: «فضلنا بني آدم على سائر الخلق». وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ يقول: «على الرطب و اليابس».

وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ يقول: «من طيبات الثمار كلها» وَ فَضَّلْناهُمْ يقول: «ليس من دابة و لا طائر إلا هي تأكل و تشرب بفيها، لا ترفع بيدها إلى فيها طعاما و لا شرابا غير ابن آدم، فإنه يرفع إلى فيه بيده طعامه، فهذا من التفضيل».

6446/ [3]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن العبد العزيز البغوي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا حجاج بن تميم، قال: حدثنا ميمون بن مهران، عن ابن عباس (رحمه الله)، في قوله عز و جل: وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا.

قال: ليس من دابة إلا و هي تأكل بفيها إلا ابن آدم فإنه يأكل بيده.

6447/ [4]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان الصباحي، قال: حدثنا يحيى بن السري الضرير، قال: حدثنا محمد بن خازم «2» أبو معاوية الضرير، قال: دخلت على هارون الرشيد- و كانت بين يديه المائدة- فسألني عن

تفسير هذه الآية: وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ الآية.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 22.

2- الأمالي 2: 103.

3- الأمالي 2: 103.

4- الأمالي 2: 104.

(1) الرّملة: مدينة بفلسطين. «معجم البلدان 3: 69».

(2) في المصدر: محمّد بن مزاحم، و في «س، ط»: محمّد بن حازم، تصحيف، صوابه ما في المتن، راجع تقريب التهذيب 2: 157.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 551

فقلت: يا أمير المؤمنين، قد تأولها جدك عبد الله بن العباس، أخبرني الحجاج بن إبراهيم الخوزي «1»، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، في هذه الآية: وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ قال: كل دابة تأكل بفيها إلا ابن آدم فإنه يأكل بالأصابع.

قال أبو معاوية: فبلغني أنه رمى بملعقة كانت بيده من فضة و تناول من الطعام بإصبعه.

6448/ [5]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا، قال: «خلق كل شي ء منكبا غير الإنسان، خلق منتصبا».

سورة الإسراء(17): آية 71 ..... ص : 551

قوله تعالى:

يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ- إلى قوله تعالى- كِتابَهُمْ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا [71]

6449/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ.

قال: «يجي ء رسول الله (صلى الله عليه و آله) في قومه «2»، و علي (عليه السلام) في قومه، و الحسن في قومه، و الحسين في قومه، و كل من مات بين ظهراني قوم

جاءوا معه».

6450/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: «لما نزلت هذه الآية يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قال المسلمون: يا رسول الله، أ لست إمام الناس كلهم أجمعين؟- قال- فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا رسول الله إلى الناس أجمعين، و لكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقومون في الناس فيكذبون، و يظلمهم أئمة الكفر و الضلال و أشياعهم، فمن والاهم و اتبعهم و صدقهم فهو مني و معي و سيلقاني، ألا و من ظلمهم و كذبهم فليس مني و لا معي، و أنا منه بري ء».

محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن جابر،

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 302/ 113.

1- تفسير القمّي 2: 22.

2- الكافي 1: 168/ 1.

(1) الجزري.

(2) في المصدر في جميع المواضع: فرقة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 552

عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «1».

و رواه أيضا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2».

6451/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن ابن مسكان، عن يعقوب بن شعيب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ؟ فقال: «يدعو كل قرن من هذه الأمة بإمامهم».

قلت: فيجي ء رسول الله (صلى الله عليه و آله) في قرنه، و علي (عليه السلام) في قرنه، و

الحسن (عليه السلام) في قرنه، و الحسين (عليه السلام) في قرنه، و كل إمام في قرنه الذي هلك بين أظهرهم؟ قال: «نعم».

6452/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروروذي بمروالروذ «3». في داره، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله النيسابوري، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، قال: حدثني أبي في سنة ستين و مائتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عليه السلام) سنة أربع و تسعين و مائة بنيسابور.

و حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزي بنيسابور، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن هارون الخوزي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوزي بنيسابور، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن الرضا علي بن موسى الرضا (عليه السلام).

و حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفراء، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ. قال:

«يدعى كل قوم بإمام زمانهم، و كتاب ربهم، و سنة نبيهم».

6453/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور «4»، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ.

__________________________________________________

3- المحاسن: 144/ 44. [.....]

4- عيون

أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 32/ 61.

5- الكافي 1: 303/ 2.

(1) بصائر الدرجات: 53/ 1، و فيه: عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام).

(2) المحاسن: 155/ 84.

(3) مرو الرّوذ: مدينة قريبة من مرور الشاهجان، و مرو الشاهجان هي أشهر مدن خراسان. «مراصد الاطلاع 3: 1262».

(4) في «ط»: محمّد بن محمود، و الصواب ما في المتن. انظر معجم رجال الحديث 9: 133.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 553

فقال: «يا فضيل، اعرف إمامك، فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك تقدم هذا الأمر أو تأخر، و من عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه».

قال: و قال بعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه و آله).

6454/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حماد، عن عبد الأعلى، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «السمع و الطاعة أبواب الخير، السامع المطيع لا حجة عليه، و السامع العاصي لا حجة له، و إمام المسلمين تمت حجته و احتجاجه يوم يلقى الله عز و جل- ثم قال- يقول الله تبارك و تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ».

6455/ [7]- و عنه: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم البطل، عن عبد الله بن سنان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ، قال: «إمامهم الذي بين أظهرهم، و هو قائم أهل زمانه».

6456/ [8]- العياشي: عن الفضيل، قال: سألت أبا

جعفر (عليه السلام) عن قول الله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ، فقال: «يجي ء رسول الله (صلى الله عليه و آله) في قومه، و علي (عليه السلام) في قومه، و علي (عليه السلام) في قومه، و الحسن (عليه السلام) في قومه، و الحسين (عليه السلام) في قومه، و كل من مات بين ظهراني إمام جاء معه».

6457/ [9]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه إذا كان يوم القيامة يدعى كل بإمامه الذي مات في عصره، فإن أثبته أعطي كتابه بيمينه لقوله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ و اليمين: إثبات الإمام لأنه كتاب يقرؤه، إن الله يقول: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ «1» الآية، و الكتاب: الإمام، فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ «2» و من أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله: ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ «3» إلى آخر الآية».

6458/ [10]- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قوله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ، قال: «من كان يأتمون به في الدنيا، و يؤتى بالشمس و القمر فيقذفان في جهنم «4»، و من يعبدهما».

__________________________________________________

6- الكافي 1: 146/ 17.

7- الكافي 1: 451/ 3.

8- تفسير العيّاشي 2: 302/ 114.

9- تفسير العيّاشي 2: 302/ 115.

10- تفسير العيّاشي 2: 302/ 116. و يأتي في الحديث (17) من تفسير هذه الآية.

(1) الحاقة 69: 19- 20.

(2) آل عمران 3: 187.

(3) الواقعة 56: 41- 43. [.....]

(4) في «ط» نسخة بدل: حميم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 554

و عن جعفر

بن أحمد، عن الفضل بن شاذان، أنه وجد مكتوبا بخط أبيه، مثله «1».

6459/ [11]- عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «الإسلام بدأ غريبا، و سيعود غريبا كما كان، فطوبى للغرباء».

فقال: «يا أبا محمد، يستأنف الداعي منا دعاء جديدا كما دعا إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)». فأخذت بفخذه، فقلت: أشهد أنك إمامي. فقال: «أما أنه سيدعى كل أناس بإمامهم: أصحاب الشمس بالشمس، و أصحاب القمر بالقمر، و أصحاب النار بالنار، و أصحاب الحجارة بالحجارة».

6460/ [12]- عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا تترك الأرض بغير إمام يحل حلال الله و يحرم حرامه، و هو قول الله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ». ثم قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية» فمدوا أعناقهم و فتحوا أعينهم، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليست الجاهلية الجهلاء».

فلما خرجنا من عنده، قال لنا سليمان: هو- و الله- الجاهلية الجهلاء، و لكن لما رآكم مددتم أعناقكم و فتحتم أعينكم، قال لكم كذلك.

6461/ [13]- عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أنتم- و الله- على دين الله» ثم تلا يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ثم قال: «علي إمامنا، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) إمامنا، كم من إمام يجي ء يوم القيامة يلعن أصحابه و يلعنونه، و نحن ذرية محمد (صلى الله عليه و آله) و امنا فاطمة (عليها السلام)».

6462/ [14]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): «لما نزلت هذه الآية: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قال المسلمون: يا رسول الله، أ

و لست إمام المسلمين أجمعين؟» قال: «فقال: أنا رسول الله إلى الناس أجمعين، و لكن سيكون بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقومون في الناس فيكذبون و يظلمون، ألا فمن تولاهم فهو مني و معي و سيلقاني، ألا و من ظلمهم أو أعان على ظلمهم و كذبهم فليس مني و لا معي، و أنا منه بري ء».

و زاد في رواية اخرى مثله: «و يظلمهم «2» أئمة الكفر و الضلال و أشياعهم».

6463/ [15]- عن عبد الأعلى، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «السمع و الطاعة أبواب الجنة، السامع المطيع لا حجة عليه، و إمام المسلمين تمت حجته و احتجاجه يوم يلقى الله، لقول الله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 303/ 118.

12- تفسير العيّاشي 2: 303/ 119.

13- تفسير العيّاشي 2: 303/ 120.

14- تفسير العيّاشي 2: 204/ 121.

15- تفسير العيّاشي 2: 304/ 122.

(1) تفسير العيّاشي 2: 303/ 117.

(2) في «ط»: يوم يظلمهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 555

6464/ [16]- عن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنه كان يقول: «ما بين أحدكم و بين أن يغتبط إلا «1» أن تبلغ نفسه هاهنا». و أشار بإصبعه إلى حنجرته، قال: ثم تأول بآيات من الكتاب، فقال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2» و مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «3» و إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ «4» قال: ثم قال: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فرسول الله (صلى الله عليه و آله) إمامكم، و كم من إمام يوم القيامة يجي ء يلعن أصحابه و يلعنونه».

6465/ [17]- عن محمد، عن أحدهما (عليهما السلام)، أنه سئل عن قوله:

يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ.

فقال: «ما كانوا يأتمون به في الدنيا، و يؤتى بالشمس و القمر فيقذفان في جهنم، و من كان يعبدهما».

6466/ [18]- عن إسماعيل بن همام، قال: قال الرضا (عليه السلام)، في قول الله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ، قال: «إذا كان يوم القيامة قال الله: أليس عدل من ربكم أن نولي كل قوم من تولوا؟ قالوا: بلى- قال:- فيقول: تميزوا فيتميزون».

6467/ [19]- عن محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن كنتم تريدون أن تكونوا معنا يوم القيامة، لا يلعن بعضكم بعضا، فاتقوا الله و أطيعوا، فإن الله يقول: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ».

6468/ [20]- ابن شهر آشوب: روى الخاص و العام عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «يدعى كل أناس بإمام زمانهم، و كتاب ربهم، و سنة نبيهم».

6469/ [21]- و عن الصادق (عليه السلام): «ألا تحمدون الله أنه إذا كان يوم القيامة يدعى كل قوم إلى من يتولونه، و فزعنا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و فزعتم أنتم إلينا» «5».

6470/ [22]- عن يوسف القطان في (تفسيره): عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ.

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 2: 304/ 123.

17- تفسير العيّاشي 2: 304/ 124. و تقدّم في الحديث (10) من تفسير هذه الآية بطريقين.

18- تفسير العيّاشي 2: 304/ 125.

19- تفسير العيّاشي 2: 305/ 126.

20- المناقب 3: 65.

21- المناقب 3: 65. [.....]

22- المناقب 3: 65.

(1) في «ط»: إلى.

(2) النساء 4: 59.

(3) النساء 4: 80.

(4) آل عمران 3: 31.

(5) في المصدر زيادة: «فإلى أين ترّون أن نذهب بكم؟

řęɠالجنة و ربّ الكعبة» قالها ثلاثا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 556

قال: إذا كان يوم القيامة دعا الله عز و جل أئمة الهدى و مصابيح الدجى و أعلام التقى: أمير المؤمنين، و الحسن، و الحسين، ثم يقال لهم: جوزوا على الصراط أنتم و شيعتكم، و ادخلوا الجنة بغير حساب ثم يدعوا أئمة الفسق، و إن- و الله- يزيدا منهم، فيقال له: خذ بيد شيعتك، و انطلقوا إلى النار بغير حساب.

6471/ [23]- الراوندي في (الخرائج): عن أبي هاشم، عن أبي محمد العسكري (عليه السلام)، و قد سأله عن قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ «1».

قال (عليه السلام): «كلهم من آل محمد (صلى الله عليه و آله)، و الظالم لنفسه: الذي لا يقر بالإمام، و المقتصد: العارف بالإمام، و السابق بالخيرات «2»: الإمام». فجعلت أفكر في نفسي [عظم ما أعطى الله آل محمد و بكيت، فنظر إلي فقال: «الأمر أعظم مما حدثت به نفسك من عظم شأن آل محمد (صلى الله عليه و آله)، فاحمد الله أن جعلك مستمسكا بحبلهم، تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كل أناس بإمامهم، إنك لعلى خير».

6472/ [24]- الطبرسي، بعد ما جمع عدة أقوال في ذلك، قال: هذه الأقوال ما رواه الخاص و العام،

عن علي ابن موسى الرضا (عليه السلام)، بالأسانيد الصحيحة: أنه روى عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال فيه: «يدعى كل أناس بإمام زمانهم، و كتاب ربهم، و سنة نبيهم».

6473/ [25]- المفيد في (الاختصاص): عن المعلى بن محمد البصري، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان، عن الهيثم

بن واقد، عن علي بن الحسن العبدي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أمرنا أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمسير إلى المدائن من الكوفة، فسرنا يوم الأحد، و تخلف عمرو بن حريث في سبعة نفر، فخرجوا إلى مكان بالحيرة، يسمى الخورنق «3»، فقالوا: نتنزه، فإذا كان يوم الأربعاء خرجنا و لحقنا عليا قبل أن يجمع، فبينما هم يتغدون إذ خرج عليهم ضب فضربوه «4»، فأخذه عمرو بن حريث فنصب كفه، فقال: بايعوا، هذا أمير المؤمنين فبايعه السبعة و عمرو ثامنهم، و ارتحلوا ليلة الأربعاء، و نزلوا المدائن يوم الجمعة، و أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب، و لم يفارق بعضهم بعضا، كانوا جميعا حتى نزلوا على باب المسجد، فلما دخلوا، نظر إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: «يا أيها الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أسر إلي ألف حديث، في كل حديث ألف باب، في كل باب ألف مفتاح، و إني سمعت الله يقول: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ و إني أقسم

__________________________________________________

23- الخرائج و الجرائح 2: 687/ 9.

24- مجمع البيان 6: 663.

25- الاختصاص: 283.

(1) فاطر 35: 32.

(2) زاد في المصدر: بإذن اللّه.

(3) الخورنق: موضع بالكوفة، و المعروف أنّه القصر الكائن بظهر الحيرة «مراصد الاطلاع 1: 489».

(4) في المصدر: فصادوه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 557

لكم بالله ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر بإمامهم و هو ضب، و لو شئت أن أسميهم لفعلت». قال: فلو رأيت عمرو بن حريث يتنفط «1» مثل السعفة رعبا «2».

6474/ [26]- علي بن إبراهيم، في قوله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قال: ذلك يوم القيامة ينادي مناد:

ليقم أبو بكر و شيعته، و عمر و شيعته، و عثمان و

شيعته، و علي و شيعته. قال: و قوله: وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا قال:

الجلدة التي في ظهر النواة.

سورة الإسراء(17): آية 72 ..... ص : 557

قوله تعالى:

وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا [72]

6475/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا، قال: «ذلك الذي يسوف نفسه الحج- يعني حجة الإسلام- حتى يأتيه الموت».

6476/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا «3».

قال: «من لم يدله خلق السماوات و الأرض، و اختلاف الليل و النهار، و دوران الفلك [و الشمس و القمر]، و الآيات العجيبات على أن وراء ذلك أمرا أعظم منه فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا».

6477/ [3]- و عنه، قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه القمي الإيلاقي (رضي الله عنه)، قال:

__________________________________________________

26- تفسير القمّي 2: 23. [.....]

1- الكافي 4: 268/ 2.

2- التوحيد: 455/ 6.

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 175/ 1، التوحيد: 438/ 1.

(1) نفط الرجل: غضب، و إنّه لينفط غضبا: أي يتحرّك، مثل ينفت. «لسان العرب- نفط- 7: 416».

(2) في المصدر: سقط كما تسقط السعفة وجيبا.

(3) زاد في المصدر: قال: فهو عمّا

لم يعاين أعمى و أضلّ سبيلا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 558

أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن «1» علي بن صدقة القمي، قال: حدثني أبو عمرو محمد بن عمرو «2» بن عبد العزيز الأنصاري، قال: حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي ثم الهاشمي، عن الرضا (عليه السلام) أنه قال لعمران الصابي: «إياك و قول الجهال من أهل العمى و الضلال الذين يزعمون أن الله تعالى موجود في الآخرة للحساب و الثواب و العقاب، و ليس بموجود في الدنيا للطاعة و الرجاء، و لو كان في الوجود لله عز و جل نقص و اهتضام لم يوجد في الآخرة أبدا، و لكن القوم تاهوا و عموا و صموا عن الحق من حيث لا يعلمون، و ذلك قوله عز و جل: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا يعني أعمى عن الحقائق الموجودة، و قد علم ذوو الألباب أن الاستدلال على ما هناك لا يكون إلا بما ها هنا، و من أخذ علم ذلك برأيه، و طلب وجوده و إدراكه عن نفسه دون غيرها، لم يزدد من علم ذلك إلا بعدا، لأن الله تعالى جعل علم ذلك خاصة عند قوم يعقلون و يعلمون و يفقهون» «3».

6478/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «جاء رجل إلى أبي علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقال: إن ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن، في أي يوم نزلت، و فيمن نزلت، فقال أبي (عليه السلام): سلمه فيمن نزلت: وَ مَنْ كانَ فِي

هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا، و فيمن نزلت: وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ «4»، و فيمن نزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا «5»؟

فأتاه الرجل فسأله، فقال: وددت أن الذي أمرك بهذا، واجهني به فأسأله عن العرش، مم خلقه الله، و متى خلق، و كم هو، و كيف هو؟ فانصرف الرجل إلى أبي، فقال أبي: فهل أجابك بالآيات؟ قال: لا. قال أبي: لكن أجيبك فيها بعلم و نو غير المدعى و لا المنتحل، أما قوله: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا ففيه نزلت و في أبيه، و أما قوله: وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ ففي أبيه نزلت، و أما الاخرى ففي ابنه «6» نزلت و فينا، و لم يكن الرباط «7» الذي أمرنا به، و سيكون ذلك من نسلنا المرابط، و من نسله المرابط.

و أما ما سأل عنه، من العرش مم خلقه الله، فإن الله خلقه أرباعا، لم يخلق قبله إلا ثلاثة: الهواء، و القلم،

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 23.

(1) (محمّد بن) ليس في «ط».

(2) في التوحيد و العيون: عمر.

(3) في التوحيد و العيون: و يفهمون.

(4) هود 11: 34.

(5) آل عمران 3: 200.

(6) في المصدر: أبيه.

(7) في «ط»: المرابط. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 559

و النور، ثم خلقه من ألوان أنوار مختلفة: و من ذلك النور نور أخضر و منه اخضرت الخضرة، و نور أصفر و منه اصفرت الصفرة، و نور أحمر و منه احمرت الحمرة، و نور أبيض و هو نور الأنوار، و منه ضوء النهار.

ثم

جعله سبعين ألف طبق، غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين، و ليس من ذلك طبق إلا و يسبح بحمد ربه، و يقدسه بأصوات مختلفة و ألسنة غير مشتبهة، لو اذن للسان واحد فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال و المدائن و الحصون، و كشف «1» البحار، و لهلك «2» ما دونه.

له ثمانية أركان، يحمل كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصي عددهم إلا الله، يسبحون الليل و النهار لا يفترون، و لو أحس شي ء مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين، و بينه و بين الإحساس الجبروت و الكبرياء و العظمة و القدس و الرحمة و العلم، و ليس وراء هذا مقال، فقد طمع الحائر في غير مطمع، أما إن في صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم، فيخرجون أقواما من دين الله، و ستصبغ الأرض بدماء فراخ من فراخ آل محمد (صلى الله عليه و آله)، تنهض تلك الفراخ في غير وقت و تطلب غير مدرك، و يرابط الذين آمنوا، و يصبرون و يصابرون حتى يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين».

و روى المفيد هذا الحديث في (الاختصاص): إلى «و هو خير الحاكمين» عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أتى رجل إلى أبي» الحديث بعينه «3».

6479/ [5]- قال علي بن إبراهيم: قال أبو عبد الله (عليه السلام) أيضا: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا، قال: «نزلت فيمن يسوف الحج حتى مات و لم يحج «4»، فعمي عن فريضة من

فرائض الله».

6480/ [6]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن الحكم، عن المثنى بن الوليد الحناط، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا، قال: «في الرجعة».

6481/ [7]- العياشي: عن أبي بصير، قال: سألته عن قول الله: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا. فقال: «ذاك الذي يسوف الحج- يعني حجة الإسلام- يقول: العام أحج، العام أحج حتى يجيئه الموت».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 24.

6- مختصر بصائر الدرجات: 20.

7- تفسير العيّاشي 2: 305/ 127.

(1) في «س» و «ط»: و كسف.

(2) في «ط»: و لهدم.

(3) الاختصاص: 71.

(4) في المصدر زيادة: فهو أعمى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 560

عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، مثله «1».

6482/ [8]- عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «جاء رجل إلى أبي، فقال: ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت، و فيمن نزلت، فقال أبي (عليه السلام): فسله: فيمن نزلت: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا، و فيمن نزلت: وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ «2» و فيمن نزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا «3»؟

فأتاه الرجل، فغضب و قال: وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني به فأسأله، و لكن سله: مع العرش، و فيم خلق، و كم هو، و كيف هو؟

فانصرف الرجل إلى أبي، فقال ما قيل له، فقال أبي: و هل أجابك في الآيات؟ قال: لا.

قال: لكني أجيبك فيها بنور و علم غير المدعى و لا المنتحل، أما الأوليان فنزلتا فيه و في أبيه، و أما الاخرى فنزلت في أبيه «4» و فينا، و لم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد، و سيكون من نسلنا المرابط، و من نسله المرابط».

6483/ [9]- عن كليب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سأله أبو بصير و أنا أسمع، فقال له: رجل له مائة ألف، فقال: العام أحج، العام أحج فأدركه الموت و لم يحج حجة الإسلام؟

فقال: «يا أبا بصير، أو ما سمعت قول الله: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا عمي عن فريضة من فرائض الله».

6484/ [10]- عن علي بن الحلبي، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا، فقال: «في الرجعة».

سورة الإسراء(17): الآيات 73 الي 76 ..... ص : 560

قوله تعالى:

وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَ إِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا- إلى قوله تعالى- إِلَّا قَلِيلًا [73- 76] 6485/ [1]- محمد بن العباس بن علي بن مروان بن الماهيار، بالياء بعد الهاء و الراء أخيرا، أبو عبد الله البزاز،

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 305/ 129.

9- تفسير العيّاشي 2: 306/ 130.

10- تفسير العيّاشي 2: 306/ 131.

1- تأويل الآيات 1: 284/ 20.

(1) تفسير العيّاشي 2: 305/ 128.

(2) هود 11: 34.

(3) آل عمران 3: 200. [.....]

(4) في «ط» نسخة بدل: أبي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 561

بالزاي بعد الألف و قبلها، المعروف با بن الجحام، بالجيم المضمومة و الحاء المهملة بعدها،

ثقة ثقة «1» في أصحابنا، عين سديد، كثير الحديث، له كتاب (ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام) قال جماعة من أصحابنا «2»: إنه كتاب لم يصنف مثله في معناه، و قيل: إنه ألف ورقة «3»، [

روى المشار إليه (رحمه الله)] عن أحمد بن القاسم (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي، عن ابن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ في علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

6486/ [2]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (صلوات الله عليهما)، قال: «كان القوم قد أرادوا النبي (صلى الله عليه و آله) [ليريبوا] رأيه في علي (عليه السلام) و ليمسك عنه بعض الإمساك حتى أن بعض نسائه ألححن عليه في ذلك، فكاد يركن إليهم بعض الركون، فأنزل الله عز و جل: وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ في علي لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَ إِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا».

قال محمد بن العباس «4»: رسول الله (صلى الله عليه و آله) معصوم، و لكن هذا تخويف لامته لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين.

6487/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ قال: يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ إِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا أي صديقا لو أقمت غيره. ثم قال: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا

إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ من يوم الموت إلى أن تقوم الساعة. ثم قال: وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ يعني أهل مكة وَ إِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا حتى قتلوا ببدر.

6488/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، مما سأله المأمون، فقال له: أخبرني عن قول الله عز و جل: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ «5».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 284/ 21.

3- تفسير القمّي 2: 24.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 202/ 1.

(1) في «ط»: ثقة، عين.

(2) في «س»: قال أحمد بن المسيّب.

(3) في المصدر زيادة: و قال الحسن بن داود (رحمه اللّه)، في كتابه، [الرجال: 175/ 1415] عن اسمه و نسبه مثل ما ذكر أولا، ثمّ قال: إنّه ثقة ثقة عين كثير الحديث سديده. هذا كتابه المذكور لم أقف عليه كلّه بل نصفه، من هذه الآية إلى آخر القرآن.

(4) في المصدر: قال ابن عباس (رضي اللّه عنه).

(5) التوبة 9: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 562

قال الرضا (عليه السلام): «هذا مما نزل بإياك أعني و اسمعي يا جارة خاطب الله عز و جل بذلك نبيه (صلى الله عليه و آله) و أراد به أمته، و كذلك قوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «1» و قوله تعالى: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا». قال: صدقت، يا بن رسول الله.

6489/ [5]- العياشي: عن أبي يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سألته عن

قول الله: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا.

قال: «لما كان يوم الفتح أخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصناما من المسجد، و كان منها صنم على المروة، فطلبت إليه قريش أن يتركه، و كان مستحيا فهم بتركه ثم أمر بكسره، فنزلت هذه الآية».

6490/ [6]- عن عبد الله بن عثمان البجلي، عن رجل: أن النبي (صلى الله عليه و آله) اجتمع عنده رؤساؤهم «2» فتكلموا في علي (عليه السلام)، و كان من النبي (صلى الله عليه و آله) أن يلين لهم «3» في بعض القول، فأنزل الله لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً ثم لا تجد بعدك مثل علي (عليه السلام) وليا.

سورة الإسراء(17): آية 77 ..... ص : 562

قوله تعالى:

سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا [77]

6491/ [1]- العياشي: عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن الله قضى الاختلاف على خلقه، و كان أمرا قد قضاه في علمه كما قضى على الأمم من قبلكم، و هي السنن و الأمثال تجري على الناس، فجرت علينا كما جرت على الأمم من قبلنا، و قول الله حق، قال الله تبارك و تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله): سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا «4»، و قال: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا، و قال: فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ «5» و قال: لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ «6».

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 306/

132.

6- تفسير العيّاشي 2: 306/ 133.

1- تفسير العيّاشي 2: 306/ 134.

(1) الزمر 39: 65.

(2) في «ط» نسخة بدل: اجتمعا عنده و ابنتيهما. [.....]

(3) في «س» و المصدر: لهما.

(4) فاطر 35: 43.

(5) يونس 10: 102.

(6) الروم 30: 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 563

و قد قضى الله على موسى (عليه السلام) و هو مع قومه يريهم الآيات و العبر «1»، ثم مروا على قوم يعبدون أصناما قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ «2» و استخلف موسى هارون (عليهما السلام) فنصبوا عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى «3» و تركوا هارون، فقال: يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ أَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى «4» فضرب لكم أمثالهم، و بين لكم كيف صنع بهم».

و قال: «إن نبي الله (صلى الله عليه و آله) لم يقبض حتى أعلم الناس أمر علي (عليه السلام)، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. و قال: إنه مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. و كان صاحب راية رسول الله (صلى الله عليه و آله) في المواطن كلها، و كان معه في المسجد يدخله على كل حال، و كان أول الناس إيمانا به، فلما قبض نبي الله (صلى الله عليه و آله) كان الذي كان، لما قد قضي من الاختلاف، و عمد عمر فبايع أبا بكر و لم يدفن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد، فلما رأى ذلك علي (عليه السلام)، و رأى الناس قد بايعوا أبا بكر خشي أن يفتتن الناس ففرغ إلى كتاب الله و

أخذ بجمعه في مصحف، فأرسل أبو بكر إليه أن تعال فبايع، فقال علي (عليه السلام): لا أخرج حتى أجمع القرآن فأرسل إليه مرة اخرى، فقال: لا أخرج حتى أفرغ، فأرسل إليه الثالثة عمر رجلا يقال له «5»: قنفذ، فقامت فاطمة بنت رسول الله (صلوات الله عليهما) تحول بينه و بين علي (عليه السلام) فضربها، فانطلق قنفذ و ليس معه علي (عليه السلام)، فخشي أن يجمع علي (عليه السلام) الناس، فأمر بحطب فجعل الحطب حوالي «6» بيته، ثم انطلق عمر بنار، فأراد أن يحرق على علي (عليه السلام) بيته و على فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم)، فلما رأى علي (عليه السلام) ذلك خرج فبايع كارها غير طائع».

6492/ [2]- عن أبي العباس: عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا.

قال: «هي سنة محمد (صلى الله عليه و آله) و من كان قبله من الرسل، و هو الإسلام».

سورة الإسراء(17): آية 78 ..... ص : 563

قوله تعالى:

أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [78]

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 308/ 135.

(1) في «ط»: و المثل، و في المصدر: و النذر.

(2) الأعراف 7: 138.

(3) طه 20: 88.

(4) طه 20: 90- 91.

(5) في المصدر: ابن عمّ له يقال.

(6) في المصدر: الحطب على باب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 564

6493/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عما فرض الله عز

و جل من الصلاة. فقال: «خمس صلوات في الليل و النهار».

فقلت: فهل سماهن الله و بينهن في كتابه؟ قال: «نعم، قال الله تبارك و تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله) أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ و دلوكها: زوالها، ففيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات، سماهن الله و بينهن و وقتهن، و غسق الليل هو انتصافه، ثم قال تبارك و تعالى: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (العلل) قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد و عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله السجستاني، عن زرارة بن أعين، قال: سئل أبو جعفر، (عليه السلام) و ذكر الحديث «1».

و رواه أيضا في (الفقيه): بإسناده عن زرارة، قال: قيل لأبي جعفر (عليه السلام)، و ذكر الحديث «2».

6494/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يزيد بن خليفة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذن لا يكذب علينا».

قلت: ذكر أنك قلت: «إن أول صلاة افترضها الله على نبيه (صلى الله عليه و آله) الظهر، و هو قول الله عز و جل: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ فإذا زالت الشمس لا يمنعك إلا سبحتك، ثم لا تزال في وقت إلى أن يصير الظل قامة، و هو آخر الوقت، فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر، فلم تزل في وقت العصر حتى يصير الظل قامتين، و

ذلك المساء».

فقال: «صدق».

6495/ [3]- و عنه: بإسناده عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن سعيد بن المسيب، قال: سألت علي بن الحسين (عليه السلام): ابن كم كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم أسلم؟

فقال: «أو كان كافرا قط، إنما كان لعلي (عليه السلام) يوم بعث الله عز و جل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عشر سنين،

__________________________________________________

1- الكافي 3: 271/ 1.

2- الكافي 3: 275/ 1.

3- الكافي 8: 338/ 536. [.....]

(1) علل الشرائع: 354/ 1.

(2) من لا يحضره الفقيه 1: 124/ 600.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 565

و لم يكن يومئذ كافرا، و لقد آمن بالله تبارك و تعالى و برسوله (صلى الله عليه و آله)، و سبق الناس كلهم إلى الإيمان بالله و برسوله (صلى الله عليه و آله)، و إلى الصلاة بثلاث سنين.

و كانت أول صلاة صلاها مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) الظهر ركعتين، و كذلك فرضها الله تبارك و تعالى على من أسلم بمكة ركعتين ركعتين و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصليها بمكة ركعتين، و يصليها علي (عليه السلام) معه بمكة ركعتين، مدة عشر سنين، حتى هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة، و خلف عليا (عليه السلام) في امور لم يكن يقوم بها «1» أحد غيره.

و كان خروج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من مكة «2» في أول يوم من ربيع الأول، و ذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث، و قدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول مع زوال الشمس، فنزل بقبا «3» فصلى الظهر ركعتين و العصر

ركعتين، ثم لم يزل مقيما ينتظر عليا (عليه السلام) يصلي الخمس صلوات ركعتين ركعتين، و كان نازلا على بني عمرو بن عوف، فأقام عندهم بضعة عشر يوما، يقولون له: أ تقيم عندنا فنتخذ لك منزلا و مسجدا؟ فيقول: لا، إني أنتظر قدوم علي بن أبي طالب، و قد أمرته أن يلحقني، و ما أنا بمقيم حتى يلحقني، و لست مستوطنا منزلا حتى يقدم علي، و ما أسرعه! إن شاء الله، فقدم علي (عليه السلام)، و النبي (صلى الله عليه و آله) في بيت عمرو بن عوف، فنزل معه، ثم إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما قدم عليه علي (عليه السلام) تحول من قبال إلى بني سالم بن عوف، و علي (عليه السلام) معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس، فخط لهم مسجدا، و نصب قبلته، فصلى بهم فيه الجمعة ركعتين، و خطب خطبتين.

ثم راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها، و علي (عليه السلام) معه لا يفارقه، يمشي بمشيه، و ليس يمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ببطن من بطون الأنصار إلا قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم، فيقول لهم: خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة فانطلقت به و رسول الله (صلى الله عليه و آله) واضع لها زمامها حتى انتهت إلى الموضع الذي ترى- و أشار بيده إلى باب مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) الذي يصلى عنده بالجنائز- فوقفت عنده و بركت، و وضعت جرانها «4» على الأرض، فنزل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أقبل أبو أيوب مبادرا حتى احتمل رحله فأدخله منزله، و دخل «5» رسول الله (صلى الله عليه

و آله) و علي (عليه السلام) معه حتى بني له مسجده، و بنيت له مساكنه و منزل علي (عليه السلام)، فتحولا إلى منازلهما». فقال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين (عليه السلام): جعلت فداك، كان أبو بكر مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أقبل إلى المدينة، فأين فارقه؟

__________________________________________________

(1) في «ط»: يقدر لها.

(2) في «ط»: يوم خرج مهاجرا.

(3) قبا، بالضم: قرية قرب المدينة، و أصله اسم بئر عرفت القرية بها، و هي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار، تقع على ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكّة، و فيها مسجد التقوى. «مراصد الاطلاع 3: 1061».

(4) جران البعير: مقدّم عنقه من مذبحه إلى منحره. «الصحاح- جرن- 5: 2091».

(5) في المصدر: و نزل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 566

فقال: «إن أبا بكر لما قدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى قبا فنزل بهم ينتظر قدوم علي (عليه السلام)، فقال له أبو بكر: انهض بنا إلى المدينة فإن القوم قد فرحوا بقدومك، و هم ينتظرون إقبالك إليهم، فانطلق بنا و لا تقم هاهنا تنتظر قدوم علي، فما أظنه يقدم عليك إلى شهر. فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): كلا، ما أسرعه! و لست أريم حتى يقدم ابن عمي و أخي في الله عز و جل، و أحب أهل بيتي إلي، فقد وقاني بنفسه من المشركين».

قال: «فغضب عند ذلك أبو بكر و اشمأز، و داخله من ذلك حسد لعلي (عليه السلام)، و كان ذلك أول عداوة بدت منه لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام) «1»، و أول خلاف على رسول الله (صلى الله عليه و

آله)، فانطلق حتى دخل المدينة، و تخلف رسول الله (صلى الله عليه و آله) بقبا ينتظر قدوم علي (عليه السلام)».

قال: فقلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): متى زوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاطمة من علي (عليه السلام)؟

فقال: «في المدينة بعد الهجرة بسنة، و كان لها يومئذ تسع سنين».

قال علي بن الحسين (عليه السلام): «و لم يولد لرسول الله (صلى الله عليه و آله) من خديجة على فطرة الإسلام إلا فاطمة (عليها السلام)، و قد كانت خديجة ماتت قبل الهجرة بسنة، و مات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة، فلما فقدهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئم المقام بمكة، و دخله حزن شديد، و أشفق على نفسه من كفار قريش، فشكا إلى جبرئيل (عليه السلام) ذلك، فأوحى الله عز و جل إليه: اخرج من القرية الظالم أهلها، و هاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكة ناصر، و انصب للمشركين حربا، فعند ذلك توجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة».

فقلت له فمتى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هو «2» عليه اليوم؟

فقال: «بالمدينة حين ظهرت الدعوة و قوي الإسلام، و كتب الله عز و جل على المسلمين الجهاد، زاد رسول الله (صلى الله عليه و آله) سبع ركعات: في الظهر ركعتين، و في العصر ركعتين، و في المغرب ركعة، و في العشاء الآخرة ركعتين، و أقر الفجر على ما فرضت لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء، و لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء، و كان ملائكة الليل و ملائكة النهار يشهدون مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلاة الفجر، فلذلك قال الله عز و جل: وَ قُرْآنَ

الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً يشهده المسلمون، و تشهده ملائكة النهار و ملائكة الليل».

ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، قال: حدثنا هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن سعيد بن المسيب، قال: سألت علي بن الحسين (عليه السلام)، فقلت له: متى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هو اليوم عليه؟

قال: فقال: «بالمدينة، حين ظهرت الدعوة و قوى الإسلام» الحديث إلى آخر ما تقدم في آخر الحديث السابق «3».

__________________________________________________

(1) في «ط»: و عليّ.

(2) في المصدر: هم.

(3) علل الشرائع: 324/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 567

6496/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الضحاك بن يزيد، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ.

قال: «إن الله تعالى افترض أربع صلوات: أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل، منها صلاتان، أول وقتهما عند «1» زوال الشمس إلى غروب الشمس».

6497/ [5]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الرحمن بن سالم، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر؟

قال: «مع طلوع الفجر، إن الله تعالى يقول: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً يعني صلاة «2» الفجر، تشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار، فإذا صلى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين تثبته ملائكة الليل، و ملائكة النهار».

و رواه ابن بابويه في (العلل): قال: حدثنا أبي،

قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، و ساق الحديث إلى آخره بالسند و المتن «3».

و رواه الكليني: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، و ساق الحديث بعينه «4».

6498/ [6]- الشيخ في (مجالسه): بإسناده عن رزيق، قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) يصلي الغداة بغلس «5» عند طلوع الفجر الصادق، أول ما يبدوا قبل أن يستعرض، و كان يقول: «وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً إن ملائكة الليل تصعد و ملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر، فأنا أحب أن تشهد ملائكة الليل و ملائكة النهار صلاتي».

قال: و كان يصلي المغرب عند سقوط القرص قبل أن تظهر النجوم.

6499/ [7]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) «6» قال: سألته عما فرض الله من الصلوات؟ قال:

__________________________________________________

4- التهذيب 2: 25/ 72.

5- التهذيب 2: 37/ 116.

6- الأمالي 2: 306.

7- تفسير العيّاشي 2: 308/ 136. [.....]

(1) في المصدر: من عند.

(2) في «ط»: يعني قرآن.

(3) علل الشرائع: 336/ 1.

(4) الكافي 3: 282/ 2.

(5) الغلس: ظلمة آخر الليل. «الصحاح- غلس- 3: 956».

(6) في «ط»: عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 568

«خمس صلوات في الليل و النهار».

قلت: سماهن الله، و بينهن في كتابه لنبيه (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «نعم، قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ و دلوكها: زوالها، فيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات، سماهن و بينهن و وقتهن، و غسق الليل: انتصافه، و قال: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ

قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً هذه الخامسة».

6500/ [8]- عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ.

قال: «دلوك الشمس: زوالها عند كبد السماء، إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ إلى انتصاف الليل، فرض الله فيما بينهما أربع صلوات: الظهر، و العصر، و المغرب، و العشاء وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ يعني القراءة إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً- قال- يجتمع في صلاة الغداة حرس الليل و النهار من الملائكة- قال- و إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، ليس نفل «1» إلا السبحة «2» التي جرت بها السنة أمامها». وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ قال: «ركعتا الفجر، وضعهن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و وقتهن للناس».

6501/ [9]- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ قال: «زوالها إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ إلى نصف الليل، و ذلك أربع صلوات، وضعهن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و وقتهن للناس وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ صلاة الغداة».

6502/ [10]- عن محمد الحلبي، عن أحدهما (عليهما السلام): «و غسق الليل نصفها بل زوالها، و أفرد الغداة، و قال: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فركعتا الفجر يحضرهما ملائكة الليل و ملائكة النهار».

6503/ [11]- عن سعيد الأعرج، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و هو مغضب و عنده نفر من أصحابنا، و هو يقول: «تصلون قبل أن تزول الشمس؟» قال: و هم سكوت، قال: فقلت: أصلحك الله، ما نصلي حتى يؤذن مؤذن مكة، قال: «فلا بأس، أما أنه إذا أذن فقد زالت الشمس». ثم قال: «إن الله يقول: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ فقد دخلت أربع صلوات

فيما بين هذين الوقتين، و أفرد صلاة الفجر، قال: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فمن صلى قبل أن تزول الشمس فلا صلاة له».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 2: 308/ 137.

9- تفسير العيّاشي 2: 309/ 138.

10- تفسير العيّاشي 2: 309/ 139.

11- تفسير العيّاشي 2: 309/ 140.

(1) في المصدر: يعمل.

(2) السبحة: النافلة. «مجمع البحرين- سبح- 2: 370».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 569

6504/ [12]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) عن قول الله:

أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ.

قال: «جمعت الصلوات كلهن، و دلوك الشمس: زوالها، و غسق الليل: انتصافه». و قال: «إنه ينادي مناد من السماء كل ليلة إذا انتصف الليل: من رقد عن صلاة العشاء إلى هذه الساعة فلا نامت عيناه وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ قال:

«صلاة الصبح». و أما قوله: كانَ مَشْهُوداً قال: «تحضره ملائكة الليل و ملائكة النهار».

6505/ [13]- عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: قلت له: متى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هم اليوم عليه؟

قال: «بالمدينة، حين ظهرت الدعوة و قوي الإسلام، و كتب الله على المسلمين الجهاد، زاد في الصلوات رسول الله (صلى الله عليه و آله) سبع ركعات: في الظهر ركعتين، و في العصر ركعتين، و في المغرب ركعة، و في العشاء ركعتين، و أقر الفجر على ما فرضت عليه بمكة لتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض، و تعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء، فكان ملائكة الليل و ملائكة النهار يشهدون مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) الفجر، فلذلك قال الله:

وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً يشهده المسلمون و يشهده

ملائكة الليل و ملائكة النهار».

6506/ [14]- عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ.

قال: «إن الله افترض أربع صلوات، أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل، منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروبها، إلا أن هذه قبل هذه، و منها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل، إلا أن هذه قبل هذه».

6507/ [15]- عن أبي هاشم الخادم، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: «ما بين غروب الشمس إلى سقوط القرص غسق».

سورة الإسراء(17): آية 79 ..... ص : 569

قوله تعالى:

وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [79]

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 309/ 141.

13- تفسير العيّاشي 2: 309/ 142. [.....]

14- تفسير العيّاشي 2: 310/ 143.

15- تفسير العيّاشي 2: 310/ 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 570

6508/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: صلاة الليل، و قال: سبب النور في القيامة الصلاة في جوف الليل.

6509/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عثمان بن عبد الملك، عن أبي بكر، قال:

قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «أ تدري لأي شي ء وضع التطوع؟» قلت: لا أدري، جعلت فداك. قال: «إنه تطوع لكم، و نافلة للأنبياء، أو تدري لم وضع التطوع؟». [قلت: لا أدري جعلت فداك. قال:] «لأنه إن كان في الفريضة نقص صبت «1» النافلة على الفريضة حتى تتم، إن الله عز و جل يقول لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ».

6510/

[3]- الشيخ في (أماليه): قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثنا يحيى بن علي بن عبد الجبار السدوسي بالسيرجان «2»، قال: حدثني عمي محمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن عبد الرحمن بن أذينة العبدي، عن أبيه و أبان مولاهم، عن أنس بن مالك، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما مقبلا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو يتلو هذه الآية وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً فقال: «يا علي، إن ربي عز و جل ملكني الشفاعة في أهل التوحيد من امتي، و حظر ذلك على من ناصبك أو ناصب ولدك من بعدك».

6511/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن ابن فضال، عن مروان، عن عمار الساباطي، قال: كنا جلوسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) بمنى، فقال له رجل:

ما تقول في النوافل؟ فقال: «فريضة» قال: ففزعنا و فزع الرجل، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنما أعني صلاة الليل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إن الله يقول: وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ».

6512/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن شفاعة النبي (صلى الله عليه و آله) يوم القيامة.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 25.

2- علل الشرائع 2: 327/ 1.

3- الأمالي 2: 70.

4- التهذيب 2: 242/ 959.

5- تفسير القمّي 2: 25.

(1) في المصدر: نقصان قضيت، و في «ط»: فصبّ.

(2) في «ط»: جرجان،

و سيرجان: مدينة بين كرمان و فارس. «معجم البلدان 3: 295».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 571

فقال: «يلجم الناس يوم القيامة العرق «1»، فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم ليشفع لنا عند ربنا فيأتون آدم (عليه السلام)، فيقولون: يا آدم اشفع لنا عند ربك فيقول: إن لي ذنبا و خطيئة فعليكم بنوح، فعليكم بنوح، فيأتون نوحا (عليه السلام) فيردهم إلى من يليه، فيردهم كل نبي إلى من يليه حتى ينتهوا إلى عيسى (عليه السلام)، فيقول: عليكم بمحمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيعرضون أنفسهم عليه و يسألونه، فيقول: انطلقوا فينطلق بهم إلى باب الجنة، و يستقبل باب الرحمة «2»، و يخر ساجدا، فيمكث ما شاء الله، فيقول الله: أرفع رأسك، و اشفع تشفع، و اسأل تعط و ذلك قوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً».

6513/ [6]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية و هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في أبي، و امي «3»، و أخ كان لي في الجاهلية».

6514/ [7]- الشيخ في (أماليه): عن الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، قال: حدثني الإمام علي بن محمد، بإسناده عن الباقر، عن جابر، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «سمعت النبي (صلى الله عليه و آله) يقول: إذا حشر الناس يوم القيامة ناداني مناد: يا رسول الله، إن الله جل اسمه قد أمكنك من مجازاة محبيك و محبي أهل بيتك، الموالين لهم فيك و المعادين لهم فيك، فكافهم بما شئت فأقول: يا رب، الجنة فأنادي: بوئهم منها حيث شئت

فذلك المقام المحمود الذي وعدت به».

6515/ [8]- ابن بابويه، بإسناده عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): «يا علي، شيعتك «4» هم الفائزون يوم القيامة، فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك، و من أهانك فقد أهانني، و من أهانني أدخله الله تعالى نار جهنم خالدا فيها و بئس المصير.

يا علي، أنت مني، و أنا منك، روحك من روحي، و طينتك من طينتي، و شيعتك خلقوا من فضل طينتنا، فمن أحبهم فقد أحبنا، و من أبغضهم فقد أبغضنا، و من عاداهم فقد عادانا، و من ودهم فقد ودنا.

يا علي، إن شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب و عيوب. يا علي، أنا الشفيع لشيعتك غدا إذا قمت المقام المحمود فبشرهم بذلك.

يا علي، شيعتك شيعة الله، و أنصارك أنصار الله، و أولياؤك أولياء الله، و حزبك حزب الله. يا علي، سعد من

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 25.

7- الأمالي 1: 304.

8- أمالي الصدوق: 23/ 8.

(1) أي يصل إلى أفواهم، فيصير لهم بمنزلة اللّجام، يمنعهم عن الكلام. «النهاية 4: 234».

(2) في «ط» باب الرحمن. [.....]

(3) في المصدر زيادة: و عميّ.

(4) في «س» و «ط»: شيعتنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 572

تولاك و شقي من عاداك. يا علي، لك كنز في الجنة و أنت ذو قرنيها».

6516/ [9]- العياشي: عن خيثمة الجعفي، قال: كنت عند جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنا و مفضل بن عمر ليلا ليس عنده أحد غيرنا، فقال له مفضل الجعفي: جعلت فداك، حدثنا حديثا نسر به. قال: «نعم، إذا كان يوم القيامة حشر الله الخلائق في صعيد واحد حفاة عراة غرلا «1»».

قال: فقلت: جعلت فداك، ما الغرل؟ قال:

فقال: «كما خلقوا أول مرة، فيقفون حتى يلجمهم العرق، فيقولون:

ليت الله يحكم بيننا و لو إلى النار، يرون أن في النار راحة فيما هم فيه، ثم يأتون آدم (عليه السلام)، فيقولون: أنت أبونا و أنت نبي، فسل ربك يحكم بيننا و لو إلى النار، فيقول آدم: لست بصاحبكم، خلقني ربي بيده، و حملني على عرشه، و أسجد لي ملائكته، ثم أمرني فعصيت، و لكني أدلكم على ابني الصديق الذي مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم، كلما كذبوا اشتد تصديقه، نوح- قال- فيأتون نوحا (عليه السلام) فيقولون: سل ربك يحكم بيننا و لو إلى النار. قال: فيقول: لست بصاحبكم، إني قلت: إن ابني من أهلي و لكني أدلكم إلى من اتخذه الله خليلا في دار الدنيا، ائتوا إبراهيم- قال- فيأتون إبراهيم (عليه السلام) فيقول: لست بصاحبكم، إني قلت: إني سقيم و لكني أدلكم على من كلمه الله تكليما، موسى- قال- فيأتون موسى (عليه السلام) فيقولون له، فيقول لست: بصاحبكم، إني قتلت نفسا، و لكني أدلكم على من كان يخلق بإذن الله، و يبرئ الأكمه و الأبرص بإذن الله، عيسى فيأتونه، فيقول:

لست بصاحبكم، و لكني أدلكم على من بشرتكم به في دار الدنيا، أحمد».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما من نبي ولد من آدم إلى محمد (صلوات الله عليهم) إلا و هم تحت لواء محمد (صلى الله عليه و آله). قال: فيأتونه، ثم قال: فيقولون: يا محمد، سل ربك يحكم بيننا و لو إلى النار- قال- فيقول:

نعم، أنا صاحبكم فيأتي دار الرحمن و هي عدن، و إن بابها سعته «2» ما بين المشرق و المغرب، فيحرك حلقة من الحلق، فيقال: من هذا؟

و هو أعلم به، فيقول: أنا محمد فيقال: افتحوا له قال: فيفتح لي «3» قال: فإذا نظرت إلى ربي مجدته تمجيدا لم يمجده أحد كان قبلي، و لا يمجده أحد كان بعدي، ثم أخر ساجدا، فيقول: يا محمد، ارفع رأسك، و قل يسمع قولك، و اشفع تشفع، و سل تعط قال: فإذا رفعت رأسي و نظرت إلى ربي مجدته تمجيدا أفضل من الأول، ثم أخر ساجدا، فيقول: ارفع رأسك، و قل يسمع قولك، و اشفع تشفع، و سل تعط فإذا رفعت رأسي و نظرت إلى ربي «4» مجدته تمجيدا أفضل من الأول و الثاني، ثم أخر ساجدا، فيقول: ارفع رأسك، و قل يسمع قولك، و اشفع تشفع، و سل تعط فإذا رفعت رأسي أقول: رب احكم بين عبادك و لو إلى النار فيقول: نعم، يا محمد.

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 310/ 145.

(1) الغرل: جمع الأغرل، و هو الأقلف. «النهاية 3: 362».

(2) في المصدر زيادة: بعد.

(3) في «ط»: له.

(4) قال المجلسي في بحار الأنوار 8: 47: قوله (صلى اللّه عليه و آله): نظرت إلى ربّي، أي إلى عرشه، أو إلى كرامته، أو إلى نور من أنوار عظمته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 573

قال: ثم يؤتى بناقة من ياقوت أحمر، و زمامها زبرجد أخضر، حتى أركبها، ثم آتي المقام المحمود حتى أقف «1» عليه، و هو تل من مسك أذفر بحيال العرش ثم يدعى إبراهيم (عليه السلام) فيحمل على مثلها، فيجي ء حتى يقف عن يمين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم يرفع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يده فيضرب على كتف علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم قال: ثم تؤتى- و الله- بمثلها

فتحمل عليها، ثم تجي ء حتى تقف بيني و بين أبيك إبراهيم.

ثم يخرج مناد من عند الرحمن فيقول: يا معشر الخلائق، أليس العدل من ربكم أن يولي كل قوم ما كانوا يتولون في دار الدنيا؟ فيقولون: بلى، و أي شي ء عدل غيره؟ قال: فيقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا أن عيسى (عليه السلام) هو الله و ابن الله فيتبعونه إلى النار، و يقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا أن عزيرا ابن الله حتى يتبعونه إلى النار، فيقوم كل شيطان أضل فرقة فيتبعونه إلى النار حتى تبقى هذه الامة.

ثم يخرج مناد من عند الله فيقول: يا معشر الخلائق، أليس العدل من ربكم أن يولي كل فريق من كانوا يتولون في دار الدنيا؟ فيقولون: بلى، و أي شي ء عدل غيره؟ فيقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم شيطان ثالث فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم معاوية فيتبعه من كان يتولاه، و يقوم علي فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم يزيد بن معاوية فيتبعه من كان يتولاه، و يقوم الحسن فيتبعه من كان يتولاه، و يقوم الحسين فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم مروان بن الحكم و عبد الملك فيتبعهما من كان يتولاهما، ثم يقوم علي بن الحسين فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم الوليد بن عبد الملك، و يقوم محمد بن علي فيتبعهما من كان يتولاهما، ثم أقوم أنا فيتبعني من كان يتولاني، و كأني بكما معي، ثم يؤتى بنا فنجلس على عرش ربنا «2»، و يؤتى بالكتب فتوضع، فتشهد على عدونا، و نشفع لمن كان من شيعتنا مرهقا».

قال: قلت: جعلت فداك، فما المرهق؟

قال: «المذنب، فأما الذين اتقوا من شيعتنا فقد نجاهم الله بمفازتهم، لا يمسهم السوء و لا هم يحزنون».

قال: ثم جاءته جارية له، فقالت: إن فلان القرشي بالباب، فقال: «ائذنوا له» ثم قال لنا: «اسكتوا».

6517/ [10]- عن محمد بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو قد قمت المقام المحمود، شفعت لأبي و امي و عمي و أخ كان لي موافيا «3» في الجاهلية».

6518/ [11]- عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي، و قالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعلته للعاملين

__________________________________________________

10- تفسير العيّاشي 2: 313/ 146.

11- تفسير العيّاشي 2: 313/ 147.

(1) في المصدر: أقضي.

(2) في بحار الأنوار 8: 47: فيجلس على العرش ربّنا. و علّق عليها بقوله: الجلوس على العرش كناية عن ظهور الحكم و الأمر من عند العرش و خلق الكلام هناك.

(3) في «ط»: مواليا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 574

عليها، فنحن أولى به، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي و لا لكم، و لكني وعدت بالشفاعة- ثم قال: و الله، أشهد أنه قد وعدها- فما ظنكم- يا بني عبد المطلب- إذا أخذت بحلقة الباب، أ تروني مؤثرا عليكم غيركم؟

ثم قال: إن الجن و الإنس يجلسون يوم القيامة في صعيد واحد، فإذا طال بهم الموقف طلبوا الشفاعة، فيقولون: إلى من؟ فيأتون نوحا (عليه السلام) فيسألونه الشفاعة، فيقول: هيهات، قد رفعت حاجتي «1» فيقولون إلى من؟

فيقال: إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم (عليه السلام) فيسألونه

الشفاعة، فيقول: هيهات، قد رفعت حاجتي. فيقولون: إلى من؟ فيقال: ائتوا موسى فيأتونه فيسألونه الشفاعة، فيقول: هيهات، قد رفعت حاجتي. فيقولون: إلى من؟ فيقال:

ائتوا عيسى فيأتونه و يسألونه الشفاعة، فيقول: هيهات، قد رفعت حاجتي. فيقولون: إلى من؟ فيقال: ائتوا محمدا فيأتونه فيسألونه الشفاعة، فيقوم مدلا حتى يأتي باب الجنة، فيأخذ بحلقة الباب، ثم يقرعه، فيقال: من هذا؟

فيقول: أحمد. فيرحبون «2» و يفتحون الباب، فإذا نظر إلى الجنة خر ساجدا يمجد ربه و يعظمه، فيأتيه ملك، فيقول:

ارفع رأسك، و سل تعط، و اشفع تشفع فيقوم فيرفع رأسه، و يدخل من باب الجنة، فيخر ساجدا يمجد ربه و يعظمه، فيأتيه ملك، فيقول: ارفع رأسك، و سل تعط، و اشفع تشفع فيقوم، فيمشي في الجنة ساعة، ثم يخر ساجدا يمجد ربه و يعظمه، فيأتيه ملك، فيقول: ارفع رأسك، و سل تعط، و اشفع تشفع فيقوم، فما يسأل شيئا إلا أعطاه إياه».

6519/ [12]- عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال في قوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً، قال: «هي الشفاعة».

6520/ [13]- عن صفوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني استوهبت من ربي أربعة: آمنة بنت وهب، و عبد الله بن عبد المطلب، و أبا طالب، و رجلا جرت بيني و بينه أخوة، فطلب إلي أن أطلب إلى ربي أن يهبه لي».

6521/ [14]- عن عبيد بن زرارة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن المؤمن، هل له شفاعة؟ قال: «نعم».

فقال له رجل من القوم: هل يحتاج المؤمن إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه و آله) يومئذ؟ قال: «نعم، للمؤمنين خطايا و ذنوب، و ما من أحد إلا

و يحتاج إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه و آله) يومئذ».

قال: و سأله رجل عن قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنا سيد ولد آدم و لا فخر». قال: «نعم، يأخذ حلقة باب

__________________________________________________

12- تفسير العيّاشي 2: 314/ 148.

13- تفسير العيّاشي 2: 314/ 149. [.....]

14- تفسير العيّاشي 2: 314/ 150.

(1) قال المجلسي في البحار 8: 48:

قوله (عليه السّلام) قد رفعت حاجتي،

أي إلى غيري، و الحاصل أنّي أيضا استشفع من غيري، فلا أستطيع شفاعتكم، و يمكن أن يقرأ على بناء المفعول، كناية عن رفع الرجاء، أي رفع عنّي طلب الحاجة لما صدر منّي من ترك الأولى.

(2) في «ط»: فيجيئون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 575

الجنة فيفتحها، فيخر ساجدا، فيقول الله: ارفع رأسك، اشفع تشفع، اطلب تعط، فيرفع رأسه، ثم يخر ساجدا، فيقول الله: ارفع رأسك، اشفع تشفع، و اطلب تعط ثم يرفع رأسه، فيشفع فيشفع، و يطلب فيعطى».

6522/ [15]- عن سماعة بن مهران، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) في قول الله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.

قال: «يقوم الناس يوم القيامة مقدار أربعين يوما «1»، و تؤمر الشمس فتركب على رؤوس العباد، و يلجمهم العرق، و تؤمر الأرض فلا تقبل من عرقهم شيئا، فيأتون آدم (عليه السلام) فيتشفعون منه، فيدلهم على نوح (عليه السلام)، و يدلهم نوح على إبراهيم، و يدلهم إبراهيم (عليه السلام) على موسى، و يدلهم موسى (عليه السلام) على عيسى (عليه السلام)، و يدلهم عيسى على محمد (صلى الله عليه و آله) فيقول: عليكم بمحمد خاتم النبيين فيقول محمد (صلى الله عليه و آله): أنا لها فينطلق حتى يأتي باب الجنة فيدق، فيقال له: من هذا؟- و الله أعلم- فيقول: محمد. فيقال:

افتحوا له، فإذا فتح الباب استقبل ربه فخر ساجدا، فلا يرفع رأسه حتى يقال له: تكلم، و سل تعط، و اشفع تشفع فيرفع رأسه فيستقبل ربه فيخر ساجدا، فيقال له مثلها، فيرفع رأسه حتى أنه ليشفع لمن قد احرق بالنار، فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد (صلى الله عليه و آله)، و هو قول الله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.

سورة الإسراء(17): آية 80 ..... ص : 575

قوله تعالى:

وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً [80] 6523/ [1]- علي بن إبراهيم: فإنها نزلت يوم فتح مكة لما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله) دخولها: أنزل الله:

وَ قُلْ يا محمد رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ الآية. قال: قوله: سُلْطاناً نَصِيراً أي: معينا.

6524/ [2]- العياشي: عن أبي الجارود، عن زيد بن علي (عليه السلام)، في قول الله وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً قال: السيف.

6525/ [3]- ابن شهر آشوب: من كتاب أبي بكر الشيرازي، قال ابن عباس: وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ

__________________________________________________

15- تفسير العياشي 2: 315/ 151.

1- تفسير القمي 2: 26.

2- تفسير العياشي 2: 315/ 152.

3- المناقب 2: 67، شواهد التنزيل 1: 348/ 479.

(1) في المصدر: عاما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 576

يعني مكة. وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً قال: لقد استجاب الله لنبيه (صلى الله عليه و آله) دعاءه، فأعطاه علي بن أبي طالب (عليه السلام) سلطانا ينصره على أعدائه.

سورة الإسراء(17): آية 81 ..... ص : 576

قوله تعالى:

وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً [81]

6526/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً، قال: «إذا قام القائم أذهب «1» دولة الباطل».

6527/ [2]- شرف الدين النجفي، قال: ذكر الشيخ الطوسي (رحمه الله) «2» حديثا، بإسناده عن رجاله، عن نعيم بن حكيم، عن أبي مريم الثقفي، عن

أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «انطلق بي رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى أتى بي إلى الكعبة، فقال لي: اجلس فجلست إلى جنب الكعبة فصعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) على منكبي، ثم قال لي:

انهض فنهضت، فلما رأى مني ضعفا قال: اجلس فنزل «3»، ثم قال لي: يا علي اصعد على منكبي فصعدت على منكبه، ثم نهض بي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خيل لي أن لو شئت لنلت أفق السماء، فصعدت فوق الكعبة و تنحى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال لي: ألق صنمهم الأكبر «4»، و كان من نحاس موتدا بأوتاد حديد إلى الأرض. فقال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): عالجه فعالجته و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه، فقال لي: اقذفه فقذفته فتكسر، فنزلت من فوق الكعبة، و انطلقت أنا و رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و خشينا أن يرانا أحد من قريش و غيرهم».

6528/ [3]- ابن بابويه: حدثنا أبو علي أحمد بن يحيى المكتب، قال حدثنا أحمد بن محمد الوراق، قال:

حدثنا بشر بن سعيد بن قيلويه المعدل بالرافقة، قال: حدثنا عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني، قال: سمعت محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول: سألت جعفر بن محمد (عليه السلام)، فقلت له: يا بن رسول الله، في نفسي مسألة أريد أن أسألك عنها؟ فقال: إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني، و إن شئت قل؟»

__________________________________________________

1- الكافي 8: 287/ 432.

2- تأويل الآيات 1: 286/ 26.

3- علل الشرائع: 173/ 1.

(1)

في المصدر: ذهبت.

(2) في المصدر زيادة: في معنى تأويله.

(3) في المصدر زيادة: و جلس. [.....]

(4) في المصدر زيادة: صنم قريش.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 577

قال: قلت له: يا بن رسول الله، و بأي شي ء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي؟ فقال: «بالتوسم و التفرس، أما سمعت قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ «1» و قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله؟».

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فأخبرني بمسألتي؟ قال: «أردت أن تسألني عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): لم لم يطق حمله علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند حط الأصنام عن سطح الكعبة مع قوته و شدته، و ما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر، و الرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا، و كان لا يطيق حمله أربعون رجلا، و قد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يركب الناقة و الفرس و الحمار، و ركب البراق ليلة المعراج، و كل ذلك دون علي (عليه السلام) في القوة و الشدة».

قال: فقلت له: عن هذا و الله أردت أن أسألك- يا بن رسول الله- فأخبرني. قال: «نعم، إن عليا (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله) تشرف، و به ارتفع، و به وصل إلى أن أطفأ نار الشرك، و أبطل كل معبود من دون الله عز و جل، و لو علاه النبي (صلى الله عليه و آله) لحط الأصنام لكان (عليه السلام) بعلي مرتفعا و متشرفا و واصلا إلى حط الأصنام، و لو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه، ألا ترى أن عليا (عليه السلام)

قال: لما علوت ظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) شرفت و ارتفعت حتى لو شئت أن أنال السماء لنلتها؟ أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدى به في الظلمة، و انبعاث فرعه من أصله؟ و قد قال علي (عليه السلام): أنا من أحمد (صلى الله عليه و آله) كالضوء من الضوء، أما علمت أن محمدا و عليا (صلوات الله عليهما) كانا نورا بين يدي الله عز و جل قبل خلق الخلق بألفي عام؟ و أن الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعب منه شعاع لامع، فقالوا: إلهنا و سيدنا، ما هذا النور؟ فأوحى الله تبارك و تعالى إليهم: هذا نور من نوري، أصله نبوة و فرعه إمامة، أما النبوة فلمحمد عبدي و رسولي، و أما الإمامة فلعلي حجتي و وليي، و لولاهما ما خلقت خلقي، أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) رفع يد علي (عليه السلام) بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما، فجعله مولى المسلمين و إمامهم، و قد أحتمل الحسن و الحسين (عليهما السلام) بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما، فجعله مولى المسلمين و إمامهم، و قد أحتمل الحسن و الحسين (عليهما السلام) يوم حظيرة بني النجار، فلما قال له بعض أصحابه: ناولني أحدهما، يا رسول الله (صلى الله عليه و آله). قال: نعم الراكبان، و أبوهما خير منهما، و أنه (صلى الله عليه و آله) كان يصلي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته، فلما سلم قيل له: يا رسول الله لقد أطلت هذه السجدة؟ فقال: إن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعاجله حتى ينزل و إنما أراد بذلك (صلى الله عليه و

آله) رفعهم و تشريفهم، فالنبي (صلى الله عليه و آله) إمام و نبي، و علي (عليه السلام) إمام ليس بنبي و لا رسول، فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوة.

قال: محمد بن حرب الهلالي: فقلت له زدني، يا بن رسول الله. فقال: «انك لأهل للزيادة، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حمل عليا (عليه السلام) على ظهره، يريد بذلك أنه أبو ولده، و إمام الأئمة من صلبه، كما حول رداءه في صلاة الاستسقاء، و أراد أن يعلم أن يعلم أصحابه بذلك أنه قد تحول الجدب خصبا».

__________________________________________________

(1) الحجر 15: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 578

قال: قلت له: زدني، يا بن رسول الله. فقال: «حمل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) يريد بذلك أن يعلم قومه أنه هو الذي يخفف عن ظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما عليه من الدين و العدات، و الأداء عنه من بعده».

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، زدني. فقال: «احتمله ليعلم بذلك أنه قد احتمله، و ما حمل إلا لأنه «1» معصوم لا يحمل وزرا فتكون أفعاله عند الناس حكمة و صوابا، و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): يا علي إن الله تبارك و تعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي، و ذلك قوله عز و جل: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ «2»، و لما أنزل الله عز و جل عليه: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ «3» قال النبي (صلى الله عليه و آله): أيها الناس عليكم أنفسكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم «4»، و علي نفسي و أخي، أطيعوا عليا فإنه مطهر

معصوم لا يضل و لا يشقى ثم تلا هذه الآية قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ «5»».

قال محمد بن حرب الهلالي: ثم قال جعفر بن محمد (عليه السلام): «أيها الأمير، لو أخبرتك بما في حمل النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) عند حط الأصنام عن سطح الكعبة من المعاني التي أرادها به لقلت: إن جعفر بن محمد لمجنون، فحسبك من ذلك ما قد سمعت». فقمت إليه، و قبلت رأسه، و قلت له: الله أعلم حيث يجعل رسالته.

6529/ [4]- ابن شهر آشوب: ذكر أبو بكر الشيرازي في (نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام)): عن قتادة، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال لي جابر بن عبد الله: دخلنا مع النبي (صلى الله عليه و آله) مكة، و في البيت و حوله ثلاثمائة و ستون صنما، فأمر بها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فألقيت كلها على وجوهها، و كان على البيت صنم طويل يقال له هبل فنظر النبي (صلى الله عليه و آله) إلى علي (صلى الله عليه و آله)، و قال له: «يا علي، تركب علي أو أركب عليك لا لقي هبل عن ظهر الكعبة؟ قال (عليه السلام): «يا رسول الله، بل تركبني».

قال (عليه السلام): «فلما جلس على ظهري لم أستطع حمله لثقل الرسالة، فقلت: يا رسول الله بل أركبك، فضحك و نزل و طأطأ ظهره و استويت عليه، فو الذي فلق الحب و برأ النسمة لو أردت أن أمسك السماء لمسكتها بيدي، فألقيت هبل عن ظهر

الكعبة، فأنزل الله: وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ». الآية.

6530/ [5]- و قال ابن شهر آشوب: و قد استنابه يوم الفتح في أمر عظيم، فإنه وقف حتى صعد على كتفيه

__________________________________________________

4- المناقب 2: 135، شواهد التنزيل 1: 350/ 480.

5- المناقب 2: 135.

(1) في «ط»: إلّا إنه.

(2) الفتح 48: 2.

(3) المائدة 5: 105.

(4) تضمين من سورة المائدة 5: 105.

(5) النور 24: 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 579

و تعلق بسطح الكعبة «1»، و صعد، و كان يقلع الأصنام بحيث تهتز حيطان البيت، ثم يرمي بها فتنكسر.

رواه أحمد بن حنبل و أبو يعلى الموصلي في (مسنديهما) «2» و أبو بكر الخطيب في (تاريخه) «3»، و الخطيب الخوارزمي في (أربعينه) «4»، و محمد بن الصباح «5» الزعفراني في (الفضائل) «6»

، و أبو عبد الله النطنزي في (الخصائص) «7»

.6531/ [6]- السيد الرضي في كتاب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة): بإسناده عن مجاهد، عن ابن عباس: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مر داخلا إلى الكعبة و إذا هو بإداوات «8»

لابن مسعود معلقة، فقال لأمير المؤمنين (عليه السلام): «يا علي، ائتني بإداوة من تلك الإداوات» فأتاه بواحدة فشرب منها و توضأ، ثم نظر إلى ابن مسعود، قال له: «ما هذه الأخلاق «9»

التي أجدها في إداوتك؟». فقال ابن مسعود: فداك أبي و امي- يا رسول الله- ثقل علي الماء بمكة فأخذت تميرات، فمرستهن في إداواتي ليعذب الماء. فقال (صلى الله عليه و آله): «حلال و ماء طهور».

ثم قام و أخذ المفتاح من شيبة و فتح الباب، فقال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله، أليس أنا عمك و صنوا أبيك؟ فقال: «بلى، فما حاجتك، يا عم؟». فقال: تعطيني مفتاح

الكعبة. فقال: «هو لك، يا عم». فهبط جبرئيل (عليه السلام)، و قال: إن الله يقرئك السلام، و يقول لك أن تؤدي الأمانات إلى أهلها، فاستعاد المفتاح من العباس و أعاده إلى شيبة، و دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الكعبة فإذا هو بصورة إبراهيم (عليه السلام)، فقال:

«لا تعبدوا الصور و التماثيل، فإن الله عز و جل يبغضها و يبغض صانعها، و جعل يحلها «10» بطرف ردائه، فلما خرج قال لشيبة: «أغلق الباب».

ثم رفع رأسه فإذا هو بصنم على ظهر الكعبة، فقال لعلي (عليه السلام): «يا علي، كيف لي بهذا الصنم؟». فقال:

«يا رسول الله، أنكب لك فارق على ظهري و تناوله». فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يا علي، لو جهدت امتي من أولها إلى

__________________________________________________

6- .....

(1) في المصدر: البيت.

(2) مسند أحمد بن حنبل 1: 84، مسند أبي يعلى الموصلي 1: 251/ 292.

(3) تاريخ بغداد 13: 302.

(4) ... مناقب الخوارزمي: 71. [.....]

(5) في «ط»: الصبّاغ.

(6) الصراط المستقيم 1: 178 عن الزعفراني.

(7) الصراط المستقيم 1: 178 عن النطنزي، بحار الأنوار 38: 76 عن مناقب ابن شهر آشوب.

(8) الإداوة: إناء صغير من جلد يتّخد للماء. «لسان العرب- أدا- 14: 25».

(9) الأخلاق: جمع خلق، و هو البالي من الثياب و الجلد و غيرها. «المعجم الوسيط- خلق- 1: 252». و لعلّها تصحيف. الإخلاف أو الخلوقة، يقال:

خلف اللبن و الطعام خلوفا و خلوفة، و أخلف إخلافا: إذا تغيّر طعمه أو رائحته.

(10) في «ط»: يحيلها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 580

آخرها أن يحملوا عضوا من أعضائي ما قدروا على ذلك، و لكن ادن مني يا علي- قال- فدنوت منه فضرب بيده إلى ساقي. فأقلعني من الأرض، و انتصب بي

فإذا أنا على كتفيه، فقال لي: يا علي، سم و خذه، فأخذت الصنم فضربت به الأرض، فتفتت ثلاثا.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): يا علي، ما ترى و أنت على كتفي؟ قلت: خيرا- فداك أبي و امي، يا رسول الله- لو أردت أن أمس السماء بيدي لقدرت، فقال لي: يا علي، زادك الله شرفا إلى شرفك.

ثم انحسر من تحتي فوقعت على الأرض و ضحكت، فقال: ما يضحكك يا علي؟ فقلت: فداك أبي امي- يا رسول الله- وقعت من أعلى الكعبة إلى الأرض فلم أتألم من الوقع. فقال: يا علي، كيف تتألم و قد حملك محمد، و أنزلك جبرئيل (عليه السلام)».

و مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال العباس يفتخر: أنا سيد قريش و أكرمها حسبا، و أفخرها مركبا، و بيدي سقاية الحاج لا يليها غيري. فقال شيبة: لا، بل أنا سيد قريش، و بيدي سدانة الكعبة لا يليها غيري. فقال علي (عليه السلام): أبغضتماني بمقالتكما، أنا سيدكما، و سيد أهل الأرض بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنا الذي ضربت وجوهكما حتى آمنتما و أقررتما أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)». فغضبا من قوله، و أتيا النبي (صلى الله عليه و آله) فأخبراه بما قال علي (عليه السلام) لهما، فهبط جبرئيل (عليه السلام) و قال: يا محمد، الحق يقرئك السلام، و يقول لك: قل لشيبة و العباس: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ «1»

الآية- يا محمد- علي خير منهما».

6532/ [7]- العياشي: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن بعض أصحابنا،

قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اللعب بالشطرنج؟ فقال: «الشطرنج من الباطل».

سورة الإسراء(17): آية 82 ..... ص : 580

قوله تعالى:

وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً [82]

6533/ [1]- عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنما الشفاء في علم القرآن، لقوله: ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ لأهله، لا شك فيه و لا مرية، فأهله أئمة الهدى الذين قال الله

__________________________________________________

7- تفسير العياشي 2: 315/ 153.

1- تفسير العياشي 2: 315/ 154.

(1) التوبة 9: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 581

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا «1»

.6534/ [2]- عن محمد بن أبي حمزة، رفعه الى أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نزل جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ آل محمد حقهم إِلَّا خَساراً».

6535/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن علي الصيرفي، عن ابن الفضيل، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ آل محمد حقهم إِلَّا خَساراً».

6536/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن دواد، عن أبي الحسن موسى، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «نزلت هذه الآية وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ لآل محمد إِلَّا خَساراً».

سورة الإسراء(17): آية 84 ..... ص : 581

قوله تعالى:

قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا [84]

6537/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: «النية أفضل من العمل، ألا و إن

النية هي العمل، ثم قرأ قوله عز و جل قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ يعني على نيته».

6538/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن أحمد بن يونس، عن أبي هاشم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، و إنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا، فبالنيات خلد هؤلاء و هؤلاء». ثم تلا قوله تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ قال: «على نيته».

6539/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن جعفر بن إبراهيم، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «إذا كان يوم القيامة أوقف المؤمن بين يديه، فيكون هو الذي يتولى حسابه، فيعرض عليه عمله في صحيفته، فأول

__________________________________________________

2- تفسير العيّاشي 2: 315/ 155.

3- تأويل الآيات 1: 290/ 28.

4- تأويل الآيات 1: 290/ 29.

5- الكافي 2: 13/ 4.

6- الكافي 2: 69/ 5. [.....]

7- تفسير القمّي 2: 26.

(1) فاطر 35: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 582

ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه، و ترتعش فرائصه، و تفزع نفسه، ثم يرى حسناته فتقر عينه، و تسر نفسه، و تفرح روحه، ثم ينظر إلى ما أعطاه الله من الثواب فيشتد فرحه، ثم يقول الله للملائكة: هلموا الصحف التي فيها الأعمال التي لم يعملوها- قال- فيقرءونها ثم يقولون: و عزتك، إنك لتعلم أنا لم نعمل منها شيئا، فيقول: صدقتم، نويتموها فكتبناها لكم، ثم يثابون عليها».

6540/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حماد الناب،

عن الحكم ابن الحكم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، و قد سئل عن الصلاة في البيع و الكنائس؟ فقال: «صل فيها، قد رأيتها و ما أنظفها!».

قلت: اصلي «1» فيها و إن كانوا يصلون فيها؟ فقال: «نعم، أما تقرأ القرآن: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا صل على القبلة و دعهم» «2»

.6541/ [5]- العياشي: عن حماد، عن صالح بن الحكم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، و قد سئل عن الصلاة في البيع و الكنائس؟ فقال: «صل فيها فقد رأيتها و ما أنظفها!».

قال: فقلت: اصلي فيها و إن كانوا يصلون فيها؟ فقال: «صل فيها و إن كانوا يصلون فيها، أما تقرأ القرآن: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا صل إلى القبلة و دعهم».

6542/ [6]- عن أبي هاشم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الخلود في الجنة و النار؟

فقال: «إنما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كان في الدنيا أن لو خلدوا فيها، أن يعصو الله أبدا، و إنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا أن يطيعوا الله أبدا، فبالنيات خلد هؤلاء و هؤلاء».

ثم تلا قوله: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ قال: «على نيته».

سورة الإسراء(17): آية 85 ..... ص : 582

قوله تعالى:

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [85]

6543/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن

__________________________________________________

4- التهذيب 2: 222/ 876.

5- تفسير العيّاشي 2: 316/ 157.

6- تفسير العيّاشي 2: 316/ 158.

1- الكافي 1: 215/ 3.

(1) في المصدر: أ يصلّي.

(2)

في «س» و المصدر: و غربهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 583

أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، قال: «خلق أعظم من جبرئيل (عليه السلام) و ميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو مع الأئمة، و هو من الملكوت».

6544/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، قال: «خلق أعظم من جبرئيل و ميكائيل، لم يكن مع أحد ممن مضى غير محمد (صلى الله عليه و آله)، و هو مع الأئمة (عليهم السلام) يسددهم، و ليس كلما طلب وجد».

6545/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن الحسين بن أبي العلاء، عن سعد الإسكاف، قال: أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) يسأله عن الروح، أليس هو جبرئيل؟

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «جبرئيل (عليه السلام) من الملائكة، و الروح غير جبرئيل». فكرر ذلك على الرجل، فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد يزعم أن الروح غير جبرئيل. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):

«إنك ضال تروي عن أهل الضلال، يقول الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ «1»

و الروح غير الملائكة».

6546/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه

السلام) قال: «هو ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو مع الأئمة (عليهم السلام)».

6547/ [5]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي.

قال: «خلق أعظم من جبرئيل و ميكائيل، لم يكن مع أحد ممن مضى غير محمد (صلى الله عليه و آله)، و هو مع الأئمة (عليهم السلام) يوفقهم و يسددهم، و ليس كلما «2» طلبه وجده «3»

».

6548/ [6]- العياشي: عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، قال: «خلق من خلق الله، و الله يزيد في الخلق ما يشاء».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 215/ 4.

3- الكافي 1: 215/ 6.

4- تفسير القمّي 2: 26.

5- مختصر بصائر الدرجات: 3.

6- تفسير العيّاشي 2: 316/ 159.

(1) النحل 16: 1- 2. [.....]

(2) في «س»: و كلّما.

(3) في المصدر: طلب وجد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 584

6549/ [7]- عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، عن قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ.

قالا: «إن الله تبارك و تعالى أحد صمد، و الصمد: الشي ء الذي ليس له جوف، فإنما الروح خلق من خلقه، له بصر و قوة و تأييد، يجعله في قلوب الرسل و المؤمنين».

6550/ [8]- عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، قال: «خلق عظيم أعظم من جبرئيل و ميكائيل، لم يكن مع أحد ممن مضى

غير محمد (عليه و آله السلام)، و مع الأئمة يسددهم، و ليس كلما طلب وجد».

6551/ [9]- و في رواية أبي أيوب الخزاز، قال: «أعظم من جبرئيل، و ليس، كما ظننت».

6552/ [10]- عن أبي بصير، عن أحدهما، (عليهما السلام)، قال سألته عن قوله: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، ما الروح؟ قال: «التي في الدواب و الناس».

قلت: و ما هي؟ قال: «هي من الملكوت، من القدرة».

6553/ [11]- عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا، قال: «تفسيرها في الباطن أنه لم يؤت العلم إلا أناس يسير فقال: وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا منكم».

6554/ [12]- عن أسباط بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «خلق أعظم من جبرئيل و ميكائيل مع الأئمة يفقههم، و هو من الملكوت».

سورة الإسراء(17): آية 88 ..... ص : 584

قوله تعالى:

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [88] 6555/ [1]- علي بن إبراهيم: أي معينا.

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 316/ 160.

8- تفسير العيّاشي 2: 317/ 161.

9- تفسير العيّاشي 2: 317/ 162.

10- تفسير العيّاشي 2: 317/ 163.

11- تفسير العيّاشي 2: 317/ 164.

12- تفسير العيّاشي 2: 317/ 165.

1- تفسير القمّي 2: 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 585

سورة الإسراء(17): آية 89 ..... ص : 585

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً [89]

6556/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد، عن عبد العظيم، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ بولاية علي إِلَّا كُفُوراً».

6557/ [2]- محمد بن العباس (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم الثقفي، عن علي بن هلال الأحمسي، عن الحسن بن وهب بن علي بن بحيرة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى:

فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً، قال: «نزلت في ولاية علي (عليه السلام)».

6558/ [3]- و عنه: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ بولاية علي (عليه السلام) إِلَّا كُفُوراً».

6559/ [4]- العياشي: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ بولاية علي إِلَّا كُفُوراً».

سورة الإسراء(17): الآيات 90 الي 95 ..... ص : 585

قوله تعالى:

وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً- إلى قوله تعالى- مَلَكاً رَسُولًا [90- 95]

6560/ [5]- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) قال: «قلت لأبي علي بن محمد (عليهما السلام): فهل كان

__________________________________________________

1- الكافي 1: 351/ 64.

2- تأويل الآيات 1: 290/ 30، شواهد التنزيل 1: 353/ 482.

3- تأويل الآيات 1: 291/ 31.

4- تفسير العيّاشي 2: 317/ 166.

5- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 500/ 314. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 586

رسول

الله (صلى الله عليه و آله) يناظرهم إذا عانتوه و يحاجهم؟

قال: بلى، مرارا كثيرة: منها ما حكى الله من قولهم: وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ إلى قوله: مَسْحُوراً «1» وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ «2» وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إلى قوله كِتاباً نَقْرَؤُهُ.

ثم قيل له في آخر ذلك: لو كنت نبيا كموسى لنزلت علينا الصاعقة في مسألتنا إياك، لأن مسألتنا أشد من مسائل «3» قوم موسى لموسى (عليه السلام)، قال: و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان قاعدا ذات يوم بمكة بفناء الكعبة إذا اجتمع جماعة من رؤساء قريش منهم: الوليد بن المغيرة المخزومي، و أبو البختري بن هشام، و أبو جهل ابن هشام، و العاص بن وائل السهمي، و عبد الله بن أبي امية المخزومي، و جمع ممن يليهم كثير، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في نفر من أصحابه يقرأ عليهم كتاب الله، و يؤدي إليهم «4» عن الله أمره و نهيه. فقال المشركون بعضهم لبعض: لقد استفحل أمر محمد و عظم خطبه، فتعالوا نبدأ بتقريعه و تبكيته و توبيخه، و الاحتجاج عليه، و إبطال ما جاء به، ليهون خطبه على أصحابه، و يصغر قدره عندهم، فلعله ينزع عما هو فيه من غيه و باطله و تمرده و طغيانه، فإن انتهى و إلا عاملناه بالسيف الباتر.

فقال أبو جهل: فمن ذا الذي يلي كلامه و مجادلته «5»؟ قال عبد الله بن أبي امية المخزومي: أنا لذلك أما ترضاني له قرنا «6» حسيبا، و

مجادلا «7» كفيا؟ قال أبو جهل: بلى، فأتوه بأجمعهم، فابتدأ عبد الله بن أبي امية المخزومي، فقال: يا محمد، لقد ادعيت دعوى عظيمة، و قلت مقالا هائلا، زعمت أنك رسول الله رب العالمين، و ما ينبغي لرب العالمين و خالق الخلق [أجمعين أن يكون مثلك رسولا له، بشر مثلنا تأكل كما نأكل و تشرب كما نشرب، و تمشي في الأسواق كما نمشي، فهذا ملك الروم و هذا ملك الفرس لا يبعثان رسولا إلا كثير مال، عظيم حال، له قصور و دور «8» و فساطيط و خيام و عبيد و خدم، و رب العالمين فوق هؤلاء كلهم أجمعين فهم عبيده، و لو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك و نشاهده، بل و لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا، ما أنت- يا محمد- إلا مسحورا و لست بنبي.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هل بقي من كلامك شي ء؟ قال: بلى، لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث

__________________________________________________

(1) الفرقان 25: 7- 8.

(2) الزخرف 43: 31.

(3) في المصدر: مسألة.

(4) في «ط»: و يذكّرهم.

(5) في «ط»: و محاورته.

(6) القرن للإنسان: مثله في الشجاعة و الشدّة و العلم و القتال و غير ذلك. و في «ط»: قويّا.

(7) في نسخة من «ط»: و محاورا.

(8) في المصدر زيادة: و بساتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 587

أجل من فيما بيننا مالا، و أحسن حالا، فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم أن الله أنزله عليك و بعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم؟ إما الوليد بن المغيرة بمكة و إما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و

آله): فهل بقي من كلامك شي ء، يا عبد الله؟ قال: بلى، لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكة هذه، فإنها ذات أحجار و عرة و جبال، تكسح أرضها و تحفرها و تجري فيها العيون فإنا إلى ذلك محتاجون، أو تكون لك جنة من نخيل و عنب فنأكل منها و نطعمها «1»، و تفجر الأنهار خلالها- خلال ذلك النخيل و الأعناب- تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، فإنك قلت لنا: وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ «2» فلعلنا نقول ذلك. ثم قال: و لن نؤمن لك، أو تأتي بالله و الملائكة قبيلا، تأتي «3» بهم و هم لنا مقابلون أو يكون لك بيت من زخرف تعطينا منه و تغنينا به فلعلنا نطغى، فإنك قلت لنا: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى «4» ثم قال: أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ أي تصعد في السماء وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ، من الله العزيز الحكيم إلى عبد الله بن أبي امية المخزومي و من معه بأن آمنوا بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب فإنه رسولي، و صدقوه في مقاله، فإنه من عندي، ثم لا أدري- يا محمد- إذا فعلت هذا كله أؤمن بك أولا أؤمن بك، بل لو رفعتنا إلى السماء و فتحت أبوابها و دخلناها «5»، لقلنا: إنما سكرت أبصارنا، و سحرتنا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا عبد الله، أبقي شي ء من كلامك؟ قال: يا محمد، أو ليس فيما أوردت عليك كفاية و بلاغ؟ ما بقي شي ء، فقل ما بدا لك، و أفصح عن نفسك، إن كانت لك حجة، أو ائتنا

بما سألناك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم أنت السامع لكل صوت، و العالم بكل شي ء، تعلم ما قاله عبادك، فأنزل الله عليه: يا محمد وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ إلى قوله: رَجُلًا مَسْحُوراً، ثم قال الله تعالى:

انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا «6»، ثم قال الله: يا محمد تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً «7»، و أنزل عليه: يا محمد فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ الآية «8»، و أنزل عليه يا محمد: وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ إلى قوله: وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ «9».

__________________________________________________

(1) في «ط»: فتأكل منها و تطعمها، و في المصدر: و تطعمنا.

(2) الطور 52: 44.

(3) في المصدر زيادة: به و.

(4) العلق 96: 6- 7.

(5) في «س» و المصدر: و أخلتناها.

(6) الإسراء 17: 48، الفرقان 25: 9. [.....]

(7) الفرقان 25: 10.

(8) هود 11: 12.

(9) الانعام 6: 8- 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 588

فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا عبد الله، أما ما ذكرت من أني آكل الطعام كما تأكلون، و زعمت أنه لا يجوز لأجل هذه أن أكون لله رسولا، فإن الأمر لله يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد، و هو محمود، و ليس لك و لا لأحد الاعتراض عليه، بلم و كيف، ألم تر أن الله تعالى كيف أفقر بعضا و أغنى بعضا، و أعز بعضا و أذل بعضا، و أصح بعضا و أسقم بعضا، و شرف بعضا و وضع بعضا و

كلهم ممن يأكل الطعام؟ ثم ليس للفقراء أن يقولوا: لم أفقرتنا و أغنيتهم؟

و لا للوضعاء أن يقولوا: لم وضعتنا و شرفتهم؟ و لا للزمنى «1»، و الضعفاء أن يقولوا: لم أزمنتنا و أضعفتنا و صححتهم؟ و لا للأذلاء أن يقولوا: لم أذللتنا و أعززتهم؟ و لا للقباح الصور أن يقولوا: لم أقبحتنا و جملتهم؟ بل إن أبوا و قالوا ذلك، كانوا على ربهم رادين، و له في أحكامه منازعين، و به كافرين، و لكان جوابه لهم: إني أنا الملك الرافع الخافض المغني المفقر المعز المذل المصح المسقم، و أنتم العبيد ليس لكم إلا التسليم لي و الانقياد لحكمي، فإن سلمتم كنتم عبادا مؤمنين، و إن أبيتم كنتم بي كافرين، و بعقوباتي من الهالكين.

ثم أنزل الله تعالى: يا محمد: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ «2»، يعني آكل الطعام يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ «3» يعني قل لهم: أنا في البشرية مثلكم و لكن ربي خصني بالنبوة دونكم، كما يخص بعض البشر بالغناء، و الصحة و الجمال دون بعض من البشر، فلا تنكروا أن يخصني أيضا بالنبوة.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أما قولك: إن هذا ملك الروم و ملك الفرس لا يبعثان رسولا إلا كثير المال، عظيم الحال، له قصور و دور و فساطيط و خيام و عبيد و خدام، و رب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده فإن الله تعالى له التدبير و الحكم، لا يفعل على ظنك و حسبانك و اقتراحك، بل يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد و هو محمود.

يا عبد الله، إنما بعث الله نبيه ليعلم الناس دينهم، و يدعوهم إلى ربهم، و يكد نفسه في

ذلك آناء الليل و أطراف النهار، فلو كان صاحب قصور يحتجب فيها، و عبيد و خدم يسترونه عن الناس، أليس كانت الرسالة تضيع و الأمور تتباطأ؟ أو ما رأيت الملوك إذا احتجبوا كيف يجري الفساد و القبائح من حيث لا يعلمون و لا يشعرون؟

يا عبد الله، إنما بعثني الله و لا مال لي ليعرفكم قوته و قدرته، و أنه هو الناصر «4» لرسوله، لا تقدرون على قتله و لا منعه من رسالته، فهذا أبين في قدرته و في عجزكم، و سوف يظفرني الله بكم فأوسعكم قتلا و أسرا، ثم يظفرني الله ببلادكم، و يستولي عليها المؤمنون من دونكم، و دون من يوافقكم على دينكم.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أما قولك لي: و لو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك و نشاهده، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا، فالملك لا تشاهده حواسكم، لأنه من جنس هذا الهواء لا عيان منه، و لو شاهدتموه- بأن يزاد في قوى أبصاركم- لقلتم: ليس هذا ملكا، بل هذا بشر، لأنه إنما كان يظهر لكم بصورة البشر الذي ألفتموه لتفهموا عنه مقاله، و لتعرفوا خطابه و مراده، فكيف كنتم تعلمون صدق الملك و أن ما يقوله حق؟ بل إنما بعث الله بشرا رسولا، و ظهر على يده المعجزات التي ليست في طبائع البشر

__________________________________________________

(1) الزّمنى: جمع زمن، و هو المصاب بعاهة أو مرض مزمن.

(2، 3) الكهف 18: 110، فصلت 41: 6.

(4) في «س» و «ط»: الناظر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 589

الذين قد علمتم ضمائر قلوبهم، فتعلمون بعجزكم عما جاء به أنه معجزة، و أن ذلك شهادة

من الله تعالى بالصدق له، و لو ظهر لكم ملك و ظهر على يده ما يعجز عنه البشر، لم «1» يكن فيه فائدة لكم، إن ذلك ليس في طبائع سائر أجناسه من الملائكة حتى يصير ذلك معجزا، ألا ترون أن الطيور التي تطير ليس ذلك منها بمعجز، لأن لها أجناسا يقع منها مثل طيرانها، و لو أن إنسانا طار كطيرانها لكان ذلك معجزا، فالله عز و جل سهل عليكم الأمر، و جعله بحيث تقوم عليكم الحجة، و أنتم تقترحون العمل الصعب الذي لا حجة فيه.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و أما قولك: ما أنت إلا رجلا مسحورا، فكيف أكون كذلك، و أنتم تعلمون أني في «2» التمييز و العقل فوقكم؟ فهل جربتم علي مذ نشأت إلى أن استكملت أربعين سنة جريرة «3» أو كذبة أو خنا «4» أو خطأ من القول، أو سفها من الرأي؟ أ تظنون أن رجلا يعتصم طول هذه المدة بحول نفسه و قوتها أو بحول الله و قوته؟ و ذلك ما قال الله تعالى: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا «5» إلى أن يثبتوا عليك عمى بحجه أكثر من دعاويهم الباطلة التي تبين عليك تحصيل بطلانها.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و أما قولك: لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ «6»، الوليد بن المغيرة بمكة، أو عروة بن مسعود بالطائف فإن الله تعالى ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه أنت، و لا خطر له عنده كما له عندك، بل لو كانت الدنيا عنده تعدل جناح بعوضة لما سقى كافرا به مخالفا له شربة منها «7»، و ليس

قسمة رحمة الله إليك، بل الله القاسم للرحمات، و الفاعل لما يشاء في عبيده و إمائه، و ليس هو عز و جل ممن يخاف أحدا كما تخافه أنت لماله أو حاله، و لا ممن يطمع في أحد في ماله أو حاله فيخصه بالنبوة لذلك، و لا ممن يحب أحدا محبة الهوى كما تحب، فتقدم من لا يستحق التقديم، و إنما معاملته بالعدل، فلا يؤثر بأفضل مراتب الدين و خلاله «8»، إلا الأفضل في طاعته و الأجد في خدمته، و كذلك لا يؤخر في مراتب الدين و خلاله إلا أشدهم تباطؤا عن طاعته، و إذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال و لا إلى حال، بل هذا المال و الحال من فضله، و ليس لأحد من عباده عليه ضربة لازب «9»، فلا يقال له: إذا تفضلت بالمال على عبد فلا بد أن تتفضل عليه بالنبوة أيضا، لأنه ليس لأحد إكراهه على خلاف مراده، و لا إلزامه تفضلا، لأنه تفضل قبله بنعمه، ألا ترى- يا عبد الله- كيف أغنى واحدا و قبح صورته؟ و كيف حسن صورة واحد و أفقره؟ و كيف شرف واحدا أفقره؟ و كيف

__________________________________________________

(1) في المصدر: لم يكن في ذلك ما يدلّكم.

(2) في المصدر زيادة: صحة.

(3) في المصدر زيادة: أو زلّة.

(4) الخنا: الفحش في القول. «لسان العرب- خنا- 14: 244».

(5) الإسراء 17: 48، الفرقان 25: 9.

(6) الزخرف 43: 31.

(7) في المصدر: شربة ماء.

(8) في «ط»، في الموضعين: رجلا له. و في المصدر: و جلاله. [.....]

(9) هذا الأمر ضربة لازب، أي لازم شديد. «لسان العرب- لزب- 1: 738». و في «ط»: ضريبة لازب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 590

أغنى واحدا و وضعه، ثم ليس

لهذا الغني أن يقول: هلا أضيف إلى يساري جمال فلان، و لا للجميل أن يقول: هلا أضيف إلى جمالي مال فلان، و لا للشريف أن يقول: هلا أضيف إلى شرفي مال فلان، و لا للوضيع أن يقول: هلا أضيف إلى ضعتي شرف فلان، و لكن الحكم لله يقسم كيف «1» يشاء و يفعل كيف يشاء، و هو حكيم في أفعاله، محمود في أعماله، و ذلك قوله تعالى: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ قال الله تعالى: أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ يا محمد نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا «2»، فأحوجنا بعضا إلى بعض و أحوجنا هذا إلى مال ذاك، و أحوجنا ذاك إلى سلعة هذا أو إلى خدمته، فترى أجل الملوك و أغنى الأغنياء محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب: إما سلعة معه ليست معه، و إما خدمة يصلح لها لا يتهيأ لذلك الملك إلا أن يستعين به، و إما باب من المعلوم و الحكم هو فقير إلى أن يستفيدها من هذا الفقير، و هذا الفقير يحتاج إلى مال ذلك الملك الغني، و ذلك الملك يحتاج إلى علم هذا الفقير أو رأيه أو معرفته، ثم ليس للملك أن يقول: هلا اجتمع إلى ملكي، و مالي علمه و رأيه؟ و لا لذلك الفقير أن يقول: هلا أجتمع إلى رأيي و علمي و ما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الملك الغني؟ ثم قال: وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا «3» ثم قال: يا محمد، قل لهم: وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ «4» يجمع هؤلاء من أموال الدنيا.

ثم قال رسول الله

(صلى الله عليه و آله): و أما قولك: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا، إلى آخر ما قلته، فإنك اقترحت على محمد رسول الله أشياء: منها مالو جاءك به لم يكن برهانا لنبوته، و رسول الله يرتفع عن أن يغتنم جهل الجاهلين، و يحتج عليهم بما لا حجة فيه و منها ما لو جاءك به لكان معه هلاكك، و إنما يؤتى بالحجج و البراهين ليلزم عباد الله الإيمان لا ليهلكوا بها، فإنما اقترحت هلاكك، و رب العالمين أرحم بعباده و أعلم بمصالحهم من أن يهلكهم كما يقترحون، و منها المحال الذي لا يصح و لا يجوز كونه، و رسول رب العالمين يعرفك ذلك، و يقطع معاذيرك، و يضيق عليك سبيل مخالفتك، و يلجئك بحجج الله إلى تصديقه حتى لا يكون لك عنه محيد و لا محيص و منها ما قد اعترفت على نفسك أنك فيه معاند متمرد لا تقبل حجة و لا تصغي إلى برهان، و من كان كذلك فدواؤه عذاب الله النازل من سمائه أو في جحيمه أو بسيوف أوليائه.

و أما قولك، يا عبد الله: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكة، فإنها ذات حجارة و صخور و جبال، تكسح أرضها و تحفرها تجري فيها العيون فإننا إلى ذلك محتاجون، فإنك سألت هذا و أنت جاهل بدلائل الله تعالى- يا عبد الله- أ رأيت لو فعلت هذا كنت من أجل هذا نبيا؟ أ رأيت الطائف التي لك فيها بساتين، أما كان هناك مواضع فاسدة صعبة أصلحتها و ذللتها و كسحتها و أجريت فيها عيونا استنبطتها؟ قال: بلى، قال: فهل لك في

__________________________________________________

(1) في «س» و المصدر: كما.

(2) الزخرف 43:

32.

(3) الزخرف 43: 32.

(4) الزخرف 43: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 591

هذا نظراء؟ قال: بلى، قال: أ فصرت بذلك أنت و هم أنبياء؟ قال: لا قال: فكذلك لا يصير هذا حجة لمحمد لو فعله، على نبوته، فما هو إلا كقولك: لن نؤمن لك حتى تقوم و تمشي على الأرض أو حتى تأكل الطعام كما يأكل الناس.

و أما قولك يا عبد الله: أو تكون لك جنة من نخيل و عنب فتأكل منها و تطعمنا و تفجر الأنهار خلالها تفجيرا؟

أ و ليس لك و لأصحابك جنان من نخيل و عنب بالطائف تأكلون و تطعمون منها و تفجرون الأنهار خلالها تفجيرا؟

أ فصرتم أنبياء بهذا؟ قال: لا، قال: فما بال اقتراحكم على رسول الله أشياء لو كانت كما تقترحون لما دلت على صدقه، بل لو تعاطاها لدل تعاطيه إياها على كذبه، لأنه حينئذ يحتج بما لا حجة فيه، و يخدع الضعفاء عن عقولهم و أديانهم. و رسول رب العالمين يجل و يرتفع عن هذا.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا عبد الله، و أما قولك: أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، فإنك قلت:

وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ فإن في سقوط السماء عليكم موتكم و هلاككم، فإنما تريد بهذا من رسول الله أن يهلكك، و رسول «1» رب العالمين أرحم بك من ذلك، و لا يهلك، لكنه يقيم عليك حجج الله، و ليس حجج الله لنبيه وحده على حسب الاقتراح من عباده، لأن العباد جهال بما يجوز من الصلاح، و بما لا يجوز من الفساد، و قد يختلف اقتراحهم و يتضاد حتى يستحيل وقوعه، إذ لو كانت اقتراحاتهم واقعة لجاز

أن تقترح أنت أن تسقط السماء عليكم، و يقترح غيرك أن لا تسقط عليكم السماء بل أن ترفع الأرض إلى السماء و تقع السماء عليها، فكان ذلك يتضاد و يتنافى و يستحيل وقوعه، و الله تعالى لا يجري تدبيره على ما يلزم به المحال.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و هل رأيت- يا عبد الله- طبيبا كان دواؤه للمرضى على حسب اقتراحاتهم؟

و إنما يفعل بهم ما يعلم صلاحهم فيه، أحبه العليل أو كرهه، فأنتم المرضى و الله طبيبكم، فان انقدتم لدوائه شفاكم، و إن تمردتم عليه أسقمكم و بعد، فمتى رأيت- يا عبد الله- مدعي حق من قبل رجل أوجب عليه حاكم من حكامهم- فيما مضى- بينة على دعواه على حسب اقتراح المدعى عليه؟ إذن ما كان يثبت لأحد على أحد دعوى و لا حق، و لا كان بين ظالم و مظلوم و لا بين صادق و كاذب فرق.

ثم قال: يا عبد الله، و أما قولك: أو تأتي بالله و الملائكة قبيلا يقابلوننا و نعاينهم فإن هذا من المحال الذي لا خفاء به، إن ربنا عز و جل ليس كالمخلوقين يجي ء و يذهب و يتحرك و يقابل شيئا حتى يؤتى به، فقد سألتم بهذا المحال، و إنما هذا الذي دعوت إليه صفة أصنامكم الضعيفة المنقوصة التي لا تسمع و لا تبصر و لا تعلم، و لا تغني عنكم شيئا و لا عن أحد. يا عبد الله، أو ليس لك ضياع و جنان بالطائف و عقار بمكة و قوام عليها؟ قال: بلى، قال:

أ فتشاهد جميع أحوالها بنفسك أو بسفراء بينك و بين معامليك؟ قال: بسفراء، قال: أ رأيت لو قال معاملوك و أكرتك

و خدمك لسفرائك: لا نصدقكم في هذه السفارة إلا أن تأتونا بعبد الله بن أبي امية لنشاهده فنسمع ما تقولون عنه شفاها، كنت تسوغهم هذا، أو كان يجوز لهم عندك ذلك؟ قال: لا، قال: فما الذي يجب على سفرائك؟ أ ليس أن

__________________________________________________

(1) (رسول) ليس في «س».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 592

يأتوهم عنك بعلامة صحيحة تدلهم على صدقهم فيجب عليهم أن يصدقوهم؟ قال: بلى، قال: يا عبد الله، أ رأيت سفيرك لو أنه لما سمع منهم هذا عاد إليك و قال قم معي فإنهم قد اقترحوا علي مجيئك، أليس يكون لك مخالفا، و تقول له: إنما أنت رسول، لا مشير و لا آمر «1»؟ قال: بلى، قال: كيف صرت تقترح على رسول رب العالمين مالا تسوغ لأكرتك و معامليك أن يقترحوه على رسولك إليهم، و كيف أردت من رسول رب العالمين مالا تسوغ لأكرتك «2» و قوامك؟ هذه حجة قاطعة لإبطال جميع ما ذكرته في كل ما اقترحته، يا عبد الله.

و أما قولك، يا عبد الله: أو يكون لك بيت من زخرف- و هو الذهب- أما بلغك أن لعظيم مصر بيوتا من زخرف؟ قال: بلى، قال: أ فصار بذلك نبيا؟ قال: لا، قال: فكذلك لا يوجب ذلك لمحمد- لو كان له- نبوة، و محمد لا يغتنم جهلك بحجج الله.

و أما قولك يا عبد الله: أو ترقى في السماء، ثم قلت: و لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه، يا عبد الله، الصعود إلى السماء أصعب من النزول عنها، و إذا اعترفت على نفسك أنك لا تؤمن إذا صعدت، فكذلك حكم النزول، ثم قلت: حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه، و من بعد ذلك، لا أدري

أؤمن بك أو لا أؤمن بك فأنت- يا عبد الله- مقر بأنك تعاند حجة الله عليك، فلا دواء لك إلا تأديبه [لك على يد أوليائه من البشر أو ملائكته الزبانية، و قد أنزل الله تعالى علي كلمة «3» جامعة لبطلان كل ما اقترحته، فقال تعالى قُلْ يا محمد سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا؟ ما أبعد ربي عن أن يفعل الأشياء على قدر ما يقترحه الجهال بما يجوز و بما لا يجوز! هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا لا يلزمني إلا إقامة حجة الله التي أعطاني، و ليس لي أن آمر على ربي و أنهى و لا أشير، فأكون كالرسول الذي بعثه «4» ملك إلى قوم من مخالفيه فرجع إليه يأمره أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه.

فقال أبو جهل: يا محمد ها هنا واحدة: أ لست زعمت أن قوم موسى احترقوا بالصاعقة لما سألوه أن يريهم الله جهرة؟ قال: بلى قال: و لو كنت نبيا لاحترقنا نحن أيضا، فقد سألنا أشد مما قال «5» قوم موسى، لأنهم قالوا: أرنا الله جهرة و نحن قلنا: لن نؤمن لك حتى تأتي بالله و الملائكة قبيلا نعاينهم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) يا أبا جهل، أو ما علمت قصة ابراهيم الخليل (عليه السلام) لما رفع في الملكوت، و ذلك قول الله تبارك و تعالى: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «6» قوى الله بصره لما رفعه دون السماء حتى نظر إلى الأرض و من عليها ظاهرين و مستترين، فرأى رجلا و امرأة على فاحشة، فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين، فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين، فهم

بالدعاء

__________________________________________________

(1) في «ط» رسول مبشر مأمور.

(2) في المصدر: رسول ربّ العالمين أن يستذم إلى ربّه بأن يأمر عليه و ينهى، و أن لا تسوّغ مثل هذا لرسولك إلى أكرتك.

(3) في المصدر: حكمة.

(4) في «س»: يبعثه.

(5) في المصدر: سأل.

(6) الأنعام 6: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 593

عليهما، فأوحى الله إليه. يا إبراهيم، اكفف دعوتك عن عبادي و إمائي، أنا الغفور الرحيم، الجبار «1» الحليم، لا تضرني ذنوب عبادي، كما لا تنفعني طاعتهم، و لست أسوسهم بشفاء الغيظ كسياستك، فاكفف دعوتك عن عبادي و إمائي فإنما أنت عبد نذير، لا شريك لي في المملكة، و لا مهيمن علي، و لا على عبادي، و عبادي معي بين خلال ثلاث: اما أن تابوا إلي فتبت عليهم و غفرت ذنوبهم و سترت عيوبهم، و إما كففت عنهم عذابي لعلمي بأنه سيخرج من أصلابهم، ذريات مؤمنون «2»، فأرفق بالآباء الكافرين، و أتأنى بالأمهات الكافرات، فأرفع عذابي عنهم ليخرج ذلك المؤمن من أصلابهم، فإذا تزايلوا حل بهم عذابي، و حاق بهم بلائي، فإن لم يكن هذا و لا هذا فإن الذي أعددته لهم من عذابي أعظم مما تريده بهم، فإن عذابي لعبادي على حسب جلالي و كبريائي. يا إبراهيم، خل بيني و بين عبادي فإني أرحم بهم منك، و خل بيني و بين عبادي فإني أنا الجبار الحليم العلام الحكيم، ادبرهم بعلمي و انفذ فيهم قضائي و قدري.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله تعالى- يا أبا جهل- إنما دفع عنك العذاب لعلمه بأنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة، عكرمة «3» ابنك، و سيلي من امور المسلمين ما إن، أطاع الله فيه، كان عند الله جليلا، و

إلا فالعذاب نازل عليك، و كذلك سائر قريش السائلين، لما سألوا من هذا، إنما أمهلوا لأن الله علم أن بعضهم سيؤمن بمحمد، و ينال به السعادة، فهو تعالى لا يقتطعه عن تلك السعادة و لا يبخل بها عليه، أو من يولد منه مؤمن فهو ينظر أباه لإيصال ابنه إلى السعادة، و لو لا ذلك لنزل العذاب بكفاتكم، فانظر نحو السماء، فنظر فإذا أبوابها مفتحة، و إذا النيران نازلة منها مسامتة «4» لرءوس القوم تدنو منهم، حتى وجدوا حرها بين أكتافهم، فارتعدت فرائص أبي جهل و الجماعة، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تروعنكم، فإن الله لا يهلككم بها، و إنما أظهرها عبرة ثم نظروا فإذا قد خرج من ظهور الجماعة أنوار قابلتها و رفعتها و دفعتها حتى أعادتها في السماء كما جاءت منها. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): بعض هذه الأنوار أنوار من قد علم الله أنه سيسعده بالإيمان بي منكم من بعد، بعضها أنوار ذرية طيبة ستخرج من بعضكم ممن لا يؤمن و هم يؤمنون».

6561/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في عبد الله بن أبي امية أخي ام سلمة (رحمة الله عليها)، و ذلك أنه قال هذا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) بمكة قبل الهجرة، فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى فتح مكة استقبله عبد الله بن أبي امية فسلم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يرد عليه السلام، فأعرض عنه فلم يجبه بشي ء، و كانت أخته أم سلمة

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 26.

(1) في المصدر: الحنّان. [.....]

(2) في «س»: يؤمنون.

(3) عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام المخزومي

القريشي، من صناديد قريش في الجاهلية و الإسلام. كان هو و أبوه من أشدّ الناس عداوة للنبيّ (صلى اللّه عليه و آله)، و أسلم عكرمة بعد فتح مكّة، فشهد الوقائع، و ولي الأعمال، و ولي الأعمال، و قتل في اليرموك أو يوم برج الصفر، سنة 13: ه. الطبقات الكبرى 7: 404، صفة الصفوة 1: 730/ 111، سير أعلام النبلاء 1: 323/ 66، الإصابة 2: 496.

(4) سامته مسامتة: قابله و وازاه. «تاج العروس- سمت- 1: 555».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 594

مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) فدخل عليها فقال: يا أختي، إن رسول الله قد قبل إسلام الناس كلهم، ورد علي إسلامي فليس يقبلني كما قبل غيري.

فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ام سلمة قالت: بأبي أنت و امي يا رسول الله، سعد بك جميع الناس إلا أخي من بين قريش و العرب رددت إسلامه، و قبلت إسلام الناس كلهم؟

فقال: «يا ام سلمة، إن أخاك كذبني تكذيبا لم يكذبني أحد من الناس، هو الذي قال لي: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل و عنب، فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا، أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، أو تأتي بالله و الملائكة قبيلا، أو يكون لك بيت من زخرف، أو ترقى في السماء، و لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه».

قالت ام سلمة: بأبي أنت و أمي- يا رسول الله- ألم تقل أن الإسلام يجب ما كان قبله؟ قال: «نعم»، فقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إسلامه.

6562/ [3]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)

في قوله: حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً يعني عينا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ يعني بستانا مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً من تلك العيون أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: إنه ستسقط السماء كسفا لقوله: وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ «1».

قوله تعالى: أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا و القبيل: الكثير أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أي مزخرف بالذهب أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ يقول: من الله إلى عبد الله بن أبي أمية أن محمدا صادق، و أني أنا بعثته، و يجي ء معه أربعة من الملائكة يشهدون أن الله هو كتبه. فأنزل الله عز و جل: قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا».

6563/ [4]- العياشي: عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا قالوا: إن الجن كانوا في الأرض قبلنا فبعث الله إليهم ملكا، فلو أراد الله أن يبعث إلينا لبعث ملكا من الملائكة، و هو قول الله تبارك و تعالى: وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا».

6564/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس و عنده جبرئيل (عليه السلام) إذ حانت من جبرئيل نظرة نحو

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 27.

4- تفسير العيّاشي 2: 317/ 167.

5- تفسير القمّي 2: 27.

(1) الطور

52: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 595

السماء فامتقع لونه «1» حتى صار كأنه الكركمة «2»، ثم لاذ برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى حيث نظر جبرئيل فإذا شي ء قد ملأ ما بين الخافقين مقبلا حتى كان كقاب «3» من الأرض، ثم قال: يا محمد، إني رسول الله إليك أخيرك أن تكون ملكا رسولا أحب إليك، أو تكون عبدا رسولا فالتفت رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى جبرئيل (عليه السلام) و قد رجع إليه لونه. فقال جبرئيل: بل كن عبدا رسولا فرفع الملك رجله اليمنى فوضعها في كبد السماء الدنيا، ثم رفع الاخرى فوضعها في الثانية، ثم رفع اليمنى فوضعها في الثالثة، ثم هو هكذا حتى انتهى إلى السماء السابعة، كل سماء خطوة، و كلما ارتفع صغر، حتى صار آخر ذلك مثل الصر «4»، فالتفت رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى جبرئيل (عليه السلام) فقال: لقد رأيتك ذعرا و ما رأيت شيئا كان أذعر لي من تغير لونك؟

فقال: يا نبي الله، لا تلمني، أ تدري من هذا؟ قال: لا، قال: هذا إسرافيل حاجب الرب، فلم ينزل من مكانه منذ خلق الله السماوات و الأرض، فلما رأيته منحطا ظننت أنه جاء بقيام الساعة، فكان الذي رأيت من تغير لوني لذلك، فلما رأيت ما اصطفاك الله به رجع إلي لوني و نفسي، أما رأيته كلما ارتفع صغر، إنه ليس شي ء يدنو من الرب إلا يصغر لعظمته، إن هذا حاجب الرب و أقرب خلق الله منه، و اللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء، فإذا تكلم الرب تبارك و تعالى بالوحي ضرب اللوح جبينه فنظر

فيه، ثم يلقيه إلينا فنسعى به في السماوات و الأرض، إنه لأدنى خلق الرحمن منه، و بينه و بينه سبعون حجابا من نور تقطع من دونها الأبصار ما لا يعد و لا يوصف، و إني لأقرب الخلق منه، و بيني و بينه مسيرة ألف عام».

6565/ [6]- قال علي بن إبراهيم: و قوله: وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا.

قال: قال الكفار: لم لم يبعث الله إلينا الملائكة؟ فقال الله عز و جل: و لو بعثنا إليهم ملكا لما آمنوا و لهلكوا، و لو كانت الملائكة في الأرض يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا».

سورة الإسراء(17): آية 97 ..... ص : 595

قوله تعالى:

وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَ بُكْماً وَ صُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً [97]

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 27.

(1) امتقع لونه: إذا تغيّر من حزن أو فزع. «لسان العرب- مقع- 8: 341».

(2) الكركمة: واحدة الكركم، و هو الزّعفران، و قيل: العصفر، و قيل: شي ء كالورس، هو فارسي معرّب. «النهاية 4: 166».

(3) القاب: المقدار، و من القوس: ما بين المقبض و طرف القوس. «المعجم الوسيط- قاب 2: 765».

(4) في المصدر: الذّر، و الصّرّ: عصفور أو طائر في قدّه، أصفر اللون: «مجمع البحرين- صرر- 3: 365».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 596

6566/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و قوله تعالى: وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَ بُكْماً وَ صُمًّا قال: على جباههم مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً: أي كلما انطفت.

6567/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، يرفعه إلى علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «إن

في جهنم واديا يقال له سعير، إذا خبث جهنم فتح سعيرها، و هو قوله: كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً أي كلما انطفت».

6568/ [3]- العياشي: عن إبراهيم بن عمر، رفعه إلى أحدهما (عليهما السلام)، في قوله تعالى: وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ، قال: «على جباههم».

6569/ [4]- عن بكر بن بكر «1»، رفع الحديث إلى علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «إن في جهنم لواديا يقال له: سعيرا إذا خبت جهنم فتح سعيرها، و هو قول الله: كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً».

سورة الإسراء(17): آية 100 ..... ص : 596

قوله تعالى:

قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَ كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً [100] 6570/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: لو كانت الأموال بيد الناس لما أعطوا الناس شيئا مخافة الفقر «2». وَ كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً أي بخيلا.

سورة الإسراء(17): الآيات 101 الي 102 ..... ص : 596

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ- إلى قوله تعالى- وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً [101- 102]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 29.

2- تفسير القمّي 2: 29. [.....]

3- تفسير العيّاشي 2: 318/ 168.

4- تفسير العيّاشي 2: 318/ 169.

5- تفسير القمّي 2: 29.

(1) لعلّه بكر بن أبي بكر. انظر معجم رجال الحديث 3: 340.

(2) في المصدر و «ط» نسخة بدل: النفاد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 597

6571/ [1]- عبد الله بن جعفر الحميري، عن الحسن بن ظريف، عن معمر، عن الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: «كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ذات يوم و أنا طفل خماسي، إذ دخل عليه نفر من اليهود- و ذكر الحديث إلى أن قال- قالوا: أخبرنا عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران.

قلت: العصا، و إخراجه يده من جيبه بيضاء، و الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم، و رفع الطور، و المن و السلوى آية واحدة، و فلق البحر. قالوا: صدقت».

6572/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ، قال: «الطوفان، و الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم،

و الحجر، و البحر، و العصا، و يده».

6573/ [3]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا أبو إسحاق يزيد بن إسحاق- و لقبه شعر- قال: حدثني هارون بن حمزة الغنوي الصيرفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن التسع آيات التي اوتي موسى (عليه السلام). فقال: «الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم، و الطوفان، و البحر، و الحجر، و العصا، و يده».

6574/ [4]- على بن إبراهيم، قال: الطوفان، و الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم و الحجر و العصا، و يده، و البحر.

6575/ [5]- العياشي: عن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ، قال: «الطوفان، و الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم، و الحجر، و البحر، و العصا، و يده».

6576/ [6]- علي بن إبراهيم: قال يحكي قول موسى: وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً أي هالكا يدعو بالثبور.

6577/ [7]- العياشي: عن العباس بن معروف، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ذكر قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- قرب الاسناد: 133.

2- الخصال: 423/ 25.

3- الخصال: 423/ 24.

4- تفسير القمّي 2: 29.

5- تفسير العيّاشي 2: 318/ 170.

6- تفسير القمّي 2: 29.

7- تفسير العيّاشي 2: 318/ 171.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 598

يا فِرْعَوْنُ: «يا عاصي».

سورة الإسراء(17): الآيات 103 الي 109 ..... ص : 598

قوله تعالى:

فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [103- 109]

6578/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ: «أي أراد أن يخرجهم

من الأرض، و قد علم فرعون و قومه أن ما أنزل تلك الآيات إلا الله، و أما قوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً يقول: جميعا».

6579/ [2]- في رواية علي بن إبراهيم: فَأَرادَ يعني فرعون أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ أي يخرجهم من مصر فَأَغْرَقْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ جَمِيعاً وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً: أي من كل ناحية.

قال: قوله تعالى وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ: أي على مهل وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا ثم قال: يا محمد، قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ يعني من أهل الكتاب الذين آمنوا برسول الله (صلى الله عليه و آله): إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً قال: الوجه وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً و هم قوم من أهل الكتاب آمنوا بالله.

6580/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، بإسناده، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها.

قال: «يضع ذقنه على الأرض، إن الله عز و جل يقول: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً».

6581/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الصباح، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له رجل بين عينية قرحة لا يستطيع أن يسجد عليها؟ قال: يسجد ما بين طرف شعره، فإن لم يقدر سجد على حاجبه الأيمن، فإن لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر، فإن لم يقدر فعلى ذقنه».

قلت: على ذقنه؟ قال: «نعم، أما تقرأ كتاب الله عز و جل: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 29.

2-

تفسير القمّي 2: 29. [.....]

3- الكافي 3: 334/ 6.

4- تفسير القمّي 2: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 599

سورة الإسراء(17): آية 110 ..... ص : 599

قوله تعالى:

وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا [110]

6582/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها قال: «المخافتة: ما دون سمعك، و الجهر: أن ترفع صوتك شديدا».

و رواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن قول الله عز و جل، و ساق الحديث إلى آخره «1».

6583/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): على الإمام أن يسمع من خلفه و إن كثروا؟

فقال: «ليقرأ قراءة وسطا، يقول الله تبارك و تعالى: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها».

6584/ [3]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن الصباح، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله:

وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها، قال: «الجهر بها: رفع الصوت، و التخافت: ما لم تسمع بأذنك، و اقرأ ما بين ذلك».

6585/ [4]- و عنه قال: حدثني أبي، عن الصباح، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها، قال: «رفع الصوت عاليا، و المخافتة: ما لم تسمع نفسك».

6586/ [5]- قال علي بن إبراهيم: و روي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في

قوله: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها، قال: «الإجهار أن ترفع صوتك يسمعه من بعد عنك، و المخافتة. أن لا تسمع من معك إلا يسيرا».

6587/ [6]- العياشي: عن المفضل قال: سمعته (عليه السلام) يقول، و سئل عن الإمام هل عليه أن يسمع من خلفه و إن كثروا؟ قال: يقرأ قراءة وسطا، يقول الله تبارك و تعالى: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها».

__________________________________________________

1- الكافي 3: 315/ 21.

2- الكافي 3: 317/ 27.

3- تفسير القمّي 2: 30.

4- تفسير القمّي 2: 30.

5- تفسير القمّي 2: 30.

6- تفسير العيّاشي 2: 318/ 172.

(1) التهذيب 2: 290/ 1164

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 600

6588/ [7]- عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها، قال: «المخافتة: ما دون سمعك، و الجهر: أن ترفع صوتك شديدا».

6589/ [8]- عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الإمام، هل عليه أن يسمع من خلفه و إن كثروا؟ قال: «ليقرأ قراءة وسطا، إن الله يقول: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها».

6590/ [9]- عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): في قوله تعالى:

وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا كان بمكة جهر بصوته، فيعلم بمكانه المشركون، فكانوا يؤذونه، فأنزلت هذه الآية عند ذلك».

6591/ [10]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1»

في قوله: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها.

قال: «نسختها فَاصْدَعْ بِما

تُؤْمَرُ «2»».

6592/ [11]- عن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها.

فقال: «الجهر بها: رفع الصوت، و المخافتة: ما لم تسمع اذناك، و ما بين ذلك قدر ما يسمع اذنك».

6593/ [12]- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا، قال: تفسيرها: و لا تجهر بولاية علي (عليه السلام) و لا بما أكرمته به حتى آمرك بذلك وَ لا تُخافِتْ بِها يعني و لا تكتمها عليا (عليه السلام) و أعلمه بما أكرمته به».

6594/ [13]- عن الحلبي، عن بعض أصحابنا، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) لأبي عبد الله (عليه السلام): «يا بني عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوها». قال: «و كيف ذاك، يا أبت؟» قال: «مثل قول الله عز و جل: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ سيئة، وَ لا تُخافِتْ بِها سيئة وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا حسنة، و مثل قوله: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ «3»، و مثل قوله: وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا إذا أسرفوا سيئة، و إذا أقتروا

__________________________________________________

7- تفسير العيّاشي 2: 318/ 173.

8- تفسير العيّاشي 2: 318/ 174.

9- تفسير العيّاشي 2: 318/ 175.

10- تفسير العيّاشي 2: 319/ 176.

11- تفسير العيّاشي 2: 319/ 177. [.....]

12- تفسير العيّاشي 2: 319/ 178.

13- تفسير العيّاشي 2: 319/ 179.

(1) في المصدر: عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام).

(2) الحجر 15: 94.

(3) الإسراء 17: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 601

سيئة وَ كانَ بَيْنَ

ذلِكَ قَواماً «1» حسنة، فعليك بالحسنة بين السيئتين».

6595/ [14]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن تفسير هذه الآية في قول الله وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا.

قال: «لا تجهر بولاية علي (عليه السلام) فهو الصلاة، و لا بما أكرمته به حتى انزل به «2»، و ذلك قوله: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا.

قال: «لا تجهر بولاية علي (عليه السلام) فهو الصلاة، و لا بما أكرمته به حتى انزل به، و ذلك قوله: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ و أما قوله: وَ لا تُخافِتْ بِها فإنه يقول: و لا تكتم ذلك عليا (عليه السلام)، يقول: أعلمه بما أكرمته به فأما قوله: وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا، يقول: تسألني أن آذن لك أن تجهر بأمر علي (عليه السلام)، بولايته. فأذن له بإظهار ذلك يوم غدير خم، فهو قوله يومئذ: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه».

سورة الإسراء(17): آية 111 ..... ص : 601

قوله تعالى:

وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً [111] 6596/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: لم يذل فيحتاج إلى ولي ينصره.

6597/ [2]- العياشي: عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: «قال النبي (صلى الله عليه و آله) و قد فقد رجلا، فقال: ما أبطأ بك عنا؟ فقال: السقم و العيال. فقال: ألا أعلمك بكلمات تدعو بهن، و يذهب الله عنك السقم و ينفي عنك الفقر؟ تقول: لا حول و لا قوة إلا بالله

العلي العظيم، توكلت على الحي الذي لا يموت، و الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك، و لم يكن له ولي من الذل و كبره تكبيرا».

6598/ [3]- عن عبد الله بن سنان، قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: «ألا أعلمك شيئا إذا قلته قضى الله دينك و أنعشك و أنعش حالك؟» فقلت: ما أحوجني إلى ذلك. فعلمه هذا الدعاء: «قل في دبر صلاة الفجر:

توكلت على الحي الذي لا يموت، و الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك، و لم يكن له ولي من الذل و كبره تكبيرا، اللهم إني أعوذ بك من البؤس و الفقر، و من غلبة الدين و السقم، و أسألك أن تعينني على أداء حقك إليك و إلى الناس».

__________________________________________________

14- تفسير العيّاشي 2: 319/ 180.

1- تفسير القمّي 2: 30.

2- تفسير العيّاشي 2: 320/ 181.

3- تفسير العيّاشي 2: 320/ 182.

(1) الفرقان 25: 67.

(2) في المصدر: آمرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 603

المستدرك (سورة الإسراء) ..... ص : 603

سورة الإسراء(17): آية 28 ..... ص : 603

قوله تعالى:

وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً [28]

[1]- ابن شهر آشوب: نقلا عن كتاب الشيرازي: أن فاطمة (عليها السلام) لما ذكرت حالها و سألت جارية، بكى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «يا فاطمة، و الذي بعثني بالحق، إن في المسجد أربعمائة رجل ما لهم طعام و لا ثياب، و لولا خشيتي خصلة لأعطيتك ما سألت: يا فاطمة، إني لا أريد أن ينفك عنك أجرك إلى الجارية، و إني أخاف أن يخصمك علي بن أبي طالب يوم القيامة بين يدي الله عز و جل إذا طلب حقه منك».

ثم علمها صلاة التسبيح، فقال أمير المؤمنين: «مضيت تريدين من رسول الله الدنيا فأعطانا الله ثواب الآخرة».

قال أبو هريرة فلما خرج رسول الله من عند فاطمة أنزل الله على رسوله: وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها يعني عن قرابتك و ابنتك فاطمة ابْتِغاءَ يعني طلب رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ يعني رزقا من ربك تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً يعني قولا حسنا. فلما نزلت هذه الآية أنفذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) جارية إليها للخدمة و سماها فضة.

سورة الإسراء(17): آية 56 ..... ص : 603

قوله تعالى:

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَ لا تَحْوِيلًا [56]

__________________________________________________

1- المناقب 3: 341.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 604

[1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران و ابن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان يقول عند العلة «اللهم إنك عيرت أقواما فقلت:

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَ لا تَحْوِيلًا فيا من لا يملك كشف ضري و لا تحويله عني أحد غيره، صل على محمد و آل محمد، و اكشف ضري، و حوله إلى من يدعو معك إلها آخر لا إله غيرك».

[2]- الطبرسي: عن ابن عباس، و الحسن، في قوله تعالى: ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ المراد بالذين من دونه هم الملائكة و المسيح و عزير.

سورة الإسراء(17): آية 86 ..... ص : 604

قوله تعالى:

وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا [86]

[3]- السيوطي في (الدر المنثور) يرفعه إلى ابن عباس، أنه قال: قدم وفد اليمن على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: أبيت اللعن. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «سبحان الله! إنما يقال هذا للملك و لست ملكا، أنا محمد بن عبد الله». فقالوا: إنا لا ندعوك باسمك. قال (صلى الله عليه و آله): «فأنا أبو القاسم».

فقالوا: يا أبا القاسم، إنا قد خبأنا لك خبيئا. فقال: «سبحان الله! إنما يفعل هذا بالكاهن، و الكاهن و المتكهن و الكهانة في النار».

فقال له أحدهم: فمن يشهد لك أنك رسول الله؟ فضرب بيده إلى حفنة حصا فأخذها فقال: «هذا يشهد أني رسول الله» فسبحن

في يده فقلن: نشهد أنك رسول الله. فقالوا له: أسمعنا بعض ما انزل عليك. فقرأ: وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا حتى انتهى إلى قوله فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ «1» فإنه لساكن ما ينبض منه عرق و إن دموعه لتسبقه إلى لحيته، فقالوا له: إنا نراك تبكي! أمن خوف الذي بعثك تبكي؟! قال: «بل من خوف الذي بعثني أبكي، إنه بعثني على طريق مثل حد السيف، إن زغت عنه هلكت». ثم قرأ وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا.

__________________________________________________

1- الكافي 2: 410/ 1.

2- مجمع البيان 6: 651. [.....]

3- الدر المنثور 5: 334.

(1) الصافات 37: 1- 10.

رهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 605

[2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن علي بن صدقة القمي، قال: حدثني أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الأنصاري الكجي، قال: حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي يقول في حديث طويل: أن سليمان المروزي متكلم خراسان قال للإمام الرضا (عليه السلام) في الإرادة: قد وصف نفسه بأنه مريد. قال الرضا (عليه السلام): «ليس صفته نفسه أنه مريد إخبارا عن أنه إرادة، و لا إخبارا عن أن الإرادة اسم من أسمائه». قال سليمان: لأن إرادته علمه.

قال الرضا (عليه السلام): «فإذا علم الشي ء فقد أراده؟». قال سليمان: أجل.

قال (عليه السلام): «فإذا لم يرده لم يعلمه» قال سليمان: أجل.

قال (عليه السلام): «من أين قلت ذلك، و ما الدليل على أن إرادته علمه؟ و قد يعلم ما لا يريده أبدا، و ذلك قوله عز و جل: وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ فهو

يعلم كيف يذهب به و هو لا يذهب به أبدا».

سورة الإسراء(17): آية 87 ..... ص : 605

قوله تعالى:

إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً [87] [1]- الطبرسي في (مجمع البيان): عن ابن عباس في قوله تعالى: إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً.

قال: يريد حيث جعلك سيد ولد آدم و ختم بك النبيين و أعطاك المقام المحمود.

__________________________________________________

2- التوحيد 451.

1- مجمع البيان 6: 676.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 607

سورة الكهف ..... ص : 607

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 609

سورة الكهف فضلها ..... ص : 609

6599/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد بن أحمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن محمد بن الوليد، عن أبان، عن عامر بن عبد الله بن جذاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما من عبد يقرأ آخر الكهف إلا تيقظ في الساعة التي يريد».

6600/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن مهزيار، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قرأ سورة الكهف في كل ليلة جمعة كانت كفارة لما بين الجمعة إلى الجمعة».

6601/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثني أحمد بن محمد قال: حدثني أبي، عن محمد بن هلال، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «ما من عبد يقرأ: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما «1» إلى آخر السورة إلا كان له نورا من مضجعه إلى بيت الله الحرام، فإن من كان له نور في بيت الله الحرام كان له نور إلى بيت المقدس».

6602/ [4]- و عنه، في (الفقيه): و قال النبي (صلى الله عليه و آله): «من قرأ هذه الآية عند منامه: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ «2» إلى آخرها، سطع له نور إلى المسجد الحرام، حشو ذلك النور

__________________________________________________

1- الكافي 2: 462/ 21.

2- التهذيب 3: 8/ 26.

3- ثواب الأعمال: 107.

4- من لا يحضره الفقيه 2: 297/ 1358.

(1) الكهف 18: 110.

(2) الكهف 18: 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 610

ملائكة يستغفرون له حتى يصبح».

6603/ [5]- ثم قال: روى عامر بن عبد الله بن جذاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما

من عبد يقرأ آخر الكهف حين ينام إلا استيقظ من منامه في الساعة التي يريد».

6604/ [6]- و عنه، قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثني محمد بن يحيى، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، قال: حدثني الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة الكهف كل ليلة جمعة، لم يمت إلا شهيدا، و يبعثه «1» الله من الشهداء، و وقف يوم القيامة مع الشهداء».

6605/ [7]- العياشي: عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة الكهف في كل ليلة جمعة، لم يمت إلا شهيدا، و يبعثه الله مع الشهداء، و أوقف يوم القيامة مع الشهداء».

6606/ [8]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة يوم الجمعة، غفر الله له من الجمعة إلى الجمعة، و زيادة ثلاثة أيام، و اعطي نورا يبلغ إلى السماء، و من كتبها و جعلها في إناء زجاج ضيق الرأس و جعله في منزله، أمن من الفقر و الدين هو و أهله، و أمن من أذى الناس».

6607/ [9]- و عن الصادق (عليه السلام) قال: من كتبها و جعلها في إناء زجاج ضيق الرأس و جعله في منزله، أمن من الفقر و الدين هو و أهله، و أمن «2» من أذى الناس، و لا يحتاج إلى أحد أبدا، و إن كتبت و جعلت في مخازن الحبوب من القمح و الشعير و الأرز و الحمص و غير ذلك، دفع الله عنه بإذن الله تعالى كل مؤذ مما يطرق

الحبوب».

__________________________________________________

5- من لا يحضره الفقيه 1: 298/ 1359.

6- ثواب الأعمال: 107.

7- تفسير العيّاشي 2: 321/ 1.

8- خواص القرآن: 4 «مخطوط» مجمع البيان 6: 690. [.....]

9- خواص القرآن: 4 «مخطوط».

(1) في المصدر: أو يبعثه.

(2) في «س»: و يأمن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 611

سورة الكهف(18): الآيات 1 الي 8 ..... ص : 611

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً [1- 8] 6608/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً قال: هذا مقدم و مؤخر، لأن معناه: الذي أنزل على عبده الكتاب قيما، و لم يجعل له عوجا، فقد قدم حرف على حرف، لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ يعني: يخوفهم و يحذرهم عذاب الله عز و جل: وَ يُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً يعني في الجنة: وَ يُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ قال: ما قالت قريش حين زعموا أن الملائكة بنات الله و ما قالت اليهود و النصارى في قولهم: عزير ابن الله، و المسيح ابن الله فرد الله تعالى عليهم، فقال: ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَ لا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً.

6609/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن محمد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «البأس الشديد: هو علي بن أبي طالب

(عليه السلام)، و هو من لدن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قاتل عدوه، فذلك قوله تعالى: لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ، و معنى قوله تعالى:

لِيُنْذِرَ، يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله): بَأْساً شَدِيداً».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 30.

2- تأويل الآيات 1: 291/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 612

6610/ [3]- العياشي: عن البرقي، عمن رواه، رفعه، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ، قال: «البأس الشديد: علي (عليه السلام) و هو من لدن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قاتل معه عدوه، فذلك قوله: لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ».

6611/ [4]- عن الحسن بن صالح، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «لا تقرأ يُبَشِّرَ إنما البشر بشر الأديم «1»». قال: فصليت بعد ذلك خلف الحسن فقرأ يُبَشِّرَ «2».

6612/ [5]- ابن شهر آشوب: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام) في قوله تعالى: لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ، «البأس الشديد: علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو لدن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقاتل معه عدوه».

6613/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: فَلَعَلَّكَ يا محمد باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً. ثم قال: و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ يقول: «قاتل نفسك على آثارهم و أما أَسَفاً يقول: حزنا».

6614/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: في قوله: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها، يعني الشجر و النبات و كل ما خلقه الله في الأرض، لِنَبْلُوَهُمْ أي لنختبرهم أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً يعني خرابا.

6615/

[8]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: صَعِيداً جُرُزاً.

قال (عليه السلام): «أي لا نبات فيها».

سورة الكهف(18): الآيات 9 الي 22 ..... ص : 612

قوله تعالى:

أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً- إلى قوله تعالى- وَ لا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً [9- 22]

6616/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لرجل عنده:

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 321/ 2.

4- تفسير العيّاشي 2: 321/ 3.

5- المناقب 2: 81.

6- تفسير القمّي 2: 31.

7- تفسير القمّي 2: 31.

8- تفسير القمّي 2: 31.

1- الكافي 8: 395/ 595.

(1) بشرت الأديم أبشره بشرا: إذا أخذت بشرته. «الصحاح- بشر- 2: 590».

(2) قرأ حمزة و الكسائي بالتخفيف و الباقون بالتشديد. انظر: تفسير النيسابوري- هامش تفسير الطبري- 15: 107- و روح المعاني للآلوسي 15: 203. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 613

«ما الفتى عندكم»؟ فقال له: الشاب، فقال: «لا، الفتى: المؤمن، إن أصحاب الكهف كانوا شيوخا فسماهم الله عز و جل فتية بإيمانهم».

6617/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسروا الإيمان و أظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين».

6618/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن خالد بن عمارة، عن سدير الصيرفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث- قال له: «أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة؟!».

6619/ [4]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن أصحاب الكهف أسروا الإيمان و أظهروا الكفر، فآجرهم

الله مرتين».

6620/ [5]- عن محمد: عن أحمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً.

قال: «هم قوم فروا، و كتب ملك ذلك الزمان «1» أسماءهم و أسماء آبائهم و عشائرهم في صحف من رصاص، فهو قوله: أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ».

6621/ [6]- عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خرج أصحاب الكهف على غير معرفة و لا ميعاد، فلما صاروا في الصحراء أخذ بعضهم على بعض العهود و المواثيق، فأخذ هذا على هذا، و هذا على هذا، ثم قالوا أظهروا أمركم فأظهروه فإذا هم على أمر واحد».

6622/ [7]- عن درست، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه ذكر أصحاب الكهف، فقال: «كانوا صيارفة كلام «2» و لم يكونوا صيارفة دراهم».

6623/ [8]- عن عبيد الله بن يحيى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه ذكر أصحاب الكهف، فقال: «لو كلفكم قومكم ما كلفهم قومهم!».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 373/ 28.

3- الكافي 5: 113/ 2.

4- تفسير العيّاشي 2: 321/ 4.

5- تفسير العيّاشي 2: 321/ 5.

6- تفسير العيّاشي 2: 322/ 6.

7- تفسير العيّاشي 2: 322/ 7.

8- تفسير العيّاشي 2: 323/ 9.

(1) في «ج» و «س» و «ط»: الديار.

(2) أي يميّزون كلام الحقّ عن الباطل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 614

فقيل له: و ما كلفهم قومهم؟ فقال: «كلفوهم الشرك بالله العظيم، فأظهروا لهم الشرك و أسروا الأيمان حتى جاءهم الفرج».

6624/ [9]- عن درست، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بلغت تقية أحد ما بلغت تقية أصحاب الكهف، كانوا ليشدون الزنانير «1»، و يشهدون الأعياد، و أعطاهم الله أجرهم مرتين».

6625/ [10]- عن الكاهلي، عن

أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن أصحاب الكهف كانوا أسروا الإيمان و أظهروا الكفر، و كانوا على إجهار الكفر أعظم أجرا منهم على إسرار الإيمان».

6626/ [11]- عن سليمان بن جعفر الهمداني «2»، قال: قال لي جعفر بن محمد (عليه السلام): «يا سليمان، من الفتى؟ قال: فقلت: له: جعلت فداك، الفتى عندنا الشاب، قال لي: «أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا كهولا فسماهم الله فتية بإيمانهم. يا سليمان، من آمن بالله و اتقى فهو الفتى».

6627/ [12]- عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قد فهمت نقصان الإيمان و تمامه، فمن أين جاءت زيادته، و ما الحجة فيها؟

قال: «قول الله عز و جل وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً إلى قوله:

رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ «3»، و قال: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً و لو كان كله واحدا لا زيادة فيه و لا نقصان لم يكن لأحد منهم فضل على أحد، و لا تستوي النعمة فيه و لا يستوي الناس، و بطل التفضيل، و لكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة، و بالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله و بالنقصان منه دخل المفرطون النار».

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و الحديث طويل تقدم بطوله في قوله تعالى: وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً من آخر سورة براءة «4».

6628/ [13]- عن محمد بن سنان عن البطيخي، عن

أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً.

__________________________________________________

9- تفسير العيّاشي 2: 323/ 9.

10- تفسير العيّاشي 2: 323/ 10.

11- تفسير العيّاشي 2: 32/ 11.

12- تفسير العيّاشي 2: 323/ 12.

13- تفسير العيّاشي 2: 324/ 13. [.....]

(1) الزنانير: جمع زنّار، و هو شي ء يشدّه الذمّي على وسطه. «لسان العرب- زنر- 4: 330».

(2) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: النهدي.

(3) التوبة 9: 124- 125.

(4) الكافي 2: 28/ 1، و تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (124- 125) من سورة التوبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 615

قال: «إن ذلك لم يعن به النبي (صلى الله عليه و آله) إنما عني به المؤمنون بعضهم لبعض، لكنه حالهم التي هم عليها».

6629/ [14]- ابن شهر آشوب: عن جابر و أنس: أن جماعة تنقصوا عليا (عليه السلام) عند عمر، فقال سلمان: أما تذكر- يا عمر- اليوم الذي كنت فيه و أبو بكر و أنا و أبو ذر عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و بسط لنا شملة «1» و أجلس كل واحد منا على طرف، و أخذ بيد علي و أجلسه وسطها، ثم قال: «قم- يا أبا بكر- و سلم على علي بالإمامة و خلافة المسلمين». و هكذا كل واحد منا، ثم قال: «قم يا علي، و سلم على هذا النور». يعني الشمس، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أيتها الآية المشرقة، السلام عليك» فأجابت القرصة و ارتعدت و قالت: و عليك السلام، يا ولي الله و وصي رسوله.

ثم رفع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يده إلى السماء، فقال: «اللهم إنك أعطيت لأخي سليمان صفيك منك ملكا و ريحا غدوها شهر و

رواحها شهر، اللهم أرسل تلك لتحملهم إلى أصحاب الكهف و أمرنا أن نسلم على أصحاب الكهف. فقال علي: «يا ريح، احملينا» فإذا نحن في الهواء فسرنا ما شاء الله، ثم قال: «يا ريح، ضعينا» فوضعتنا عند الكهف، فقام كل واحد منا و سلم فلم يرد «2» الجواب، فقام علي (عليه السلام) فقال: «السلام عليكم يا أصحاب الكهف» فسمعنا: و عليك السلام يا وصي محمد، إنا قوم محبوسون هاهنا من زمن دقيانوس. فقال لهم: «لم لم تردوا سلام القوم». فقالوا: نحن فتية لا نرد إلا على نبي، أو وصي نبي، و أنت وصي خاتم النبيين و خليفة رسول رب العالمين. ثم قال: «خذوا مجالسكم». فأخذنا مجالسنا.

ثم قال: «يا ريح، احملينا». فإذا نحن في الهواء، فسرنا ما شاء الله، ثم قال: «يا ريح ضعينا» فوضعتنا، ثم ركض «3» برجله الأرض فنبعت عين ماء فتوضأ و توضأنا، ثم قال: «ستدركون الصلاة مع النبي أو بعضها، ثم قال: «يا ريح، احملينا»، ثم قال: «ضعينا» فوضعتنا فإذا نحن في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد صلى من الغداة ركعة.

قال أنس: فاستشهدني علي و هو على منبر الكوفة فداهنت، فقال: «إن كنت كتمتها مداهنة بعد وصية رسول الله (صلى الله عليه و آله) إياك، فرماك الله ببياض في جسمك، و لظى في جوفك، و عمى في عينيك» فما برحت حتى برصت و عميت و كان أنس لا يطيق الصيام في شهر رمضان و لا غيره.

و البساط أهداه أهل هربوق و الكهف في بلاد الروم في موضع يقال له: اركدى، و كان في ملك باهندق، و هو اليوم اسم الضيعة.

و في خبر: أن الكساء أتى به خطي بن

الأشرف أخو كعب، فلما رأى شرف معجزات علي (عليه السلام) أسلم و سماه النبي (صلى الله عليه و آله) محمدا.

__________________________________________________

14- المناقب 2: 337.

(1) الشّملة: كساء من صوف أو شعر يتغطّى به يتلفّف. «المعجم الوسيط 1: 495».

(2) في «س، ط»:: يرد.

(3) ركض الأرض: ضربها برجله. «لسان العرب- ركض- 7: 159».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 616

6630/ [15]- و في رواية اخرى عن شاذان في (الفضائل): بالإسناد يرفعه إلى سالم بن أبي الجعد، أنه قال: حضرت مجلس أنس بن مالك بالبصرة و هو يحدث، فقام إليه رجل من القوم، و قال: يا صاحب رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما هذه النمشة «1» التي أرى بك؟ فإنه حدثني أبي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «البرص و الجذام لا يبلو الله تعالى به مؤمنا». قال: فعند ذلك أطرق أنس بن مالك إلى الأرض و عيناه تذرفان بالدموع، ثم رفع رأسه، و قال: دعوة العبد الصالح علي بن أبي طالب (عليه السلام) نفذت في.

قال: فعند ذلك قام الناس من حوله، و قصدوه و قالوا: يا أنس، حدثنا ما كان السبب؟ فقال لهم: الهوا عن هذا قالوا له: لا بد أن تخبرنا بذلك. فقال: اجلسوا مواضعكم و اسمعوا مني حديثا كان هو السبب لدعوة علي (عليه السلام).

اعلموا أن النبي (صلى الله عليه و آله) قد اهدي له بساط شعر من قرية كذا و كذا من قرى المشرق، يقال لها: هندق «2»، فأرسلني رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى أبي بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبير و سعد و سعيد و عبد الرحمن بن عوف الزهري، فأتيته بهم و عنده

ابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال لي: «يا أنس ابسط البساط و اجلس حتى تخبرني بما يكون منهم». ثم قال: «يا علي، قل: يا ريح احملينا». قال: فقال الإمام علي (عليه السلام): «يا ريح، احملينا» فإذا نحن في الهواء فقال: «سيروا على بركة الله» قال: فسرنا ما شاء الله، ثم قال: «يا ريح، ضعينا» فوضعتنا، فقال:

«أ تدرون أين أنتم»؟ قلنا: الله و رسوله و علي أعلم، فقال: «هؤلاء أصحاب الكهف و الرقيم الذين كانوا من آيات الله عجبا، قوموا بنا- يا أصحاب رسول الله- حتى نسلم عليهم»، فعند ذلك قام أبو بكر و عمر فقالا: السلام عليكم يا أصحاب الكهف و الرقيم. قال: فلم يجبهما أحد، قال: فقام طلحة و الزبير فقالا: السلام عليكم يا أصحاب الكهف و الرقيم. فلم يجبهما أحد، قال أنس: فقمت أنا و عبد الرحمن بن عوف فقلت: أنا أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، السلام عليكم يا أصحاب الكهف و الرقيم، فلم يجبنا أحد.

قال: فعند ذلك قام الإمام علي (عليه السلام) و قال: «السلام عليكم يا أصحاب الكهف و الرقيم الذين كانوا من آيات الله عجبا». فقالوا: و عليك السلام و رحمة الله و بركاته يا وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «يا أصحاب الكهف لم لا رددتم على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) السلام»؟ فقالوا: يا خليفة رسول الله، إنا فتية آمنوا بربهم و زادهم الله هدى، و ليس معنا إذن أن نرد السلام إلا على نبي أو وصي نبي، و أنت وصي خاتم النبيين، و أنت سيد الوصيين. ثم قال: «أسمعتم، يا أصحاب رسول الله»؟ قلنا:

نعم يا أمير المؤمنين. قال: «فخذوا مواضعكم و اقعدوا في مجالسكم». قال: فقعدنا في مجالسنا.

ثم قال: «يا ريح، احملينا» فحملتنا و سرنا ما شاء الله، إلى أن غربت الشمس، ثم قال: «يا ريح، ضعينا»، فإذا نحن في أرض «3» كالزعفران ليس بها حسيس و لا أنيس، نباتها القيصوم و الشيح «4» و ليس فيها ماء، فقلنا يا أمير

__________________________________________________

15- الفضائل: 164.

(1) النمش: نقط بيض و سود، تقع على الجلد في الوجه تخالف لونه. «لسان العرب- نمش- 6: 359».

(2) في المصدر: هندف.

(3) في المصدر: روضة.

(4) القيصوم: من نبات السهل، و هو من الإمرار، طيّب الرائحة، من رياحين البرّ. و الشّيح: نبات سهليّ يتّخذ من بعضه المكانس، و هو من الإمرار، له رائحة طيبة و طعم مرّ، و هو مرعى للخيل و النّعم، و منابته القيعان و الرياض. «لسان العرب- شيح- 2: 502 و- قصم- 12: 486».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 617

المؤمنين دنت الصلاة و ليس عندنا ماء نتوضأ به؟ ثم قام و جاء إلى موضع من تلك الأرض، فركض «1» برجله فنبعت عين ماء عذب فقال: «دونكم و ما طلبتم، و لولا طلبتكم لجاءنا جبرئيل (عليه السلام) بماء من الجنة». قال:

فتوضأنا به و صلينا، و وقف (عليه السلام) يصلي إلى أن انتصف الليل، ثم قال: «فخذوا مواضعكم، ستدركون الصلاة مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) أو بعضها».

ثم قال: «يا ريح، احملينا». فإذا نحن في الهواء، ثم سرنا ما شاء الله، فإذا نحن بمسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد صلى من صلاة الغداة ركعة واحدة، فقضينا ما كان قد سبقنا بها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم التفت إلينا

فقال لي:

«يا أنس، تحدثني أم أحدثك «2»»؟ قلت: بل من فيك أحلى، يا رسول الله. قال: فابتدأ بالحديث من أوله إلى آخره كأنه كان معنا.

قال (صلى الله عليه و آله): «يا أنس، أ تشهد لابن عمي بها إذا استشهدك»؟ فقلت: نعم يا رسول الله. قال: فلما ولي أبو بكر الخلافة أتى علي (عليه السلام) إلي و كنت حاضرا عند أبي بكر و الناس حوله، فقال لي: «يا أنس، أ لست تشهد بفضيلة البساط، و يوم عين الماء «3» و يوم الجب»؟ فقلت له: يا علي، قد نسيت لكبري، فعندها قال لي: «يا أنس، إن كنت كتمتها مداهنة بعد وصية رسول الله (صلى الله عليه و آله) لك، رماك الله ببياض في وجهك، و لظى في جوفك، و عمى في عينيك». فما قمت من مقامي حتى برصت و عميت، و أنا الآن لا أقدر على الصيام في شهر رمضان و لا غيره، لأن الزاد لا يبقى في جوفي. و لم يزل على ذلك حتى مات بالبصرة.

6631/ [16]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تبارك و تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً يقول: قد آتيناك من الآيات ما هو أعجب منه، و هم فتية كانوا في الفترة بين عيسى بن مريم (عليه السلام) و محمد (صلى الله عليه و آله) و أما الرقيم: فهما ęȘ͘ǙƠمن نحاس مرقوم، أي مكتوب فيهما أمر الفتية و أمر إسلامهم، و ما أراد منهم دقيانوس الملك، و كيف كان أمرهم و حالهم.

6632/ [17]- ثم قال علي بن إبراهيم، حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان

سبب نزول سورة الكهف، أن قريشا بعثوا ثلاثة نفر إلى نجران: النضر بن الحارث بن كلدة، و عقبة بن أبي معيط، و العاص بن وائل السهمي، ليتعلموا من اليهود و النصارى مسائل يسألونها رسول الله (صلى الله عليه و آله) فخرجوا إلى نجران، إلى علماء اليهود فسألوهم، فقالوا: سلوه عن ثلاث مسائل، فإن أجابكم فيها

__________________________________________________

16- تفسير القمّي 2: 31-. [.....]

17- تفسير القمّي 2: 31.

(1) في «س» و المصدر: فرفس.

(2) في المصدر زيادة: بما وقع من المشاهدة التي شاهدتها أنت.

(3) (و يوم عين الماء) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 618

على ما عندنا فهو صادق ثم سلوه عن مسألة واحدة فإن ادعى علمها فهو كاذب.

قالوا: و ما هذه المسائل؟ قالوا: سلوه عن فتية كانوا في الزمن الأول، فخرجوا و غابوا و ناموا، كم بقوا في نومهم حتى انتبهوا، و كم كان عددهم، و أي شي ء كان معهم من غيرهم، و ما كان قصتهم؟ و سلوه عن موسى حين أمره الله أن يتبع العالم و يتعلم منه، من هو، و كيف تبعه و ما كان قصته معه؟ و سلوه عن طائف طاف من مغرب الشمس و مطلعها حتى بلغ سد يأجوج و مأجوج، من هو، و كيف كان قصته؟ ثم أملوا عليهم أخبار هذه الثلاث مسائل و قالوا: لهم إن أجابكم بما قد أملينا عليكم فهو صادق و إن أخبركم بخلاف ذلك فلا تصدقوه.

قالوا: فما المسألة الرابعة؟ قالوا: سلوه متى تقوم الساعة؟ فإن ادعى علمها فهو كاذب، فإن قيام الساعة لا يعلمها إلا الله تبارك و تعالى.

فرجعوا إلى مكة و اجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك يزعم أن خبر السماء

يأتيه، و نحن نسأله عن مسائل، فإن أجابنا عنها علمنا أنه صادق، و إن لم يجبنا علمنا أنه كاذب، فقال أبو طالب: سلوه عما بدا لكم فسألوه عن الثلاث مسائل فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): غدا أخبركم- و لم يستثن «1»- فاحتبس الوحي عنه أربعين يوما حتى أغتم النبي (صلى الله عليه و آله) و شك أصحابه الذين كانوا آمنوا به، و فرحت قريش و استهزءوا و آذوا، و حزن أبو طالب.

فلما كان بعد أربعين يوما نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) بسورة الكهف. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل لقد أبطأت؟ فقال: إنا لا نقدر أن ننزل إلا بإذن الله. فأنزل الله تبارك و تعالى: أَمْ حَسِبْتَ يا محمد أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ثم قص قصتهم فقال: إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَ هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً».

قال: فقال الصادق (عليه السلام): «إن أصحاب الكهف و الرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات و كان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام، فمن لم يجبه قتله، و كان هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون الله عز و جل، و وكل الملك بباب المدينة وكلاء، و لم يدع أحدا يخرج حتى يسجد للأصنام، و خرج هؤلاء بعلة «2» الصيد، و ذلك أنهم مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم، و كان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب و خرج معهم- قال الصادق (عليه السلام):

لا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاث: حمارة «3» بلعم بن باعوراء، و ذئب يوسف، و كلب أصحاب الكهف «4»- فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة «5»

الصيد هربا من دين ذلك الملك، فلما أمسوا دخلوا ذلك الكهف و الكلب

__________________________________________________

(1) إن لم يقل: ان شاء اللّه.

(2) في المصدر: بحيلة.

(3) في المصدر: حمار.

(4) كذا، و في

الحديث عن الرضا (عليه السّلام): لا يدخل الجنّة من البهائم إلّا ثلاثة: حمارة بلعم، و كلب أصحاب الكهف، و الذئب، و كان سبب الذئب أنّه بعث ملك ظالم شرطيا ليحشر قوما من المؤمنين و يعذّبهم، و كان للشرطي ابن يحبّه، فجاء ذئب فأكل ابنه، فحزن الشرطي عليه، فأدخل اللّه ذلك الجنّة لمّا أحزن الشرطي.

تفسير القمّي 1: 248.

(5) في المصدر: بحيلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 619

معهم، فألقى الله عليهم النعاس كما قال الله تبارك و تعالى: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً فناموا حتى أهلك الله ذلك الملك و أهل مملكته، و ذهب ذلك الزمان و جاء زمان آخر و قوم آخرون.

ثم انتبهوا فقال: بعضهم لبعض: كم نمنا هاهنا؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت، فقالوا: نمنا يوما أو بعض يوم. ثم قالوا لواحد منهم: خذ هذا الورق «1» و ادخل المدينة متنكرا ألا يعرفوك فاشتر لنا طعاما، فإنهم إن علموا بنا و عرفونا قتلونا أو ردونا في دينهم، فجاء ذلك الرجل فرأى مدينة بخلاف التي عهدها، و رأى قوما بخلاف أولئك، لم يعرفهم و لم يعرفوا لغته و لم يعرف لغتهم، فقالوا له: من أنت، و من أين جئت؟ فأخبرهم، فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه و الرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف، و أقبلوا يتطلعون فيه فقال بعضهم: هؤلاء ثلاثة و رابعهم كلبهم، و قال بعضهم: خمسة و سادسهم كلبهم و قال بعضهم: سبعة و ثامنهم كلبهم و حجبهم الله بحجاب من الرعب فلم يكن

أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم، فإنه لما دخل عليهم وجدهم خائفين أن يكونوا أصحاب دقيانوس شعروا بهم، فأخبرهم صاحبهم أنهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل، و أنهم آية للناس، فبكوا و سألوا الله تعالى أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا، ثم قال الملك: ينبغي أن نبني هاهنا مسجدا نزوره، فإن هؤلاء قوم مؤمنون.

و لهم في كل سنة تقلبان «2»: ينامون ستة أشهر على جنوبهم اليمنى «3» و ستة أشهر على جنوبهم اليسرى «4» و الكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف، و ذلك قوله: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ أي خبرهم إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً وَ رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً إلى قوله تبارك و تعالى وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ: أي بالفناء لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً وَ كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ أي أنبهناهم لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ إلى قوله وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ و هم الذين ذهبوا إلى باب الكهف لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ إلى قوله: سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ فقال الله لنبيه: قل لهم رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ.

ثم انقطع خبرهم، فقال: فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَ لا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً وَ لا تَقُولَنَّ

لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ أخبره أنه إنما أحتبس الوحي عنه أربعين صباحا لأنه قال لقريش: غدا أخبركم بجواب مسائلكم و لم يستثن، فقال الله: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إلى

__________________________________________________

(1) في «س، ط»: هذه الورقة.

(2) في المصدر: نقلتان.

(3) في «س، ط»: الأيمن.

(4) في «س، ط»: الأيسر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 620

قوله: رَشَداً «1».

ثم عطف على الخبر الأول الذي حكى عنهم أنهم يقولون: ثلاثة رابعهم كلبهم، فقال: وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً «2» و هو حكاية عنهم و لفظه خبر، و الدليل على أنه حكاية عنهم قوله: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ» «3».

6633/ [18]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً: «يعني جورا على الله إن قلنا إن له شريكا».

6634/ [19]- علي بن إبراهيم، قال في قوله تبارك و تعالى: لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ يعني بحجة بينة أن معه شريكا، و قوله: وَ تَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ يقول: ترى أعينهم مفتوحة وَ هُمْ رُقُودٌ أي نيام وَ نُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَ ذاتَ الشِّمالِ في كل عام مرتين لئلا تأكلهم الأرض.

و قوله تعالى: فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً يقول: أيها أطيب طعاما فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ إلى قوله:

وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ يعني أطلعنا على الفتية لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ في البعث وَ أَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها يعني لا شك فيها بأنها كائنة، و قوله: رَجْماً بِالْغَيْبِ يعني: ظنا بالغيب ما يستفتونهم، و قوله:

فَلا تُمارِ

فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً يقول: حسبك ما قصصنا عليك من أمرهم، وَ لا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً يقول: لا تسأل عن أصحاب الكهف أحدا من أهل الكتاب.

6635/ [20]- ابن الفارسي: قال الصادق (عليه السلام): «يخرج القائم (عليه السلام) من ظهر الكعبة مع سبعة و عشرين رجلا: خمسة عشر من قوم موسى (عليه السلام) الذين كانوا يهدون بالحق و به يعدلون، و سبعة من أهل الكهف، و يوشع بن نون، و سلمان، و أبو دجانة الأنصاري، و المقداد بن الأسود، و مالك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصارا و حكاما» «4».

6636/ [21]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بحذف الإسناد، مرفوعا إلى ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: لما ولي عمر بن الخطاب الخلافة أتاه قوم من أحبار اليهود، فقالوا: يا عمر، أنت ولي الأمر من بعد محمد؟ قال: نعم، قالوا: إنا نريد أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا بها دخلنا في الإسلام، و علمنا أن دين الإسلام حق، و أن محمدا كان

__________________________________________________

18- تفسير القمّي 2: 24. [.....]

19- تفسير القمّي 2: 34.

20- روضة الواعظين 2: 266.

21- إرشاد القلوب: 358.

(1) الكهف 8: 23- 24.

(2) الكهف 8: 25.

(3) الكهف 8: 26.

(4) في المصدر: أو حكّاما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 621

نبيا، و إن لم تخبرنا بها علمنا أن دين الإسلام باطل و أن محمدا- لم يكن نبيا. فقال عمر: سلونا عما بدا لكم، فسألوه عن مسائل- مذكورة في الحديث حذفناها للاختصار- قال: فنكس عمر رأسه في الأرض، ثم رفع رأسه إلى علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن، ما أرى جوابهم إلا عندك، فإن كان لها جواب فأجب.

فقال لهم علي (عليه السلام): «سلوا عما بدا لكم، ولي

عليكم شريطة». قالوا فما شريطتك؟ قال (عليه السلام): «إذا أخبرتكم بما في التوراة دخلتم في ديننا». قالوا: نعم. قال: «سلوني عن خصلة خصلة». فأجابهم عما سألوه، و هو مذكور في الحديث.

قال: و كانت الأحبار ثلاثة فوثب اثنان فقالا: نشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا عبده و رسوله. قال: و وقف الحبر الآخر، فقال: يا علي لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوب أصحابي، و لكن بقيت خصلة: أخبرني عن قوم كانوا في أول الزمان فماتوا ثلاث مائة سنة و تسع سنين ثم أحياهم الله، ما كانت قصتهم؟ فابتدأ علي (عليه السلام) فقال:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ «1» و لما أراد أن يقرأ سورة الكهف قال اليهودي: ما أكثر ما سمعنا قرآنكم! إن كنت فاعلا «2» فأخبرنا عن قصة هؤلاء و بأسمائهم و عددهم، و اسم كلبهم، و اسم كهفهم، و اسم ملكهم، و اسم مدينتهم.

قال علي (عليه السلام): «لا حول و لا قوة إلا بالله، يا أخا اليهود، حدثني حبيبي محمد (صلى الله عليه و آله) أنه كان في أرض الروم مدينة يقال لها: أفسوس، و كان لها ملك صالح، فمات ملكهم و تشتت أمرهم و اختلفت كلمتهم، فسمع بهم ملك من ملوك فارس يقال له: دقيوس «3»، فأقبل في مائة ألف رجل حتى دخل مدينة أفسوس فاتخذها دار مملكته، و اتخذ فيها قصرا طوله فرسخ في عرض فرسخ، و اتخذ في ذلك القصر مجلسا طوله ألف ذراع في عرض ذلك من الزجاج الممرد، و اتخذ في المجلس أربعة آلاف اسطوانة من ذهب، و اتخذ ألف قنديل من ذهب له سلاسل من لجين «4»، تسرج

بأطيب الأدهان، و اتخذ في شرق المجلس ثمانين كوة «5»، و في غربيه ثمانين كوة، و كانت الشمس إذا طلعت تدور في المجلس كيف ما دارت، و اتخذ له سريرا من ذهب «6»، له قوائم من فضة مرصعة بالجواهر، و علاه بالنمارق، و اتخذ عن يمين السرير ثمانين كرسيا من الذهب مرصعة بالزبرجد الأخضر، فأجلس عليها بطارقته «7»، و اتخذ عن يسار السرير ثمانين كرسيا من الفضة مرصعة بالياقوت الأحمر، فأجلس عليها هراقلته، ثم علا السرير فوضع التاج على رأسه».

__________________________________________________

(1) الكهف 18: 1.

(2) في المصدر: عالما.

(3) في المصدر في جميع المواضع: دقيانوس.

(4) اللّجين: الفضّة. «لسان العرب- لجن- 13: 379».

(5) الكوّة: الخرق في الحائط و الثّقب في البيت و نحوه. «لسان العرب- كوى- 15: 236».

(6) في المصدر زيادة: طوله ثمانون ذراعا في أربعين ذراعا.

(7) البطريق: القائد. «لسان العرب- بطرق- 10: 21». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 622

قال: فوثب اليهودي، فقال: يا أمير المؤمنين، مم كان تاجه؟ فقال: (عليه السلام): «لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، كان تاجه من الذهب المشبك، له سبعة أركان على كل ركن لؤلؤة بيضاء تضي ء كضوء المصباح في الليلة الظلماء، و اتخذ خمسين غلاما من أولاد الهراقلة، فقرطهم بقراط «1» الديباج الأحمر، و سرولهم بسراويلات من الفرند «2» الأخضر، و توجهم و دملجهم «3» و خلخلهم، و أعطاهم أعمدة من الذهب، و أوقفهم على رأسه، و اتخذ ستة أغلمة من أولاد العلماء، فاتخذهم وزراء: فأقام ثلاثة عن يمينه، و ثلاثة عن يساره».

قال اليهودي: ما كان أسماء الثلاثة الذين عن يمينه، و الثلاثة الذين عن يساره؟ فقال علي (عليه السلام): «أما الثلاثة الذين كانوا عن يمينه فكانت أسماؤهم تمليخا،

و مكسلينا، و محسمينا «4»، و أما الثلاثة الذين كانوا عن يساره فكانت أسماؤهم: مرطوس «5»، و كينظوس «6»، و ساربيوس «7»، و كان يستشيرهم في جميع أموره».

قال: «و كان يجلس في كل يوم في صحن داره، البطارقة عن يمينه، و الهراقلة عن يساره- قال- و يدخل ثلاثة أغلمة فى يد أحدهم جام «8» من ذهب مملوء من المسك المسحوق «9»، و في يد الآخر جام من فضة مملوء من ماء الورد، و في يد الآخر طائر أبيض له منقار أحمر، فإذا نظر إلى ذلك الطائر صفر به، فيطير الطائر حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرغ فيه، فيحمل ما في الجام بريشه و جناحيه، ثم يصفر به الثانية فيطير الطائر حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرغ فيه، فيحمل ما في الجام بريشه و جناحيه، ثم يصفر الثالثة فيطير الطائر حتى يقع في جام المسك فيتمرغ فيه، فيحمل ما في الجام بريشه و جناحيه، ثم يصفر الثالثة فيطير الطائر على رأس الملك، فلما نظر الملك إلى ذلك عتا و تجبر و ادعى الربوبية من دون الله عز و جل».

قال: «فدعا إلى ذلك وجوه قومه، فكل من أطاعه على ذلك أعطاه و حباه و كساه، و كل من لم يتابعه قتله، فاستجاب له أناس، فاتخذ لهم عيدا في كل سنة مرة، فبينما هو ذات يوم في عيده «10»، و البطارقة عن يمينه و الهراقلة عن يساره، و إذا ببطريق من بطارقته قد أقبل و أخبره أن، عساكر الفرس قد غشيته، فاغتم لذلك غما شديدا حتى سقط التاج عن ناصبيته، فنظر إليه أحد الفتية الثلاثة الذين كانوا عن يمينه، يقال له: تمليخا، فقال في نفسه: لو

كان دقيوس إلها كما يزعم ما كان يغتم، و لا كان يفرح «11»، و لا كان يبول و لا كان يتغوط، و لا كان ينام و لا

__________________________________________________

(1) في «ط، ج»: فبرطقهم براطق.

(2) الفرند: ثوب من حرير. «تاج العروس 2: 451».

(3) دملج الشي ء: إذا سوّاه و أحسن صنعته، و الدّملوج: المعضد من الحليّ. «لسان العرب- دملج- 2: 276».

(4) في المصدر: مكسلمينا و مجلسينا.

(5) في المصدر: مرنوس.

(6) في «ج»: كينطوس، و في «س»: كيظوس، و في المصدر: ديرنوس.

(7) في المصدر: شاذرنوس.

(8) الجام: إناء من فضّة. «لسان العرب- جوم- 12: 112».

(9) في «س»: المشرق. و المشرق: الملقى فى الشمس ليجفّ.

(10) في المصدر: عيدهم.

(11) في المصدر: يفزع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 623

يستيقظ، و ليس هذا من فعل الإله».

قال: «و كان الفتية الستة كل يوم عند أحدهم يأكلون و يشربون، و كانوا في ذلك اليوم عند تمليخا فاتخذ لهم من أطيب الطعام و أعذب الشراب فطعموا و شربوا، ثم قال: يا إخوتاه، قد وقع في نفسي شي ء قد منعني الطعام و الشراب و المنام قالوا: و ما ذلك يا تمليخا، فقال تمليخا: لقد أطلت فكري في هذه السماء فقلت: من رفع سقفها محفوظة بلا علاقة من فوقها و لا دعامة من تحتها، و من أجرى فيها شمسا و قمرا نيرين مضيئين»، و من زينها بالنجوم؟ ثم أطلت فكري في هذه الأرض، فقلت: من سطحها على صميم الماء الزاخر، و من حبسها بالجبال أن تميد على كل شي ء؟ و أطلت فكري في نفسي، فقلت: من أخرجني جنينا من بطن امي، و من غذاني، و من رباني في بطنها؟ إن لهذا صانعا و مدبرا غير دقيوس الملك، و ما هذا إلا

ملك الملوك و جبار السماوات».

قال: «فانكب الفتية على رجليه فقبلوها، و يقولون: قد هدانا الله من الضلالة بك إلى الهدى فأشر علينا- قال- فوثب تمليخا فباع تمرا من حائط له ثلاثة دراهم «2»، و صرها في كمه، و ركبوا على خيولهم و خرجوا من المدينة، فلما ساروا ثلاثة أميال، قال تمليخا: يا إخوتاه جاء ملك الآخرة و ذهب ملك الدنيا و زال أمرها، انزلوا عن خيولكم و امشوا على أرجلكم لعل الله يجعل لكم من أمركم فرجا و مخرجا فنزلوا عن خيولهم فمشوا سبع فراسخ في ذلك اليوم فجعلت أرجلهم تقطر دما».

قال: «فاستقبلهم راع، فقالوا، أيها الراعي، هل من شربة لبن؟ هل من شربة ماء؟ فقال الراعي عندي ما تحبون، و لكن أرى وجوهكم وجوه الملوك، و ما أظنكم إلا هرابا من دقيوس الملك؟ قالوا: أيها الراعي، لا يحل لنا الكذب، فينجينا منك الصدق؟ قال: نعم، فأخبروه بقصتهم، فانكب على أقدامهم يقبلها، و قال: يا قوم، لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم، و لكن أمهلوني حتى أرد الأغنام إلى أربابها و ألحق بكم، فوقفوا له فرد الأغنام و أقبل يسعى فتبعه كلبه.»

فقال اليهودي: يا علي، ما كان لون الكلب، و ما اسمه؟ قال علي (عليه السلام): «يا أخا اليهود «3»، أما لون الكلب فكان أبلق بسواد، و أما اسمه فكان قطمير «4». فلما نظر الفتية إلى الكلب، قال بعضهم لبعض: إنا نخاف أن يفضحنا هذا الكلب بنباحه فألحوا عليه بالحجارة، فلما نظر الكلب إليهم قد ألحوا عليه بالطرد أقعى على ذنبه و تمطى و نطق بلسان ذلق «5»، و هو ينادي: يا قوم، لم تردوني و أنا أشهد أن لا إله إلا الله،

وحده لا شريك له، ذروني أحرسكم من عدوكم،- قال- فجعلوا يبتدرونه، فحملوه على أعناقهم- قال- فلم يزل الراعي يسير بهم حتى علابهم جبلا فانحط بهم على كهف يقال له: الوصيد، فإذا بإزاء الكهف عين، و أشجار مثمرة، فأكلوا من الثمرة و شربوا من الماء، و جهنم

__________________________________________________

(1) في المصدر: آيتين مبصرتين.

(2) في المصدر: ثلاثة آلاف درهم.

(3) في المصدر: قال عليّ (عليه السّلام): لا حول و لا قوّة إلّا باللّه العلي العظيم. [.....]

(4) في المصدر: قمطير.

(5) في المصدر: طلق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 624

الليل فأووا إلى الكهف، فأوحى الله جل جلاله إلى ملك الموت: أن يقبض أرواحهم، و وكل الله عز و جل بكل رجل منهم ملكين يقلبانه ذات اليمين إلى ذات الشمال، و ذات الشمال إلى ذات اليمين، و أوحى الله إلى خازن «1» الشمس فكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين، و تقرضهم ذات الشمال.

فلما رجع دقيوس من عيده سأل عن الفتية، فأخبر أنهم ذهبوا هربا، فركب في ثمانين ألف حصان، فلم يزل يقفوا أثرهم حتى علا الجبل، و انحط إلى الكهف، فلما نظر إليهم إذا هم نيام فقال الملك: لو أردت أن أعاقبهم بشي ء لما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا به أنفسهم، و لكن ائتوني بالبنائين، و سد باب الكهف بالكلس و الحجارة، ثم قال لأصحابه: قولوا لهم يقولون لإلههم الذي في السماء لينجيهم مما بهم إن كانوا صادقين، و أن يخرجهم من هذا الموضع».

ثم قال علي (عليه السلام): «يا أخا اليهود، فمكثوا ثلاثمائة و تسع سنين، فلما أراد الله أن يحييهم أمر إسرافيل الملك أن ينفخ فيهم الروح- قال- فنفخ فقاموا من رقدتهم، فلما بزغت الشمس قال بعضهم لبعض: قد غفلنا في هذه الليلة

عن عبادة إله السماوات فقاموا فإذا العين قد غارت و الأشجار قد جفت، فقال بعضهم لبعض: إن في أمرنا لعجبا، مثل تلك العين الغزيرة قد غارت في ليلة واحدة، و مثل تلك الأشجار قد جفت في ليلة واحدة!».

قال: «و مسهم الجوع فقالوا: ابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة، فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه و ليتلطف و لا يشعرن بكم أحدا: فقال تمليخا: لا يذهب في حوائجكم غيري، و لكن ادفع إلي- أيها الراعي- ثيابك قال: فدفع الراعي إليه ثيابه و مضى إلى المدينة، فجعل يرى مواضع لا يعرفها و طرقا ينكرها، حتى أتى باب المدينة، فإذا عليه علم أخضر مكتوب عليه بالصفرة: لا إله إلا الله، عيسى رسول الله و روحه- قال (عليه السلام)- فجعل ينظر إلى العلم و يمسح عينيه و يقول: كأني نائم ثم دخل المدينة حتى أتى السوق فإذا رجل خباز، فقال: أيها الخباز ما اسم مدينتكم هذه؟ قال: أفسوس. قال: و ما اسم ملككم؟ قال: عبد الرحمن، قال: يا هذا حركني كأني نائم فقال الخباز: أ تهزأ بي، تكلمني و أنت نائم؟! فقال تمليخا للخباز: فادفع إلي بهذا الورق طعاما. قال: فتعجب الخباز من نقش «2» الدرهم و من كبره».

قال: فوثب اليهودي و قال: يا علي و ما كان وزن كل درهم؟ قال علي (عليه السلام): «يا أخا اليهود، كان وزن كل درهم منها عشرة دراهم و ثلثي درهم».

قال: «فقال له الخباز: يا هذا، إنك أصبت كنزا؟ فقال تمليخا: ما هذا إلا ثمن تمرة بعتها منذ ثلاثة أيام و خرجت من هذه المدينة و تركت، الناس يعبدون دقيوس الملك فغضب الخباز و قال: ألا تعطيني بعضها و تنجو، أتذكر

رجلا خمارا كان يدعي الربوبية قد مات منذ أكثر من ثلاثمائة سنة؟».

قال: فثبت تمليخا حتى أدخله الخباز على الملك، فقال: ما شأن هذا الفتى؟ فقال: الخباز: هذا رجل أصاب

__________________________________________________

(1) في المصدر: خزّان.

(2) في المصدر: ثقل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 625

كنزا. فقال له الملك: لا تخف- يا فتى- فإن نبينا عيسى بن مريم (عليه السلام) أمرنا أن لا نأخذ من الكنوز إلا خمسها، فأعطني خمسها و امض سالما. فقال تمليخا: انظر- أيها الملك- في أمري، ما أصبت كنزا، أنا من أهل هذه المدينة.

قال: له الملك: أنت من أهلها؟ قال: نعم. قال: فهل تعرف منها أحدا؟ قال: نعم، قال: فسم، فسمى تمليخا نحوا من ألف رجل لا يعرف منهم رجل واحد. قال: ما أسمك؟ قال: اسمي تمليخا. قال: ما هذه الأسماء؟ قال: أسماء أهل زماننا.

قال: فهل لك في هذه المدينة دار؟ قال: نعم، اركب أيها الملك معي- قال-: فركب الناس معه، فأتى بهم إلى أرفع باب دار في المدينة، فقال تمليخا: هذه الدار داري، فقرع الباب فخرج إليهم شيخ قد وقع حاجباه على عينيه من الكبر، فقال: ما شأنكم؟ قال: له الملك: أتينا بالعجب، هذا الغلام يزعم أن هذه الدار داره. فقال له الشيخ: من أنت؟ قال: أنا تمليخا بن قسطنطين «1». قال: فانكب الشيخ على رجليه يقبلها و يقول: هو جدي و رب الكعبة. فقال:

أيها الملك، هؤلاء الستة الذين خرجوا هرابا من دقيوس الملك».

قال: «فنزل الملك عن فرسه، و حمله على عاتقه، و جعل الناس يقبلون يديه و رجليه، فقال: يا تمليخا، ما فعل أصحابك؟ فأخبرهم أنهم في الكهف، فكان يومئذ بالمدينة ملكان: ملك مسم، و مل نصراني، فركبا و أصحابهما، فلما صاروا قريبا من

الكهف قال لهم تمليخا: يا قوم، إني أخاف أن يسمع أصحابي أصوات حوافر الخيول فيظنون أن دقيوس الملك قد جاء في طلبهم، و لكن أمهلوني حتى أتقدم فأخبرهم- قال- فوقف الناس و أقبل تمليخا حتى دخل الكهف، فلما نظروا إليه أعتقوه و قالوا: الحمد لله الذي نجاك من دقيوس.

فقال تمليخا: دعوني عنكم و عن دقيوس، كم لبثتم؟ قالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم. قال تمليخا: بل لبثتم ثلاثمائة و تسع سنين، و قد مات دقيوس و ذهب قرن بعد قرن، بعث الله عز و جل نبيا يقال له: المسيح عيسى بن مريم و رفعه الله عز و جل إليه، و قد أقبل إلينا الملك و الناس معه قالوا: يا تمليخا، أ تريد أن تجعلنا فتنة للعالمين؟

قال تمليخا: فما تريدون؟ قالوا: تدعو الله و ندعوه معك أن يقبض أرواحنا، و يجعل عشاءنا معه في الجنة- قال- فرفعوا أيديهم و قالوا: إلهنا، بحق ما آتيتنا من الدين فمر بقبض أرواحنا فأمر الله عز و جل بقبض أرواحهم، و طمس الله عز و جل على باب الكهف عن الناس، فأقبل الملكان يطوفان على باب الكهف سبعة أيام لا يجدان للكهف بابا فقال الملك المسلم: ماتوا على ديننا، أبني على باب الكهف مسجدا. و قال النصراني لا، بل ماتوا على ديننا أبني على باب الكهف ديرا. فاقتتلا، فغلب المسلم النصراني، و بنى على باب الكهف مسجدا».

ثم قال علي (عليه السلام) «سألتك بالله- يا يهودي- أ يوافق ما في توراتكم»؟ فقال اليهودي: و الله ما زدت حرفا و لا نقصت حرفا، و أنا أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و أنك- يا أمير المؤمنين وصي

رسول الله حقا».

6637/ [22]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق و محمد بن أحمد السناني و علي بن أحمد بن

__________________________________________________

22- التوحيد: 241/ 1.

(1) في «ج» و «ق»: قسطيطين، و في المصدر: قسطين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 626

محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن جعفر بن سليمان البصري، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً.

فقال: «إن الله تبارك و تعالى يضل الظالمين يوم القيامة عن دار كرامته، و يهدي أهل الإيمان و العمل الصالح إلى جنته، كما قال عز و جل وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ «1»، و قال عز و جل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ «2»».

6638/ [23]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن عقبة، عن ميسر، عن محمد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ، قال: «أزكى طعاما: التمر».

سورة الكهف(18): الآيات 23 الي 24 ..... ص : 626

قوله تعالى:

وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَ قُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً [23- 24]

6639/ [1]- و عنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد

بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي جميلة المفضل ابن صالح، عن محمد الحلبي و زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في قول الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ، قال: «إذا حلف الرجل فنسي أن يستثني، فليستثن إذا ذكر».

6640/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً «3».

__________________________________________________

23- الكافي 6: 345/ 1.

1- الكافي 7: 447/ 1.

2- الكافي 7: 447/ 2.

(1) إبراهيم: 14: 27.

(2) يونس 10: 9.

(3) طه: 20: 115.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 627

قال: فقال: «إن الله عز و جل لما قال لآدم (عليه السلام): ادخل الجنة، قال له: يا آدم لا تقرب هذه الشجرة- قال- و أراه إياها. فقال آدم (عليه السلام) لربه: كيف أقربها و قد نهيتني عنها أنا و زوجي- قال- فقال لهما: لا تقرباها، يعني: لا تأكلا منها. فقال آدم (عليه السلام) و زوجته: نعم يا ربنا، لا نقربها و لا نأكل منها، و لم يستثنيا في قولهما: نعم فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما و إلى ذكرهما».

قال: «و قد قال الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله) في الكتاب: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ أن لا أفعله، فتسبق مشيئة الله في أن لا أفعله، فلا أقدر على أن أفعله- قال- و لذلك

قال الله عز و جل:

وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ أي استثن مشيئة الله في فعلك».

6641/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن حمزة بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ.

قال: «ذلك في اليمين، إذا قلت: و الله لا أفعل كذا و كذا، فإذا ذكرت أنك لم تستثن فقل: إن شاء الله».

6642/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الاستثناء في اليمين متى ما ذكر، و إن كان بعد أربعين صباحا، ثم تلا هذه الآية: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ».

6643/ [5]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن الحسين بن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ».

فقال: «إذا حلفت على يمين و نسيت أن تستثني، فاستثن إذا ذكرت».

6644/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، قال: أمر أبو عبد الله (عليه السلام) بكتاب في حاجة فكتب، ثم عرض عليه و لم يكن فيه استثناء، فقال: «كيف رجوتم أن يتم هذا و ليس فيه استثناء؟ [انظروا كل موضع لا يكون فيه استثناء] فاستثنوا فيه».

6645/ [7]- الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن علي بن حديد، عن مرازم، قال: دخل

أبو عبد الله (عليه السلام) يوما إلى منزل معتب، و هو يريد العمرة، فتناول لوحا فيه كتاب فيه تسمية أرزاق العيال و ما يخرج لهم فإذا فيه: لفلان و فلان و فلان و ليس فيه استثناء، فقال (عليه السلام): «من كتب هذا الكتاب و لم يستثن فيه، كيف ظن أنه يتم»: ثم دعا بالدواة فقال: «ألحق فيه إن شاء الله» فألحق فيه في كل اسم: إن شاء الله.

__________________________________________________

3- الكافي 7: 448/ 3.

4- الكافي 7: 448/ 6. [.....]

5- الكافي 7: 449/ 8.

6- الكافي 2: 494/ 7.

7- التهذيب 8: 281/ 1030.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 628

6646/ [8]- العياشي: عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «إذا حلف الرجل بالله فله ثنياها «1» إلى أربعين يوما، و ذلك أن قوما من اليهود سألوا النبي (صلى الله عليه و آله)، عن شي ء فقال: القوني «2» غدا- و لم يستثن- حتى أخبركم فاحتبس عنه جبرئيل (عليه السلام) أربعين يوما، ثم أتاه، و قال: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ».

6647/ [9]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام): «ذكر أن آدم (عليه السلام) لما أسكنه الله الجنة فقال له: يا آدم لا تقرب هذه الشجرة فقال: نعم، يا رب و لم يستثن، فأمر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) فقال: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ و لو بعد سنة».

6648/ [10]- و في رواية عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله

(عليه السلام) في قوله: «وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ أن تقول إلا من بعد الأربعين، فللعبد الاستثناء في اليمين ما بينه و بين أربعين يوما إذا نسي».

6649/ [11]- عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال الله: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ أن لا أفعله، فتسبق مشيئة الله في أن لا أفعله، فلا أقدر على أن أفعله- قال- فلذلك قال الله: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ أي استثن مشيئة الله في فعلك».

6650/ [12]- عن زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في قول الله عز و جل:

وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ، قال: «إذا حلف الرجل فنسي أن يستثني، فليستثن إذا ذكر».

6651/ [13]- عن حمزة بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ، فقال: «أن تستثني، ثم ذكرت بعد، فاستثن حين تذكر».

6652/ [14]- عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ، قال: «هو الرجل يحلف فينسى أن يقول: إن شاء الله فليقلها إذا ذكر».

6653/ [15]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل:

__________________________________________________

8- تفسير العياشي 2: 324/ 14.

9- تفسير العياشي 2: 324/ 15.

10- تفسير العياشي 2: 324/ 16.

11- تفسير العياشي 2: 325/ 17.

12- تفسير العياشي 2: 325/ 18.

13- تفسير العياشي 2: 325/ 19.

14- تفسير العياشي 2: 325/ 20.

15- تفسير العياشي 2: 325/

21.

(1) الثنيا: الاستثناء. «مجمع البحرين- ثنا- 1: 76».

(2) في «ط»: ائتوني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 629

وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ، قال: «هو الرجل يحلف على الشي ء و ينسى أن يستثني، فيقول: لأفعلن كذا و كذا غدا أو بعد غد عن قوله: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ».

6654/ [16]- عن حمزة بن حمران، قال: سألته عن قول الله: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ، قال: «إذا حلفت ناسيا ثم ذكرت بعد، فاستثن حين تذكر».

6655/ [17]- عن القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال: «الاستثناء في اليمين متى ما ذكر، و إن كان بعد أربعين صباحا». ثم تلا هذه الآية: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ.

سورة الكهف(18): آية 25 ..... ص : 629

قوله تعالى:

وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً [25]

6656/]- العياشي: عن جابر، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «و الله، ليملكن رجل منا أهل البيت الأرض بعد موته ثلاثمائة سنة و يزداد تسعا». قال: قلت: و متى ذلك؟ قال: «بعد موت القائم».

قال: قلت: و كم يقوم القائم في عالمه حتى يموت؟ قال: «تسع عشرة سنة، من يوم قيامة إلى يوم موته».

قال: قلت: فيكون بعد موته هرج؟ قال: «نعم، خمسين سنة- قال- ثم يخرج المنتصر «1» إلى الدنيا فيطلب بدمه و دم أصحابه، فيقتل و يسبي حتى يقال: لو كان هذا من ذرية الأنبياء ما قتل الناس كل هذا القتل فيجتمع الناس عليه أبيضهم و أسودهم فيكثرون عليه حتى يلجئوه إلى حرم الله، فإذا اشتد البلاء عليه مات المنتصر «2» و خرج السفاح إلى الدنيا غضبا للمنتصر، فيقتل كل عدونا جائر و يملك الأرض كلها، فيصلح الله له

أمره، و يعيش ثلاثمائة سنة و يزداد تسعا».

ثم قال: أبو جعفر (عليه السلام): «يا جابر، و هل تدري من المنتصر و السفاح؟ يا جابر، المنتصر الحسين، و السفاح أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما)».

6657/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة الأشعري، و سعدان بن إسحاق بن سعيد، و أحمد بن الحسين بن

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 2: 325/ 22. [.....]

17- تفسير العيّاشي 2: 325/ 23.

1- تفسير العيّاشي 2: 326/ 24.

2- الغيبة: 331/ 3.

(1) في «ط» و المصدر: المنصور.

(2) في «ق»: المنصور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 630

عبد الملك الزيات، و محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت، عن جابر ابن يزيد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) يقول: «و الله، ليملكن رجل منا أهل البيت ثلاثمائة سنة و يزداد تسعا». قال فقلت له: و متى يكون ذلك؟ فقال: «بعد موت القائم (عليه السلام)».

قلت له و كم يقوم القائم (عليه السلام) في عالمه حتى يموت؟ فقال: «تسع عشرة سنة من يوم قيامة إلى يوم موته».

سورة الكهف(18): آية 28 ..... ص : 630

قوله تعالى:

وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا- إلى قوله تعالى- عَنْ ذِكْرِنا [28]

6658/ [1]- العياشي: عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في قوله: وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ، قال: «إنما عنى بها الصلاة».

6659/ [2]- علي بن إبراهيم: فهذه الآية: نزلت في سلمان الفارسي، كان عليه كساء فيه

يكون طعامه و هو دثاره و رداؤه، و كان كساء من صوف، فدخل عيينة بن حصن «1» على النبي (صلى الله عليه و آله) و سلمان عنده، فتأذى عيينة بريح كساء سلمان، و قد كان عرق فيه و كان يومئذ شديد الحر، فعرق في الكساء، فقال: يا رسول الله، إذا نحن دخلنا عليك فأخرج هذا و حزبه «2» من عندك، فإذا نحن خرجنا فأدخل من شئت فأنزل الله: وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا و هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري.

سورة الكهف(18): الآيات 29 الي 31 ..... ص : 630

قوله تعالى:

وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ- إلى قوله

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 326/ 25.

2- تفسير القمّي 2: 34.

(1) عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، يكنى أبا مالك، أسلم بعد الفتح، و كان من المؤلّفة قلوبهم و من الأعراب الجفاة، انظر اسد الغابة 4:

166.

(2) في المصدر: و اصرفه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 631

تعالى- نِعْمَ الثَّوابُ وَ حَسُنَتْ مُرْتَفَقاً [29- 31]

6660/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد، عن عبد العظيم، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية هكذا: وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ في ولاية علي فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ آل محمد حقهم ناراً».

6661/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي، عن الحسين بن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قوله تعالى:

وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ في ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)

فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ آل محمد حقهم ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها».

6662/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (صلوات الله عليهم أجمعين)، في قوله تعالى وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ: «في ولاية علي (عليه السلام) فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ». و قرأ إلى قوله: أَحْسَنَ عَمَلًا.

ثم قال: «قيل للنبي (صلى الله عليه و آله) فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ «1» في أمر علي، أنه الحق من ربك، فمن شاء فليؤمن، و من شاء فليكفر، فجعل الله تركه معصية و كفرا». قال: ثم قرأ: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ لآل محمد ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها- الآية، ثم قرأ:- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا، يعني بهم آل محمد (صلوات الله عليهم)».

6663/ [4]- العياشي: عن عاصم الكوزي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: في قول الله: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ، قال: «وعيد».

6664/ [5]- عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ظلم لا يغفره الله، و ظلم لا يدعه فأما الظلم الذي لا يغفره الله، الشرك، و أما الظلم الذي يغفره الله تعالى فظلم الرجل نفسه، و أما الظلم الذي لا يدعه فالذنب «2» بين العباد».

و رواه محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن

__________________________________________________

1- الكافي 1: 351/ 64.

2- تأويل الآيات 1: 292/ 2.

3- تأويل الآيات 1: 292/ 3.

4- تفسير العيّاشي 2: 326/ 26.

5- تفسير العيّاشي 2: 326/ 27. [.....]

(1) الحجر

15: 94.

(2) في الكافي: فالمداينة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 632

الجهم، عن المفضل بن صالح، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الظلم ثلاثة» الحديث «1».

6665/ [6]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا على محمد (صلى الله عليه و آله) فقال: وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ آل محمد حقهم ناراً».

6666/ [7]- علي بن إبراهيم: في قوله: وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ.

قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نزلت هذه الآية هكذا: وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ يعني ولاية علي (عليه السلام) فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ آل محمد حقهم ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ.- قال- المهل: الذي يبقى في أصل الزيت المغلي يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَ ساءَتْ مُرْتَفَقاً». ثم ذكر ما أعد الله للمؤمنين، فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا إلى قوله: وَ حَسُنَتْ مُرْتَفَقاً.

6667/ [8]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام و الشراب، فقال: وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ».

6668/ [9]- و عنه (عليه السلام) في قوله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ «2» قال: «تبدل خبزة بيضاء نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب».

قال له قائل: إنهم يومئذ لفي شغل عن الأكل و الشرب؟! فقال له: «إن ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام و الشراب، أهم أشد شغلا أمن في النار قد

استغاثوا؟ قال الله: وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ».

سورة الكهف(18): الآيات 32 الي 43 ..... ص : 632

قوله تعالى:

وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً- إلى قوله تعالى- وَ ما كانَ مُنْتَصِراً [32- 43]

6669/ [1]- محمد بن العباس (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن

__________________________________________________

6- تفسير العيّاشي 2: 326/ 28.

7- تفسير القمّي 2: 35.

8- تفسير العيّاشي 2: 327/ 29.

9- تفسير العيّاشي 2: 327/ 30.

1- تأويل الآيات 1: 293/ 5.

(1) الكافي 2: 248/ 1.

(2) إبراهيم 14: 48.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 633

محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن القاسم بن عروة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل:

وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً، قال: «هما علي (عليه السلام) و رجل آخر».

6670/ [2]- المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلي، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما اخرج علي ملببا «1» وقف عند قبر النبي (صلى الله عليه و آله) قال: يا بن عم «2»، إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني- قال- فخرجت يد من قبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعرفون أنها يده، و صوت يعرفون أنه صوته، نحو أبي بكر: يا هذا: أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا».

6671/ [3]- و من هذا الكتاب أيضا: أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم،

عن خالد بن ماد القلانسي و محمد بن حماد، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما استخلف أبو بكر أقبل عمر على علي (عليه السلام) فقال: أما علمت أن أبا بكر قد استخلف؟ فقال له علي (عليه السلام): فمن جعله كذلك «3»؟ قال: المسلمون رضوا بذلك.

فقال علي: (عليه السلام): و الله، ما أسرع ما خالفوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و نقضوا عهده! و لقد سموه بغير اسمه، و الله ما استخلفه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له عمر: كذبت، فعل الله بك و فعل.

فقال: له: إن تشأ أن أريك برهان ذلك فعلت. فقال عمر: ما تزال تكذب على رسول الله في حياته و بعد موته فقال له: انطلق بنا- يا عمر- لتعلم أينا الكذاب على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حياته و بعد موته فانطلق معه حتى أتى القبر، فإذا كف فيها مكتوب: أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا؟! فقال له علي (عليه السلام): أرضيت؟ لقد فضحك رسول الله (صلى الله عليه و آله) «4» في حياته و بعد موته».

6672/ [4]- و من الكتاب أيضا: أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن حماد، عن أبي علي، عن أحمد بن موسى، عن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لقي علي (عليه السلام) أبا بكر في بعض سكك المدينة، فقال له: ظلمت و فعلت؟ فقال: و من يعلم ذلك؟ فقال: يعلمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: و كيف لي برسول الله حتى يعلمني ذلك؟ لو أتاني في

المنام فأخبرني لقبلت ذلك.

__________________________________________________

2- الاختصاص: 274.

3- الاختصاص: 274.

4- الاختصاص: 274.

(1) لببت الرجل تلبيبا: إذا جمعت ثيابه عند صدره و نحوه عند الخصومة ثمّ جررته. «مجمع البحرين- لبب- 2: 165».

(2) في المصدر: يا ابن امّ. [.....]

(3) في المصدر: لذلك.

(4) في المصدر: فضحك اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 634

قال: فأنا أدخلك على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأدخله مسجد قبا، فإذا هو برسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجد قبا، فقال له (صلى الله عليه و آله): اعتزل عن ظلم أمير المؤمنين- قال- فخرج من عنده فلقيه عمر، فأخبره بذلك، فقال: اسكت، أما عرفت قديما سحر بني عبد المطلب؟!».

6673/ [5]- و من الكتاب أيضا: سعد، قال: حدثنا عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان، عن عيثم بن أسلم، عن معاوية بن عمار الدهني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «دخل أبو بكر على علي (عليه السلام) فقال له: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يحدث إلينا في أمرك حدثا بعد يوم الولاية، و أنا أشهد أنك مولاي، مقر لك بذلك، و قد سلمت عليك على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) بإمرة «1» المؤمنين، و أخبرنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنك وصيه و وارثه و خليفته في أهله و نسائه و لم يحل بينك و بين ذلك، و صار ميراث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إليك و أمر نسائه، و لم يخبرنا بأنك خليفته من بعده، و لا جرم لنا في ذلك، فيما بيننا و بينك، و لا ذنب بيننا و بين الله عز و جل.

فقال: له علي

(عليه السلام): أ رأيتك «2» إن رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى يخبرك بأني أولى بالمجلس الذي أنت فيه، و أنك إن لم تنح عنه كفرت، فما تقول؟ فقال: إن رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى يخبرني ببعض هذا اكتفيت به. قال: فوافني إذا صليت المغرب».

قال: فرجع بعد المغرب فأخذ بيده، و أخرجه إلى مسجد قبا، فإذا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في القبلة، فقال: يا عتيق، وثبت على علي، و جلست مجلس النبوة، و قد تقدمت إليك في ذلك؟! فانزع هذا السربال «3» الذي تسربلته و خله لعلي (عليه السلام) و إلا فموعدك النار».

قال: «ثم أخذ بيده فأخرجه، فقام النبي (صلى الله عليه و آله) عنهما، و انطلق أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى سلمان، فقال له: يا سلمان، أما علمت أنه كان من الأمر كذا و كذا؟ فقال سلمان: ليشهرن بك و ليبدينه إلى صاحبه و ليخبرنه بالخبر، فضحك أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قال: أما أن يخبر صاحبه فيفعل، ثم لا و الله لا يذكر انه أبدا إلى يوم القيامة، هما أنظر لأنفسهما «4» من ذلك.

فلقي أبو بكر عمر، فقال: إن عليا أتى كذا و كذا، و صنع كذا و كذا، و قال رسول الله: كذا و كذا. فقال له عمر:

ويلك، ما أقل عقلك! فو الله، ما أنت فيه الساعة إلا من بعض سحر ابن أبي كبشة، قد نسيت سحر بني هاشم؟! و من أين يرجع محمد؟ و لا يرجع من مات، إن ما أنت فيه أعظم من سحر بني هاشم، فتقلد هذا السربال و مر «5» فيه».

__________________________________________________

5- الاختصاص: 272.

(1) في «ج» زيادة: أمير.

(2)

في المصدر: إن أريتك.

(3) السّربال: القميص، و كنى به عن الخلافة. «لسان العرب- سربل- 11: 335».

(4) في «ق»: ممّا نظر لأنفسهما، و في «ط»: ممّا نظر إلى أنفسهما.

(5) في «ق» و «ط»: و من فيه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 635

6674/ [6]- و من الكتاب المذكور أيضا: محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لقي أبا بكر، فقال له: أما أمرك رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن تطيع لي؟ فقال: لا، و لو أمرني لفعلت.

قال: فامض بنا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فانطلق به إلى مسجد قبا، فإذا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصلي، فلما انصرف، قال له علي (عليه السلام): يا رسول الله، إني قلت لأبي بكر: أما أمرك رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن تطيعني؟

فقال: لا، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قد أمرتك، فأطعه».

قال: «فخرج و لقي عمر و هو ذعر فقام عمر و قال له: مالك؟، فقال له: قال رسول الله كذا و كذا. فقال عمر: تبا لامة ولوك أمرهم، أما تعرف سحر بني هاشم؟!».

6675/ [7]- محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير و علي ابن الحكم، عن الحكم بن مسكين، عن أبي عمارة، عن أبي عبد الله و عثمان بن عيسى، عن ابن أبي عمير و علي ابن الحكم، عن الحكم بن مسكين، عن أبي عمارة، عن أبي عبد الله و عثمان بن عيسى، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله

(عليه السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أتى «1» أبا بكر فاحتج عليه، ثم قال له: أ ترضى برسول الله (صلى الله عليه و آله) بيني و بينك؟ فقال: فكيف لي به؟ فأخذ بيده، و أتى به مسجد قبا، فإذا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيه، فقضى على أبي بكر، فرجع أبو بكر مذعورا، فلقي عمر فأخبره، فقال: مالك! أما علمت سحر بني هاشم؟!».

6676/ [8]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن أبي عبد الله و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، جميعا، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: يوما لأبي بكر وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ «2» و أشهد أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مات شهيدا، و الله ليأتينك، فأيقن إذا جاءك فإن الشيطان غير متخيل به، فأخذ علي (عليه السلام) بيد أبي بكر فأراه النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال له: يا أبا بكر، آمن بعلي و بأحد عشر من ولده، إنهم مثلي إلا النبوة، و تب إلى الله مما في يدك، فإنه لا حق لك فيه- قال- ثم ذهب فلم يره».

6677/ [9]- صاحب (درر المناقب): عن ابن عباس، أنه قال: بينما أمير المؤمنين (عليه السلام) يدور في سكك المدينة إذ استقبله أبو بكر، فأخذ علي (عليه السلام) بيده، ثم قال: «يا أبا بكر، اتق الله الذي خلقك من تراب، ثم من نطفة، ثم سواك رجلا، و اذكر معادك يا ابن أبي قحافة، و اذكر ما

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد علمتم ما تقدم به إليكم في غدير خم فإن رددت إلي الأمر دعوت الله أن يغفر لك ما فعلته، و إن لم تفعل فما يكون جوابك لرسول

__________________________________________________

6- الاختصاص: 273.

7- بصائر الدرجات: 294/ 2.

8- الكافي 1: 448/ 13.

9- .... مدينة المعاجز: 168.

(1) في المصدر: لقي.

(2) آل عمران 3: 169. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 636

الله (صلى الله عليه و آله)». فقال له: أرني رسول الله في المنام، يردني عما أنا فيه، فإني أطيعه. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):

«كيف ذلك و أنا أريكه في اليقظة؟».

ثم أخذ علي (عليه السلام) بيده حتى أتى به مسجد قبا، فرأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالسا في محرابه و عليه أكفانه و هو يقول: «يا أبا بكر، ألم أقل لك ذلك مرة بعد مرة و تارة بعد تارة إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) خليفتي و وصيي، و طاعته طاعتي، و معصيته معصيتي، و طاعته طاعة الله، و معصيته معصية الله؟!».

قال: فخرج أبو بكر و هو فزع مرعوب، و قد عزم أن يرد الأمر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ استقبله رجل من أصحابه فأخبره بما رأى، فقال: هذا سحر من سحر بني هاشم، دم «1» على ما أنت عليه، و احفظ مكانك. و لم يزل به حتى صده عن المراد.

6678/ [10]- و ذكر بعض العلماء، في كتاب له، قال: روت الشيعة بأسرهم: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما قعد أبو بكر مقعده و دعا إلى نفسه بالإمامة، احتج عليه بما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مواطن كثيرة من أن عليا (عليه السلام)

خليفته و وصيه و وزيره و قاضي دينه و منجز وعده، و أنه (صلى الله عليه و آله) أمرهم باتباعه في حياته و بعد وفاته، و كان من جواب أبي بكر أنه قال: وليتكم و لست بخيركم، أقيلوني.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «من يقيلك؟ الزم بيتك و سلم الأمر إلى الذي جعله الله و رسوله له، و لا يغرنك من قريش أوغادها، فإنهم عبيد الدنيا، يزيلون الحق عن مقره طمعا منهم في الولاية بعدك، و لينالوا في حياتك من دنياك». فتلجلج في الجواب، و جعل يعده بتسليم الأمر إليه، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوما إن أريتك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمرك باتباعي و تسليم الأمر إلي أما تقبل قوله؟» فتبسم ضاحكا متعجبا من قوله (عليه السلام) و قال: نعم، فأخذ «2» بيده و أدخله المسجد- و هو مسجد قبا بالمدينة- فأراه رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول له: «يا أبا بكر، أنسيت ما أقوله في علي؟! فسلم إليه هذا الأمر، و اتبعه و لا تخالفه» فلما سمع ذلك ابو بكر و غاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن بصره بهت و تحير، و أخذه الأفكل «3» و عزم على تسليم الأمر إليه فدخل في رأيه الثاني.

أقول: ما رواه أصحاب الحديث و الروايات في هذا المعنى كثيرة، اقتصرنا على ذلك مخافة الإطالة.

6679/ [11]- ابن شهر آشوب: من مناقب إسحاق العدل، أنه كان في خلافة هشام خطيب يلعن عليا (عليه السلام) على المنبر، قال: فخرجت كف من قبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يرى الكف و لا يرى الذراع، عاقدة

__________________________________________________

10- عيون المعجزات: 42.

11- المناقب 2:

344.

(1) في «ط»: ثبت.

(2) في «ج»: فأخذه.

(3) الأفكل: الرّعدة من برد أو خوف. «لسان العرب- فكل- 11: 529».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 637

على ثلاث و ستين، و إذا كلام من قبر النبي (صلى الله عليه و آله): «ويلك من أمري «1» أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا؟» و ألقت ما فيها فإذا دخان أزرق، قال: فما نزل عن المنبر إلا و هو أعمى يقاد، قال: فما مضت له ثلاثة أيام حتى مات.

6680/ [12]- قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً قال: نزلت في رجل كان له بستانان كبيران عظيمان كثيرا الثمار، كما حكى الله عز و جل، و فيهما نخل و زرع و ماء، و كان له جار فقير، فافتخر الغني على ذلك الفقير، و قال له: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً ثم دخل بستانه و قال: ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً وَ ما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً.

فقال له الفقير: أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَ لا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ثم قال الفقير للغني: وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً.

ثم قال الفقير: فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ يُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً أي محترقا أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً. فوقع فيها ما قال الفقير في تلك

الليلة فَأَصْبَحَ الغني، يقلب كفيه على ما أنفق فيها و هي خاوية على عروشها و يقول: يا ليتني لم أشرك بربي أحدا وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مُنْتَصِراً فهذه عقوبة البغي.

6681/ [13]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه) قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، قال: حدثني جماعة من مشايخنا، منهم: أبان بن عثمان و هشام بن سالم و محمد بن حمران، عن الصادق (عليه السلام) قال: عجبت لمن فزع من أربع، كيف لا يفزع إلى أربع؟

عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله عز و جل: حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ «2»؟ فإني سمعت الله عز و جل يقول بعقبها: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ «3». و عجبت لمن اغتم، كيف لا يفزع إلى قوله عز و جل لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ «4» فإني سمعت الله عز و جل يقول بعقبها:

فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ «5». و عجبت لمن مكر به، كيف لا يفزع إلى قوله تعالى:

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 2: 35.

13- الخصال: 218/ 43.

(1) في المصدر: اموي.

(2) آل عمران 3: 173.

(3) آل عمران 3: 174.

(4) الأنبياء 21: 87.

(5) الأنبياء 21: 88.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 638

وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ «1»؟ فإني سمعت الله عز و جل يقول بعقبها: فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا «2». و عجبت لمن أراد الدنيا و زينتها، كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: ما شاءَ اللَّهُ

لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ؟ و فإني سمعت الله عز و جل يقول بعقبها: إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ، و عسى موجبة».

سورة الكهف(18): آية 44 ..... ص : 638

قوله تعالى:

هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَ خَيْرٌ عُقْباً [44]

6682/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة و محمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام). عن قوله تعالى: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ، قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

6683/ [2]- محمد بن العباس (رحمه الله): عن محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عبد الحميد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: قوله تعالى: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَ خَيْرٌ عُقْباً؟ قال: «هي ولاية علي (عليه السلام)، هي «3» خير ثوابا و خير عقبا».

سورة الكهف(18): الآيات 45 الي 46 ..... ص : 638

قوله تعالى:

وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ- إلى قوله تعالى- وَ الْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ أَمَلًا [45- 46]

6684/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن بكر بن محمد الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

__________________________________________________

1- الكافي 1: 346/ 34، شواهد التنزيل 1: 356/ 487.

2- تأويل الآيات 1: 296/ 6. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 36.

(1) غافر 40: 44.

(2) غافر 40: 45.

(3) في «ط»: هو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 639

سمعته يقول: «أيها الناس، آمروا بالمعروف، و انهوا عن المنكر، فإن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لم يقربا أجلا، و لم يباعدا رزقا، فإن الأمر، ينزل من السماء إلى الأرض كقطر المطر في كل يوم إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان، في أهل أو مال أو نفس، و

إذا أصاب أحدكم مصيبة في مال أو نفس و رأى عند أخيه عفوة «1» فلا يكونن له فتنة، فإن المرء المسلم ما لم يفش «2» دناءة تظهر و يخشع لها إذا ذكرت «3» و يغري بها لئام «4» الناس، كان كالياسر الفالج الذي ينتظر أول «5» فوز من قداحه، يوجب له بها المغنم، و يدفع عنه المغرم، كذلك المرء المسلم البري ء من الكذب و الخيانة، ينتظر إحدى الحسنيين: إما داعيا من الله، فما عند الله خير له، و إما رزقا من الله، فهو ذو أهل و مال و معه دينه و حسبه، و المال و البنون حرث الدنيا، و العمل الصالح حرث الآخرة، و قد يجمعهما الله لأقوام».

6685/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «مر رسول الله (صلى الله عليه و آله) برجل يغرس غرسا في حائط له فوقف عليه، و قال: ألا أدلك على غرس أثبت أصلا و أسرع إيناعا و أطيب ثمرا و أبقى؟ قال: بلى، فدلني يا رسول الله.

قال: إذا أصبحت و أمسيت فقل: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر، فإن لك- إن قلته- بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، و هن «6» من الباقيات الصالحات».

قال: «فقال الرجل: إني أشهدك- يا رسول الله- أن حائطي هذا صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين من أهل الصدقة، فأنزل الله عز و جل الآيات من القرآن: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى «7»».

و روى هذا الحديث ابن بابويه،

في (أماليه): حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عليه السلام): مثله، إلا أن فيه: «على فقراء المسلمين من أهل الصفة» «8».

__________________________________________________

2- الكافي 2: 367/ 4.

(1) عفو المال: ما يفضل عن النفقة: «لسان العرب- عفا- 15: 76». و في «ج» و «ط» و «ق»: عثرة.

(2) في «ق» و «ط» و المصدر: يغش.

(3) في «ط»: تظهر فتخشع إذا ذكر.

(4) في «ج» و «ق»: آثام.

(5) في «ج» و «ق»: إحدى.

(6) في «ج»: و هو.

(7) الليل 92: 5- 7.

(8) الأمالي: 169/ 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 640

6686/ [3]- الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن عمر بن علي بن عمر، عن عمه محمد بن عمر، عمن حدثه عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إن كان الله عز و جل قال: الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا فإن الثمانية ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الآخرة».

6687/ [4]- العياشي: عن إدريس القمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الباقيات الصالحات، فقال:

«هي الصلاة، فحافظوا عليها- قال- لا تصل الظهر أبدا حتى تزول الشمس».

6688/ [5]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): خذوا جننكم. فقالوا:

يا رسول الله، عدو حضر؟ قال: لا و لكن خذوا جننكم من النار. فقالوا: بم نأخذ جنننا يا رسول الله من النار؟ قال:

سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة و لهن

مقدمات و مؤخرات و منجيات و معقبات، و هن الباقيات الصالحات».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ «1» قال: ذكر الله عند ما أحل أو حرم، و شبه هذا و مؤخرات».

6689/ [6]- عن محمد بن عمرو، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «قال الله عز و جل: الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا كما أن ثماني ركعات يصليها العبد آخر الليل «2» زينة الآخرة».

6690/ [7]- الشيخ: بإسناده عن ابن فضال، عن العباس، عن فضيل بن عثمان، عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في ملأ من أصحابه، فقال: خذوا جننكم. قالوا: يا رسول الله، حضر عدو؟ قال: لا، خذوا جننكم من النار قال: قولوا: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. فإنهن يوم القيامة مقدمات و منجيات و معقبات، و هن عند الله الباقيات الصالحات».

6691/ [8]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن فضيل، عن أبيه، عن النعمان بن عمرو الجعفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي، قال: دخلت أنا و عمي الحصين بن عبد الرحمن علي أبي عبد الله (عليه السلام). فسلم عليه فرد عليه السلام و أدناه، فقال: «ابن من هذا معك»؟

قال: ابن أخي إسماعيل. قال: «رحم الله إسماعيل و تجاوز عن سيئ عمله، كيف مخلفوه»؟ «3» قال: نحن جميعا

__________________________________________________

3- التهذيب 2: 120/ 223. [.....]

4- تفسير العيّاشي 2: 327/ 31.

5- تفسير العيّاشي 2: 327/ 32.

6- تفسير العيّاشي 2: 327/

33.

7- الأمالي 2: 290.

8- تأويل الآيات 1: 297/ 8.

(1) العنكبوت 29: 45.

(2) في «ط» و «ق» و المصدر: الليلة.

(3) في «ق» و «ط» و المصدر: تخلّفوه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 641

بخير ما أبقى الله لنا مودتكم قال: «يا حصين، لا تستصغرن مودتنا، فإنها من الباقيات الصالحات».

فقال: يا بن رسول الله، ما أستصغرها، و لكن أحمد الله عليها، لقولهم (صلوات الله عليهم أجمعين): «من حمد الله فليقل: الحمد لله على اولي «1» النعم».

قيل و ما اولي النعم؟ قال: «ولايتنا أهل البيت».

سورة الكهف(18): الآيات 47 الي 49 ..... ص : 641

قوله تعالى:

وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً- إلى قوله تعالى- وَ يَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [47- 49]

6692/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما يقول الناس في هذه الآية وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً «2»؟». قلت: يقولون: إنها في القيامة.

قال: أبو عبد الله (عليه السلام): «ليس كما يقولون، إنما ذلك في الرجعة، يحشر الله في القيامة من كل امة فوجا و يدع الباقين؟! إنما آية القيامة قوله: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً».

6693/ [2]- العياشي: عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا كان يوم القيامة دفع إلى الإنسان كتابه، ثم قيل له: اقرأ».

قلت: فيعرف ما فيه؟ فقال: «إنه يذكره، فما من لحظة و لا كلمة و لا نقل قدم و لا شي ء فعله إلا ذكره، كأنه فعله تلك الساعة، فلذلك قالوا: يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا

أَحْصاها».

6694/ [3]- عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ «3»، قال: «يذكر العبد جميع ما عمل و ما كتب عليه كأنه فعله تلك الساعة، فلذلك قالوا: يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 24.

2- تفسير العيّاشي 2: 328/ 34.

3- تفسير العيّاشي 2: 328/ 35.

(1) في «ق» و «ط»: أوّل، في الموضعين.

(2) النمل 27: 83.

(3) الاسراء 17: 14. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 642

6695/ [4]- قال علي بن إبراهيم: عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا

إلى قوله:وْعِداً

فهو محكم.

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث المحشر، في قوله تعالى: وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ وُضِعَ الْكِتابُ من آخر سورة الزمر «1».

6696/ [5]- و قال في قوله تعالى: وَ وُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ- إلى قوله تعالى:- وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً قال: يجدون كل ما عملوا مكتوبا.

سورة الكهف(18): آية 50 ..... ص : 642

قوله تعالى:

وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ [50]

6697/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه، علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)- في حديث- قالا: قلنا له: فعلى هذا لم يكن إبليس (لعنه الله) أيضا ملكا.

فقال: «لا، بل كان من الجن، أما تسمعان الله تعالى يقول: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ

كانَ مِنَ الْجِنِّ فأخبر عز و جل أنه كان من الجن، و هو الذي قال الله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ «2»».

و الحديث طويل ذكرناه في قوله تعالى: وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ «3».

6698/ [2]- العياشي: عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن إبليس، أ كان من الملائكة؟ و هل كان يلي من أمر السماء شيئا؟

قال: «إنه لم يكن من الملائكة، و لم يكن يلي من أمر السماء شيئا، كان من الجن، و كان مع الملائكة، و كانت

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 36.

5- تفسير القمّي 2: 37.

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 270/ 1.

2- تفسير العيّاشي 2: 328/ 36.

(1) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (9) من سورة الزمر.

(2) الحجر 15: 27.

(3) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (102) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 643

الملائكة تراه أنه منها، و كان الله يعلم أنه ليس منها، فلما امر بالسجود كان منه الذي كان».

6699/ [3]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أمر الله إبليس بالسجود لآدم مشافهة. فقال:

و عزتك لئن أعفيتني من السجود لآدم لأعبدنك عبادة ما عبدها خلق من خلقك».

6700/ [4]- و في رواية اخرى، عن هشام، عنه (عليه السلام): «و لما خلق الله آدم (عليه السلام) قبل أن ينفخ فيه الروح كان إبليس يمر به فيضربه برجله فيدب، فيقول إبليس: لأمر ما خلقت».

و قد تقدمت الروايات في سورة البقرة بما فيه مزيد على ما هاهنا «1».

سورة الكهف(18): آية 51 ..... ص : 643

قوله تعالى:

ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ

عَضُداً [51] 6701/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً: أي ناصرا.

6702/ [6]- العياشي: عن محمد بن مروان، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً.

قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام فأنزل الله:

وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً يعنيهما».

6703/ [7]- عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب»؟ فقال: «يا محمد، قد- و الله- قال ذلك، و كان علي أشد من ضرب العنق».

ثم أقبل علي فقال: «هل تدري ما أنزل الله يا محمد»؟ قلت: أنت أعلم، جعلت فداك، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان في دار الأرقم، فقال: اللهم أعز الإسلام، بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب، فأنزل الله:

ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً يعنيهما».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 328/ 37.

4- تفسير العيّاشي 2: 328/ 38.

5- تفسير القمّي 2: 37.

6- تفسير العيّاشي 2: 328/ 39.

7- تفسير العيّاشي 2: 329/ 40.

(1) تقدّمت الروايات في تفسير الآية (34) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 644

سورة الكهف(18): الآيات 52 الي 53 ..... ص : 644

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً- إلى قوله تعالى- وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها [52- 53] 6704/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في قوله تعالى: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً: أي سترا.

قال: قوله:

وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها أي علموا، فهذا ظن يقين.

6705/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن بكر ابن عبد الله بن حبيب، قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر، قال: حدثني محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب الجنديسابوري، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن يزيد، عن عبد الله «1» بن عبيد، عن أبي معمر السعداني، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «قوله: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها أي أيقنوا أنهم داخلوها».

سورة الكهف(18): آية 54 ..... ص : 644

قوله تعالى:

وَ كانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْ ءٍ جَدَلًا [54]

6706/ [3]- ابن شهر آشوب: عن أبي بكر الشيرازي في (كتابه) عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، و أبي يوسف يعقوب بن سفيان في (تفسيره) و أحمد بن حنبل و أبي يعلى الموصلي في (مسنديهما) قال ابن شهاب:

أخبرني علي بن الحسين (عليه السلام) أن أباه الحسين بن علي (عليه السلام) ذكر أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أخبره: أن النبي (صلى الله عليه و آله) طرقه و فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «ألا تصلون؟ فقلت: يا رسول الله، إنما أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا- أي يكثر اللطف بنا- فانصرف حين قلت ذلك و لم يرجع إلي شيئا، ثم سمعته و هو مول يضرب فخذيه و يقول: وَ كانَ الْإِنْسانُ يعني: علي بن أبي طالب أَكْثَرَ شَيْ ءٍ جَدَلًا أي متكلما بالحق و الصدق».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 37. [.....]

2- التويد: 267/ 5.

3- المناقب 2: 45، مسند أحمد بن حنبل 1: 112.

(1) في المصدر: عبيد اللّه.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 3، ص: 645

سورة الكهف(18): الآيات 56 الي 82 ..... ص : 645

قوله تعالى:

وَ يُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ- إلى قوله تعالى- ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً [56- 82] 6707/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ. أي يدفعوه وَ اتَّخَذُوا آياتِي وَ ما أُنْذِرُوا هُزُواً إلى قوله: بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ فهو محكم.

قال: و قوله تعالى: لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا أي ملجأ: وَ تِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً أي يوم القيامة يدخلون النار، فلما أخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) قريشا خبر أصحاب الكهف، قالوا: أخبرنا عن العالم الذي أمر الله موسى أن يتبعه، و ما قصته؟ فأنزل الله عز و جل: وَ إِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً.

6708/ [2]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال:

حدثني محمد بن زكريا الجوهري البصري، قال: حدثنا جعفر بن عمارة، عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: «إن الخضر كان نبيا مرسلا، بعثه الله تبارك و تعالى إلى قومه، فدعاهم إلى توحيده، و الإقرار بأنبيائه و رسله و كتبه، و كانت آيته أنه كان لا يجلس على خشبة يابسة و لا أرض بيضاء إلا أزهرت خضراء، و إنما سمي خضرا لذلك، و كان اسمه تاليا «1» بن ملكان بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح (عليه السلام)، و إن موسى لما كلمه الله تكليما، و أنزل عليه التوراة و كتب له في الألواح من كل شي ء موعظة و تفصيلا لكل شي ء، و جعل آيته في يده و

في عصاه، و في الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم، و فلق البحر، و أغرق الله عز و جل فرعون و جنوده، و عملت البشرية فيه حتى قال في نفسه: ما أرى أن الله عز و جل خلق خلقا أعلم مني. فأوحى الله عز و جل إلى جبرئيل (عليه السلام): يا جبرئيل، أدرك عبدي موسى قبل أن يهلك، و قل: له: إن عند ملتقى البحرين رجلا عابدا فاتبعه و تعلم منه، فهبط جبرئيل (عليه السلام) على موسى (عليه السلام) بما أمره به ربه عز و جل، فعلم موسى (عليه السلام) أن ذلك لما حدثته به نفسه.

فمضى هو و فتاه يوشع بن نون (عليه السلام) حتى انتهيا إلى ملتقى البحرين، فوجدا هناك الخضر (عليه السلام) يعبد الله عز و جل، كما قال الله عز و جل في كتابه فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً؟ قال له الخضر (عليه السلام): إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً لأني وكلت بعلم لا تطيقه، و وكلت أنت بعلم لا أطيقه. قال موسى: بل أستطيع معك صبرا. فقال

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 37.

2- علل الشرائع: 59/ 1.

(1) في المصدر: باليا، و في «ق»: إليا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 646

الخضر: إن القياس لا مجال له في علم الله و أمره وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً؟ قال له موسى:

سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً فلما استثنى المشيئة قبله. قال: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْ ءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً فقال موسى (عليه السلام): لك

ذلك علي. فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها الخضر (عليه السلام)، فقال له موسى (عليه السلام): أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قال: أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً؟! قال موسى (عليه السلام): لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ أي بما تركت من أمرك وَ لا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً.

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ الخضر (عليه السلام)، فغضب موسى (عليه السلام) و أخذ بتلابيبه و قال له:

أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً؟! قال له الخضر: إن العقول لا تحكم على أمر الله تعالى ذكره، بل أمر الله يحكم عليها، فسلم لما ترى مني و اصبر عليه، فقد كنت علمت أنك لن تستطيع معي صبرا. قال موسى (عليه السلام): إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْ ءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً.

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ و هي الناصرة، و إليها تنسب النصارى اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فوضع الخضر (عليه السلام) يده عليه فأقامه فقال له موسى (عليه السلام):

لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً؟ قال له الخضر (عليه السلام): هذا فِراقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً فقال: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صالحة غَصْباً فأردت بما فعلت أن تبقى لهم، و لا يغصبهم الملك عليها، فنسب إلا بانة «1» في هذا الفعل إلى نفسه لعلة ذكر التعييب، لأنه أراد أن يعيبها عند الملك حتى إذا شاهدها فلا يغصب المساكين عليها، و أراد الله عز و جل صلاحهم بما أمره به من ذلك.

ثم قال: وَ أَمَّا

الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فطبع «2» كافرا، و علم الله تعالى ذكره أنه إن بقي كفر أبواه و افتتنا به و ضلا بإضلاله إياهما، فأمرني الله تعالى ذكره بقتله، و أراد بذلك نقلهم إلى محل كرامته في العاقبة، فاشترك «3» في الإبانة بقوله: فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَ كُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً و إنما اشترك في الإبانة لأنه خشي، و الله لا يخشى لأنه لا يفوته شي ء، و لا يمتنع عليه أحد أراده، و إنما خشي الخضر من أن يحال بينه و بين ما أمر فيه فلا يدرك ثواب الإمضاء فيه، و وقع في نفسه أن الله تعالى ذكره جعله سببا لرحمة أبوي الغلام، فعمل فيه وسط الأمر من البشرية مثل ما كان عمل في موسى (عليه السلام)، لأنه صار في الوقت مخبرا، و كليم الله موسى (عليه السلام) مخبرا، و لم يكن ذلك باستحقاق الخضر (عليه السلام) للرتبة على موسى (عليه السلام) و هو أفضل من الخضر، بل كان لاستحقاق موسى للتبيين.

ثم قال: وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً و لم

__________________________________________________

(1) في المصدر في جميع المواضع: الأنانيّة، و الظاهر أنّ المراد الإرادة.

(2) في «ق» و «ج»: فطلع.

(3) في «ق» و «ط»: فأشرك، في الموضعين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 647

يكن ذلك الكنز بذهب و لا فضة، و لكن كان لوحا من ذهب مكتوب فيه: عجب «1» لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، عجب لمن أيقن أن البعث حق كيف يظلم، عجب لمن يرى الدنيا و تصرف أهلها حالا بعد حال كيف

يطمئن إليها، و كان أبوهما صالحا، و كان بينهما و بين هذا الأب الصالح سبعون أبا، فحفظهما الله بصلاحه، ثم قال: فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَ يَسْتَخْرِجا كَنزَهُما فتبرأ من الإبانة في آخر القصص، و نسب الإرادة كلها إلى الله تعالى ذكره في ذلك لأنه لم يكن بقي شي ء مما فعله فيخبر به بعد و يصير موسى (عليه السلام) به مخبرا و مصغيا إلى كلامه تابعا له، فتجرد من الإبانة و الإرادة تجرد العبد المخلص، ثم صار متنصلا مما أتاه من نسبة الإبانة في أول القصة، و من ادعائه الاشتراك في ثاني القصة، فقال: رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَ ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً.

ثم قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «إن أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس، و من حمل أمر الله على المقاييس هلك و أهلك، إن أول معصية ظهرت، الإبانة من إبليس اللعين، حين أمر الله تعالى ذكره ملائكته بالسجود لآدم فسجدوا، و أبي إبليس اللعين أن يسجد، فقال عز و جل: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ «2» فكان أول كفره قوله: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ثم قياسه بقوله: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فطرده الله عز و جل عن جواره و لعنه و سماه رجيما، و أقسم بعزته لا يقيس أحد في دينه إلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار».

6709/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: و كان سبب ذلك أنه لما كلم الله موسى (عليه السلام) تكليما، و أنزل عليه الألواح، و فيها كما قال الله تعالى: وَ

كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ «3» رجع موسى (عليه السلام) إلى بني إسرائيل، فصعد المنبر فأخبرهم أن الله قد أنزل عليه التوراة و كلمه، قال في نفسه: ما خلق الله خلقا أعلم مني، فأوحى الله عز و جل إلى جبرئيل (عليه السلام) أن أدرك موسى فقد هلك، و أعلمه أن عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجلا أعلم منك فصر إليه، و تعلم من علمه فنزل جبرئيل (عليه السلام) على موسى (عليه السلام) و أخبره فذل موسى (عليه السلام) في نفسه، و علم أنه أخطأ و دخله الرعب، و قال لوصيه يوشع بن نون: إن الله قد أمرني أن أتبع رجلا عند ملتقى البحرين و أتعلم منه. فتزود يوشع بن نون حوتا مملوحا و خرجا، فلما خرجا و بلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه، فأخرج وصي موسى الحوت و غسله بالماء و وضعه على الصخرة، و مضيا و نسيا الحوت، و كان ذلك الماء ماء الحيوان، فحيي الحوت و دخل الماء، فمضى موسى (عليه السلام) و يوشع بن نون معه حتى عييا «4»: فقال لوصيه: آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً أي عناء «5» فذكر

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 37.

(1) في «ط» في جميع المواضع: عجبت.

(2) الأعراف 7: 12.

(3) الأعراف 7: 145.

(4) في المصدر: عشيا، و في «ق»: جيعا. [.....]

(5) في «ج» و «ق»: عيّا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 648

وصيه السمكة، فقال لموسى (عليه السلام): إني نسيت الحوت على الصخرة. فقال موسى: ذلك الرجل الذي رأيناه عند الصخرة هو الذي نريده، فرجعا على آثارهما قصصا، إلى الرجل و هو في الصلاة، فقعد موسى

(عليه السلام) حتى فرغ من صلاته فسلم عليهما.

6710/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: حدثني محمد بن علي بن بلال، عن يونس، قال: اختلف يونس و هشام بن إبراهيم في العالم الذي أتاه موسى (عليه السلام) أيهما كان أعلم؟ و هل يجوز أن يكون على موسى (عليه السلام) حجة في وقته و هو حجة الله على خلقه؟ قال قاسم الصيقل: فكتبوا ذلك إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسألونه عن ذلك، فكتب في الجواب: «أتى موسى (عليه السلام) العالم فأصابه و هو في جزيرة من جزائر البحر إما جالسا و إما متكئا، فسلم عليه موسى (عليه السلام) فأنكر السلام، إذ كان بأرض ليس فيها سلام، قال: من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران. قال:

أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال: نعم. قال: فما حاجتك؟ قال: جئت لتعلمني مما علمت رشدا.

قال: إني وكلت بأمر لا تطيقه، و وكلت أنت بأمر لا أطيقه.

ثم حدثه العالم بما يصيب آل محمد (عليهم السلام) من البلاء و كيد الأعداء حتى اشتد بكاؤهما، ثم حدثه عن فضل آل محمد (عليهم السلام) حتى جعل موسى (عليه السلام) يقول: يا ليتني كنت من آل محمد، و حتى ذكر فلانا و فلانا، و فلانا، و مبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى قومه، و ما يلقى منهم و من تكذيبهم إياه، و ذكر له تأويل هذه الآية:

وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ «1» حين أخذ عليهم الميثاق (عليه السلام) فقال موسى:

هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً فقال الخضر (عليه السلام): إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ

خُبْراً؟ فقال موسى (عليه السلام): سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً قال الخضر (عليه السلام): فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْ ءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً يقول: لا تسألني عن شي ء أفعله، و لا تنكره علي حتى أخبرك أنا بخبره، قال: نعم.

فمروا ثلاثتهم حتى انتهوا إلى ساحل البحر، و قد شحنت سفينة و هي تريد أن تعبر، فقال أرباب السفينة:

نحمل هؤلاء الثلاثة نفر فإنهم قوم صالحون فحملوهم، فلما جنحت السفينة في البحر قام الخضر (عليه السلام) إلى جوانب السفينة فكسرها و حشاها بالخرق و الطين، فغضب موسى (عليه السلام) غضبا شديدا، و قال للخضر (عليه السلام):

أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً فقال له الخضر: أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً. قال موسى (عليه السلام) لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَ لا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً.

فخرجوا من السفينة و مروا فنظر الخضر (عليه السلام) إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كأنه قطعة قمر، و في أذنيه درتان، فتأمله الخضر (عليه السلام)، ثم أخذه فقتله فوثب موسى (عليه السلام) على الخضر (عليه السلام) و جلد به

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 38.

(1) الأنعام 6: 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 649

الأرض «1»، فقال: أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً؟!.

فقال الخضر (عليه السلام) أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً؟! قال موسى (عليه السلام): إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْ ءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً.

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها [بالعشي تسمى الناصرة، و إليها تنسب النصارى، و لم يضيفوا أحدا قط، و لم يطعموا غريبا، فاستطعموهم فلم يطعموهم و لم يضيفوهم،

فنظر الخضر (عليه السلام) إلى حائط قد زال لينهدم فوضع الخضر يده عليه، و قال: قم بإذن الله تعالى، فقام. فقال موسى (عليه السلام): لم ينبغ لك أن تقيم الجدار حتى يطعمونا و يؤوونا و هو قوله: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً؟

فقال له الخضر (عليه السلام): هذا فِراقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً أَمَّا السَّفِينَةُ التي فعلت بها ما فعلت فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صالحة غَصْباً- كذا نزلت- و إذا كانت السفينة معيوبة، لم يأخذ منها شيئا، وَ أَمَّا الْغϙĘǙřϠفَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ و طبع كافرا- كذا نزلت- فنظرت إلى جبينه و عليه مكتوب: طبع كافرا: فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَ كُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً فأبدل الله والديه بنتا ولدت سبعين نبيا وَ أَمَّا الْجِدارُ الذي أقمته فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَ يَسْتَخْرِجا كَنزَهُما إلى قوله: ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً».

6711/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عدة من أصحابه، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن الحسن بن سعيد اللخمي، قال: ولد لرجل من أصحابنا جارية، فدخل على أبي عبد الله (عليهم السلام) فرآه متسخطا، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «أ رأيت لو أن الله تبارك و تعالى أوحى إليك أن أختار لك أو تختار لنفسك، ما كنت تقول؟». قال: كنت أقول: يا رب، تختار لي. قال: «فإن الله قد اختار لك!».

قال: ثم قال:

«إن الغلام الذي قتله العالم الذي كان مع موسى (عليه السلام) و هو قول الله عز و جل: فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً أبدلهما الله به بنتا، ولدت سبعين نبيا».

6712/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، محمد رسول الله [و الأئمة حجج الله ، عجب لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح، عجب لمن يؤمن بالقدر كيف يفرق «2»، عجب لمن يذكر النار كيف يضحك، عجب لمن يرى الدنيا و تصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها!».

__________________________________________________

5- الكافي 6: 6/ 11.

6- تفسير القمّي 2: 40.

(1) جلدت به الأرض: أي صرعته. «لسان العرب- جلد- 3: 125».

(2) في «ط»: يحزن، و فرق: فزع و أشفق. «لسان العرب- فرق- 10: 304».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 650

6713/ [7]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما.

فقال: «أما إنه ما كان ذهبا و لا فضة، و إنما كان أربع كلمات: لا إله إلا أنا، من أيقن بالموت لم يضحك، و من أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، و من أيقن بالقدر لم يخش إلا الله».

6714/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن يحيى

العطار، عن محمد ابن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن علي، رفعه إلى عمرو بن جميع، رفعه إلى علي (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما و ذكر مثل ما في رواية معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) السابقة «1».

6715/ [9]- علي بن إبراهيم، و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ إِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ قال: «هو يوشع بن نون و قوله: لا أَبْرَحُ يقول: لا أزال حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً- قال- الحقب ثمانون سنة و قوله: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً هو المنكر، و كان موسى (عليه السلام) ينكر الظلم، فأعظم ما رأى».

6716/ [10]- العياشي: عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قال: «لما كان من أمر موسى (عليه السلام) الذي كان، اعطي مكتلا «2» فيه حوت مملح، و قيل له: هذا يدلك على صاحبك عند عين مجمع البحرين، لا يصيب منها شي ء ميتا إلا حيي، يقال لها: الحياة، فانطلقا حتى بلغا «3» الصخرة، فانطلق الفتى يغسل الحوت في العين، فاضطرب الحوت في يده حتى خدشه، فانفلت منه، و نسيه الفتى، فلما جاوز الوقت الذي وقت فيه أعيا موسى (عليه السلام): قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً قال:

أَ رَأَيْتَ إلى قوله تعالى: عَلى آثارِهِما قَصَصاً فلما أتاها وجد الحوت قد خر في البحر، فاقتصا الأثر حتى أتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر البحر، إما متكئا و إما جالسا في كساء له، فسلم عليه موسى (عليه السلام)، و عجب من السلام، و هو في أرض ليس

فيها سلام، فقال: من أنت؟ قال: أنا موسى. قال: أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال: نعم. قال: فما حاجتك؟ قال: أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً.

__________________________________________________

7- الكافي 2: 48/ 6.

8- معاني الأخبار: 200/ 1.

9- تفسير القمّي 2: 40.

10- تفسير العيّاشي 2: 329/ 41.

(1) في «ط» زيادة: إلّا أنّ فيها: «أنّه كان بينهما و بين الأب الصالح سبعة آباء» و قال (عليه السّلام): «إنّ اللّه يصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده و ولد ولده، و أهل دويرته و دويرات حوله، فلا يزالون في حفظ اللّه».

(2) المكتل: الزّبيل الكبير. «لسان العرب- كتل- 11: 583».

(3) في «ج» و «ط»: فانظر إلى حين تلقى. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 651

قال: إني وكلت بأمر لا تطيقه، و وكلت بأمر لا أطيقه و قال له: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً فحدثه عن آل محمد (عليهم السلام)، و عما يصيبهم حتى اشتد بكاؤهما، ثم حدثه عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و عن ولد فاطمة (عليهم السلام)، و ذكر له من فضلهم و ما اعطوا، حتى جعل، يقول: يا ليتني من آل محمد و عن رجوع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى قومه، و ما يلقى منهم، و من تكذيبهم إياه، و تلا هذه الآية:

وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ «1» فإنه أخذ عليهم الميثاق».

6717/ [11]- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان وصي موسى بن عمران (عليه السلام) يوشع

بن نون، و هو فتاه الذي ذكره الله في كتابه».

6718/ [12]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان موسى (عليه السلام) أعلم من الخضر (عليه السلام)».

6719/ [13]- عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول موسى (عليه السلام) لفتاه آتِنا غَداءَنا و قوله: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ «2»، فقال: «إنما عنى الطعام». و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن موسى لذو جوعات» «3».

6720/ [14]- عن بريد، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت له: ما منزلتكم في الماضين، و من تشبهون منهم؟

قال: «الخضر و ذو القرنين كانا عالمين و لم يكونا نبيين».

6721/ [15]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنما مثل علي (عليه السلام) و مثلنا من بعده من هذه الامة كمثل موسى (عليه السلام) و العالم، حين لقيه و استنطقه و سأله الصحبة، فكان من أمرهما ما اقتصه الله لنبيه (صلى الله عليه و آله) في كتابه، و ذلك أن الله قال لموسى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ «4»، ثم قال: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ «5».

و قد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الألواح، و كان موسى يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 330/ 42.

12- تفسير العيّاشي 2: 330/ 43.

13- تفسير العيّاشي 2: 330/ 44.

14- تفسير العيّاشي 2: 330/ 45.

15- تفسير العيّاشي 2: 330/ 46.

(1) الأنعام 6: 110.

(2) القصص 28: 24.

(3) في «ط»: إنّ موسى جوعان.

(4) الأعراف 7: 144.

(5) الأعراف 7: 145.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 3، ص: 652

في تابوته، و جميع العلم قد كتب له في الألواح، كما يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم فقهاء و علماء، و أنهم قد أثبتوا جميع العلم و الفقه في الدين مما تحتاج هذه الامة إليه، و صح لهم عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علموه و حفظوه، و ليس كل علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) علموه، و لا صار إليهم عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لا عرفوه، و ذلك أن الشي ء من الحلال و الحرام و الأحكام يرد عليهم فيسألون عنه، و لا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، و يكرهون أن يسألوا فلا يجيبوا فيطلب الناس العلم من معدنه، فلذلك استعملوا الرأي و القياس في دين الله، و تركوا الآثار، و دانوا الله بالبدع، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل بدعة ضلالة.

فلو أنهم إذا سئلوا عن شي ء من دين الله، فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله، ردوه إلى الله و إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه منهم- من آل محمد (عليهم السلام)- و الذي منعهم من طلب العلم منا العداوة و الحسد لنا، لا و الله ما حسد موسى (عليه السلام) العالم- و موسى نبي الله يوحي الله إليه- حيث لقيه و استنطقه و عرفه بالعلم، و لم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ما علمنا و ما ورثنا عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و

لم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى (عليه السلام) إلى العالم و سأله الصحبة، ليتعلم منه، و يرشده، فلما أن سأل العالم ذلك، علم العالم أن موسى (عليه السلام) لا يستطيع صحبته، و لا يحتمل علمه، و لا يصير معه، فعند ذلك قال العالم: وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فقال موسى (عليه السلام) له، و هو خاضع له يستعطفه على نفسه كي يقبله: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً و قد كان العالم يعلم أن موسى (عليه السلام) لا يصبر على علمه.

فكذلك- و الله، يا إسحاق بن عمار- حال قضاة هؤلاء و فقهائهم و جماعتهم اليوم، لا يحتملون- و الله- علمنا و لا يقبلونه و لا يطيقونه، و لا يأخذون به، و لا يصبرون عليه، كما لم يصبر موسى (عليه السلام) على علم العالم حين صحبه و رأى ما رأى من علمه، و كان ذلك عند موسى (عليه السلام) مكروها، و كان عند الله رضا و هو الحق، و كذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ، و هو عند الله الحق».

6722/ [16]- عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن موسى (عليه السلام) صعد المنبر، و كان منبره ثلاث مراق «1»، فحدث نفسه أن الله لم يخلق خلقا أعلم منه، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال له: إنك قد ابتليت، فانزل فإن في الأرض من هو أعلم منك فاطلبه فأرسل إلى يوشع: إني قد ابتليت، فاصنع لنا زادا و انطلق بنا فاشترى حوتا من الحيتان الحية، فخرج بأذربيجان، ثم شواه، ثم حمله في مكتل، ثم انطلقا يمشيان في ساحل البحر، و النبي

إذا مر في مكان لم يعي أبدا حتى يجوز ذلك الوقت».

قال: فبينما هما يمشيان إذ انتهيا إلى شيخ مستلق، معه عصاه موضوعة إلى جانبه، و عليه كساء إذا قنع رأسه

__________________________________________________

16- تفسير العيّاشي 2: 332/ 47.

(1) المرقاة: الدرجة، واحدة من مراقي الدّرج. «لسان العرب- رقا- 14: 332».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 653

خرجت رجلاه، و إذا غطى رجليه خرج رأسه- قال- فقام موسى (عليه السلام) يصلي، و قال ليوشع: احفظ علي- قال- فقطرت قطرة من السماء في المكتل، فاضطرب الحوت، ثم جعل يجر «1» المكتل إلى البحر،- قال:- و هو قوله:

فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً- قال- ثم إنه جاء طير فوقع على ساحل البحر، ثم أدخل منقاره، فقال: يا موسى، ما أخذت من علم ربك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر- قال- ثم قام يمشي فتبعه يوشع، فقال موسى (عليه السلام) لما أعيا حيث جاز الوقت فيه: آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً إلى قوله: فِي الْبَحْرِ عَجَباً».

قال: فرجع موسى (عليه السلام) يقص «2» أثره حتى انتهى إليه، و هو على حاله مستلق، فقال له موسى (عليه السلام):

السلام عليك. فقال: و عليك السلام يا عالم بني إسرائيل- قال- ثم وثب فأخذ عصاه بيده- قال- فقال له موسى (عليه السلام): إني قد أمرت أن أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا. فقال كما قص عليكم: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً».

قال: «فانطلقا حتى انتهيا إلى معبر، فلما نظر إليهم أهل المعبر قالوا: و الله، لا نأخذ من هؤلاء أجرا، اليوم نحملهم، فلما ذهبت السفينة وسط الماء خرقها، فقال له موسى (عليه السلام) كما أخبرتهم، ثم قال: أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ

لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَ لا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً».

قال: و خرجا على ساحل البحر، فإذا غلام يلعب مع غلمان عليه قميص حرير أخضر، في أذنيه درتان، فتوركه «3» العالم فذبحه، فقال له موسى (عليه السلام): أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً».

قال: فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً خبزا نأكله فقد جعنا- قال- و هي قرية على ساحل البحر، و يقال لها: ناصرة، و بها تسمى النصارى نصارى: فلم يضيفوهما و لا يضيفون بعدهما أحدا حتى تقوم الساعة، و كان مثل السفينة فيكم وفينا، ترك الحسين (عليه السلام) البيعة لمعاوية، و كان مثل الغلام فيكم قول الحسن بن علي (عليه السلام) لعبد الله بن علي: لعنك الله من كافر فقال له: قد قتلته، يا أبا محمد و كان مثل الجدار فيكم علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام)» «4».

6723/ [17]- عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام)، قال: «بينما موسى (عليه السلام) قاعد في ملأ من بني إسرائيل، إذ قال له رجل: ما أرى أحدا أعلم بالله منك، قال موسى (عليه السلام):

__________________________________________________

17- تفسير العيّاشي 2: 334/ 48.

(1) في المصدر: يثب من. [.....]

(2) في «ط»: يقتفي، و في المصدر: يقفي.

(3) تورّك الصبيّ: جعله في وركه معتمدا عليها. «لسان العرب- ورك- 10: 511».

(4) ذكر المجلسي (رحمه اللّه) بيانا لمفردات الحديث في (بحار الأنوار 13: 308).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 654

ما أرى فأوحى الله إليه: بلى «1» عبدي الخضر فاسأل السبيل إليه، و كان له آية

الحوت، إن افتقده فكان من شأنه ما قص الله».

6724/ [18]- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «كان سليمان (عليه السلام) أعلم من آصف، و كان موسى (عليه السلام) أعلم من الذي اتبعه».

6725/ [19]- عن ليث بن أبي سليم، عن أبي جعفر (عليه السلام): «شكا موسى (عليه السلام) إلى ربه الجوع في ثلاثة مواضع: آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً و لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً، رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ «2»».

6726/ [20]- عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني «3»، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس، قال: ما وجدت للناس «4» و لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) شبها إلا موسى (عليه السلام) و صاحب السفينة، تكلم موسى (عليه السلام) بجهل، و تكلم صاحب السفينة بعلم، و تكلم الناس بجهل، و تكلم علي (عليه السلام) بعلم.

6727/ [21]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن الأعمش، عن عباية الأسدي، قال: كان عبد الله بن عباس جالسا على شفير زمزم يحدث الناس، فلما فرغ من حديثه جاء رجل فسلم عليه، ثم قال: يا عبد الله، إني رجل من أهل الشام فقال: أعوان كل ظالم إلا من عصم الله منكم، سل عما بدا لك.

فقال: يا عبد الله بن عباس، إني جئتك أسألك عمن قتله علي بن أبي طالب من أهل لا إله إلا الله، لم يكفروا بصلاة، و لا بحج، و لا بصوم شهر رمضان، و لا بزكاة؟.

فقال له

عبد الله: ثكلتك أمك، سل عما يعنيك، و دع ما لا يعنيك. فقال: ما جئتك أضرب إليك من حمص للحج و لا للعمرة، و لكن آتيتك لتشرح لي أمر علي بن أبي طالب و فعاله.

فقال له: ويلك، إن علم العالم صعب لا تحتمله و لا تقر به القلوب الصدئة أخبرك أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان مثله في هذه الامة كمثل موسى و العالم (عليهما السلام) و ذلك أن الله تبارك و تعالى قال في كتابه:

__________________________________________________

18- تفسير العيّاشي 2: 334/ 49.

19- تفسير العيّاشي 2: 335/ 50.

20- تفسير العيّاشي 2: 335/ 51.

21- علل الشرائع: 64/ 3.

(1) في «ط» و «ق»: إئت.

(2) القصص 28: 24.

(3) في المصدر: الكوفي.

(4) في «ج»: لنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 655

يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ ءٍ «1» فكان موسى (عليه السلام) يرى أن جميع الأشياء قد أثبتت له، كما ترون أنتم أن علماءكم قد أثبتوا جميع الأشياء، فلما انتهى موسى (عليه السلام) إلى ساحل البحر، و لقي العالم، استنطق موسى ليصل علمه و لا يحسده، كما حسدتم أنتم علي بن أبي طالب (عليه السلام) و أنكرتم فضله، فقال له موسى (عليه السلام): هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً؟ فعلم العالم أن موسى (عليه السلام) لا يطيق صحبته، و لا يصبر على علمه، فقال له: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً؟

فقال له موسى (عليه السلام): سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً فعلم العالم،

أن موسى (عليه السلام) لا يصبر على علمه، فقال: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْ ءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً.

قال: فركبا في السفينة فخرقها العالم، و كان خرقها لله عز و جل رضا، و سخط ذلك موسى، و لقي الغلام فقتله، و كان قتله لله عز و جل رضا، و سخط ذلك موسى، و أقام الجدار و كانت إقامته لله عز و جل رضا، و سخط ذلك موسى، كذلك كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم يقتل إلا من كان لله في قتله رضا و لأهل الجهالة من الناس سخطا.

و الحديث بتمامه يأتي- إن شاء الله- في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ من سورة الأحزاب «2».

6728/ [22]- العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن نجدة الحروري «3» كتب إلى ابن عباس، يسأله عن سبي الذراري، فكتب إليه: أما الذراري فلم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقتلهم، و كان الخضر (عليه السلام) يقتل كافرهم و يترك مؤمنهم، فإن كنت تعلم ما يعلم الخضر (عليه السلام) فاقتلهم».

6729/ [23]- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «بينما العالم يمشي مع موسى (عليه السلام) إذا هم بغلام يلعب- قال- فوكزه العالم فقتله، فقال له موسى: أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً- قال- فأدخل العالم يده فاقتلع كتفه، فإذا عليه مكتوب: كافر مطبوع».

6730/ [24]- عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان يقرأ: «و كان وراءهم ملك- يعني أمامهم- يأخذ كل

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 2:

335/ 53.

23- تفسير العيّاشي 2: 335/ 53.

24- تفسير العيّاشي 2: 335/ 54. [.....]

(1) الأعراف 7: 144/ 145.

(2) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (53) من سورة الأحزاب.

(3) هو نجدة بن عامر الحروري: من رؤوس الخوارج، زائغ عن الحقّ، خرج باليمامة عقب موت يزيد بن معاوية، و قدم مكّة، و له مقالات معروفة و أتباع انقرضوا، كاتب ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى و عن قتل الأطفال الذين يخالفونه و غير ذلك. «الكامل في التاريخ 4: 201، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4: 136، لسان الميزان 6: 148».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 656

سفينة صالحة غصبا».

6731/ [25]- عن حريز، عمن ذكره عن أحدهما (عليهما السلام) «1»

، أنه قرأ: « (و كان أبواه مؤمنين و طبع كافرا)».

6732/ [26]- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: فَخَشِينا خشي إن أدرك الغلام أن يدعوا أبويه إلى الكفر، فيجيبانه من فرط حبهما له».

6733/ [27]- عن عبد الله بن خالد، رفعه، قال: «كان في كتف الغلام الذي قتله العالم مكتوب: كافر».

6734/ [28]- عن محمد بن عمر، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله ليحفظ ولد المؤمن إلى ألف سنة، و إن الغلامين كان بينهما و بين أبويهما سبعمائة سنة».

6735/ [29]- عن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً، قال: «إنه ولدت لهما جارية، فولدت غلاما، و كان نبيا».

6736/ [30]- عن الحسن بن سعيد اللخمي، قال: ولدت لرجل من أصحابنا جارية، فدخل على أبي عبد الله (عليه السلام)، فرآه متسخطا لها، فقال له

أبو عبد الله (عليه السلام): «أ رأيت لو أن الله أوحى إليك: إني أختار لك أو تختار لنفسك، ما كنت تقول؟».

قال: كنت أقول: يا رب، تختار لي. قال: «فإن الله قد أختار لك».

ثم قال: «إن الغلام الذي قتله العالم حين كان مع موسى (عليه السلام) في قول الله: فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً، قال: فأبدلهما جارية ولدت سبعين نبيا».

6737/ [31]- عن أبي يحيى الواسطي، رفعه إلى أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز و جل وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ إلى قوله: وَ أَقْرَبَ رُحْماً قال: «أبدلهما مكان الابن بنتا، فولدت سبعين نبيا».

6738/ [32]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2»: «كم من إنسان له حق لا يعلم به!» قال: قلت: و ما ذاك، أصلحك الله؟ قال: «إن صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته، أما إنه لم يكن ذهبا و لا فضة».

قال: قلت: فأيهما كان أحق به؟ فقال: «الأكبر، كذلك نقول».

__________________________________________________

25- تفسير العيّاشي 2: 336/ 55.

26- تفسير العيّاشي 2: 336/ 56.

27- تفسير العيّاشي 2: 336/ 57.

28- تفسير العيّاشي 2: 336/ 58.

29- تفسير العيّاشي 2: 336/ 59.

30- تفسير العيّاشي 2: 337/ 60.

31- تفسير العيّاشي 2: 337/ 61.

32- تفسير العيّاشي 2: 337/ 62.

(1) في «ط»- عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام).

(2) في المصدر: عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 657

6739/ [33]- عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده و ولد ولده، و يحفظه في دويرته و دويرات حوله، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله».

ثم ذكر الغلامين فقال: «وَ كانَ أَبُوهُما

صالِحاً ألم تر أن الله شكر صلاح أبويهما لهما».

6740/ [34]- عن يزيد بن رومان «1»، قال: دخل نافع بن الأزرق «2» المسجد الحرام و الحسين بن علي (عليهما السلام) مع عبد الله بن عباس جالسان في الحجر، فجلس إليهما، ثم قال: يا بن عباس، صف لي إلهك الذي تعبده، فأطرق ابن عباس طويلا متبطئا «3» بقوله، فقال له الحسين (عليه السلام): «إلي يا بن الأزرق، المتورط في الضلالة، المرتكس «4» في الجهالة، أجيبك عما سألت عنه». فقال: ما إياك سألت فتجيبني.

فقال له ابن عباس: مه عن ابن رسول الله، فإنه من أهل بيت النبوة و معدن الحكمة. فقال له: صف لي.

فقال له: «أصفه بما وصف به نفسه، و أعرفه بما عرف به نفسه: لا يدرك بالحواس، و لا يقاس بالناس، قريب غير ملتزق «5» و بعيد غير مقصى، يوحد و لا يبعض «6»، لا إله إلا هو الكبير المتعال» قال: فبكى ابن الأزرق بكاء شديدا. فقال له الحسين (عليه السلام): «ما يبكيك»؟ فقال: بكيت من حسن وصفك.

قال: «يا بن الأزرق، إني أخبرت أنك تكفر أبي و أخي و تكفرني» قال له نافع: لئن قلت ذاك لقد كنتم الحكماء «7» و معالم الإسلام، فلما بدلتم استبدلنا بكم.

فقال: له الحسين (عليه السلام): «يا بن الأزرق، أسألك عن مسألة، فأجبني عن قول الله لا إله إلا هو: وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ إلى قوله: كَنْزٌ لَهُما من حفظ فيهما»؟ قال: «فأيهما أفضل أبوهما أم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و فاطمة (عليها السلام)؟». قال: لا، بل رسول الله و فاطمة بنت رسول الله قال: «فما حفظنا حتى حيل بيننا «8» و بين الكفر؟».

فنهض، ثم نفض ثوبه، ثم قال: قد نبأنا الله عنكم- معشر قريش- أنتم قوم خصمون.

__________________________________________________

33- تفسير العيّاشي 2: 337/ 63. [.....]

34- تفسير العيّاشي 2: 337/ 64.

(1) في «ق»: زوبان، و في المصدر و «ج، ط»: رويان، و ما أثبتناه هو الصحيح راجع تقريب التهذيب 2: 364/ 249.

(2) هو نافع بن الأزرق الحروري، من رؤوس الخوارج و إليه تنسب طائفة الأزارقة، و كان قد خرج في أواخر دولة يزيد بن معاوية. «لسان الميزان 6: 144/ 506».

(3) في المصدر: مستبطئا.

(4) في المصدر: المرتكن

(5) في «ط»: غير بعيد ملتزق، و في «ج»: غير بعيد غير ملتزق.

(6) في المصدر: و لا يتبعّض.

(7) في المصدر: الحكّام.

(8) في «ط»: فما حفظهما حتّى حيل بينهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 658

6741/ [35]- عن زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): قال: «يحفظ الأطفال بأعمال آبائهم، كما حفظ الله الغلامين بصلاح أبيهما».

6742/ [36]- عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما، فقال: «أما إنه ما كان ذهبا و لا فضة، و إنما كان أربع كلمات: إني أنا الله لا إله إلا أنا، من أيقن بالموت لم تضحك سنة، و من أقر بالحساب لم يفرح قلبه، و من آمن بالقدر «1» لم يخش إلا ربه».

6743/ [37]- عن ابن أسباط، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «كان في الكنز الذي قال الله عز و جل:

وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما لوح من ذهب، فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، محمد رسول الله، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، و

عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، و عجبت لمن رأى الدنيا و تقلبها بأهلها كيف يركن إليها! و ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يتهم الله في قضائه، و لا يستبطئه في رزقه».

6744/ [38]- عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد. عن آبائه (عليهم السلام): «أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: إن الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله و ماله، و إن كان أهله أهل سوء، ثم قرأ هذه الآية إلى قوله: وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً».

6745/ [39]- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، أنه سمع هذا الكلام من الرضا (عليه السلام): «عجبا لمن عقل «2» عن الله، كيف يستبطئ الله في رزقه؟! و كيف اصطبر على قضائه!».

6746/ [40]- عن محمد بن عمرو الكوفي، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يحفظ ولد المؤمن لأبيه إلى ألف سنة، و إن الغلامين كان بينهما و بين أبيهما سبعمائة سنة».

6747/ [41]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن محمد بن عبيد الله الحلبي و العباس بن عامر، عن عبد الله ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كم من إنسان له حق لا يعلم به!» قلت:

و ما ذاك أصلحك الله؟ قال: «إن صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به، أما إنه لم يكن بذهب و لا فضة».

قلت: فما كان؟ قال: «كان علما». قلت: فأيهما أحق به؟ قال: «الكبير، كذلك نقول نحن».

__________________________________________________

35- تفسير العيّاشي 2: 338/ 65.

36- تفسير العيّاشي 2: 338/ 66.

37- تفسير العيّاشي 2: 338/ 67.

38- تفسير العيّاشي 2: 338/ 68.

39- تفسير العيّاشي 2: 339/ 69. [.....]

40- تفسير العيّاشي 2:

339/ 70.

41- التهذيب 9: 276/ 1000.

(1) في «ط»: و من أقرّ بالقبر.

(2) في المصدر: غفل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 659

6748/ [42]- و عنه: بإسناده عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعناه- و ذكر كنز اليتيمين- فقال: «كان لوحا من ذهب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، و عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، و عجبت لمن رأى الدنيا و تقلبها بأهلها كيف يركن إليها:

و ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئ الله في رزقه، و لا يتهمه في قضائه».

فقال له الحسين بن أسباط: فإلى من صار، إلى أكبرهما؟ قال: «نعم».

سورة الكهف(18): الآيات 83 الي 98 ..... ص : 659

اشارة

قوله تعالى:

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً- إلى قوله تعالى- وَ كانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا [83- 98]

6749/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار «1»، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد ابن اورمة، قال: حدثني القاسم بن عروة، عن بريد العجلي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قام ابن الكواء إلى علي (عليه السلام) و هو على المنبر، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن ذي القرنين، أنبياء كان أم ملكا؟

و أخبرني عن قرنيه، أمن ذهب أم من فضة؟

فقال له (عليه السلام): «لم يكن نبيا و لا ملكا و لم يكن قرناه من ذهب و لا فضة، و لكنه كان عبدا أحب الله فأحبه الله، و نصح لله فنصحه الله، و إنما سمي ذا القرنين لأنه دعا قومه إلى الله عز و جل فضربوه على قرنه، فغاب عنهم حينا، ثم عاد إليهم، فضرب على قرنه

الآخر، و فيكم مثله». يعني نفسه.

6750/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن عبيد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: «ملك ذو القرنين و هو ابن اثنتي عشرة سنة، و مكث في ملكه ثلاثين سنة».

6751/ [3]- قال علي بن إبراهيم: فلما أخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بخبر موسى و فتاه و الخضر، قالوا له:

فأخبرنا عن طائف طاف المشرق و المغرب، من هو، و ما قصته؟ فأنزل الله وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَ آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً.

__________________________________________________

42- التهذيب 9: 276/ 1001.

1- كمال الدين و تمام النعمة: 393/ 3.

2- المحاسن: 193/ 9.

3- تفسير القمّي 2: 40.

(1) في المصدر: حدّثنا أحمد بن محمّد بن العطّار، قال: حدّثنا أبي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 660

6752/ [4]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن الصادق (عليه السلام) و قد سأله زنديق، فقال: أخبرني أين تغيب الشمس؟ قال (عليه السلام): «إن بعض العلماء قال: إذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن السماء صاعدة أبدا إلى أن تنحط إلى موضع مطلعها، يعني أنها تغيب في عين حمئة «1» ثم تخرق الأرض راجعة إلى موضع مطلعها، فتخر تحت العرش حتى يؤذن لها بالطلوع، و يسلب نورها كل يوم و تجلل نورا آخر».

6753/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة «2»، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته

عن قول الله وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً.

قال: «إن ذا القرنين بعثه الله إلى قومه، فضربوه على قرنه الأيمن، فأماته الله خمسمائة عام، ثم بعثه إليهم بعد ذلك فضربوه على قرنه الأيسر، فأماته الله خمسمائة عام، ثم بعثه إليهم، بعد ذلك، فملكه مشارق الأرض و مغاربها، من حيث تطلع الشمس إلى حيث تغرب، فهو قوله: حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ إلى قوله عَذاباً نُكْراً- قال- في النار، فجعل ذو القرنين بينهم بابا من نحاس و حديد، و زفت و قطران، فحال بينهم و بين الخروج».

ثم قال: أبو عبد الله (عليه السلام): «ليس منهم رجل يموت حتى يولد له من صلبه ألف ولد ذكر- ثم قال- هم أكثر خلق خلقوا بعد الملائكة».

6754/ [6]- و سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ذي القرنين، أنبياء كان أم ملكا؟

فقال: «لا نبي و لا ملك، بل إنما هو عبد أحب الله فأحبه، و نصح لله فبعثه الله إلى قومه، فضربوه على قرنه الأيمن، فغاب عنهم ما شاء الله أن يغيب، ثم بعثه الثانية، فضرب على قرنه الأيسر فغاب عنهم ما شاء الله أن يغيب، ثم بعثه الثالثة، فمكن الله له في الأرض، و فيكم مثله- يعني نفسه- فبلغ مغرب الشمس فوجدها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً.

قال: ذو القرنين: أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً إلى قوله ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً أي دليلا حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً- قال- لم

يعلموا صنعة الثياب ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً أي دليلا حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَ بَيْنَهُمْ سَدًّا فقال ذو القرنين ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً

__________________________________________________

4- الاحتجاج: 351.

5- تفسير القمي 2: 40.

6- تفسير القمي 2: 41.

(1) في «ق» و المصدر: حامية.

(2) في نسخة من المصدر: عن أبي حمزة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 661

آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ فأتوا به، فوضعه ما بين الصدفين- يعني بين الجبلين- حتى سوى بينهما، ثم أمرهم أن يأتوا بالنار فأتوا بها، فأشعلوا فيه و نفخوا تحت الحديد حتى صار الحديد مثل النار، ثم صب عليه القطر- و هو الصفر- حتى سده، و هو قوله: حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً إلى قوله نَقْباً قال ذو القرنين: هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَ كانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا- قال- إذا كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد، و خرج يأجوج و مأجوج إلى الدنيا و أكلوا الناس، و هو قوله: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ «1»».

قال: «فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب، فكان إذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الأسد المغضب، فتنبعث في القرية ظلمات و رعد و برق و صواعق، تهلك من ناوأه و خالفه، فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق و المغرب» قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «و ذلك قوله عز و جل: إِنَّا

مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَ آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً: أي دليلا، فقيل له: إن لله في أرضه عينا يقال لها: عين الحياة، لا يشرب منها ذو روح إلا لم يمت حتى الصيحة فدعا ذو القرنين الخضر (عليه السلام)، و كان أفضل أصحابه عنده، و دعا بثلاث مائة و ستين رجلا، و دفع إلى كل واحد منهم سمكة، و قال لهم: اذهبوا إلى موضع كذا و كذا، فإن هناك ثلاثمائة و ستين عينا، فليغسل كل واحد منكم سمكته في عين غير عين صاحبه، فذهبوا يغسلون، و قعد الخضر (عليه السلام) يغسل، فانسابت السمكة منه في العين، و بقي الخضر (عليه السلام) متعجبا مما رأى، و قال في نفسه: ما أقول لذي القرنين؟ ثم نزع ثيابه يطلب السمكة، فشرب من مائها، و لم يقدر على السمكة، فرجعوا إلى ذي القرنين، فأمر ذو القرنين بقبض السمك من أصحابه، فلما انتهوا إلى الخضر (عليه السلام) لم يجدوا معه شيئا، فدعاه و قال له: ما حال السمكة؟ فأخبره الخبر. فقال له:

فصنعت ماذا؟ فقال: اغتمست فيها، فجعلت أغوص و أطلبها فلم أجدها قال: فشربت من مائها؟ قال: نعم- قال- فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها، فقال للخضر (عليه السلام): أنت صاحبها».

6755/ [7]- ابن بابويه: عن المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه محمد بن مسعود، عن جعفر بن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضال، قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: «إن الخضر (عليه السلام) شرب من ماء الحياة، فهو حي لا يموت حتى ينفخ في الصور، و إنه ليأتينا فيسلم علينا، فنسمع صوته و لا

نرى شخصه، و إنه ليحضر حيثما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلم عليه، و أنه ليحضر الموسم كل سنة فيقضي جميع المناسك، و يقف بعرفة فيؤمن على دعاء المؤمنين، و سيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته، و يصل به وحدته».

6756/ [8]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن ذا القرنين لم يكن نبيا،

__________________________________________________

7- كمال الدين و تمام النعمة: 390/ 4.

8- كمال الدين و تمام النعمة: 393/ 1.

(1) الأنبياء 21: 96.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 662

و لكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه، و ناصح لله فناصحه، أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زمانا، ثم رجع إليهم فضربوه على قرنه الآخر، و فيكم من هو على سنته».

6757/ [9]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين البزاز، قال: حدثنا محمد بن يعقوب بن يوسف، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني، عن عمرو بن ثابت، عن سماك بن حرب، عن رجل من بني أسد، قال: سأل رجل عليا (عليه السلام): أ رأيت ذا القرنين، كيف استطاع أن يبلغ المشرق و المغرب؟

قال: «سخر الله له السحاب، و مد له في الأسباب، و بسط له النور، فكان الليل و النهار عليه سواء».

6758/ [10]- و عنه، قال: حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي، قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثني محمد بن نصير، قال:

حدثني محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إن ذا القرنين كان عبدا صالحا، جعله الله حجة على عباده فدعا قومه إلى الله عز و جل، و أمرهم بتقواه، فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا حتى قيل: مات أو هلك، بأي واد سلك؟ ثم ظهر و رجع إلى قومه، فضربوه على قرنه الآخر، و فيكم من هو على سنته، و إن الله عز و جل مكن له في الأرض، و آتاه من كل شي ء سببا، و بلغ المشرق و المغرب، و إن الله تبارك و تعالى سيجري سنته في القائم من ولدي، و يبلغه شرق الأرض و غربها حتى لا يبقى سهل و لا موضع من سهل و لا جبل وطئه ذو القرنين إلا يطؤه و يظهر الله له كنوز الأرض و معادنها، و ينصره بالرعب، فيملأ الأرض به عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.»

6759/ [11]- و في كتاب (الاختصاص) للشيخ المفيد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عمن حدثه، عن عبد الرحيم «1» القصير، قال: ابتدأني أبو جعفر (عليه السلام) فقال: «أما إن ذا القرنين قد خير السحابتين فاختار الذلول، و ذخر لصاحبكم الصعب».

فقلت: و ما الصعب؟ فقال: «و ما كان من سحاب فيه رعد و صاعقة و برق، فصاحبكم يركبه، أما إنه سيركب السحاب و يرقي في الأسباب، أسباب السماوات السبع و الأرضين السبع، خمس عوامر، و اثنتان خراب».

و روى هذا الحديث الصفار في (بصائر الدرجات): بإسناده عن عبد الرحيم، قال: ابتدأني

أبو جعفر (عليه السلام) فقال: «أما إن ذا القرنين» الحديث «2».

__________________________________________________

9- كمال الدين و تمام النعمة: 393/ 2.

10- كمال الدين و تمام النعمة: 394/ 4.

11- الإختصاص: 199.

(1) في «ط»: عبد الرحمن.

(2) بصائر الدرجات: 428/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 663

6760/ [12]- و في كتاب (الاختصاص) أيضا: أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان ابن عيسى، عن سماعة بن مهران و غيره «1»، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن عليا (عليه السلام) ملك ما فوق الأرض و ما تحتها، فعرضت له سحابتان: إحداهما الصعب «2»، و الاخرى الذلول، و كان في الصعب ملك ما تحت الأرض، و في الذلول ما فوق الأرض، فاختار الصعب على الذلول، فدارت به سبع أرضين، فوجده ثلاثا خرابا و أربعا عوامر».

روى الصفار في كتاب (بصائر الدرجات) هذا الحديث: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران و غيره «3»، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن عليا (صلوات الله عليه) ملك ما فوق الأرض و ما تحتها- الحديث بعينه إلى قوله- و اختار الصعب على الذلول» «4».

6761/ [13]- و فى كتاب (الاختصاص) أيضا: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط و أبي سلام الحناط «5» عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أما ذا القرنين قد خير في السحابتين، فاختار الذلول، و ذخر لصاحبكم الصعب».

قلت: و ما الصعب؟ فقال: «ما كان من سحاب فيه رعد و صاعقة و برق فصاحبكم يركبه، أما إنه سيركب السحاب و يرقى في الأسباب، أسباب السماوات

السبع و الأرضين السبع، خمس عوامر، و اثنتان خراب».

6762/ [14]- و في (الاختصاص) أيضا: عن محمد بن هارون، عن أبي يحيى سهيل بن زياد الواسطي، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك و تعالى خير ذا القرنين في السحابتين: الذلول، و الصعب، فاختار الذلول، و هو ما ليس فيه برق و لا رعد- و لو اختار الصعب لم يكن له ذلك لأن الله ادخره للقائم (عليه السلام)».

6763/ [15]- و في (الاختصاص) أيضا: عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزار، عن أبي بصير و غيره «6» عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن عليا (عليه السلام) حين خير الملك ما فوق الأرض، و ما تحتها، عرضت له «7» سحابتان: إحداهما صعبة، و الاخرى ذلول، و كان في الصعبة ملك ما تحت الأرض و في الذلول ملك

__________________________________________________

12- الاختصاص: 199.

13- بصائر الدرجات: 429/ 2.

14- الاختصاص: 326.

15- الاختصاص: 327.

(1) في المصدر: أو غيره.

(2) في «ج» و المصدر في جميع المواضع: الصعبة. [.....]

(3) في «ج»: أو غيره.

(4) بصائر الدرجات: 429/ 2.

(5) في «ج»: الخيّاط.

(6) في «ج» و المصدر: أو غيره.

(7) في «ط»: سخّر اللّه له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 664

ما فوق الأرض، فاختار الصعبة على الذلول، فركبها فدارت به سبع أرضين، فوجد فيها ثلاثا خرابا و أربعا عوامر».

6764/ [16]- و في (الاختصاص) أيضا: عن المعلى بن محمد البصري، عن سليمان بن سماعة. عن عبد الله ابن القاسم، عن سماعة بن مهران، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأرعدت السماء و أبرقت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أما أنه ما كان من هذا الرعد و من هذا

البرق فإنه من أمر صاحبكم». قلت: من صاحبنا؟ قال: «أمير المؤمنين (عليه السلام)».

6765/ [17]- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، قال: قام ابن الكواء إلى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن ذي القرنين، أ ملكا كان أم نبيا؟ و أخبرني عن قرنيه ذهب أم فضة؟

قال: «إنه لم يكن نبيا و لا ملكا، و لم يكن قرناه ذهبا و لا فضة، و لكنه كان عبدا أحب الله فأحبه، و نصح لله فنصح له، و إنما سمي ذا القرنين، لأنه دعا قومه فضربوه على قرنه، فغاب عنهم، ثم عاد إليهم فدعاهم، فضربوه بالسيف على قرنه الآخر، و فيكم مثله».

6766/ [18]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن ذا القرنين لم يكن نبيا، و لكن كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه، و ناصح الله فناصحه، أمر قومه بتقوى الله، فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا، ثم رجع إليهم فضربوه على قرنه الآخر، و فيكم من هو على سنته، و إنه خير بين السحاب الصعب و السحاب الذلول، فاختار الذلول فركب الذلول، فكان إذا انتهى إلى قوم «1» كان رسول نفسه إليهم، لكيلا يكذب الرسل».

6767/ [19]- عن أبي الطفيل، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: «إن ذا القرنين لم يكن نبيا و لا رسولا، و لكن كان عبدا أحب الله فأحبه و ناصح الله فنصح، دعا قومه فضربوه على أحد قرنيه فقتلوه، ثم بعثه الله فضربوه على قرنه الآخر فقتلوه».

6768/ [20]- عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) جميعا، قال لهما: ما منزلتكم، و من تشبهون ممن مضى؟ قالا: «صاحب موسى (عليه السلام) و ذا القرنين،

كانا عالمين، و لم يكونا نبيين».

6769/ [21]- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض إلا أربعة بعد نوح (عليه السلام) أولهم ذو القرنين و اسمه عياش، و داود، و سليمان، و يوسف. فأما عياش فملك ما بين المشرق و المغرب، و أما داود فملك ما بين الشامات إلى بلاد إصطخر، و كذلك كان ملك سليمان، و أما يوسف

__________________________________________________

16- الاختصاص: 327.

17- تفسير العيّاشي 2: 339/ 71.

18- تفسير العيّاشي 2: 339/ 72.

19- تفسير العيّاشي 2: 340/ 74.

20- تفسير العيّاشي 2: 340/ 74.

21- تفسير العيّاشي 2: 340/ 75.

(1) في «ج»: قومه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 665

فملك مصر و براريها لم يتجاوزها إلى غيرها» «1».

6770/ [22]- عن ابن الورقاء، قال: سألت أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ذي القرنين، ما كان قرناه؟

فقال: «لعلك تحسب كان قرنه ذهبا أو فضة، أو كان نبيا؟ بل كان عبدا صالحا بعثه الله إلى أناس فدعاهم إلى الله و إلى الخير، فقام رجل منهم، فضرب قرنه الأيسر فمات، ثم بعثه فأحياه و بعثه إلى أناس، فقام رجل فضرب قرنه الأيمن فمات، فسماه الله ذا القرنين».

6771/ [23]- عن ابن هشام، عن أبيه، عمن حدثه، عن بعض آل محمد (عليهم السلام) قال: «إن ذا القرنين كان رجلا صالحا، طويت له الأسباب، و مكن له في البلاد، و كان قد وصف له عين الحياة، و قيل له: من يشرب منها شربة لم يمت حتى يسمع الصوت، و إنه قد خرج في طلبها حتى أتى موضعها، و كان في ذلك الموضع ثلاث مائة و ستون عينا، و كان الخضر (عليه السلام) على مقدمته، و كان من أفضل

«2» أصحابه عنده، فدعاه و أعطاه، و أعطى قوما من أصحابه كل رجل منهم حوتا مملحا، فقال: انطلقوا إلى هذه المواضع، فليغسل كل رجل منكم حوته عند عين، و لا يغسل معه أحد، فانطلقوا فلزم كل رجل منهم عينا، فغسل فيها حوته، و إن الخضر (عليه السلام) انتهى إلى عين من تلك العيون، فلما غمس الحوت و وجد الحوت ريح الماء حيي فانساب في الماء، فلما رأى ذلك الخضر (عليه السلام) رمى بثيابه و سقط، و جعل يرتمس في الماء و يشرب و يجتهد أن يصيبه فلا يصيبه، فلما رأى ذلك رجع، فرجع أصحابه.

و أمر ذو القرنين بقبض السمك، فقال: انظروا، فقد تخلفت سمكة، فقالوا: الخضر صاحبها- قال- فدعاه، فقال: ما خلف سمكتك؟- قال- فأخبره الخبر، فقال: له فصنعت ماذا؟ قال: سقطت عليها، فجعلت أغوص فأطلبها فلم أجدها. قال: فشربت من الماء؟ قال: نعم- قال- فطلب ذو القرنين العين و لم يجدها، فقال للخضر (عليه السلام):

أنت صاحبها».

6772/ [24]- عن حارث بن حبيب، قال: أتى رجل عليا (عليه السلام)، فقال له: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن ذي القرنين، فقال له: «سخر له السحاب، و قربت له الأسباب، و بسط له في النور».

فقال له الرجل: كيف بسط له في النور؟ فقال علي (عليه السلام): «كان يبصر بالليل كما يبصر بالنهار». ثم قال علي (عليه السلام): للرجل «أزيدك فيه»؟ فسكت.

6773/ [25]- عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: سئل عن ذي القرنين؟ قال: «كان عبدا

__________________________________________________

22- تفسير العيّاشي 2: 340/ د 7.

23- تفسير العيّاشي 2: 340/ 77. [.....]

24- تفسير العيّاشي 2: 341/ 78.

25- تفسير العيّاشي 2: 341/ 79.

(1) في «ج» و «ق»: ثمّ تجاوزها إلى غيرها.

(2)

في «ج»: أسرّ، و في المصدر: أشدّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 666

صالحا و اسمه عياش، و اختاره الله و ابتعثه إلى قرن من القرون الاولى في ناحية المغرب، و ذلك بعد طوفان نوح (عليه السلام)، فضربوه على قرن رأسه الأيمن، فمات منها، ثم أحياه الله بعد مائة عام، ثم بعثه إلى قرن من القرون الأولى في ناحية المشرق (عليه السلام)، فكذبوه فضربوه ضربة على قرنه الأيسر فمات منها، ثم أحياه الله بعد مائة عام، و عوضه من الضربتين اللتين على رأسه قرنين في موضع الضربتين أجوفين، و جعل عز ملكه آية نبوته في قرنيه.

ثم رفعه الله إلى السماء الدنيا، فكشط له عن الأرض كلها، جبالها و سهولها و فجاجها حتى أبصر ما بين المشرق و المغرب، و آتاه الله من كل شي ء علما يعرف به الحق و الباطل، و أيده في قرنيه بكسف من السماء فيه ظلمات و رعد و برق، ثم اهبط إلى الأرض، و أوحى الله إليه: أن سر في ناحية غرب الأرض و شرقها، و قد طويت لك البلاد، و ذللت لك العباد، و أرهبتهم منك.

فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب، فكان إذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الأسد المغضب، فينبعث من قرنيه ظلمات و رعد و برق، و صواعق تهلك من ناوأه و خالفه، فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق و المغرب- قال- و ذلك قول الله: إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَ آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً فسار حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ إلى قوله أَمَّا مَنْ ظَلَمَ و لم يؤمن بربه فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ في الدنيا بعذاب الدنيا ثُمَّ يُرَدُّ

إِلى رَبِّهِ في مرجعه فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً إلى قوله: وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً ثُمَّ أَتْبَعَ ذو القرنين من الشمس سَبَباً».

ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن ذا القرنين لما انتهى مع الشمس إلى العين الحمئة «1»، وجد الشمس تغرب فيها، و معها سبعون ألف ملك يجرونها بسلاسل الحديد و الكلاليب، يجرونها من قعر البحر في قطر الأرض الأيمن كما تجري السفينة على ظهر الماء، فلما انتهى معها إلى مطلع الشمس سببا وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ إلى قوله بِما لَدَيْهِ خُبْراً».

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن ذا القرنين ورد على قوم، قد أحرقتهم الشمس، و غيرت أجسادهم و ألوانهم حتى صيرتهم كالظلمة، ثم أتبع ذو القرنين سببا في ناحية الظلمة: حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ خلف هذين الجبلين، و هم يفسدون في الأرض، إذا كان إبان زروعنا و ثمارنا خرجوا علينا من هذين السدين فرعوا في ثمارنا و زروعنا، حتى لا يبقوا منها شيئا فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً نؤديه إليك في كل عام عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَ بَيْنَهُمْ سَدًّا إلى قوله: زُبَرَ الْحَدِيدِ».

قال: «فاحتفر له جبل حديد، فقلعوا له أمثال اللبن، فطرح بعضه على بعض فيما بين الصدفين، و كان ذو القرنين هو أول من بنى بناء «2» على الأرض، ثم جمع عليه الحطب و ألهب فيه النار، و وضع عليه المنافيخ، فنفخوا

__________________________________________________

(1) في «» و المصدر: الحامية.

(2) في المصدر: ردما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 667

عليه، فلما ذاب قال: آتوني بقطر- و هو المس الأحمر، قال- فاحتفروا له جبلا من مس فطرحوه على الحديد، فذاب معه

و اختلط به- قال- فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً يعني يأجوج و مأجوج قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَ كانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا». إلى ها هنا رواية علي بن الحسين و رواية محمد بن نصر.

و زاد جبرئيل بن أحمد، في حديثه بأسانيد عن الأصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام): «وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ «1» يعني يوم القيامة، و كان ذو القرنين عبدا صالحا، و كان من الله بمكان، نصح لله فنصح له و أحب الله فأحبه، و كان قد سبب له في البلاد، و مكن له فيها حتى ملك ما بين المشرق و المغرب، و كان له خليلا من الملائكة يقال له: رقائيل «2»، ينزل إليه فيحدثه و يناجيه، فبينا هو ذات يوم عنده إذ قال له ذو القرنين: يا رقائيل، كيف عبادة أهل السماء، و أين هي من عبادة أهل الأرض؟ قال رقائيل: يا ذا القرنين، و ما عبادة أهل الأرض؟ فقال: أما عبادة أهل السماء، ما في السماوات موضع قدم إلا و عليه ملك قائم لا يقعد أبدا، أو راكع لا يسجد أبدا أو ساجد لا يرفع رأسه أبدا فبكى ذو القرنين بكاء شديدا، و قال: يا رقائيل، إني أحب أن أعيش حتى أبلغ من عبادة ربي و حق طاعته بما هو أهله.

قال رقائيل: يا ذا القرنين، إن لله في الأرض عينا تدعى عين الحياة، فيها عزيمة من الله «3» أنه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت، فإن ظفرت بها تعيش ما شئت. قال: و أين تلك العين، و هل

تعرفها؟

قال: لا، غير أنا نتحدث في السماء أن لله في الأرض ظلمة لم يطأها إنس و لا جان. فقال ذو القرنين: و أين تلك الظلمة؟ قال رقائيل: ما أدري.

ثم صعد رقائيل فدخل ذا القرنين حزن طويل من قول رقائيل، و مما أخبره عن العين و الظلمة، و لم يخبره بعلم ينتفع به منها فجمع ذو القرنين فقهاء أهل مملكته و علماءهم و أهل دراسة الكتب و آثار النبوة، فلما اجتمعوا عنده، قال ذو القرنين: يا معشر الفقهاء، و أهل الكتب و آثار النبوة، هل وجدتم فيما قرأتم من كتب الله أو في كتب من كان قبلكم من الملوك أن لله عينا تدعى عين الحياة، فيها من الله عزيمة أنه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت؟ قالوا: لا، يا أيها الملك. قال: فهل وجدتم فيما قرأتم من الكتب أن الله في الأرض ظلمة لم يطأها إنس و لا جان؟ قالوا: لا، يا أيها الملك. فحزن ذو القرنين حزنا شديدا و بكى إذ لم يخبر عن العين و الظلمة بما يحب.

و كان فيمن حضره غلام من الغلمان من أولاد الأوصياء، أوصياء الأنبياء و كان ساكتا لا يتكلم حتى إذا أيس ذو القرنين منهم. قال له الغلام: أيها الملك، إنك تسأل هؤلاء عن أمر ليس لهم به علم، و علم ما تريد عندي، ففرح ذو القرنين فرحا شديدا، حتى نزل عن فراشه، و قال له: ادن مني. فدنا منه، فقال: أخبرني. قال: نعم أيها الملك، إني

__________________________________________________

(1) الكهف 18: 99.

(2) في المصدر في جميع المواضع: رفائيل.

(3) في «ط»: من أسمائه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 668

وجدت في كتاب آدم (عليه السلام) الذي كتب

يوم سمي له ما في الأرض من عين أو شجر، فوجدت فيه أن الله عينا تدعى عين الحياة، فيها من الله عزيمة أنه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت، بظلمة لم يطأها إنس و لا جان. ففرح ذو القرنين، و قال: ادن مني أيها الغلام، تدري أين موضعها؟ قال: نعم، وجدت في كتاب آدم (عليه السلام) أنها على قرن الشمس،- يعني مطلعها- ففرح ذو القرنين و بعث إلى أهل مملكته، فجمع أشرافهم و فقهاءهم و علماءهم و أهل الحكم منهم، و اجتمع إليه ألف حكيم و عالم و فقيه، فلما اجتمعوا إليه تهيأ للمسير و تأهب له بأعد العدة و أقوى القوة، فسار بهم يريد مطلع الشمس، يخوض البحار و يقطع الجبال و الفيافي و الأرضين و المفاوز، فسار اثنتي عشرة سنة، حتى انتهى إلى طرف الظلمة، فإذا هي ليست بظلمة ليل و لا دخان، و لكنها هواء يفور مد ما بين الأفقين، فنزل بطرفها و عسكر عليها، و جمع علماء أهل عسكره و فقهاءهم و أهل الفضل منهم، و قال يا معشر الفقهاء، و العلماء، إني أريد أن أسلك هذه الظلمة. فخروا له سجدا، و قالوا: أيها الملك، إنك لتطلب أمرا ما طلبه و لا سلكه أحد ممن كان قبلك من النبيين و المرسلين و لا من الملوك. قال: إنه لا بد لي من طلبها.

قالوا: يا أيها الملك، إنا لنعلم أنك إذا سلكتها ظفرت بحاجتك بغير منة «1» عليك لأمرنا، و لكنا نخاف أن يعلق بك منها أمر يكون فيه هلاك ملكك و زوال سلطانك، و فساد من في الأرض؟ فقال: لا بد من أن أسلكها. فخروا سجدا

لله، و قالوا: إنا نتبرأ إليك مما يريد ذو القرنين.

فقال: ذو القرنين: يا معشر العلماء، أخبروني بأبصر الدواب؟ قالوا: الخيل الإناث الأبكار أبصر الدواب، فانتخب من عسكره، فأصاب ستة آلاف فرس إناثا أبكارا، و انتخب من أهل العلم و الفضل و الحكمة ستة آلاف رجل، فدفع إلى كل رجل فرسا، و عقد لافسحر- و هو الخضر- على ألف فرس، فجعلهم على مقدمته، و أمرهم أن يدخلوا الظلمة، و سار ذو القرنين في أربعة آلاف، و أمر أهل عسكره أن يلزموا معسكره اثنتي عشرة سنة، فإن رجع هو إليهم إلى ذلك الوقت، و إلا تفرقوا في البلاد، و لحقوا ببلادهم، أو حيث شاءوا، فقال الخضر (عليه السلام): أيها الملك، إنا نسلك في الظلمة، لا يرى بعضنا بعضا كيف نصنع بالضلال إذا أصابنا؟ فأعطاه ذو القرنين خرزة حمراء كأنها مشعلة لها ضوء، و قال: خذ هذه الخرزة فإذا أصابكم الضلال فارم بها إلى الأرض فإنها تصيح، فإذا صاحت رجع أهل الضلال إلى صوتها. فأخذها الخضر (عليه السلام) و مضى في الظلمة، و كان الخضر (عليه السلام): يرتحل، و ينزل ذو القرنين، فبينما الخضر يسير ذات يوم، إذا عرض له واد في الظلمة، فقال لأصحابه: قفوا في هذا الموضع، لا يتحركن أحد منكم من موضعه. و نزل عن فرسه، فتناول الخرزة، فرمى بها في الوادي، فابطأت عنه بالإجابة حتى ساء ظنه أو خاف أن لا تجيبه، ثم أجابته، فخرج إلى صوتها فإذا هي على جانب العين التي يقفوها، و إذا ماؤها أشد بياضا من اللبن، و أصفى من الياقوت، و أحلى من العسل، فشرب منه، ثم خلع ثيابه و اغتسل منها، ثم لبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو

أصحابه، فأجابته فخرج إلى أصحابه، و ركب و أمرهم بالمسير فساروا.

__________________________________________________

(1) في المصدر: منها بغير عنت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 669

و مر ذو القرنين بعده، فأخطؤوا الوادي، و سلكوا تلك الظلمة أربعين يوما و أربعين ليلة، ثم خرجوا بضوء ليس بضوء نهار و لا شمس و لا قمر، و لكنه نور، فخرجوا إلى أرض حمراء و رملة خشخاشة «1» فركة «2» كأن حصاها اللؤلؤ، فإذا هو بقصر مبني على طول فرسخ، فجاء ذو القرنين إلى الباب فعسكر عليه، ثم توجه بوجهه وحده إلى القصر، فإذا طائر و إذا حديدة طويلة قد وضع طرفاها على جانبي القصر، و الطير الأسود معلق «3» في تلك الحديدة بين السماء و الأرض مزموم «4»، كأنه الخطاف «5» أو صورة الخطاف أو شبيه بالخطاف، أو هو خطاف، فلما سمع خشخشة ذي القرنين، قال: من هذا؟ قال: أنا ذو القرنين، فقال الطائر: يا ذا القرنين، أما كفاك ما وراءك حتى وصلت إلى حد بابي هذا؟ ففرق ذو القرنين فرقا شديدا، فقال: يا ذا القرنين، لا تخف و أخبرني. قال سل قال: هل كثر بنيان الآجر و الجص في الأرض؟ قال: نعم، قال: فانتفض الطير، و امتلأ حتى ملأ من الحديدة ثلثها، ففرق ذو القرنين، فقال: لا تخف، و أخبرني. قال: سل. قال: هل كثرت المعازف؟ قال: نعم. قال: فانتفض الطير و امتلأ حتى امتلأ من الحديدة ثلثيها، ففرق ذو القرنين، فقال: لا تخف، و أخبرني. قال: سل. قال: هل ارتكب الناس شهادة الزور في الأرض؟ قال: نعم. فانتفض انتفاضة و انتفخ، فسد ما بين جداري القصر، قال: فامتلأ ذو القرنين عند ذلك فرقا منه، فقال له: لا تخف و أخبرني.

قال: سل: قال: هل ترك الناس شهادة ان لا إله إلا الله؟ قال: لا. فانضم ثلثه، ثم قال: يا ذا القرنين، لا تخف و أخبرني. قال: سل. قال: هل ترك الناس الغسل من الجنابة؟ قال: لا.

قال: فانضم حتى عاد إلى الحالة الاولى، فإذا هو بدرجة مدرجة إلى أعلى القصر، فقال الطير: يا ذا القرنين، اسلك هذه الدرجة فسلكها و هو خائف لا يدري ما يهجم عليه، حتى استوى على ظهرها، فإذا هو بسطح ممدود مد البصر، و إذا رجل شاب أبيض مضي ء الوجه، عليه ثياب بيض، كأنه رجل، أو في صورة رجل، أو شبيه بالرجل، أو هو رجل، و إذا هو رافع رأسه إلى السماء ينظر إليها، واضع يده على فيه، فلما سمع خشخشة ذي القرنين، قال:

من هذا؟ قال: أنا ذو القرنين. قال: يا ذا القرنين، ما كفاك ما وراءك حتى وصلت إلي؟ قال ذو القرنين: ما لي أراك واضعا يدك على فيك؟ قال: يا ذا القرنين، أنا صاحب الصور، و إن الساعة قد اقتربت، و أنا أنتظر أن أؤمر بالنفخ فأنفخ ثم ضرب بيده، فتناول حجرا فرمى به إلى ذي القرنين، كأنه حجر، أو شبه حجر، أو هو حجر، فقال:

يا ذا القرنين، خذها، فإن جاع جعت، و إن شبع شبعت، فارجع.

فرجع ذو القرنين بذلك الحجر، حتى خرج به إلى أصحابه، فأخبرهم بالطير و ما سأله عنه، و ما قال له،

__________________________________________________

(1) الخشخاش: كلّ شي ء يابس إذا حكّ بعضه ببعض صوت. «المعجم الوسيط 1: 235».

(2) قال المجلسي رحمة اللّه: فركة: أي لينّة. بحيث يمكن فركها باليد، البحار 12: 206.

(3) في «ط»: معلق بأنفه.

(4) زمّ الشي ء: شدّه «لسان العرب- زمم- 12: 272». [.....]

(5) الخطّاف: السّنونو، و هو

ضرب من الطيور القواطع. «المعجم الوسيط- خلف- 1: 245».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 670

و ما كان من أمره، و أخبرهم بصاحب الصور «1»، و ما قال له، و ما أعطاه، ثم قال لهم: إنه أعطاني هذا الحجر، و قال لي إن جاع جعت، و إن شبع شبعت. قال: أخبروني بأمر هذا الحجر فوضع الحجر في إحدى الكفتين، و وضع حجرا مثله في الكفة الاخرى، ثم رفع الميزان، فإذا الحجر الذي جاء به أرجح بمثل الآخر، فوضعوا آخر، فمال به، حتى وضعوا ألف حجر كلها مثله، ثم رفعوا الميزان فمال بها و لم يمل به «2» الألف حجر، فقالوا: يا أيها الملك، لا علم لنا بهذا، فقال: له الخضر (عليه السلام): يا أيها الملك، إنك تسأل هؤلاء عما لا علم لهم به،. قد أتيت على هذا الحجر. فقال ذو القرنين: فأخبرنا به، و بينه لنا فتناول الخضر (عليه السلام) الميزان، فوضع الحجر الذي جاء به ذو القرنين في كفة الميزان، ثم وضع حجرا آخر في كفة اخرى، ثم وضع كفا من تراب على حجر ذي القرنين يزيده ثقلا، ثم رفع الميزان فاعتدل، و عجبوا و خروا سجدا لله، و قالوا: يا أيها الملك، هذا أمر لم يبلغه علمنا، و إنا لنعلم أن الخضر ليس بساحر، فكيف هذا و قد وضعنا معه ألف حجر كله مثله فمال بها، و هذا قد اعتدل به و زاده ترابا؟! قال ذو القرنين: بين- يا خضر- لنا أمر هذا الحجر، قال الخضر: أيها الملك، إن أمر الله نافذ في عباده، و سلطانه قاهر و حكمه فاصل، و إن الله ابتلى عباده بعضهم ببعض، و ابتلى العالم بالعالم، و الجاهل بالجاهل،

و العالم بالجاهل، و الجاهل بالعالم، و إنه ابتلاني بك، و ابتلاك بي.

فقال ذو القرنين: يرحمك الله يا خضر، إنما تقول: ابتلاني بك حين جعلت أعلم مني، و جعلت تحت يدي، أخبرني- يرحمك الله- عن أمر هذا الحجر. فقال الخضر (عليه السلام): أيها الملك، إن هذا الحجر مثل ضربه لك صاحب الصور، يقول: إن مثل بني آدم مثل هذا الحجر الذي وضع و وضع معه ألف حجر فمال بها، ثم إذا وضع عليه التراب، شبع و عاد حجرا مثله، فيقول: كذلك مثلك، أعطاك الله من الملك ما أعطاك، فلم ترض به حتى طلبت أمرا لم يطلبه أحد كان قبلك، و دخلت مدخلا لم يدخله إنس و لا جان، يقول: كذلك ابن آدم، لا يشبع حتى يحثى عليه التراب. قال: فبكى ذو القرنين بكاء شديدا، و قال: صدقت يا خضر، يضرب لي هذا المثل، لا جرم أني لا أطلب أثرا في البلاد بعد مسلكي هذا.

ثم انصرف راجعا في الظلمة، فبينما هم يسيرون، إذ سمعوا خشخشة تحت سنابك خيلهم، فقالوا أيها الملك، ما هذا؟ فقال: خذوا منه، فمن أخذ منه ندم، و من تركه ندم فأخذ بعض، و ترك بعض، فلما خرجوا من الظلمة إذا هم بالزبرجد، فندم الآخذ و التارك، و رجع ذو القرنين إلى دومة الجندل، و كان بها منزله، فلم يزل بها حتى قبضه الله إليه».

قال: «و كان (صلى الله عليه و آله) إذا حدث بهذا الحديث، قال: رحم الله أخي ذا القرنين، ما كان مخطئا إذ سلك ما سلك، و طلب ما طلب، و لو ظفر بوادي الزبرجد في مذهبه، لما ترك فيه شيئا إلا أخرجه للناس لأنه كان راغبا، و لكنه ظفر

به بعد ما رجع، و قد زهد عن الدنيا بعد».

__________________________________________________

(1) في «ج» و «ق» و المصدر: صاحب السطح.

(2) في المصدر: يستمل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 671

6774/ [26]- جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير، ثم حمل في مسيره ما شاء الله، ثم ركب البحر، فلما انتهى إلى موضع منه، قال لأصحابه.

دلوني، فإذا حركت الحبل فأخرجوني، و إن لم أحرك الحبل فأرسلوني إلى آخره. فأرسلوه في البحر، و أرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوما، فإذا ضارب يضرب جنب الصندوق، و يقول: يا ذا القرنين، أين تريد؟ قال: أريد أن أنظر إلى ملك ربي في البحر، كما رأيته في البر. فقال: يا ذا القرنين، إن هذا الموضع الذي أنت فيه مر فيه نوح زمان الطوفان، فسقط منه قدوم، فهو يهوي في قعر البحر إلى الساعة لم يبلغ قعره. فلما سمع ذو القرنين ذلك، حرك الحبل و خرج».

6775/ [27]- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان اسم ذي القرنين عياش، و كان أول الملوك من الأنبياء، و كان بعد نوح (عليه السلام)، و كان ذو القرنين قد ملك ما بين المشرق و المغرب».

6776/ [28]- عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الزلزلة، فقال: «أخبرني أبي، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن ذا القرنين لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل الظلمة، فإذا هو بملك قائم، طوله خمسمائة ذراع، فقال له الملك: يا ذا القرنين، أما كان خلفك منفذ لك «1»؟

فقال له ذو القرنين: و

من أنت؟ قال: أنا ملك من ملائكة الرحمن، موكل بهذا الجبل، و ليس من جبل خلقه الله إلا وله عرق إلى هذا الجبل، فإذا أراد الله أن يزلزل مدينة، أوحى إلي ربي فزلزلتها».

6777/ [29]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): تغرب الشمس في عين حمئة «2» في بحر دون المدينة التي تلي مما يلي المغرب» يعني جابلق «3».

6778/ [30]- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً كَذلِكَ قال: «لم يعلموا صنعة البيوت».

6779/ [31]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) «4» قال: أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً قال: «التقية» فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً قال: «هو التقية».

__________________________________________________

26- تفسير العيّاشي 2: 349/ 80.

27- تفسير العيّاشي 2: 350/ 81.

28- تفسير العيّاشي 2: 350/ 82.

29- تفسير العيّاشي 2: 350/ 83.

30- تفسير العيّاشي 2: 350/ 84.

31- تفسير العيّاشي 2: 351/ 85.

(1) في المصدر: مسلك.

(2) في «ج، ق»: حامية.

(3) جابلق: مدينتان، إحداهما بأقصى المغرب، و الاخرى رستاق بأصفهان. «معجم البلدان 2: 91».

(4) في نسخة من «ط»: عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 672

6780/ [32]- عن المفضل قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قوله أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً قال:

«التقية» فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً، قال: «ما استطاعوا له نقبا، إذا عمل بالتقية لم يقدروا في ذلك على حيلة، و هو الحصن الحصين، و صار بينك و بين أعداء الله سدا لا يستطيعون له نقبا».

قال: و سألته عن قوله فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ، قال: «رفع التقية عند الكشف فينتقم من

أعداء الله».

6781/ [33]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن يوسف بن أبي حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى السماء وجد ريحا مثل المسك الأذفر، فسأل جبرئيل (عليه السلام) عنها، فأخبره أنها تخرج من بيت عذب فيه قوم في الله حتى ماتوا. ثم قال له: إن الخضر (عليه السلام) كان من أبناء الملوك، فآمن بالله، و تخلى في بيت في دار أبيه يعبد الله، و لم يكن لأبيه ولد غيره، فأشاروا على أبيه أن يزوجه، فلعل الله أن يرزقه ولدا، فيكون الملك فيه و في عقبه، فخطب له امرأة بكرا، و أدخلها عليه، فلم يلتفت الخضر (عليه السلام) إليها، فلما كان في اليوم الثاني، قال لها: تكتمين علي أمري؟ فقالت: نعم. قال لها: إن سألت أبي: هل كان مني إليك ما يكون من الرجال إلى النساء، فقولي: نعم. فقالت: أفعل. فسألها الملك عن ذلك، فقالت: نعم. و أشار عليه الناس أن يأمر النساء أن يفتشنها فأمر بذلك فكانت على حالها.

فقالوا: أيها الملك زوجت الغر من الغرة «1» زوجه امرأة ثيبا فزوجه، فلما أدخلت عليه، سألها الخضر (عليه السلام) أن تكتم عليه أمره، فقالت: نعم. فلما سألها الملك، قالت: أيها الملك، إن ابنك امرأة، فهل تلد المرأة من المرأة؟ فغضب عليه، و أمر بردم الباب عليه، فردم، فلما كان اليوم الثالث، حركته رقة الآباء، فأمر بفتح الباب، ففتح فلم يجدوه، و أعطاه الله من القوة أن يتصور كيف يشاء، ثم كان على مقدمة ذي القرنين، و شرب من الماء الذي من شرب منه بقي إلى الصيحة».

قال: «فخرج من مدينة أبيه رجلان في تجارة في

البحر، حتى وقعا إلى جزيرة من جزائر البحر، فوجدا فيها الخضر (عليه السلام). قائما يصلي، فلما انفتل، دعاهما فسألهما عن خبرهما، فأخبراه، فقال لهما: هل تكتمان علي أمري إن أنا رددتكما في يومكما هذا إلى منازلكما؟ فقالا: نعم. فنوى أحدهما أن يكتم أمره، و نوى الآخر إن رده إلى منزله أخبر أباه بخبره فدعا الخضر (عليه السلام) سحابة، و قال لها. احملي هذين إلى منازلهما فحملتهما السحابة حتى وضعتهما في بلدهما من يومهما فكتم أحدهما أمره، و ذهب الآخر إلى الملك فأخبره بخبره، فقال له الملك:

من يشهد لك بذلك؟ قال: فلان التاجر فدل على صاحبه، فبعث الملك إليه، فلما حضر، أنكره و أنكر معرفة صاحبه، فقال له الأول: أيها الملك، ابعث معي خيلا إلى هذه الجزيرة، و احبس هذا حتى آتيك بابنك فبعث معه خيلا، فلم يجدوه، فأطلق عن الرجل الذي كتم عليه.

__________________________________________________

32- تفسير العيّاشي 2: 351/ 86. [.....]

33- تفسير القمّي 2: 42.

(1) رجل غرّ، بالكسر، و غرير، أي غير مجرّب. و جارية غرّة و غريرة. «الصحاح 2: 768».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 673

ثم إن القوم عملوا بالمعاصي، فأهلكهم الله و جعل مدينتهم عاليها سافلها، و ابتدرت الجارية التي كتمت عليه أمره، و الرجل الذي كتم عليه، كل واحد منهما ناحية من المدينة، فلما أصبحا التقيا، فأخبر كل واحد منهما صاحبه بخبره، فقالا: ما نجونا إلا بذلك فآمنا برب الخضر، و حسن إيمانهما، و تزوج بها الرجل، و وقعا إلى مملكة ملك آخر، و توصلت المرأة إلى بيت الملك، و كانت تزين بنت الملك، فبينما هي تمشطها يوما، إذا سقط من يدها المشط، فقالت: لا حول و لا قوة إلا بالله، فقالت لها بنت

الملك: ما هذه الكلمة؟ فقالت: إن لي إلها تجري الأمور كلها بحوله و قوته.

فقالت لها بنت الملك: أ لك إله غير أبي؟ فقالت: نعم، و هو إلهك و إله أبيك. فدخلت بنت الملك على أبيها، فأخبرت أباها بما سمعت من هذه المرأة، فدعاها الملك، و سألها عن خبرها، فأخبرته، فقال لها: من على دينك؟

قالت: زوجي و ولدي، فدعاهما الملك و أمرهم بالرجوع عن التوحيد، فأبوا عليه، فدعا بمرجل من ماء، فأسخنه و ألقاهم فيه، فأدخلهم بيتا و هدم عليهم البيت، فقال جبرئيل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): فهذه الرائحة التي تشمها من ذلك البيت».

6782/ [34]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) قال: «أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) و معه ابنه الحسن بن علي (عليهما السلام) و هو متكئ على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام، فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة و اللباس، فسلم على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم، و أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم و آخرتهم، و إن تكن الاخرى، علمت أنك و هم شرع سواء.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سلني عما بدا لك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام، أين تذهب روحه؟

و عن الرجل، كيف يذكر و ينسى؟ و عن الرجل، كيف يشبه ولده الأعمام و الأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسن، فقال: يا أبا محمد، أجبه. فأجابه الحسن (عليه السلام)، فقال الرجل:

أشهد أن لا إله إلا الله، و لم أزل أشهد بها، و أشهد أن محمدا رسول الله، و لم أزل أشهد بذلك و أشهد أنك وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و القائم بحجته- و أشار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)- و لم أزل أشهد بها، و أشهد أنك وصيه و القائم بحجته- و أشار إلى الحسن (عليه السلام)- و أشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه و القائم بحجته بعده، و أشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، و أشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين، و أشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، و أشهد على موسى بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر بن محمد، و أشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر، و أشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر

__________________________________________________

34- الكافي 1: 441/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 674

علي بن موسى، و أشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، و أشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد، و أشهد على رجل من ولد الحسن، لا يكنى و لا يسمى حتى يظهر أمره فيملؤها عدلا كما ملئت جورا، و السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته، ثم قام فمضى.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا محمد، اتبعه فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال:

ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد، فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين، فأعلمته، فقال: يا أبا محمد، أتعرفه؟ قلت:

الله و رسوله و أمير المؤمنين أعلم. قال: هو الخضر (عليه السلام)».

6783/ [35]- و عنه: عن أحمد بن محمد و محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار، قال: كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من الشيعة في الحجر، فقال: «علينا عين؟»، فالتفتنا يمنة و يسرة، فلم نر أحدا، فقلنا: ليس علينا عين. فقال: «و رب الكعبة و رب البنية «1»- ثلاث مرات- لو كنت بين موسى و الخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما، و لأنبأتهما عما ليس في أيديهما، لأن موسى و الخضر (عليهما السلام) أعطيا علم ما كان، و لم يعطيا علم ما يكون، و ما هو كائن، حتى تقوم الساعة، و قد ورثناه من رسول الله (صلى الله عليه و آله) وراثة».

6784/ [36]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد بإسناده، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ملك الأرض كلها أربعة: مؤمنان و كافران، فأما المؤمنان: فسليمان بن داود (عليهما السلام)، و ذو القرنين، و الكافران: نمرود، و بخت نصر، و اسم ذي القرنين عبد الله بن ضحاك بن سعد «2»».

6785/ [37]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عاصم، عن الهيثم بن عبد الله، قال: حدثني مولاي علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أتاني جبرئيل (عليه السلام) عن ربه عز و جل، و هو

يقول: ربي يقرئك السلام، و يقول لك: يا محمد بشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات و يؤمنون بك و بأهل بيتك بالجنة، فلهم عندي جزاء الحسنى، يدخلون الجنة». و جزاء الحسنى و هي ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، دخول الجنة، و الخلود فيها في جوارهم (صلوات الله عليهم).

__________________________________________________

35- الكافي 1: 203/ 1.

36- الخصال: 255/ 130.

37- تأويل الآيات 1: 297/ 9.

(1) البنيّة: الكعبة. «أقرب الموارد- بنى- 1: 63».

(2) في «ج» و المصدر: معد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 675

باب في يأجوج و مأجوج ..... ص : 675

6786/ [1]- الشيخ في أماليه، قال: أخبرنا ابن الصلت، قال أخبرنا ابن عقدة، قال أخبرنا أبو الحسن القاسم بن جعفر بن أحمد بن عمران «1» المعروف بابن الشامي قراءة، قال: حدثنا عباد بن أحمد العرزمي «2»، قال: حدثني عمي عن أبيه، عن جابر، عن الشعبي، عن أبي رافع، عن حذيفة بن اليمان، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، عن أهل يأجوج و مأجوج، قال: «إن القوم لينقرون السد بمعاولهم دائبين، فإذا كان الليل، قالوا: غدا نفرغ فيصبحون و هو أقوى منه بالأمس، حتى يسلم منهم رجل حين يريد الله أن يبلغ أمره، فيقول المؤمن: غدا نفتحه إن شاء الله، فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتحه الله، فو الذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي الذي بكوفان، و قد شربوه حتى نزحوه، فيقول و الله لقد رأيت هذا الوادي مرة، و إن الماء ليجري في عرضه».

قيل: يا رسول الله، و متى هذا؟ قال: «حين لا يبقى من الدنيا إلا مثل صبابة «3» الإناء».

6787/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد ابن عبد الله، عن العباس بن العلاء،

عن مجاهد، عن ابن عباس، قال سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الخلق. فقال:

«خلق الله ألفا و مائتين في البر، و ألفا و مائتين في البحر، و أجناس بني آدم سبعون جنسا، و الناس ولد آدم، ما خلا يأجوج و مأجوج».

6788/ [3]- و روى بعض علمائنا الإمامية في كتاب له سماه: (منهج التحقيق إلى سواء الطريق): عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال: كنا جلوسا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بمنزله لما بويع عمر بن الخطاب، قال: كنت أنا، و الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و محمد بن الحنفية، و محمد بن أبي بكر، و عمار بن ياسر، و المقداد بن الأسود الكندي (رضي الله عنهم)، فقال: قال له ابنه الحسن (عليه السلام): «يا أمير المؤمنين، إن سليمان (عليه السلام) سأل ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطاه ذلك، فهل ملكت مما ملك سليمان بن داود (عليه السلام)»؟

فقال (عليه السلام): «و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إن سليمان بن داود (عليه السلام) سأل الله عز و جل الملك فأعطاه، و إن أباك ملك ما لم يملكه بعد جدك رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد قبله، و لا يملكه أحد بعده».

فقال الحسن (عليه السلام): «نريد أن ترينا مما فضلك الله تعالى به من الكرامة»؟

__________________________________________________

1- الأمالي 1: 355.

2- الكافي 8: 22/ 274.

3- .... المحتضر: 71، مدينة المعاجز: 91.

(1) في «ط»: ابن زياد، و في «ق»: ابن حمران.

(2) في «ط»: و «ق» و المصدر: القزويني. انظر أنساب السمعاني 4: 179.

(3) الصبابة: البقية من الماء في الإناء. «الصحاح- صبب- 1: 161». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 676

فقال: «أفعل، إن شاء الله تعالى»، فقام أمير

المؤمنين (عليه السلام) فتوضأ و صلى ركعتين، و دعا الله عز و جل بدعوات لم يفهمها أحد، ثم أومأ الى جهة المغرب، فما كان بأسرع من أن جاءت سحابة، فوقعت على الدار، و إذا بجانبها سحابة أخرى، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أيتها السحابة، اهبطي بإذن الله تعالى»، فهبطت، و هي تقول أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و أنك خليفته و وصيه، من شك فيك فقد ضل سبيل النجاة».

قال: ثم انبسطت السحابة على وجه الأرض حتى كأنها بساط موضوع، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):

«اجلسوا على الغمامة» فجلسنا، و أخذنا مواضعنا، فأشار إلى السحابة الاخرى فهبطت، و هي تقول كمقالة الأولى، و جلس أمير المؤمنين عليها ثم تكلم بكلام، و أشار إليهما بالمسير نحو المغرب، و إذا بالريح قد دخلت تحت السحابتين، فرفعتهما رفعا رفيقا، فتمايلت نحو أمير المؤمنين (عليه السلام)، و إذا به على كرسي، و النور يسطع من وجهه، و وجهه أنور من القمر.

فقال الحسن (عليه السلام) «: يا أمير المؤمنين، إن سليمان بن داود (عليه السلام) كان مطاعا بخاتمه، و أمير المؤمنين بماذا يطاع؟».

فقال (عليه السلام): «أنا عين الله في أرضه، و لسانه الناطق في خلقه، أنا نور الله الذي لا يطفأ، أنا باب الله الذي يؤتى منه، و حجته على عباده».

ثم قال: «أ تحبون أن أريكم خاتم سليمان بن داود (عليه السلام)؟» قلنا: نعم، فأدخل يده إلى جيبه، فأخرج خاتما من ذهب فصه من ياقوتة حمراء، عليه مكتوب: محمد و علي، قال سلمان: فتعجبنا من ذلك، فقال: «من أي شي ء تعجبون؟ و ما العجب من مثلي؟ أنا أريكم اليوم ما لم تروه أبدا».

فقال الحسن (عليه السلام):

«أريد أن تريني يأجوج و مأجوج و السد الذي بيننا و بينهم»، فسارت الريح تحت السحاب، فسمعنا لها دويا كدوي الرعد، و علت في الهواء، و أمير المؤمنين (عليه السلام) يقدمنا، حتى انتهينا إلى جبل شامخ في العلو، و إذا شجرة جافة قد تساقطت أوراقها، و جفت أغصانها، فقال الحسن (عليه السلام): «ما بال هذه الشجرة قد يبست؟» فقال له: «سلها، فإنها تجيبك»، فقال الحسن (عليه السلام): «أيتها الشجرة، مالك قد حدث بك ما نراه من الجفاف؟» فلم تجبه؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إلا ما أجبته»، قال الراوي: و الله لقد سمعتها تقول لبيك لبيك يا وصي رسول الله و خليفته، ثم قالت: يا أبا محمد، إن أباك أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يجيئني في كل ليلة وقت السحر، و يصلي عندي ركعتين، و يكثر من التسبيح، فإذا فرغ من دعائه جاءته غمامة بيضاء، ينفح منها رائحة المسك، و عليها كرسي، فيجلس عليه فتسير به، فكنت أعيش بمجلسه و بركته، فانقطع عني منذ أربعين يوما، فهذا سبب ما تراه مني. فقام أمير المؤمنين (عليه السلام)، و صلى ركعتين، و مسح بكفه عليها، فاخضرت و عادت إلى حالها.

و أمر الريح فسارت بنا، و إذا نحن بملك يده في المغرب، و الاخرى بالمشرق، فلما نظر الملك إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده، و رسوله، أرسله بالهدى و دين الحق، ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون، و أشهد أنك وصيه و خليفته حقا و صدقا. فقلت: يا أمير البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 677

المؤمنين، من هذا الذي يده في

المغرب، و يده الاخرى في المشرق؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «هذا الملك الذي وكله الله تعالى بظلمة الليل وضوء النهار، و لا يزول إلى يوم القيامة، و إن الله تعالى جعل أمر الدنيا إلي، و إن أعمال العباد تعرض علي في كل يوم، ثم ترفع إلى الله تعالى».

ثم سرنا حتى وقفنا على سد يأجوج و مأجوج فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للريح «اهبطي بنا مما يلي هذا الجبل» و أشار بيده إلى جبل شامخ في العلو، و هو جبل الخضر (عليه السلام)، فنظرنا إلى السد، و إذا ارتفاعه ما يحد البصر، و هو أسود كقطعة الليل الدامس «1» يخرج من أرجائه الدخان، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أبا محمد، أنا صاحب هذا الأمر على هؤلاء العبيد»، قال سلمان: فرأيت أصنافا ثلاثة طول أحدهم مائة و عشرون ذراعا، و الثاني طول كل واحد منهم ستون ذراعا، و الثالث يفرش أحد أذنيه تحته، و الاخرى يلتحف بها.

ثم إن أمير المؤمنين (عليه السلام) أمر الريح فسارت بنا إلى جبل قاف «2»، فانتهينا إليه و إذا هو من زمردة خضراء، و عليها ملك على صورة النسر، ثم نظر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال الملك: السلام عليك، يا وصي رسول رب العالمين و خليفته، أ تأذن لي في الرد؟ فرد (عليه السلام)، و قال له: «إن شئت تكلم، و إن شئت أخبرتك عما تسألني عنه». فقال الملك: بل تقول يا أمير المؤمنين. قال: «تريد أن آذن لك أن تزور الخضر (عليه السلام)». فقال: نعم. قال: «قد أذنت لك» فأسرع الملك بعد أن قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم تمشينا على الجبل هنيئة، فإذا بالملك قد عاد إلى مكانه

بعد زيارة الخضر (عليه السلام)، فقال سلمان: يا أمير المؤمنين، رأيت الملك ما زار الخضر إلا حين أخذ إذنك؟ فقال (عليه السلام): «و الذي رفع السماء بغير عمد، لو أن أحدهم رام أن يزول من مكانه بقدر نفس واحد لما زال حتى آذن له، و كذلك يصير حال ولدي «3» الحسن، و بعده الحسين، و تسعة من ولد الحسين، تاسعهم قائمهم».

فقلنا: ما اسم الملك الموكل بقاف؟ فقال (عليه السلام): «ترجائيل «4»».

فقلنا: يا أمير المؤمنين، كيف تأتي كل ليلة إلى هذا الموضع و تعود؟ فقال: «كما أتيت بكم، و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إني لأملك ملكوت السماوات و الأرض، ما لو علمتم ببعضه لما أحتمله جنانكم، إن اسم الله الأعظم ثلاث و سبعون حرفا، و كان عند آصف بن برخيا حرف واحد، فتكلم به فخسف الله تعالى ما بينه و بين عرش بلقيس، حتى تناول السرير، ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرف النظر، و عندنا نحن- و الله- اثنان و سبعون حرفا، و حرف واحد عند الله تعالى أستأثر به في علم الغيب، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، عرفنا من عرفنا، و أنكرنا من أنكرنا».

ثم قام (عليه السلام): و قمنا، و إذا نحن بشاب في الجبل يصلي بين قبرين، فقلنا: يا أمير المؤمنين، من هذا الشاب؟ فقال (عليه السلام): «صالح النبي (عليه السلام)، و هذان القبران لامه و أبيه، و إنه يعبد الله بينهما، فلما نظر إليه

__________________________________________________

(1) دمس الظلام: أي اشتدّ، و ليل دامس، أي مظلم. «مجمع البحرين- دمس- 4: 71».

(2) قاف: قيل: هو الجبل المحيط بالأرض. «معجم البلدان 4: 298».

(3) في «ق»: وارثي.

(4) في «ق»: ترجابيل.

و في المدينة: ترحائيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 678

صالح، لم يتمالك نفسه حتى بكى، و أومأ بيده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم عاد إلى صلاته و هو يبكي، فوقف أمير المؤمنين (عليه السلام) عنده حتى فرغ من صلاته، فقلنا له: مم بكاؤك؟ فقال صالح: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يمر بي عند كل غداة، فيجلس، فتزداد عبادتي بنظري إليه، فقطع ذلك منذ عشرة أيام، فأقلقني ذلك» فتعجبنا من ذلك.

فقال (عليه السلام): «تريدون أن أريكم سليمان بن داود (عليه السلام)»؟ فقلنا: نعم فقام و نحن معه، فدخل بنا بستانا ما رأينا أحسن منه، و فيه من جميع الفواكه و الأعناب، و أنهاره تجري، و الأطيار يتجاوبن على الأشجار، فحين رأته الأطيار، أتت ترفرف حوله حتى توسطنا البستان، و إذا سرير عليه شاب ملقى على ظهره، واضع يده على صدره، فأخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) الخاتم من جيبه و جعله في إصبع سليمان (عليه السلام)، فنهض قائما، و قال: «السلام عليك يا أمير المؤمنين، و وصي رسول رب العالمين، أنت و الله الصديق الأكبر، و الفاروق الأعظم، قد أفلح من تمسك بك، و قد خاب و خسر من تخلف عنك، و إني سألت الله تعالى بكم أهل البيت، فأعطيت ذلك الملك».

قال سلمان: فلما سمعنا كلام سليمان بن داود (عليه السلام)، لم أتمالك نفسي حتى وقعت على أقدام أمير المؤمنين (عليه السلام) أقبلها، و حمدت الله تعالى على جزيل عطائه، بهدايته إلى ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و فعل أصحابي كما فعلت، ثم سألت أمير المؤمنين (عليه السلام): و ما وراء قال؟ قال (عليه السلام): «وراءه مالا

يصل إليكم علمه».

فقلنا: تعلم ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال (عليه السلام): «علمي بما وراءه كعلمي بحال هذه الدنيا و ما فيها» و إني الحفيظ الشهيد عليها بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كذلك الأوصياء من ولدي بعدي».

ثم قال (عليه السلام): «إني لأعرف بطرق السماوات من طرق الأرض، نحن الاسم المخزون المكنون، نحن الأسماء الحسنى التي إذا سئل الله تعالى به أجاب، نحن الأسماء المكتوبة على العرش و الكرسي و الجنة و النار، و منا تعلمت الملائكة التسبيح و التقديس، و التوحيد و التهليل و التكبير، و نحن الكلمات التي تلقاها آدم (عليه السلام) من ربه، فتاب عليه».

قال: «أ تريدون أن أريكم عجبا؟» قلنا: نعم. قال: «غضوا أعينكم» ففعلنا، ثم قال: «افتحوها»، ففتحناها، فإذا نحن بمدينة ما رأينا أكبر منها، الأسواق فيها قائمة، و فيها أناس ما رأينا أعظم من خلقهم، على طول النخل، قلنا:

يا أمير المؤمنين، من هؤلاء؟ قال: «بقية قوم عاد، كفار لا يؤمنون بالله تعالى، أحببت أن أريكم إياهم، و هذه المدينة و أهلها أريد أن اهلكهم و هم لا يشعرون»، قلنا: يا أمير المؤمنين، تهلكهم بغير حجة؟ قال: «لا، بل بحجة عليهم»، فدنا منهم، و تراءى لهم، فهموا أن يقتلوه، و نحن نراهم و هم يروننا، ثم تباعد عنهم، و دنا منا، ثم مسح بيده على صدورنا، و صعق فيهم صعقة، قال سلمان: لقد ظننا أن الأرض قد انقلبت، و السماء قد سقطت و أن الصواعق من فيه قد خرجت، فلم يبق منهم في تلك الساعة أحد، قلنا: يا أمير المؤمنين، ما صنع الله بهم؟ قال: «هلكوا، و صاروا كلهم في النار» قلنا: هذا معجز ما رأينا و لا

سمعنا بمثله. البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 679

فقال (عليه السلام): «أ تريدون أن أريكم أعجب من ذلك؟» قلنا: لا نطيق بأسرنا على احتمال شي ء آخر، فعلى من لا يتولاك و يؤمن بفضلك و عظيم قدرك عند الله تعالى لعنة الله، و لعنة اللاعنين، و الناس و الملائكة أجمعين إلى يوم الدين.

ثم سألناه الرجوع إلى أوطاننا، فقال: «أفعل ذلك، إن شاء الله تعالى»، و أشار إلى السحابتين فدنتا منا، فقال:

«خذوا مواضعكم» فجلسنا على سحابة، و جلس (عليه السلام) على اخرى، و أمر الريح فحملتنا حتى صرنا في الجو، حتى رأينا الأرض كالدرهم، ثم حطتنا في دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، في أقل من طرف النظر، و كان وصولنا إلى المدينة وقت الظهر و المؤذن يؤذن، و كان خروجنا منها وقت علت الشمس، فقلت: أيا لله العجب، كنا في جبل قاف، مسيرة خمس سنين «1»، وعدنا في خمس ساعات من النهار؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لو أنني أردت أن أخرق الدنيا بأسرها و السماوات السبع و أرجع في أقل من الطرف لفعلت، بما عندي من اسم الله الأعظم»، فقلنا: يا أمير المؤمنين، أنت و الله الآية العظمى، و المعجزة الباهرة، بعد أخيك و ابن عمك رسول الله (صلى الله عليه و آله).

6789/ [4]- و روي بالإسناد، عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: كنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقلت له:

يا أمير المؤمنين، أحب أن أرى من معجزاتك شيئا؟ قال: «يا سلمان، ما تريد؟ قلت: أريد أن تريني ناقة ثمود، و شيئا من معجزاتك؟ فقال: «أفعل، إن شاء الله تعالى».

ثم قام و دخل منزله، و خرج و تحته حصان أدهم «2»، و عليه قباء «3» أبيض،

و قلنسوة «4» بيضاء، ثم نادى:

«يا قنبر، أخرج إلي ذلك الفرس»، فأخرج إليه حصانا أدهم أنمر «5»، فقال: «اركب، يا أبا عبد الله». قال سلمان: فركبته، فإذا له جناحان ملتصقان إلى جنبه، قال: فصاح به الإمام (عليه السلام): فتعلق في الهواء، و كنت أسمع و الله خفق «6» أجنحة الملائكة و تسبيحها تحت العرش، ثم حضرنا على ساحل البحر، و إذا هو بحر عجاج «7»، متغطغط بالأمواج، فنظر إليه الإمام (عليه السلام) شزرا، فسكن البحر من غليانه، فقلت له: يا مولاي، سكن البحر من نظرك إليه؟ فقال:

«خشي أن ™ŘѠفيه بأمر».

__________________________________________________

4- ... بحار الأنوار 42: 50/ 1، مدينة المعاجز: 88.

(1) في «ج»: خمسين سنة.

(2) الأدهم: الأسود. «لسان العرب- دهم- 12: 209».

(3) القباء: الثوب يلبس فوق الثياب، أو القميص يمنطق عليه. «المعجم الوسيط- قباه- 2: 713».

(4) القلنسوة: لباس للرأس. «المعجم الوسيط- قلس- 2: 754».

(5) الأنمر: ما فيه نمرة بيضاء و اخرى على أيّ لون كان. «المعجم الوسيط- نمر- 2: 954».

(6) في «ج»: حفيف.

(7) نهر عجّاج: كثير الماء. «لسان العرب- عج- 2: 318».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 680

ثم قبض على يدي و سار على وجه الماء، و الخيل تتبعنا، لا يقودها أحد، فو الله ما ابتلت أقدامنا و لا حوافر الخيل، قال سلمان: فعبرنا ذلك البحر، فدفعنا إلى جزيرة كثيرة الأشجار و الأثمار و الأطيار و الأنهار، و إذا بشجرة عظيمة بلا جذع و لا زهر، فهزها صلوات الله عليه بقضيب كان في يده، فانشقت، و خرجت منها ناقة طولها ثمانون ذراعا، و عرضها أربعون ذراعا، و خلفها قلوص، فقال لي: «ادن منها، و اشرب من لبنها حتى تروى» فدنوت منها، و شربت حتى رويت، و كان

لبنها أعذب من الشهد، و ألين من الزبد، فقال لي «يا سلمان، هذا حسن»؟ فقلت يا مولاي، و ما أحسن منها! فقال: «تريد أن أريك ما هو أحسن منها؟» فقلت: نعم يا أمير المؤمنين فنادى (عليه السلام):

«اخرجي يا حسناء «1»» فخرجت إلينا ناقة طولها مائة ذراع و عشرون ذراعا، و عرضها ستون ذراعا، و رأسها من الياقوت الأحمر، و صدرها من العنبر الأشهب، و قوائمها من الزبرجد الأخضر، و زمامها من الياقوت الأخضر، و جنبها الأيمن من الذهب، و جنبها الأيسر من الفضة، و عرضها من اللؤلؤ الرطب، فقال لي: «يا سلمان، اشرب من لبنها»، قال سلمان: فالتقمت «2» الضرع، فإذا هي تحلب عسلا صافيا محضا، فقلت: يا سيدي هذه لمن؟ قال: «هذه لك يا سلمان، و لسائر المؤمنين من اوليائي». ثم قال (عليه السلام): «ارجعي إلى الشجرة» فرجعت من الوقت.

و ساقني إلى تلك الجزيرة و حتى ورد بي إلى شجرة، و في أصلها مائدة عظيمة فيها طعام، تفوح منها رائحة المسك، و إذا بطائر في صورة النسر العظيم، قال سلمان: فوثب ذلك الطير، فسلم عليه و رجع إلى موضعه، فقلت:

يا أمير المؤمنين ما هذه المائدة؟ فقال: «هذه منصوبة في هذا الموضع لشيعتنا» فقلت: ما هذا الطائر؟ قال: «ملك موكل بها إلى يوم القيامة» فقلت: وحده يا سيدي؟ فقال: «يجتاز به الخضر (عليه السلام) كل يوم مرة».

ثم قبض بيدي ثم سار إلى بحر آخر فعبرنا إذا بجزيرة عظيمة فيها قصر، لبنة من ذهب، و لبنة من فضة، و شرافها من عقيق أصفر، و على كل ركن من القصر سبعون صفا «3» من الملائكة، فسلموا عليه» ثم أذن لهم، فرجعوا إلى أماكنهم، قال سلمان (رضي الله

عنه): ثم دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى القصر، و إذا فيه أشجار، و أثمار، و أنهار، و أطيار، و ألوان النبات، فجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) يمشي فيه، حتى وصل إلى آخره، فوقف (عليه السلام) على بركة في البستان، ثم صعد على سطحه، و إذا بكرسي من الذهب الأحمر، فجلس عليه، و أشرفنا على القصر، و إذا ببحر أسود يتغطغط بأمواجه كالجبال الراسيات، فنظر إليه شزرا، فسكن من غليانه، حتى كأنه المذنب، فقلت: سكن البحر من غليانه لما نظرت إليه! فقال: «خشي أن آمر فيه بأمر، أ تدري- يا سلمان- أي بحر هذا»؟ فقلت: لا، يا سيدي. فقال: «هذا البحر الذي غرق «4» فيه فرعون و ملؤه، إن المدينة حملت على جناح جبرئيل (عليه السلام)، ثم زخ «5» بها في الهواء، فهوت إلى قراره إلى يوم القيامة».

__________________________________________________

(1) في «ج»: يا حسن.

(2) في «ق»: فالتمست. [.....]

(3) في «ج»: ألفا.

(4) في «ط»: عذّب.

(5) زخّه: دفعه. و في «ج»: زجّ، و زجّ بالشي ء من يده يزج زجّا: رمى به. «لسان العرب- زجج- 2: 286».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 681

فقلت: يا أمير المؤمنين، هل سرنا فرسخين؟ فقال: «يا سلمان، لقد سرت خمسين ألف فرسخ، و درت حول الدنيا عشرين ألف مرة».

فقلت: يا سيدي، و كيف هذا؟ قال: «يا سلمان، إذا كان ذو القرنين طاف شرقها و غربها، و بلغ إلى سد يأجوج و مأجوج، فأنا يتعذر علي و أنا أمير المؤمنين، و خليفة رسول رب العالمين؟! يا سلمان، ما قرأت قوله تعالى عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ «1»؟» فقلت: بلى، يا أمير المؤمنين. فقال:

«يا سلمان، أنا المرتضى من الرسول الذي

أظهره الله عز و جل على غيبه، أنا العالم الرباني، أنا الذي هون الله علي الشدائد و طوى لي البعيد». قال سلمان (رضي الله عنه): فسمعت صائحا يصيح في السماء، أسمع الصوت و لا أرى الشخص، و هو يقول: صدقت صدقت، أنت الصادق الصديق صلوات الله عليك.

ثم وثب قائما و ركب فرسه و ركبت معه، و صاح بهما، فطارا في الهواء، و إذا نحن على باب الكوفة، هذا كله و قد مضى من الليل ثلاث ساعات، فقال لي: «يا سلمان، الويل ثم الويل لمن لا يعرفنا حق معرفتنا، و أنكر ولايتنا- يا سلمان- أيهما أفضل، محمد (صلى الله عليه و آله) أم سليمان بن داود (عليه السلام)»؟ فقلت: بل محمد أفضل.

قال: «يا سلمان، آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس إلى سليمان في طرفة عين، و عنده علم من الكتاب، فكيف لا أفعل أنا ذلك و عندي ألف كتاب، و أربعة و عشرون ألف كتاب، أنزل الله تعالى على شيث بن آدم خمسين صحيفة، و على إدريس (عليه السلام) ثلاثين، و على إبراهيم الخليل (عليه السلام) عشرين، و التوراة، و الإنجيل، و الزبور، و الفرقان العظيم»؟ فقلت: صدقت يا أمير المؤمنين، هكذا يكون الإمام.

فقال: «اعلم يا سلمان، الشاك في أمورنا و علومنا كالممتري في معرفتنا و حقوقنا، و قد فرض الله عز و جل في كتابه في غير موضع، و بين فيه ما وجب العلم به، و هو غير مكنون» «2».

باب فيما اعطي الأئمة من آل محمد صلوات الله عليهم من السير في البلاد، و أشبهوا ذا القرنين، و الخضر، و صاحب سليمان، و ما لهم من الزيادة. ..... ص : 681

6790/ [1]- محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن أبي خالد، عن حمران، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما موضع العلماء منكم؟ قال:

«مثل ذي القرنين، و صاحب سليمان، و صاحب موسى (عليه السلام)».

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 385/ 1.

(1) الجن 72: 26 و 27.

(2) في «ج، ق»: مكشوف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 682

6791/ [2]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن الحارث بن المغيرة عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن عليا (عليه السلام) كان محدثا» قلت:

فيكون نبيا؟ قال: فحرك يده هكذا، ثم قال: «أو كصاحب سليمان، أو كصاحب موسى، أو كذي القرنين، أو ما بلغكم أنه قال: و فيكم مثله؟».

6792/ [3]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن الحارث، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أ لست حدثتني أن عليا (عليه السلام) كان محدثا؟ قال: «بلى». قلت: من يحدثه؟ قال: «ملك يحدثه» قلت: فأقول: إنه نبي، أو رسول؟ قال: «لا، بل مثله مثل صاحب سليمان، و مثل صاحب موسى (عليهما السلام)، و مثل ذي القرنين، أو ما بلغكم أن عليا (عليه السلام) سئل عن ذي القرنين، فقيل: كان نبيا؟ قال: لا، بل كان عبدا أحب الله فأحبه، و نصح لله فنصحه، و هذا فيكم مثله».

6793/ [4]- و عنه، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن رجلا منا صلى العتمة بالمدينة، و أتى قوم موسى في شي ء شجر بينهم، و عاد من ليلته، و صلى الغداة بالمدينة».

6794/ [5]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب، قال: كنت

عند أبي عبد الله (عليه السلام) حيث دخل عليه رجل من علماء أهل اليمن، فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): «يا يماني، أ فيكم علماء؟» قال: نعم قال: «فأي شي ء يبلغ من علم علمائكم؟» قال: إنه ليسير في ليلة واحدة مسير شهرين، يزجر الطير، و يقفو الآثار.

فقال له: «فعالم المدينة أعلم من عالمكم»، قال: فأي شي ء يبلغ من علم عالم المدينة؟ قال: «إنه يسير في صباح واحد مسيرة سنة، كالشمس إذا أمرت، إنها اليوم غير مأمورة، و لكن إذا أمرت أن تقطع اثنتي عشرة شمسا، و اثني عشر قمرا، و اثني عشر مشرقا، و اثني عشر مغربا، و اثني عشر برا، و اثني عشر بحرا، و اثني عشر عالما» قال:

فما درى اليماني ما يقول.

6795/ [6]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبان ابن تغلب، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل من أهل اليمن، فقال له: «يا أخا اليمن، عندكم علماء؟» قال: نعم. قال: «فما بلغ من علم عالمكم؟» قال: يسير في ليلة واحدة مسيرة شهرين، يزجر الطير، و يقفو الأثر.

__________________________________________________

2- بصائر الدرجات: 386/ 2.

3- بصائر الدرجات: 387/ 7.

4- بصائر الدرجات: 417/ 1.

5- بصائر الدرجات: 421/ 14.

6- بصائر الدرجات: 421/ 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 683

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «عالم المدينة أعلم من عالمكم» قال: فما بلغ من علم عالم المدينة؟ قال: «يسير في ساعة من النهار مسيرة الشمس سنة، حتى يقطع ألف عالم «1» مثل عالمكم هذا، ما يعلمون أن الله خلق آدم و لا إبليس» قال: يعرفونكم؟ قال: «نعم، ما افترض الله عليهم إلا

ولايتنا، و البراءة من أعدائنا».

6796/ [7]- و عنه: عن أحمد بن الحسين، قال: حدثني الحسن بن برة، و الحسين بن براء، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من أهل اليمن، فسلم عليه، فرد عليه السلام، ثم قال له: «هل عندكم علماء؟» قال: نعم، قال: «فما بلغ من علم عالمكم؟» قال: يزجر الطير، و يقفو الأثر، و يسير في ساعة واحدة مسيرة شهر للراكب.

فقال له: [أبو عبد الله (عليه السلام): «إن عالم المدينة أعلم من عالمكم». قال: و ما بلغ من علم عالم المدينة؟

قال : «إن عالم المدينة ينتهي إلى أن لا يقفو الأثر، و لا يزجر الطير، يسير في اللحظة الواحدة مسيرة سنة، كالشمس تقطع اثني عشر برجا، و اثني عشر برا، و اثني عشر بحرا، و اثني عشر عالما». فقال له اليماني: جعلت فداك، ما ظننت أن يعلم هذا أحد و يقدر عليه.

6797/ [8]- و عنه: عن محمد بن حسان، عن علي بن خالد- و كان زيديا- قال: كنت في العسكر، فبلغني أن هناك رجلا محبوسا، أتي به من ناحية الشام مكبولا، و قالوا: إنه تنبأ قال علي: فداريت البوابين و الحجة، حتى وصلت إليه، فإذا هو رجل له فهم، فقلت له: يا هذا ما قصتك، و ما أمرك؟

فقال: كنت بالشام، أعبد الله عند قبر رأس الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) فبينا أنا في عبادتي، إذ أتاني شخص، فقال لي: قم بنا فقمت معه، فبينا أنا معه في مسجد الكوفة، فقال لي: تعرف هذا المسجد؟ قلت: نعم، هذا مسجد الكوفة. قال: فصلى و صليت معه، فبينا أنا

معه إذ أنا في مسجد الرسول (صلى الله عليه و آله) بالمدينة، فسلم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سلمت و صلى و صليت، فصلى على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و دعا له، فبينا أنا معه إذ أنا بمكة فلم أزل معه حتى قضى مناسكه، و قضيت مناسكي معه، قال: فبينا أنا معه إذ أنا بموضعي الذي كنت أعبد الله فيه بالشام، و مضى، فلما كان عام قابل في أيام الموسم، إذا أنا به، ففعل بي مثل فعله، الأول، فلما فرغنا من مناسكنا، و ردني إلى الشام، و هم بمفارقتي، قلت له: سألتك بحق الذي أقدرك على ما رأيت، إلا أخبرتني من أنت؟ فأطرق مليا، فقال: أنا محمد بن علي بن موسى، فتراقى «2» الخبر إلى محمد بن عبد الملك الزيات، فبعث إلي، و أخذني و كبلني، بالحديد، و حملني إلى العراق، و حبسني كما ترى، قال: قلت له: أرفع قصتكم إلى محمد بن عبد الملك؟ فقال: و من لي يأتيه بالقصة؟ قال: فأتيته بقرطاس و دوات، فكتب قصته إلى محمد بن عبد الملك، فذكر في قصته ما كان، قال: فوقع في القصة: قل للذي أخرجك في ليلة من الشام إلى الكوفة، و من الكوفة إلى

__________________________________________________

7- .... الاختصاص: 319، و لم نجده في البصائر.

8- بصائر الدرجات: 422/ 1.

(1) في المصدر: اثني عشر ألف. [.....]

(2) تراقى: ارتقى و تسامى. «المعجم الوسيط- رقا- 1: 367».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 684

المدينة، و من المدينة إلى مكة، و ردك من مكة إلى المكان الذي أخرجك منه أن يخرجك من حبسك.

قال علي: فغمني أمره، و رققت له، فأمرته بالعزاء و الصبر، قال: ثم

بكرت عليه يوما، فإذا الجند، و صاحب الحرس، و صاحب السجن، و خلق عظيم يتفحصون حاله، فقلت: ما هذا الأمر؟ قالوا: المحمول من الشام الذي تنبأ، افتقد البارحة، لا ندري خسفت به الأرض، أو اختطفه الطير في الهواء.

و قال علي بن خالد: هذا زيدي فقال بالإمامة بعد ذلك، و حسن اعتقاده.

و روى هذا الحديث محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن علي بن خالد، قال محمد- و كان زيديا- قال: كنت بالعسكر، فبلغني أن هناك رجلا محبوسا، أتي به من ناحية الشام، و ذكر الحديث بعينه «1».

6798/ [9]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن عبد الله الرازي الجاموراني، عن إسماعيل بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن عبد الصمد بن علي: قال: دخل رجل على علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): «من أنت؟» قال: أنا رجل منجم قائف عراف. قال: فنظر إليه، ثم قال: «هل أدلك على رجل قد مر منذ دخلت علينا في أربعة عشر عالما، كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات، لم يتحرك من مكانه؟».

قال: من هو؟ قال: «أنا و إن شئت أنبأتك عما أكلت، و ما ادخرت في بيتك».

و قد تقدم حديث جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2»، و الحديث طويل، و أنه دخل معه في الظلمة التي فيها عين الحياة التي سلكها ذو القرنين، و قد وردا خمسة عوالم، تقدم في قوله تعالى: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ و الروايات في ذلك كثيرة، اقتصرنا على ذلك مخافة الإطالة.

6799/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: فلما أخبر رسول الله (صلى الله عليه

و آله) قريشا بخبر أصحاب الكهف، و خبر الخضر و موسى و خبر ذي القرنين، قالوا: قد بقيت مسألة واحدة؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ما هي؟» قالوا:

متى تقوم الساعة؟ فأنزل الله تبارك و تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي «3» الآية، فهذا كان سبب نزول سورة الكهف، و هذه الآية: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها

في سورة الأعراف، و كان الواجب أن تكون في هذه السورة.

__________________________________________________

9- الاختصاص: 319.

10- تفسير القمّي 2: 45.

(1) الكافي 1: 411/ 1.

(2) تقدّم في الحديث (8) من تفسير الآية (74- 81) من سورة الأنعام.

(3) الأعراف 7: 187.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 685

سورة الكهف(18): آية 99 ..... ص : 685

قوله تعالى:

وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً [99] 6800/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ أي يختلطون وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً.

6801/ [2]- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ «يعني يوم القيامة».

سورة الكهف(18): الآيات 101 الي 102 ..... ص : 685

قوله تعالى:

الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَ كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً- إلى قوله تعالى- إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا [101- 102]

6802/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، بفرغانة «1»، قال: حدثنا أبي، عن أحمد ابن علي الأنصاري، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سأل المأمون الرضا علي بن موسى (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَ كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً.

فقال (عليه السلام): «إن غطاء العين لا يمنع من الذكر، و الذكر لا يرى بالعيون، و لكن الله عز و جل شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالعميان، لأنهم كانوا يستقلون قول النبي (صلى الله عليه و آله) فيه، فلا يستطيعون له سمعا». فقال المأمون: فرجت عني، فرج الله عنك.

6803/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و الحسين بن أبي العلاء، و عبد الله بن وضاح و شعيب العقرقوفي جميعهم: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قلت: قوله: الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي؟ قال: «يعني بالذكر ولاية علي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 45.

2-

تفسير العيّاشي 2: 351/ 87.

3- عيون أخبار الرّضا 1: 136/ 33.

4- تفسير القمّي 2: 47.

(1) فرغانة: مدينة واسعة بما وراء النهر، متآخمة لبلاد تركستان. «معجم البلدان 4: 253».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 686

أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو قوله: ذِكْرِي» قلت: قوله لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً؟ قال: «كانوا لا يستطيعون إذا ذكر علي (عليه السلام) عندهم أن يسمعوا ذكره لشدة بغض له، و عداوة منهم له و لأهل بيته».

قلت قوله: أَ فَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا؟

قال (عليه السلام): «يعنيهما و أشياعهما «1» الذين اتخذوهما من دون الله أولياء، و كانوا يرون أنهم بحبهم إياهما، أنهما ينجيانهم من عذاب الله، و كانوا بحبهما كافرين».

قلت: قوله إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا؟ قال: «أي منزلا، فهي لهما و لأشياعهما «2» عتيدة «3» عند الله».

قلت: قوله نُزُلًا قال: «مأوى و منزلا».

6804/ [3]- العياشي: عن محمد بن حكيم، قال: كتبت رقعة إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فيها: أ تستطيع النفس المعرفة؟ قال: فقال: «لا».

فقلت: يقول الله عز و جل: الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَ كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً؟

قال: «هو كقوله: ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَ ما كانُوا يُبْصِرُونَ «4»».

قلت: فعابهم «5»؟ قال: «لم يعبهم «6» بما صنع في قلوبهم، و لكن عابهم «7» بما صنعوا، و لو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شي ء».

6805/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله أَ فَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا: أي منزلا.

سورة الكهف(18): الآيات 103 الي 104 ..... ص : 686

قوله تعالى:

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 351/ 88.

4- تفسير القمّي 2: 46.

(1) في «ط»: و أشباههما. [.....]

(2) في

«ط»: و لأشباههما.

(3) العتيد: الشي ء الحاضر المهيّأ. «الصحاح- عتد- 2: 505» و في نسخة من «ط» معدة.

(4) هود 11: 20.

(5) في «ط»: يعاتبهم.

(6) في «ط»: لا يعتبهم.

(7) في «ط»: يعاتبهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 687

الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [103- 104]

6806/ [1]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبى الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «هم النصارى، و القسيسون، و الرهبان، و أهل الشبهات و الأهواء من أهل القبلة، و الحرورية، و أهل البدع».

6807/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: نزلت في اليهود، و جرت في الخوارج.

6808/ [3]- العياشي: عن إمام بن ربعي، قال: قام ابن الكواء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: أخبرني عن قول الله: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً.

قال: «أولئك أهل الكتاب، كفروا بربهم، و ابتدعوا في دينهم، فحبطت أعمالهم، و ما أهل النهر- أي النهروان- منهم ببعيد».

6809/ [4]- عن أبي الطفيل، قال: «منهم أهل النهر».

6810/ [5]- و في رواية أبي الطفيل: «أولئك هم أهل حروراء».

6811/ [6]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام) و قد سأله سائل، قال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن قول الله عز و جل: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الآية. قال: «كفرة أهل الكتاب، اليهود و النصارى، و قد كانوا على الحق، فابتدعوا في أديانهم، و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».

سورة الكهف(18): الآيات 105 الي 108 ..... ص : 687

قوله تعالى:

أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً- إلى قوله تعالى- خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا [105- 108] 6812/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: أُولئِكَ

الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 46.

2- تفسير القمي 2: 46.

3- تفسير العياشي 2: 352/ 89.

4- تفسير العياشي 2: 352/ 90.

5- تفسير العياشي 2: 352/ 90.

6- الاحتجاج 1: 260.

7- تفسير القمي 2: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 688

أي حسنة: ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَ اتَّخَذُوا آياتِي وَ رُسُلِي هُزُواً يعنى بالآيات الأوصياء اتخذوها هزوا. ثم ذكر المؤمنين بهذه الآيات: فقال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا، أي لا يحولون، و لا يسألون التحويل عنها.

6813/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام بن سهيل، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، قال: حدثنا مولاي موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: سألت أبي عن قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا.

قال: «نزلت في آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)».

6814/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن محمد بن يحيى الحجري، عن عمر بن صخر الهذلي، عن الصباح بن يحيى، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام) أنه قال: «لكل شي ء ذروة، و ذروة الجنة الفردوس، و هي لمحمد و آل محمد (صلوات الله عليه و عليهم أجمعين)».

6815/ [4]- العياشي: عن عكرمة عن ابن عباس، قال: ما في القرآن آية: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ إلا و علي (عليه السلام) أميرها و شريفها، و ما من أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) رجل إلا و قد عاتبه الله،

و ما ذكر عليا (عليه السلام) إلا بخير.

قال عكرمة: إني لأعلم لعلي (عليه السلام) منقبة، لو حدثت بها لبعدت أقطار السماوات و الأرض.

6816/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبى عبد الله (عليه السلام)، في قوله: خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا، قال:

«خالدين فيها لا يخرجون منها» و لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا، قال: «لا يريدون بها بدلا».

قلت: قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا، قال: «نزلت في أبي ذر، و سلمان الفارسي، و المقداد، و عمار بن ياسر، جعل الله لهم جنات الفردوس نزلا، أي مأوى و منزلا».

سورة الكهف(18): الآيات 109 الي 110 ..... ص : 688

قوله تعالى:

قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً- إلى قوله تعالى- وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [109- 110]

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 298/ 10. [.....]

3- تأويل الآيات 1: 298/ 11.

4- تفسير العيّاشي 2: 352/ 91.

5- تفسير القمّي 2: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 689

6817/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قلت: قوله: قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً؟

قال: «قد أخبرك أن كلام الله ليس له آخر، و لا غاية، و لا ينقطع أبدا».

قال: «ثم قال: قل يا محمد: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ

كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً، فهذا الشرك شرك رياء.

6818/ [2]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، عن أبيه، علي بن محمد (عليهما السلام) في حديث طويل، في مناظرة جماعة من قريش، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ثم أنزل الله تعالى: يا محمد، قل: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يعني آكل الطعام يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ يعني قل لهم: أنا في البشرية مثلكم، و لكن خصني ربي بالنبوة دونكم، كما يخص بعض البشر بالغنى و الصحة و الجمال، دون بعض من البشر، فلا تنكروا أن يخصني أيضا بالنبوة».

تقدم الحديث بطوله، في قوله تعالى: وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً «1».

6819/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدايني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل:

فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.

قال: «الرجل يعمل شيئا من الثواب، لا يطلب به وجه الله، إنما يطلب تزكية الناس، يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه». ثم قال: «ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا، حتى يظهر الله له خيرا، و ما من عبد أسر شرا فذهبت الأيام أبدا، حتى يظهر الله له شرا».

6820/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: دخلت على الرضا (عليه السلام) و بين يديه إبريق، يريد أن

يتهيأ للصلاة، فدنوت منه لأصب عليه، فأبى ذلك، و قال: «مه، يا حسن»، فقلت: لم تنهاني ان أصب على يدك، تكره أن أوجر؟ قال: «تؤجر أنت، و أوزر أنا».

فقلت له: كيف ذلك؟ فقال: «أما سمعت الله عز و جل يقول: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 46.

2- التفسير المنسوب إلى الامام العسكري (عليه السلام): 504.

3- الكافي 2: 222/ 4.

4- الكافي 3: 69/ 1.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (90- 95) من سورة الإسراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 690

. و ها أنا ذا أتوضأ للصلاة، و هي العبادة، فأكره أن يشركني فيها أحد».

6821/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن تفسير قول الله عز و جل: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.

فقال: من صلى مراءاة الناس فهو مشرك، و من زكى مراءاة الناس فهو مشرك، و من صام مراءاة الناس فهو مشرك، و من حج مراءاة الناس فهو مشرك، و من عمل عملا مما أمر الله به مراءاة الناس فهو مشرك، و لا يقبل الله عمل مراء».

6822/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و الحسين بن أبي العلاء، و عبد الله بن وضاح، و شعيب العقرقوفي، جميعهم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ قال: «يعني في الخلق، أنه مثلهم

مخلوق».

يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.

قال: «لا يتخذ مع ولاية آل محمد ولاية غيرهم، و ولايتهم العمل الصالح، فمن أشرك بعبادة ربه أحدا، فقد أشرك بولايتنا، و كفر بها، و جحد أمير المؤمنين (عليه السلام) حقه و ولايته».

6823/ [7]- العياشي: عن جراح، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه ليس من رجل يعمل شيئا من البر و لا يطلب به وجه الله، إنما يطلب به تزكية الناس، يشتهي أن يسمع به الناس، فذاك الذي أشرك بعبادة ربه».

6824/ [8]- عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن تفسير هذه الآية فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.

قال: «من صلى، أو صام، أو أعتق، أو حج يريد محمدة الناس، فقد أشرك في عمله، و هو شرك مغفور».

6825/ [9]- عن علي بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال الله تبارك و تعالى: أنا خير شريك، من أشرك بي في عمله لن أقبله، إلا ما كان لي خالصا».

6826/ [10]- و في رواية اخرى عنه (عليه السلام) قال: «إن الله يقول: أنا خير شريك، من عمل لي و لغيري، فهو لمن عمل له دوني».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 47.

6- تفسير القمّي 2: 47.

7- تفسير العيّاشي 2: 352/ 93.

8- تفسير العيّاشي 2: 352/ 92.

9- تفسير العيّاشي 2: 353/ 94.

10- تفسير العيّاشي 2: 353/ 95. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 691

6827/ [11]- عن زرارة، و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: «لو أن عبدا عمل عملا يطلب به

وجه الله، و الدار الآخرة، ثم أدخل فيه رضا أحد من الناس، كان مشركا».

6828/ [12]- عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.

قال: «العمل الصالح: المعرفة بالأئمة، وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً: التسليم لعلي (عليه السلام)، لا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له، و لا هو من أهله».

__________________________________________________

11- تفسير العيّاشي 2: 353/ 96.

12- تفسير العيّاشي 2: 353/ 97.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 693

سورة مريم ..... ص : 693

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 695

سورة مريم فضلها ..... ص : 695

6829/ [1]- ابن بابويه: بإسناده المتقدم في فضل سورة الكهف، عن الحسن، عن عمر، عن أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أدمن قراءة سورة مريم لم يمت حتى يصيب ما يغنيه في نفسه و ماله و ولده، و كان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم (عليه السلام)، و اعطي في الآخرة «1» مثل ملك سليمان بن داود (عليهما السلام) في الدنيا».

6830/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة اعطي من الحسنات بعدد من ادعى لله ولدا سبحانه لا إله إلا هو، و بعدد من صدق زكريا و يحيى و عيسى و موسى و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب (عليهم السلام) عشر حسنات، و عدد من كذب بهم، و يبنى له في الجنة قصر أوسع من السماء و الأرض في أعلى جنة الفردوس، و يحشر مع المتقين في أول زمرة السابقين، و لا يموت حتى يستغني هو و ولده، و يعطى في الجنة مثل ملك سليمان (عليه السلام): و من كتبها و علقها عليه لم ير في منامه إلا خيرا، و إن كتبها في حائط البيت منعت طوارقه، و حرست ما فيه، و إن شربها الخائف أمن».

6831/ [3]- و عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها و جعلها في إناء زجاج ضيق الرأس نظيف، و جعلها في منزله كثر خيره، و يرى الخيرات في منامه، كما يرى أهله في منزله، و إذا كتبت على حائط البيت منعت طوارقه و حرست ما فيه، و إذا شربها الخائف أمن بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال:

108.

2- ....

3- خواص القرآن: 44 (مخطوط).

(1) في «ط»: من الأجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 697

سورة مريم(19): آية 1 ..... ص : 697

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كهيعص [1]

6832/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني- فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق- قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): يا بن رسول الله، ما معنى قول الله عز و جل كهيعص؟ قال: «معناه: أنا الكافي، الهادي، الولي، العالم، الصادق الوعد».

6833/ [2]- و عنه: عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: أخبرنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، قال: حضرت عند جعفر ابن محمد (عليهما السلام)، فدخل عليه رجل فسأله عن كهيعص، فقال (عليه السلام): «كاف: كاف لشيعتنا، هاء: هاد لهم، ياء: ولي لهم، عين: عالم بأهل طاعتنا، صاد: صادق لهم وعده، حتى يبلغ بهم المنزلة التي وعدها إياهم في بطن القرآن».

6834/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي بن محمد، بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر «1» القمي، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله القمي، في حديث له مع أبي محمد الحسن بن __________________________________________________

1- معاني الأخبار: 22.

2- معاني الأخبار: 28/ 6.

3- كمال الدين و تمام النعمة: 454/ 21.

(1) في «ج»: أحمد

بن ظاهر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 698

علي العسكري (عليهما السلام): قال له: «ما جاء بك، يا سعد؟» فقلت: شوقني أحمد بن إسحاق إلى لقاء مولانا.

قال: «و المسائل التي أردت أن تسأل عنها؟». قلت: على حالها، يا مولاي. قال: «فسل قرة عيني عنها». و أومأ بيده إلى الغلام- يعني ابنه القائم (عليه السلام)- فقال لي الغلام: «سل عما بدا لك». و ذكر المسائل إلى أن قال: قلت:

فأخبرني- يا بن رسول الله- عن تأويل كهيعص؟

قال: «هذه الحروف من أنباء الغيب، أطلع الله عليها عبده زكريا، ثم قصها على محمد (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أن زكريا (عليه السلام) سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة، فأهبط الله عليه جبرئيل (عليه السلام) فعلمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن (عليهم السلام)، سرى عنه همه و انجلى كربه، و إذا ذكر الحسين (عليه السلام) خنقته العبرة، و وقعت عليه البهرة.

فقال ذات يوم: إلهي، مالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي، و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني و تثور زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك و تعالى عن قصته، فقال: كهيعص فالكاف: اسم كربلاء، و الهاء: هلاك العترة، و الياء: يزيد (لعنه الله)، و هو ظالم الحسين (عليه السلام)، و العين: عطشه، و الصاد: صبره. فلما سمع بذلك زكريا (عليه السلام) لم يفارق مسجده ثلاثة أيام، و منع فيها الناس من الدخول عليه، و أقبل على البكاء و النحيب، و كانت ندبته: إلهي، أ تفجع خير خلقك بولده. إلهي أ تنزل بلوى هذه الرزية بفنائه، إلهي، أ تلبس عليا و فاطمة ثياب هذه المصيبة، إلهي أ تحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما.

ثم كان

يقول: إلهي، ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر، و اجعله وارثا وصيا، و اجعل محله مني محل الحسين، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه، ثم افجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده، فرزقه الله يحيى (عليه السلام) و فجعه به، و كان حمل يحيى (عليه السلام) ستة أشهر، و حمل الحسين (عليه السلام) كذلك».

6835/ [4]- علي بن إبراهيم: عن جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كهيعص هذه أسماء مقطعة». و أما قوله كهيعص، قال: «الله هو الكافي، الهادي، العالم، الصادق، ذو الأيادي العظام «1»، و هو قوله كما وصف نفسه تبارك و تعالى».

سورة مريم(19): الآيات 2 الي 10 ..... ص : 698

قوله تعالى:

ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا- إلى قوله تعالى- أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا [2- 10]

6836/ [1]- علي بن إبراهيم: روى أبو الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قوله تعالى: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا

__________________________________________________

4- تفسير القمي 2: 48.

1- تفسير القمي 2: 48.

(1) في «ط» زيادة: الصابر على الأعادي، و في المصدر نسخة بدل: ذو الأيادي الصابر على الأعادي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 699

يقول: «ذكر ربك عبده فرحمه»، إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي يقول:

«ضعف» وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا يقول: «لم يكن دعائي خائبا عندك».

وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي يقول: «خفت الورثة من بعدي» وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً يقول: «لم يكن لزكريا يومئذ ولد يقوم مقامه، و يرثه، و كانت هدايا بني إسرائيل و نذورهم للأحبار، و كان زكريا رئيس الأحبار، و كانت امرأة زكريا اخت مريم بنت عمران بن ماثان «1»،

و بنو ماثان، إذ ذاك رؤساء بني إسرائيل و بنو ملوكهم، و هم من ولد سليمان بن داود، فقال زكريا: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا يقول: لم يسم باسم يحيى أحد قبله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا فهو اليؤوس «2» قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا صحيحا من غير مرض».

6837/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام بن سهيل، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، قال حدثني أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: «كنت عند أبي يوما قاعدا، حتى أتى رجل فوقف به، و قال: أ فيكم باقر العلم و رئيسه محمد بن علي؟ قيل له: نعم. فجلس طويلا، ثم قام إليه، فقال:

يا بن رسول الله، أخبرني عن قول الله عز و جل في قصة زكريا: وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً الآية؟

قال: «نعم. الموالي بنو العم، و أحب الله أن يهب له وليا من صلبه، و ذلك أنه فيما كان علم من فضل محمد (صلى الله عليه و آله)، قال: يا رب، أما شرفت محمدا و كرمته و رفعت ذكره حتى قرنته بذكرك، فما يمنعك- يا سيدي- أن تهب له ذرية من صلبه «3» فتكون فيها النبوة؟

قال: يا زكريا، قد فعلت ذلك بمحمد و لا

نبوة بعده، و هو خاتم الأنبياء، و لكن الإمامة لابن عمه و أخيه علي ابن أبي طالب من بعده، و أخرجت الذرية من صلب علي إلى بطن فاطمة بنت محمد، و صيرت بعضها من بعض، فخرجت منه الأئمة حججي على خلقي، و إني مخرج من صلبك ولدا يرثك و يرث من آل يعقوب، فوهب الله له يحيى (عليه السلام)».

6838/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن أحمد بن الحسين بن بكر، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن فضال، بإسناده إلى عبد الخالق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول في قول الله عز و جل:

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 301/ 2. [.....]

3- تأويل الآيات 1: 302/ 3.

(1) في «ج» زيادة: و يعقوب بن ماثان.

(2) في «ي»: اليبوس.

(3) في «ي، ط» نسخة بدل: صلبي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 700

لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا قال: «ذلك يحيى بن زكريا، لم يكن له من قبل سميا، و كذلك الحسين (عليه السلام) لم يكن له من قبل سميا، و لم تبك السماء إلا عليهما أربعين صباحا».

قلت: فما كان بكاؤها؟ قال: «تطلع الشمس حمراء- قال- و كان قاتل الحسين (عليه السلام) ولد زنا، و قاتل يحيى ابن زكريا ولد زنا».

6839/ [4]- محمد بن العباس: عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن عبد الخالق، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا.

فقال: «الحسين (عليه السلام) لم يكن له من قبل سميا و يحيى بن زكريا لم يكن له من قبل سميا، و لم تبك السماء إلا عليهما أربعين صباحا».

قلت: فما كان بكاؤها؟ قال:

«كانت تطلع الشمس حمراء و تغيب حمراء، و كان قاتل الحسين (عليه السلام) ولد زنا، و قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا».

6840/ [5]- و عنه: ما رواه محمد بن العباس، مسندا عن الصادق (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا قال: «ذلك يحيى بن زكريا (عليه السلام) لم يكن له من قبل سميا، و كذلك الحسين (عليه السلام) لم يكن له من قبل سميا، و لم تبك السماء إلا عليهما».

قلت: فما بكاؤها؟ قال: «تطلع الشمس حمراء و تغيب حمراء- قال- و كان قاتل الحسين ولد زنا، و قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا».

و عنه: ما رواه علي بن إبراهيم، عن الصادق (عليه السلام) بأدنى تفاوت «1».

6841/ [6]- و من ذلك، ما رواه من المخالفين ابن شيرويه الديلمي في كتاب (الفردوس) في الجزء الثاني، في باب القاف: عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في قول الله عز و جل: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا، قال: «ذلك يحيى، و قرة عيني الحسين».

6842/ [7]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي رحمه الله، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن عبد الخالق بن عبد ربه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا، الحسين بن علي و يحيى بن زكريا، لم يكن لهما من قبل سميا، و لم تبك السماء إلا عليهما أربعين صباحا».

قال: قلت: و ما بكاؤها؟ قال: «كانت تطلع حمراء و تغرب حمراء».

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 1: 302/

4.

5- تأويل الآيات 1: 303/ 5.

6- ....

7- كامل الزيارات: 90/ 8.

(1) تأويل الآيات 1: 303/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 701

6843/ [8]- و عنه، قال: حدثني محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن وهيب بن حفص النحاس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الحسين (عليه السلام) بكت لقتله السماء و الأرض و احمرتا، و لم تبكيا على أحد قط، إلا على يحيى بن زكريا، و الحسين بن علي (عليهم السلام)».

و عنه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بإسناده مثله.

6844/ [9]- و عنه قال: حدثني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه و غيره، عن سعد بن عبد الله، عن محمد ابن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله بن هلال، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: «إن السماء بكت على الحسين بن علي، و يحيى بن زكريا (عليهما السلام)، و لم تبك على أحد غيرهما»، قلت:

و ما بكاؤها؟، قال: «مكثت أربعين يوما تطلع الشمس بحمرة و تغرب بحمرة» قلت: جعلت فداك، هذا بكاؤها؟

قال: «نعم».

6845/ [10]- و عنه، قال: حدثني علي بن الحسين بن موسى، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ «1».

قال: «لم تبك السماء على أحد منذ قتل يحيى بن زكريا، حتى قتل الحسين (عليه السلام)، فبكت عليه».

6846/ [11]- و عنه، قال: حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز، قال: حدثني محمد بن

الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «احمرت السماء حين قتل الحسين (عليه السلام) سنة- قال- ثم بكت السماء و الأرض على الحسين بن علي (عليهما السلام)، و على يحيى بن زكريا، و حمرتها بكاؤها».

6847/ [12]- و عنه، قال: حدثني علي بن الحسين بن موسى، عن علي بن إبراهيم و سعد بن عبد الله، جميعا، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما بكت السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا، إلا على الحسين بن علي (عليهما السلام)، فإنها بكت عليه أربعين يوما».

6848/ [13]- و عنه، قال: حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن كليب بن معاوية الأسدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لم تبك السماء إلا على الحسين

__________________________________________________

8- كامل الزيارات: 89/ 3.

9- كامل الزيارات: 89/ 4.

10- كامل الزيارات: 90/ 6.

11- كامل الزيارات: 90/ 7.

12- كامل الزيارات: 90/ 9. [.....]

13- كامل الزيارات: 90/ 10.

(1) الدخان 44: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 702

ابن علي و يحيى بن زكريا (عليهم السلام)».

6849/ [14]- و عنه، قال: حدثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة بن الخطاب، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسن بن عيسى «1»، عن أسلم بن القاسم، قال: أخبرنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «إن السماء لم تبك منذ رفعت، إلا على يحيى بن زكريا، و الحسين بن علي (عليهم السلام)».

قلت: أي شي ء كان بكاؤها؟ قال: «كانت إذا استقبلت بثوب وقع

عليه شبه أثر البراغيث من الدم».

6850/ [15]- و عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، و علي بن الحسين، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، قال: حدثنا موسى بن الفضل، عن حنان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في زيارة قبر أبي عبد الله (عليه السلام)، إنه بلغنا عن بعضهم أنها تعدل حجة و عمرة؟

قال: «لا تعجب، ما أصاب بالقول هذا كله «2»، و لكن زره و لا تجفه، فإنه سيد الشهداء، و سيد شباب أهل الجنة، و شبيه يحيى بن زكريا، و عليهما بكت السماء و الأرض».

و عنه، قال: حدثني أبي و محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن عبد الصمد بن محمد، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله.

و عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله) و جماعة من مشايخي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله.

6851/ [16]- و عنه، بهذا الإسناد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن غير واحد، عن جعفر بن بشير، عن حماد، عن عامر بن معقل، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا، و قاتل الحسين بن علي (عليهما السلام) ولد زنا، و لم تبك السماء على أحد، إلا عليهما».

قال: قلت: و كيف تبكي؟ قال: «تطلع الشمس في حمرة و تغيب في حمرة».

6852/ [17]- و عنه، قال: و حدثني أبي، و علي بن الحسين، جميعا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد

بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله بن هلال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سمعته يقول: إن السماء بكت على الحسين بن علي (عليهما السلام) و يحيى بن زكريا، و لم تبك على أحد غيرهما».

__________________________________________________

14- كامل الزيارات: 90/ 12.

15- كامل الزيارات: 91/ 13، البحار 101: 35/ 44.

16- كامل الزيارات: 91/ 14.

17- كامل الزيارات: 91/ 15.

(1) في «ط، ي»: الحسين بن عيسى، راجع تهذيب التهذيب 2: 213 و 8: 9.

(2) في المصدر: لا تعجب بالقول هذا كله. قال المجلسي رحمه اللّه: لعلّ المراد أنّها لا تعدل الواجبين من الحج و العمرة، و الأظهر أنّه محمول على التقيّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 703

قلت: و ما بكاؤها؟ قال: «مكثت أربعين يوما تطلع الشمس بحمرة و تغرب بحمرة». قلت: جعلت فداك، هذا بكاؤها؟ قال: «نعم».

6853/ [18]- و عنه، قال: و حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن البرقي محمد ابن خالد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن الحسن، عن أبي سلمة، قال: قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «ما بكت السماء «1»، إلا على يحيى بن زكريا و الحسين (عليهما السلام)».

6854/ [19]- و عنه، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن مهزيار، عن أبيه، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان الذي قتل الحسين (عليه السلام) ولد زنا، و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا».

و قال: احمرت السماء حين قتل الحسين سنة، ثم قال: «بكت السماء و الأرض على

الحسين بن علي و على يحيى بن زكريا (عليهم السلام)، و حمرتها بكاؤها».

سورة مريم(19): الآيات 12 الي 15 ..... ص : 703

قوله تعالى:

يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً وَ كانَ تَقِيًّا وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ- إلى قوله تعالى- وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا

[12- 15]

6855/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن سليمان الرازي، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف ابن عميرة، عن حكم بن أيمن، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام): يقول: «و الله، لقد اوتي علي (عليه السلام) الحكم صبيا، كما اوتي يحيى بن زكريا الحكم صبيا».

6856/ [2]- العياشي: عن علي بن أسباط، قال: قدمت المدينة و أنا أريد مصر، فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليهما السلام)، و هو إذ ذاك خماسي، فجعلت أتأمله لأصفه لأصحابنا بمصر، فنظر إلي، و قال:

«يا علي، إن الله قد أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوة، فقال سبحانه عن يوسف (عليه السلام):

__________________________________________________

18- كامل الزيارات: 92/ 17.

19- كامل الزيارات: 93/ 21.

1- تأويل الآيات 1: 303/ 6.

2- ... مجمع البيان 6: 781، تأويل الآيات 1: 303/ 7.

(1) في المصدر زيادة: و الأرض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 704

وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً «1»، و قال عن يحيى (عليه السلام): وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا».

6857/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): أ كان عيسى بن مريم (عليه السلام) حين تكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه؟ فقال: «كان يومئذ نبيا حجة لله

غير مرسل، أما تسمع لقوله حين قال: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا «2»».

قلت: فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال و هو في المهد؟ فقال: «كان عيسى في تلك الحال آية للناس، و رحمة من الله لمريم حين تكلم فعبر عنها، و كان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان، و كان زكريا الحجة لله عز و جل على الناس بعد ما صمت عيسى سنتين، ثم مات زكريا (عليه السلام)، فورثه ابنه يحيى الكتاب و الحكمة، و هو صبي صغير، أما تسمع لقوله عز و جل يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا، فلما بلغ عيسى (عليه السلام) سبع سنين تكلم بالنبوة و الرسالة حين أوحى الله تعالى إليه، فكان عيسى الحجة على يحيى و على الناس أجمعين».

و الحديث يأتي بتمامه- ان شاء الله تعالى- في قوله تعالى: قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا «3»».

6858/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي حمزة، عن أبى جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: فما عنى الله بقوله في يحيى: وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً وَ كانَ تَقِيًّا؟ قال: «تحنن الله».

قال: قلت: فما بلغ من تحنن الله عليه؟ قال: «كان إذا قال: يا رب، قال الله عز و جل: لبيك يا يحيى».

6859/ [5]- أحمد بن محمد بن

خالد، قال: و في رواية أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله تبارك و تعالى في كتابه: وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا؟

قال: «كان يحيى إذا دعا و قال في دعائه: يا رب، يا الله ناداه الله من السماء: لبيك يا يحيى، سل حاجتك».

6860/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن حمزة الأشعري، قال: حدثني ياسر الخادم، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «إن أوحش ما

__________________________________________________

3- الكافي 1: 313/ 1. [.....]

4- الكافي 2: 388/ 38.

5- المحاسن: 35/ 30.

6- الخصال: 107/ 71.

(1) يوسف 12: 22.

(2) مريم 19: 30 و 31.

(3) يأتي في الحديث (13) من تفسير الآيات (16- 34) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 705

يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم ولد و يخرج من بطن امه فيرى الدنيا، و يوم يموت فيعاين الآخرة و أهلها، و يوم يبعث حيا فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا، و قد سلم الله عز و جل على يحيى (عليه السلام) في هذه الثلاثة مواطن و آمن روعته، فقال: وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا و قد سلم عيسى بن مريم (عليه السلام) على نفسه في هذه الثلاثة مواطن، فقال: وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا «1»».

6861/ [7]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، قال: خرج إلي محمد بن علي الرضا (عليهما السلام)، فنظرت إلى رأسه و رجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فبينما أنا كذلك حتى قعد،

و قال: «يا علي، إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة، فقال: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا و قال: فلما بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً «2» فقد يجوز أن يعطى الحكم صبيا، و يجوز أن يعطاها و هو ابن أربعين سنة».

سورة مريم(19): الآيات 16 الي 34 ..... ص : 705

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا

- إلى قوله تعالى- ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ [16- 34] 6862/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم قص الله عز و جل خبر، مريم بنت عمران (عليها السلام)، فقال: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا

قال: خرجت إلى النخلة اليابسة فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً

قال: في محرابها فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا

يعني جبرئيل (عليه السلام) فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا

يعني إن كنت ممن يتقي الله.

قال لها جبرئيل (عليه السلام): إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا

فأنكرت ذلك، لأنها لم يكن في العادة أن تحمل المرأة من غير فحل، فقالت: أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَ لَمْ أَكُ بَغِيًّا و لم يعلم جبرئيل (عليه السلام) أيضا كيفية القدرة، فقال لها: كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ لِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَ رَحْمَةً مِنَّا وَ كانَ أَمْراً مَقْضِيًّا.

قال: فنفخ في جيبها، فحملت بعيسى (عليه السلام) بالليل و وضعته بالغداة، و كان حملها تسع ساعات من

__________________________________________________

7- الكافي 1: 315/ 7.

1- تفسير القمّي 2: 48.

(1) مريم 19: 33.

(2) الأحقاف 46: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 706

النهار، جعل الله لها الشهور ساعات، ثم ناداها جبرئيل (عليه السلام): وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ أي هزي النخلة اليابسة،

فهزت، و كان ذلك اليوم سوقا، فاستقبلها الحاكة، و كانت الحياكة أنبل صناعة في ذلك الزمان، فأقبلوا على بغال شهب، فقالت لهم مريم: أين النخلة اليابسة؟ فاستهزءوا بها و زجروها، فقالت لهم: جعل الله كسبكم نزرا «1»، و جعلكم في الناس عارا، ثم استقبلها قوم من التجار، فدلوها على النخلة اليابسة، فقالت لهم: جعل الله البركة في كسبكم، و أحوج الناس إليكم، فلما بلغت النخلة أخذها المخاض، فوضعت عيسى (عليه السلام)، فلما نظرت إليه:

قالت: يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا ماذا أقول لخالي، و ماذا أقول لبني إسرائيل؟

فَناداها عيسى مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا أي نهرا وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ أي حركي النخلة تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا أي طيبا، و كانت النخلة قد يبست منذ دهر طويل، فمدت يدها إلى النخلة، فأورقت و أثمرت، و سقط عليها الرطب الطري، فطابت نفسها.

فقال لها عيسى؟ قمطيني و سويني، ثم افعلي كذا و كذا، فقمطته و سوته، و قال لها عيسى: فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً و صمتا- كذا نزلت- فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا.

ففقدوها في المحراب، فخرجوا في طلبها، و خرج خالها زكريا، فأقبلت و هو في صدرها، و أقبلت مؤمنات بني إسرائيل يبزقن في وجهها، فلم تكلمهن حتى دخلت في محرابها، فجاء إليها بنو إسرائيل و زكريا فقالوا لها:

يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا أي عظيما من المناهي يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا.

و معنى قولهم يا أُخْتَ هارُونَ أن هارون كان رجلا فاسقا زانيا فشبهوها به. من أين هذا البلاء

الذي جئت به، و العار الذي ألزمته لبني إسرائيل؟ فأشارت إلى عيسى (عليه السلام) في المهد، فقالوا لها: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا!؟ فأنطق الله عيسى بن مريم (عليه السلام)، فقال إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ أي يخاصمون.

6863/ [2]- قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام)، في قوله وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ.

قال: «زكاة الرؤوس، لأن كل الناس ليس لهم أموال، و إنما الفطرة على الفقير و الغني و الصغير و الكبير».

6864/ [3]- الشيخ في (التهذيب): عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا سعد بن عمرو الزهري، قال: حدثنا بكر بن سالم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي،

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 50.

3- التهذيب 6: 73/ 139.

(1) في «ط» نسخة بدل و المصدر: بورا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 707

عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، في قوله: فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا.

قال: «خرجت من دمشق حتى أتت كربلاء، فوضعته في موضع قبر الحسين (عليه السلام)، ثم رجعت من ليلتها».

6865/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و علي بن محمد جميعا، عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) يتخلل بساتين الكوفة، فانتهى إلى نخلة، فتوضأ عندها، ثم ركع و

سجد، فأحصيت في سجوده خمسمائة تسبيحة، ثم استند إلى النخلة، فدعا بدعوات، ثم قال: «يا حفص، إنها- و الله- النخلة التي قال الله عز و جل لمريم: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا».

6866/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عدة من أصحابنا، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب، فإن الله عز و جل قال لمريم (عليها السلام) وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا.

قيل: يا رسول الله، فإن لم يكن أوان «1» الرطب؟ قال: سبع تمرات من تمر المدينة، فإن لم يكن فسبع تمرات من تمور أمصاركم، فإن الله عز و جل يقول: و عزتي و جلالي و عظمتي و ارتفاع مكاني، لا تأكل النفساء يوم تلد الرطب، فيكون غلاما إلا كان حليما، فإن كانت جارية كانت حليمة».

6867/ [6]- و عنه: بإسناده، عن أبان، عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن مريم (عليها السلام) حملت بعيسى (عليه السلام) تسع ساعات، كل ساعة شهر».

6868/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لم يولد لستة أشهر إلا عيسى بن مريم و الحسين بن علي (عليهم السلام)».

6869/ [8]- و عنه: عن أحمد بن مهران، و علي بن إبراهيم جميعا، عن محمد بن علي، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم، قال: كنت عند أبى الحسن

موسى (عليه السلام)، إذ أتاه رجل نصراني و نحن معه بالعريض «2»- و ذكر الحديث بطوله- إلى أن قال أبو الحسن (عليه السلام) للنصراني: «أعجلك أيضا خبرا لا يعرفه إلا

__________________________________________________

4- الكافي 8: 143/ 111. [.....]

5- الكافي 6: 22/ 4.

6- الكافي 8: 332/ 516.

7- الكافي 1: 386 ذيل الحديث 4.

8- الكافي 1: 398/ 4.

(1) في «ط» نسخة بدل: إبّان.

(2) العريض: واد بالمدينة. «معجم البلدان 4: 114».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 708

قليل ممن قرأ الكتب أخبرني ما اسم ام مريم، و أي يوم نفخت فيه مريم، و لكم ساعة من النهار، و أي يوم وضعت فيه مريم عيسى (عليه السلام)، و لكم ساعة من النهار؟». فقال النصراني: لا أدري.

فقال أبو إبراهيم (عليه السلام): «أما ام مريم، فاسمها مرثى، و هي وهيبة بالعربية، و أما اليوم الذي حملت فيه مريم، فهو يوم الجمعة عند الزوال، و هو اليوم الذي هبط فيه الروح الأمين، و ليس للمسلمين عيد كان أولى منه عند الله، عظمه الله تبارك و تعالى، و عظمه محمد (صلى الله عليه و آله)، فأمره أن يجعله عيدا، فهو يوم الجمعة، و أما اليوم الذي ولدت فيه مريم، فهو يوم الثلاثاء لأربع- ساعات و نصف من النهار.

و النهر الذي ولدت عليه مريم عيسى (عليه السلام) هل تعرفه»؟ قال: لا. قال: «هو الفرات، و عليه شجر النخل و الكرم، و ليس يساوى بالفرات شي ء للكروم و النخيل، فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها «1»، و نادى قيدوس «2» ولده و أشياعه، فأعانوه و أخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم، فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه، و علينا في كتابه؟» الحديث،

و يأتي بتمامه في سورة الدخان

قوله تعالى حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «3».

6870/ [9]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده- ثم قال- قالت مريم: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً أي صمتا».

6871/ [10]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث- قال: فأخبرني عن صلاة مفروضة تصلى بغير وضوء، و عن صوم لا يحجز عن أكل و لا شرب؟

قال: «أما الصلاة بغير وضوء، فالصلاة على النبي و آله، و أما الصوم، فقول الله عز و جل إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا».

6872/ [11]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن همدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة عن علقمة، عن الصادق (عليه السلام)- في حديث- قال فيه: «ألم ينسبوا مريم بنت عمران (عليها السلام) إلى أنها حملت بعيسى من رجل نجار اسمه يوسف؟!».

__________________________________________________

9- الكافي 4: 87/ 3.

10- الاحتجاج: 329.

11- أمالي الصدوق: 92/ 3.

(1) في «ي»: لنسائها.

(2) في «ي»: أقيدوس.

(3) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 4) من سورة الدخان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 709

6873/ [12]- السيد المرتضى في كتاب (الغرر و الدرر)، قال: و على قول من قال:

أنه كان أخاها- يعني هارون- يكون معنى قولهم: إنك من أهل بيت الصلاح و السداد، لأن أباك لم يكن امرأ سوء، و لا كانت أمك بغيا، و أنت مع ذلك اخت هارون المعروف بالصلاح و العفة، فكيف أتيت بما لا يشبه نسبك، و لا يعرف من مثلك؟! ثم قال: و يقوي هذا القول

ما رواه المغيرة بن شعبة، قال: لما أرسلني رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى أهل نجران، قال لي أهلها: أليس نبيكم يزعم أن هارون أخو موسى، و قد علم الله تعالى ما كان بين موسى و عيسى من السنين «1»؟

فلم أدر ما أرد عليهم، حتى رجعت إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فذكرت له ذلك، فقال لي: «فهلا قلت: إنهم كانوا يدعون بأنبيائهم و الصالحين قبلهم».

و منها أن يكون معنى قوله يا أُخْتَ هارُونَ: يا من هي من نسل «2» هارون أخي موسى (عليه السلام)، كما يقال للرجل: يا أخا بني تميم، و يا أخا بني فلان.

ثم قال: و ذكر مقاتل بن سليمان في قوله تعالى يا أُخْتَ هارُونَ قال:

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «هارون هذا الذي ذكروه هو هارون أخو موسى (عليه السلام)».

ثم قال مقاتل: و تأويل يا أُخْتَ هارُونَ يا من هي من نسل «3» هارون، كما قال تعالى: وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً «4»، وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً «5» يعني بأخيهم أنه من نسلهم و جنسهم.

قلت: قد تقدمت عن قريب رواية علي بن إبراهيم في هارون هذا «6».

قوله تعالى: فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً

أَيْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا.

6874/ [13]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): أ كان عيسى بن مريم (عليه السلام) حين تكلم في المهد حجة لله على أهل زمانه؟ فقال: «كان يومئذ نبيا حجة لله غير مرسل، أما تسمع لقوله حين قال: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا»؟

قلت: فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال و هو في المهد؟ فقال: «كان عيسى (عليه السلام) في تلك الحال آية للناس، و رحمة من الله لمريم حين تكلم فعبر عنها، و كان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال،

__________________________________________________

12- أمالي المرتضى 2: 197.

13- الكافي 1: 313/ 1. [.....]

(1) في «ط»: النبيين.

(2) في «ج»: نساء.

(3) في «ج»: نساء.

(4) الأعراف 7: 65.

(5) الأعراف 7: 73.

(6) تقدّم عن تفسير القمّي في الحديث (1) من تفسير هذه الآيات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 710

ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان، و كان زكريا الحجة لله عز و جل على الناس بعد ما صمت عيسى (عليه السلام) سنتين، ثم مات زكريا (عليه السلام) فورثه ابنه يحيى الكتاب و الحكمة و هو صبي صغير، أما تسمع لقوله عز و جل يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا «1»، فلما بلغ عيسى (عليه السلام) سبع سنين تكلم بالنبوة و الرسالة، حين أوحى الله تعالى إليه، فكان عيسى (عليه السلام) الحجة على يحيى و

على الناس أجمعين، و ليس تبقى الأرض- يا أبا خالد- يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم (عليه السلام)، و أسكنه الأرض».

فقلت: جعلت فداك، أ كان علي (عليه السلام) حجة من الله و رسوله على هذه الامة في حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: «نعم، يوم أقامه للناس، و نصبه علما، و دعاهم إلى ولايته، و أمرهم بطاعته».

قلت: و كانت طاعة علي (عليه السلام) واجبة على الناس في حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و بعد وفاته؟ فقال: «نعم»، و لكنه صمت فلم يتكلم مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كانت الطاعة لرسول الله (صلى الله عليه و آله) على أمته و على علي (عليه السلام) في حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كانت الطاعة من الله و من رسوله على الناس كلهم لعلي (عليه السلام) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان علي (عليه السلام) حكيما عالما».

6875/ [14]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، قال: قلت للرضا (عليه السلام): قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر (عليه السلام)، فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهب الله لك، فقر عيوننا، فلا أرانا الله يومك، فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر (عليه السلام) و هو قائم بين يديه.

فقلت: جعلت فداك، هذا ابن ثلاث سنين؟ قال: «و ما يضر من ذلك، قد قام عيسى (عليه السلام)، بالحجة و هو ابن ثلاث سنين».

6876/ [15]- و عنه: عن عدة من أصحابنا،

عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز و جل وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ. قال: «نفاعا».

6877/ [16]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم، و أحب ذلك إلى الله عز و جل، ما هو؟

فقال: «ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة، ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم (عليه السلام)، قال: وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا».

__________________________________________________

14- الكافي 1: 314/ 2.

15- الكافي 2: 132/ 11.

16- الكافي 3: 264/ 1.

(1) مريم (عليها السلام) 19: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 711

6878/ [17]- و عنه: عن عدة عن أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل ابن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): مر عيسى بن مريم (عليه السلام) بقبر يعذب صاحبه، ثم مر به من قابل، فإذا هو لا يعذب، فقال: يا رب، مررت بهذا القبر عام أول و كان يعذب، و مررت به العام فإذا هو ليس يعذب فأوحى الله إليه: أنه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا و آوى يتيما، فلهذا غفرت له بما فعل ابنه، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ميراث الله عز و جل من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده». ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) آية زكريا

(عليه السلام): رب فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا «1»».

6879/ [18]- علي بن إبراهيم: عن محمد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ. قال: «نفاعا».

6880/ [19]- ابن بابويه: قال: حدثنا أبي عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ، قال: «نفاعا».

6881/ [20]- و عنه: بإسناده، عن وهب بن منبه اليماني، قال: إن يهوديا سأل النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال:

يا محمد، أ كنت في ام الكتاب نبيا قبل أن تخلق؟ قال: «نعم». قال: و هؤلاء أصحابك المؤمنون مثبتون معك قبل أن يخلقوا؟ قال: «نعم».

قال: فما شأنك لم تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن أمك، كما تكلم عيسى بن مريم على زعمك، و قد كنت قبل ذلك نبيا؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «إنه ليس أمري كأمر عيسى بن مريم، إن عيسى بن مريم خلقه الله عز و جل من ام ليس له أب، كما خلق الله آدم من غير أب و لا أم، و لو أن عيسى حين خرج من بطن امه لم ينطق بالحكمة، لم يكن لامه عذر عند الناس، و قد أتت به من غير أب و كانوا يأخذونها كما يؤخذ به مثلها من المحصنات، فجعل الله عز و جل منطقه عذرا

لامه».

6882/ [21]- و عنه: عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني مولى بني هاشم، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال:

__________________________________________________

17- الكافي 6: 3/ 12.

18- تفسير القمّي 2: 50.

19- معاني الأخبار: 212/ 1.

20- علل الشرائع: 79/ 1. [.....]

21- التوحيد: 236/ 1.

(1) مريم (عليها السلام) 19: 5 و 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 712

حدثنا كثير بن عياش القطان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: «لما ولد عيسى بن مريم (عليه السلام) كان ابن يوم كأنه ابن شهرين، فلما كان ابن سبعة أشهر، أخذت والدته بيده و جاءت به إلى الكتاب، فأقعدته بين يدي المؤدب، فقال له المؤدب: قل بسم الله الرحمن الرحيم. فقال عيسى (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم. فقال له المؤدب: قل أبجد فرفع عيسى (عليه السلام) رأسه، فقال: و هل تدري ما أبجد؟ فعلاه بالدرة ليضربه، فقال: يا مؤدب، لا تضربني إن كنت تدري، و إلا فسلني حتى أفسر لك. قال:

فسره لي.

فقال: عيسى (عليه السلام): الألف: آلاء الله، و الباء: بهجة الله، و الجيم: جمال الله، و الدال: دين الله، هوز، الهاء:

هول جهنم، و الواو: ويل لأهل النار، و الزاي: زفير جهنم، حطي: حطت الخطايا عن المستغفرين، كلمن: كلام الله لا مبدل لكلماته، سعفص: صاع و الجزاء بالجزاء، قرشت: قرشهم فحشرهم.

فقال المؤدب: أيتها المرأة خذي بيد ابنك فقد علم و لا حاجة له في المؤدب».

سورة مريم(19): آية 37 ..... ص : 712

قوله تعالى:

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ [37]

6883/ [1]- العياشي: عن

جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، يقول: «الزم الأرض لا تحرك يدك و لا رجلك أبدا حتى ترى علامات أذكرها لك في سنة، و ترى مناديا ينادي بدمشق، و خسفا بقرية من قراها، و تسقط طائفة من مسجدها، فإذا رأيت الترك جازوها، فأقبلت الترك حتى نزلت الجزيرة، و أقبل الروم حتى نزلت الرملة، و هي سنة اختلاف في كل أرض من أرض العرب «1»، و أن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات:

الأصهب «2»، و الأبقع، و السفياني، مع بني ذنب الحمار مضر، و مع السفياني أخواله من كلب، فيظهر السفياني، و من معه على بني ذنب الحمار، حتى يقتلوا قتلا لم يقتله شي ء قط و يحضر رجل بدمشق، فيقتل هو و من معه قتلا لم يقتله شي ء قط، و هو من بني ذنب الحمار، و هي الآية التي يقول الله تبارك و تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ إلى آخره «3».

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 64/ 117.

(1) في «ي، ط»: المغرب.

(2) في «ي»: الأشهب.

(3) تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآية (148) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 713

سورة مريم(19): آية 39 ..... ص : 713

قوله تعالى:

وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ وَ هُمْ لا يُؤْمِنُونَ [39]

6884/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن قوله تعالى: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ.

قال: «ينادي مناد من عند الله، و ذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار: يا أهل الجنة، و يا أهل النار، هل تعرفون الموت في صورة من الصور؟ فيقولون: لا فيؤتى

بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة و النار، ثم ينادون جميعا: أشرفوا و انظروا إلى الموت، فيشرفون، ثم يأمر الله به فيذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت أبدا، و يا أهل النار خلود فلا موت أبدا، و هو قوله تعالى وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ أي قضي على أهل الجنة بالخلود فيها، و على أهل النار بالخلود فيها».

6885/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث- إن الموت فخر في نفسه، فقال تعالى:

لا تفخر فإني ذابحك بين الفريقين: أهل الجنة و أهل النار، ثم لا أحييك أبدا فترجى أو تخاف».

6886/ [3]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان ابن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يوم التلاق: يوم يلتقي أهل السماء و أهل الأرض، و يوم التناد: يوم ينادي أهل النار أهل الجنة: أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ «1»، و يوم التغابن:

يوم يغبن أهل الجنة أهل النار، و يوم الحسرة: يوم يؤتى بالموت فيذبح».

سورة مريم(19): الآيات 40 الي 41 ..... ص : 713

قوله تعالى:

إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْها وَ إِلَيْنا يُرْجَعُونَ- إلى قوله تعالى- صِدِّيقاً نَبِيًّا [40- 41] 6887/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: كل شي ء خلقه الله يرثه الله يوم القيامة.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 50.

2- الكافي 8: 149/ 129.

3- معاني الأخبار: 156/ 1.

4- تفسير القمّي 2: 51.

(1) الأعراف 7: 50.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 3، ص: 714

سورة مريم(19): الآيات 42 الي 50 ..... ص : 714

قوله تعالى:

إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً

- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا [42- 50]

6888/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثني علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)- و ذكر الحديث فيما ابتلى إبراهيم ربه بكلمات- فقال (عليه السلام) فيما ذكر: «ثم العزلة عن أهل البيت و العشيرة مضمن معناه في قوله: وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الآية.

و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، بيان ذلك في قوله تعالى: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا.

و دفع السيئة بالحسنة، و ذلك لما قال له أبوه: أَ راغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَ اهْجُرْنِي مَلِيًّا فقال في جواب أبيه سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا.

ثم الحكم و الانتماء إلى الصالحين في قوله: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ «1» يعني بالصالحين الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عز و جل، و لا يحكمون بالآراء و المقاييس حتى يشهد له

من يكون بعده من الحجج بالصدق، بيان ذلك في قوله: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ «2» أراد في هذه الامة الفاضلة، فأجابه الله، و جعل له و لغيره من أنبيائه لسان صدق في الآخرين، و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ذلك قوله عز و جل وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا».

6889/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان أبو إبراهيم منجما لنمرود بن كنعان، و كان نمرود لا يصدر إلا عن رأيه، فنظر في النجوم ليلة من الليالي، فأصبح، فقال: لقد رأيت في ليلتي هذه عجبا، فقال له نمرود: و ما هو؟

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 126/ 1.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 138/ 7.

(1) الشعراء 26: 83. [.....]

(2) الشعراء 26: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 715

فقال: رأيت مولودا يولد في أرضنا هذه، فيكون هلاكنا على يديه، و لا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به. فعجب من ذلك نمرود، و قال: هل حملت به النساء؟ فقال: لا، و كان فيما اوتي به من العلم أنه سيحرق بالنار، و لم يكن اوتي أن الله تعالى سينجيه- قال- فحجب النساء عن الرجال، فلم يترك امرأة إلا جعلت «1» بالمدينة، حتى لا يخلص إليهن الرجال».

قال: «و باشر أبو إبراهيم امرأته «2» فحملت به، فظن أنه صاحبه، فأرسل إلى النساء من القوابل لا يكون في البطن شي ء إلا علمن به، فنظرن إلى ام إبراهيم، فألزم الله تبارك و تعالى

ذكره ما في الرحم الظهر، فقلن: ما نرى شيئا في بطنها.

فلما وضعت ام إبراهيم به، أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود، فقالت له امرأته: لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله، دعني أذهب به إلى بعض الغيران «3»، أجعله فيه حتى يأتي عليه أجله، و لا تكون أنت تقتل ابنك، فقال لها:

فاذهبي به فذهبت به إلى غار، ثم أرضعته، ثم جعلت على باب الغار صخرة، ثم انصرفت عنه، فجعل الله عز و جل رزقه في إبهامه، فجعل يمصها فيشرب لبنا، و جعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة، و يشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر، و يشب في الشهر كما يشب غيره في السنة، فمكث ما شاء الله أن يمكث.

ثم إن امه قالت لأبيه: لو أذنت لي أن أذهب إلى ذلك الصبي فأراه، فعلت، قال: فافعلي. فأتت الغار، فإذا هي بإبراهيم (عليه السلام)، و إذا عيناه تزهران كأنهما سراجان، فأخذته و ضمته إلى صدرها، و أرضعته، ثم انصرفت عنه، فسألها أبوه عن الصبي، فقالت له: قد واريته في التراب، فمكثت تعتل و تخرج في الحاجة و تذهب إلى إبراهيم (عليه السلام)، فتضمه إليها، و ترضعه ثم تنصرف.

فلما تحرك أتته امه كما كانت تأتيه، و صنعت كما كانت تصنع، فلما أرادت الانصراف أخذ بثوبها، فقالت له:

مالك؟ فقال لها: اذهبي بي معك، فقالت له: حتى استأمر أباك، فلم يزل إبراهيم (عليه السلام) في الغيبة مخفيا لشخصه، كاتما لأمره حتى ظهر فصدع بأمر الله تعالى ذكره، و أظهر الله تعالى قدرته فيه، ثم غاب (عليه السلام) الغيبة الثانية، و ذلك حين نفاه الطاغوت عن المصر، فقال: وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ

وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا قال الله جل ذكره فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا يعني به علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأن إبراهيم (عليه السلام) كان قد دعا الله عز و جل أن يجعل له لسان صدق في الآخرين، فجعل الله تبارك و تعالى له و لإسحاق و يعقوب لسان صدق عليا، فأخبر علي (عليه السلام) بأن القائم (عليه السلام) هو الحادي عشر من ولده، و أنه المهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، و أنه تكون له غيبة و حيرة يضل فيها أقوام،

__________________________________________________

(1) (إلّا جعلت) ليس في «ي».

(2) في المصدر و «ط» نسخة بدل: و وقع أبو إبراهيم على امرأته.

(3) الغّار: كالكهف في الجبل، و الجمع غير ان. «الصحاح- غور- 2: 773».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 716

و يهتدي فيها آخرون، و أن هذا كائن كما هو «1» مخلوق».

6890/ [3]- عنه، قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله بن جعفر الحميري، جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: خرج إبراهيم (عليه السلام) ذات يوم يسير في البلاد ليعتبر، فمر بفلاة من الأرض، فإذا هو برجل قائم يصلي، قد قطع إلى السماء صوته، و لباسه شعر، فوقف عليه إبراهيم (عليه السلام)، و عجب منه، و جلس ينتظر فراغه، فلما طال ذلك عليه حركه بيده، و

قال له: إن لي إليك حاجة قال: فخفف الرجل، و جلس عند إبراهيم (عليه السلام)، فقال له إبراهيم (عليه السلام): لمن تصلي؟ فقال: لإله إبراهيم. فقال له: و من إله إبراهيم؟ فقال:

الذي خلقك و خلقني. فقال له إبراهيم: لقد أعجبني نحوك، و أنا أحب أن اؤاخيك في الله عز و جل، فأين منزلك إذا أردت زيارتك و لقاءك؟ فقال له الرجل: منزلي خلف هذه النطفة «2» و أشار بيده إلى البحر، و أما مصلاي فهذا الموضع، تصيبني فيه إذا أردتني إن شاء الله تعالى.

ثم قال الرجل لإبراهيم (عليه السلام): لك حاجة؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): نعم. قال: و ما هي؟ قال له: تدعو الله و أؤمن على دعائك، أو أدعو الله أنا و تؤمن على دعائي. فقال له الرجل: و فيم تدعو الله؟ فقال إبراهيم (عليه السلام):

للمذنبين المؤمنين. فقال الرجل: لا. فقال إبراهيم (عليه السلام): و لم؟ فقال: لأني دعوت الله منذ ثلاث سنين بدعوة لم أر إجابتها إلى الساعة، و أنا أستحي من الله عز و جل أن أدعوه بدعوة حتى أعلم أنه قد أجابني. فقال إبراهيم (عليه السلام): و فيما دعوته؟

فقال له الرجل: إني لفي مصلاي هذا ذات يوم، إذ مربي غلام أروع «3»، النور يطلع من جبينه، له ذؤابة من خلفه، و معه بقر يسوقها، كأنما دهنت دهنا، و غنم يسوقها كأنما دخست «4» دخسا- قال- فأعجبني ما رأيت منه، فقلت: يا غلام، لمن هذا البقر و الغنم؟ فقال: لي، فقلت: و من أنت؟ فقال: أنا إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن عز و جل، فدعوت الله عز و جل عند ذلك، و سألته أن يريني خليله، فقال له إبراهيم (عليه السلام): فأنا

إبراهيم خليل الرحمن، و ذلك الغلام ابني.

فقال الرجل عند ذلك: الحمد لله رب العالمين الذي أجاب دعوتي. قال: ثم قبل الرجل صفحتي وجه إبراهيم (عليه السلام) و عانقه، ثم قال: الآن فنعم، فادع الله حتى أؤمن على دعائك، فدعا إبراهيم (عليه السلام) للمؤمنين و المؤمنات «5» من يومه ذلك إلى يوم القيامة بالمغفرة و الرضا عنهم- قال- و أمن الرجل على دعائه».

__________________________________________________

3- كمال الدين و تمام النعمة: 140/ 8.

(1) في المصدر: كما أنّه.

(2) في «ج» المطبقة، و النّطفة: الماء الصافي. «المعجم الوسيط- نطف- 2: 931».

(3) الأروع من الرجال: الذي يعجبك حسنه. «الصحاح- روع- 3: 1223».

(4) دخس دخسا: اكتنز. «المعجم الوسيط- دخس- 1: 274».

(5) في المصدر زيادة: المذنبين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 717

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فدعوة إبراهيم (عليه السلام) بالغة للمؤمنين المذنبين من شيعتنا إلى يوم القيامة».

6891/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): رحم الله عبدا طلب من الله عز و جل حاجة فألح في الدعاء، استجيب له أو لم يستجب» و تلا هذه الآية: وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا.

6892/ [5]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ يعني إبراهيم (عليه السلام) وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا يعني لإبراهيم و إسحاق و يعقوب، من رحمتنا: رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا يعني أمير المؤمنين (عليه السلام).

قال علي بن

إبراهيم: حدثني بذلك أبي، عن الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام).

6893/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، قال: حدثنا أحمد بن محمد السياري، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إن قوما طالبوني باسم أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتاب الله عز و جل، فقلت لهم: من قوله تعالى وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا. فقال: «صدقت، هو هكذا».

6894/ [7]- ابن شهر آشوب: عن أبي بصير، عن الصادق (عليه السلام)، في خبر: «أن إبراهيم (عليه السلام) كان قد دعا الله أن يجعل له لسان صدق في الآخرين، فقال الله تعالى: وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

سورة مريم(19): آية 52 ..... ص : 717

قوله تعالى:

وَ نادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا [52]

6895/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاء إبليس (لعنه الله) إلى موسى (عليه السلام)، و هو يناجي ربه، فقال له ملك من الملائكة: ويلك، ما ترجو منه، و هو على هذه الحالة، يناجي ربه؟ فقال: أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم و هو في الجنة.

__________________________________________________

4- الكافي 2: 345/ 6.

5- تفسير القمّي 2: 51.

6- تأويل الآيات 1: 304/ 10.

7- مناقب ابن شهر آشوب: 3: 107. [.....]

1- تفسير القمّي 1: 242.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 718

و كان مما ناجى الله موسى (عليه السلام): يا موسى، إني لا أقبل الصلاة إلا ممن تواضع لعظمتي، و ألزم قلبه خوفي،

و قطع نهاره بذكري، و لم يبت مصرا على الخطيئة، و عرف حق أوليائي و أحبائي.

فقال موسى (عليه السلام): يا رب، تعني بأوليائك و أحبائك، إبراهيم و إسحاق و يعقوب؟ قال: هو كذلك، إلا أني أردت بذلك من من أجله خلقت آدم و حواء، و من أجله خلقت الجنة و النار.

فقال: و من هو يا رب؟ قال: محمد، أحمد، شققت أسمه من اسمي، لأني أنا المحمود، و هو محمد.

فقال موسى (عليه السلام): يا رب، اجعلني من أمته. فقال له: يا موسى، أنت من أمته إذا عرفته، و عرفت منزلته، و منزلة أهل بيته، إن مثله و مثل أهل بيته فيمن خلقت كمثل الفردوس في الجنان، لا ينتثر ورقها، و لا يتغير طعمها، فمن عرفهم، و عرف حقهم جعلت له عند الجهل علما «1»، و عند الظلمة نورا، أجيبه قبل أن يدعوني، و أعطيه قبل أن يسألني. يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا، فقل: مرحبا بشعار الصالحين، و إذا رأيت الغنɠمقبلا، فقل: ذنب تعجلت عقوبته. يا موسى، إن الدنيا دار عقوبة، عاقبت فيها آدم، عند خطيئته، و جعلتها ملعونة بمن فيها، إلا ما كان فيها لي، يا موسى، إن عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بها، و سائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم، و ما من خلقي أحد عظمها فقرت عينه فيها، و لم يحقرها أحد إلا تمتع بها».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، و ما عليك إن لم يثن عليك الناس، و ما عليك أن تكون مذموما عند الناس، و كنت عند الله محمودا، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: لا خير في الدنيا إلا لأحد

رجلين: رجل يزداد كل يوم إحسانا، و رجل يتدارك منيته بالتوبة، و أنى له بالتوبة؟ و الله لو سجد حتى ينقطع عنقه، ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت، ألا و من عرف حقنا و رجا الثواب فينا، رضي بقوته نصف مد «2» كل يوم، و ما يستر عورته و ما أكن رأسه، و هم في ذلك خائفون وجلون».

سورة مريم(19): آية 54 ..... ص : 718

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا [54]

6896/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن أحمد بن أشيم، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: أ تدري لم سمي إسماعيل صادق الوعد؟» قال: قلت: لا أدري قال: «وعد رجلا، فجلس له حولا ينتظره».

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 77/ 1.

(1) في «ج، ي»: حلما.

(2) المدّ: مكيال قديم، يعادل نحو 687 غراما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 719

6897/ [2]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، و محمد بن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إسماعيل الذي قال الله عز و جل في كتابه: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا لم يكن إسماعيل بن إبراهيم، بل كان نبيا من الأنبياء، بعثه الله عز و جل إلى قومه، فأخذوه فسلخوا فروة رأسه و وجهه، فأتاه ملك، فقال: إن الله جل جلاله بعثني إليك، فمرني بما شئت. فقال: لي أسوة بما يصنع

بالحسين (عليه السلام)».

6898/ [3]- و عنه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد ابن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إن إسماعيل كان رسولا نبيا، سلط عليه قومه، فقشروا جلدة وجهه و فروة رأسه، و أتاه رسول من رب العالمين، فقال له: ربك يقرئك السلام، و يقول: قد رأيت ما صنع بك، و قد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت، فقال: يكون لي بالحسين بن علي (عليه السلام) أسوة».

6899/ [4]- المفيد في (أماليه) قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، قال: حدثنا عثمان بن عيسى، عن أحمد بن سليمان، و عمران بن مروان، عن سماعة بن مهران، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الذي قال الله في كتابه: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا سلط عليه قومه، فكشطوا وجهه و فروة رأسه، فبعث الله إليه ملكا، فقال له: إن رب العالمين يقرئك السلام: و يقول: قد رأيت ما صنع بك قومك، فسلني ما شئت، فقال:

يا رب العالمين، لي بالحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) أسوة».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و ليس هو إسماعيل بن إبراهيم، (على نبينا و عليهما السلام)».

6900/ [5]- أبو القاسم بن قولويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و يعقوب بن يزيد، جميعا، عن محمد

بن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إسماعيل الذي قال الله تعالى في كتابه: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا، لم يكن إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام)، بل كان نبيا من الأنبياء، بعثه الله إلى قومه، فأخذوه فسلخوا فروة رأسه و وجهه، فأتاه ملك عن الله تبارك و تعالى، فقال: إن الله بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بما يصنع بالحسين (عليه السلام)».

و عنه، قال: و حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عنهما، جميعا، عن محمد بن سنان، عن عمار بن

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 77/ 2.

3- علل الشرائع: 78/ 3.

4- الأمالي 39/ 7.

5- كامل الزيارات: 64/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 720

مروان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنه كان رسولا نبيا». و ذكر الحديث مثله «1».

6901/ [6]- و عنه، قال: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن مروان بن مسلم، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يا ابن رسول الله، أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره الله في كتابه، حيث يقول: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا أ كان إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام)، فإن الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام)؟

فقال (عليه السلام): «إسماعيل مات قبل إبراهيم، و إن إبراهيم كان حجة لله قائما، صاحب شريعة، فإلى من أرسل إسماعيل إذن».

فقلت: جعلت فداك، فمن كان؟

فقال (عليه السلام): «ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي

بعثه الله إلى قومه، فكذبوه و قتلوه و سلخوا وجهه، فغضب الله عليهم، فوجه إليه سطاطائيل «2» ملك العذاب، فقال له: يا إسماعيل: أنا سطاطائيل ملك العذاب، وجهني إليك رب العزة لأعذب قومك بأنواع العذاب إن شئت. فقال له إسماعيل: لا حاجة لي في ذلك يا سطاطائيل فأوحى الله إليه: فما حاجتك يا إسماعيل؟ فقال إسماعيل: يا رب، إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية، و لمحمد بالنبوة، و لوصيه «3» بالولاية، و أخبرت خير خلقك بما تفعل أمته بالحسين بن علي (عليهما السلام) بعد نبيها، و إنك وعدت الحسين (عليه السلام) أن تكره إلى الدنيا، حتى ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به، فحاجتي إليك- يا رب- أن تكرني إلى الدنيا، حتى أنتقم ممن فعل ذلك بي كما تكر الحسين (عليه السلام). فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك، فهو يكر مع الحسين بن علي (صلوات الله عليهما)».

6902/ [7]- و عنه، قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن محمد بن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إسماعيل الذي قال الله تعالى في كتابه وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا أخذ فسلخت فروة وجهه و رأسه، فأتاه ملك، فقال: إن الله بعثني إليك، فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بالحسين بن علي (عليهما السلام)».

6903/ [8]- صاحب (الأربعين) عن (الأربعين)، بإسناده عن أنس بن مالك، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث- قال (صلى الله عليه و آله) فيه: «يا أنس، من أراد أن ينظر إلى إسماعيل في صدقه- هو إسماعيل بن حزقيل، و هو

__________________________________________________

6-

كامل الزيارات: 65/ 3.

7- كامل الزيارات: 65/ 4.

8- الأربعين عن الأربعين للخزاعي: 27/ 27.

(1)- كامل الزيارات: 64/ 2.

(2) في المصدر: اسطاطائيل، في جميع المواضع.

(3) في المصدر: و لأوصيائه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 721

الذي ذكره الله في القرآن: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ- فلينظر إلى علي بن أبي طالب».

6904/ [9]- المفيد في (الاختصاص): أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا علمنا الرسول من النبي؟ فقال: «النبي: هو الذي يرى في منامه، و يسمع الصوت، و لا يعاين الملك، و الرسول: يعاين الملك و يكلمه».

قلت: فالإمام، ما منزلته؟ قال: «يسمع الصوت، و لا يرى، و لا يعاين الملك»، ثم تلا هذه الآية: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث» «1».

سورة مريم(19): الآيات 56 الي 57 ..... ص : 721

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [56- 57]

6905/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أخبرني جبرئيل (عليه السلام)، أن ملكا من ملائكة الله كانت له منزلة عند الله عز و جل منزلة عظيمة، فغضب «2» عليه، فاهبط من السماء إلى الأرض، فأتى إدريس (عليه السلام)، فقال: إن لك من الله منزلة، فاشفع لي عند ربك، فصلى ثلاث ليال لا يفتر، و صام أيامها لا يفطر، ثم طلب إلى الله عز و جل في السحر، في الملك.

فقال

الملك: إنك قد أعطيت سؤلك، و قد اطلق لي جناحي، و أنا أحب أن اكافئك، فاطلب إلي حاجة، فقال: تريني ملك الموت لعلي آنس به، فإنه ليس يهنئني مع ذكره شي ء فبسط جناحه، ثم قال: اركب فصعد به يطلب ملك الموت في السماء الدنيا، فقيل له: اصعد فاستقبله بين السماء الرابعة و الخامسة، فقال الملك: يا ملك الموت، مالي أراك قاطبا؟ قال: العجب إني تحت ظل العرش حيث أمرت أن اقبض روح آدمي بين السماء الرابعة و الخامسة فسمع إدريس (عليه السلام) فامتعض، فخر من جناح الملك، فقبض روحه مكانه، و قال الله عز و جل وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا».

__________________________________________________

9- الاختصاص: 328.

1- الكافي 3: 257/ 26.

(1) الحج 22: 52، و لكن لفظة «و لا محدّث» ليست في الآية، إنّما هو في قراءة أهل البيت (عليهم السلام)، و في تفسير القرطبي 12: 79 و الدر المنثور 6: 65 عن ابن عباس أيضا، و المحدّث، بفتح الدال المشدّدة: الذي يحدّثه الملك، انظر «الوافي 2: 74».

(2) في «ط» و المصدر: فتعتّب، أي وجد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 722

6906/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى غضب على ملك من الملائكة، فقطع جناحه، و ألقاه في جزيرة من جزائر البحر، فبقي ما شاء الله في ذلك البحر، فلما بعث الله إدريس (عليه السلام)، جاء ذلك الملك إليه، فقال: يا نبي الله، ادع الله لي أن يرضى عني، و يرد علي جناحي. قال: نعم فدعا له إدريس (عليه السلام)، فرد عليه جناحه، و رضي عنه.

فقال الملك لإدريس: أ لك إلي

حاجة؟ قال: نعم، أحب أن ترفعني إلى السماء، حتى أنظر إلى ملك الموت، فإنه لا عيش لي مع ذكره، فأخذه الملك على جناحه، حتى انتهى به إلى السماء الرابعة، فإذا ملك الموت يحرك رأسه تعجبا، فسلم إدريس على ملك الموت، و قال له: مالك تحرك رأسك؟ قال: إن رب العزة أمرني أن أقبض روحك بين السماء الرابعة و الخامسة فقلت: يا رب، و كيف هذا، و غلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام، و من السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام، و غلظ السماء الثالثة خمسمائة عام، و من السماء الثالثة إلى السماء الثانية مسيرة خمسمائة عام، و كل سماء و ما بينهما كذلك، فكيف يكون هذا؟ ثم قبض روحه بين السماء الرابعة و الخامسة، و هو قوله: وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا». قال: «و سمي إدريس لكثرة دراسته للكتب» «1».

6907/ [3]- و عنه: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حديث الإسراء، قال (صلى الله عليه و آله): «ثم صعدت إلى السماء الرابعة، و إذا فيها رجل، فقلت: من هذا، يا جبرئيل؟ قال: هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا، فسلمت عليه و سلم علي، و استغفرت له و استغفر لي».

سورة مريم(19): الآيات 58 الي 63 ..... ص : 722

قوله تعالى:

أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ- إلى قوله تعالى- مَنْ كانَ تَقِيًّا [58- 63] 6908/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ و هو الردي ء «2»، و الدليل على ذلك قوله تعالى أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. ثم استثنى عز و جل، فقال: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ

وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 51.

3- تفسير القمّي 2: 8.

1- تفسير القمّي 2: 52.

(1) في «ج، ي»: للحديث.

(2) في المصدر: الدني ء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 723

6909/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد الرازي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يسجد في سورة مريم، حين يقول: وَ مِمَّنْ هَدَيْنا وَ اجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا و يقول: نحن عنينا، و نحن أهل الهدى «1» و الصفوة».

6910/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام بن سهيل، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَ مِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَ إِسْرائِيلَ وَ مِمَّنْ هَدَيْنا وَ اجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا.

قال: «نحن ذرية إبراهيم، و نحن المحمولون مع نوح، و نحن صفوة الله، و أما قوله: وَ مِمَّنْ هَدَيْنا وَ اجْتَبَيْنا فهم- و الله- شيعتنا الذين هداهم الله لمودتنا و اجتباهم لديننا، فحيوا عليه، و ماتوا عليه، و وصفهم الله بالعبادة، و الخشوع، و رقة القلب، فقال: إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا، ثم قال عز و جل: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. و هو جبل

من صفر يدور في جهنم، ثم قال عز و جل: إِلَّا مَنْ تابَ من غش آل محمد وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً إلى قوله: كانَ تَقِيًّا».

6911/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: و قوله: جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا لا يَسْمَعُونَ فِيها- يعني في الجنة- لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا قال: ذلك في جنات الدنيا قبل القيامة، و الدليل على ذلك قوله: بُكْرَةً وَ عَشِيًّا فالبكرة و العشي لا تكون في الآخرة في جنات الخلد، و إنما يكون الغدو و العشي في جنات الدنيا التي تنتقل إليها أرواح المؤمنين، و تطلع فيها الشمس و القمر.

6912/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد و سهل بن زياد و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ضريس الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، إن الناس يذكرون أن فراتنا يخرج من الجنة، فكيف و هو يقبل من المغرب، و تصب فيه العيون و الأودية؟! قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام) و أنا أسمع: «إن لله جنة خلقها في المغرب، و ماء فراتكم يخرج منها، و إليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كل مساء، فتسقط على ثمارها، و تأكل منها، و تتنعم فيها، و تتلاقى

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 305/ 11.

3- تأويل الآيات 1: 305/ 12.

4- تفسير القمّي 2: 52.

5- الكافي 3: 246/ 1.

(1) في «ج»: الحبوة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 724

و تتعارف «1»، فإذا طلع الفجر هاجت من الجنة، فكانت في الهواء، فيما بين السماء و

الأرض، تطير ذاهبة و جائية، و تعهد حفرها إذا طلعت الشمس، و تتلاقى في الهواء، و تتعارف- قال- و إن لله نارا في المشرق، خلقها ليسكنها أرواح الكفار، و يأكلون من زقومها، و يشربون من حميمها ليلهم، فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن، يقال له برهوت، أشد حرا من نيران الدنيا، كانوا فيها يتلاقون، و يتعارفون، فإذا كان المساء عادوا إلى النار، فهم كذلك إلى يوم القيامة».

قال: قلت: أصلحك الله، فما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) من المسلمين المذنبين، الذين يموتون و ليس لهم إمام، و لا يعرفون ولايتكم؟

فقال: «أما هؤلاء فإنهم في حفرهم، لا يخرجون منها، فمن كان له عمل صالح، و لم تظهر منه عداوة، فإنه يخد له خد إلى الجنة التي خلقها الله في المغرب، فيدخل عليه منها الروح في حفرته إلى يوم القيامة، فيلقى الله، فيحاسبه بحسناته و سيئاته، فإما إلى الجنة، و إما إلى النار، فهؤلاء موقوفون لأمر الله، و كذلك يفعل الله بالمستضعفين، و البله، و الأطفال، و أولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم.

فأما النصاب من أهل القبلة، فإنهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله بالمشرق، فيدخل عليهم منها اللهب و الشرر و الدخان و فورة الحميم، إلى يوم القيامة، ثم مصيرهم إلى الجحيم، ثم في النار يسجرون، ثم قيل لهم: أين ما كنتم تدعون من دون الله، أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما؟».

6913/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن أرواح

المؤمنين لفي شجرة من الجنة، يأكلون من طعامها، و يشربون من شرابها، و يقولون: ربنا أقم الساعة لنا، و أنجز لنا ما وعدتنا، و ألحق آخرنا بأولنا».

6914/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الأرواح في صفة الأجساد، في شجرة في الجنة، تتعارف و تتساءل، فإذا قدمت الروح على الأرواح، تقول: دعوها فإنها قد أقبلت «2» من هول عظيم ثم يسألونها، ما فعل فلان، و ما فعل فلان؟ فإن قالت لهم: تركته حيا ارتجوه، و إن قالت: قد هلك قالوا: قد هوى هوى».

6915/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن عثمان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أرواح المؤمنين.

__________________________________________________

6- الكافي 3: 244/ 2.

7- الكافي 3: 244/ 3.

8- الكافي 3: 244/ 4.

(1) في «ي، ط»: و تتفارق.

(2) في المصدر: أفلتت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 725

فقال: «في حجرات في الجنة، يأكلون من طعامها، و يشربون من شرابها، و يقولون: ربنا أقم لنا الساعة، و أنجز لنا ما وعدتنا، و ألحق آخرنا بأولنا».

6916/ [9]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن علي بن الصلت، عن ابن أخي شهاب بن عبد ربه، قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ما ألقى من الأوجاع و التخم، فقال لي: «تغد و تعش، و لا تأكل بينهما شيئا، فإن فيه فساد البدن، أما سمعت الله عز و

جل يقول: وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا».

6917/ [10]- الحسين بن بسطام في كتاب (طب الأئمة (عليهم السلام)): عن محمد بن عبد الله العسقلاني، قال:

حدثنا النضر بن سويد، عن علي بن الصلت، عن ابن أخي شهاب، قال: شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) الأوجاع و التخم؟

فقال: «تغد و تعش، و لا تأكل بينهما شيئا، فإن فيه فساد البدن، أما سمعت الله تعالى يقول: وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا؟».

سورة مريم(19): آية 64 ..... ص : 725

قوله تعالى:

وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [64]

6918/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديثه في جواب الشاك- قال: «و أما قوله:

وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا، فإن ربنا تبارك و تعالى علوا كبيرا ليس بالذي ينسى، و لا يغفل، بل هو الحفيظ العليم، و قد يقول العرب في باب النسيان: قد نسينا فلان فلا يذكرنا أي إنه لا يأمر لنا «1» بخير، و لا يذكرنا به».

و سيأتي الحديث بطوله مسندا في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى «2»».

سورة مريم(19): الآيات 66 الي 67 ..... ص : 725

قوله تعالى:

وَ يَقُولُ الْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ- إلى قوله تعالى- وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً [66- 67] 6919/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله عز و جل يحكي قول الدهرية الذين أنكروا البعث، فقال:

__________________________________________________

9- الكافي 6: 288/ 2.

10- طب الأئمة: 59.

1- التوحيد: 260.

2- تفسير القمي 2: 52.

(1) في «ي، ط»: يأمرنا.

(2) يأتي في الباب الأول من خاتمة الكتاب (باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 726

وَ يَقُولُ الْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً أي لم يكن ثم ذكره.

6920/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط، عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى:

أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً. فقال: «لا مقدرا، و لا مكونا».

قال: و سألته عن قوله: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً «1» قال: «كان

مقدرا غير مذكور».

6921/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه: عن إسماعيل بن إبراهيم، و محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن حمران، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): عن قول الله عز و جل: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً «2» فقال: «كان شيئا، و لم يكن مذكورا».

قلت: فقوله: أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً؟ قال: «لم يكن شيئا في كتاب، و لا علم».

سورة مريم(19): الآيات 68 الي 72 ..... ص : 726

قوله تعالى:

فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَ الشَّياطِينَ- إلى قوله تعالى- وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا [68- 72] 6922/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم أقسم عز و جل بنفسه، فقال: فَوَ رَبِّكَ يا محمد لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَ الشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا قال: على ركبهم.

قال: قوله: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا يعني في البحار إذا تحولت نيرانا يوم القيامة. و في حديث آخر بأنها منسوخة بقوله: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ «3».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 114/ 5.

3- المحاسن: 243/ 234.

1- تفسير القمّي: 266 الطبعة الحجرية. [.....]

(1) الدهر 76: 1.

(2) الدهر: 76: 1.

(3) الأنبياء 21: 101.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 727

6923/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها.

قال: «أما تسمع الرجل يقول: وردنا ماء بني فلان، فهو الورود «1»، و لم يدخله».

سورة مريم(19): الآيات 73 الي 98 ..... ص : 727

قوله تعالى:

وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا- إلى قوله تعالى- أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً [73- 98]

6924/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا.

قال: «كان رسول الله

(صلى الله عليه و آله) دعا قريشا إلى ولايتنا، فنفروا و أنكروا، قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا من قريش لِلَّذِينَ آمَنُوا، الذين أقروا لأمير المؤمنين (عليه السلام) و لنا أهل البيت أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا، تعييرا منهم، فقال الله ردا عليهم: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ من الأمم السالفة هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْياً».

قلت: قوله: قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا؟ قال: «كلهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و لا بولايتنا، فكانوا ضالين مضلين، فيمد لهم في ضلالتهم و طغيانهم حتى يموتوا، فيصيرهم شرا مكانا و أضعف جندا».

قلت: قوله: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً؟ قال: «أما قوله حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فهو خروج القائم (عليه السلام)، و الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم، و ما نزل بهم من الله على يدي وليه «2»، فذلك قوله: مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً يعني عند القائم (عليه السلام) وَ أَضْعَفُ جُنْداً».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 52.

1- الكافي 1: 357/ 90.

(1) في المصدر: الورد.

(2) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: قائمه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 728

قلت: قوله: وَ يَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً؟ قال: «يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى، باتباعهم القائم (عليه السلام) حيث لا يجحدونه، و لا ينكرونه».

قلت: قوله تعالى لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً؟ قال: «إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الأئمة من بعده، فهو العهد عند الله».

قلت: قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا؟ قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) هي الود

الذي قال الله تعالى».

قلت: قوله: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا؟ قال: «إنما يسره الله على لسانه حين أقام أمير المؤمنين (عليه السلام) علما، فبشر به المؤمنين، و أنذر به الكافرين، و هم الذين ذكرهم الله في كتابه لدا، أي كفارا».

6925/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْياً. قال: عنى به الثياب، و الأكل، و الشرب.

6926/ [3]- قال: و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الأثاث: المتاع، و أما الرئيا: فالجمال و المنظر الحسن».

قال: و قوله: وَ يَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً، رد على من زعم أن الإيمان لا يزيد و لا ينقص، و قوله:

وَ الْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ مَرَدًّا قال: الباقيات الصالحات، و هو قول المؤمن: سبحان الله، و الحمد لله و لا إله إلا الله، و الله أكبر.

6927/ [4]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة، فرأيتها قيعانا يققا «1»، و رأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب و لبنة من فضة، و ربما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم: ربما بنيتم و ربما أمسكتم؟ فقالوا: حتى تجيئنا النفقة، قلت لهم: و ما نفقتكم؟ فقالوا: قول المؤمن في الدنيا: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر، فإذا قال بنينا، و إذا أمسك أمسكنا».

و عنه، قال: حدثني أبي، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

«قال النبي (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة، فرأيت فيها قيعانا يققا، و رأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب، و لبنة من فضة»، و ساق الحديث «2».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 52.

3- تفسير القمّي 2: 52.

4- تفسير القمّي 2: 53.

(1) اليقق: الشديد البياض. «لسان العرب- يقق- 10: 387».

(2) تفسير القمّي 1: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 729

الشيخ في (أماليه): بإسناده عن حماد بن عثمان، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (صلوات الله عليهم)، عن علي (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة، فرأيت فيها قيعانا يققا من مسك، و رأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب، و لبنة من فضة»، الحديث إلى آخره «1».

6928/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة، فرأيت قصرا من ياقوتة حمراء، يرى داخلها من خارجها، و خارجها من داخلها من ضيائها، و فيها بنيان من در و زبرجد، فقلت: يا جبرئيل، لمن هذا القصر؟ فقال: هذا لمن أطاب الكلام، و أدام الصيام، و أطعم الطعام، و تهجد بالليل و الناس نيام.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا رسول الله، و في أمتك من يطيق هذا؟ فقال: ادن مني يا علي فدنا منه، فقال:

أ تدري ما إطابة الكلام؟ قال: الله و رسوله أعلم. قال: من قال: سبحان الله، و الحمد لله و لا إله إلا الله، و الله أكبر. ثم قال:

أ تدري ما إدامة الصيام؟ قال: الله و رسوله أعلم.

قال: من صام شهر رمضان، و لم يفطر منه يوما. أو تدري ما إطعام الطعام؟ قال: الله و رسوله أعلم. قال: من طلب لعياله ما يكف به وجوههم عن الناس. أو تدري ما التهجد بالليل و الناس نيام؟ قال: الله و رسوله أعلم. قال: من لم ينم حتى يصلي العشاء الآخرة، و يعني بالناس نيام: اليهود و النصارى، فإنهم ينامون فيما بينهما».

6929/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

أَ فَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَ قالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَ وَلَداً.

قال: «و ذلك أن العاص بن وائل القرشي ثم السهمي، و هو أحد المستهزئين، و كان لخباب بن الأرت على العاص بن وائل حق، فأتاه يتقاضاه، فقال له العاص: ألستم تزعمون أن في الجنة الذهب و الفضة و الحرير؟ قال:

بلى، قال: فموعد ما بيني و بينك الجنة، فو الله لأوتين فيها خيرا مما أوتيت في الدنيا: يقول الله أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَ نَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَ نَرِثُهُ ما يَقُولُ وَ يَأْتِينا فَرْداً وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا، و الضد: القرين الذي يقرن «2» به».

6930/ [7]- قال علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الله بن موسى، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا. قال: «يوم القيامة، أي يكون هؤلاء الذين

__________________________________________________

5- تفسير القمّي

1: 21.

6- تفسير القمّي 2: 54. [.....]

7- تفسير القمّي 2: 55.

(1) الأمالي 2: 88.

(2) في المصدر: يقترن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 730

اتخذوهم آلهة من دون الله عليهم ضدا يوم القيامة، و يتبرءون منهم، و من عبادتهم إلى يوم القيامة».

ثم قال: «ليست العبادة هي الركوع و السجود، و إنما هي طاعة الرجال، من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده».

6931/ [8]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا.

قال: لما طغوا فيها و في فتنتها «1»، و في طاعتهم، مد لهم في طغيانهم و ضلالهم، و أرسل عليهم شياطين الإنس و الجن: تَؤُزُّهُمْ أَزًّا أي تحثهم حثا «2»، و تحضهم على طاعتهم و عبادتهم، فقال الله: فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا أي في طغيانهم، و فتنتهم، و كفرهم.

6932/ [9]- علي بن إبراهيم أيضا، قال: نزلت في ما نعي الخمس و الزكاة و المعروف، يبعث الله عليهم سلطانا أو شيطانا، فينفق ما يجب عليه من الزكاة و الخمس في غير طاعة الله، و يعذبه الله على ذلك.

و قوله تعالى: فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا فقال لي: «ما هو عندك؟» قلت: عد الأيام، قال: «لا، إن الآباء و الأمهات ليحصون ذلك، و لكن عدد الأنفاس» «3».

6933/ [10]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا؟ قال: «ما هو عندك؟» قلت: عد الأيام. قال: «إن الآباء و الأمهات يحصون ذلك- قال- لا، و لكنه عدد الأنفاس».

6934/

[11]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل عن قول الله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً، فقال: يا علي إن الوفد لا يكون إلا ركبانا، أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله عز ذكره، و اختصهم، و رضي أعمالهم فسماهم المتقين.

ثم قال له: يا علي، أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إنهم ليخرجون من قبورهم و إن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العز، عليها رحائل الذهب، مكللة بالدر و الياقوت، و جلالها الإستبرق و السندس، و خطمها «4»

__________________________________________________

8- تفسير القمّي 2: 55.

9- تفسير القمّي 2: 53.

10- الكافي 3: 259/ 33.

11- الكافي 8: 95/ 69.

(1) في «ج، ي»: فتنهم.

(2) في المصدر: تنخسهم نخسا.

(3) الحديث عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و الظاهر من المصدر أنّه معطوف من حيث السند على الحديث (4) المتقدّم، و انظر الحديث الآتي.

(4) الخطام: الزمام. «المعجم الوسيط- خطم- 1: 245».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 731

جدل «1» الأرجوان، تطير بهم إلى المحشر، مع كل رجل منهم ألف ملك، من قدامه، و عن يمينه، و عن شماله، يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم.

و على باب الجنة شجرة، إن الورقة منها ليستظل تحتها ألف رجل من الناس، و عن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية- قال- فيسقون منها شربة، فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد، و يسقط من أبشارهم الشعر، و ذلك قول الله عز و جل: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً «2» من تلك العين المطهرة، قال: ثم يصرفون إلى عين اخرى عن

يسار الشجرة، فيغتسلون فيها، و هي عين الحياة، فلا يموتون أبدا.

قال: ثم يوقف بهم قدام العرش، و قد سلموا من الآفات و الأسقام و الحر و البرد أبدا، قال: فيقول الجبار جل ذكره للملائكة الذين معهم: احشروا أوليائي إلى الجنة، و لا توقفوهم مع الخلائق، فقد سبق رضاي عنهم، و وجبت رحمتي لهم، و كيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات و السيئات؟

قال: فتسوقهم الملائكة إلى الجنة، فإذا انتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم، ضرب الملائكة الحلقة ضربة، فتصر صريرا، فيبلغ صوت صريرها كل حوراء أعدها الله عز و جل لأوليائه في الجنان، فيتباشرن بهم، إذا سمعن صرير «3» الحلقة، فيقول بعضهن لبعض: قد جاءنا أولياء الله. فيفتح لهم الباب، فيدخلون الجنة، و تشرف عليهم أزواجهم من الحور العين و الآدميين، فيقلن: مرحبا بكم، فما كان أشد شوقنا إليكم. و يقول لهن أولياء الله مثل ذلك.

فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، أخبرنا عن قول الله عز و جل: غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ «4» بماذا بنيت يا رسول الله،؟

فقال: يا علي، تلك غرف بناها الله تعالى لأوليائه بالدر و الياقوت و الزبرجد، سقوفها الذهب، محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكل به، فيها فرش مرفوعة، بعضها فوق بعض، من الحرير و الديباج، بألوان مختلفة، و حشوها المسك و الكافور و العنبر، و ذلك قوله عز و جل وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ «5».

إذا ادخل المؤمن إلى منزله في الجنة، و وضع على رأسه تاج الملك و الكرامة، ألبس حلل الذهب و الفضة و الياقوت و الدر المنظوم في الإكليل تحت التاج. قال: و ألبس سبعين حلة حرير بألوان

مختلفة، و ضروب مختلفة، منسوجة بالذهب و الفضة و اللؤلؤ و الياقوت الأحمر، فذلك قوله عز و جل: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ «6».

__________________________________________________

(1) الجدل: جمع جديل: الزمام المجدول من أدم. «الصحاح- جدل- 4: 1653».

(2) الإنسان 76: 21.

(3) في «ي، ط»: صوت. [.....]

(4) الزمر 39: 20.

(5) الواقعة 56: 34.

(6) الحجّ 22: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 732

فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا.

فإذا استقر لولي الله منازله في الجنان، استأذن عليه الملك الموكل بجنانه، ليهنئه بكرامة الله عز و جل إياه، فيقول له خدام المؤمن من الوصفاء و الوصائف: مكانك، فإن ولي الله قد اتكأ على أريكته و زوجته الحوراء تهيأ له، فاصبر لولي الله. قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشي مقبلة، و حولها و صائفها، و عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت و اللؤلؤ و الزبرجد، و هي من مسك و عنبر، و على رأسها تاج الكرامة، و عليها نعلان من ذهب، مكللتان بالياقوت و اللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولي الله فهم أن يقوم إليها شوقا، فتقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب و لا نصب، فلا تقم، أنا لك و أنت لي، قال: فيعتنقان مقدار خمس مائة عام من أعوام الدنيا، لا يملها و لا تمله، قال: فإذا فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها فإذا عليها قلائد من قصب من ياقوت أحمر، وسطها لوح، صفحته درة مكتوب فيها، أنت- يا ولي الله- حبيبي، و أنا الحوراء حبيبتك، إليك تاقت نفسي، و إلي تاقت نفسك.

ثم يبعث الله إليه ألف ملك يهنئونه بالجنة، و يزوجونه بالحوراء،

قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه، فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه: استأذن لنا على ولي الله، فإن الله بعثنا إليه نهنئه. فيقول لهم الملك: حتى أقول للحاجب، فيعلمه بمكانكم. قال: فيدخل الملك إلى الحاجب، و بينه و بين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهي إلى أول باب، فيقول للحاجب: إن على باب العرصة ألف ملك، أرسلهم رب العالمين ليهنئوا ولي الله، و قد سألوني أن آذن لهم عليه. فيقول الحاجب: إنه ليعظم علي أن أستأذن لأحد على ولي الله و هو مع زوجته الحوراء، قال:

و بين الحاجب و بين ولي الله جنتان، قال: فيدخل الحاجب إلى القيم، فيقول له: إن على باب العرصة، ألف ملك، أرسلهم رب العزة يهنئون ولي الله فاستأذن لهم، فيتقدم القيم إلى الخدام، فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة و هم ألف ملك، أرسلهم الله يهنئون ولي الله، فأعلموه بمكانهم. قال: فيعلمونه، فيؤذن للملائكة فيدخلون على ولي الله و هو في الغرفة، و لها ألف باب، و على كل باب من أبوابها ملك موكل به، فإذا اذن للملائكة بالدخول على ولي الله. فتح كل ملك بابه الموكل به.

قال: فيدخل القيم كل ملك من باب من أبواب الغرفة، قال: فيبلغونه رسالة الجبار جل و عز، و ذلك قول الله عز و جل: وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ- من أبواب الغرفة- سَلامٌ عَلَيْكُمْ «1». إلى آخر الآية، و ذلك قوله عز و جل: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً «2» يعني بذلك ولي الله، و ما هو فيه من الكرامة و النعيم، و الملك العظيم الكبير، و إن الملائكة من رسل الله عز ذكره يستأذنون عليه،

فلا يدخلون عليه إلا بإذنه، فذلك الملك العظيم الكبير.

قال: و الأنهار تجري من تحت مساكنهم، و ذلك قول الله عز و جل: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ «3»،

__________________________________________________

(1) الرعد 13: 23 و 24.

(2) الإنسان 76: 20.

(3) الأعراف 7: 43، يونس 10: 9، الكهف 18: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 733

و الثمار دانية منهم، و هو قوله عز و جل: وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا «1» من قربها منهم، يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه و هو متكئ، و إن الأنواع من الفاكهة ليقلن لولي الله: يا ولي الله، كلني قبل أن تأكل هذا قبلي.

قال: و ليس من مؤمن في الجنة إلا و له جنان كثيرة، معروشات و غير معروشات، و أنهار من خمر، و أنهار من ماء، و أنهار من لبن، و أنهار من عسل مصفى، فإذا دعا ولي الله بغذائه أتي بما تشتهي نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن يسمي شهوته.

قال: ثم يتخلى مع إخوانه، و يزور بعضهم بعضا، و يتنعمون في جناتهم في ظل ممدود، في مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و أطيب من ذلك، لكل مؤمن سبعون زوجة حوراء، و أربع نسوة من الآدميين، و المؤمن ساعة مع الحوراء، و ساعة مع الآدمية، و ساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئا، ينظر بعضهم إلى بعض.

و إن المؤمن ليغشاه شعاع نور، و هو على أريكته، و يقول لخدامه: ما هذا الشعاع اللامع، لعل الجبار لحظني؟

فيقول له خدامه: قدوس قدوس، جل جلال الله، بل هذه حوراء من نسائك ممن لم تدخل بها بعد. قد أشرفت عليك من خيمتها شوقا إليك. و قد تعرضت لك و

أحبت لقاءك، فلما أن رأتك متكئا على سريرك تبسمت نحوك شوقا إليك، فالشعاع الذي رأيت، و النور الذي غشيك هو من بياض ثغرها و صفائه، و نقائه و رقته. فيقول ولي الله:

ائذنوا لها فتنزل إلي، فيبتدر إليها ألف وصيف، و ألف وصيفة، يبشرونها بذلك فتنزل إليه من خيمتها، و عليها سبعون حلة منسوجة بالذهب و الفضة، مكللة بالدر و الياقوت و الزبرجد، صبغهن المسك و العنبر بألوان مختلفة، كاعب مقطومة «2» خميصة، يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة، طولها سبعون ذراعا، و عرض ما بين منكبيها عشرة أذرع. فإذا دنت من ولي الله أقبل الخدام بصحائف الذهب و الفضة. فيها الدر و الياقوت و الزبرجد فينثرونها عليها، ثم يعانقها و تعانقه، لا يمل و لا تمل».

قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «أما الجنان المذكورة في الكتاب، فإنهن: جنة عدن، و جنة الفردوس، و جنة نعيم، و جنة المأوى- قال- و إن لله جنانا محفوفة بهذه الجنان، و إن المؤمن ليكون له من الجنان ما أحب، و اشتهى، يتنعم فيهن كيف شاء، و إذا أراد المؤمن شيئا «3» إنما دعواه فيها- إذا أراد- أن يقول: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ «4»، فإذا قالها تبادرت إليه الخدم بما اشتهى، من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به، و ذلك قول الله عز و جل: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ «5» يعني الخدام، قال: وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «6» يعني بذلك: عند ما يقضون من لذاتهم، من الجماع و الطعام و الشراب يحمدون الله عز و جل عند

__________________________________________________

(1) الإنسان 76: 14.

(2) القطم: شهوة اللحم و الضراب و النكاح. «لسان العرب- قطم-

12: 488».

(3) في المصدر زيادة أو أشتهى.

(4) يونس 10: 10.

(5) يونس 10: 10.

(6) يونس 10: 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 734

فراغهم». و أما قوله: أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ «1» قال: «يعلمه الخدام، فيأتون به إلى أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه». و أما قوله تعالى: فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ «2»، قال: «فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلا أكرموا به».

6935/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن شريك العامري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سأل علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن تفسير قوله: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً قال: يا علي إن الوفد لا يكون إلا ركبانا، أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم، و اختصهم و رضي أعمالهم، فسماهم الله المتقين، ثم قال: يا علي، أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إنهم ليخرجون من قبورهم و بياض وجوههم كبياض الثلج، عليهم ثياب، بياضها كبياض اللبن، عليهم نعال الذهب، شراكها من لؤلؤ يتلألأ».

6936/ [13]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في حديث آخر، قال (صلى الله عليه و آله): «إن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق الجنة، عليها رحائل الذهب مكللة بالدر و الياقوت، و جلالها الإستبرق و السندس، و خطامها جدل الأرجوان، و أزمتها من زبرجد، فتطير بهم إلى المحشر، مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه، و عن يمينه، و عن شماله، يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم.

و على باب الجنة شجرة، الورقة منها يستظل تحتها ألف «3» من الناس، و عن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية، فيسقون منها شربة، فيطهر الله

قلوبهم من الحسد، و يسقط عن أبشارهم الشعر، و ذلك قوله تعالى:

وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً «4» من تلك العين المطهرة، ثم يرجعون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة، فيغتسلون منها، و هي عين الحياة، فلا يموتون أبدا.

ثم يوقف بهم قدام العرش، و قد سلموا من الآفات و الأسقام، و الحر و البرد أبدا. قال: فيقول الجبار للملائكة الذين معهم: احشروا أوليائي إلى الجنة، و لا توقفوهم مع الخلائق، فقد سبق رضاي عنهم، و وجبت رحمتي لهم، فكيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات و السيئات؟! فتسوقهم الملائكة إلى الجنة، فإذا انتهوا إلى باب الجنة الأعظم ضرب الملائكة الحلقة ضربة، فتصر صريرا، فيبلغ صوت صريرها كل حوراء خلقها الله و أعدها لأوليائه، فيتباشرن إذا سمعن صرير الحلقة، و يقول بعضهن لبعض: قد جاءنا أولياء الله، فيفتح لهم الباب، فيدخلون الجنة.

و يشرف عليهم أزواجهم من الحور العين و الآدميات، فيقلن: مرحبا بكم، فما كان أشد شوقنا إليكم! و يقول لهن أولياء الله مثل ذلك.

فقال علي (عليه السلام): من هؤلاء، يا رسول الله؟ فقال (صلى الله عليه و آله): يا علي، هؤلاء شيعتك و المخلصون في

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 2: 53.

13- تفسير القمّي 2: 53. [.....]

(1) الصافات 37: 41.

(2) الصافات 37: 42.

(3) في المصدر: مائة ألف.

(4) الإنسان 76: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 735

ولايتك «1»، و أنت إمامهم، و هو قول الله عز و جل يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً على الرحائل وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً».

6937/ [14]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن علي بن إسحاق، عن الحسن بن حازم الكلبي، ابن اخت هشام بن سالم، عن سليمان بن جعفر، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروءته و عقله.

قيل: يا رسول الله، و كيف يوصي الميت؟

قال: إذا حضرته وفاته و اجتمع الناس إليه، قال: اللهم فاطر السماوات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم، اللهم إني أعهد إليك في دار الدنيا، أني أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، و أن محمدا عبدك و رسولك، و أن الجنة حق، و أن النار حق، و أن البعث حق، و أن الحساب حق، و القدر و الميزان حق، و أن الدين كما وصفت، و أن الإسلام كما شرعت، و أن القول كما حدثت، و أن القرآن كما أنزلت، و أنك أنت الله «2» الحق المبين، جزى الله محمدا (صلى الله عليه و آله) خير الجزاء، و حيى محمدا و آل محمد بالسلام.

اللهم يا عدتي عند كربتي، و يا صاحبي عند شدتي و يا ولي نعمتي، إلهي و إله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، طرفة عين أقرب من الشر و أبعد من الخير، فآنس في القبر وحشتي، و اجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا. ثم يوصي بحاجته، و تصديق هذه الوصية في القرآن في السورة التي يذكر فيها مريم في قول الله عز و جل:

لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً فهذا عهد الميت، و الوصية حق على، كل مسلم أن يحفظ هذه الوصية، و يعلمها. و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) علمنيها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): علمنيها جبرئيل (عليه السلام)».

6938/

[15]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن سليمان بن جعفر، عن أبيه، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروءته.

قلت: يا رسول الله، و كيف يوصي الميت عند الموت؟

قال: إذا حضرته الوفاة و اجتمع الناس إليه، قال: اللهم فاطر السماوات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم، إني أعهد إليك في دار الدنيا، أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، و أن محمدا عبدك و رسولك، و أن الجنة حق، و النار حق، و أن البعث حق، و الحساب حق، و القدر و الميزان حق، و أن الدين كما

__________________________________________________

14- الكافي 7: 2/ 1.

15- تفسير القمّي 2: 55.

(1) (و المخلصون في ولايتك) ليس في «ج، ي».

(2) في «ط» زيادة: الملك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 736

وصفت، و أن الإسلام كما شرعت، و أن القول كما حدثت، و أن القرآن كما أنزلت، و أنك أنت الله «1» الحق المبين، جزى الله محمدا خير الجزاء، و حيا الله محمدا و آله بالسلام.

اللهم يا عدتي عند كربتي، و يا صاحبي عند شدتي، و يا وليي في نعمتي، إلهي و إله الناس «2»، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، فإنك إن تكلني الى نفسي كنت أقرب من الشر، و أبعد من الخير فآنس في القبر وحدتي «3»، و اجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا، ثم يوصي بحاجته، و تصديق هذه الوصية في سورة مريم، في قوله:

لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً، فهذا عهد الميت، و الوصية

حق على كل مسلم أن يحفظ هذه الوصية، و يتعلمها «4». و قال علي (عليه السلام): علمنيها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) علمنيها جبرئيل (عليه السلام)».

ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن إسحاق، عن الحسن بن حازم الكلبي ابن اخت هشام بن سالم، عن سليمان بن جعفر- و ليس الجعفري- عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروءته و عقله». و ساق الحديث مثل رواية محمد بن يعقوب «5».

و رواه الشيخ في التهذيب «6» مثل رواية محمد بن يعقوب سندا و متنا.

6939/ [16]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً.

قال: «لا يشفع و لا يشفع لهم، و لا يشفعون إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً إلا من أذن له بولاية علي أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) من بعده، فهو العهد عند الله».

6940/ [17]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً.

قال: «هذا حيث قالت قريش: إن لله ولدا، و إن الملائكة إناث، فقال الله تبارك و تعالى ردا عليهم:

__________________________________________________

16- تفسير القمي 2: 56.

17- تفسير

القمي 2: 57.

(1) في «ط» زيادة: الملك.

(2) في المصدر: يا إلهي و إله آبائي.

(3) في المصدر: وحشتي.

(4) في «ج، ي»: و خطها. [.....]

(5) من لا يحضره الفقيه 4: 138/ 482، و حديث الكافي (14) المتقدم.

(6) التهذيب 9: 174/ 711.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 737

لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا أي ظلما «1». تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، يعني مما قالوا و مما رموه «2». وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا مما قالوا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً فقال الله تبارك و تعالى: وَ ما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَ عَدَّهُمْ عَدًّا وَ كُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً واحدا واحدا».

6941/ [18]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا، قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) هي الود الذي قال الله تعالى».

6942/ [19]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن، عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا؟ قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) هي الود الذي ذكره الله».

6943/ [20]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن عون بن سلام، عن بشر بن عمارة الخثعمي، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية في

علي (عليه السلام): إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا، قال: محبة في قلوب المؤمنين.

6944/ [21]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن يعقوب بن جعفر بن سليمان، عن علي بن عبد الله بن العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا، قال: «نزلت في علي (عليه السلام)، فما من مؤمن إلا و في قلبه حب لعلي (عليه السلام)».

6945/ [22]- علي بن إبراهيم، قال: قال الصادق (عليه السلام): «كان سبب نزول هذه الآية، أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان جالسا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له: قل- يا علي- اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا، فأنزل الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا».

6946/ [23]- الطبرسي، قال: و في تفسير أبي حمزة الثمالي، حدثني أبو جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «قال

__________________________________________________

18- الكافي 1: 357/ 90.

19- تفسير القمّي 2: 57.

20- تأويل الآيات 1: 308/ 17، النور المشتعل: 129/ 34، شواهد التنزيل 1: 364/ 500 و 501، مجمع الزوائد 9: 125، الدر المنثور 5: 544.

21- تأويل الآيات 1: 309/ 18، النور المشتعل 132/ 26.

22- تفسير القمّي 2: 56، و نحوه في شواهد التنزيل 1: 360/ 490 و الكشاف 3: 47 و العمدة: 289/ 472 و تذكرة الخواص: 17، و تفسير القرطبي 11: 161، و فرائد السمطين 1: 80/ 51، و تفسير النيشابوري بهامش تفسير الطبري 16: 74، و الدر المنثور 5: 544.

23- مجمع البيان 6: 822.

(1) في نسخة من «ط»: عظيما.

(2) في المصدر: موهوا به.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 3، ص: 738

رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): قال: اللهم اجعل لي عندك عهدا، و اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا [فقالها علي (عليه السلام)]، فنزلت هذه الآية».

و روى نحوه جابر بن عبد الله «1».

6947/ [24]- شرف الدين النجفي: قال علي بن إبراهيم: روى فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قال: «آمنوا بأمير المؤمنين (عليه السلام)، و عملوا الصالحات بعد المعرفة».

6948/ [25]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده مرفوعا إلى عبد الله بن العباس (رحمه الله)، قال: نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا قال: محبة في قلوب المؤمنين.

6949/ [26]- ابن شهر آشوب قال: قال أبو روق: عن الضحاك و شعبة، عن الحكم، عن عكرمة و الأعمش، عن سعيد بن جبير، و العزيزي السجستاني في (غريب القرآن) عن ابن عمر «2»، كلهم، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله تعالى: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا فقال: نزلت في علي (عليه السلام)، لأنه ما من مسلم إلا و لعلي (عليه السلام) في قلبه محبة.

6950/ [27]- أبو نعيم الأصفهاني و أبو المفضل الشيباني و ابن بطة العكبري، بالإسناد عن محمد بن الحنفية، و عن الباقر (عليه السلام)- في خبر- قال: «لا تلقى مؤمنا إلا و في قلبه ود لعلي بن أبي طالب و لأهل بيته (عليهم السلام)».

6951/ [28]- زيد بن علي: إن عليا (عليه السلام) أخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قال له رجل: إني أحبك

في الله تعالى. فقال: «لعلك- يا علي- اصطنعت له معروفا؟» قال: «لا- و الله- ما اصطنعت له معروفا». فقال: «الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق إليك بالمودة» فنزلت هذه الآيات.

و روي هذا الحديث من طريق المخالفين عن زيد بن علي أيضا «3».

6952/ [29]- ابن الفارسي في (الروضة): قال الباقر (عليه السلام): مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها،

__________________________________________________

24- تأويل الآيات 1: 308/ 16.

25- خصائص الأئمة: 71.

26- المناقب 3: 93، فرائد السمطين 1: 80/ 50.

27- المناقب 3: 93، النور المشتعل: 132/ 36، شواهد التنزيل 1: 366/ 505 و 508، ذخائر العقبى: 89، الرياض النضرة 3: 179، الصواعق المحرقة: 172. [.....]

28- المناقب 3: 93.

29- روضة الواعظين: 106.

(1) في المصدر زيادة: الأنصاري.

(2) في المصدر: عن أبي عمرو.

(3) المناقب للخوارزمي: 197.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 739

وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ «1»: «الحسنة: «ولاية علي (عليه السلام) و حبه، و السيئة: عداوته و بغضه، و لا يرفع معهما عمل.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا هو علي فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ قال: هو علي وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا، قال: بني امية قوما ظلمة».

6953/ [30]- و من طريق المخالفين ما رواه موفق بن أحمد في كتاب (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): قال: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا قال ابن عباس: هو علي بن أبي طالب (عليه السلام).

6954/ [31]- ثم قال: و روى زيد بن علي، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «لقيني رجل، فقال لي: يا أبا الحسن، أما- و الله-

إني أحبك في الله، فرجعت إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخبرته بقول الرجل».

و ذكر الحديث إلى آخره و قد تقدم «2».

و روى غيره من المخالفين هذين الحديثين «3».

6955/ [32]- ابن المغازلي في (مناقبه): يرفعه إلى البراء بن عازب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): «يا علي، قال: اللهم اجعل لي عندك عهدا، و اجعل لي عندك ودا، و اجعل لي في صدور المؤمنين مودة» فنزلت: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا. نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام).

و عن الحبري، عن ابن عباس، أنها نزلت في علي (عليه السلام) خاصة «4».

6956/ [33]- ابن المغازلي في (المناقب): يرفعه إلى ابن عباس، قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيدي، و أخذ بيد علي، فصلى أربع ركعات، ثم رفع يده إلى السماء، فقال: «اللهم سألك موسى بن عمران، و أنا محمد أسألك أن تشرح لي صدري، و تيسر لي أمري، و تحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، و اجعل لي وزيرا من أهلي عليا، اشدد به أزري، و أشركه في أمري».

__________________________________________________

30- المناقب: 197.

31- المناقب: 197.

32- المناقب: 327/ 374.

33- المناقب: 328/ 375.

(1) النمل 27: 90.

(2) تقدّم في الحديث (28) من تفسير هذه الآيات.

(3) انظر تفسير الحبري: 289 نحوه، شواهد التنزيل 1: 364/ 501، فرائد السمطين 1: 80/ 50.

(4) تفسير الحبري 289/ 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 740

قال ابن عباس: فسمعت مناديا ينادي: يا أحمد، قد أعطيت ما سألت، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يا أبا الحسن، ارفع يديك إلى السماء و ادع ربك، و اسأله يعطك» فرفع علي (عليه

السلام) يده إلى السماء، و هو يقول: «اللهم اجعل لي عندك عهدا، و اجعل لي عندك ودا» فأنزل الله تعالى على نبيه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا، فتلاها النبي (صلى الله عليه و آله) على أصحابه، فعجبوا من ذلك عجبا شديدا، فقال النبي (صلى الله عليه و آله) مم تعجبون؟! إن القرآن أربعة أرباع: فربع فينا أهل البيت خاصة، و ربع حلال، و ربع حرام، و ربع فضائل «1» و أحكام، و الله أنزل فينا «2» كرائم القرآن».

6957/ [34]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا؟

قال: «إنما يسره الله على لسانه (صلى الله عليه و آله) حين أقام أمير المؤمنين (عليه السلام) علما، فبشر به المؤمنين، و أنذر به الكافرين، و هم الذين ذكرهم الله في كتابه لُدًّا، أي كفارا».

6958/ [35]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: قوله: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا؟

قال: «إنما يسره الله على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله) حين «3» أقام أمير المؤمنين (عليه السلام) علما، فبشر به المؤمنين، و أنذر به الكافرين، و هم القوم الذين ذكرهم الله: قَوْماً لُدًّا أي كفارا».

قلت قوله: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ

تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً؟

قال: «أهلك الله من الأمم مالا يحصون، فقال: يا محمد هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً أي ذكرا».

__________________________________________________

34- الكافي 1: 358/ 90. [.....]

35- تفسير القمّي 2: 57.

(1) في المصدر: خاصّة، و ربع في أعدائنا، و ربع حلال و حرام، و ربع فرائض.

(2) في المصدر: في علي.

(3) في المصدر: حتّى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 741

المستدرك (سورة مريم) ..... ص : 741

سورة مريم(19): آية 11 ..... ص : 741

قوله تعالى:

فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا [11]

[1]- (تفسير النعماني) بإسناده: عن الصادق (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) حين سألوه عن معنى الوحي، فقال: منه وحي النبوة، و منه وحي الإلهام، و منه وحي الإشارة- و ساقه إلى أن قال- و أما وحي الإشارة فقوله عز و جل فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا أي أشار إليهم، لقوله تعالى: أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً «1»».

سورة مريم(19): آية 55 ..... ص : 741

قوله تعالى:

وَ كانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا [55]

[2]- (دعائم الإسلام): عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «لما نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً «2»، قال الناس: يا رسول الله، كيف نقى أنفسنا و أهلينا؟ قال: اعملوا الخير، و ذكروا به

__________________________________________________

1- المحكم و المتشابه: 16.

2- دعائم الإسلام 1: 82.

(1) آل عمران 3 و 41.

(2) التحريم 66: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 742

أهليكم فأدبوهم على طاعة الله».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ألا ترى أن الله يقول لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها «1» و قال: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَ كانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا».

__________________________________________________

(1) طه 20: 132.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 743

سورة طه ..... ص : 743

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 745

سورة طه فضلها ..... ص : 745

6959/ [1]- ابن بابويه: بإسناده المتقدم في سورة الكهف، عن الحسن، عن صباح الحذاء، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا تدعوا قراءة سورة طه، فإن الله يحبها و يحب من يقرأها، و من أدمن قراءتها أعطاه الله يوم القيامة كتابه بيمينه، و لم يحاسبه بما عمل في الإسلام، و اعطي في الآخرة من الأجر حتى يرضى»

6960/ [2]- و من (خواص القرآن): عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة اعطي يوم القيامة مثل ثواب المهاجرين و الأنصار، و من كتبها و جعلها في خرقة حرير خضراء، و قصد إلى قوم يريد التزويج، لم يرد و قضيت حاجته، و إن مشى بين عسكرين يقتتلان افترقوا و لم يقاتل أحد منهم الآخر، و إن دخل على سلطان كفاه الله شره، و قضى له جميع حوائجه، و كان عنده جليل القدر» «1».

6961/ [3]- و عن الصادق (عليه السلام)، قال: «من كتبها و جعلها في خرقة حرير خضراء، و راح إلى قوم يريد التزويج منهم، تم له ذلك و وقع، و إن قصد في إصلاح قوم تم له ذلك، و لم يخالفه أحد منهم، و إن مشى بين عسكرين افترقا و لم يقاتل بعضهم بعضا، و إذا شرب ماءها المظلوم من السلطان، و دخل على من ظلمه من أي السلاطين، زال عنه ظلمه بقدرة الله تعالى، و خرج من عنده مسرورا، و إذا اغتسلت بمائها من لا طالب لعرسها خطبت، و سهل عرسها بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 108.

2- خواصّ القرآن: 4 «قطعة منه».

3- خواصّ القرآن: 4: «قطعة منه».

(1) في نسخة

من «ط»: و إذا اغتسلت بمائها أنثى طالت عزوبتها، تزوّجت سريعا، و سهل اللّه تعالى عليها ذلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 747

سورة طه(20): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 747

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى [1- 3]

6962/ [1]- سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن حماد الطنافسي، عن الكلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «يا كلبي، كم لمحمد (صلى الله عليه و آله) من اسم في القرآن؟» فقلت: اسمان أو ثلاثة.

فقال: «يا كلبي، له عشرة «1» أسماء وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ «2» و قوله: وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ «3»، و لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً «4»، و طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى و يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «5»، و ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ «6»، و يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ «7»، و يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ «8»، و قوله: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً «9»، قال: «الذكر: اسم

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 67. [.....]

(1) و المذكور في هذه الرواية تسعة أسماء.

(2) آل عمران 3: 144.

(3) الصفّ 61: 6.

(4) الجنّ 72: 19.

(5) يس 36: 1- 4.

(6) القلم 68: 1 و 2.

(7) المدّثّر 74: 1.

(8) المزمّل 73: 1.

(9) الطلاق 65: 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 748

من أسماء محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن أهل الذكر، فاسأل- يا كلبي- عما بدا لك». قال: نسيت- و الله- القرآن كله، فما حفظت

منه حرفا أسأله عنه.

6963/ [2]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا بن رسول الله، ما معنى قول الله عز و جل: طه؟

قال: «طه: اسم من أسماء النبي (صلى الله عليه و آله)، و معناه: يا طالب الحق الهادي إليه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى بل لتسعد به».

6964/ [3]- و من طريق المخالفين، (تفسير الثعلبي) في قوله تعالى: طه.

قال:

قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «طهارة أهل بيت محمد (صلى الله عليه و آله)- ثم قرأ-: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «1».

6965/ [4]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله، لم تتعب نفسك، و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر؟ فقال: يا عائشة، أ فلا أكون عبدا شكورا؟» قال: «و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقوم على أطراف أصابع رجليه، فأنزل الله سبحانه تعالى: طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى .

6966/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله و أبي جعفر

(عليهما السلام)، قالا: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا صلى قام على أصابع رجليه حتى تورمت، فأنزل الله تبارك و تعالى: طه بلغة طيئ، يا محمد ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى .

6967/ [6]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قد سأله بعض اليهود، قال له اليهودي:

فإن هذا داود (عليه السلام)، بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه.

قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) اعطي ما هو أفضل من هذا، إنه كان إذا قام إلى

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 22/ 1.

3- تفسير الثعلبي: 75 «مخطوط»، العمدة: 38/ 19، خصائص الوحي المبين: 76/ 46.

4- الكافي 2: 77/ 6.

5- تفسير القمّي 2: 57.

6- الاحتجاج: 219. [.....]

(1) الأحزاب 33: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 749

الصلاة، سمع لصدره «1» أزير كأزير المرجل على الأثافي «2» من شدة البكاء، و قد آمنه الله عز و جل من عقابه، فأراد أن يتخشع لربه ببكائه، و يكون إماما لمن اقتدى به، و لقد قام (صلى الله عليه و آله) عشر سنين على أطراف أصابعه، حتى تورمت قدماه، و اصفر وجهه، يقوم الليل أجمع، حتى عوتب في ذلك، فقال الله عز و جل: طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى بل لتسعد به، و لقد كان يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله، أليس الله عز و جل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر؟ قال: بلى، أ فلا أكون عبدا شكورا؟».

6968/ [7]- الطبرسي: روي أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان يرفع إحدى رجليه في الصلاة ليزيد تعبه، فأنزل الله

تعالى: طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى فوضعها، قال: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

6969/ [8]- الشيخ في (أماليه): عن الحفار، قال: حدثنا علي بن أحمد الحلواني، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم المقري، قال: حدثنا الفضل بن حباب الجمحي، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، عن أبان، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، قال: كنا جلوسا مع النبي (صلى الله عليه و آله)، إذ هبط عليه الأمين جبرئيل (عليه السلام)، و معه جام «3» من البلور الأحمر مملوءة مسكا و عنبرا، و كان إلى جنب رسول الله (صلى الله عليه و آله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) و ولداه الحسن و الحسين (عليهما السلام)، فقال له، السلام عليك، الله يقرأ عليك السلام، و يحييك بهذه التحية، و يأمرك أن تحيي بها عليا و ولديه، قال ابن عباس: فلما صارت في كف رسول الله (صلى الله عليه و آله) هلل ثلاثا و كبر ثلاثا، ثم قالت بلسان ذرب طلق- يعني الجام-: بسم الله الرحمن الرحيم طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى فاشتمها النبي (صلى الله عليه و آله)، و حيى بها عليا (عليه السلام)، فلما صارت في كف علي (عليه السلام)، قالت: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «4» فاشتمها علي (صلوات الله عليه)، و حيى بها الحسن (عليه السلام)، فلما صارت في كف الحسن (عليه السلام)، قالت: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ «5» فاشتمها الحسن (عليه السلام) و حيى بها الحسين (عليه السلام)، فلما

صارت في كف الحسين (عليه السلام)، قالت: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ «6» ثم ردت إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقالت:

__________________________________________________

7- مجمع البيان 7: 4.

8- الأمالي 1: 366.

(1) في «ط» نسخة بدل: لصوته. و زاد في «ط»: و جوفه.

(2) الأثافي: واحدتها اثفية، و هي الحجر يوضع عليه القدر. «أقرب الموارد- ألف- 1: 4».

(3) الجام: إناء للشراب و الطعام من فضة أو نحوها، و هي مؤنثة. «المعجم الوسيط- 1: 149».

(4) المائدة 5: 55.

(5) النبأ 78: 1- 3.

(6) الشورى 42: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 750

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ «1».

قال ابن عباس: فلا أدري، إلى السماء صعدت، أم في الأرض توارت بقدرة الله عز و جل.

سورة طه(20): آية 5 ..... ص : 750

قوله تعالى:

الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [5]

6970/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال: «استوى على كل شي ء، فليس شي ء أقرب إليه من شي ء».

و رواه ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن بعض رجاله، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «2».

6971/ [2]- و عنه، بهذا الإسناد: عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن مارد: أن أبا عبد الله (عليه السلام) سئل عن قول

الله عز و جل: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال: «استوى على «3» كل شي ء، فليس أقرب إليه من شي ء».

و رواه علي بن إبراهيم: عن محمد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن مارد، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثله «4».

و رواه ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد الآدمي، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن مارد: أن أبا عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثله «5».

6972/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال:

«استوى في كل شي ء، فليس شي ء أقرب إليه من شي ء، لم يبعد منه بعيد و لم يقرب منه قريب، استوى في كل

__________________________________________________

1- الكافي 1: 99/ 6.

2- الكافي 1: 99/ 7.

3- الكافي 1: 99/ 8.

(1) النور 24: 35.

(2) التوحيد: 316/ 4. [.....]

(3) في «ط، ج»: من.

(4) تفسير القمّي 2: 59.

(5) التوحيد: 315/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 751

شي ء».

و رواه ابن بابويه عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) مثله «1».

6973/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، قال: «من زعم أن الله من شي ء، أو في شي ء، أو على شي ء، فقد كفر».

قلت فسر لي. قال: «أعني بالحواية من الشي ء له، أو بإمساك له، أو من شي ء سبقه».

و

في رواية أخرى: «من زعم أن الله من شي ء فقد جعله محدثا، و من زعم أنه في شي ء فقد جعله محصورا، و من زعم أنه على شي ء فقد جعله محمولا».

و رواه أيضا ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «2».

6974/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، رفعه، قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: أخبرني عن الله عز و جل، يحمل العرش أم العرش يحمله؟

فقال: أمير المؤمنين (عليه السلام): «الله تعالى حامل العرش و السماوات و الأرض، و ما فيهما و ما بينهما، و ذلك قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً «3».

قال: فأخبرني عن قوله: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ «4» فكيف قال ذلك، و قلت: إنه يحمل العرش و السماوات و الأرض؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن العرش خلقه الله تعالى من أنوار أربعة: نور أحمر منه احمرت الحمرة، و نور أخضر منه اخضرت الخضرة، و نور أصفر منه اصفرت الصفرة، و نور أبيض منه ابيض البياض، و هو العلم الذي حمله الله الحملة، و ذلك نور من عظمته،

فبعظمته و نوره أبصر قلوب المؤمنين، و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون، و بعظمته و نوره ابتغى من في السماوات و الأرض، من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة، و الأديان،

__________________________________________________

4- الكافي 1: 99/ 9.

5- الكافي 1: 100/ 1.

(1) التوحيد: 315/ 2.

(2) التوحيد: 317/ 5، 6.

(3) فاطر 35: 41.

(4) الحاقة 69: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 752

المشتبهة، و كل محمول يحمله الله بنوره و عظمته و قدرته، لا يستطيع لنفسه ضرا و لا نفعا، و لا موتا و لا حياة و لا نشورا فكل شي ء محمول، و الله تبارك و تعالى الممسك لهما أن تزولا، و المحيط بهما «1»، و هو حياة كل شي ء، و نور كل شي ء، سبحانه و تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا».

قال له: فأخبرني عن الله عز و جل أين هو؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «هو هاهنا و هاهنا، و فوق و تحت، و محيط بنا و معنا، و هو قوله: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا «2» فالكرسي محيط بالسماوات و الأرض، و ما بينهما و ما تحت الثرى، و إن تجهر بالقول فإنه يعلم السر و أخفى، و ذلك قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ «3».

فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه، و ليس يخرج عن هذه الأربعة شي ء خلق في ملكوته، و هو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه، و أراه خليله (عليه السلام)، فقال: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ

مِنَ الْمُوقِنِينَ «4» و كيف يحمل حملة العرش الله، و بحياته حييت قلوبهم، و بنوره اهتدوا إلى معرفته؟!».

6975/ [6]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو قرة المحدث، أن ادخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاستأذنته فأذن لي، فدخل فسأله عن الحلال و الحرام، ثم قال له: أفتقر أن الله محمول؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «كل محمول مفعول به، مضاف إلى غيره، محتاج، و المحمول: اسم نقص في اللفظ، و الحامل فاعل، و هو في اللفظ مدحة، و كذلك قول القائل: فوق و تحت، و أعلى و أسفل، و قد قال الله: (و له الأسماء الحسنى فادعوه بها) «5» و لم يقل في كتبه أنه المحمول، بل قال: هو الحامل في البر و البحر، و الممسك للسماوات و الأرض أن تزولا، و المحمول ما سوى الله، و لم يسمع أحد آمن بالله و عظمته قط قال في دعائه:

يا محمول».

قال أبو قرة فإنه قال: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ «6»، و قال:

__________________________________________________

6- الكافي 1: 101/ 2.

(1) في «ج، ط» و المصدر زيادة: من شي ء.

(2) المجادلة 58: 7.

(3) البقرة 2: 255.

(4) الأنعام 6: 75. [.....]

(5) في الأعراف (7: 180): وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى الآية.

(6) الحاقة 69: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 753

الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ «1»؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «العرش ليس هو الله، و العرش اسم علم «2»، و قدرة، و عرش فيه كل شي ء، ثم أضاف الحمل إلى غيره، خلق من خلقه، لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه و هم حملة علمه، و خلق يسبحون حول عرشه، و هم يعملون «3» بعلمه،

و ملائكة يكتبون أعمال عباده، و استعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته، و الله على العرش استوى كما قال، و العرش و من يحمله و من حول العرش، و الله الحامل لهم، الحافظ لهم، الممسك، القائم على كل نفس، و فوق كل شي ء، و على كل شي ء، و لا يقال: محمول، و لا أسفل، قولا مفردا لا يوصل بشي ء، فيفسد اللفظ و المعنى».

قال أبو قرة: فتكذب بالرواية التي جاءت أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه، أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم، فيخرون سجدا، و إذا ذهب الغضب خف، و رجعوا إلى مواقعهم «4»؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «أخبرني عن الله تبارك و تعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه، فمتى رضي، و هو في صفتك لم يزل غضبان عليه، و على أوليائه، و على أتباعه؟ كيف تجتري أن تصف ربك بالتغير من حال إلى حال، و أنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين؟! سبحانه و تعالى، لم يزل مع الزائلين، و لم يتغير مع المتغيرين، و لم يتبدل مع المتبدلين، و من دونه في يده و تدبيره، و كلهم إليه محتاج، و هو غني عمن سواه».

6976/ [7]- و عنه: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، قال: كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام): جعلني الله فداك يا سيدي، قد روي لنا أن الله في موضع دون موضع على العرش استوى، و أنه ينزل كل ليلة في النصف الآخر من الليل إلى السماء الدنيا، و روي أنه ينزل عشية عرفة، ثم يرجع إلى موضعه فقال بعض مواليك في ذلك: إذا كان

في موضع دون موضع، فقد يلاقيه الهواء و يتكيف «5» عليه، و الهواء جسم رقيق يتكيف على كل شي ء بقدره، فكيف يتكيف عليه جل ثناؤه على هذا المثال؟

فوقع (عليه السلام): «علم ذلك عنده، هو المقدر له بما هو أحسن تقديرا، و اعلم أنه إذا كان في سماء الدنيا فهو كما على العرش، و الأشياء كلها معه «6» سواء، علما و قدرة و ملكا و إحاطة».

__________________________________________________

7- الكافي 1: 98/ 4.

(1) غافر 40: 7.

(2) في «ي»: و عرشه اسم علمه.

(3) في «ط»: يعلمون.

(4) في «ج»: مواقفهم.

(5) في المصدر، و كذا في الموضع الآتي: و يتكنّف. و كنّف الشي ء: أحاط به. «المعجم الوسيط- كنف- 2: 801».

(6) في المصدر: له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 754

6977/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، قال: حدثني مقاتل بن سليمان، قال: سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال: «استوى من كل شي ء، فليس شي ء أقرب إليه من شي ء».

6978/ [9]- و عنه: بهذا الإسناد، عن الحسن بن محبوب، عن حماد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كذب من زعم أن الله عز و جل من شي ء، أو في شي ء، أو على شي ء».

6979/ [10]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن

العرش و الكرسي.

فقال: «إن للعرش صفات كثيرة مختلفة، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة، فقوله: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ يقول: رب الملك العظيم، و قوله: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى يقول: على الملك احتوى».

و سيأتي الحديث بطوله- إن شاء الله تعالى- في سورة النمل، عند قوله تعالى: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ «1».

6980/ [11]- الطبرسي في (الاحتجاج): روى هشام بن الحكم، أنه كان من سؤال الزنديق الذي أتى أبا عبد الله (عليه السلام)، قال: ما الدليل على صانع العالم؟

فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): «وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعها صنعها، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أن له بانيا، و إن كنت لا ترى الباني، و لم تشاهد؟».

قال: فما هو؟

قال: «هو شي ء بخلاف الأشياء، ارجع بقولي شي ء إلى إثباته، و إنه شي ء بحقيقته الشيئية، غير أنه لا جسم و لا صورة، و لا يجس «2»، و لا يدرك بالحواس الخمس، لا تدركه الأوهام، و لا تنقصه الدهور، و لا يغيره الزمان».

قال: السائل: فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا؟

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لو كان ذلك كما تقول، لكان التوحيد منا مرتفعا، بأنا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم، لكنا نقول: كل موهوم بالحواس مدرك بها، تحده الحواس ممثلا فهو مخلوق و لا بد من إثبات كون صانع

__________________________________________________

8- التوحيد: 317/ 7.

9- التوحيد: 317/ 8.

10- التوحيد: 321/ 1.

11- الاحتجاج: 332.

(1) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة النّمل. [.....]

(2) في «ط» نسخة بدل: يمسّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 755

الأشياء خارجا من الجهتين المذمومتين: إحداهما النفي، إذ كان النفي هو الإبطال و العدم. و الجهة الثانية التشبيه

بصفة المخلوق الظاهر التركيب و التأليف، فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين، و الاضطرار منهم إليه أنهم مصنوعون، و أن صانعهم غيرهم و ليس مثلهم، إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب و التأليف، و فيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أن لم يكونوا، و تنقلهم «1» من صغر إلى كبر، و سواد إلى بياض، و قوة إلى ضعف، و أحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لثباتها و وجودها».

قال السائل: فأنت قد حددته إذ أثبت وجوده؟

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لم أحدده، و لكن أثبته إذا لم يكن بين النفي و الإثبات منزلة».

قال السائل: فقوله: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «بذلك وصف نفسه، و كذلك هو مستول على العرش، بائن من خلقه، من غير أن يكون العرش حاملا له، و لا أن العرش حاوله، و لا أن العرش محل له، لكنا نقول: هو حامل العرش، و ممسك للعرش و نقول في ذلك ما قال: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ «2»، فثبتنا من العرش و الكرسي ما ثبته، و نفينا أن يكون العرش و الكرسي حاويا له، و أن يكون عز و جل محتاجا إلى مكان، أو إلى شي ء مما خلق، بل خلقه محتاجون إليه».

قال السائل: فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء، و بين أن تخفضوها نحو الأرض؟

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ذلك في علمه و إحاطته و قدرته سواء، لكنه عز و جل أمر أولياءه و عباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش، لأنه جعله معدن الرزق، فثبتنا ما ثبته القرآن و الأخبار عن الرسول (صلى الله عليه و آله) حين قال:

ارفعوا أيديكم إلى الله عز و جل، و هذا تجمع عليه فرق الأمة كلها».

6981/ [12]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن الصادق (عليه السلام)، و قد سأله (عليه السلام) زنديق، فقال: فأخبرني عن الشمس، أين تغيب؟

قال (عليه السلام): «إن بعض العلماء قال: إذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن السماء صاعدة أبدا، إلى أن تنحط إلى موضع مطلعها، يعني أنها تغيب في عين حامية، ثم تخرق الأرض راجعة إلى موضع مطلعها، فتخر تحت العرش حتى يؤذن لها بالطلوع، و يسلب نورها كل يوم، و تجلل نورا آخر».

قال: فالكرسي أكبر أم العرش؟

قال (عليه السلام): «كل شي ء خلقه الله في جوف الكرسي ما خلا عرشه، فإنه أعظم من أن يحيط به الكرسي» قال: فخلق النهار قبل الليل؟

قال (عليه السلام): «نعم، خلق النهار قبل الليل، و الشمس قبل القمر، و الأرض قبل السماء، و وضع الأرض على

__________________________________________________

12- الاحتجاج: 351.

(1) في «ط» نسخة بدل: و تقلّبهم.

(2) البقرة 2: 255.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 756

الحوت، و الحوت في الماء، و الماء في صخرة مجوفة، و الصخرة على عاتق ملك، و الملك على الثرى، و الثرى على الريح العقيم، و الريح على الهواء، و الهواء تمسكه القدرة، و ليس تحت الريح العقيم، إلا الهواء و الظلمات، و لا وراء ذلك سعة، و لا ضيق، و لا شي ء يتوهم، ثم خلق الكرسي فحشاه السماوات و الأرض، و الكرسي أكبر من كل شي ء خلق، ثم خلق العرش فجعله أكبر من الكرسي».

سورة طه(20): آية 6 ..... ص : 756

قوله تعالى:

لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى [6]

6982/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن

صالح، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الأرض، على أي شي ء و هي؟ قال: «على الحوت». قلت: فالحوت على أي شي ء هو؟ قال: «على الماء». قلت: فالماء، على أي شي ء هو؟ قال: «على الصخرة». قلت: فعلى أي شي ء الصخرة؟ قال: «على قرن ثور أملس». قلت: فعلى أي شي ء الثور؟ قال: «على الثرى». قلت: فعلى أي شي ء الثرى؟

قال: «هيهات، عند ذلك ضل علم العلماء».

و رواه علي بن إبراهيم، عن محمد بن أبي عبد الله، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن، جميل بن صالح، عن أبان بن تغلب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) مثله «1».

6983/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن علي بن مهزيار، عن العلاء المكفوف، عن بعض أصحابه، عن أبا عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن الأرض، على أي شي ء هي؟ قال: «على الحوت» فقيل له:

فالحوت، على أي شي ء هو؟ قال: «على الماء». فقيل له: فالماء، على أي شي ء ǙȘߠقال: «على الثرى» قيل له:

فالثرى، على أي شي ء هو؟ قال: «عند ذلك انقضى علم العلماء».

سورة طه(20): آية 7 ..... ص : 756

قوله تعالى:

وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى [7]

6984/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه (رحمه الله)، قال: حدثني عمي محمد بن أبي

__________________________________________________

1- الكافي 8: 89/ 55.

2- تفسير القمّي 2: 58.

3- معاني الأخبار: 143/ 1.

(1) تفسير القمّي 2: 59.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 757

القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، قال: حدثني موسى بن سعدان الحناط، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و

جل: يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى

قال: «السر: ما أكننته «1» في نفسك، و أخفى: ما خطر ببالك ثم أنسيته».

6985/ [1]- الطبرسي: روي عن السيدين الباقر و الصادق (عليهما السلام): «السر: ما أخفيته في نفسك، و أخفى:

ما خطر ببالك ثم أنسيته».

6986/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: السر: ما أخفيته، و أخفى: ما خطر ببالك ثم أنسيته. ثم قص عز و جل قصة موسى، و نكتب خبرها في سورة القصص إن شاء الله تعالى «2».

سورة طه(20): الآيات 10 الي 18 ..... ص : 757

قوله تعالى:

آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ- إلى قوله تعالى- وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى [10- 18]

6987/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ يقول: «آتيكم بقبس من النار تصطلون من البرد». و قوله: أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً كان قد أخطأ الطريق، يقول: أو أجد على النار طريقا و قوله: أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي يقول: أخبط بها الشجر لغنمي وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى فمن الفرق «3» لم يستطع الكلام، فجمع كلامه فقال: وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى يقول:

حوائج أخرى.

6988/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل لموسى (عليه السلام): فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ لأنها كانت من جلد حمار ميت».

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 6.

2- تفسير القمّي 2: 59.

3- تفسير القمّي 2: 60.

4- علل الشرائع: 66/ 1.

(1) في المصدر: كتمته.

(2) يأتي في تفسير الآيات (4- 35) من سورة القصص. [.....]

(3) الفرق: الخوف. «الصحاح-

فرق- 4: 1541».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 758

6989/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي بن نصر البخاري المقرئ، قال: حدثنا أبو عبد الله الكوفي الفقيه بفرغانة «1»، بإسناد متصل إلى الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، أنه قال في قوله عز و جل لموسى (عليه السلام):

فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ: «يعني ارفع خوفيك، يعني خوفه من ضياع أهله، و قد خلفها تمخض، و خوفه من فرعون».

6990/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله القمي، عن القائم الحجة (عليه السلام)- في حديث طويل يتضمن مسائل كثيرة- قال: قلت: فأخبرني، يا بن رسول الله، عن أمر الله تعالى لنبيه موسى (عليه السلام):

فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً فإن فقهاء الفريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة.

فقال (عليه السلام): «من قال ذلك فقد افترى على موسى (عليه السلام)، و استجهله في نبوته، لأنه ما خلا الأمر فيها من خصلتين «2»: إما أن تكون صلاة موسى فيها جائزة أو غير جائزة، فإن كانت صلاته جائزة، جاز له لبسها في تلك البقعة إذ لم تكن مقدسة، و إن كانت مقدسة مطهرة، فليست بأقدس و أطهر من الصلاة، و إن كانت صلاته غير جائزة فيها، فقد أوجب على موسى (عليه السلام) أنه لم يعرف الحلال من الحرام، و ما علم ما تجوز فيه الصلاة و ما لم تجز، و هذا كفر».

قلت: فأخبرني- يا مولاي- عن التأويل فيها؟

قال: «إن موسى (عليه

السلام) ناجى ربه بالوادي المقدس، فقال: يا رب، إني قد أخلصت لك المحبة مني، و غسلت قلبي عمن سواك- و كان شديد الحب لأهله- فقال الله تبارك و تعالى: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أي انزع حب أهلك من قبلك إن كانت محبتك لي خالصة، و قلبك من الميل إلى من سواي مغسولا».

6991/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: و قوله: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ قال: كانتا من جلد حمار ميت وَ أَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي قال: إذا نسيتها ثم ذكرتها فصلها.

6992/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، و محمد ابن خالد، جميعا، عن القاسم بن عروة، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت اخرى، فإن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك، كنت من الأخرى في وقت، فابدأ بالتي

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 66/ 2.

4- كمال الدين و تمام النعمة: 460.

5- تفسير القمّي 2: 60.

6- الكافي 3: 293/ 4.

(1) فرغانة: مدينة، و كورة واسعة بما وراء النهر، متآخمة لبلاد تركستان، و بينها و بين سمرقند خمسون فرسخا، و يقال: فرغانة قرية من قرى فارس. «معجم البلدان 4: 253».

(2) في «ج» و المصدر: خطيئتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 759

فاتتك، فإن الله عز و جل يقول: وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي. و إن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك، فاتتك التي بعدها، فابدأ بالتي أنت في وقتها فصلها، ثم أقم الاخرى».

و رواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده: عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، بباقي السند و المتن، إلا

أن في آخر الرواية: «و أقم للأخرى» «1».

6993/ [7]- الطبرسي، قيل: معناه أقم الصلاة متى ذكرت أن عليك صلاة، كنت في وقتها أم لم تكن، عن أكثر المفسرين قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).

6994/ [8]- قال علي بن إبراهيم، في قوله: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها قال: قال: «من نفسي هكذا نزلت».

قيل: كيف يخفيها من نفسه؟ قال: «جعلها من غير وقت».

6995/ [9]- الطبرسي: عن ابن عباس: أكاد أخفيها من نفسي، فهو كذلك في قراءة أبي، قال: و روي ذلك عن الصادق (عليه السلام).

6996/ [10]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن محمد، عن منيع بن الحجاج البصري، عن مجاشع، عن معلى، عن محمد بن الفيض، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كانت عصا موسى لآدم، فصارت إلى شعيب، ثم صارت إلى موسى بن عمران، و إنها لعندنا، و إن عهدي بها آنفا، و هي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها، و إنها لتنطق إذا استنطقت، أعدت لقائمنا (عليه السلام)، يصنع بها ما كان يصنع بها موسى (عليه السلام)، و إنها لتروع و تلقف ما يأفكون، و تصنع ما تؤمر به، إنها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون، يفتح لها شعبتان: إحداهما في الأرض، و الأخرى في السقف، و بينهما أربعون ذراعا، تلقف ما يأفكون بلسانها».

و رواه ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، و ساق السند و المتن «2».

و رواه محمد بن الحسن الصفار في (بصائره) عن سلمة بن الخطاب، و ساق الحديث سندا و متنا «3».

6997/ [11]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن

محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا محمد

__________________________________________________

7- مجمع البيان 7: 10.

8- تفسير القمّي 2: 60.

9- مجمع البيان 7: 11.

10- الكافي 1: 180/ 1.

11- الغيبة: 238/ 27.

(1) التهذيب 2: 268/ 1070.

(2) كمال الدين و تمام النعمة: 673/ 27. [.....]

(3) بصائر الدرجات: 203/ 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 760

ابن المفضل بن إبراهيم، و سعدان بن إسحاق بن سعيد، و أحمد بن الحسين بن عبد الملك، و محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، قالوا جميعا: حدثنا الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كانت عصا موسى قضيب آس من غرس الجنة، أتاه به جبرئيل (عليه السلام) لما توجه تلقاء مدين، و هي و تابوت آدم (عليه السلام) في بحيرة طبرية، و لن يبليا و لن يتغيرا حتى يخرجهما القائم (عليه السلام) إذا قام».

6998/ [12]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول: «ألواح موسى (عليه السلام) عندنا، و عصا موسى عندنا، و نحن ورثة النبيين».

6999/ [13]- و عنه: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن أبي الحسين الأسدي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات ليلة بعد عتمة، و هو يقول: همهمة و ليلة مظلمة، خرج عليكم الإمام عليه قميص آدم، و في يده خاتم سليمان و عصا موسى».

7000/ [14]- محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن أبي

الحسين الأسدي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «خرج علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات ليلة على أصحابه بعد عتمة و هم فى الرحبة، و هو يقول: همهمة في ليلة مظلمة، خرج عليكم الإمام و عليه قميص آدم، و في يده خاتم سليمان، و عصا موسى».

7001/ [15]- و عنه: عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، قال:

قال أبو جعفر (عليه السلام): «ألم تسمع قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) «1»: و الله لتؤتين خاتم سليمان، و الله لتؤتين عصا موسى».

و الروايات في ذلك كثيرة.

7002/ [16]- عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «لما كانت الليلة التي أسري بي إلى السماء، وقف جبرئيل في مقامه، و غبت عن تحية كل ملك و كلامه، و صرت بمقام انقطع عني فيه الأصوات، و تساوى عندي الأحياء و الأموات، اضطرب قلبي و تضاعف كربي، فسمعت مناديا ينادي بلغة علي ابن أبي طالب: قف- يا محمد- فإن ربك يصلي. قلت: كيف يصلي، و هو غني عن الصلاة لأحد؟ و كيف بلغ علي هذا المقام؟

__________________________________________________

12- الكافي 1: 180/ 2.

13- الكافي 1: 181/ 4.

14- بصائر الدرجات: 208/ 52.

15- بصائر الدرجات: 207/ 51.

16- ...

(1) في المصدر زيادة: في عليّ (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 761

فقال الله تعالى: اقرأ يا محمد: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ «1» و صلاتي رحمة لك و لامتك، فأما سماعك صوت علي، فإن أخاك موسى بن عمران لما جاء جبل الطور و عاين ما عاين من

عظم الأمور، أذهله ما رآه عما يلقى إليه، فشغلته عن الهيبة بذكر الله أحب الأشياء إليه و هي العصا، إذ قلت له: وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى و لما كان علي أحب الناس إليك، ناديناك بلغته و كلامه، ليسكن ما بقلبك من الرعب، و لتفهم ما يلقى إليك- قال: وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى بها ألف معجزة»

ليس هذا موضع ذكرها.

7003/ [17]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبى الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي يقول: أخبط بها الشجر لغنمي وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى فمن الفرق لم يستطع الكلام، فجمع كلامه، فقال: وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى يقول: حوائج اخرى».

7004/ [18]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاء إبليس (لعنه الله) إلى موسى (عليه السلام) و هو يناجي ربه، فقال له ملك من الملائكة: ويلك، ما ترجو منه و هو على هذه الحالة يناجي ربه؟ فقال له: أرجو منه ما أرجو من أبيه آدم و هو في الجنة».

و الحديث بطوله، تقدم في قوله تعالى: وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا من سورة مريم «2».

سورة طه(20): آية 22 ..... ص : 761

قوله تعالى:

وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى [22]

7005/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال الله تبارك و تعالى لموسى (عليه السلام):

أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ «3» قال:

«من غير برص».

7006/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن

__________________________________________________

17- تفسير القمّي 2: 60.

18- تفسير القمّي 1: 242.

1- معاني الأخبار: 172/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 140.

(1) الأحزاب 33: 43.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (52) من سورة مريم.

(3) النمل 27: 12. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 762

مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان موسى شديد السمرة، فأخرج يده من جيبه، فأضاءت له الدنيا».

سورة طه(20): الآيات 25 الي 35 ..... ص : 762

قوله تعالى:

قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي- إلى قوله تعالى- إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً [25- 35]

7007/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسن الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن علي بن هاشم، عن عمر «1» بن حارث، عن عمران بن سليمان، عن حصين «2» التغلبي «3»، عن أسماء بنت عميس، قالت: رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) بإزاء ثبير «4»، و هو يقول: «أشرق ثبير أشرق ثبير، اللهم إني أسألك ما سألك أخي موسى، أن تشرح لي صدري، و أن تيسر لي أمري، و أن تحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، و أن تجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي، اشدد به أزري، و أشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، و نذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا».

7008/ [2]- و من طريق المخالفين: ما رواه أبو نعيم الحافظ، بإسناده عن رجاله، عن ابن عباس، قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) و بيدي و نحن بمكة و صلى أربع ركعات، ثم رفع يديه إلى السماء، و قال:

«اللهم، إن نبيك موسى بن عمران سألك، فقال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي الآية، و أنا محمد نبيك أسألك، رب اشرح لي صدري، و يسر لي أمري، و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، و اجعل لي وزيرا من أهلي، عليا أخي، اشدد به أزري، و أشركه في أمري».

قال ابن عباس: فسمعت مناديا ينادي: يا أحمد، قد أوتيت ما سألت.

سورة طه(20): آية 39 ..... ص : 762

قوله تعالى:

وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي [39]

7009/ [3]- العياشي: عن المفضل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى «5».

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 310/ 2، شواهد التنزيل 1: 369/ 511- 513، ترجمة الإمام عليّ (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 1: 120/ 147.

2- النور المشتعل: 138/ 37.

3- تفسير العيّاشي 1: 37/ 65.

(1) في المصدر: عمرو.

(2) في «ط» نسخة بدل: حفص.

(3) في «ج، ط»: الثعلبي.

(4) ثبير: جبل بمكّة. «الصحاح- ثبر- 2: 604».

(5) الأنعام 6: 95.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 763

قال: «الحب: المؤمن، و ذلك قوله تعالى وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي و النوى هو الكافر الذي نأى عن الحق، فلم يقبله».

سورة طه(20): الآيات 40 الي 42 ..... ص : 763

قوله تعالى:

وَ فَتَنَّاكَ فُتُوناً- إلى قوله تعالى- وَ لا تَنِيا فِي ذِكْرِي [40- 42] 7010/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ فَتَنَّاكَ فُتُوناً أي اختبرناك اختبارا، قوله تعالى: فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ يعني عند شعيب، و قوله تعالى: وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي أي اخترتك، و قوله: اذْهَبْ أَنْتَ وَ أَخُوكَ بِآياتِي وَ لا تَنِيا فِي ذِكْرِي أي لا تضعفا.

سورة طه(20): الآيات 43 الي 44 ..... ص : 763

قوله تعالى:

اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [43 و 44]

7011/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة ابن صدقة، قال: حدثني شيخ من ولد عدي بن حاتم، عن أبيه، عن جده عدي بن حاتم، و كان مع علي (عليه السلام) في حروبه، أن عليا (عليه السلام) قال يوم التقى هو و معاوية بصفين، و رفع بها صوته يسمع أصحابه: «و الله، لأقتلن معاوية و أصحابه»، ثم قال في آخر قوله: «إن شاء الله تعالى» خفض بها صوته، و كنت قريبا منه. فقلت: يا أمير المؤمنين، إنك حلفت على ما قلت ثم استثنيت، فما أردت بذلك؟

فقال: «إن الحرب خدعة، و أنا عند المؤمنين غير كذوب، فأردت أن أحرض أصحابي عليهم، لئلا يفشلوا و لكي يطمعوا فيهم، فافهم فإنك تنتفع بها بعد اليوم إن شاء الله، و اعلم أن الله عز و جل قال لموسى (عليه السلام)، حين أرسله إلى فرعون: فأتياه فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى و قد علم أنه لا يتذكر و لا يخشى، و لكن ليكون ذلك أحرص لموسى (عليه السلام) على الذهاب».

و رواه الكليني: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، و ساق الحديث

إلى آخره، و فيه بعض التغيير

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 60.

2- التهذيب 6: 163/ 299.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 764

اليسير «1».

و رواه أيضا علي بن إبراهيم: عن هارون بن مسلم بباقي السند و المتن «2».

7012/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابوري (رضي الله عنه)، عن عمه أبي عبد الله محمد بن شاذان، قال: حدثنا الفضل بن شاذان، عن محمد بن أبي عمير، قال: قلت لموسى بن جعفر (عليه السلام): أخبرني عن قول الله عز و جل لموسى و هارون (عليهما السلام): اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى

فقال: «أما قوله تعالى: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً أي كنياه، و قولا له: يا أبا مصعب، و كان اسم فرعون أبا مصعب الوليد بن مصعب. و أما قوله تعالى: يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى فإنما قال، ليكون أحرص لموسى على الذهاب، و قد علم الله عز و جل أن فرعون لا يتذكر و لا يخشى إلا عند رؤية البأس، ألا تسمع الله عز و جل يقول: حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ «3» فلم يقبل الله إيمانه، و قال: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ «4»».

7013/ [3]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن سفيان بن سعيد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)- و كان و الله صادقا كما سمي- يقول:

«يا سفيان، عليك بالتقية، فإنها سنة إبراهيم الخليل (عليه السلام)، و إن الله عز و جل قال لموسى و هارون (عليهما السلام): اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى يقول الله عز و جل: كنياه، و قولا له: يا أبا مصعب».

إلى أن قال: قال: سفيان: فقلت له: يا بن رسول الله، هل يجوز أن يطمع الله عز و جل عباده في كون ما لا يكون؟ قال: «لا».

فقلت: فكيف قال الله عز و جل لموسى و هارون (عليهما السلام): لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى و قد علم أن فرعون لا يتذكر و لا يخشى.

فقال: «إن فرعون قد تذكر و خشي، و لكن عند رؤية البأس، حيث لم ينفعه الإيمان، ألا تسمع الله عز و جل يقول: حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ «5»، فلم

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 67/ 1.

3- معاني الأخبار: 385/ 20.

(1) الكافي 7: 460/ 1.

(2) تفسير القمّي 2: 60. [.....]

(3) يونس 10: 90.

(4) يونس 10: 91.

(5) يونس 10: 90.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 765

يقبل الله عز و جل إيمانه، و قال: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً «1»، يقول: نلقيك على نجوة «2» من الأرض، لتكون لمن بعدك علامة و عبرة».

سورة طه(20): آية 50 ..... ص : 765

قوله تعالى:

قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [50]

7014/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن إبراهيم بن ميمون، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه

السلام) عن قول الله عز و جل:

أَعْطى كُلَّ شَيْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى قال: «ليس [شي ء] من خلق الله إلا و هو يعرف من شكله الذكر من الأنثى».

قلت: ما معنى ثُمَّ هَدى قال: هداه للنكاح، و السفاح من شكله».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- خبر قصة فرعون و موسى و هارون، في حديثين عن الباقر و الصادق (عليهما السلام)، في سورة الشعراء «3» و سورة القصص «4».

سورة طه(20): آية 54 ..... ص : 765

قوله تعالى:

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى [54]

7015/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى قال: «نحن- و الله- اولوا النهى».

فقلت: جعلت فداك، و ما معنى اولي النهى؟ قال: «ما أخبر الله به رسوله (صلى الله عليه و آله) مما يكون من بعده، من ادعاء أبي فلان الخلافة و القيام بها، و الآخر من بعده، و الثالث من بعدهما، و بني امية، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فكان ذلك كما أخبر الله به نبيه (صلى الله عليه و آله)، و كما أخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)،

__________________________________________________

1- الكافي 5: 567/ 49.

2- تفسير القمّي 2: 61.

(1) يونس 10: 91 و 92.

(2) النّجوة: المرتفع من الأرض. «المعجم الوسيط 2: 905».

(3) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآيات (10- 63) من سورة الشعراء.

(4) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآيات (7- 13) من سورة القصص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 766

و كما انتهى إلينا من علي (عليه السلام)، فيما يكون من بعده من

الملك، في بني امية و غيرهم، فهذه الآية التي ذكرها الله تعالى في الكتاب إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى الذي انتهى إلينا علم ذلك كله، فصبرنا لأمر الله، فنحن قوام الله على خلقه، و خزانه على دينه، نخزنه و نستره، و نكتم به من عدونا، كما كتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى أذن الله له في الهجرة، و جاهد المشركين، فنحن على منهاج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، حتى يأذن الله لنا في إظهار دينه بالسيف، و ندعو الناس إليه، فنضربهم «1» عليه عودا، كما ضربهم «2» رسول الله (صلى الله عليه و آله) بدءا».

و رواه محمد بن العباس: عن أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن عمار بن مروان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى و ساق الحديث إلى آخره «3».

و رواه سعد بن عبد الله القمي: عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن عمار بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى قال: «نحن- و الله اولي النهى» و ساق الحديث إلى آخره «4».

7016/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى قال:

«هم الأئمة من

آل محمد (عليهم السلام)، و ما كان في القرآن مثلها».

7017/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير و فضالة، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى قال: «نحن اولوا النهى».

سورة طه(20): آية 55 ..... ص : 766

قوله تعالى:

مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى [55]

7018/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «دخل عبد الله بن قيس الماصر على أبي جعفر (عليه السلام)-

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 320/ 19.

3- تفسير القمّي 2: 66.

1- الكافي 3: 161/ 1.

(1) في «ط، ج، ي»: فنصيّرهم.

(2) في «ط، ج، ي»: صيّرهم. [.....]

(3) تأويل الآيات 1: 314/ 7.

(4) مختصر بصائر الدرجات: 66.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 767

الحديث، و فيه- إن الله تعالى خلق خلاقين «1»، فإذا أراد أن يخلق خلقا أمرهم فأخذوا من التربة التي قال الله في كتابه: مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى فعجنوا النطفة بتلك التربة التي يخلق منها، بعد أن أسكنها الرحم أربعين ليلة، فإذا تمت لها أربعة أشهر، قالوا: يا رب، نخلق ماذا؟ فيأمرهم بما يريد، من ذكر أو أنثى، أبيض أو أسود، فإذا خرجت الروح من البدن، خرجت هذه النطفة بعينها منه، كائنا ما كان، صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، فلذلك يغسل الميت غسل الجنابة».

7019/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثني الحسين بن أحمد (رحمه الله)، عن أبيه، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد

الرحمن بن حماد، قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الميت، لم يغسل غسل الجنابة؟

قال: «إن الله تبارك و تعالى أعلى و أخلص من أن يبعث الأشياء بيده، إن لله تبارك و تعالى ملكين خلاقين، فإذا أراد أن يخلق خلقا أمر أولئك الخلاقين فأخذوا من التربة التي قال الله عز و جل في كتابه: مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى فعجنوها بالنطفة المسكنة في الرحم، فإذا عجنت النطفة بالتربة، قالا: يا رب، ما نخلق؟- قال-: فيوحي الله تبارك و تعالى إليهما ما يريد، ذكرا أو أنثى، مؤمنا أو كافرا، أسود أو أبيض، شقيا أو سعيدا، فإذا مات سالت عنه تلك النطفة بعينها، لا غيرها، فمن ثم صار الميت يغسل غسل الجنابة».

سورة طه(20): آية 61 ..... ص : 767

قوله تعالى:

فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ [61] 7020/ [2]- علي بن إبراهيم: أي يصيبكم «2».

سورة طه(20): الآيات 67 الي 68 ..... ص : 767

قوله تعالى:

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى [67 و 68]

7021/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 300/ 5.

2- تفسير القمّي (الطبعة الحجرية): 268.

3- الأمالي 521/ 2.

(1) خلّاقين: أي ملائكة خلاقين، و الخلق بمعنى التقدير. «مرآة العقول 13: 345».

(2) في «ط» نسخة بدل: يفنيكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 768

الأسدي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الشامي، قال: حدثنا إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن موسى، بن عمران (عليه السلام)، لما رأى حبالهم و عصيهم، كيف أوجس في نفسه خيفة، و لم يوجسها إبراهيم (عليه السلام) حين وضع في المنجنيق و قذف به على النار؟

فقال (عليه السلام): «إن إبراهيم (عليه السلام) حين وضع في المنجنيق، كان مستندا إلى ما في صلبه من أنوار حجج الله عز و جل، و لم يكن موسى (عليه السلام) كذلك، فلذلك أوجس في نفسه خيفة، و لم يوجسها إبراهيم (عليه السلام)».

7022/ [2]- و عنه: عن محمد بن علي ما جيلويه، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن هلال، عن الفضل بن دكين، عن معمر بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أتى يهودي إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقام بين يديه يحد النظر إليه. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): يا يهودي، ما حاجتك؟ قال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله، و أنزل عليه التوراة

و العصا، و فلق له البحر، و أظله بالغمام؟

فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): إنه يكره للعبد أن يزكي نفسه، و لكني أقول: إن آدم (عليه السلام) لما أصاب الخطيئة، كانت توبته أن قال: اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما غفرتها لي فغفرها له، و إن نوحا (عليه السلام) لما ركب السفينة، و خاف الغرق، و قال: اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما أنجيتني من الغرق، فأنجاه الله منه، و إن إبراهيم (عليه السلام) لما ألقي في النار، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما أنجيتني منها فجعلها الله عليه بردا و سلاما، و إن موسى (عليه السلام) لما ألقى عصاه، و أوجس في نفسه خيفة، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما آمنتني فقال الله جل جلاله: لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى

يا يهودي، إن موسى (عليه السلام) لو أدركني، ثم لم يؤمن بي و بنبوتي، ما نفعه إيمانه «1» شيئا و لا نفعته النبوة، يا يهودي، و من ذريتي المهدي، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته، فقدمه و صلى خلفه».

سورة طه(20): آية 81 ..... ص : 768

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى [81]

7023/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن محمد بن عيسى، عن المشرقي حمزة بن المرتفع، عن بعض أصحابنا، قال: كنت في مجلس أبي جعفر (عليه السلام)، إذ دخل عليه عمرو بن عبيد، فقال له: جعلت فداك، قول الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ما ذلك الغضب؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «هو العقاب يا عمرو، إنه من زعم

أن الله قد زال من شي ء إلى شي ء، فقد وصفه

__________________________________________________

2- الأمالي: 181/ 4.

1- الكافي 1: 86/ 5.

(1) في «ي، ط»: ما قبل اللّه منه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 769

بصفة مخلوق، و إن الله عز و جل لا يستفزه شي ء فيغيره».

ابن بابويه، رواه في كتاب (التوحيد) قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن المشرقي، عن حمزة بن الربيع، عمن ذكره، قال: كنت في مجلس أبي جعفر (عليه السلام)، و ذكر مثله بتغيير لا يضر بالمعنى «1».

و رواه أيضا في (معاني الأخبار) بهذا الإسناد، إلا أن فيه: عن المشرقي حمزة بن الربيع، و في آخر الحديث:

و لا يغيره «2»- بالواو- كما هو في كتاب (التوحيد) «3».

7024/ [2]- المفيد في (إرشاده) قال: روى العلماء أن عمرو بن عبيد وفد على محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) ليمتحنه بالسؤال، فقال له: جعلت فداك، ما معنى قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما «4»، ما هذا الرتق و الفتق؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «كانت السماء رتقا لا تنزل المطر «5»، و كانت الأرض رتقا لا تخرج النبات». فانقطع عمرو و لم يجد اعتراضا، و مضى ثم عاد إليه، فقال له: أخبرني- جعلت فداك- عن قوله عز و جل: وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ما غضب الله؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «غضب الله عقابه- يا عمرو- و من ظن أن الله يغيره شي ء فقد كفر».

سورة طه(20): آية 82 ..... ص : 769

قوله تعالى:

وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى [82]

7025/ [1]- محمد بن يعقوب: عن

علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، جميعا، عن أبي جميلة، عن خالد بن عمار، عن سدير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) و هو داخل و أنا خارج، و أخذ بيدي، ثم استقبل البيت، فقال: «يا سدير، إنما امر الناس أن يأتوا هذه الأحجار، فيطوفوا بها، ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، و هو قول الله تعالى: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ثم أومأ بيده إلى صدره- إلى ولايتنا».

__________________________________________________

2- الإرشاد: 265.

1- الكافي 1: 323/ 3.

(1) التوحيد: 168/ 1.

(2) في المصدر: و لا يعزّه شي ء. [.....]

(3) معاني الأخبار: 18/ 1.

(4) الأنبياء 21: 30.

(5) في المصدر: القطر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 770

ثم قال: «يا سدير، فأريك الصادين عن دين الله» ثم نظر إلى أبي حنيفة و سفيان الثوري في ذلك الزمان، و هم حلق في المسجد، فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله، و لا كتاب منير، إن هؤلاء الأخابيث لو جلسوا في بيوتهم، فجال الناس، فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك و تعالى، و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، حتى يأتونا، فنخبرهم عن الله تبارك و تعالى، و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

7026/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن عيسى، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى

قال: «من تاب من ظلم، و آمن

من كفر، و عمل صالحا، ثم اهتدى إلى ولايتنا» و أومأ بيده إلى صدره.

7027/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا سهل بن المرزبان «1» الفارسي، قال:

حدثنا محمد بن منصور، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن الفيض بن المختار، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم و هو راكب، و خرج علي (عليه السلام) و هو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن، إما أن تركب، و إما أن تنصرف- و ذكر الحديث إلى أن قال فيه- و الله يا علي، ما خلقت إلا لتعبد «2» ربك، و لتعرف «3» بك معالم الدين، و يصلح بك دارس السبيل، و لقد ضل من ضل عنك، و لن يهتدي إلى الله عز و جل من لم يهتد إليك و إلى ولايتك، و هو قول ربي عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى يعني إلى ولايتك».

و قد ذكر الحديث بتمامه في سورة المائدة، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «4».

7028/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله، عن السندي بن محمد، عن أبان، عن الحارث بن يحيى، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى

قال: «ألا ترى كيف اشترط، و لم تنفعه التوبة و لا الإيمان و العمل الصالح حتى اهتدى. و الله، لو جهد أن يعمل بعمل، ما قبل منه حتى يهتدي».

__________________________________________________

2- بصائر الدرجات: 98/ 6.

3- الأمالي: 399/ 13، شواهد التنزيل 1: 376/ 521 (نحوه)، ينابيع المودة: 110.

4- تفسير القمّي 2: 61.

(1) في «ج، ي» سهل بن زياد، و الظاهر أنّه: سهل بن الهرمزان، و هو قميّ ثقة، راجع رجال النجاشي: 185/ 491.

(2) في نسخة من المصدر: ليعبد.

(3) في «ج، ي»: و لتشرف.

(4) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (67) من سورة المائدة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 771

قال: قلت: إلى من، جعلني الله فداك؟ قال: «إلينا».

7029/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن العباس البجلي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن علي بن هاشم، عن جابر بن الحر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال: «إلى ولايتنا».

7030/ [6]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال: «إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

7031/ [7]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، في قوله عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:

«إلى ولايتنا».

7032/ [8]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن بزيع، قال: حدثنا القاسم بن الضحاك، قال: أخبرنا شهر بن حوشب أخو العوام، عن أبي سعيد الهمداني، عن أبي جعفر (عليه السلام): إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً «1».

قال: «و الله، لو أنه تاب و آمن و عمل صالحا، و لم يهتد إلى ولايتنا و مودتنا و معرفة فضلنا، ما أغنى ذلك عنه شيئا».

7033/ [9]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى- فيما أعلم- عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى

قال: «إلى ولايتنا و الله، أما ترى كيف اشترط الله عز و جل».

7034/ [10]- أبو علي الطبرسي: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «ثم اهتدى إلى ولايتنا أهل البيت. فو الله، لو أن رجلا عبد الله عمره ما بين الركن و المقام، ثم مات و لم يجي ء بولايتنا، لأكبه الله في النار على وجهه».

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 316/ 11، شواهد التنزيل 1: 375/ 518 و 519، الصواعق المحرقة: 153.

6- تأويل الآيات 1: 316/ 12.

7- تأول الآيات 1: 323/ 26.

8- الأمالي 1: 265. [.....]

9- المحاسن: 142/ 35.

10- مجمع البيان 7: 39.

(1) مريم 19: 60.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 772

و رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده «1»، و أورده العياشي في (تفسيره) من عدة طرق «2».

7035/ [11]- ابن بابويه: بالإسناد عن سليمان، عن داود بن كثير

الرقي، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك، قوله تعالى: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى فما هذا الاهتداء بعد التوبة و الإيمان و العمل الصالح؟

قال: فقال: «معرفة الأئمة- و الله- إمام بعد إمام».

7036/ [12]- و روى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الفضيل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: ثُمَّ اهْتَدى قال: «اهتدى إلينا».

سورة طه(20): الآيات 85 الي 98 ..... ص : 772

قوله تعالى:

قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ- إلى قوله تعالى- وَسِعَ كُلَّ شَيْ ءٍ عِلْماً [85- 98] 7037/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ قال:

اختبرناهم و أضلهم السامري، قال: بالعجل الذي عبدوه، و كان سبب ذلك أن موسى لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة و الألواح إلى ثلاثين يوما أخبر بني إسرائيل بذلك، و ذهب إلى الميقات، و خلف هارون في قومه، فلما جاءت الثلاثون يوما و لم يرجع موسى (عليه السلام) إليهم غضبوا و أرادوا أن يقتلوا هارون، و قالوا: إن موسى كذبنا و هرب منا. فجاءهم إبليس في صورة رجل، فقال لهم: إن موسى قد هرب منكم و لا يرجع إليكم أبدا، فاجمعوا لي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه.

و كان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق الله فرعون و أصحابه، فنظر إلى جبرئيل و كان على حيوان في صورة رمكة «3»، فكانت كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض تحرك ذلك الموضع، فنظر إليه السامري و كان من خيار أصحاب موسى (عليه السلام)، فأخذ التراب من تحت حافر رمكة جبرئيل

و كان يتحرك فصره في صرة و كان عنده يفتخر به على بني إسرائيل فلما جاءهم إبليس و اتخذوا العجل، قال للسامري: هات التراب الذي

__________________________________________________

11- فضائل الشيعة: 65/ 22.

12- ...، تأويل الآيات 1: 316/ 10.

1- تفسير القمّي 2: 61.

(1) شواهد التنزيل 1: 375/ 518 و: 375/ 519. إلى قوله: أهل البيت.

(2) عنه: مجمع البيان 7: 39.

(3) الرمكة: الفرس. «لسان العرب- ربم- 1: 434».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 773

معك. فجاء به السامري فألقاه إبليس في جوف العجل، فلما وقع التراب في جوفه تحرك، و خار، و نبت عليه الوبر و الشعر، فسجد له بنو إسرائيل، و كان عدد الذين سجدوا سبعين ألفا من بني إسرائيل، فقال لهم هارون كما حكى الله: يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ أَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى فهموا بهارون فهرب من بينهم، و بقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله عليه الألواح فيها التوراة و ما يحتاجون إليه من أحكام السير و القصص، ثم أوحى الله إلى موسى: فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ و عبدوا العجل و له خوار. فقال موسى (عليه السلام):

يا رب، العجل من السامري، فالخوار ممن؟ فقال: «مني- يا موسى- إني لما رأيتهم قد فاءوا «1» عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة».

فَرَجَعَ مُوسى كما حكى الله عز و جل إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي، ثم رمى بالألواح

و أخذ بلحية أخيه هارون و رأسه يجره إليه قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي فقال هارون كما حكى الله:ا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي .7038/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد، و محمد بن أحمد الشيباني، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام (رضي الله عنه)، قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

أخبرني عن هارون لم قال لموسى (عليه السلام): يا بن ام لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي. و لم يقل يا بن أبي؟

فقال: «إن العداوة بين الإخوة أكثر ما تكون إذا كانوا بني علات «2»، و متى كانوا بني ام قلت العداوة إلا أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه، فقال هارون لأخيه: يا أخي الذي ولدته امي، و لم تلدني غير امه، لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي، و لم يقل يا بن أبي لأن بني الأب إذا كانت أمهاتهم شتى لم تستبعد العداوة بينهم إلا من عصمه الله منهم، و إنما تستبعد العداوة بين بني ام واحدة».

قال: «قلت: فلم أخذ برأس أخيه يجره إليه و بلحيته، و لم يكن له في اتخاذهم العجل و عبادتهم له ذنب.

فقال: «إنما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك، و لم يلحق بموسى، و كان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب، ألا ترى أنه قال له موسى: يا هارُونُ ما مَنَعَكَ

إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي؟! قال هارون: لو فعلت ذلك لتفرقوا، و إني خشيت أن تقول: فرقت بين بني إسرائيل و لم ترقب قولي».

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 68/ 1.

(1) في المصدر: ولّوا.

(2) أولاد العلّات: الذين أمّهاتهم مختلفة و أبوهم واحد. «النهاية 3: 291».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 774

7039/ [3]- سليم بن قيس الهلالي: قال الأشعث بن قيس: يا بن أبي طالب، ما منعك حين بويع أخو بني تيم بن مرة، و أخو بني عدي، و أخو بني امية بعدهم أن تقاتل و تضرب بسيفك، فإنك لم تخطبنا خطبة منذ قدمت العراق إلا قلت فيها قبل أن تنزل من المنبر: «و الله إني لأولى الناس بالناس، و ما زلت مظلوما منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)». فما منعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك؟

قال: «يا بن قيس قد قلت فاستمع الجواب، لم يمنعني من ذلك الجبن، و لا كراهية للقاء ربي و أن لا أكون أعلم بأن ما عند الله خير لي من الدنيا بما فيها «1»، و لكن منعني من ذلك أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عهده إلي أخبرني رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما الأمة صانعة بعده، فلم أكن بما صنعوا حين عاينته بأعلم و لا أشد استيقانا مني به قبل ذلك، بل أنا بقول رسول الله (صلى الله عليه و آله) أشد يقينا مني بما عاينت و شاهدت.

فقلت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): فما تعهد إلي إذا كان ذلك؟ قال: إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم و جاهدهم، و إن لم تجد أعوانا فكف يدك و احقن دمك، حتى تجد على

إقامة الدين و كتاب الله و سنتي أعوانا».

و أخبرني (صلى الله عليه و آله) أن الامة ستخذلني و تتبع غيري، و أخبرني (صلى الله عليه و آله) أني منه بمنزلة هارون من موسى، و أن الأمة سيصيرون بعده بمنزلة هارون و من تبعه، و العجل و من تبعه، إذ قال له موسى: يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي. و إنما يعني أن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا ثم وجد أعوانا أن يجاهدهم، و إن لم يجد أعوانا أن يكف يده و يحقن دمه، و لا يفرق بينهم، و إني خشيت أن يقول أخي رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم فرقت بين الامة و لم ترقب قولي و قد عهدت إليك أنك إن لم تجد أعوانا فكف يدك و احقن دمك و دم أهل بيتك و شيعتك».

فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) قام الناس إلى أبي بكر فبايعوه و أنا مشغول برسول الله (صلى الله عليه و آله) بغسله، و دفنه، ثم شغلت بالقرآن فآليت يمينا أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب ففعلت، ثم حملت فاطمة و أخذت بيدي الحسن و الحسين فلم أدع أحدا من أهل بدر و أهل السابقة من المهاجرين و الأنصار إلا ناشدتهم الله في حقي، و دعوتهم إلى نصرتي، فلم يستجب لي من جميع الناس إلا أربعة رهط: الزبير، و سلمان، و أبو ذر، و المقداد، و لم يكن معي من

أهل بيتي أحد أصول به و أقوى، أما حمزة فقتل يوم أحد، و جعفر قتل يوم مؤتة، و بقيت بين خلفين خائفين ذليلين: العباس و عقيل «2»، فأكرهوني و قهروني، فقلت كما قال هارون لأخيه: يا بن ام إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني، فلي بهارون أسوة حسنة، ولي بعهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) حجة قوية».

و تقدم في ذلك حديث في قوله تعالى: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ من سورة

__________________________________________________

3- كتاب سليم بن قيس: 90.

(1) في «ط» نسخة بدل، المصدر: الدنيا و البقاء. [.....]

(2) في «ط» زيادة: و هما حديثا عهد بإسلام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 775

الأنفال «1»، فليؤخذ من هناك.

7040/ [4]- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم: قال له بنو إسرائيل: ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا قال:

ما خالفناك وَ لكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ يعني من حليهم فَقَذَفْناها قال: يعني التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم أخرج السامري العجل و له خوار. فقال له موسى: فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ؟ قال السامري: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر فَنَبَذْتُها أي أمسكتها وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي أي زينت.

فأخرج موسى العجل و أحرقه بالنار و ألقاه في البحر، ثم قال موسى (عليه السلام) للسامري: فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ، أي ما دمت حيا و عقبك، هذه العلامة فيكم قائمة أن تقولوا: لا مساس، حتى تعرفوا أنكم سامرية لا يقربكم «2» الناس. فهم إلى الساعة بمصر و الشام معروفون ب (لا مساس).

ثم هم موسى (عليه السلام) بقتل السامري فأوحى الله إليه: «لا

تقتله- يا موسى- فإنه سخي». فقال له موسى (عليه السلام) انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْ ءٍ عِلْماً.

7041/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي ابن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: قلت له: عن كم تجزئ البدنة؟ قال: «عن نفس واحدة» قلت: فالبقرة؟ قال: «تجزئ عن خمسة إذا كانوا يأكلون على مائدة واحدة».

قلت: كيف صارت البدنة لا تجزئ إلا عن واحدة، و البقرة تجزئ عن خمسة؟

قال: «لأن البدنة لم يكن فيها من العلة ما في البقرة، إن الذين أمروا قوم موسى (عليه السلام) بعبادة العجل كانوا خمسة أنفس، و كانوا أهل بيت يأكلون على خوان واحد و هم: أديبويه «3»، و أخوه مذويه، و ابن أخيه، و ابنته، و امرأته، هم الذين أمروا بعبادة العجل و هم الذين ذبحوا البقرة التي أمر الله تبارك و تعالى بذبحها».

7042/ [6]- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم: قيل: و إن من عبد العجل أنكر عند موسى (عليه السلام): أنه لم يسجد له، فأمر موسى (عليه السلام) أن يبرد العجل بالمبارد، و ألقى برادته في الماء، ثم أمر بني إسرائيل أن يشرب كل واحد منهم من ذلك الماء، فالذين كانوا سجدوا يظهر له من البرادة شي ء فعند ذلك استبان من خالف ممن ثبت على إيمانه.

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 63.

5- علل الشرائع: 440/ 1.

6- تفسير القمّي 2: 63.

(1) تقدم في الحديث (3) من تفسير الآيتين (65 و 66) من سورة الأنفال.

(2) في المصدر: يغتر

بكم.

(3) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: أذيبويه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 776

7043/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما بعث الله رسولا إلا و في وقته شيطانان يؤذيانه و يفتنانه و يضلان الناس بعده، فأما الخمسة أولو العزم من الرسل: نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد (صلى الله عليه و آله و عليهم)، فأما صاحبا نوح فطنطينوس و خرام «1»، و أما صاحبا إبراهيم فمكيل و رذام، و أما صاحبا موسى فالسامري و مر عقيبا، و أما صاحبا عيسى فينواس «2» و مريسون، و أما صاحبا محمد (صلى الله عليه و آله) فحبتر و زريق».

و قد تقدم هذا الحديث في تفسير: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ من سورة الأنعام «3».

سورة طه(20): الآيات 102 الي 108 ..... ص : 776

قوله تعالى:

وَ نَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً- إلى قوله تعالى- يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ [102- 108] 7044/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى وَ نَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً فقال: تكون أعينهم مزرقة لا يقدرون أن يطرفوها، و قوله تعالى: يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ قال: يوم القيامة يسر «4» بعضهم إلى بعض أنهم لم يلبثوا إلا عشرا قال الله: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً قال: أعلمهم و أصلحهم، يقولون: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً.

ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً قال: الأمت: الارتفاع، و العوج: الحزون «5» و الذكوات.

7045/ [2]- و عنه، قال: و في رواية

أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: قاعاً صَفْصَفاً. قال:

«و القاع: الذي لا تراب فيه، و الصفصف: الذي لا نبات له».

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 269 «الطبعة الحجرية».

1- تفسير القمّي 2: 64.

2- تفسير القمّي 2: 67.

(1) في «ط» نسخة بدل: فقنطيفوس و خوام.

(2) في «ط» نسخة بدل: فبولس.

(3) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (112- 114) من سورة الأنعام.

(4) في المصدر: بشير. [.....]

(5) الحزن من الأرض: ما غلظ. «الصحاح 5: 2098».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 777

7046/ [3]- و عنه، في قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ قال: مناديا من عند الله.

7047/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام بن سهيل، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: «سألت أبي عن قول الله عز و جل:

يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ قال: الداعي أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قوله تعالى:

وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً [108]

7048/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد و هم حفاة عراة، فيوقفون في المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا و تشتد أنفاسهم، فيمكثون في ذلك خمسين عاما، و هو قول الله وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً.

قال: ثم ينادي مناد من تلقاء العرش: أين النبي الامي؟ فيقول الناس: قد أسمعت، فسم باسمه. فينادي أين نبي الرحمة، أين محمد بن عبد الله الامي؟ فيتقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمام الناس كلهم

حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة إلى صنعاء، فيقف عليه فينادي بصاحبكم فيتقدم «1» أمام الناس فيقف معه، ثم يؤذن للناس فيمرون، فبين وارد الحوض يومئذ و بين مصروف عنه، فإذا رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) من يصرف عنه محبينا يبكي، و يقول: يا رب، شيعة علي، قال: فيبعث الله إليه ملكا فيقول له: ما يبكيك يا محمد؟ فيقول: أبكي لأناس من شيعة علي، أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار و منعوا ورود حوضي.

فيقول الملك: إن الله يقول قد وهبتهم لك- يا محمد- و صفحت لهم عن ذنوبهم بحبهم لك و لعترتك، و ألحقتهم بك و بمن كانوا يتولون به، و جعلناهم في زمرتك فأوردهم حوضك».

قال: أبو جعفر (عليه السلام): «فكم باك يومئذ و باكية ينادون: يا محمد إذا رأوا ذلك، و لا يبقى أحد يومئذ يتولانا و يحبنا و يتبرأ من عدونا و يبغضهم إلا كانوا في حزبنا و معنا و يردون حوضنا».

و رواه الشيخ في (أماليه) قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 64.

4- تأويل الآيات 1: 316/ 13.

1- تفسير القمّي 2: 64.

(1) في المصدر: فيقدّم عليّ (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 778

قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب، قال: سمعت أبا محمد الوابشي، رواه عن أبي الورد، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: «إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الأولين عراة حفاة فيوقفون على

طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا، و تشتد أنفاسهم». و ساق الحديث إلى آخره «1».

و رواه الشيخ المفيد في (أماليه) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) قال: حدثني الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي، قال حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب، قال: سمعت أبا محمد الوابشي، رواه عن أبي الورد، قال سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: «إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الأولين و الآخرين عراة حفاة فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا، و تشتد أنفاسهم» و ساق الحديث إلى آخره «2».

سورة طه(20): الآيات 109 الي 112 ..... ص : 778

قوله تعالى:

يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا- إلى قوله تعالى- فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً [109- 112] 7049/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً قال:

ما بين أيديهم: ما مضى من أخبار الأنبياء، و ما خلفهم، من أخبار القائم (عليه السلام).

7050/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال سألني أبو قرة المحدث أن ادخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه، فسأله عن الحلال و الحرام و الأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد، فقال أبو قرة: إنا روينا أن الله قسم الرؤية و الكلام بين نبيين: فقسم الكلام لموسى، و لمحمد (صلى الله عليه و آله) الرؤية؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن و

الإنس: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «3» و وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ «4» أليس محمد (صلى الله عليه و آله)؟» قال: بلى.

قال (عليه السلام): «كيف يجي ء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله و أنه يدعوهم إلى الله بأمر

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 65.

2- الكافي 2: 74/ 2.

(1) أمالي الطوسي 1: 64.

(2) أمالي المفيد: 290/ 8.

(3) الأنعام 6: 103.

(4) الشورى 42: 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 779

الله فيقول: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ و وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ، ثم يقول: أنا رأيته بعيني و أحطت به علما و هو على صورة البشر، أما يستحيون؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا، أن يكون يأتي من عند الله بشي ء ثم يأتي بخلافه من وجه آخر».

قال أبو قرة. فإنه يقول: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى «1»؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى، حيث قال: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى «2» يقول: ما كذب فؤاد محمد (صلى الله عليه و آله) ما رأته عيناه، ثم أخبر بما رأى، فقال: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى «3»، فآيات الله غير الله، و قد قال الله: وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم و وقعت المعرفة».

فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها، و ما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما، و لا تدركه الأبصار، و ليس كمثله شي ء».

7051/ [3]- علي بن إبراهيم: و قوله: وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ أي ذلت.

7052/ [4]- محمد بن العباس (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد

بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن أبيه (عليه السلام)، قال: «سمعت أبي يقول و رجل يسأله عن قول الله عز و جل: يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا، قال: لا ينال شفاعة محمد (صلى الله عليه و آله) يوم القيامة إلا من أذن له الرحمن بطاعة آل محمد، و رضي له قولا و عملا، فحيي على مودتهم و مات عليها، فرضي الله قوله و عمله فيهم، ثم قال: (و عنت الوجوه للحي القيوم و قد خاب من حمل ظلما لآل محمد)، كذا نزلت، ثم قال: وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً قال: مؤمن بمحبة آل محمد و مبغض لعدوهم».

7053/ [5]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً يقول: «لا ينقص من عمله شي ء، و أما ظلما يقول: لن يذهب به».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 65.

4- تأويل الآيات 1: 318/ 15.

5- تفسير القمّي 2: 67. [.....]

(1) النجم 53: 13.

(2) النجم 53: 11.

(3) النجم 53: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 780

سورة طه(20): آية 113 ..... ص : 780

قوله تعالى:

أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً [113] 7054/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني ما يحدث من أمر القائم (عليه السلام) و السفياني.

سورة طه(20): آية 114 ..... ص : 780

قوله تعالى:

وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [114] 7055/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا نزل عليه القرآن بادر بقراءته قبل نزول تمام الآية و المعنى، فأنزل الله: وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ أي يفرغ من قراءته وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً.

سورة طه(20): آية 115 ..... ص : 780

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [115]

7056/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم عن مفضل ابن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً.

قال: «عهدنا إليه في محمد (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام) من بعده فترك و لم يكن له عزم أنهم هكذا، و إنما سمي اولوا العزم لأنه عهد إليهم في محمد (صلى الله عليه و آله) و الأوصياء من بعده و المهدي و سيرته و اجتمع عزمهم على أن ذلك كذلك، و الإقرار به».

و رواه علي بن إبراهيم: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن المفضل بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 65.

2- تفسير القمّي 2: 65.

3- الكافي 1: 344/ 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 781

صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «1».

و رواه ابن بابويه: عن أبيه (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن المفضل بن صالح، عن جابر

بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ و ذكر الحديث إلى آخره «2».

7057/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهم السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى عهد إلى آدم (عليه السلام) أن لا يقرب الشجرة، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله تبارك و تعالى أن يأكل منها، نسي فأكل منها، و هو قول الله تبارك و تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً».

7058/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن محمد بن عيسى القمي، عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: «و لقد عهدنا إلى آدم من قبل، كلمات في محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ذريتهم (عليهم السلام) فنسي و لم نجد له عزما. هكذا و الله نزلت على محمد (صلى الله عليه و آله)».

7059/ [4]- المفيد: بإسناده عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال أخذ الله الميثاق على النبيين، و قال أ لست بربكم، و أن هذا محمد رسولي و أن عليا أمير المؤمنين «3»؟ قالوا: بلى فثبتت لهم النبوة.

ثم أخذ الميثاق على اولي العزم أني ربكم و محمد رسولي و علي أمير

المؤمنين و الأوصياء من بعده ولاة أمري و خزان علمي، و أن المهدي أنتصر به لديني، و أظهر به دولتي، و أنتقم به من أعدائي، و اعبد به طوعا أو كرها «4». قالوا: أقررنا- يا ربنا- و شهدنا. لم يجحد آدم (عليه السلام)، و لم يقر، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي (عليه السلام)، و لم يكن لآدم عزيمة على الإقرار، و هو قول الله تبارك و تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً».

7060/ [5]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ. قال:

__________________________________________________

2- كمال الدين و تمام النعمة: 213/ 2.

3- الكافي 1: 334/ 23.

4- بصائر الدرجات: 90/ 2، تأويل الآيات 1: 319/ 18. و لم نجده في كتب الشيخ المفيد (رحمه اللّه).

5- المناقب 3: 32.

(1) تفسير القمّي 2: 66.

(2) علل الشرائع: 122/ 1.

(3) (و أن هذا ... أمير المؤمنين) ليس في «ج، ي».

(4) في «ج»، «ط» نسخة بدل: و كرها. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 782

«كلمات في محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ذريتهم. كذا نزلت على محمد (صلى الله عليه و آله)».

سورة طه(20): آية 116 ..... ص : 782

قوله تعالى:

وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى [116]

7061/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عمن أخبره، عن علي بن جعفر، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «لما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) تيما و عديا و بني امية يركبون منبره أفظعه، فأنزل الله تعالى قرآنا يتأسى به: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا

إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى ثم أوحى إليه:

يا محمد، إني أمرت فلم أطع، فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تطع في وصيك».

و قصة آدم (عليه السلام)، قد تقدمت الروايات فيها في سورة البقرة و الأعراف «1».

سورة طه(20): الآيات 121 الي 122 ..... ص : 782

قوله تعالى:

وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى [121- 122]

7062/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنه)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليهما السلام) أهل المقالات من أهل الإسلام و من الديانات: من اليهود و النصارى و المجوس و الصابئين و سائر أهل المقالات، فلم يقم أحد الا و قد ألزمه حجته كأنه القم حجرا، قام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال: يا بن رسول الله، أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال: «نعم».

قال: فما تقول في قول الله تعالى: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى

فقال الرضا (عليه السلام): «ويحك- يا علي- اتق الله، و لا تنسب إلى أنبياء «2» الله الفواحش، و لا تتأول كتاب الله

__________________________________________________

1- الكافي 1: 353/ 73.

2- عيون أخبار الرّضا 1: 191/ 1.

(1) تقدّمت في تفسير الآيات (30- 36) من سورة البقرة، و الآيات (19- 21) من سورة الأعراف.

(2) في «ج، ي»: أولياء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 783

برأيك، فإن الله عز و جل قد قال: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «1»». و قال (عليه السلام): «أما قوله عز و جل في آدم:

وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى فإن الله عز و جل خلق آدم (عليه السلام) حجة في أرضه و خليفة في بلاده، لم يخلقه للجنة، و كانت المعصية من آدم (عليه السلام) في الجنة لا في الأرض [و عصمته يجب أن تكون في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز و جل «2»، فلما اهبط إلى الأرض و جعله حجة و خليفة، عصمه بقوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ «3»». الحديث بطوله.

7063/ [2]- و عنه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».

قال: فما تقول في قول الله عز و جل: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى

قال (عليه السلام): «إن الله تعالى قال لآدم (عليه السلام): اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ «4» و أشار لهما إلى شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «5»، و لم يقل لهما لا تأكلا من هذه الشجرة و لا مما كان من جنسها، فلم يقربا تلك الشجرة، و لم يأكلا منها، و إنما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما، و قال: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ «6»، و إنما نهاكما عن ان تقربا غيرها، و لم ينهكما عن الأكل منها إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي

لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ «7»، و لم يكن آدم و حواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ «8»، فأكلا منها ثقة بيمينه بالله، و كان ذلك من آدم (عليه السلام) قبل النبوة، و لم يكن ذلك بذنب كبير يستحق به دخول النار، و إنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم، فلما اجتباه الله تعالى و جعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة و لا كبيرة، قال الله عز و جل: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى و قال عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ «9»».

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 195/ 1.

(1) آل عمران 3: 7.

(2) (لا في الأرض ... اللّه عزّ و جلّ) ليس في «ج، ي».

(3) آل عمران 3: 33.

(4) البقرة 2: 35.

(5) البقرة 2: 35.

(6) الأعراف 7: 20.

(7) الأعراف 7: 20 و 21.

(8) الأعراف 7: 22.

(9) آل عمران 3: 33. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 784

سورة طه(20): الآيات 123 الي 127 ..... ص : 784

قوله تعالى:

فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى إلى قوله تعالى- وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقى [123- 127]

7064/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن السياري، عن علي بن عبد الله، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا

يَضِلُّ وَ لا يَشْقى

قال: «من قال بالأئمة و اتبع أمرهم و لم يجز «1» طاعتهم».

7065/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً، قال: «يعني ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قلت: وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قال: «يعني أعمى البصر في القيامة، أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)- قال- و هو متحير في القيامة، يقول: قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا، قال: الآيات الأئمة (عليهم السلام)، فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى يعني تركتها، و كذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمة (عليهم السلام)، فلم تطع أمرهم، و لم تسمع قولهم».

قلت: وَ كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَ لَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقى قال: «يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) غيره، و لم يؤمن بآيات ربه، و ترك الأئمة معاندة فلم يتبع آثارهم و لم يتولهم».

7066/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار «2»، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: أنه سأل أباه عن قول الله عز و جل: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى

__________________________________________________

1- الكافي 1: 342/ 10.

2- الكافي 1: 361/ 92.

3- تأويل الآيات 1: 320/ 19.

(1) في «ج»: يخن.

(2) في جميع النسخ: عن داود النجار، و ما أثبتناه هو

الصحيح، أنظر رجال النجاشي: 294/ 797.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 785

قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أيها الناس، اتبعوا هدى الله تهتدوا و ترشدوا، و هو هداي، و هداي هدى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فمن أتبع هداه في حياتي و بعد موتي فقد اتبع هداي، و من اتبع هداي فقد اتبع هدى الله، و من اتبع هدى الله فلا يضل و لا يشقى، قال عز و جل: وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى وَ كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ في عداوة محمد (صلى الله عليه و آله)، وَ لَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقى .

7067/ [4]- العياشي: عن الحسين بن سعيد المكفوف، كتب إليه (عليه السلام) في كتاب له: جعلت فداك يا سيدي، قوله: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي؟

قال: «أما قوله: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ، أي من قال بالأئمة و اتبع أمرهم بحسن طاعتهم».

7068/ [5]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل، عن إبراهيم ابن المستنير، عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يقول الله عز و جل: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً؟

فقال: «هي و الله للنصاب».

قلت: قد رأيناهم دهرهم الأطول في الكفاية حتى ماتوا: فقال: «ذلك- و الله- في الرجعة، يأكلون العذرة».

7069/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن إبراهيم

بن المستنير، عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً؟

قال: «هي- و الله- للنصاب».

قال: جعلت فداك، قد رأيناهم دهرهم الأطول في كفاية، حتى ماتوا، قال: «ذلك- و الله- في الرجعة، يأكلون العذرة».

و رواه السيد المعاصر في كتاب (الرجعة): عن أحمد بن محمد بن عيسى، بالإسناد عن إبراهيم بن المستنير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، الحديث «1».

7070/ [7]- ابن شهر آشوب: عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً أي من ترك ولاية علي (عليه السلام) أعماه الله و أصمه عن الهدى.

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 206/ 21.

5- مختصر بصائر الدرجات: 18.

6- تفسير القمّي 2: 65.

7- المناقب 3: 97، شواهد التنزيل 1: 380/ 525.

(1) الرجعة للميرزا محمد مؤمن الأسترآبادي: 6 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 786

7071/ [8]- ابن شهر آشوب أيضا: قال أبو بصير: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يعني ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)» قلت: وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى

قال: «يعني أعمى البصيرة في الآخرة، أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)- قال- و هو متحير في الآخرة، يقول: رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا قال: الآيات الأئمة (عليهم السلام) فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى يعني تركتها و كذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمة (عليهم السلام) و لم تطع أمرهم، و لم تسمع قولهم».

7072/ [9]- الشيخ في (أماليه) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن

علي الزعفراني، قال أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما كتبه إلى محمد بن أبي بكر يقرأه على أهل مصر، و فيما كتب (عليه السلام):

«يا عبد الله، ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت، القبر فاحذروا ضيقه «1»، و ضنكه و ظلمته، و غربته، إن القبر يقول كل يوم: أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود و الهوام.

و القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض: مرحبا و أهلا، قد كنت ممن أحب أن يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك فيتسع له مد البصر، و إن الكافر إذا دفن قالت له الأرض: لا مرحبا، و لا أهلا، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك فتضمه حتى تلتقي أضلاعه، و إن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر، إذ يسلط على الكافر في قبره تسعة و تسعين تنينا «2» فينهشن لحمه، و يكسرن عظمه، و يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا أبدا، اعلموا- يا عباد الله- أن أنفسكم الضعيفة و أجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير، تضعف عن هذا، فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم و أنفسكم مما لا طاقة لكم به و لا صبر لكم عليه، فاعملوا بما أحب الله، و اتركوا ما كره الله».

7073/ [10]-

و في رواية ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) في هذا الحديث: «و اعلموا أن المعيشة الضنك التي قالها تعالى: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً هي عذاب القبر».

__________________________________________________

8- المناقب 3: 97.

9- الأمالي 1: 24.

10- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 69.

(1) في المصدر: ضيعته. [.....]

(2) التّنّين: الحيّة العظيمة. «أقرب الموارد- تنن- 1: 11».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 787

7074/ [11]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من مات و هو صحيح موسر، و لم يحج، فهو ممن قال الله عز و جل: وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى .

قال: «قلت: سبحان الله، أعمى! قال: «نعم، إن الله عز و جل أعماه عن طريق الحق».

و رواه الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن يعقوب «1»، و ساق الحديث بالسند و المتن إلا أن في آخر الحديث: «أعماه الله عن طريق الجنة «2»».

7075/ [12]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن موسى بن القاسم، عن معاوية بن عمار، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل له مال و لم يحج قط. قال: «هو ممن قال الله عز و جل: وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى .

قال: قلت: سبحان الله، أعمى! قال: «أعماه الله عن طريق الحق «3»».

7076/ [13]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، و فضالة، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن رجل لم يحج قط و له مال. قال: «هو- و الله- ممن قال الله عز و جل: وَ

نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى .

قلت: سبحان الله، أعمى! قال: «أعماه الله عن طريق الجنة».

سورة طه(20): الآيات 128 الي 131 ..... ص : 787

قوله تعالى:

أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى- إلى قوله تعالى- وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى [128- 131] 7077/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ: أي يبين لهم.

__________________________________________________

11- الكافي 4: 269/ 6.

12- التهذيب 5: 18/ 53.

13- تفسير القمّي 2: 66.

1- تفسير القمّي 2: 67.

(1) التهذيب 5: 18/ 51.

(2) الذي في آخر حديث التهذيب هو عين ما في رواية الكافي، و لعلّ الاختلاف كان في نسخته رحمه اللّه.

(3) في المصدر: الجنّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 788

7078/ [2]- محمد بن العباس (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) «1»: «قال الله عز و جل: أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى و هم الأئمة من آل محمد (عليهم السلام)، و ما كان في القرآن مثلها، و يقول الله عز و جل: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى فَاصْبِرْ، يا محمد، نفسك و ذريتك عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِها».

و معنى قوله: «و ما كان في القرآن مثلها» أي مثل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى و كل ما يجي ء في القرآن من ذكر اولي النهى فهم الأئمة (عليهم السلام).

7079/ [3]-

علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير و فضالة، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى قال: «نحن أولو النهى».

و قوله تعالى: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً قال: «كان ينزل بهم العذاب، و لكن قد أخرهم إلى أجل مسمى». و قوله: وَ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ النَّهارِ قال: «الغداة و العشي».

و قوله تعالى وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما نزلت هذه الآية، استوى رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالسا، ثم قال: من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، و من أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه و لم يشف غيظه، و من لم يعرف أن لله عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب قصر أجله و دنا عذابه».

7080/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ «2»، قال: «يعني صلاة الليل».

قال: قلت: وَ أَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى قال: «يعني تطوع بالنهار».

قال: قلت: وَ إِدْبارَ النُّجُومِ؟ «3» قال: «ركعتان قبل الصبح».

قلت: وَ أَدْبارَ السُّجُودِ؟ «4» قال: «ركعتان بعد المغرب».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 320/ 19.

3- تفسير القمّي 2: 66.

4- الكافي 3: 444/ 11.

(1) في المصدر زيادة: قال: إنّه سأل أباه عن قول اللّه عزّ و جلّ.

(2) الزمر

39: 9.

(3) الطور 52: 49. [.....]

(4) سورة ق 50: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 789

7081/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، قال: حدثنا إسماعيل بن الفضل، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِها.

فقال: «فريضة على كل مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات و قبل غروبها عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و هو حي لا يموت، و هو على كل شي ء قدير».

قال: فقلت: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و يميت و يحيي،؟ فقال:

«يا هذا لا شك في أن الله يحيي و يميت، و يميت و يحيي، و لكن قل كما أقول».

7082/ [6]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ، يقول: «يبين لهم». و قوله: لَكانَ لِزاماً، قال: «اللزام الهلاك».

سورة طه(20): الآيات 132 الي 135 ..... ص : 789

قوله تعالى:

وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها- إلى قوله تعالى- وَ مَنِ اهْتَدى [132- 135]

7083/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل

العراق و خراسان- و ساق الحديث إلى أن قال- فقال المأمون: هل فضل الله العترة على سائر الناس؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن الله تعالى فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه».

فقال له المأمون: و أين ذلك من كتاب الله؟ فقال الرضا (عليه السلام): «في قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «1»، و قال عز و جل في موضع آخر: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً «2» ثم رد المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المؤمنين، فقال:

__________________________________________________

5- الخصال: 452/ 58.

6- تفسير القمي 2: 67.

1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 228/ 1.

(1) آل عمران 3: 33 و 34.

(2) النساء 4: 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 790

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «1» يعني الذين يرثهم الكتاب «2» و الحكمة و حسدوا عليها، فقوله تعالى:

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً، يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين، فالملك هاهنا هو الطاعة لهم».

قالت العلماء: فأخبرنا: هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا (عليه السلام): «فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا و موضعا- و ساق الحديث بذكر المواضع إلى أن قال- و أما الثانية عشر، فقوله عز و جل: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها فخصصنا الله تعالى بهذه الخصوصية، إذ أمرنا مع الامة بإقامة الصلاة ثم خصصنا من

دون الأمة، فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجي ء إلى باب علي و فاطمة (صلوات الله عليهما)، بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر، كل يوم عند حضور كل صلاة، خمس مرات، فيقول: الصلاة رحمكم الله، و ما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء (عليهم السلام) بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها و خصصنا من دون جميع أهل بيتهم».

فقال المأمون و العلماء: جزاكم الله- أهل بيت نبيكم- عن هذه الامة خيرا، فما نجد الشرح و البيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم.

7084/ [2]- محمد بن العباس (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن بن سلام، عن أحمد بن عبد الله بن عيسى «3» بن مصقلة القمي، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام) في قول الله عز و جل: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها.

قال: «نزلت في علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يأتي باب فاطمة (عليها السلام) كل سحرة «4»، فيقول: السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله و بركاته، الصلاة يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «5»».

7085/ [3]- الشيخ ورام، قال: يروى عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه كان إذا أصاب أهله خصاصة «6» قال:

«قوموا إلى الصلاة»، و يقول: «بهذا أمرني ربي، قال الله تعالى وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى .

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 322/ 22، شواهد التنزل 1: 381/ 526.

3- تنبيه الخواطر 1: 222.

(1) النساء 4:

59.

(2) في المصدر: قرنهم بالكتاب.

(3) في النسخ: عبد اللّه بن عيسى، صحيحه ما أثبتناه من رجال النجاشي: 101/ 252.

(4) السّحرة: السّحر، و هو آخر الليل قبيل الصبح. «لسان العرب- سحر- 4: 350».

(5) الأحزاب 33: 333.

(6) الخصاصة: الفقر و سوء الحال. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 791

7086/ [4]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قوله: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها.

قال: «فإن الله أمره أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس أن لأهل محمد (صلى الله عليه و آله) عند الله منزلة خاصة ليست للناس، إذ أمرهم مع الناس عامة ثم أمرهم خاصة، فلما نزلت هذه الآية كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجي ء كل يوم عند صلاة الفجر حتى يأتي باب علي و فاطمة (عليهما السلام)، فيقول: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. فيقول علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام): و عليك السلام- يا رسول الله- و رحمة الله و بركاته. ثم يأخذ بعضادتي الباب و يقول: الصلاة يرحمكم الله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1» فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد «2» المدينة حتى فارق الدنيا. و قال أبو الحمراء خادم النبي (صلى الله عليه و آله): أنا أشهد به يفعل ذلك».

7087/ [5]- علي بن إبراهيم أيضا: قوله تعالى: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ أي أمتك وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى قال: المتقين، فوضع الفعل مكان المفعول.

قال: و أما قوله: قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا أي انتظروا أمرا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى

7088/ [6]-

ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن- و الله- سبيل الله الذي أمر الله باتباعه، و نحن- و الله- الصراط المستقيم، و نحن- و الله- الذين أمر الله العباد بطاعتهم، فمن شاء فليأخذ من هنا، و من شاء فليأخذ من هناك، و لا تجدون و الله عنا محيصا».

7089/ [7]- علي بن إبراهيم: عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ إلى قوله تعالى: وَ مَنِ اهْتَدى قال: «إلى ولايتنا».

7090/ [8]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن راشد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عبد الكريم بن يعقوب، عن جابر، قال: سئل محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ ِ السَّوِي وَ مَنِ اهْتَدى قال: «اهتدى إلى ولايتنا».

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 67.

5- تفسير القمّي 2: 66.

6- تفسير القمّي 2: 66.

7- تأويل الآيات 1: 322/ 23 عن عليّ بن إبراهيم، و لم نجده في تفسيره.

8- تأويل الآيات 1: 323/ 24.

(1) الأحزاب 33: 33.

(2) في «ج، ي، ط»: شاهد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 792

7091/ [9]- و عنه: عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن بشار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى

قال: «علي (عليه السلام) صاحب الصراط السوي وَ مَنِ اهْتَدى أي

إلى ولايتنا أهل البيت».

7092/ [10]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: «سألت أبي عن قول الله عز و جل: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى قال: الصِّراطِ السَّوِيِّ: هو القائم (عليه السلام)، و المهدي: من اهتدى إلى طاعته، و مثلها في كتاب الله عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «1»- قال- إلى ولايتنا».

7093/ [11]- سعد بن عبد الله: عن المعلى بن محمد البصري، قال: حدثنا أبو الفضل المدني، عن أبي مريم الأنصاري عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: سمعته يقول: «إذا دخل الرجل حفرته أتاه ملكان، اسمهما: منكر و نكير، فأول ما يسألانه عن ربه، ثم عن نبيه، ثم عن وليه، فإن أجاب نجا، و ان تحير عذباه».

فقال رجل: فما حال من عرف ربه و نبيه، و لم يعرف وليه؟ قال «مذبذب لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا «2»، فذلك لا سبيل له.

و قد قيل للنبي (صلى الله عليه و آله): من ولينا «3» يا نبي الله؟ فقال: وليكم في هذا الزمان علي (عليه السلام) و من بعده وصيه و لكل زمان عالم يحتج الله به، لئلا يكون كما قال الضلال قبلهم حين فارقتهم أنبياؤهم: رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى بما كان من ضلالتهم و هي جهالتهم بالآيات و هم الأوصياء، فأجابهم الله عز و جل:

قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى

و إنما كان تربصهم أن قالوا: نحن في سعة من معرفة الأوصياء حتى نعرف إماما، فعيرهم الله بذلك، فالأوصياء هم أصحاب الصراط، وقوفا عليه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه، لأنهم عرفاء الله عز و جل: عرفهم عليهم عند أخذه المواثيق عليهم، و وصفهم في كتابه، فقال عز و جل:

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 1: 323/ 25.

10- تأويل الآيات 1: 323/ 26.

11- مختصر بصائر الدرجات: 53.

(1) طه 20: 82.

(2) النساء 4: 88 و 143.

(3) في المصدر: من وليّ اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 793

وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «1»، و هم الشهداء على أوليائهم و النبي (صلى الله عليه و آله) الشهيد عليهم، أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة، و أخذ النبي عليهم الميثاق بالطاعة، فجرت نبوته عليهم، و ذلك قول الله عز و جل: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً «2»».

7094/ [12]- ابن شهر آشوب: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ هو- و الله- محمد و أهل بيته (عليهم السلام) وَ مَنِ اهْتَدى فهم أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله).

__________________________________________________

12- المناقب 3: 73، شواهد التنزيل 1: 383/ 527. [.....]

(1) الأعراف 7: 46.

(2) النساء 4: 41 و 42.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 795

المستدرك (سورة طه) ..... ص : 795

سورة طه(20): آية 84 ..... ص : 795

قوله تعالى:

وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى [84]

[1]- في (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام):

المشتاق لا يشتهي طعاما، و لا يلتذ شرابا، و لا يستطيب رقادا، و لا يأنس حميما، و لا يأوي دارا، و لا يسكن عمرانا، و لا يلبس ثيابا، و لا يقر قرارا، و يعبد الله ليلا و نهارا، راجيا بأن يصل إلى ما يشتاق إليه، و يناجيه بلسان الشوق، معبرا عما في سريرته، كما أخبر الله تعالى عن موسى (عليه السلام) في ميعاد ربه: وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى

__________________________________________________

1- مصباح الشريعة: 196.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 797

سورة الأنبياء ..... ص : 797

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 799

سورة الأنبياء فضلها ..... ص : 799

7095/ [1]- ابن بابويه: بإسناده المتقدم في سورة الكهف، عن الحسن، عن يحيى بن مساور، عن فضيل الرسان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة الأنبياء حبا لها كان كمن «1» رافق النبيين أجمعين في جنات النعيم، و كان مهيبا في أعين الناس حياة الدنيا».

7096/ [2]- و من خواص القرآن: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة حاسبه الله حسابا يسيرا، و صافحه و سلم عليه كل نبي ذكر فيها، و من كتبها في رق ظبي و جعلها في وسطه و نام، لم يستيقظ من رقاده إلا و قد رأى عجائب مما يسر بها قلبه بإذن الله تعالى».

7097/ [3]- و عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها في رق ظبي و جعلها في وسطه و نام، لم يستيقظ حتى يرفع الكتاب عن وسطه، و هذا يصلح للمرضى، و من طال سهره من فكر، أو خوف، أو مرض، فإنه يبرأ بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 018.

2- ... مجمع البيان 7: 61 «قطعة منه».

3- خواصّ القرآن: 45 «مخطوط».

(1) في «ط»: ممّن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 801

سورة الأنبياء(21): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 801

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ يَلْعَبُونَ [1- 2] 7098/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ، قال:

قربت القيامة و الساعة و الحساب، ثم كنى عن قريش، فقال: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ يَلْعَبُونَ قال: من التلهي.

سورة الأنبياء(21): الآيات 3 الي 6 ..... ص : 801

قوله تعالى:

وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى- إلى قوله تعالى- مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَ فَهُمْ يُؤْمِنُونَ [3- 6]

7099/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن علي، عن علي بن حماد الأزدي، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا، قال: «الذين ظلموا آل محمد (عليهم السلام) حقهم».

7100/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 67.

2- تأويل الآيات 1: 324/ 1.

3- الكافي 8: 379/ 574.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 802

شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: يقول: «ما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك و الظلم بعدك، و هو قول الله عز و جل: وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ».

7101/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ: أي تأتون محمدا (صلى الله عليه و آله) و هو ساحر، ثم قال: قل لهم، يا محمد رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أي ما يقال في السماء و الأرض،

ثم حكى الله قول قريش، فقال بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ أي هذا الذي يخبرنا به محمد يراه في النوم، و قال بعضهم: بل افتراه. أي يكذب، و قال بعضهم: بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ، فرد الله عليهم، فقال: ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَ فَهُمْ يُؤْمِنُونَ قال: كيف يؤمنون و لم يؤمن من كان قبلهم بالآيات حتى هلكوا!

سورة الأنبياء(21): آية 7 ..... ص : 802

قوله تعالى:

فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [7] 7102/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: آل محمد (عليهم السلام) هم أهل الذكر.

7103/ [3]- ثم قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، عن أبي داود سليمان بن سفيان، عن ثعلبة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ من المعنون بذلك؟ فقال: «نحن و الله». فقلت: فأنتم المسؤولون؟ قال: «نعم». قلت: و نحن السائلون؟ قال: «نعم». قلت: فعلينا أن نسألكم؟ قال: «نعم» قلت: و عليكم أن تجيبونا؟ قال: «لا، ذاك إلينا، إن شئنا فعلنا، و إن شئنا تركنا- ثم قال- هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «1»».

7104/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن الحصين بن مخارق، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله عز و جل:

فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. قال: «نحن أهل الذكر».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 67.

2- تفسير القمّي 2: 68.

3- تفسير القمّي 2: 68.

4- تأويل الآيات 1: 324/ 2، شواهد التنزيل 1: 336/ 463 «نحوه»، ينابيع المودة: 119. [.....]

(1) سورة ص 38: 39.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 3، ص: 803

7105/ [4]- و عنه: عن سليمان الزراري، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن العلاء بن رزين القلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز و جل: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ، أنهم اليهود و النصارى؟

قال: «إذن يدعونكم إلى دينهم». ثم قال: ثم أومأ بيده إلى صدره، و قال: «نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

و للذكر معنيان: النبي (صلى الله عليه و آله) فقد سمي ذكرا، لقوله تعالى: ذِكْراً رَسُولًا «1». و القرآن، لقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «2» و هم (صلوات الله عليهم) أهل القرآن و أهل النبي (صلى الله عليه و آله).

و قد تقدمت الروايات بكثرة في هذه الآية في سورة النحل «3»، فليؤخذ من هناك.

سورة الأنبياء(21): آية 10 ..... ص : 803

قوله تعالى:

لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَ فَلا تَعْقِلُونَ [10]

7106/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَ فَلا تَعْقِلُونَ، قال: «الطاعة للإمام بعد النبي (صلى الله عليه و آله)».

قال بعض العلماء: معنى ذلك أن الذي ذكركم و شرفكم و عزكم هو طاعة الإمام الحق بعد النبي (صلى الله عليه و آله).

سورة الأنبياء(21): الآيات 11 الي 15 ..... ص : 803

قوله تعالى:

وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 1: 324/ 3.

1- تأويل الآيات 1: 325/ 5.

(1) الطلاق 65: 10 و 11.

(2) الحجر 15: 9.

(3) تقدّمت في تفسير الآيات (43- 44) من سورة النّحل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 804

لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ- إلى قوله تعالى- خامِدِينَ [11- 15]

7107/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بدر بن خليل الأسدي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ.

قال: «إذا قام القائم (عليه السلام) و بعث إلى بني امية بالشام، هربوا إلى الروم، فيقول لهم الروم: لا ندخلنكم حتى تنتصروا، فيعلقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم، فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم (عليه السلام)، طلبوا الأمان و الصلح، فيقول أصحاب القائم (عليه السلام): لا نفعل حتى تدفعوا إلينا

من قبلكم منا- قال- فيدفعونهم إليهم، فذلك قوله: لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ، قال: يسألونهم الكنوز، و لهم علم «1» بها- قال- فيقولون: يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ بالسيف» «2».

7108/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ، قال: «ذلك عند قيام القائم (عجل الله فرجه)».

7109/ [3]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن منصور، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا، قال: «و ذلك عند قيام القائم (عليه السلام)، إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ. قال: «الكنوز التي كانوا يكنزون قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً. بالسيف خامِدِينَ لا تبقى منهم عين تطرف».

7110/ [4]- العياشي: عن عبد الأعلى الحلبي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) في حديث يذكر فيه خروج القائم (عليه السلام): «لكأني أنظر إليهم- يعني القائم (عليه السلام) و أصحابه- مصعدين من نجف الكوفة ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا كأن قلوبهم زبر الحديد، جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، يسير الرعب أمامه شهرا و خلفه شهرا،

__________________________________________________

1- الكافي 8: 51/ 15.

2- تأويل الآيات 1: 326/ 6.

3- تأويل الآيات 1: 326/ 7.

4- تفسير العيّاشي 2: 56/ 49.

(1) في المصدر: يسألهم الكنوز و هو أمام.

(2) زاد في

النسخ: و هو سعيد بن عبد الملك الأموي، صاحب سعيد بالرحبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 805

أمده الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، حتى إذا صعد النجف قال لأصحابه: تعبدوا ليلتكم هذه، فيبيتون بين راكع و ساجد يتضرعون إلى الله، حتى إذا أصبح قال: خذوا بنا طريق النخيلة، و على الكوفة جند مجندة» قلت:

و جند مجندة؟ قال: «إي و الله، حتى ينتهي إلى مسجد إبراهيم (عليه السلام) بالنخيلة، فيصلي فيه ركعتين، فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئيها و غيرهم من جيش السفياني، فيقول لأصحابه: استطردوا لهم. ثم يقول: كروا عليهم،- قال أبو جعفر (عليه السلام)- و لا يجوز- و الله- الخندق منهم مخبر.

ثم يدخل الكوفة فلا يبقى مؤمن إلا كان فيها، أوحن إليها، و هو قول أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم يقول لأصحابه: سيروا إلى هذا الطاغية، فيدعوه إلى كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله) فيعطيه السفياني من البيعة مسلما، فيقول له كلب، و هم أخواله: ما هذا الذي صنعت؟ و الله ما نبايعك على هذا أبدا. فيقول ما أصنع؟ فيقولون:

استقبله فيستقبله، ثم يقول له القائم (عليه السلام): خذ حذرك فإنني أديت إليك، و أنا مقاتلك. فيصبح فيقاتلهم فيمنحه الله أكتافهم، و يأخذ السفياني أسيرا، فينطلق به و يذبحه بيده.

ثم يرسل جريدة خيل «1» إلى الروم فيستحذرون بقية بني امية، فإذا انتهوا إلى الروم قالوا: أخرجوا إلينا أهل ملتنا عندكم- فيأبون، و يقولون: و الله لا نفعل: فيقول الجريدة: و الله لو أمرنا لقاتلناكم، ثم ينطلقون إلى صاحبهم فيعرضون ذلك عليه، فيقول انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم، فإن هؤلاء قد أتوا بسلطان. و هو قول الله عز و جل:

فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا

إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ قال: يعني الكنوز التي كنتم تكنزون، قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ لا يبقى منهم مخبر».

و الحديث طويل تقدم بطوله في قوله تعالى: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ من سورة الأنفال «2».

و قد مضى حديث في معنى الآية في قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ في سورة الأنعام بهذا المعنى «3».

7111/ [5]- محمد بن يعقوب، قال: حدثني محمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، و علي بن إبراهيم عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يعظ الناس، و يزهدهم في الدنيا، و يرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و حفظ عنه و كتب- و ذكر الحديث إلى أن قال (عليه السلام): «و لقد أسمعكم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم، حيث قال: وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً،

__________________________________________________

5- الكافي 8: 72/ 29.

(1) يقال: ندب القائد جريدة من الخيل: إذا لم ينهض معهم راجلا، و الجريدة من الخيل: الجماعة جرّدت من سائرها لوجه. «لسان العرب- جرد- 3: 118». [.....]

(2) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآية (39) من سورة الأنفال.

(3) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآية (44- 45) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 806

و إنما عنى بالقرية أهلها، حيث يقول وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها

قَوْماً آخَرِينَ فقال الله عز و جل: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ يعني يهربون، قال: لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ، فلما أتاهم العذاب قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ و ايم الله إن هذه موعظة لكم و تخويف إن اتعظتم و خفتم.

ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي و الذنوب، فقال الله عز و جل: وَ لَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ «1». فإن قلتم- أيها الناس- إن الله عز و جل إنما عنى بهذا أهل الشرك، فكيف ذلك و هو يقول: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ «2»؟

اعلموا- عباد الله- أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين، و لا تنشر لهم الدواوين، و إنما يحشرون إلى جهنم زمرا، و إنما نصب الموازين و نشر الدواوين لأهل الإسلام، فاتقوا الله، عباد الله».

سورة الأنبياء(21): الآيات 16 الي 18 ..... ص : 806

قوله تعالى:

وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ- إلى قوله تعالى- وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [16- 18]

7112/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الغناء، و قلت: إنهم يزعمون أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) رخص في أن يقال: جيناكم جيناكم، حيونا حيونا نحييكم؟

فقال: «كذبوا، إن الله عز و جل يقول: وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ

لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ»، ثم قال: «ويل لفلان مما يصف»- رجل لم يحضر المجلس-.

7113/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليس من باطل يقوم بإزاء الحق إلا غلب الحق الباطل، و ذلك قوله تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ».

__________________________________________________

1- الكافي 6: 433/ 12.

2- المحاسن: 226/ 152.

(1) الأنبياء 21: 46.

(2) الأنبياء 21: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 807

7114/ [1]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن رجل، عن الحكم بن مسكين، عن أيوب بن الحر بياع الهروي «1» قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أيوب، ما من أحد إلا و قد يرد «2» عليه الحق حتى يصدع قلبه، قبله أم تركه، و ذلك قول الله عز و جل في كتابه: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ».

سورة الأنبياء(21): الآيات 19 الي 20 ..... ص : 807

قوله تعالى:

وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ [19- 20] 7115/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ، قال: يعني الملائكة لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا يَسْتَحْسِرُونَ أي لا يضعفون.

7116/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، عن العباس بن موسى الوراق، عن يونس بن عبد الرحمن، عن داود بن فرقد العطار،

قال: قال لي بعض أصحابنا: أخبرني عن الملائكة، أ ينامون؟ فقلت: لا أدري. فقال: يقول الله عز و جل: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ. ثم قال: ألا أطرفك عن أبي عبد الله (عليه السلام) فيه بشي ء؟ قال: قلت: بلى.

فقال: سئل عن ذلك، فقال: «ما من حي إلا و ينام ما خلا الله وحده عز و جل، و الملائكة ينامون».

فقلت: يقول الله عز و جل: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ؟ قال: «أنفاسهم تسبيح».

7117/ [4]- ابن بابويه: بإسناده، عن الحسن بن علي، عن أبيه، علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: «قال الله عز و جل: وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ، يعني الملائكة: لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ، و قال الله تعالى في الملائكة: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ __________________________________________________

1- المحاسن: 276/ 391.

2- تفسير القمي 2: 68.

3- كمال الدين و تمام النعمة: 666/ 8.

4- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 266/ 1.

(1) الهروي: نوع من الثياب منسوب إلى هراة، بلد من خراسان سابقا، و هي الآن من مدن أفغانستان. «أقرب الموارد 2: 1387».

(2) في المصدر: برز.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 808

لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ إلى قوله تعالى: مُشْفِقُونَ «1»».

سورة الأنبياء(21): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 808

قوله تعالى:

لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا إلى قوله تعالى- وَ هُمْ يُسْئَلُونَ [22 و 23]

7118/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم، في حديث الزنديق الذي أتى أبا

عبد الله (عليه السلام)، و كان من قول أبي عبد الله (عليه السلام): «لا يخلو، قولك:

إنهما اثنان من أن يكونا قد يمين قويين، أو يكونا ضعيفين، أو يكون أحدهما قويا و الآخر ضعيفا، فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه و يتفرد بالتدبير؟ و إن زعمت أن أحدهما قوي و الآخر ضعيف، ثبت أنه واحد كما نقول، للعجز الظاهر في الثاني. فإن قلت: إنهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة، أو متفرقين من كل جهة، فلما رأينا الخلق منتظما، و الفلك جاريا، و التدبير واحدا، و الليل و النهار و الشمس و القمر، دل صحة الأمر و التدبير و ائتلاف الأمر على أن المدبر واحد.

ثم يلزمك إن ادعيت اثنين، فرجة ما بينهما، حتى يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثا بينهما، قديما معهما فيلزمك ثلاثة، فإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين حتى تكون بينهم فرجة فيكونوا خمسة، ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة».

قال هشام: فكان من سؤال الزنديق أن قال: فما الدليل عليه؟

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «وجود الأفاعيل دلت على أن صانعا صنعها، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني، علمت أن له بانيا، و إن كنت لم تر الباني و لم تشاهده؟» قال: فما هو؟ قال: شي ء بخلاف الأشياء، ارجع بقولي إلى إثبات معنى، و أنه شي ء بحقيقة الشيئية، غير أنه لا جسم و لا صورة و لا يحس و لا يجس و لا يدرك بالحواس الخمس، لا تدركه الأوهام، و لا تنقصه الدهور، و لا تغيره الأزمان».

7119/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد

بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما الدليل عن أن الله واحد؟ قال: «اتصال التدبير، و تمام الصنع، كما قال الله عز و جل:

__________________________________________________

1- الكافي 1: 63/ 5.

2- التوحيد: 250/ 2. [.....]

(1) الأنبياء 21: 26- 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 809

لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا».

7120/ [3]- علي بن إبراهيم: رد على الثنوية، ثم قطع عز و جل حجة الخلق، فقال: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ.

7121/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب «1»، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن حمزة الشعراني العماري من ولد عمار بن ياسر، قال: حدثنا أبو محمد عبيد الله بن يحيى بن عبد الباقي الأذني، بأذنة، قال: حدثنا علي بن الحسن المعاني، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، قال: حدثنا محمد بن حجار، عن يزيد بن الأصم، قال: سأل رجل عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين، ما تفسير (سبحان الله)؟

قال: إن في هذا الحائط رجلا إذا سئل أنبأ، و إذا سكت ابتدأ. فدخل الرجل فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن، ما تفسير (سبحان الله)؟ قال: «هو تعظيم الله عز و جل و تنزيهه عما قال فيه كل مشرك، فإذا قالها العبد صلى عليه كل ملك».

و قد تقدمت الأحاديث في Řٙƙɠ(سبحان الله) في قوله تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ «2» إلى آخر الآية.

7122/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «إن الله عز و جل خلق العرش أرباعا لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء: الهواء و القلم و النور، ثم خلقه من أنوار «3» مختلفة فمن ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة، و نور اصفر اصفرت منه الصفرة، و نور أحمر احمرت منه الحمرة، و نور أبيض منه ابيض البياض و هو نور الأنوار و منه ضوء النهار.

ثم جعله سبعين ألف طبق، غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين، ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه و يقدسه بأصوات مختلفة، و ألسنة غير مشتبهة، و لو أذن للسان منها فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال و المدائن و الحصون، و لخسف البحار و لأهلك ما دونه.

له ثمانية أركان، يحمل «4» كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصي عددهم إلا الله عز و جل، يسبحون بالليل و النهار

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 69.

4- معاني الأخبار: 9/ 3.

5- التوحيد: 324/ 1.

(1) الظاهر أنّه القرشي الرازي نزيل نيسابور، راجع سير أعلام النبلاء 16: 427.

(2) تقدّمت الأحاديث في تفسير الآية (108) من سورة يوسف.

(3) في «ج، ي»: أنواع.

(4) في «ج، ي» و المصدر: على.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 810

لا يفترون، و لو حس شي ء مما فوق ما قام لذلك طرفة عين، بينه و بين الإحساس الجبروت و الكبرياء و العظمة و القدس و الرحمة و العلم، و ليس وراء هذا مقال».

7123/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، «قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش و الكرسي- و ذكر الحديث إلى أن قال (عليه السلام)-: «فمن اختلاف صفات العرش أنه قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ، و هو وصف عرش الوحدانية، لأن قوما أشركوا كما قلت لك، قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ، رب الوحدانية عَمَّا يَصِفُونَ و قوما وصفوه بيدين، فقالوا: يد الله مغلولة. و قوما و صفوه بالرجلين، فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء. و قوما و صفوه بالأنامل، فقالوا: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي.

فلمثل هذه الصفات قال: رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه، و لله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شي ء، و لا يوصف و لا يتوهم، فذلك المثل الأعلى. و وصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم، فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال، و شبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به، فلذلك قال: وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا «1».

فليس له شبه و لا مثل و لا عدل، و له الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره، و هي التي وصفها الله في الكتاب، فقال: فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ «2» جهلا بغير علم، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك، و هو لا يعلم، و يكفر به و هو يظن أنه يحسن، فلذلك قال: وَ ما

يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «3»، فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها.

يا حنان، إن الله تبارك و تعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء فهم الذين أعطاهم الفضل و خصهم بما لم يخص به غيرهم، فأرسل محمدا (صلى الله عليه و آله) فكان الدليل على الله بإذن الله عز و جل حتى مضى دليلا هاديا، فقام من بعده وصيه (عليه السلام) دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه، ثم الأئمة الراشدون (عليهم السلام)».

و الحديث طويل يأتي بتمامه في قوله تعالى: هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ من سورة النمل «4» إن شاء الله تعالى.

__________________________________________________

6- التوحيد: 323/ 1.

(1) الإسراء 17: 85.

(2) الأعراف 7: 180.

(3) يوسف 12: 106.

(4) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة النخل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 811

سورة الأنبياء(21): آية 24 ..... ص : 811

قوله تعالى:

هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي [24] 7124/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: هاتُوا بُرْهانَكُمْ، قال: أي حجتكم هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ أي خبر وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي أي خبرهم.

7125/ [2]- الطبرسي: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «بذكر من معي: من معه و ما هو كائن، و بذكر من قبلي: ما قد كان».

7126/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) في قوله عز و جل: هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي، قال: «ذكر من معي: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ذكر من قبلي: الأنبياء و الأوصياء (عليهم السلام)».

سورة الأنبياء(21): الآيات 26 الي 28 ..... ص : 811

قوله تعالى:

وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [26- 28] 7127/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: هو ما قالت النصارى: إن المسيح ابن الله: و ما قالت اليهود: عزيز ابن الله و قالوا في الأئمة (عليهم السلام) ما قالوا، فقال الله عز و جل أنفة «1» له: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ يعني هؤلاء الذين زعموا أنهم ولد الله، و جواب هؤلاء الذين زعموا ذلك في سورة الزمر، في قوله: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ «2».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 69. [.....]

2- مجمع البيان 7: 71.

3- تأويل الآيات 1: 327/ 9.

4- تفسير القمّي 2: 69.

(1) في المصدر: إبطالا.

(2) الزمر 39: 4.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 3، ص: 812

7128/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن أبي السفاتج، عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ، و أومأ بيده إلى صدره، و قال: لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ».

7129/ [3]- ابن بابويه: بإسناده عن الحسن بن علي، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)، قال: قال الله تعالى في الملائكة: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ- إلى قوله-: مُشْفِقُونَ في حديث طويل تقدم بإسناده في قوله تعالى: وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ، من سورة البقرة «1».

7130/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي، و من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي- ثم قال (صلى الله عليه و آله)- إنما شفاعتي لأهل الكبائر من امتي، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل».

قال: الحسين بن خالد: فقلت للرضا (عليه السلام): يا بن

رسول الله، فما معنى قول الله عز و جل: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى قال: «لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه».

7131/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: سمعت موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول: «لا يخلد الله في النار إلا أهل الكفر و الجحود و أهل الضلال و أهل الشرك، و من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال الله تبارك و تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً «2»».

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فالشفاعة لمن تجب من المؤمنين «3»؟

فقال: «حدثني أبي، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: إنما شفاعتي

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 327/ 10.

3- عيون أخبار الرّضا 1: 266/ 1.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 136/ 35.

5- التوحيد: 407/ 6.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (102) من سورة البقرة، عن التفسير المنسوب للإمام العسكري (عليه السّلام).

(2) النساء 4: 31.

(3) في المصدر: المذنبين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 813

لأهل الكبائر من امتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل».

قال ابن أبي عمير: فقلت له: يا بن رسول الله، فيكف تكون الشفاعة لأهل الكبائر، و الله تعالى ذكره يقول:

وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى و من يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى به؟

فقال: «يا أبا أحمد، ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلا ساءه ذلك، و ندم عليه، و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله): كفى

بالندم توبة. و قال (عليه السلام): من سرته حسنته و ساءته سيئته فهو مؤمن. فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن، و لم تجب له الشفاعة، و كان ظالما، و الله- تعالى ذكره- يقول: ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ «1»».

فقلت له: يا بن رسول الله، و كيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟

فقال: «يا أبا أحمد، ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي، و هو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب، و متى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة، و متى لم يندم عليها كان مصرا، و المصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب، و لو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله): لا كبيرة مع الاستغفار، و لا صغيرة مع الإصرار.

و أما قول الله عز و جل: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى فإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه، و الدين: الإقرار بالجزاء على الحسنات و السيئات، فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بمعاقبته «2» في القيامة».

سورة الأنبياء(21): آية 29 ..... ص : 813

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [29] 7132/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قال: من زعم أنه إمام و ليس هو بإمام.

سورة الأنبياء(21): آية 30 ..... ص : 813

قوله تعالى:

أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 69.

(1) غافر 40: 18. [.....]

(2) في المصدر: بعاقبته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 814

وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ [30]

7133/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد ابن داود، عن محمد بن عطية، قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) من أهل الشام من علمائهم، فقال: يا أبا جعفر جئت أسألك عن مسألة قد أعيت علي أن أجد أحدا يفسرها، و قد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس، فقال كل صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الآخر، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ما ذاك؟».

قال: إني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه، فإن بعض من سألته قال: القدر و قال: بعضهم: القلم و قال بعضهم الروح.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما قالوا شيئا، أخبرك أن الله تبارك و تعالى كان و لا شي ء غيره، و كان عزيزا و لا أحد كان قبل عزه. و ذلك قوله: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ «1» و كان الخالق قبل المخلوق، و لو كان أول ما خلق من خلقه الشي ء من الشي ء إذن لم يكن له انقطاع أبدا، و لم يزل الله إذن و معه شي ء ليس هو يتقدمه، و لكنه كان إذ لا شي ء غيره، و خلق الشي ء الذي جميع

الأشياء منه. و هو (الماء) الذي خلق الأشياء منه، فجعل نسب كل شي ء إلى الماء، و لم يجعل للماء نسبا يضاف إليه.

و خلق الريح من الماء، ثم سلط الريح على الماء، فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء الله أن يثور، فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع و لا نقب و لا صعود و لا هبوط، و لا شجرة، ثم طواها فوضعها فوق الماء، ثم خلق الله النار من الماء، فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور، فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع و لا نقب، و ذلك قوله: السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها «2». قال: و لا شمس، و لا قمر، و لا نجوم، و لا سحاب، ثم طواها فوضعها فوق الأرض، ثم نسب «3» الخلقتين فرفع السماء قبل الأرض، فذلك قوله عز ذكره: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها «4» يقول: بسطها».

فقال له الشامي: يا أبا جعفر، قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما؟

فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «فلعلك تزعم أنهما كانتا رتقا متلازقتين متلاصقتين ففتقت إحداهما من الاخرى؟». فقال: نعم.

__________________________________________________

1- الكافي 8: 94/ 67.

(1) الصافّات 37: 180.

(2) النازعات 79: 28- 29.

(3) في نسخة من «ط» زيادة: إلى.

(4) النازعات 79: 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 815

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «استغفر ربك، فإن قول الله عز و جل: كانَتا رَتْقاً يقول كانت السماء رتقا لا تنزل المطر، و كانت الأرض رتقا لا

تنبت الحب، فلما خلق الله تبارك و تعالى الخلق، و بث فيها من كل دابة، فتق السماء بالمطر، و الأرض بنبات الحب».

فقال الشامي: أشهد أنك من ولد الأنبياء، و أن علمك علمهم».

7134/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، و أبي منصور، عن أبي الربيع، قال: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام) في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت، و قد اجتمع عليه الناس فقال نافع: يا أمير المؤمنين، من هذا الذي قد تداك عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد بن علي. فقال: أشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي، أو ابن نبي، أو وصي نبي.

قال: فاذهب إليه و سله لعلك تخجله. فجاء نافع حتى اتكأ على الناس، ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: يا محمد بن علي، إني قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و قد عرفت حلالها و حرامها، و قد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي. قال فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه. فقال: «سل عما بدا لك». و ذكر المسائل، و أجابه (عليه السلام) عنها، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن قول الله عز و جل:

أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما؟

فقال (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى أهبط آدم إلى الأرض و كانت السماوات رتقا

لا تمطر شيئا، و كانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا، فلما تاب الله عز و جل على آدم (عليه السلام): أمر السماء فتقطرت بالغمام، ثم أمرها فأرخت عزاليها «1»، ثم أمر الأرض فانبتت الأشجار، و أثمرت الثمار، و تفهقت «2» بالأنهار، فكان ذلك رتقها و هذا فتقها». فقال نافع: صدقت، يا بن رسول الله.

و قد ذكرت الحديث بتمامه في سورة الأعراف، في قوله تعالى: وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ «3».

7135/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: خرج هشام بن عبد الملك حاجا و معه الأبرش الكلبي، فلقيا أبا عبد الله (عليه السلام) في المسجد الحرام، فقال هشام للأبرش: تعرف هذا؟ قال: لا. قال: هذا الذي تزعم الشيعة أنه نبي

__________________________________________________

2- الكافي 8: 120/ 93.

3- تفسير القمّي 2: 69.

(1) العزالي: جمع العزلاء، و هو مصبّ الماء من القربة و نحوها. و أرخت السماء عزاليها، انهمرت بالمطر. «المعجم الوسيط- عزل- 3: 599».

(2) الفهق: الامتلاء «الصحاح- فهق- 4: 1545».

(3) تقدّم في الحديث (31) من تفسير الآية (46- 50) من سورة الأعراف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 816

من كثرة علمه، فقال الأبرش: لأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو وصي نبي. فقال هشام: وددت أنك فعلت ذلك.

فلقي الأبرش أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال: يا أبا عبد الله، أخبرني عن قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما فبما كان رتقهما، و بما كان فتقهما؟

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبرش،

هو كما وصف نفسه، و كان عرشه على الماء، و الماء على الهواء، و الهواء لا يحد، و لم يكن يومئذ خلق غيرهما، و الماء يومئذ عذب فرات، فلما أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا، ثم أزبد فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحا الأرض من تحته، فقال الله تبارك و تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً «1» ثم مكث الرب تبارك و تعالى ما شاء، فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور، حتى أزبدتها، فخرج من ذلك الموج و الزبد، من وسطه دخان ساطع من غير نار، فخلق منه السماء، و جعل فيها البروج و النجوم و منازل الشمس و القمر، و أجراها في الفلك، و كانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر، و كانت الأرض غبراء على لون الماء العذب، و كانتا مرتقتين ليس لهما أبواب، و لم يكن للأرض أبواب، و هي النبت، و لم تمطر السماء عليها فتنبت، ففتق السماء بالمطر، و فتق الأرض بالنبات، و ذلك قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما.

فقال الأبرش: و الله ما حدثني بمثل هذا الحديث أحد قط، أعد علي، فأعاد عليه، و كان الأبرش ملحدا فقال: أنا أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أنك ابن نبي. قالها ثلاث مرات.

7136/ [4]- المفيد في (الاختصاص) قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا الحسين بن مهران، قال: حدثني الحسين بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي بن

أبي طالب (صلوات الله عليهم)، قال: «جاء يهودي إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: يا محمد، أنت الذي تزعم أنك رسول الله، و أنه أوحى إليك كما أوحى إلى موسى بن عمران؟ قال: نعم، أنا سيد ولد آدم و لا فخر، أنا خاتم النبيين، و إمام المتقين، و رسول رب العالمين.

فقال: يا محمد، إلى العرب أرسلت، أم إلى العجم، أم إلينا؟ قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني رسول الله إلى الناس كافة. و سأله اليهودي عن مسائل، و أجابه (صلى الله عليه و آله) عنها، و في كل جواب مسألة يقول اليهودي له:

صدقت. فكان فيما سأله أن قال: أخبرني عن فضلك على النبيين، و فضل عشيرتك على الناس.

__________________________________________________

4- الاختصاص: 33.

(1) آل عمران 3: 96.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 817

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): أما فضلي على النبيين فما من نبي إلا دعا على قومه، و أنا أخرت «1» دعوتي شفاعة لامتي يوم القيامة، و أما فضل عشيرتي و أهل بيتي و ذريتي كفضل الماء على كل شي ء، و بالماء يبقى كل شي ء، و يحيا، كما قال ربي تبارك و تعالى: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ، و بمحبة أهل بيتي و عشيرتي و ذريتي يستكمل الدين. قال: صدقت يا محمد».

7137/ [5]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن الحسين بن علوان، عن جعفر (عليه السلام)، قال: كنت عنده جالسا إذ جاء رجل فسأله عن طعم الماء، و كانوا يظنون أنه زنديق، فأقبل أبو عبد الله (عليه السلام) يصوب «2» فيه و يصعد، ثم قال له: «ويلك، طعم الماء طعم الحياة، إن الله عز

و جل يقول: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ».

7138/ [6]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده عن الحسين بن علوان، قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن طعم الماء، فقال: «سل تفقها و لا تسأل تعنتا «3»، طعم الماء طعم الحياة، قال الله سبحانه: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ».

7139/ [7]- المفيد في (الإرشاد): روى العلماء أن عمرو بن عبيد وفد على محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) ليمتحنه بالسؤال، فقال له: جعلت فداك، ما معنى قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما، ما هذا الرتق و الفتق؟

فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «كانت السماء رتقا لا تنزل القطر، و كانت الأرض رتقا لا تخرج النبات». فانقطع عمرو و لم يجد اعتراضا، و مضى ثم عاد إليه، فقال له: أخبرني- جعلت فداك- عن قوله عز و جل: وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى «4»، ما غضب الله عز و جل؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «غضب الله: عقابه- يا عمرو- و من ظن أن الله يغيره شي ء فقد كفر».

و رواه الطبرسي في (الاحتجاج) قال: روي أن عمرو بن عبيد وفد على محمد بن علي الباقر (عليه السلام) لامتحانه بالسؤال «5»، و ذكر الحديث بعينه.

__________________________________________________

5- قرب الإسناد: 55. [.....]

6- مجمع البيان 7: 72.

7- الإرشاد: 265.

(1) في المصدر: اخترت.

(2) صوب رأسه: خفضه. «أقرب الموارد- صوب- 1: 667».

(3) في «ج، ي»: تعسّفا.

(4) طه 20: 81.

(5) الاحتجاج: 326.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 818

سورة الأنبياء(21): الآيات 32 الي 35 ..... ص : 818

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً- إلى قوله تعالى- وَ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ [32- 35] 7140/ [1]- علي بن إبراهيم:

في قوله تعالى: وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً، يعني من الشياطين، أي لا يسترقون السمع. قال: و أما قوله: وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ، فانه لما أخبر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) بما يصيب أهل بيته من بعده، و ادعاء من ادعى الخلافة دونهم، اغتم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله عز و جل: وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً أي نختبركم وَ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ فأعلم ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه لا بد أن تموت كل نفس.

و

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوما، و قد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك، فقال: «كأن الموت فيها على غيرنا كتب، و كأن الحق فيها على غيرنا وجب، و كأن الذين نشيع من الأموات سفر «1» عما قليل إلينا راجعون. ننزلهم أجداثهم، و نأكل تراثهم، كأنا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة، و رمينا بكل جائحة «2».

أيها الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و تواضع من غير منقصة، و جالس أهل الفقه «3» و الرحمة، و خالط أهل الذل و المسكنة، و أنفق مالا جمعه في غير معصية.

أيها الناس، طوبى لمن ذلت نفسه، و طاب كسبه، و صلحت سريرته، و حسنت خليقته، و أنفق الفضل من ما له، و أمسك الفضل من كلامه، و عدل عن الناس شره، و وسعته السنة، و لم يتعد إلى البدعة.

أيها الناس، طوبى لمن لزم بيته، و أكل كسرته، و بكى على خطيئته، و كان من نفسه في تعب «4»، و

الناس منه في راحة».

7141/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حفص بن قرط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من زعم أن الله تبارك و تعالى يأمر بالسوء و الفحشاء فقد كذب على الله، و من زعم أن الخير و الشر بغير مشيئة الله فقد أخرج

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 70.

2- التوحيد: 359/ 2.

(1) السفر: المسافر، للواحد و الجمع. «المعجم الوسيط- سفر- 1: 433».

(2) الجائحة: الآفة التي تهلك الثمار و الأموال و تستأصلها. «النهاية 1: 311».

(3) في «ج»: الثقة.

(4) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: في شغل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 819

الله من سلطانه، و من زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله، و من كذب على الله أدخله الله النار».

يعني بالخير و الشر: الصحة و المرض، و ذلك قوله عز و جل: وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً.

7142/ [3]- الطبرسي: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) مرض، فعاده إخوانه، فقالوا كيف تجدك، يا أمير المؤمنين؟ فقال: بشر. فقالوا: ما هذا كلام مثلك. فقال: إن الله تعالى يقول: وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً فالخير: الصحة و الغنى، و الشر: المرض و الفقر».

سورة الأنبياء(21): آية 37 ..... ص : 819

قوله تعالى:

خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ [37] 7143/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: لما أجرى الله عز و جل في آدم روحه من قدميه فبلغت ركبتيه، أراد أن يقوم فلم يقدر، فقال عز و جل: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ.

7144/ [2]- الطبرسي: هو آدم، هم

بالوثوب، قال: ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

و تقدم حديث هشام عن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذا المعنى في قوله تعالى: وَ كانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا. «1»

سورة الأنبياء(21): آية 44 ..... ص : 819

قوله تعالى:

أَ فَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها [44] تقدمت الروايات في معنى الآية في سورة الرعد «2».

سورة الأنبياء(21): الآيات 46 الي 47 ..... ص : 818

قوله تعالى:

وَ لَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ

__________________________________________________

3- مجمع البيان 7: 74. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 71.

2- مجمع البيان 7: 76.

(1) تقدّم في الحديثين (3 و 4) من تفسير الآيات (9- 11) من سورة الاسراء.

(2) تقدمت في الأحاديث (1- 5) من تفسير الآيات (41- 42) من سورة الرعد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 820

وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ- إلى قوله تعالى- وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ [46- 47]

7145/ [1]- محمد بن يعقوب، قال: حدثني محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، في حديث يعظ فيه الناس، قال فيه (عليه السلام): «ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي و الذنوب، فقال الله عز و جل: وَ لَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ، فإن قلتم- أيها الناس- إن الله عز و جل إنما عني بهذا أهل الشرك، فكيف ذلك، و هو يقول: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ؟

اعلموا- عباد الله- أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين، و لا تنشر لهم الدواوين، و إنما يحشرون إلى جهنم زمرا، و إنما نصب الموازين و نشر الدواوين لأهل الإسلام، فاتقوا الله، عباد الله».

و الحديث تقدم بتمامه

في قوله تعالى: وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ «1».

7146/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن إبراهيم الهمداني، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، قال:

«الأنبياء، و الأوصياء (عليهم السلام)».

7147/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم البلخي «2»، عن محمد بن أحمد بن عبد الله بن زياد العزرمي، قال: حدثنا علي بن حاتم المنقري، عن هشام بن سالم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ. قال: «هم الأنبياء و الأوصياء (عليهم السلام)».

7148/ [4]- ابن شهر آشوب: عن ابن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ. قال: «الرسل، و الأئمة من آل بيت محمد (عليهم السلام)».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 72/ 29 (قطعة منه).

2- الكافي 1: 347/ 36.

3- معاني الأخبار: 31/ 1.

4- المناقب 2: 151.

(1) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (11- 15) من هذه السورة.

(2) في المصدر: العجلي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 821

7149/ [5]- البرسي، قال: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ قال ابن عباس الموازين: الأنبياء، و الأولياء.

7150/ [6]- الطبرسي، في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث له مع زنديق، في جواب مسائله، قال (عليه السلام): «و أما قوله عز و جل: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً فهو ميزان العدل، تؤخذ

به الخلائق يوم القيامة، يدين الله تعالى بعضهم من بعض، و يجزيهم بأعمالهم، و يقتص للمظلوم من الظالم.

و معنى قوله تعالى: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ «1» و مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ «2» فهو قلة الحساب، و كثرته، و الناس يومئذ على طبقات و منازل: فمنهم من يحاسب حسابا يسيرا، و ينقلب إلى أهله مسرورا، و منهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب، لأنهم لم يتلبسوا من أمر الدنيا بشي ء، و إنما الحساب هناك على من تلبس بها ها هنا، و منهم من يحاسب على النقير «3»، و القطمير «4»، و يصير إلى عذاب السعير، و منهم أئمة الكفر، و قادة الضلال، فأولئك لا يقيم لهم وزنا، و لا يعبأ بهم لأنهم لم يعبأوا بأمره و نهيه يوم القيامة، فهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار، و هم فيها كالحون».

7151/ [7]- و في (الاحتجاج) أيضا: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث له مع سائل يسأله، قال: أ و ليس توزن الأعمال؟

قال (عليه السلام): «لا، إن الأعمال ليست بأجسام، و إنما هي صفة ما عملوا، و إنما يحتاج إلى وزن الشي ء من جهل عدد الأشياء، و لا يعرف ثقلها أو خفتها، و إن الله لا يخفى عليه شي ء».

قال: فما معنى الميزان؟ قال (عليه السلام): «العدل».

قال: فما معناه في كتابه: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ «5»؟ قال (عليه السلام): «فمن رجح عمله».

7152/ [8]- الأوسي عمر بن إبراهيم: قال ابن عباس: يجمع الله الخلائق في صعيد واحد، و تمد الأرض، و يزداد في سعتها بمقدارها، فبينما الخلائق وقوف إذ سمعوا فوق رؤوسهم وجبة «6» عظيمة، فيرفعون رؤوسهم

__________________________________________________

5- مشارق أنوار اليقين: 63.

6- الاحتجاج: 244.

7- الاحتجاج: 351.

8- .... [.....]

(1) الأعراف 7: 8.

(2) الأعراف 7:

9.

(3) النّقير: نقرة في ظهر النواة. «لسان العرب- نقر- 5: 228».

(4) القطمير: شقّ النواة، أو القشرة الدقيقة التي على النواة. «لسان العرب 5: 108».

(5) الأعراف 7: 8.

(6) الوجبة: صوت السّقوط. «النهاية 5: 154».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 822

و إذا بالسماء انشقت، و نزلت الملائكة، فيقولون: أ فيكم ربنا؟ و هم أكثر عددا من أهل الأرض، فيقولون: هو آت. ثم تنشق السماء الثانية، فتنزل الملائكة أكثر مما ذكرنا، فيأتيهم الخلائق، و يقولون: أ فيكم ربنا؟ فيقولون: هو آت، جل و علا.

و ساق الحديث، إلى أن قال: فيه: فعندها يكشف عن ساق و تطير القلوب، و تشخص الأبصار، و ينادي منادي الملك الخلاق: يا معشر الخلائق، ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، أين الحامدون لله على كل حال؟

فيقوم أناس قليلون إلى الجنة بغير حساب. ثم ينادي مناد ثان: أين الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله؟ فيقوم أناس قليلون، فينطلقون إلى الجنة بغير حساب. ثم ينادي مناد ثالث: أين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع، يدعون ربهم خوفا و طمعا و مما رزقناهم ينفقون؟ فيقوم أناس قليلون، فينطلقون إلى الجنة بغير حساب.

ثم يخرج من النار عنق أسود، له عينان ينظر بهما، و لسان يتكلم به، يعلو الخلائق، فينادي بصوت يسمعه القريب و البعيد: يا معشر الخلائق، إني وكلت اليوم على من زعم أن مع الله إلها آخر، فيلتقطهم من الصفوف كما يلتقط الطير الحب المنثور فيلقيهم في النار، ثم يخرج، فينادي: إني وكلت بالمصورين. فيلتقطهم، و يرميهم إلى النار، ثم يخرج، فيقول: إني وكلت علي من قال: إن لله صاحبة و ولدا. فيرميهم إلى النار، فإذا حصل هؤلاء إلى الجنة، و هؤلاء إلى النار، علقت

«1» الموازين و نصبت، و نشرت الدواوين، و تجلى رب العالمين للفصل بين العالمين.

7153/ [9]- قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن النعمان المفيد في شرحه لاعتقادات الشيخ أبي جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن بابويه القمي، قال: و الموازين: هي التعديل بين الأعمال، و الجزاء عليها، و وضع كل جزاء في موضعه، و إيصال كل ذي حق إلى حقه فليس الأمر في معنى ذلك على ما ذهب إليه أهل الحشو من أن في القيامة موازين كموازين الدنيا، لكل ميزان كفتان توضع الأعمال فيها، إذ الأعمال أعراض، و الأعراض لا يصح وزنها، و إنما توصف بالثقل و الخفة على وجه المجاز، و المراد بذلك: أن ما ثقل منها: هو ما كثر، و استحق عليه عظيم الثواب، و ما خف منها: ما قل قدره، و لم يستحق عليه جزيل الثواب.

و الخبر الوارد أن أمير المؤمنين، و الأئمة من ذريته (عليهم السلام) هم الموازين، فالمراد: أنهم المعدلون بين الأعمال فيما يستحق عليها، و الحاكمون فيها بالواجب و العدل. و ما قاله- (رحمه الله)- هو الصواب.

7154/ [10]- و قال علي بن إبراهيم: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ، قال: المجازاة: وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها، أي جازينا بها، و هي ممدودة آتينا بها.

و ستأتي- إن شاء الله تعالى- أحاديث في صفة المحشر، في آخر سورة الزمر «2»، و غيرها.

__________________________________________________

9- تصحيح الاعتقاد: 93.

10- تفسير القمّي 2: 71.

(1) في «ط»: غلقت.

(2) يأتي في تفسير الآية (69) من سورة الزمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 823

سورة الأنبياء(21): الآيات 51 الي 71 ..... ص : 823

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ- إلى قوله تعالى- فِيها لِلْعالَمِينَ [51- 71] 7155/ [1]- و قال علي

بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول إبراهيم لقومه و أبيه فقال: وَ لَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ إلى قوله تعالى بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ.

قال: فلما نهاهم إبراهيم (عليه السلام)، و احتج عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا، فحضر عيد لهم، فخرج نمرود، و جميع أهل مملكته إلى عيدهم، و كره أن يخرج معه إبراهيم، فوكله ببيت الأصنام فلما ذهبوا، عمد إبراهيم إلى طعام فأدخله بيت الأصنام، فكان يدنو من صنم صنم، و يقول له: كل، و تكلم فإذا لم يجبه أخذ القدوم «1» فكسر يده و رجله، حتى فعل ذلك بجميع الأصنام، ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم، الذي كان في الصدر.

فلما رجع الملك و من معه من العيد نظروا إلى الأصنام مكسرة، فقالوا: مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ، و هو ابن آزر، فجاءوا به إلى نمرود، فقال نمرود لآزر خنتني، و كتمت هذا الولد عني؟ فقال: أيها الملك، هذا عمل امه، و ذكرت أنها تقوم بحجته.

فدعا نمرود ام إبراهيم، فقال لها: ما حملك على أن كتمتني أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت:

أيها الملك، نظرا مني لرعيتك. قال: و كيف ذلك؟ قالت: رأيتك تقتل أولاد رعيتك، فكان يذهب النسل، فقلت: إن كان هذا الذي يطلبه دفعته إليه ليقتله، و يكف عن قتل أولاد الناس، و إن لم يكن ذلك بقي لنا ولدنا، و قد ظفرت به، فشأنك، و كف عن أولاد الناس، فصوب رأيها، ثم قال لإبراهيم (عليه السلام): مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا يا إبراهيم؟

قال (عليه السلام): فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ.

قال الصادق (عليه السلام): «و

الله ما فعله كبيرهم، و ما كذب إبراهيم (عليه السلام) فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: «إنما قال: فعله كبيرهم هذا إن نطق، و إن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا».

فاستشار نمرود قومه في إبراهيم (عليه السلام)، فقالوا له حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ

فقال الصادق (عليه السلام): «كان فرعون إبراهيم و أصحابه لغير رشدة، فإنهم قالوا لنمرود: حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ و كان فرعون موسى و أصحابه لرشدة، فإنه لما استشار أصحابه في موسى قالوا: أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ ابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ «2»».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 71.

(1) القدوم: آلة للنّجر. «المعجم الوسيط- قدم- 2: 72».

(2) الشعراء 26: 36 و 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 824

فحبس إبراهيم (عليه السلام)، و جمع له الحطب، حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم (عليه السلام) في النار. برز نمرود و جنوده- و قد كان بني لنمرود بناء ينظر منه إلى إبراهيم (عليه السلام) كيف تأخذه النار- فجاء إبليس و اتخذ لهم المنجنيق، لأنه لم يقدر أحد أن يقرب من تلك النار، و كان الطائر إذا مر في الهواء يحترق، فوضع إبراهيم (عليه السلام) في المنجنيق، و جاء أبوه فلطمه لطمة، و قال له: ارجع عما أنت عليه.

و أنزل الرب ملائكة إلى السماء الدنيا، و لم يبق شي ء إلا طلب إلى ربه، و قالت الأرض: يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره، فيحرق؟ و قالت الملائكة: يا رب خليلك إبراهيم يحرق؟ فقال الله عز و جل: أما إنه إن دعاني كفيته. و قال جبرئيل (عليه السلام): يا رب، خليلك إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره،

فسلطت عليه عدوه يحرقه بالنار؟ فقال: اسكت، إنما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت، و هو عبدي آخذه إن شئت، فإذا دعاني أجبته.

فدعا إبراهيم (عليه السلام) ربه بسورة الإخلاص: «يا الله، يا واحد، يا أحد، يا صمد، يا من لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد، نجني من النار برحمتك». قال: فالتقى جبرئيل معه في الهواء و قد وضع في المنجنيق، فقال: يا إبراهيم، هل لك إلي من حاجة؟ فقال إبراهيم (عليه السلام) أما إليك فلا، و أما إلى رب العالمين فنعم. فدفع إليه خاتما مكتوبا عليه: «لا إله إلا الله محمد رسول الله، ألجأت ظهري إلى الله، و أسندت أمري إلى الله، و فوضت أمري إلى الله». فأوحى الله إلى النار: كُونِي بَرْداً فاضطربت أسنان إبراهيم (عليه السلام) من البرد حتى قال: وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ.

و انحط جبرئيل، و جلس معه يحدثه في النار «1»، فنظر إليه نمرود، فقال: من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم. فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود: إني عزمت على النار أن لا تحرقه. فخرج عمود من النار و نحو الرجل فأحرقه، فآمن له لوط و خرج معه مهاجرا إلى الشام، و نظر نمرود إلى إبراهيم (عليه السلام) في روضة خضراء في النار، و معه شيخ يحدثه، فقال لآزر: ما أكرم ابنك على ربه! قال: و كان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم، و كان الضفدع يذهب بالماء ليطفئ به النار. قال: و لما قال الله للنار:

كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً لم تعمل النار في الدنيا ثلاثة أيام، ثم قال الله عز و جل: وَ أَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ، و قال الله عز و جل: وَ

نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ يعني الشام، و سواد الكوفة، و كوثى ربا «2».

7156/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن حجر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «خالف إبراهيم (عليه السلام) قومه، و عاب آلهتهم حتى ادخل على

__________________________________________________

2- الكافي 8: 368/ 559. [.....]

(1) في نسخة من «ط» زيادة: و هم في روضة خضراء.

(2) كوثى- بالعراق- في موضعين: كوثى الطريق: و كوثى ربا، و بها مشهد إبراهيم الخليل (عليه السّلام)، و هما قريتان، و بينهما تلول من رماد يقال إنّها رماد النار التي أوقدها نمرود لإحراقه. مراصد الإطلاق 3: 1185.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 825

نمرود، فخاصمه، فقال إبراهيم (عليه السلام). رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ «1». قال: أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ «2» قال:

إبراهيم: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ «3».

قال أبو جعفر (عليه السلام): عاب آلهتهم: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ «4»، قال أبو جعفر (عليه السلام): و الله ما كان سقيما، و ما كذب.

فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم، دخل إبراهيم (صلى الله عليه و آله) إلى آلهتهم بقدوم، فكسرها إلا كبيرا لهم، و وضع القدوم في عنقه، فرجعوا إلى آلهتهم، فنظروا إلى ما صنع بها، فقالوا: لا و الله، ما اجترأ عليها، و لا كسرها إلا الفتى الذي كان يعيبها و يبرأ منها. فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار، فجمع له الحطب و استجادوه، حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه، برز له نمرود و

جنوده، و قد بني له بناء لينظر إليه كيف تأخذه النار، و وضع إبراهيم (صلى الله عليه) في منجنيق، و قالت الأرض: يا رب، ليس على ظهري أحد يعبدك غيره، يحرق بالنار؟ فقال الرب: إذا دعاني كفيته».

7157/ [3]- عن أبان، عن محمد بن مروان، عمن رواه عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن دعاء إبراهيم (عليه السلام) يومئذ كان: يا أحد، يا أحد، يا صمد، يا صمد، يا من لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد. ثم توكلت على الله. فقال الرب تبارك و تعالى: كفيت، فقال للنار: كُونِي بَرْداً فاضطربت أسنان إبراهيم (صلى الله عليه) من البرد، حتى قال الله عز و جل: وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ.

و انحط جبرئيل (عليه السلام) فإذا هو جالس مع إبراهيم (صلى الله عليه) يحدثه في النار، قال نمرود: من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم- قال- فقال عظيم من عظمائهم: إني عزمت على النار أن لا تحرقه. فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه- قال- فآمن له لوط، و خرج مهاجرا إلى الشام هو و سارة و لوط».

7158/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الشامي، قال: حدثنا إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن موسى بن عمران (عليه السلام) لما رأى حبالهم و عصيهم، كيف أوجس في نفسه خيفة و لم يوجسها إبراهيم (عليه السلام) حين وضع في المنجنيق و قذف به على النار؟

فقال (عليه السلام): «إن إبراهيم (عليه السلام) حين وضع في المنجنيق،

و قذف به في النار كان مستندا على ما في صلبه من أنوار حجج الله عز و جل، و لم يكن موسى (عليه السلام) كذلك، فلذلك أوجس في نفسه خيفة، و لم يوجسها

__________________________________________________

3- الكافي 8: 369/ 559.

4- أمالي الصدوق: 521/ 2.

(1) البقرة 2: 258.

(2) البقرة 2: 258.

(3) البقرة 2: 258.

(4) الصافات 37: 88 و 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 826

إبراهيم (عليه السلام)».

7159/ [5]- و عنه: عن محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن هلال، عن الفضل بن دكين، عن معمر بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن إبراهيم (عليه السلام) لما ألقي في النار، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما نجيتني منها، فجعلها الله عليه بردا و سلاما».

7160/ [6]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه ما ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن- قال: «و منها الشجاعة، و قد كشفت الأيام عنه، بدلالة قوله عز و جل: إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قالُوا أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَ أَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَ تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ و مقاومة الرجل الواحد الوفا من أعداء الله عز و جل تمام الشجاعة».

7161/ [7]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان لنمرود مجلس يشرف منه على النار، فلما كان بعد ثلاثة، أشرف على النار هو و آزر، فإذا إبراهيم (عليه السلام) مع شيخ يحدثه في روضة خضراء- قال- فالتفت نمرود إلى آزر، فقال: يا آزر، ما أكرم ابنك على ربه!- قال- ثم قال نمرود لإبراهيم (عليه السلام): اخرج عني، و لا تساكني».

7162/ [8]- عمر بن إبراهيم الأوسي: قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لجبرئيل (عليه السلام): «أنت مع قوتك هل عييت قط- يعني أصابك تعب و مشقة-؟» قال: نعم- يا محمد- ثلاث مرات: يوم القي إبراهيم (عليه السلام) في النار، أوحى الله تعالى إلي: أن أدركه، فوعزتي و جلالي لئن سبقك إلى النار لأمحون اسمك من ديوان الملائكة: فنزلت إليه بسرعة، و أدركته بين النار و الهواء، فقلت: يا إبراهيم، هل لك حاجة؟ قال: إلى الله فنعم، و أما إليك فلا.

و الثانية: حين أمر إبراهيم بذبح ولده إسماعيل أوحى الله تعالى إلي: أن أدركه، فوعزتي و جلالي

لئن سبقتك

__________________________________________________

5- أمالي الصدوق: 181/ 4.

6- معاني الأخبار: 126/ 1.

7- الأمالي 2: 273.

8- ...

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 827

السكين إلى حلقه لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت بسرعة حتى حولت السكين و أقبلتها في يده و أتيته بالفداء.

و الثالثة: حين رمي يوسف (عليه السلام) في الجب، أوحى الله تعالى إلي: يا جبرئيل أدركه فو عزتي و جلالي لئن سبقك إلى قعر الجب لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت إليه بسرعة، و أدركته إلى الفضاء، و رفعته إلى الصخرة التي كانت في قعر الجب، و أنزلته عليها سالما، فعييت.

و كان الجب مأوى الحيات و الأفاعي فلما حست به، قالت كل واحدة لصاحبتها: إياك أن تتحركي، فإن نبيا كريما انزل بنا، و حل بساحتنا. فلم تخرج واحدة من وكرها إلا الأفاعي، فإنها خرجت و أرادت لدغه، فصحت بهن صيحة صمت آذانهن إلى يوم القيامة».

7163/ [9]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن عمارة، عن نعيم القضاعي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: أصبح إبراهيم (عليه السلام) فرأى في لحيته شعرة بيضاء، فقال: الحمد لله رب العالمين الذي أبلغني هذا المبلغ، لم أعص الله طرفة عين».

7164/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن الحسن الصيقل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا قد روينا عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ «1»، فقال: «و الله ما سرقوا، و

ما كذب». و قال إبراهيم (عليه السلام):

بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ، فقال: «و الله ما فعلوا، و ما كذب».

قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما عندكم فيها، يا صيقل؟» قلت: ما عندنا فيها إلا التسليم.

قال: فقال: «إن الله أحب اثنين، و أبغض اثنين: أحب الخطر «2» فيما بين الصفين، و أحب الكذب في الإصلاح، و أبغض الخطر في الطرقات، و أبغض الكذب في غير الإصلاح. إن إبراهيم (عليه السلام) إنما قال: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا إرادة الإصلاح، و دلالة على أنهم لا يفعلون «3»، و قال يوسف (عليه السلام) إرادة الإصلاح».

7165/ [11]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحجال، عن ثعلبة، عن معمر بن عمرو، عن عطاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا كذب على مصلح، ثم تلا:

__________________________________________________

9- الكافي 8: 391/ 588.

10- الكافي 2: 255/ 17. [.....]

11- الكافي 2: 256/ 22.

(1) يوسف 12: 70.

(2) خطر في مشيه خطرا: اهتزّ و تبختر. «المعجم الوسيط- خطر- 1: 243». في «ط»: الخطوة، في الموضعين.

(3) في «ط»: يعقلون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 828

أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ «1»، ثم قال: و الله ما سرقوا، و ما كذب. ثم تلا: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ. ثم قال: و الله ما فعلوه، و ما كذب».

7166/ [12]- ابن بابويه: عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن أبي إسحاق إبراهيم بن هاشم، عن صالح بن سعيد، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز

و جل في قصة إبراهيم (عليه السلام): قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ. قال: «ما فعله كبيرهم، و ما كذب إبراهيم (عليه السلام)».

قلت: و كيف ذاك؟ قال: «إنما قال إبراهيم (عليه السلام): فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ، إن نطقوا فكبيرهم فعله، و إن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا، فما نطقوا، و ما كذب إبراهيم (عليه السلام)».

سورة الأنبياء(21): آية 72 ..... ص : 828

قوله تعالى:

وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ [72] 7167/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: ولد الولد، و هو يعقوب.

7168/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن عيسى بن محمد «2»، عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد البزنطي، عن يحيى بن عمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً، قال: «ولد الولد نافلة».

سورة الأنبياء(21): آية 73 ..... ص : 828

قوله تعالى:

وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ- إلى قوله تعالى- وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ [73]

7169/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو المفضل (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن علي بن شاذان بن خباب «3»

__________________________________________________

12- معاني الأخبار: 209/ 1.

1- تفسير القمّي 2: 73.

2- معاني الأخبار: 224.

3- كفاية الأثر: 297.

(1) يوسف 12: 70.

(2) في المصدر: محمّد بن أحمد بن عيسى بن محمّد.

(3) في المصدر: ابن حباب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 829

الأزدي الخلال بالكوفة، قال: حدثني الحسن بن محمد بن عبد الواحد، قال: حدثني الحسن بن الحسين العرني، قال: حدثني يحيى بن يعلى الأسلمي، عن عمر بن موسى الوجيهي، عن زيد بن علي (عليه السلام)، قال: كنت عند أبي علي بن الحسين (عليهما السلام)، إذ دخل عليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فبينما هو يحدثه إذ خرج أخي محمد من بعض الحجر، فأشخص جابر ببصره نحوه، ثم قال له: يا غلام، أقبل. فأقبل، ثم قال: أدبر. فأدبر، فقال: شمائل كشمائل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ما اسمك، يا غلام؟ قال: «محمد». قال: ابن من؟ قال: «ابن علي بن الحسين بن

علي بن أبي طالب (عليهم السلام)». قال: إذن أنت الباقر، فانكب عليه، و قبل رأسه و يديه، ثم قال: يا محمد، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقرئك السلام. قال: «و على رسول الله أفضل السلام، و عليك يا جابر بما فعلت السلام».

ثم عاد إلى مصلاه، فأقبل يحدث أبي، و يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لي يوما: «يا جابر، إذا أدركت ولدي محمدا فأقرئه مني السلام، أما أنه سميي، و أشبه الناس بي، علمه علمي، و حكمه حكمي، سبعة من ولده أمناء معصومون، أئمة أبرار، و السابع منهم: مهديهم الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما». ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ.

7170/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و محمد بن الحسين، عن محمد ابن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الأئمة في كتاب الله عز و جل إمامان: قال الله تعالى: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا، لا بأمر الناس، يقدمون أمر الله قبل أمرهم، و حكم الله قبل حكمهم.

و قال: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ «1» يقدمون أمرهم قبل أمر الله، و حكمهم قبل حكم الله، و يأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز و جل».

و رواه المفيد في (أماليه) عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن جعفر،

عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «الأئمة في كتاب الله إمامان» و ذكر الحديث إلى آخره، ببعض التغيير اليسير في بعض الألفاظ بما لا يغير المعنى «2».

7171/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «يعني الأئمة من ولد فاطمة (عليهم السلام) يوحى إليهم بالروح في صدورهم، ثم ذكر ما

__________________________________________________

2- الكافي 1: 168/ 2.

3- تأويل الآيات 1: 328/ 12.

(1) القصص 28: 41. [.....]

(2) الاختصاص: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 830

أكرمهم الله به فقال: فِعْلَ الْخَيْراتِ».

سورة الأنبياء(21): آية 74 ..... ص : 830

قوله تعالى:

وَ لُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ [74] 7172/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كانوا ينكحون الرجال.

تقدمت أخبار قوم لوط في سورة هود، و الحجر «1»، و ستأتي- إن شاء الله تعالى- أخبار في ذلك في سورة الصافات، و غير ذلك «2».

سورة الأنبياء(21): الآيات 78 الي 79 ..... ص : 830

قوله تعالى:

وَ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَ كُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَ عِلْماً [78- 79]

7173/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن المعلى أبي عثمان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ.

فقال: «لا يكون النفش إلا بالليل، إن على صاحب الحرث أن يحفظه بالنهار، و ليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار، و إنما رعيها بالنهار و أرزاقها، فما أفسدت فليس عليها، و على صاحب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا، و هو النفش، و إن داود (عليه السلام) حكم للذي أصاب «3» زرعه

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 73.

2- الكافي 5: 301/ 2.

(1) تقدم في تفسير الآيات (69- 83) من سورة هود، و في تفسير الآيات (48- 72) من سورة الحجر.

(2) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآيتين (137، 138) من سورة الصافات، و في تفسير الآيات (27- 35) من سورة العنكبوت، و في تفسير الآيات (24- 47) من سورة الذاريات.

(3) كذا، و الظاهر: أصيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 831

رقاب الغنم، و

حكم سليمان (عليه السلام) الرسل و الثلة، و هو اللبن و الصوف في ذلك العام».

و رواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن الحسين بن سعيد بباقي السند و المتن، إلا أن فيه المعلى بن عثمان «1»، عن أبي بصير، و فيه أيضا: «إنما رعيها و أرزاقها بالنهار، فما أفسدت فليس عليها و لا على صاحبها شي ء» «2».

7174/ [2]- و عنه بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: وَ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ قلت: حين حكما في الحرث كانت قضية واحدة؟

فقال: «إنه كان أوحى الله عز و جل إلى النبيين قبل داود (عليه السلام) إلى أن بعث الله داود (عليه السلام): أي غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم، و لا يكون النفش إلا بالليل، فإن على صاحب الزرع أن يحفظه بالنهار، و على صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل، فحكم داود (عليه السلام) بما حكمت به الأنبياء (عليهم السلام) من قبله.

و أوحى الله عز و جل إلى سليمان (عليه السلام): أي غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع إلا ما خرج من بطونها، و كذلك جرت السنة بعد سليمان (عليه السلام)، و هو قول الله عز و جل: وَ كُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَ عِلْماً فحكم كل واحد منهما بحكم الله عز و جل».

7175/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ داوُدَ

وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ، قال: «لم يحكما، إنما كانا يتناظران: فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ».

7176/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان في بني إسرائيل رجل له كرم، و نفشت فيه غنم لرجل آخر بالليل، و قضمته و أفسدته، فجاء صاحب الكرم إلى داود (عليه السلام) فاستعدى على صاحب الغنم، فقال داود (عليه السلام): اذهبا إلى سليمان ليحكم بينكما. فذهبا إليه، فقال سليمان (عليه السلام): إن كانت الغنم أكلت الأصل و الفرع فعلى صاحب الغنم أن يدفع إلى صاحب الكرم الغنم و ما في بطنها، و إن كانت ذهبت بالفرع و لم تذهب بالأصل فإنه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم.

و قد كان هذا حكم داود (عليه السلام)، و إنما أراد أن يعرف بني إسرائيل أن سليمان (عليه السلام) وصيه بعده، و لم يختلفا في الحكم، و لو اختلف حكمهما لقال: كنا لحكمهما شاهدين».

__________________________________________________

2- الكافي 5: 302/ 3.

3- المحاسن: 277/ 397.

4- تفسير القمّي 2: 73.

(1) في التهذيب: عن المعلّى أبي عثمان، و الاختلاف في نسخة المصنّف (رحمه اللّه).

(2) التهذيب 7: 224/ 982.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 832

7177/ [5]- الطبرسي، قيل: كان كرما و قد بدت عناقيده، فحكم داود (عليه السلام) بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان (عليه السلام): «غير هذا، يا نبي الله» قال: «و ما ذاك»، قال: «يدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان، و تدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها، حتى إذا عاد الكرم كما كان» ثم دفع كل واحد منهما إلى صاحبه ماله. قال: روي ذلك عن أبي جعفر، و

أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة الأنبياء(21): آية 80 ..... ص : 832

قوله تعالى:

وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ [80] 7178/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ قال: يعني الدرع لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ.

7179/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن أحمد بن أبي عبد الله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أوحى الله عز و جل إلى داود (عليه السلام): إنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئا- قال- فبكى داود (عليه السلام) أربعين صباحا، فأوحى الله عز و جل إلى الحديد أن: لن لعبدي داود. فألان الله تعالى له الحديد، فكان يعمل كل يوم درعا، فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة و ستين درعا، فباعها بثلاثمائة و ستين ألفا، و استغنى عن بيت المال».

سورة الأنبياء(21): آية 81 ..... ص : 832

قوله تعالى:

وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها [81] 7180/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً قال: تجري من كل جانب إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها قال: إلى بيت المقدس، و الشام.

__________________________________________________

5- مجمع البيان 7: 91.

1- تفسير القمّي 2: 74.

2- التهذيب 6: 326/ 896. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 74.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 833

سورة الأنبياء(21): آية 84 ..... ص : 833

قوله تعالى:

وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ [84]

7181/ [1]- محمد بن يعقوب، بإسناده عن يحيى بن عمران، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قلت: ولده كيف اوتي مثلهم معهم؟

قال: «أحيا له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل البلية، و أحيا له أهله الذين ماتوا قبل ذلك بآجالهم، مثل الذين هلكوا يومئذ».

7182/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عيسى بن زياد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ.

قال: «أحيا الله له أهله الذين كانوا قبل البلية، و أحيا أهله الذين ماتوا و هو في البلية».

و ستأتي- أن شاء الله تعالى- الروايات في قصة أيوب في سورة ص «1».

سورة الأنبياء(21): آية 87 ..... ص : 833

قوله تعالى:

وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [87] 7183/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: هو يونس، وَ ذَا النُّونِ أي ذا الحوت.

7184/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي șƠمحمد بن الجهم، عن الرضا (عليه السلام)، فيما سأله المأمون عن عصمة

__________________________________________________

1- الكافي 8: 252/ 354.

2- تفسير القمّي 2: 74.

3- تفسير القمّي 2: 74.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 201/ 1.

(1) يأتي في تفسير الآيات (41- 44) من سورة ص.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 3، ص: 834

قال الرضا (عليه السلام): «ذلك يونس بن متى (عليه السلام)، ذهب مغاضبا لقومه فَظَنَّ بمعنى استيقن أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أي لن نضيق عليه رزقه، و منه قول الله تعالى: وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ «1» أي ضيق و قتر، فَنادى فِي الظُّلُماتِ أي: ظلمة الليل، و ظلمة البحر، و ظلمة بطن الحوت: أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لتركي مثل هذه العبادة التي قد فرغتني لها في بطن الحوت، فاستجاب الله له، و قال تعالى: فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ «2»».

فقال المأمون: لله درك، يا أبا الحسن.

7185/ [3]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنه)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، عن الرضا (عليه السلام)، فيما أجاب به علي بن محمد بن الجهم في عصمة الأنبياء، فقال له: يا بن رسول الله، أتقول بعصمة الأنبياء؟ فقال: «نعم، فقل ما تعلم» فذكر الآي، إلى أن قال:

و قوله عز و جل: وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ.

فقال (عليه السلام): «و أما قوله عز و جل: وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ إنما ظن- بمعنى استيقن- أن الله لن يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول الله عز و جل: وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ «3» أي ضيق عليه، و لو ظن أن

الله لن يقدر عليه لكان قد كفر».

7186/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيت ام سلمة في ليلتها» فقدته من الفراش، فدخلها من ذلك ما يدخل النساء، فقامت تطلبه في جوانب البيت، حتى انتهت إليه و هو في جانب من البيت قائم رافع يديه يبكي، و هو يقول: اللهم لا تنزع عني صالح ما أعطيتني أبدا، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، اللهم لا تشمت بي عدوا، و لا حاسدا أبدا، اللهم و لا تردني في سوء استنقذتني منه أبدا.

فانصرفت ام سلمة تبكي حتى انصرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) لبكائها، فقال لها: ما يبكيك، يا ام سلمة؟

فقالت: بأبي أنت و امي- يا رسول الله- و لم لا أبكي و أنت بالمكان الذي أنت به من الله، و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر، تسأله أن لا يشمت بك عدوا أبدا و أن لا يكلك إلى نفسك طرفة عين أبدا، و أن لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا، و أن لا ينزع عنك صالح ما أعطاك أبدا؟

فقال: يا ام سلمة، و ما يؤمنني؟ و إنما و كل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين فكان منه ما كان».

__________________________________________________

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 191/ 1.

4- تفسير القمّي 2: 74.

(1) الفجر 89: 16.

(2) الصافات 37: 143 و 144.

(3) الفجر 89: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 835

7187/ [5]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن

أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً يعني من أعمال قومه: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ يقول: ظن أن لن يعاقب بما «1» صنع».

7188/ [6]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد العاصمي، عن علي بن الحسن التيملي، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال له رجل من أهل خراسان بالربذة: جعلت فداك، لم أرزق ولدا.

فقال له: «إذا رجعت إلى بلادك و أردت أن تأتي أهلك فاقرأ إذا أردت ذلك: وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ إلى ثلاث آيات، فإنك ترزق ولدا إن شاء الله تعالى».

سورة الأنبياء(21): الآيات 89 الي 90 ..... ص : 835

قوله تعالى:

وَ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ- إلى قوله تعالى- وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً [89- 90] 7189/ [1]- و في رواية علي بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ وَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ قال: كانت لا تحيض فحاضت.

7190/ [2]- ابن بابويه في (أماليه) قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا محمد بن سعيد بن أبي شحمة، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن هاشم «2» القناني البغدادي «3»، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا حسان بن عبد الله الواسطي، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من زهد يحيى بن زكريا (عليهما السلام) أنه أتى بيت المقدس، فنظر إلى المجتهدين من الأحبار و

الرهبان عليهم مدارع الشعر، و برانس «4» الصوف، و إذا هم قد خرقوا تراقيهم، و سلكوا فيها السلاسل، و شدوها إلى سواري المسجد، فلما نظر إلى ذلك أتى امه، فقال: يا أماه، انسجي لي مدرعة من شعر، و برنسا من صوف،

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 75.

6- الكافي 6: 10/ 10.

1- تفسير القمّي 2: 75. [.....]

2- الأمالي: 33/ 2.

(1) في «ط»: فيما.

(2) في «ج» و المصدر: أبو محمّد عبد اللّه بن سعيد بن هاشم.

(3) في المصدر زيادة: سنة خمس و ثمانين و مائتين.

(4) البرنس: كلّ ثوب رأسه منه ملزوق به. «مجمع البحرين- برس- 4: 52».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 836

حتى آتي بيت المقدس فأعبد الله مع الأحبار و الرهبان. فقالت له امه: حتى يأتي نبي الله و استأمره «1» في ذلك.

فلما دخل زكريا (عليه السلام) أخبرته بمقالة يحيى، فقال له زكريا: يا بني، ما يدعوك إلى هذا، و إنما أنت صبي صغير؟ فقال له: يا أبت، أما رأيت من هو أصغر سنا مني و قد أدركه «2» الموت؟ قال: بلى، ثم قال لأمه: انسجي له مدرعة من شعر، و برنسا من صوف. ففعلت، فتدرع المدرعة على بدنه، و وضع البرنس على رأسه، ثم أتى بيت المقدس، فأقبل يعبد الله عز و جل مع الأحبار حتى أكلت مدرعة الشعر لحمه.

فنظر ذات يوم إلى ما قد نحل من جسمه، فبكى، فأوحى الله عز و جل إليه، يا يحيى، أ تبكي مما قد نحل من جسمك! و عزتي و جلالي لو اطلعت إلى النار اطلاعة لتدرعت مدرعة الحديد فضلا عن المنسوج «3». فبكى حتى أكلت الدموع لحم خديه، و بدت للناظرين أضراسه، فبلغ ذلك امه، فدخلت عليه، و أقبل

زكريا (عليه السلام)، و اجتمع الأحبار و الرهبان فأخبروه بذهاب لحم خديه، فقال: ما شعرت بذلك.

فقال زكريا (عليه السلام): يا بني، ما يدعوك إلى هذا؟ إنما سألت ربي أن يهبك لي لتقر بك عيني. قال: أنت أمرتني بذلك، يا أبت. قال: و متى ذلك، يا بني. قال: أ لست القائل: إن بين الجنة و النار لعقبة لا يجوزها إلا البكاءون من خشية الله؟ قال: بلى؟ فجد و اجتهد، و شأنك غير شأني.

فقام يحيى فنفض مدرعته، فأخذته امه، فقالت: أ تأذن لي- يا بني- أن أتخذ لك قطعتي لبود تواريان أضراسك، و تنشفان دموعك؟ قال لها: شأنك، فاتخذت له قطعتي لبود تواريان أضراسه، و تنشفان دموعه، فبكى حتى ابتلتا من دموع عينيه. فحسر عن ذراعيه، ثم أخذهما فعصرهما، فتحدرت الدموع من بين أصابعه، فنظر زكريا إلى ابنه، و إلى دموع عينيه، فرفع رأسه إلى السماء، فقال: اللهم إن هذا ابني، و هذه دموع عينيه، و أنت أرحم الراحمين.

و كان زكريا (عليه السلام) إذا أراد أن يعظ بني إسرائيل يلتفت يمينا و شمالا، فإن رأى يحيى (عليه السلام) لم يذكر جنة و لا نارا، فجلس ذات يوم يعظ بني إسرائيل، و أقبل يحيى و قد لف رأسه بعباءة، فجلس في غمار الناس، و التفت زكريا يمينا و شمالا فلم ير يحيى (عليه السلام)، فأنشأ يقول: حدثني حبيبي جبرئيل عن الله تبارك و تعالى: أن في جهنم جبلا يقال له السكران، و في أصل ذلك الجبل واد يقال له الغضبان، لغضب الرحمن تبارك و تعالى، في ذلك الوادي جب قامته مائة عام، في ذلك الجب توابيت من نار، في تلك التوابيت صناديق من نار، و ثياب من نار،

و سلاسل من نار، و أغلال من نار.

فرفع يحيى (عليه السلام) رأسه، فقال: وا غفلتاه عن (السكران). ثم أقبل هائما على وجهه، فقام زكريا (عليه السلام) من مجلسه، فدخل على ام يحيى، فقال لها: يا ام يحيى، قومي فاطلبي يحيى، فإني قد تخوفت أن لا نراه إلا و قد ذاق الموت. فقامت، فخرجت في طلبه حتى مرت بفتيان من بني إسرائيل، فقالوا لها: يا ام يحيى، أين تريدين؟

__________________________________________________

(1) أي أستشيره.

(2) في «ط» نسخة بدل و المصدر: و قد ذاق.

(3) في «ج»: المسوح. و هي الألبسة المتّخذة من الشعر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 837

قالت: أريد أن أطلب ولدي يحيى، ذكرت النار بين يديه، فهام على وجهه.

فمضت ام يحيى و الفتية معها، حتى مرت براعي غنم، فقالت له: يا راعي، هل رأيت شابا من صفته كذا و كذا؟ فقال لها: لعلك تطلبين يحيى بن زكريا؟ قالت: نعم، ذاك ولدي، ذكرت النار بين يديه، فهام على وجهه، فقال: إني تركته الساعة على عقبة ثنية كذا و كذا، ناقعا قدميه في الماء، رافعا نظره إلى السماء، يقول: و عزتك- يا مولاي- لا ذقت بارد الشراب حتى أنظر إلى منزلتي منك.

فأقبلت امه، فلما رأته ام يحيى دنت منه، فأخذت برأسه، فوضعته بين يديها، و هي تناشده بالله ينطلق معها إلى المنزل، فانطلق معها حتى أتى المنزل، فقالت له امه: هل لك أن تخلع مدرعة الشعر، و تلبس مدرعة الصوف، فإنه ألين؟ ففعل، و طبخ له عدس، فأكل و استوفى، فنام، فذهب به النوم فلم يقم لصلاته، فنودي في منامه: يا يحيى بن زكريا أردت دارا خيرا من داري، و جوارا خيرا من جواري؟ فاستيقظ فقام، فقال: يا رب، أقلني

عثرتي، إلهي فو عزتك لا أستظل [بظل سوى بيت المقدس.

و قال لامه: ناوليني مدرعة الشعر، فقد علمت أنكما ستورداني المهالك. فتقدمت امه فدفعت إليه المدرعة، و تعلقت به، فقال لها زكريا (عليه السلام): يا ام يحيى، دعيه، فإن ولدي قد كشف له عن قناع قلبه، و لن ينتفع بالعيش. فقام يحيى (عليه السلام)، فلبس مدرعته، و وضع البرنس على رأسه، ثم أتى بيت المقدس، فجعل يعبد الله عز و جل مع الأحبار حتى كان من أمره ما كان».

7191/ [3]- سليم بن قيس الهلالي في (كتابه): في حديث لأمير المؤمنين (عليه السلام) مع معاوية، قال له: «يا معاوية، إنا أهل بيت «1» اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، و لم يرض لنا الدنيا ثوابا، و قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنت و وزيرك و صويحبك، يقول: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا كتاب الله دخلا، و عباد الله خولا، و مال الله دولا، يا معاوية، إن نبي الله زكريا قد نشر بالمناشير، و يحيى بن زكريا قتله قومه و هو يدعوهم إلى الله عز و جل، و ذلك لهوان الدنيا على الله. إن أولياء الشيطان قد حاربوا أولياء الرحمن، و قد قال الله عز و جل في كتابه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ يَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «2».

يا معاوية، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد أخبرني أن أمته ستخضب لحيتي من دم رأسي، و أني مستشهد، و ستلي الامة من بعدي «3»، و أنك ستقتل ابني حسنا عدوانا بالسم، و ابنك سيقتل ابني حسينا، يلي

ذلك منه ابن زانية».

__________________________________________________

3- كتاب سليم بن قيس: 158.

(1) في «ط»: البيت.

(2) آل عمران 3: 21.

(3) في «ج، ي، ط»: و انّك ستبلى بي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 838

7192/ [4]- ابن بابويه: بإسناده عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه اليماني، قال: انطلق إبليس يستقرئ مجالس بني إسرائيل أجمع ما يكونون، و يقول في مريم، و يقذفها بزكريا (عليه السلام)، حتى التحم الشر، و شاعت الفاحشة على زكريا (عليه السلام).

فلما رأى زكريا (عليه السلام) ذاك هرب، و اتبعه سفهاؤهم و شرارهم، و سلك في واد كثير النبت، حتى إذا توسطه انفرج له جذع شجرة، فدخل فيه (عليه السلام)، و انطبقت عليه الشجرة، و أقبل إبليس يطلبه معهم حتى انتهى إلى الشجرة التي دخل فيها زكريا (عليه السلام)، فقاس لهم إبليس الشجرة من أسفلها إلى أعلاها، حتى إذا وضع يده على موضع القلب من زكريا، أمرهم فنشروا بمناشيرهم، و قطعوا الشجرة، و قطعوه في وسطها، ثم تفرقوا عنه و تركوه، و غاب عنهم إبليس حين فرغ مما أراد، فكان آخر العهد منهم به، و لم يصب زكريا (عليه السلام) من ألم المنشار شي ء، ثم بعث الله عز و جل الملائكة، فغسلوا زكريا و صلوا عليه ثلاثة أيام من قبل أن يدفن و كذلك الأنبياء (عليهم السلام) لا يتغيرون، و لا يأكلهم التراب، و يصلى عليهم ثلاثة أيام، ثم يدفنون.

7193/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث بخت نصر، و قتله بني إسرائيل، قال: «فلما وافى- يعني بخت نصر- بيت المقدس نظر إلى

جبل من تراب وسط المدينة، و إذا دم يغلي وسطه، كلما ألقي عليه التراب خرج و هو يغلي، فقال بخت نصر: ما هذا؟ فقالوا: هذا دم نبي كان لله قتله ملوك بني إسرائيل، و دمه يغلي، و كلما ألقينا عليه التراب خرج و هو يغلي. فقال بخت نصر: لأقتلن بني إسرائيل أبدا حتى يسكن هذا الدم.

و كان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا (عليه السلام)، و كان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني إسرائيل، و كان يمر بيحيى بن زكريا (عليه السلام)، فقال له يحيى (عليه السلام): اتق الله- أيها الملك- لا يحل لك هذا. فقالت له امرأة من اللواتي كان يزني بهن حين سكر: أيها الملك، اقتل هذا، فأمر أن يؤتى برأسه، فأتي برأس يحيى (عليه السلام) في طست، و كان الرأس يكلمه، و يقول له: يا هذا، اتق الله، لا يحل لك هذا، ثم علا الدم في الطست حتى فاض إلى الأرض، فخرج يغلي و لا يسكن.

و كان بين قتل يحيى و خروج بخت نصر، مائة سنة، و لم يزل بخت نصر يقتلهم، و كان يدخل قرية قرية فيقتل الرجال، و النساء، و الصبيان، و كل حيوان، و الدم يغلي و لا يسكن، حتى أفناهم، فقال: أبقي أحد في هذه البلاد؟

فقالوا: عجوز في موضع كذا و كذا، فبعث إليها، فضرب عنقها على الدم، فسكن، و كانت آخر من بقي».

و الحديث طويل، ذكرناه بطوله في قوله تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها، من سورة البقرة «1».

__________________________________________________

4- علل الشرائع: 80/ 1.

5- تفسير القمّي 1: 88. [.....]

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (259) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 3، ص: 839

و الحديث طويل، ذكرناه بطوله في قوله تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها، من سورة البقرة «1».

7194/ [6]- ابن شهر آشوب: عن الحسن بن علي (عليهما السلام)- في خبر وفاة أبيه-: «و لقد صعد بروحه- يعني بروح أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)- في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن زكريا (عليه السلام)».

7195/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً قال: راغبين راهبين.

7196/ [8]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي، بإسناده عن علي بن داود، قال: حدثني رجل من ولد ربيعة بن عبد مناف: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما بارز علي (عليه السلام) عمرا رفع يديه، ثم قال: «اللهم إنك أخذت مني عبيدة بن الحارث يوم بدر، و أخذت مني حمزة يوم احد، و هذا علي فلا تذرني فردا و أنت خير الوارثين».

سورة الأنبياء(21): الآيات 91 الي 94 ..... ص : 839

قوله تعالى:

وَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها- إلى قوله تعالى- فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ [91- 94] 7197/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها قال: مريم، لم ينظر إليها بشر، قال:

قوله تعالى: فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا قال «2»: ريح مخلوقة، قال: يعني من أمرنا. قال: قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ أي لا يبطل سعيه.

سورة الأنبياء(21): آية 95 ..... ص : 839

قوله تعالى:

وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ [95] 7198/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي بصير، و محمد بن

__________________________________________________

6- المناقب 3: 313.

7- تفسير القمّي 2: 75.

8- تأويل الآيات 1: 329/ 13.

1- تفسير القمّي 2: 75.

2- تفسير القمّي 2: 75.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (259) من سورة البقرة.

(2) في المصدر: روح مخلوقة بأمر اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 840

7199/ [1]- بعض المعاصرين في كتاب له في الرجعة: بالإسناد، في قوله تعالى: وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ.

قال الصادق (عليه السلام): «كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في «1» الرجعة، و أما في القيامة فيرجعون، و من محض الإيمان محضا، و غيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب و محضوا الكفر محضا يرجعون».

سورة الأنبياء(21): آية 96 ..... ص : 840

قوله تعالى:

حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ [96]

7200/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير- في حديث خبر ذي القرنين، و قد تقدم في سورة الكهف «2»- قال فيه: «إذا كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد، و خرج يأجوج و مأجوج إلى الدنيا، و أكلوا الناس، و هو قوله تعالى:

حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ».

7201/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج و مأجوج إلى الدنيا، و يأكلون الناس.

و قد تقدم حديث يأجوج و مأجوج في سورة الكهف «3».

سورة الأنبياء(21): الآيات 98 الي 103 ..... ص : 840

قوله تعالى:

إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ- إلى قوله تعالى- هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [98- 103] 7202/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ إلى قوله

__________________________________________________

1- الرجعة للميرزا محمّد مؤمن الأسترآبادي: 20 «مخطوط».

2- تفسير القمّي 2: 40.

3- تفسير القمّي 2: 76.

4- تفسير القمّي 2: 76.

(1) في «ط»: إلى.

(2) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (83- 98) من سورة الكهف. [.....]

(3) تقدّم في تفسير سورة الكهف (باب في يأجوج و مأجوج).

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 841

تعالى: وَ هُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ.

قال:

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية وجد «1» منها أهل مكة وجدا شديدا، فدخل عليهم عبد الله بن الزبعرى «2»، و كفار قريش يخوضون في هذه الآية، فقال ابن الزبعرى: أ محمد تكلم بهذه

الآية؟ قالوا: «نعم». قال: لئن اعترف بهذه لأخصمنه. فجمع بينهما فقال: يا محمد، أ رأيت الآية التي قرأت آنفا، أ فينا و في آلهتنا خاصة، أم في امم من الأمم الماضية و آلهتهم؟

قال (صلى الله عليه و آله): بل فيكم و في آلهتكم، و في الأمم الماضية و في آلهتهم. إلا من استثنى الله.

فقال ابن الزبعرى: لأخصمنك- و الله- أ لست تثني على عيسى خيرا، و قد عرفت أن النصارى يعبدون عيسى و امه، و أن طائفة من الناس يعبدون الملائكة، أ فليس هؤلاء مع الآلهة في النار؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا. فضجت قريش و ضحكوا، و قالوا: خصمك ابن الزبعرى. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قلتم الباطل، أما قلت إلا من استثنى الله و هو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ».

قال: «قوله تعالى: حَصَبُ جَهَنَّمَ يقول: يقذفون فيها قذفا». قال: «قوله تعالى: أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ يعني الملائكة و عيسى بن مريم (عليهما السلام)».

7203/ [2]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ناسخة لقوله: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها «3».

7204/ [3]- عبد الله بن جعفر الحميري، بإسناده عن مسعدة بن زياد، قال: حدثني جعفر، عن أبيه، أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «إن الله تبارك و تعالى يأتي يوم القيامة بكل شي ء يعبد من دونه، من شمس أو قمر أو غير ذلك، ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد، فيقول كل من عبد غيره: ربنا إنا كنا نعبدها لتقربنا إليك

زلفى. فيقول الله تبارك و تعالى للملائكة: اذهبوا بهم، و بما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت، فأولئك عنها مبعدون».

7205/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أبو جعفر الحسن بن علي بن الوليد الفسوي، بإسناده عن النعمان ابن بشير، قال: كنا ذات ليلة عند علي بن أبي طالب (عليه السلام) سمارا إذ قرأ هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ،

__________________________________________________

2- تفسير القمي 2: 77.

3- قرب الاسناد: 41.

4- تأويل الآيات 1: 329/ 14، تفسير البيضاوي 2: 79، الدر المنثور 5: 681، روح المعاني 17: 97.

(1) وجد: حزن. «الصحاح- وجد- 2: 547».

(2) عبد الله بن الزبعرى بن قيس السهمي القرشي، أبو سعد، شاعر قريش في الجاهلية. كان شديدا على المسلمين إلى أن كفتحت مكة، فهرب إلى نجران، فقال فيه حسان أبياتا، فلما بلغته عاد إلى مكة، فأسلم و اعتذر، و مدح النبي (صلى الله عليه و آله) فأمر له بحلة. الأغاني 14: 11، شرح شواهد المغني 2: 551، أعلام الزركلي 4: 87.

(3) مريم 19: 71.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 842

فقال: «أنا منهم» و أقيمت الصلاة فوثب و دخل المسجد و هو يقول:

لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ ثم كبر للصلاة.

و رواه أيضا صاحب (كشف الغمة): عن النعمان بن بشير، و ذكر الحديث بعينه «1».

7206/ [5]- و عنه، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سهل النيسابوري، حديثا يرفعه بإسناده إلى ربيع بن بزيع «2»، قال: كنا عند عبد الله بن عمر، فقال له رجل من بني تيم الله، يقال له حسان بن راضية «3»: يا أبا عبد الرحمن لقد رأيت رجلين ذكرا عليا و عثمان فنالا منهما.

فقال

ابن عمر: إن كانا لعناهما فلعنهما الله تعالى، ثم قال: ويلكم- يا أهل العراق- كيف تسبون رجلا هذا منزله من منزل رسول الله (صلى الله عليه و آله). و أشار بيده إلى بيت علي (عليه السلام) في المسجد فقال: فورب هذه الحرمة إنه من الذين سبقت لهم منا الحسنى «4». يعني بذلك عليا (عليه السلام).

7207/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، بإسناده عن جميل بن دراج، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يبعث الله شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب و عيوب مبيضة مسفرة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم، قد سهلت لهم الموارد، و ذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقا من ياقوت فلا يزالون يدورون خلال الجنة، عليهم شراك من نور يتلألأ، توضع لهم الموائد، فلا يزالون يطعمون و الناس في الحساب، و هو قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ».

7208/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم)، قال: «قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله) على منبره: يا علي، إن الله عز و جل وهب لك حب المساكين و المستضعفين في الأرض، فرضيت بهم إخوانا، و رضوا بك إماما، فطوبى لمن أحبك و صدق عليك، و الويل لمن أبغضك و كذب عليك.

يا علي، أنت العلم «5»

لهذه الامة، من أحبك فاز، و من أبغضك هلك.

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 329/ 15.

6- تأويل الآيات 1: 33/ 16.

7- الأمالي: 45/ 2.

(1) كشف الغمة 1: 320.

(2) في المصدر: ربيع بن قريع.

(3) في «ج، ي» و المصدر: حسان بن رابضة.

(4) في المصدر زيادة: مالها مردود. [.....]

(5) في «ط»: العالم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 843

عليك، و الويل لمن أبغضك و كذب عليك.

يا علي، أنت العلم «1» لهذه الامة، من أحبك فاز، و من أبغضك هلك.

يا علي، أنا مدينة العلم و أنت بابها، و هل تؤتى المدينة إلا من بابها.

يا علي، أهل مودتك كل أواب حفيظ، و كل ذي طمرين «2»، لو أقسم على الله لأبر قسمه.

يا علي، إخوانك كل طاهر زاك مجتهد، يحب فيك و يبغض فيك، محقر عند الخلق، عظيم المنزلة عند الله عز و جل.

يا علي، محبوك جيران الله عز و جل في دار الفردوس، لا يأسفون على ما خلفوا «3».

يا علي، أنا ولي لمن واليت، و عدو لمن عاديت.

يا علي، من. حبك فقد أحبني، و من أبغضك فقد أبغضني.

يا علي، إخوانك ذبل الشفاه، تعرف الرهبانية في وجوههم.

يا علي، إخوانك يفرحون في ثلاثة مواطن: عن خروج أنفسهم، و أنا شاهدهم و أنت، و عند المساءلة في قبورهم، و عند العرض الأكبر، و عند الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا.

يا علي، حربك حربي، و سلمك سلمي، و حربي حرب الله، و سلمي سلم الله، فمن سالمك فقد سالمني، و من سالمتني فقد سالم الله عز و جل.

يا علي، بشر إخوانك، فإن الله عز و جل قد رضى عنهم إذ رضيك لهم قائدا و رضوا بك وليا.

يا علي، أنت أمير المؤمنين، و قائد الغر

المحجلين.

يا علي، شيعتك المنتجبون، و لو لا أنت و شيعتك ما قام لله عز و جل دين، و لو لا من «4» في الأرض منكم لما أنزلت السماء قطرها.

يا علي، لك كنز في الجنة و أنت ذو قرنيها، و شيعتك تعرف بحزب الله عز و جل.

يا علي، أنت و شيعتك القائمون «5» بالقسط، و خيرة الله من خلقه.

يا علي، أنا أول من ينفض التراب عن رأسه و أنت معي، ثم سائر الخلق.

يا علي، أنت و شيعتك على الحوض تسقون من أحببتم و تمنعون من كرهتم، و أنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس و لا تفزعون، و يحزن الناس و لا تحزنون، و فيكم نزلت هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ، و فيكم نزلت: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ __________________________________________________

(1) في «ط»: العالم.

(2) الطّمر: الثوب الخلق. «الصحاح- طمر- 2: 726»، و في المصدر: كلّ طمر، و المراد به: الذي لا يملك شيئا، و في «ط» نسخة بدل: كلّ طمر.

(3) في «ط»: نسخة بدل: ما فاتهم.

(4) في «ج، ي»: ما.

(5) في «ط» نسخة بدل: الفائزون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 844

و يسألون الله لمحبيكم، و يفرحون بمن قدم عليهم منكم، كما يفرح الأهل بالغائب القادم بعد طول الغيبة.

يا علي، شيعتك الذين يخافون الله في السر، و ينصحونه في العلانية.

يا علي، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات، لأنهم يلقون الله عز و جل و ما عليهم من ذنب.

يا علي، أعمال شيعتك تعرض علي في كل يوم جمعة فأفرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم، و أستغفر لسيئاتهم.

يا علي، ذكرك في التوراة، و ذكر شيعتك قبل أن يخلقوا

بكل خير، و كذلك في الإنجيل، فاسأل أهل الإنجيل و أهل الكتاب عن أليا يخبروك مع علمك بالتوراة و الإنجيل، و ما أعطاك الله عز و جل من علم الكتاب، و إن أهل الإنجيل ليتعاظمون أليا و ما يعرفونه و ما يعرفون شيعته، و إنما يعرفونهم بما يجدونه في كتبهم.

يا علي، إن أصحابك ذكرهم في السماء أكبر و أعظم من ذكر أهل الأرض لهم بالخير، فليفرحوا بذلك و ليزدادوا اجتهادا.

يا علي إن أرواح شيعتك تصعد إلى السماء في رقادهم و وفاتهم، فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقا إليهم، و لما يرون من منزلتهم عند الله عز و جل.

يا علي، قل لأصحابك العارفين بك يتنزهون «1» عن الأعمال التي يقارفها عدوهم، فما من يوم و ليلة إلا و رحمة من الله تبارك و تعالى تغشاهم فليجتنبوا الدنس.

يا علي، اشتد غضب الله عز و جل على من قلاهم و برى ء منك و منهم، و استبدل بك و بهم، و مال إلى عدوك، و تركك و شيعتك و اختار الضلال، و نصب الحرب لك و لشيعتك، و أبغضنا أهل البيت، و أبغض من والاك و نصرك و اختارك و بذل مهجته و ماله فينا.

يا علي، اقرأهم مني السلام، من لم أر منهم و لم يرني و أعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم، فليلقوا علمي إلى من يبلغ القرون من بعدي، و ليتمسكوا بحبل الله و ليعتصموا به، و ليجتهدوا في العمل، فإنا لم نخرجهم من هدى إلى ضلالة، و أخبرهم أن الله عز و جل راض عنهم، و أنه يباهي بهم ملائكته، و ينظر إليهم في كل جمعة برحمته «2»، و يأمر الملائكة أن تستغفر

لهم.

يا علي، لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أني أحبك فأحبوك لحبي إياك، و دانوا الله عز و جل بذلك، و أعطوك صفو المودة في قلوبهم، و اختاروك على الآباء و الإخوة و الأولاد و سلكوا طريقك، و قد حملوا على المكاره فينا، فأبوا إلا نصرنا و بذلك المهج فينا مع الأذى و سوء القول، و ما يقاسونه من مضاضة ذلك، فكن بهم رحيما و اقنع بهم، فإن الله تبارك و تعالى اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق، و خلقهم من طينتنا، و استودعهم سرنا، و ألزم قلوبهم معرفة حقنا، و شرح صدورهم، و جعلهم مستمسكين بحبلنا، لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يزول

__________________________________________________

(1) في «ج، ي»: يتنزعون.

(2) في «ي»: برحمة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 845

من الدنيا عنهم، أيدهم الله، و سلك بهم طريق الهدى، فاعتصموا به و الناس في غمة الضلالة، متحيرون في الأهواء، عموا عن الحجة و ما جاء من عند الله عز و جل، فهم يصبحون و يمسون في سخط الله، و شيعتك على منهاج الحق و الاستقامة، لا يستأنسون إلى من خالفهم، و ليست الدنيا منهم، و ليسوا منها، أولئك مصابيح الدجى أولئك مصابيح الدجى».

7209/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن عمرو بن أبي شيبة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول ابتداء منه: «إن الله إذا بدا له أن يبين خلقه و يجمعهم لما لا بد منه، أمر مناديا ينادي فيجتمع الإنس و الجن في أسرع من طرفة عين، ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل و كانت من وراء الناس، و أذن للسماء الثانية فتنزل

و هي ضعف التي تليها، فإذا رآها أهل السماء الدنيا قالوا: جاء ربنا. قالوا: و هو «1» آت- يعني أمره- حتى تنزل كل سماء، تكون كل واحدة منها من وراء الاخرى، و هي ضعف التي تليها.

ثم ينزل أمر الله في ظلل من الغمام و الملائكة و قضي الأمر و إلى الله ترجع الأمور، ثم يأمر الله مناديا ينادي:

يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ «2»».

قال: و بكى (عليه السلام) حتى إذا سكت، قال: قلت: جعلني الله فداك يا أبا جعفر، و أين رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام). و شيعته؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «رسول الله و علي (عليهما السلام) و شيعته على كثبان من المسك الأذفر «3»، على منابر من نور، يحزن الناس و لا يحزنون، و يفزع الناس و لا يفزعون». ثم تلا هذه الآية: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ «4» فالحسنة- و الله- ولاية علي (عليه السلام). ثم قال: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ.

7210/ [9]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيفا، كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، و أن يهون عليه سكرات الموت و أن يوسع عليه في قبره و أن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى، و هو قول الله عز و جل في كتابه:

وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ».

__________________________________________________

8- تفسير القمّي 2: 77.

9- الكافي 2: 163/ 1.

(1) في «ط»: لا، هو.

(2) الرحمن 55: 33.

(3) الذفر: شدّة ذكاء الريح، و المسك الأذفر: أي جيّد بيّن الذفّر «مجمع البحرين- ذفر- 3: 309».

(4) النمل 27: 89. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 846

7211/ [10]- محمد بن العباس، قال: حدثنا حميد بن زياد، بإسناد يرفعه إلى أبي جميلة، عن عمرو بن رشيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال- في حديث-: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: إن عليا و شيعته يوم القيامة على كثبان المسك الأذفر، يفزع الناس و لا يفزعون، و يحزن الناس، و لا يحزنون، و هو قول الله عز و جل:

لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ».

7212/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، يرفعه إلى أبي بصير، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، في حديث طويل مثل ما تقدم من رواية الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1» ببعض التغيير اليسير، و في الحديث-: «يا علي، أنت و شيعتك القائمون بالقسط، و خيرة الله من خلقه.

يا علي، أنا أول من ينفض التراب عن رأسه و أنت معي، ثم سائر الخلق.

يا علي، أنت و شيعتك على الحوض، تسقون من أحببتم، و تمنعون من كرهتم، و أنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس و لا تفزعون، و يحزن الناس و لا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي

مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ.

يا علي، أنت و شيعتك تطلبون في الموقف، و أنتم في الجنان تتنعمون» و ساق الحديث بطوله.

و ابن بابويه: أورد حديث الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) السابق في كتاب (الأمالي) «2».

و حديث أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) هذا أورده في كتاب (فضائل الشيعة) «3».

سورة الأنبياء(21): آية 104 ..... ص : 846

قوله تعالى:

يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ [104]

7213/ [1]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد) قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما من أحد إلا و معه ملكان يكتبان ما يلفظه، ثم يرفعان ذلك إلى

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 1: 33/ 17.

11- فضائل الشيعة: 55/ 17.

1- الزهد: 53/ 141.

(1) تقدّم في الحديث (7) من تفسير هذه الآيات.

(2) الأمالي: 450/ 2.

(3) فضائل الشيعة: 55/ 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 847

ملكين فوقهما، فيثبتان ما كان من خير و شر، و يلقيان ما سوى ذلك».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة (ق) من الروايات في ذلك «1».

7214/ [1]- و عنه: عن النضر بن سويد، عن الحسين بن موسى، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن في الهواء ملكا يقال له: إسماعيل، على ثلاث مائة ألف ملك، كل واحد منهم على مائة ألف، يحصون أعمال العباد، فإذا كان رأس السنة بعث الله إليهم ملكا، يقال له: السجل، فانتسخ ذلك منهم، و هو قول الله تبارك و تعالى:

يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ.

7215/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: السجل: اسم الملك الذي يطوي الكتب، و معنى نطويها:

أي نفنيها، فتتحول دخانا و الأرض نيرانا.

سورة الأنبياء(21): الآيات 105 الي 106 ..... ص : 847

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ [105- 106]

7216/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سأله عن قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ما الزبور، و ما الذكر؟

قال: «الذكر عند الله، و الزبور الذي انزل على داود، و كل كتاب نزل فهو عند أهل العلم، و نحن هم».

7217/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن الحسين بن مخارق، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ هو آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

7218/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن سفيان بن إبراهيم الجريري، عن أبي صادق، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- الزهد: 54/ 145.

2- تفسير القمي 2: 77.

3- الكافي 1: 176/ 6.

4- تأويل الآيات 1: 332/ 19.

5- تأويل الآيات 1: 332/ 20.

(1) يأتي في تفسير الآيتين (17، 18) من سورة ق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 848

وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ قال: «هم نحن».

قال: قلت: إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ؟ قال: «هم شيعتنا».

7219/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن

عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ.

قال: آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)، و من تابعهم على منهاجهم، و الأرض أرض الجنة».

7220/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن «1» أحمد بن الحسن، عن أبيه «2»، عن الحسين بن محمد ابن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان» «3».

7221/ [6]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: الكتب كلها ذكر، و أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ قال: القائم (عليه السلام) و أصحابه.

7222/ [7]- الطبرسي قال أبو جعفر (عليه السلام): «هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان».

7223/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: الزبور فيه ملاحم و تحميد و تمجيد و دعاء.

سورة الأنبياء(21): آية 112 ..... ص : 848

قوله تعالى:

قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ [112] 7224/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: معناه لا تدع للكفار، و الحق: الانتقام من الظالمين. و مثله في سورة آل عمران لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ «4».

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 1: 332/ 21.

5- تأويل الآيات 1: 332/ 22. [.....]

6- تفسير القمّي 2: 77، ينابيع المودة: 425.

7- مجمع البيان 7: 106.

8- تفسير القمّي 2: 77.

9- تفسير القمّي 2: 78.

(1) في «ط، ي»: بن.

(2) (أبيه) ليس في «ج، ط» نسخة بدل: عن أبيه الحسين.

(3) في «ط» زيادة: هذا الذي يحضرني من سند الحديث، و فيه ما فيه، و اللّه أعلم.

(4) آل عمران 3: 128.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 3، ص: 849

سورة الحج ..... ص : 849

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 851

سورة الحج فضلها ..... ص : 851

7225/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة الحج في كل ثلاثة أيام لم تخرج سنته «1» حتى يخرج إلى بيت الله الحرام، و إن مات في سفره دخل الجنة».

قلت: فإن كان مخالفا؟ قال: يخفف عنه بعض ما هو فيه».

7226/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة اعطي من الحسنات بعدد من حج و اعتمر، فيما مضى و فيما بقي، و من كتبها في رق ظبي و جعلها في مركب، جاءت له الريح من كل جانب و ناحية، و أصيب ذلك المركب من كل جانب، و احيط به و بمن فيه، و كان هلاكهم و بوارهم، و لم ينج منهم أحد، و لا يحل أن يكتب إلا في الظالمين قاطعين السبيل محاربين».

7227/ [3]- و عن الصادق (عليه السلام)، قال: «من كتبها في رق غزال و جعلها في صحن مركب، جاءت إليه الريح من كل مكان، و اجتثت «2» المركب، و لم يسلم، و إذا كتبت ثم محيت و رشت في موضع سلطان جائر، زال ملكه بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 108.

2- .... مجمع البيان 7: 109 «قطعة منه».

3- خواصّ القرآن: 4.

(1) في «ج، ط»: سنة.

(2) في المصدر: و أصيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 853

سورة الحج(22): الآيات 1 الي 9 ..... ص : 853

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ ءٌ عَظِيمٌ- إلى قوله تعالى- وَ نُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ [1- 5]

7228/ [1]- الشيخ في (أماليه) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال:

أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيما كتب إلى محمد بن أبي بكر حين ولاه مصر، و أمره أن يقرأه على أهلها، و في الحديث: «يا عباد الله، إن بعد البعث ما هو أشد من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، و يسكر منه «1» الكبير، و يسقط فيه الجنين، و تذهل كل مرضعة عما أرضعت، يوم عبوس قمطرير، يوم كان شره مستطيرا.

إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم، و ترعد «2» منه السبع الشداد، و الجبال الأوتاد «3»، و الأرض المهاد، و تنشق السماء فهي يومئذ واهية، و تتغير فكأنها وردة كالدهان، و تكون الجبال كثيبا «4» مهيلا بعد ما كانت صما صلابا، و ينفخ في الصور، فيفزع من في السماوات، و من في الأرض إلا من شاء الله، فكيف من

__________________________________________________

1- الأمالي 1: 24. [.....]

(1) في «ط»: فيه.

(2) في المصدر: و ترعب.

(3) في «ي»: و الأوتاد.

(4) في «ط» نسخة بدل و المصدر: سرابا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 854

عصى بالسمع و البصر و اللسان و اليد و الرجل و الفرج و البطن، إن لم يغفر الله له و يرحمه من ذلك اليوم، لأنه «1» يصير إلى غيره، إلى نار قعرها بعيد، و حرها شديد، و شرابها صديد، و عذابها جديد، و مقامعها حديد، لا يفتر عذابها، و لا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة، و لا يسمع لأهلها دعوة.

و اعلموا- يا عباد الله- أن مع هذا

رحمة الله التي لا تعجز العباد، جنة عرضها كعرض السماوات و الأرض أعدت للمتقين، لا يكون معها شر أبدا، لذاتها لا تمل، و مجتمعها لا يتفرق، و سكانها قد جاوروا الرحمن، و قام بين أيديهم الغلمان بصحاف من الذهب، فيها الفاكهة و الريحان».

و قد تقدم لهذا الحديث زيادة في قوله تعالى: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ من سورة هود «2».

7229/ [2]- و عنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن صالح الصوفي الخزاز، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن علي، عن أبيه «3» محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام)، عن أبيه علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: «قيل للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): صف لنا الموت؟ قال: للمؤمن كأطيب طيب يشمه فينعش «4» لطيبه، و ينقطع التعب و الألم عنه و للكافر كلسع الأفاعي و لدغ العقارب و أشد».

7230/ [3]- و عنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثني محمد بن موسى الرقي، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبيه، عن أبان مولى زيد بن علي «5»، عن عاصم بن بهدله، عن شريح القاضي، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه يوما و هو يعظهم: «ترصدوا مواعيد الآجال، و باشروها بمحاسن الأعمال، و لا تركنوا إلى ذخائر الأموال فتحليكم «6» خدائع الآمال، إن الدنيا خداعة صراعة، مكارة غرارة «7» سحارة، أنهارها لامعة، و ثمراتها يانعة، ظاهرها سرور، و باطنها غرور، تأكلكم بأضراس المنايا، و

تبيركم بإتلاف الرزايا، لهم بها أولاد الموت، آثروا زينتها، و طلبوا رتبتها، جهل الرجل، و من ذلك الرجل؟ المولع بلذاتها، و الساكن إلى فرحتها «8»، و الآمن لغدرتها، دارت عليكم بصروفها، و رمتكم بسهام حتوفها، فهي تنزع أرواحكم نزعا، و أنتم تجمعون لها

__________________________________________________

2- الأمالي 2: 265.

3- الأمالي 2: 265.

(1) في المصدر زيادة: يقضي و.

(2) تقدّم في الحديث (8) من تفسير الآية (114) من سورة هود.

(3) في المصدر: عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن.

(4) في المصدر: فينعس.

(5) في «ي»: زيد بن أرقم.

(6) في المصدر: فتخليكم.

(7) في «ج، ي» غدّارة.

(8) في «ج»: فرجتها. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 855

جمعا، للموت تولدون، و إلى القبور تنقلون، و على التراب تتوسدون «1»، و إلى الدود تسلمون، و إلى الدود تسلمون، و إلى الحساب تبعثون.

يا ذوي الحيل و الآراء، و الفقه و الأنباء، اذكروا مصارع الآباء، فكأنكم بالنفوس قد سلبت، و بالأبدان قد عريت، و بالمواريث قد قسمت، فتصير- يا ذا الدلال، و الهيبة و الجمال- إلى منزلة شعثاء، و محلة غبراء، فتنوم على خدك في لحدك، في منزل قل زواره، و مل عماله، حتى يشق عن القبور، و تبعث إلى النشور، فإن ختم لك بالسعادة صرت إلى حبور، و أنت ملك مطاع، و آمن لا يراع، يطوف عليكم ولدان كأنهم الجمان، بكأس من معين، بيضاء لذة للشاربين.

أهل الجنة فيها يتنعمون، و أهل النار فيها يعذبون، هؤلاء في السندس و الحرير يتبخترون «2»، و هؤلاء في الجحيم و السعير يتقلبون، هؤلاء تحشى جماجمهم بمسك الجنان و هؤلاء يضربون بمقامع النيران، هؤلاء يعانقون الحور في الحجال، و هؤلاء يطوقون أطواقا في النار بالأغلال، فله «3»، فزع قد أعيى الأطباء،

و به داء لا يقبل الدواء.

يا من يسلم إلى الدود، و يهدى إليه، اعتبر بما تسمع و ترى، و قل لعينك تجفو لذة الكرى، و تفيض من الدموع بعد الدموع تترى، بيتك القبر بيت الأهوال و البلى، و غايتك الموت يا قليل الحياء.

اسمع- يا ذا الغفلة و التصريف- من ذوي «4» الوعظ و التعريف، جعل يوم الحشر يوم العرض و السؤال، و الحباء «5» و النكال، يوم تقلب إليه «6» أعمال الأنام، و تحصى فيه جميع الآثام، يوم تذوب من النفوس أحداق عيونها، و تضع الحوامل ما في بطونها، و يفرق بين كل نفس و حبيبها، و يحار في تلك الأهوال عقل لبيبها، إذ تنكرت الأرض بعد حسن عمارتها، و تبدلت بالخلق بعد أنيق زهرتها، أخرجت من معادن الغيب أثقالها، و نفضت إلى الله أحمالها.

يوم لا ينفع الجد، إذا «7» عاينوا الهول الشديد فاستكانوا، و عرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا، فانشقت القبور بعد طول انطباقها، و استسلمت النفوس إلى الله بأسبابها، كشف عن الآخرة غطاؤها، و ظهر للخلق أبناؤها، فدكت الأرض دكا دكا، و مدت لأمر يراد بها مدا مدا، و اشتد المثارون إلى الله شدا شدا، و تزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا، و رد المجرمون على الأعقاب ردا ردا، وجد الأمر- ويحك، يا إنسان!- جدا جدا، و قربوا للحساب فردا فردا، و جاء ربك و الملك صفا صفا، يسألهم عما عملوا حرفا حرفا، فجي ء بهم عراة الأبدان، خشعا

__________________________________________________

(1) في المصدر: تنوّمون.

(2) في «ج»: يتحبرون، وفي «ط»: يتجبرون.

(3) في المصدر: في قلبه.

(4) في المصدر: ذي.

(5) حبوت الرّجل حباء: أعطيته الشي ء بغير عوض. «مجمع البحرين- حبا- 1: 94».

(6) في «ط»: فيه.

(7) في المصدر: الحذر إذ.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 3، ص: 856

أبصارهم، أمامهم الحساب، و من ورائهم جهنم، يسمعون زفيرها، و يرون سعيرها، فلم يجدوا ناصرا و لا وليا يجيرهم من الذل، فهم يعدون سراعا إلى مواقف الحشر، يساقون سوقا.

فالسماوات مطويات بيمينه كطي السجل للكتب، و العباد على الصراط و جلت قلوبهم، يظنون أنهم لا يسلمون، و لا يؤذن لهم فيتكلمون، و لا يقبل منهم فيعتذرون، قد ختم على أفواههم و استنطقت أيديهم و أرجلهم بما كانوا يعملون.

يا لها من ساعة، ما أشجى مواقعها من القلوب، حين ميز بين الفريقين: فريق في الجنة، و فريق في السعير! من مثل هذا فليهرب الهاربون، إذا كانت الدار الآخرة لها يعمل العاملون».

7231/ [4]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: مخاطبة للناس عامة يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ أي تبقى و تتحير و تتغافل وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها

قال: كل امرأة تموت حاملة عند زلزلة الساعة تضع حملها يوم القيامة.

و قوله تعالى: وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى قال: يعنى ذاهلة «1» عقولهم من الخوف و الفزع، متحيرين وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ

. قال قوله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ أي يخاصم وَ يَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ قال: المريد: الخبيث.

ثم خاطب الله عز و جل الدهرية، و احتج عليهم فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ أي في شك: فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ قال المخلقة: إذا صارت دما، و غير مخلقة، قال: السقط.

7232/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن

أبيه، جميعا عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام بن المستنير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ.

فقال: «المخلقة: الذر الذين خلقهم الله في صلب آدم (عليه السلام)، أخذ عليهم الميثاق، ثم أجراهم من أصلاب الرجال و أرحام النساء، و هم الذين يخرجون إلى الدنيا حتى يسألوا عن الميثاق. و أما قوله: وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ فهم كل نسمة لم يخلقهم الله في صلب آدم (عليه السلام) حين خلق الذر، و أخذ عليهم الميثاق، و هم النطف من العزل و السقط قبل أن تنفخ فيه الروح و الحياة و البقاء».

7233/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «لِنُبَيِّنَ لَكُمْ كذلك

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 78.

5- الكافي 6: 12/ 1.

6- تفسير القمّي 2: 78.

(1) في «ط، ي»: ذاهبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 857

كنتم في الأرحام وَ نُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ فلا يخرج «1» سقطا».

قوله تعالى:

وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ- إلى قوله تعالى- ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [5- 9]

7234/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن العباس، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن القاسم، عن علي بن المغيرة، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «إذا بلغ العبد مائة سنة فذلك أرذل العمر».

7235/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ضرب الله للبعث و النشور مثلا، فقال: وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً أي يابسة ميتة فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ أي

حسن ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ.

و قوله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ قال: نزلت في أبي جهل ثانِيَ عِطْفِهِ قال: تولى عن الحق لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قال: عن طريق الله و الإيمان.

7236/ [3]- شرف الدين النجفي: تأويله جاء في باطن تفسير أهل البيت (صلوات الله عليهم)، عن حماد بن عيسى، قال: حدثني بعض أصحابنا حديثا يرفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قال: هو الأول، ثاني عطفه إلى «2» الثاني، و ذلك لما أقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) الإمام عليا علما للناس، و قالا: و الله لا نفي له بهذا أبدا.

سورة الحج(22): الآيات 11 الي 12 ..... ص : 858

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ- إلى قوله تعالى- ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [11- 12]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 78.

2- تفسير القمّي 2: 79.

3- تأويل الآيات 1: 333/ 1. [.....]

(1) في «ط»: نخرج.

4(2) في المصدر: أي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 858

7237/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ قال: على شك.

7238/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن ضريس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ، قال: «إن الآية تنزل

في الرجل، ثم تكون في أتباعه».

ثم قلت: كل من نصب دونكم شيئا فهو ممن يعبد الله على حرف؟ فقال: «نعم، و قد يكون محضا».

7239/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل و زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ.

قال زرارة: سألت عنها أبا جعفر (عليه السلام)، فقال: «هؤلاء قوم عبدوا الله، و خلعوا «1» عبادة من يعبد من دون الله، و شكوا في محمد (صلى الله عليه و آله) و ما جاء به، فتكلموا في الإسلام، و شهدوا أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أقروا بالقرآن، و هم في ذلك شاكون في محمد (صلى الله عليه و آله) و ما جاء به، و ليسوا شكاكا في الله عز و جل، قال الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ يعني على شك في محمد (صلى الله عليه و آله) و ما جاء به فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ يعني عافية في بدنه «2» و ماله و ولده اطْمَأَنَّ بِهِ و رضي به وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ يعني بلاء في جسده و ماله، تطير و كره المقام على الإقرار بالنبي (صلى الله عليه و آله)، فرجع إلى الوقوف و الشك، و نصب العداوة لله و لرسوله، و الجحود بالنبي (صلى الله عليه و آله) و ما جاء به».

7240/ [4]- و عنه: عن محمد

بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ.

قال: «هم قوم وحدوا الله، و خلعوا «3» عبادة من يعبد من دون الله، فخرجوا من الشرك، و لم يعرفوا أن محمدا (صلى الله عليه و آله) رسول الله، فهم يعبدون الله على شك في محمد (صلى الله عليه و آله) و ما جاء به، فأتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قالوا: ننظر، فإن كثرت أموالنا و عوفينا في أنفسنا و أولادنا علمنا أنه صادق، و أنه رسول الله، و إن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 79.

2- الكافي 2: 292/ 4.

3- الكافي 2: 303/ 1.

4- الكافي 2: 303/ 2.

(1) في «ج»: و خلفوا.

(2) في المصدر: نفسه.

(3) في «ج»: و خلفوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 859

كان غير ذلك نظرنا قال الله عز و جل: فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ يعني عافية في الدنيا وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ يعني بلاء في نفسه و ماله انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ انقلب على شكه إلى الشرك خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَ ما لا يَنْفَعُهُ- قال- ينقلب مشركا، يدعو غير الله و يعبد غيره، فمنهم من يعرف و يدخل الإيمان قلبه فيؤمن و يصدق، و يزول عن منزلته من الشك إلى الإيمان، و منهم من يثبت على شكه، و منهم من ينقلب إلى الشرك».

و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة، مثله.

7241/ [5]- علي بن

إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن حماد، عن ابن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في قوم وحدوا الله، و خلعوا «1» عبادة من دون الله، و خرجوا من الشرك، و لم يعرفوا أن محمدا (صلى الله عليه و آله) رسول الله، فهم يعبدون الله على شك في محمد (صلى الله عليه و آله) و ما جاء به، فأتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: ننظر إن كثرت أموالنا و عوفينا في أنفسنا و أولادنا علمنا أنه صادق، و أنه لرسول الله، و إن كان غير ذلك نظرنا فأنزل الله: فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَ ما لا يَنْفَعُهُ انقلب مشركا، يدعو غير الله و يعبد غيره، فمنهم من يعرف و يدخل الإيمان قلبه، فهو مؤمن و يصدق، و يزول عن منزلته من الشك إلى الإيمان، و منهم من يلبث على شكه، و منهم من ينقلب إلى الشرك».

سورة الحج(22): الآيات 15 الي 18 ..... ص : 859

قوله تعالى:

مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ [15- 18]

7242/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، قال: قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): «حدثني أبي، عن أبيه- أبي جعفر- (صلوات الله عليهم أجمعين): «أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال ذات يوم: إن ربي و عدني نصرته، و أن يمدني بملائكته، و أنه ناصري بهم

و بعلي أخي خاصة من بين أهلي فاشتد ذلك على القوم أن خص عليا بالنصرة، و أغاظهم ذلك، فأنزل الله عز و جل: مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ- قال- ليضع حبلا فى عنقه إلى سماء بيته يمده حتى يختنق فيموت فينظر هل يذهبن كيده غيظه»؟

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 79.

1- تأويل الآيات 1: 333/ 2.

(1) في «ج»: و خلفوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 860

7243/ [2]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: إن الظن في كتاب الله على وجهين. ظن يقين، و ظن شك، فهذا ظن شك. قال: من شك أن الله لن يثيبه في الدنيا و الآخرة: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ أي يجعل بينه و بين الله دليلا، و الدليل على أن السبب هو الدليل، قول الله في سورة الكهف: وَ آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً «1» أي دليلا، و قال: ثُمَّ لْيَقْطَعْ أي يميز، و الدليل على أن القطع هو التمييز قوله: وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً «2» أي ميزناهم، فقوله: ثُمَّ لْيَقْطَعْ أي يميز فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ أي حيلته، و الدليل على أن الكيد هو الحيلة قوله: كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ «3» أي احتلنا له حتى حبس أخاه، و قوله يحكي قول فرعون: فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ «4» أي حيلتكم. قال: فإذا وضع لنفسه سببا، و ميز، دله على الحق، فأما العامة فإنهم رووا في ذلك أنه من لم يصدق بما قال الله، فليلق حبلا إلى سقف البيت، ثم ليختنق.

ثم ذكر عز و جل عظيم كبريائه و آلائه فقال: أَ لَمْ

تَرَ أي ألم تعلم يا محمد أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ و لفظ الشجر واحد و معناه جمع وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَ مَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ.

7244/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الصباح الكناني، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن للشمس ثلاث مائة و ستين برجا، كل برج منها مثل جزيرة من جزائر العرب، و تنزل كل يوم على برج منها، فإذا غابت انتهت إلى حد «5» بطنان العرش، فلم تزل ساجدة إلى الغد، ثم ترد إلى موضع مطلعها و معها ملكان يهتفان معها، و إن وجهها لأهل السماء، و قفاها لأهل الأرض، و لو كان وجهها لأهل الأرض لأحرقت الأرض و من عليها من شدة حرها، و معنى سجودها ما قال الله سبحانه و تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ».

7245/ [4]- المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن أحمد العلوي، قال: حدثنا أحمد بن زياد، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ

فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ __________________________________________________

2- تفسير القمي 2: 79.

3- الكافي 8: 157/ 148. [.....]

4- الاختصاص: 213.

(1) الكهف 18: 84 و 85.

(2) الأعراف 7: 160.

(3) يوسف 12: 76.

(4) طه 20: 64.

(5) في «ط، ي»: أحد.

رهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 861

وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ الآية.

فقال: «إن للشمس أربع سجدات كل يوم و ليلة: فأول سجدة إذا صارت في طرف الأفق حين يخرج الفلك من الأرض إذا رأيت البياض المضي ء في طول السماء قبل أن يطلع الفجر» قلت: بلى، جعلت فداك. قال: «ذاك الفجر الكاذب، لأن الشمس تخرج ساجدة و هي في طرف الأرض، فإذا ارتفعت من سجودها طلع الفجر، و دخل وقت الصلاة.

و أما السجدة الثانية، فإنها إذا صارت في وسط القبة و ارتفع النهار، ركدت الشمس قبل الزوال، فإذا صارت بحذاء العرش ركدت و سجدت، فإذا ارتفعت من سجودها زالت عن وسط القبة فيدخل وقت صلاة الزوال.

و أما السجدة الثالثة: إنها إذ غابت من الأفق خرت ساجدة، فإذا ارتفعت من سجودها زال الليل، كما أنها حين زالت وسط القبة دخل وقت الزوال، زوال النهار».

قلت: هذه صورة ما وقفت عليه من هذا الحديث، و الله سبحانه أعلم، و قد تقدم في حديث أبي ذر، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «سجود الشمس مع الملائكة الموكلين بها و القمر» في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً من سورة يونس «1».

سورة الحج(22): الآيات 19 الي 22 ..... ص : 861

قوله تعالى:

هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ- إلى قوله تعالى- وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ [19- 22]

7246/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي،

عن أبيه، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا بولاية علي قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ.

7247/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين الأسروشني «2»، قال: حدثني علي بن محمد ابن عصمة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة، قال: حدثنا أبو الحسن بن أبي شجاع البجلي، عن جعفر بن __________________________________________________

1- الكافي 1: 349/ 51.

2- الخصال: 42/ 35.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (5) من سورة يونس.

(2) منسوب إلى أسروشنة: بلدة وراء سمرقند دون سيحون كما في أنساب السمعاني 1: 141، معجم البلدان 1: 177، و في معجم رجال الحديث 12: 251 الأشروسي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 862

عبيد الله بن محمد «1» الحنفي، عن يحيى بن هاشم، عن محمد بن جابر، عن صدقة بن سعيد، عن النضر بن مالك، قال: قلت للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): يا أبا عبد الله، حدثني عن قول الله عز و جل: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ.

قال: «نحن و بنو أمية، اختصمنا في الله عز و جل، قلنا: صدق الله و قالوا: كذب الله فنحن و إياهم الخصمان يوم القيامة».

7248/ [3]- محمد بن العباس: عن إبراهيم بن عبد الله بن مسلم، عن حجاج بن المنهال، بإسناده عن قيس بن سعد بن عبادة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أنه قال: «أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن»، و قال قيس: و فيهم نزلت: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ و هم الذين تبارزوا يوم بدر، علي (عليه السلام) و حمزة و عبيدة، و شيبة و

عتبة و الوليد.

7249/ [4]- الشيخ في (أماليه): قال أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد، قال:

حدثنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن هامان «2»، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مسلم، قال: حدثنا عروة بن خالد، قال: حدثنا سليمان التميمي، عن أبي مجلز، عن قيس بن سعد بن عبادة، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: «أنا أول من يجثو بين يدي الله عز و جل للخصومة يوم القيامة».

7250/ [5]- (كشف الغمة): عن مسلم و البخاري- في حديث- في قوله تعالى: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ نزلت في علي، و حمزة، و عبيدة بن الحارث الذين بارزوا المشركين يوم بدر: عتبة و شيبة ابنا ربيعة، و الوليد بن عتبة.

7251/ [6]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: نحن و بنو امية، نحن قلنا: صدق الله و رسوله و قال بنو امية:

كذب الله و رسوله فَالَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني امية قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ إلى قوله: حَدِيدٍ قال تغشاه «3» النار، فتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته، و تتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ قال: الأعمدة التي يضربون بها.

7252/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 1: 334/ 3.

4- الأمالي 1: 83، صحيح البخاري 6: 181، تفسير الرازي 23: 21، مستدرك الحاكم 2: 386، النور المشتعل: 144، جامع الأصول 2: 322، تفسير القرطبي 12: 25، تلخيص المستدرك 2: 386.

5- كشف الغمّة 1: 313، صحيح مسلم 4: 2323/ 3033، صحيح البخاري 6: 181/ 264.

6- تفسير القمّي 2: 80. [.....]

7- تفسير القمّي 2: 81.

(1)

في «ج، ي»: عن جعفر بن محمد.

(2) في «ج»: ماهان.

(3) في «ط» نسخة بدل و المصدر: تشويه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 863

عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: يا بن رسول الله، خوفني فإن قلبي قد قسا.

فقال: «يا أبا محمد، استعد للحياة الطويلة، فإن جبرئيل (عليه السلام) جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو قاطب، و قد كان قبل ذلك يجي ء و هو مبتسم، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، جئتني اليوم قاطبا! فقال: يا محمد، قد وضعت منافخ النار، فقال: و ما منافخ النار، يا جبرئيل؟ فقال: يا محمد، إن الله عز و جل أمر بالنار، فنفخ عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم نفخ عليها ألف عام حتى احمرت، ثم نفخ عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها، و لو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت من حرها، و لو أن سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء و الأرض لمات أهل الأرض من ريحه و وهجه».

قال: «فبكى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و بكى جبرئيل، فبعث الله إليهما ملكا، فقال لهما: إن ربكما يقرئكما السلام، و يقول: قد أمنتكما أن تذنبا ذنبا أعذبكما «1» عليه».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) جبرئيل مبتسما بعد ذلك» ثم قال: «إن أهل النار يعظمون النار، و إن أهل الجنة يعظمون الجنة و النعيم، و إن أهل جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما،

فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد، و أعيدوا فى دركها «2»، هذه حالهم، و هو قول الله عز و جل: كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ثم تبدل جلودهم جلودا غير الجلود التي كانت عليهم».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «حسبك، يا أبا محمد؟» قلت: حسبي، حسبي.

7253/ [8]- الشيخ المفيد في (أماليه) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «مر سلمان (رضي الله عنه) على الحدادين بالكوفة فرأى شابا قد صعق، و الناس قد اجتمعوا حوله، فقالوا: يا أبا عبد الله، هذا الشاب قد صرع، فإن قرأت في آذانه «4»- قال- فدنا منه سلمان، فلما رآه الشاب أفاق، و قال: يا أبا عبد الله، ليس بي ما يقول هؤلاء القوم، و لكني مررت بهؤلاء الحدادين، و هم يضربون بالمرزبات «5»، فذكرت قوله تعالى: وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ فذهب عقلي خوفا من عقاب الله تعالى، فاتخذه سلمان أخا، و دخل قلبه حلاوة محبته في الله تعالى، فلم يزل معه حتى مرض الشاب، فجاءه سلمان فجلس عند

__________________________________________________

8- الأمالي: 136.

(1) في «ج»: يعذبكما.

(2) في «ج، ي، ط»: ذلك.

(3) في المصدر: عمر بن يزيد.

(4) في «ط» و المصدر: اذنه.

(5) المرزبات، جمع مرزبة: المطرقة الكبيرة التي تكون للحدّاد. «النهاية 2: 219».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 864

رأسه و هو يجود بنفسه، فقال: يا ملك الموت، أرفق بأخي فقال ملك الموت: يا أبا عبد الله، إني بكل مؤمن رفيق».

7254/

[9]- ابن طاوس في (الدروع الواقية): قال: ذكر أبو جعفر أحمد القمي في كتاب (زهد النبي (صلى الله عليه و آله): أن جبرئيل (عليه السلام) جاء إلى النبي (صلى الله عليه و آله) عند الزوال، في ساعة لم يأته فيها، و هو متغير اللون، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) يسمع حسه و جرسه «1»، فلم يسمعه يومئذ، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «يا جبرئيل، مالك جئتني في ساعة لم تجئني فيها، و أرى لونك متغيرا، و كنت أسمع حسك و جرسك فلم أسمعه!».

فقال: إني جئت حين أمر الله بمنافخ النار، فوضعت على النار.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «فأخبرني عن النار- يا أخي جبرئيل- حين خلقها الله تعالى؟».

فقال: إنه سبحانه أوقد عليها ألف عام فاحمرت، ثم أوقد عليها ألف عام فابيضت، ثم أوقد عليها ألف عام فاسودت، فهي سوداء مظلمة، لا يضي ء جمرها، و لا ينطفئ لهبها، و الذي بعثك بالحق نبيا، لو أن مثل خرق إبرة خرج منها على أهل الأرض لاحترقوا عن آخرهم، و لو أن رجلا ادخل جهنم ثم اخرج منها، لهلك أهل الأرض جميعا حين ينظرون إليه لما يرون به، و لو أن ذراعا من السلسلة التي ذكرها الله في كتابه وضع على جميع جبال الدنيا لذابت عن آخرها، و لو أن بعض خزان جهنم التسعة عشر نظر إليه أهل الأرض لماتوا حين نظروا إليه، و لو أن ثوبا من ثياب أهل جهنم اخرج «2» إلى الأرض لمات أهل الأرض من نتم ريحه. فانكب النبي (صلى الله عليه و آله) و أطرق يبكي، و كذلك جبرئيل، فلم يزالا يبكيان حتى ناداهما ملك من السماء:

يا جبرئيل، و يا محمد، إن الله قد آمنكما من أن تعصيا فيعذبكما.

7255/ [10]- ثم قال ابن طاوس في الكتاب المذكور أيضا: عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «و الذي نفس محمد بيده، لو أن قطرة من الزقوم قطرت على جبال الأرض لساخت إلى أسفل سبع أرضين، و لما أطاقته، فكيف بمن هو طعامه! و الذي نفسي بيده، لو أن قطرة من الغسلين قطرت على جبال الأرض لساخت إلى أسفل سبع أرضين، و لما أطاقته، فكيف بمن هو شرابه! و الذي نفسي بيده لو أن مقماعا واحدا مما ذكره الله في كتابه وضع على جبال الأرض لساخت إلى أسفل سبع أرضين، و لما أطاقته، فكيف بمن يقمع به يوم القيامة في النار».

سورة الحج(22): آية 23 ..... ص : 864

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

9- الدروع الواقية: 58.

10- الدروع الواقية: 58.

(1) الجرس و الجرس: الصوت الخفيّ. «الصحاح- جرس- 3: 911».

(2) في «ج، ي»: خرج. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 865

وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ [23]

7256/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك- يا بن رسول الله- شوقني.

فقال: «يا أبا محمد، إن من أدنى نسيم «1» الجنة أن يوجد ريحها على قلوب أهلها يوم الأخذ بالكظم و الخناق من مسيرة ألف عام من مسافة أهل الدنيا، و إن أدنى أهل الجنة منزلا لو نزل به أهل الثقلين الجن و الإنس لوسعهم طعاما و شرابا، و لا ينقص مما عنده شي ء، و إن أيسر أهل الجنة منزلا يدخل «2» الجنة فيرفع له ثلاث حدائق، فإذا دخل أدناهن رأى فيها

من الأزواج و الخدم و الأنهار و الثمار ما شاء الله مما يملأ عينيه قرة، و قلبه مسرة.

فإذا شكر الله و حمده «3» قيل له: أرفع رأسك إلى الحديقة الثانية، ففيها ما ليس في الأخرى فيقول: يا رب أعطني هذه فيقول الله تعالى: إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول: رب، هذه هذه فإذا دخلها شكر الله و حمده» قال: «فيقال: افتحوا له بابا إلى الجنة و يقال له: ارفع رأسك فإذا قد فتح له باب من الخلد، و يرى أضعاف ما كان هو فيه فيما قبل، فيقول عند مضاعفة «4» مسراته: رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت علي بالجنان، و أنجيتني من النيران».

قال أبو بصير: فبكيت، و قلت له: جعلت فداك، زدني، قال: «يا أبا محمد إن في الجنة نهرا في حافتيه جوار نابتات، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها، و أنبت الله مكانها أخرى».

قلت: جعلت فداك، زدني. قال: المؤمن يزوج ثمان مائة عذراء، و أربعة آلاف ثيب، و زوجتين من الحور العين».

قلت: جعلت فداك، ثمان مائة عذراء! قال: «نعم، ما يفترش منهن شيئا إلا وجدها كذلك».

قلت: جعلت فداك، من أي شي ء خلقت الحور العين؟ قال: «من تربة الجنة النورانية، و يرى مخ ساقيها من وراء سبعين حلة، كبدها مرآته، و كبده مرآتها».

قلت: جعلت فداك، أ لهن كلام يكلمن به أهل الجنة؟ قال: «نعم، كلام يتكلمن به، لم يسمع الخلائق بمثله و أعذب منه».

قلت: ما هو؟ قال: «يقلن بأصوات رخيمة: نحن الخالدات فلا نموت، و نحن الناعمات فلا نيبس، و نحن المقيمات فلا نظعن، و نحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن خلق لنا، و طوبى لمن خلقنا له، و نحن اللواتي لو أن

__________________________________________________

1- تفسير

القمّي 2: 81.

(1) في «ي، ط» و المصدر: نعيم.

(2) في المصدر: منزلة من يدخل.

(3) في «ج، ي»: سعيه.

(4) في «ط» و المصدر: تضاعف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 866

قرن إحدانا علق في جو السماء لأغشى «1» نوره الأبصار».

فهاتان الآيتان تفسيرهما «2» رد على من أنكر خلق الجنة و النار، و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في صفة الجنة و الحور العين في قوله تعالى: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ «3» و غيرها من الآيات «4»، و تقدم من ذلك في قوله تعالى:

يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً من سورة مريم «5».

سورة الحج(22): آية 24 ..... ص : 866

قوله تعالى:

وَ هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَ هُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ [24]

7257/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عمن ذكره عن أبي علي، عن ضريس الكناسي، قال: سألت أبا جعفر «6» (عليه السلام) عن قول الله: وَ هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَ هُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ.

فقال: «هو- و الله- هذا الأمر الذي أنتم عليه».

7258/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي ابن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَ هُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ.

قال: «ذلك جعفر و حمزة و عبيدة و سلمان و أبو ذر و المقداد بن الأسود و عمار، هدوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)».

ابن شهر آشوب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، و ذكر الحديث بعينه «7».

7259/ [3]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: التوحيد و الإخلاص وَ هُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ قال:

إلى الولاية.

__________________________________________________

1- المحاسن: 169/ 133.

2- الكافي 1: 352/ 71،

شواهد التنزيل 1: 394/ 546.

3- تفسير القمّي 2: 83.

(1) في «ج»: لأعشى.

(2) في المصدر: و تفسيرهما.

(3) يأتي في تفسير الآيات (19- 23) من سورة الحاقة.

(4) يأتي في تفسير الآية (20) من سورة الزمر و تفسير الآيات (46- 62) و (66- 72) من سورة الرحمن.

(5) تقدم في تفسير الآيات (73- 98) من سورة مريم.

(6) في المصدر: أبا عبد اللّه. [.....]

(7) المناقب 3: 96.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 867

سورة الحج(22): آية 25 ..... ص : 867

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ [25] 7260/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في قريش، حين صدوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن مكة.

7261/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين ابن أبي العلاء، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن معاوية أول من علق على بابه مصراعين بمكة، فمنع حاج بيت الله ما قال الله عز و جل: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ و كان الناس إذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر حتى يقضي حجة، و كان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله تعالى: فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ «1» و كان فرعون هذه الامة».

7262/ [3]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «لم يكن لدور مكة أبواب، و كان أهل البلدان «2» يأتون بقطرانهم «3» فيدخلون فيضربون بها، و كان أول من بوبها معاوية».

7263/ [4]-

الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى، عن حسين بن أبي العلاء، قال: ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ، فقال: «كانت مكة ليس على شي ء منها باب، و كان أول من علق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان، و ليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور و منازلها».

7264/ [5]- و عنه: بإسناده عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليس ينبغي لأهل مكة أن يجعلوا على دورهم أبوابا، و ذلك أن الحاج ينزلون معهم في ساحة الدار حتى يقضوا حجهم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 83.

2- الكافي 4: 243/ 1.

3- الكافي 4: 244/ 2.

4- التهذيب 5: 420/ 1458.

5- التهذيب 5: 463/ 1615.

(1) الحاقة 69: 32 و 33.

(2) في «ي»: البوادي.

(3) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «بقطرانهم» كأنه جمع القطار على غير القياس، أو هو تصحيف قطرات. قال في مصباح اللغة: القطار من الإبل عدد على نسق واحد، و الجمع قطر مثل: كتاب و كتب، و القطرات جمع الجمع. «مرآة العقول 17: 109».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 868

7265/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد، و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان الناب، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال سألته عن قول الله عز و جل: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ.

فقال: «لم يكن ينبغي أن توضع «1» على دور مكة أبواب، لأن للحاج أن ينزلوا معهم «2»

في ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم، و إن أول من جعل لدور مكة أبوابا معاوية».

7266/ [7]- الحميري عبد الله بن جعفر: بإسناده عن جعفر، عن أبيه، و عن علي (عليهم السلام)، أنه كره إجارة بيوت مكة، و قرأ: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ.

7267/ [8]- و عنه: بإسناده عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نهى أهل مكة عن إجارة بيوتهم، و أن يغلقوا عليها أبوابا، و قال: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ. قال: و فعل ذلك أبو بكر و عمر و عثمان [و علي (عليه السلام)] حتى كان في زمن معاوية.

7268/ [9]- علي بن جعفر في (مسائله): عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: «ليس ينبغي لأحد من أهل مكة أن يمنع الحاج شيئا من الدور ينزلونها».

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [25]

7269/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، قال: أتى أبو عبد الله (عليه السلام) في المسجد، فقيل له: إن سبعا من سباع الطير على الكعبة، ليس يمر به شي ء من حمام الحرم إلا ضربه. فقال: «انصبوا له و اقتلوه، فإنه قد ألحد».

7270/ [2]- و عنه: ابن أبي عمير عن، معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ.

__________________________________________________

6- علل الشرائع: 396/ 1.

7- قرب الاسناد: 65.

8- قرب الاسناد: 52.

9- مسائل علي بن جعفر: 143/ 168.

1- الكافي 4: 227/ 1. [.....]

2- الكافي 4: 227/ 2.

(1) في المصدر:

يصنع.

(2) في المصدر زيادة: في دورهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 869

قال: «كل ظلم إلحاد، و ضرب الخادم في غير ذنب، من ذلك الإلحاد».

7271/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ.

فقال: كل ظلم يظلمه الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد، أو شي ء من الظلم، فإني أراه إلحادا» و لذلك كان يتقي أن يسكن الحرم.

7272/ [4]- و عنه: باسناده عن ابن محبوب، عن أبي ولاد و غيره من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز ذكره: وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ.

فقال: «من عبد فيه غير الله عز و جل، أو تولى فيه غير أولياء الله، فهو ملحد بظلم، و على الله تبارك و تعالى أن يذيقه من عذاب أليم».

7273/ [5]- و عنه: عن الحسين بن محمد، بإسناده إلى عبد الرحمن بن كثير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ.

قال: «نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة، فتعاهدوا و تعاقدوا على كفرهم و جحودهم بما نزل في أمير المؤمنين (عليه السلام)، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول (صلى الله عليه و آله) و وليه (عليه السلام)، فبعدا للقوم الظالمين».

7274/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح

الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ.

فقال: «كل ظلم يظلم به الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد، أو شي ء من الظلم، فإني أراه إلحادا».

و لذلك كان ينهى أن يسكن الحرم.

7275/ [7]- الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ.

فقال: «كل ظلم فيه إلحاد، حتى لو ضربت خادمك ظلما خشيت أن يكون إلحادا». فلذلك كان الفقهاء يكرهون سكنى مكة.

__________________________________________________

3- الكافي 4: 227/ 3.

4- الكافي 8: 337/ 533.

5- الكافي 1: 348/ 44.

6- علل الشرائع: 445/ 1.

7- التهذيب 5: 420/ 1457.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 870

7276/ [8]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: قال نزلت فيمن يلحد في أمير المؤمنين (عليه السلام) و يظلمه.

سورة الحج(22): آية 26 ..... ص : 870

قوله تعالى:

وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْقائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ [26]

7277/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، قال: قال الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام): «قوله تعالى: وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْقائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ يعني بهم آل محمد (صلوات الله عليهم)».

و قد تقدمت الروايات في ذلك في سورة البقرة «1».

سورة الحج(22): آية 27 ..... ص : 870

قوله تعالى:

وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [27] 7278/ [2]- علي بن إبراهيم، يقول: الإبل المهزولة. و قرء: «يأتون من كل فج عميق».

قال: و لما فرغ إبراهيم (عليه السلام) من بناء البيت، أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج، فقال: يا رب، و ما يبلغ صوتي؟ فقال الله تعالى: عليك الأذان و علي البلاغ. و ارتفع على المقام و هو يومئذ يلاصق البيت، فارتفع به المقام حتى كأنه «2» أطول من الجبال، فنادى، و أدخل إصبعيه في أذنيه «3»، و أقبل بوجهه شرقا و غربا، يقول: أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فأجيبوا ربكم» فأجابوه من تحت البحور السبعة، و من بين المشرق و المغرب إلى منقطع التراب من أطراف الأرض كلها، و من أصلاب الرجال و أرحام النساء بالتلبية: لبيك اللهم لبيك. أولا ترونهم يأتون يلبون؟ فمن حج من يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممن استجاب لله، و ذلك: قوله:

__________________________________________________

8- تفسير القمي 2: 83.

1- تأويل الآيات 1: 335/ 7.

2- تفسير القمي 2: 83.

(1) تقدمت في تفسير الآية (125) من سورة البقرة.

(2) في «ج» و المصدر: كان.

(3) في «ج، ي، ط»: إصبعه في أذنه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3،

ص: 871

فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ «1» يعني نداء إبراهيم (عليه السلام) على المقام بالحج.

قال: و كان إساف و نائلة رجلا و امرأة، زنيا في البيت فمسخا حجرين، و اتخذتهما قريش صنمين يعبدونهما، فلم يزالا يعبدان حتى فتحت مكة، فخرجت منها امرأة عجوز شمطاء، تخمش وجهها و تدعو بالويل،

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تلك نائلة، يئست أن تعبد ببلادكم هذه».

7279/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج، ثم أنزل الله عز و جل عليه: وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فأمر المؤذنين أن يؤذنوا بأعلى أصواتهم، بأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحج في عامه هذا، فعلم به من حضر المدينة و أهل العوالي و الأعراب، فاجتمعوا لحج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إنما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون به و يتبعونه، أو يصنع شيئا فيصنعونه.

فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أربع بقين من ذي القعدة، فلما انتهى إلى ذي الحليفة «2» زالت الشمس، فاغتسل ثم خرج حتى أتى المسجد الذي عند الشجرة، فصلى فيه الظهر، و عزم بالحج مفردا، و خرج حتى انتهى إلى البيداء «3» عند الميل الأول، فصف له سماطان، فلبى بالحج مفردا، و ساق الهدي ستا و ستين أو أربعا و ستين، حتى انتهى إلى مكة في سلخ أربع

من ذي الحجة «4»، فطاف بالبيت سبعة أشواط، ثم صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه السلام).

ثم عاد إلى الحجر فاستلمه، و قد كان استلمه في أول طوافه، ثم قال: إن الصفا و المروة من شعائر الله، فابدأ بما بدأ الله عز و جل «5» و إن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا و المروة شي ء صنعه المشركون، فأنزل الله عز و جل: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما «6».

ثم أتى الصفا فصعد عليه، و استقبل الركن اليماني، فحمد الله و أثنى عليه، و دعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسلا، ثم انحدر إلى المروة فوقف عليها، كما توقف على الصفا، ثم انحدر و عاد إلى الصفا فوقف عليها، ثم انحدر إلى المروة حتى فرغ من سعيه.

فلما فرغ من سعيه و هو على المروة، أقبل على الناس بوجهه، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: إن هذا

__________________________________________________

2- الكافي 4: 245/ 4.

(1) آل عمران 3: 97.

(2) و هي قرية بينها و بين المدينة ستّة أميال أو سبعة، منها ميقات أهل المدينة. «معجم البلدان 2: 295».

(3) و هي أرض ملساء بين مكّة و المدينة. «معجم البلدان 1: 423».

(4) في سلخ أربع من ذي الحجّة: أي بعد مضي أربع منه. «مجمع البحرين- سلخ- 2: 434».

(5) في المصدر زيادة: به.

(6) البقرة 2: 158.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 872

جبرئيل- و أومأ بيده إلى خلفه- يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل، و لو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم، و لكني سقت الهدي، و لا ينبغي لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ

الهدي محله».

قال: «فقال له رجل من القوم: لنخرجن حجاجا و رؤوسنا و شعورنا تقطر. فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أما إنك لن تؤمن بهذا أبدا.

فقال: سراقة بن مالك بن جعشم الكناني «1»: يا رسول الله، علمنا ديننا كأنا خلقنا اليوم، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا، أم لما يستقبل؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): بل هو للأبد إلى يوم القيامة. ثم شبك أصابعه، و قال:

دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة».

قال: «و قدم علي (عليه السلام) من اليمن على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو بمكة، فدخل على فاطمة (عليها السلام) و قد أحلت، فوجد ريحا طيبا، و وجد عليها ثيابا مصبوغة، فقال: ما هذا، يا فاطمة؟ فقالت: أمرنا بهذا رسول الله (صلى الله عليه و آله). فخرج علي (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) مسʙXʙʘǘ̠فقال: يا رسول الله، إني رأيت فاطمة قد أحلت، و عليها ثياب مصبوغة؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا أمرت الناس بذلك، فأنت- يا علي- بما أهللت؟ قال: يا رسول الله، إهلالا كإهلال النبي (صلى الله عليه و آله). فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): قر على إحرامك مثلي، و أنت شريكي في هديي».

قال: «و نزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمكة بالبطحاء هو و أصحابه، و لم ينزل الدور، فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا و يهلوا بالحج، و هو قول الله عز و جل الذي انزل على نبيه (صلى الله عليه و آله):

فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ أبيكم إِبْراهِيمَ «2» فخرج النبي (صلى

الله عليه و آله) و أصحابه مهلين بالحج حتى أتى منى، فصلى الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة و الفجر، ثم غدا و الناس معه، و كانت قريش تفيض من المزدلفة، و هي جمع، و يمنعون الناس أن يفيضوا منها، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون، فأنزل الله عز و جل: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ «3» يعني إبراهيم و إسماعيل و إسحاق (عليهم السلام) في إفاضتهم منها، و من كان بعدهم، فلما رأت قريش أن قبة رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد مضت، كأنه دخل في أنفسهم شي ء للذي كانوا يرجون من الإفاضة من مكانهم، حتى انتهى إلى نمرة، و هي بطن عرفة «4» بحيال الأراك، فضربت قبته، و ضرب الناس أخبيتهم عندها.

فلما زالت الشمس خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و معه قريش، و قد اغتسل و قطع التلبية حتى وقف

__________________________________________________

(1) سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي الكناني: أبو سفيان، صحابي، له شعر، كان ينزل قديدا، و كان في الجاهلية قائفا- أي يقتصّ الأثر، و يصيب الفراسة، و قد اشتهر بهذا من العرب آل كنانة، و من كنانة آل مدلج- أخرجه أبو سفيان ليقتاف أثر رسول (صلى اللّه عليه و آله) حين خرج إلى الغار، و أسلم بعد غزوة الطاف سنة (8) ه، و توفّي سنة (24) ه، طبقات ابن سعد 1: 232، الإصابة 3: 19.

(2) آل عمران 3: 95.

(3) البقرة 2: 199.

(4) في «ي» و نسخة من «ط» و المصدر: عرنة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 873

بالمسجد، فوعظ الناس و

أمرهم و نهاهم، ثم صلى الظهر و العصر بأذان و إقامتين، ثم مضى إلى الموقف فوقف به فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته، يقفون إلى جانبها، فنحاها، ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيها الناس، ليس موضع أخفاف ناقتي الموقف، و لكن هذا كله. و أومأ بيديه «1» إلى الموقف، فتفرق الناس، و فعل مثل ذلك بالمزدلفة، فوقف الناس «2» حتى وقع «3» قرص الشمس، ثم أفاض، و أمر «4» الناس بالدعة حتى انتهى إلى المزدلفة، و هو المشعر الحرام، فصلى المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين، ثم أقام حتى صلى فيها الفجر، و عجل ضعفاء بني هاشم بليل، و أمرهم أن لا يرموا «5» جمرة العقبة حتى تطلع الشمس، فلما أضاء له النهار أفاض، حتى انتهى إلى منى، فرمى جمرة العقبة.

و كان الهدي الذي جاء به رسول الله (صلى الله عليه و آله) أربعة و ستين، أو ستة و ستين، و جاء علي (عليه السلام) بأربعة و ثلاثين، أو ستة و ثلاثين، فنحر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ستة و ستين، فنحر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ستة و ستين، و نحر علي (عليه السلام) أربعة و ثلاثين بدنة، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة «6» من لحم، ثم تطرح في برمة «7»، ثم تطبخ فأكل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) و حسيا من مرقها، و لم يعطيا الجزارين جلودها و لا جلالها و لا قلائدها، و تصدق به، و حلق و زار البيت، و رجع إلى منى، و أقام بها حتى كان اليوم الثالث من

آخر أيام التشريق، ثم رمى الجمار، و نفر حتى انتهى إلى الأبطح، فقالت له عائشة: يا رسول الله، ترجع نساؤك بحجة و عمرة معا، و أرجع بحجة؟ فأقام بالأبطح، و بعث معها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فأهلت بعمرة، ثم جاءت و طافت بالبيت و صلت ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام)، و سعت بين الصفا و المروة، ثم أتت النبي (صلى الله عليه و آله) فارتحل من يومه، و لم يدخل المسجد الحرام، و لم يطف بالبيت، و دخل من أعلى مكة من عقبة المدنيين، و خرج من أسفل مكة من ذي طوى».

7280/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله ابن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته: لم جعلت التلبية؟ فقال: «إن الله عز و جل أوحى إلى إبراهيم (عليه السلام): وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا فنادى فأجيب من كل فج عميق يلبون».

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 416/ 1.

(1) في المصدر: بيده.

(2) في «ط» زيادة: بالدعاء. [.....]

(3) في «ط» و المصدر زيادة: القرص.

(4) في «ج، ي»: و أفاض.

(5) في «ط» و المصدر زيادة: الجمرة.

(6) أي قطعة.

(7) البرمة: القدر مطلقا، و هي في الأصل المتّخذة من الحجّر. «النهاية 1: 121».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 874

سورة الحج(22): آية 28 ..... ص : 874

قوله تعالى:

لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ [28]

7281/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد

الجبار، عن صفوان، عن أبي المغرا، عن سلمة بن محرز، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ جاءه رجل، يقال له: أبو الورد، فقال لأبي عبد الله (عليه السلام): رحمك الله، إنك لو كنت أرحت بدنك من المحمل.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا الورد، إني أحب أن أشهد المنافع التي قال الله تبارك و تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ إنه لا يشهدها أحد إلا نفعه الله، أما أنتم فترجعون مغفورا لكم، و أما غيركم فيحفظون في أهاليهم و أموالهم».

7282/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ، قال: «هو الزمن الذي لا يستطيع أن يخرج من زمانته» «1».

7283/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، قول الله عز و جل: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ «2».

قال: «الفقير: الذي لا يسأل الناس، و المسكين أجهد منه، و البائس أجهدهم، فكل ما فرض الله عز و جل عليك فإعلانه أفضل من إسراره، و كل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه، و لو أن رجلا يحمل زكاة ماله على عاتقه فيقسمها «3»، كان ذلك حسنا جميلا».

7284/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «البائس هو الفقير».

__________________________________________________

1- الكافي 4: 263/ 46.

2- الكافي 4: 46/ 4.

3-

الكافي 3: 501/ 16.

4- الكافي 4: 500/ 6.

(1) في المصدر: لزمانته. و الزّمانة: المرض الذي يدوم.

(2) التوبة 9: 60.

(3) في المصدر: فقسمها علانية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 875

7285/ [5]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن موسى بن القاسم، عن النخعي، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «البائس: الفقير».

7286/ [6]- و عنه: بإسناده عن العباس بن معروف و علي بن السندي جميعا، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول «1» في قول الله عز و جل: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ قال: «أيام العشر».

و قوله: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ «2» قال: «أيام التشريق».

7287/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «قال علي (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ قال: أيام العشر».

7288/ [8]- و عنه: بهذا الإسناد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ. قال: «هي أيام التشريق».

7289/ [9]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الصلت، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن المفضل بن صالح، عن زبد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي

أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ «3»، قال: «المعلومات و المعدودات واحدة، و هن «4» أيام التشريق».

سورة الحج(22): آية 29 ..... ص : 875

قوله تعالى:

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [29]

7290/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و محمد بن إسماعيل، عن

__________________________________________________

5- التهذيب 5: 223/ 751.

6- التهذيب 5: 487/ 1736. [.....]

7- معاني الأخبار: 296/ 1.

8- معاني الأخبار: 297/ 2.

9- معاني الأخبار: 297/ 3.

1- الكافي 4: 337/ 3.

(1) في المصدر زيادة: قال علي (عليه السّلام).

(2) البقرة 2: 203.

(3) البقرة 2: 203.

(4) في المصدر: و هي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 876

الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، و ابن أبي عمير جميعا، عن معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في حديث من تمام الحج و العمرة: «اتق المفاخرة، و عليك بورع يحجزك عن معاصي الله، فإن الله عز و جل يقول: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح، فإذا دخلت مكة و طفت بالبيت و تكلمت بكلام طيب، فكان ذلك كفارة».

7291/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ.

قال: «هو الحلق، و ما في جلد الإنسان».

7292/ [3]- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ، قال: «التفث: تقليم الأظفار، و طرح الوسخ، و

طرح الإحرام».

7293/ [4]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله جل ثناؤه: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، قال: «هو ما يكون من الرجل في إحرامه، فإذا دخل مكة فتكلم بكلام طيب، كان ذلك كفارة لذلك الذي كان منه».

7294/ [5]- و عنه: عن الحسين، بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بعض أصحابه، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، قال: «طواف النساء».

7295/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن أبان بن عثمان، عمن أخبره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: لم سمي البيت العتيق؟ قال: «هو بيت حر، عتيق من الناس، لم يملكه أحد».

7296/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن الحسين بن علي بن مروان، عن عدة من أصحابنا، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) في المسجد الحرام: لأي شي ء سماه الله العتيق؟

فقال: «إنه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض إلا له رب، و سكان يسكنونه، غير هذا البيت، فإنه لا رب له إلا الله عز و جل، و هو الحر «1»» ثم قال: «إن الله عز و جل خلقه قبل الأرض، ثم خلق الأرض من بعده،

__________________________________________________

2- الكافي 4: 503/ 8.

3- الكافي 4: 503/ 12.

4- الكافي 4: 543/ 15.

5- الكافي 4: 513/ 2.

6- الكافي 4: 189/ 6.

7- الكافي 4: 189/ 5. [.....]

(1) في «ط»: الحرم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 877

فدحاها من

تحته».

7297/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، قال: قال أبو الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، قال: «طواف الفريضة طواف النساء».

7298/ [9]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن داود بن النعمان، عن أبي عبيدة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)، و رأى الناس بمكة و ما يعملون، قال: فقال: «فعال كفعال الجاهلية، أما و الله ما أمروا بهذا، و ما أمروا إلا أن يقضوا تفثهم، و ليوفوا نذورهم، فيمروا بنا فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم، و يعرضوا علينا نصرتهم».

7299/ [10]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن ربعي، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ: «حفوف «1» الرجل من الطيب».

7300/ [11]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، قال: «ما يكون من الرجل في حال إحرامه، فإذا دخل مكة و طاف و تكلم بكلام طيب، كان ذلك كفارة لذلك الذي كان منه».

7301/ [12]- و عنه: بإسناده عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ. قال: «التفث: لقاء الإمام».

7302/ [13]- و عنه: بإسناده عن عبد الله بن سنان، قال أتيت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك، ما معنى قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ؟ قال: «أخذ الشارب، و قص الأظفار، و ما أشبه ذلك».

قال قلت: جعلت فداك، فإن ذريحا المحاربي حدثني عنك

بحديث، أنك قلت: «لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ لقاء الإمام وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ تلك المناسك»؟ قال: «صدق ذريح و صدقت، إن القرآن له ظاهر و باطن، و من يحتمل ما يحتمل ذريح؟».

7303/ [14]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد الآدمي، عن علي بن سليمان، عن زياد القندي، عن عبد الله بن سنان، عن ذريح المحاربي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الله

__________________________________________________

8- الكافي 4: 512/ 1.

9- الكافي 2: 323/ 2.

10- التهذيب 5: 298/ 1010.

11- من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1431.

12- من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1432.

13- من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1437.

14- معاني الأخبار: 340/ 10.

(1) حفّ رأس الإنسان و غيره حفوفا: شعث و بعد عهده بالدّهن. «لسان العرب- حفف- 9: 50».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 878

أمرني في كتابه بأمر، فأحب أن أعلمه، قال: و ما ذاك «1»؟». قلت: قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ. قال: لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ لقاء الإمام وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ تلك المناسك».

قال عبد الله بن سنان: فأتيت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت: جعلت فداك، قول الله عز و جل ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ؟ قال: «أخذ الشارب، و قص الأظفار، و ما أشبه ذلك».

قال: قلت: جعلت فداك، فإن ذريحا المحاربي حدثني عنك، أنك قلت له: «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ لقاء الإمام: وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ تلك المناسك»؟ فقال: «صدق ذريح، و صدقت، إن للقرآن ظاهرا و باطنا، و من يحتمل ما يحتمل ذريح؟».

7304/ [15]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن ابن أبان، عن الحسين

بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ. قال: «قص الشارب و الأظفار».

7305/ [16]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسين، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ. قال: «هو الحلق، و ما في جلد الإنسان».

7306/ [17]- و عنه، بإسناده في (الفقيه): عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن التفث حفوف الرجل عن الطيب، فإذا قضى نسكه حل له الطيب».

7307/ [18]- و عنه: عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، قال: «التفث، حفوف الرجل من الطيب، فإذا قضى نسكه حل له الطيب».

7308/ [19]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: قال أبو الحسن (عليه السلام) في قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ، قال: «التفث: تقليم الأظفار، و طرح الوسخ، و طرح الإحرام عنه».

7309/ [20]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود،

__________________________________________________

15- معاني الأخبار: 338/ 1، من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1433.

16-

معاني الأخبار: 338/ 2، من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1434.

17- من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1435.

18- معاني الأخبار: 338/ 3، من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1051.

19- معاني الأخبار: 339/ 4، من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1436. [.....]

20- معاني الأخبار: 339/ 8، من لا يحضره الفقيه 2: 214/ 974 «نحوه».

(1) في «ج»: ذلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 879

عن أبيه، قال: حدثنا إبراهيم بن علي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ.

قال: «الحفوف و الشعث- قال- و من التفث أن يتكلم «1» بكلام قبيح، فإذا دخلت مكة و طفت بالبيت و تكلمت بكلام طيب، كان ذلك كفارته».

7310/ [21]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رحمه الله)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن حمدويه، قال: حدثنا محمد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن التفث، قال: «هو حفوف الرأس».

7311/ [22]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رحمه الله)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن التفث؟ فقال: «هو الحلق، و ما في جلد الإنسان».

7312/ [23]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن

علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: لم سمي البيت العتيق؟

قال: «إن الله عز و جل أنزل الحجر الأسود لآدم (عليه السلام) من الجنة، و كان البيت درة بيضاء، فرفعه الله إلى السماء و بقي أسه «2»، فهو بحيال هذا البيت، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون إليه أبدا، فأمر الله إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام) يبنيان البيت على القواعد، و إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق».

7313/ [24]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، و أحمد بن إدريس جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران، عن الحسن بن علي، عن مروان بن مسلم، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) في المسجد الحرام: لأي شي ء سماه الله العتيق؟

قال: «ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض إلا له رب، و سكان يسكنونه، غير هذا البيت، فإنه لا يسكنه أحد، و لا رب له إلا الله، و هو الحرم «3»». و قال: «إن الله خلقه قبل الخلق، ثم خلق الله الأرض من بعده، فدحاها من تحته».

__________________________________________________

21- معاني الأخبار: 339/ 6.

22- معاني الأخبار: 339/ 7.

23- علل الشرائع: 398/ 1.

24- علل الشرائع: 399/ 2.

(1) في المصدر: تتكلّم في إحرامك.

(2) الاسّ: الأصل، انظر «المعجم الوسيط- أسس- 1: 17».

(3) في المصدر: الحرام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 880

7314/ [25]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه، عن حماد، عن أبان بن عثمان، عمن أخبره، عن أبي جعفر

(عليه السلام)، قال: قلت له: لم سمي البيت العتيق؟

قال: «لأنه بيت حر عتيق من الناس، و لم يملكه أحد».

7315/ [26]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن الطويل، عن عبد الله بن المغيرة، عن ذريح بن يزيد المحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل أغرق الأرض كلها يوم نوح إلا البيت، فيومئذ سمي العتيق، لأنه أعتق يومئذ من الغرق».

فقلت له: أصعد إلى السماء؟ فقال: «لا، لم يصل إليه الماء، و رفع عنه».

7316/ [27]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق، و أعتق الحرم من «1» معه، كف عنه الماء».

7317/ [28]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، بإسناده يرفعه إلى عبد الله بن سنان، عن ذريح المحاربي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ، قال: «هو لقاء الإمام (عليه السلام)».

7318/ [29]- و روى عنه (عليه السلام)، و قد نظر إلى الناس يطوفون بالبيت، فقال: «طواف كطواف الجاهلية، أما و الله ما بهذا أمروا، و لكنهم أمروا أن يطوفوا بهذه الأحجار، ثم ينصرفوا إلينا و يعرفونا مودتهم، و يعرضوا علينا نصرتهم». و تلا هذه الآية: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ و قال: «التفث: الشعث، و النذر: لقاء الإمام (عليه السلام)».

سورة الحج(22): الآيات 30 الي 31 ..... ص : 880

قوله تعالى:

ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [30]

7319/ [1]-

محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن

__________________________________________________

25- علل الشرائع: 399/ 3.

26- علل الشرائع: 399/ 5.

27- علل الشرائع: 399/ 4.

28- تأويل الآيات 1: 336/ 8.

29- تأويل الآيات 1: 336/ 9. [.....]

1- تأويل الآيات 1: 336/ 10.

(1) (من) ليس في المصدر، و في «ج»: و من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 881

داود النجار، عن الإمام موسى، عن أبيه جعفر (عليهما السلام)، في قول الله تعالى: وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ.

قال: «هي ثلاث حرمات واجبة، فمن قطع منها حرمة فقد أشرك بالله: الأولى: انتهاك حرمة الله في بيته الحرام، و الثانية: تعطيل الكتاب و العمل بغيره، و الثالثة: قطيعة ما أوجب الله من فرض طاعتنا و مودتنا».

قوله تعالى:

فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ- إلى قوله تعالى- فِي مَكانٍ سَحِيقٍ [30- 31]

7320/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى:

فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ، قال: «الغناء».

7321/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن درست، عن زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ، فقال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج، و قول الزور:

الغناء».

7322/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ.

قال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج، و قول الزور: الغناء».

7323/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ.

قال: «الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله- قال- فطرهم على معرفته «1»».

7324/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن

__________________________________________________

1- الكافي 6: 431/ 1.

2- الكافي 6: 435/ 2.

3- الكافي 6: 436/ 7.

4- الكافي 2: 10/ 4.

5- معاني الأخبار: 349/ 1.

(1) في المصدر: على المعرفة به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 882

مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا الحسين بن أشكيب، قال: حدثنا محمد بن السري، عن الحسين بن سعيد، عن أبي أحمد محمد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن عبد الأعلى، قال: سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ قال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج، و قول الزور: الغناء».

قلت: قوله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ «1»؟ قال: «منه الغناء».

7325/ [6]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سألته عن قول الزور.

قال: «منه: قول الرجل

للذي يغني: أحسنت».

7326/ [7]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ. قلت: ما الحنيفية؟ قال: «هي الفطرة».

7327/ [8]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و يعقوب بن يزيد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ و عن الحنيفية.

قال: «هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله- و قال- فطرهم الله على التوحيد» «2».

7328/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج، و قول الزور: الغناء. و قوله: حُنَفاءَ أي طاهرين، و قوله: فِي مَكانٍ سَحِيقٍ أي بعيد».

7329/ [10]- الشيخ في (أماليه) بإسناده، في قوله: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ.

قال: «الرجس: الشطرنج، و قول الزور: الغناء».

قلت: هذا الحديث مسبوق بحديث عن الباقѠ(عليه السلام) في (الأمالي).

__________________________________________________

6- معاني الأخبار: 349/ 2.

7- معاني الأخبار: 349/ 1.

8- التوحيد: 440/ 9.

9- تفسير القمّي 2: 84.

10- الأمالي 1: 330.

(1) لقمان 31: 6. [.....]

(2) في المصدر: المعرفة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 883

سورة الحج(22): آية 32 ..... ص : 883

قوله تعالى:

ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [32] 7330/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: تعظيم البدن و جودتها.

7331/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا،

عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنما يكون الجزاء مضاعفا فيما دون البدنة «1»، فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنه أعظم ما يكون، قال الله عز و جل: وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ».

سورة الحج(22): آية 33 ..... ص : 883

قوله تعالى:

لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [33]

7332/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى. قال: «إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها، و إن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها».

7333/ [4]- ابن بابويه، في (الفقيه): بإسناده عن أبي بصير، عنه (عليه السلام) في قول الله عز و جل: لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى. قال: «إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها، و إن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها».

7334/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: البدن يركبها المحرم من موضعه «2» الذي يحرم فيه غير مضر بها، و لا معنف عليها، و إن كان لها لبن يشرب من لبنها إلى يوم النحر، و هو قوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 84.

2- الكافي 4: 395/ 5.

3- الكافي 4: 492/ 1.

4- من لا يحضره الفقيه 2: 300/ 1493.

5- تفسير القمّي 2: 84.

(1) في المصدر زيادة: حتّى يبلغ البدنة.

(2) في «ط»: موضعها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 884

سورة الحج(22): الآيات 34 الي 35 ..... ص : 884

قوله تعالى:

وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ الصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَ الْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ [34- 35]

7335/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، قال: قال موسى بن جعفر (عليه السلام): «سألت أبي عن قول الله عز و جل:

وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الآية، قال:

نزلت فينا خاصة».

7336/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ قال: العابدين.

سورة الحج(22): آية 36 ..... ص : 884

قوله تعالى:

وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [36]

7337/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ.

قال: «ذلك حين تصف للنحر، تربط يديها ما بين الخف و «1» الركبة، و وجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض».

7338/ [4]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها قال: «إذا وقعت على

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 337/ 11.

2- تفسير القمّي 2: 84.

3- الكافي 4: 497/ 1.

4- الكافي 4: 499/ 2.

(1) في المصدر: إلى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 885

الأرض». فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ قال: «القانع: الذي يرضى بما أعطيته، و لا يسخط، و لا يكلح «1»، و لا يلوي شدقه غضبا، و المعتر: المار بك لتعطيه» «2».

7339/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله جل ثناؤه: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ، قال: «القانع:

الذي يقنع بما أعطيته، و المعتر: الذي يعتريك، و السائل: الذي يسألك في يديه، و البائس: هو الفقير».

7340/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن مولى لأبي عبد الله (عليه السلام)، قال: رأيت أبا الحسن الأول (عليه السلام) دعا ببدنة فنحرها، فلما ضرب الجزارون عراقيبها، فوقعت على الأرض، و كشفوا شيئا من سنامها، قال: «اقطعوا و كلوا منها، فإن الله عز و جل يقول: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا».

7341/ [5]- الشيخ: بإسناده عن موسى بن القاسم، عن النخعي، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا ذبحت أو نحرت فكل و أطعم، كما قال الله تعالى: فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ» و قال: «القانع: الذي يقنع بما أعطيته، و المعتر: الذي يعتريك، و السائل: الذي يسألك في يديه، و البائس: الفقير».

7342/ [6]- و عنه بإسناده: عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن سيف التمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن سعد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي، فقال: إني سقت هديا، فكيف أصنع؟ فقال له أبي:

أطعم أهلك ثلثا، و أطعم القانع و المعتر ثلثا، و أطعم المساكين ثلثا.

فقلت: المساكين هم السؤال؟ فقال: نعم، و قال: القانع الذي يقنع بم أرسلت إليه من البضعة فما فوقها، و المعتر ينبغي له أكثر من ذلك، و هو أغنى من القانع الذي يعتريك فلا يسألك».

7343/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن

مهزيار، عن فضالة، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها قال: «إذا وقعت على

__________________________________________________

3- الكافي 4: 500/ 6. [.....]

4- الكافي 4: 501/ 9.

5- التهذيب 5: 223/ 751.

6- التهذيب 5: 223/ 753.

7- معاني الأخبار: 208/ 1.

(1) الكلوح: تكشر في عبوس. «الصحاح- كلح- 1: 399».

(2) في المصدر: لتطعمه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 886

الأرض» فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ قال: «القانع: الذي يرضى بما أعطيته، و لا يسخط، و لا يكلح، و لا يزبد «1» شدقه غضبا، و المعتر: المار بك لتطعمه».

7344/ [8]- و عنه: بهذا الإسناد عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن سيف التمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن سعد بن عبد الملك قدم حاجا، فلقي أبي (عليه السلام)، فقال: إني سقت هديا، فكيف أصنع؟ فقال: أطعم أهلك ثلثا، و أطعم القانع ثلثا، و أطعم المسكين ثلثا.

قلت: المسكين هو السائل؟ قال: نعم، و القانع: الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها، و المعتر:

الذي يعتريك لا يسألك».

7345/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: القانع: الذي يسأل فتعطيه، و المعتر: الذي يعتريك فلا يسأل.

سورة الحج(22): آية 37 ..... ص : 886

قوله تعالى:

لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ [37] 7346/ [1]- علي بن إبراهيم، أي لا يبلغ ما يتقرب به إلى الله، و إن نحرها، إذا لم يتق الله، و إنما يتقبل الله من المتقين.

قوله تعالى:

لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَ بَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [37] 7347/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: التكبير أيام التشريق: في الصلاة بمنى في عقيب خمس

عشرة صلاة، و في الأمصار عقيب عشر صلوات.

7348/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن

__________________________________________________

8- معاني الأخبار: 208/ 2.

9- تفسير القمّي 2: 84.

1- تفسير القمّي 2: 84.

2- تفسير القمّي 2: 84.

3- الكافي 4: 516/ 3.

(1) زبّد شدقه: خرج زبده. «أقرب الموارد- زبد- 1: 453».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 887

منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ «1».

قال: «هي أيام التشريق- و ساق الحديث إلى أن قال (عليه السلام)- و التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر، الله أكبر و لله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام».

7349/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ «2».

قال: «التكبير في أيام التشريق: من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث، و في الأمصار «3» عشر صلوات، فإذا نفر بعد الاولى أمسك أهل الأمصار، و من أقام بمنى فصلى بها الظهر و العصر فليكبر».

سورة الحج(22): آية 38 ..... ص : 887

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [38]

7350/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ

آمَنُوا.

قال: «نحن الذين آمنوا، و الله يدافع عنا ما أذاعت عنا شيعتنا».

سورة الحج(22): الآيات 39 الي 40 ..... ص : 887

قوله تعالى:

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [39 و 40]

7351/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن

__________________________________________________

3- الكافي 4: 516/ 1.

1- تأويل الآيات 1: 337/ 12. [.....]

2- الكافي 8: 337/ 534.

(1) البقرة 2: 203.

(2) البقرة 2: 203.

(3) في «ط» زيادة: عقيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 888

أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، قال: «نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي، و جعفر، و حمزة، و جرت في الحسين (عليهم السلام) أجمعين».

7352/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في آل محمد (عليهم السلام) خاصة أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ- ثم تلا إلى قوله تعالى- وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ» «1».

7353/ [3]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن صفوان بن يحيى، عن حكيم الحناط، عن ضريس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، قال: «الحسن و الحسين (عليهما

السلام)».

7354/ [4]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، قال: «هي في القائم (عليه السلام) و أصحابه».

7355/ [5]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن، عن المفضل «2»، عن جعفر ابن الحسين الكوفي، عن محمد بن زيد مولى أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبيه، قال: سألت مولاي أبا جعفر (عليه السلام)، قلت: قوله عز و جل: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ؟ قال: «نزلت في علي، و حمزة، و جعفر (عليهم السلام)، ثم جرت في الحسين (عليه السلام)».

7356/ [6]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود النجار، قال:

حدثنا مولانا موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله تعالى: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ.

قال: «نزلت فينا خاصة، في أمير المؤمنين و ذريته (عليهم السلام)، و ما ارتكب من أمر فاطمة (عليها السلام)».

7357/ [7]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 338/ 14.

3- تأويل الآيات 1: 338/ 15.

4- تأويل الآيات 1: 338/ 16.

5- تأويل الآيات 1: 339/ 17، شواهد التنزيل 1: 399/ 552.

6- تأويل الآيات 1: 339/ 18.

7- كامل الزيارات: 63/ 4.

(1) الحج 22: 41.

(2) في المصدر: محمّد بن عبد الرحمن بن الفضل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 889

ابن محمد بن عيسى، عن

العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن حكيم الحناط، عن ضريس، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ قال: «علي، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)».

7358/ [8]- و عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «أنها نزلت في المهاجرين، و جرت في آل محمد (عليهم السلام) الذين اخرجوا من ديارهم، و أخيفوا».

7359/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في علي (عليه السلام) و جعفر، و حمزة (رضي الله عنهما) ثم جرت. و قوله:

الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ قال: الحسين (عليه السلام)، حين طلبه يزيد لعنه الله ليحمله إلى الشام فهرب إلى الكوفة، و قتل بالطف.

7360/ [10]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.

قال: «إن العامة يقولون: نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أخرجته قريش من مكة، و إنما هو القائم (عليه السلام) إذا خرج يطلب بدم الحسين (عليه السلام)، و هو قوله: نحن أولياء الدم، و طلاب الدية. ثم ذكر عبادة الأئمة (عليهم السلام)، و سيرتهم، فقال: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ» «1».

و تقدم حديث في ذلك في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ «2» الآية، من سورة براءة.

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ

اللَّهِ كَثِيراً وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [40]

7361/ [1]- الطبرسي، قال: قرأ الصادق (عليه السلام) «و صلوات» بضم الصاد و اللام، و فسرها بالحصون،

__________________________________________________

8- مجمع البيان 7: 138.

9- تفسير القمّي 2: 84. [.....]

10- تفسير القمّي 2: 84.

1- جوامع الجامع: 301.

(1) الحج 22: 41.

(2) التوبة 9: 111، تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيتين (111 و 112) من سورة التوبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 890

و الآطام «1».

7362/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن حجر بن زائدة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً.

فقال: «كان قوم صالحون، و هم مهاجرون قوم سوء خوفا أن يفسدوهم، فيدفع الله أيديهم عن الصالحين، و لم يأجر أولئك بما يقع «2» بهم، و فينا مثلهم».

7363/ [3]- و عنه: عن محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى ابن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قوله عز و جل: وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً، قال: «هم الأئمة الأعلام، و لو لا صبرهم، و انتظارهم الأمر أن يأتيهم من الله لقتلوا جميعا. قال الله عز و جل: وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ».

قال شرف الدين النجفي: بيان معنى هذا التأويل الأول:

قوله: «كان قوم صالحون، و هم مهاجرون

قوم سوء خوفا أن يفسدوهم»

أي يفسدوا عليهم دينهم، فهاجروهم لأجل ذلك، فالله تعالى يدفع أيدي القوم السوء عن الصالحين.

و قوله: «و فينا مثلهم» قوم صالحون و هم الأئمة الراشدون، و قوم سوء و هم المخالفون، و الله تعالى يدفع أيدي المخالفين عن الأئمة الراشدين، و الحمد لله رب العالمين «3».

ثم قال: و أما معنى التأويل الثاني: قوله: «هم الأئمة». بيانه: أن الله سبحانه يدفع بعض الناس عن بعض، فالمدفوع عنهم: [هم الأئمة (عليهم السلام)، و المدفوعون: هم الظالمون.

و

قوله: «و لو لا صبرهم و انتظارهم الأمر أن يأتيهم من الله لقتلوا جميعا»

معناه: و لولا صبرهم على الأذى و التكذيب، و انتظارهم أمر الله أن يأتيهم بفرج آل محمد، و قيام القائم (عليه السلام)، لقاموا كما قام غيرهم [بالسيف ، و لو قاموا لقتلوا جميعا، [و لو قتلوا جميعا] لهدمت صوامع، و بيع، و صلوات، و مساجد.

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 340/ 19.

3- تأويل الآيات 1: 340/ 20، و قطعة منه في شواهد التنزيل 1: 280/ 384 و تذكرة الخواص: 16 و فرائد السمطين 1: 339/ 261 و ينابيع المودة:

70 و 72 و 74 و 120.

(1) الآطام: جمع أطم، بسكون الطاء و ضمّها: الحصن و البيت المرتفع.

(2) في المصدر: بما يدفع.

(3) قال المجلسي (رحمه اللّه) في تفسير ذلك: أي كان قوم صالحون هجروا قوم سوء خوفا أن يفسدوا عليهم دينهم، فاللّه تعالى يدفع بهذا القوم السوء عن الصالحين شرّ الكفّار، كما كان الخلفاء الثلاثة و بنو اميّة و أضرابهم يقاتلون المشركين و يدفعونهم عن المؤمنين الّذين لا يخالطونهم و لا يعاونونهم خوفا من أن يفسدوا عليهم دينهم لنفاقهم و فجورهم، و لم يأجر اللّه هؤلاء المنافقين بهذا

الدفع، لأنّه لم يكن غرضهم إلّا الملك و السلطنة و الاستيلاء على المؤمنين و أئمّتهم، كما

قال النبيّ (صلى اللّه عليه و آله): «إنّ اللّه يؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم»

و أمّا

قوله (عليه السّلام): «و فينا مثلهم»

يعني نحن أيضا نهجر المخالفين لسوء فعالهم، فيدفع اللّه ضرر الكافرين و شرّهم عنّا بهم. «البحار 24: 361».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 891

و الصوامع: عبارة [عن مواضع عبادة] النصارى في الجبال، و البيع في القرى، و الصلوات: أي مواضعها، و يشترك فيها المسلمون و اليهود، فاليهود لهم الكنائس، و المسلمون المساجد، فيكون قتلهم جميعا سببا لهدم هذه المواضع، و هدمها سببا لتعطيل الشرائع الثلاث: شريعة موسى، و عيسى، و محمد (صلى الله عليه و عليهم أجمعين) لأن الشرائع لا تقوم إلا بالكتاب، و الكتاب يحتاج إلى التأويل، و التأويل لا يعلمه إلا الله و الراسخون في العلم، و هم الأئمة (صلوات الله عليهم)، لأنهم يعلمون تأويل كتاب موسى، و عيسى، و محمد (صلى الله عليه و عليهم أجمعين)،

لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم، و بين أهل الفرقان بفرقانهم، حتى تنطق الكتب، و تقول: صدق».

و قوله: «هم الأعلام». الأعلام: الأدلة الهادية إلى دار السلام، فعليهم من الله أفضل التحية و الإكرام و لما علم الله سبحانه و تعالى منهم الصبر و عدهم النصر، فقال: وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [أي ينصر دينه إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ في سلطانه عَزِيزٌ في جبروت شأنه.

قلت: قد تقدمت

رواية محمد بن العباس بإسناده إلى عيسى بن داود، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام): «نزلت آية: أُذِنَ لِلَّذِينَ

يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ إلى قوله تعالى وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ في آل محمد (عليهم السلام) خاصة» «1».

سورة الحج(22): الآيات 41 الي 44 ..... ص : 891

قوله تعالى:

الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ ثَمُودُ- إلى قوله تعالى- نَكِيرِ [41- 44]

7364/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قوله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ قال: «نحن هم».

7365/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 342/ 22.

2- تأويل الآيات 1: 342/ 23، شواهد التنزيل 1: 400/ 554.

(1) تقدّمت في الحديث (2) من تفسير الآيتين (39- 40) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 892

عمرو «1» بن ثابت، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن «2»، عن امه، عن أبيها (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ.

قال: «هذه نزلت فينا أهل البيت».

7366/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، عن الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: «كنت عند أبي يوما في المسجد إذ أتاه رجل، فوقف أمامه، و قال: يا

بن رسول الله، أعيت علي آية في كتاب الله عز و جل، سألت عنها جابر بن يزيد فأرشدني إليك. فقال: و ما هي؟ قال: قوله عز و جل: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ.

فقال أبي: نعم، فينا نزلت، و ذلك أن فلانا، و فلانا، و طائفة معهما- و سماهم- اجتمعوا إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا رسول الله، إلى من يصير هذا الأمر بعدك، فو الله لئن صار إلى رجل من أهل بيتك، إنا لنخافهم على أنفسنا و لو صار إلى غيرهم فلعل غيرهم أقرب و أرحم بنا منهم. فغضب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ذلك غضبا شديدا، ثم قال: أما و الله لو آمنتم بالله و برسوله ما أبغضتموهم، لأن بغضهم بغضي، و بغضي هو الكفر بالله، ثم نعيتم إلي نفسي، فو الله لئن مكنهم الله في الأرض ليقيموا الصلاة، و ليؤتوا الزكاة، و ليأمروا بالمعروف، و لينهوا عن المنكر، إنما يرغم الله انوف رجال يبغضوني، و يبغضون أهل بيتي و ذريتي فأنزل الله عز و جل:

الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ فلم يقبل القوم ذلك، فأنزل الله سبحانه: وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ ثَمُودُ وَ قَوْمُ إِبْراهِيمَ وَ قَوْمُ لُوطٍ وَ أَصْحابُ مَدْيَنَ وَ كُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ».

7367/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله، عن كثير بن

عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ.

قال: «هذه الآية لآل محمد المهدي (عليه السلام) و أصحابه، يملكهم الله مشارق الأرض و مغاربها، و يظهر الدين، و يميت الله عز و جل به و بأصحابه البدع و الباطل كما أمات السفهة الحق، حتى لا يرى أثر من الظلم، و يأمرون بالمعروف، و ينهون عن المنكر، و لله عاقبة الأمور».

7368/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، قال:

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 1: 342/ 24.

4- تأويل الآيات 1: 343/ 25. [.....]

5- تأويل الآيات 1: 338/ 14.

(1) في «ي، ط»: عمر.

(2) في «ج، ي، ط»: عبد اللّه بن الحسن بن الحسين، راجع معجم رجال الحديث 10: 159.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 893

حدثنا موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في آل محمد (عليهم السلام) خاصة:

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ «1»- ثم تلا إلى قوله تعالى- وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ».

7369/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فهذه لآل محمد (عليهم السلام) إلى آخر الآية، و المهدي و أصحابه (عليه السلام) يملكهم الله مشارق الأرض و مغاربها، و يظهر الدين، و يميت الله به و بأصحابه البدع و الباطل كما أمات

السفهة الحق، حتى لا يرى أثر للظلم، و يأمرون بالمعروف، و ينهون عن المنكر».

سورة الحج(22): آية 45 ..... ص : 893

قوله تعالى:

فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها- إلى قوله تعالى- وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ [45] 7370/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و أما قوله: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَ هِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها العروش: سقف البيت و حولها و جوانبها.

قال: و أما قوله: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ قال: هو مثل جرى لآل محمد (عليهم السلام) قوله: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ: هي التي لا يستقى منها، و هو الإمام الذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم إلى وقت ظهوره «2»، و القصر المشيد: هو المرتفع، و هو مثل لأمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)، و فضائلهم «3» المنتشرة في العالمين، المشرفة على الدنيا، و تستطار ثم تشرق على الدنيا «4»، و هو قوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ «5» و قال الشاعر في ذلك:

بئر معطلة و قصر مشرف مثل لآل محمد مستطرف فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى و البئر علمهم الذي لا ينزف «6»

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 87.

1- تفسير القمّي 2: 85 و 87.

(1) سورة الحج 22: 39 و 40.

(2) (إلى وقت ظهوره) ليس في المصدر.

(3) في «ج، ي، ط»: و قضاياهم.

(4) في المصدر: و فضائلهم المشرفة على الدنيا.

(5) التوبة 9: 33، الفتح 48: 28، الصف 61: 9.

(6) أي لا يفنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 894

7371/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن، و علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، في قوله تعالى: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ، قال: «البئر المعطلة: الإمام الصامت،

و القصر المشيد: الإمام الناطق».

7372/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن إبراهيم بن زياد، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ، قال: «البئر المعطلة: الإمام الصامت، و القصر المشيد: الإمام الناطق».

7373/ [4]- و عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن علي بن السندي، عن محمد بن عمرو، عن بعض أصحابنا، عن نصر بن قابوس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ، قال: «البئر المعطلة: الإمام الصامت، و القصر المشيد: الإمام الناطق».

7374/ [5]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رحمه الله)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، إسحاق بن محمد، قال: أخبرني محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم البطل، عن صالح بن سهل، أنه قال: أمير المؤمنين (عليه السلام) هو القصر المشيد، و البئر المعطلة: فاطمة و ولدها (عليهم السلام)، معطلين من الملك.

و قال محمد بن الحسن بن أبي خالد الأشعري، معطلين بشنبولة.

بئر معطلة و قصر مشرف مثل لآل محمد مستطرف فالناطق القصر المشيد منهم و الصامت البئر التي لا تنزف 7375/ [6]- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن بعض أصحابه، عن نصر بن قابوس،

قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ وَ فاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ «1» قال: «يا نصر، إنه- و الله- ليس حيث يذهب الناس، إنما هو العالم «2» و ما يخرج منه».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 353/ 75.

3- معاني الأخبار: 111/ 1.

4- معاني الأخبار: 111/ 2. [.....]

5- معاني الأخبار: 111/ 3.

6- مختصر بصائر الدرجات: 57.

(1) الواقعة 56: 30- 33.

(2) في «ج، ي، ط»: العلم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 895

و سألته عن قول الله عز و جل: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ قال: «البئر المعطلة: الإمام الصامت، و القصر المشيد: الإمام الناطق».

7376/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن الربيع بن محمد، عن صالح بن سهل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قول الله عز و جل: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ أمير المؤمنين (عليه السلام): القصر المشيد، و البئر المعطلة: فاطمة (عليها السلام) و ولدها، معطلون من الملك».

7377/ [8]- ابن شهر آشوب: عن جعفر الصادق (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ أنه قال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) القصر المشيد، و البئر المعطلة علي (عليه السلام)».

7378/ [9]- علي بن جعفر: عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: «البئر المعطلة: الإمام الصامت، و القصر المشيد:

الإمام الناطق».

سورة الحج(22): آية 47 ..... ص : 895

قوله تعالى:

وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [47] 7379/ [1]- علي بن إبراهيم: و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبرهم أن العذاب قد أتاهم، فقالوا:

فأين العذاب؟ استعجلوه، فقال الله: وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.

7380/ [2]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني «1»، عن سليمان بن داود «2» المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): «إذا أراد أحدكم أن لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم، و لا يكون له رجاء إلا من

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 1: 344/ 26.

8- المناقب 3: 88.

9- المناقب 3: 88.

1- تفسير القمّي 2: 88.

2- الأمالي 1: 34.

(1) الظاهر أنّه سقط من سند الحديث القاسم بن محمّد، بدليل السند الآتي في ذيل هذا الحديث، و انظر: فهرست الطوسي: 77، معجم رجال الحديث 12: 173.

(2) في «ج، ي»: داود بن سليمان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 896

عند الله عز و جل، فإذا علم الله ذلك من قبله لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن في القيامة خمسين موقفا، كل موقف [مثل ألف سنة مما تعدون- ثم تلا هذه الآية- فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ «1»».

و رواه محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه» و ساق الحديث إلى آخره، إلا أن فيه: «مقداره ألف سنة» ثم تلا، إلى آخره

«2».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ من سورة المعارج «3».

7381/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عنهم (عليهم السلام)، في حديث ما وعظ الله عز و جل به عيسى (عليه السلام)، و فيه: «يا عيسى، تب إلي، فإني لا يتعاظمني ذنب أن أغفره، و أنا أرحم الراحمين: اعمل لنفسك في مهلة من أجلك، قبل أن لا تعمل لها «4»، و اعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون، فيه أجزي بالحسنة أضعافها، و إن السيئة توبق صاحبها».

سورة الحج(22): الآيات 50 الي 51 ..... ص : 896

قوله تعالى:

فَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ [50- 51]

7382/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قوله عز و جل: فَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ.

قال: «أولئك آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)، و الذين سعوا في قطع مودة آل محمد (عليهم السلام) معاجزين

__________________________________________________

3- الكافي 8: 131/ 103.

1- تأويل الآيات 1: 345/ 29.

(1) المعارج 70: 4. [.....]

(2) الكافي 2: 119/ 2.

(3) يأتي في الحديث (13) من تفسير الآية (4) من سورة المعارج.

(4) في المصدر: لا يعمل لها غيرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 897

أولئك أصحاب الجحيم- قال- هم الأربعة نفر: التيمي، و العدوي، و الأمويان».

سورة الحج(22): الآيات 52 الي 55 ..... ص : 897

اشارة

قوله تعالى:

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ- إلى قوله تعالى- عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ [52- 55]

7383/ [1]- علي بن إبراهيم: إن العامة رووا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان في الصلاة، فقرأ سورة النجم في المسجد الحرام، و قريش يستمعون لقراءته، فلما انتهى إلى هذه الآية: أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّى وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى «1» أجرى إبليس على لسانه: فإنها للغرانيق الأولى، و إن شفاعتهن لترجى. ففرحت قريش، و سجدوا، و كان في القوم الوليد بن المغيرة المخزومي و هو شيخ كبير، فأخذ كفا من حصى، فسجد عليه و هو قاعد، و قالت قريش: قد أقر محمد بشفاعة اللات و العزى، قال: فنزل جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: قد قرأت ما لم أنزل به عليك،

و أنزل عليه: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ.

و

أما الخاصة فإنهم رووا عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصابته خصاصة، فجاء إلى رجل من الأنصار، فقال له: هل عندك من طعام؟ فقال: نعم، يا رسول الله. و ذبح له عناقا «2»، و شواه، فلما أدناه منه تمنى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يكون معه علي و فاطمة و الحسن، و الحسين (عليهم السلام).

فجاء أبو بكر و عمر، ثم جاء علي (عليه السلام) بعدهما، فأنزل الله في ذلك: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ و لا محدث إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ يعني فلانا و فلانا فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ يعني لما جاء علي (عليه السلام) بعدهما ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ يعني بنصرة أمير المؤمنين (عليه السلام)».

ثم قال: لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً يعني فلانا و فلانا لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قال: الشك وَ الْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ إلى قوله: إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني إلى الإمام المستقيم. ثم قال: وَ لا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ أي في شك من أمير المؤمنين (عليه السلام) حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ قال: العقيم: الذي لا مثل له في الأيام.

7384/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن حماد

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 85.

2- تأويل الآيات 1: 347/ 33.

(1) الآية: 19 و 20.

(2) العناق: بالفتح، الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول. «مجمع البحرين-

عنق- 5: 219».

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 898

ابن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ الآية.

قال أبو جعفر (عليه السلام): «خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد أصابه جوع شديد، فأتى رجلا من الأنصار، فذبح له عناقا، و قطع له عذق بسر و رطب، فتمنى رسول الله عليا (عليه السلام)، و قال: يدخل عليكم رجل من أهل الجنة» قال: «فجاء أبو بكر، ثم جاء عمر، ثم جاء عثمان، ثم جاء علي (عليه السلام)، فنزلت هذه الآية: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ».

7385/ [3]- و عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، عن إدريس بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن زياد بن سوقة، عن الحكم بن عتيبة، قال: قال لي علي بن الحسين (عليهما السلام): «يا حكم، هل تدري ما كانت الآية التي كان يعرف بها علي (عليه السلام)، صاحب قتله، و يعرف بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس؟» قال: قلت: لا و الله. فأخبرني بها، يا بن رسول الله. قال: «هي قول الله عز و جل: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ و لا محدث».

قلت: فكان علي (عليه السلام) محدثا؟ قال: «نعم، و كل إمام منا أهل البيت محدث».

7386/ [4]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن

عامر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن فرقد، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: قال لي الحكم بن عتيبة: إن مولاي علي بن الحسين (عليه السلام) قال لي: «إنما علم علي (عليه السلام) كله في آية واحدة». قال: فخرج عمران بن أعين ليسأله، فوجد عليا (عليه السلام) قد قبض، فقال لأبي جعفر (عليه السلام): إن الحكم حدثنا عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال: «إن علم علي (عليه السلام) كله في آية واحدة»؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و ما تدري ما هي؟» قلت: لا. قال: «هي قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ و لا محدث، ثم أبان شأن الرسول، و النبي، و المحدث (صلوات الله عليهم أجمعين)».

7387/ [5]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن القاسم بن عروة، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن الرسول، و النبي، و المحدث.

فقال: «الرسول: الذي تأتيه الملائكة، و يعاينهم، و تبلغه الرسالة من الله. و النبي: الذي يرى في المنام، فما رأى فهو كما رأى، و المحدث: الذي يسمع صوت الملائكة و حديثهم، و لا يرى شيئا، بل ينقر في أذنيه، و ينكت في قلبه».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 1: 345/ 30.

4- تأويل الآيات 1: 346/ 31.

5- تأويل الآيات 1: 346/ 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 899

7388/ [6]- محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن علي، قال: حدثني عبيس بن هشام، قال: حدثنا كرام ابن عمرو الخثعمي، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أ كان علي (عليه السلام) ينكت

في قلبه، أو يوقر «1» في صدره و اذنه؟ قال: «إن عليا (عليه السلام) كان محدثا».

قال: فلما أكثرت عليه، قال: «إن عليا (عليه السلام) يوم بني قريظة و بني النضير كان جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، يحدثانه».

7389/ [7]- و عنه: عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة، عن حمران، قال:

حدثنا الحكم بن عتيبة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: «إن علم علي (عليه السلام) في آية من القرآن» قال:

و كتمنا الآية.

قال: فكنا نجتمع فنتدارس القرآن فلا نعرف الآية- قال- فدخلت علي أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت له: إن الحكم بن عتيبة حدثنا عن علي بن الحسين (عليه السلام): «أن علم علي (عليه السلام) في آية من القرآن» و كتمنا الآية.

قال: «اقرأ يا حمران» فقرأت: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و ما أرسلنا من رسول و لا نبي و لا محدث» قلت: و كان علي (عليه السلام) محدثا؟ قال: «نعم».

فجئت إلى أصحابنا، فقلت: قد أصبت الذي كان الحكم يكتمنا. قال: قلت: قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان يقول: علي (عليه السلام) محدث». فقالوا لي: ما صنعت شيئا، ألا كنت تسأله من يحدثه؟

[قال: فبعد ذلك إني أتيت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت: أ ليس حدثتني أن عليا (عليه السلام) كان محدثا؟ قال:

«بلى»] قلت: من يحدثه؟ قال: «ملك يحدثه».

قال: قلت: أقول إنه نبي، أو رسول؟ قال: «لا، و لكن قل: مثله مثل صاحب سليمان، و صاحب موسى، و مثله مثل ذي القرنين».

7390/ [8]- و عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: سمعت أبا الحسن

(عليه السلام) يقول: الأئمة علماء صادقون، مفهمون، محدثون».

7391/ [9]- و عنه: عن أبي طالب، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: كنت أنا، و أبو بصير، و محمد بن عمران ننزل بمكة، فقال محمد بن عمران: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول «نحن اثنا عشر محدثا» فقال له أبو بصير: و الله لقد سمعت من أبي عبد الله (عليه السلام)؟ قال: فحلفه مرة أو مرتين أنه سمعه. فقال أبو بصير: كذا سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول.

__________________________________________________

6- بصائر الدرجات: 341/ 2.

7- بصائر الدرجات: 343/ 10 و 11.

8- بصائر الدرجات: 339/ 1.

9- بصائر الدرجات: 339/ 2. [.....]

(1) وقر في قلبي كذا: وقع و بقي أثره. «أقرب الموارد- وقر- 2: 1474». و في المصدر: ينقر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 900

7392/ [10]- و عنه: عن عبد الله بن محمد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن أحمد بن محمد الثقفي، عن أحمد بن يونس الحجال، عن أيوب بن حسن، عن قتادة، أنه كان يقرأ: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث» «1».

7393/ [11]- و عنه: عن علي بن إسماعيل، عن صفوان، عن الحارث بن المغيرة، عن حمران، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أ لست أخبرتني أن عليا (عليه السلام) كان محدثا؟ قال: «بلى» قلت: من يحدثه؟ قال: «ملك يحدثه».

قلت: فأقول إنه نبي، أو رسول؟ قال: «لا، بل مثله مثل صاحب سليمان، و مثل صاحب موسى، و مثل ذي القرنين، أما بلغك أن عليا (عليه السلام) سئل عن ذي القرنين، فقيل: كان نبيا؟ فقال: لا، بل كان عبدا أحب الله فأحبه، و نصح لله فنصحه. فهذا مثله».

7394/ [12]- و عنه: عن

أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن الحارث بن المغيرة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن عليا (عليه السلام) كان محدثا».

قلت: فيكون نبيا؟ قال: فحرك يده هكذا، ثم قال: «أو كصاحب سليمان، أو كصاحب موسى، أو كذي القرنين، أو ما بلغكم أنه (عليه السلام) قال: و فيكم مثله؟».

7395/ [13]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا «2» ما الرسول، و ما النبي؟ قال: «النبي: الذي يرى في منامه، و يسمع الصوت، و لا يعاين الملك، و الرسول: الذي يسمع الصوت، و يرى في المنام، و يعاين الملك».

قلت: الإمام، ما منزلته؟ قال: «يسمع الصوت، و لا يرى، و لا يعاين الملك» ثم تلا هذه الآية: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث».

7396/ [14]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، قال: كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا (عليه السلام): جعلت فداك، أخبرني: ما الفرق بين الرسول، و النبي، و الإمام؟

فكتب- أو قال-: «الفرق بين الرسول و النبي و الإمام، أن الرسول: الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه، و يسمع

__________________________________________________

10- بصائر الدرجات: 341/ 8.

11- بصائر الدرجات: 386/ 6.

12- بصائر الدرجات: 386/ 2.

13- الكافي 1: 134/ 1.

14- الكافي 1: 134/ 2.

(1) و رويت هذه القراءة عن عبد اللّه بن عباس و سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، كما في الدر المنثور 6: 65.

(2) مريم

19: 51 و 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 901

كلامه، و ينزل عليه الوحي، و ربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام)، و النبي: ربما سمع الكلام، و ربما رأى الشخص و لم يسمع. و الإمام: هو الذي يسمع الكلام، و لا يرى الشخص».

7397/ [15]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرسول، و النبي، و المحدث؟

فقال: «الرسول: الذي يأتيه جبرئيل قبلا فيراه، و يكلمه، فهذا الرسول، و أما النبي: فهو الذي يرى في منامه، نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام)، و نحو ما كان رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أسباب النبوة قبل الوحي، حتى أتاه جبرئيل (عليه السلام) من عند الله بالرسالة، و كان محمد (صلى الله عليه و آله) حين جمع له النبوة، و يرى في منامه، و يأتيه الروح، و يكلمه، و يحدثه، من غير أن يكون يراه في اليقظة. و أما المحدث: فهو الذي يحدث، فيسمع، و لا يعاين، و لا يرى في منامه».

7398/ [16]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن القاسم بن محمد، عن عبيد بن زرارة، قال: أرسل أبو جعفر (عليه السلام) إلى زرارة أن يعلم الحكم بن عتيبة، أن أوصياء محمد (عليه و عليهم السلام) محدثون.

7399/ [17]- و عن محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن زياد بن سوقة، عن الحكم بن عتيبة، قال: دخلت على علي بن الحسين (عليهما السلام) يوما، فقال: «يا حكم، هل تدري الآية التي كان علي بن أبي طالب

(عليه السلام) يعرف قالته بها، و يعلم بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس؟».

قال الحكم: فقلت في نفسي: قد وقعت على علم من علم علي بن الحسين (عليهما السلام)، أعلم بذلك تلك الأمور العظام. قال: فقلت: لا و الله، لا أعلم. قال: ثم قلت: الآية، تخبرني بها، يا بن رسول الله؟ قال: «هو- و الله- قول الله عز ذكره: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ و لا محدث، و كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) محدثا».

فقال له رجل يقال له: عبد الله بن زيد، كان أخا علي لامه: سبحان الله، محدثا؟! كأنه ينكر ذلك. فأقبل عليه أبو جعفر (عليه السلام)، فقال: «أما و الله إن ابن أمك بعد قد كان يعرف ذلك». قال: فلما قال ذلك سكت الرجل، فقال:

«هي التي هلك فيها أبو الخطاب، فلم يدر ما تأويل المحدث و النبي».

7400/ [18]- و عنه: عن أحمد بن محمد، و محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن إسماعيل، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «الأئمة علماء، صادقون، مفهمون، محدثون».

__________________________________________________

15- الكافي 1: 135/ 3.

16- الكافي 1: 212/ 1.

17- الكافي 1: 212/ 2.

18- الكافي 1: 213/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 902

7401/ [19]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن محمد بن مسلم، قال: ذكر المحدث عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «إنه يسمع الصوت و لا يرى الشخص».

فقلت له: جعلت فداك، كيف يعلم أنه كلام الملك؟ قال: «إنه يعطى السكينة و الوقار حتى يعلم أنه كلام الملك».

7402/ [20]- و عنه: عن محمد بن

يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن الحارث بن المغيرة، عن حمران بن أعين، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن عليا (عليه السلام) كان محدثا».

فخرجت إلى أصحابي، فقلت: جئتكم بعجيبة. فقالوا: و ما هي؟ قلت: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:

«كان علي (عليه السلام) محدثا» فقالوا: ما صنعت شيئا، ألا سألته من كان يحدثه؟

فرجعت إليه، فقلت: إني حدثت أصحابي بما حدثتني، فقالوا: ما صنعت شيئا، ألا سألته من كان يحدثه؟

فقال لي: «يحدثه ملك» قلت: تقول: «إنه نبي؟» قال: فحرك يده هكذا: «أو كصاحب سليمان، أو كصاحب موسى، أو كذي القرنين، أو ما بلغكم أنه (عليه السلام) قال: و فيكم مثله؟».

7403/ [21]- و عنه: عن أحمد بن محمد، و محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن حسان، عن ابن فضال، عن علي بن يعقوب الهاشمي، عن مروان بن مسلم، عن بريد، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله عز و جل: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث».

قلت: جعلت فداك، ليس هذه قرائتنا، فما الرسول، و النبي، و المحدث؟ قال: «الرسول: الذي يظهر له الملك، و يكلمه. و النبي: هو الذي يرى في منامه، و ربما اجتمعت النبوة و الرسالة لواحد. و المحدث: الذي يسمع الصوت و لا يرى الصورة».

قال: قلت: أصلحك الله، كيف يعلم أن الذي رأى في النوم حق، و أنه من الملك؟ قال: «يوفق لذلك «1» حتى يعرفه، و لقد ختم الله بكتابكم الكتب، و ختم بنبيكم الأنبياء».

أحاديث الشيخ المفيد في (الاختصاص) ..... ص : 902

7404/ [22]- أحمد بن محمد بن عيسى: عن أبيه، و

محمد بن خالد البرقي، و العباس بن معروف، عن

__________________________________________________

19- الكافي 1: 213/ 4.

20- الكافي 1: 213/ 5. [.....]

21- الكافي 1: 135/ 4.

22- الاختصال: 328.

(1) في «ط» نسخة بدل: يوقع علم ذلك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 903

القاسم بن عروة، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرسول، و النبي، و المحدث.

فقال: «الرسول: الذي تأتيه الملائكة، و يعاينهم، و تبلغه عن الله تعالى، و النبي: الذي يرى في منامه، فما رأى فهو كما رأى، و المحدث: الذي يسمع الكلام- كلام الملائكة- ينقر «1» في اذنه، و ينكت في قلبه».

7405/ [23]- أحمد بن محمد بن عيسى: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كانَ رَسُولًا نَبِيًّا «2»، قلت: ما هو الرسول من النبي؟ فقال:

«النبي: هو الذي يرى في منامه، و يسمع الصوت، و لا يرى، و لا يعاين الملك» ثم تلا هذه الآية: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث».

7406/ [24]- الهيثم بن أبي مسروق النهدي، و إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مهران، قال: كتب الحسن ابن العباس المعروفي إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك، أخبرني، ما الفرق بين الرسول، و النبي، و الإمام؟

قال: فكتب إليه- أو قال له-: الفرق بين الرسول و النبي و الإمام، أن الرسول: هو الذي ينزل عليه جبرئيل، فيراه، و يكلمه و يسمع كلامه، و ينزل عليه الوحي، و ربما أتي في منامه، نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام). و النبي: ربما سمع الكلام، و ربما رأى الشخص و لم يسمع

الكلام. و الإمام: هو الذي يسمع الكلام، و لا يرى الشخص».

7407/ [25]- إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني إسماعيل بن بشار «3»، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث».

فقال: «الرسول: الذي يأتيه جبرئيل قبلا فيكلمه، فيراه كما يرى الرجل صاحبه. و أما النبي: فهو الذي يؤتى في منامه، نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام)، و نحو ما كان يرى محمد (عليه السلام)، و منهم من يجتمع له الرسالة و النبوة، و كان محمد (صلى الله عليه و آله) ممن جمعت له الرسالة و النبوة. و أما المحدث: فهو الذي يسمع كلام الملك و لا يراه، و لا يأتيه في المنام».

7408/ [26]- و عنه، قال: حدثني إسماعيل بن بشار، قال: حدثني علي بن جعفر الحضرمي، عن سليم بن

__________________________________________________

23- الاختصاص: 328.

24- الاختصاص: 328.

25- الاختصاص: 329.

26- الاختصاص: 329.

(1) في «ح، ي» يوقر.

(2) مريم 19: 51 و 54.

(3) في المصدر: يسار، و كذلك في الحديث الآتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 904

قيس الشامي، أنه سمع عليا (عليه السلام) يقول: «إني و أوصيائي من ولدي أئمة مهتدون «1»، كلنا محدثون».

قلت: يا أمير المؤمنين، من هم؟ قال: «الحسن، و الحسين، ثم ابني علي بن الحسين- قال: و علي يومئذ رضيع- ثم ثمانية من بعده، واحدا بعد واحد، و هم الذين أقسم الله بهم، فقال: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ «2» أما الوالد فرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ما ولد يعني هؤلاء الأوصياء».

فقلت: يا أمير المؤمنين، أ يجتمع إمامان؟ فقال: «لا، إلا و أحدهما صامت،

لا ينطق حتى يمضي الأول».

قال سليم الشامي: سألت محمد بن أبي بكر، فقلت: أ كان علي (عليه السلام) محدثا؟ فقال: نعم. قلت: و هل يحدث الملائكة الأئمة؟ فقال أو ما تقرأ: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث؟

قلت: فأمير المؤمنين (عليه السلام) محدث؟ فقال: نعم، و فاطمة (عليها السلام) كانت محدثة، و لم تكن نبية.

7409/ [27]- ابن شهر آشوب: قرأ ابن عباس: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث».

7410/ [28]- و عن سليم، قال: سمعت محمد بن أبي بكر قرأ: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث».

قلت: و هل تحدث الملائكة إلا الأنبياء؟ قال: نعم، مريم، و لم تكن نبية و كانت محدثة و ام موسى كانت محدثة و لم تكن نبية و سارة قد عاينت الملائكة، فبشروها بإسحاق، و من وراء إسحاق يعقوب، و لم تكن نبية و فاطمة (عليها السلام) كانت محدثة، و لم تكن نبية.

7411/ [29]- الطبرسي في (الاحتجاج) في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «فذكر عز ذكره لنبيه (صلى الله عليه و آله) ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده، بقوله: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ يعني أنه ما من نبي يتمنى مفارقة ما يعاينه من نفاق قومه و عقوقهم، و الانتقال عنهم إلى دار الإقامة، إلا ألقى الشيطان المعرض بعداوته- عند فقده- في الكتاب الذي انزل إليه ذمه، و القدح فيه، و الطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب

المؤمنين فلا تقبله، و لا تصغي إليه غير قلوب المنافقين و الجاهلين، و يحكم الله آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال و العدوان، و متابعة أهل الكفر و الطغيان، الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام، حتى قال: بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا «3»».

__________________________________________________

27- المناقب 3: 336.

28- المناقب 3: 336.

29- الاحتجاج: 257.

(1) في «ط» نسخة بدل: مهدتون. [.....]

(2) البلد 90: 3.

(3) الفرقان 25: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 905

سورة الحج(22): الآيات 57 الي 59 ..... ص : 905

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ [57- 59] 7412/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا قال: و لم يؤمنوا بولاية أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ. ثم ذكر النبي «1» و المهاجرين من أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً- إلى قوله- لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ.

7413/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ.

قال: «نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة».

سورة الحج(22): آية 60 ..... ص : 905

قوله تعالى:

ذلِكَ وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [60] 7414/ [3]- علي بن إبراهيم: فهو رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لما أخرجته قريش من مكة، و هرب منهم إلى الغار، و طلبوه ليقتلوه، فعاقبهم الله يوم بدر، فقتل عتبة، و شيبة، و الوليد، و أبو جهل، و حنظلة بن أبي سفيان و غيرهم، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) طلب بدمائهم، فقتل الحسين (عليه السلام)، و آل محمد (عليهم السلام) بغيا و عدوانا، و هو قول يزيد، حين تمثل بهذا الشعر:

ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل «2»

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 86.

2- تأويل الآيات 1: 348/ 35.

3- تفسير القمّي 2: 86.

(1) في المصدر: أمير المؤمنين.

(2) الأسل:

الرماح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 906

لأهلوا و استهلوا فرحا ثم قالوا: يا يزيد، لا تشل لست من خندف «1» إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل قد قتلنا القرم «2» من ساداتهم و عدلناه ببدر فاعتدل و قال الشاعر في مثل ذلك:

و كذلك الشيخ أوصاني به فاتبعت الشيخ فيما قد سأل و قال أيضا شعرا:

يقول و الرأس مطروح يقلبه يا ليت أشياخنا الماضين بالحضر

حتى يقيسوا قياسا لا يقاس به أيام بدر لكان الوزن بالقدر

فقال الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ عاقَبَ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ حين أرادوا أن يقتلوه ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ يعني بالقائم (عليه السلام) من ولده.

7415/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «سمعت أبي محمد بن علي (عليه السلام) كثيرا ما يردد هذه الآية:

وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ قلت: يا أبت- جعلت فداك- أحسب هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة؟ [قال: «نعم».]

سورة الحج(22): الآيات 67 الي 70 ..... ص : 906

قوله تعالى:

لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ- إلى قوله تعالى- عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [67- 70] 7416/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ أي مذهبا يذهبون فيه فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَ ادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ إلى قوله تعالى: عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.

7417/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما

السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ __________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 349/ 36.

2- تفسير القمي 2: 87.

3- تأويل الآيات 1: 349/ 37.

(1) خندف: لقب ليلى بنت عمران بن قضاعة زوجة إلياس بن مضر بن نزار، و يفتخرون بها لأن نسب قريش ينتهي إليها. «محيط المحيط: 257».

(2) في «ط»: القوم: و القرم: السيد العظيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 907

جمعهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: يا معاشر المهاجرين و الأنصار، إن الله تعالى يقول: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ و المنسك هو الإمام لكل امة بعد نبيها، حتى يدركه نبي، ألا و إن لزوم الإمام و طاعته هو الدين، و هو المنسك، و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) إمامكم بعدي، فإني أدعوكم إلى هداه فإنه على هدى مستقيم. فقام القوم يتعجبون من ذلك، و يقولون: و الله إذن لننازعن الأمر، و لا نرضى طاعته أبدا، و إن كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) المفتون به. فأنزل الله عز و جل: وَ ادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ وَ إِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ».

سورة الحج(22): آية 72 ..... ص : 907

قوله تعالى:

وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَ فَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ [72]

7418/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا محمد بن

إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا الآية.

قال: «كان القوم إذا نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) آية في كتاب الله، فيها فرض طاعته، أو فضيلة فيه، أو في أهله سخطوا ذلك، و كرهوا، حتى هموا به، و أرادوا به العظيم «1»، و أرادوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) أيضا ليلة العقبة، غيظا، و حنقا، و غضبا، و حسدا، حتى نزلت هذه الآية».

سورة الحج(22): آية 73 ..... ص : 907

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ- إلى قوله تعالى- ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ [73] 7419/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: ثم احتج الله عز و جل على قريش، و الملحدين الذين يعبدون غير الله،

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 350/ 38.

2- تفسير القمّي 2: 87. [.....]

(1) في «ط»: العزم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 908

فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني الأصنام لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ يعني الذباب.

7420/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن عبد الرحمن بن الأشل بياع الأنماط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كانت قريش تلطخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك و العنبر، و كان يغوث قبال الباب، و كان يعوق عن يمين الكعبة، و كان نسر عن يسارها، و كانوا إذا دخلوا، خروا سجدا

ليغوث، و لا ينحنون، ثم يستديرون بحيالهم إلى يعوق، ثم يستديرون بحيالهم إلى نسر، ثم يلبون، فيقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه و ما ملك».

قال: «فبعث الله ذبابا أخضر، له أربعة أجنحة، فلم يبق من ذلك المسك و العنبر شيئا إلا أكله، فأنزل الله عز و جل: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ».

سورة الحج(22): آية 75 ..... ص : 908

قوله تعالى:

اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ [75] 7421/ [2]- علي بن إبراهيم: أي يختار، و هو: جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل، و ملك الموت، و من الناس:

الأنبياء، و الأوصياء فمن الأنبياء: نوح، و إبراهيم، و موسى، و عيسى، و محمد (صلى الله عليهم أجمعين)، و من هؤلاء الخمسة: رسول الله (صلى الله عليه و آله) و من الأوصياء أمير المؤمنين، و الأئمة (عليهم السلام). و فيه تأويل غير هذا.

7422/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في جواب سؤال زنديق، قال (عليه السلام):

«أما قول الله: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «1» و قوله: يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ «2» و تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا «3» و تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ «4» و الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ «5» فهو تبارك و تعالى، أجل و أعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، و فعل رسله و ملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى جل ذكره من

__________________________________________________

1- الكافي 4: 542/ 11.

2- تفسير القمّي 2: 87.

3- الاحتجاج: 247.

(1) الزمر 39: 42.

(2) السجدة 32: 11.

(3) الأنعام 6: 61.

(4) النحل 16: 32.

(5) النحل 16: 28.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 3، ص: 909

الملائكة رسلا و سفرة بينه و بين خلقه، و هم الذين قال الله فيهم: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ فمن كان من أهل الطاعة تولى قبض روحه ملائكة الرحمة، و من كان من أهل المعصية تولى قبض روحه ملائكة النقمة.

و لملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة و النقمة يصدرون عن أمره، و فعلهم فعله، و كل ما يأتون به منسوب إليه، و إذن كان فعلهم فعل ملك الموت، و فعل ملك الموت فعل الله لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء، و يعطي و يمنع، و يثيب و يعاقب على يد من يشاء، و إن فعل امنائه فعله، كما قال: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «1»».

7423/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري، قال: حدثنا أبو يوسف أحمد بن محمد بن قيس الشجري «2» المذكر، قال: حدثنا أبو عمرو و عمرو «3» بن حفص، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله «4» بن محمد بن أسد ببغداد، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم أبو علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد البصيري، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير الليثي، عن أبي ذر (رحمة الله عليه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حديث طويل: «النبيون مائة ألف و أربعة و عشرون ألف نبي».

قلت: كم المرسلون منهم؟ قال: «ثلاثمائة و ثلاثة عشر، جما غفيرا».

و الحديث- إن شاء الله تعالى- يأتي بتمامه في قوله تعالى: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى في سورة الأعلى «5».

سورة الحج(22): الآيات 77 الي 78 ..... ص : 909

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- إلى قوله تعالى- فَنِعْمَ

الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ [77 و 78] 7424/ [1]- و قال علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله الأئمة (عليهم السلام) فقال:

__________________________________________________

3- الخصال: 523/ 13.

1- تفسير القمي 2: 87.

(1) الإنسان 76: 30 و التكوير 81: 29.

(2) في المصدر: السجزي.

(3) في «ج، ي»: أبو عمر و عمرو، و في المصدر: أبو الحسن عمر. [.....]

(4) في المصدر: عبيد الله.

(5) يأتي في الحديث (4) من تفسير الآيات (16- 19) من سورة الأعلى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 910

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إلى قوله: وَ فِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ يا معشر الأئمة وَ تَكُونُوا أنتم شُهَداءَ عَلَى المؤمنين و النَّاسِ.

7425/ [2]- الشيخ، بإسناده: عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن الحسن، عن الحسين، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة، قال: سألته عن الركوع و السجود: هل نزل في القرآن؟ فقال: «نعم، قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا».

فقلت: فكيف حد الركوع و السجود؟ فقال: «أما ما يجزيك من الركوع فثلاث تسبيحات، تقول: سبحان الله، سبحان الله ثلاثا، و من كان يقوى على أن يطول الركوع و السجود فليطول ما استطاع، يكون ذلك في تسبيح الله، و تحميده، و تمجيده، و الدعاء، و التضرع، فإن أقرب ما يكون العبد إلى ربه و هو ساجد، و أما الإمام فإنه إذا أقام بالناس فلا ينبغي أن يطول بهم، فإن في الناس الضعيف، و من له الحاجة، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان إذا صلى بالناس خفف بهم».

7426/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن

الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله عز و جل: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ.

قال: «إيانا عنى خاصة: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ في الكتب التي مضت وَ فِي هذا القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عز و جل، و نحن الشهداء على الناس، فمن صدق صدقناه يوم القيامة، و من كذب كذبناه يوم القيامة».

7427/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قلت: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ؟

قال: «إيانا عنى، و نحن المجتبون، و لم يجعل الله تبارك و تعالى في الدين من حرج، فالحرج أشد من الضيق، مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ إيانا عنى خاصة هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ [الله سمانا المسلمين مِنْ قَبْلُ في الكتب التي مضت وَ فِي هذا القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك و تعالى، و نحن الشهداء على الناس يوم القيامة، فمن صدق يوم القيامة صدقناه، و من كذب كذبناه».

7428/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن

__________________________________________________

2- التهذيب 2: 77/ 287.

3- الكافي 1: 146/ 2.

4- الكافي 1: 147/ 4.

5- الكافي

1: 147/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 911

سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى طهرنا، و عصمنا، و جعلنا شهداء على خلقه، و حجته في أرضه، و جعلنا مع القرآن، و جعل القرآن معنا، لا نفارقه و لا يفارقنا».

7429/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا الآية: «أمركم بالركوع و السجود، و عبادة الله، و قد افترضها عليكم، و أما فعل الخير، فهو طاعة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ يا شيعة آل محمد وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ قال: من ضيق مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ يا آل محمد، يا من قد استودعكم المسلمين، و افترض طاعتكم عليهم وَ تَكُونُوا أنتم شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ بما قطعوا من رحمكم، و ضيعوا من حقكم، و مزقوا من كتاب الله، و عدلوا حكم غيركم بكم، فالزموا الأرض فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ يا آل محمد، و أهل بيته هُوَ مَوْلاكُمْ أنتم و شيعتكم فَنِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ».

7430/ [7]- عبد الله بن جعفر الحميري، عن مسعدة بن زياد، قال: حدثني جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «مما أعطى الله امتي و فضلهم

به على سائر الأمم، أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها إلا نبي، و ذلك أن الله تبارك و تعالى كان إذا بعث نبيا، قال له: اجتهد في دينك، و لا حرج عليك، و أن الله تبارك و تعالى أعطى ذلك امتي، حيث يقول: ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ يقول: من ضيق. و كان إذا بعث نبيا قال له:

إذا أحزنك أمر تكرهه فادعني، أستجب لك و أنه أعطى امتي ذلك، حيث يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «1».

و كان إذا بعث نبيا جعله شهيدا على قومه، و أن الله تبارك و تعالى جعل امتي شهداء على الخلق، حيث يقول:

لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ».

7431/ [8]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «في الصلاة، و الزكاة، و الصوم، و الخير، إذا تولوا الله و رسوله (صلى الله عليه و آله) و اولي الأمر منا أهل البيت قبل الله أعمالهم».

7432/ [9]- سليم بن قيس الهلالي، في (كتابه): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث يناشد فيه جمعا من الصحابة، قال (عليه السلام): «و أنشدتكم الله، ألستم تعلمون أن الله عز و جل أنزل في سورة الحج:

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 1: 351/ 41.

7- قرب الاسناد: 41.

8- المحاسن: 166/ 124.

9- كتاب سليم بن قيس: 151.

(1) غافر 40: 60.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 912

يا أَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فقام سلمان، فقال: يا رسول الله، من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد، و هم شهداء على الناس، الذين اجتباهم الله، و ما جعل عليهم في الدين من حرج، ملة أبيهم إبراهيم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): عنى بذلك ثلاثة عشر إنسانا: أنا، و أخي علي، و أحد عشر من ولد علي؟» فقالوا: نعم- اللهم- سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه و آله).

7433/ [10]- علي بن إبراهيم: قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ فهذه خاصة لآل محمد (عليهم السلام).

قال: و قوله: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ يعني يكون على آل محمد وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ أي آل محمد يكونوا شهداء على الناس بعد النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال عيسى بن مريم: وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ «1» يعني الشهيد وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ «2» و أن الله جعل على هذه الامة بعد النبي (صلى الله عليه و آله) شهداء من أهل بيته و عترته ما كان في الدنيا منهم أحد، فإذا فنوا هلك أهل الأرض.

قال رسول

الله (صلى الله عليه و آله): «جعل الله النجوم أمانا لأهل السماء، و جعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض».

__________________________________________________

10- تفسير القمّي 2: 88.

(1) المائدة 5: 117.

(2) المائدة 5: 117. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 913

المستدرك (سورة الحج) ..... ص : 913

سورة الحج(22): آية 10 ..... ص : 913

قوله تعالى:

ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [10]

[1]- الطبرسي في (الاحتجاج)، يرفعه إلى الإمام الهادي (عليه السلام) في حديث: قال (عليه السلام): فأما الجبر: فهو قول من زعم أن الله عز و جل جبر العباد على المعاصي و عاقبهم عليها و من قال بهذا القول فقد ظلم الله و كذبه، و رد عليه قوله: وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً «1» و قوله جل ذكره: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، فمن زعم أنه مجبور على المعاصي فقد أحال بذنبه على الله و ظلمه في عظمته له، و من ظلم ربه فقد كذب كتابه، و من كذب كتابه لزمه الكفر بإجماع الأمة.

سورة الحج(22): آية 13 ..... ص : 913

قوله تعالى:

لَبِئْسَ الْمَوْلى وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ [13]

[2]- في كتاب (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام): أحسن الموعظة ما لا يجاوز القول حد الصدق، و الفعل حد الإخلاص، فان مثل الواعظ و المتعظ كاليقظان و الراقد، فمن استيقظ عن رقدته و غفلته و مخالفته و معاصيه، صلي أن يوقظ غيره من ذلك الرقاد، و أما السائر في مفاوز الاعتداء، و الخائض في مراتع الغي و ترك الحياء، باستحباب السمعة و الرياء، و الشهرة و التصنع في الخلق، المتزيي بزي الصالحين، المظهر بكلامه عمارة

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 451.

2- مصباح الشريعة: 160، بحار الأنوار 100: 84/ 53.

(1) الكهف 18: 49.

البرهان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 914

باطنه، و هو في الحقيقة خال عنها، قد غمرتها وحشة حب المحمدة، و غشيتها ظلمة الطمع، فما أفتنه بهواه، و أضل الناس بمقاله! قال الله عز و جل: لَبِئْسَ الْمَوْلى وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ.

و أما من عصمه الله بنور التأييد، و حسن التوفيق و طهر قلبه من

الدنس، فلا يفارق المعرفة و التقى، فيستمع الكلام من الأصل و يترك قائله كيفما كان، قالت الحكماء: خذ الحكمة و لو من أفواه المجانين قال عيسى (عليه السلام):

جالسوا من تذكركم الله رؤيته و لقاؤه، فضلا عن الكلام، و لا تجالسوا من يوافقه ظاهركم، و يخالفه باطنكم، فإن ذلك المدعي بما ليس له إن كنتم صادقين في استفادتكم، فإذا لقيت من فيه ثلاث خصال فاغتنم رؤيته و لقاءه و مجالسته و لو ساعة، فإن ذلك يؤثر في دينك و قلبك و عبادتك بركاته، و من كان قوله لا يجاوز فعله، و فعله لا يجاوز صدقه، و صدقه لا ينازع ربه، فجالسه بالحرمة، و انتظر الرحمة و البركة، و احذر لزوم الحجة عليك، و راع وقته كيلا تلومه فتخسر، و انظر إليه بعين فضل الله عليه، و تخصيصه له، و كرامته إياه.

سورة الحج(22): آية 46 ..... ص : 914

قوله تعالى:

أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ [46] [1]- الطبرسي في (مجمع البيان): في قوله تعالى: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ أي أو لم يسر قومك يا محمد في أرض اليمن و الشام عن ابن عباس.

قوله تعالى:

فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [46]

[2]- السيوطي في (الدر المنثور): يرفعه إلى عبد الله بن جراد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ليس الأعمى من يعمى بصره، و لكن الأعمى من تعمى بصيرته.

تم بحمد الله و منه الجزء الثالث من تفسير البرهان، و يتلوه الجزء الرابع، أوله تفسير سورة المؤمنون

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 142.

2- الدر المنثور 6: 62

الجزء الرابع

سورة المؤمنون ..... ص : 9

فضلها ..... ص : 9

7434/ [1]-

ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة المؤمنين، ختم الله له بالسعادة، و إذا كان مدمنا قراءتها في كل جمعة، كان منزله في الفردوس الأعلى، مع النبيين و المرسلين».

7435/ [2]- و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «من قرأ هذه السورة، بشرته الملائكة بروح و ريحان، و ما تقر به عينه عند الموت».

7436/ [3]- و

قال الصادق (عليه السلام): «و من كتبها و علقها على من يشرب الخمر، يبغضه و لم يقر به أبدا».

و في رواية أخرى: «و لم يذكره أبدا».

7437/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها ليلا في خرقة بيضاء، و علقها على من يشرب النبيذ، لم يشربه أبدا، و يبغض الشراب بإذن الله».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 108.

2- ثواب الأعمال: 108.

3- ثواب الأعمال: 108.

4- خواص القرآن: 9 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 11

سورة المؤمنون(23): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 11

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ- إلى قوله تعالى- هُمْ فِيها خالِدُونَ [1- 11]

7438/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن الإمام موسى بن جعفر [عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ- إلى قوله- الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ قال: «نزلت في رسول الله، و في أمير المؤمنين، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)».

7439/ [2]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن عبد الله بن مسكان، عن كامل التمار، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا كامل، أ تدري ما قول

الله عز و جل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ؟ قلت:

أفلحوا: فازوا، و أدخلوا الجنة. قال: «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

و زاد فيه غيره، قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: «ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين» «1» بفتح السين مثقلة، هكذا قرأها.

7440/ [3]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سلمة بن حيان «2»، عن أبي الصباح الكناني، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يا أبا الصباح، قد أفلح المؤمنون» قالها ثلاثا، و قلتها ثلاثا، فقال: «إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة، هم أصحاب النجائب».

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 1/ 352/ 1.

2- مختصر بصائر الدرجات: 71.

3- مختصر بصائر الدرجات: 75.

(1) الحجر 15: 2.

(2) في جميع النسخ و المصدر: حنان، راجع معجم رجال الحديث 8: 202. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 12

7441/ [4]- و

عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى و منصور بن يونس، عن بشير الدهان، قال: سمعت كاملا التمار يقول: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قد أفلح المؤمنون، أ تدري من هم»؟ قلت: أنت أعلم بهم. قال: «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

7442/ [5]- و

عنه، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، وغيره، عمن حدثه، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كان يقول لي كثيرا: «يا يونس، سلم تسلم»، فقلت له:

تفسير هذه الآية: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، قال: «تفسيرها: قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء يوم القيامة».

7443/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد

البرقي: عن محمد بن عبد الحميد الكوفي، عن حماد بن عيسى، و منصور بن يونس بزرج، عن بشير الدهان، عن كامل التمار، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قد أفلح المؤمنون، أ تدري من هم»؟ قلت: أنت أعلم. قال: «قد أفلح «1» المسلمون، إن المسلمين هم النجباء، و المؤمن غريب، و المؤمن غريب- ثم قال- طوبى للغرباء».

7444/ [7]- و

عنه: عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن كامل التمار، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا كامل، المؤمن غريب، المؤمن غريب- ثم قال- أ تدري ما قول الله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ؟» قلت: قد أفلحوا و فازوا و دخلوا الجنة. فقال: «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

و عنه: عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سلمة بن حيان، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله، إلا أنه قال: «يا أبا الصباح، إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة، هم أصحاب النجائب» «2».

7445/ [8]- الشيخ في (مجالسه): بإسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «كان العباس بن عبد المطلب، و يزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم، إلى فريق عبد العزى، بإزاء بيت الله الحرام، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كانت حاملة بأمير المؤمنين (عليه السلام)، لتسعة أشهر، و كان يوم التمام- قال- فوقفت بإزاء البيت الحرام، و قد أخذها الطلق، فرمت بطرفها نحو السماء، و قالت: أي رب، إني مؤمنة بك، و بما جاء به من عندك الرسول، و بكل نبي من أنبيائك، و بكل

__________________________________________________

4- مختصر بصائر الدرجات: 75.

5-

مختصر بصائر الدرجات: 93.

6- المحاسن: 271/ 366.

7- المحاسن: 272/ 367.

8- الأمالي 2: 317.

(1) في المصدر زيادة: المؤمنون.

(2) المحاسن: 272/ 368.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 13

كتاب أنزلته، و إني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل، و إنه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحق هذا البيت، و من بناه، و بهذا المولود الذي في أحشائي، الذي يكلمني، و يؤنسني بحديثه، و أنا موقنة أنه أحد آياتك و دلائلك، لما يسرت علي ولادتي.

قال العباس بن عبد المطلب، و يزيد بن قعنب: لما تكلمت فاطمة بنت أسد، و دعت بهذا الدعاء، رأينا البيت قد انفتح من ظهره، و دخلت فاطمة فيه، و غابت عن أبصارنا، ثم عادت الفتحة، و التزقت بإذن الله تعالى، فرمنا أن نفتح الباب، ليصل إليها بعض نسائنا، فلم ينفتح الباب، فعلمنا أن ذلك أمر من الله تعالى، و بقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام، و أهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك، و تتحدث المخدرات في خدورهن».

قال: «فلما كان بعد ثلاثة أيام، انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه، فخرجت فاطمة، و علي (عليه السلام) على يديها، ثم قالت: معاشر الناس، إن الله عز و جل اختارني من خلقه، و فضلني على المختارات ممن كن قبلي، و قد اختار الله آسية بنت مزاحم، فإنها عبدت الله سرا في موضع لا يحب الله أن يعبد فيه إلا اضطرارا، و مريم بنت عمران، حيث هانت و يسرت عليها ولادة عيسى، فهزت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الأرض، حتى تساقط عليها رطبا جنيا، و إن الله تعالى اختارني، و فضلني عليهما، و على كل من مضى قبلي من نساء العالمين، لأني ولدت في بيته العتيق، و

بقيت فيه ثلاثة أيام، آكل من ثمار الجنة و أرزاقها «1» فلما أردت أن أخرج و ولدي على يدي، هتف بي هاتف، و قال: يا فاطمة، سميه عليا، فأنا العلي الأعلى، و إني خلقته من قدرتي، و عز جلالي «2»، و قسط عدلي، و اشتققت اسمه من اسمي، و أدبته بأدبي، و هو أول من يؤذن فوق بيتي، و يكسر الأصنام، و يرميها على وجهها، و يعظمني، و يمجدني، و يهللني، و هو الإمام بعد حبيبي و نبيي و خيرتي من خلقي محمد رسولي، و وصيي، فطوبى لمن أحبه و نصره، و الويل لمن عصاه و خذله و جحد حقه».

قال: «فلما رآه أبو طالب سر، و قال علي (عليه السلام): السلام عليك يا أبت و رحمة الله و بركاته- قال- ثم دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما دخل، اهتز له أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ضحك في وجهه، و قال: السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته- قال- ثم تنحنح بإذن الله تعالى و قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ إلى آخر الآيات، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قد أفلحوا بك، و قرأ تمام الآيات، إلى قوله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنت و الله أميرهم، تميرهم من علومك فيمتارون، و أنت و الله دليلهم، و بك يهتدون.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لفاطمة: اذهبي إلى عمه حمزة، فبشريه به، فقالت: فإذا خرجت أنا، فمن يرويه؟ قال: أنا أرويه. فقالت فاطمة: أنت ترويه؟ قال:

نعم فوضع رسول الله (صلى الله عليه و آله) لسانه في فيه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا- قال- فسمي ذلك اليوم يوم التروية.

__________________________________________________

(1) في المصدر: أوراقها.

(2) في المصدر: و عزتي و جلالي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 14

فلما أن رجعت فاطمة بنت أسد، رأت نورا قد ارتفع من علي (عليه السلام) إلى عنان السماء- قال: ثم شدته و قمطته بقماط، فبتر القماط، ثم جعلته قماطين، فبترهما، فجعلته ثلاثة، فبترها، فجعلته أربعة أقمطة من رق «1» مصر لصلابته، فبترها، فجعلته خمسة أقمطة ديباج لصلابته، فبترها كلها، فجعلته ستة من ديباج، و واحدا من الأدم، فتمطى فيها، فقطعها كلها بإذن الله، ثم قال بعد ذلك: يا أمه، لا تشدي يدي، فإني أحتاج الى أن أبصبص «2» لربي بإصبعي- قال- فقال أبو طالب عند ذلك: إنه سيكون له شأن و نبأ.

فلما كان من غد، دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على فاطمة، فلما بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله)، سلم عليه و ضحك في وجهه، و أشار إليه أن خذني إليك، و اسقني مما سقيتني بالأمس- قال- فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت فاطمة: عرفه و رب الكعبة- قال- فلكلام فاطمة سمي ذلك اليوم يوم عرفة، يعني أن أمير المؤمنين (عليه السلام) عرف رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فلما كان اليوم الثالث، و كان العاشر من ذي الحجة، أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا، و قال: هلموا إلى وليمة ابني علي- قال- و نحر ثلاث مائة من الإبل، و ألف رأس من البقر و الغنم، و اتخذ وليمة عظيمة، و قال: معاشر الناس، ألا من أراد

من طعام علي ولدي، فهلموا، و طوفوا بالبيت سبعا، و ادخلوا و سلموا على ولدي علي، فإن الله شرفه، و لفعل أبي طالب شرف يوم النحر».

و روى هذا الحديث ابن شهر آشوب- مختصرا- عن الحسن بن محبوب، عن الصادق (عليه السلام)، و في آخر الحديث: «و اتخذ وليمة، و قال: هلموا، و طوفوا بالبيت سبعا، و ادخلوا و سلموا على علي ولدي، ففعل الناس ذلك، و جرت به السنة» «3».

7446/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: قال الصادق (عليه السلام): «لما خلق الله الجنة، قال لها تكلمي، فقالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ».

قال: قوله: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قال: غضك بصرك في صلاتك، و إقبالك عليها. قال:

و قوله: الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ يعني عن الغناء و الملاهي.

وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ قال الصادق (عليه السلام): «من منع قيراطا من الزكاة، فليس هو بمؤمن، و لا مسلم» «4».

7447/ [10]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن علي

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 88.

10- الكافي 3: 503/ 3.

(1) الرّقّ: الجلد. «تاج العروس- رقّ- 6: 358».

(2) بصبص- في دعائه-: رفع سبابتيه إلى السماء، و حركهما. «المعجم الوسيط 1: 59».

(3) مناقب ابن شهر آشوب 2: 174. [.....]

(4) في المصدر زيادة: و لا كرامة له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 15

ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من منع قيراطا من الزكاة، فليس بمؤمن و لا مسلم، و هو قول الله عز و جل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ «1».

و في رواية اخرى: «و لا تقبل له صلاة».

و رواه ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده عن أبي

بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2».

7448/ [11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله (عليه السلام)، فرأى عليه ثيابا بيضا، كأنها غرقئ «3» البيض، فقال له: إن هذا اللباس ليس من لباسك. فقال له: «اسمع مني، و ع ما أقول لك، فإنه خير لك عاجلا و آجلا، إن أنت مت على السنة و الحق، و لم تمت على بدعة، أخبرك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان في زمان مقفر جدب، فأما إذا أقبلت الدنيا، فأحق أهلها بها أبرارها، لا فجارها، و مؤمنوها لا منافقوها، و مسلموها لا كفارها، فما أنكرت يا ثوري؟ فو الله إنني لمع ما ترى، ما أتى علي- مذ عقلت- صباح و لا مساء، و لله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا، إلا وضعته».

7449/ [12]- علي بن إبراهيم: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ- يعني الإماء- فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، و المتعة حدها حد الإماء.

7450/ [13]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن موسى، عن إسحاق، عن أبي سارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عنها- يعنى المتعة- فقال: لي: «حلال، فلا تتزوج إلا عفيفة، إن الله عز و جل يقول: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على دراهمك».

7451/ [14]- علي بن إبراهيم: فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ قال: من جاوز ذلك فأولئك هم العادون. و قوله: وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ قال: على أوقاتها و حدودها.

7452/ [15]- محمد بن

يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الفضيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ، قال: «هي الفريضة». قلت: الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ «4»؟ قال: «هي النافلة».

__________________________________________________

11- الكافي 5: 65/ 1.

12- تفسير القمّي 2: 88.

13- الكافي 5: 453/ 2.

14- تفسير القمّي 2: 89.

15- الكافي 3: 269/ 12.

(1) المؤمنون 23: 99 و 100.

(2) من لا يحضره الفقيه 2: 7/ 18 و 19.

(3) الغرقى: القشرة الرقيقة الملتزقة ببياض البيض. «المعجم الوسيط- غرقا- 2: 650».

(4) المعارج 70: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 16

و رواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن أحمد بن محمد، عن حماد، عن حريز، عن الفضيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، مثله «1».

7453/ [16]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله التميمي، قال:

حدثني أبي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن علي (عليهم السلام)، قال: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «2» في نزلت».

و

قال (عليه السلام)، في قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ: «في نزلت».

7454/ [17]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما خلق الله خلقا إلا جعل له في الجنة منزلا، و في النار منزلا، فإذا دخل أهل الجنة الجنة، و أهل النار النار،

نادى مناد: يا أهل الجنة، أشرفوا فيشرفون على أهل النار، و ترفع لهم منازلهم فيها، ثم يقال لهم:

هذه منازلكم التي لو عصيتم الله لدخلتموها،- يعني النار، قال- فلو أن أحدا مات فرحا، لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا، لما صرف عنهم من العذاب.

ثم ينادي مناد: يا أهل النار، ارفعوا رؤوسكم، فيرفعون رؤوسهم، فينظرون إلى منازلهم في الجنة، و ما فيها من النعيم، فيقال لهم: هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم لدخلتموها- قال- فلو أن أحدا مات حزنا، لمات أهل النار حزنا، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء، و يورث هؤلاء منازل هؤلاء، و ذلك قول الله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ.

سورة المؤمنون(23): آية 12 ..... ص : 16

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ [12] 7455/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: السلالة: الصفوة من الطعام و الشراب الذي يصير نطفة، و النطفة أصلها من السلالة، و السلالة هي من صفوة الطعام و الشراب، و الطعام من أصل الطين، فهذا معنى قوله: مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ.

__________________________________________________

16- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 65/ 288.

17- تفسير القمي 2: 89.

1- تفسير القمي 2: 89.

(1) التهذيب 2: 240/ 951. [.....]

(2) الواقعة 56: 10 و 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 17

سورة المؤمنون(23): الآيات 13 الي 14 ..... ص : 17

قوله تعالى:

ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ- إلى قوله تعالى- فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [13- 14] 7456/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ، قال: يعني في الأنثيين و في الرحم، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ و هذه استحالة من أمر إلى أمر، فحد النطفة إذا وقعت في الرحم أربعون يوما، ثم تصير علقة.

7457/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «قال أبو جعفر (عليه السلام): إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما، ثم تصير علقة أربعين يوما، ثم تصير مضغة أربعين يوما، فإذا كمل أربعة أشهر، بعث الله ملكين خلاقين، فيقولان: يا رب، ما تخلق، ذكرا، أو أنثى؟ فيؤمران، فيقولان: يا رب، شقيا، أو سعيدا؟ فيؤمران، فيقولان: يا رب، ما أجله، و ما رزقه؟ و كل شي ء من حاله- و عدد من ذلك أشياء- و يكتبان الميثاق بين عينيه، فإذا أكمل الله

له الأجل، بعث الله ملكا، فزجره زجرة، فيخرج و قد نسي الميثاق».

فقال الحسن بن الجهم: فقلت له، أ فيجوز أن يدعو الله، فيحول الأنثى ذكرا، و الذكر أنثى؟ فقال: «إن الله يفعل ما يشاء».

7458/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل إذا أراد أن يخلق النطفة التي مما أخذ عليها الميثاق في صلب آدم، أو ما يبدو له فيه، و يجعلها في الرحم، حرك الرجل للجماع، و أوحى إلى الرحم:

أن افتحي بابك حتى يلج فيك خلقي، و قضائي النافذ، و قدري، فتفتح الرحم بابها، فتصل النطفة إلى الرحم، فتردد فيه أربعين يوما، ثم تصير علقة أربعين يوما، ثم تصير مضغة أربعين يوما، ثم تصير لحما تجري فيه عروق مشتبكة.

ثم يبعث الله ملكين خلاقين، يخلقان في الأرحام ما يشاء، فيقتحمان في بطن المرأة، من فم المرأة، فيصلان إلى الرحم، و فيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال و أرحام النساء، فينفخان فيها روح الحياة و البقاء،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 89.

2- الكافي 6: 13/ 3.

3- الكافي 6: 13/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 18

و يشقان له السمع و البصر، و جميع الجوارح، و جميع ما في البطن، بإذن الله تعالى.

ثم يوحي الله إلى الملكين: اكتبا عليه قضائي، و قدري، و نافذ أمري، و اشترطا لي البداء فيما تكتبان.

فيقولان: يا رب، ما نكتب؟ فيوحي الله إليهما: أن ارفعا رءوسكما إلى رأس امه، فيرفعان رؤوسهما، فإذا اللوح يقرع جبهة امه، فينظران فيه، فيجدان في اللوح صورته، و زينته، و

أجله، و ميثاقه، شقيا أو سعيدا، و جميع شأنه- قال- فيملي أحدهما على صاحبه، فيكتبان جميع ما في اللوح، و يشترطان البداء فيما يكتبان، ثم يختمان الكتاب، و يجعلانه بين عينيه، ثم يقيمانه قائما في بطن امه- قال- فربما عتا فانقلب، و لا يكون ذلك إلا في كل عات أو مارد.

و إذا بلغ أوان خروج الولد تاما، أو غير تام، أوحى الله عز و جل إلى الرحم: أن افتحي بابك حتى يخرج خلقي إلى أرضي، و ينفذ فيه أمري، فقد بلغ أوان خروجه- قال- فيفتح الرحم باب الولد، فيبعث الله إليه ملكا، يقال له زاجر، فيزجره زجرة، فيفزع منها الولد، فينقلب، فيصير رجلاه فوق رأسه، و رأسه في أسفل البطن، ليسهل الله على المرأة، و على الولد الخروج- قال- فإذا احتبس، زجره الملك زجرة اخرى، فيفزع منها، فيسقط الولد إلى الأرض باكيا فزعا من الزجرة».

7459/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الخلق، فقال: إن الله تبارك و تعالى لما خلق الخلق من طين، أفاض بها كإفاضة القداح «1»، فأخرج المسلم، فجعله سعيدا، و جعل الكافر شقيا، فإذا وقعت النطفة، تلقتها الملائكة، فصوروها، ثم قالوا: يا رب، أذكرا أم أنثى؟ فيقول الرب جل جلاله أي ذلك شاء، فيقولان: تبارك الله أحسن الخالقين ثم توضع في بطنها، فتردد تسعة أيام في كل عرق و مفصل منها، و للرحم ثلاثة أقفال: قفل في أعلاها مما يلي أعلى السرة، من الجانب الأيمن، و القفل الآخر وسطها، و القفل الآخر أسفل من الرحم، فيوضع بعد تسعة أيام في

القفل الأعلى، فيمكث فيه ثلاثة أشهر، فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس، و التهوع «2»، ثم ينزل إلى القفل الأوسط، فيمكث فيه ثلاثة أشهر، و سرة الصبي فيها مجمع العروق، و عروق المرأة كلها منها، يدخل طعامه و شرابه من تلك العروق، ثم ينزل إلى القفل الأسفل، فيمكث فيه ثلاثة أشهر، فذلك تسعة أشهر، ثم تطلق المرأة، فكلما طلقت، قطع عرق من سرة الصبي، فأصابها ذلك الوجع، و يده على سرته، حتى يقع إلى الأرض و يده مبسوطة فيكون رزقه حينئذ من فيه».

7460/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى. عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل، أو غيره «3»، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) جعلت فداك، الرجل يدعو للحبلى أن يجعل الله ما في بطنها

__________________________________________________

4- الكافي 6: 13/ 5.

5- الكافي 6: 16/ 6.

(1) أفاض بالقداح: أي ضرب بها. «الصحاح- فيض- 3: 1100».

(2) التهوع: التقيّؤ. «الصحاح- هوع- 3: 1309».

(3) في «ي» و غيره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 19

ذكرا سويا؟ قال: «يدعو ما بينه و بين أربعة أشهر، فإنه أربعين ليلة نطفة، و أربعين ليلة علقة، و أربعين ليلة مضغة، فذلك تمام أربعة أشهر، ثم يبعث الله ملكين خلاقين، فيقولان: يا رب، ما تخلق، ذكرا أو أنثى، شقيا أو سعيدا؟

فيقال ذلك فيقولان: يا رب، ما رزقه، و ما أجله، و ما مدته؟ فيقال ذلك و ميثاقه بين عينيه، ينظر إليه، و لا يزال منتصبا في بطن امه، حتى إذا دنا خروجه، بعث الله عز و جل إليه ملكا، فزجره زجرة، فيخرج و ينسى الميثاق».

7461/ [6]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه،

عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إذا وقعت النطفة في الرحم، استقرت فيها أربعين يوما، و تكون علقة أربعين يوما، و تكون مضغة أربعين يوما، ثم يبعث الله ملكين خلاقين، فيقال لهما:

اخلقا كما يريد الله، ذكرا أو أنثى، صوراه، و اكتبا أجله، و رزقه، و منيته، و شقيا أو سعيدا، و اكتبا لله الميثاق الذي أخذه عليه في الذر بين عينيه، فإذا دنا خروجه من بطن امه، بعث الله إليه ملكا، يقال له: زاجر، فيزجره، فيفزع فزعا، فينسى الميثاق، و يقع إلى الأرض يبكي من زجرة الملك».

7462/ [7]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن مسمع، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «جعل دية الجنين مائة دينار، و جعل مني الرجل إلى أن يكون جنينا، خمسة أجزاء: فإن كان جنينا قبل أن تلجه الروح مائة دينار، و ذلك أن الله عز و جل خلق الإنسان من سلالة، و هي النطفة، فهذا جزء، ثم علقة، فهو جزءان، ثم مضغة، فهو ثلاثة أجزاء، ثم عظاما، فهو أربعة أجزاء، ثم يكسى لحما، فحينئذ تم جنينا، فكملت له خمسة أجزاء، فديته مائة دينار.

و المائة دينار خمسة أجزاء: فجعل للنطفة خمس المائة، عشرين دينارا، و للعلقة خمسي المائة، أربعين دينارا، و للمضغة ثلاثة أخماس المائة، ستين دينارا، و للعظم أربعة أخماس المائة، ثمانين دينارا، فإذا كسي اللحم، كانت له مائة كاملة، فإذا أنشئ فيه خلق آخر، و هو الروح، فهو حينئذ نفس فيه ألف دينار، دية كاملة

إن كان ذكرا، و إن كان أنثى، فخمسمائة دينار.

و إن قتلت امرأة و هي حبلى، فتم، فلم يسقط ولدها، و لم يعلم أذكر هو أم أنثى، و لم يعلم أبعدها مات، أو قبلها، فديته نصفان، نصف دية الذكر، و نصف دية الأنثى، و دية المرأة كاملة بعد ذلك، و ذلك ستة أجزاء من الجنين».

7463/ [8]- علي بن إبراهيم: فهي ستة أجزاء، و ست استحالات، و في كل جزء و استحالة دية محدودة، ففي النطفة عشرون دينارا، و في العلقة أربعون دينارا، و في المضغة ستون دينارا، و في العظم ثمانون دينارا، و إذا كسي لحما فمائة دينار، حتى يستهل، فإذا استهل، فالدية كاملة.

__________________________________________________

6- الكافي 6: 16/ 7.

7- الكافي 7: 342/ 1.

8- تفسير القمّي 2: 90.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 20

7464/ [9]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني بذلك أبي، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: يا ابن رسول الله، فإن خرج في النطفة قطرة دم؟ قال: «في القطرة عشر دية النطفة، ففيها اثنان و عشرون دينارا». فقلت: قطرتان؟ قال: أربعة و عشرون دينارا» قلت: فثلاث؟ قال: «ستة و عشرون دينارا» قلت: فأربع؟ قال:

«ثمانية و عشرون دينارا». قلت: فخمس؟ قال: «ثلاثون دينارا، و ما زاد على النصف فهو على هذا الحساب، حتى تصير علقة، فيكون فيها أربعون دينارا».

قلت: فإن خرجت النطفة مخضخضة بالدم «1»؟ فقال: «قد علقت، إن كان دما صافيا ففيها أربعون دينارا، و إن كان دما أسود، فذلك من الجوف، و لا شي ء عليه إلا التعزير، لأنه ما كان من دم صاف فذلك الولد، و ما كان من دم أسود فهو من الجوف».

قال: فقال أبو شبل: فإن العلقة

صار فيها شبيه العروق و اللحم؟ قال: «اثنان و أربعون دينارا، العشر». قال:

قلت: فإن عشر الأربعين دينارا، أربعة دنانير؟ قال: «لا، إنما هو عشر المضغة، لأنه إنما ذهب عشرها، فكلما ازدادت زيد، حتى تبلغ الستين».

قلت: فإن رأت في المضغة مثل عقدة عظم يابس؟ قال: «إن ذلك عظم، أول ما يبدو ففيه أربعة دنانير، فإن زاد فزد أربعة دنانير، حتى تبلغ الثمانين» «2». قلت: فإن كسي العظم لحما؟ قال: «كذلك، إلى مائة».

قلت: «فإن وكزها فسقط الصبي، لا يدرى حيا كان أو ميتا؟ قال: «هيهات- يا أبا شبل إذا بلغ أربعة أشهر، فقد صارت فيه الحياة، و قد استوجب الدية».

7465/ [10]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ: «فهو نفخ الروح فيه».

سورة المؤمنون(23): الآيات 17 الي 20 ..... ص : 20

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ- إلى قوله تعالى- وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِلْآكِلِينَ [17- 20] 7466/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ قال: السماوات.

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 90.

10- تفسير القمّي 2: 91. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 91.

(1) أي مبلولة متقلّبة فيه.

(2) في المصدر: تبلغ مائة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 21

7467/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن النوفلي، عن اليعقوبي، عن عيسى بن عبد الله، عن سليمان بن جعفر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ، قال: «يعني ماء العقيق».

7468/ [3]- علي بن إبراهيم: في

قوله تعالى: وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِلْآكِلِينَ قال: شجرة الزيتون، و هو مثل لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام).

7469/ [4]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ: «فهي الأنهار، و العيون، و الآبار».

7470/ [5]- ثم

قال أيضا: و قوله: وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ فالطور: الجبل، و سيناء: الشجرة، و أما الشجرة التي تنبت بالدهن، فهي الزيتون.

7471/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي بن بشار القزويني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا المظفر بن أحمد أبو الفرج القزويني، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: إنما سمي الجبل الذي كان عليه موسى (عليه السلام) طور سيناء، لأنه جبل كان عليه شجر الزيتون، و كل جبل يكون عليه ما ينتفع به من النبات و الأشجار، يسمى طور سيناء، و طور سينين، و ما لم يكن عليه ما ينتفع به من النبات و الأشجار، من الجبال، سمي طور، و لا يقال له طور سيناء، و لا طور سينين.

سورة المؤمنون(23): آية 22 ..... ص : 21

قوله تعالى:

عَلَيْها وَ عَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ [22] 7472/ [1]- قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: عَلَيْها وَ عَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ : يعني السفن.

__________________________________________________

2- الكافي 6: 391/ 4.

3- تفسير القمّي 2: 91.

4- تفسير القمّي 2: 91.

5- تفسير القمّي 2: 91.

6- علل الشرائع: 67/ 1.

1- تفسير القمّي 2: 91.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 22

سورة المؤمنون(23): آية 23 ..... ص : 22

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ [23] خبر نوح (عليه السلام) تقدمت الأخبار فيه، في سورة هود، فليطلب من هناك «1»، و إن شاء الله تعالى يأتي منه في موضع آخر «2».

سورة المؤمنون(23): الآيات 41 الي 44 ..... ص : 22

قوله تعالى:

فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً- إلى قوله تعالى- ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا [41- 44] 7473/ [1]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عنه (عليه السلام)، في قوله: فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً.

«و الغثاء: اليابس الهامد من نبات الأرض. و قوله تعالى: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا يقول بعضهم في إثر بعض».

سورة المؤمنون(23): الآيات 50 الي 52 ..... ص : 22

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً [50- 52]

7474/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً قال: «أي حجة».

7475/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن الحسين بن أشكيب، عن عبد الرحمن بن حماد، عن أحمد بن الحسن، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 91.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 18.

3- معاني الأخبار: 373/ 1.

(1) تقدّم في تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود.

(2) يأتي في تفسير الآية (14) من سورة العنكبوت. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 23

صدقة بن حنان «1»، عن مهران بن أبي نصر، عن يعقوب بن شعيب، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ

قال: الربوة:

الكوفة، و القرار: المسجد، و المعين: الفرات».

7476/ [3]- الشيخ: بإسناده عن أبي القاسم جعفر بن محمد، عن علي بن الحسين بن موسى، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن نهيك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ قال: «الربوة: نجف الكوفة، و المعين: الفرات».

7477/ [4]- و

رواه أبو القاسم جعفر بن قولويه في (كامل الزيارات) قال: حدثني علي بن الحسين بن موسى، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن نهيك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ قال: «الربوة: نجف الكوفة، و المعين: الفرات».

7478/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: الربوة: الحيرة، و ذات قرار و معين: الكوفة. ثم خاطب الله الرسل، فقال:

يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً- إلى قوله-: أُمَّةً واحِدَةً، قال: على مذهب واحد.

7479/ [6]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا أحمد بن عبدون، عن ابن الزبير، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس، عن علي بن معمر الخزاز، عن رجل من جعفي، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال رجل:

اللهم إني أسألك رزقا طيبا- قال- فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هيهات، هيهات، هذا قوت الأنبياء، و لكن سل ربك رزقا لا يعذبك عليه يوم القيامة، هيهات، إن الله يقول: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً».

7480/ [7]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: نظر أبو

جعفر (عليه السلام) إلى رجل، و هو يقول: اللهم إني أسألك من رزقك الحلال، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «سألت قوت النبيين، قل: اللهم إني أسألك رزقا واسعا طيبا من رزقك».

7481/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت: للرضا (عليه السلام): جعلت فداك، ادع الله عز و جل أن يرزقني الحلال، فقال: «أ تدري ما الحلال»؟ فقلت:

جعلت فداك، أما الذي عندنا فالكسب الطيب، فقال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: الحلال هو قوت المصطفين، و لكن قل: أسألك من رزقك الواسع».

__________________________________________________

3- التهذيب 6: 38/ 79.

4- كامل الزيارات: 47/ 5.

5- تفسير القمّي 2: 91.

6- الأمالي 2: 291.

7- الكافي 2: 402/ 8.

8- الكافي 5: 89/ 1.

(1) في «ج» و المصدر: حسان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 24

7482/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن الحصين بن مخارق، عن أبي الورد، و أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً قال: «آل محمد (عليهم السلام)».

سورة المؤمنون(23): الآيات 53 الي 61 ..... ص : 24

قوله تعالى:

كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ [53- 61] 7483/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ قال: كل من اختار لنفسه دينا، فهو فرح به.

ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: فَذَرْهُمْ يا محمد فِي غَمْرَتِهِمْ أي في سكرتهم و شكهم حَتَّى حِينٍ ثم قال عز و جل: أَ يَحْسَبُونَ يا محمد أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ هو خير نريده

بهم بَلْ لا يَشْعُرُونَ أن ذلك شر لهم.

ثم ذكر عز و جل من يريد بهم الخير، فقال: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إلى قوله يُؤْتُونَ ما آتَوْا قال: من الطاعة و العبادة وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أي خائفة. أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ و هو معطوف على قوله: أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ.

7484/ [2]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ، يقول: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لم يسبقه أحد».

و رواه ابن شهر آشوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1».

7485/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الامام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «نزلت في أمير المؤمنين و ولده (عليهم السلام): إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ __________________________________________________

9- تأويل الآيات 1: 352/ 2.

1- تفسير القمي 2: 91.

2- تفسير القمي 2: 91.

3- تأويل الآيات 1: 353/ 4.

(1) مناقب ابن شهر آشوب 2: 116.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 25

وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ».

7486/ [4]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى:

الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال: «يعلمون ما عملوا من عمل، و هم يعلمون أنهم يثابون عليه».

7487/ [5]- و

عنه: عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يعملون، و يعلمون» أنهم سيثابون عليه».

7488/ [6]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن وهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال: «هي شفقتهم «1»، و رجاؤهم، يخافون أن ترد عليهم أعمالهم، إن لم يطيعوا الله عز و جل، و يرجون أن يقبل منهم».

7489/ [7]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «إن قدرتم أن لا تعرفوا، فافعلوا، و ما عليك أن لا يثني الناس عليك، و ما عليك أن تكون مذموما عند الناس، إذا كنت محمودا عند الله تبارك و تعالى؟

إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين: رجل يزداد فيها كل يوم إحسانا، و رجل يتدارك سيئته «2» بالتوبة، و أنى له بالتوبة؟ فوالله لو أن سجد حتى ينقطع عنقه، ما قبل الله عز و جل منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت، ألا و من عرف حقنا، و رجا الثواب بنا، و رضي بقوته نصف مد كل يوم، و ما يستر به عورته، و ما أكن به رأسه، و هم مع ذلك و الله خائفون وجلون، ودوا أنه حظهم من الدنيا،

و كذلك وصفهم الله عز و جل، حيث يقول: الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ما الذي أتوا به؟ أتوا و الله بالطاعة، مع المحبة و الولاية، و هم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم، و ليس و الله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين، و لكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا و طاعتنا».

ثم قال: «إن قدرت على أن لا تخرج من بيتك، فافعل، فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب، و لا تكذب، و لا تحسد، و لا ترائي، و لا تتصنع و لا تداهن».

ثم قال: «نعم صومعة المسلم بيته، يكف فيه بصره، و لسانه، و نفسه، و فرجه، إن من عرف نعمة الله بقلبه، استوجب المزيد من الله عز و جل، قبل أن يظهر شكرها على لسانه، و من ذهب يرى أن له على الآخر فضلا، فهو

__________________________________________________

4- المحاسن: 247/ 252 و: 249/ 256.

5- المحاسن: 247/ ذيل 252. [.....]

6- الكافي 8: 229/ 294.

7- الكافي 8: 128/ 98.

(1) في المصدر: شفاعتهم.

(2) في المصدر: منيّته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 26

من المستكبرين».

فقلت له: إنما يرى أن له عليه فضلا بالعافية، إذا رآه مرتكبا للمعاصي، فقال: «هيهات، هيهات، فلعله أن يكون قد غفر الله له ما أتى، و أنت موقوف محاسب، أما تلوت قصة سحرة موسى (عليه السلام)».

ثم قال: «كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه، و كم من مستدرج بستر الله عليه، و كم من مفتون بثناء الناس عليه- ثم قال- إني لأرجو النجاة لمن عرف حقنا من هذه الامة، إلا لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، و صاحب هوى، و الفاسق المعلن».

ثم تلا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي

يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ «1» ثم قال: «يا حفص، الحب أفضل من الخوف،- ثم قال- و الله ما أحب الله من أحب الدنيا، و والى غيرنا، و من عرف حقنا و أحبنا، فقد أحب الله تبارك و تعالى».

فبكى رجل، فقال: «أ تبكي؟ لو أن أهل السماوات و الأرض كلهم اجتمعوا، يتضرعون إلى الله عز و جل أن ينجيك من النار، و يدخلك الجنة، لم يشفعوا فيك» «2».

ثم قال: «يا حفص، كن ذنبا، و لا تكن رأسا. يا حفص، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من خاف الله كل لسانه».

ثم قال: «بينا موسى بن عمران (عليه السلام) يعظ أصحابه، إذ قام رجل فشق قميصه، فأوحى الله عز و جل إليه: يا موسى، قل له: لا تشق قميصك، و لكن اشرح لي عن قلبك».

ثم قال: «مر موسى بن عمران (عليه السلام) برجل من أصحابه و هو ساجد، فانصرف من حاجته، و هو ساجد على حاله، فقال له موسى (عليه السلام): لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك، فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى، لو سجد حتى ينقطع عنقه، ما قبلته حتى يتحول عما أكره إلى ما أحب».

7490/ [8]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن قدرت أن لا تعرف فافعل، و ما عليك أن لا يثني عليك الناس- و ساق الحديث إلى قوله- و لكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا و طاعتنا».

7491/ [9]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن القاسم، عن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته

عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، قال: «من شفقتهم و رجائهم، يخافون أن ترد إليهم أعمالهم، إن لم يطيعوا الله، و الله على كل شي ء قدير، و هم يرجون أن يتقبل منهم».

7492/ [10]- و

رواه المفيد في (أماليه)، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه، محمد بن الحسن بن الوليد

__________________________________________________

8- الكافي 2: 330/ 15.

9- الزهد: 24/ 53.

10- الأمالي: 196/ 28.

(1) آل عمران 3: 31.

(2) في المصدر زيادة: ثمّ كان لك قلب حيّ لكنت أخوف الناس للّه عزّ و جلّ في تلك الحال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 27

القمي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن القاسم بن محمد، عن علي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، قال: «من شفقتهم و رجائهم، يخافون أن ترد إليهم أعمالهم إذا لم يطيعوا، و هم يرجون أن يتقبل منهم».

7493/ [11]- الحسين بن سعيد: عن فضالة، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، قال: «يأتى ما أتى [الناس و هو خاش راج».

7494/ [12]- و

عنه: عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، و النضر، عن عاصم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، قال: «يعملون، و يعلمون أنهم سيثابون عليه».

سورة المؤمنون(23): الآيات 62 الي 74 ..... ص : 27

قوله تعالى:

وَ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [62]

7495/ [13]- محمد بن يعقوب: عن علي

بن إبراهيم، عن الحسن بن محمد، عن علي بن محمد القاساني، عن علي بن أسباط، قال سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاستطاعة. فقال: «يستطيع العبد بعد أربع خصال: أن يكون مخلى السرب «1»، صحيح الجسم، سليم الجوارح، له سبب وارد من الله».

قال: قلت له: جعلت فداك، فسر لي هذا. قال: «أن يكون العبد مخلى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح، يريد أن يزني فلا يجد امرأة، ثم يجدها، فإما أن يعصم نفسه، فيمتنع كما امتنع يوسف (عليه السلام)، أو يخلي بينه و بين إرادته، فيزني، فيسمى زانيا، و لم يطع الله بإكراه، و لم يعصه بغلبة».

7496/ [14]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، و علي بن إبراهيم، جميعا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، و عبد الله بن يزيد، جميعا، عن رجل من أهل البصرة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الاستطاعة، فقال:

«أ تستطيع أن تعمل ما لم يكون؟» قال: لا. قال: «فتستطيع أن تنهى عما قد كون؟» قال: لا. قال: فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «فمتى أنت مستطيع؟» قال: لا أدري.

قال: فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله خلق خلقا، فجعل فيهم آلة الاستطاعة ثم لم يفوض إليهم، فهم

__________________________________________________

11- الزهد: 24/ 54.

12- 24/ 55.

13- الكافي 1: 122/ 1.

14- الكافي 1: 123/ 2.

(1) يقال: خلّ له سربه، أي طريقه. و فلان مخلّى السرب، أي موسع عليه غير مضيّق عليه «أقرب الموارد- سرب- 1: 508». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 28

مستطيعون للفعل، وقت الفعل «1»، مع الفعل، إذا فعلوا ذلك الفعل، فإذا لم يفعلوه في ملكه، لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلا لم يفعلوه، لأن الله عز

و جل أعز من أن يضاده في ملكه أحد».

قال البصري: فالناس مجبورون؟ قال: «لو كانوا مجبورين، كانوا معذورين». قال: ففوض إليهم؟ قال: «لا».

قال: فما هم؟ قال: «علم منهم فعلا، فجعل فيهم آلة الفعل، فإذا فعلوا، كانوا مع الفعل مستطيعين»: قال البصري:

أشهد أنه الحق، و أنكم أهل بيت النبوة و الرسالة.

7497/ [3]- و

عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن علي بن الحكم، عن صالح النيلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل للعباد من الاستطاعة شي ء؟ قال: فقال لي: «إذا فعلوا الفعل، كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم».

قال: قلت له: و ما هي؟ قال: «الآلة، مثل الزاني إذا زنى، كان مستطيعا للزنا حين زنى، و لو أنه ترك الزنا و لم يزن، كان مستطيعا لتركه إذا تركه. قال: ثم قال: «ليس له من الاستطاعة قبل الفعل كثير و لا قليل، و لكن مع الفعل و الترك كان مستطيعا».

قلت: فعلى ماذا يعذبه؟ قال: «بالحجة البالغة، و الآلة التي ركبها فيهم، إن الله لم يجبر أحدا على معصيته، و لا أراد- إرادة حتم- الكفر من أحد، و لكن حين كفر، كان في إرادة الله أن يكفر، و هم في إرادة الله، و في علمه، ألا يصيروا إلى شي ء من الخير».

قلت: أراد منهم أن يكفروا؟ قال: «ليس هكذا أقول، و لكني أقول: علم أنهم سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم، و ليست هي إرادة حتم، إنما هي إرادة اختيار».

7498/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن

بعض أصحابنا، عن عبيد بن زرارة، قال: حدثني حمزة بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الاستطاعة، فلم يجبني، فدخلت عليه دخلة اخرى، فقلت: أصلحك الله، إنه قد وقع في قلبي منها شي ء، لا يخرجه إلا شي ء أسمعه منك، قال: «فإنه لا يضرك ما كان في قلبك».

قلت: أصلحك الله، إني أقول: إن الله تبارك و تعالى لم يكلف العباد ما لا يستطيعون، و لم يكلفهم إلا ما يطيقون، و إنهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله و مشيئته، و قضائه و قدره. قال: فقال: «هذا دين الله الذي أنا عليه، و آبائي» أو كما قال.

__________________________________________________

3- الكافي 1: 123/ 3.

4- الكافي 1: 124/ 4.

(1) (مع الفعل) ليس في «ي».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 29

7499/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): رفع عن امتي تسعة: الخطأ، و النسيان، و ما استكرهوا «1» عليه، و ما لا يطيقون، و ما لا يعلمون، و ما اضطروا إليه، و الحسد، و الطيرة، و التفكر في الوسوسة في الخلق، ما لم ينطق بشفة».

7500/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما كلف الله العباد كلفة فعل، و لا نهاهم عن

شي ء، حتى جعل لهم الاستطاعة، ثم أمرهم و نهاهم، فلا يكون العبد آخذا، و لا تاركا، إلا باستطاعة متقدمة، قبل الأمر و النهي، و قبل الأخذ و الترك، و قبل القبض و البسط».

7501/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا يكون من العبد قبض و لا بسط، إلا باستطاعة متقدمة للقبض و البسط».

7502/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن أبي شعيب المحاملي، و صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

سمعته يقول، و عنده قوم يتناظرون في الأفاعيل و الحركات، فقال: «الاستطاعة قبل الفعل، لم يأمر الله عز و جل بقبض و لا بسط إلا و العبد لذلك مستطيع».

7503/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن عبد الحميد، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يكون العبد فاعلا، و لا متحركا، إلا و معه الاستطاعة من الله عز و جل، و إنما وقع التكليف من الله بعد الاستطاعة، فلا يكون مكلفا للفعل إلا مستطيعا».

قوله تعالى:

وَ لَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ- إلى

قوله تعالى-

__________________________________________________

5- الخصال: 417/ 9.

6- التوحيد: 352/ 19.

7- التوحيد: 352/ 20.

8- التوحيد: 352/ 21.

9- التوحيد: 351/ 18.

(1) في المصدر: أكرهوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 30

وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ [62- 74] 7504/ [1]- علي بن إبراهيم: و قوله: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا يعني من القرآن، وَ لَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ يقول: ما كتب عليهم في اللوح ما هم عاملون قبل أن يخلقوا، هم لتلك الأعمال المكتوبة- عاملون.

و قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ لَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ: أي عليكم، ثم قال: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا أي في شك مما يقولون.

و قوله: حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ يعني كبراءهم بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ أي يضجون، فرد الله عليهم: لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ إلى قوله: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ أي جعلتموه سمرا «1»، و هجرتموه.

و قوله: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ يعني برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فرد الله عليهم: بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ.

و قوله: وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ قال: الحق رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الدليل على ذلك، قوله: قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ «2» يعني بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

و قوله: وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ أي يا محمد، أهل مكة في علي أَ حَقٌّ هُوَ أي إمام قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ «3» أي لإمام، و مثله كثير و الدليل على أن الحق رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام)، قول الله عز و

جل: و لو اتبع رسول الله، و أمير المؤمنين (عليهما الصلاة و السلام) قريشا، لفسدت السماوات و الأرض، و من فيهن، ففساد السماء إذا لم تمطر، و فساد الأرض إذا لم تنبت، و فساد الناس من ذلك.

و قوله: وَ إِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قال: إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ قال: عن الإمام لحائدون.

7505/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن الفضل «4» الأهوازي، عن بكر بن محمد بن إبراهيم غلام الخليل، قال: حدثنا زيد بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين، عن __________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 92.

2- تأويل الآيات 1: 355/ 6.

(1) السمر: المسامرة، و هو الحديث بالليل. «الصحاح- سمر- 2: 688».

(2) النساء 4: 170.

(3) يونس 10: 53. [.....]

(4) في «ي، ط»: المفضل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 31

أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ، قال: «عن ولايتنا أهل البيت».

7506/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن العباس، عن جعفر الرماني «1»، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ- قال- عن ولايتنا».

7507/ [4]- ابن شهر آشوب: عن الخصائص، بإسناده عن الأصبغ، عن علي (عليه السلام)، و في كتبنا: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ قال: «عن ولايتنا».

7508/ [5]- و من

طريق المخالفين، في معنى الآية: يعني صراط محمد و آله (عليهم السلام).

سورة المؤمنون(23): الآيات 76 الي 77 ..... ص : 31

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [76- 77]

7509/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب، عن محمد ابن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ، فقال:

الاستكانة هي الخضوع، و التضرع هو رفع اليدين، و التضرع بهما».

7510/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ فقال:

«الاستكانة: هي الخضوع، و التضرع هو رفع اليدين، و التضرع بهما».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 1: 355/ 7.

4- المناقب 3: 73، خصائص الوحي المبين: 110/ 79.

5- ....، كشف الغمة 1: 313، غاية المرام: 263.

1- الكافي 2: 348/ 2.

2- الكافي 2: 349/ 6.

(1) في «ج، ي، ط»: الزماني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 32

7511/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن نصير، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ قال: «التضرع: رفع اليدين».

7512/ [4]- الطبرسي: قال أبو عبد

الله (عليه السلام): «الاستكانة الدعاء، و التضرع: رفع اليدين في الصلاة».

7513/ [5]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ «1» يقول: أم تسألهم أجرا، فأجر ربك خير وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ «2» قوله: وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ فهو الجوع، و الخوف، و القتل».

و قوله: حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ يقول: «آيسون».

7514/ [6]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، إذا رجع في الرجعة».

7515/ [7]- الطبرسي: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يعني في الرجعة».

سورة المؤمنون(23): الآيات 82 الي 91 ..... ص : 32

قوله تعالى:

قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ- إلى قوله تعالى- سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [82- 91] 7516/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول الدهرية: قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ- إلى قوله- أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني أحاديث «3» الأولين، فرد الله عليهم، فقال:

__________________________________________________

3- معاني الآخبار: 369/ 1.

4- مجمع البيان 7: 181.

5- تفسير القمي 2: 94.

6- مختصر بصائر الدرجات: 17.

7- مجمع البيان 7: 181.

1- تفسير القمي 2: 93.

(1، 2) المؤمنون 23: 72. [.....]

(3) في المصدر: أكاذيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 33

بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ثم رد الله على الثنوية «1» الذين قالوا بإلهين فقال

الله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ قال: لو كانا إلهين- كما زعمتم- لكانا يختلفان، فيخلق هذا و لا يخلق هذا، و يريد هذا و لا يريد هذا، و يطلب كل واحد منهما الغلبة لنفسه «2»، و إذا أراد أحدهما خلق إنسان، و أراد الآخر خلق بهيمة، فيكون إنسانا و بهيمة في حالة واحدة، و هذا غير موجود، فلما بطل هذا، ثبت التدبير و الصنع لواحد، و دل أيضا التدبير و ثباته و قوام بعضه ببعض، على أن الصانع واحد، و ذلك قوله: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ إلى قوله: لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ثم قال آنفا: سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ.

سورة المؤمنون(23): آية 92 ..... ص : 33

قوله تعالى:

عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [92]

7517/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فقال: «الغيب: ما لم يكن، و الشهادة: ما قد كان».

سورة المؤمنون(23): الآيات 93 الي 95 ..... ص : 33

قوله تعالى:

قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ- إلى قوله تعالى- لَقادِرُونَ [93- 95]

7518/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن العباس، عن الحسن بن محمد، عن العباس بن أبان العامري، عن عبد الغفار، بإسناده، يرفعه إلى عبد الله بن عباس، و عن جابر بن عبد الله، قال جابر: إني كنت لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قالا: سمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو في حجة الوداع بمنى، يقول: «لأعرفنكم بعدي ترجعون كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض، و لايم الله، إن فعلتموها لتعرفني في كتيبة يضاربونكم». قال: ثم التفت خلفه، ثم أقبل بوجهه، فقال: «أو علي، أو علي».

قال: حدثنا أن جبرئيل غمزه، و قال مرة اخرى، فرأينا أن جبرئيل قال له، فنزلت هذه الآية:

__________________________________________________

1- معاني الآخبار: 146/ 1.

2- تأويل الآيات 1: 355/ 8.

(1) الشنوية: هم أصحاب الاثنين الأزليين، يزعمون أن النور و الظلمة أزليان قديمان «الملل و النحل 1: 224». و الثنوية: فرقة من القدرية (المعتزلة) و هي التي قالت إن الخير من الله و الشر من إبليس. «معجم الفرق الاسلامية: 75».

(2) في «ط» زيادة: و لا يستبد كل واحد بخلقه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 34

قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما

يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ إِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ.

سورة المؤمنون(23): آية 96 ..... ص : 34

قوله تعالى:

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ [96]

7519/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية ابن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما أكل رسول الله (صلى الله عليه و آله) متكئا منذ بعثه الله عز و جل، إلى أن قبضه، تواضعا لله عز و جل، و ما رأى ركبتيه جليسه في مجلس قط، و لا صافح رجلا قط، فنزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده، و لا كافأ (صلوات الله عليه و آله) بسيئة قط، و قد قال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ففعل، و ما منع سائلا قط، إن كان عنده أعطى، و إلا قال: يأتي الله به و لا أعطى على الله عز و جل شيئا قط إلا أجازه الله، إنه كان ليعطي الجنة، فيجيز الله عز و جل ذلك له».

قال: «و كان أخوه من بعده، و الذي ذهب بنفسه، ما أكل من الدنيا حراما قط، حتى خرج منها، و الله إنه كان ليعرض له الأمران، كلاهما لله عز و جل طاعة، فيأخذ بأشدهما على بدنه، و الله لقد أعتق ألف مملوك لوجه الله عز و جل، دبرت فيهم يداه، و الله ما أطاق عمل رسول الله (صلى الله عليه و آله) من بعده أحد غيره، و الله ما نزلت برسول الله (صلى الله عليه و آله) نازلة قط، إلا قدمه فيها، ثقة منه به، و إنه كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليبعثه برايته، فيقاتل جبرئيل

عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، ثم ما يرجع حتى يفتح الله عز و جل له».

7520/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن زيد بن الحسن، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «كان علي (عليه السلام) أشبه الناس طعمة و سيرة برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان يأكل الخبز و الزيت، و يطعم الناس الخبز و اللحم- قال- و كان علي (عليه السلام) يستقي و يحتطب، و كانت فاطمة (عليها السلام) تطحن، و تعجن، و تخبز، و ترقع، و كانت من أحسن الناس وجها، كأن وجنتيها وردتان (صلى الله عليها و على أبيها و بعلها و بنيها الطاهرين)».

سورة المؤمنون(23): آية 97 ..... ص : 34

قوله تعالى:

وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ [97] 7521/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: ما يقع في القلب من وسوسة الشياطين.

__________________________________________________

1- الكافي 8: 164/ 175.

2- الكافي 8: 165/ 176.

3- تفسير القمّي 2: 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 35

سورة المؤمنون(23): الآيات 99 الي 104 ..... ص : 35

قوله تعالى:

حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها [99- 100]

7522/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من منع قيراطا من الزكاة، فليس بمؤمن، و لا مسلم، و هو قول الله عز و جل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ».

7523/ [2]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي «1»، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت، و هو قول الله عز و جل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ».

و روى هذين الحديثين ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2».

7524/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن حاتم القزويني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين النحوي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المديني، عن موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: «إذا مات الكافر، شيعه سبعون ألف ملك من الزبانية إلى قبره، و إنه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شي ء إلا الثقلان، و

يقول: لو أن لي كرة فأكون من المؤمنين، و يقول: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ فتجيبه الزبانية: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها».

7525/ [4]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في مانع الزكاة و الخمس.

7526/ [5]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن خالد، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من ذي مال، ذهب و لا فضة، يمنع زكاة ماله، أو خمسه، إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قفر، و سلط عليه سبعا يريده و يحيد عنه، فإذا علم أنه لا محيص له، مكنه من يده، فقضمها كما يقضم الفجل، و ما من ذي مال، إبل

__________________________________________________

1- الكافي 3: 503/ 3.

2- الكافي 3: 504/ 11.

3- أمالي الصدوق: 239/ 12.

4- تفسير القمّي 2: 93.

5- تفسير القمّي 2: 93.

(1) في «ي، ط» و المصدر: علي بن الحسين، و في «ج»: علي بن الحسن، و ما أثبتناه هو الصحيح، راجع معجم رجال الحديث 19: 217. [.....]

(2) من لا يحضره الفقيه 2: 7/ 21 و 18 و 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 36

أو بقر أو غنم، يمنع زكاة ماله، إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قفر، تنطحه كل ذات قرن بقرنها، و كل ذي ظلف بظلفها، و ما من ذي مال، نخل أو زرع أو كرم، يمنع زكاة ماله، إلا طوقه الله يوم القيامة بهوام أرضه، و رفع أرضه إلى سبع أرضين، يقلده إياه».

قوله تعالى:

وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ- إلى قوله تعالى- تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ [100- 104] 7527/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال: «البرزخ: هو أمر بين

أمرين، و هو الثواب و العقاب بين الدنيا و الآخرة، و هو رد على من أنكر عذاب القبر، و الثواب و العقاب قبل يوم القيامة، و هو

قول الصادق (عليه السلام): «و اللّه ما أخاف عليكم إلا البرزخ، فأما إذا صار الأمر إلينا، فنحن أولى بكم»

و

قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «إن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران».

7528/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن حماد، عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني سمعتك و أنت تقول: «كل شيعتنا في الجنة، على ما كان فيهم؟» قال: «صدقتك، كلهم و الله في الجنة».

قال: قلت: جعلت فداك، إن الذنوب كثيرة كبار؟ فقال: «أما في القيامة فكلكم في الجنة، بشفاعة النبي المطاع، أو وصي النبي (صلوات الله عليهم)، و لكني- و الله- أتخوف عليكم في البرزخ» قلت: و ما البرزخ؟ قال: «القبر، منذ حين موته، إلى يوم القيامة».

7529/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): «أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها ملك الموت، و الساعة التي يقوم فيها من قبره، و الساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك و تعالى، فإما إلى الجنة، و إما إلى النار».

ثم قال: «إن نجوت- يا ابن آدم- عند الموت، فأنت أنت، و إلا هلكت، و إن نجوت- يا بن آدم- حين توضع

في قبرك، فأنت أنت، و إلا هلكت، و إن نجوت حين يحمل الناس على الصراط، فأنت أنت، و إلا هلكت، و إن نجوت حين يقوم الناس لرب العالمين، فأنت أنت، و إلا هلكت» ثم تلا: وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال: «هو القبر،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 94.

2- الكافي 3: 242/ 3.

3- الخصال: 119/ 108.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 37

و إن لهم فيه لمعيشة ضنكا، و الله إن القبر لروضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران».

ثم أقبل على رجل من جلسائه، فقال له: «لقد علم ساكن السماء ساكن الجنة من ساكن النار، فأي الرجلين أنت، و أي الدارين دارك»؟

7530/ [4]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ قال: فإنه رد على من يفتخر بالأنساب، قال الصادق (عليه السلام): «لا يتقدم يوم القيامة أحد إلا بالأعمال، و الدليل على ذلك،

قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أيها الناس، إن العربية ليست بأب والد «1»

، و إنما هو لسان ناطق، فمن تكلم به فهو عربي، ألا إنكم ولد آدم، و آدم من تراب، و الله لعبد حبشي أطاع الله، خير من سيد قرشي عاص لله، و إن أكرمكم عند الله أتقاكم، و الدليل على ذلك، قوله عز و جل: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ».

7531/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن نعيم الشاذاني (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «لقد قال رسول الله (صلى الله

عليه و آله) لبني عبد المطلب: ائتوني بأعمالكم، لا بأنسابكم و أحسابكم، قال الله تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ إلى قوله تعالى: خالِدُونَ».

7532/ [6]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة (عليها السلام)، قال: أخبرني أبو الحسين، عن أبيه، عن ابن همام، قال: حدثنا سعدان بن مسلم، عن جهم بن أبي جهمة «2»، قال: سمعت أبا الحسن موسى (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، ثم خلق الأبدان بعد ذلك، فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض، و ما تناكر منها في السماء تناكر في الأرض، فإذا قام القائم (عليه السلام)، ورث الأخ في الدين، و لم يورث الأخ في الولادة، و ذلك قول الله عز و جل في كتابه: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ».

7533/ [7]- علي بن إبراهيم: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ يعني بالأعمال الحسنة فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ قال: من الأعمال الحسنة فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ.

7534/ [8]- الطبرسي في (الإحتجاج): عن الصادق (عليه السلام)، و قد سأله سائل، قال: أ و ليس توزن الأعمال؟

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 94.

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 235/ 7.

6- دلائل الإمامة: 260.

7- تفسير القمّي 2: 94.

8- الاحتجاج: 351.

(1) في المصدر: بأب وجدّ.

(2) في المصدر: جرهم بن أبي جهنة، راجع معجم رجال الحديث 4: 179.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 38

قال (عليه السلام): «لا، إن الأعمال ليست بأجسام، و إنما هي صفة ما عملوا، و إنما يحتاج إلى وزن الشي ء من جهل عدد الأشياء، و لا يعرف ثقلها أو

خفتها، و إن الله لا يخفى عليه شي ء».

قال: فما معنى الميزان؟ قال (عليه السلام): «العدل»، قال: فما معناه في كتابه: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ؟

قال (عليه السلام): «فمن رجح عمله».

و قد تقدمت الروايات في ذلك، في قوله تعالى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ من سورة الأنبياء «1».

7535/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام «2»، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا أبو الحسن موسى، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليهم السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قال: «نزلت فينا».

7536/ [10]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن الخدري، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، في قوله سبحانه وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ: «تشويه النار، فتقلص شفته العليا، حتى تبلغ وسط رأسه، و تسترخي شفته السفلى، حتى تضرب «3» سرته».

7537/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: و قوله: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ قال: تلهب عليهم، فتحرقهم، وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ أي مفتوحو الفم، متربدو «4» الوجوه.

7538/ [12]- محمد بن إبراهيم النعماني في (غيبته): بإسناده عن كعب الأحبار، أنه قال: إذا كان يوم القيامة، حشر الناس على أربعة أصناف صنف ركبان، و صنف على أقدامهم يمشون، و صنف مكبون، و صنف على وجوههم، صم بكم، عمي فهم لا يعقلون، و لا يتكلمون، و لا يؤذن لهم فيعتذرون، أولئك الذين تلفح وجوههم النار، و هم فيها كالحون.

فقيل له: يا كعب، من هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم، و هذه الحالة حالهم؟ فقال كعب: أولئك الذين كانوا على الضلال و الارتداد و النكث، فبئس ما قدمت لهم أنفسكم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم، و وصي نبيهم، و عالمهم، و سيدهم،

و فاضلهم، و حامل اللواء، و ولي الحوض، المرتجى و الرجا «5» دون هذا العالم، و هو العلم «6»

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 1: 356/ 9.

10- ربيع الأبرار 1: 168.

11- تفسير القمّي 2: 94. [.....]

12- الغيبة: 146/ 4.

(1) تقدّمت في تفسير الآيتين (46، 47) من سورة الأنبياء.

(2) في نسخة من «ط»: محمد بن الحسن.

(3) في المصدر: تبلغ.

(4) أربد وجهه و تربّد: احمرّ حمرة فيها سواد عند الغضب «لسان العرب- ربد- 3: 170».

(5) في «ط، ي»: و المرجى.

(6) في المصدر نسخة بدل: و المرتجى دون العالمين، و هو العالم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 39

الذي لا يجهل، و المحجة التي من زال عنها عطب، و في النار هوى، ذلك علي و رب الكعبة، أعلمهم علما، و أقدمهم سلما، و أوفرهم حلما، عجبا «1» ممن قدم على علي (عليه السلام) غيره.

و من نسل علي (عليه السلام) القائم المهدي الذي يبدل الأرض غير الأرض و به يحتج عيسى بن مريم (عليه السلام) على نصارى الروم و الصين، إن القائم المهدي من نسل علي (عليه السلام) أشبه الناس بعيسى بن مريم (عليه السلام) خلقا و خلقا و سمتا و هيبة، يعطيه الله عز و جل ما اعطي الأنبياء، و يزيده، و يفضله، إن القائم (عليه السلام) من ولد علي (عليه السلام)، له غيبة كغيبة يوسف، و رجعة كرجعة عيسى بن مريم، ثم يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر، و خراب الزوراء، و هي الري، و خسف المزورة، و هي بغداد، و خروج السفياني، و حرب ولد العباس مع فتيان أرمينية و آذربيجان، تلك حرب يقتل فيها ألوف و ألوف، كل يقبض على سيف محلى، تخفق عليه رايات سود، تلك حرب

يشوبها الموت الأحمر و الطاعون الأغبر.

سورة المؤمنون(23): الآيات 105 الي 108 ..... ص : 39

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ- إلى قوله تعالى- قالَ اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ [105- 108]

7539/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليهم السلام)، قال: في قول الله عز و جل: أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ في علي (عليه السلام) فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ.

7540/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا، قال: «بأعمالهم شقوا».

7541/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا فإنهم علموا حين عاينوا أمر الآخرة أن الشقاء كتب عليهم، علموا حين لا ينفعهم العلم، قالوا: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 356/ 10.

2- التوحيد: 356/ 2.

3- تفسير القمي 2: 94.

(1) في المصدر: عجب كعب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 40

قالَ اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ فبلغني- و الله أعلم- أنهم تداركوا بعضهم على بعض سبعين عاما، حتى انتهوا إلى قعر جهنم.

سورة المؤمنون(23): آية 111 ..... ص : 40

قوله تعالى:

إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ [111] 7542/ [1]- ابن شهر آشوب: عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، في قوله تعالى: إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا يعني صبر علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم

السلام) في الدنيا على الطاعات، و على الجوع، و على الفقر، و صبروا على البلاء لله في الدنيا، إنهم هم الفائزون.

سورة المؤمنون(23): الآيات 112 الي 118 ..... ص : 40

قوله تعالى:

قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ- إلى قوله تعالى- وَ قُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ [112- 118] 7543/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ، قال: سل الملائكة الذين كانوا يعدون علينا الأيام، فيكتبون ساعاتنا و أعمالنا التي اكتسبناها فيها فرد الله عليهم، فقال: قل لهم، يا محمد: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ.

و قوله تعالى: وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ أي لا حجة له به فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ وَ قُلْ يا محمد رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ.

__________________________________________________

1- المناقب 2: 120، شواهد التنزيل 1: 408/ 665.

2- تفسير القمّي 2: 95.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 41

سورة النور ..... ص : 41

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 43

فضلها ..... ص : 43

7544/ [1]- ابن بابويه، بإسناده المتقدم في فضل سورة الكهف: عن الحسن، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حصنوا أموالكم و فروجكم بتلاوة سورة النور، و حصنوا بها نساءكم، فإن من أدمن قراءتها في كل يوم، أو في كل ليلة، لم ير أحد من أهل بيته سوءا «1» حتى يموت، فإذا هو مات، شيعه إلى قبره سبعون ألف ملك، كلهم يدعون و يستغفرون الله له، حتى يدخل في قبره».

7545/ [2]- و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الحسنات بعدد كل مؤمن و مؤمنة عشر حسنات».

7546/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «و من كتبها و جعلها في فراشه الذي ينام عليه، لم يحتلم فيه أبدا، و إن كتبها و شربها بماء زمزم، لم يقدر على الجماع، و لم يتحرك له إحليل».

7547/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و جعلها في كسائه، أو فراشه الذي ينام عليه، لم يحتلم أبدا، و إن كتبها بماء زمزم لم يجامع، و لم ينقطع عنه أبدا، و إن جامع لم يكن له لذة تامة، و لا يكون إلا منكسر القوة».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 109. [.....]

2- خواص القرآن: 45 (مخطوط).

3- خواص القرآن: 45 (مخطوط).

4- خواص القرآن: 45 (مخطوط).

(1) في المصدر: لم يزن أحد من أهل بيته أبدا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 45

سورة النور(24): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 45

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ- إلى قوله تعالى- وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [1- 2]

7548/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي

بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «سورة النور نزلت بعد سورة النساء، و تصديق ذلك أن الله عز و جل أنزل عليه في سورة النساء: وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا «1» و السبيل الذي قال الله عز و جل: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ».

7549/ [2]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ، قال: «في إقامة الحدود».

و في قوله تعالى: وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قال: «الطائفة واحد- و قال- لا يستخلف صاحب الحد».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 27/ 1.

2- التهذيب 10: 150/ 602.

(1) النساء 4: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 46

7550/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما يقول: «ضربهما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يجمع لهم الناس إذا جلدوا».

7551/ [2]- الطبرسي، في معنى الطائفة: عن أبي جعفر (عليه السلام): «أقله رجل واحد».

سورة النور(24): آية 3 ..... ص : 46

قوله تعالى:

الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا

زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [3]

7552/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، قال: «هن نساء مشهورات بالزنا، و رجال مشهورون بالزنا، شهروا و عرفوا به، و الناس اليوم بذلك المنزل، فمن أقيم عليه حد الزنا، أو متهم بالزنا، لم ينبغ لأحد أن يناكحه، حتى يعرف منه التوبة».

7553/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً فقال: «كن نساء مشهورات بالزنا، و رجال مشهورون بالزنا، قد عرفوا بذلك، و الناس اليوم بتلك المنزلة، فمن أقيم عليه حد الزنا، أو شهر به، لم ينبغ لأحد أن يناكحه، حتى يعرف منه التوبة».

7554/ [5]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، قال: «هم رجال و نساء كانوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) مشهورين بالزنا، فنهى الله عز و جل عن أولئك الرجال و النساء، و الناس اليوم على تلك المنزلة، من شهر شيئا من ذلك، أو أقيم عليه الحد، فلا تزوجوه حتى تعرف توبته».

7555/ [6]- و

عنه: عن

حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 95.

2- مجمع البيان 7: 197.

3- الكافي 5: 354/ 1.

4- الكافي 5: 354/ 2.

5- الكافي 5: 355/ 3.

6- الكافي 5: 355/ 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 47

أبان، عن حكم بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ، قال: «إنما ذلك في الجهر- ثم قال- لو أن إنسانا زنى ثم تاب، تزوج حيث شاء».

7556/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، قال: سأل رجل أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، و أنا أسمع، عن رجل يتزوج امرأة متعة، و يشترط عليها أن لا يطلب ولدها، فتأتي بعد ذلك بولد، فشدد في إنكار الولد، فقال: «أ يجحده؟» إعظاما لذلك، فقال الرجل: فإن اتهمها؟ فقال: لا ينبغي لك أن تتزوج إلا مؤمنة، أو مسلمة، فإن الله عز و جل يقول: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ».

و رواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال:

سأل رجل الرضا (عليه السلام)، و أنا حاضر، و ساق الحديث «1».

7557/ [6]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، أنهما قالا: «هم رجال و نساء، كانوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) مشهورين بالزنا، فنهى الله عن أولئك الرجال و النساء، و الناس اليوم على تلك المنزلة، فمن شهر بشي ء من ذلك، و أقيم عليه الحد،

فلا تزوجوه حتى تعرف «2» توبته».

سورة النور(24): الآيات 4 الي 5 ..... ص : 47

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [4- 5]

7558/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يقذف الرجل بالزنا، قال: «يجلد، هو في كتاب الله عز و جل، و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)».

قال: و سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يقذف الجارية الصغيرة، فقال: «لا يجلد إلا أن تكون قد أدركت،

__________________________________________________

5- الكافي 5: 454/ 3. [.....]

6- مجمع البيان 7: 197.

1- الكافي 7: 205/ 3.

(1) التهذيب 7: 269/ 1157.

(2) في «ي، ط»: تقبل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 48

أو قاربت».

7559/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في امرأة قذفت رجلا، قال: «تجلد ثمانين جلدة».

7560/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن شهود الزور، قال: فقال: «يجلدون حدا ليس له وقت، و ذلك إلى الإمام، و يطاف بهم حتى يعرفهم الناس».

و أما قول الله عز و جل: وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ... إِلَّا الَّذِينَ تابُوا، قال: قلت كيف تعرف توبته؟ قال:

«يكذب نفسه على رؤوس الناس حتى يضرب، و يستغفر ربه، و إذا

فعل ذلك فقد ظهرت توبته».

7561/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القاذف يجلد ثمانين جلدة، و لا تقبل له شهادة أبدا إلا بعد التوبة، أو يكذب نفسه، فإن شهد له ثلاثة و أبى واحد، يجلد الثلاثة، و لا تقبل شهادتهم، حتى يقول أربعة: رأينا مثل الميل في المكحلة و من شهد على نفسه أنه زنى، لم تقبل شهادته حتى يعيدها أربع مرات».

7562/ [5]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنه جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أمير المؤمنين، إني زنيت، فطهرني، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أ بك جنة؟ قال: لا. قال: فتقرأ شيئا من القرآن شيئا؟ قال: نعم. فقال له: ممن أنت؟

فقال: أنا من مزينة، أو جهينة. قال: اذهب حتى أسأل عنك. فسأل عنه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، هذا رجل صحيح العقل، مسلم. ثم رجع إليه، فقال: يا أمير المؤمنين، إني زنيت، فطهرني، فقال: ويحك، أ لك زوجة؟ قال: نعم. قال:

فكنت حاضرها، أو غائبا عنها؟ قال: بل كنت حاضرها، فقال: اذهب حتى ننظر في أمرك. فجاء إليه الثالثة، و ذكر له ذلك، فأعاد عليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فذهب، ثم رجع في الرابعة، فقال: إني زنيت فطهرني. فأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) بحبسه، ثم نادى أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس، إن هذا الرجل يحتاج أن يقام عليه حد الله، فاخرجوا متنكرين، لا يعرف بعضكم بعضا، و معكم أحجاركم.

فلما كان من الغد، أخرجه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالغلس «1»، و

صلى ركعتين، ثم حفر حفيرة، و وضعه فيها، ثم نادى: أيها الناس، إن هذه حقوق الله، لا يطلبها من كان عنده لله حق مثله، فمن كان لله عليه حق مثله فلينصرف،

__________________________________________________

2- الكافي 7: 205/ 4.

3- الكافي 7: 241/ 7.

4- تفسير القمّي 2: 96.

5- تفسير القمّي 2: 96.

(1) الغلس: ظلمة آخر الليل، إذا اختلطت بضوء الصباح. «النهاية غلس- 3: 377».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 49

فإنه لا يقيم الحد من كان لله عليه الحد. فانصرف الناس، فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) حجرا، فكبر أربع تكبيرات، فرماه، ثم أخذ الحسن (عليه السلام) مثله، ثم فعل الحسين (علʙǠالسلام) مثله، فلما مات أخرجه أمير المؤمنين (عليه السلام)، و صلى عليه، و دفنه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ألا تغسله؟ قال: قد اغتسل بما هو منها طاهر إلى يوم القيامة.

ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس من أتى هذه القاذورة «1» فليتب إلى الله تعالى فيما بينه و بين الله، فوالله لتوبة إلى الله في السر أفضل من أن يفضح نفسه، و يهتك ستره».

سورة النور(24): الآيات 6 الي 9 ..... ص : 49

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ- إلى قوله تعالى- إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [6- 9]

7563/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: إن عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه السلام)، و أنا حاضر: كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، أ رأيت لو أن رجلا دخل منزله، فوجد مع امرأته رجلا يجامعها، ما كان يصنع؟ قال: «فأعرض عنه رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، فانصرف ذلك الرجل، و كان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته- قال- فنزل عليه الوحي من عند الله تعالى بالحكم فيهما، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ذلك الرجل فدعاه، فقال له: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال نعم. فقال له: انطلق فأتني بامرأتك، فإن الله تعالى قد أنزل الحكم فيك و فيها».

قال: «فأحضرها زوجها، فأوقفهما رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله أنك لمن الصادقين فيما رميتها به- قال- فشهد، ثم قال له: اتق الله. فإن لعنة الله شديدة ثم قال له: اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين- قال- فشهد، ثم أمر به فنحي، ثم قال للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله أن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به- قال- فشهدت، ثم قال لها: أمسكي فوعظها، و قال لها: اتق الله، فإن غضب الله شديد ثم قال لها اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به- قال- فشهدت- قال- ففرق بينهما، و قال لهما: لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما».

و روى هذا الحديث ابن بابويه في (الفقيه) «2»، و الشيخ في (التهذيب) «3»، بإسنادهما عن الحسن بن __________________________________________________

1- الكافي 6: 163/ 4.

(1) القاذورة: الفعل القبيح و القول السّيّئ- و أراد به هنا: الزنا-، انظر «النهاية- قذر- 4: 28».

(2) من لا يحضره الفقيه 3: 349/ 1671.

(3) تهذيب الأحكام 8: 184/ 644.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 50

محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: إن عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه السلام)، الحديث.

7564/ [2]- و

عنه: عن

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن المثنى، عن زرارة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ، قال: «هو القاذف الذي يقذف امرأته، فإذا قذفها ثم أقر أنه كذب عليها، جلد الحد، و ردت إليه امرأته، فإن أبى إلا أن يمضي، فيشهد عليها أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، و الخامسة أن يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين، فإن أرادت أن تدفع عن نفسها العذاب، و العذاب هو الرجم، شهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، و الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن لم تفعل رجمت، و إن فعلت درأت عن نفسها الحد، ثم لا تحل له إلى يوم القيامة».

قلت: أ رأيت إن فرق بينهما، و لها ولد فمات؟ قال: «ترثه امه، و إن ماتت امه ورثه أخواله، و من قال إنه ولد زنا جلد الحد».

قلت: يرد إليه الولد إذا أقر به؟ قال: «لا، و لا كرامة، و لا يرث الابن، و يرثه الابن».

7565/ [3]- و

عنه: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي نصر «1»، عن جميل، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن الملاعن و الملاعنة، كيف يصنعان؟ قال: «يجلس الإمام مستدبر القبلة، فيقيمهما بين يديه مستقبلا القبلة، بحذائه، و يبدأ بالرجل، ثم المرأة، و الذي يجب عليه «2» الرجم يرجم من ورائه «3»، و لا يرجم من وجهه «4»، لأن الرجم و الجلد لا يصيبان الوجه، يضربان على الجسد، على الأعضاء كلها».

7566/ [4]- و

عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد

بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، قلت له:

أصلحك الله، كيف الملاعنة؟ قال: فقال: «يقعد الإمام، و يجعل ظهره إلى القبلة، و يجعل الرجل عن يمينه، و المرأة عن يساره».

7567/ [5]- علي بن إبراهيم: إنما نزلت في اللعان، و كان سبب ذلك أنه لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزوة تبوك جاء إليه عويمر بن ساعدة العجلاني، و كان من الأنصار، فقال: يا رسول الله، إن امرأتي زنى بها شريك

__________________________________________________

2- الكافي 6: 162/ 3. [.....]

3- الكافي 6: 165/ 10.

4- الكافي 6: 165/ 11.

5- تفسير القمّي 2: 98.

(1) في «ج، ي»: ابن أبي عمير، و كلاهما صحيحان لروايتهما عن جميل، راجع معجم رجال الحديث 4: 147.

(2) في المصدر: عليها.

(3) في «ط»: ورائهما، و في المصدر: ورائها.

(4) في «ط» نسخة بدل، و المصدر: وجهها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 51

ابن سمحاء، و هي منه حامل، فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأعاد عليه القول، فأعرض عنه، حتى فعل ذلك أربع مرات، فدخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) منزله، فنزلت عليه آية اللعان، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صلى بالناس العصر، و قال لعويمر: «ائتني بأهلك، فقد أنزل الله فيكما قرآنا» فجاء إليها، فقال لها: رسول الله (صلى الله عليه و آله) يدعوك، و كانت في شرف من قومها، فجاء معها جماعة، فلما دخلت المسجد، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعويمر: «تقدما إلى المنبر، و التعنا» قال: فكيف أصنع؟ فقال: «تقدم و قل: أشهد بالله إنني لمن الصادقين فيما رميتها به». قال: فتقدم و قالها، فقال له رسول الله

(صلى الله عليه و آله): «أعدها» فأعادها، ثم قال: «أعدها» حتى فعل ذلك أربع مرات، فقال له في الخامسة: «عليك لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به» فقال:

و الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن اللعنة لموجبة إن كنت كاذبا» ثم قال له: «تنح» فتنحى عنه.

ثم قال لزوجته: «تشهدين كما شهد، و إلا أقمت عليك حدا لله». فنظرت في وجوه قومها، فقالت: لا اسود هذه الوجوه في هذه العشية، فتقدمت إلى المنبر، فقالت: أشهد بالله أن عويمر بن ساعدة لمن الكاذبين فيما رماني به. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أعيديها» فأعادتها، حتى أعادتها أربع مرات، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «العني نفسك في الخامسة، إن كان من الصادقين فيما رماك به»: فقالت في الخامسة: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ويلك، إنها لموجبة لك إن كنت كاذبة» ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لزوجها: اذهب، فلا تحل لك أبدا».

قال: يا رسول الله، فمالي الذي أعطيتها؟ قال: «إن كنت كاذبا فهو أبعد لك منه، و إن كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها».

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن جاءت بالولد أحمش الساقين «1»، أخفش «2» العينين، جعدا «3»، قططا «4»، فهو للأمر السيئ، و إن جاءت به أشهب «5» أصهب «6»، فهو لأبيه».

فيقال: إنها جاءت به على الأمر السيئ، فهذه لا تحل لزوجها أبدا، و إن جاءت بولد، لا

يرثه أبوه، و ميراثه لامه، و إن لم يكن له ام، فلإخوانه، و إن قذفه أحد، جلد حد القاذف.

__________________________________________________

(1) أحمش الساقين: دقيقهما. «الصحاح- حمش- 3: 1002».

(2) الخفش: ضعف في البصر و ضيق في العين. «لسان العرب- خفش- 6: 298».

(3) يقال جعد الشعر: إذا كان فيه التواء و تقبض. «مجمع البحرين- جعد- 3: 25».

(4) شعر قطط: شديد الجعودة، و يقال القطط شعر الزنجي. «مجمع البحرين- قطط- 4: 269».

(5) الشّهبة: البياض الذي غلب عليه السّواد. «لسان العرب- 1: 508».

(6) الصّهبة: الشّقرة في شعر الرأس. «لسان العرب- 1: 531».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 52

سورة النور(24): آية 10 ..... ص : 52

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ [10]

7568/ [1]- العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى:

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ قال: «فضل الله: رسوله، و رحمته: ولاية الأئمة (عليهم السلام)».

7569/ [2]- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ قال: «الفضل: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رحمته: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7570/ [3]- عن محمد بن الفضيل، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: «الرحمة: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الفضل: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7571/ [4]- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس، و محمد بن مجاهد، في قوله تعالى: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ فضل الله: محمد (صلى الله عليه و آله)، و رحمته: علي (عليه السلام). و قيل: فضل الله: علي (عليه السلام)، و رحمته:

فاطمة (صلوات الله و

سلامه عليهما).

سورة النور(24): آية 11 ..... ص : 52

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [11] 7572/ [5]- علي بن إبراهيم: إن العامة رووا أنها نزلت في عائشة، و ما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة، و أما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية، و ما رمتها به عائشة.

7573/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لما مات إبراهيم بن

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 1: 260/ 207. [.....]

2- تفسير العيّاشي 1: 261/ 208.

3- تفسير العيّاشي 1: 261/ 209.

4- المناقب 3: 99.

5- تفسير القمّي 2: 99.

6- تفسير القمّي 2: 99.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 53

رسول الله (صلى الله عليه و آله) حزن عليه حزنا شديدا، فقالت عائشة: ما الذي يحزنك عليه؟ فما هو إلا ابن جريح. فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)، و أمره بقتله، فذهب علي (عليه السلام) إليه، و معه السيف، و كان جريح القبطي في حائط، فضرب علي (عليه السلام) باب البستان، فأقبل جريح ليفتح له الباب، فلما رأى عليا (عليه السلام) عرف في وجهه الغضب، فأدبر راجعا، و لم يفتح الباب، فوثب علي (عليه السلام) على الحائط، و نزل إلى البستان، و أتبعه، و ولى جريح مدبرا، فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة، و صعد علي (عليه السلام) في أثره، فلما دنا منه، رمى جريح بنفسه من فوق النخلة، فبدت عورته، فإذا ليس له ما للرجال، و لا ما للنساء، فانصرف علي (عليه

السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال له: يا رسول الله، إذا بعثتني في الأمر، أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر، أم أتثبت؟

قال: بل تثبت. فقال: و الذي بعثك بالحق، ماله ما للرجال، و لا ما للنساء. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الحمد لله الذي يصرف عنا السوء أهل البيت».

7574/ [3]- و

عنه، قال: و في رواية عبد الله بن موسى، عن أحمد بن رشيد، عن مروان بن مسلم، عن عبد الله ابن بكير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بقتل القبطي، و قد علم أنها قد كذبت عليه، أو لم يعلم، و إنما دفع اللǠعن القبطي القتل بتثبت علي (عليه السلام)؟ فقال: «بل كان و الله علم «1»، و لو كانت عزيمة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) «2» ما انصرف علي (عليه السلام) حتى يقتله، و لكن إنما فعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) لترجع عن ذنبها، فما رجعت، و لا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها».

7575/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد ابن عبد الله، قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن أبي الجارود، و هشام أبي ساسان، و أبي طارق السراج، عن عامر بن واثلة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث المناشدة مع الخمسة الذين في الشورى. قال (عليه السلام): «نشدتكم بالله، هل علمتم أن عائشة قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إن إبراهيم ليس منك، و

إنه ابن فلان القبطي. قال: يا علي، اذهب فاقتله. فقلت: يا رسول الله، إذا بعثتني أكون كالمسمار المحمي في الوبر، أو أتثبت؟ قال: لا، بل تثبت. فذهبت، فلما نظر إلي استند إلى حائط، فطرح نفسه فيه، فطرحت نفسي على أثره، فصعد على نخلة، فصعدت خلفه، فلما رآني قد صعدت رمى بإزاره، فإذا ليس له شي ء مما يكون للرجال، فجئت فأخبرت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت»؟ فقالوا: اللهم، لا. فقال: «اللهم، اشهد».

7576/ [5]- الحسين بن حمدان الخصيبي: بإسناده عن الرضا (عليه السلام)، أنه قال لمن بحضرته من شيعته:

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 319.

4- الخصال: 563/ 31.

5- الهداية الكبرى: 297.

(1) في المصدر: بلى، قد كان و اللّه أعلم.

(2) زاد في المصدر: القتل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 54

«هل علمتم ما قذفت به مارية القبطية، و ما ادعي عليها في ولادتها إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقالوا: يا سيدنا، أنت أعلم، فخبرنا. فقال: «إن مارية أهداها المقوقس إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحظي بها من دون أصحابه، و كان معها خادم ممسوح، يقال له: جريح، و حسن إسلامهما و إيمانهما، ثم ملكت مارية قلب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحسدها بعض أزواجه، فأقبلت عائشة و حفصة تشكيان إلى أبويهما ميل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى مارية، و إيثاره إياها عليهما، حتى سولت لهما و لأبويهما أنفسهما بأن يقذفوا مارية بأنها حملت بإبراهيم من جريح، و هم لا يظنون أن جريحا خادم، فأقبل أبواهما إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو جالس في

مسجده، فجلسا بين يديه، ثم قالا: يا رسول الله، ما يحل لنا، و لا يسعنا أن نكتم عليك ما يظهر من خيانة واقعة بك. قال: ماذا تقولان؟! قالا: يا رسول الله، إن جريحا يأتي من مارية بالفاحشة العظمى، و إن حملها من جريح، و ليس هو منك. فاربد «1» وجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تلون، و عرضت له سهوة «2» لعظم ما تلقياه به، ثم قال:

ويحكما، ما تقولان؟ قالا: يا رسول الله، إنا خلفنا جريحا و مارية في مشربتها- يعنيان حجرتها- و هو يفاكهها، و يلاعبها، و يروم منها ما يروم الرجال من النساء، فابعث إلى جريح، فإنك تجده على هذه الحال، فأنفذ فيه حكم الله. فانثنى النبي إلى علي (عليهما السلام)، ثم قال: يا أبا الحسن، قم- يا أخي- و معك ذو الفقار، حتى تمضي إلى مشربة مارية، فإن صادفتها و جريحا كما يصفان، فأخمدهما بسيفك ضربا.

فقام علي (عليه السلام)، و اتشح بسيفه «3» و أخذه تحت ثيابه، فلما ولى من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، انثنى إليه، فقال: يا رسول الله، أكون في ما أمرتني كالسكة المحمية في العهن «4»، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟

فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): فديتك يا علي، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. فأقبل علي (عليه السلام)، و سيفه في يده، حتى تسور من فوق مشربة مارية، و هي في جوف المشربة جالسة، و جريح معها يؤدبها بآداب الملوك، و يقول لها: عظمي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لبيه، و كرميه، و نحو هذا الكلام، حتى التفت جريح إلى أمير المؤمنين

(عليه السلام)، و سيفه مشهور في يده، ففزع جريح إلى نخلة في المشربة، فصعد إلى رأسها، فنزل أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المشربة، و كشفت الريح عن أثواب جريح، فإذا هو خادم ممسوح، فقال له: أنزل يا جريح.

فقال: يا أمير المؤمنين، آمنا على نفسي؟ فقال: آمنا على نفسك.

فنزل جريح، و أخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) بيده، و جاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأوقفه بين يديه، فقال له: يا رسول الله، إن جريحا خادم ممسوح. فولى رسول الله (صلى الله عليه و آله) [وجهه إلى الجدار]، فقال: حل لهما نفسك- لعنهما الله- يا جريح، حتى يتبين كذبهما، و خزيهما، و جرأتهما على الله، و على رسوله. فكشف عن أثوابه، فإذا هو خادم ممسوح، فأسقطا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قالا: يا رسول الله، التوبة، استغفر لنا. فقال رسول

__________________________________________________

(1) أي احمر حمرة فيها سواد عند الغضب. «المعجم الوسيط- زبد- 1: 322».

(2) في «ط»: شهوة.

(3) أي لبسه.

(4) العهن: الصوف. «لسان العرب- عهن- 13: 297». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 55

الله (صلى الله عليه و آله): لا تاب الله عليكما، فما ينفعكما استغفاري و معكما هذه الجرأة، فأنزل الله فيهما: الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ» «1».

قلت: قصة جريح مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، و إرسال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليقتله، ذكره السيد المرتضى في كتاب (الغرر و الدرر) «2» و فسر ما يحتاج إلى تفسيره في الخبر، و هذا يعطي أن الحديث من مشاهير الأخبار،

و سيأتي إن شاء الله تعالى في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا «3» أنها نزلت في ذلك.

سورة النور(24): آية 19 ..... ص : 55

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ [19]

7577/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قال في مؤمن ما رأته عيناه، و سمعته أذناه، فهو من الذين قال الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».

7578/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه، بعثه الله في طينة خبال، حتى يخرج مما قال».

قلت: و ما طينة الخبال؟ قال: «صديد يخرج من فروج المومسات».

7579/ [3]- و

عنه: بإسناده عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، الرجل من إخواني يبلغني عنه الشي ء الذي أكرهه، فأسأله عن ذلك، فينكر ذلك، و قد أخبرني عنه قوم ثقات؟ فقال لي: «يا محمد، كذب سمعك و بصرك عن

__________________________________________________

1- الكافي 2: 66/ 2.

2- الكافي 2: 266/ 5.

3- الكافي 8: 147/ 125.

(1) النور 24: 23 و 24.

(2) أمالي المرتضى 1: 77.

(3) الحجرات 49: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 56

أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة، و قالوا لك قولا، فصدقه و كذبهم، لا

تذيعن عليه شيئا تشينه به، و تهدم به مروءته، فتكون من الذين قال الله في كتابه: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ».

7580/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يجب على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة».

7581/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أيوب بن نوح، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، قال: حدثنا محمد بن حمران، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه، و سمعته أذناه، فهو ممن قال الله عز و جل:

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ».

7582/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن الصادق جعفر ابن محمد (عليهما السلام)، قال: «إن من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، و إن البهتان: أن تقول في أخيك ما ليس فيه».

7583/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قال في مؤمن ما رأت عيناه، و ما سمعت أذناه، كان من الذين قال الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ

الْآخِرَةِ».

7584/ [8]- المفيد في (الإختصاص) قال الباقر (عليه السلام): «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال على المنبر: و الله الذي لا إله إلا هو، لا يعذب الله عز و جل مؤمنا بعذاب بعد التوبة و الاستغفار له، إلا بسوء ظنه بالله عز و جل و اغتيابه للمؤمنين».

7585/ [9] و

قال الصادق (عليه السلام): «من قال في مؤمن ما رأته عيناه، و سمعته أذناه، فهو من الذين قال الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 165/ 8.

5- أمالي الصدوق: 276/ 16.

6- معاني الأخبار: 184/ 1.

7- تفسير القمّي 2: 100.

8- الإختصاص: 227.

9- الإختصاص: 227.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 57

سورة النور(24): الآيات 22 الي 26 ..... ص : 57

قوله تعالى:

وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى إلى قوله تعالى- أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ [22- 26]

7586/ [1]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى «و هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه و آله)». وَ الْمَساكِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا يقول: «يعفو بعضكم عن بعض و يصفح، فإذا فعلتم، كانت رحمة من الله لكم، يقول الله: أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ يقول: «الغافلات عن الفواحش».

و قد تقدمت الرواية فيمن نزلت فيه هذه الآية، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ. «1»

قوله تعالى: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ

وَ الْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَ الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ يقول: الخبيثات من الكلام و العمل، للخبيثين من الرجال و النساء، يلزمونهم، و يصدق عليهم من قال، و الطيبون من الرجال و النساء، من الكلام و العمل، للطيبات.

7587/ [2]- الطبرسي: قيل في معناه أقوال- إلى قوله- الثالث:

الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، و الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، و الطيبات من النساء للطيبين من الرجال، و الطيبون من الرجال للطيبات من النساء، عن أبي مسلم، و الجبائي، و هو المروي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام). قالا: «هي مثل قوله: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً «2» الآية، إن أناسا هموا أن يتزوجوا منهن، فنهاهم الله عن ذلك، و كره ذلك لهم».

سورة النور(24): الآيات 27 الي 29 ..... ص : 57

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 100.

2- مجمع البيان 7: 213. [.....]

(1) النور 24: 11.

(2) النور 24: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 58

لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ [27- 29]

7588/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، و محسن بن أحمد، عن أبان الأحمر، عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها، قال: (الاستئناس: وقع النعل، و التسليم».

7589/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: الاستئناس:

هو الاستئذان، ثم

قال: حدثني علي بن الحسين، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الاستئناس: وقع النعل، و التسليم».

7590/ [3]- قال علي بن إبراهيم: ثم رخص الله تعالى، فقال: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ،

قال الصادق (عليه السلام): «هي الحمامات، و الخانات، و الأرحية تدخلها بغير إذن».

سورة النور(24): الآيات 30 الي 31 ..... ص : 58

قوله تعالى:

قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [30- 31]

7591/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة، و كان النساء

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 163/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 101.

3- تفسير القمّي 2: 101.

4- الكافي 5: 521/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 59

يتقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها و هي مقبلة، فلما جازت نظر إليها، و دخل في زقاق قد سماه ببني فلان، فجعل ينظر خلفها، و اعترض وجهه عظم في الحائط، أو زجاجة، فشق وجهه، فلما مضت المرأة، نظر فإذا الدماء تسيل على صدره و ثوبه، فقال: و الله لآتين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لأخبرنه. قال: فأتاه، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال له: ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية:

قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ».

7592/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: «و فرض الله على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه، و أن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له، و هو عمله، و هو من الإيمان، قال الله تبارك و تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم، و أن ينظر المرء إلى فرج أخيه، و يحفظ فرجه أن ينظر إليه، و قال: وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها، و تحفظ فرجها من أن ينظر إليها- و قال- كل شي ء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا، إلا هذه الآية، فإنها من النظر».

7593/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن دراج، عن الفضيل بن يسار، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذراعين من المرأة، أ هما من الزينة التي قال الله تبارك و تعالى: وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ؟

قال: «نعم، و ما دون الخمار من الزينة، و ما دون السوارين».

7594/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن مروك بن عبيد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال:

«الوجه، و القدمان، و

الكفان».

7595/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى:

إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها، قال: «الزينة الظاهرة: الكحل، و الخاتم».

7596/ [6]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها، قال: «الخاتم،

__________________________________________________

2- الكافي 2: 30/ 1.

3- الكافي 5: 520/ 1.

4- الكافي 5: 521/ 2.

5- الكافي 5: 521/ 3.

6- الكافي 5: 521/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 60

و المسكة: و هي القلب» «1».

7597/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كل آية في القرآن في ذكر الفرج فهي من الزنا، إلا هذه الآية فإنها من النظر، فلا يحل للرجل المؤمن أن ينظر إلى فرج أخيه، و لا يحل للمرأة أن تنظر إلى فرج أختها».

7598/ [8]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها قال: «هي الثياب، و الكحل، و الخاتم، و خضاب الكف، و السوار و الزينة ثلاثة: زينة للناس، و زينة للمحرم، و زينة للزوج فأما زينة الناس، فقد ذكرناه، و أما زينة المحرم: فموضع القلادة فما فوقها، و الدملج «2» و ما دونه، و الخلخال و ما أسفل منه، و

أما زينة الزوج: فالجسد كله».

قوله تعالى:

أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ [31]

7599/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد، و يحيى بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم، عن معاوية بن عمار، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) نحوا من ثلاثين رجلا، إذ دخل عليه أبي، فرحب به أبو عبد الله (عليه السلام)، و أجلسه إلى جنبه، فأقبل عليه طويلا، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن لأبي معاوية حاجة، فلو خففتم». فقمنا جميعا، فقال لي أبي: ارجع يا معاوية، فرجعت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هذا ابنك؟». فقال: نعم، و هو يزعم أن أهل المدينة يصنعون شيئا لا يحل لهم. قال: «و ما هو؟» قلت: إن المرأة القرشية و الهاشمية تركب، و تضع يدها على رأس الأسود، و ذراعيها على عنقه. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بني، أما تقرأ القرآن؟». قلت: بلى. قال: «اقرأ هذه الآية: لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَ لا أَبْنائِهِنَّ- حتى بلغ- وَ لا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ «3»- ثم قال- يا بني، لا بأس أن يرى المملوك الشعر و الساق».

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 2: 101.

8- تفسير القمّي 2: 101.

1- الكافي 5: 531/ 2. [.....]

(1) القلب: سوار للمرأة.

(2) الدّملج: المعضد من الحليّ. «لسان العرب- دملج- 2: 276».

(3) الأحزاب 33: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 61

و هذه الآية تأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة الأحزاب.

7600/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن

عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المملوك يرى شعر مولاته و ساقها، قال: «لا بأس».

7601/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن يونس بن عمار و يونس ابن يعقوب، جميعا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يحل للمرأة أن ينظر عبدها إلى شي ء من جسدها، إلا إلى شعرها غير متعمد لذلك».

و

في رواية اخرى: «لا بأس أن ينظر إلى شعرها، إذا كان مأمونا».

7602/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله، و أحمد ابني محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المملوك يرى شعر مولاته، قال: «لا بأس».

7603/ [5]- و

عنه: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ إلى آخر الآية، قال: «الأحمق الذي لا يأتي النساء».

7604/ [6]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألته عن اولي الإربة من الرجال، قال: «الأحمق المولى عليه، الذي لا يأتي النساء».

7605/ [7]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «كان بالمدينة رجلان: يسمى أحدهما هيت،

و الآخر مانع، فقالا لرجل، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يسمع: إذا افتتحتم الطائف إن شاء الله- فعليك بابنة غيلان الثقفية، فإنها شموع «1»، نجلاء «2»، مبتلة «3»، هيفاء «4»، شنباء «5»، إذا جلست

__________________________________________________

2- الكافي 5: 531/ 3.

3- الكافي 5: 531/ 4.

4- الكافي 5: 531/ 1.

5- الكافي 5: 523/ 1.

6- الكافي 5: 523/ 2.

7- الكافي 5: 523/ 3.

(1) الشّموع: الجارية اللّعوب الضّحوك، و قيل: هي المزّاحة الطّيّبة الحديث التي تقبّلك و لا تطاوعك على سوى ذلك. «لسان العرب- شمع- 8:

186».

(2) النجل (بالتحريك): سعة شقّ العين، و الرجل أنجل، و العين نجلاء. «الصحاح- نجل- 5: 1826».

(3) المبتلّة: التامّة الخلق. «لسان العرب- بتل- 11: 43».

(4) الهيف (بالتحريك): رقّة الخصر و ضمور البطن، و امرأة هيفاء: ضامرة. «لسان العرب- هيف- 9: 352».

(5) الشنب: رقّة و برد و عذوبة في الأسنان. «لسان العرب- شنب- 1: 506». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 62

تثنت «1»، و إذا تكلمت تغنت «2»، تقبل بأربع، و تدبر بثمان، بين رجليها مثل القدح. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «لا أراكما من أولي الإربة من الرجال «3». فأمر بهما رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فعزب «4» بهما إلى مكان يقال له العرايا «5»، و كانا يتسوقان في كل جمعة».

7606/ [8]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن السندي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن اولي الإربة من الرجال، قال: «هو الأحمق الذي لا يأتي النساء».

7607/ [9]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن

مسكان، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله «6» (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ إلى آخر الآية، فقال: «الأحمق الذي لا يأتي النساء».

7608/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التابعين غير أولي الإربة من الرجال، قال: «هو الأبله المولى عليه، الذي لا يأتي النساء».

7609/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: هو الشيخ الكبير الفاني، الذي لا حاجة له في النساء، و الطفل الذي لم يظهر على عورات النساء.

قوله تعالى:

وَ لا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [31] 7610/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و لا تضرب إحدى رجليها بالأخرى، لتقرع الخلخال بالخلخال.

__________________________________________________

8- تهذيب الأحكام 7: 468/ 1873.

9- معاني الأخبار: 161/ 1.

10- معاني الأخبار: 162/ 2.

11- تفسير القمّي 2: 102.

1- تفسير القمّي 2: 102.

(1) ثنى الشي ء ثنيا: ردّ بعضه على بعض. «لسان العرب- ثنى- 14: 115». و قال في النهاية: و في حديث المخنّث يصف امرأة: «إذا قعدت تنبّت» أي فرّجت رجليها لضخم ركبها. «النهاية- بنا- 1: 159».

(2) في «ج» و المصدر: غنّت.

(3) أي ما كنت أظنّ أنّكما من اولي الاربة. مرآة العقول: 20: 351.

(4) في المصدر: فغرّب.

(5) العرايا: اسم حصن بالمدينة. «مرآة العقول 20: 351».

(6) في المصدر: أبا جعفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 63

سورة النور(24): آية 32 ..... ص : 63

قوله تعالى:

وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ

[32] 7611/ [1]- علي بن إبراهيم: كانوا في الجاهلية لا ينكحون الأيامى، فأمر الله المسلمين أن ينكحوا الأيامى، ثم قال علي بن إبراهيم: الأيم: التي ليس لها زوج.

7612/ [2]-

محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن محمد بن يوسف التميمي، عن محمد بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من ترك التزويج مخافة العيلة، فقد أساء ظنه بالله عز و جل، إن الله عز و جل يقول: إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ».

7613/ [3]- و

عنه: عن محمد بن علي، عن حمدويه بن عمران، عن ابن أبي ليلى، قال: حدثنا عاصم بن حميد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فأتاه رجل، فشكا إليه الحاجة، فأمره بالتزويج. قال: فاشتدت به الحاجة، فأتى أبا عبد الله (صلوات الله عليه) فسأله عن حاله، فقال له: اشتدت بي الحاجة، قال: «ففارق» ثم أتاه، فسأله عن حاله، فقال: أثريت، و حسن حالي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إني أمرتك بأمرين أمر الله بهما، قال الله عز و جل:

وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ إلى قوله: وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ و قال: وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ» «1».

7614/ [4]- ابن بابويه في (الفقيه) قال: روى محمد بن أبي عمير، عن حريز، عن الوليد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من ترك التزويج مخافة الفقر، فقد أساء الظن بالله عز و جل، إن الله تعالى يقول: إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ».

سورة النور(24): آية 33 ..... ص : 63

قوله تعالى:

وَ

لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [33]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 102.

2- الكافي 5: 330/ 5.

3- الكافي 5: 331/ 6. [.....]

4- من لا يحضره الفقيه 3: 243/ 1.

(1) النساء 4: 130.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 64

7615/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن بعض أصحابه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية ابن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ قال: «يتزوجوا حتى يغنيهم الله من فضله».

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ [33]

7616/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء ابن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ، قال: «الذي أضمرت أن تكاتبه عليه، لا تقول أكاتبه بخمسة آلاف، و أترك له ألفا و لكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه».

و عن قول الله عز و جل فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: «الخير إن علمت أن عنده مالا».

7617/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في المكاتب إذا أدى بعض مكاتبته، فقال: «إن الناس كانوا لا يشترطون، و هم اليوم يشترطون، و المسلمون عند شروطهم، فإن كان شرط عليه أنه إن عجز رجع في الرق، فإن لم يشترط عليه لم يرجع».

و في قول الله

عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: «إذا علمتم أن لهم مالا».

7618/ [4]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قول الله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: إن علمتم أن لهم مالا و دينا».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 331/ 7.

2- الكافي 6: 186/ 7.

3- الكافي 6: 187/ 9.

4- الكافي 6: 187/ 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 65

7619/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قوله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ، قال: «تضع عنه من نجومه «1» التي لم تكن تريد أن تنقصه منها، و لا تزيد فوق ما في نفسك».

فقلت: كم؟ فقال: «وضع أبو جعفر (عليه السلام) عن مملوكه ألفا من ستة آلاف».

و رواه ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده عن محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2».

7620/ [5]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في المكاتب يؤدي بعض مكاتبته، فقال: «إن الناس كانوا لا يشترطون، و هم اليوم يشترطون، و المسلمون عند شروطهم، فإن كان شرط عليه أنه إن عجز رجع، و إن لم يشترط عليه لم يرجع».

و في قول الله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: كاتبوهم إن علمتم لهم مالا».

7621/ [6]- و

عنه: بإسناده

عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: «إن علمتم لهم مالا و دينا».

7622/ [7]- و

عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العلاء، و حماد، عن حريز، جميعا، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ، قال: «الذي أضمرت أن تكاتبه عليه، لا تقول: أكاتبه بخمسة آلاف، و أترك له ألفا، و لكن انظر الذي أضمرت عليه، فأعطه منه».

7623/ [8]- ابن بابويه في (الفقيه): عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً، قال: «الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يكون بيده عمل يكتسب به، أو يكون له حرفة».

7624/ [9]- و

عنه: بإسناده عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ، قال: «سمعت أبي (عليه السلام) يقول: لا يكاتبه على الذي أراد

__________________________________________________

4- الكافي 6: 189/ 17.

5- التهذيب 8: 268/ 975.

6- التهذيب 8: 270/ 984.

7- التهذيب 8: 271/ 986.

8- من لا يحضره الفقيه 3: 87/ 287.

9- من لا يحضره الفقيه 3: 78/ 280.

(1) النّجم هنا: الوقت المعين لأداء دين أو عمل، و يطلق أيضا على ما يؤدّى في هذا الوقت.

(2) من لا يحضره الفقيه 3: 73/ 1. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 66

أن يكاتبه

عليه، ثم يزيد عليه، ثم يضع عنه، و لكنه يضع عنه مما نوى أن يكاتبه عليه».

قوله تعالى:

وَ لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً- إلى قوله تعالى- غَفُورٌ رَحِيمٌ [33] 7625/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كانت العرب و قريش يشترون الإماء، و يجعلون عليهن الضريبة الثقيلة، و يقولون: اذهبن و ازنين و اكتسبن، فنهاهم الله عز و جل عن ذلك، فقال: وَ لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً الى قوله غَفُورٌ رَحِيمٌ أي لا يؤاخذهن الله بذلك إذا اكرهن عليه.

7626/ [2]- ثم

قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «هذه الآية منسوخة، نسختها فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ» «1».

سورة النور(24): آية 35 ..... ص : 66

قوله تعالى:

اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [35]

7627/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن العباس بن هلال، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، فقال: «هاد لأهل السماوات، و هاد لأهل الأرض».

و

في رواية البرقي: «هدى من في السماوات، و هدى من في الأرض».

و

رواه ابن بابويه في كتاب (التوحيد) «2»، و (معاني الأخبار) «3»، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن __________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 102.

2- تفسير القمّي 2: 102.

3- الكافي 1: 89/ 4.

(1) النساء 4: 25.

(2) التوحيد: 155/ 1.

(3) معاني الأخبار: 15: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 67

عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن العباس بن هلال، قال: سألت الرضا (عليه السلام)، مثله.

7628/ [2]- و

عنه: عن علي بن محمد،

و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: «اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فاطمة (عليها السلام)، فِيها مِصْباحٌ الحسن، الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الحسين، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فاطمة (عليها السلام)، كوكب دري بين نساء أهل الدنيا، يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ إبراهيم (عليه السلام)، زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية، و لا نصرانية، يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ يكاد العلم يتفجر منها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد إمام، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي الله للأئمة (عليهم السلام) من يشاء وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ».

قلت: أَوْ كَظُلُماتٍ؟ قال: «الأول و صاحبه يَغْشاهُ مَوْجٌ الثالث، مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ الثاني، بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ معاوية (لعنه الله)، و فتن بني امية، إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ المؤمن في ظلمة فتنهم «1» لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً إماما من ولد فاطمة (عليها السلام) فَما لَهُ مِنْ نُورٍ «2» إمام يوم القيامة».

7629/ [3]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي، و هو قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ، يقول: أنا هادي السماوات و الأرض، مثل العلم الذي أعطيته، و هو

نوري الذي يهتدى به، مثل المشكاة فيها مصباح، و المشكاة: قلب محمد (صلى الله عليه و آله)، و المصباح:

النور الذي فيه العلم.

و قوله: الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ يقول: إني أريد أن أقبضك، فاجعل العلم الذي عندك عند الوصي، كما يجعل المصباح في الزجاجة، كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فأعلمهم فضل الوصي، يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ فأصل الشجرة المباركة إبراهيم (عليه السلام)، و هو قول الله عز و جل: رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ «3»، و هو قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «4» لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يقول لستم بيهود فتصلون قبل المغرب،

__________________________________________________

2- الكافي 1: 151/ 5.

3- الكافي 8: 380/ 574.

(1) في المصدر: فتنتهم.

(2) النور 24: 40.

(3) هود 11: 73.

(4) آل عمران 3: 33 و 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 68

و لا نصارى فتصلون قبل المشرق، و أنتم على ملة إبراهيم (عليه السلام)، و قد قال الله عز و جل: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «1».

و قوله عز و جل: يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يقول: مثل أولادكم الذين يولدون منكم، كمثل الزيت الذي يتخذ «2» من الزيتون، يكاد زيتها يضي ء و لو لم تمسسه نار نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يقول: يكادون أن يتكلموا بالنبوة و لو لم ينزل عليهم ذلك» «3».

7630/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا إبراهيم بن هارون بن الهيتي بمدينة

السلام، قال: حدثني محمد بن أحمد ابن أبي الثلج، قال: حدثنا الحسين بن أيوب، عن محمد بن غالب، عن علي بن الحسين، عن الحسن بن أيوب، عن الحسين بن سليمان، عن محمد بن مروان الذهلي، عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ؟ قال: «كذلك الله عز و جل». قال: قلت: مَثَلُ نُورِهِ؟ قال:

«محمد (صلى الله عليه و آله) قلت: كَمِشْكاةٍ؟ قال: «صدر محمد (صلى الله عليه و آله). قلت: فِيها مِصْباحٌ؟ قال: «فيه نور العلم، يعني النبوة». قلت: الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ؟ قال: «علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) صدر إلى قلب علي (عليه السلام)».

قلت: كَأَنَّها؟ قال: «لأي شي ء تقرأ كأنها؟» فقلت: فكيف، جعلت فداك؟ قال: «كأنه كوكب دري».

قلت: يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ؟ قال: «ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لا يهودي و لا نصراني». قلت: يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ قال: «يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد (عليهم السلام) من قبل أن ينطق به». قلت: نُورٌ عَلى نُورٍ؟ قال: «الإمام في أثر الإمام».

7631/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا إبراهيم بن هارون الهيتي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال:

حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن «4» الزهري قال: حدثنا أحمد بن صبيح، قال: حدثنا ظريف بن ناصح، عن عيسى ابن راشد، عن محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ، قال:

«المشكاة: نور العلم في صدر محمد (صلى الله عليه و آله). الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ، قال: «الزجاجة: صدر علي (عليه السلام)،

صار علم النبي (صلى الله عليه و آله) إلى صدر علي (عليه السلام)». الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ، قال: «نور العلم» لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ، قال: «لا يهودية و لا نصرانية». يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ، قال: «يكاد العالم من آل محمد (عليهم السلام) يتكلم بالعلم قبل أن يسأل». نُورٌ عَلى نُورٍ،

__________________________________________________

4- التوحيد: 157/ 3.

5- التوحيد: 158/ 4. [.....]

(1) آل عمران 3: 67.

(2) في المصدر: يعصر.

(3) في المصدر: ملك.

(4) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: الحسين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 69

قال: «يعني إماما مؤيدا بنور العلم و الحكمة في أثر إمام، من آل محمد (عليهم السلام)، و ذلك من لدن آدم، إلى أن تقوم الساعة».

7632/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أسلم الجبلي، عن الخطاب بن عمر، و مصعب بن عبد الله الكوفيين، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ، قال: «المشكاة: صدر نبي الله (صلى الله عليه و آله)، فيه المصباح، و المصباح: هو العلم، في زجاجة، الزجاجة: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و علم النبي (صلى الله عليه و آله) عنده».

7633/ [7]- و

روى ابن بابويه أيضا مرسلا: عن الصادق (عليه السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ، فقال: «هو مثل ضربه الله عز و جل لنا».

7634/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر

بن محمد، قال: حدثنا محمد بن الحسين الصائغ، قال: حدثنا الحسن بن علي، عن صالح بن سهل الهمداني، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ يقول: «المشكاة: فاطمة (عليها السلام) فِيها مِصْباحٌ المصباح: الحسن و الحسين (عليهما السلام) فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ كأن فاطمة (عليها السلام) كوكب دري بين نساء أهل الأرض، يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ يوقد من إبراهيم (عليه و على نبينا و آله السلام) لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يعني لا يهودية و لا نصرانية، يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ يكاد العلم يتفجر منها، وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد إمام، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي الله الأئمة (عليهم السلام) من يشاء أن يدخله في نور ولايتهم مخلصا وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ».

7635/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، في هذه الآية: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، قال: بدأ بنور نفسه تعالى، مَثَلُ نُورِهِ مثل هداه في قلب المؤمن كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ، و المشكاة: جوف المؤمن، و القنديل: قلبه، و المصباح: النور الذي جعله الله في قلبه: يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ- قال- الشجرة:

المؤمن، زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ على سواء الجبل، لا غربية: أي لا شرق لها، و لا شرقية: أى لا غرب لها، إذا طلعت الشمس عليها، و إذا غربت غربت عليها. يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ يكاد النور الذي جعله الله في قلبه يضي ء،

و لو لم يتكلم نُورٌ عَلى نُورٍ فريضة على فريضة، و سنة على سنة يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ

__________________________________________________

6- التوحيد: 159/ 5.

7- التوحيد: 157/ 2.

8- تفسير القمّي 2: 102.

9- تفسير القمّي 2: 103.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 70

يهدي الله لفرائضه و سننه من يشاء وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ فهذا مثل ضربه الله للمؤمن- ثم قال- فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور. مدخله نور، و مخرجه نور، و علمه نور، و كلامه نور، و مصيره يوم القيامة إلى الجنة نور».

قلت: لجعفر بن محمد (عليهما السلام): جعلت فداك- يا سيدي- إنهم يقولون: مثل نور الرب؟ قال: «سبحان الله! ليس لله مثل، قال الله: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ» «1».

7636/ [10]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن جندب، قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، أسأله عن تفسير هذه الآية، فكتب إلي الجواب: «أما بعد، فإن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان أمين الله في خلقه، فلما قبض النبي (صلى الله عليه و آله)، كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم المنايا، و البلايا، و أنساب العرب، و مولد الإسلام، و ما من فئة «2» تضل مائة و تهدي مائة إلا و نحن نعرف سائقها و قائدها و ناعقها، و إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان، و حقيقة النفاق، و إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم، أخذ الله علينا و عليهم الميثاق، يردون موردنا، و يدخلون مدخلنا، ليس على ملة الإسلام غيرنا و غيرهم إلى يوم القيامة، نحن الآخذون بحجزة نبينا (صلى الله عليه و آله)، و نبينا آخذ بحجزة ربنا، و الحجزة: النور، و شيعتنا آخذون

بحجزتنا، من فارقنا هلك، و من تبعنا نجا، و المفارق لنا، و الجاحد لولايتنا كافر، و متبعنا و تابع أوليائنا مؤمن، لا يحبنا كافر، و لا يبغضنا مؤمن، و من مات و هو يحبنا كان حقا على الله أن يبعثه معنا، نحن نور لمن تبعنا، و هدى لمن اهتدى بنا، و من لم يكن منا فليس من الإسلام في شي ء، و بنا فتح الله الدين، و بنا يختمه، و بنا أطعمكم الله عشب الأرض، و بنا أنزل الله قطر السماء، و بنا آمنكم الله من الغرق في بحركم، و من الخسف في بركم، و بنا نفعكم الله في حياتكم، و في قبوركم، و في محشركم، و عند الصراط، و عند الميزان، و عند دخول الجنة.

مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة، و المشكاة في القنديل، فنحن المشكاة فيها مصباح، المصباح: محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله): الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ من عنصره الطاهر الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا دعية، و لا منكرة، يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ القرآن نُورٌ عَلى نُورٍ إمام بعد إمام، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ فالنور علي (عليه السلام)، يهدي الله لولايتنا من أحب، و حق على الله أن يبعث ولينا مشرقا وجهه، منيرا برهانه، ظاهرة عند الله حجته حق على الله أن يجعل أولياءنا المتقين مع الصديقين «3» و الشهداء و الصالحين، و حسن أولئك رفيقا، فشهداؤنا لهم فضل على الشهداء بعشر درجات، و لشهيد شيعتنا فضل على كل شهيد غيرنا بتسع درجات.

فنحن النجباء، و نحن أفراط

الأنبياء، و نحن أولاد الأوصياء، و نحن المخصوصون في كتاب الله، و نحن أولى

__________________________________________________

10- تفسير القمّي 2: 104.

(1) النحل 16: 74.

(2) كذا، و الظاهر: فتنة.

(3) في «ج، ي، ط»: المتقين و الصديقين، و في البحار 23: 307/ 4: أولياءنا مع النبيّين و الصديقين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 71

الناس برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن الذين شرع الله لنا دينه، فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى قد علمنا و بلغنا ما علمنا، و استودعنا علمهم، و نحن ورثة الأنبياء، و نحن ورثة اولي العلم، و اولي العزم من الرسل، أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ كما قال الله: وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ من أشرك بولاية علي (عليه السلام) ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي (عليه السلام) يا محمد، يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ «1» من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)، و قد بعثت بكتاب فيه هدى، فتدبره و افهمه، فإنه شفاء لما في الصدور».

7637/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، عن إدريس بن زياد الحناط، عن أبي عبد الله أحمد بن عبد الله الخراساني، عن يزيد بن إبراهيم، عن أبي حبيب النباجي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، أنه قال: «مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة، فنحن المشكاة، و المشكاة: الكوة فِيها مِصْباحٌ و الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ و الزجاجة محمد (صلى الله عليه و آله) كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ- قال- علي (عليه السلام)، زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ

لا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ القرآن يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي لولايتنا من أحب».

7638/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، قال:

حدثنا أصحابنا أن أبا الحسن (عليه السلام) كتب إلى عبد الله بن جندب قال: «قال علي بن الحسين (عليهما السلام): إن مثلنا في كتاب الله كمثل المشكاة، و المشكاة في القنديل، فنحن المشكاة فِيها مِصْباحٌ و المصباح:

محمد (صلى الله عليه و آله) الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ نحن الزجاجة يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ علي (عليه السلام) زَيْتُونَةٍ معروفة، لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا منكرة و لا دعية يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ القرآن عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ بأن يهدي من أحب إلى ولايتنا».

7639/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا العباس بن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات، قال: حدثني أبي، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، بإسناده إلى صالح بن سهل الهمداني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ، قال: «الحسن (عليه السلام) الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الحسين (عليه السلام)، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فاطمة (عليها السلام) كوكب دري بين نساء أهل الجنة يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ إبراهيم (عليه السلام)، زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية» يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ أي يكاد العلم يتفجر منها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد

__________________________________________________

11- تأويل الآيات 1:

359/ 5.

12- تأويل الآيات 1: 360/ 6. [.....]

13- تأويل الآيات 1: 360/ 7.

(1) الشورى 42: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 72

إمام، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي الله للأئمة (عليهم السلام) من يشاء وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ».

7640/ [14]- المفيد في (الإختصاص): عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ «فهو محمد (صلى الله عليه و آله)، فِيها مِصْباحٌ و هو العلم الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزجاجة: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و علم نبي الله عنده».

7641/ [15]- الطبرسي، قال: روي عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: «نحن المشكاة فيها، و المصباح محمد (صلى الله عليه و آله)، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي الله لولايتنا من أحب».

7642/ [16]- و

من طريق المخالفين، ما رواه ابن المغازلي الشافعي في كتاب (المناقب) يرفعه إلى علي بن جعفر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ، قال: «المشكاة:

فاطمة (عليها السلام)، و المصباح: الحسن و الحسين (عليهما السلام)، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، قال: «كانت فاطمة (عليها السلام) كوكبا دريا بين نساء العالمين». يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ، قال: «الشجرة المباركة إبراهيم (عليه السلام)» لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ، قال: «لا يهودية و لا نصرانية». يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ، قال: «كاد العلم أن ينطق منها» وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ، قال: «منها إمام بعد إمام». يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ، قال: «يهدي الله عز و

جل لولايتنا من يشاء».

7643/ [17]- روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخلت إلى مسجد الكوفة، و أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) يكتب بإصبعه و يتبسم، فقلت له: يا أمير المؤمنين، ما الذي يضحكك؟ فقال: «عجبت لمن يقرأ هذه الآية و لم يعرفها حق معرفتها». فقلت له: أي آية، يا أمير المؤمنين؟

فقال: «قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ، المشكاة: محمد (صلى الله عليه و آله)، فِيها مِصْباحٌ، أنا المصباح. فِي زُجاجَةٍ الزجاجة الحسن و الحسين (عليهما السلام)، كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ و هو علي بن الحسين (عليه السلام)، يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ محمد بن علي (عليه السلام)، زَيْتُونَةٍ جعفر بن محمد (عليه السلام) لا شَرْقِيَّةٍ موسى بن جعفر (عليه السلام)، وَ لا غَرْبِيَّةٍ علي بن موسى (عليه السلام)، يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ محمد بن علي (عليه السلام)، وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ علي بن محمد (عليه السلام)، نُورٌ عَلى نُورٍ الحسن ابن علي (عليه السلام)، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ القائم المهدي (عليه السلام) وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ».

__________________________________________________

14- الاختصاص: 278.

15- مجمع البيان 7: 226.

16- مناقب ابن المغازلي: 316/ 361.

17- ...، غاية المرام: 317، اللوامع النورانية: 247.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 73

سورة النور(24): الآيات 36 الي 38 ..... ص : 73

قوله تعالى:

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ [36- 38]

7644/ [1]- علي بن إبراهيم، في آخر رواية عبد الله بن جندب، في مكاتبته إلى أبي الحسن (عليه السلام)، و قد تقدمت في قوله

اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إلى قوله تعالى: بِغَيْرِ حِسابٍ «1» و أنها في أهل البيت، قال: و الدليل على أن هذا مثل لهم، قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ- إلى قوله تعالى- بِغَيْرِ حِسابٍ.

7645/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا القاسم بن الربيع، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، قال: «هي بيوت الأنبياء، و بيت علي (عليه السلام) منها».

7646/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا، و لا تعرفون حتى تصدقوا، و لا تصدقون حتى تسلموا، أبوابا أربعة، لا يصلح أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة و تاهوا تيها بعيدا، إن الله تبارك و تعالى لا يقبل إلا العمل الصالح، و لا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط و العهود، فمن وفى لله عز و جل بشرطه، و استعمل ما وصف في عهده، نال ما عنده، و استكمل ما وعده.

إن الله تبارك و تعالى أخبر العباد بطرق الهدى، و شرع لهم فيها المنار، و أخبرهم كيف يسلكون، فقال:

وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «2»، و قال: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ «3» فمن اتقى الله فيما أمره، لقي

الله مؤمنا بما جاء به محمد (صلى الله عليه و آله).

هيهات هيهات، فات قوم و ماتوا قبل أن يهتدوا، فظنوا أنهم آمنوا، و أشركوا من حيث لا يعلمون، إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى، و من أخذ في غيرها سلك طريق الردى، و صل الله طاعة ولي أمره بطاعة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 105.

2- تفسير القمّي 2: 103.

3- الكافي 1: 139/ 6.

(1) تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآية (35) من هذه السورة.

(2) طه 20: 82.

(3) المائدة 5: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 74

رسوله (صلى الله عليه و آله)، و طاعة رسوله (صلى الله عليه و آله) بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله و لا رسوله، و هو الإقرار بما انزل من عند الله عز و جل، خذوا زينتكم عند كل مسجد، و التمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه، فإنه أخبركم أنهم: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ.

إن الله قد استخلص الرسل لأمره، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره، فقال: وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ «1» تاه من جهل، و اهتدى من أبصر و عقل، إن الله عز و جل يقول: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ «2»، و كيف يهتدي من لم يبصر. و كيف يبصر من لم يتدبر؟

اتبعوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أهل بيته، و أقروا بما أنزل الله، و اتبعوا آثار «3» الهدى، فإنهم علامات الأمانة و التقى، و اعلموا أنه لو أنكر رجل

عيسى بن مريم (عليه السلام) و أقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا الطريق بالتماس المنار، و التمسوا من وراء الحجب الآثار، تستكملوا أمر دينكم، و تؤمنوا بالله ربكم».

7647/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت جالسا في مسجد الرسول (صلى الله عليه و آله)، إذ أقبل رجل فسلم، فقال: من أنت، يا عبد الله؟ فقلت: رجل من أهل الكوفة، فما حاجتك؟ فقال لي: أتعرف أبا جعفر محمد بن علي؟ فقلت:

نعم، فما حاجتك إليه؟ قال: هيأت له أربعين مسألة أسأله عنها، فما كان من حق أخذته، و ما كان من باطل تركته.

قال أبو حمزة: فقلت له: هل تعرف ما بين الحق و الباطل؟ قال: نعم. قلت: فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين الحق و الباطل؟ فقال لي: يا أهل الكوفة، أنتم قوم ما تطاقون، إذا رأيت أبا جعفر فأخبرني، فما انقطع كلامه «4» حتى أقبل أبو جعفر (عليه السلام)، و حوله أهل خراسان و غيرهم، يسألونه عن مناسك الحج، فمضى حتى جلس مجلسه، و جلس الرجل قريبا منه. قال أبو حمزة: فجلست حيث أسمع الكلام، و حوله عالم من الناس، فلما قضى حوائجهم و انصرفوا، التفت إلى الرجل، فقال له: «من أنت؟» قال: أنا قتادة بن دعامة البصري، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أنت فقيه أهل البصرة؟» قال: نعم.

فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ويحك يا قتادة، إن الله عز و جل خلق خلقا من خلقه، فجعلهم حججا على خلقه، فهم أوتاد في أرضه، قوام بأمره، نجباء «5» في علمه، اصطفاهم قبل خلقه

أظلة عن يمين عرشه».

قال: فسكت قتادة طويلا، ثم قال: أصلحك الله، و الله لقد جلست بين يدي الفقهاء، و قدام ابن عباس، فما

__________________________________________________

4- الكافي 6: 256/ 1.

(1) فاطر 35: 24. [.....]

(2) الحج 22: 46.

(3) كأنّه أراد به: إن لم يتيسّر لكم الوصول إلى الإمام، فالتمسوا آثاره، الوافي 2: 85.

(4) في المصدر: كلامي معه.

(5) النّجابة: النّباهة و ظهور الفضل على المثل. «المعجم الوسيط- نجب- 2: 901».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 75

اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ويحك أ تدري أين أنت؟ أنت بين يدي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ فأنت ثم، و نحن أولئك». فقال له قتادة: صدقت و الله، جعلني الله فداك، و الله ما هي بيوت حجارة و لا طين.

قال قتادة: فأخبرني عن الجبن. قال: فتبسم أبو جعفر (عليه السلام)، ثم قال: «رجعت مسائلك إلى هذا!» فقال:

ضلت عني، فقال: «لا بأس به». فقال: إنه ربما جعلت فيه إنفحة «1» الميت. فقال: «ليس بها بأس، إن الإنفحة ليس فيها عروق، و لا فيها دم، و لا لها عظم، إنما تخرج من بين فرث و دم- ثم قال- و إن الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة أخرجت منها بيضة، فهل تؤكل تلك البيضة؟» فقال قتادة: لا، و لا آمر بأكلها، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و لم؟» قال:

لأنها من الميتة. قال له: «فإن حضنت تلك البيضة، فخرجت منها دجاجة، أ تأكلها؟» قال: نعم. قال: «فما حرم عليك البيضة، و حلل لك الدجاجة؟»- ثم قال

(عليه السلام)- فكذلك الإنفحة مثل البيضة، فاشتر الجبن من أسواق المسلمين، من أيدي المصلين، و لا تسأل عنه، إلا أن يأتيك من يخبرك عنه».

7648/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أسباط بن سالم، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فسألنا عن عمر بن مسلم، ما فعل؟ فقلت: صالح، و لكنه قد ترك التجارة. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «عمل الشيطان- ثلاثا- أما علم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) اشترى عيرا أتت من الشام، فاستفضل فيها ما قضى دينه، و قسم في قرابته؟ يقول الله عز و جل: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ- إلى آخر الآية- يقول القصاص: إن القوم لم يكونوا يتجرون كذبوا، و لكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها، و هو أفضل ممن حضر الصلاة و لم يتجر.

7649/ [6]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن بشار، عن رجل، رفعه، في قول الله عز و جل: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، قال: «هم التجار الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله عز و جل، إذا دخلت مواقيت الصلاة، أدوا إلى الله حقه فيها».

7650/ [7]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن أبي العباس عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد بياع السابري، عن أبان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ، قال: «هي بيوت النبي (صلى الله عليه و

آله)».

__________________________________________________

5- الكافي 5: 75/ 8.

6- الكافي 5: 154/ 21.

7- الكافي 8: 331/ 510.

(1) الإنفحة: جزء من معدة صغار العجول و الجداء و نحوهما، و مادّة خاصة تستخرج من الجزء الباطني من معدة الرضيع من العجول أو الجداء أو نحوهما، بها خميرة تجبّن اللبن. «المعجم الوسيط- نفح- 2: 938».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 76

7651/ [8]- محمد بن العباس، قال: حدثنا المنذر بن محمد القابوسي، قال: حدثنا أبي، عن عمه، عن أبيه، عن أبان بن تغلب، عن نفيع بن الحارث، عن أنس بن مالك، و عن بريدة، قالا: قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ فقام إليه رجل، فقال: أي بيوت هذه، يا رسول الله؟ قال: «بيوت الأنبياء». فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها؟ و أشار إلى بيت علي و فاطمة (عليهما السلام): قال: «نعم، من أفضلها».

7652/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي، عن أبيه، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن عبد الحميد، عن محمد بن الفضيل، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، قال: «بيوت محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم بيوت علي (عليه السلام) منها».

7653/ [10]- و

عنه: عن محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ،

قال: «بيوت آل محمد، بيت علي و فاطمة و الحسن و الحسين و حمزة و جعفر (صلوات الله عليهم أجمعين)».

قلت: بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ؟ قال: «الصلاة في أوقاتها» قال: «ثم وصفهم الله عز و جل، فقال: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ، قال:

«هم الرجال، لم يخلط الله معهم غيرهم. ثم قال: لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ» قال: «ما اختصهم به من المودة، و الطاعة المفروضة، و صير مأواهم الجنة وَ اللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

7654/ [11]- الشيخ البرسي، قال: روي عن ابن عباس، أنه قال: كنت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد قرأ القارئ: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ، فقلت: يا رسول الله، ما البيوت؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بيوت الأنبياء (عليهم السلام) و أومأ بيده إلى بيت فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) ابنته.

7655/ [12]- علي بن عيسى في (كشف الغمة): عن أنس، و بريدة، قالا: قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ إلى قوله: الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ فقام رجل، فقال: أي بيوت هذه، يا رسول الله؟ قال: «بيوت الأنبياء» فقال أبو بكر: يا رسول الله، هذا البيت منها؟ يعني بيت علي و فاطمة (عليهما السلام)، قال: «نعم، من أفاضلها».

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 1: 362/ 8، شواهد التنزيل 1: 410/ 567 و 568، الدر المنثور 6: 203، روح المعاني 18: 174.

9- تأويل الآيات 1:

362/ 9.

10- تأويل الآيات 1: 362/ 10.

11- ... لم يرد في مشارق أنوار اليقين، و أخرجه ابن شاذان في الفضائل: 103.

12- كشف الغمة 1: 319.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 77

7656/ [13]- ابن شهر آشوب: عن تفسير مجاهد، و أبي يوسف يعقوب بن سفيان «1» قال ابن عباس، في قوله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً «2»: إن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجار الزيت، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فمضى «3» الناس إليه، إلا علي و الحسن و الحسين و فاطمة (عليها الصلاة و السلام) و سلمان و أبو ذر و المقداد و صهيب، و تركوا النبي (عليه السلام) قائما يخطب على المنبر، فقال النبي (عليه السلام): «لقد نظر الله يوم الجمعة إلى مسجدي، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت المدينة على أهلها نارا، و حصبوا «4» بالحجارة، كقوم لوط» و نزل فيهم: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ.

7657/ [14]- و

من طريق المخالفين: قال الثعلبي، في تفسير قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ الآية، يرفع الإسناد إلى أنس بن مالك، قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله) هذه الآية، فقام رجل إليه، فقال: يا رسول الله، أي بيوت هذه؟ قال: «بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها؟

يعني بيت علي و فاطمة، قال: «نعم، من أفاضلها».

7658/ [15]- الطبرسي، في معنى الآية، قال: روي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أنهم قوم إذا حضرت الصلاة، تركوا التجارة، و انطلقوا إلى الصلاة، و هم أعظم أجرا ممن يتجر».

سورة النور(24): آية 39 ..... ص : 77

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً- إلى قوله تعالى- سَرِيعُ الْحِسابِ [39] 7659/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ضرب الله مثلا لأعمال من نازعهم- يعني عليا و ولده و الأئمة (عليهم السلام)- فقال:

__________________________________________________

13- مناقب ابن شهر آشوب 2: 146. [.....]

14- تفسير الثعلبي: 210، العمدة: 291/ 478.

15- مجمع البيان 7: 227.

1- تفسير القمّي 2: 105.

(1) في «ط»: سفين، و في «ج، ي» و المصدر: يعقوب بن أبي سفيان، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع سير أعلام النبلاء 13: 180، تهذيب التهذيب 11: 385.

(2) الجمعة 62: 11.

(3) في المصدر: فانفضّ.

(4) حصبه: رماه بالحصباء، و هي الحصى. «لسان العرب- حصب- 1: 318».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 78

- وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ و السراب: هو الذي تراه في المفازة يلمع من بعيد، كأنه الماء، و ليس في الحقيقة شي ء، فإذا جاء العطشان، لم يجده شيئا، و القيعة: المفازة المستوية.

7660/ [2]- شرف الدين النجفي: عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية، فقال: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بنو امية أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً و الظمآن: نعثل، فينطلق بهم، فيقول أوردكم الماء حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَ اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ».

7661/ [3]- ابن شهر آشوب: كتب ملك الروم إلى معاوية يسأله عن خصال، فكان فيما سأله: أخبرني عن لا شي ء. فتحير، فقال عمرو بن العاص: وجه فرسا فارها «1» إلى معسكر علي ليباع، فإذا قيل للذي هو معه: بكم؟

يقول: بلا شي ء، فعسى أن تخرج المسألة فجاء الرجل إلى عسكر علي (عليه السلام)،

إذ مر به علي (عليه السلام)، و معه قنبر، فقال: «يا قنبر، ساومه». فقال: بكم الفرس؟ قال: بلا شي ء. فقال: «يا قنبر، خذ منه». قال: أعطني لا شي ء، فأخرجه إلى الصحراء، و أراه السراب، فقال: «ذاك لا شي ء». قال: «اذهب فخبره» قال: و كيف قلت؟ قال: «أما سمعت الله تعالى يقول: يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً؟».

7662/ [4]- المفيد في (الاختصاص): عن سماعة، قال: سأل رجل أبا حنيفة عن الشي ء، و عن لا شي ء، و عن الذي لا يقبل الله غيره، فأخبر عن الشي ء، و عجز عن لا شي ء، فقال: اذهب بهذه البغلة إلى إمام الرافضة، فبعها منه بلا شي ء، و اقبض الثمن، فأخذ بعذارها «2»، و أتى بها أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «استأمر أبا حنيفة في بيع هذه البغلة» قال: قد أمرني ببيعها. قال: «بكم»؟ قال: بلا شي ء. قال له: «ما تقول؟» قال: الحق أقول.

فقال: «قد اشتريتها منك بلا شي ء» قال: و أمر غلامه أن يدخله المربط، قال: فبقي محمد بن الحسن ساعة ينتظر الثمن، فلما أبطأه الثمن، قال: جعلت فداك، الثمن؟ قال: «الميعاد إذا كان الغداة»، فرجع إلى أبي حنيفة، فأخبره، فسر بذلك و رضيه منه. فلما كان من الغد وافى أبو حنيفة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «جئت لتقبض الثمن، لا شي ء؟» قال: نعم. قال: «و لا شي ء ثمنها؟» قال: نعم. فركب أبو عبد الله (عليه السلام) البغلة، و ركب أبو حنيفة بعض الدواب، فتصحرا جميعا، فلما ارتفع النهار، نظر أبو عبد الله (عليه السلام) إلى السراب يجري، قد ارتفع كأنه الماء الجاري، فقال أبو عبد الله: (عليه السلام) «يا

أبا حنيفة، ماذا عند الميل «3»، كأنه يجري؟» قال: ذاك الماء، يا ابن رسول الله.

فلما وافيا الميل، وجداه أمامهما، فتباعد، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «اقبض ثمن البغلة، قال الله تعالى

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 363/ 12.

3- مناقب ابن شهر آشوب 2: 382.

4- الاختصاص: 190.

(1) دابة فارهة: أي نشيطة قوية. «مجمع البحرين- فره- 6: 355».

(2) العذار: الذي يضم حبل الخطام إلى رأس البعير و الناقة. «لسان العرب- عذر- 4: 550».

(3) الميل: جمع أميل، و هو عقدة من الرمل ضخمة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 79

كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ» قال: فخرج أبو حنيفة إلى أصحابه كئيبا حزينا، فقالوا له: مالك، يا أبا حنيفة؟ قال: ذهبت البغلة هدرا، و كان قد اعطي بالبغلة عشرة آلاف درهم.

سورة النور(24): آية 40 ..... ص : 79

قوله تعالى:

أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ [40]

7663/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قلت: أَوْ كَظُلُماتٍ؟ قال: «الأول و صاحبه يَغْشاهُ مَوْجٌ الثالث، مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ معاوية (لعنه الله)، و فتن بني امية إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ المؤمن في ظلمة فتنهم لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً إماما من ولد

فاطمة (عليها السلام) فَما لَهُ مِنْ نُورٍ إمام يوم القيامة».

7664/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسين الصائغ، عن الحسن بن علي، عن صالح بن سهل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، في قول الله:

أَوْ كَظُلُماتٍ فلان و فلان فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ يعني نعثل، مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ طلحة و الزبير ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ معاوية و يزيد و فتن بني امية، إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ المؤمن في ظلمة فتنهم لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً يعني إماما من ولد فاطمة (عليها السلام) فَما لَهُ مِنْ نُورٍ من إمام يوم القيامة يمشي بنوره، كما في قوله: نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ «1»- قال- إنما المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم في الجنة».

7665/ [3]- و

عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الحكم و حمران «2»، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ قال: «فلان و فلان» يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ،

__________________________________________________

1- الكافي 1: 151/ 5. [.....]

2- تفسير القمي 2: 106.

3- تأويل الآيات 1: 365/ 15.

(1) التحريم 66: 8.

(2) في «ط، ج، ي»: الحكيم بن حمران، و في المصدر: الحكم بن حمران، و الصحيح ما أثبتناه، راجع معجم رجال الحديث 4: 254.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 80

قال: «أصحاب الجمل، و صفين، و النهروان» مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ، قال: «بنو امية» إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) في ظلماتهم لَمْ يَكَدْ يَراها

أي إذا نطق بالحكمة بينهم، لم يقبلها منهم أحد إلا من أقر بولايته، ثم بإمامته، وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً أي من لم يجعل الله له إماما في الدنيا فَما لَهُ في الآخرة مِنْ نُورٍ إمام يرشده، و يتبعه إلى الجنة».

سورة النور(24): آية 41 ..... ص : 80

اشارة

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ [41]

7666/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبي الحسن الشعيري، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، و الله إن في كتاب الله عز و جل لآية قد أفسدت علي قلبي، و شككتني في ديني؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «ثكلتك أمك و عدمتك، و ما تلك الآية؟» قال: قول الله عز و جل: وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا ابن الكواء، إن الله تبارك و تعالى خلق الملائكة في صور شتى، إلا أن لله تبارك و تعالى ملكا في صورة ديك أبح أشهب، براثنه «1» في الأرض السابعة السفلى، و عرفه مثني، تحت العرش، له جناحان: جناح في المشرق، و جناح في المغرب، واحد من نار، و الآخر من ثلج، فإذا حضر وقت الصلاة، قام على براثنه، ثم رفع عنقه من تحت العرش، ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في

منازلكم، فلا الذي من النار يذيب الثلج، و لا الذي من الثلج يطفئ النار، فينادي: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا سيد النبيين، و أن وصيه سيد الوصيين، و أن الله سبوح قدوس، رب الملائكة و الروح- قال- فتخفق الديكة بأجنحتها في منازلكم، فتجيبه عن قوله، و هو قوله عز و جل: وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ من الديكة في الأرض».

7667/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الأسواري، قال: حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه

__________________________________________________

1- التوحيد: 282/ 10.

2- التوحيد: 279/ 4.

(1) البراثن جمع برثن: مخطب الطائر، انظر «المعجم الوسيط 1: 46».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 81

البردعي، قال: أخبرنا عدي بن أحمد بن عبد الباقي أبو عمير بأذنة «1»، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء «2»، قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس، قال: حدثني أبي، عن وهب، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ديكا، رجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، و رأسه عند العرش، ثاني عنقه تحت العرش، و ملك من ملائكة الله عز و جل خلقه الله تبارك و تعالى، و رجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، مضى مصعدا فيها مد الأرضين، حتى خرج منها إلى عنان السماء، ثم مضى فيها مصعدا، حتى انتهى قرنه إلى العرش، و هو يقول: سبحانك ربي.

و إن لذلك الديك جناحين، إذا نشرهما جاوز المشرق و المغرب، فإذا كان في آخر الليل، نشر جناحيه، و خفق بهما، و صرخ بالتسبيح، يقول: سبحان الله الملك القدوس، سبحان الكبير المتعال القدوس، لا إله

إلا هو الحي القيوم، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض، و خفقت بأجنحتها، و أخذت في الصراخ، فإذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت الديكة في الأرض، فإذا كان في بعض السحر نشر جناحيه، فجاوز المشرق و المغرب، و خفق بهما، و صرخ بالتسبيح: سبحان الله العظيم، سبحان الله العزيز القهار، سبحان الله ذي العرش المجيد، سبحان الله رب العرش الرفيع، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض، فإذا هاج هاجت الديكة في الأرض، تجاوبه بالتسبيح و التقديس لله عز و جل، و لذلك الديك ريش أبيض كأشد بياض، ما رأيته قط، و له زغب أخضر تحت ريشه الأبيض، كأشد خضرة ما رأيتها قط، فما زلت مشتاقا إلى أن أنظر إلى ريش ذلك الديك»

7668/ [3]- و

عنه، بهذا الإسناد: عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ملكا من الملائكة، نصف جسده الأعلى نار، و نصفه الأسفل ثلج، فلا نار تذيب الثلج، و لا الثلج يطفئ النار، و هو قائم ينادي بصوت له رفيع: سبحان الله الذي كف حر هذه النار، فلا تذيب هذا الثلج، و كف برد هذا الثلج، فلا يطفئ حر هذه النار، اللهم يا مؤلفا بين الثلج و النار، ألف بين قلوب عبادك المؤمنين على طاعتك».

7669/ [4]- و

عنه: بهذا الإسناد، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ملائكة ليس شي ء من أطباق أجسادهم إلا و هو يسبح الله عز و جل و يحمده من ناحيته، بأصوات مختلفة، لا يرفعون رؤوسهم إلى السماء، و لا يخفضونها إلى أقدامهم، من البكاء و الخشية لله عز و جل».

7670/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن

أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن عبد الله بن حماد، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل في السماء بحار؟ قال: «نعم، أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن في

__________________________________________________

3- التوحيد: 280/ 5.

4- التوحيد: 280/ 6.

5- التوحيد: 281/ 9.

(1) أذنة: مدينة بالشام. «الروض المعطار: 20».

(2) في «ج»: أحمد بن البراء، و في «ي، ط»: أحمد بن محمد البراء، و في المصدر: أحمد بن محمّد بن البراء، راجع تاريخ بغداد 1: 281.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 82

السماوات السبع بحارا، عمق أحدها مسيرة خمسمائة عام، فيها ملائكة قيام منذ خلقهم الله عز و جل، و الماء إلى ركبهم، ليس فيهم ملك إلا و له ألف و أربعمائة جناح، في كل جناح أربعة وجوه، في كل وجه أربعة ألسن، ليس فيها جناح، و لا وجه، و لا لسان، و لا فم، إلا و هو يسبح الله عز و جل بتسبيح لا يشبه نوع منه صاحبه».

7671/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن بعض أصحابه، يرفعه إلى الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن لله ملكا في صورة الديك الأملح الأشهب، براثنه في الأرض السابعة، و عرفه تحت العرش، له جناحان: جناح بالمشرق، و جناح بالمغرب، فأما الجناح الذي بالمشرق فمن ثلج، و أما الجناح الذي بالمغرب فمن نار، فكلما حضر وقت الصلاة، قام على براثنه، و رفع عرفه من تحت العرش، ثم أمال أحد جناحيه على الآخر «1»، يصفق بهما كما تصفق الديكة في منازلكم،

فلا الذي من الثلج يطفئ النار، و لا الذي من النار يذيب الثلج، ثم ينادي بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله خاتم النبيين، و أن وصيه خير الوصيين، سبوح قدوس، رب الملائكة و الروح، فلا يبقى في الأرض ديك إلا أجابه، و ذلك قوله وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ».

7672/ [7]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن صديق بن عبد الله، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من طير يصاد، في بر و لا بحر، و لا يصاد شي ء من الوحش إلا بتضييعه التسبيح».

7673/ [8]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن علي بن النعمان، عن إسحاق، قال: حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما ضاع مال في بر، و لا في بحر إلا بتضييع الزكاة، و لا يصاد من الطير إلا ما ضيع تسبيحه».

7674/ [9]- و

عنه: عن أبي عبد الله العاصمي، عن علي بن الحسن الميثمي، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، عن سالم مولى أبان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما من طير يصاد، إلا بتركه التسبيح، و ما من مال يصاب، إلا بترك الزكاة».

باب في عظمة الله جل جلاله ..... ص : 82

7675/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا، قال:

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 106.

7- تفسير القمّي 2: 107. [.....]

8- الكافي 3: 505/ 15.

9- الكافي 3: 505/ 18.

1- التوحيد: 277/ 3.

(1) في المصدر: على

الأرض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 83

حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن نصر بن مزاحم المنقري، عن عمرو بن سعد، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن أبي منصور، عن زيد بن وهب، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قدرة الله جلت عظمته، فقام خطيبا فحمد الله، و أثنى عليه، ثم قال: «إن لله تبارك و تعالى ملائكة، لو أن ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته، لعظم خلقه، و كثرة أجنحته، و منهم من لو كلفت الجن و الإنس» أن يصفوه ما وصفوه، لبعد ما بين مفاصله، و حسن تركيب صورته، و كيف يوصف من ملائكته من سبع مائة عام ما بين منكبه و شحمة اذنه؟ و منهم من يسد الأفق بجناح من أجنحته، دون عظم بدنه، و منهم من السماوات إلى حجزته، و منهم من قدمه على غير قرار في جو الهواء الأسفل، و الأرضون إلى ركبتيه، و منهم من لو القي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها، و منهم من لو ألقيت السفن في دموع عينيه، لجرت دهر الداهرين؟ فتبارك الله أحسن الخالقين».

و سئل (عليه السلام) عن الحجب، فقال: «أول الحجب سبعة: غلظ كل حجاب مسيرة خمس مائة عام، بين كل حجابين منها مسيرة خمس مائة عام، و الحجاب الثاني: سبعون حجابا، بين كل حجابين منها مسيرة خمس مائة عام، و طوله خمس مائة عام، حجبة كل حجاب منها سبعون ألف ملك، قوة كل ملك منهم قوة الثقلين، منها ظلمة، و منها نور، و منها نار، و منها دخان و منها سحاب، و منها برق، و منها مطر، و منها رعد، و منها ضوء، و

منها رمل، و منها جبل، و منها عجاج، و منها ماء، و منها أنهار، و هي حجب مختلفة، غلظ كل حجاب مسيرة سبعين ألف عام.

ثم سرادقات الجلال: و هي سبعون سرادقا، في كل سرادق سبعون ألف ملك، بين كل سرادق و سرادق مسيرة خمس مائة عام، ثم سرادق العز، ثم سرادق الكبرياء، ثم سرادق العظمة، ثم سرادق القدس، ثم سرادق الجبروت، ثم سرادق الفخر، ثم النور الأبيض، ثم سرادق الوحدانية: و هو مسيرة سبع مائة ألف عام «1»، ثم الحجاب الأعلى». و انقضى كلامه (عليه السلام) و سكت، فقال له عمر: لا بقيت ليوم لا أراك فيه، يا أبا الحسن.

7676/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن زياد القندي، عن درست، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ملك، بعد ما بين شحمة اذنه إلى عنقه مسيرة خمس مائة عام خفقان الطير».

7677/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن يونس بن يعقوب، عن عمرو بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن لله تبارك و تعالى ملائكة، أنصافهم من برد، و أنصافهم من نار، يقولون: يا مؤلفا بين البرد و النار، ثبت قلوبنا على طاعتك».

__________________________________________________

2- التوحيد: 281/ 8.

3- التوحيد: 282/ 11.

(1) في المصدر: مسيرة سبعين ألف عام في سبعين ألف عام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 84

7678/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن

الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن حملة العرش ثمانية، لكل واحد منهم ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا».

7679/ [5]- و عن كعب- في حديث يذكر فيه مولد النبي (صلى الله عليه و آله)، عند معاوية، و ما فيه من الدلالات و الكرامات، و الحديث طويل- قال كعب فيه: و لقد بني في الجنة ليلة مولده سبعون ألف قصر من ياقوتة حمراء، و سبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب، و قيل: هذه قصور الولادة، و نجدت «1» الجنان، و قيل لها: اهتزي و تزيني، فإن نبي أوليائك قد ولد، فضحكت الجنة يومئذ، فهي ضاحكة إلى يوم القيامة.

و بلغني أن حوتا من حيتان البحر، يقال له: طموسا «2»- و هو سيد الحيتان- له سبع مائة ألف ذنب، يمشي على ظهره سبع مائة ألف ثور، الواحد أكبر من الدنيا، لكل ثور «3» سبع مائة ألف قرن من زمرد أخضر، لا يشعر بهن، اضطرب فرحا بمولده، و لولا أن الله عز و جل ثبته، لجعل عاليها سافلها. روى ابن الفارسي ذلك في (روضة الواعظين).

7680/ [6]- و روى البرسي: قال: ورد عن سليمان (عليه السلام)، أن طعامه «4» كان في كل يوم ملحه سبعة أكرار «5»، فخرجت دابة من دواب البحر يوما، و قالت له: يا سليمان أضفني اليوم، فأمر أن يجمع لها مقدار سماطه شهرا، فلما اجتمع ذلك على ساحل البحر، و صار كالجبل العظيم، أخرجت الحوت رأسها و ابتلعته، و قالت: يا سليمان، أين تمام قوتي اليوم، فإن هذا بعض

طعامي؟ فأعجب سليمان، و قال لها: «هل في البحر دابة مثلك؟». فقال: ألف دابة «6»، فقال سليمان: «سبحان الله الملك العظيم في قدرته! يخلق ما لا تعلمون».

7681/ [7]- ثم

قال البرسي: و أما نعمته الواسعة، فقد قال لداود (عليه السلام): «يا داود، و عزتي و جلالي، لو أن أهل سماواتي و أرضي أملوني، و أعطيت كل مؤمل مله بقدر دنياكم سبعين ضعفا، لم يكن ذلك إلا كما يغمس أحدكم إبرة في البحر، و يرفعها، فكيف ينقص شي ء أنا قيمه؟».

__________________________________________________

4- الخصال: 407/ 4.

5- روضة الواعظين: 67.

6- مشارق أنوار اليقين: 41.

7- مشارق أنوار اليقين: 42.

(1) نجد البيت: زيّنه. «أقرب الموارد- نجد- 2: 1271».

(2) في المصدر: طمسوسا.

(3) في المصدر: نون في الموضعين. [.....]

(4) في المصدر: سماطه.

(5) الكرّ: اثنا عشر وسقا، و كلّ وسق ستّون صاعا. «النهاية- كرر- 4: 162».

(6) في المصدر: امّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 85

سورة النور(24): آية 43 ..... ص : 85

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً- إلى قوله تعالى- يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ [43] 7682/ [1]- علي ابن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً: أي يثيره من الأرض ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ فإذا غلظ، بعث الله ملكا من الرياح فيعصره، فينزل منه المطر «1»، و هو قوله: فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ أي المطر.

7683/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي (عليه السلام) يقوم في المطر أول ما تمطر، حتى يبتل رأسه و لحيته و ثيابه، فقيل له: يا أمير المؤمنين، الكن الكن. فقال: «إن هذا ماء قريب عهد بالعرش» ثم أنشأ يحدث، فقال: «إن تحت

العرش بحرا فيه ماء، ينبت أرزاق الحيوانات، فإذا أراد الله (عز ذكره) أن ينبت لهم ما يشاء «2»، رحمة منه «3» أوحى إليه، فمطر ما شاء، من سماء إلى سماء، حتى يصير إلى سماء الدنيا- فيما أظن- فيلقيه إلى السحاب و السحاب بمنزلة الغربال، ثم يوحي إلى الريح: أن اطحنيه، و أذيبيه ذوبان الماء، ثم انطلقي به إلى موضع كذا و كذا، فامطري عليهم «4» عبابا، و غير ذلك، فتقطر عليهم على النحو الذي يأمرها به، فليس من قطرة تقطر إلا و معها ملك، حتى يضعها موضعها، و لم تنزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد معدود، و وزن معلوم، إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح (عليه السلام)، فإنه نزل ماء منهمر، بلا وزن و لا عدد».

7684/ [3]- و

عنه، بالإسناد المتقدم، قال: و حدثني أبو عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال لي أبي (عليه السلام)، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله عز و جل جعل السحاب غرابيل المطر «5»، تذيب البرد، حتى يصير ماء، لكيلا يضر به شيئا يصيبه، و الذي ترون فيه من البرد و الصواعق، نقمة من الله عز و جل، يصيب بها من يشاء من عباده.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 107.

2- الكافي 8: 239/ 326.

3- الكافي 8: 340/ ذيل ح 326.

(1) في المصدر: الماء.

(2) في المصدر: به ما يشاء لهم.

(3) زاد في المصدر: لهم.

(4) زاد في المصدر: فيكون كذا و كذا.

(5) زاد في المصدر: هي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 86

ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تشيروا إلى المطر، و لا إلى الهلال، فإن الله

يكره ذلك».

و روى ذلك عبد الله بن جعفر الحميري في (قرب الإسناد) بإسناده: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

سورة النور(24): آية 45 ..... ص : 85

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [45] 7685/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ أي من مياه، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ قال: على رجلين: الناس، و على بطنه: الحيات، و على أربع: البهائم، و

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و منهم من يمشي على أكثر من ذلك».

و رواه أيضا الطبرسي في (مجمع البيان) عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله «2».

سورة النور(24): الآيات 47 الي 52 ..... ص : 86

قوله تعالى:

وَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا- إلى قوله تعالى- فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ [47- 52]

7686/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، و عثمان، و ذلك أنه كان بينهما منازعة في حديقة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ترضى برسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال عبد الرحمن بن عوف له: لا تحاكمه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإنه يحكم له عليك، و لكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي. فقال عثمان لأمير المؤمنين (عليه السلام):

لا أرضى إلا بابن شيبة، فقال ابن شيبة: تأتمنون رسول الله على وحي السماء، و تتهمونه في الأحكام! فأنزل الله

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 107.

2- تفسير القمّي 2: 107.

(1) قرب الإسناد: 35. [.....]

(2) مجمع البيان 7: 234.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 87

على رسوله: وَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ

بَيْنَهُمْ إلى قوله: أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، ثم ذكر الله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إلى قوله: فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ».

7687/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن «1» عبيد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن أحمد بن إسماعيل، عن العباس بن عبد الرحمن، عن سليمان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: لما قدم النبي (صلى الله عليه و آله) المدينة، أعطى عليا (عليه السلام) و عثمان أرضا، أعلاها لعثمان، و أسفلها لعلي (عليه السلام)، فقال علي (عليه السلام) لعثمان: إن أرضي لا تصلح إلا بأرضك، فاشتر مني، أو بعني. فقال له: أنا أبيعك، فاشترى منه علي (عليه السلام)، فقال له أصحابه: أي شي ء صنعت، بعت أرضك من علي! و أنت لو أمسكت عنه الماء، ما أنبتت أرضه شيئا، حتى يبيعك بحكمك.

قال: فجاء عثمان إلى علي (عليه السلام)، و قال له: لا أجيز البيع، فقال له: «بعت و رضيت، و ليس ذلك لك» قال:

فاجعل بيني و بينك رجلا، قال علي (عليه السلام): «النبي (صلى الله عليه و آله)» فقال عثمان: هو ابن عمك، و لكن اجعل بيني و بينك رجلا غيره، فقال علي (عليه السلام): «لا أحاكمك إلى غير النبي (صلى الله عليه و آله)، و النبي شاهد علينا!» فأبى ذلك، فأنزل الله هذه الآيات، إلى قوله: هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

7688/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ

وَ أَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ ما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ إلى قوله تعالى مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ.

قال: «إنما نزلت في رجل اشترى من علي بن أبي طالب (عليه السلام) أرضا، ثم ندم، و ندمه أصحابه، فقال لعلي (عليه السلام): لا حاجة لي فيها. فقال له: قد اشتريت و رضيت، فانطلق أخاصمك إلى أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال له أصحابه: لا تخاصمه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال: انطلق أخاصمك إلى أبي بكر، و عمر، أيهما شئت، كان بيني و بينك. قال علي (عليه السلام): لا و الله، و لكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيني و بينك، فلا أرضى بغيره. فأنزل الله عز و جل هذه الآيات: وَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا إلى قوله وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

7689/ [4]- الطبرسي: روي عن أبي جعفر (عليه السلام): أن المعني بالآية أمير المؤمنين علي (عليه السلام).

قال: و حكى البلخي أنه كانت بين علي (عليه السلام) و عثمان منازعة في أرض اشتراها من علي (عليه السلام)، فخرجت فيها أحجار، فأراد ردها بالعيب، فلم يأخذها فقال: «بيني و بينك رسول الله (صلى الله عليه و آله)». فقال الحكم بن أبي العاص: إن حاكمك إلى ابن عمه حكم له، فلا تحاكمه إليه، فنزلت الآيات. و هو المروي عن أبي

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 1: 367/ 18.

3- تأويل الآيات 1: 367/ 19.

4- مجمع البيان 7: 236.

(1) في «ج، ي، ط»: عن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 88

جعفر (عليه السلام)، أو قريب منه.

7690/ [5]- و من طريق المخالفين: عن ابن عباس: أنها نزلت في علي (عليه السلام)، و رجل من قريش ابتاع

منه أرضا.

7691/ [6]- السدي: في تفسير هذه الآية، قال: نزلت في عثمان بن عفان، لما فتح رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني النضير، فقسم أموالهم، قال عثمان لعلي (عليه السلام): ائت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاسأله أرض كذا و كذا، فإن أعطاها فأنا شريكك فيها، و آتيه فأسأله إياها، فإن أعطانيها فأنت شريكي فيها. فسأله عثمان أولا، فأعطاه إياها، فقال له علي (عليه السلام): «أشركني» فأبى عثمان الشركة، فقال: «بيني و بينك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأبى أن يخاصمه إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقيل له: لم لا تنطلق معه إلى النبي (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: هو ابن عمه، و أخاف أن يقضي له.

فنزل قوله تعالى: وَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَ إِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فلما بلغ عثمان ما أنزل الله فيه، أتى النبي (صلى الله عليه و آله)، و أقر لعلي (عليه السلام)، بالحق، و شركه في الأرض.

سورة النور(24): آية 54 ..... ص : 88

قوله تعالى:

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ- إلى قوله تعالى- وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [54] 7692/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ قال: ما حمل النبي (صلى الله عليه و آله) من النبوة، و عليكم ما حملتم من الطاعة، ثم خاطب الله الأئمة (عليهم السلام)، و وعدهم أن يستخلفهم في الأرض من

بعد ظلمهم و غصبهم.

7693/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ. قال: «من السمع، و الطاعة، و الأمانة، و الصبر وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ من العهود التي أخذها الله عليكم في علي (عليه السلام)، و ما بين لكم في القرآن من فرض طاعته. و قوله تعالى: وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا أي: و إن تطيعوا عليا (عليه السلام) تهتدوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ __________________________________________________

5- ..... اللوامع النورانية: 252.

6- ..... اللوامع النورانية: 252.

1- تفسير القمّي 2: 108.

2- تأويل الآيات 1: 368/ 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 89

هكذا نزلت».

سورة النور(24): آية 55 ..... ص : 89

قوله تعالى:

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ- إلى قوله تعالى- فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [55] 7694/ [1]- علي بن إبراهيم: و هذا مما ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله، و هو معطوف على قوله: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ «1».

7695/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل جلاله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

7696/ [3]- و

عنه: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبي مسعود، عن

الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «الأئمة خلفاء الله عز و جل في أرضه».

7697/ [4]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثني أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي أبو الحسن، من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي ابن أبي حمزة، عن أبيه و وهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً، قال: «نزلت في القائم و أصحابه».

7698/ [5]- و

عنه: عن محمد بن همام، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كانت ليلة الجمعة، أهبط الرب تبارك و تعالى ملكا إلى السماء الدنيا، فإذا طلع الفجر، جلس ذلك الملك على العرش، فوق البيت

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 108.

2- الكافي 1: 150/ 3.

3- الكافي 1: 149/ 1.

4- الغيبة: 240/ 35، ينابيع المودة: 426.

5- الغيبة: 276/ 56. [.....]

(1) النور 24: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 90

المعمور، و نصب لمحمد و علي و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين) منابر من نور، فيصعدون عليها، و يجمع لهم الملائكة و النبيون و المؤمنون، و تفتح أبواب السماء، فإذا زالت الشمس، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رب، ميعادك الذي وعدت به في كتابك، و هو هذه الآية: وَعَدَ اللَّهُ

الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ثم يقول الملائكة و النبيون مثل ذلك، ثم يخر محمد و علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام) سجدا، ثم يقولون: يا رب اغضب، فإنه انتهك «1» حريمك، و قتل أصفياؤك، و أذل عبادك الصالحون فيفعل الله ما يشاء، و ذلك يوم معلوم».

7699/ [6]- محمد بن العباس: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، قال: «نزلت في علي بن أبي طالب، و الأئمة من ولده (عليهم السلام)».

وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً، قال: «عنى به ظهور القائم (عليه السلام)».

7700/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الشيباني (رحمه الله)، قال:

حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبد الله بن يحيى بن خاقان المقرئ ببغداد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال: حدثنا محمد بن حماد بن ماهان الدباغ أبو جعفر، قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم، قال:

حدثنا الحارث بن نبهان، قال: حدثنا عتبة بن يقظان، عن أبي سعيد، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع بن أبي قرصافة «2»، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخل جندل بن جنادة اليهودي من خيبر على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، أخبرني عما

ليس لله، و عما ليس عند الله، و عما لا يعمله الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أما ما ليس لله، فليس لله شريك، و أما ما ليس عند الله، فليس عند الله ظلم للعباد، و أما ما لا يعلمه الله، فذلك قولكم- يا معشر اليهود-: إن عزيرا ابن الله، و الله لا يعلم له ولدا». فقال جندل: أشهد أن لا إله إلا الله، و أنك رسول الله حقا.

ثم قال: يا رسول الله، إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران (عليه السلام)، فقال لي: يا جندل، أسلم على يد محمد (صلى الله عليه و آله)، و استمسك بالأوصياء من بعده، فقد أسلمت، و رزقني الله ذلك، فأخبرني بالأوصياء بعدك، لأتمسك بهم. فقال: «يا جندل، أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل». فقال: يا رسول الله، إنهم كانوا

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 1: 368/ 221.

7- كفاية الأثر: 56.

(1) في المصدر: قد هتك.

(2) في «ج، ي، ط»: واثلة بن الأصقع بن قرضاب، و في المصدر: واثلة بن الأشفع، راجع تهذيب التهذيب 11: 101.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 91

اثني عشر، هكذا وجدناهم في التوراة، قال: «نعم، الأئمة بعدي اثنا عشر».

فقال: يا رسول الله، كلهم في زمن واحد؟ قال: «لا، و لكن خلف بعد خلف، و إنك لن تدرك منهم إلا ثلاثة».

قال: فسمهم لي، يا رسول الله، قال: «نعم، إنك تدرك سيد الأوصياء، و وارث الأنبياء، و أبا الأئمة علي بن أبي طالب بعدي، ثم ابنه الحسن، ثم الحسين، فاستمسك بهم من بعدي، و لا يغرنك جهل الجاهلين، فإذا كان وقت ولادة ابنه علي بن الحسين سيد العابدين، يقضي الله عليك، و يكون آخر زادك من

الدنيا شربة من لبن تشربه».

فقال: يا رسول الله، هكذا وجدت في التوراة: إليايقطو شبرا و شبيرا، فلم أعرف أسماءهم، فكم بعد الحسين من الأوصياء، و ما أساميهم؟ فقال: «تسعة من صلب الحسين، و المهدي منهم، فإذا انقضت مدة الحسين، قام بالأمر من بعده علي ابنه، و يلقب بزين العابدين، فإذا انقضت مدة علي، قام بالأمر من بعده محمد ابنه، و يدعى بالباقر، فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده ابنه جعفر، يدعى بالصادق، فإذا انقضت مدة جعفر، قام بالأمر من بعده ابنه موسى، و يدعى بالكاظم، ثم إذا انقضت مدة موسى، قام بالأمر من بعده علي ابنه، يدعى بالرضا، فإذا انقضت مدة علي، قام بالأمر بعده محمد ابنه، يدعى بالزكي، فإذا انقضت مدة محمد، قام بالأمر بعده علي ابنه، يدعى بالنقي، فإذا انقضت مدة علي، قام بالأمر من بعده ابنه الحسن، يدعى بالأمين، ثم يغيب عنهم إمامهم».

قال: يا رسول الله، هو الحسن يغيب عنهم؟ قال: «لا، و لكن ابنه الحجة».

قال: يا رسول الله، فما اسمه؟ قال: «لا يسمى حتى يظهر».

فقال: جندل: يا رسول الله، قد وجدنا ذكرهم في التوراة، و قد بشرنا موسى بن عمران بك، و بالأوصياء من ذريتك.

ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً فقال جندل: يا رسول الله، فما خوفهم؟ قال: «يا جندل، في زمن كل واحد منهم سلطان يعتريه و يؤذيه، فإذا عجل الله خروج قائمنا، يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما- ثم قال (عليه السلام)-

طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محجتهم، أولئك وصفهم الله في كتابه، فقال: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ «1»، و قال:

أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «2».

قال ابن الأسقع: ثم عاش جندل إلى أيام الحسين بن علي (عليه السلام)، ثم خرج إلى الطائف، فحدثني نعيم بن أبي قيس «3»، قال: دخلت عليه بالطائف و هو عليل، ثم إنه دعى بشربة من لبن فشربه، و قال: هكذا عهد الي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن، ثم مات (رحمه الله)، و دفن بالطائف، بالموضع المعروف

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 3.

(2) المجادلة 58: 22.

(3) في المصدر: نعيم أبي قبيس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 92

بالكوراء.

7701/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن علي بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال:

أخبرنا علي بن الحارث، عن سعيد بن منصور الجواشي «1»، قال: أخبرنا أحمد بن علي البديلي، قال: أخبرني أبي، عن سدير الصيرفي، قال: دخلت أنا و المفضل بن عمر، و أبو بصير، و أبان بن تغلب، على مولانا أبي عبد الله جعفر ابن محمد (عليه السلام)، فرأيناه جالسا على التراب، و عليه مسح خيبري مطوق، بلا جيب، مقصر الكمين «2»، و هو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحرى، قد نال الحزن من وجنتيه، و شاع التغير في عارضيه، و أبلت الدموع محجريه «3»، و هو يقول: «سيدي، غيبتك نفت رقادي، و ضيقت علي مهادي، و ابتزت «4» مني راحة فؤادي، سيدي، غيبتك وصلت مصابي بفجائع الأبد، و فقد

الواحد بعد الواحد يفني الجمع و العدد، فما أحس بدمعة ترقأ «5» من عيني، و أنين يفتر من صدري، من دوارج الرزايا، و سوالف البلايا، إلا مثل بعيني عن غوابر أعظمها و أفظعها، و بواقي أشدها و أنكرها، و نوائب مخلوطة بغضبك، و نوازل معجونة بسخطك».

قال سدير: فاستطارت عقولنا و لها، و تصدعت قلوبنا جزعا، من ذلك الخطب الهائل، و الحادث الغائل، و ظننا أنه سمت «6» لمكروهة قارعة، أو حلت به من الدهر بائقة «7»، فقلنا: لا أبكى الله- يا بن خير الورى- عينيك، من أية حادثة تستنزف «8» دمعتك، و تستمطر عبرتك، أية حالة حتمت عليك هذا المأتم! قال: فزفر الصادق (عليه السلام) زفرة انتفخ منها جوفه، و اشتد منها خوفه، و قال: «ويلكم، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، و هو الكتاب المشتمل على علم المنايا و البلايا، و علم ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة، الذي خص الله به محمدا و الأئمة من بعده (عليهم السلام)، و تأملت فيه مولد غائبنا و غيبته، و إبطاءه، و طول عمره، و بلوى المؤمنين في ذلك الزمان، و تولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، و ارتداد أكثرهم عن دينهم، و خلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم، التي قال الله جل ذكره: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ «9» يعني الولاية، فأخذتني الرقة، و استولت علي الأحزان».

__________________________________________________

8- كمال الدين و تمام النعمة: 352/ 50.

(1) في المصدر: الجواشني.

(2) الكمّ من الثوب: مدخل اليد و مخرجها. «لسان العرب- كمم- 12: 526».

(3) المحجر في العين: ما أحاط بها. «المعجم الوسيط- حجر- 1: 157».

(4) البزّ: السّلب. «لسان العرب- بزز- 5: 312».

(5) رقا الدمع: جفّ و

سكن. «أقرب الموارد- رقا- 1: 421». [.....]

(6) التّسميت: ذكر اللّه على الشي ء. «لسان العرب- سمت- 2: 46».

(7) البائقة: الداهية. «لسان العرب- بوق- 10: 30».

(8) نزف عبرته، و أنزفها: أفناها. «لسان العرب- نزف- 9: 327».

(9) الاسراء 17: 13.

رهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 93

فقلنا: يا بن رسول الله، كرمنا، و فضلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

قال: «إن الله تبارك و تعالى أدار للقائم منا ثلاثة، من الرسل: قدر مولده تقدير مولد موسى (عليه السلام)، و قدر غيبته تقدير غيبة عيسى (عليه السلام)، و قدر إبطاء نوح (عليه السلام)، و جعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح- أعني الخضر (عليه السلام)- دليلا على عمره».

فقلنا: اكشف لنا- يا بن رسول الله- عن وجوه هذه المعاني.

قال (عليه السلام): «أما مولد موسى (عليه السلام)، فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده، أمر بإحضار الكهنة، فدلوه على نسبه، و أنه يكون من بني إسرائيل، و لم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل، حتى قتل في طلبه نيفا و عشرين ألف مولود، و تعذر عليه الوصول إلى قتل موسى (عليه السلام) بحفظ الله تبارك و تعالى إياه، و كذلك بنو امية، و بنو العباس، لما وقفوا على أن زوال ملكهم ملك الأمراء و الجبابرة منهم على يد القائم منا، ناصبونا العداوة، و وضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلى الله عليه و آله)، و إبادة نسله، طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم، و يأبى الله عز و جل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة، إلا أن يتم نوره و لو كره المشركون.

و أما غيبة عيسى (عليه السلام)، فإن اليهود

و النصارى اتفقت على أنه قتل، فكذبهم الله عز ذكره بقوله: وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ «1»، كذلك غيبة القائم (عليه السلام)، فإن الامة ستنكرها لطولها، فمن قائل بغير هدى «2»: إنه لم يولد و قائل يقول: إنه ولد و مات و قائل يكفر، بقوله: إن حادي عشرنا كان عقيما، و قائل يمرق، بقوله «3»: إنه يتعدى إلى ثلاثة عشر، و صاعدا، و قائل يعصي الله عز و جل، بقوله: إن روح القائم تنطق في هيكل غيره.

و أما إبطاء نوح (عليه السلام)، فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء، بعث الله تبارك و تعالى الروح الأمين (عليه السلام) بسبع نويات، فقال: يا نبي الله، إن الله تبارك و تعالى يقول لك: إن هؤلاء خلائقي، و عبادي، و لست أ بيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة، و إلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فإني مثيبك عليه، و اغرس هذه النوى، فإن لك في نباتها، و بلوغها، و إدراكها إذا أثمرت، الفرج و الخلاص، فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين، فلما نبتت الأشجار، و تأزرت «4»، و تسوقت، و تغصنت، و أثمرت، و زها التمر عليها بعد زمان طويل، استنجز من الله سبحانه و تعالى العدة، فأمره الله تبارك و تعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار، و يعاود الصبر و الاجتهاد، و يؤكد الحجة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به، فارتد منهم ثلاث مائة رجل، و قالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقا، لما وقع في وعد ربه خلف.

ثم إن الله تبارك و تعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بأن يغرسها مرة بعد اخرى،

إلى أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة، إلى أن عاد إلى نيف و سبعين رجلا، فأوحى الله

__________________________________________________

(1) النساء 4: 157.

(2) في المصدر: قائل يهذي.

(3) (انه ولد ... بقوله) ليس في المصدر.

(4) تأزّر النبت: التفّ و اشتدّ. «الصحاح- أزر- 2: 578».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 94

تبارك و تعالى عند ذلك إليه، و قال: يا نوح، الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك، حين صرح الحق عن محضه، و صفا الأمر و الإيمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة، فلو أني أهلكت الكفار، و أبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك، لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك، و اعتصموا بحبل نبوتك، بأن استخلفهم في الأرض، و أمكن لهم دينهم، و ابدل خوفهم بالأمن، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم، و كيف يكون الاستخلاف، و التمكين، و بذل الأمن، مني لهم، مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا، و خبث طينتهم، و سوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق، و سنوح «1» الضلالة؟ فلو أنهم تنسموا «2» من الملك الذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف، إذا أهلكت أعداءهم، لنشقوا روائح صفاته، و لاستحكمت سرائر نفاقهم، و تأبدت حبال ضلالة قلوبهم، و لكاشفوا إخوانهم بالعداوة، و حاربوهم على طلب الرئاسة، و التفرد بالأمر و النهي، و كيف يكون التمكين في الدين، و انتشار الأمر في المؤمنين، مع إثارة الفتن، و إيقاع الحروب؟ كلا وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا «3»».

قال: الصادق (عليه السلام): «و كذلك القائم (عليه السلام)، فإنه تمتد أيام غيبته، ليصرح الحق عن محضه، و يصفوا

الإيمان من الكدر، بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف و التمكين و الأمن المنتشر في عهد القائم (عليه السلام)».

قال المفضل: فقلت: يا ابن رسول الله، فإن هذه النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر، و عمر و عثمان، و علي (عليه السلام)؟

فقال: «لا يهدي الله قلوب الناصبة، متى كان الدين الذين ارتضاه الله و رسوله متمكنا بانتشار الأمن في الأمة، و ذهاب الخوف من قلوبها، و ارتفاع الشك من صدورها، في عهد واحد من هؤلاء، و في عهد علي (عليه السلام)، مع ارتداد المسلمين، و الفتن التي تثور في أيامهم، و الحروب التي كانت تنشب بين الكفار و بينهم- ثم تلا الصادق (عليه السلام)- حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا «4».

و أما العبد الصالح- أعني الخضر (عليه السلام)- فإن الله تبارك و تعالى ما طول عمره لنبوة قدرها له، و لا لكتاب ينزل عليه، و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء و لا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، و لا لطاعة يفرضها له، بلى، إن الله تبارك و تعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم (عليه السلام) في أيام غيبته ما يقدر، علم ما يكون من إنكار عباده مقدار ذلك العمر في الطول، طول عمر العبد الصالح، من غير سبب يوجب ذلك، إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم (عليه السلام)، و ليقطع بذلك حجة المعاندين، لئلا يكون للناس على الله حجة».

__________________________________________________

(1) في «ج، ط»: شيوخ.

(2) تنسّم: تنفّس. «الصحاح- نسم- 5: 2040»، و في المصدر: تسنّموا منّي.

(3) هود 11: 37.

(4) يوسف

12: 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 95

7702/ [9]-

السيد المعاصر، في كتاب صنعه في الرجعة: عن محمد بن الحسن «1» بن عبد الله الأطروش الكوفي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد البجلي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال:

حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تبارك و تعالى أحد، واحد، تفرد في وحدانيته، ثم تكلم بكلمة فصارت نورا، ثم خلق من ذلك النور محمدا، و خلقني و ذريتي منه، ثم تكلم بكلمة فصارت روحا، فأسكنه الله في ذلك النور، و أسكنه «2» في أبداننا، فنحن روحه و كلماته، فبنا احتج على خلقه، فما زلنا في ظلة خضراء، حيث لا شمس، و لا قمر، و لا ليل، و لا نهار، و لا عين تطرف، نعبده و نقدسه و نسبحه، و ذلك قبل أن يخلق شيئا، و أخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان و النصرة لنا، و ذلك قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ «3» يعني: لتؤمنن بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و لتنصرن وصيه، و سينصروني جميعا.

و إن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد (صلى الله عليه و آله) بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمدا (صلى الله عليه و آله)، و جاهدت بين يديه، و قتلت عدوه، و وفيت لله بما أخذ علي من الميثاق، و العهد، و النصرة لمحمد (صلى الله عليه و آله)، و لم ينصرني أحد من أنبياء

الله و رسله، و ذلك لما قبضهم الله إليه، و سوف ينصرونني، و يكون لي ما بين مشرقها و مغربها، و ليبعثهم الله أحياء، من لدن آدم إلى محمد (صلى الله عليه و آله)، كل نبي مرسل، يضربون بين يدي بالسيف هام الأموات و الأحياء، من الثقلين جميعا.

فيا عجباه و كيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء، يلبون زمرة زمرة بالتلبية: لبيك لبيك، يا داعي الله قد تخللوا سكك الكوفة، و قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة، و جبابرتهم، و أتباعهم من جبابرة الأولين و الآخرين، حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا من عبادي، ليس عندهم تقية.

و إن لي الكرة بعد الكرة، و الرجعة بعد الرجعة، و أنا صاحب الرجعات و الكرات، و صاحب الصولات و النقمات، و الدولات العجيبات، و أنا قرن من حديد، و أنا عبد الله و أخو رسوله، و أنا أمين الله و خازنه، و عيبة «4» سره، و حجابه عز وجهه، و صراطه، و ميزانه، و أنا الحاشر إلى الله، و أنا كلمة الله التي يجمع بها المتفرق، و يفرق بها المجتمع، و أنا أسماء الله الحسنى، و أمثاله العليا، و آياته الكبرى، و أنا صاحب الجنة و النار، أسكن أهل الجنة الجنة، و أهل النار النار، و إلي تزويج أهل الجنة، و إلي عذاب أهل النار، و إلي إياب الخلق جميعا و أنا المآب

الذي

__________________________________________________

9- الرجعة للميرزا محمد بن مؤمن الأسترآبادي: 15: «مخطوط».

(1) في «ج، ي، ط»: الحسين. [.....]

(2) في المصدر: و أمكنه.

(3) آل عمران 3: 81.

(4) عيبة الرجل: موضع سرّه. «لسان العرب- عيب- 1: 634».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 96

يؤوب إليه كل شي ء بعد الفناء، و إلي حساب الخلق جميعا. و أنا صاحب المهمات، و أنا المؤذن على الأعراف، و أنا بارز الشمس، و أنا دابة الأرض، و أنا قسيم النار، و أنا خازن الجنان، و أنا صاحب الأعراف، و أنا أمير المؤمنين، و يعسوب المتقين، و آية السابقين، و لسان الناطقين، و خاتم الوصيين، و وارث النبيين، و خليفة رب العالمين، و صراط ربي المستقيم، و قسطاسه «1»، و الحجة على أهل السماوات و الأرضين، و ما فيهما، و ما بينهما.

و أنا الذي احتج الله بي عليكم في ابتداء خلقكم، و أنا الشاهد يوم الدين، و أنا الذي علمت المنايا و البلايا، و القضايا، و فصل الخطاب، و الأنساب «2»، و استحفظت آيات النبيين المستحقين و المستحفظين، و أنا صاحب العصا و الميسم «3»، و أنا الذي سخر لي السحاب، و الرعد، و البرق، و الظلم، و الأنوار، و الرياح، و الجبال، و البحار، و النجوم، و الشمس، و القمر، و أنا الذي أهلكت عادا و ثمود و أصحاب الرس و قرونا بين ذلك كثيرا، و أنا الذي ذللت الجبابرة، و أنا صاحب مدين، و مهلك فرعون، و منجي موسى، و أنا القرن الحديد، و أنا فاروق الأمة، و أنا الهادي عن الضلالة، و أنا الذي أحصيت كل شي ء عددا بعلم الله الذي أودعنيه، و سره الذي أسره إلى محمد (صلى الله عليه و آله)، و

أسره النبي إلي، و أنا الذي أنحلني ربي اسمه و كلمته و حكمته و علمه و فهمه.

يا معشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، اللهم إني أشهدك و أستعديك «4» عليهم، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، و الحمد لله مبتلين» «5».

7703/ [10]- الطبرسي: اختلف في الآية، و ذكر الأقوال، إلى أن قال: و

المروي عن أهل البيت (عليهم السلام): أنها في المهدي من آل محمد (صلى الله عليه و آله).

7704/ [11]- ثم

قال: و روى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين (عليه السلام)، أنه قرأ الآية و قال: «هم و الله شيعتنا أهل البيت، يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منا، و هو مهدي هذه الامة، و هو الذي قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي، اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا».

ثم قال الطبرسي: و روي مثل ذلك عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام) «6».

7705/ [12]- الطبرسي: في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، يذكر فيه من تقدم عليه، فقال (عليه السلام):

__________________________________________________

10- مجمع البيان 7: 239.

11- مجمع البيان 7: 239، و ذيل الحديث في الفصول المهمة: 294، و منتخب كنز العمال 6: 30.

12- الاحتجاج: 256.

(1) القسطاس: أقوم الموازين. «لسان العرب- قسط- 7: 377».

(2) (و الأنساب) لس في المصدر.

(3) المسم: الحديدة التي يكوى بها. «لسان العرب- و سم- 12: 636».

(4) استعداه: استنصره و استعانه. «لسان العرب- عدا- 15: 39».

(5) في المصدر: للّه متعيّن أمره.

(6) مجمع البيان 7: 240.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 97

«مثل ما أتوه

من الاستيلاء على أمر الامة، كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها الله تبارك و تعالى لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله، و يحق القول على الكافرين، و يقترب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه بقوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، و ذلك إذا لم يبق من الإسلام إلا اسمه، و من القرآن إلا رسمه، و غاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له، و عند ذلك يؤيده الله بجنود لم يروها، و يظهر دين نبيه (صلى الله عليه و آله) على يديه على الدين كله، و لو كره المشركون».

7706/ [13]- ابن شهر آشوب: عن تفسيري أبي عبيدة، و علي بن حرب الطائي، قال عبد الله بن مسعود:

الخلفاء أربعة: آدم: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «1» و داود: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ «2» يعني بيت المقدس، و هارون، و قال موسى: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي «3»، و علي (عليه السلام): وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني عليا (عليه السلام) لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ.

و قوله: كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ آدم و داود و هارون، وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ يعني الإسلام، وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يعني أهل مكة، يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ بولاية علي بن أبي طالب، فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ يعني العاصين لله و لرسوله.

و

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من لم يقل إني رابع الخلفاء، فعليه لعنة الله»

ثم ذكر نحو هذا المعنى.

سورة النور(24): آية 58 ..... ص : 96

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَ حِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ- إلى قوله تعالى- وَ لا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ [58]

7707/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، و محمد بن يحيى،

__________________________________________________

13- المناقب 3: 63.

1- الكافي 5: 529/ 1. [.....]

(1) البقرة 2: 30.

(2) ص 38: 26.

(3) الأعراف 7: 142.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 98

عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، جميعا عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يستأذن الذين ملكت أيمانكم، و الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات، كما أمركم الله عز و جل، و من بلغ الحلم فلا يلج على امه، و لا على أخته، و لا على خالته، و لا على سوى ذلك إلا بإذن، فلا تأذنوا حتى يسلم، و السلام «1» طاعة لله عز و جل».

قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحلم في ثلاث عورات، إذا دخل في شي ء منهن، و لو كان بيته في بيتك- قال- و ليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمى العتمة، و حين تصبح، و حين تضعون ثيابكم من الظهيرة، و إنما أمر الله عز و جل بذلك للخلوة، فإنها ساعة غرة و خلوة».

7708/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل الَّذِينَ

مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ، قال: «هي خاصة في الرجال دون النساء».

قلت: فالنساء يستأذن في هذه الثلاث ساعات؟ قال: «لا، و لكن يدخلن و يخرجن».

وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ قال: «من أنفسكم- قال- عليكم استئذان كاستئذان من قد بلغ، في هذه الثلاث ساعات».

7709/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، جميعا، عن محمد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَ حِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَ لا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ و من بلغ الحلم منكم، فلا يلج على امه، و لا على ابنته، و لا على أخته، و لا على من سوى ذلك إلا بإذن، و لا يأذن لأحد حتى يسلم، فإن السلام طاعة الرحمن».

7710/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن ربعي ابن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ قيل: من هم؟

قال: «هم المملوكون من الرجال، و النساء، و الصبيان الذين لم يبلغوا، يستأذنوا عليكم عند هذه الثلاث عورات: من بعد صلاة العشاء، و هي العتمة، و حين تضعون ثيابكم من الظهيرة، و من قبل صلاة الفجر، و يدخل

__________________________________________________

2- الكافي 5: 529/ 2.

3- الكافي 5:

530/ 3.

4- الكافي 5: 530/ 4.

(1) في «ط»: السلم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 99

مملوككم و غلمانكم من بعد هذه الثلاث عورات بغير «1» إذن، إن شاءوا».

7711/ [5]- الطبرسي، في قوله: مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ: معناه مروا عبيدكم و إماءكم أن يستأذنوا عليكم إذا أرادوا الدخول إلى مواضع خلواتكم، عن ابن عباس.

و قيل: أراد العبيد خاصة، عن ابن عمر. قال: و هو المروي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة النور(24): آية 60 ..... ص : 99

قوله تعالى:

وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [60]

7712/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قرأ: أَنْ يَضَعْنَ «2» ثِيابَهُنَّ، قال: «الخمار و الجلباب».

قلت: بين يدي من كان؟ فقال: «بين يدي من كان، غير متبرجة بزينة، فإن لم تفعل فهو خير لها، و الزينة التي يبدين لهن شي ء في الآية الاخرى» «3».

7713/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القواعد من النساء ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن،- قال-: تضع الجلباب وحده».

7714/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً، ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ قال: «الجلباب».

7715/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم،

عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي

__________________________________________________

5- مجمع البيان 7: 242.

1- الكافي 5: 522/ 1.

2- الكافي 5: 522/ 2.

3- الكافي 5: 522/ 3.

4- الكافي 5: 522/ 4.

(1) في «ط، ج»: بعد.

(2) زاد في «ط»: من. [.....]

(3) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «لهنّ شي ء» أي شي ء يثبت لهنّ جوازه في الآية الاخرى، و هي قوله عزّ و جلّ: إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها فإنّ ما سوى ذلك داخل في النهي عن التبرّج بها، و لا يبعد أن يكون «لهنّ» تصحيف «هي». مرآة العقول 20: 345.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 100

عبد الله (عليه السلام)، أنه قرأ: أَنْ يَضَعْنَ «1» ثِيابَهُنَّ، قال: «الجلباب و الخمار، إذا كانت المرأة مسنة».

7716/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن عمرو بن جبير العرزمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاءت امرأة إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فسألته عن حق الزوج على المرأة، فخبرها، ثم قالت: فما حقها عليه؟ قال: لا، قالت: لا و الله، لا تزوجت أبدا. ثم ولت، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ارجعي. فرجعت، فقال: إن الله عز و جل يقول: وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ».

7717/ [6]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القواعد من النساء، ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ فقال:

«الجلباب، إلا أن تكون أمة، فليس عليها جناح أن تضع خمارها».

7718/ [7]- و

عنه: بإسناده عن الصفار، عن يعقوب بن

يزيد، عن علي بن أحمد، عن يونس، قال: ذكر الحسين أنه كتب إليه يسأله عن حد القواعد من النساء اللاتي إذا بلغت جاز لها أن تكشف رأسها و ذراعها؟

فكتب (عليه السلام): «من قعدن عن النكاح».

7719/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في العجائز اللاتي قد يئسن من المحيض و التزويج، أن يضعن الثياب، ثم قال: وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ، قال: أي لا يظهرن للرجال.

سورة النور(24): آية 61 ..... ص : 100

قوله تعالى:

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ لا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ- إلى قوله تعالى- لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً [61]

7720/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله:

__________________________________________________

5- الكافي 5: 511/ 2.

6- التهذيب 7: 480/ 1928.

7- التهذيب 7: 467/ 1871.

8- تفسير القمي 2: 108.

1- تفسير القمي 2: 108.

(1) زاد في «ط»: من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 101

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ.

قال: «و ذلك أن أهل المدينة، قبل أن يسلموا، كانوا يعتزلون الأعمى و الأعرج و المريض، و كانوا لا يأكلون معهم، و كان الأنصار فيهم تيه «1» و تكرم «2»، فقالوا: إن الأعمى لا يبصر الطعام، و الأعرج لا يستطيع الزحام على الطعام، و المريض لا يأكل كما يأكل الصحيح، فعزلوا لهم طعامهم على ناحية، و كانوا يرون عليهم في مؤاكلتهم جناحا، و كان الأعمى و المريض يقولون: لعلنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم. فاعتزلوا مؤاكلتهم. فلما قدم النبي (صلى الله عليه و آله) سألوه عن ذلك، فأنزل الله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ

أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً».

7721/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: وَ لا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ إلى آخر الآية، قلت: ما يعني بقوله: أَوْ صَدِيقِكُمْ؟ قال: «هو و الله الرجل يدخل بيت صديقه، فيأكل بغير إذنه».

7722/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ، قال:

«هؤلاء الذين سمى الله عز و جل في هذه الآية، تأكل بغير إذنهم من التمر و المأدوم، و كذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير إذنه، و أما ما خلا ذلك من الطعام، فلا».

7723/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن هذه الآية: وَ لا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ الآية، قال: «ليس عليك جناح فيما أطعمت «3» أو أكلت مما ملكت مفاتحه، ما لم تفسده».

7724/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ، قال: «الرجل يكون له وكيل يقوم في ماله، فيأكل بغير إذنه».

7725/ [6]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن

زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «للمرأة أن تأكل، و أن تتصدق من بيت زوجها «4»، و للصديق أن يأكل من بيت

__________________________________________________

2- الكافي 6: 277/ 1.

3- الكافي 6: 277/ 2.

4- الكافي 6: 277/ 4.

5- الكافي 6: 277/ 5.

6- الكافي 6: 277/ 3.

(1) التيه: الصلف و الكبر. «القاموس المحيط 4: 284».

(2) التكرم: التنزّه. «القاموس المحيط 4: 172». [.....]

(3) في المصدر: طعمت.

(4) (من بيت زوجها) ليس في «ج» و الصمدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 102

أخيه، و أن يتصدق».

7726/ [7]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ الآية، قال: «بإذن، و بغير إذن».

7727/ [8]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة، و آخى بين المسلمين، من المهاجرين و الأنصار، و آخى بين أبي بكر و عمر، و بين عثمان و عبد الرحمن بن عوف، و بين طلحة و الزبير، و بين سلمان و أبي ذر، و بين المقداد و عمار، و ترك أمير المؤمنين (عليه السلام)، فاغتم من ذلك غما شديدا، فقال: «يا رسول الله، بأبي أنت و امي، لم لا تؤاخي بيني و بين أحد؟» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «و الله- يا علي- ما حبستك إلا لنفسي، أما ترضى أن تكون أخي، و أنا أخوك في الدنيا و الآخرة؟ و أنت وصيي، و وزيري، و خليفتي في امتي، تقضي ديني، و تنجز عداتي،

و تتولى غسلي، و لا يليه غيرك، و أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» فاستبشر أمير المؤمنين بذلك، فكان بعد ذلك إذا بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحدا من أصحابه في غزاة، أو سرية، يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين، و يقول له: خذ ما شئت، و كل ما شئت فكانوا يمتنعون من ذلك، حتى ربما فسد الطعام في البيت، فأنزل الله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً، يعني إن حضر صاحبه، أو لم يحضر، إذا ملكتم مفاتحه.

7728/ [9]- (كشف الغمة): قال عبد الله بن الوليد: قال لنا الباقر (عليه السلام) يوما: «أ يدخل أحدكم يده كم صاحبه، فيأخذ ما يريد؟». قلنا: لا. قال: «فلستم إخوانا كما تزعمون».

قوله تعالى:

فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [61]

7729/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ الآية، قال: «هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل، ثم يردون عليه، فهو سلامكم على أنفسكم».

7730/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: «إذا دخل الرجل

__________________________________________________

7- المحاسن: 415/ 171.

8- تفسير القمّي 2: 109.

9- كشف الغمة 2: 118.

1- معاني الأخبار: 162/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 109.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 103

منكم بيته، فإن كان فيه أحد، يسلم عليهم، و إن لم يكن فيه أحد، فليقل:

السلام علينا من عند ربنا، يقول الله:

تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً».

و قيل: إذا لم ير الداخل بيتا أحدا فيه، يقول: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، يقصد به الملكين اللذين عليه.

7731/ [3]- الطبرسي: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل، ثم يردون عليه، فهو سلامكم على أنفسكم».

سورة النور(24): آية 62 ..... ص : 103

قوله تعالى:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ- إلى قوله تعالى- فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ [62] 7732/ [1]- قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ إلى قوله تعالى حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ فانها نزلت في قوم كانوا إذا جمعهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمر من الأمور، في بعث يبعثه، أو حرب قد حضرت، يتفرقون بغير إذنه، فنهاهم الله عز و جل عن ذلك.

7733/ [2]- و

عنه، في قوله تعالى: فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ، قال: نزلت في حنظلة بن أبي عياش «1» و ذلك أنه تزوج في الليلة التي في صبيحتها حرب احد، فاستأذن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقيم عند أهله، فأنزل الله هذه الآية فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ، فأقام عند أهله، ثم أصبح و هو جنب، فحضر القتال، و استشهد، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رأيت الملائكة تغسل حنظلة بماء المزن في صحائف فضة، بين السماء و الأرض» فكان يسمى غسيل الملائكة.

قال مؤلف هذا الكتاب: إن الآية نزلت في حنظلة بن أبي عامر، تقدم ذلك في آل عمران، في خبر واحد، من رواية علي بن إبراهيم أيضا «2».

سورة النور(24): آية 63 ..... ص : 103

قوله تعالى:

لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً- إلى قوله

__________________________________________________

3- مجمع البيان 7: 247.

1- تفسير القمّي 2: 109.

2- تفسير القمّي 2: 110.

(1) كذا، و الصحيح ابن أبي عامر، و سيأتي التنويه من المصنّف لا حقا، و انظر اسد الغابة 2: 69.

(2) تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآية (123) من سورة آل عمران.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 104

تعالى- أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ

عَذابٌ أَلِيمٌ [63]

7734/ [1]- السيد الرضي في كتاب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة)، قال: أخبرنا أبو منصور زيد بن طاهر، و بشار البصري، قالا: قدم علينا بواسط أبو الحسين محمد بن يعقوب الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عدي، عن محمد بن علي الأيلي، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن عبد الله بن محمد بن أبي مريم، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن امه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليهما السلام)، قالت: «علي سيدي (صلوات الله و سلامه عليه) قرأ هذه الآية: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً- قالت فاطمة- فجئت النبي (صلى الله عليه و آله) أن أقول له: يا أباه، فجعلت أقول: يا رسول الله. فأقبل علي، و قال: يا بنية، لم تنزل فيك و لا في أهلك من قبل، قال: أنت مني، و أنا منك، و إنما نزلت في أهل الجفاء، و إن قولك: يا أباه، أحب إلى قلبي، و أرضى للرب، ثم قال: أنت نعم الولد، و قبل وجهي، و مسحني من ريقه، فما احتجت إلى طيب بعده».

7735/ [2]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية، قال: لا تدعوا رسول الله كما يدعو بعضكم بعضا. ثم قال:

فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ- يعني بلية- أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ قال: القتل.

7736/ [3]- و

عنه، قال: و في رواية أبي الجارود: عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قال: «يقول: لا تقولوا يا محمد، و لا يا أبا القاسم، و لكن قولوا: يا نبي الله، و يا رسول الله، قال الله: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ

أَمْرِهِ أي يعصون أمره أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».

7737/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن حسان، عن أبي علي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا تذكروا سرنا بخلاف علانيتنا، و لا علانيتنا بخلاف سرنا، حسبكم أن تقولوا ما نقول، و تصمتوا عما نصمت، إنكم قد رأيتم أن الله عز و جل لم يجعل لأحد من الناس في خلافنا خيرا، إن الله عز و جل يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».

7738/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل، عن محمد بن عبد الحميد، عن يونس، عن عبد الأعلى، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، قال: «فتنة في دينه، أو جراحة لا يأجره الله عليها».

__________________________________________________

1- ... مناقب المغازلي: 364/ 411.

2- تفسير القمّي 2: 110. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 110.

4- الكافي 8: 87/ 51.

5- الكافي 8: 223/ 281.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 105

المستدرك (سورة النور) ..... ص : 105

سورة النور(24): آية 15 ..... ص : 105

قوله تعالى:

إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ [15]

[1]- ابن بابويه في كتاب (من لا يحضره الفقيه) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لابنه محمد بن الحنفية (رضي الله عنه): «يا بني لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله تبارك و تعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة، و يسألك عنها، و ذكرها و وعظها و حذرها و أدبها و لم يتركها سدى، فقال

الله عز و جل: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «1» و قال عز و جل: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ثم استعبدها بطاعته فقال عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «2» فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح، و قال عز و جل: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «3» يعني بالمساجد الوجه و اليدين و الركبتين و الإبهامين، و قال عز و جل: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ «4» يعني بالجلود الفروج».

__________________________________________________

1- من لا يحضره الفقيه 2: 381/ 1627.

(1) الإسراء 17: 36.

(2) الحج 22: 77.

(3) الجنّ 72: 18.

(4) فصلت 41: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 106

سورة النور(24): آية 53 ..... ص : 106

قوله تعالى:

وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [53]

[1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن مندل، عن بكار بن أبي بكر، عن عبد الله بن عجلان، قال: ذكرنا خروج القائم (عليه السلام) عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: كيف لنا أن نعلم ذلك؟ فقال: «يصبح أحدكم و تحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة».

سورة النور(24): آية 56 ..... ص : 106

قوله تعالى:

وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ [56]

[2]- محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن علي بن حديد، عن عثمان بن رشيد، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل قرن الزكاة بالصلاة، فقال: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ، فمن أقام الصلاة، و لم يؤت الزكاة، لم يقم الصلاة».

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 654/ 22.

2- الكافي 3: 506/ 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 109

سورة الفرقان ..... ص : 109

فضلها ..... ص : 109

7739/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «يا ابن عمار، لا تدع قراءة سورة تبارك الذي نزل الفرقان على عبده، فإن من قرأها في كل ليلة، لم يعذبه الله أبدا، و لم يحاسبه، و كان منزله في الفردوس الأعلى».

7740/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة بعثه الله يوم القيامة و هو موقن أن الساعة آتية لا ريب فيها، و دخل الجنة بغير حساب، و من كتبها و علقها عليه ثلاثة أيام لم يركب جملا و لا دابة إلا ماتت بعد ركوبه بثلاثة أيام، فإن وطئ زوجته و هي حامل طرحت ولدها في ساعته، و إن دخل على قوم بينهم بيع و شراء لم يتم لهم ذلك، و فسد ما كان بينهم، و لم يتراضوا على ما كان بينهم من بيع و شراء».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 109.

2- خواص القرآن: 9: 45 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 111

سورة الفرقان(25): آية 1 ..... ص : 111

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [1]

7741/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن سنان، عمن ذكره، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القرآن و الفرقان، أ هما شيئان، أو شي ء واحد؟ فقال (عليه السلام): «القرآن: جملة الكتاب، و الفرقان: المحكم الواجب العمل به».

7742/ [2]- ابن بابويه: بإسناده عن يزيد بن سلام، أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: لم سمي الفرقان فرقانا؟ قال: «لأنه متفرق الآيات، و السور، انزل في غير الألواح، و غيره من الصحف، و التوراة، و

الإنجيل، و الزبور، أنزلت كلها جملة في الألواح «1» و الورق».

7743/ [3]- المفيد في (الاختصاص) في حديث مسائل عبد الله بن سلام لرسول الله (صلى الله عليه و آله) قال:

فأخبرني، هل أنزل الله عليك كتابا؟ قال: «نعم» قال: و أي كتاب هو؟ قال: «الفرقان». قال: و لم سماه ربك فرقانا؟

قال: «لأنه متفرق الآيات و السور، انزل في غير الألواح، و غيره من الصحف، و التوراة، و الإنجيل، و الزبور، أنزلت كلها جملة في الألواح و الأوراق»، قال: صدقت، يا محمد.

__________________________________________________

1- الكافي 2: 461/ 11.

2- علل الشرائع: 470/ 33. [.....]

3- الاختصاص: 44.

(1) (و غيره من ... في الألواح) ليس في «ج، ي».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 112

سورة الفرقان(25): الآيات 2 الي 6 ..... ص : 112

اشارة

قوله تعالى:

الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً [2- 6] 7744/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم مدح الله عز و جل نفسه، فقال: الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إلى قوله تعالى: تَقْدِيراً.

ثم احتج عز و جل على قريش في عبادة الأصنام، فقال: وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ إلى قوله تعالى: وَ لا نُشُوراً ثم حكى عز و جل أيضا، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا يعني القرآن إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَ أَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ قالوا: إن هذا الذي يقرؤه محمد، و يخبرنا به، إنما يتعلمه من اليهود، و يكتبه من علماء النصارى، و يكتب عن رجل يقال له: ابن قبيصة «1»، ينقله عنه بالغداة و العشي. فحكى الله سبحانه قولهم، و رد عليهم، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ إلى قوله: بُكْرَةً وَ أَصِيلًا، فرد الله عليهم، فقال: قُلْ

يا محمد أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً.

7745/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم، و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ قال: «الإفك: الكذب وَ أَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ يعنون أبا فكيهة، و حبرا «2»، و عداسا، و عابسا «3» مولى حويطب، و قوله: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فهو قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة، قال: أساطير الأولين اكتتبها محمد، فهي تملى عليه بكرة و أصيلا».

حديث إسلام عداس ..... ص : 112

7746/ [3]- عمر بن إبراهيم الأوسي: قيل: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما مات أبو طالب، لج المشركون في أذيته، فصار يعرض نفسه على القبائل بالإسلام، و الإيمان، فلم يأت أحدا من القبائل إلا صده و رده، فقال بعضهم:

قوم الرجل أعلم به، أ ترون أن رجلا يصلحنا، و هو قد أفسد قومه؟ فعمد إلى ثقيف بالطائف، فوجد ساداتهم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 110.

2- تفسير القمّي 2: 111.

3- ... نحوه في تاريخ الطبري 2: 344.

(1) في المصدر: قبيطة.

(2) في «ج»: جبر.

(3) في «ي، ط»: عباسا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 113

جلوسا، و هم ثلاثة اخوة، فعرض عليهم الإسلام، و حذرهم من النار، و غضب الجبار، فقال بعضهم: أنا أسرق ثياب الكعبة، إن كان بعثك الله نبيا. قال آخر: يا محمد، أعجز الله أن يرسل غيرك! و قال الآخر: لا تكلموه، إن كان رسولا من الله كما يزعم، فهو أعظم قدرا من أن يكلمنا، و إن كان كاذبا على الله، فهو أسرف بكلامه. و جعلوا يستهزئون به، فجعل يمشي، كلما وضع قدما، وضعوا له صخرة، فما فرغ من أرضهم إلا و قدماه تشخب دما، فعمد

لحائط من كرومهم، و جلس مكروبا، فقال: «اللهم، إني أشكوا إليك غربتي، و كربتي، و هواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، أنت رب المكروبين، اللهم إن لم يكن بك علي غضب فلا ابالي، و لكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بك من سخطك، و بمعافاتك و من عقوبتك، و بك منك، لا احصي الثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، لك الحمد حتى ترضى، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم».

قيل: و كان في الكرم عتبة بن ربيعة، و شيبة، فكره أن يأتيهما، لما يعلم من عداوتهما، فقالا لغلام لهما، يقال له عداس: خذ قطفين من العنب، و قدحا من الماء، و أذهب بهما إلى ذلك الرجل، و إنه سيسألك: أ هدية، أم صدقة؟ فإن قلت صدقة، لم يقبلها، بل قل: هدية. فمضى، و وضعه بين يديه، فقال: «هدية، أم صدقة؟» فقال:

هدية. فمد يده، و قال: «بسم الله الرحمن الرحيم» و كان عداس نصرانيا، فلما سمعه تعجب منه، و صار ينظره، فقال له: «يا عداس، من أين؟» قال: من أهل نينوى. قال: «من مدينة الرجل الصالح أخي يونس بن متى؟» قال: و من أعلمك؟ فأخبره بقصته، و بما اوحي إليه. فقال: و من قبله؟ فقال: «نوح و لوط» و أخبره بالقصة فخر ساجدا لله، و جعل يقبل يديه، و أسياده ينظرون إليه، فقال أحدهما للآخر: سحر غلامك. فلما أتاهما، قالا له: ما شأنك، سجدت و قبلت يديه! فقال: يا أسيادي، ما على وجه الأرض أشرف، و لا ألطف، و لا أخير منه. قالوا: و لم ذلك؟

قال: حدثني بأنبياء ماضية، و نبينا يونس بن متي. فقالا: يا ويلك، فتنك عن دينك؟

فقال: و الله إنه نبي مرسل. قالا له: ويحك، عزمت قريش على قتله، فقال، هو و الله يقتلهم و يسودهم و يشرفهم، إن تبعوه دخلوا الجنة، و خاب من لا يتبعه. فقاما يريدان ضربه، فركض للنبي (صلى الله عليه و آله) و أسلم.

سورة الفرقان(25): الآيات 7 الي 10 ..... ص : 113

قوله تعالى:

وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ- إلى قوله تعالى- وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً [7- 10] 7747/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله قولهم أيضا، فقال: وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها، فرد

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 114

الله عز و جل عليهم، فقال: وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً «1»، أي اختبارا. فعير رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالفقر، فقال الله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً.

و قد تقدم حديث في هذه الآية، في قوله تعالى: وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً «2» من سورة الإسراء.

7748/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل بن جميل الرقي، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية هكذا: وَ قالَ الظَّالِمُونَ لآل محمد حقهم إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً انْظُرْ

كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا- قال: إلى ولاية علي (عليه السلام)، و علي (عليه السلام) هو السبيل».

و عنه، قال: حدثني محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «3».

7749/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قرأ: «وَ قالَ الظَّالِمُونَ لآل محمد حقهم إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً، يعنون محمدا (صلى الله عليه و آله)، فقال الله عز و جل لرسوله: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا إلى ولاية علي (عليه السلام)، و علي (عليه السلام) هو السبيل».

سورة الفرقان(25): آية 11 ..... ص : 114

قوله تعالى:

بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً [11]

7750/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا عبد الواحد بن عبد الله، قال: أخبرنا محمد بن جعفر

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 111.

3- تأويل الآيات 1: 371/ 1.

1- الغيبة: 85/ 15.

(1) الفرقان 25: 20.

(2) الاسراء 17: 90. [.....]

(3) تفسير القمّي 2: 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 115

القرشي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبي الصامت، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): «الليل اثنتا عشرة ساعة، و النهار اثنتا عشرة ساعة، و الشهور اثنا عشر شهرا، و الأئمة اثنا عشر إماما، و النقباء اثنا عشر نقيبا، و إن عليا (عليه السلام) ساعة من اثنتي عشرة

ساعة، و هو قول الله عز و جل: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً».

7751/ [1]- و

عنه، قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري، قال: حدثنا أحمد بن علي الحميري، قال: حدثني الحسن بن أيوب، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً؟ فقال لي: «إن الله خلق السنة اثني عشر شهرا، و جعل الليل اثنتي عشرة ساعة، و جعل النهار اثنتي عشرة ساعة، و منا اثني عشر محدثا، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) ساعة من تلك الساعات».

7752/ [2]-

علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثني الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن عمر الكلبي، عن أبي الصامت، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الليل و النهار اثنتا عشرة ساعة، و إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أشرف ساعة من اثنتي عشرة ساعة، و هو قول الله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً».

7753/ [3]-

ابن شهر آشوب: عن علي بن حاتم، في كتاب (الأخبار) لأبي الفرج بن شاذان، أنه نزل قوله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ يعني كذبوا بولاية علي (عليه السلام)، قال: و هو المروي عن الرضا (عليه السلام).

سورة الفرقان(25): الآيات 12 الي 14 ..... ص : 115

قوله تعالى:

إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ- إلى قوله تعالى- ثُبُوراً كَثِيراً [12- 14] 7754/ [4]-

علي بن إبراهيم، إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، قال: من مسيرة سنة.

قال الطبرسي: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

7755/ [5]- علي بن

إبراهيم: سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَ زَفِيراً وَ إِذا أُلْقُوا مِنْها أي فيها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ قال: مقيدين، بعضهم مع بعض دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً.

__________________________________________________

1- الغيبة: 84/ 13.

2- تفسير القمّي 2: 112.

3- المناقب 3: 103.

4- تفسير القمّي 2: 112.

5- تفسير القمّي 2: 112.

(1) مجمع البيان 7: 257.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 116

7756/ [1]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم الكاتب، قال: حدثنا محمد بن أبي الثلج، قال: أخبرني عيسى بن مهران، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثني كثير بن طارق، قال: سألت زيد بن علي بن الحسن (عليه السلام) عن قول الله تعالى: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً.

قال: يا كثير، إنك رجل صالح، و لست بمتهم، و إني أخاف عليك أن تهلك، إن كل إمام جائر، فإن أتباعه إذا امر بهم إلى النار نادوه باسمه، فقالوا: يا فلان، يا من أهلكنا، هلم الآن فخلصنا مما نحن فيه، ثم يدعون بالويل و الثبور، فعندها يقال لهم: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً.

ثم قال زيد بن علي (رحمه الله): حدثني أبي علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): يا علي، أنت و أصحابك في الجنة. يا علي، أنت و أتباعك في الجنة».

سورة الفرقان(25): الآيات 17 الي 19 ..... ص : 116

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ- إلى قوله تعالى- صَرْفاً وَ لا نَصْراً [17- 19] 7757/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر عز و جل احتجاجه على الملحدين، و عبدة الأصنام و النيران يوم القيامة، و عبدة الشمس و القمر و الكواكب، و غيرهم، فقال: وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَ

ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ الله لمن عبدوهم: أَ أَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ فيقولون: ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ إلى قوله تعالى قَوْماً بُوراً أي قوم سوء.

ثم يقول الله عز و جل للناس الذين عبدوهم: فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَ لا نَصْراً.

7758/ [3]- ابن بابويه، بإسناده عن امية بن يزيد القرشي، قال: قيل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): ما العدل، يا رسول الله؟ قال: «الفدية». قال: قيل: ما الصرف، يا رسول الله؟ قال: «التوبة».

سورة الفرقان(25): آية 20 ..... ص : 116

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً- إلى قوله تعالى- وَ كانَ رَبُّكَ بَصِيراً [20] 7759/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً: أي اختبارا.

__________________________________________________

1- الأمالي 1: 56.

2- تفسير القمّي 2: 112.

3- معاني الأخبار: 265/ 2.

4- تفسير القمّي 2: 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 117

7760/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، قال: حدثني مولاي أبو الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليهم السلام)، قال: «جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)، فأغلق عليهم الباب، فقال: يا أهلي و أهل الله، إن الله عز و جل يقرأ عليكم السلام، و هذا جبرئيل معكم في البيت، و يقول:

إن الله عز و جل يقول: إني قد جعلت عدوكم لكم فتنة، فما تقولون؟ قالوا: نصبر- يا رسول الله- لأمر الله، و ما نزل من قضائه، حتى نقدم على الله عز و جل،

و نستكمل جزيل ثوابه، و قد سمعناه يعد الصابرين الخير كله فبكى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَ تَصْبِرُونَ وَ كانَ رَبُّكَ بَصِيراً أنهم سيصبرون، أي سيصبرون كما قالوا (صلوات الله عليكم أجمعين)».

سورة الفرقان(25): آية 22 ..... ص : 117

قوله تعالى:

يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً [22] 7761/ [2]- علي بن إبراهيم: أي قدرا مقدورا.

7762/ [3]- و

في كتاب (الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و ذكر حديث قبض روح الكافر، قال (عليه السلام): «فإذا بلغت الحلقوم، ضربت الملائكة وجهه و دبره، و قيل: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ «1»، و ذلك قوله تعالى: يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً فيقولون: حراما عليكم الجنة محرما».

سورة الفرقان(25): آية 23 ..... ص : 117

قوله تعالى:

وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [23]

7763/ [4]- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 372/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 112.

3- الاختصاص: 359. [.....]

4- الكافي 2: 66/ 5.

(1) الأنعام 6: 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 118

سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول عز و جل: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً، قال: «أما و الله، لقد كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي «1»، و لكن كانوا إذا عرض لهم حرام لم يدعوه».

7764/ [2]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً، قال: «إن كانت أعمالهم لأشد بياضا من القباطي،

فيقول الله عز و جل لها: كوني هباء و ذلك أنهم كانوا إذا شرع لهم الحرام أخذوه».

7765/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي، ثم يقال له: كن هباء منثورا».

ثم قال: «أما و الله- يا أبا حمزة- إنهم كانوا يصومون، و يصلون، و لكن كانوا إذا عرض لهم شي ء من الحرام أخذوه، و إذا ذكر لهم شي ء مكن فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) أنكروه- قال- و الهباء المنثور: هو الذي تراه يدخل البيت من الكوة، من شعاع الشمس».

7766/ [4]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن منصور بزرج، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن الأعمال تعرض كل خميس على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا كان يوم عرفة، هبط الرب تبارك و تعالى «2»، و هو قول الله تبارك و تعالى: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً».

فقلت: جعلت فداك، أعمال من هذه؟ فقال: «أعمال مبغضينا، و مبغضي شيعتنا».

7767/ [5]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: عن حذيفة بن اليمان، رفعه عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن قوما يجيئون يوم القيامة، و لهم من الحسنات أمثال الجبال، فيجعلها الله هباء منثورا، ثم يؤمر بهم إلى النار».

فقال سلمان: صفهم «3» لنا، يا رسول الله. فقال: «أما إنهم قد كانوا يصومون و يصلون، و يأخذون اهبة «4» من الليل،

__________________________________________________

2- الكافي 5: 126/ 10.

3- تفسير القمّي 2: 112.

4- بصائر الدرجات: 446/

15.

5- إرشاد القلوب: 191.

(1) القباطيّ، جمع القبطيّة، و هي ثياب بيض رقاق من كتّان. «الصحاح- قبط- 3: 1151».

(2) أي هبط أمره تبارك و تعالى.

(3) في «ط»: جلّهم.

(4) الأهبة: العدّة. «لسان العرب- أهب- 1: 217».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 119

و لكنهم كانوا إذا عرض لهم شي ء من الحرام وثبوا إليه».

7768/ [6]- الشيخ أحمد بن فهد في كتاب (عدة الداعي)̠قال: روى الشيخ أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد «1» القمي نزيل الري، في كتابه (المنبئ عن زهد النبي (صلى الله عليه و آله)، عن عبد الرحمن «2»، عمن حدثه، عن معاذ بن جبل، قال: قلت: حدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و حفظته من دقة ما حدثك به. قال:

نعم و بكى معاذ، ثم قال: بأبي و امي، حدثني و أنا رديفه- قال- بينا نحن نسير، إذ رفع بصره إلى السماء، فقال:

«الحمد لله الذي يقضي في خلقه ما أحب» ثم قال: «يا معاذ» قلت: لبيك، يا رسول الله، و سيد المؤمنين. قال: «يا معاذ» قلت لبيك، يا رسول الله، إمام الخير، و نبي الرحمة، فقال: «أحدثك شيئا ما حدث به نبي أمته، إن حفظته نفعك عيشك، و إن سمعته و لم تحفظه انقطعت حجتك عند الله».

ثم قال: «إن الله خلق سبعة أملاك، قبل أن يخلق السماوات، فجعل في كل سماء ملكا قد جللها بعظمته، و جعل على كل باب من أبواب السماوات ملكا بوابا، فتكتب الحفظة عمل العبد، من حين يصبح إلى حين يمسي، ثم ترتفع «3» الحفظة بعمله، و له نور كنور الشمس، حتى إذا بلغ سماء الدنيا، فتزكيه، و تكثره، فيقول الملك:

قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا

ملك الغيبة، فمن اغتاب فلا أدع عمله يجاوزني إلى غيري، أمرني بذلك ربي».

قال (صلى الله عليه و آله): «ثم تجي ء الحفظة من الغد، و معهم عمل صالح فتمر به، فتزكيه، و تكثره، حتى يبلغ السماء الثانية، فيقول الملك الذي في السماء الثانية: قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، إنما أراد بهذا عرض الدنيا، أنا صاحب الدنيا، لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري».

قال: «ثم تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا بصدقة، و صلاة، فتعجب به الحفظة، و تجاوز به إلى السماء الثالثة، فيقول الملك: قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه و ظهره، أنا ملك صاحب الكبر. فيقول: إنه عمل و تكبر على الناس في مجالسهم، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري».

قال: «و تصعد الحفظة بعمل العبد، يزهر كالكواكب الدري في السماء، له دوي بالتسبيح، و الصوم، و الحج، فتمر به إلى السماء الرابعة. فيقول لهم الملك: قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه، أنا ملك العجب، إنه كان يعجب بنفسه، و إنه عمل و أدخل نفسه العجب، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري».

قال: «و تصعد الحفظة بعمل العبد، كالعروس المزفوفة إلى أهلها، فتمر به إلى ملك السماء الخامسة،

__________________________________________________

6- عدة الداعي: 242.

(1) في «ج، ي، ط»: أبو محمد جعفر بن أحمد بن علي، و في المصدر: أبو جعفر محمد بن أحمد بن علي، راجع رجال الطوسي: 457/ 1، جامع الرواة 1: 154.

(2) (عبد الرحمن) ليس في «ج»، و في المصدر: عبد الواحد.

(3) في نسخة من «ط»: ترد. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 120

بالجهاد، و الصلاة «1» ما بين الصلاتين، و لذلك العمل رنين كرنين الإبل، عليه ضوء

كضوء الشمس. فيقول الملك:

قفوا، أنا ملك الحسد، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، و احملوه على عاتقه، إنه كان يحسد من يتعلم أو يعمل لله بطاعته، و إذا رأى لأحد فضلا في العمل و العبادة حسده و وقع فيه، فيحمله على عاتقه، و يلعنه عمله».

قال: «و تصعد الحفظة بعمل العبد، من صلاة، و زكاة، و حج، و عمرة، فيتجاوزون به إلى السماء السادسة، فيقول الملك: قفوا، أنا صاحب الرحمة، اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، و اطمسوا عينيه، لأن صاحبه لم يرحم شيئا، و إذا أصاب عبدا من عباد الله ذنب للآخرة، أو ضر في الدنيا، شمت به، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني».

قال: «فتصعد الحفظة بعمل العبد، بفقه، و اجتهاد، و و ورع، و له صوت كصوت الرعد، و ضوء كضوء البرق، و معه ثلاثة آلاف ملك، فتمر به إلى السماء السابعة، فيقول الملك: قفوا، و اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا ملك الحجاب، أحجب كل عمل ليس لله، إنه أراد رفعة عند الناس «2»، و ذكرا في المجالس، و صيتا في المدائن، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري ما لم يكن لله خالصا».

قال: «و تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من صلاة، و زكاة، و صيام، و حج، و عمرة، و حسن خلق، و صمت، و ذكر كثير، تشيعه ملائكة السماوات و الملائكة السبعة بجماعتهم، فيطوون «3» الحجب كلها، حتى يقوموا بين يدي الله سبحانه، فيشهدوا له بعمل صالح و دعاء، فيقول: أنتم حفظة عمل عبدي، و أنا رقيب على ما في نفسه، إنه لم يردني بهذا العمل، عليه لعنتي. فتقول الملائكة: عليه لعنتك، و لعنتنا» قال: ثم بكى معاذ،

فقال:

قلت: يا رسول الله، ما أعمل و أخلص فيه؟ قال: «اقتد بنبيك- يا معاذ- في اليقين». قال: قلت أنت رسول الله، و أنا معاذ! قال: «و إن كان في عملك تقصير- يا معاذ- فاقطع لسانك عن إخوانك، و عن حملة القرآن، و لتكن ذنوبك عليك، لا تحملها على إخوانك، و لا تزك نفسك بتذميم إخوانك، و لا ترفع نفسك بوضع إخوانك، و لا تراء بعملك، و لا تدخل من الدنيا في الآخرة، و لا تفحش في مجلسك لكي يحذروك لسوء خلقك، و لا تناج مع رجل و أنت مع آخر، و لا تتعظم على الناس فتنقطع عنك خيرات الدنيا، و لا تمزق الناس فتمزقك كلاب أهل النار، قال الله تعالى: وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً «4» أ فتدري ما الناشطات؟ هي كلاب أهل النار، تنشط اللحم و العظم».

قلت: و من يطيق هذه الخصال؟ قال: «يا معاذ، أما إنه يسير على من يسر الله تعالى عليه».

قال: و ما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن، كما يكثر تلاوة هذا الحديث.

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: و الصدقة.

(2) في المصدر: القوّاد.

(3) في المصدر: فيطئون.

(4) النازعات 79: 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 121

7769/ [7]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)- في حديث له- قال: «أما الزكاة فقد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أدى الزكاة إلى مستحقها، و قضى الصلاة على حدودها، و لم يلحق بهما من الموبقات ما يبطلهما، جاء يوم القيامة يغبطه كل من في تلك العرصات، حتى يرفعه نسيم الجنة إلى أعلى غرفها و علاليها «1»، بحضرة من كان يواليه من محمد و آله الطيبين (صلوات الله عليهم أجمعين).

و من بخل بزكاته، و أدى صلاته فصلاته محبوسة

دوين السماء، إلى أن يجي ء حين زكاته، فإن أداها جعلت كأحسن الأفراس مطية لصلاته، فحملتها إلى ساق العرش، فيقول الله عز و جل: سر إلى الجنان، و اركض فيها إلى يوم القيامة، فما انتهى إليه ركضك فهو كله بسائر ما تمسه لباعثك. فيركض فيها، على أن كل ركضة مسيرة سنة في قدر لمحة بصره، من يومه إلى يوم القيامة، حتى ينتهي به إلى حيث ما شاء الله تعالى، فيكون ذلك كله له، و مثله عن يمينه، و شماله، و أمامه، و خلفه، و فوقه، و تحته. و إن بخل بزكاته و لم يؤدها، امر بالصلاة فردت إليه، و لفت كما يلف الثوب الخلق، ثم يضرب بها وجهه، و يقال له: يا عبد الله، ما تصنع بهذا دون هذا؟

قال: «فقال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أسوأ حال هذا! قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أو لا أنبئكم بمن هو أسوأ حالا من هذا؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: رجل حضر الجهاد في سبيل الله تعالى، فقتل مقبلا غير مدبر، و الحور العين يتطلعن إليه، و خزان الجنان يتطلعون إلى ورود روحه عليهم، و أملاك السماء و أملاك الأرض يتطلعون إلى نزول الحور العين إليه، و الملائكة خزان الجنان، فلا يأتونه، فتقول ملائكة الأرض حوالي ذلك المقتول: ما بال الحور العين لا ينزلن إليه، و ما بال خزان الجنان لا يردون عليه؟ فينادون من فوق السماء السابعة: يا أيتها الملائكة، انظروا إلى آفاق السماء و دوينها. فينظرون، فإذا توحيد هذا العبد، و إيمانه برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و صلاته، و زكاته، و صدقته، و أعمال بره كلها،

محبوسات دوين السماء، و قد طبقت آفاق السماء كلها، كالقافلة العظيمة، قد ملأت ما بين أقصى المشارق و المغارب، و مهاب الشمال و الجنوب، تنادي أملاك تلك الأعمال الحاملون لها، الواردون بها: ما بالنا لا تفتح لنا أبواب السماء، لندخل إليها بأعمال هذا الشهيد؟ فيأمر الله عز و جل بفتح أبواب السماء، فتفتح، ثم ينادي هؤلاء الأملاك: ادخلوها إن قدرتم. فلا تقلهم أجنحتهم، و لا يقدرون على الارتفاع بتلك الأعمال، فيقولون: يا ربنا، لا نقدر على الارتفاع بهذه الأعمال.

فينادي منادي ربنا عز و جل: يا أيها الملائكة، لستم حمالي هذه الأثقال الصاعدين بها، إن حملتها الصاعدين بها مطاياها التي تزفها إلى دوين العرش، ثم تقرها في درجات الجنان. فتقول الملائكة: يا ربنا، ما مطاياها؟ فيقول الله تعالى: و ما الذي حملتم من عنده؟ فيقولون: توحيده لك، و إيمانه بنبيك. فيقول الله تعالى:

فمطاياها موالاة علي أخي نبيي، و موالاة الأئمة الطاهرين، فإن أتت فهي الحاملة، الرافعة، الواضعة لها في الجنان.

فينظرون، فإذا الرجل مع ماله من هذه الأشياء، ليس له موالاة علي بن أبي طالب و الطيبين من آله (عليهم السلام)،

__________________________________________________

7- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 76/ 39.

(1) العلّالي: جمع العلّيّة، و هي الغرفة. «الصحاح- علا- 6: 2437».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 122

و معاداة أعدائهم، فيقول الله تبارك و تعالى للملائكة الذين كانوا حامليها: اعتزلوها، و الحقوا بمراكزكم من ملكوتي، ليأتيها من هو أحق بحملها، و وضعها في مواضع استحقاقها، فتلحق تلك الأملاك بمراكزها المجعولة لها.

ثم ينادي منادي ربنا عز و جل: يا أيتها الزبانية، تناوليها و حطيها إلى سواء الجحيم، لأن صاحبها لم يجعل لها مطايا من موالاة علي و الطيبين من آله

(عليهم السلام). قال: فينادي تلك الأملاك، و يقلب الله عز و جل تلك الأثقال أوزارا و بلايا على باعثها لما فارقتها مطاياها من موالاة أمير المؤمنين (عليه السلام)، و نادت تلك الملائكة إلى مخالفته لعلي (عليه السلام)، و مولاته لأعدائه، فيسلطها الله تعالى و هي في صورة الأسود على تلك الأعمال، و هي كالغربان و القرقس «1»، فتخرج من أفواه تلك الأسود نيران تحرقها، و لا يبقى له عمل إلا أحبط، و يبقى عليه موالاته لأعداء علي (عليه السلام)، و جحده ولايته، فيقره ذلك في سواء الجحيم، فإذا هو قد حبطت أعماله، و عظمت أوزاره و أثقاله، فهذا أسوأ حالا من مانع الزكاة الذي يحفظ الصلاة «2»».

7770/ [8]- الشيخ في أماليه، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني، قال: حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن سعد بن سعيد، عن يونس بن الحباب، عن علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، قال:

«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما بال أقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم (عليه السلام) فرحوا و استبشروا، و إذا ذكر عندهم آل محمد (عليهم السلام) اشمأزت قلوبهم؟ و الذي نفس محمد بيده، لو أن عبدا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيا، ما قبل الله ذلك منه حتى يلقاه بولايتي و ولاية أهل بيتي».

و الروايات في أن الأعمال قبولها يتوقف على موالاة أهل البيت (عليهم السلام) أكثر من أن تحصى.

سورة الفرقان(25): آية 24 ..... ص : 122

قوله تعالى:

أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا [24]

7771/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن

أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى:

أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا فبلغنا- و الله أعلم- أنه إذا استوى أهل النار إلى النار لينطلق بهم قبل أن يدخلوا النار، فيقال لهم: ادخلوا إلى ظل ذي ثلاث شعب من دخان النار فيحسبون أنها الجنة، ثم يدخلون النار أفواجا، و ذلك نصف النهار، و أقبل أهل الجنة فيما اشتهوا من التحف، حتى يعطوا منازلهم في

__________________________________________________

8- الأمالي 1: 139.

1- تفسير القمّي 2: 113.

(1) القرقس: البعوض، و قيل: البقّ. «لسان العرب 6: 173».

(2) في «ط»: التي تحبط بالصلاة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 123

الجنة نصف النهار، فذلك قول الله عز و جل: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا.

7772/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، و الحسن بن علي جميعا، عن أبي جميلة مفضل بن صالح، عن جابر، عن عبد الأعلى، و علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إبراهيم، عن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث إذا وضع المؤمن في قبره-: «ثم يفسحان- يعني الملكين- له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين، نوم الشاب الناعم، فإن الله عز و جل يقول: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا».

و رواه الشيخ في (أماليه): بإسناده عن جابر، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و عن عبد الله بن العباس «1»، في حديث طويل، ذكرناه

بطوله في قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ، من سورة إبراهيم (عليه السلام) «2».

سورة الفرقان(25): آية 25 ..... ص : 123

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَ نُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا [25]

7773/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد ابن حمدان، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَ نُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا، قال: «الغمام: أمير المؤمنين (عليه السلام)».

سورة الفرقان(25): آية 26 ..... ص : 123

قوله تعالى:

الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَ كانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً [26] 7774/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي، عن أبيه الحسن، عن أبيه، عن علي بن

__________________________________________________

1- الكافي 3: 231/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 113.

3- تأويل الآيات 1: 372/ 4.

(1) الأمالي 1: 357. [.....]

(2) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآية (27) من سورة إبراهيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 124

أسباط، قال: روى أصحابنا في قول الله عز و جل: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ، قال: «إن الملك للرحمن اليوم و قبل اليوم و بعد اليوم، و لكن إذا قام القائم (عليه السلام) لم يعبد إلا الله عز و جل بالطاعة».

سورة الفرقان(25): الآيات 27 الي 29 ..... ص : 124

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا [27- 29] 7775/ [1]- الطبرسي في (مجمع البيان)، قال عطاء: يأكل يديه حتى تذهبا إلى المرفقين، ثم تنبتان، و لا يزال هكذا، كلما نبتت يده أكلها، ندامة على ما فعل.

7776/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7777/ [3]- و

عنه: بالإسناد عن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا قال: يعني علي ابن أبي

طالب (عليه السلام)».

7778/ [4]- و

عن محمد بن إسماعيل (رحمه الله)، بإسناده عن جعفر بن محمد الطيار، عن أبي الخطاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «و الله ما كنى الله في كتابه حتى قال: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا، و إنما هي في مصحف علي (عليه السلام): يا ويلتي ليتني لم أتخذ الثاني خليلا، و سيظهر يوما».

7779/ [5]- و

عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا- قال- يقول الأول للثاني».

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 263.

2- تأويل الآيات 1: 373/ 5.

3- تأويل الآيات 1: 373/ 6.

4- تأويل الآيات 1: 374/ 8.

5- تأويل الآيات 1: 374/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 125

7780/ [6]- محمد بن إبراهيم المعروف بابن زينب النعماني في كتاب (الغيبة)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن المعمر الطبراني بطبرية «1»، سنة ثلاث و ثلاثين و ثلاث مائة، و كان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية، و من النصاب، قال. حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن هاشم، و الحسن بن السكن، قالا: حدثنا عبد الرزاق بن همام، قال:

أخبرني أبي، عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: وفد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أهل اليمن، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «جاءكم أهل اليمن يبسون «2» بسيسا». فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «قوم رقيقة قلوبهم، راسخ إيمانهم، و منهم المنصور، يخرج في سبعين

ألفا، ينصر خلفي و خلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك».

فقالوا: يا رسول الله، و من وصيك؟ فقال: «هو الذي أمركم الله بالاعتصام به، فقال عز و جل: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا «3»».

فقالوا: يا رسول الله، بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: «هو قول الله: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ «4» فالحبل من الله كتابه، و الحبل من الناس وصيي».

فقالوا: يا رسول الله، و من وصيك؟ فقال: «هو الذي أنزل الله فيه: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «5»».

فقالوا: يا رسول الله، و ما جنب الله هذا؟ فقال: «هو الذي يقول الله فيه: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا، هو وصيي، و السبيل إلي من بعدي».

فقالوا: يا رسول الله، بالذي بعثك بالحق نبيا أرناه، فقد اشتقنا إليه. فقال: «هو الذي جعله الله آية للمتوسمين «6»، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد، عرفتم أنه وصيي، كما عرفتم أني نبيكم، فتخللوا الصفوف، و تصفحوا الوجوه، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لأن الله عز و جل يقول في كتابه:

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ «7» أي إليه و إلى ذريته (عليهم السلام)».

قال: فقام أبو عامر «8» الأشعري في الأشعريين، و أبو غرة الخولاني في الخولانيين، و ظبيان، و عثمان بن

__________________________________________________

6- الغيبة: 39/ 1.

(1) طبريّة: بليدة من أعمال الأردنّ، مطلّة على البحيرة المعروفة ببحيرة طبريّة. «معجم البلدان 4: 17».

(2) بسّ الإبل: ساقها سوقا ليّنا. «أقرب الموارد- بسس- 1: 42».

(3) آل عمران 3: 103.

(4) آل عمران 3: 112.

(5) الزمر 39: 56.

(6) المتوسّمين: المعتبرين العارفين

المتعظين. «مفردات الراغب: 524، و في المصدر: للمؤمنين المتوسّمين.

(7) إبراهيم 14: 37. [.....]

(8) في «ط، ي»: ابن عامر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 126

قيس في بني قيس، و عرنة «1» الدوسي في الدوسيين، و لاحق بن علاقة، فتخللوا الصفوف، و تصفحوا الوجوه، و أخذوا بيد الأنزع «2» الأصلع البطين، و قالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا، يا رسول الله. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «أنتم نخبة «3» الله حين عرفتم وصي رسول الله من قبل أن تعرفوه، فبم عرفتم أنه هو» فرفعوا أصواتهم يبكون، و قالوا: يا رسول الله، نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم قلوبنا، فلما رأيناه رجفت قلوبنا، ثم اطمأنت نفوسنا، فانجاشت «4» أكبادنا، و هملت أعيننا، و تبلجت «5» صدورنا، حتى كأنه لنا أب، و نحن له بنون. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «6» أنتم منهم بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى، و أنتم عن النار مبعدون».

قال: فبقي هؤلاء القوم المسمون، حتى شهدوا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمل و صفين، فقتلوا بصفين رحمهم الله، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) بشرهم بالجنة، و أخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) «7».

7781/ [7]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن علي بن معمر، عن محمد بن علي بن عكاية التميمي، عن الحسين بن النضر الفهري، عن أبي عمرو الأوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله، قد أرمضني «8»، اختلاف الشيعة في مذاهبها. فقال: «يا جابر، أ لم أقفك على معنى اختلافهم

من أين اختلفوا، و من أي جهة تفرقوا؟» قلت: بلى، يا ابن رسول الله، قال: «فلا تختلف إذا اختلفوا- يا جابر- إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في أيامه، يا جابر اسمع و ع» قلت: إذا شئت.

قال: «اسمع و ع، و بلغ حيث انتهت بك راحلتك، أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك حين فرغ من جمع القرآن و تأليفه، فقال: الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده، و حجب العقول أن تتخيل ذاته، لامتناعها من الشبه و التشاكل» و ساق الخطبة الجليلة، إلى أن قال (عليه السلام) بعد مضي كثير من الخطبة:

«أيها الناس، إن الله عز و جل وعد نبيه محمدا (صلى الله عليه و آله) الوسيلة، و وعده الحق، و لن يخلف الله وعده، ألا و إن الوسيلة أعلى درجة الجنة، و ذروة ذوائب الزلفة، و نهاية غاية الامنية، لها ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى

__________________________________________________

7- الكافي 8: 18/ 4.

(1) في «ط»: عزته. و في «ي»: غريه.

(2) النّزع: انحسار مقدّم شعر الرأس عن جانبي الجبهة. «لسان العرب- نزع- 8: 352».

(3) في المصدر: نجبة.

(4) في «ط، ي»: فانجاست.

(5) بلجت الصدور: انشرحت. «أقرب الموارد- بلج- 1: 57»، في المصدر: انثلجت.

(6) آل عمران 3: 7.

(7) تقدّم في سورة آل عمران 3: 103/ 1.

(8) أرمضني: أي أوجعني. «لسان العرب- رمض- 7: 161» و في «ي»، و «ط» نسخة بدل: أمرضني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 127

المرقاة حضر «1» الفرس الجواد مائة ألف عام «2» و هو ما بين مرقاة درة إلى مرقاة جوهرة، إلى

مرقاة زبرجدة، إلى مرقاة لؤلؤة، إلى مرقاة ياقوتة، إلى مرقاة زمردة، إلى مرقاة مرجان، إلى مرقاة كافور، إلى مرقاة عنبر، إلى مرقاة يلنجوج «3»، إلى مرقاة ذهب، إلى مرقاة فضة، إلى مرقاة غمام، إلى مرقاة هواء، إلى مرقاة نور، قد نافت «4» على كل الجنان، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يومئذ قاعد عليها، مرتد بريطتين «5»: ريطة من رحمة الله، و ريطة من نور الله، عليه تاج النبوة، و إكليل الرسالة، قد أشرق بنوره الموقف، و أنا يومئذ على الدرجة الرفيعة، و هي دون درجته، و علي ريطتان، ريطة من أرجوان النور، و ريطة من كافور، و الرسل و الأنبياء «6» قد وقفوا «7» على المراقي، و أعلام الأزمنة و حجج الدهور عن أيماننا، قد تجللتهم حلل النور و الكرامة، لا يرانا ملك مقرب، و لا نبي مرسل إلا بهت من أنوارنا، و عجب من ضيائنا و جلالتنا.

و عن يمين الوسيلة، عن يمين رسول الله (صلى الله عليه و آله) غمامة بسط البصر، يأتي منها النداء: يا أهل الموقف، طوبى لمن أحب الوصي، و آمن بالنبي الامي العربي، و من كفر به فالنار موعده. و عن يسار الوسيلة، عن يسار رسول الله (صلى الله عليه و آله) ظلة «8» يأتي منها النداء: يا أهل الموقف، طوبى لمن أحب الوصي، و آمن بالنبي الامي، و الذي له الملك الأعلى، لا فاز أحد، و لا نال الروح «9» و الجنة إلا من لقي خالقه بالإخلاص لهما، و الاقتداء بنجومهما، فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم، و شرف مقتداكم «10»، و كرم مآبكم، و بفوزكم اليوم، على سرر متقابلين، و يا أهل الانحراف و

الصدود عن الله عز ذكره، و رسوله، و صراطه، و أعلام الأزمنة، أيقنوا بسواد وجوهكم، و غضب ربكم، جزاء بما كنتم تعملون.

و ما من رسول سلف، و لا نبي مضى، إلا و قد كان مخبرا أمته بالمرسل الوارد من بعده، و مبشرا برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و موصيا قومه باتباعه، و محليه عند قومه ليعرفوه بصفته، و ليتبعوه على شريعته، و لكيلا يضلوا فيه من بعده، فيكون من هلك و ضل بعد وقوع الإعذار و الإنذار عن بينة و تعيين حجة.

فكانت الأمم في رجاء من الرسل، و ورود من الأنبياء، و لئن أصيبت أمة بفقد نبي بعد نبي، على عظم

__________________________________________________

(1) الحضر: العدو. «النهاية 1: 398».

(2) في «ج، ي» نسخة بدل: ألف عام، و في المصدر: مائة عام.

(3) اليلنجوج: عود البخور. «القاموس المحيط 1: 212».

(4 ناف: ارتفع و أشرف. «لسان العرب- نوف- 9: 342». [.....]

(5) الرّيطة: كلّ ثوب رقيق ليّن. «النهاية 2: 289».

(6) في «ج، ي، ط»: و الأوصياء.

(7) في «ج، ي، ط»: فدوننا.

(8) في «ي، ط»: ظلمة.

(9) الرّوح: الرحمة. «لسان العرب- روح- 2: 462».

(10) في المصدر: مقعدكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 128

مصائبهم و فجائعهم «1»، فقد كانت على سعة من الآمال، و لم تك مصيبة عظمت، و لا رزية جلت كالمصيبة برسول الله (صلى الله عليه و آله)، لأن الله حسم «2» به الإنذار و الإعذار، و قطع به الاحتجاج و العذر بينه و بين خلقه، و جعله بابه الذي بينه و بين عباده، و مهيمنه الذي لا يقبل إلا به، و لا قربة إليه إلا بطاعته، و قال في محكم كتابه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى

فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً «3»، فقرن طاعته بطاعته، و معصيته بمعصيته، فكان ذلك دليلا على ما فوض الله إليه، و شاهدا له على من اتبعه و عصاه، و بين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم، فقال تبارك و تعالى في التحريض على اتباعه، و الترغيب في تصديقه، و القبول لدعوته: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «4»، فاتباعه (عليه السلام) محبة الله، و رضاه غفران الذنوب، و كمال النور «5» و وجوب الجنة، و في التولي عنه و الإعراض محادة الله، و غضبه و سخطه، و البعد منه مسكن النار، و ذلك قوله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ «6» يعني الجحود به، و العصيان له.

و إن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده، و قتل بيدي أضداده، و أفنى بسيفي جحاده، و جعلني زلفة للمؤمنين، و حياض موت على الجبارين، و سيفه على المجرمين، و شد بي أزر رسوله، و أكرمني بنصره، و شرفني بعلمه، و حباني بأحكامه، و اختصني بوصيته، و اصطفاني لخلافته في أمته، فقال (صلى الله عليه و آله) و قد حشده المهاجرون و الأنصار، و غصت «7» بهم المحافل: أيها الناس، إن عليا مني كهارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه و امه كما كان هارون أخا موسى لأبيه و امه، و لا كنت نبيا فأقتضي نبوة، و لكن كان ذلك منه استخلافا لي، كما استخلف موسى هارون (صلى الله عليهما)، حيث يقول:

اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ «8».

و قوله (صلى الله عليه و آله)

حين تكلمت طائفة فقالت: نحن موالي رسول الله فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى حجة الوداع، ثم صار إلى غدير خم، فأمر فأصلح له شبه المنبر، ثم علاه، و أخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه، رافعا صوته، قائلا في محفله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه فكانت على ولايتي ولاية الله، و على عداوتي عداوة الله، فأنزل الله عز و جل في ذلك اليوم: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «9» فكانت ولايتي كمال الدين، و رضا الرب جل ذكره.

__________________________________________________

(1) في المصدر: و فجائعها بهم.

(2) أي قطع، و في المصدر: ختم.

(3) النساء 4: 80.

(4) آل عمران 3: 31.

(5) في المصدر: الفوز.

(6) هود 11: 17.

(7) في «ط»: انقضت.

(8) الأعراف 7: 142. [.....]

(9) المائدة 5: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 129

و أنزل الله تبارك و تعالى اختصاصا لي، و إكراما «1» نحلنيه، و إعظاما و تفضيلا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) منحنيه، و هو قوله: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ «2».

و في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع، و طال لها الاستماع، و لئن تقمصها دوني الأشقيان، و نازعاني فيما ليس لهما بحق، و ركباها ضلالة، و اعتقداها جهالة، فلبئس ما عليه وردا، و لبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في دورهما، و يتبرأ كل واحد منهما من صاحبه، يقول لقرينه إذا التقيا: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ «3»، فيجيبه الأشقى على رثوثته «4»: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ

بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا، فأنا الذكر الذي عنه ضل، و السبيل الذي عنه مال، و الإيمان الذي به كفر، و القرآن الذي إياه هجر، و الدين الذي به كذب، و الصراط الذي عنه نكب، و لئن رتعا في الحطام المنصرم، و الغرور المنقطع، و كانا منه على شفا حفرة من النار، لهما على شر ورود، في أخيب وفود، و ألعن مورود، يتصارخان باللعنة، و يتناعقان بالحسرة، ما لهما من راحة، و لا عن عذابهما من مندوحة «5»، إن القوم لم يزالوا عباد أصنام، و سدنة أوثان، يقيمون لها المناسك، و ينصبون لها العتائر «6»، و يتخذون لها القربان، و يجعلون لها البحيرة، و السائبة، و الوصيلة، و الحام، و يستقسمون بالأزلام، عامهين «7» عن ذكر الله عز ذكره، جائرين «8» عن الرشاد، و مهطعين «9» إلى البعاد، قد استحوذ عليهم الشيطان، و غمرتهم سوداء الجاهلية، و رضعوها جهالة، و انفطموها «10» ضلالة، فأخرجنا الله إليهم رحمة، و أطلعنا عليهم رأفة، و أسفر بنا عن الحجب، نورا لمن اقتبسه، و فضلا لمن اتبعه، و تأييدا لمن صدقه، فتبوءوا العز بعد الذلة، و الكثرة بعد القلة، و هابتهم القلوب و الأبصار، و أذعنت لهم الجبابرة و طواغيتها «11»، و صاروا أهل نعمة مذكورة، و كرامة ميسورة «12»، و أمن بعد خوف، و جمع بعد كوف «13»، و أضاءت بنا مفاخرة معد بن عدنان، و أولجناهم باب الهدى، و أدخلناهم دار السلام، و أشملناهم

__________________________________________________

(1) في المصدر: و تكرّما.

(2) الأنعام 6: 62.

(3)- الزخرف 43: 38.

(4) الرّثوثة: البلى. «لسان العرب- رثث- 2: 151».

(5) المندوحة: المتّسع. «لسان العرب- ندح- 2: 612».

(6) العتائر: جمع عتيرة، الذّبيحة التي كانت

تذبح للأصنام. «النهاية 3: 178». و في «ط» نسخة بدل: القتائب.

(7) العمه: التّحيّر و التّردّد. «لسان العرب- عمه 13: 519».

(8) في «ط»: جائزين، و في المصدر: حائرين.

(9) أهطع: أقبل على الشي ء ببصره فلم يرفعه عنه، و لا يكون إلّا مع خوف، و الإهطاع: الإسراع في العدو. «لسان العرب- هطع- 8: 372».

(10) في «ي، ط»: و انتظموها.

(11) في المصدر: و طوائفها.

(12) في «ج»: منشورة.

(13) أي تفرّق و تقطّع، و في نسخة من «ط»: بعد حوب، و الحوب: الوحشة و الحزن. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 130

ثوب «1» الإيمان، و فلجوا «2» بنا في العالمين، و أبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين، من حام مجاهد، و مصل قانت، و معتكف زاهد، يظهرون الأمانة، و يأتون المثابة، حتى إذا دعا الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله)، و رفعه إليه، لم يكن ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة، أو وميض من برقة، إلى أن رجعوا على الأعقاب، و انتكصوا على الأدبار، و طلبوا بالأوتار، و أظهروا الكنائن «3»، و ردموا الباب، و فلوا «4» الدار، و غيروا آثار رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رغبوا عن أحكامه، و بعدوا من أنواره، و استبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه، و كانوا ظالمين، و زعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) ممن اختاره رسول الله (صلى الله عليه و آله) لمقامه، و أن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري و الأنصاري الرباني، ناموس هاشم بن عبد مناف.

ألا و إن أول شهادة زور وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله (صلى الله عليه و

آله)، فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان، رجعوا عن ذلك، و قالوا: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مضى و لم يستخلف. فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الإسلام، و عن قليل يجدون غب «5» ما يعملون، و سيجد التالون غب ما أسسه الأولون، و لئن كانوا في مندوحة من المهل، و شفاء من الأجل، و سعة من المنقلب «6»، و استدراج من الغرور، و سكون من الحال، و إدراك من الأمل، فقد أمهل الله عز و جل شداد بن عاد، و ثمود بن عبود «7»، و بلعم بن باعورا، و أسبغ عليهم نعمة ظاهرة و باطنة، و أمدهم بالأموال و الأعمار، و أتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله، و ليعرفوا الاهابة له و الانابة إليه، و لينتهوا عن الاستكبار، فلما بلغوا المدة، و استكملوا الأكلة، أخذهم الله و اصطلمهم «8»، فمنهم من حصب، و منهم من أخذته الصيحة، و منهم من أحرقته الظلة، و منهم من أودته الرجفة، و منهم من أردته الخسفة، و ما كان الله ليظلمهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون.

ألا و إن لكل أجل كتابا، فإذا بلغ الكتاب أجله، لو كشف لكم عما هوى إليه الظالمون، و آل إليه الأخسرون، لهربتم إلى الله عز و جل مما هم عليه مقيمون، و إليه صائرون.

ألا و أني فيكم- أيها الناس- كهارون في آل فرعون، و كباب حطة في بني إسرائيل، و كسفينة نوح في قوم نوح، و إني النبأ العظيم، و الصديق الأكبر، و عن قليل ستعلمون ما توعدون، و هل هي إلا كلعقة الآكل، و مذقة «9»

__________________________________________________

(1) في

«ج»: نور.

(2) الفلج: الظّفّر و الفوز. «القاموس المحيط 1: 210».

(3) في «ي» و المصدر: الكتائب.

(4) الفلّ: الكسر و الضّرب. «النهاية 3: 472».

(5) الغب: عاقبة الشي ء. «القاموس المحيط 1: 113».

(6) في «ج»: المتقلب.

(7) في «ج، ط» نسخة بدل: عتور.

(8) اصطلمه: استأصله. «القاموس المحيط 4: 141».

(9) المذقة: الشربة من اللبن الممذوق- أي الممزوج بالماء- «لسان العرب- مذق- 10: 340».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 131

الشارب، و خفقة الوسنان، ثم تلزمهم المعرات «1» خزيا في الدنيا، و يوم القيامة يردون إلى أشد العذاب، و ما الله بغافل عما يعملون، فما جزاء من تنكب محجته، و أنكر حجته، و خالف هداته، و حاد عن نوره، و اقتم في ظلمه، و استبدل بالماء السراب، و بالنعيم العذاب، و بالفوز الشقاء، و بالسراء الضراء، و بالسعة الضنك، إلا جزاء اقترافه، و سوء خلافه، فليوقنوا بالوعد على حقيقته، و ليستيقنوا بما يوعدون، يوم تأتي الصيحة بالحق: ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ إِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً «2» إلى آخر السورة».

7782/ [8]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام): عن أبيه، عن جده، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «ما من عبد و لا أمة أعطى بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الظاهر، و نكثها في الباطن، و أقام على نفاقه، إلا و إذا جاء ملك الموت ليقبض روحه تمثل له إبليس و أعوانه، و تمثل النيران، و أصناف عقابها بعينيه و قلبه، و مقاعده من مضائقها، و تمثل له أيضا الجنان و منازله فيها لو كان بقي على إيمانه، و وفى ببيعته. فيقول له ملك الموت: انظر فتلك الجنان التي لا يقدر قدر سرائها،

و بهجتها، و سرورها إلا رب العالمين، كانت معدة لك، فلو كنت بقيت على ولايتك لأخي محمد (صلى الله عليه و آله)، كان إليها مصيرك يوم فصل القضاء لكنك نكثت و خالفت، فتلك النيران و أصناف عذابها، و زبانيتها بمرزباتها «3»، و أفاعيها الفاغرة أفواهها، و عقاربها الناصبة أذنابها، و سباعها الشائلة مخالبها، و سائر أصناف عذابها هو لك، و إليها مصيرك. فيقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، فقبلت ما أمرني، و التزمت ما لزمني من موالاة علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7783/ [9]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية: قوله وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ، قال: الأول يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا.

7784/ [10]- قال: و قال أبو جعفر (عليه السلام): «يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول عليا وليا: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا يعني الثاني لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي، يعني الولاية وَ كانَ الشَّيْطانُ و هو الثاني لِلْإِنْسانِ خَذُولًا».

7785/ [11]- الشيباني: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام): «السبيل هاهنا: علي (عليه السلام)، يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ يعني عليا (عليه السلام)».

__________________________________________________

8- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 131/ 66.

9- تفسير القمّي 2: 113.

10- تفسير القمّي 2: 113.

11- نهج البيان (مخطوط): 208.

(1) المعرّة: الإثم، و الجناية و الشدّة. «لسان العرب- عرر- 4: 556». [.....]

(2) سورة ق 50: 42- 44.

(3) المرزبّة: عصبّة من حديد. «أقرب الموارد- رزب- 1: 401».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 132

7786/ [12]- و

قال أيضا: روي عن الباقر و الصادق (عليهما السلام): «أن هذه الآيات نزلت في رجلين من مشايخ قريش، أسلما بألسنتهما و كانا ينافقان النبي

(عليه السلام)، و آخى بينهما يوم الإخاء، فصد أحدهما صاحبه عن الهدى، فهلكا جميعا، فحكى الله تعالى حكايتهما في الآخرة، و قولهما عند ما ينزل عليهما من العذاب، فيحزن و يتأسف على ما قدم، و يتندم حيث لم ينفعه الندم».

سورة الفرقان(25): آية 30 ..... ص : 132

قوله تعالى:

وَ قالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً [30]

7787/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في الخطبة التي تقدمت قبل هذه الآية من قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «فأنا الذكر الذي عنه ضل، و السبيل الذي عنه مال، و الإيمان الذي به كفر، و القرآن الذي إياه هجر، و الدين الذي به كذب».

سورة الفرقان(25): آية 34 ..... ص : 132

قوله تعالى:

الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ سَبِيلًا [34]

7788/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني في (الغيبة): بإسناده عن كعب الأحبار، قال: إذا كان يوم القيامة حشر الناس على أربعة أصناف: صنف ركبان، و صنف على أقدامهم يمشون، و صنف مكبون، و صنف على وجوههم صم بكم عمي فهم لا يعقلون، و لا يتكلمون، و لا يؤذن لهم فيعتذرون، أولئك الذين تلفح وجوههم النار، و هم فيها كالحون.

فقيل: يا كعب، من هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم، و هذه الحال حالهم؟ قال: كعب: أولئك الذين كانوا على الضلال و الارتداد و النكث، فبئس ما قدمت لهم أنفسهم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم و وصي نبيهم، و عالمهم، و سيدهم، و فاضلهم، و حامل اللواء و ولي الحوض، و المرتجى، و الرجاء «1» دون هذا العالم، و هو العلم

__________________________________________________

12- نهج البيان «مخطوط»: 208.

1- الكافي 8: 28/ 4.

2- الغيبة: 145/ 4.

(1) في «ط، ي»: و المرجى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 133

الذي لا يجهل، و المحجة «1» التي من زال عنها عطب، و في النار هوى، ذلك علي و رب كعب، أعلمهم علما، و أقدمهم سلما، و أوفرهم حلما، عجب كعب ممن قدم على علي غيره.

و

من نسل علي (عليه السلام) القائم المهدي (عليه السلام) «2»، الذي يبدل الأرض غير الأرض، و به يحتج عيسى بن مريم (عليه السلام) على نصارى الروم و الصين، إن القائم المهدي من نسل علي (عليه السلام) أشبه الناس بعيسى بن مريم خلقا و خلقا و سمتا و هيبة «3»، يعطيه الله عز و جل ما أعطى الأنبياء و يزيده و يفضله.

إن القائم (عليه السلام) من ولد علي (عليه السلام) له غيبة كغيبة يوسف، و رجعة كرجعة عيسى بن مريم، ثم يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر، و خراب الزوراء و هي الري، و خسف المزورة «4»، و هي بغداد، و خروج السفياني، و حرب ولد العباس مع فتيان أرمينية و آذربيجان، تلك حرب يقتل فيها ألوف و ألوف، كل يقبض على سيف محلى، تخفق عليه رايات سود، تلك حروب يشوبها الموت الأحمر، و الطاعون الأكبر «5».

سورة الفرقان(25): آية 38 ..... ص : 133

قوله تعالى:

وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً [38] تقدم في سورة هود خبر أصحاب الرس «6».

7789/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: «أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم، يقال له: عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن أصحاب الرس، في أي عصر كانوا، و

أين كانت منازلهم، و من كان ملكهم، و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا، أم لا، و بماذا اهلكوا؟ فإني أجد في كتاب الله عز و جل ذكرهم، و لا أجد خبرهم.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد من قبلك، و لا يحدثك به أحد

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 205/ 1.

(1) في «ي، ط»: و الحجّة.

(2) في «ط» زيادة: و من يشك في القائم المهدي.

(3) في «ي»: هيئة.

(4) في «ج، ي»: المروة.

(5) في «ج، ي» الأنمر، و في المصدر: الأغبر.

(6) لم نعثر عليه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 134

بعدي إلا عني، و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا أعرفها، و أعرف تفسيرها، و في أي مكان نزلت، من سهل، أو جبل، و في أي وقت من ليل أو نهار، و إن هاهنا لعلما جما- و أشار إلى صدره- و لكن طلابه يسير، و عن قليل يندمون لو فقدوني.

كان من قصتهم- يا أخا تميم- أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر، يقال لها: شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين، يقال لها روشاب «1»، كانت أنبتت «2» لنوح (عليه السلام) بعد الطوفان، و إنما سموا أصحاب الرس، لأنهم رسوا «3» نبيهم في الأرض، و ذلك بعد سليمان بن داود (عليه السلام).

و كانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له: الرس، من بلاد المشرق، و بهم سمي ذلك النهر، و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه، و لا أعذب منه، و لا قرى أكثر و لا أعمر منها، تسمى إحداهن آبان، و الثانية آذر، و

الثالثة دي، و الرابعة بهمن، و الخامسة إسفندار، و السادسة فروردين، و السابعة أردي بهشت، و الثامنة خرداد، و التاسعة مرداد، و العاشرة تير، و الحادية عشر مهر، و الثانية عشر شهريور.

و كانت أعظم مدائنهم إسفندار، و هي التي ينزلها ملكهم، و كان يسمى: تركوذ بن غابور بن يارش بن ساذن «4» بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم (عليه السلام)، و بها العين و الصنوبرة، و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة، و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة، فنبتت الحبة، و صارت شجرة عظيمة، و حرموا ماء العين و الأنهار، فلا يشربون منها، و لا أنعامهم، و من فعل ذلك قتلوه، و يقولون: هو حياة آلهتنا، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها، و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس، الذي عليه قراهم.

و قد جعلوا في كل شهر من السنة يوما، في كل قرية، عيدا يجتمع إليه أهلها، فيضربون على الشجرة التي بها كلة «5» من حرير، فيها من أنواع الصور، ثم يأتون بشاة و بقر، فيذبحونها قربانا للشجرة، و يشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطع «6» دخان تلك الذبائح و قتارها «7» في الهواء، و حال بينهم و بين النظر إلى السماء، خروا للشجرة سجدا، و يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم، فكان الشيطان يجي ء فيحرك أغصانها، و يصيح من ساقها صياح الصبي: إني قد رضيت عنكم- عبادي- فطيبوا نفسا، و قروا عينا. فيرفعون رؤوسهم عند ذلك، و يشربون الخمر و يضربون بالمعازف، و يأخذون الدست بند «8»، فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم، ثم ينصرفون.

__________________________________________________

(1) في المصدر: دوشاب، و في «ط» نسخة بدل:

روشناب. [.....]

(2) في «ج، ي، ط»: استنبطت، و في المصدر: انبطّت.

(3) رسّوه في الأرض: دسّوه فيها. «لسان العرب- رسس- 6: 98».

(4) في «ي»: تركود بن غابور بن بأرش بن سازن ... و في «ج»: تركوذ بن يارش ... و في المصدر: ... يارش بن سازن ...

(5) الكلّة: الستر الرّقيق يخاط كالبيت يتوقّى فيه من البقّ. «الصحاح- كلل- 5: 1812».

(6) في «ج، ي»: سطح.

(7) القتار: ريح الشواء. «الصحاح- قتر- 2: 786».

(8) دستبند: فارسية، نوع من الرقص الجماعي الشبيه بالدبكّة. «المعجم الذهبي: 268».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 135

و إنما سمت العجم شهورها بآبان ماه، و آذر ماه، و غيرهما، اشتقاقا من أسماء تلك القرى، لقول أهلها بعضهم لبعض: هذا عيد شهر كذا، و عيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى، اجتمع إليها صغيرهم و كبيرهم، فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج، عليه من أنواع الصور، و جعلوا له اثني عشر بابا، كل باب لأهل قرية منهم، و يسجدون للصنوبرة، خارجا من السرادق، و يقربون إليها الذبائح، أضعاف ما قربوه للشجرة التي في قراهم، فيجي ء إبليس عند ذلك، فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا، و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا، و يعدهم و يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين كلها، فيرفعون رؤوسهم من السجود، و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون، و لا يتكلمون، من الشرب و العزف، فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها، بعدد أعيادهم بسائر السنة، ثم ينصرفون.

فلما طال كفرهم بالله عز و جل و عبادتهم غيره، بعث الله عز و جل إليهم نبيا من بني إسرائيل، من ولد يهودا ابن يعقوب (عليه السلام)، فلبث فيهم زمانا طويلا،

يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل، و معرفة ربوبيته، فلا يتبعونه، فلما رأى شدة تماديهم في الغي و الضلال، و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد و النجاح، و حضر عيد قريتهم العظمى، قال: يا رب، إن عبادك أبوا إلا تكذيبي، و الكفر بك، و غدوا يعبدون شجرة لا تنفع و لا تضر، فأيبس شجرهم أجمع، و أرهم قدرتك و سلطانك. فأصبح القوم و قد يبس شجرهم، فها لهم ذلك، و فظع «1» بهم، و صاروا فرقتين: فرقة قالت: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء و الأرض إليكم، ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه. و فرقة قالت: لا، بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها، و يقع فيها-، و يدعوكم إلى عبادة غيرها، فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا لها، فتنتصروا منه.

فأجمع رأيهم على قتله، فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص، واسعة الأفواه، ثم أرسلوها في قرار العين، إلى أعلى الماء، واحدة فوق الاخرى، مثل البرابخ «2»، و نزحوا ما فيها من الماء، ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل، عميقة، و أرسلوا فيها نبيهم، و ألقموا فاها صخرة عظيمة، ثم أخرجوا الأنابيب من الماء، و قالوا: الآن نرجو أن ترضى عنا آلهتنا، إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها، و يصد عن عبادتها، و دفناه تحت كبيرها، يتشفى منه، فيعود إليها «3» نورها و نضرتها كما كان. فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم (عليه السلام)، و هو يقول: سيدي، قد ترى ضيق مكاني، و شدة كربي، فارحم ضعف ركني، و قلة حيلتي، و عجل بقبض روحي، و لا تؤخر إجابة دعوتي، حتى مات (عليه السلام).

فقال الله

عز و جل لجبرئيل (عليه السلام): يا جبرئيل، أ يظن عبادي هؤلاء، الذين قد غرهم حلمي، و أمنوا مكري، و عبدوا غيري، و قتلوا رسولي، أن يقيموا «4» لغضبي، أو يخرجوا من سلطاني؟ كيف و أنا المنتقم ممن

__________________________________________________

(1) في المصدر: و قطع.

(2) البرابخ: البالوعة الواسعة من الخزف. «أقرب الموارد- برخ- 1: 35».

(3) في المصدر: لنا.

(4) في المصدر: يقوموا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 136

عصاني، و لم يخش عقابي، و إني حلفت بعزتي و جلالي لأجعلنهم عبرة و نكالا للعالمين. فلم يرعهم «1» و هم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحمرة، فتحيروا فيها، و ذعروا منها، و تضام «2» بعضهم إلى بعض، ثم صارت الأرض من تحتهم كحجر كبريت يتوقد و أظلتهم سحابة سوداء، فألقيت «3» عليهم كالقبة جمرا يلتهب «4»، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار. فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه، و نزول نقمته، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم».

7790/ [1]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: دخلت امرأة مع مولاة لها على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقالت: ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟ قال: «هن في النار، إذا كان يوم القيامة أتي بهن، فالبسن جلبابا من نار، و خفين من نار، و قناعا من نار، و ادخل في أجوافهن و فروجهن أعمدة من نار، و قذف بهن في النار».

فقالت: أليس هذا في كتاب الله؟ قال: «بلى» قالت: أين هو؟ قال: «قوله: وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ فهن الرسيات».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة (ق)، عند قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ

قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ وَ ثَمُودُ «5»، ما يوافق رواية علي بن إبراهيم هنا.

سورة الفرقان(25): آية 39 ..... ص : 136

قوله تعالى:

وَ كُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً [39]

7791/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عمن ذكره، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ كُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً، قال: (يعني كسرنا تكسيرا- قال- و هي بالنبطية».

7792/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 113.

2- معاني الأخبار: 220/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 114. [.....]

(1) الرّوع: الفزّع. «لسان العرب- روع- 8: 135».

(2) تضامّ القوم: إذا انضمّ بعضهم إلى بعض. «الصحاح- ضمم- 5: 1972».

(3) في المصدر: فألقت.

(4) في «ج، ي»: حمراء تلتهب.

(5) يأتي في الحديثين (1، 2) من تفسير الآيات (12- 14) من سورة ق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 137

خالد، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ كُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً يعني كسرنا تكسيرا- قال- هي لفظة بالنبطية».

سورة الفرقان(25): آية 40 ..... ص : 137

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ [40]

7793/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و أما القرية التي أمطرت مطر السوء فهي سدوم، قرية قوم لوط، أمطر الله عليهم حجارة من سجيل، يقول: من طين».

سورة الفرقان(25): آية 43 ..... ص : 137

قوله تعالى:

أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا [43] 7794/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في قريش، و ذلك أنه ضاق عليهم المعاش، فخرجوا من مكة، و تفرقوا، فكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا، هويه فعبده، و كانوا ينحرون لها النعم، و يلطخونها بالدم، و يسمونها سعد صخرة، و كانوا إذا أصابهم داء في إبلهم و أغنامهم، جاءوا إلى الصخرة، فيمسحون بها الغنم و الإبل، فجاء رجل من العرب بإبل له، يريد أن يتمسح بالصخرة لإبله، و يبارك عليها، فنفرت إبله و تفرقت، فقال الرجل شعرا:

أتينا إلى سعد «1» ليجمع شملنا فشتتنا سعد فما نحن من سعد

و ما سعد إلا صخرة بتنوفة «2» من الأرض لا تهدي لغي و لا رشد

و مر به رجل من العرب، و الثعلب يبول عليه، فقال شعرا:

و رب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب __________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 114.

2- تفسير القمّي 2: 114.

(1) سعد اسم صنم لبني ملكان بن كنانة. «لسان العرب- سعد- 3: 218».

(2) في «ج، ي، ط»: مستوية، و ما أثبتناه من الصحاح و لسان العرب، مادة (سعد) و التّنوفة: المفازة. «الصحاحة تنف- 4: 1333».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 138

سورة الفرقان(25): آية 44 ..... ص : 138

قوله تعالى:

أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [44]

7795/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «يا هشام، ثم ذم الله الذين لا يعقلون، فقال:

أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ

هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا.

7796/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه، عن محمد داود الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «فأما أصحاب المشأمة، فهم اليهود و النصارى، يقول الله عز و جل: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «1» يعرفون محمدا (صلى الله عليه و آله)، و الولاية، في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ أنك الرسول إليهم فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «2»، فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك، فسلبهم روح الإيمان، و أسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة، و روح الشهوة، و روح البدن، ثم أضافهم إلى الأنعام، فقال: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ، لأن الدابة إنما تحمل بروح القوة، و تعتلف بروح الشهوة، و تسير بروح البدن».

و سيأتي الحديث- إن شاء الله تعالى- بتمامه، في أول سورة الواقعة «3».

سورة الفرقان(25): آية 45 ..... ص : 138

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً [45]

7797/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله:

__________________________________________________

1- الكافي 1: 11/ 12.

2- الكافي 2: 214/ 16.

3- تفسير القمي 2: 115.

(1) البقرة 2: 146.

(2) البقرة 2: 146 و 147. [.....]

(3) سيأتي في الحديث (6) من تفسير الآيات (1- 11) من سورة الواقعة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 139

أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً، قال: «الظل: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس».

7798/ [1]- ابن شهر آشوب، قال: نزل النبي (صلى الله عليه و آله) بالجحفة، تحت

شجرة قليلة الظل، و نزل أصحابه حوله، فتداخله شي ء من ذلك، فأذن الله تعالى لتلك الشجرة الصغيرة حتى ارتفعت و ظللت الجميع، فأنزل الله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً.

سورة الفرقان(25): آية 50 ..... ص : 139

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً [50]

7799/ [2]- شرف الدين النجفي، قال: روى محمد بن علي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية هكذا: فأبى أكثر الناس من أمتك بولاية علي إلا كفورا».

سورة الفرقان(25): آية 53 ..... ص : 139

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ- إلى قوله تعالى- وَ حِجْراً مَحْجُوراً [53] 7800/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: «أرسل البحرين «1» هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ فالأجاج المر، وَ جَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً يقول: حاجزا، و هو المنتهى، وَ حِجْراً مَحْجُوراً يقول: حراما محرما، بأن يغير أحدهما طعم الآخر».

سورة الفرقان(25): آية 54 ..... ص : 139

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً [54]

7801/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه،

__________________________________________________

1- المناقب 1: 135.

2- تأويل الآيات 1: 375/ 11.

3- تفسير القمّي 2: 115.

4- الكافي 5: 442/ 9.

(1) (يقول أرسل البحرين) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 140

جميعا عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً.

فقال: «إن الله تعالى خلق آدم من الماء العذب، و خلق زوجته من سنخه «1»، فبرأها من أسفل أضلاعه، فجرى بذلك الضلع سبب و نسب، ثم زوجها إياه، فجرى بسبب ذلك بينهما صهر، و ذلك قوله عز و جل: نَسَباً وَ صِهْراً، فالنسب- يا أخا بني عجل- ما كان من نسب «2» الرجال، و الصهر ما كان بسبب النساء».

7802/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و

جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً.

فقال: «كان الله تبارك و تعالى خلق آدم من الماء العذب، و خلق زوجته من سنخه، فبرأها من أسفل أضلاعه، فجرى بذلك الضلع بينهما نسب، ثم زوجها إياه، فجرى بينهما بسبب ذلك صهر، فذلك قوله: نَسَباً وَ صِهْراً، فالنسب- يا أخا بني عجل- ما كان من نسب الرجال، و الصهر ما كان بسبب نسب «3» النساء».

7803/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن أحمد ابن معمر الأسدي، عن الحسن بن محمد الأسدي، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، قال: قوله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً نزلت في النبي (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام)، زوج النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) ابنته، و هو ابن عمه، فكان له نسبا و صهرا».

7804/ [4]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، عن رجاء بن سلمة «4»، عن نائل بن نجيح، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً.

قال: لما خلق الله آدم، خلق نطفة من الماء، فمزجها بنوره، ثم أودعها آدم (عليه السلام)، ثم أودعها ابنه شيث، ثم أنوش، ثم قينان، ثم أبا فأبا، حتى أودعها إبراهيم (عليه السلام)، ثم أودعها إسماعيل (عليه السلام)، ثم أما فأما، و أبا فأبا،

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 114.

3- تأويل الآيات 1:

376/ 13، شواهد التنزيل 1: 414/ 573.

4- تأويل الآيات 1: 377/ 14.

(1) السنخ: الأصل. «الصحاح- سنخ- 1: 423».

(2) في المصدر و ما كان بسبب.

(3) (نسب) ليس في المصدر.

(4) في «ج»: جابر بن سلمة، و لعلّه رجاء بن أبي سلمة، راجع تهذيب التهذيب 3: 267.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 141

من طاهر الأصلاب، إلى مطهرات الأرحام، حتى صارت إلى عبد المطلب، فانفلق «1» ذلك النور فرقتين: فرقة إلى عبد الله، فولد محمدا (صلى الله عليه و آله)، و فرقة إلى أبي طالب، فولد عليا (عليه السلام)، ثم ألف الله النكاح بينهما، فزوج عليا بفاطمة (عليهما السلام)، فذلك قوله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً.

7805/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة، بعد منصرفه من النهروان، و بلغه أن معاوية يسبه، و يعيبه «2»، و يقتل أصحابه، فقام خطيبا- و ذكر الخطبة، إلى أن قال فيها (عليه السلام)- و أنا الصهر، يقول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً».

7806/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن علي بن خشيش، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن القاسم بن يعقوب بن عيسى بن الحسن بن جعفر بن إبراهيم القيسي الخزاز إملاء في منزله، قال: حدثنا

أبو زيد محمد بن الحسين بن مطاع المسلي إملاء، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن جبر القواس خال ابن كردي، قال:

حدثنا محمد بن سلمة الواسطي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك، قال: ركب رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم بغلته، فانطلق إلى جبل آل فلان، و قال: «يا أنس، خذ البغلة، و انطلق إلى موضع كذا و كذا، تجد عليا جالسا يسبح بالحصى، فاقرأه مني السلام، و احمله على البغلة، و آت به إلي» قال أنس: فذهبت، فوجدت عليا (عليه السلام) كما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحملته على البغلة، فأتيت به إليه، فلما أن بصر به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «السلام عليك، يا رسول الله» قال: «و عليك السلام- يا أبا الحسن- اجلس، فإن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا، ما جلس فيه من الأنبياء أحد إلا و أنا خير منه، و قد جلس في موضع كل نبي أخ له، ما جلس فيه من الإخوة أحد إلا و أنت خير منه».

قال أنس: فنظرت إلى سحابة قد أظلتهما، و دنت من رؤوسهما، فمد النبي (صلى الله عليه و آله) يده إلى السحابة، فتناول عنقود عنب، فجعله بينه و بين علي (عليه السلام)، و قال: «كل يا أخي، هذه هدية من الله تعالى إلي، ثم إليك».

قال أنس: فقلت يا رسول الله، علي أخوك؟ قال: «نعم، علي أخي»، قلت: يا رسول الله، صف لي كيف علي أخوك؟ قال: «إن الله عز و جل خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام،

و اسكنه في لؤلؤة خضراء، في غامض علمه، إلى أن خلق آدم. فلما خلق آدم، نقل ذلك الماء من اللؤلؤة، فأجراه في صلب آدم، إلى أن قبضه

__________________________________________________

5- معاني الأخبار: 59/ 9. [.....]

6- الأمالي 1: 319.

(1) في المصدر: ففرق.

(2) في المصدر: و يلعنه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 142

الله، ثم نقله إلى صلب شيث، فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر، حتى صار في صلب عبد المطلب، ثم شقه الله عز و جل نصفين: فصار نصف في أبي عبد الله، و نصف في أبي طالب، فأنا من نصف الماء، و علي من النصف الآخر، فعلي أخي في الدنيا و الآخرة». ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً.

7807/ [7]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد، قال: حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني الحسن بن زيد بن علي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن سن جدنا علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقال: «أخبرني أبي، عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: كنت أمشي خلف عمي الحسن و أبي الحسين (عليهما السلام) في بعض طرقات المدينة، في العام الذي قبض فيه عمي الحسن (عليه السلام)، و أنا يومئذ غلام قد ناهزت الحلم، أو كدت، فلقيهما جابر بن عبد الله، و أنس بن مالك الأنصاريان في جماعة من قريش و الأنصار، فما تمالك جابر حتى أكب على أيديهما و أرجلهما يقبلهما، فقال له رجل من

قريش كان نسيبا لمروان:

أ تصنع هذا- يا أبا عبد الله- و أنت في سنك هذا و موضعك من صحبة رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ و كان جابر قد شهد بدرا. فقال له: إليك عني، فلو علمت- يا أخا قريش- من فضلهما و مكانهما ما أعلم لقبلت ما تحت أقدامهما من التراب.

ثم أقبل جابر على أنس بن مالك، فقال: يا أبا حمزة، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيهما بأمر ما ظننته أن يكون في بشر. قال له أنس: و ما الذي، أخبرك، يا أبا عبد الله؟

قال علي بن الحسين، فانطلق الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و وقفت أنا أسمع محاورة القوم، فأنشأ جابر يحدث، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم في المسجد، و قد خف «1» من حوله، إذ قال لي: يا جابر، ادع لي حسنا و حسينا و كان (صلى الله عليه و آله) شديد الكلف «2» بهما، فانطلقت، فدعوتهما، و أقبلت أحمل مرة هذا، و هذا مرة، حتى جئته بهما، فقال لي و أنا أعرف السرور في وجهه لما رأى من محبتي لهما، و تكريمي إياهما، قال:

أ تحبهما، يا جابر؟ قلت: و ما يمنعني من ذلك- فداك أبي و امي- و أنا أعرف مكانهما منك! قال: أ فلا أخبرك عن فضلهما؟ قلت: بلى، بأبي أنت و امي. قال: إن الله تعالى لما أحب أن يخلقني، خلقني نطفة بيضاء طيبة، فأودعها صلب أبي آدم (عليه السلام)، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر، إلى نوح و إبراهيم (عليهما السلام)، ثم كذلك إلى عبد المطلب، فلم يصبني من دنس الجاهلية شي ء، ثم افترقت تلك

النطفة شطرين: إلى عبد الله، و أبي طالب، فولدني أبي، فختم الله بي النبوة، و ولد علي فختمت به الوصية، ثم اجتمعت النطفتان مني و من علي، فولدنا الجهر و الجهير، الحسنين، فختم الله بهما أسباط النبوة، و جعل ذريتي منهما، و أمرني بفتح مدينة- أو قال: مدائن-

__________________________________________________

7- الأمالي 2: 113.

(1) خفّ القوم: أي قلّوا، و خفّت زحمتهم. «الصحاح- خفف- 4: 1353».

(2) كلفت بهذا الأمر: إذ ولعت به و أحببته. «النهاية 4: 196».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 143

الكفر.

و من ذرية هذا- و أشار إلى الحسين (عليه السلام)- رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جوار، فهما طهران «1» مطهران، و هما سيدا شباب أهل الجنة، طوبى لمن أحبهما، و أباهما، و أمهما، و ويل لمن حادهم «2» و أبغضهم».

و روى هذا الحديث الشيخ أبو جعفر محمد بن جعفر الحائري في كتاب (ما اتفق فيه من الأخبار في فضل الأئمة الأطهار) مسندا إلى مولانا علي بن الحسين (عليه السلام)، إلا أن في آخر الحديث: «و أمر ربي بفتح مدينة- أو قال: مدائن- الكفر، و أقسم به «3» ليظهرن منهما ذرية طيبة، تملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جورا، فهما طهران مطهران».

و ساق الحديث إلى آخره سواء «4».

7808/ [8]- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس، و ابن مسعود، و جابر، و البراء، و أنس، و أم سلمة، و السدي، و ابن سيرين و الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً، قالوا: هو محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)».

و في رواية البشر: الرسول، و النسب: يا فاطمة، و

الصهر: علي (صلوات الله و سلامه عليهم).

7809/ [9]- و

عنه: عن تفسير الثعلبي: قال ابن سيرين: نزلت في النبي، و علي زوج ابنته فاطمة، و هو ابن عمه، و زوج ابنته، فكان نسبا و صهرا، و عوتب النبي (صلى الله عليه و آله) في أمر فاطمة (عليها السلام) فقال له: «لو لم يخلق الله علي ابن أبي طالب لما كان لفاطمة كفؤ». و في خبر: «لولاك لما كان لها كفؤ على وجه الأرض».

7810/ [10]- و

عنه: عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لولا أن الله تعالى خلق أمير المؤمنين (عليه السلام)، لم يكن لفاطمة كفؤ على ظهر الأرض، من آدم فما دونه».

7811/ [11]- و من طريق المخالفين، عن الثعلبي، في تفسير قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً، بالإسناد، يرفعه إلى ابن سيرين، قال: أنزلت في النبي (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام).

__________________________________________________

8- المناقب 2: 181.

9- المناقب 2: 181، العمدة: 288/ 469، فرائد السمطين 1: 370/ 301، نظم درر السمطين: 92.

10- المناقب 2: 1181.

11- تحفة الأبرار في مناقب الائمة الأطهار: 116 «مخطوط»، الفصول المهمة: 28.

(1) في المصدر: طاهران.

(2) في المصدر: حاربهم.

(3) في المصدر: ربّي.

(4) تأويل الآيات 1: 379/ 16. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 144

سورة الفرقان(25): آية 55 ..... ص : 144

قوله تعالى:

وَ كانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً [55] 7812/ [1]- علي بن إبراهيم: قد يسمى الإنسان ربا لغة، كقوله: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ «1» و كل مالك لشي ء يسمى ربه، فقوله: وَ كانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً قال: الكافر الثاني، كان على أمير المؤمنين (عليه السلام) ظهيرا.

7813/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن أبي عبد

الله البرقي، عن الحسين بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: وَ كانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً، قال: «تفسيرها في بطن القرآن: علي (عليه السلام) هو ربه في الولاية و الطاعة، و الرب هو الخالق الذي لا يوصف».

و قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن عليا (عليه السلام) آية لمحمد (صلى الله عليه و آله)، و إن محمدا (صلى الله عليه و آله) يدعو إلى ولاية علي (عليه السلام)، أما بلغك قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه؟».

سورة الفرقان(25): آية 59 ..... ص : 144

قوله تعالى:

الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً [59]

7814/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد، و ما كان ليخلق الشر قبل الخير، و في يوم الأحد و الاثنين خلق الأرضين، و خلق أقواتها في يوم الثلاثاء، و خلق السماوات يوم الأربعاء و يوم الخميس، و خلق أقواتها يوم الجمعة، و ذلك قول الله خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ».

و قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ تقدم تفسيره في سورة طه «2».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 115.

2- بصائر الدرجات: 97/ 5.

3- الكافي 8: 145/ 117.

(1) يوسف 12: 42.

(2) تقدم في تفسير الآية (5) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 145

سورة الفرقان(25): آية 60 ..... ص : 145

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ [60] 7815/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: جوابه: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ «1».

سورة الفرقان(25): آية 61 ..... ص : 145

قوله تعالى:

تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً [61]

7816/ [2]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تبارك و تعالى: تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً، قال: «فالبروج: الكواكب، و البروج التي للربيع و الصيف: الحمل، و الثور، و الجوزاء، و السرطان، و الأسد، و السنبلة، و بروج الخريف و الشتاء: الميزان، و العقرب، و القوس، و الجدي، و الدلو، و السمكة «2»، و هي اثنا عشر برجا».

سورة الفرقان(25): آية 62 ..... ص : 145

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً [62]

7817/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن علي ابن الحكم، عن منصور بن يونس، عن عنبسة العابد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً، قال: «قضاء صلاة الليل بالنهار، و قضاء صلاة النهار بالليل».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 115.

2- تفسير القمّي 2: 115.

3- التهذيب 2: 275/ 1093.

(1) الرحمن 55: 1- 4.

(2) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: و الحوت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 146

7818/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صالح بن عقبة، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال له رجل: جعلت فداك- يا ابن رسول الله- ربما فاتتني صلاة الليل الشهر، و الشهرين و الثلاثة، فأقضيها بالنهار، أ يجوز ذلك؟ قال: «قرة عين لك و الله- قالها ثلاثا- إن الله يقول: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً الآية، فهو قضاء صلاة النهار بالليل، و قضاء

صلاة الليل بالنهار، و هو من سر آل محمد المكنون».

سورة الفرقان(25): الآيات 63 الي 66 ..... ص : 146

قوله تعالى:

وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً- إلى قوله تعالى- مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً [63- 66]

7819/ [2]- محمد بن يعقوب. عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، قال: «هم الأوصياء، من مخافة عدوهم».

7820/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، قال: «الأئمة يمشون على الأرض هونا، خوفا من عدوهم».

7821/ [4]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن جعفر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله تعالى: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً قال: «هم الأئمة، يتقون في مشيهم، على الأرض».

7822/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن المفضل ابن صالح، عن محمد الحلبي، عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً، قال:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 116.

2- الكافي 1: 354/ 78.

3- تفسير القمّي 2: 116.

4- تفسير

القمّي 2: 116. [.....]

5- تأويل الآيات 1: 381/ 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 147

«هذه الآيات للأوصياء، إلى أن يبلغوا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً «1»».

7823/ [5]- الطبرسي: في معنى قوله تعالى: يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها، و لا يتكلف، و لا يتبختر».

7824/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً، يقول: «ملازما لا يفارق».

سورة الفرقان(25): آية 67 ..... ص : 147

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً [67] 7825/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، في قوله تبارك و تعالى: وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً فبسط كفه، و فرق أصابعه، و حناها شيئا.

و عن قوله: وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ «2» فبسط راحته، و قال: هكذا، و قال: القوام ما يخرج من بين الأصابع، و يبقى في الراحة منه شي ء.

7826/ [2]- و

عنه: عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله عز و جل: وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً، قال: «القوام هو المعروف، عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ «3» على قدر عياله، و مؤنتهم التي هي صلاح له و لهم و لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها «4»».

7827/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن محمد

__________________________________________________

5-

مجمع البيان 7: 279.

6- تفسير القمّي 2: 116.

1- الكافي 4: 56/ 9.

2- الكافي 4: 56/ 8.

3- الكافي 4: 54/ 1.

(1) الفرقان 25: 76.

(2) الاسراء 17: 29.

(3) البقرة 2: 236.

(4) الطلاق 65: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 148

الجوهري، عن جميل بن صالح، عن عبد الملك بن عمرو الأحول، قال: تلا أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية:

وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً، قال: فأخذ قبضة من حصى، و قبضها بيده، فقال: «هذا الإقتار الذي ذكره الله في كتابه»، ثم قبض قبضة اخرى، فأرخى كفه كلها، ثم قال: «هذا الإسراف»، ثم أخذ قبضة اخرى، فأرخى بعضها و أمسك بعضها و قال: «هذا القوام».

7828/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن عبد الله بن أبان، قال: سألت أبا الحسن الأول (عليه السلام) عن النفقة على العيال، فقال: «ما بين المكروهين: الإسراف، و الإقتار».

7829/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح ابن عقبة، عن سليمان بن صالح، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أدنى ما يجي ء من حد الإسراف؟ فقال: «بذلك ثوب صونك، و إهراقك فضل إنائك، و أكلك التمر، و رميك النوى هاهنا و هاهنا».

7830/ [6]- العياشي: عن عبد الرحمن، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله: يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ «1»، قال: «الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً- قال:- نزلت هذه بعد هذه، هي الوسط».

7831/ [7]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)،

قال: «قوله: وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا إذا أسرفوا سيئة، و أقتروا سيئة، وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً حسنة، فعليك بالحسنة بين السيئتين».

7832/ [8]- عن الحلبي، عن بعض أصحابنا، عنه، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)، لأبي عبد الله (عليه السلام): «يا بني، عليك بالحسنة بين السيئتين، تمحوهما». قال: «و كيف ذلك، يا أبه؟» قال: «مثل قول الله: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها لا تجهر بصلاتك «2» سيئة و لا تخافت بها سيئة وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا «3» حسنة، و مثل قوله: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ «4»، و مثل قوله: وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا إذا أسرفوا سيئة، و أقتروا سيئة وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً حسنة، فعليك بالحسنة بين السيئتين».

__________________________________________________

4- الكافي 4: 55/ 2.

5- الكافي 4: 56/ 10.

6- تفسير العيّاشي 1: 106/ 315.

7- .... [.....]

8- تفسير العيّاشي 2: 319/ 179.

(1) البقرة 2: 219.

(2) في المصدر: بصوتك.

(3) الاسراء 17: 110.

(4) الاسراء 17: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 149

سورة الفرقان(25): الآيات 68 الي 70 ..... ص : 149

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ- إلى قوله تعالى- إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [68- 70]

7833/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، رفعه، قال: «إن الله عز و جل أعطى التائبين ثلاث خصال، لو أعطي خصلة منها جميع أهل السماوات و الأرض لنجوا بها:

قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ

يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ «1» من أحبه الله لم يعذبه.

و قوله: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «2».

و قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً».

7834/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن سليمان بن خالد، قال: كنت في محمل أقرأ، إذ ناداني أبو عبد الله (عليه السلام): «اقرأ، يا سليمان» و أنا في هذه الآيات التي في آخر تبارك:

وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ، فقال: «هذه فينا، أما و الله لقد وعظنا و هو يعلم أنا لا نزني، اقرأ يا سليمان».

فقرأت حتى انتهيت إلى قوله: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً، قال: «قف، هذه فيكم، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب

يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله عز و جل، فيكون هو الذي يلي حسابه، فيوقفه على سيئاته، شيئا فشيئا، فيقول: عملت كذا و كذا، في يوم

__________________________________________________

1- الكافي 2: 315/ 5.

2- المحاسن: 170/ 136.

(1) البقرة 2: 222.

(2) غافر 40: 7- 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 150

كذا، في ساعة كذا. فيقول: أعرف، يا رب- قال- حتى يوقفه على سيئاته كلها، كل ذلك يقول: أعرف، فيقول:

سترتها عليك في الدنيا، و أغفرها لك اليوم، أبدلوها لعبدي حسنات- قال- فترفع صحيفته للناس، فيقولون:

سبحان الله، أما كانت لهذا العبد و لا سيئة واحدة! فهو قول الله عز و جل فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ».

قال: ثم قرأت، حتى انتهيت إلى قوله: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «1»، قال:

«هذه فينا».

ثم قرأت: وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً «2»، فقال: «هذه فيكم، إذا ذكرتم فضلنا لم تشكوا».

ثم قرأت: وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ «3»، إلى آخر السورة، فقال:

«هذه فينا».

7835/ [3]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: أخبرني عمي أبو الحسن علي بن سليمان بن الجهم، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثنا العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم الثقفي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.

فقال (عليه السلام): «يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب، فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه، لا يطلع على حسابه أحدا

من الناس، فيعرفه ذنوبه، حتى إذا أقر بسيئاته، قال الله عز و جل للكتبة «4»: بدلوها حسنات، و أظهروها للناس. فيقول الناس حينئذ: ما كان لهذا العبد سيئة واحدة! ثم يأمر الله به إلى الجنة، فهذا تأويل الآية، و هي في المذنبين من شيعتنا خاصة».

و روى هذا الحديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان في (أماليه)، قال: أخبرني أبو غالب أحمد ابن محمد الزراري، و ساق الحديث بالسند و المتن «5».

7836/ [4]- الحسين بن سعيد في (كتاب الزهد): عن محمد بن عيسى، عن عمر بن إبراهيم، عن «6» بياع السابري، عن حجر بن زائدة، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: يا ابن رسول الله، إن لي حاجة؟ فقال:

__________________________________________________

3- الأمالي 1: 70.

4- الزهد: 91/ 245.

(1) الفرقان 25: 72.

(2) الفرقان 25: 73.

(3) الفرقان 25: 74. [.....]

(4) في المصدر: لملائكته.

(5) الأمالي: 298/ 9

(6) (عن) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 151

«تلقاني بمكة» فقلت: يا ابن رسول الله، إن لي حاجة. فقال: «تلقاني بمنى» فقلت: يا ابن رسول الله، إن لي حاجة، فقال: «هات حاجتك».

فقلت: يا ابن رسول الله، إني أذنبت ذنبا بيني و بين الله، لم يطلع عليه أحد، فعظم علي، و أجلك أن استقبلك به. فقال: «إنه إذا كان يوم القيامة، و حاسب الله عبده المؤمن، أوقفه على ذنوبه، ذنبا ذنبا، ثم غفرها له، لا يطلع على ذلك ملكا مقربا، و لا نبيا مرسلا».

قال عمر بن إبراهيم: و أخبرني عن غير واحد أنه قال: «و يستر عليه من ذنوبه ما يكره أن يوقفه عليها- قال- و يقول لسيئاته: كوني حسنات، و ذلك قول الله تبارك و تعالى: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ

حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً».

7837/ [5]- و

عنه: عن القاسم بن محمد، عن علي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك و تعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه، و حاسبه فيما بينه و بينه، فيقول: عبدي، فعلت كذا و كذا، و عملت كذا و كذا؟ فيقول: نعم- يا رب- قد فعلت ذلك. فيقول: قد غفرتها لك، و أبدلتها حسنات. فيقول الناس:

سبحان الله! أما كان لهذا العبد و لا «1» سيئة واحدة! و هو قول الله عز و جل: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً «2»».

قلت: أي أهل؟ قال: «أهله في الدنيا هم أهله في الجنة، إذا كانوا مؤمنين، و إذا أراد بعبد شرا، حاسبه على رؤوس الناس، و بكته «3»، و أعطاه كتابه بشماله، و هو قول الله عز و جل: وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَ يَصْلى سَعِيراً إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً «4»». قلت: أي أهل؟ قال: «أهله في الدنيا».

قلت: قوله: إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ «5»؟ قال: «ظن أنه لن يرجع».

7838/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: إن الله مثل لي امتي في الطين، و علمني أسماءهم، كما علم آدم الأسماء كلها، فمر بي أصحاب الرايات، فاستغفرت لعلي و شيعته، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة. قيل: يا رسول الله، و ما هي؟ قال: المغفرة لمن آمن منهم، و إن

الله لا يغادر «6» صغيرة

__________________________________________________

5- الزهد: 92/ 246.

6- الكافي 1: 368/ 15.

(1) (و لا) ليس في المصدر.

(2) الانشقاق 84: 7- 9.

(3) التّبكيت: التّقريع و التّوبيخ. «لسان العرب- بكت- 2: 11».

(4) الانشقاق 84: 10- 13.

(5) الانشقاق 84: 14.

(6) في المصدر: و أن لا يغادر منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 152

و لا كبيرة، و لهم تبدل السيئات حسنات».

7839/ [7]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني أبو العباس محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن منيع، عن صفوان بن يحيى، عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أهون ما يكسب زائر الحسين (عليه السلام) في كل حسنة ألف ألف حسنة، و السيئة واحدة، و أين الواحدة من ألف ألف!».

ثم قال: «يا صفوان، أبشر، فإن لله ملائكة معها قضبان من نور، فإذا أراد الحفظة أن تكتب على زائر الحسين (عليه السلام) سيئة، قالت الملائكة للحفظة: كفي. فتكف، فإذا عمل حسنة، قالت لها: اكتبي، أولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات».

7840/ [8]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن الحسين البصري البزاز، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن مهدي، عن أبيه، عن الرضا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): حبنا أهل البيت يكفر الذنوب، و يضاعف الحسنات، و إن الله تعالى ليحتمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، إلا ما كان منهم فيها على إصرار و ظلم للمؤمنين، فيقول للسيئات: كوني حسنات».

7841/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي،

عن جعفر، و إبراهيم، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «إذا كان يوم القيامة، أوقف الله المؤمن بين يديه، و عرض عليه عمله، فينظر في صحيفته، فأول ما يرى سيئاته، فيتغير لذلك لونه، و ترتعد فرائصه، ثم تعرض عليه حسناته، فتفرح لذلك نفسه، فيقول الله عز و جل: بدلوا سيئاتهم حسنات، و أظهروها للناس. فيبدل الله لهم، فيقول الناس: أما كان لهؤلاء سيئة واحدة! و هو قوله: يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ».

7842/ [10]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً و أثام: واد من أودية جهنم، من صفر مذاب، قدامها خدة «1» في جهنم، يكون فيه من عبد غير الله، و من قتل النفس التي حرم الله، و يكون فيه الزناة، و يضاعف لهم فيه العذاب، إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ إلى قوله فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً «2»، يقول: لا يعود إلى شي ء من ذلك بالإخلاص، و نية صادقة.

__________________________________________________

7- كامل الزيارات: 330/ 5.

8- الأمالي 1: 166.

9- تفسير القمّي 2: 117. [.....]

10- تفسير القمّي 2: 116.

(1) الخدّة: الحفرة تحفرها في الأرض مستطيلة. «لسان العرب- خدد- 3: 160».

(2) الفرقان 25: 71.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 153

7843/ [11]- علي بن إبراهيم أيضا: في قوله: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاˠآخَرَ إلى قوله: يَلْقَ أَثاماً، قال: واد في جهنم يقال له أثام، ثم استثنى عز و جل، فقال: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ.

7844/ [12]- المفيد في (الإختصاص): عن محمد بن الحسن

السجاد «1»، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد بن «2» الهيثم الحضرمي، عن علي بن الحسين الفزاري، عن آدم بن التمار الحضرمي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لأسلم عليه، فجلست أنتظره، فخرج إلي، فقمت إليه، فسلمت عليه، فضرب على كفي، ثم شبك أصابعه بأصابعي، ثم قال: «يا أصبغ بن نباتة»، قلت: لبيك و سعديك، يا أمير المؤمنين. فقال: «إن ولينا ولي الله، فإذا مات ولي الله كان من الله بالرفيق الأعلى، و سقاه من نهر أبرد من الثلج، و أحلى من الشهد، و ألين من الزبد».

فقلت: بأبي أنت و امي، و إن كان مذنبا؟ فقال: «نعم، و إن كان مذنبا، أما تقرأ القرآن: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يا أصبغ، إن ولينا لو لقي الله و عليه من الذنوب مثل زبد البحر، و مثل عدد الرمل، لغفرها الله له، إن شاء الله تعالى».

7845/ [13]- شرف الدين النجفي، قال: روى مسلم في (الصحيح) عن أبي ذر (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، و تخبأ كبارها، فيقال له: عملت يوم كذا و كذا، كذا و كذا، و هو مقر لا ينكر، و هو مشفق من الكبائر، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة. فيقول الرجل حينئذ: لي ذنوب ما أراها هاهنا!». قال: و لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) ضحك حتى بدت نواجذه «3».

سورة الفرقان(25): آية 72 ..... ص : 153

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا

بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [72]

7846/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن أبي أيوب

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 2: 117.

12- الإختصاص: 65.

13- تأويل الآيات 1: 382/ 19.

1- الكافي 6: 431/ 6.

(1) في المصدر: الشحّاذ.

(2) (محمد بن) ليس في المصدر.

(3) النّواجذ: أقصى الأضراس. «لسان العرب- نجذ- 3: 513».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 154

الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ، قال: الغناء».

7847/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، و أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ، قال: «هو الغناء».

7848/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن سعيد بن جناح، عن حماد، عن أبي أيوب الخزاز، قال: نزلنا بالمدينة، فأتينا أبا عبد الله (عليه السلام) فقال لنا: «أين نزلتم؟» فقلنا: على فلان، صاحب القيان. فقال:

«كونوا كراما». فو الله ما علمنا ما أراد به، و ظننا أنه يقول: تفضلوا عليه. فعدنا إليه، فقلنا له: لا ندري ما أردت بقولك:

«كونوا كراما». فقال: «أما سمعتم قول الله عز و جل في كتابه: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً».

7849/ [4]- الطبرسي: في معنى قوله تعالى: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «هو الغناء».

و مثله رواه الشيباني عنهما (عليهما السلام)، في (نهج البيان) «1».

7850/ [5]- و في قوله تعالى: وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً

عن أبي عبد الله (عليه السلام) «2»:

«هم الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنوا «3» عنه»

ذكره الطبرسي.

7851/ [6]- علي بن إبراهيم: في قوله: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ، قال: الغناء، و مجالس أهل اللهو، وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا «4» الإسراف: الإنفاق في المعصية في غير حق، وَ لَمْ يَقْتُرُوا لم يبخلوا عن حق الله. وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً «5» و القوام: العدل، و الإنفاق فيما أمر الله به.

سورة الفرقان(25): آية 73 ..... ص : 154

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً [73]

__________________________________________________

2- الكافي 6: 433/ 13.

3- الكافي 6: 432/ 9.

4- مجمع البيان 7: 283.

5- مجمع البيان 7: 283. [.....]

6- تفسير القمّي 2: 117.

(1) نهج البيان 3: 210 «مخطوط».

(2) في المصدر: أبي جعفر (عليه السّلام).

(3) في «ج»: كفّوا.

(4، 5) الفرقان 25: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 155

7852/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن محمد بن زياد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً قال: «مستبصرين، ليسوا شكاكا».

سورة الفرقان(25): آية 74 ..... ص : 155

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً [74]

7853/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و قرئ عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «قد سألوا «1» الله عظيما، أن يجعلهم للمتقين أئمة».

فقيل له: كيف هذا، يا ابن رسول الله؟ قال: «إنما أنزل الله: الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و اجعل لنا من المتقين إماما».

7854/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن أحمد، قال: حدثني الحسن بن محمد بن سماعة، عن حماد، عن أبان بن تغلب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، قال: «هم نحن أهل البيت».

7855/ [4]- و

روى غيره: «أن أزواجنا: خديجة، و ذرياتنا، فاطمة (عليهما السلام)، و قرة أعين: الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و اجعلنا للمتقين إماما:

علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7856/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن حويرث «2» بن محمد الحارثي، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، قال: قوله تعالى:

__________________________________________________

1- الكافي 8: 178/ 199.

2- تفسير القمي 2: 117.

3- تفسير القمي 2: 117، شواهد التنزيل 1: 416/ 575.

4- تفسير القمي 2: 117.

5- تأويل الآيات 1: 384/ 24.

(1) في «ي»: حاولوا.

(2) في المصدر: حريث.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 156

وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ الآية، نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام).

7857/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، قال: «أي هداة يهتدى بنا، و هذه لآل محمد (عليهم السلام) خاصة».

7858/ [6]- و

عنه: عن محمد بن جمهور، عن الحسين بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، قال: «لقد سألت ربك عظيما، إنما هي: و اجعل لنا من المتقين إماما و إيانا عنى بذلك». فعلى هذا التأويل تكون القراءة الاولى و اجعلنا للمتقين- يعني الشيعة- إماما، أن القائلين هم الأئمة (عليهم السلام).

7859/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن سلام، عن عبيد بن كثير، عن الحسين بن نصر ابن مزاحم، عن علي بن زيد الخراساني، عن عبد الله بن وهب الكوفي، عن

أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، في قول الله عز و جل: رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لجبرئيل (عليه السلام): مِنْ أَزْواجِنا؟ قال: خديجة. قال: وَ ذُرِّيَّاتِنا؟ قال: فاطمة. قال:

قُرَّةَ أَعْيُنٍ؟ قال: الحسن و الحسين. قال: وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً. قال: علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية إلى يوم الدين).

سورة الفرقان(25): آية 75 ..... ص : 156

قوله تعالى:

أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً [75]

7860/ [1]- (تحفة الإخوان) عن ابن مسعود، و ام سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه و آله)- في حديث- قال له: «يا ابن مسعود، إن أهل الغرف العليا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، و شيعته المتولون له، المتبرءون من أعدائه، و هو قوله تعالى: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً على أذى الدنيا».

7861/ [2]- (كشف الغمة) لعلي بن عيسى: عن ثابت، عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ،

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 384/ 25.

6- تأويل الآيات 1: 384/ 26. [.....]

7- تأويل الآيات 1: 385/ 27، شواهد التنزيل 1: 416/ 576.

1- تحفة الإخوان: 117.

2- كشف الغمة 2: 132.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 157

قال: «الغرفة: الجنة بِما صَبَرُوا على الفقر و مصائب «1» الدنيا».

سورة الفرقان(25): آية 77 ..... ص : 157

قوله تعالى:

قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً [77]

7862/ [1]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله بن أبي داود السجستاني، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن المقسمي الطرسوسي، قال: حدثنا بشر بن زاذان، عن عمر بن صبيح، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، أنه قال: «إنما الدنيا عناء و فناء، و عبر و غير «2»، فمن فنائها: أن الدهر موتر قوسه، مفوق «3» نبله، يصيب الحي بالموت، و الصحيح بالسقم، و من عنائها: أن المرء يجمع ما لا يأكل، و يبني ما لا يسكن، و من عبرها: أنك ترى المغبوط مرحوما، و المرحوم مغبوطا، ليس بينهما إلا نعيم زال، أو بؤس نزل، و

من غيرها: أن المرء يشرف عليه أمله، فيختطفه دونه أجله».

قال: و قال علي (عليه السلام): «أربع للمرء، لا عليه: الإيمان، و الشكر، فإن الله تعالى يقول: ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَ آمَنْتُمْ «4»، و الاستغفار، فإنه قال: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «5»، و الدعاء، فإنه قال: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً».

7863/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ، يقول: «ما يفعل ربي بكم فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً».

7864/ [3]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام):

كثرة القراءة أفضل، أم كثرة الدعاء؟ قال: «كثرة الدعاء أفضل» و قرأ هذه الآية.

__________________________________________________

1- الأمالي 2: 107.

2- تفسير القمّي 2: 117.

3- مجمع البيان 7: 285.

(1) في المصدر: الفقر في دار.

(2) الغير: من تغيّر الحال. «لسان العرب- غير- 5: 40».

(3) أفقت السهم: وضعته في الوتر لأرمي به. «لسان العرب- فوق- 10: 320».

(4) النساء 4: 147.

(5) الأنفاĠ8: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 159

المستدرك (سورة الفرقان) ..... ص : 159

سورة الفرقان(25): آية 16 ..... ص : 159

قوله تعالى:

كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا [16] [1]- الطبرسي في (مجمع البيان): في قوله تعالى: كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا، قال ابن عباس: معناه أن الله سبحانه وعد لهم الجزاء، فسألوه الوفاء، فوفى.

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ [31]

[2]- أبو الفضل الطبرسي في (مشكاة الأنوار): يرفعه إلى الإمام الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «ما كان و لا يكون و ليس بكائن، نبي و لا مؤمن، إلا و قد سلط

عليه حميم يؤذيه، فإن لم يكن حكيم فجار يؤذيه، و ذلك قوله عز و جل:

وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ».

[3]- لما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب، و نال من أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فقام الحسن (عليه السلام)، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: إن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا جعل له عدوا من المجرمين، قال الله تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ فأنا ابن علي بن أبي طالب، و أنت ابن صخر، و أمك هند،

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 257.

2- مشكاة الأنوار: 287.

3- نزهة الناظر و تنبيه الخاطر: 74/ 21. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 160

و امي فاطمة، و جدتك قتيلة، و جدتي خديجة، فلعن الله الأدنى منا حسبا، و أخملنا ذكرا، و أعظمنا كفرا، و أشدنا نفاقا. فصاح أهل المسجد: آمين آمين. و قطع معاوية خطبته و دخل منزله

سورة الفرقان(25): آية 48 ..... ص : 160

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً [48]

[1]- (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام): «إذا أردت الطهارة و الوضوء، فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة الله تعالى، فإن الله تعالى قد جعل الماء مفتاح قربته و مناجاته، و دليلا إلى بساط خدمته، و كما أن رحمة الله تطهر ذنوب العباد، كذلك النجاسات الظاهرة يطهرها الماء لا غير، قال الله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً، و قال الله تعالى: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ «1»، فكما أحيا به كل شي ء من نعيم الدنيا، كذلك برحمته و فضله جعل حياة القلب و الطاعات

و التفكر في صفاء الماء و رقته و طهره و بركته و لطيف امتزاجه بكل شي ء، و استعمله في تطهير الأعضاء التي أمرك الله بتطهيرها، و تعبدك بأدائها في فرائضه و سننه، فإن تحت كل واحدة منها فوائد كثيرة، فإذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عيون فوائده عن قريب، ثم عاشر خلق الله كامتزاج الماء بالأشياء، يؤدي كل شي ء حقه، و لا يتغير عن معناه، معبرا لقول الرسول (صلى الله عليه و آله): مثل المؤمن المخلص كمثل الماء و لتكن صفوتك مع الله تعالى في جميع طاعاتك كصفوة الماء حين أنزله من السماء، و سماه طهورا، و طهر قلبك بالتقوى و اليقين عند طهارة جوارحك بالماء».

سورة الفرقان(25): آية 49 ..... ص : 160

قوله تعالى:

لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً [49] [2]- الطبرسي في (مجمع البيان): في قوله تعالى: لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً، قال ابن عباس: لنخرج به النبات و الثمار.

__________________________________________________

1- مصباح الشريعة: 128.

2- مجمع البيان 7: 270.

(1) الأنبياء 21: 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 161

سورة الشعراء ..... ص : 161

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 163

فضلها ..... ص : 163

7865/ [1]- ابن بابويه، بإسناده: عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سور الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة، كان من أولياء الله، و في جوار الله، و في كنفه، و لم يصبه في الدنيا بؤس أبدا، و اعطي في الآخرة من الجنة حتى يرضى، و فوق رضاه، و زوجه الله مائة زوجة من الحور العين».

7866/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله). أنه قال: «من قرأ هذه السورة، كان له بعدد كل مؤمن و مؤمنة عشر حسنات، و خرج من قبره و هو ينادي لا إله إلا الله و من قرأها حين يصبح، فكأنما قرأ جميع الكتب التي أنزلها الله، و من شربها بماء شفاه الله من كل داء و من كتبها و علقها على ديك أفرق، يتبعه حتى يقف الديك، فإنه يقف على كنز، أو في موضع يقف يجد ماء» «1».

7867/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها، لم يدخل بيته سارق، و لا حريق، و لا غريق و من كتبها، و شربها شفاه الله من كل داء، و من كتبها و علقها على ديك أبيض أفرق، فإن الديك يسير و لا يقف إلى على كنز، أو سحر، و يحفره بمنقاره، حتى يظهره».

7868/ [4]- و

عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها على ديك أبيض أفرق و أطلقه، فإنه يمشي و يقف موضعا، فحيث ما وقف، فإنه يحفر موضعه فيه، يلقى كنزا، أو سحرا مدفونا و إذا علقت على مطلقة، يصعب عليها الطلاق، و ربما خيف، فليتق

فاعله، فإذا رش ماؤها في موضع، خرب ذلك الموضع بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 109.

2- خواص القرآن: 5 «قطعة منه».

3- خواص القرآن: 5 «قطعة منه».

4- خواص القرآن: 45 «مخطوط».

(1) كذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 165

سورة الشعراء(26): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 165

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ- إلى قوله تعالى- أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [1- 3]

7869/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي «1» علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): يا ابن رسول الله، ما معنى قوله الله عز و جل: طس «2» و طسم؟ قال: «أما طس فمعناه أنا الطالب السميع، و أما طسم فمعناه أنا الطالب السميع المبدئ المعيد».

7870/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: طسم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المرموز في القرآن، قال:

قوله تعالى: لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أي خادع «3» نفسك أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.

7871/ [3]- ابن شهر آشوب: عن العياشي، بإسناده إلى الصادق (عليه السلام)، في خبر، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «يا علي، إني سألت الله أن يوالي بيني و بينك ففعل، و سألته أن يؤاخي بيني و بينك ففعل، و سألته أن يجعلك وصيي ففعل» فقال رجل: و الله، لصاع من تمر في شن «4» بال خير مما سأل محمد ربه، هلا سأل ملكا يعضده على عدوه، أو كنزا يستعين به على فاقته! فأنزل الله تعالى: لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ.

__________________________________________________

1- معاني الأخبار:

22.

2- تفسير القمّي 2: 118.

3- المناقب 2: 342، أمالي الطوسي 1: 106.

(1) (على يدي) ليس في «ي».

(2) النمل 27: 1.

(3) البخع: القتل، و المعنى: لعلّك قاتل نفسك. «تفسير التبيان 8: 4، مجمع البيان 7: 184». [.....]

(4) الشّنّ: القربة الخلق. «لسان العرب- شنن- 13: 241».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 166

سورة الشعراء(26): آية 4 ..... ص : 166

قوله تعالى:

إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ [4]

7872/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: «خمس علامات قبل قيام القائم (عليه السلام): الصيحة، و السفياني، و الخسف، و قتل النفس الزكية، و اليماني».

فقلت: جعلت فداك، إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات، أ نخرج معه؟ قال: «لا».

قال: فلما كان من الغد تلوت هذه الآيات: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، فقلت له: أ هي الصيحة؟ فقال: «أما لو كانت، خضعت أعناق أعداء الله عز و جل».

7873/ [2]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تخضع رقابهم- يعني بني أمية- و هي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر (عليه السلام)».

7874/ [3]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن يحيى، عن داود الدجاجي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول

الله عز و جل: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ «1»، فقال: انتظروا الفرج في ثلاث».

فقيل: يا أمير المؤمنين، و ما هن؟ فقال: «اختلاف أهل الشام بينهم، و الرايات السود من خراسان، و الفزعة في شهر رمضان».

فقيل: و ما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: «أو ما سمعتم قول الله عز و جل في القرآن: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، هي آية تخرج الفتاة من خدرها، و توقظ النائم، و تفزع اليقظان».

7875/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن التميمي «2»، قال: حدثنا عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فسمعت

__________________________________________________

1- الكافي 8: 310/ 483، ينابيع المودة: 426.

2- تفسير القمّي 2: 118.

3- الغيبة: 251/ 8.

4- الغيبة: 260/ 19.

(1) مريم 19: 37.

(2) في «ج» و المصدر: التيملي، راجع معجم رجال الحديث 11: 331.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 167

رجلا من همدان يقول له: إن هؤلاء العامة يعيرونا، و يقولون لنا: إنكم تزعمون أن مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر. و كان متكئا، فغضب و جلس، ثم قال: «لا ترووه عني، و ارووه عن أبي، و لا حرج عليكم في ذلك، أشهد أني قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: و الله إن ذلك في كتاب الله عز و جل لبين، حيث يقول: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلا خضع، و ذلت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إن الحق في علي بن أبي طالب و

شيعته- قال- فإذا كان من الغد، صعد إبليس في الهواء، حتى يتوارى عن أهل الأرض، ثم ينادي: ألا إن الحق في عثمان بن عفان و شيعته، فإنه قتل مظلوما، فاطلبوا بدمه- قال- فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق، و هو النداء الأول، و يرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، و المرض و الله عداوتنا، فعند ذلك يتبرءون منا، و يتناولونا، فيقولون: إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت» ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام): وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ «1».

و عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم، و سعدان بن إسحاق بن سعيد، و أحمد بن الحسين بن عبد الملك، و محمد بن أحمد بن الحسن القطواني جميعا، عن الحسن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، مثله سواء بلفظه «2».

7876/ [5]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسين بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، و قد سأله عمارة الهمداني، فقال له: أصلحك الله، إن أناسا يعيرونا، و يقولون: إنكم تزعمون أنه سيكون صوت من السماء. فقال له: «لا ترووه عني، و ارووه عن أبي، كان أبي يقول: هو في كتاب الله: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ فيؤمن أهل الأرض جميعا للصوت [الأول ، فإذا كان من الغد صعد إبليس اللعين، حتى يتوارى من الأرض في جو السماء، ثم ينادي: ألا إن عثمان

قتل مظلوما، فاطلبوا بدمه. فيرجع من أراد الله عز و جل به سوءا، و يقولون: هذا سحر الشيعة، حتى يتناولونا، و يقولون: هو من سحرهم، و هو قول الله عز و جل: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ» «3».

7877/ [6]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن، عن أبيه، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن الحسين بن موسى، عن فضيل بن محمد مولى محمد بن راشد البجلي «4»، عن أبي __________________________________________________

5- الغيبة: 261/ 20.

6- الغيبة: 263/ 23.

(1) القمر 54: 2.

(2) الغيبة: 261/ 19.

(3) القمر 54: 2.

(4) في «ج، ي»: الحلبي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 168

عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «أما إن النداء من السماء باسم القائم في كتاب الله لبين». فقلت: أين هو، أصلحك الله؟

فقال: «في طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ «1» قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ- قال- إذا سمعوا الصوت، أصبحوا و كأنما على رؤوسهم الطير».

7878/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن أحمد بن معمر الأسدي، عن محمد بن فضيل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، قال: هذه نزلت فينا و في بني امية، تكون لنا دولة تذل أعناقهم لنا بعد صعوبة، و هوان بعد عز.

7879/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن

قول الله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، قال: «نزلت في قائم آل محمد (صلوات الله عليهم)، ينادي باسمه من السماء».

7880/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابنا «2»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، قال: «تخضع لها رقاب بني امية- قال- ذلك بارز عند زوال الشمس- قال- و ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) يبرز عند زوال الشمس، و تركب «3» الشمس على رؤوس الناس ساعة، حتى يبرز وجهه، و يعرف الناس حسبه و نسبه».

ثم قال: «إن بني امية ليختبئ الرجل منهم إلى جنب شجرة، فتقول: خلفي رجل من بني امية، فاقتلوه».

7881/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، قال: حدثنا صفوان بن يحيى عن أبي عثمان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): انتظروا الفرج في ثلاث. قيل: و ما هن؟ قال: اختلاف أهل الشام بينهم، و الرايات السود من خراسان، و الفزعة في شهر رمضان.

فقيل له: و ما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أما سمعتم قول الله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ؟

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 1: 386/ 1، شواهد التنزيل 1: 417/ 577، الجامع لأحكام القرآن 13: 90. [.....]

8- تأويل الآيات 1: 386/ 2، ينابيع المودة: 426.

9- تأويل الآيات 1: 386/ 3.

10- تأويل الآيات 1: 387/ 4.

(1) الشعراء 26: 1، 2.

(2) في المصدر:

عن أبي بصير.

(3) في المصدر: و تركت، و لعله تصحيف: و تركد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 169

هي آية تخرج الفتاة من خدرها، و يستيقظ النائم، و يفزع اليقظان».

7882/ [11]- (كتاب الرجعة) لبعض السادة المعاصرين: عن أحمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن الحسن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حصين بن مخارق، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً، قال: «النداء من السماء باسم رجل، و اسم أبيه».

7883/ [12]- و

بالإسناد عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ، قال: «تخضع لها رقاب بني امية- قال- ذلك بارز عند زوال الشمس، و ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، يبرز عند زوال الشمس، و نزلت الشمس على رؤوس الناس ساعة حتى يبرز وجهه، و يعرف الناس حسبه و نسبه».

ثم قال: «أما إن بني امية ليختبئن الرجل إلى جنب شجرة، فتقول: هذا رجل من بني امية، فاقتلوه».

سورة الشعراء(26): الآيات 10 الي 63 ..... ص : 169

قوله تعالى:

وَ إِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ- إلى قوله تعالى- فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [10- 63]

7884/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما بعث الله موسى (عليه السلام) إلى فرعون أتى بابه، فاستأذن عليه، فلم يأذن له، فضرب بعصاه الباب، فاصطكت الأبواب ففتحت، ثم دخل على فرعون، فأخبره أنه رسول الله، و سأله أن يرسل معه

بني إسرائيل. فقال له فرعون، كما حكى الله: أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَ لَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ أي قتلت الرجل وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ يعني كفرت نعمتي. قال موسى، كما حكى الله: فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ إلى قوله تعالى: أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ ف قالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ الْعالَمِينَ؟ و إنما سأله عن كيفية الله، فقال موسى: رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ، فقال فرعون- متعجبا- لأصحابه: أَ لا تَسْتَمِعُونَ أسأله عن الكيفية، فيجيبني عن الصفات؟! فقال موسى: رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قال فرعون لأصحابه: اسمعوا، قال: ربكم و رب آبائكم الأولين «1»!

__________________________________________________

11- الرجعة: 52 «مخطوط»، للسيّد محمّد مؤمن الحسيني الأسترآبادي.

12- الرجعة: 52 «مخطوط».

1- تفسير القمّي 2: 118.

(1) (قال فرعون ... الأولين) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 170

ثم قال لموسى: لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ قال موسى: أَ وَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَيْ ءٍ مُبِينٍ. قال فرعون:أْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب، و دخل فرعون من الرعب ما لم يملك به نفسه فقال فرعون: نشدتك بالله، و بالرضاع، إلا ما كففتها عني، فكفها، ثم نزع يده، فإذا هي بيضاء للناظرين، فلما أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه، و هم بتصديقه، فقام إليه هامان، فقال له: بينما أنت إله تعبد، إذ صرت تابعا لعبد! ثم قال فرعون للملأ الذين حوله: إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ إلى قوله: لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ. و

كان فرعون و هامان قد تعلما السحر، و إنما غلبا الناس بالسحر، و ادعى فرعون الربوبية بالسحر، فلما أصبح بعث في المدائن حاشرين، مدائن مصر كلها، و جمعوا ألف ساحر، و اختاروا من الألف مائة، و من المائة ثمانين، فقال السحرة لفرعون: قد علمت أنه ليس في الدنيا أسحر منا، فإن غلبنا موسى فما يكون لنا عندك؟ قال: إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ عندي، أشارككم في ملكي. قالوا: فإن غلبنا موسى، و أبطل سحرنا، علمنا أن ما جاء به ليس من قبل السحر، و لا من قبل الحيلة، و آمنا به، و صدقناه. فقال فرعون: إن غلبكم موسى، صدقته أنا أيضا معكم، و لكن أجمعوا كيدكم، أي حيلتكم».

قال: «و كان موعدهم يوم عيد لهم، فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم، جمع فرعون الخلق، و السحرة، و كانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا، و قد كانت كسيت بالحديد و الفولاذ المصقول، فكانت إذا وقعت الشمس عليها، لم يقدر أحد أن ينظر إليها، من لمع الحديد، و وهج الشمس، و جاء فرعون و هامان، و قعدا عليها ينظران، و أقبل موسى ينظر إلى السماء، فقالت السحرة لفرعون: إنا نرى رجلا ينظر إلى السماء، و لن يبلغ سحرنا إلى السماء، و ضمنت السحرة من في الأرض. فقالوا لموسى: إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ «1» قال لهم موسى: أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَ عِصِيَّهُمْ فأقبلت تضطرب، و صالت «2» مثل الحيات، و هاجت، فقالوا: بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ. فهال الناس ذلك، فأوجس في نفسه خيفة موسى، فنودي: لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى وَ أَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما

صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَ لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى «3».

فألقى موسى عصاه، فذابت في الأرض مثل الرصاص، ثم طلع رأسها، و فتحت فاها، و وضعت شدقها الأعلى على رأس قبة فرعون، ثم دارت، و أرخت شفتها السفلى، و التقمت عصي السحرة، و حبالها، و غلب كلهم، و انهزم الناس حين رأوها، و عظمها، و هولها، مما لم تر العين، و لا وصف الواصفون مثله قبل، فقتل في الهزيمة، من وطء الناس بعضهم بعضا، عشرة آلاف رجل و امرأة و صبي، و دارت على قبة فرعون- قال- فأحدث فرعون و هامان في ثيابهما، و شاب رأسهما، و غشي عليهما من الفزع.

__________________________________________________

(1) الأعراف 7: 115.

(2) صال عليه: إذا استصال و وثب. «الصحاحة صول- 5: 1746». و في المصدر: صارت.

(3) طه 20: 68 و 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 171

و مر موسى في الهزيمة مع الناس، فناداه الله: خُذْها وَ لا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى «1»، فرجع موسى، و لف على يده عباءة كانت عليه، ثم أدخل يده في فيها، فإذا هي عصا كما كانت، فكان كما قال الله:

فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ لما رأوا ذلك، و قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَ هارُونَ، فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا، و قال: آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ يعني موسى الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ فقالوا، كما حكى الله:

لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ.

فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن، حتى أنزل الله عليهم الطوفان، و الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم، فأطلق فرعون عنهم

فأوحى الله إلى موسى: أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ، فخرج موسى ببني إسرائيل، ليقطع بهم البحر، و جمع فرعون أصحابه، و بعث في المدائن حاشرين، و حشر الناس، و قدم مقدمته في ست مائة ألف، و ركب هو في ألف ألف، و خرج كما حكى الله عز و جل: فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ كُنُوزٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ، فلما قرب موسى من البحر، و قرب فرعون من موسى، قال أصحاب موسى: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قال موسى: كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ أي سينجيني: فدنا موسى (عليه السلام) من البحر، فقال له: انفلق، فقال البحر له: استكبرت- يا موسى- أن تقول لي أنفلق «2» لك، و لم أعص الله طرفة عين، و قد كان فيكم المعاصي؟ فقال له موسى: فأحذر أن تعصي الله و قد علمت أن آدم اخرج من الجنة بمعصيته، و إنما إبليس لعن بمعصيته، فقال البحر: ربي عظيم، مطاع أمره، و لا ينبغي لشي ء أن يعصيه.

فقام يوشع بن نون، فقال لموسى: يا رسول الله، ما أمرك ربك؟ قال: بعبور البحر. فاقتحم يوشع فرسه في الماء، فأوحى الله إلى موسى: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ، فضربه فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، أي كالجبل العظيم، فضرب له في البحر اثني عشر طريقا، فأخذ كل سبط منهم في طريق، فكان الماء قد ارتفع، و بقيت الأرض يابسة، طلعت فيها الشمس، فيبست، كما حكى الله: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشى «3».

و دخل موسى و أصحابه البحر، و كان أصحابه اثني عشر سبطا، فضرب الله لهم في البحر اثنى عشر طريقا، فأخذ كل سبط

في طريق، و كان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى (عليه السلام) في طريقه، فقالوا: يا موسى أين إخواننا؟ فقال لهم: معكم في البحر. فلم يصدقوه، فأمر الله البحر، فصارت طاقات، حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض، و يتحدثون.

و أقبل فرعون و جنوده، فلما انتهى إلى البحر، قال لأصحابه: ألا تعلمون أني ربكم الأعلى؟ قد فرج لي

__________________________________________________

(1) طه 20: 21. [.....]

(2) في «ط»: أنفرق انفرق. و في «ي» افترق افترق.

(3) طه 20: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 172

البحر. فلم يجسر أحد أن يدخل البحر، و امتنعت الخيل منه لهول الماء، فتقدم فرعون، حتى جاء إلى ساحل البحر، فقال له منجمه: لا تدخل البحر. و عارضه فلم يقبل منه، و أقبل على فرس حصان، فامتنع الحصان أن يدخل الماء، فعطف عليه جبرئيل، و هو على ماديانة «1»، فتقدمه و دخل، فنظر الفرس إلى الرمكة «2» فطلبها، و دخل البحر، و اقتحم أصحابه خلفه. فلما دخلوا كلهم، حتى كان آخر من دخل من أصحابه، و آخر من خرج من أصحاب موسى، أمر الله الرياح، فضربت البحر بعضه ببعض، فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال، فقال فرعون عند ذلك:

آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ «3» فأخذ جبرئيل كفا من حمأ، فدسها في فيه، ثم قال: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» «4».

7885/ [2]- المفيد في (الإختصاص): عن عبد الله بن جندب، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «كان على مقدمة فرعون ست مائة ألف، و مأتي ألف، و على ساقته «5» ألف ألف،- قال- لما صار موسى في

البحر، اتبعه فرعون و جنوده- قال- فتهيب فرس فرعون أن يدخل البحر، فتمثل له جبرئيل على ماديانة، فلما رأى فرس فرعون الماديانة اتبعها، فدخل البحر هو و أصحابه، فغرقوا».

7886/ [3]- و

عنه في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني بكر بن صالح الرازي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول لأبي: «ما لي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟» قال: إنه خالي. فقال له أبو الحسن: «إنه يقول في الله قولا عظيما، يصف الله تعالى، و يحده، و الله لا يوصف، فإما جلست معه و تركتنا، و إما جلست معنا و تركته».

فقال: إنه يقول ما شاء، أي شي ء علي منه إذا لم أقل ما يقول؟ فقال له أبن الحسن (عليه السلام): «أما تخافن أن تنزل به نقمة، فتصيبكم جميعا؟ أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى، و كان أبوه من أصحاب فرعون، لما لحقت خيل فرعون موسى (عليه السلام)، تخلف عنه ليعظه فأدركه موسى، و أبوه يراغمه، حتى بلغا طرف البحر، فغرقا جميعا، فأتى موسى الخبر، فسأل جبرئيل عن حاله، فقال: غرق (رحمه الله) و لم يكن على رأي أبيه، لكن النقمة إذا نزلت، لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع؟».

__________________________________________________

2- الاختصاص: 266.

3- الأمالي 112/ 3.

(1) الماديانة: المراد بها الرمكة، كما في ظاهر الحديث.

(2) الرّمكة: الفرس التي تتّخذ للنسل. «لسان العرب- رمك- 10: 434».

(3) يونس 10: 90.

(4) يونس 10: 91.

(5) ساقة الجيش: مؤخّره. «لسان العرب- سوق- 10: 167».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 173

7887/ [4]- الحسين بن سعيد، في كتاب (الزهد): عن النضر،

عن محمد بن هاشم، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن قوما ممن آمن بموسى (عليه السلام)، قالوا: لو أتينا عسكر فرعون، و كنا فيه، و نلنا من دنياه، فإذا كان الذي نرجوه من ظهور موسى، صرنا إليه. ففعلوا، فلما توجه موسى و من معه هاربين ركبوا دوابهم، و أسرعوا في السير ليوافوا موسى و من معه، فيكونوا معهم، فبعث الله ملائكة، فضربت وجوه دوابهم، فردتهم إلى عسكر فرعون، فكانوا فيمن غرق مع فرعون».

7888/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ يقول: عصبة قليلة وَ إِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ يقول: مؤذون في الأداة، و هو الشاكي في السلاح و أما قوله:

وَ مَقامٍ كَرِيمٍ يقول: مساكن حسنة. و أما قوله: فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ يعني عند طلوع الشمس. و أما قوله:

إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ يقول: سيكفين».

7889/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و ذكر الحديث في عصمة الأنبياء، من سؤال المأمون للرضا (عليه السلام)، فكان فيما سأله: فما معنى قول موسى (عليه السلام) لفرعون:

فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ؟

قال الرضا (عليه السلام): «إن فرعون قال لموسى (عليه السلام) لما أتاه: وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ بي قال موسى: فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ عن الطريق، بوقوعي إلى مدينة من مدائنك فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ و قد قال الله تعالى لنبيه محمد (صلى الله عليه

و آله): أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى «1». يقول أ لم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس؟ وَ وَجَدَكَ ضَالًّا «2» يعني عند قومك. فَهَدى «3» أي هداهم إلى معرفتك. وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى «4» يقول: أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا» فقال المأمون: بارك الله فيك، يا ابن رسول الله.

7890/ [7]- المفيد في كتاب (الغيبة): بإسناده عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال «5»: «إذا قام القائم (عليه السلام) تلا هذه الآية، مخاطبا للناس: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ».

__________________________________________________

4- الزهد: 65/ 172.

5- تفسير القمّي 2: 122.

6- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 199/ 1.

7- الغيبة للنعماني: 174/ 12.

(1) الضحى 93: 6- 8. [.....]

(2) الضحى 93: 6- 8.

(3) الضحى 93: 6- 8.

(4) الضحى 93: 6- 8.

(5) في المصدر: قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر «عليهما السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 174

سورة الشعراء(26): الآيات 78 الي 87 ..... ص : 174

قوله تعالى:

الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ- إلى قوله تعالى- وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ [78- 87]

7891/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة ابن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ، و ذكر الحديث فيما ابتلاه به ربه، إلى أن قال: «و التوكل، بيان ذلك في قوله: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ

يَسْقِينِ وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَ الَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ.

ثم الحكم، و الانتماء إلى الصالحين، في قوله: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ يعني بالصالحين: الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عز و جل، و لا يحكمون بالآراء و المقاييس، حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق، بيان ذلك في قوله: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ أراد في هذه الأمة الفاضلة، فأجابه الله، و جعل له و لغيره من الأنبياء: لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ذلك قوله: وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا «1».

ثم استقصار النفس في الطاعة، في قوله: وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ».

و الحديث طويل، ذكرناه في قوله تعالى: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ «2».

7892/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب ابن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث غيبة إبراهيم، إلى أن قال: «ثم غاب (عليه السلام) الغيبة الثانية، و ذلك حين نفاه الطاغوت عن بلده «3»، فقال: وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا «4». قال الله تقدس ذكره: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا «5» يعني به علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأن إبراهيم

(عليه السلام) قد كان دعا الله عز و جل أن يجعل له

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 126/ 1.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 139/ 7.

(1) مريم 19: 50.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (124) من سورة البقرة.

(3) في المصدر: عن حصر.

(4) مريم 19: 48.

(5) مريم 19: 49 و 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 175

لسان صدق في الآخرين، فجعل الله تبارك و تعالى له و لإسحاق و يعقوب لسان صدق عليا، فأخبر علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن القائم (عليه السلام) هو الحادي عشر من ولده، و أنه المهدي الذي يملأ الأرض عدلا و قسطا، كما ملئت جورا و ظلما، و أنه تكون له غيبة، و حيرة، يضل فيها أقوام، و يهتدي فيها آخرون، و أن هذا كائن كما أنه مخلوق».

7893/ [1]- و

من طريق المخالفين: قوله تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عرضت ولايته على إبراهيم (عليه السلام)، فقال: اللهم اجعله من ذريتي، ففعل الله ذلك».

7894/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ، قال: هو أمير المؤمنين (عليه السلام).

سورة الشعراء(26): آية 89 ..... ص : 175

قوله تعالى:

إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [89]

7895/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. قال:

«السليم الذي يلقى ربه، و ليس فيه أحد سواه».

قال: و قال: «كل قلب فيه شرك، أو شك، فهو ساقط، و إنما أرادوا الزهد في

الدنيا، لتفرغ قلوبهم للآخرة».

7896/ [4]- الطبرسي، قال: روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «هو القلب الذي سلم من حب الدنيا».

قال الطبرسي: و يؤيده

قول النبي (صلى الله عليه و آله): «حب الدنيا رأس كل خطيئة».

سورة الشعراء(26): الآيات 90 الي 102 ..... ص : 175

قوله تعالى:

وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ [90- 91]

7897/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ __________________________________________________

1- كشف الغمة 1: 320.

2- تفسير القمي 2: 123.

3- الكافي 2: 13/ 5. [.....]

4- مجمع البيان 7: 305.

5- تفسير القمي 2: 122.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 176

يقول: قربت وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ يقول: نحيت».

قوله تعالى:

فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ- إلى قوله تعالى- فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [94- 102]

7898/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1»

، في قول الله عز و جل: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ، قال: «هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم، ثم خالفوه إلى غيره».

7899/ [2]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث- قال فيه: «و أنزل في طسم:

وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ وَ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ «2» جنود إبليس: ذريته من الشياطين».

7900/ [3]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد):

عن النضر، عن الحلبي، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ، قال: «هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم، ثم خالفوا إلى غيره».

7901/ [4]- و

عنه: عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ، فقال: «يا أبا بصير، هم قوم وصفوا عدلا، و عملوا بخلافه».

7902/ [5]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية: قال الصادق (عليه السلام): «نزلت في قوم وصفوا عدلا، ثم خالفوه إلى غيره».

ثم قال: و في خبر آخر: «هم بنو امية، و الغاوون هم بنو فلان».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 38/ 4.

2- الكافي 2: 26.

3- الزهد: 68/ 181.

4- الزهد: 68.

5- تفسير القمّي 2: 123.

(1) في «ج» و المصدر: أبي جعفر (عليه السّلام).

(2) الشعراء 26: 91- 95.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 177

قالُوا وَ هُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ يقولون لمن تبعوهم: أطعناكم كما أطعنا الله، فصرتم أربابا. ثم يقولون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

7903/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق ابن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ.

قال: «يعني المشركين الذين اقتدى بهم هؤلاء، و اتبعوهم على شركهم، و هم قوم محمد (صلى الله عليه و آله)، ليس فيهم من اليهود و النصارى أحد، و تصديق ذلك، قول الله عز و جل: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ «1»، كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ «2»،

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ «3»، ليس فيهم اليهود الذين قالوا: عزير ابن الله، و لا النصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله، سيدخل الله اليهود و النصارى النار، و يدخل كل قوم بأعمالهم.

و قولهم: وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ إذ دعونا إلى سبيلهم، ذلك قول الله عز و جل فيهم حين جمعهم إلى النار: قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ «4»، و قوله: كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً «5» برى ء بعضهم من بعض، و لعن بعضهم بعضا، يريد بعضهم أن يحج بعضا رجاء الفلج «6»، فيفلتوا من عظيم ما نزل بهم، و ليس بأوان بلوى، و لا اختبار، و لا قبول معذرة، و لات حين نجاة».

7904/ [7]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن عمر بن أبان، عن عبد الحميد الوابشي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: إن لنا جارا ينتهك المحارم كلها، حتى أنه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها. فقال: «سبحان الله- و أعظم ذلك- ألا أخبرك بمن هو شر منه؟» فقلت: بلى. فقال: «الناصب لنا شر منه، أما إنه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت، فيرق لذكرنا، إلا مسحت الملائكة ظهره، و غفر له ذنوبه كلها، إلا أن يجي ء بذنب يخرجه عن الإيمان، و إن الشفاعة لمقبولة، و ما تقبل في ناصب، و إن المؤمن ليشفع لجاره و ما له حسنة، فيقول: يا رب، جاري كان يكف عني الأذى فيشفع فيه، فيقول الله تبارك و تعالى: أنا ربك، و أنا أحق من كافى عنك، فيدخله الجنة، و

ما له من حسنة، و إن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك، يقول أهل النار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

__________________________________________________

6- الكافي 2: 26.

7- الكافي 8: 101/ 72.

(1) الشعراء 26: 105.

(2) الشعراء 26: 176.

(3) القمر 54: 33. [.....]

(4، 5) الأعراف 7: 38.

(6) الفلج: الظّفر و الفوز، و قد فلج الرجل على خصمه، أي غلبه. «لسان العرب- فلج- 2: 347».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 178

7905/ [8]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان الغزال، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو حفص الأعشى، قال: سمعت الحسن بن صالح بن حي قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: «لقد عظمت منزلة الصديق، حتى أن أهل النار يستغيثون به، و يدعونه قبل القريب الحميم، قال الله سبحانه مخبرا عنهم: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7906/ [9]- و

عنه، في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يونس القاضي الهمداني، قال: حدثني أحمد بن الخليل النوفلي بالدينور «1»، قال: حدثنا عثمان بن سعيد المري، قال:

حدثنا الحسن بن صالح بن حي، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: «لقد عظمت منزلة الصديق، حتى أن أهل النار ليستغيثون به، و يدعونه في النار قبل القريب الحميم، قال الله مخبرا عنهم: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7907/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن شريف بن سابق،

عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن آبائه، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته، ما يقول الناس فيه، إن خيرا فخيرا، و إن شرا فشرا، و أول تحفة المؤمن أن يغفر الله له، و لمن تبع جنازته».

ثم قال: «يا فضل، لا يأتي المسجد من كل قبيلة إلا وافدها، و من كل أهل بيت إلا نجيبها. يا فضل، لا يرجع صاحب المسجد بأقل من إحدى ثلاث، إما دعاء يدعو به يدخله الله به الجنة، و إما دعاء يدعو به فيصرف الله به عنه بلاء الدنيا، و إما أخ يستفيده في الله عز و جل- ثم قال- قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام، مثل أخ يستفيده في الله».

ثم قال: «يا فضل، لا تزهدوا في فقراء شيعتنا، فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة و مضر. يا فضل، إنما سمي المؤمن مؤمنا لأنه يؤمن على الله، فيجيز الله أمانه- ثم قال- أما سمعت الله تعالى يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7908/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن عبد الله بن يزيد «2»، عن الحسن بن محمد، عن «3» أبي عاصم، عن عيسى بن عبد الله بن __________________________________________________

8- الأمالي 2: 222.

9- الأمالي 2: 131.

10- الأمالي 1: 45.

11- تأويل الآيات 1: 389/ 9، شواهد التنزيل 1: 418/ 578.

(1) دينور: مدينة

من أعمال الجبل، بينها و بين همذان نيّف و عشرون فرسخا. «معجم البلدان 2: 545».

(2) في المصدر: زيدان.

(3) في المصدر: بن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 179

محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «نزلت هذه الآية فينا، و في شيعتنا، و ذلك أن الله سبحانه يفضلنا، و يفضل شيعتنا، حتى أنا لنشفع و يشفعون، فإذا رأى ذلك من ليس منهم، قالوا: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7909/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي، عن رجل، عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ، فقال: «لما يرانا هؤلاء و شيعتنا، نشفع يوم القيامة، يقولون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ يعني بالصديق: المعرفة، و بالحميم: القرابة».

7910/ [13]- و

روى البرقي، عن ابن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سليمان بن خالد قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام): فقرأ: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ، و قال: «و الله لنشفعن- ثلاثا- و لتشفعن شيعتنا- ثلاثا- حتى يقول عدونا: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7911/ [14]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن عمر بن عبد العزيز، عن مفضل، أو غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ، قال: «الشافعون: الأئمة، و الصديق من المؤمنين».

7912/ [15]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي،

عن الحسن بن محبوب، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) و أبي جعفر (عليهما السلام)، أنهما قالا: «و الله، لنشفعن في المذنبين من شيعتنا، حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ- قال- من المهتدين- قال- لأن الإيمان قد لزمهم بالإقرار».

7913/ [16]- أبو علي الطبرسي قال: و روى العياشي بالإسناد عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «و الله لنشفعن لشيعتنا، و الله لنشفعن لشيعتنا حتى يقول الناس: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ إلى قوله فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ».

قال: و في رواية اخرى: «حتى يقول عدونا».

7914/ [17]- و

قال الطبرسي أيضا: و عن أبان بن تغلب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن المؤمن

__________________________________________________

12- تأويل الآيات 1: 389/ 10.

13- تأويل الآيات 1: 1: 390/ 11.

14- المحاسن: 184/ 187.

15- تفسير القمّي 2: 123.

16- مجمع البيان 7: 305. [.....]

17- مجمع البيان 7: 305.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 180

ليشفع يوم القيامة لأهل بيته، فيشفع فيهم».

7915/ [18]- و

قال الطبرسي: و في الخبر المأثور عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إن الرجل يقول في الجنة: ما فعل صديقي فلان؟ و صديقه في الجحيم، فيقول الله تعالى: أخرجوا له صديقه إلى الجنة، فيقول من بقي في النار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ».

7916/ [19]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن علي (عليه السلام): «من كان له صديق حميم فإنه لا يعذب، ألا ترى كيف أخبر الله عن أهل النار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ؟».

7917/

[20]- و

قال: قال محمد بن علي الباقر (عليه السلام): «أ يدخل أحدكم يده في كم صاحبه، فيأخذ حاجته من الدنانير و الدراهم؟». قالوا: لا. قال: «فلستم إذن بإخوان».

سورة الشعراء(26): آية 105 ..... ص : 180

قوله تعالى:

كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [105]

7918/ [1]- الطبرسي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يعني بالمرسلين: نوحا، و الأنبياء الذين كانوا بينه و بين آدم (عليه السلام)».

سورة الشعراء(26): آية 111 ..... ص : 180

قوله تعالى:

قالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [111] 7919/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: قالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ يا نوح وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ قال: الفقراء.

سورة الشعراء(26): الآيات 118 الي 153 ..... ص : 180

قوله تعالى:

فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً- إلى قوله تعالى- قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ [118- 153]

__________________________________________________

18- مجمع البيان 7: 305.

19- ربيع الأبرار 1: 428.

20- ربيع الأبرار 1: 430.

1- مجمع البيان 7: 307.

2- تفسير القمي 2: 123.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 181

7920/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً يقول: اقض بيني و بينهم قضاء».

7921/ [2]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ قال: «المجهز، الذي قد فرغ منه، و لم يبق إلا دفعه».

و أما قوله: بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً

قال الإمام أبو جعفر (عليه السلام): «يعني بكل طريق آية، و الآية علي (عليه السلام)

تَعْبَثُونَ».

7922/ [3]- علي بن إبراهيم: و قوله: وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ، قال: تقتلون بالغضب، من غير استحقاق، و قوله: وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ، أي ممتلئ، و قوله: وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ أي حاذقين، و يقرأ: فرهين، أي بطرين.

! 7923/ [4]- و

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ يقول: أجوف، مثل خلق الإنسان، و لو كنت رسولا ما كنت مثلنا».

سورة الشعراء(26): آية 155 ..... ص : 181

قوله تعالى:

قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [155]

7924/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث قوم صالح (عليه السلام)، و قد تقدم في سورة هود بطوله، و في الحديث: «ثم أوحى الله تبارك و تعالى

إليه: أن يا صالح، قل لهم: إن الله قد جعل لهذه الناقة شرب يوم، و لكم شرب يوم، فكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم، فيحلبونها، فلا يبقى صغير و لا كبير إلا شرب من لبنها يومهم ذلك، فإذا كان الليل و أصبحوا، غدوا إلى مائهم، فشربوا منه ذلك اليوم، و لم تشرب الناقة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 123.

2- تفسير القمّي 2: 125.

3- تفسير القمّي 2: 123.

4- تفسير القمّي 2: 125.

5- الكافي 8: 187/ 214.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 182

ذلك اليوم» و باقي الحديث يؤخذ من سورة هود «1».

سورة الشعراء(26): الآيات 168 الي 189 ..... ص : 182

قوله تعالى:

إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ- إلى قوله تعالى- كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [168- 189] 7925/ [1]- علي بن إبراهيم: إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ، أي من المبغضين.

7926/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قوله: كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ قال:

«الأيكة: الغيضة «2» من الشجر».

و أما قوله: عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ فبلغنا- و الله أعلم- أنه أصابهم حر و هم في بيوتهم، فخرجوا يلتمسون الروح من قبل السحابة التي بعث الله فيها العذاب، فلما غشيتهم أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين، و هم قوم شعيب.

7927/ [3]- علي بن إبراهيم، و قوله: وَ اتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ، قال: الخلق الأولين. و قوله:

فَكَذَّبُوهُ، قال: قوم شعيب فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، قال: يوم حر و سمائم.

سورة الشعراء(26): الآيات 192 الي 196 ..... ص : 182

وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ [192- 196] 7928/ [4]- علي بن إبراهيم: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ يعني القرآن.

7929/ [5]- ثم

قال: و حدثني أبي، عن حنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِ __________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 123.

2- تفسير القمّي 2: 125.

3- تفسير القمّي 2: 123. [.....]

4- تفسير القمّي 2: 124.

5- تفسير القمّي 2: 124.

(1) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآية (61) من سورة هود.

(2) الغيضة: هي الشجر الملتف. «لسان العرب- غيض- 7: 202».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 183

الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، قال: «الولاية التي نزلت لأمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير».

7930/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن حنان بن سدير، عن

سالم الحناط، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

7931/ [4]- و

عنه: عن محمد بن أحمد، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن سالم، عن أبي محمد، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام)، أخبرني عن الولاية، أنزل بها جبرئيل من رب العالمين يوم الغدير؟ فتلا: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ قال: «هي الولاية لأمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه)».

7932/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن حنان بن سدير، عن سالم الحناط، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن قول الله تبارك و تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، قال: «هي الولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام)».

7933/ [6]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحجال، عمن ذكره، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، قال: «يبين الألسن، و لا تبينه الألسن» «1».

7937/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن حنان بن سدير عن أبي محمد الحناط، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ؟ قال: «ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7935/ [8]-

محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 93/ 5.

4- بصائر الدرجات: 93/ 6.

5- الكافي 1: 341/ 1.

6- الكافي 2: 462/ 20.

7- تأويل الآيات 1: 391/ 16.

8- الكافي 1: 363/ 6.

(1) قال المجلسي (رحمه اللّه): المراد أنّ القرآن لا يحتاج إلى الاستشهاد بأشعار العرب و كلامهم، بل الأمر بالعكس لأنّ القرآن أفصح الكلام، مرآة العقول 12: 522.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 184

محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «ولاية علي (عليه السلام) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لم يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) و ولاية وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

7936/ [9]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ يعني في كتب الأولين.

سورة الشعراء(26): الآيات 198 الي 199 ..... ص : 184

قوله تعالى:

وَ لَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ [198- 199]

7937/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «لو انزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب، و قد نزل على العرب فآمنت به العجم». فهي فضيلة للعجم.

سورة الشعراء(26): الآيات 205 الي 207 ..... ص : 184

قوله تعالى:

أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ [205- 207]

7938/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن محمد بن الوليد، و محمد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن علي بن عيسى القماط، عن عمه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) في منامه بني امية يصعدون على منبره من بعده، و يضلون الناس عن الصراط القهقرى «1»، فأصبح كئيبا حزينا- قال- فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، ما لي أراك كئيبا، حزينا؟ قال: يا جبرئيل، إني رأيت بني امية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي، و يضلون الناس عن الصراط القهقرى! فقال: و الذي بعثك بالحق نبيا، إن هذا شي ء ما اطلعت عليه. فعرج إلى السماء، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها، قال:

أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ، و أنزل عليه:

إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «2» جعل الله عز و جل ليلة

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 125.

1- تفسير القمّي 2: 124.

2- الكافي 4: 159/ 10. [.....]

(1) القهقرى: الرجوع إلى خلف. «الصحاح- قهر- 3: 801».

(2) القدر 97: 1- 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 185

القدر

لنبيه (صلى الله عليه و آله)، خيرا من ألف شهر، ملك بني امية».

7939/ [1]- و

في موضع آخر، و رواه محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد، عن يونس، عن علي بن عيسى القماط، عن عمه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «هبط جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) كئيب حزين، فقال: يا رسول الله، ما لي أراك كئيبا حزينا؟ فقال: إني رأيت الليلة رؤيا قال: و ما الذي رأيت؟ قال: رأيت بني امية يصعدون المنابر، و ينزلون منها! قال: و الذي بعثك بالحق نبيا، ما علمت بشي ء من هذا. و صعد جبرئيل (عليه السلام) إلى السماء، ثم أهبطه الله جل ذكره بآي من القرآن، يعزيه بها، قوله: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ، فأنزل الله عز ذكره: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «1» للقوم، فجعل الله عز و جل ليلة القدر لرسوله خيرا من ألف شهر».

7940/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن صفوان ابن يحيى، عن أبي عثمان، عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ، قال: «خروج القائم (عليه السلام)» ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ، قال: «هم بنو امية الذين متعوا في دنياهم».

سورة الشعراء(26): آية 212 ..... ص : 185

قوله تعالى:

إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [212] 7941/

[3]- علي بن إبراهيم، يقول: خرس، فهم عن السمع لمعزولون.

سورة الشعراء(26): آية 214 ..... ص : 185

قوله تعالى:

وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [214]

7942/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر

__________________________________________________

1- الكافي 8: 222/ 280.

2- تأويل الآيات 1: 392/ 18.

3- تفسير القمّي 2: 125.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 231/ 1.

(1) القدر 97: 1- 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 186

الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان، و ذكر الحديث، إلى أن قال: قالت العلماء: فأخبرنا، هل فسر الله عز و جل الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا (عليه السلام): «فسر الاصطفاء في الظاهر، سوى الباطن، في اثني عشر موطنا و موضعا، فأول ذلك:

قوله تعالى: «و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك المخلصين». هكذا في قراءة أبي بن كعب و هي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود، و هذه منزلة رفيعة، و فضل عظيم، و شرف عال، حين عنى الله عز و جل بذلك الآل، فذكره لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

7943/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز، قال:

حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي، قال: حدثنا قيس بن الربيع، و شريك بن عبد الله، عن الأعمش، عن منهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «لما نزلت: (و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك المخلصين) دعا

رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني عبد المطلب، و هم إذ ذاك أربعون رجلا، يزيدون رجلا، أو ينقصون رجلا، فقال: أيكم يكون أخي، و وارثي، و وزيري، و وصيي، و خليفتي فيكم بعدي؟ فعرض ذلك عليهم رجلا رجلا، كلهم يأبى ذلك، حتى أتي علي، فقلت: أنا، يا رسول الله. فقال: يا بني عبد المطلب، هذا أخي و وارثي، و وزيري، و خليفتي فيكم بعدي. فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض، و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع و تطيع لهذا الغلام!».

7944/ [3]- الشيخ في (مجالسه)، قال: حدثنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سنة ثمان و ثلاث مائة، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا سلمة بن الفضل الأبرش، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، قال أبو المفضل: و حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، و اللفظ له، قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي، قال: حدثني سلمة بن صالح الجعفي، عن سليمان الأعمش، و أبي مريم، جميعا، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دعاني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال لي: يا علي إن الله تعالى أمرني أن انذر عشيرتي الأقربين- قال- فضقت بذلك ذرعا، و عرفت أني متى أبادرهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت على ذلك، و جاءني جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إنك إن لم تفعل ما أمرت به،

عذبك ربك عز و جل، فاصنع لنا- يا علي- صاعا من طعام، و اجعل عليه رجل شاة، و املأ لنا عسا «1» من لبن، ثم اجمع بني عبد المطلب، حتى أكلمهم، و أبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم أجمع، و هم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا، أو ينقصون رجلا، فيهم أعمامه: أبو طالب، و حمزة، و العباس، و أبو لهب، فلما اجتمعوا له دعاني بالطعام الذي صنعته لهم، فجئت به،

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 170/ 2.

3- الأمالي 2: 194.

(1) العسّ: القدح العظيم. «الصحاح- عسس- 3: 949».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 187

فلما وضعته، تناول رسول الله (صلى الله عليه و آله) جذمة «1» من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال: خذوا، بسم الله. فأكل القوم حتى صدروا، ما لهم بشي ء من الطعام حاجة، و ما أرى إلا مواضع أيديهم، و أيم الله الذي نفس علي بيده، إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم، ثم جئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا جميعا، و ايم الله، إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.

فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يكلمهم، ابتدره أبو لهب بالكلام، فقال: لشد ما سحركم صاحبكم! فتفرق القوم، و لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال لي من الغد: يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم لي- قال- ففعلت، ثم جمعتهم، فدعاني بالطعام، فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، و أكلوا حتى مالهم به من حاجة، ثم قال: اسقهم فجئتهم بذلك

العس، فشربوا حتى رووا منه جميعا.

ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا بني عبد المطلب، إني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، و قد أمرني ربي عز و جل أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤمن بي، و يؤازرني على أمري، فيكون أخي، و وصيي، و وزيري، و خليفتي في أهلي من بعدي؟- قال- فأمسك القوم، و أحجموا عنها جميعا- قال- فقمت، و إني لأحدثهم سنا، و أرمصهم «2» عينا، و أعظمهم بطنا، و أحمشهم «3» ساقا، فقلت: أنا- يا نبي الله- أكون وزيرك على ما بعثك الله به- قال- فأخذ بيدي، ثم قال: إن هذا أخي، و وصيي، و وزيري، و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا. فقام القوم يضحكون، و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك، و تطيع!».

7945/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد «4»، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي، و علي بن محمد بن مخلد الدهان، عن الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن هاشم السمسار، عن محمد ابن عبد الله بن علي بن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) جمع بني عبد المطلب في الشعب، و هم يومئذ ولد عبد المطلب لصلبه، و أولادهم، أربعون رجلا. فصنع لهم رجل شاة، ثم ثرد لهم ثردة، و صب عليها ذلك المرق و اللحم، ثم قدمها إليهم، فأكلوا منها حتى تضلعوا «5»، ثم سقاهم عسا واحدا [من لبن ،

فشربوا كلهم من ذلك العس، حتى رووا منه. فقال أبو لهب: و الله إن

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 1: 393/ 19.

(1) الجذمة: القطعة من الشي ء. «لسان العرب- جذم- 12: 87».

(2) الرّمص: وسخ يتجمّع في موق العين. «مجمع البحرين- رمص- 4: 172».

(3) حمش الساقين، و أحمشهما: دقيقهما. «لسان العرب- حمش- 6: 288». [.....]

(4) في المصدر: زيدان بن يزيد.

(5) تضلّع الرجل: امتلأ ما بين أضلاعه شبعا وريّا. «لسان العرب- ضلع- 8: 225».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 188

منا لنفرا يأكل أحدهم الجفنة «1» و ما يصلحها، و لا تكاد تشبعه، و يشرب الظرف «2»، من النبيذ، فما يرويه، و إن ابن أبي كبشة دعانا، فجمعنا على رجل شاة، و عس من شراب، فشبعنا و روينا منها، إن هذا لهو السحر المبين.

قال: ثم دعاهم، فقال لهم: «إن الله عز و جل قد أمرني أن انذر عشيرتي الأقربين، و رهطي المخلصين، و أنتم عشيرتي الأقربون، و رهطي المخلصون، و إن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له من أهله أخا، و وارثا، و وزيرا، و وصيا، فأيكم يقوم يبايعني على أنه أخي، و وزيري، و وارثي دون أهلي، و وصيي، و خليفتي في أهلي، و يكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي؟» فسكت القوم، فقال: «و الله ليقومن قائمكم، أو ليكونن في غيركم، ثم لتندمن» قال: فقام علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هم ينظرون إليه كلهم، فبايعه، و أجابه إلى ما دعاه إليه، فقال له:

«ادن مني» فدنا منه، فقال له: «افتح فاك» ففتحه، فنفث فيه من ريقه، و تفل بين كتفيه، و بين ثدييه: فقال أبو لهب:

بئس ما حبوت به ابن عمك، أجابك لما دعوته إليه،

فملأت فاه و وجهه بزاقا. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بل ملأته علما، و حكما، و فقها».

7946/ [5]- علي بن إبراهيم، في معني الآية، قال: نزلت (و رهطك منهم المخلصين) بمكة، فجمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني هاشم، و هم أربعون رجلا، كل واحد منهم يأكل الجذع «3»، و يشرب القربة، فاتخذ لهم طعاما يسيرا، فأكلوا حتى شبعوا، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من يكون وصيي، و وزيري، و خليفتي؟». فقال أبو لهب جزما «4»: سحركم محمد، فتفرقوا، فلما كان اليوم الثاني، أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ففعل بهم مثل ذلك، ثم سقاهم اللبن حتى رووا، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أيكم يكون وصيي، و وزيري و خليفتي؟».، فقال أبو لهب جزما: سحركم محمد، فتفرقوا. فلما كان اليوم الثالث، أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ففعل بهم مثل ذلك، ثم سقاهم اللبن، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أيكم يكون وصيي، و وزيري، و منجز عداتي، و يقضي ديني» فقام علي (عليه السلام)، و كان أصغرهم سنا، و أحمشهم ساقا، و أقلهم مالا، فقال: «أنا، يا رسول الله» فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنت هو».

7947/ [6]- محمد بن العباس: عن محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسن بن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: «و رهطك منهم المخلصين» علي، و حمزة، و جعفر، و الحسن، و الحسين، و آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) خاصة».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 124.

6- تأويل

الآيات 1: 395/ 21.

(1) الجفنة: أعظم ما يكون من القصاع. «لسان العرب- جفن- 13: 89». و في المصدر: الجفرة و ما يسلخها. الجفرة: الأنثى من أولاد الشاء إذا عظمت و استكرشت. «لسان العرب- جفر- 4: 142».

(2) في المصدر: الفرق.

(3) الجذع من الدواب: ما كان منها شابّا فتيّا، و من الضأن ما تمّت له سنة. «النهاية 1: 250».

(4) الجزم: القطع، و كل أمر قطعته قطعا لا عودة فيه، فقد جزمته. «لسان العرب- جزم- 12: 97».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 189

7948/ [7]- أبو علي الطبرسي (رحمه الله) في (تفسيره): و اشتهرت القصة بذلك عند الخاص و العام، و في الخبر المأثور عن البراء بن عازب، أنه قال: لما نزلت هذه الآية، جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) بني عبد المطلب، و هم يومئذ أربعون رجلا، الرجل منهم يأكل المسنة «1»، و يشرب العس، فأمر عليا (عليه السلام) برجل شاة فأدمها «2»، ثم قال لهم: «ادنوا بسم الله» فدنا القوم عشرة، عشرة، فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعب «3» من لبن، فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: «اشربوا بسم الله» فشربوا حتى رووا، فبدرهم أبو لهب، فقال: هذا ما سحركم به الرجل.

فسكت (صلى الله عليه و آله) يومئذ، و لم يتكلم.

ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام و الشراب، ثم أنذرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «يا بني عبد المطلب، إني أنا النذير إليكم من الله عز و جل، و البشير، فأسلموا، و أطيعوني تهتدوا- ثم قال- من يؤاخيني، و يؤازرني على هذا الأمر، و يكون وليي، و وصيي بعدي، و خليفتي في أهلي، و يقضي ديني؟ فسكت القوم، فأعادها

ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم، و يقول علي (عليه السلام): «أنا». فقال له في المرة الثالثة: «أنت هو» فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك، فقد أمر عليك.

7949/ [8]- و

أورده الثعلبي في (تفسيره)، و قال (رحمه الله): في قراءة عبد الله بن مسعود: «و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك منهم المخلصين» و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) بلفظه هذا.

7950/ [9]- و

من طريق المخالفين: ما روي بالإسناد المتصل، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه في مسنده، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش عن المنهال، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع النبي (صلى الله عليه و آله) من أهل بيته، فاجتمع ثلاثون، فأكلوا و شربوا، ثلاثا. ثم قال لهم: من يضمن عني ديني، و مواعيدي، و يكون معي في الجنة، و يكون خليفتي في أهلي؟» فقال رجل- و لم يسمه شريك-: يا رسول الله، أنت كنت تجد «4» من يقوم بهذا. قال: ثم قال الآخر، فعرض ذلك على أهل بيته، فقال علي (عليه السلام): «أنا».

7951/ [10]- و

بالإسناد المتصل، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي (عليه السلام)، قال

__________________________________________________

7- مجمع البيان 7: 322، شواهد التنزيل 1: 420/ 580، العمدة: 76/ 93، كفاية الطالب: 204.

8- تفسير الثعلبي: 25 «مخطوط»، مجمع البيان 7: 323.

9- مسند أحمد بن حنبل 1: 111، العمدة: 86/ 103.

10- فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل 2: 650/

1108، العمدة: 87/ 104.

(1) المسنّ من الدوابّ: ما دخل في السنة الثامنة. «أقرب الموارد- سنن- 1: 550».

(2) الإدام، و الادم: ما يؤكل مع الخبز، أيّ شي ء كان، و أدمته: أي خلطته و جعلت فيه إداما يؤكل. «النهاية 1: 31». [.....]

(3) القعب: القدح الضخم الغليظ. «أقرب الموارد- قعب- 2: 1017».

(4) في المسند: بحرا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 190

عبد الله: و حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي (عليه السلام) قال: «لما نزلت: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجالا من أهل بيته، إن كان الرجل منهم ليأكل الجذعة، و إن كان شاربا فرقا «1»، فقدم إليهم رجلا، فأكلوا حتى شبعوا، فقال لهم: من يضمن عني ديني، و مواعيدي، و يكون معي في الجنة، و يكون خليفتي في أهلي؟» فعرض ذلك على أهل بيته، فقال علي (عليه السلام): «أنا» فقال: رسول الله (صلى الله عليه و آله): «علي يقضي ديني عني، و ينجز مواعيدي». و لفظ الحديث للحماني، و بعضه لحديث أبي خيثمة.

و من ذلك ما رواه الثعلبي بإسناده عن البراء «2»، و ذكر الحديث،

و قد تقدم، و سيأتي حديث في ذلك في أول سورة حم السجدة «3»، إن شاء الله تعالى.

7952/ [11]- علي بن إبراهيم: و قوله: «و رهطك منهم المخلصين» «4» علي بن أبي طالب، و حمزة، و جعفر، و الحسن و الحسين، و الأئمة من آل محمد (عليهم السلام).

سورة الشعراء(26): الآيات 215 الي 216 ..... ص : 190

قوله تعالى:

لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [215- 216] 7953/ [1]- علي بن إبراهيم، قال:

لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ يعني من بعدك في ولاية علي و الأئمة (عليهم السلام)، فَقُلْ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ و معصية رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو ميت، كمعصيته و هو حي.

سورة الشعراء(26): الآيات 217 الي 219 ..... ص : 190

قوله تعالى:

وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ [217- 219]

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 2: 126.

1- تفسير القمّي 2: 126.

(1) الفرق: مكيال معروف بالمدينة، و هو ستّة عشر رطلا. «الصحاح- فرق- 4: 1540».

(2) تفسير الثعلبي: 265 «مخطوط». و قد تقدّمت روآية البراء في الحديث (7) من تفسير هذه الآية، عن مجمع البيان، و في الحديث (8) عن تفسير الثعلبي.

(3) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (3- 6) من سورة فصلت.

(4) تقدّمت في الحديث (5) عن تفسير القمّي أنّ هذا اللفظ هو قراءة للآية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 191

7954/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن الوليد، عن محمد بن الفرات، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ في النبوة وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ- قال- في أصلاب النبيين».

7955/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السكري، قال: أخبرنا محمد بن زكريا الغلابي البصري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله): أين كنت و آدم في الجنة؟

قال: «كنت في صلبه، و هبط إلى الأرض و أنا في صلبه، و ركبت السفينة في صلب أبي نوح (عليه السلام)، و قذف بي في النار في صلب أبي إبراهيم، لم يلتق لي

أبوان على سفاح قط، لم يزل الله عز و جل ينقلني من الأصلاب الطيبة، إلى الأرحام الطاهرة، هاديا مهديا، حتى أخذ الله بالنبوة عهدي، و بالإسلام ميثاقي، و بين كل شي ء من صفتي، و أثبت في التوراة و الإنجيل ذكري، و رقى بي إلى سمائه، و شق لي اسما من أسمائه، امتي الحامدون، و ذو العرش محمود، و أنا محمد».

قال ابن بابويه: و قد روي هذا الحديث من طرق كثيرة.

7956/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد النيسابوري المرواني، و ما لقيت أنصب منه، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران السراج، قال: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي، قال:

حدثنا وكيع بن الجراح، عن محمد بن إسرائيل، عن أبي صالح، عن أبي ذر (رضي الله عنه)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: خلقت أنا و علي من نور واحد، نسبح الله تعالى عند العرش قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما أن خلق الله آدم جعل ذلك النور في صلبه، و لقد سكن الجنة و نحن في صلبه. و لقد هم بالخطيئة و نحن في صلبه، و لقد ركب نوح السفينة و نحن في صلبه، و لقد قذف إبراهيم في النار و نحن في صلبه، فلم يزل ينقلنا الله عز و جل من أصلاب طاهرة، إلى أرحام طاهرة، حتى انتهى بنا إلى عبد المطلب، فقسمنا نصفين: فجعلني في صلب عبد الله، و جعل عليا في صلب أبي طالب، و جعل في النبوة و البركة، و جعل في علي الفصاحة و الفروسية، و شق لنا اسمين من أسمائه: فذو العرش محمود، و أنا محمد، و

الله الأعلى، و هذا علي».

7957/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسين بن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، قال: «في علي،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 125.

2- معاني الأخبار: 55/ 2.

3- معاني الأخبار: 56/ 4.

4- تأويل الآيات 1: 396/ 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 192

و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و أهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين)».

7958/ [5]- و

عنه: عن الحسين بن هارون، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه، عن علي بن أسباط، عن عبد الرحمن بن حماد المقرئ، عن أبي الجارود، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، قال: «يرى تقلبه في أصلاب النبيين، من نبي إلى نبي، حتى أخرجه من صلب أبيه، من نكاح غير سفاح، من لدن آدم (عليه السلام)».

7959/ [6]- قال شرف الدين: [روى الشيخ في (أماليه) [قال : أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: أخبرنا أبو محمد، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، قال: «كان ذات يوم جالسا بالرحبة، و الناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله به، و أبوك يعذب بالنار؟ فقال: «مه، فض الله فاك، و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق نبيا، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه

الأј֠لشفعه الله تعالى فيهم، أبي يعذب بالنار، و أنا قسيم النار؟!».

ثم قال: «و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق، إن نور أبي طالب (عليه السلام) يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق، إلا خمسة أنوار: نور محمد (صلى الله عليه و آله)، و نوري، و نور فاطمة، و نور الحسن، و نور الحسين، و من ولده من الأئمة، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز و جل من قبل خلق آدم بألفي عام».

7960/ [7]- و

عنه: عن الشيخ أبي محمد الفضل بن شاذان، بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي، عن الإمام العالم موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى خلق نور محمد (صلى الله عليه و آله) من نور اخترعه من نور عظمته و جلاله، و هو نور لاهوتيته الذي بدأ منه «1»، و تجلى لموسى بن عمران (عليه السلام) في طور سيناء، فما استقر «2» له، و لا أطاق موسى لرؤيته و لا ثبت له، حتى خر صعقا مغشيا عليه، و كان ذلك النور نور محمد (صلى الله عليه و آله)، فلما أراد أن يخلق محمدا (صلى الله عليه و آله) منه، قسم ذلك النور شطرين: فخلق من الشطر الأول محمدا (صلى الله عليه و آله)، و من الشطر الآخر علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و لم يخلق من ذلك النور غيرهما، خلقهما بيده، و نفخ فيهما بنفسه لنفسه، و صورهما على صورتهما، و جعلهما أمناء له، و شهداء على خلقه، و خلفاء على خليقته، و عينا له عليهم، و لسانا له إليهم.

قد استودع فيهما علمه، و علمهما البيان، و استطلعهما على غيبه، و جعل أحدهما نفسه،

و الآخر روحه، لا يقوم واحد بغير صاحبه، ظاهرهما بشرية، و باطنهما لاهوتية، ظهر للخلق على هياكل الناسوتية، حتى يطيقوا

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 396/ 25.

6- تأويل الآيات 1: 396/ 26، أمالي الطوسي 1: 311. [.....]

7- تأويل الآيات 1: 397/ 27.

(1) في «ط» نسخة بدل و المصدر: من لاه، أي من الاهيّته، من إنّيّته الذي تبدى منه.

(2) في المصدر زيادة: و على نفسه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 193

رؤيتهما، و هو قوله تعالى: وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ «1» فهما مقاما رب العالمين، و حجابا خالق الخلائق أجمعين، بهما فتح الله بدء الخلق، و بهما يختم الملك و المقادير.

ثم اقتبس من نور محمد (صلى الله عليه و آله) فاطمة ابنته، كما اقتبس نور علي من نوره، و اقتبس من نور فاطمة و علي الحسن و الحسين (عليهم السلام)، كاقتباس المصابيح، هم خلقوا من الأنوار، و انتقلوا من ظهر إلى ظهر، و من صلب إلى صلب، و من رحم إلى رحم، في الطبقة العليا، من غير نجاسة، بل نقلا بعد نقل لا من ماء مهين، و لا نطفة جشرة «2» كسائر خلقه، بل أنوار، انتقلوا من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات، لأنهم صفوة الصفوة، اصطفاهم لنفسه، و جعلهم خزان علمه، و بلغاء عنه إلى خلقه، أقامهم مقام نفسه، لأنه لا يرى، و لا يدرك، و لا تعرف كيفيته، و لا إنيته، فهؤلاء الناطقون المبلغون عنه، المتصرفون في أمره و نهيه، فبهم يظهر قدرته، و منهم ترى آياته و معجزاته، و بهم و منهم عرف عباده نفسه، و بهم يطاع أمره، و لولاهم ما عرف الله، و لا يدرى كيف يعبد الرحمن، فالله يجري أمره كيف يشاء، فيما

يشاء لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ «3»».

7961/ [8]- الطبرسي: عن ابن عباس، معناه: و تقلبك في أصلاب الموحدين، من نبي إلى نبي، حتى أخرجك نبيا. في رواية عطاء، و عكرمة.

7962/ [9]- قال: و المروي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: «في أصلاب النبيين، نبي بعد نبي، حتى أخرجه من صلب أبيه، من نكاح غير سفاح، من لدن آدم (عليه السلام)».

7963/ [10]- و

عنه، قال: و روى جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا ترفعوا قبلي، و لا تضعوا قبلي، فإني أراكم من خلفي، كما أراكم من أمامي» ثم تلا هذه الآية.

7964/ [11]- و عن ابن عباس: المعنى يراك حين تقوم إلى الصلاة منفردا، وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إذا صليت في جماعة.

7965/ [12]- و عنه أيضا: في قوله تعالى: وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ أي فوض أمرك إلى العزيز المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه [ليكفيك كيد أعدائك الذين عصوك فيما أمرتهم به الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ [أي الذي يبصرك حين تقوم من مجلسك أو فراشك إلى الصلاة وحدك و في الجماعة. و قيل: معناه: يراك حين تقوم

__________________________________________________

8- مجمع البيان 7: 323.

9- مجمع البيان 7: 324.

10- مجمع البيان 7: 324.

11- مجمع البيان 7: 7: 323.

12- مجمع البيان 7: 323.

(1) الأنعام 6: 9.

(2) الجشر: وسخ الوطب- ظرف- من اللبن، يقال: وطب جشر، أي وسخ. «الصحاح- جشر- 2: 614». و في المصدر: خشرة، و الخشارة: الردي ء من كلّ شي ء. «الصحاح- خشر- 2: 645».

(3) الأنبياء 21: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 194

في صلاتك، [عن ابن عباس .

سورة الشعراء(26): الآيات 221 الي 222 ..... ص : 194

قوله تعالى:

هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ

الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [221- 222]

7966/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار، و أحمد بن إدريس جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن ابن علي بن فضال، عن داود بن أبي يزيد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، قال: «هم سبعة: المغيرة، و بنان، و صائد، و حمزة بن عمارة البربري، و الحارث الشامي، و عبد الله بن الحارث، و ابن الخطاب» «1».

سورة الشعراء(26): الآيات 224 الي 227 ..... ص : 194

قوله تعالى:

وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ- إلى قوله تعالى- وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [224- 227]

7967/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن حماد بن عثمان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ، قال: «هل رأيت شاعرا يتبعه أحد؟! إنما هم قوم تفقهوا لغير الدين، فضلوا و أضلوا».

7968/ [3]- شرف الدين النجفي: عن محمد بن جمهور بإسناده، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ، فقال: «من رأيتم من الشعراء يتبع؟ إنما عنى هؤلاء الفقهاء الذين يشعرون قلوب الناس بالباطل، فهم الشعراء الذين يتبعون».

__________________________________________________

1- الخصال: 402/ 111.

2- معاني الأخبار: 385/ 19.

3- تأويل الآيات 1: 399/ 28. [.....]

(1) في المصدر: و أبو الخطّاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 195

7969/ [3]- الطبرسي، في قول الله

تعالى: وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ،

قال: روى العياشي بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «هم قوم تعلموا و تفقهوا بغير علم، فضلوا، و أضلوا».

7970/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في الذين غيروا دين الله [بآرائهم ، و خالفوا أمر الله، هل رأيت شاعرا قط يتبعه أحد، إنما عنى بذلك الذين وضعوا دينا بآرائهم، فتبعهم على ذلك الناس، و يؤكد ذلك قوله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ يعني يناظرون بالأباطيل، و يجادلون بالحجج المضلة، و في كل مذهب يذهبون، وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ، قال: يعظون الناس و لا يتعظون، و ينهون عن المنكر و لا ينتهون، و يأمرون بالمعروف و لا يعملون، و هم الذين قال الله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ، أي في كل مذهب يذهبون، وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ، و هم الذين غصبوا آل محمد (عليهم السلام) حقهم.

ثم ذكر آل محمد (عليه و عليهم السلام)، و شيعتهم المهتدين، فقال: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا، ثم ذكر أعداءهم و من ظلمهم، فقال: «و سيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب ينقلبون» هكذا و الله نزلت.

7971/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أحب أن يتمسك بديني، و يركب سفينة النجاة بعدي، فليقتد بعلي بن أبي طالب، و ليعاد عدوه، و ليوال

وليه، فإنه وصيي، و خليفتي على امتي في حياتي، و بعد وفاتي، و هو أمير «1» كل مسلم، و أمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي، و أمره أمري، و نهيه نهيي، و تابعه تابعي، و ناصره ناصري، و خاذله خاذلي.

ثم قال (عليه السلام): من فارق عليا بعدي، لم يرني و لم أره يوم القيامة، و من خالف عليا، حرم الله عليه الجنة، و جعل مأواه النار، و من خذل عليا، خذله الله يوم يعرض عليه، و من نصر عليا، نصره الله يوم يلقاه، و لقنه حجته عند المساءلة.

ثم قال (عليه السلام): الحسن و الحسين إماما امتي بعد أبيهما، و سيدا شباب أهل الجنة، و أمهما سيدة نساء العالمين، و أبوهما سيد الوصيين، و من ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي، و معصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم، و المضيعين لحقهم «2» بعدي، و كفى بالله وليا، و كفى بالله نصيرا لعترتي، و أئمة امتي، و منتقما من الجاحدين لحقهم وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».

__________________________________________________

3- مجمع البيان 7: 325.

4- تفسير القمّي 2: 125.

5- كمال الدين و تمام النعمة: 260/ 6، فرائد السمطين 1: 54/ 19.

(1) في المصدر: إمام.

(2) في المصدر: لحرمتهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 197

سورة النمل ..... ص : 197

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 199

فضلها ..... ص : 199

تقدم في أول سورة الشعراء «1».

7972/ [1]- و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «من قرأ هذه السورة كان له بعدد من صدق سليمان (عليه السلام)، و من كذب هودا، و صالحا، و إبراهيم (عليهم السلام) عشر حسنات، و خرج من قبره و هو ينادي: لا إله إلا الله، و من كتبها في رق غزال، و جعلها في منزله، لم يقرب ذلك المنزل حية، و لا عقرب، و لا دود، و لا جرذ، و لا كلب عقور، و لا ذئب، و لا شي ء يؤذيه أبدا».

و في رواية اخرى عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بزيادة: «و لا جراد و لا بعوض».

7973/ [2]- و

عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها ليلة في رق غزال، و جعلها في رق مدبوغ لم يقطع منه شي ء، و جعلها في صندوق، لم يقرب ذلك البيت حية، و لا عقرب، و لا بعوض، و لا شي ء يؤذيه، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- خواص القرآن: 46 «مخطوط»، مجمع البيان 7: 327، مصباح الكفعمي: 442، جوامع الجامع: 334.

2- خواص القرآن: 46 «مخطوط».

(1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الشعراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 201

سورة النمل(27): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 201

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَ كِتابٍ مُبِينٍ- إلى قوله تعالى- فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ [1- 11] معناها تقدم في أول سورة الشعراء «1».

7974/ [1]- علي بن إبراهيم: طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَ كِتابٍ مُبِينٍ هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ إلى قوله: فَهُمْ يَعْمَهُونَ يعني يتحيرون: أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَ هُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ وَ إِنَّكَ مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ

أي řƠعند حَكِيمٍ عَلِيمٍ.

و قوله: إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً أي رأيت، ذلك لما خرج من المدائن، من عند شعيب، فنكتب خبره- إن شاء الله تعالى- في سورة القصص «2».

و قوله: يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ. و معنى إلا من ظلم، كقولك:

و لا من ظلم فوضع حرف مكان حرف ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ. فوضع حرف مكان حرف.

سورة النمل(27): آية 12 ..... ص : 201

قوله تعالى:

وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ [12]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 126.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة الشعراء.

(2) يأتي في تفسير الآيات (29- 31) من سورة القصص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 202

7975/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال لرجل من أصحابه: «إذا أردت الحجامة، و خرج الدم من محاجمك، فقل قبل أن تفرغ و الدم يسيل: بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدم، و من كل سوء».

قال: «و ما عملت- يا فلان- أنك إذا قلت هذا فقد جمعت الأشياء «1» كلها، إن الله تبارك و تعالى يقول: وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ «2» يعني الفقر، و قال عز و جل: لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ «3» يعني أن يدخل في الزنا، و قال لموسى (عليه السلام): أَدْخِلْ يَدَكَ

فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ، قال: من غير برص».

7976/ [2]- أبو غياث، و الحسين ابني بسطام في كتاب (طب الأئمة): عن محمد بن القاسم بن منجان «4»، قال: حدثنا خلف بن حماد، عن عبد الله بن مسكان، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) لرجل من أصحابه: إذا أردت الحجامة، فخرج الدم من محاجمك، فقل قبل أن تفرغ، و قله و الدم يسيل: بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم من العين في الدم، و من كل سوء في حجامتي هذه».

ثم قال: «اعلم أنك إذا قلت هذا فقد جمعت الخير «5»، إن الله عز و جل يقول: في كتابه: وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ «6» يعني الفقر، و قال جل جلاله: وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ «7» و السوء هنا الزنا، و قال عز و جل في سورة النمل:

أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ يعني من غير مرض «8»، و اجمع ذلك عند حجامتك، و الدم يسيل».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 172/ 1.

2- طب الأئمة: 55. [.....]

(1) في «ي، ج»: الأسواء.

(2) الأعراف 7: 188.

(3) يوسف 12: 24.

(4) في المصدر: منجاب.

(5) (الخير) لم ترد في «ي» و المصدر.

(6) الأعراف 7: 188.

(7) يوسف 12: 24.

(8) في «ج، ي، ط»: برص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 203

هذه العوذة المتقدمة، و تسع آيات، تقدم تفسيرها في سورة بني إسرائيل «1».

سورة النمل(27): الآيات 13 الي 14 ..... ص : 202

قوله تعالى:

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا [13- 14]

7977/

[1]- الطبرسي: قرأ علي بن الحسين (عليهما السلام): «مبصرة» بفتح الميم و الصاد.

7978/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز و جل.

قال: «الكفر في كتاب الله عز و جل على خمسة أوجه: فمنها كفر الجحود، و الجحود على وجهين، و الكفر بترك ما أمر الله، و كفر البراءة، و كفر النعم، فأما كفر الجحود: فهو الجحود بالربوبية، و هو قول من يقول: لا رب، و لا جنة، و لا نار، و هو قول صنفين من الزنادقة، يقال لهم: الدهرية، و هم الذين يقولون: وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ «2»، و هو دين وضعوه لأنفسهم، بالاستحسان، على غير تثبت منهم و لا تحقيق لشي ء مما يقولون. قال الله عز و جل:

إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ «3»، إن ذلك كما يقولون، و قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «4»، يعني بتوحيد الله تعالى، فهذا أحد وجوه الكفر.

و أما الوجه الآخر من الجحود على معرفة «5»، و هو أن يجحد الجاحد و هو يعلم أنه حق قد استقر عنده، و قد قال الله عز و جل: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا، و قال الله عز و جل: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ «6»، فهذا تفسير وجهي الجحود».

و الحديث بتفسير الأوجه الخمسة تقدم في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ

لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 331.

2- الكافي 2: 287/ 1.

(1) سورة الإسراء 17: 101.

(2، 3) الجاثية 45: 24.

(4) البقرة 2: 6.

(5) هكذا في جميع النسخ و المصدر، و الظاهر أن الصواب: أما الوجه الآخر من الجحود، فهو الجحود على معرفة. [.....]

(6) البقرة 2: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 204

من سورة البقرة «1».

سورة النمل(27): الآيات 15 الي 16 ..... ص : 203

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَ سُلَيْمانَ عِلْماً- إلى قوله تعالى- الْمُبِينُ [15- 16] 7979/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أعطي داود و سليمان ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الآيات، علمهما منطق الطير، و الان لهما الحديد و الصفر من غير نار، و جعلت الجبال يسبحن مع داود، و أنزل الله عليه الزبور، فيه توحيده، و تمجيده، و دعاؤه، و أخبار رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الأئمة (عليهم السلام) من ذريتهما، و أخبار الرجعة و القائم (عليه السلام)، لقوله: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ «2».

7980/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن سيف، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال: قلت له: إنهم يقولون في حداثة سنك؟

فقال: «إن الله تعالى أوحى إلى داود (عليه السلام) أن يستخلف سليمان و هو صبي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عباد بني إسرائيل، و علماؤهم، فأوحى الله إلى داود (عليه السلام) أن خذ عصي المتكلمين، و عصا سليمان، و اجعلها في بيت، و اختم عليها بخواتيم القوم، فإذا كان من الغد، فمن كانت عصاه قد أورقت، و أثمرت، فهو الخليفة، فأخبرهم داود (عليه السلام)، فقالوا:

قد رضينا و سلمنا».

7981/ [3]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن شعيب الحداد، عن ضريس الكناسي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) و عنده أبو بصير، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن داود ورث علم الأنبياء، و إن سليمان ورث داود، و إن محمدا (صلى الله عليه و آله) ورث سليمان، و إنا ورثنا محمدا (صلى الله عليه و آله)، و إن عندنا صحف إبراهيم، و ألواح موسى (عليهما السلام)».

فقال أبو بصير: إن هذا لهو العلم فقال: «يا أبا محمد، ليس هذا هو العلم، إنما العلم ما يحدث بالليل و النهار، يوما بيوم، و ساعة بساعة».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 126.

2- الكافي 1: 314/ 3.

3- الكافي 1: 175/ 4.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

(2) الأنبياء 21: 105.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 205

7982/ [4]- الطبرسي، قال: روى الواحدي بالإسناد: عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: «اعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض و مغاربها، فملك سبعمائة سنة و ستة أشهر، ملك أهل الدنيا كلهم، من الجن، و الإنس، و الشياطين، و الدواب، و الطير، و السباع، و أعطي علم كل شي ء، و منطق كل شي ء، و في زمانه صنعت الصنائع المعجبة التي سمع بها الناس، و ذلك قوله: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ».

7983/ [5]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن محمد، عمن رواه، عن محمد بن عبد الكريم، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي عبد

الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس: إن الله علمنا منطق الطير، كما علم سليمان بن داود منطق كل دابة، في بر أو بحر».

7984/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد بإسناده، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ملك الأرض كلها أربعة: مؤمنان، و كافران، فأما المؤمنان: فسليمان بن داود (عليهما السلام)، و ذو القرنين، و الكافران: نمرود، و بخت نصر. و اسم ذي القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد».

7985/ [7]- و من طريق المخالفين: من (تفسير الثعلبي)، في قوله: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ، قال: يقول القنبر في صياحه: اللهم العن مبغض آل محمد (عليهم السلام) «1».

سورة النمل(27): الآيات 17 الي 44 ..... ص : 205

اشارة

قوله تعالى:

وَ حُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [17] 7986/ [1]- علي بن إبراهيم: قعد على كرسيه، فحملته الريح، فمرت به على وادي النمل، و هو واد ينبت الذهب و الفضة، و قد وكل الله به النمل، و هو

قول الصادق (عليه السلام): «إن لله واديا ينبت الذهب و الفضة، قد حماه

__________________________________________________

4- مجمع البيان 7: 335.

5- بصائر الدرجات: 363/ 12.

6- الخصال: 255/ 130.

7- تفسير الثعلبي: 274 «مخطوط».

1- تفسير القمّي 2: 126.

(1) الأحاديث الثلاثة الأخيرة (4، 5، 6) استدركها المؤلّف بعد تفسير الآية (26) من هذه السورة، حيث قال: تقدّمت الرواية في ذلك، و يؤيّده هنا. و ذكر أيضا الحديث (7) في آخر تفسير الآية التالية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 206

بأضعف خلقه، و هو النمل، لو رامته البخاتي من الإبل ما

قدرت عليه».

فلما انتهى سليمان إلى وادي النمل، قالت نملة: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَ قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ إلى قوله تعالى: فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ.

و كان سليمان إذا قعد على كرسيه، جاءت جميع الطير التي سخرها الله لسليمان، فتظل الكرسي و البساط- بجميع من عليه- من الشمس، فغاب عنه الهدهد من بين الطير، فوقعت الشمس من موضعه في حجر سليمان (عليه السلام)، فرفع رأسه، و قال، كما حكى الله: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ إلى قوله تعالى: بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي بحجة قوية، فلم يمكث إلا قليلا، إذ جاء الهدهد، فقال له سليمان: «أين كنت؟» قال: أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ، أي بخبر صحيح إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ، و هذا مما لفظه عام، و معناه خاص، لأنها لم تؤت أشياء كثيرة، منها: الذكر، و اللحية.

ثم قال: وَجَدْتُها وَ قَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ إلى قوله تعالى: فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ، ثم قال الهدهد: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْ ءَ فِي السَّماواتِ أي المطر، و في الْأَرْضِ النبات.

ثم قال سليمان: سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ إلى قوله تعالى: ما ذا يَرْجِعُونَ. فقال الهدهد:

إنها في حصن منيع، في سبأ وَ لَها عَرْشٌ عَظِيمٌ أي سرير.

قال سليمان: «الق الكتاب على قبتها» فجاء الهدهد، فألقى الكتاب في حجرها، فارتاعت من ذلك، و جمعت جنودها، و قالت لهم، كما حكى الله: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ أي مختوم، إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَ أْتُونِي مُسْلِمِينَ أي لا تتكبروا علي.

ثم قالت: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ، فقالوا لها، كما حكى الله:

نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَ الْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ فقالت لهم: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً. فقال الله عز و جل: وَ كَذلِكَ يَفْعَلُونَ «1».

ثم قالت: إن كان هذا نبيا من عند الله- كما يدعي- فلا طاقة لنا به، فإن الله لا يغلب، و لكن سأبعث إليه بهدية، فإن كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها، و علمت أنه لا يقدر علينا. فبعثت إليه حقه «2» فيها جوهرة عظيمة، و قالت للرسول: قل له يثقب هذه الجوهرة بلا حديد، و لا نار. فأتاه الرسول بذلك، فأمر سليمان بعض جنوده من الديدان، فأخذ خيطا في فيه، ثم ثقبها، و أخرج الخيط من الجانب الآخر، و قال سليمان لرسولها: فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها أي لا طاقة لهم بها، وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَ هُمْ صاغِرُونَ «3».

__________________________________________________

(1) النمل 27: 18- 34.

(2) الحقّة: وعاء من خشب، و قد تسوّى من العاج. «أقرب الموارد- حقق- 1: 215». [.....]

(3) النمل 27: 36، 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 207

فرجع إليها الرسول، فأخبرها بذلك، و بقوة سليمان، فعلمت: أنه لا محيص لها. فخرجت و ارتحلت نحو سليمان، فلما علم سليمان بإقبالها نحوه، قال للجن و الشياطين: أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ «1»،

قال سليمان: «أريد أسرع من ذلك». فقال آصف بن برخيا: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ، فدعا الله باسمه الأعظم، فخرج السرير من تحت كرسي سليمان، فقال سليمان: نَكِّرُوا لَها عَرْشَها أي غيروه نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ «2».

و كان سليمان قد أمر أن يتخذ لها بيتا من قوارير، و وضعه على الماء، ثم قيل لهاْخُلِي الصَّرْحَ فظنت أنه ماء، فرفعت ثوبها، و أبدت ساقيها، فإذا عليها شعر كثير، فقيل لها:نَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «3» فتزوجها سليمان، و هي بلقيس بنت الشرح الحميرية «4». و قال سليمان للشياطين «5»: «اتخذوا لها شيئا يذهب الشعر عنها». فعملوا الحمامات، و طبخوا النورة و الزرنيخ. فالحمامات و النورة مما اتخذته الشياطين لبلقيس، و كذا الأرحية «6» التي تدور على الماء.

7987/ [2]- و

قال الصادق (عليه السلام): «و اعطي سليمان بن داود- مع علمه- معرفة النطق بكل لسان، و معرفة اللغات، و منطق الطير، و البهائم، و السباع، فكان إذا شاهد الحروب تكلم بالفارسية، و إذا قعد لعماله و جنوده و أهل مملكته تكلم بالرومية، و إذا خلا بنسائه تكلم بالسريانية و النبطية، و إذا قام في محرابه لمناجاة ربه تكلم بالعربية، و إذا جلس للوفود و الخصماء تكلم بالعبرانية».

7988/ [3]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَهُمْ يُوزَعُونَ قال: «يحبس أولهم على آخرهم، قوله تعالى: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً «7» يقول لأنتفن ريشه. و قوله تعالى: أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ «8» يقول: لا

تعظموا علي و قوله: لا قِبَلَ لَهُمْ بِها «9» يقول: لا طاقة لهم بها. و قول

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 129.

3- تفسير القمّي 2: 129

(1) النمل 27: 38، 39.

(2) النمل 27: 41، 42.

(3) النمل 27: 44.

(4) في «ج»: الخيبرية، و في «ط»: الجبيرية.

(5) في المصدر: و قالت الشياطين.

(6) الأرحية: واحدتها الرّحى، و هي الأداة التي يطحن بها. «المعجم الوسيط 1: 335».

(7) النمل 27: 21.

(8) النمل 27: 31.

(9) النمل 27: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 208

سليمان: لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ «1» لما آتاني من الملك أَمْ أَكْفُرُ «2» إذا رأيت من هو أدون مني أفضل مني علما؟ فعزم الله له على الشكر».

7989/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي، قال: حدثنا منصور بن عبد الله الأصفهاني الصوفي، قال: حدثني علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام)، في قول الله:

فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها «3».

قال: «لما قالت النملة: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ «4»، حملت الريح صوت النملة إلى سليمان (عليه السلام)، و هو مار في الهواء، و الريح قد حملته، فوقف، و قال: علي بالنملة. فلما أتي بها، قال سليمان: بل أبي داود. قالت النملة: فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود (عليه السلام)؟ فقال سليمان: يا أيتها النملة، أما علمت أني نبي، و أني لا أظلم أحدا؟ قالت النملة: بلى. قال سليمان (عليه السلام): فلم حذرتهم ظلمي، فقلت: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ؟ قالت

النملة: خشيت أن ينظروا إلى زينتك، فيفتتنوا بها، فيبعدوا عن ذكر الله تعالى.

ثم قالت: أنت أكبر، أم أبوك داود (عليه السلام)؟ فقال سليمان: بل أبي داود. قالت النملة: فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود (عليه السلام)؟ فقال سليمان: ما لي بهذا علم. قالت النملة: لأن أباك داود داوى جرحه بود، فسمي داود، و أنت- يا سليمان- أرجو أن تلحق بأبيك «5».

ثم قالت النملة: هل تدري لم سخرت لك الريح، من بين سائر المملكة؟ قال سليمان: ما لي بهذا علم. قالت النملة: يعني عز و جل بذلك، لو سخرت لك جميع المملكة، كما سخرت لك هذه الريح، لكان زوالها من يدك كزوال الريح. فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها».

7990/ [5]- و

في (تحفة الإخوان): روي أن سليمان بن داود (عليه السلام) لما حشر الطير، و أحب أن يستنطق الطير، و كان حاشرها جبرئيل و ميكائيل، فأما جبرئيل، فكان يحشر طيور المشرق و المغرب من البراري، و أما

__________________________________________________

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 87/ 8.

5- تحفة الاخوان: 71. [.....]

(1) النمل 27: 40.

(2) النمل 27: 40.

(3) النمل 27: 19.

(4) النمل 27: 18.

(5) ذكر المجلسي (رحمه اللّه) وجوها أربعة في تفسير هذه العبارة، ارتضى التالي منها: أنّ المعنى أنّ أباك لمّا ارتكب ترك الأولى، و صار قلبه مجروحا بذلك، فداواه بودّ اللّه تعالى و محبته، فلذا سمّي داود اشتقاقا من الدواء بالودّ، و أنت لمّا لم ترتكب بعد، و أنت سليم منه سمّيت سليمان، فخصوص العلّتين للتسميتين، صارتا علّة لزيادة اسمك على اسم أبيك.

ثمّ لمّا كان كلامها موهما لكونه من جهة السلامة أفضل من أبيه، استدركت ذلك بأنّ ما صدر عنه لم يصر سببا لنقصه،

بل صار سببا لكمال محبّته و تمام مودّته، و أرجو أن تلحق أنت أيضا بأبيك في ذلك ليكمل محبّتك، البحار 14: 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 209

ميكائيل، فكان يحشر طيور الهواء و الجبال، فنظر سليمان إلى عجائب خلقتها، و حسن صورها «1»، و جعل يسأل كل صنف منهم، و هم يجيبونه بمساكنهم، و معاشهم، و أوكارهم، و أعشاشهم، و كيف تبيض، و كيف تحيض.

و كان الديك آخر من تقدم بين يديه، و نظر سليمان في حسنه، و جماله، و بهائه، و مد عنقه، و ضرب بجناحه، و صاح صيحة أسمع الملائكة، و الطيور، و جميع من حضر: يا غافلين، اذكروا الله. ثم قال: يا نبي الله، إني كنت مع أبيك آدم (عليه السلام) أتقدمه لوقت الصلاة، و كنت مع نوح في الفلك، و كنت مع أبيك إبراهيم الخليل (عليه السلام) حين أظفره الله بعدوه النمرود، و نصره عليه بالبعوض، و كنت أكثر ما أسمع أباك إبراهيم (عليه السلام) يقرأ آية الملك: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ «2» إلى آخر الآية، و اعلم- يا نبي الله- أني لا أصيح صيحة في ليل أو نهار، إلا أفزعت بها الجن و الشياطين، و أما إبليس فإنه يذوب كما يذوب الرصاص.

باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعرفون منطق الطير ..... ص : 209

7991/ [1]- المفيد في (الإختصاص): عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشاء، عمن رواه، عن علي ابن إسماعيل الميثمي، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليهما السلام) في داره، و فيها شجرة فيها عصافير، و هن يصحن، فقال: «أ تدري ما يقلن هؤلاء؟» فقلت: لا أدري. فقال: «يسبحن ربهن، و يطلبن رزقهن».

و رواه محمد

بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن على الوشاء، عمن رواه، عن الميثمي، عن منصور، عن الثمالي، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليه السلام) في داره، و فيها شجرة، و ذكر الحديث بعينه «3».

7992/ [2]- عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن إسماعيل بن عيسى «4»، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند علي بن الحسين (عليهما السلام)، فلما انتشرت العصافير، و صوتت، فقال: «يا أبا حمزة، أ تدري ما تقول؟» فقلت: لا. قال: «تقدس ربها، و تسأله قوت يومها». ثم قال: «يا أبا حمزة، علمنا منطق الطير، و أوتينا من كل شي ء».

و رواه الصفار في (بصائر الدرجات): عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن

__________________________________________________

1- الاختصاص: 292.

2- الاختصاص: 293.

(1) في المصدر: و اختلاف صورها.

(2) آل عمران 3: 26.

(3) بصائر الدرجات: 361/ 1.

(4) كذا في النسخ و المصدر، و لعلّه محمّد بن عيسى، لروايته من عليّ بن الحكم، راجع معجم رجال الحديث 11: 3884.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 210

أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام)، فانتشرت العصافير، و صوتت، و ذكر الحديث بعينه «1».

7993/]- عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن بعض رجاله، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: تلا رجل عنده هذه الآية: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ «2»، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليس فيها من، و لكن هو: و أوتينا كل شي ء.

و رواه الصفار: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خلف، عن بعض

رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: تلا رجل عنده هذه الآية، و ذكر الحديث بعينه «3».

7994/ [4]- عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن يوسف، عن علي بن داود الحداد، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت عنده، إذ نظرت إلى زوج حمام عنده، فهدر «4» الذكر على الأنثى، فقال:

«أ تدري ما يقول؟ يقول: يا سكني، و عرسي، ما خلق الله خلقا أحب إلي منك، إلا أن يكون مولاي جعفر بن محمد (عليهما السلام)».

7995/ [5]- و

رواه الصفار، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أحمد بن يوسف، عن علي بن داود الحداد «5»، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت عنده، إذ نظرت إلى زوج حمام عنده، فهدر الذكر على الأنثى، فقال لي: «أ تدري ما يقول؟ قلت: لا. قال: «يقول: يا سكني، و عرسي، ما خلق الله أحب إلي منك، إلا أن يكون مولاي جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)».

7996/ [6]- عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن أبيه، عن الفيض بن المختار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن سليمان بن داود (عليهما السلام) قال: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ «6»، و قد و الله علمنا منطق الطير، و أوتينا من «7» كل شي ء».

و رواه الصفار: عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن أبيه، عن الفيض بن المختار، قال:

__________________________________________________

3- الاختصاص: 293.

4- الاختصاص: 293.

5- بصائر الدرجات: 362/ 4. [.....]

6- الاختصاص: 203.

(1) بصائر الدرجات: 361/ 2.

(2) النمل 27: 16.

(3) بصائر الدرجات: 362/ 3.

(4) هدر الطائر: صوت. «لسان

العرب- هدر- 5: 258». في المصدر: هدل.

(5) في جميع النسخ و المصدر: داود الحداد، انظر سند الحديث السابق، و معجم رجال الحديث 2: 365 و 12: 12.

(6) النمل 27: 16.

(7) (من) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 211

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و ذكر الحديث «1».

7997/ [7]- عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن عمر بن خليفة، عن شيبة بن الفيض، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «يا أيها الناس، علمنا منطق الطير، و أوتينا من كل شي ء، إن هذا لهو الفضل المبين».

و رواه الصفار: عن أحمد بن موسى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن عمر بن خليفة، عن شيبة بن الفيض، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «يا أيها الناس»، و ذكر الحديث «2».

7998/ [8]- عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابه، قال: اهدي إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فاختة «3»، و ورشان «4»، و طير راعبي «5»، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أما الفاختة، فتقول: فقدتكم، فقدتكم، فافقدوها قبل أن تفقدكم- و أمر بها فذبحت- و أما الورشان، فيقول: قدستم، قدستم» فوهبه لبعض أصحابه «و الطير الراعبي يكون عندي آنس به».

7999/ [9]- محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن أحمد بن موسى، عن محمد بن أحمد المعروف بغزال، عن محمد بن الحسين، عن سليمان من ولد جعفر بن أبي طالب، قال: كنت مع أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حائط له، إذ جاء عصفور، فوقع بين يديه، و

أخذ يصيح، و يكثر الصياح، و يضطرب، فقال لي:

«يا فلان، أ تدري ما يقول هذا العصفور؟» قلت: الله، و رسوله، و ابن رسوله أعلم. قال: «إنها تقول: إن حية تريد أن تأكل فراخي في البيت، فخذ معك عصا، و ادخل البيت، و اقتل الحية». قال: فأخذت السعفة، و هي العصا، و دخلت في البيت، و إذا حية تجول في البيت، فقتلتها.

8000/ [10]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة، عن سالم مولى أبان، بياع الزطي «6»، قال: كنا في حائط لأبي عبد الله (عليه السلام)، و نفر معي- قال- فصاحت العصافير، فقال: «أ تدري ما تقول هذه؟» فقلنا: جعلنا الله فداك، لا ندري- و الله- ما تقول. قال: «تقول: اللهم، إنا خلق من خلقك، و لا بد لنا من رزقك، فأطعمنا، و اسقنا».

__________________________________________________

7- الاختصاص: 293.

8- الاختصاص: 294.

9- بصائر الدرجات: 365/ 19.

10- بصائر الدرجات: 365/ 20.

(1) بصائر الدرجات: 364/ 17.

(2) بصائر الدرجات: 364/ 18. [.....]

(3) الفاختة: ضرب من الحمام المطوّق. «لسان العرب- فخت- 2: 65».

(4) الورشان: طائر شبه الحمامة. «لسان العرب- ورش- 6: 372».

(5) الرّاعبيّ: جنس من الحمام. «لسان العرب- رعب- 1: 421».

(6) الزطّ: جنس من السودان أو الهنود، الواحد زطّي. «مجمع البحرين- زطط- 4: 250».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 212

8001/ [11]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، و البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن عبد الله بن فرقد، قال: خرجنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) متوجهين إلى مكة، حتى إذا كنا بسرف «1»، استقبله غراب ينعق في وجهه، فقال: «مت جوعا، ما تعلم شيئا إلا و نحن نعلمه،

إلا أنا أعلم بالله منك». فقلنا: هل كان في وجهه شي ء؟ قال: «نعم، سقطت ناقة بعرفات».

8002/ [12]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن أبي أحمد، عن شعيب بن الحسن، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) جالسا، فسمعت صوتا من الفاختة، فقال: «تدرون ما تقول هذه؟» فقلنا: و الله ما ندري. قال: «تقول: فقدتكم، فافقدوها قبل أن تفقدكم».

8003/ [13]- و

عنه: عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن أحمد بن الحسن الميثمي «2»، عن مليح «3»، عن أبي حمزة، قال: كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام)، و العصافير على الحائط يصحن، فقال: «يا أبا حمزة، أ تدري ما يقلن؟- قال- يتحدثن أنهن في وقت يسألن فيه قوتهن. يا أبا حمزة، لا تنم قبل طلوع الشمس، فإني أكرهها لك، إن الله يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد، و على أيدينا يجريها».

8004/ [14]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، و البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن علي بن سنان، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسمع صوت فاختي في الدار، فقال: «أين هذه التي أسمع صوتها؟» فقلنا: هي في الدار، أهديت لبعضهم، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أما لتفقدنك قبل أن تفقدنا» قال: ثم أمر بها، فأخرجت من الدار.

8005/ [15]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن أبي حمزة، عن عثمان الأصبهاني «4»، قال: اهدي لإسماعيل بن أبي عبد الله (عليه السلام) صلصلا «5»، فدخل أبو

عبد الله (عليه السلام)، فلما رآه، قال: «ما هذا الطير المشؤوم، أخرجوه فإنه يقول: فقدتكم فافقدوه قبل أن يفقدكم».

8006/ [16]- و

عنه: عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن محمد بن يوسف التميمي، عن

__________________________________________________

11- بصائر الدرجات: 365/ 21.

12- بصائر الدرجات: 363/ 8.

13- بصائر الدرجات: 363/ 9.

14- بصائر الدرجات: 366/ 23.

15- بصائر الدرجات: 365/ 22.

16- بصائر الدرجات: 366/ 24.

(1) سرف: موضع على ستّة أميال من مكّة. «معجم البلدان 3: 212».

(2) في نسخة «ج، ي، ط» زيادة: عن محمّد بن الحسن بن زياد، انظر معجم رجال الحديث 2: 87.

(3) في المصدر: عن صالح.

(4) في «ط، ج، ي»: عمر بن أصبهان، و في المصدر: عمر بن محمد الأصبهاني، انظر الكافي 6: 551/ 2، معجم رجال الحديث 11: 104. [.....]

(5) الصّلص: طائر صغير تسمّيه العجم الفاختة. «لسان العرب- صلل- 11: 384».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 213

محمد بن جعفر، عن أبيه، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): استوصوا بالصنانيات «1» خيرا، يعني الخطاف «2» فإنه آنس طير الناس بالناس.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ تدرون ما تقول الصنانية، إذا ترنمت؟ تقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، حتى تقرأ أم الكتاب، إذا كان في آخر ترنمها، قالت: وَ لَا الضَّالِّينَ».

8007/1]

- و

عنه: عن عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، عن عمر، عن بشير «3»، عن علي بن أبي حمزة، قال: دخل رجل من موالي أبي الحسن (عليه السلام)، فقال: جعلت فداك، أحب أن تتغدى عندي. فقام أبو الحسن (عليه السلام)، حتى مضى معه، فدخل البيت، و إذا في البيت سرير، فقعد على السرير، و تحت السرير زوج

حمام، فهدر الذكر على الأنثى، و ذهب الرجل ليحمل الطعام، فرجع و أبو الحسن (عليه السلام) يضحك، فقال: أضحك الله سنك، مم ضحكت؟ فقال: «إن هذا الحمام هدر على هذه الحمامة، فقال لها: يا سكني، و عرسي، و الله ما على وجه الأرض أحد أحب إلي منك، ما خلا هذا القاعد على السرير».

قال: قلت: جعلت فداك، و تفهم كلام الطير، قال: «نعم، علمنا منطق الطير، و أوتينا من كل شي ء».

8008/ [18]- و

عنه: عن عبد الله بن محمد، عمن رواه، عن عبد الكريم «4»، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس: إن الله علمنا منطق الطير، كما علم سليمان بن داود (عليه السلام) منطق كل دابة، في بر أو بحر».

قوله تعالى:

وَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ [20]

8009/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، أو غيره، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، أخبرني عن النبي (صلى الله عليه و آله)، ورث النبيين كلهم؟ قال: «نعم» قلت: من لدن آدم، حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: «ما بعث الله نبيا إلا و محمد (صلى الله عليه و آله) أعلم منه».

__________________________________________________

17- بصائر الدرجات: 366/ 25.

18- بصائر الدرجات: 363/ 12.

1- الكافي 1: 176/ 7.

(1) في المصدر: الصائنات، و في «مجمع البحرين- صون- 6: 274»: استوصوا بالصينيّات خيرا، و كأنّ المراد بها الطيور التي تأوي البيوت، المكنّاة ببنات السند و الهند.

(2)

الخطّاف: العصفور الأسود، و هو الذي تدعوه العامّة: عصفور الجنّة. «لسان العرب- خطف- 9: 77».

(3) في «ج، ي، ط»: محمّد بن إبراهيم بن شمر، عن بشر.

(4) في «ج» و المصدر: محمّد بن عبد الكريم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 214

قال: قلت: إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله. قال: «صدقت، و سليمان بن داود كان يفهم منطق الطير، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقدر على هذه المنازل».

قال: فقال: «إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده، و شك في أمره، فقال: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ حين فقده. و غضب عليه، فقال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «1» و إنما غضب لأنه كان يدله على الماء، فهذا و هو طائر، قد اعطي ما لم يعط سليمان، و كانت الريح، و النمل، و الجن، و الإنس، و الشياطين، و المردة له طائعين، و لم يكن يعرف الماء تحت الهواء، و كان الطير يعرفه».

و إن الله يقول في كتابه: وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى «2» و قد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال، و تقطع به البلدان، و تحيى به الموتى، و نحن نعرف الماء تحت الهواء. و إن في كتاب الله لآيات، ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به، مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون، و جعله الله لنا في ام الكتاب، إن الله يقول: وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «3».

ثم قال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا

مِنْ عِبادِنا «4» فنحن الذين اصطفانا الله عز و جل، و أورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شي ء».

8010/ [2]- الطبرسي: روى العياشي بالإسناد، قال: قال أبو حنيفة لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ قال: «لأن الهدهد يرى الماء في بطن الأرض، كما يرى أحدكم الدهن في القارورة» فنظر أبو حنيفة إلى أصحابه، و ضحك. قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و ما يضحكك؟» قال: ظفرت بك، جعلت فداك. قال:

«و كيف ذلك؟» قال: الذي يرى الماء في بطن الأرض، لا يرى الفخ في التراب، حتى يأخذ بعنقه؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا نعمان، أما علمت أنه إذا نزل القدر أعشى «5» البصر».

قوله تعالى:

رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [26]

8011/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن

__________________________________________________

2- مجمع البيان 7: 340.

1- التوحيد: 321.

(1) النمل 27: 21.

(2) الرعد 13: 31.

(3) النمل 27: 75.

(4) فاطر 35: 32. [.....]

(5) في «ج» و المصدر: اغشي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 215

أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش و الكرسي، فقال: «إن للعرش صفات كثيرة مختلفة، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة، فقوله: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ يقول: الملك العظيم، و قوله:

الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «1» يقول: على الملك احتوى، و هذا ملك الكيفوفية في الأشياء.

ثم العرش في الوصل منفرد عن «2» الكرسي، لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب، و هما جميعا غيبان، و هما في الغيب مقرونان،

لأن الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع و منه الأشياء كلها، و العرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف، و الكون، و القدر، و الحد و الأين، و المشيئة، و صفة الإرادة، و علم الألفاظ و الحركات و الترك، و علم العود و البداء «3»، فهما في العلم بابان مقرونان، لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي، و علمه أغيب من علم الكرسي، فمن ذلك قال: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أي صفته أعظم من صفة الكرسي، و هما في ذلك مقرونان».

قلت: جعلت فداك، فلم صار في الفضل جار الكرسي؟ قال: «إنه صار جاره، لأن فيه علم الكيفوفية، و فيه الظاهر من أبواب البداء، و أينيتها، و حد رتقها و فتقها. فهذا جاران، أحدهما حمل صاحبه في الصرف «4»، و بمثل صرف العلماء يستدلون «5» على صدق دعواهما، لأنه يختص برحمته من يشاء، و هو القوي العزيز.

فمن اختلاف صفات العرش، أنه قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ «6» و هو وصف عرش الوحدانية، لأن قوما أشركوا كما قلت لك: قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ رب الوحدانية عما يصفون. و قوما و صفوه بيدين، فقالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ «7» و قوما وصفوه بالرجلين، فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء. و قوما وصفوه بالأنامل، فقالوا: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات، قال: رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه، و لله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شي ء، و لا يوصف، و لا يتوهم، فذلك المثل الأعلى.

و وصف الذين لم يؤتوا من

الله فوائد العلم، فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال، و شبهوه لمشابهة «8» منهم فيما جهلوا به، فلذلك قال: وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا «9» فليس له شبه، و لا مثال «10»، و لا عدل، و له الأسماء

__________________________________________________

(1) طه 20: 5.

(2) في المصدر: متّفرد عن.

(3) في المصدر: و البدء.

(4) في «ي، ط»: الطرف، و في «ج»، و «ط» نسخة بدل: الظرف.

(5) في المصدر: و يستدلوا.

(6) الزخرف 43: 82.

(7) المائدة 5: 64.

(8) في المصدر: بالمتشابه.

(9) الإسراء 17: 85.

(10) في «ج» و المصدر: و لا مثل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 216

الحسنى التي لا يسمى بها غيره. و هي التي وصفها في الكتاب، فقال: فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ «1» جهلا، بغير علم، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم، يشرك و هو لا يعلم، و يكفر به و هو يظن أنه يحسن، فلذلك قال: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «2» فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم، فيضعونها غير مواضعها.

يا حنان، إن الله تبارك و تعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء، فهم الذين أعطاهم الفضل، و خصهم بما لم يخص به غيرهم، فأرسل محمدا (صلى الله عليه و آله)، فكان الدليل على الله، بإذن الله عز و جل حتى مضى دليلا هاديا، فقام من بعده وصيه (عليه السلام) دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه، من ظاهر علمه، ثم الأئمة الراشدون (عليهم السلام)».

قوله تعالى:

قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ [40]

8012/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، و غيره، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم،

عن محمد بن الفضيل، قال: حدثني شريس الوابشي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، و إنما كان عند آصف منها حرف واحد، فتكلم به، فخسف بالأرض، ما بينه و بين سرير بلقيس، حتى تناول السرير بيده، ثم عادت الأرض كما كانت، أسرع من طرفة العين، و نحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان و سبعون حرفا، و حرف عند الله تبارك و تعالى، استأثر به في علم الغيب عنده، و لا حول و لا قوة إلا بالله».

و رواه محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات)، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، قال: أخبرني شريس «3» الوابشي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا».

الحديث بعينه «4».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 179/ 1.

(1) الأعراف 7: 180.

(2) يوسف 12: 106. [.....]

(3) في المصدر و «ط»: ضريس.

(4) بصائر الدرجات: 228/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 217

8013/ [2]- و

عنه: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن محمد النوفلي، عن أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن اسم الله الأعظم ثلاثة و سبعون حرفا، كان عند آصف حرف، فتكلم به، فانخرقت له الأرض فيما بينه و بين سبأ، فتناول عرش بلقيس، حتى صيره إلى سليمان. ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين، و عندنا منه اثنان و سبعون حرفا، و حرف عند الله استأثر به في علم الغيب».

8014/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين

بن سعيد، و محمد بن خالد، عن زكريا بن عمران القمي، عن هارون بن الجهم، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) لم أحفظ اسمه، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن عيسى بن مريم (عليه السلام) اعطي حرفين، كان يعمل بهما، و اعطي موسى أربعة أحرف، و اعطي إبراهيم (عليه السلام) ثمانية أحرف، و اعطي نوح (عليه السلام) خمسة عشر حرفا، و اعطي آدم خمسة و عشرون، و إن الله تبارك و تعالى جمع ذلك كله لمحمد (صلى الله عليه و آله)، و إن اسم الله الأعظم ثلاثة و سبعون حرفا، اعطي محمد (صلى الله عليه و آله) اثنين و سبعين حرفا، و حجب عنه حرف واحد».

و رواه الصفار عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، و محمد بن خالد، عن زكريا بن عمران القمي، عن هارون بن الجهم، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) لم يحفظ اسمه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن عيسى بن مريم (عليه السلام) اعطي حرفين» و ذكر الحديث بعينه «1».

8015/ [4]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن شريس «2» الوابشي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، قول العالم: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ؟

فقال: «يا جابر، إن الله جعل اسمه الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، فكان عند العالم منها حرف واحد، فانخسفت الأرض ما بينه و بين السرير، و التفت «3» القطعتان، و جعل من هذه على هذه، و عندنا من اسم الله الأعظم اثنان و سبعون حرفا،

و حرف في علم الغيب المكنون عنده».

8016/]

- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن سعد بن أبي عمرو

__________________________________________________

2- الكافي 1: 180/ 3.

3- الكافي 1: 179/ 2.

4- بصائر الدرجات: 229/ 6.

5- بصائر الدرجات: 230/ 8.

(1) بصائر الدرجات: 228/ 2.

(2) في المصدر: ضريس.

(3) في المصدر: حتّى التقت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 218

الجلاب «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، و إنما كان عند آصف منها حرف واحد، فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه و بين سرير بلقيس، ثم تناول السرير بيده، ثم عادت الأرض كما كانت، أسرع من طرفة عين، و عندنا نحن من الاسم اثنان و سبعون حرفا، و حرف [عند الله استأثر به في علم الغيب المكنون عنده».

8017/ [6]- و

عنه: عن أحمد بن موسى، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ قال:

ففرج أبو عبد الله (عليه السلام) أصابعه، فوضعها على صدره، ثم قال: «و عندنا- و الله- علم الكتاب كله».

8018/ [7]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن أبي عبد الله البرقي، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل جعل اسمه الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، فأعطى آدم (عليه السلام) منها خمسة و عشرين حرفا، و أعطى نوحا (عليه السلام) منها خمسة عشر حرفا، و أعطى إبراهيم (عليه السلام) منها ثمانية أحرف، و أعطى موسى (عليه السلام) منها أربعة أحرف، و أعطى عيسى (عليه السلام)

منها حرفين، فكان يحيي بهما الموتى، و يبرئ الأكمه و الأبرص، و أعطى محمدا (صلى الله عليه و آله) اثنين و سبعين حرفا، و احتجب بحرف لئلا يعلم أحد ما في نفسه، و ما في نفس العباد».

8019/ [8]- و

عنه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت عنده، فذكروا سليمان و ما اعطي من العلم، و ما اوتي من الملك، فقال لي: «و ما اعطي سليمان بن داود! إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم، و صاحبكم الذي قال الله: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «2» فكان- و الله- عند علي (عليه السلام) علم الكتاب» فقلت: صدقت و الله، جعلت فداك.

8020/ [9]- و

عنه: عن إبراهيم بن هاشم، عن «3» سليمان، عن سدير، قال: كنت أنا، و أبو بصير، و ميسر، و يحيى البزاز، و داود الرقي، في مجلس أبي عبد الله (عليه السلام)، إذ خرج إلينا و هو مغضب، فلما أخذ مجلسه، قال:

«عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله، لقد هممت بضرب خادمتي فلانة، فذهبت عني، فما

__________________________________________________

6- بصائر الدرجات: 232/ 2.

7- بصائر الدرجات: 228/ 3.

8- بصائر الدرجات: 232/ 1.

9- بصائر الدرجات: 233/ 3.

(1) في «ج»: سعدان، عن عمر الجلاب، و في «ط، ي»: سعدان، عن عمر الجلاب، و في المصدر: سعد أبي عمرو الجلاب، راجع تنقيح المقال 2: 11. [.....]

(2) الرعد 13: 43.

(3) في المصدر: محمّد بن سليمان بن سدير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 219

عرفتها في أي البيوت هي من الدار» «1».

فلما أن قام من مجلسه،

و صار إلى منزله، دخلت أنا، و أبو بصير، و ميسر على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلنا له:

جعلنا فداك، سمعناك تقول كذا، و كذا في أمر خادمتك، و نحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا لا ينسب «2» إلى علم الغيب، فقال: «يا سدير، أما تقرأ القرآن؟» قلت: قد قرأناه، جعلنا الله فداك. فقال: «هل وجدت فيما قرأت من كتاب الله: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ؟» قلت: جعلت فداك، قد قرأته.

قال: «فهل عرفت الرجل، و عرفت ما كان عنده من علم الكتاب؟» قال: قلت: فأخبرني حتى أعلم، قال: «قدر قطرة من المطر الجود «3»، في البحر الأخضر، ما يكون ذلك من علم الكتاب؟».

قلت: جعلت فداك، ما أقل هذا؟ قال: «يا سدير، ما أكثره لمن «4» لم ينسبه إلى العلم الذي أخبرك به! يا سدير، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «5» كله؟». قال: و أومأ بيده إلى صدره، فقال: «علم الكتاب كله» و الله عندنا- ثلاثا-».

8021/ [10]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان سليمان (عليه السلام) عنده اسم الله الأكبر، الذي إذا سئل به أعطى، و إذا دعي به أجاب، و لو كان اليوم لاحتاج إلينا».

8022/ [11]- و

عنه: عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن الحسن بن علي بن فضال، عن داود بن أبي يزيد، عن بعض أصحابنا، عن عمر بن حنظلة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إني أظن أن لي عندك منزلة، قال:

«أجل» قال:

قلت: فإن لي إليك حاجة؟ قال: «و ما هي؟» قال: قلت: تعلمني الاسم الأعظم. قال: «و تطيقه؟» قلت: نعم. قال:

«فادخل البيت» قال: فدخلت، فوضع أبو جعفر (عليه السلام) يده على الأرض، فأظلم البيت، فأرعدت فرائص عمر، فقال: «ما تقول، أعلمك؟» فقلت: لا. قال: فرفع يده، فرجع البيت كما كان.

8023/ [12]- السيد الرضي في (الخصائص) قال: روي أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) كان جالسا في المسجد، إذ دخل عليه رجلان، فاختصما إليه، و كان أحدهما من الخوارج، فتوجه الحكم على الخارجي، فحكم عليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له الخارجي: و الله، ما حكمت بالسوية، و لا عدلت في القضية، و ما قضيتك عند

__________________________________________________

10- بصائر الدرجات: 231/ 2.

11- بصائر الدرجات: 230/ 1.

12- خصائص الأئمة: 46.

(1) في المصدر: أي بيوت الدار هي.

(2) في المصدر: و لا تنسبك.

(3) المطر الجود: المطر الواسع الغزير. «لسان العرب- جود- 3: 137».

(4) في المصدر: إن.

(5) الرعد 13: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 220

الله تعالى بمرضية. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام)، و أومأ بيده إليه: «اخسأ، عدو الله» فاستحال كلبا أسودا. فقال من حضره: فوالله لقد رأينا ثيابه تطاير عنه في الهواء، فجعل يبصبص «1» لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و دمعت عيناه في وجهه، و رأينا أمير المؤمنين (عليه السلام) و قد رق له، فلحظ السماء، و حرك شفتيه بكلام لم نسمعه، فوالله لقد رأيناه و قد عاد إلى حال الإنسانية، و تراجعت ثيابه من الهواء، حتى سقطت على كتفيه، فرأيناه و قد خرج من المسجد، و إن رجليه لتضطربان، فبهتنا ننظر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال لنا: «ما لكم تنظرون و تعجبون؟».

فقلنا: يا أمير المؤمنين، كيف لا

نتعجب، و قد صنعت ما صنعت؟

فقال: «أما تعلمون أن آصف بن برخيا وصي سليمان بن داود (عليهما السلام) قد صنع ما هو قريب من هذا الأمر، فقص الله جل اسمه قصته، حيث يقول: أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ «2» الآية، فأيما أكرم على الله، نبيكم، أم سليمان (عليهما السلام)؟» فقالوا: بل نبينا (صلى الله عليه و آله) أكرم، يا أمير المؤمنين. قال: «فوصي نبيكم أكرم من وصي سليمان، و إنما كان عند وصي سليمان من اسم الله الأعظم حرف واحد، فسأل الله جل اسمه، فخسف له الأرض ما بينه و بين سرير بلقيس، فتناوله في أقل من طرف العين، و عندنا من اسم الله الأعظم اثنان و سبعون حرفا، و حرف عند الله تعالى، استأثر به دون خلقه».

فقالوا: يا أمير المؤمنين، فإذا كان هذا عندك، فما حاجتك إلى الأنصار في قتال معاوية و غيره، و استنفارك الناس إلى حربه ثانية؟ فقال: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ «3» إنما أدعو هؤلاء القوم إلى قتاله لثبوت الحجة، و كمال المحنة، و لو اذن لي في إهلاكه لما تأخر، لكن الله تعالى يمتحن خلقه بما شاء». قالوا: فنهضنا من حوله، و نحن نعظم ما أتى به (عليه السلام).

8024/ [13]- المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن محمد، عن فضالة «4»، عن أبان، عن أبي بصير، و زرارة،

عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما زاد العالم على النظر إلى ما خلفه و ما بين يديه مد بصره، ثم نظر إلى سليمان، ثم مد يده فإذا هو ممثل بين يديه».

8025/ [14]- عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عثمان، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما زاد صاحب سليمان على أن قال بإصبعه هكذا، فإذا هو قد جاء بعرش صاحبة سبأ».

__________________________________________________

13- الاختصاص: 270.

14- الاختصاص: 270.

(1) البصبصة: تحريك الكلب ذنبه طمعا أو خوفا. «لسان العرب- بصص- 7: 6».

(2) النمل 27: 38- 40. [.....]

(3) الأنبياء 21: 26 و 27.

(4) في «ج»: و فضال، و في «ي، ط» و المصدر: و فضالة، راجع فهرست الطوسي: 126/ 560، معجم رجال الحديث 13: 271.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 221

فقال له حمران: كيف هذا، أصلحك الله؟ فقال: «إن أبي كان يقول: إن الأرض طويت له، إذا أراد طواها».

8026/ [15]- الطبرسي: روى العياشي في (تفسيره) بالإسناد، قال: التقى موسى بن محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام)، و يحيى بن أكثم، فسأله عن مسائل، قال: فدخلت على أخي علي بن محمد (عليهما السلام)، إذ دار بيني و بينه من المواعظ، حتى انتهت إلى طاعته، فقلت له: جعلت فداك، إن ابن أكثم سألني عن مسائل افتيه فيها؟

فضحك، ثم قال: «هل أفتيته فيها؟» قلت: لا. قال: «و لم؟» قلت: لم أعرفها، قال: «و ما هي؟» قلت: قال: أخبرني عن سليمان، أ كان محتاجا إلى علم آصف بن برخيا؟ ثم ذكر المسائل الاخر.

قال: «اكتب- يا أخي- بسم الله الرحمن الرحيم،- سألت عن قول الله تعالى في كتابه: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ فهو

آصف بن برخيا، و لم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف، لكنه (صلوات الله عليه) أحب أن يعرف أمته من الجن و الإنس أنه الحجة من بعده، و ذلك من علم سليمان بن داود (عليه السلام)، أودعه آصف بأمر الله تعالى، ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته، و دلالته، كما فهم سليمان في حياة داود لتعرف إمامته و نبوته من بعده، لتأكيد الحجة على الخلق».

قوله تعالى:

فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [40]

8027/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز و جل.

قال: «الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه» و ذكر الأوجه الخمسة من كتاب الله، و قال (عليه السلام): «الوجه الثالث من الكفر: كفر النعم، و ذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السلام): هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ، و قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ «1»، و قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ «2»».

__________________________________________________

15- مجمع البيان 7: 351.

1- الكافي 2: 287/ 1.

(1) إبراهيم 14: 7.

(2) البقرة 2: 152.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 222

و الحديث- بالخمسة أوجه- تقدم في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ من أول

سورة البقرة «1».

سورة النمل(27): الآيات 45 الي 49 ..... ص :222

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّا لَصادِقُونَ [45- 49]

8028/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ: «يقول: مصدق، و مكذب. قال الكافرون منهم: أ تشهدون أن صالحا مرسل من ربه؟ و قال المؤمنون: إنا بالذي أرسل به مؤمنون. قال الكافرون منهم: إنا بالذي آمنتم به كافرون، و قالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا «2» إن كنت من الصادقين. فجاءهم بناقة، فعقروها، و كان الذي عقرها أزرق، أحمر، ولد زنا».

و أما قوله: لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ فإنهم سألوه قبل أن تأتيهم الناقة، أن يأتيهم بعذاب أليم، و أرادوا بذلك امتحانه، فقال: يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ يقول: بالعذاب قبل الرحمة.

و أما قوله: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ فإنهم أصابهم جوع شديد، فقالوا: هذا من شؤمك، و شؤم من معك- أصابنا هذا القحط، و هي الطيرة قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ يقول: خيركم، و شركم، و شؤمكم من عند الله بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ يقول تبتلون بالاختبار.

و أما قوله: وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ كانوا يعملون في الأرض بالمعاصي، و أما قوله: تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أي تحالفوا لَنُبَيِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ أي لنحلفن لِوَلِيِّهِ منهم»

ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ يقول: لنفعلن، فأتوا صالحا ليلا ليقتلوه، و عند صالح ملائكة يحرسونه، فلما أتوه قاتلتهم الملائكة في دار صالح رجما بالحجارة، فأصبحوا في داره مقتلين، و أخذت قومه الرجفة، و أصبحوا في

دارهم جاثمين.

و أما قوله: بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً «4» يقول: فضاء. و أما قوله: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ «5» يقول:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 132.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

(2) في المصدر: بآية.

(3) (منهم): ليس في المصدر: و في «ي»: عنهم.

(4) النمل 27: 61.

(5) النمل 27: 66.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 223

علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا، و أما قوله: وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ «1» قال: صاغرين، و أما قوله: أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ «2» يقول: أحسن كل شي ء خلقه.

سورة النمل(27): الآيات 59 الي 62 ..... ص :223

قوله تعالى:

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى إلى قوله تعالى- قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ [59- 62]

8029/ [1]- ابن شهر آشوب: عن أنس بن مالك، قال: لما نزلت الآيات الخمس في طس: أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً «3» انتفض علي (عليه السلام) انتفاض العصفور، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «مالك، يا علي؟» قال:

«عجبت- يا رسول الله- من كفرهم، و حلم الله تعالى عنهم» فمسحه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيده، ثم قال: «أبشر، فإنه لا يبغضك مؤمن، و لا يحبك منافق، و لولا أنت لم يعرف حزب الله».

8030/ [2]- علي بن إبراهيم، قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى قال: هم آل محمد (عليهم السلام)، و قوله: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا «4» قال: لا تكون الخلافة في آل فلان، و لا آل فلان، و لا آل فلان، و لا طلحة، و لا الزبير.

و أما قوله: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ أي بساتين ذات حسن ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا

شَجَرَها و هو على حد الاستفهام، أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ يعني فعل هذا مع الله، بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ، قال: عن الحق.

8031/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: روى علي بن أسباط، عن إبراهيم الجعفري، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قوله: أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ، قال: «أي إمام هدى مع إمام ضلال في قرن واحد».

__________________________________________________

1- المناقب 2: 125.

2- تفسير القمّي 2: 129. [.....]

3- تأويل الآيات 1: 401/ 2.

(1) النمل 27: 87.

(2) النمل 27: 88.

(3) الآيات الخمس أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ- إلى قوله تعالى- إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (60- 64).

(4) النمل 27: 52.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 224

8032/ [4]- الشيخ المفيد في (أماليه)، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن المسعودي، قال: حدثنا الحارث بن حصيرة، عن عمران بن الحصين، قال: كنت أنا و عمر بن الخطاب جالسين، عند النبي (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام) جالس إلى جنبه، إذ قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله): أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ قال: فانتفض علي (عليه السلام) انتفاضة العصفور، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «ما شأنك تجزع؟» فقال: «ما لي لا أجزع، و الله يقول إنه يجعلنا خلفاء الأرض؟». فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «لا تجزع، فوالله لا يحبك إلا مؤمن، و لا يبغضك إلا منافق».

و رواه الشيخ

في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال:

حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثنا أبي، قال:

حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن المسعودي، قال: حدثنا الحارث بن حصيرة، عن عمران بن حصين، قال: كنت أنا و عمر بن الخطاب جالسين عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذكر الحديث بعينه «1».

8033/ [5]- محمد بن العباس: قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن عبيد الله بن خنيس، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي داود، عن بريدة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام) إلى جنبه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ، قال: فانتفض علي (عليه السلام) انتفاض العصفور، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «لم تجزع، يا علي؟» فقال: «كيف لا نجزع، و أنت تقول: وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ؟ قال: «لا تجزع، فوالله لا يبغضك مؤمن، و لا يحبك كافر».

8034/ [6]- و

عنه: عن أحمد بن محمد بن العباس، عن عثمان بن هاشم بن الفضل، عن محمد بن كثير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي داود السبيعي، عن عمران بن حصين، قال: كنت جالسا عند النبي (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام) إلى جنبه، إذ قرأ النبي (صلى الله عليه و آله): أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ قال: فارتعد علي (عليه السلام): فضرب النبي (صلى الله عليه و آله) بيده على كتفه، فقال: «ما لك، يا علي؟»

فقال: «يا رسول الله، قرأت هذه الآية، فخشيت أن نبتلى بها، فأصابني ما رأيت». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، لا يحبك إلا مؤمن، و لا يبغضك إلا كافر «2» منافق، إلى يوم القيامة».

8035/ [7]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي

__________________________________________________

4- الأمالي: 307/ 5.

5- تأويل الآيات 1: 401/ 3.

6- تأويل الآيات 1: 402/ 4.

7- تأويل الآيات 1: 402/ 5.

(1) الأمالي 1: 75.

(2) (كافر) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 225

عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن القائم (عليه السلام) إذا خرج، دخل المسجد الحرام، فيستقبل القبلة «1»، و يجعل ظهره إلى المقام، ثم يصلي ركعتين، ثم يقوم، فيقول: يا أيها الناس، أنا أولى الناس بآدم. يا أيها الناس، أنا أولى الناس بإبراهيم.

يا أيها الناس، أنا أولى الناس بإسماعيل، يا أيها الناس، أنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله). ثم يرفع يديه إلى السماء، و يدعو، و يتضرع، حتى يقع عليه وجهه، و هو قوله عز و جل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ».

8036/ [8]- و

عنه: بالإسناد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ، قال: هذه الآية نزلت في القائم (عليه السلام)، إذا خرج تعمم، و صلى عند المقام، و تضرع إلى ربه، فلا ترد له راية أبدا».

8037/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن صالح بن عقبة، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت في القائم من آل محمد (عليهم السلام)، هو و الله المضطر، إذا صلى في المقام ركعتين، و دعا «2» الله فأجابه، و يكشف السوء، و يجعله خليفة في الأرض» و هذا مما ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله.

8038/ [10]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني محمد بن علي التيملي، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: حدثني غير واحد، عن منصور بن يونس بزرج، عن إسماعيل ابن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: «يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب- و أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى «3»- حتى إذا كان قبل خروجه انتهى «4» المولى الذي معه حتى يلقى بعض أصحابه، فيقول كم أنتم هاهنا؟ فيقولون: نحوا من أربعين رجلا. فيقول: كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟

فيقولون: و الله لو ناوأ «5» الجبال لنا و أناها معه. ثم يأتيهم من القابلة، فيقول: أشيروا إلى رؤسائكم، أو خياركم عشرة، فيشيرون له إليهم، فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم، و يعدهم الليلة التي تليها».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): و الله، لكأني أنظر إليه و قد أسند ظهره إلى الحجر، فينشد الله حقه، ثم يقول: يا أيها الناس، من يحاجني في الله، فأنا أولى الناس بالله، أيها الناس، من يحاجني في آدم، فأنا أولى الناس بآدم. أيها الناس، من يحاجني في نوح، فأنا أولى الناس بنوح، أيها الناس، من يحاجني في إبراهيم. فأنا أولى الناس بإبراهيم.

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 1: 403/ 6.

9- تفسير القمّي 2: 129.

10- لغيبة: 181/ 30. [.....]

(1) في المصدر: الكعبة.

(2) في «ي، ط» زيادة: إلى.

(3) ذو

طوى: موضع عند مكّة. «معجم البلدان 4: 45».

(4) في المصدر: أتى.

(5) المناوأة: إظهار المعاداة و المفاخرة. «مجمع البحرين- نوأ- 1: 424»، و في المصدر زيادة: بنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 226

أيها الناس، من يحاجني في موسى، فأنا أولى الناس بموسى، أيها الناس، من يحاجني بعيسى. فأنا أولى الناس بعيسى، أيها الناس، من يحاجني بمحمد (صلى الله عليه و آله)، فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه و آله). أيها الناس، من يحاجني بكتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله. ثم ينتهي إلى المقام، فيصلي عنده ركعتين، و ينشد الله حقه».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «و هو و الله المضطر الذي يقول الله فيه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ فيه نزلت و له».

سورة النمل(27): الآيات 66 الي 72 ..... ص :226

قوله تعالى:

بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ- إلى قوله تعالى- قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ [66- 72]

8039/ [1]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ يقول: «علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا».

8040/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول الدهرية، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَ إِذا كُنَّا تُراباً وَ آباؤُنا أَ إِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي أكاذيب الأولين، فحزن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لذلك، فأنزل الله تعالى: وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ.

ثم حكى أيضا قولهم: وَ يَقُولُونَ يا محمد مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لهم عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ

أي قد قرب من خلفكم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ثم قال: إنك يا محمد لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ «1» أي أن هؤلاء الذين تدعوهم لا يسمعون ما تقول، كما لا يسمع الموتى و الصم.

سورة النمل(27): آية 75 ..... ص : 226

قوله تعالى:

وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [75] تقدم الحديث في هذه الآية، في قول الله تعالى: وَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ «2».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 132.

2- تفسير القمّي 2: 129.

(1) النمل 27: 80.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (20) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 227

سورة النمل(27): الآيات 82 الي 84 ..... ص :227

قوله تعالى:

وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ- إلى قوله تعالى- وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [82- 84]

8041/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، و أحمد بن محمد، جميعا، عن محمد بن الحسن، عن علي بن حسان، قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي، عن أبي الصامت الحلواني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا قسيم الله بين الجنة و النار، لا يدخلهما داخل إلا على حد قسمتي، و أنا الفاروق الأكبر «1»، و أنا الإمام لمن بعدي، و المؤدي عمن كان قبلي، لا يتقدمني أحد إلا أحمد (صلى الله عليه و آله)، و إني و إياه لعلى سبيل واحد، إلا أنه هو المدعو باسمه، و لقد أعطيت الست، علم المنايا و البلايا، و الوصايا، و فصل الخطاب، و إني لصاحب الكرات و دولة الدول، و إني لصاحب العصا و الميسم، و الدابة التي تكلم الناس».

8042/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن، عن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن عمران بن ميثم،

عن عباية بن ربعي الأسدي، قال: دخلت على أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و أنا خامس خمسة، و أصغر القوم سنا، فسمعته يقول: «حدثني أخي رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا خاتم ألف نبي، و أنت خاتم ألف وصي، و كلفت ما لم يكلفوا».

فقلت: ما أنصفك القوم، يا أمير المؤمنين. فقال: «ليس حيث تذهب- يا بن الأخ- و الله إني لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري، و غير محمد (صلى الله عليه و آله)، و إنهم ليقرءون منها آية في كتاب الله عز و جل، و هي: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ، و ما يتدبرونها حق تدبرها، ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟» قلنا: بلى، يا أمير المؤمنين. قال (عليه السلام): «قتل نفس حرام، في يوم حرام، في بلد حرام، عن قوم من قريش، و الذي فلق الحبة، و برأ النسمة، ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة».

قلنا: هل قبل هذا من شي ء، أو بعده؟ فقال: «صيحة في شهر رمضان، تفزع اليقظان، و توقظ النائم، و تخرج الفتاة من خدرها».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 153/ 3.

2- الغيبة: 258/ 17.

(1) (و أنا الفاروق الأكبر) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 228

8043/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «انتهى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو نائم في المسجد، و قد جمع رملا و وضع رأسه عليه، فحركه برجليه، ثم قال له: قم، يا دابة الأرض «1»، فقال رجل من

أصحابه: يا رسول الله، أ يسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا و الله، ما هو إلا له خاصة، و هو الدابة التي ذكرها الله تعالى في كتابه وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ.

ثم قال: يا علي، إذا كان آخر الزمان، أخرجك الله في أحسن صورة، و معك ميسم، تسم به أعداءك».

فقال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يقولون: هذه الدابة إنما تكلمهم «2»؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«كلمهم الله في نار جهنم، و إنما هو يكلمهم من الكلام، و الدليل على أن هذا في الرجعة قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، قال- الآيات أمير المؤمنين، و الأئمة (عليهم السلام)».

فقال الرجل لأبي عبد الله (عليه السلام): إن العامة تزعم أن قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً، عنى في القيامة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أ فيحشر الله من كل امة فوجا، و يدع الباقين؟! لا، و لكنه في الرجعة، و أما آية القيامة فهي: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً «3»».

8044/]

- و

عنه، قال: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما يقول الناس في هذه الآية: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً؟» قلت: يقولون: إنها في القيامة، قال: «ليس كما يقولون، إن ذلك في الرجعة أ يحشر الله في القيامة من كل أمة فوجا، و يدع الباقين؟! إنما آية يوم القيامة قوله: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ

نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً «4»».

8045/ [5]- و

عنه، قال: حدثني أبي، قال: حدثني ابن أبي عمير، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً، قال: «ليس أحد من المؤمنين قتل إلا و يرجع حتى يموت، و لا يرجع إلا من محض الإيمان محضا، و من محض الكفر محضا».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان، آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي، و شككتني. قال عمار: أية آية هي؟ قال: قال: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ،

__________________________________________________

3- تفسير القمي 2: 130.

4- تفسير القمي 1: 24. [.....]

5- تفسير القمي 2: 131.

(1) في المصدر: يا دابة الله.

(2) الكلم: الجرح. «لسان العرب- كلم- 12: 525».

(3) الكهف 18: 47.

(4) الكهف 18: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 229

فأية دابة هذه؟

قال عمار: و الله ما أجلس، و لا آكل، و لا أشرب حتى أريكها. فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو يأكل تمرا و زبدا، فقال: يا أبا اليقظان، هلم، فجلس عمار، و أقبل يأكل معه، فتعجب الرجل منه، فلما قام، قال له الرجل: سبحان الله- يا أبا اليقظان- حلفت أنك لا تأكل، و لا تشرب، و لا تجلس حتى ترينيها، قال عمار: قد أريتكها، إن كنت تعقل.

8046/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحلبي، عن عبد الله بن محمد الزيات، عن محمد ابن عبد الحميد، عن مفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي (عليه السلام)، فقال: «أنا دابة

الأرض».

8047/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن حاتم، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي، عن خالد بن مخلد، عن عبد الكريم بن يعقوب الجعفي، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: ألا أحدثك ثلاثا قبل أن يدخل علي و عليك داخل؟» قلت: بلى. قال: أنا عبد الله، و أنا دابة الأرض، صدقها، و عدلها، و أخو نبيها، ألا أخبرك بأنف المهدي و عينيه؟» قال: قلت بلى. فضرب بيده إلى صدره، و قال: «أنا».

8048/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين القمي «1»، عن أحمد بن عبيد بن ناصح، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو يأكل خبزا و خلا و زيتا، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال الله عز و جل: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ، فما هذه الدابة؟ قال: «هي دابة تأكل خبزا، و خلا، و زيتا».

8049/ [9]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سماعة بن مهران، عن الفضل بن الزبير، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال لي معاوية: يا معشر الشيعة، تزعمون أن عليا دابة الأرض؟ فقلت: نحن نقوله، و اليهود يقولون. قال: فأرسل إلى رأس الجالوت، فقال له: ويحك، تجدون دابة الأرض عندكم مكتوبة؟ فقال: نعم. فقال: ما هي؟ فقال: رجل. فقال: أ تدري ما اسمه؟ قال: نعم، اسمه إيليا. قال:

فالتفت إلي، فقال: ويحك- يا أصبغ- ما أقرب إيليا من علي!

8050/ [10]- و

من (رجعة السيد المعاصر): بالإسناد عن إسحاق بن محمد بن مروان، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير القرشي، قال: حدثني يعقوب بن شعيب، قال: حدثني عمران بن ميثم، أن عباية حدثه أنه كان عند أمير

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 1: 403/ 7.

7- تأويل الآيات 1: 404/ 8.

8- تأويل الآيات 1: 404/ 9.

9- تأويل الآيات 1: 404/ 10.

10- الرجعة: للميرزا محمد مؤمن الأسترآبادي: 52 «مخطوط».

(1) في «ج» و المصدر: الحسن الفقيه، و في «ط»: الحسن الفقيمي (الفقى)، راجع رجال النجاشي: 89/ 223.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 230

المؤمنين (عليه السلام)، يقول: «حدثني أخي (صلى الله عليه و آله) أنه ختم ألف نبي، و أني ختمت ألف وصي، و أني كلفت ما لم يكلفوا، و أني لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري، و غير محمد (صلى الله عليه و آله)، ما منها كلمة إلا هي مفتاح ألف باب بعد، ما يعلمون منها كلمة واحدة، غير أنكم تقرءون منها آية واحدة في القرآن: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ [و لا تدرونها]».

8051/ [11]- و

منها: بالإسناد عن الحسين بن إسماعيل القاضي، قال: حدثنا عبد الله بن أيوب المخزومي، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكر، قال: حدثنا أبو جرير، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أوس بن خالد «1»، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تخرج دابة الأرض و معها عصا موسى، و خاتم سليمان بن داود (عليهما السلام)، تجلو وجه المؤمن بعصا موسى، و تسم وجه الكافر بخاتم سليمان (عليه السلام)».

8052/ [12]- و

منها: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الفقيه، قال:

حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال:

حدثني الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو يأكل خبزا و خلا و زيتا، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال الله عز و جل: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ، فما هذه الدابة؟ قال: «هي دابة تأكل خبزا و خلا و زيتا».

8053/ [13]- و

بالإسناد، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، قال: حدثنا الحسين بن عيسى، قال: حدثنا يونس بن عبد الرحمن، عن سماعة بن مهران، عن الفضل بن الزبير، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال معاوية: يا معشر الشيعة، تزعمون أن عليا دابة الأرض؟ فقلت: نعم، و اليهود تقوله. قال: فأرسل إلى رأس الجالوت، فقال له: ويحك، تجدون دابة الأرض عندكم؟ فقال: نعم. فقال: ما هي؟ فقال: رجل، فقال: أ تدري ما اسمه. قال: نعم، اسمه إليا، قال: فالتفت إلي، فقال: ويحك- يا أصبغ- ما أقرب إليا من علي!

8054/ [14]- سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سنان، و غيره، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في حديث قدسي: يا محمد، علي أول من آخذ ميثاقه من الأئمة. يا محمد، علي آخر من أقبض روحه من الأئمة، و هو الدابة التي تكلم الناس».

8055/ [15]- و

عنه: عن يعقوب بن يزيد، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و محمد بن عيسى بن عبيد، عن إبراهيم بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، قال: حدثنا محمد بن الطيار، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً، فقال: «ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت، و لا أحد من المؤمنين مات إلا سيرجع حتى يقتل».

__________________________________________________

11- الرجعة: 53 «مخطوط».

12- الرجعة: 53 «مخطوط».

13- الرجعة: 53 «مخطوط». [.....]

14- مختصر بصائر الدرجات: 36 و 64.

15- مختصر بصائر الدرجات: 25.

(1) في جميع النسخ و المصدر: خالد بن أوس، راجع ميزان الاعتدال 1: 277، تهذيب التهذيب 7: 322.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 231

8056/ [16]- و

عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي محمد، يعني أبا بصير، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «ينكر أهل العراق الرجعة؟» قلت: نعم. قال: «أما يقرءون القرآن: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً؟ الآية».

8057/ [17]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً، قال: «ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت، و لا أحد من المؤمنين مات إلا يرجع حتى يقتل».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- الحديث في هذه الآية، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، رواية صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1».

سورة النمل(27): آية 87 ..... ص : 231

قوله تعالى:

وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ [87] 8058/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: خاشعين.

8059/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ، قال: «صاغرين».

و حديث المحشر يأتي-

إن شاء الله تعالى- في آخر سورة الزمر «2».

سورة النمل(27): آية 88 ..... ص : 231

قوله تعالى:

وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً- إلى قوله تعالى- أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ [88] 8060/ [3]- قال علي بن إبراهيم: قوله: وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ

__________________________________________________

16- مختصر بصائر الدرجات: 25.

17- ...، تأويل الآيات 1: 409/ 15.

1- تفسير القمي 2: 131.

2- تفسير القمي 2: 133.

3- تفسير القمي 2: 131.

(1) يأتي في الحديث (4) من تفسير الآية (85) من سورة القصص.

(2) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (69) من سورة الزمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 232

قال: فعل الله الذي أحكم كل شي ء.

8061/ [1]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ أحسن كل شي ء خلقه»

سورة النمل(27): الآيات 89 الي 90 ..... ص :231

قوله تعالى:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [89- 90]

8062/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، و محمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أبو جعفر (عليه السلام): دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أبا عبد الله، ألا أخبرك بقول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ؟ قال: بلى- يا أمير المؤمنين- جعلت فداك. فقال: الحسنة معرفة الولاية، و حبنا أهل البيت، و السيئة إنكار الولاية، و بغضنا أهل البيت».

8063/ [3]- و

عنه:

عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً «1».

قال: «من توالى الأوصياء من آل محمد، و اتبع آثارهم، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين و المؤمنين الأولين، حتى تصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام)، و هو قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها، يدخل الجنة، و هو قول الله عز و جل: ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ «2» يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره، فهو لكم، تهتدون به و تنجون من عذاب يوم القيامة».

8064/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن سلمة، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن يحيى بن زكريا

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 133.

2- الكافي 1: 142/ 14.

3- الكافي 8: 379/ 573.

4- تفسير القمّي 2: 131. [.....]

(1) الشورى 42: 23.

(2) سبأ 34: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 233

اللؤلؤي، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «1»، قال: «هي للمسلمين عامة، و الحسنة الولاية، فمن عمل من حسنة كتبت له عشر، فإن لم تكن له ولاية، دفع عنه بما عمل من حسنة في الدنيا، و ما له في الآخرة من خلاق».

8065/ [4]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر الحراني إجازة، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الفزاري الكوفي، قال: حدثنا عاصم بن حميد الحناط، عن فضيل الرسان،

عن نفيع أبي داود السبيعي، قال: حدثني أبو عبد الله الجدلي، قال:

قال لي علي بن أبي طالب (عليه السلام). «ألا أحدثك- يا أبا عبد الله- بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، و السيئة التي من جاء بها أكب الله وجهه في النار؟» قلت: بلى، يا أمير المؤمنين، قال: «الحسنة حبنا، و السيئة بغضنا».

8066/ [5]- و

عنه، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار بن موسى الساباطي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أبا امية يوسف بن ثابت حدث عنك أنك قلت: «لا يضر مع الإيمان عمل، و لا ينفع مع الكفر عمل».

فقال: «إنه لم يسألني أبو امية عن تفسيرها، إنما عنيت بهذا أنه من عرف الإمام من آل محمد (صلى الله عليه و آله) و تولاه، ثم عمل لنفسه بما شاء من عمل الخير، قبل منه ذلك، و ضوعف له أضعافا كثيرة، فانتفع بأعمال الخير مع المعرفة، فهذا ما عنيت بذلك. و كذلك لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولوا الإمام الجائر، الذي ليس من الله تعالى».

فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أليس الله تعالى قال: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ فكيف لا ينفع العمل الصالح من تولى أئمة الجور؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «و هل تدري ما الحسنة التي عناها الله تعالى في هذه الآية؟ هي معرفة الإمام، و طاعته: و قد قال الله عز

و جل: وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، و إنما أراد بالسيئة إنكار الإمام الذي هو من الله تعالى».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من جاء يوم القيامة بولاية إمام جائر ليس من الله، و جاء منكرا لحقنا، جاحدا لولايتنا، أكبه الله تعالى يوم القيامة في النار».

8067/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا المنذر بن محمد، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 107 و نحوه في شواهد التنزيل 1: 426/ 582 و 587، خصائص الوحي المبين: 217/ 164 و 165، فرائد السمطين 2:

297/ 554 و 555.

5- الأمالي 2: 31.

6- تأويل الآيات 1: 410/ 16.

(1) الأنعام 6: 160.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 234

أبان بن تغلب، عن فضيل بن الزبير، عن أبي داود السبيعي، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أبا عبد الله، هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها فله خير منها، و هم من فزع يومئذ آمنون و من جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار؟». قلت: لا. قال: «الحسنة مودتنا أهل البيت، و السيئة عداوتنا أهل البيت».

8068/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عبد الله بن جبلة الكناني، عن سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، و السيئة التي من جاء بها كب على وجهه في نار جهنم؟». قلت: بلى، يا أمير المؤمنين. قال: «الحسنة حبنا أهل البيت، و

السيئة بغضنا أهل البيت».

8069/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، و سأله عبد الله بن أبي يعفور عن قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ، فقال: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ، فقال: «و هل تدري ما الحسنة؟ إنما الحسنة معرفة الإمام و طاعته، و طاعته من طاعة الله».

8070/ [9]- و

عنه، بالإسناد المذكور: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الحسنة ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

8071/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن بشار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر الجعفي، أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ، قال: «الحسنة ولاية علي (عليه السلام)، و السيئة عداوته و بغضه».

8072/ [11]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن فضيل الرسان، عن أبي داود، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أبا عبد الله، ألا أحدثك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، و بالسيئة التي من جاء بها أكبه الله على وجهه في النار؟» قلت: بلى. قال:

«الحسنة حبنا، و السيئة بغضنا».

8073/ [12]- أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في (مجمع البيان): قال: حدثنا السيد

أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 1: 410/ 17.

8- تأويل الآيات 1: 411/ 18.

9- تأويل الآيات 1: 411/ 19.

10- تأويل الآيات 1: 411/ 20.

11- المحاسن: 150/ 69.

12- مجمع البيان 7: 371، شواهد النزيل 1: 425/ 581، ينابيع المودة: 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 235

أحمد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، قال: حدثني جعفر بن الحسين، قال: حدثني محمد بن زيد بن علي، عن أبيه، قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أبا عبد الله، ألا أخبرك بقول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ إلى قوله تَعْمَلُونَ، قال: بلى، جعلت فداك. قال: «الحسنة حبنا أهل البيت، و السيئة بغضنا».

8074/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا السيد أبو الحمد، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم، قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد ابن محمد البحيري «1»، عن جده أحمد بن محمد «2»، قال: حدثنا جعفر بن سهل، قال: حدثنا أبو زرعة عثمان بن عبد الله القرشي، قال: حدثنا ابن لهيعة «3»، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، لو أن امتي صاموا حتى صاروا كالأوتاد «4»، و صلوا حتى صاروا كالحنايا، ثم أبغضوك، لأكبهم الله على مناخرهم في النار».

8075/ [14]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن عمر بن أبي

شيبة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول ابتداء منه: «إن الله إذا بدا له أن يبين خلقه، و يجمعهم لما لا بد منه، أمر مناديا ينادي، فتجمع الإنس و الجن في أسرع من طرفة عين، ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل، فكانت من وراء الناس، و أذن للسماء الثانية فتنزل، و هي ضعف التي تليها، فإذا رآها أهل السماء الدنيا، قالوا: جاء ربنا؟ قالوا:

لا، و هو آت- يعني أمره- حتى تنزل كل سماء، تكون كل واحدة منها من وراء الاخرى، و هي ضعف التي تليها، ثم ينزل أمر الله في ظلل من الغمام، و الملائكة، و قضي الأمر، و إلى الله ترجع الأمور، ثم يأمر الله مناديا ينادي: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ «5»».

قال: و بكى (عليه السلام)، حتى إذا سكت، قال: قلت: جعلني الله فداك- يا أبا جعفر- و أين رسول الله، و أمير المؤمنين (عليهما السلام)، و شيعته؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام)، و شيعته على كثبان من المسك الأذفر، على منابر من نور، يحزن الناس و لا يحزنون، و يفزع الناس و لا يفزعون»، ثم تلا هذه الآية:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ. «فالحسنة ولاية علي (عليه السلام)». ثم قال

__________________________________________________

13- مجمع البيان 7: 371.

14- تفسير القمي 2: 77. [.....]

(1) في النسخ و المصدر: الحميري، انظر: سير أعلام النبلاء 18: 103، أنساب السمعاني 1: 291.

(2) في المصدر: أحمد بن إسحاق، انظر: سير أعلام النبلاء 16: 366.

(3) في جميع النسخ: أبو لعيعة،

انظر: ميزان الاعتدال 2: 479.

(4) في «ج»: كالأوتار.

(5) الرحمن 55: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 236

: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ «1».

8076/ [15]- علي بن إبراهيم: في معنى الحسنة، قال: الحسنة- و الله- ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

8077/ [16]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال:

حدثنا عبيد الله بن موسى الحبال الطبري، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب، قال: حدثنا محمد بن محصن، عن يونس بن ظبيان، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): «إن الناس يعبدون الله عز و جل على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه، فتلك عبادة الحرصاء، و هو الطمع، و آخرون يعبدون خوفا من النار، فتلك عبادة العبيد، و هي رهبة، و لكني أعبده حبا له عز و جل، فتلك عبادة الكرام، و هو الأمن، لقوله عز و جل: وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ، و لقوله عز و جل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «2»، فمن أحب الله عز و جل أحبه الله، و من أحبه الله عز و جل كان من الآمنين».

8078/ [17]- و

من طريق المخالفين: ما رواه الحبري، يرفعه إلى أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي (عليه السلام)، فقال: «يا أبا عبد الله، ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة، و فعل به و فعل، و السيئة التي من جاء بها أكبه الله في النار، و لم يقبل له معها عمل؟» قال: قلت: بلى، يا أمير المؤمنين، فقال: «الحسنة حبنا، و السيئة بغضنا».

سورة النمل(27): الآيات 91 الي 93 ..... ص :236

قوله تعالى:

إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ

أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ- إلى قوله تعالى- سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها [91- 93] 8079/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله: إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها. قال: مكة، و له كل شي ء.

قال الله عز و جل: وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ- إلى قوله تعالى- سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها قال: الآيات أمير المؤمنين، و الأئمة (عليهم السلام)، إذا رجعوا، يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم، و الدليل على أن الآيات

__________________________________________________

15- تفسير القمّي 2: 131.

16- الأمالي: 41/ 4.

17- تفسير الحبري: 293/ 47.

1- تفسير القمّي 2: 131.

(1) الأنبياء 21: 103.

(2) آل عمران 3: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 237

هم الأئمة،

قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «و الله، ما لله آية أكبر مني»

فإذا رجعوا إلى الدنيا، يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا.

8080/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، أو غيره، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ «1»، قال: «ذلك إلي، إن شئت أخبرتهم، و إن شئت لم أخبرهم- ثم قال- لكني أخبرك بتفسيرها».

قلت: عم يتساءلون؟ قال: فقال: «هي في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول:

ما لله عز و جل آية هي أكبر مني، و لا لله من نبأ أعظم مني».

و تقدم تفسير الآيات بالأئمة (عليهم السلام)، في قوله تعالى: قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ من سورة يونس «2».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 161/ 3.

(1) النبأ 78: 1 و 2.

(2)

تقدّم في تفسير الآية (101) من سورة يونس. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 239

المستدرك (سورة النمل) ..... ص : 239
سورة النمل(27): آية 65 ..... ص : 239

قوله تعالى:

قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [65] [1]- الطبرسي في (الاحتجاج)، قال: و مما خرج عن صاحب الزمان (صلوات الله عليه) ردا على الغلاة من التوقيع جوابا لكتاب كتب إليه على يدي محمد بن علي بن هلال الكرخي: «يا محمد بن علي، تعالى الله عز و جل عما يصفون، سبحانه و بحمده، ليس نحن شركاءه في علمه و لا في قدرته، بل لا يعلم الغيب غيره كما قال في محكم كتابه تبارك و تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ، و أنا و جميع آبائي من الأولين آدم و نوح و إبراهيم و موسى و غيرهم من النبيين، و من الآخرين محمد رسول الله و علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و غيرهم ممن مضى من الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) إلى مبلغ أيامي و منتهى عصري عبيد الله عز و جل، يقول الله عز و جل: مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى «1».

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 473.

(1) طه 20: 124- 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 241

سورة القصص ..... ص : 241

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 243

فضلها ..... ص : 243

تقدم في أول سورة الشعراء.

8081/ [1]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة، كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل من صدق بموسى (عليه السلام)، و عدد كل من كذب به، و لم يبق ملك في السماوات و الأرض إلا شهد له يوم القيامة بأنه صادق و من كتبها و شربها، زال عنه جميع ما يشكو من الألم، بإذن الله تعالى».

8082/ [2]- و

عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «و من كتبها، و محاها بالماء و شربها، زال عنه جميع الآلام و الأوجاع».

8083/ [3]- و

عن الصادق (عليه السلام): «من كتبها، و علقها على المبطون، و صاحب الطحال، و وجع الكبد، و وجع الجوف، يكتبها و يعلقها عليه، و أيضا يكتبها في إناء و يغسلها بماء المطر، و يشرب ذلك الماء، زال عنه ذلك الوجع و الألم، و يشفى من مرضه، و يهون عنه الورم، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 373.

2- ...

3- خواص القرآن: 46 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 245

سورة القصص(28): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 245

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ [1- 2] معنى طسم تقدم في أول سورة الشعراء «1».

8084/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: نَتْلُوا عَلَيْكَ يا محمد مِنْ نَبَإِ مُوسى وَ فِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

سورة القصص(28): آية 4 ..... ص : 245

قوله تعالى:

إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ يَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [4]

8085/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، عن سعد بن عبد الله، و عبد الله بن جعفر الحميري، و محمد بن يحيى العطار، و أحمد بن إدريس، جميعا، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن يوسف بن يعقوب (صلوات الله عليهما) حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب- و هم ثمانون رجلا- فقال: إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم، و يسومونكم سوء العذاب، و إنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 133.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 147/ 13.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة الشعراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 246

ولد لاوي بن يعقوب، اسمه موسى بن عمران، غلام طوال، جعد، آدم «1». فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران، و يسمي عمران ابنه موسى».

فذكر أبان بن عثمان «2»، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «ما خرج موسى بن عمران حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل، كلهم يدعي

أنه موسى بن عمران».

«فبلغ فرعون أنهم يرجفون «3» به، و يطلبون هذا الغلام، و قال له كهنته و سحرته: إن هلاك دينك و قومك على يدي هذا الغلام الذي يولد العام في بني إسرائيل. فوضع القوابل على النساء، و قال: لا يولد العام غلام إلا ذبح. و وضع على ام موسى قابلة، فلما رأى بنو إسرائيل ذلك، قالوا: إذا ذبح الغلمان، و استحيي النساء، هلكنا، فلم نبق، فتعالوا لا نقرب النساء. فقال عمران أبو موسى (عليه السلام): بل باشروهن، فإن أمر الله واقع و لو كره المشركون، اللهم، من حرمه فإني لا احرمه، و من تركه فإني لا أتركه و باشر أم موسى، فحملت به. فوضع على أم موسى قابلة تحرسها، فإذا قامت قامت، و إذا قعدت قعدت، فلما حملته امه وقعت عليها المحبة، و كذلك حجج الله على خلقه، فقالت لها القابلة: ما لك يا بنية تصفرين و تذوبين؟ قالت: لا تلوميني، فإني أخاف إذا ولدت، أخذ ولدي فذبح. قالت: لا تحزني، فإني سوف أكتم عليك. فلم تصدقها، فلما أن ولدت، التفتت إليها و هي مقبلة، فقالت: ما شاء الله. فقالت لها: أ لم أقل أني سوف أكتم عليك. ثم حملته فأدخلته المخدع، و أصلحت أمره. ثم خرجت إلى الحرس، فقالت: انصرفوا- و كانوا على الباب- فإنه خرج دم منقطع. فانصرفوا، فأرضعته.

فلما خافت عليه الصوت، أوحى الله إليها أن اعملي التابوت، ثم اجعليه فيه، ثم أخرجيه ليلا، فاطرحيه في نيل مصر. فوضعته في التابوت، ثم دفعته في اليم، فجعل يرجع إليها، و جعلت تدفعه في الغمر «4»، و إن الريح ضربته فانطلقت به، فلما رأته قد ذهب به الماء، همت أن تصيح، فربط الله

على قلبها».

قال: «و كانت المرأة الصالحة، امرأة فرعون- و هي من بني إسرائيل- قالت لفرعون: إنها أيام الربيع، فأخرجني و اضرب لي قبة على شط النيل، حتى أتنزه هذه الأيام. فضرب لها قبة على شط النيل، إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: أما ترون ما أرى على الماء؟ قالوا: إي و الله- يا سيدتنا- إنا لنرى شيئا. فلما دنا منها، قامت إلى الماء، فتناولته بيدها، و كاد الماء يغمرها، حتى تصايحوا عليها، فجذبته، فأخرجته من الماء، فأخذته فوضعته في حجرها، فإذا هو غلام أجمل الناس و أسرهم، فوقعت عليها منه محبة، فوضعته في حجرها، و قالت: هذا ابني.

فقالوا: إي و الله- يا سيدتنا- مالك ولد، و لا للملك، فاتخذي هذا ولدا. فقامت إلى فرعون، فقالت: إني أصبت غلاما طيبا حلوا، نتخذه ولدا، فيكون قرة عين لي و لك، فلا تقتله. قال: و من أين هذا الغلام؟ قالت: لا و الله لا أدري، إلا أن الماء جاء به، فلم تزل به حتى رضي.

__________________________________________________

(1) الآدم من الناس: الأسمر. «الصحاح- أدم- 5: 1859».

(2) في المصدر زيادة: عن أبي الحسين.

(3) أرجفوا في الشي ء: أي خاضوا فيه. «لسان العرب- رجف- 9: 113».

(4) الغمر: الماء الكثير. «لسان العرب- غمر- 5: 29 «.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 247

فلما سمع الناس أن الملك قد تبنى ابنا، لم يبق أحد من رؤوس من كان مع فرعون إلا بعث إليه امرأته، لتكون له ظئرا «1»، أو تحضنه، فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا. قالت: امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئرا، و لا تحقروا أحدا. فجعل لا يقبل من امرأة منهن ثديا. فقالت أم موسى لأخته: انظري أ ترين له أثرا؟ فانطلقت حتى أتت باب الملك،

فقالت: قد بلغني أنكم تطلبون ظئرا، و ها هنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم، و تكفله لكم. فقالت: أدخلوها، فلما دخلت، قالت لها امرأة فرعون: ممن أنت؟ قالت: من بني إسرائيل. قالت: اذهبي- يا بنية- فليس لنا فيك حاجة. فقالت لها النساء: عافاك الله، انظري هل يقبل، أو لا؟ فقالت امرأة فرعون: أرأيتم لو قبل هذا، هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل، و المرأة من بني إسرائيل- يعني الظئر-؟ لا يرضى. قلن: فانظري أ يقبل، أو لا يقبل؟ قالت امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها. فجاءت إلى أمها، فقالت: إن امرأة الملك تدعوك. فدخلت عليها، فدفع إليها موسى، فوضعته في حجرها، ثم ألقمته ثديها، فازدحم اللبن في حلقه، فلما رأت امرأة فرعون أن ابنها قد قبل، قامت إلى فرعون، فقالت: إني قد أصبت لابني ظئرا، و قد قبل منها. فقال: و ممن هي؟ قالت: من بني إسرائيل. قال فرعون: هذا مما لا يكون أبدا، الغلام من بني إسرائيل، و الظئر من بني إسرائيل؟ فلم تزل تكلمه فيه، و تقول: ما تخاف من هذا الغلام، إنما هو ابنك، ينشأ في حجرك؟ حتى قلبته عن رأيه، و رضي.

فنشأ موسى (عليه السلام) في آل فرعون، و كتمت امه خبره، و أخته، و القابلة، حتى هلكت امه، و القابلة التي قبلته، فنشأ (عليه السلام) لا يعلم به بنو إسرائيل- قال- و كانت بنو إسرائيل تطلبه و تسأل عنه، فيعمى عليهم خبره- قال- فبلغ فرعون أنهم يطلبونه، و يسألون عنه، فأرسل إليهم، فزاد في العذاب عليهم، و فرق بينهم، و نهاهم عن الإخبار به، و السؤال عنه».

قال: «فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ عنده علم، فقالوا: لقد كنا

نستريح إلى الأحاديث، فحتى متى، و إلى متى نحن في هذا البلاء؟! قال: و الله إنكم لا تزالون فيه حتى يحيي الله ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب، اسمه موسى بن عمران، غلام طوال جعد. فبيناهم كذلك، إذ أقبل موسى (عليه السلام) يسير على بغلة، حتى وقف عليهم، فرفع الشيخ رأسه، فعرفه بالصفة، فقال له: ما اسمك، يرحمك الله؟ قال: موسى. قال: ابن من؟ قال:

ابن عمران. فوثب إليه الشيخ، فأخذ بيده فقبلها، و ثاروا إلى رجليه فقبلوهما، فعرفهم و عرفوه، و اتخذهم شيعة.

فمكث بعد ذلك ما شاء الله، ثم خرج، فدخل مدينة لفرعون، فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه القبطي، فوكزه موسى، فقضى عليه- و كان موسى (عليه السلام) قد اعطي بسطة في الجسم، و شدة في البطش- فذكره الناس، و شاع أمره، و قالوا: إن موسى قتل رجلا من آل فرعون. فأصبح في المدينة خائفا يترقب، فلما أصبحوا من الغد، فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر، فقال له موسى: إنك لغوي مبين، بالأمس رجل و اليوم رجل؟! فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما، قال: يا موسى، أ تريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟! إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض، و ما

__________________________________________________

(1) الظّئر: المرضعة غير ولدها. «النهاية 3: 154».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 248

تريد أن تكون من المصلحين. و جاء رجل من أقصى المدينة يسعى، قال: يا موسى، إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فاخرج إني لك من الناصحين.

فخرج منها خائفا يترقب، فخرج من مصر بغير ظهر و لا دابة و لا خادم، تخفضه أرض

و ترفعه اخرى، حتى انتهى إلى أرض مدين، فانتهى إلى أصل شجرة فنزل، فإذا تحتها بئر، و إذا عندها امة من الناس يسقون، و إذا جاريتان ضعيفتان، و إذا معهما غنيمة لهما، قال: ما خطبكما؟ قالتا: أبونا شيخ كبير، و نحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال، فإذا سقى الناس سقينا. فرحمهما موسى (عليه السلام)، فأخذ دلوهما، و قال لهما: قدما غنمكما. فسقى لهما، ثم رجعتا بكرة قبل الناس، ثم أقبل موسى إلى الشجرة، فجلس تحتها، و قال: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ «1» فروي أنه قال ذلك و هو محتاج إلى شق تمرة.

فلما رجعتا إلى أبيهما، قال: ما أعجلكما في هذه الساعة؟ قالتا: وجدنا رجلا صالحا، رحيما، سقى «2» لنا.

فقال لإحداهما: اذهبي فادعيه إلي. فجاءته تمشي على استحياء، قالت: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا- فروي أن موسى (عليه السلام) قال لها: وجهيني إلى الطريق، و امشي خلفي، فإنا بنو يعقوب لا ننظر في أعجاز النساء- فلما جاءه، و قص عليه القصص، قال: لا تخف، نجوت من القوم الظالمين. قالت: إحداهما: يا أبت، استأجره، إن خير من استأجرت القوي الأمين. قال: إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين، على أن تأجرني ثماني حجج «3»، فإن أتممت عشرا فمن عندك. فروي أنه قضى أتمهما، لأن الأنبياء (عليهم السلام) لا يأخذون إلا بالفضل و التمام.

فلما قضى موسى الأجل، و سار بأهله نحو بيت المقدس، أخطأ عن الطريق ليلا، فرأى نارا، قال لأهله:

امكثوا، إني آنست نارا، لعلي آتيكم منها بقبس، أو بخبر عن الطريق. فلما انتهى إلى النار، إذا شجرة تضطرم من أسفلها إلى أعلاها، فلما دنا منها تأخرت عنه، فرجع،

و أوجس في نفسه خيفة، ثم دنت منه الشجرة، فنودي من شاطئ الواد الأيمن، في البقعة المباركة من الشجرة: أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ «4»، فإذا حية مثل الجذع، لأنيابها صرير، يخرج منها مثل لهب النار، فولى مدبرا، فقال له ربه عز و جل: ارجع. فرجع و هو يرتعد، و ركبتاه تصطكان، فقال: إلهي، هذا الكلام الذي أسمع كلامك؟ قال: نعم، فلا تخف. فوقع عليه الأمان، فوضع رجله على ذنبها، ثم تناول لحييها، فإذا يده في شعبة العصا، قد عادت عصا، و قيل له: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً «5»- فروي أنه امر بخلعهما لأنهما كانتا من جلد حمار ميت- و روي في قوله عز و جل: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أي خوفيك: خوفك من ضياع أهلك، و خوفك من فرعون- ثم أرسله الله عز و جل إلى فرعون و ملئه بآيتين: يده، و العصا».

__________________________________________________

(1) القصص 28: 24. [.....]

(2) في المصدر: رحمنا فسقى.

(3) الحجّة: السّنة. «لسان العرب- حجج- 2: 227».

(4) القصص 28: 30 و 31.

(5) طه 20: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 249

روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال لبعض أصحابه: «كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران خرج ليقتبس لأهله نارا، فرجع إليهم و هو رسول نبي، فأصلح الله تبارك و تعالى أمر عبده و نبيه موسى في ليلة، و هكذا يفعل الله تعالى بالقائم (عليه السلام)، الثاني عشر من الأئمة، يصلح الله أمره في ليلة، كما أصلح أمر موسى (عليه السلام)، و يخرجه من الحيرة و الغيبة إلى نور الفرج و

الظهور».

8086/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً إلى قوله تعالى:

إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، قال: فأخبر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) بما لقي موسى و أصحابه من فرعون من القتل و الظلم، تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته من أمته، ثم بشره بعد تعزيته أنه يتفضل عليهم بعد ذلك، و يجعلهم خلفاء في الأرض، و أئمة على أمته، و يردهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتى ينتصفوا منهم.

سورة القصص(28): الآيات 5 الي 6 ..... ص : 249

قوله تعالى:

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ- إلى قوله تعالى- ما كانُوا يَحْذَرُونَ [5- 6]

8087/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح الكناني، قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز و جل: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ».

8088/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نظر إلى علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام) فبكى، و قال: أنتم المستضعفون بعدي».

قال المفضل: فقلت له: ما معنى ذلك، يا ابن رسول الله؟ قال: «معناه أنتم الأئمة بعدي،

إن الله عز و جل يقول:

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، فهذه الآية فينا جارية إلى يوم القيامة».

8089/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن عثمان «1»

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 133.

2- الكافي 1: 243/ 1.

3- معاني الأخبار: 79، شواهد التنزيل 1: 430/ 589.

4- الأمالي: 387/ 26.

(1) في «ج، ي، ط»: أحمد بن تميم، و في المصدر: أحمد بن غنم، راجع تهذيب التهذيب 1: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 250

ابن حكيم، قال: حدثنا شريح بن مسلمة، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن عبد الجبار، عن الأعشى الثقفي، عن أبي صادق، قال: قال علي (عليه السلام): «هي لنا- أو فينا- هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ».

8090/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن رزق الله، قال: حدثني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم الصلاة و السلام)، قالت: بعث إلي أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال: «يا عمة، اجعلي إفطارك الليلة عندنا، فإنها ليلة النصف من شعبان، فإن الله تبارك و تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة، و هو حجته في أرضه» قالت: فقلت له: و

من امه؟ قال لي: «نرجس».

قلت له: و الله- جعلني الله فداك- ما بها أثر. قال: «هو ما أقول لك».

قالت: فجئت، فلما سلمت و جلست، جاءت تنزع خفي، و قالت لي: يا سيدتي، كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيدتي، و سيدة أهلي. قالت: فأنكرت قولي، و قالت: ما هذا، يا عمة؟ قالت: فقلت لها: بنية، إن الله تبارك و تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا و الآخرة، قالت: فخجلت، و استحيت، فلما فرغت من صلاة العشاء الآخرة، أفطرت، و أخذت مضجعي فرقدت، فلما كان في جوف الليل، قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي و هي نائمة، ليس بها حادث، ثم جلست معقبة، ثم اضطجعت، ثم انتبهت فزعة و هي راقدة، ثم قامت فصلت و نامت.

قالت حكيمة: و خرجت أتفقد الفجر، فإذا أنا بالفجر الأول كذنب السرحان، و هي نائمة، فدخلتني الشكوك، فصاح بي أبو محمد (عليه السلام) من المجلس، فقال: «لا تعجلي- يا عمة- فإن الأمر قد قرب». قالت:

فجلست و قرأت الم السجدة، و يس، فبينما أنا كذلك، إذ انتبهت فزعة، فوثبت إليها، و قلت: اسم الله عليك، ثم قلت لها: تحسين شيئا؟ قالت: نعم، يا عمة، فقلت لها: اجمعي نفسك، و اجمعي قلبك، فهو ما قلت لك.

قالت حكيمة: ثم أخذتني فترة، و أخذتها فترة، فانتبهت بحس سيدي، فكشفت الثوب عنه، فإذا به (عليه السلام) ساجدا يتلقى الأرض بمساجده، فضممته (عليه السلام) إلي، فإذا أنا به نظيف منظف، فصاح بي أبو محمد (عليه السلام): «هلم إلي ابني، يا عمة». فجئت به إليه، فوضع يديه تحت أليته و ظهره، و وضع قدميه على صدره، ثم أدلى لسانه في فيه، و أمر يده على

عينيه، و سمعه، و مفاصله، ثم قال: «تكلم، يا بني». فقال: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا (صلى الله عليه و آله) رسول الله». ثم صلى على أمير المؤمنين، و على الأئمة (عليهم السلام)، إلى أن وقف على أبيه، ثم أحجم.

__________________________________________________

4- كمال الدين و تمام النعمة: 424/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 251

ثم قال أبو محمد (عليه السلام): «يا عمة، اذهبي به إلى امه ليسلم عليها، و ائتني به» فذهبت به، فسلم عليها، و رددته و وضعته في المجلس، ثم قال: «يا عمة، إذا كان يوم السابع، فاتينا». قالت حكيمة: فلما أصبحت، جئت لأسلم على أبي محمد (عليه السلام)، فكشفت الستر لأتفقد سيدي (عليه السلام) فلم أره، فقلت له: جعلت فداك، ما فعل سيدي؟ فقال: «يا عمة، إنما استودعناه الذي استودعته ام موسى موسى (عليه السلام)».

قالت حكيمة: فلما كان في اليوم السابع جئت، فسلمت و جلست، فقال: «هلمي إلي ابني» فجئت بسيدي في الخرقة، ففعل به كفعلته الاولى، ثم أدلى لسانه في فيه، كأنه يغذيه لبنا، أو عسلا، ثم قال: «تكلم، يا بني» فقال (عليه السلام): «أشهد أن لا إله إلا الله» و ثنى بالصلاة على محمد، و على أمير المؤمنين، و الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) حتى وقف على أبيه (عليه السلام)، ثم تلا هذه الآية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ.

قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذا، قال: صدقت حكيمة.

8091/ [5]- المفيد في (إرشاده): عن

أبان بن عثمان، عن أبي الصباح الكناني، قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى ابنه أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: «ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز و جل: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ».

8092/ [6]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده عن سهل بن كهيل، عن أبيه، في قول الله عز و جل:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً «1»، قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

و قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها «2» عطف الضروس على ولدها» ثم قرأ (عليه السلام): وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ، الآية.

8093/ [7]- الطبرسي، قال: صحت الرواية عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، أنه قال: «و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها» و تلا عقيب ذلك: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ، الآية.

8094/ [8]- قال: و روى العياشي، بالإسناد عن أبي الصباح الكناني، قال: نظر أبو جعفر إلى أبي

__________________________________________________

5- الإرشاد: 271.

6- خصائص الأئمة: 70.

7- مجمع البيان 7: 375.

8- مجمع البيان 7: 375. [.....]

(1) العنكبوت 29: 8.

(2) شمس الفرس: كأن لا يمكّن أحدا من ظهره، و لا من الإسراج و الإلجام، و لا يكاد يستقرّ. «أقرب الموارد- شمس- 1: 611».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 252

عبد الله (عليهما السلام)، فقال: «هذا- و الله- من الذين قال الله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي

الْأَرْضِ».

8095/ [9]- قال الطبرسي: و قال سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام): «و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق بشيرا و نذيرا، إن الأبرار منا أهل البيت، و شيعتهم بمنزلة موسى و شيعته، و إن عدونا و أشياعه بمنزلة فرعون و أشياعه».

8096/ [10]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: في (مسند فاطمة (عليها السلام)، قال: حدثنا أبو المفضل، قال:

حدثني علي بن الحسين «1» المنقري الكوفي، قال: حدثني أحمد بن زيد الدهان، عن مخول «2» بن إبراهيم، عن رستم بن عبد الله بن خالد المخزومي، عن سليمان الأعمش، عن محمد بن خلف الطاهري، عن زاذان، عن سلمان، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله تبارك و تعالى لم يبعث نبيا و لا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا».

فقلت: يا رسول الله، لقد عرفت هذا من أهل الكتابين. فقال: «يا سلمان، هل علمت من نقبائي، الاثني عشر الذين اختارهم الله للإمامة «3» من بعدي؟».

فقلت: الله و رسوله أعلم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خلقني الله من صفوة نوره، و دعاني فأطعته، و خلق من نوري عليا، و دعاه فأطاعه، و خلق من نور علي فاطمة، و دعاها فأطاعته، و خلق مني و من علي و فاطمة الحسن، و دعاه فأطاعه، و خلق مني و من علي و فاطمة الحسين، و دعاه فأطاعه، ثم سمانا الله بخمسة أسماء من أسمائه:

فالله المحمود و أنا محمد، و الله الأعلى «4» و هذا علي، و الله الفاطر و هذه فاطمة، و الله قديم الإحسان «5» و هذا الحسن، و الله المحسن و هذا الحسين، ثم خلق منا و

من نور الحسين تسعة أئمة، فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق سماء مبنية، و لا أرضا مدحية، و لا هواء، و لا ملكا، و لا بشرا دوننا، و كنا نورا نسبح الله، و نسمع له و نطيع».

قال سلمان: فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت و امي، فما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: «يا سلمان، من عرفهم حق معرفتهم، و اقتدى بهم، و والى وليهم، و تبرأ من «6» عدوهم، فهو و الله منا، يرد حيث نرد، و يسكن حيث نسكن».

فقلت: يا رسول الله، فهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم، و أنسابهم؟ فقال: «لا».

__________________________________________________

9- مجمع البيان 7: 375.

10- دلائل الإمامة: 237.

(1) في المصدر: الحسن.

(2) في «ج، ي، ط»: المحول، و في المصدر: مكحول، راجع ميزان الاعتدال 4: 85.

(3) في «ج، ي»: للأمة.

(4) في «ج» و المصدر: العليّ.

(5) في المصدر: ذو الإحسان.

(6) في المصدر: و عادى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 253

فقلت: يا رسول الله، فأنى لي بهم، و قد عرفت إلى الحسين (عليه السلام)؟ قال: «ثم سيد العابدين علي بن الحسين، ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين و الآخرين، من النبيين و المرسلين، ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق، ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله عز و جل، ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله، ثم محمد بن علي المختار من خلق الله «1»، ثم علي بن محمد الهادي إلى الله، ثم الحسن بن علي الصامت الأمين لسر الله، ثم محمد بن الحسن الهادي، المهدي، الناطق، القائم بحق الله» «2» «3». ثم قال: «يا سلمان، إنك مدركه، و من كان مثلك، و من تولاه بحقيقة المعرفة».

قال سلمان: فشكرت الله كثيرا، ثم

قلت: يا رسول الله، و إني مؤجل إلى عهده؟ قال: فقرأ قوله تعالى: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً «4».

قال سلمان: فاشتد بكائي و شوقي، ثم قلت: يا رسول الله، بعهد منك؟ فقال: «إي و الله الذي أرسلني بالحق، مني، و من علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و التسعة، و كل من هو منا، و معنا، و مضام فينا. إي و الله- يا سلمان- و ليحضرن إبليس و جنوده، و كل من محض الإيمان محضا، و محض الكفر محضا، حتى يؤخذ بالقصاص، و الأوتار، وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً «5» و ذلك تأويل هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ».

قال سلمان: فقمت من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ما يبالي سلمان متى لقي الموت، أو الموت لقيه «6».

8097/ [11]- محمد بن العباس: عن علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن يوسف بن كليب المسعودي، عن عمرو بن عبد الغفار، بإسناده عن ربيعة بن ناجد، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول في هذه الآية، و قرأها، قوله عز و جل: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ، و قال: «لتعطفن هذه الدنيا على أهل البيت، كما تعطف الضروس على ولدها».

8098/ [12]- و

قال أيضا: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن

محمد، عن يحيى بن صالح الحويزي، بإسناده عن أبي صالح، عن علي (عليه السلام)، كذا قال في قوله عز و جل: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ.

__________________________________________________

11- تأويل الآيات 1: 413/ 1، شواهد التنزيل 1: 431/ 590.

12- تأويل الآيات 1: 414/ 2.

(1) في المصدر: لأمر الله.

(2) في المصدر: بأمر الله. [.....]

(3، 4) الإسراء 17: 5 و 6.

(5) الكهف 18: 49.

(6) في المصدر: و ما ابالي لقيت الموت أو لقيني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 254

«و الذي فلق الحبة، و برأ النسمة، لتعطفن علينا هذه الدنيا، كما تعطف الضروس على ولدها».

و الضروس الناقة التي يموت ولدها، أو يذبح، و يحشى جلده، فتدنو منه، فتعطف عليه.

8099/ [13]- الشيباني في (كشف البيان) «1»: روي في أخبارنا عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزمان، و يبيد الجبابرة و الفراعنة، و يملك الأرض شرقا و غربا، فيملأها عدلا، كما ملئت جورا».

8100/ [14]- الشيباني: روي عن الباقر، و الصادق (عليهما السلام): «أن فرعون و هامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش، يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمد (عليه السلام) في آخر الزمان، فينتقم منهما بما أسلفا».

8101/ [15]- علي بن إبراهيم، و قوله: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما، و هم الذين غصبوا آل محمد (عليهم السلام) حقهم.

و قوله: مِنْهُمْ، أي من آل محمد ما كانُوا يَحْذَرُونَ، أي من القتل و العذاب. و لو كانت هذه

الآية نزلت في موسى و فرعون، لقال: و نري فرعون و هامان و جنودهما منه ما كانوا يحذرون- أي من موسى- و لم يقل مِنْهُمْ، فلما تقدم قوله: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، علمنا أن المخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله)، و ما وعد الله به رسوله فإنما يكون بعده، و الأئمة يكونون من ولده، و إنما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى و بني إسرائيل، و في أعدائهم بفرعون و هامان و جنودهما، فقال:

إن فرعون قتل بني إسرائيل، فأظفر الله موسى بفرعون و أصحابه حتى أهلكهم الله، و كذلك أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصابهم من أعدائهم القتل و الغصب، ثم يردهم الله، و يرد أعدائهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.

و

قد ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) في أعدائه مثلا، مثل ما ضرب الله لهم في أعدائهم بفرعون و هامان، فقال: «يا أيها الناس، إن أول من بغى على الله عز و جل على وجه الأرض عناق بنت آدم (عليه السلام)، خلق لها عشرين إصبعا، لكل إصبع منها ظفران طويلان كالمخلبين «2» العظيمين، و كان مجلسها في الأرض موضع جريب «3»، فلما بغت، بعث الله لها أسدا كالفيل، و ذئبا كالبعير، و نسرا كالحمار، و كان ذلك في الخلق الأول، فسلطهم الله عليها، فقتلوها. ألا و قد قتل الله فرعون و هامان، و خسف الله بقارون، و إنما هذا مثل لأعدائه الذين غصبوا حقه، فأهلكهم الله».

ثم قال علي (عليه السلام) على أثر هذا المثل الذي ضربه: «و قد كان لي حق حازه دوني من لم يكن له، و لم أكن

__________________________________________________

13-

نهج البيان 3: 221 «مخطوط».

14- نهج البيان 3: 221 «مخطوط».

15- تفسير القمى 2: 133.

(1) و هو نفس كتاب (نهج البيان) انظر الذريعة 18: 23، 24: 414.

(2) في «ج، ي، ط»: كالمنجلين.

(3) الجريب من الأرض: مقدار معلوم. «الصحاح- جرب- 1: 98».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 255

أشركه فيه، و لا توبة له إلا بكتاب منزل، أو برسول مرسل، و أنى له بالرسالة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله)؟ فأنى يتوب و هو في برزخ القيامة، غرته الأماني، و غره بالله الغرور؟ و قد أشفى على جرف هار، فانهار به في نار جهنم، و الله لا يهدي القوم الظالمين» «1».

و كذلك مثل القائم (عليه السلام) في غيبته و هربه و استتاره، مثل موسى (عليه السلام)، خائف مستتر إلى أن يأذن الله في خروجه، و طلب حقه، و قتل أعدائه، في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ «2»، و قد ضرب الله بالحسين بن علي (عليهما السلام) مثلا في بني إسرائيل بذلتهم من أعدائهم.

8102/ [16]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لقي المنهال بن عمر علي بن الحسين بن علي (عليهما السلام)، فقال له: كيف أصبحت، يا ابن رسول الله؟

قال: «ويحك، أما آن لك أن تعلم كيف أصبحت؟ أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءنا، و يستحيون نساءنا، و أصبح خير البرية بعد محمد (صلى الله عليه و آله) يلعن على المنابر، و أصبح عدونا

يعطى المال و الشرف، و أصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه، و كذلك لم يزل المؤمنون، و أصبحت العجم تعرف للعرب حقها بأن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان منها، و أصبحت قريش تفتخر على العرب بأن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان منها، و أصبحت العرب تعرف لقريش حقها بأن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان منها، و أصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان منها، و أصبحنا أهل البيت لا يعرف لنا حق، فهكذا أصبحنا يا منهال».

سورة القصص(28): الآيات 7 الي 27 ..... ص : 255

قوله تعالى:

وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ- إلى قوله تعالى- وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [7- 13]

8103/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن

__________________________________________________

16- تفسير القمّي 2: 134.

1- تفسير القمّي 2: 135.

(1) (فأنّى يتوب ... الظالمين) ليس في المصدر.

(2) الحج 22: 39 و 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 256

مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن موسى لما حملت به أمه، لم يظهر حملها إلا عند وضعه، و كان فرعون قد وكل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط يحفظونهن، و ذلك أنه كان لما بلغه عن بني إسرائيل أنهم يقولون: إنه يولد فينا رجل، يقال له موسى بن عمران، يكون هلاك فرعون و أصحابه على يده. فقال فرعون عند ذلك: لأقتلن ذكور أولادهم، حتى لا يكون ما يريدون. و فرق بين الرجال و النساء، و حبس الرجال في المحابس «1».

فلما وضعت أم موسى موسى (عليه

السلام)، نظرت إليه، و حزنت عليه، و اغتمت و بكت، و قالت: يذبح الساعة.

فعطف الله بقلب الموكلة بها عليها «2»، فقالت لام موسى: ما لك قد اصفر لونك؟ فقالت: أخاف أن يذبح ولدي.

فقالت: لا تخافي. و كان موسى لا يراه أحد إلا أحبه، و هو قول الله: وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي «3» فأحبته القبطية الموكلة به.

و أنزل الله على موسى التابوت، و نوديت امه: ضعيه في التابوت فاقذفيه في اليم، و هو البحر وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فوضعته في التابوت، و أطبقت عليه، و ألقته في النيل. و كان لفرعون قصر على شط النيل متنزه «4»، فنزل من قصره و معه آسية امرأته، فنظر إلى سواد في النيل ترفعه الأمواج، و الرياح تضربه، حتى جاءت به إلى باب قصر فرعون، فأمر فرعون بأخذه، فأخذ التابوت، و رفع إليه، فلما فتحه وجد فيه صبيا، فقال: هذا إسرائيلي. و ألقى الله في قلب فرعون لموسى محبة شديدة، و كذلك في قلب آسية، و أراد فرعون أن يقتله، فقالت آسية: لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ أنه موسى (عليه السلام)، و لم يكن لفرعون ولد، فقال: ائتوا له بظئر تربيه. فجاءوا بعدة نساء قد قتل أولادهن، فلم يشرب لبن أحد من النساء، و هو قول الله: وَ حَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ.

و بلغ امه أن فرعون قد أخذه، فحزنت، و بكت، كما قال: وَ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ، يعني كادت أن تخبر بخبره، أو تموت، ثم ضبطت نفسها، فكان كما قال الله عز و جل: لَوْ لا

أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ قالَتْ لِأُخْتِهِ، أي لاخت موسى: قُصِّيهِ أي اتبعيه، فجاءت أخته إليه فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ أي عن بعد وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ فلما لم يقبل موسى بأخذ ثدي أحد من النساء، اغتم فرعون غما شديدا، فقالت أخته: هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم، و هم له ناصحون؟ فقال: نعم فجاءت بامه، فلما أخذته في حجرها، و ألقمته ثديها، و التقمه و شرب، ففرح فرعون و أهله، و أكرموا امه، و قالوا لها: ربيه لنا، و لك منا الكرامة بما تختارين «5». و ذلك قول الله تعالى: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

__________________________________________________

(1) في «ج، ي»: المجالس. [.....]

(2) في المصدر: عليه.

(3) طه 20: 39.

(4) المتنزّه: مكان التّنزّه. «المعجم الوسيط 2: 915».

(5) في المصدر: ربّيه لنا، فإنا نفعل بك ما نفعل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 257

و كان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل كلما يلدون، و يربي موسى و يكرمه، و لا يعلم أن هلاكه على يده، فلما درج موسى، كان يوما عند فرعون، فعطس موسى، فقال: الحمد لله رب العالمين. فأنكر فرعون ذلك عليه، و لطمه، و قال: ما هذا الذي تقول؟ فوثب موسى على لحيته- و كان طويل اللحية- فهلبها- أي قلعها- فآلمه ألما شديدا، فهم فرعون بقتله، فقالت امرأته: هذا غلام حدث، لا يدري ما يقول، و قد آلمته بلطمتك إياه. فقال فرعون: بل يدري.

فقالت له: ضع بين يديه تمرا و جمرا، فإن ميز بينهما فهو الذي تقول. فوضع بين يديه تمرا و جمرا، و قال: كل. فمد يده إلى التمر،

فجاء جبرئيل فصرفها إلى الجمر، فأخذ الجمر في فيه، فاحترق لسانه، و صاح و بكى، فقالت آسية لفرعون: أ لم أقل لك إنه لا يعقل؟ فعفا عنه».

قال الراوي: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): فكم مكث موسى غائبا عن امه حتى رده الله عليها؟ قال: «ثلاثة أيام».

فقلت: كان هارون أخا موسى لأبيه و امه؟ قال: «نعم، أما تسمع الله تعالى يقول:ا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي «1».

فقلت: أيهما كان أكبر سنا؟ قال: «هارون».

قلت: و كان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: «الوحي ينزل على موسى، و موسى يوحيه إلى هارون».

فقلت: أخبرني عن الأحكام، و القضاء، و الأمر و النهي، أ كان ذلك إليهما؟ قال: «كان موسى الذي يناجي ربه، و يكتب العلم، و يقضي بين بني إسرائيل، و هارون يخلفه إذا غاب عن قومه للمناجاة».

قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال: «مات هارون قبل موسى (عليه السلام)، و ماتا جميعا في التيه».

قلت: فكان لموسى (عليه السلام) ولد؟ قال: «لا، كان الولد لهارون، و الذرية له».

قال: «فلم يزل موسى (عليه السلام) عند فرعون في أكرم كرامة، حتى بلغ مبلغ الرجال، و كان ينكر عليه ما يتكلم به موسى من التوحيد، حتى هم به، فخرج موسى من عنده، و دخل المدينة، فإذا رجلان يقتتلان، أحدهما يقول بقول موسى، و الآخر يقول بقول فرعون، فاستغاثه الذي من شيعته، فجاء موسى، فوكز صاحب فرعون، فقضى عليه، و توارى في المدينة، فلما كان من الغد، جاء آخر فتشبث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسى، فاستغاث بموسى، فلما نظر صاحبه إلى موسى، قال له: أ تريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟! فخلى عن صاحبه، و هرب.

و كان خازن فرعون مؤمنا

بموسى، قد كتم إيمانه ستمائة سنة، و هو الذي قال الله: وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ «2»، و بلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل، فطلبه ليقتله، فبعث المؤمن إلى موسى (عليه السلام): إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها، كما حكى الله: خائِفاً يَتَرَقَّبُ- قال- يلتفت يمنة و يسرة، و يقول:

__________________________________________________

(1) طه 20: 94.

(2) غافر 40: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 258

رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «1».

و مر نحو مدين، و كان بينه و بين مدين مسيرة ثلاثة أيام، فلما بلغ باب مدين، رأى بئرا يستقي الناس منها لأغنامهم و دوابهم، فقعد ناحية، و لم يكن أكل منذ ثلاثة أيام شيئا، فنظر إلى جاريتين في ناحية، و معهما غنيمات، لا تدنوان من البئر، فقال لهما: ما لكما لا تستقيان؟ قالتا، كما حكى الله: لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَ أَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ «2»، فرحمهما موسى، و دنا من البئر، فقال لمن على البئر: أستقي لي دلوا، و لكم دلوا، و كان الدلو يمده «3» عشرة رجال، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر و دلوا لبنتي شعيب، و سقى أغنامهما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ «4» و كان شديد الجوع.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن موسى كليم الله حيث سقى لهما، ثم تولى إلى الظل، فقال: رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير، و الله ما سأل الله إلا خبزا يأكل، لأنه كان يأكل بقلة الأرض، و لقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه، من هزاله.

فلما رجعت بنتا شعيب إلى

شعيب، قال لهما: أسرعتما الرجوع! فأخبرتاه بقصة موسى (عليه السلام)، و لم تعرفاه، فقال شعيب لواحدة منهما: اذهبي إليه، فادعيه لنجزيه أجر ما سقى لنا. فجاءت إليه، كما حكى الله تعالى:

تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا «5»، فقام موسى معها، و مشت أمامه، فصفقتها «6» الريح، فبان عجزها، فقال لها موسى: تأخري، و دليني على الطريق بحصاة تلقينها أمامي أتبعها، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء.

فلما دخل على شعيب، قص عليه قصته، فقال له شعيب: لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «7»، قالت إحدى بنات شعيب: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ «8». فقال لها شعيب: أما قوته، فقد عرفته بسقي الدلو وحده، فبم عرفت أمانته؟ فقالت له: إنه لما قال لي: تأخري عني، و دليني على الطريق، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء، عرفت أنه من القوم الذين لا ينظرون أعجاز النساء، فهذه أمانته.

فقال له شعيب: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَ ما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ «9».

__________________________________________________

(1) القصص 28: 20 و 21.

(2) القصص 28: 23.

(3) في «ج، ي، ط»: بيد.

(4) القصص 28: 24.

(5، 6) القصص 28: 25.

(7) الصّفق: الضرب الذي يسمع له صوت. «لسان العرب- صفق- 10: 200».

(8) القصص 28: 26.

(9) القصص 28: 27. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 259

فقال له موسى: ذلِكَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ «1» أي لا سبيل علي إن عملت عشر سنين، أو ثمان سنين. فقال موسى وَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ

وَكِيلٌ «2»».

قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أي الأجلين قضى؟ قال: «أتمها عشر سنين».

قلت له: فدخل بها قبل أن يقضي الأجل، أو بعده؟ قال: «قبل».

قلت: فالرجل يتزوج المرأة، و يشترط لأبيها إجارة شهرين مثلا، أ يجوز ذلك؟ قال: «إن موسى علم أنه يتم له شرطه، فكيف لهذا أن يعلم أنه يبقى حتى يفي».

قلت له: جعلت فداك، أيهما زوجه شعيب من بناته؟ قال: «التي ذهبت إليه فدعته، و قالت لأبيها: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ «3»».

«فلما قضى موسى الأجل، قال لشعيب: لا بد لي أن أرجع إلى وطني، و أمي، و أهل بيتي، فما لي عندك؟

فقال شعيب: ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق «4» فهو لك؟ فعمد موسى عند ما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصا، فشق «5» منها بعضا، و ترك بعضا، و غرزها في وسط مربض الغنم، و ألقى عليها كساء أبلق، ثم أرسل الفحل على الغنم، فلم تضع الغنم في تلك السنة إلا بلقا.

فلما حال عليه الحول، حمل موسى امرأته، و زوده شعيب من عنده، و ساق غنمه، فلما أراد الخروج، قال لشعيب: أبغي عصا تكون معي، و كانت عصي الأنبياء عنده، قد ورثها مجموعة في بيت، فقال له شعيب: ادخل هذا البيت، و خذ عصا من بين العصي. فدخل، فوثبت إليه عصا نوح و إبراهيم (عليهما السلام)، و صارت في كفه، فأخرجها، و نظر إليها شعيب، فقال: ردها، و خذ غيرها. فردها ليأخذ غيرها، فوثبت إليه تلك بعينها، فردها، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فلما رأى شعيب ذلك، قال له: اذهب، فقد خصك الله بها.

فساق غنمه، فخرج يريد مصر، فلما صار في

مفازة و معه أهله، أصابهم برد شديد و ريح و ظلمة، و جنهم الليل، فنظر موسى إلى نار قد ظهرت، كما قال الله: فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ «6»، فأقبل نحو النار يقتبس، فإذا شجرة و نار تلتهب عليها، فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت إليه، ففزع منها و عدا، و رجعت النار إلى الشجرة، فالتفت إليها و قد رجعت إلى مكانها، فرجع الثانية ليقتبس، فأهوت إليه، فعدا و تركها، ثم التفت إليها و قد رجعت إلى الشجرة، فرجع إليها ثالثة، فأهوت إليه، فعدا و لم يعقب، أي لم يرجع، فناداه الله:

__________________________________________________

(1، 2) القصص 28: 28.

(3) القصص 28: 26.

(4) البلق: سواد و بياض، و بلق الدابة: ارتفاع التحجيل إلى الفخذين. «لسان العرب- بلق- 10: 25».

(5) في المصدر: فقشر.

(6) القصص 28: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 260

أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «1»، قال موسى: فما الدليل على ذلك؟ قال الله: ما في يمينك يا موسى؟ قال: هي عصاي. قال: أَلْقِها يا مُوسى «2» فألقاها، فصارت حية تسعى، ففزع منها موسى (عليه السلام)، و عدا، فناداه الله: خذها و لا تخف إنك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء. أي من غير علة، و ذلك أن موسى (عليه السلام) كان شديد السمرة، فأخرج يده من جيبه، فأضاءت له الدنيا، فقال الله عز و جل:

فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ «3».

فقال موسى، كما حكى الله عز و جل: رَبِّ إِنِّي

قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَ أَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ «4»».

قوله تعالى:

فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ- إلى قوله تعالى- وَ ما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ [15- 19]

8104/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن حمدان ابن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)- و ذكر حديث عصمة الأنبياء (عليهم السلام)، و قد ذكرنا منه غير مرة- فكان فيما سأل المأمون الرضا (عليه السلام) أن قال له: أخبرني عن قول الله عز و جل: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ.

قال الرضا (عليه السلام): «إن موسى (عليه السلام) دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها، و ذلك بين المغرب و العشاء، فوجد فيها رجلين يقتتلان: هذا من شيعته، و هذا من عدوه، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه، فقضى موسى (عليه السلام) على العدو بحكم الله تعالى، فوكزه فمات، قال: هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسى (عليه السلام) من قتله، إنه يعني الشيطان

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 195.

(1) القصص 28: 30.

(2) طه 20: 19.

(3) القصص 28: 32.

(4) القصص 28: 33- 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 261

عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ».

قال المأمون: فما معنى قول موسى (عليه السلام):

رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي؟

قال: «يقول: إني وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة، فاغفر لي، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قال موسى (عليه السلام): رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ بل أجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى.

فَأَصْبَحَ موسى (عليه السلام) فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ، قال له موسى: إنك لغوي مبين، قاتلت رجلا بالأمس، و تقاتل هذا اليوم؟ لأؤدبنك «1»، و أراد أن يبطش به، فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما، و هو من شيعته، قال: يا موسى: أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَ ما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ».

قال المأمون: جزاك الله عن أنبيائه خيرا، يا أبا الحسن.

8105/ [2]- الطبرسي: روى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليهنئكم الاسم» قال: قلت: و ما الاسم؟

قال: «الشيعة، أما سمعت الله سبحانه يقول: فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ».

8106/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد ابن هلال، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عبد الله بن رباط، عن محمد بن النعمان الأحوال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً «2»، قال: «أشده ثماني عشر سنة، و استوى: التحى».

قوله تعالى:

فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [24]

8107/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم،

عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى حكاية عن قول موسى (عليه السلام): إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، قال: «سأل الطعام».

__________________________________________________

2- مجمع البيان 7: 381.

3- معاني الأخبار: 226/ 1.

4- الكافي 6: 287/ 5.

(1) في «ط»: لأؤدّبنّك. [.....]

(2) القصص 28: 14.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 262

8108/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى حكاية عن قول موسى (عليه السلام): إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، قال: «سأل الطعام».

8109/ [3]- العياشي: عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول موسى لفتاه: آتِنا غَداءَنا «1»، و قوله: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فقال: إنما عنى الطعام؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«إن موسى (عليه السلام) لذو جوعات».

8110/ [4]- عن ليث بن سليم، عن أبي عبد الله «2» (عليه السلام): «شكا موسى (عليه السلام) إلى ربه الجوع في ثلاثة مواضع: آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً «3»، لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً «4»، رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ».

8111/ [5]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن علي (عليه السلام): «و لقد كان في رسول الله (صلى الله عليه و آله) كاف لك في الاسوة، و دليل على ذم الدنيا، و كثرة مساوئها، إذ قبضت عنه أطرافها، و وطأت لغيره أكنافها، و إن شئت ثنيت بموسى كليم الله، إذ يقول: إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ و الله، ما سأل إلا خبزا يأكله،

لأنه كان يأكل بقلة الأرض، و لقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله، و تشذب لحمه».

قوله تعالى:

قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ [27]

8112/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا،

__________________________________________________

2- المحاسن: 585/ 78.

3- تفسير العيّاشي 2: 330/ 44.

4- تفسير العيّاشي 2: 335/ 50.

5- ربيع الأبرار 4: 383.

6- الكافي 5: 414/ 1.

(1) الكهف 18: 64.

(2) في «ط» و المصدر: عن أبي جعفر.

(3) الكهف 18: 62.

(4) الكهف 18: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 263

عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن (صلوات الله عليه)، قول شعيب (عليه السلام): إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ أي الأجلين قضى؟

قال: «وفى منهما أبعدهما، عشر سنين».

قلت: فدخل بها قبل أن ينقضي الشرط، أو بعد انقضائه؟ قال: «قبل أن ينقضي».

قلت له: فالرجل يتزوج المرأة و يشترط لأبيها إجارة شهرين، يجوز ذلك؟ فقال: «إن موسى (صلى الله عليه) قد علم أنه سيتم له شرطه، فكيف لهذا بأن يعلم أن سيبقى حتى يفي له؟ و قد كان الرجل على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتزوج المرأة على السورة من القرآن، و على الدرهم، و على القبضة من الحنطة».

8113/ [2]- و

عنه: عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن ابن سنان، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن الإجارة، فقال: «صالح، لا بأس به إذا نصح قدر طاقته، قد آجر موسى (عليه

السلام) نفسه، و اشترط، فقال: إن شئت ثماني حجج، و إن شئت عشرا، فأنزل الله عز و جل فيه: أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ».

8114/ [3]- الطبرسي: روى الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل: أيتهما التي قالت إن أبي يدعوك؟ قال: «التي تزوج بها».

قيل: فأي الأجلين قضى؟ قال: «أوفاهما و أبعدهما، عشر سنين».

قيل: فدخل بها قبل أن يمضي الشرط، أو بعد انقضائه؟ قال: «قبل أن يمضي».

قيل له: فالرجل يتزوج المرأة و يشترط لأبيها إجارة شهرين، أ يجوز ذلك؟ قال: «إن موسى (عليه السلام) علم أنه سيتم له شرطه».

8115/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن يوسف بن سليمان بن الريان، قال: حدثنا القاسم بن إبراهيم الرقي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن مهدي الرقي، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بكى شعيب (عليه السلام) من حب الله عز و جل حتى عمي، فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمي، فرد الله عليه بصره ثم بكى حتى عمي، فرد الله عليه بصره، فلما كان في الرابعة، أوحى الله إليه: يا شعيب، إلى متى يكون هذا منك؟ إن يكن هذا خوفا من النار فقد أجرتك، و إن يكن شوقا إلى الجنة فقد أبحتك.

فقال: إلهي، و سيدي، أنت تعلم أني ما بكيت خوفا من نارك، و لا شوقا إلى جنتك، و لكن عقد حبك على قلبي، فلست أصبر إذ ذاك «1»، فأوحى الله جل جلاله إليه: أما إذا كان هذا هكذا،

فمن أجل هذا سأخدمك كليمي

__________________________________________________

2- الكافي 5: 90/ 2.

3- مجمع البيان 7: 390.

4- علل الشرائع: 1: 57/ 1.

(1) في المصدر: أو أراك. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 264

موسى بن عمران».

سورة القصص(28): الآيات 29 الي 31 ..... ص : 264

قوله تعالى:

فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً- إلى قوله تعالى- وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ [29- 31]

8116/ [1]- الطبرسي: روي عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما قضى موسى الأجل، و سار بأهله نحو بيت المقدس، أخطأ الطريق ليلا، فرأى نارا، فقال لأهله: امكثوا، إني آنست نارا».

8117/ [2]- و

عنه، قال: و روي عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «فلما رجع موسى (عليه السلام) إلى امرأته، قالت: من أين جئت؟ قال: من عند رب تلك النار. قال: فغدا إلى فرعون، فو الله لكأني أنظر إليه الساعة «1»، ذو شعر أدم «2»، عليه جبة من صوف، عصاه في كفه، مربوط حقوه «3» بشريط، نعله من جلد حمار، شراكها من ليف، فقيل لفرعون: إن على الباب فتى يزعم أنه رسول رب العالمين. فقال فرعون لصاحب الأسد:

خل سلاسلها- و كان إذا غضب على رجل، خلاها، فقطعته- فخلاها. فقرع موسى الباب الأول، و كانت تسعة أبواب، فلما قرع الباب الأول انفتحت له الأبواب التسعة، فلما دخل، جعلن يبصبصن تحت رجليه كأنهن جراء، فقال فرعون لجلسائه: رأيتم مثل هذا قط؟ فلما أقبل إليه أفطنه، فقال: أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً إلى قوله: وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ «4».

فقال فرعون لرجل من أصحابه: قم فخذ بيده، و قال لآخر: اضرب عنقه. فضرب جبرئيل بالسيف حتى قتل ستة من أصحابه، فقال: خلوا عنه- قال- فأخرج يده، فإذا هي بيضاء، قد حال شعاعها

بينه و بين وجهه، و ألقى عصاه، فإذا هي حية تسعى، فالتقمت الإيوان بلحييها «5»، فدعاه: أن يا موسى، أقلني إلى غد، فكان من أمره ما كان».

8118/ [3]- و

عنه، قال: و روي عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كانت عصا

__________________________________________________

1- مجمع البيان 7: 391.

2- مجمع البيان 7: 395.

3- مجمع البيان 7: 391.

(1) في المصدر: انظر إليه طويل الباع.

(2) الادمة: لون مشرب سوادا أو بياضا، و قيل: هو البياض الواضح. «لسان العرب- أدم- 12: 11».

(3) الحقو: الخصر، و مشدّ الإزار من الجنب. «لسان العرب- حقا- 14: 189».

(4) الشعراء 26: 18- 20.

(5) اللّحيان: هما العظمان اللذان فيهما الأسنان. «لسان العرب- لحا- 15: 243».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 265

موسى قضيب آس من الجنة، أتاه به جبرئيل (عليه السلام) لما توجه تلقاء مدين».

8119/ [4]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن الحكم، عن عرفة، عن ربعي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره تعالى في كتابه هو الفرات، و البقعة المباركة هي كربلاء، و الشجرة هي محمد (صلى الله عليه و آله)».

سورة القصص(28): آية 35 ..... ص : 265

قوله تعالى:

سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا [35]

8120/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى الحسيني، عن جده يحيى بن الحسن، عن أحمد بن يحيى الأودي، عن عمرو بن حماد بن طلحة، عن عبد الله بن المهلب البصري، عن المنذر بن زياد، الضبي، عن أبان، عن أنس بن مالك،

قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) مصدقا إلى قوم، فعدوا على المصدق فقتلوه، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه و آله)، فبعث إليهم عليا (عليه السلام)، فقتل المقاتلة، و سبى الذرية، فلما بلغ علي (عليه السلام) أدنى المدينة، تلقاه النبي (صلى الله عليه و آله) و التزمه، و قبل ما بين عينيه، و قال: «بأبي أنت و امي، من شد الله به عضدي، كما شد عضد موسى بهارون».

8121/ [2]- البرسي، قال: روي أن فرعون (لعنه الله) لما لحق هارون بأخيه موسى، دخلا عليه يوما فأوجسا خيفة منه، فإذا فارس يقدمهما، و لباسه من ذهب، و بيده سيف من ذهب، و كان فرعون يحب الذهب، فقال لفرعون:

أجب هذين الرجلين، و إلا قتلتك. فانزعج فرعون لذلك، و قال: عودا إلي غدا. فلما خرجا، دعا البوابين و عاقبهم، و قال: كيف دخل علي هذا الفارس بغير إذن؟ فحلفوا بعزة فرعون أنه ما دخل إلا هذان الرجلان. و كان الفارس مثال علي (عليه السلام)، هذا الذي أيد الله به النبيين سرا، و أيد به محمدا (صلى الله عليه و آله) جهرا، لأنه كلمة الله الكبرى التي أظهرها الله لأوليائه فيما شاء من الصور، فنصرهم بها، و بتلك الكلمة يدعون الله فيجيبهم و ينجيهم، و إليه الإشارة بقوله: وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا.

قال ابن عباس: كانت الآية الكبرى لهما هذا الفارس «1».

__________________________________________________

4- كامل الزيارات: 48/ 11.

1- تأويل الآيات 1: 415/ 6، شواهد التنزيل 1: 435/ 598.

2- مشارق أنوار اليقين: 81.

(1) في المصدر زيادة: و السلطان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 266

8122/ [3]- و

روى البرسي أيضا، قال: روى أصحاب التواريخ: أن رسول الله (صلى الله

عليه و آله) كان جالسا و عنده جني يسأله عن قضايا مشكلة، فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) فتصاغر الجني حتى صار كالعصفور، ثم قال: أجرني، يا رسول الله. فقال: «ممن؟» فقال: من هذا الشاب المقبل. فقال: «و ما ذاك؟» فقال الجني: أتيت سفينة نوح لاغرقها يوم الطوفان، فلما تناولتها ضربني هذا فقطع يدي، ثم أخرج يده مقطوعة، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «هو ذاك».

8123/ [4]- ثم

قال البرسي: و بهذا الإسناد: أن جنيا كان جالسا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فاستغاث الجني، و قال: أجرني- يا رسول الله- من هذا الشاب المقبل. قال: «و ما فعل بك؟» قال: تمردت على سليمان، فأرسل إلي نفرا من الجن، فطلت «1» عليهم، فجاءني هذا الفارس فأسرني و جرحني، و هذا مكان الضربة إلى الآن لم يندمل.

سورة القصص(28): الآيات 38 الي 41 ..... ص : 266

قوله تعالى:

وَ قالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي- إلى قوله تعالى- وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ [38- 41] 8124/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: فبنى هامان له في الهواء صرحا، حتى بلغ مكانا في الهواء لا يتمكن الإنسان أن يقوم «2» عليه من الرياح القائمة في الهواء، فقال لفرعون: لا نقدر أن نزيد على هذا. فبعث الله رياحا، فرمت به، فاتخذ فرعون و هامان عند ذلك التابوت، و عمدا إلى أربعة أنسر، فأخذا أفراخها و ربياها، حتى إذا بلغت القوة، و كبرت، عمدا إلى جوانب التابوت الأربعة، فغرسا في كل جانب منه خشبة، و جعلا على رأس كل خشبة لحما، و جوعا الأنسر، و شدا أرجلها بأصل الخشبة، فنظرت الأنسر إلى اللحم، فأهوت إليه، و صفقت بأجنحتها، و

ارتفعت بهما في الهواء، و أقبلت تطير يومها، فقال فرعون لهامان: انظر إلى السماء، هل بلغناها؟ فنظر هامان، فقال: أرى السماء كما كنت أراها من الأرض في البعد. فقال: انظر إلى الأرض. فقال: لا أرى الأرض، و لكني أرى البحار و الماء.

قال: فلم تزل الأنسر ترتفع، حتى غابت الشمس، و غابت عنهم البحار و الماء، فقال فرعون: يا هامان، انظر إلى السماء. فنظر، فقال: أراها كما كنت أراها من الأرض. فلما جنهم الليل، نظر هامان إلى السماء، فقال فرعون:

هل بلغناها؟ قال: أرى الكواكب كما كنت أراها من الأرض، و لست أرى من الأرض إلا الظلمة.

__________________________________________________

3- مشارق أنوار اليقين: 85.

4- مشارق أنوار اليقين: 85. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 140.

(1) طال عليه: علاه و ترفّع عليه. «لسان العرب- طول- 11: 412».

(2) في «ي، ط»: يقيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 267

قال: ثم حالت الرياح القائمة في الهواء بينهما، فانقلب التابوت بهما، فلم يزل يهوي بهما حتى وقع على الأرض، و كان فرعون أشد ما كان عتوا في ذلك الوقت. ثم قال الله: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ.

8125/ [2]- و قال علي بن إبراهيم في قوله: فَحَشَرَ فَنادى «1» يعني فرعون فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولى «2»، و النكال: العقوبة. و الآخرة: هو قوله: أنا ربكم الأعلى. و الاولى: قوله: ما علمت لكم من إله غيري. فأهلكه الله بهذين القولين.

8126/ [3]- الطبرسي، قال: جاء في التفسير عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه كان بين الكلمتين أربعون سنة.

8127/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و محمد بن الحسين، عن محمد ابن يحيى،

عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الأئمة في كتاب الله عز و جل إمامان: قال الله تبارك و تعالى: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا «3» لا بأمر الناس، يقدمون أمر الله قبل أمرهم، و حكم الله قبل حكمهم، و قال: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ يقدمون أمرهم قبل أمر الله، و حكمهم قبل حكم الله، و يأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز و جل».

سورة القصص(28): آية 44 ..... ص : 267

قوله تعالى:

وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ [44] 8128/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن سليمان بن محمد ابن أبي فاطمة، عن جابر بن إسحاق البصري، عن النضر بن إسماعيل الواسطي، عن جويبر، عن الضحاك «4»، عن ابن عباس، في قول الله عز و جل: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ

__________________________________________________

2- تفسير القمي 2: 403.

3- مجمع البيان 9: 656.

4- الكافي 1: 168/ 2.

1- تأويل الآيات 1: 416/ 7.

(1) النازعات 79: 23.

(2) النازعات 79: 24 و 25.

(3) الأنبياء 21: 73.

(4) في «ج، ي، ط»: جوهر الضحاك، و في المصدر: جوهر: جوهر عن الضحاك، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر ميزان الاعتدال 1: 427.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 268

قال: بالخلافة ليوشع بن نون من بعده.

ثم قال الله تعالى: لن أدع نبيا من غير وصي، و أنا باعث نبيا عربيا، و جاعل وصيه عليا. فذلك قوله تعالى:

وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ في الوصاية، و حدثه بما هو كائن بعده.

قال ابن عباس: و حدث

الله نبيه (صلى الله عليه و آله) بما هو كائن، و حدثه باختلاف هذه الامة من بعده، فمن زعم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مات بغير وصية «1» فقد كذب على الله عز و جل، و على نبيه (صلى الله عليه و آله).

8129/ [1]- و

جاء في تفسير أهل البيت (صلوات الله عليهم)، قال: روى بعض أصحابنا عن سعيد بن الخطاب حديثا يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ.

[قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنما هي: أو ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر و ما كنت من الشاهدين»].

8130/ [2]- و

قال أبو عبد الله (عليه السلام) في بعض رسائله: «ليس موقف أوقف الله سبحانه نبيه فيه ليشهده و يستشهده، إلا و معه أخوه و قرينه و ابن عمه و وصيه، و يؤخذ ميثاقهما معا (صلوات الله عليهما و على ذريتهما الطاهرين صلاة دائمة إلى يوم الدين)»

سورة القصص(28): الآيات 46 الي 48 ..... ص : 267

قوله تعالى:

وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [46]

8131/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان، عن طاهر بن مدرار «2»، عن أخيه، عن أبي سعيد المدائني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا، قال: «كتاب كتبه الله عز و جل في ورقة، أثبته فيها «3» قبل أن يخلق الله الخلق بألفي عام، فيها مكتوب: يا شيعة آل محمد، أعطيتكم قبل أن تسألوني، و غفرت لكم قبل

أن تستغفروني، من أتى منكم بولاية محمد و آل محمد أسكنته جنتي برحمتي».

8132/ [4]- و

عن الشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمه الله): بإسناده عن الفضل بن شاذان، يرفعه إلى سليمان

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 417/ 8.

2- تأويل الآيات 1: 417/ 9.

3- تأويل الآيات 1: 417/ 10. [.....]

4- تأويل الآيات 1: 417/ 11.

(1) في المصدر: ما تعيّن وصيّه.

(2) في «ط، ي»: ظاهر بن مدار، و في المصدر: ظاهر بن مدرار.

(3) في المصدر: ورقة آس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 269

الديلمي، عن مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: قلت لسيدي أبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قول الله عز و جل: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا؟ قال: «كتاب كتبه الله عز و جل قبل أن يخلق الخلق بألفي عام في ورقة آس، فوضعها على العرش».

قلت: يا سيدي، و ما في ذلك الكتاب؟ قال: «في الكتاب مكتوب: يا شيعة آل محمد، أعطيتكم قبل أن تسألوني، و غفرت لكم قبل أن تعصوني، و عفوت عنكم قبل أن تذنبوا، من جاءني بالولاية أسكنته جنتي برحمتي».

8133/ [3]- المفيد في (الاختصاص): عن سهل بن زياد الآدمي، قال: حدثني عروة بن يحيى، عن أبي سعيد المدائني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قول الله عز و جل في محكم كتابه: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا؟ فقال (عليه السلام): «كتاب لنا كتبه الله- يا أبا سعيد- في ورق قبل أن يخلق الخلائق بألفي عام، صيره معه في عرشه، أو تحت عرشه، فيه: يا شيعة آل محمد، أعطيتكم قبل أن تسألوني، و غفرت لكم قبل أن تستغفروني، من أتاني منكم بولاية محمد و آل محمد أسكنته جنتي

برحمتي».

8134/ [4]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: لما بعث الله عز و جل موسى بن عمران، و اصطفاه نجيا، و فلق له البحر فنجى بني إسرائيل، و أعطاه التوراة و الألواح، رأى مكانه من ربه عز و جل، فقال: رب لقد كرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي. قال الله عز و جل: يا موسى، أما علمت أن محمدا أفضل عندي من «1» جميع خلقي؟

قال موسى: يا رب، فإن كان محمد أفضل عندك من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟ قال الله عز و جل: يا موسى، أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟

قال موسى: يا رب، فإن كان آل محمد عندك كذلك، فهل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من أصحابي؟

قال الله عز و جل: يا موسى، أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبيين، و فضل محمد على جميع المرسلين؟

قال موسى: يا رب، فإن كان محمد و آله (عليهم السلام)، و أصحابه كما وصفت، فهل في امم الأنبياء أفضل عندك من أمتي، ظللت عليهم الغمام، و أنزلت عليهم المن و السلوى، و فلقت لهم البحر؟ فقال الله تعالى: يا موسى، أما علمت أن فضل امة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي؟

قال موسى: يا رب، ليتني كنت أراهم. فأوحى الله عز و جل إليه: يا موسى، إنك لن تراحم، فليس هذا أوان ظهورهم، و لكن سوف تراهم في الجنة، جنات عدن و الفردوس، بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، و في خيراتها

__________________________________________________

3- الاختصاص:

111.

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 31.

(1) في المصدر زيادة: جميع ملائكتي و.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 270

يتبحبحون «1»، أ فتحب أن تسمع كلامهم؟ قال: نعم، يا رب. قال: قم بين يدي، و اشدد مئزرك، قيام العبد الЙęʙĠبين يدي السيد الجليل. ففعل ذلك، فنادى ربنا عز و جل: يا امة محمد. فأجابوه كلهم و هم في أصلاب آبائهم و أرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة و الملك لك، لا شريك لك لبيك- قال- فجعل تلك الإجابة منهم شعار الحج.

ثم نادى ربنا عز و جل: يا امة محمد، إن قضائي عليكم: أن رحمتي سبقت غضبي، و عفوي قبل عقابي، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني و أعطيتكم من قبل أن تسألوني، من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، صادق في أقواله، محق في أفعاله، و أن علي بن أبي طالب أخوه و وصيه من بعده، و وليه، و يلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، و أن أولياءه «2» المصطفين، الأخيار، المطهرين، الميامين، المبلغين بعجائب آيات الله، و دلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه، أدخلته جنتي و إن كانت ذنوبه مثل زبد البحر».

قال: «فلما بعث الله عز و جل نبينا محمد (صلى الله عليه و آله)، قال: يا محمد، و ما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة. ثم قال عز و جل نبينا لمحمد (صلى الله عليه و آله): قل: الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الكرامة و الفضيلة. و قال لامته: و قولوا أنتم: الحمد لله

رب العالمين على ما اختصنا به من هذا الفضل».

8135/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ «3» يا محمد إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ «4» أي أعلمناه وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا يعني موسى (عليه السلام).

قوله: وَ لكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ» «5»، أي طالت أعمارهم فعصوا. و قوله: وَ ما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ «6»، أي باقيا. و قوله: سِحْرانِ تَظاهَرا «7»، قال: موسى و هارون.

سورة القصص(28): آية 50 ..... ص : 270

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ [50]

8136/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ، قال: «يعني من اتخذ دينه رأيه، بغير إمام من أئمة الهدى».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 141.

1- الكافي 1: 306/ 1.

(1) التّبحبح: التمكّن في الحلول و المقام. «الصحاح- بحح- 1: 354».

(2) في نسخة من «ط»: ذرّيّته.

(3، 4) القصص 28: 44.

(5، 6) القصص 28: 35.

(7) القصص 28: 48، قال الطبرسي: قرأ أهل الكوفة: سحران، بغير ألف، و الباقون: ساحران، بالألف. مجمع البيان 7: 399. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 271

و رواه محمد بن إبراهيم النعماني في (الغيبة): عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن (عليه السلام)، مثله «1».

8137/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن المعلى

بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ: «يعني من يتخذ دينه رأيه، بغير إمام من أئمة الهدى».

8138/ [2]- و

عنه: عن عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ: «يعني اتخذ دينه هواه، بغير هدى من أئمة الهدى».

8139/ [3]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن القاسم بن سليمان، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ، قال: «هو من يتخذ دينه برأيه، بغير إمام من الله من أئمة الهدى (صلوات الله عليهم)».

سورة القصص(28): آية 51 ..... ص : 271

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [51]

8140/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن جندب، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، قال: «إمام بعد إمام».

8141/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن معاوية بن حكيم، عن أحمد بن محمد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، قال: «إمام بعد إمام».

8142/ [6]- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن عيسى، و أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 33/ 7.

2- بصائر الدرجات: 33/

5.

3- ... تأويل الآيات 1: 420/ 13.

4- الكافي 1: 343/ 18.

5- تفسير القمّي 2: 141.

6- مختصر بصائر الدرجات: 64.

(1) الغيبة: 130/ 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 272

سعيد، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ، قال: «في إمام بعد إمام».

8143/ [4]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، قال: قال الصادق (عليه السلام): وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ، قال: «إمام بعد إمام».

8144/ [5]- ابن شهر آشوب: عن عبد الله بن جندب، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله تعالى: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ، قال: «إمام بعد «1» إمام».

8145/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، قال: «إمام بعد إمام».

سورة القصص(28): الآيات 52 الي 55 ..... ص : 272

قوله تعالى:

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ- إلى قوله تعالى- وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ [52- 55]

8146/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي الجارود، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لقد آتى الله أهل الكتاب خيرا كثيرا. قال: «و ما ذاك؟» قلت: قول الله عز و جل: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إلى قوله: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا.

قال: فقال: «قد آتاكم الله كما آتاهم- ثم تلا-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ

لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ «2» يعني إماما تأتمون به».

8147/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، و غيره، عن أبي

__________________________________________________

4- الأمالي 1: 300.

5- المناقب 3: 96.

6- تأويل الآيات 1: 420/ 14.

1- الكافي 1: 150/ 3.

2- الكافي 2: 172/ 1.

(1) في «ج» و المصدر: إلى.

(2) الحديد 57: 28. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 273

عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا، قال: «بما صبروا على التقية». وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ، قال: «الحسنة: التقية، و السيئة: الإذاعة».

8148/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن كولوم، عن أبي سعيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه، و الزكاة عن يساره، و البر مطل عليه، و يتنحى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قال الصبر للصلاة و الزكاة: دونكما صاحبكما، فإن عجزتما عنه فأنا دونه».

أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثل رواية هشام بن سالم المتقدمة «1».

8149/ [4]- الطبرسي- في معنى الآية- قال:

معناه: يدفعون بالمداراة مع الناس أذاهم عن أنفسهم، قال:

و روي مثل ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

8150/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا، قال:

الأئمة (عليهم السلام).

8151/ [6]- و

قال الصادق (عليه السلام): «نحن صبر «2»، و شيعتنا أصبر منا، و ذلك أنا صبرنا على ما نعلم، و هم صبروا على ما لا يعلمون».

8152/ [7]- ثم

قال علي بن

إبراهيم: و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نحن صبر، و شيعتنا أصبر منا، لأن صبرنا بعلم، و صبروا بما لا يعلمون».

8153/ [8]- قال: قوله: وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أي يدفعون سيئة من أساء إليهم بحسناتهم وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ، قال: اللغو: الكذب، و اللهو: الغناء. و هم الأئمة (عليهم السلام)، يعرضون عن ذلك كله.

__________________________________________________

3- الكافي 3: 240/ 13.

4- مجمع البيان 7: 404.

5- تفسير القمّي 2: 141.

6- تفسير القمّي 2: 141.

7- تفسير القمّي 1: 365.

8- تفسير القمّي 2: 142.

(1) المحاسن: 257/ 296.

(2) في المصدر: صبرنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 274

سورة القصص(28): آية 56 ..... ص : 274

قوله تعالى:

إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [56]

8154/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في أبي طالب (عليه السلام)، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يقول: «يا عم، قل: لا إله إلا الله، أنفعك بها يوم القيامة». فيقول: يا ابن أخي، أنا أعلم بنفسي. فلما مات، شهد العباس بن عبد المطلب عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه تكلم بها عند الموت، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، «أما أنا فلم أسمعها منه، و أرجو أن تنفعه يوم القيامة».

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لو قمت المقام المحمود، لشفعت في أبي، و امي، و عمي، و أخ كان لي مؤاخيا في الجاهلية» «1».

8155/ [2]- العياشي: عن الزهري، قال: أتى رجل أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن شي ء، فلم يجبه، فقال له الرجل: فإن كنت ابن أبيك، فإنك من أبناء عبدة الأصنام. فقال له:

«كذبت، إن الله أمر إبراهيم أن ينزل إسماعيل بمكة، ففعل، فقال إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ «2»، فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما قط، و لكن العرب عبدت الأصنام، و قالت بنو إسماعيل: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فكفرت و لم تعبد الأصنام».

8156/ [3]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، في حديث عن الحسن بن علي (عليهما السلام)، في حديث طلحة و معاوية، قال الحسن (عليه السلام): «أما القرابة فقد نفعت المشرك، و هي و الله للمؤمن أنفع، قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمه أبي طالب و هو في الموت: قل لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة. و لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول له و يعد إلا ما يكون منه على يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا، أعني أبا طالب، يقول الله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 142.

2- تفسير العيّاشي 2: 230/ 31.

3- الأمالي 2: 174.

(1) لقد ثبت إجماع أهل البيت (عليهم السّلام) على إيمان أبي طالب و أنّه مات مسلما، و تظاهرت الروايات بذلك عنهم (عليهم السّلام)، و قد نقل في كتب السير و المغازي كثير من أشعاره الدالّة على توحيده، و إيمانه برسالة الإسلام، و تصديقه لرسول

اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، و لأبي طالب مواقف مشهودة سجّلها التاريخ، تنبئ عن ملازمته لرسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) خلال صدر الدعوة، و منابذة أعدائه و مجاهرتهم، فضلا عن أنّ هذه الآية نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف. انظر: مجمع البيان 4: 444، 7: 406، بحار الأنوار 35: 152.

(2) إبراهيم 14: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 275

وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «1»».

8157/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: أخبرنا أبو محمد «2»، عن محمد بن همام، قال:

حدثنا علي «3» بن الحسين الهمداني، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، عن علي (صلوات الله عليهم)، أنه كان ذات يوم جالسا بالرحبة، و الناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله عز و جل به، و أبوك يعذب بالنار! فقال له (عليه السلام): «مه، فض الله فاك، و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق نبيا، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله تعالى فيهم، أبي يعذب بالنار، و أنا قسيم النار؟!».

ثم قال: «و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار: نور محمد (صلى الله عليه و آله)، و نوري، و نور فاطمة، و نوري الحسن و الحسين، و من ولده

«4» من الأئمة، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز و جل من قبل خلق آدم بألفي عام».

8158/ [5]- و

عن ابن عباس، عن أبيه، قال: قال أبو طالب للنبي (عليه السلام): يا ابن أخي، أرسلك الله؟ قال: «نعم» قال: فأرني آية. قال: «ادع لي تلك الشجرة» فدعاها، فأتت حتى سجدت بين يديه، ثم انصرفت، فقال أبو طالب:

أشهد أنك صادق. يا علي، صل جناح ابن عمك.

8159/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسروا الإيمان، و أظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين».

8160/ [7]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد الأزدي، عن إسحاق بن جعفر، عن أبيه (عليه السلام)، قال: قيل له: إنهم يزعمون أن أبا طالب كان كافرا؟ فقال: «كذبوا، كيف يكون كافرا و هو يقول:

أ لم تعلموا أنا وجدنا محمدا نبيا كموسى خط في أول الكتب»؟

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 312. [.....]

5- .... أمالي الصدوق: 491/ 10.

6- الكافي 1: 373/ 28، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14: 70.

7- الكافي 2: 373/ 29.

(1) النساء 4: 18.

(2) هو هارون بن موسى التلّعكبري، راجع رجال النجاشي: 380/ 1032، و فهرست الطوسي 7: 9.

(3) في المصدر: محمّد بن علي.

(4) في المصدر: ولدته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 276

و

في حديث آخر: «كيف يكون أبو طالب كافرا و هو يقول:

لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا، و لا يعنى بقيل الأباطيل و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال «1» اليتامى عصمة للأرامل»؟

8161/ [8]- و

عنه: عن علي

بن محمد بن عبد الله و محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الله، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أبا طالب أسلم بحساب الجمل «2»- قال- بكل لسان».

8162/ [9]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن أبيهما، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أسلم أبو طالب بحساب الجمل، و عقد بيده ثلاثة و ستين».

8163/ [10]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «بينا النبي (صلى الله عليه و آله) في المسجد الحرام، و عليه ثياب له جدد، فألقى المشركون عليه سلى «3» ناقة، فملؤوا ثيابه بها، فدخله من ذلك ما شاء الله، فذهب إلى أبي طالب، فقال له: يا عم، كيف ترى حسبي فيكم؟ فقال له: و ما ذلك، يا ابن أخي؟ فأخبره الخبر، فدعا أبو طالب حمزة، و أخذ السيف، و قال لحمزة: خذ السلى، ثم توجه إلى القوم و النبي (صلى الله عليه و آله) معه، فأتى قريشا و هم حول الكعبة، فلما رأوه عرفوا الشر في وجهه، ثم قال لحمزة: أمر السلى على سبالهم «4». ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم. ثم التفت أبو طالب (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا ابن أخي، هذا حسبك فينا».

8164/ [11]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما توفي أبو طالب (عليه

السلام) نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، اخرج من مكة، فليس لك بها ناصر. و ثارت قريش بالنبي (صلى الله عليه و آله)، فخرج هاربا، حتى أتى إلى جبل بمكة يقال له الحجون، فصار إليه».

8165/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب و علي بن عبد الله الوراق، و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن

__________________________________________________

8- الكافي 1: 374/ 32.

9- الكافي 1: 374/ 33.

10- الكافي 2: 373/ 30.

11- الكافي 1: 373/ 31.

12- معاني الأخبار: 285/ 1.

(1) الثمال: الغياث، و الذي يقوم بأمر قومه. «مجمع البحرين- ثمل- 5: 332».

(2) سيأتي تفسيرها في الحديث (13) من تفسير هذه الآية. [.....]

(3) السّلى: الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد، يكون ذلك للناس و الخيل و الإبل. «لسان العرب- سلا- 14: 396».

(4) السّبلة: الشارب. «الصحاح- سبل- 5: 1724».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 277

محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أسلم أبو طالب (عليه السلام) بحساب الجمل، و عقد بيده ثلاثة و ستين».

ثم قال (عليه السلام): «إن مثل أبي طالب (عليه السلام) مثل أصحاب الكهف، أسروا الإيمان، و أظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين».

8166/ [13]- و

عنه: قال: حدثنا أبو الفرج محمد بن المظفر بن نفيس المصري الفقيه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الداودي، عن أبيه، قال: كنت عند أبي القاسم الحسين بن روح (قدس الله روحه) إذ سأله رجل: ما معنى قول العباس للنبي (صلى الله عليه و آله): إن عمك أبو طالب قد أسلم

بحساب الجمل، و عقد بيده ثلاثة و ستين؟ فقال:

عنى بذلك: إله أحد جواد.

و تفسير ذلك: إن الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الهاء خمسة، و الألف واحد، و الحاء ثمانية، و الدال أربعة، و الجيم ثلاثة، و الواو ستة، و الألف واحد، و الدال أربعة. فذلك ثلاثة و ستون.

8167/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب ابن نوح، عن العباس بن عامر، عن علي بن أبي سارة، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أبا طالب أظهر الكفر و أسر الإيمان، فلما حضرته الوفاة أوحى الله عز و جل إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله): اخرج منها فليس لك بها ناصر، فهاجر إلى المدينة».

8168/ [15]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد الصائغ، قال: حدثنا محمد بن أيوب، عن صالح بن أسباط، عن إسماعيل بن محمد، و علي بن عبد الله، عن الربيع بن محمد المسلي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «و الله ما عبد أبي، و لا جدي عبد المطلب، و لا هاشم، و لا عبد مناف، صنما قط».

قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: «كانوا يصلون إلى البيت، على دين إبراهيم (عليه السلام)، متمسكين به».

8169/ [16]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي القيسي، قال: حدثني درست بن أبي منصور: أنه سأل أبا الحسن الأول (عليه السلام):

أ كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) محجوجا بأبي طالب؟ فقال: «لا،

و لكنه كان مستودعا للوصايا، فدفعها إليه (صلى الله عليه و آله)».

قال: قلت: فدفع إليه الوصايا على أنه كان محجوجا به؟ فقال: «لو كان محجوجا به ما دفع إليه الوصية».

قال: فقلت: فما كان حال أبي طالب (عليه السلام)؟ قال: «أقر بالنبي و بما جاء به، و دفع إليه الوصايا، و مات من

__________________________________________________

13- معاني الأخبار: 286/ 2.

14- كمال الدين و تمام النعمة: 174/ 31، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14: 70 نحوه.

15- كمال الدين و تمام النعمة: 174/ 32.

16- الكافي 1: 370/ 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 278

يومه».

8170/ [17]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن محمد بن يحيى الفارسي، عن أبي حنيفة محمد بن يحيى، عن الوليد بن أبان، عن محمد بن عبد الله بن مسكان، عن أبيه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشره بمولد النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال أبو طالب: اصبري سبتا أبشرك بمثله إلا النبوة».

و قال: «السبت ثلاثون سنة، و كان بين رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثون سنة».

8171/ [18]- و ذكر ابن بابويه في كتاب (التوحيد) من شعر أبي طالب قوله:

أنت الأمين محمد قرم أغر مسود

لمسودين أطائب كرموا و طاب المولد

أنت السعيد من السعو د تكنفتك الأسعد

من بعد «1» آدم لم يزل فينا وصي مرشد

فلقد عرفتك صادقا بالقول لا تتفند

ما زلت تنطق بالصواب و أنت طفل أمرد

قال ابن بابويه: و لأبي طالب في رسول الله (صلى الله عليه و آله) مثل ذلك في قصيدته اللامية، حيث يقول:

و ما مثله في الناس سيد معشر إذا قايسوه عند وقت التحاصل «2»

فأيده رب العباد

بنوره و أظهر دينا حقه غير زائل و منها:

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للأرامل يطيف به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة و فواضل و ميزان صدق لا يخيس «3» شعيرة و ميزان عدل وزنه غير عائل «4»

8172/ [19]- الطبرسي في (مجمع البيان) قال: ثبت إجماع أهل البيت (عليهم السلام) على إيمان أبي طالب (عليه السلام)، و إجماعهم حجة، لأنهم أحد الثقلين اللذين أمر النبي (صلى الله عليه و آله) بالتمسك بهما، بقوله (صلى الله عليه و آله): «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا».

__________________________________________________

17- الكافي 1: 376/ 1.

18- التوحيد: 158/ 4.

19- مجمع البيان 4: 444.

(1) في «ج» و المصدر: من لدن.

(2) في «ج، ي، ط»: التهاصل.

(3) خاس به: غدر به. «الصحاح- خيس- 3: 926».

(4) عال الميزان: جاز. «لسان العرب- عيل- 11: 489».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 279

ذكره الطبرسي في قوله تعالى: وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ «1»، و ذكر من أشعار أبي طالب ما يدل على إيمانه، لم نذكر منها هنا شيئا مخافة الإطالة.

8173/ [20]- ابن طاوس، في (طرائفه): قال: و من عجيب ما بلغت إليه العصبية على أبي طالب من أعداء أهل البيت (عليهم السلام) أنهم زعموا أن المراد من قوله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ أبو طالب (عليه السلام)! و قد ذكر أبو المجد بن رشادة الواعظ الواسطي في مصنفه (كتاب أسباب نزول القرآن) ما هذا لفظه، قال: قال الحسن بن مفضل، في قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ كيف يقال أنها نزلت في أبي طالب، و هذه السورة من آخر ما نزل من القرآن في المدينة،

و مات أبو طالب في عنفوان الإسلام و النبي (صلى الله عليه و آله) بمكة؟! و إنما نزلت هذه الآية في الحارث بن النعمان بن عبد مناف «2»، و كان النبي (صلى الله عليه و آله)، يحبه، و يحب إسلامه، فقال يوما للنبي (صلى الله عليه و آله): إنا لنعلم أنك على الحق، و أن الذي جئت به حق، و لكن يمنعنا من اتباعك أن العرب تتخطفنا من أرضنا، لكثرتهم و قلتنا، و لا طاقة لنا بهم، فنزلت الآية، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) يؤثر إسلامه لميله إليه.

8174/ [21]- و قال ابن طاوس أيضا: و كيف استجاز أحد من المسلمين العارفين مع هذه الروايات، و مضمون الأبيات «3» أن ينكروا إيمان أبي طالب (عليه السلام)؟ و قد تقدمت رواياتهم بوصية أبي طالب (عليه السلام) أيضا لولده علي (عليه السلام) بملازمة محمد (صلى الله عليه و آله)، و قوله: إنه لا يدعو إلا إلى خير. و

قول نبيهم: «جزاك الله خيرا، يا عم».

و

قوله (صلى الله عليه و آله): «لو كان حيا قرت عيناه».

و لو لم يعلم نبيهم أن أبا طالب مات مؤمنا ما دعا له، و لا كانت تقر عينه بنبيهم (صلى الله عليه و آله) «4»، و لو لم يكن إلا شهادة عترة نبيهم له بالإيمان لوجب تصديقهم، لما شهد نبيهم أنهم لا يفارقون كتاب الله، و لا ريب أن العترة أعرف بباطن أبي طالب من الأجانب، و شيعة أهل البيت (عليهم السلام) مجمعون على ذلك، و لهم فيه مصنفات.

8175/ [22]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة،

عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «اجعلوا أمركم لله، و لا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله، و ما كان للناس فلا يصعد إلى الله، و لا تخاصموا الناس لدينكم، فإن المخاصمة ممرضة

__________________________________________________

20- الطرائف: 306. [.....]

21- الطرائف: 306.

22- التوحيد: 414/ 13.

(1) الأنعام 6: 26.

(2) في مجمع البيان 7: 406: الحارث بن نوفل بن عبد مناف.

(3) في «ط، ي»: الآيات.

(4) في المصدر: و لا كان يقرّ نبيّهم عينه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 280

للقلب، إن الله عز و جل قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ، و قال:

أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ «1».

ذروا الناس، فإن الناس أخذوا عن الناس، و أنتم أخذتم عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إني سمعت أبي (عليه السلام) يقول: إن الله عز و جل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره».

سورة القصص(28): الآيات 57 الي 61 ..... ص : 280

قوله تعالى:

وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا- إلى قوله تعالى- أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ [57- 61] 8176/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا قال: نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الإسلام و الهجرة، و قالوا: إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا. فقال الله عز و جل: أَ وَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْ ءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

و قوله: وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها أي كفرت

فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا.

8177/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن هشام بن علي، عن إسماعيل بن علي المعلم، عن بدل بن المحبر، عن شعبة، عن أبان بن تغلب، عن مجاهد، قال: قوله عز و جل: أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ، نزلت في علي و حمزة (عليهما السلام).

8178/ [3]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ، قال: «الموعود: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعده الله أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا، و وعده الجنة له و لأوليائه في الآخرة».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 142.

2- تأويل الآيات 1: 422/ 17، تفسير الطبري 20: 62، شواهد التنزيل 1: 436/ 599 و 437/ 600، فرائد السمطين 1: 364/ 291، ذخائر العقبى:

88، الرياض النضرة 3: 179.

3- .... تأويل الآيات 1: 422/ 18.

(1) يونس 10: 99.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 281

سورة القصص(28): الآيات 62 الي 64 ..... ص : 281

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ- إلى قوله تعالى- لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ [62- 64] 8179/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ يعني الذين قلتم هم شركاء لله، قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ يعني ما عبدوا، و هي عبادة الطاعة، وَ قِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ الذين كنتم تدعونهم شركاء، فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَ رَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ.

سورة القصص(28): آية 65 ..... ص : 281

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [65]

8180/ [2]- علي بن إبراهيم: إن العامة رووا أن ذلك في القيامة. و أما الخاصة، فإنه حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن العبد إذا دخل قبره جاءه منكر، و فزع منه، يسأل عن النبي (صلى الله عليه و آله)، فيقول له: ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم؟ فإن كان مؤمنا، قال: أشهد أنه رسول الله، جاء بالحق. فيقال له: ارقد رقدة لا حلم فيها، و يتنحى عنه الشيطان، و يفسح له في قبره سبعة أذرع، و يرى مكانه في الجنة».

قال: «و إذا كان كافرا، قال: ما أدري. فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله إلا الإنسان، و يسلط عليه الشيطان، و له عينان من نحاس، أو نار، يلمعان كالبرق الخاطف، فيقول له: أنا أخوك، و تسلط عليه الحيات و العقارب، و يظلم عليه قبره، ثم يضغطه ضغطة تختلف أضلاعه عليه» ثم قال بأصابعه «1»، فشرجها «2».

سورة القصص(28): الآيات 68 الي 69 ..... ص : 281

قوله تعالى:

وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ- إلى قوله تعالى- وَ رَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَ ما يُعْلِنُونَ [68- 69]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 143.

2- تفسير القمّي 2: 143.

(1) أي أشار بها.

(2) شرّجها: داخل بينها. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 282

8181/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ، قال: يختار الله الإمام، و ليس لهم أن يختاروا.

ثم قال: وَ رَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَ ما يُعْلِنُونَ، قال: ما عزموا عليه من الاختيار، و أخبر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) قبل

ذلك.

8182/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي محمد القاسم بن العلاء (رحمه الله)، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة، و كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي (عليه السلام)، فأعلمته في خوض الناس فيه، فتبسم (عليه السلام)، ثم قال: «يا عبد العزيز، جهل القوم، و خدعوا عن أديانهم «1»، إن الله عز و جل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه و آله) حتى أكمل له الدين، و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شي ء، بين فيه الحلال و الحرام، و الحدود و الأحكام، و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، و قال عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «2» و أنزل فيه ما أنزل في حجة الوداع- و هي آخر عمره (صلى الله عليه و آله)-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «3»، و أمر الإمامة من تمام الدين، و لم يمض رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى بين لامته معالم دينهم، و أوضح لهم سبيلهم، و تركهم على قصد سبيل الحق، و أقام لهم عليا (عليه السلام) علما و إماما، و ما ترك شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، و من رد كتاب الله فهو كافر به.

هل يعرفون قدر الإمامة و محلها من الأمة، فيجوز فيها اختيارهم؟ إن الإمامة أجل قدرا، و أعظم شأنا، و أعلى مكانا، و أمنع جانبا، و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها

بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم.

إن الإمامة خص الله عز و جل بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة، و فضيلة شرفه بها، و أشاد بها ذكره، فقال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً «4»، فقال الخليل (عليه السلام)، سرورا بها: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي «5» قال الله تبارك و تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «6»، فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة، و صارت في الصفوة، ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة و الطهارة، فقال: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 143.

2- الكافي 1: 154/ 1.

(1) في «ي» و نسخة من «ط»: رأيهم.

(2) الأنعام 6: 38.

(3) المائدة 5: 3.

(4) البقرة 2: 124.

(5) البقرة 2: 124.

(6) البقرة 2: 124.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 283

الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ «1»، فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض، قرنا فقرنا، حتى ورثها الله عز و جل النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال جل و تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ «2»، فكانت له خاصة، فقلدها رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) بأمر الله عز و جل، على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأوصياء «3» الذين آتاهم الله العلم و الإيمان بقوله جل و علا: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ «4»، فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى

يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله)، فمن أين يختار هؤلاء الجهال؟

إن الإمامة هي منزلة الأنبياء، و إرث الأوصياء، إن الإمامة خلافة الله، و خلافة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و مقام أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ميراث الحسن و الحسين (عليهما السلام)، إن الإمامة زمام الدين، و نظام المسلمين، و صلاح الدنيا، و عز المؤمنين، إن الإمامة أس الإسلام النامي، و فرعه السامي، بالإمام تمام الصلاة، و الزكاة، و الصيام، و الحج، و الجهاد، و توفير الفي ء و الصدقات، و إمضاء الحدود و الأحكام، و منع الثغور و الأطراف.

الإمام يحل حلال الله، و يحرم حرام الله، و يقيم حدود الله، و يذب عن دين الله، و يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجة البالغة الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم، و هي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار الإمام البدر المنير، و السراج الزاهر، و النور الساطع، و النجم الهادي في غياهب الدجى، و أجواز «5» البلدان و القفار، و لجج البحار الإمام الماء العذب على الظمأ، و الدال على الهدى، المنجي من الردى.

الإمام النار على اليفاع «6»، الحار لمن اصطلى به، و الدليل في المهالك، من فارقه فهالك الإمام السحاب الماطر، و الغيث الهاطل، و الشمس المضيئة، و السماء الظليلة، و الأرض البسيطة، و العين الغزيرة، و الغدير و الروضة الإمام الأنيس الرفيق، و الوالد الشفيق، و الأخ الشقيق، و الام البرة بالولد الصغير، و مفزع العباد في الداهية النآد «7».

الإمام أمين الله في خلقه، و حجته على عباده، و خليفته في بلاده، و الداعي إلى الله، و الذاب عن حرم

الله الإمام المطهر من الذنوب، المبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم نظام الدين، و عز المسلمين، و غيظ المنافقين، و بوار الكافرين الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، و لا يعادله عالم، و لا يوجد منه بدل، و لا له مثل، و لا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له و لا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب.

__________________________________________________

(1) الأنبياء 21: 72 و 73.

(2) آل عمران 3: 68.

(3) في المصدر: الأصفياء.

(4) الروم 30: 56.

(5) أجواز: جمع جوز، و هو من كلّ شي ء وسطه. «الصحاح- جوز- 3: 871».

(6) اليفاع: ما ارتفع من الأرض. «مجمع البحرين- يفع- 4: 412». [.....]

(7) النّآد: الدّاهية. «لسان العرب- نأد- 3: 413».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 284

فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام، أو يمكنه اختياره؟ هيهات هيهات ضلت العقول، و تاهت الحلوم، و حارت الألباب، و حسرت «1» العيون، و تصاغرت العظماء، و تحيرت الحكماء، و تقاصرت الحلماء، و حصرت الخطباء، و جهلت الألباء، و كلت الشعراء، و عجزت الأدباء، و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، و أقرت بالعجز و التقصير.

و كيف يوصف بكله، أو ينعت بكنهه أو يفهم شي ء من أمره، أو يوجد من يقوم مقامه و يغني غناه، لا، كيف، و أنى؟ و هو بحيث النجم من يد المتناولين، و وصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا، و أين العقول عن هذا، و أين يوجد مثل هذا؟

أ تظنون أن ذلك يوجد في غير آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟ كذبتهم و الله أنفسهم، و منتهم الأباطيل، فارتقوا مرتقى صعبا دحضا «2»، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الإمام بعقول حائرة

بائرة ناقصة، و آراء مضلة، فلم يزدادوا منه إلا بعدا، قاتلهم الله أنى يؤفكون و لقد راموا صعبا، و قالوا إفكا، و ضلوا ضلالا بعيدا، و وقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة، و زين لهم الشيطان أعمالهم، فصدهم عن السبيل، و كانوا مستبصرين، و رغبوا عن اختيار الله، و اختيار رسوله «3» إلى اختيارهم، و القرآن يناديهم: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ، و قال عز و جل: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ «4»، و قال: ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ «5»، و قال عز و جل: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها «6»، أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون؟ أم قالوا: سَمِعْنا وَ هُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ «7» أم قالوا: سَمِعْنا وَ عَصَيْنا «8» بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم.

فكيف لهم باختيار الإمام، و الإمام عالم لا يجهل، و راع لا ينكل، معدن القدس و الطهارة، و النسك و الزهادة، و العلم و العبادة، مخصوص بدعوة الرسول (صلى الله عليه و آله)، و نسل الطاهرة «9» البتول، لا يغمز «10» فيه

في نسب، و لا

__________________________________________________

(1) في المصدر: خسئت.

(2) الدّحض: الزّلق. «لسان العرب- دحض- 7: 148».

(3) في المصدر: رسول اللّه و أهل بيته.

(4) الأحزاب 33: 36.

(5) القلم 68: 36- 41.

(6) محمّد 47: 24.

(7) الأنفال 8: 21- 23.

(8) البقرة 2: 93.

(9) في المصدر: المطهّرة.

(10) في المصدر: مغمز.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 285

يدانيه ذو حسب، في النسب «1» من قريش، و الذروة من هاشم، و العترة من الرسول (صلى الله عليه و آله)، و الرضا من الله عز و جل، أشرف الأشراف، و الفرع من بني عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر الله عز و جل، ناصح لعباد الله، حافظ لدين الله؟

إن الأنبياء و الأئمة (صلوات الله عليهم) يوفقهم الله و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم، ليكون «2» علمهم فوق علم أهل زمانهم، في قوله تعالى: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ «3»، و قوله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً «4»، و قوله في طالوت: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ «5»، و قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

«6»، و قال في الأئمة من أهل بيت نبيه و عترته و ذريته (صلوات الله عليهم): أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً

عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً «7».

و إن العبد إذا اختاره الله عز و جل لأمور عباده شرح صدره لذلك، و أودع قلبه ينابيع الحكمة، و ألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب، و لا يحيد فيه عن صواب، فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن الخطأ «8» و الزلل و العثار، و يخصمه الله بذلك ليكون حجته على عباده، و شاهده على خلقه، و ذلك: فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ «9».

فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه، أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه؟ تعدوا- و بيت الله- الحق، و نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، و في كتاب الله الهدى و الشفاء، فنبذوه و اتبعوا أهواءهم، فذمهم الله، و مقتهم، و أتعسهم، فقال جل و تعالى: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ «10»، و قال: فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ «11»، و قال:

__________________________________________________

(1) في المصدر: في البيت.

(2) في المصدر: فيكون.

(3) يونس 10: 35. [.....]

(4) البقرة 2: 269.

(5) البقرة 2: 247.

(6) النساء 4: 113.

(7) النساء 4: 54 و 55.

(8) في المصدر: الخطايا.

(9) الحديد 57: 21.

(10) القصص 28: 50.

(11) محمد (صلى الله عليه و آله) 47: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 286

كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ «1»، و صلى الله على محمد النبي و اله و سلم تسليما كثيرا».

و روى هذا الحديث محمد بن علي بن بابويه، في كتاب (معاني الأخبار)، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق

الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة و ساق الحديث بعينه «2».

8183/ [3]- ابن شهر آشوب: عن علي بن الجعد، عن شعبة، عن حماد بن سلمة، عن أنس، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «إن الله خلق آدم من طين كيف شاء، ثم قال: وَ يَخْتارُ. إن الله تعالى اختارني و أهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا «3»، فجعلني الرسول، و جعل علي بن أبي طالب الوصي، ثم قال: ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا، و لكني أختار من أشاء. فأنا و أهل بيتي صفوة الله، و خيرته من خلقه، ثم قال: سُبْحانَ اللَّهِ، يعني تنزيها لله عَمَّا يُشْرِكُونَ به كفار مكة».

8184/ [4]- و

من طريق المخالفين: ما رواه الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من التفاسير الاثني عشر- و هو من مشايخ أهل السنة- في تفسير قوله تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، يرفعه إلى أنس بن مالك، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن هذه الآية، فقال: «إن الله خلق آدم من الطين كيف يشاء و يختار، و إن الله تعالى اختارني و أهل بيتي على جميع الخلق، فانتجبنا، فجعلني الرسول، و جعل علي بن أبي طالب الوصي، ثم قال: ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، يعني ما جعلت للعباد

أن يختاروا، و لكني أختار من أشاء فأنا و أهل بيتي صفوته، و خيرته من خلقه، ثم قال: سُبْحانَ اللَّهِ يعني تنزها لله عما يشركون به كفار مكة، ثم قال: وَ رَبُّكَ يعني يا محمد يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ من بغض المنافقين لك، و لأهل بيتك وَ ما يُعْلِنُونَ بألسنتهم من الحب لك، و لأهل بيتك».

سورة القصص(28): الآيات 75 الي 78 ..... ص : 286

قوله تعالى:

وَ نَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً- إلى قوله تعالى- وَ لا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ [75- 78]

__________________________________________________

3- المناقب 1: 256.

4- ... الطرائف: 97/ 136.

(1) غافر 40: 35.

(2) معاني الآخبار: 96/ 2.

(3) المنتجب: المختار من كلّ شي ء. «لسان العرب- نجب- 1: 748».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 287

8185/ [1]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ نَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً يقول: «من كل فرقة من هذه الامة إمامها فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ».

8186/ [2]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَ آتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ و العصبة: ما بين العشرة إلى تسعة عشر. قال: كان يحمل مفاتح خزائنه العصبة اولوا القوة، فقال قارون كما حكى الله: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي يعني ماله، و كان يعمل الكيمياء، فقال الله: أَ وَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَ أَكْثَرُ جَمْعاً وَ لا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ. أي لا يسأل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء.

8187/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله

بن سعيد العسكري، قال: حدثنا محمد بن أحمد القشيري، قال: حدثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكوفي، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا، قال: «لا تنس صحتك و قوتك و فراغك و شبابك و نشاطك أن تطلب بها الآخرة»

سورة القصص(28): الآيات 79 الي 82 ..... ص : 287

قوله تعالى:

فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ- إلى قوله تعالى- وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ [79- 82] 8188/ [4]- علي بن إبراهيم: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ، قال: في الثياب المصبغات يجرها في الأرض، قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. فقال لهم الخلص من أصحاب موسى: وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ وَ أَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ.

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 143. [.....]

2- تفسير القمي 2: 143.

3- أمالي الصدوق: 189/ 10.

4- تفسير القمي 2: 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 288

قال: هي لفظة سريانية. يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ.

و كان سبب هلاك قارون: أنه لما أخرج موسى بني إسرائيل من مصر، و أنزلهم البادية، و أنزل الله عليهم المن و السلوى، و انفجر لهم من الحجر اثنتا عشرة عينا، بطروا، و قالوا: لَنْ نَصْبِرَ

عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها «1». قال لهم موسى: أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ «2». فقالوا كما حكى الله: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها «3». ثم قالوا لموسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «4». ففرض الله عليهم دخولها، و حرمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فكانوا يقومون من أول الليل، و يأخذون في قراءة التوراة و الدعاء و البكاء، و كان قارون منهم، و كان يقرأ التوراة، و لم يكن فيهم أحسن صوتا منه، و كان يسمى (المنون) لحسن قراءته، و قد كان يعمل الكيمياء.

فلما طال الأمر على بني إسرائيل في التيه و التوبة، و كان قارون قد امتنع من الدخول معهم في التوبة، و كان موسى يحبه، فدخل عليه موسى، فقال له: «يا قارون، قومك في التوبة و أنت قاعد عنها؟! ادخل معهم، و إلا أنزل الله بك العذاب» فاستهان به، و استهزأ بقوله، فخرج موسى من عنده مغتما، فجلس في فناء قصره، و عليه جبة من شعر، و نعلان من جلد حمار، شراكهما من خيوط شعر، بيده العصا، فأمر قارون أن يصب عليه رماد قد خلط بالماء، فصب عليه، فغضب موسى غضبا شديدا. و كان في كتفه شعرات كان إذا غضب خرجت من ثيابه و قطر منها الدم، فقال موسى: «يا رب، إن لم تغضب لي فلست لك بنبي» فأوحى الله إليه: «قد أمرت الأرض أن تطيعك، فمرها بما شئت».

و قد كان قارون قد أمر أن يغلق باب

القصر، فأقبل موسى، فأومأ إلى الأبواب فانفرجت، فدخل عليه، فلما نظر إليه قارون علم أنه قد اوتي بالعذاب، فقال: يا موسى، أسألك بالرحم الذي بيني و بينك. فقال له موسى: «يا ابن لاوي، لا تزدني من كلامك، يا أرض خذيه». فدخل القصر بما فيه في الأرض، و دخل قارون في الأرض إلى ركبتيه فبكى، و حلفه بالرحم، فقال له موسى: «يا ابن لاوي، لا تزدني من كلامك، يا أرض خذيه». فابتلعته بقصره و خزائنه.

و هذا ما قال موسى لقارون يوم أهلكه الله، فعيره الله بما قال لقارون، فعلم موسى أن الله قد عيره بذلك، فقال: «يا رب، إن قارون قد دعاني بغيرك، و لو دعاني بك لأجبته». فقال الله: «ما قلت: يا بن لاوي، لا تزدني من كلامك؟». فقال موسى: «يا رب، لو علمت أن ذلك لك رضا لأجبته».

فقال الله: «يا موسى، و عزتي و جلالي، و جودي و مجدي، و علو مكاني لو أن قارون كما دعاك دعاني لأجبته، و لكنه لما دعاك وكلته إليك. يا بن عمران، لا تجزع من الموت، فإني كتبت الموت على كل نفس، و قد

__________________________________________________

(1، 2) البقرة 2: 61.

(3) المائدة 5: 22.

(4) المائدة 5: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 289

مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عيناك».

فخرج موسى إلى جبل طور سيناء مع وصيه، و صعد موسى (عليه السلام) الجبل، فنظر إلى رجل قد أقبل و معه مكتل «1» و مسحاة، فقال له موسى: «ما تريد؟». قال: إن رجلا من أولياء الله قد توفي، فأنا أحفر له قبرا. فقال له موسى: «ألا أعينك عليه؟» فقال: بلى. قال: فحفر القبر، فلما فرغا أراد الرجل أن ينزل إلى القبر،

فقال له موسى: «ما تريد؟» قال: أدخل القبر فأنظر كيف مضجعه؟ فقال له موسى: «أنا أكفيك» فدخل موسى (عليه السلام)، فاضطجع فيه، فقبض ملك الموت روحه، و انضم عليه الجبل.

8189/ [2]- الطبرسي، قال: قارون كان من بني إسرائيل، ثم من سبط موسى، و هو ابن خالته، عن عطاء، عن ابن عباس. قال: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة القصص(28): آية 83 ..... ص : 289

قوله تعالى:

تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [83]

8190/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حفص، ما منزلة الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة، إذا اضطررت إليها أكلت منها. يا حفص، إن الله تبارك و تعالى علم ما العباد عاملون، و إلى ما هم صائرون، فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم، فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت» ثم تلا قوله: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ الآية، و جعل يبكي و يقول: «ذهبت و الله الأماني عند هذه الآية».

ثم قال: «فاز و الله الأبرار، أ تدري من هم؟ هم الذين لا يؤذون الذر «2»، كفى بخشية الله علما، و كفى بالاغترار جهلا. يا حفص، إنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد، من تعلم و علم، و عمل بما علم، دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، و عمل لله، و علم لله».

قلت: جعلت فداك، ما حد الزهد في الدنيا؟ قال: «قد حد الله في كتابه، فقال عز و جل: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا

بِما آتاكُمْ «3»، إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله، و أخوفهم له أعلمهم به، و أعلمهم به

__________________________________________________

2- مجمع البيان 7: 415.

1- تفسير القمّي 2: 146.

(1) المتكل: الزّبيل الكبير. «النهاية 4: 150».

(2) الذّرّ: جمع ذرّة، و هي أصغر النمل. «الصحاح- ذرر- 2: 663».

(3) الحديد 57: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 290

أزهدهم فيها».

فقال له رجل: يا ابن رسول الله، أوصني. فقال: «اتق الله حيث كنت، فإنك لا تستوحش».

8191/ [2]- و

قال أبو عبد الله (عليه السلام) أيضا، في قوله: عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً، قال: «العلو: الشرف، و الفساد: البناء» «1».

8192/ [3]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنا عنده ثمانية رجال، فذكرنا رمضان، فقال: «لا تقولوا هذا رمضان، و لا جاء رمضان، و ذهب رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله، لا يجي ء و لا يذهب، و إنما يجي ء و يذهب الزائل، و لكن قولوا: شهر رمضان فالشهر المضاف إلى الاسم، و الاسم اسم الله، و هو الشهر الذي انزل فيه القرآن، جعله الله مثلا وعيدا «2».

ألا و من خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله- و نحن سبيل الله الذي من دخل فيه يطاف بالحصن، و الحصن هو الإمام- فيكبر عند رؤيته، كانت له يوم القيامة صخرة في ميزانه أثقل من السماوات السبع، و الأرضين السبع، و ما فيهن، و ما بينهن و ما تحتهن».

قلت: يا أبا جعفر، و ما الميزان؟ فقال: «إنك قد ازددت قوة و نظرا. يا سعد، رسول الله (صلى الله عليه و

آله) الصخرة، و نحن الميزان، و ذلك قول الله عز و جل في الإمام: لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ «3»».

قال: «و من كبر بين يدي الإمام، و قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كتب الله له رضوانه الأكبر، و من كتب له رضوانه الأكبر يجمع بينه و بين إبراهيم و محمد (عليهما السلام) و المرسلين في دار الجلال».

قلت: و ما دار الجلال؟ فقال: «نحن الدار، و ذلك قول الله عز و جل: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، [فنحن العاقبة، يا سعد. و أما مودتنا للمتقين فيقول الله عز و جل: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ «4»، جلال الله و كرامته التي أكرم الله تبارك و تعالى العباد بطاعتنا».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 147.

3- مختصر بصائر الدرجات: 56.

(1) في المصدر: النساء. [.....]

(2) في «ط»: مثلا و وعدا و وعيدا.

(3) الحديد 57: 25.

(4) الرحمن 55: 78.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 291

سورة القصص(28): آية 85 ..... ص : 291

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ [85]

8193/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سئل عن جابر، فقال: «رحم الله جابرا، بلغ من فقهه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ يعني الرجعة».

8194/ [2]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، في قوله: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، قال: «يرجع إليكم نبيكم (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين،

و الأئمة (عليهم السلام)».

8195/ [3]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، قال: ذكر عند أبي جعفر (عليه السلام) جابر، فقال: «رحم الله جابرا، لقد بلغ من علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ يعني الرجعة».

8196/ [4]- سعد بن عبد الله: عن حميد بن زياد، قال: حدثني عبيد الله بن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا عبيس ابن هشام، عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: حدثني.

قال: «أليس قد سمعت الحديث من أبيك؟». قلت: هلك أبي و أنا صبي. قال: قلت: فأقول، فإن أصبت قلت: نعم، و إن أخطأت رددتني عن الخطأ. قال: «هذا أهون».

قال: قلت: فإني أزعم أن عليا (عليه السلام) دابة الأرض. قال: فسكت. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و أراك و الله ستقول: إن عليا (عليه السلام) راجع إلينا و قرأ: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ». قال: قلت: و الله لقد جعلتها فيما أريد أن أسألك عنها فنسيتها.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أ فلا أخبرك بما هو أعظم من هذا؟ وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً «1»، لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)» و أشار بيده إلى آفاق الأرض.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 147.

2- تفسير القمّي 2: 147.

3- تفسير القمّي 1: 25.

4- مختصر بصائر الدرجات: 209.

(1) سبأ 34: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 292

8197/ [5]- و

عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن

سعيد، و محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن المعلى أبي عثمان، عن المعلى بن خنيس، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أول من يرجع إلى الدنيا الحسين بن علي (عليهما السلام)، فيملك حتى يسقط حاجباه على عينيه من الكبر».

8198/ [6]- قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، قال: «نبيكم (صلى الله عليه و آله) راجع إليكم».

8199/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن عبد الله بن أحمد بن نهيك، عن عبيس بن هشام عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: حدثني. قال:

«أ و ليس قد سمعته من أبيك؟» قلت: هلك أبي و أنا صبي. قال: قلت: فأقول: فإن أصبت قلت: نعم، و إن أخطأت رددتني عن الخطأ. قال: «ما أشد شرطك» قلت: فأقول، فإن أصبت سكت، و إن أخطأت رددتني عن الخطأ. قال:

«هذا أهون».

قال: قلت: فإني أزعم أن عليا (عليه السلام) دابة الأرض فسكت. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أراك- و الله- تقول:

إن عليا (عليه السلام) راجع إلينا و قرأ: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ». قال: قلت: قد جعلتها فيما أريد أن أسألك عنه فنسيتها.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أ فلا أخبرك بما هو أعظم من هذا؟ قوله عز و جل: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً «1»، و ذلك أنه لا تبقى أرض إلا و يؤذن فيها بشهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله» و

أشار بيده إلى آفاق الأرض.

8200/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان، عن سعيد بن عمر، عن أبي مروان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، قال: فقال لي: «لا و الله، لا تنقضي الدنيا و لا تذهب حتى يجتمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) بالثوية، فيلتقيان و يبنيان بالثوية مسجدا له اثنا عشر ألف باب». يعني موضعا بالكوفة.

8201/ [9]- و عن علي بن إبراهيم في (تفسيره)، قال: و أما قوله: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، فإن العامة رووا أنه إلى معاد القيامة. و أما الخاصة فإنهم رووا أنه في الرجعة.

__________________________________________________

5- مختصر بصائر الدرجات: 29.

6- مختصر بصائر الدرجات: 29.

7- تأويل الآيات 1: 423/ 20.

8- تأويل الآيات 1: 424/ 21.

9- تأويل الآيات 1: 424/ 22.

(1) سبأ 34: 28. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 293

8202/ [10]- قال: روي عن أبي جعفر «1» (عليه السلام) أنه سئل عن جابر بن عبد الله، فقال: «رحم الله جابرا، إنه من فقهائنا، إنه كان يعرف تأويل هذه الآية: «إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ أنه في الرجعة».

سورة القصص(28): الآيات 86 الي 88 ..... ص : 293

قوله تعالى:

فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ- إلى قوله تعالى- وَ لا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ [86- 88] 8203/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَلا تَكُونَنَّ يا محمد ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ قال: المخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله)، و المعنى للناس.

و قوله: وَ لا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ المخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله)، و المعنى للناس، و

هو

قول الصادق (عليه السلام): «إن الله بعث نبيه بإياك أعني و اسمعي يا جارة».

قوله تعالى:

كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [88]

8204/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن سيف بن عميرة، عمن ذكره، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، فقال: «ما يقولون فيه؟» قلت: يقولون يهلك كل شي ء إلا وجه الله.

فقال: «سبحان الله! لقد قالوا قولا عظيما، إنما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه».

8205/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد (صلى الله عليه و آله) فهو الوجه الذي لا يهلك، و كذلك قال:

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 1: 424/ 23.

1- تفسير القمي 2: 147.

2- الكافي 1: 111/ 1.

3- الكافي 1: 111/ 2.

(1) في «ط، ج، ي»: عن جعفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 294

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ» «1».

و روى هذا الحديث أحمد بن محمد بن خالد البرقي، في (المحاسن)، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، و ساق الحديث إلى آخره سندا و متنا «2».

8206/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام النحاس، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نحن المثاني التي أعطاها

الله نبينا محمدا (صلى الله عليه و آله)، و نحن وجه الله، نتقلب في الأرض بين أظهركم، و نحن عين الله في خلقه، و يده المبسوطة بالرحمة على عباده، عرفنا من عرفنا، و جهلنا من جهلنا و إمامة المتقين» «3».

8207/ [4]- و

عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين «4» بن سعيد، عن الهيثم بن عبد الله، عن مروان بن الصباح، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله خلقنا فأحسن خلقنا، و صورنا فأحسن صورنا، و جعلنا عينه في عباده، و لسانه الناطق في خلقه، و يده المبسوطة على عباده بالرأفة و الرحمة، و وجهه الذي يؤتى منه، و بابه الذي يدل عليه، و خزانه في سمائه و أرضه، بنا أثمرت الأشجار و أينعت الثمار و جرت الأنهار، و بنا ينزل غيث السماء و ينبت عشب الأرض، و بعبادتنا عبد الله، و لولا نحن ما عبد الله».

8208/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن محمد بن حمران، عن أسود بن سعيد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله: «نحن حجة الله، و نحن باب الله، و نحن لسان الله، و نحن وجه الله، و نحن عين الله في خلقه، و نحن ولاة أمر الله في عباده».

8209/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن صفوان، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كُلُّ

شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، فقال: «كل شي ء هالك إلا من أخذ الطريق الذي أنتم عليه».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 111/ 3.

4- الكافي 1: 111/ 5.

5- الكافي 1: 112/ 7.

6- المحاسن: 199/ 30.

(1) النساء 4: 80.

(2) المحاسن: 219/ 118.

(3) قوله: «و إمامة المتّقين» بالنصب عطفا على ضمير المتكلّم في جهلنا ثانيا، أي جهلنا من جهل إمامة المتّقين، أو عرفنا و جهلنا أولا، أي عرف إمامة المتّقين من عرفنا، و جهلها من جهلنا. أو بالجرّ عطفا على الرحمة، أي يده المبسوطة بإمامة المتّقين، و لعلّه من تصحيف النسّاخ، و الأظهر ما في نسخ التوحيد: و من جهلنا فأمامه اليقين، أي الموت، على التهديد، أو المراد أنّه يتيقّن بعد الموت و رفع الشبهات «مرآة العقول 2: 115».

(4) في المصدر: الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 295

8210/ [7]- و

عنه: عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن أبي سعيد، عن أبي بصير، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «إلا من أخذ طريق الحق».

8211/ [8]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن الحارث بن المغيرة، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فسأله رجل عن قول الله تبارك و تعالى: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، فقال: «ما يقولون فيه؟» قلت: يقولون يهلك كل شي ء إلا وجهه. فقال: «سبحان الله! لقد قالوا قولا عظيما، إنما عنى كل شي ء هالك إلا وجهه الذي يؤتى منه، و نحن وجهه الذي يؤتى منه».

8212/ [9]- ابن بابويه: عن أبيه،

قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن جليس لأبي حمزة، عن أبي حمزة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «فيهلك كل شي ء و يبقى الوجه؟! إن الله عز و جل أعظم من أن يوصف بالوجه، و لكن معناه: كل شي ء هالك إلا دينه، و الوجه الذي يؤتى منه».

و رواه أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب (المحاسن)، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور ابن يونس، الحديث «1».

8213/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن عمر بن أبان، عن ضريس الكناسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «نحن الوجه الذي يؤتى الله عز و جل منه».

و رواه الصفار في (بصائر الدرجات) عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن منصور، الحديث.

إلا أن في هذين الكتابين: «الله أعظم من أن يوصف» بدون ذكر الوجه «2».

8214/ [11]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن الحارث

__________________________________________________

7- المحاسن: 219/ 117. [.....]

8- بصائر الدرجات: 84/ 1.

9- التوحيد: 149/ 1.

10- كمال الدين و تمام النعمة: 231/ 34.

11- التوحيد: 149/ 2.

(1) المحاسن: 218/ 116.

(2) بصائر الدرجات: 85/ 3.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 4، ص: 296

ابن المغيرة النصري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال:

«كل شي ء هالك إلا من أخذ طريق الحق».

8215/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، عن محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد و الأئمة من بعده (صلوات الله عليهم أجمعين) فهو الوجه الذي لا يهلك» ثم قرأ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «1».

8216/ [13]- و

عنه بهذا الإسناد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن وجه الله الذي لا يهلك».

8217/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ربيع الوراق، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «نحن هو».

8218/ [15]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «فيفنى كل شي ء و يبقى الوجه؟! الله أعظم من أن يوصف، لا و لكن معناها، كل شي ء هالك إلا دينه، و نحن الوجه الذي يؤتى الله منه، لم نزل في عباده ما دام الله له فيهم روية، فإذا لم

يكن له فيهم روية، رفعنا إليه، ففعل بنا ما أحب».

قلت: جعلت فداك، و ما الروية؟ قال: «الحاجة».

و رواه ابن بابويه في (الغيبة)، بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)

، بتغيير يسير لا يغير المعنى «2».

8219/ [16]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد الله بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، عن سلام بن المستنير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «نحن- و الله- وجهه الذي قال، و لن نهلك «3» إلى يوم القيامة بما أمر الله به من طاعتنا و موالاتنا، فذلك و الله الوجه الذي قال: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، و ليس منا

__________________________________________________

12- التوحيد: 149/ 3.

13- التوحيد: 150/ 4.

14- التوحيد: 150/ 5.

15- تفسير القمّي 2: 147.

16- تأويل الآيات 1: 425/ 25.

(1) النساء 4: 80.

(2) كمال الدين و تمام النعمة: 231/ 33.

(3) في «ط، ي»: يهلك. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 297

ميت يموت إلا و خلف «1» عاقبة منه إلى يوم القيامة».

8220/ [17]- و

عنه، قال: أخبرنا عبد الله بن العلاء المذاري «2»، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله ابن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، قال: «نحن وجه الله عز و جل».

8221/ [18]- و

عنه، قال: حدثنا الحسن «3» بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن يونس بن يعقوب، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول

الله عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ:

«إلا ما أريد به وجه الله، و وجهه علي (عليه السلام)».

8222/ [19]- الطبرسي في (الإحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قد سأله سائل عن تفسير آيات من القرآن، فسأله فأجابه (عليه السلام)، فقال: «و أما قوله: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، فإنما أنزلت: كل شي ء هالك إلا دينه لأنه من المحال أن يهلك منه كل شي ء و يبقى الوجه، هو أجل و أعظم و أكرم من ذلك، إنما يهلك من ليس منه، ألا ترى أنه قال: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ «4»؟ ففصل بين خلقه و وجهه».

__________________________________________________

17- تأويل الآيات 1: 426/ 26.

18- تأويل الآيات: 1: 426/ 27.

19- الاحتجاج 1: 253.

(1) في المصدر: و خلفه.

(2) في «ج، ي، ط»: عن المداري، راجع رجال النجاشي: 219/ 571.

(3) في المصدر: الحسين.

(4) الرحمن 55: 26 و 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 299

سورة العنكبوت ..... ص : 299

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 301

فضلها ..... ص : 301

8223/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة العنكبوت و الروم في شهر رمضان ليلة ثلاث و عشرين فهو- و الله يا أبا محمد- من أهل الجنة، لا أستثني فيه أبدا، و لا أخاف أن يكتب علي في يميني إثم، و إن لهاتين السورتين عند الله مكانا».

8224/ [2]- و

من (خواص القرآن) روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المؤمنين و المؤمنات، و المنافقين و المنافقات و من كتبها و شرب ماءها زالت عنه جميع الأسقام و الأمراض بإذن الله تعالى».

8225/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و شربها زال عنه كل ألم و مرض بقدرة الله تعالى».

8226/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و شربها زال عنه حمى الربع «1» و البرد، و الألم، و لم يغتم من وجع أبدا إلا وجع الموت الذي لا بد منه، و يكثر سروره ما عاش و شرب مائها يفرح القلب «2»، و يشرح الصدر، و ماؤها يغسل به الوجه للحمرة و الحرارة، و يزيل ذلك و من قرأها على فراشه و إصبعه في سرته، يديره حولها، فإنه ينام من أول الليل إلى آخره، و لم ينتبه إلا الصبح بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 109، مجمع البيان 8: 425.

2- ... صدر الحديث في مجمع البيان 8: 425.

3- ....

4- خواص القرآن: 5 «قطعة منه».

(1) حمىّ الرّبع: هي التي تعرض للمريض يوما و تدعه يومين، ثمّ تعود إليه في اليوم الرابع. «المعجم الوسيط- ربع-

1: 324».

(2) في المصدر زيادة: و ينشط الكسل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 303

سورة العنكبوت(29): الآيات 1 الي 6 ..... ص : 303

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ [1- 6]

8227/ [1]- محمد بن يعقوب، قال: روي أن أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه)، قال في خطبة- و ذكر الخطبة إلى أن قال (عليه السلام)-: «و لكن الله عز و جل يختبر عبيده بأنواع الشدائد، و يتعبدهم بأنواع المجاهد، و يبتليهم بضروب المكاره، إخراجا للتكبر من قلوبهم، و إسكانا للتذلل في أنفسهم، و ليجعل ذلك أبوابا إلى فضله، و أسبابا و دليلا «1» لعفوه و فتنته، كما قال: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ».

8228/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ، ثم قال لي: «ما الفتنة؟» قلت: جعلت فداك، الذي عندنا: الفتنة في الدين. قال: «يفتنون كما يفتن الذهب «2»، ثم يخلصون كما يخلص الذهب».

8229/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «جاء العباس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: انطلق بنا يبايع لك الناس. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أ تراهم

__________________________________________________

1- الكافي 4: 200/ 2. [.....]

2- الكافي 1: 302/ 4.

3- تفسير القمّي 2: 148.

(1) في المصدر: و أسبابا ذللا.

(2) تقول: فتنت الذهب: إذا أدخلته

النار لتنظرّ ما جودته. «الصحاح- فتن- 6: 2175».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 304

فاعلين؟ قال: نعم. قال: فأين قوله: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي اختبرناهم فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا أي يفوتونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ- قال- من أحب لقاء الله جاءه الأجل وَ مَنْ جاهَدَ «1» نفسه عن اللذات و الشهوات و المعاصي فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ؟».

8230/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن عبيد الله بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن أبيه (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: «لما نزلت: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ، قال:

قلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي، إنك مبتلى بك، و إنك مخاصم، فأعد للخصومة».

8231/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، عن إدريس بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: فسر لي قوله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ «2»، فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان حريصا على أن يكون علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعده على الناس، و كان عند الله خلاف ذلك» فقال: و عنى بذلك قوله عز و جل: الم أَ حَسِبَ

النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ، قال:

«فرضي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأمر الله عز و جل».

8232/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سماعة ابن مهران، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات ليلة في المسجد، فلما كان قرب الصبح، دخل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فناداه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «يا علي» قال: «لبيك» قال: «هلم إلي» فلما دنا منه، قال:

«يا علي، بت الليلة حيث تراني، و قد سألت ربي ألف حاجة فقضاها لي، و سألت لك مثلها فقضاها لي، و سألت ربي أن يجمع لك امتي من بعدي، فأبى علي ربي، فقال: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ».

8233/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين القبيطي «3»، عن عيسى بن مهران، عن الحسن بن الحسين __________________________________________________

4- تأويل الآيات 1: 427/ 2، و صدره في شواهد التنزيل 1: 438/ 602.

5- تأويل الآيات 1: 428/ 3.

6- تأويل الآيات 1: 428/ 4.

7- تأويل الآيات 1: 429/ 5.

(1) في المصدر زيادة: آمال.

(2) آل عمران 3: 128.

(3) في المصدر: الخثعمي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 305

العرني، عن علي بن أحمد بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن حسن بن حسين بن يحيى، عن علي «1» بن أسباط، عن السدي، في قوله عز و جل: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ

اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا قال: علي (عليه السلام) و أصحابه وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ أعداؤه.

8234/ [8]- ابن شهر آشوب: عن أبي طالب الهروي، بإسناده عن علقمة، و أبي أيوب: أنه لما نزل: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ الآيات، قال النبي (صلى الله عليه و آله) لعمار: «إنه سيكون من بعدي هنات «2»، حتى يختلف السيف فيما بينهم، و حتى يقتل بعضهم بعضا، و حتى يتبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني: علي بن أبي طالب، فإن سلك الناس كلهم واديا فاسلك وادي علي و خل عن الناس.

يا عمار، إن عليا لا يردك عن هدى، و لا يردك في ردى «3». يا عمار، طاعة علي طاعتي، و طاعتي طاعة الله».

8235/ [9]- الحسين بن علي (عليه السلام): عن أبيه (عليه السلام)، قال: «لما نزلت: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ الآيات قلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي، إنك مبتلى، و مبتلى بك، و إنك مخاصم، فأعد للخصومة».

8236/ [10]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يفتنون: يبتلون في أنفسهم و أموالهم».

8237/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن أيوب بن سليمان، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: قوله عز و جل: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ نزلت في عتبة و شيبة و الوليد بن عتبة، و هم الذين بارزوا عليا و حمزة و عبيدة، و نزلت فيهم: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَ مَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ، قال: في علي (عليه السلام) و صاحبيه.

8238/

[12]- و من طريق المخالفين: في قوله تعالى: الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ، قال علي (عليه السلام): «قلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي بك، و إنك لمخاصم، فأعد للخصومة». و قال علي: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا «4» نحن أولئك».

__________________________________________________

8- المناقب 3: 203.

9- المناقب 3: 203.

10- مجمع البيان 8: 427. [.....]

11- تأويل الآيات 1: 429/ 6، شواهد التنزيل 1: 440/ 604.

12- ... كشف الغمّة 1: 316.

(1) في «ج، ي، ط»: حسن بن حسين، عن يحيى بن علي.

(2) أي شرور و فساد «النهاية 5: 279».

(3) في «ي» و المصدر: إلى ردى.

(4) فاطر 35: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 306

سورة العنكبوت(29): الآيات 8 الي 9 ..... ص : 306

قوله تعالى:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً- إلى قوله تعالى- لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ [8- 9] 8239/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً قال: هما اللذان ولداه.

ثم قال: وَ إِنْ جاهَداكَ يعني الوالدين لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ.

8240/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان، عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، أنه سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ «1».

قال: «الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم، و ورثا الحكم «2»، و أمر الناس بطاعتهما، ثم قال: إِلَيَّ الْمَصِيرُ «3»، فمصير العباد إلى الله،

و الدليل على ذلك الوالدان، ثم عطف الله القول على ابن حنتمة «4» و صاحبه، فقال في الخاص: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي «5» يقول: في الوصية، و تعدل عمن أمرت بطاعته، فلا تطعهما، و لا تسمع قولهما، ثم عطف القول على الوالدين فقال: وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً «6»، يقول: عرف الناس فضلهما، و ادع إلى سبيلهما، و ذلك قوله: وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ «7»، قال: إلى الله ثم إلينا، فاتقوا الله و لا تعصوا الوالدين، فإن رضاهما رضا الله، و سخطهما سخط الله».

8241/ [3]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده عن سلمة «8» بن كهيل، عن أبيه، في قول الله عز و جل:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً، قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

8242/ [4]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «9»، قال: «قال

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 148.

2- تفسير القمّي 2: 148.

3- خصائص الأئمة: 70.

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 329/ 189.

(1) لقمان 31: 14.

(2) في المصدر: الحلم.

(3) لقمان 31: 14.

(4) في المصدر: ابن فلانة. [.....]

(5) لقمان 31: 15.

(6) لقمان 31: 15.

(7) لقمان 31: 15.

(8) في جميع النسخ: سهل. راجع: تهذيب التهذيب 4: 155، مجمع رجال الحديث 8: 208.

(9) البقرة 2: 83.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 307

رسول الله (صلى الله عليه و آله): أفضل والديكم و أحقهما بشكركم محمد و علي».

8243/ [5]- و

قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: أنا و علي أبوا هذه الامة، و لحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم، فإنا ننقذهم- إن

أطاعونا- من النار إلى دار القرار، و نلحقهم من العبودية بخيار الأحرار».

8244/ [6]- و

قالت فاطمة (صلوات الله عليها): «أبوا هذه الامة: محمد و علي، يقيمان أودهم «1»، و ينقذانهم من العذاب الدائم، إن أطاعوهما، و يبيحانهم النعيم الدائم، إن وافقوهما».

8245/ [7]- و

قال الحسن بن علي (عليهما السلام): «محمد و علي أبوا هذه الأمة، فطوبى لمن كان بحقهما عارفا، و لهما في كل أحواله مطيعا، يجعله الله من أفضل سكان جنانه، و يسعده بكراماته و رضوانه».

8246/ [8]- و

قال الحسين بن علي (عليهما السلام): «من عرف حق أبويه الأفضلين: محمد و علي (عليهما السلام)، و أطاعهما حق الطاعة قيل له: تبحبح «2» في أي الجنان شئت».

8247/ [9]- و

قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «إن كان الأبوان إنما عظم حقهما على الأولاد لإحسانهما إليهم، فإحسان محمد و علي (عليهما السلام) إلى هذه الامة أجل و أعظم، فهما بأن يكونا أبويهم أحق».

8248/ [10]- و

قال محمد بن علي (عليهما السلام): «من أراد أن يعلم كيف قدره عند الله، فلينظر كيف قدر أبويه الأفضلين عنده: محمد و علي (عليهما السلام)».

8249/ [11]- و

قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «من رعى حق أبويه الأفضلين محمد و علي (عليهما السلام)، لم يضره ما أضاع من حق أبوي نفسه و سائر عباد الله، فإنهما (صلوات الله عليهما): يرضيانهم بشفاعتهما».

8250/ [12]- و

قال موسى بن جعفر (عليه السلام): «يعظم ثواب الصلاة على قدر تعظيم المصلي أبويه الأفضلين: محمد و علي (صلى الله عليهما و على آلهما)».

8251/ [13]- و

قال علي بن موسى (عليهما السلام): «أما يكره أحدكم أن ينفى عن أبيه و امه اللذين ولداه؟» قالوا:

__________________________________________________

5- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 190.

6- التفسير المنسوب إلى

الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 191.

7- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 192.

8- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 193.

9- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 194.

10- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 195.

11- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 331/ 196.

12- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 331/ 197.

13- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 331/ 198. [.....]

(1) الأود: العوج. «لسان العرب- أود- 3: 75».

(2) التبحبح: التمكّن في الحلول و المقام. «الصحاح- بحح- 1: 354».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 308

بلى و الله. قال: «فليجتهد أن لا ينفى عن أبيه و امه اللذين هما أبواه أفضل من أبوي نفسه».

8252/ [14]- و

قال محمد بن علي (عليهما السلام)، قال رجل بحضرته: إني لأحب محمدا و عليا (عليهما السلام) حتى لو قطعت إربا إربا، أو قرضت لم أزل عنه. قال محمد بن علي (عليهما السلام): «لا جرم أن محمدا و عليا يعطيانك من أنفسهما ما تعطيهما أنت من نفسك، إنهما ليستدعيان لك في يوم فصل القضاء ما لا يفي ما بذلته لهما بجزء من مائة ألف ألف جزء من ذلك».

8253/ [15]- قال علي بن محمد (عليهما السلام): «من لم يكن والدا دينه محمد و علي (عليهما السلام) أكرم عليه من والدي نسبه، فليس من الله في حل و لا حرام، و لا قليل و لا كثير».

8254/ [16]- و

قال الحسن بن علي (عليهما السلام): «من آثر طاعة أبوي دينه: محمد و علي (عليهما السلام) على طاعة أبوي نسبه، قال الله عز و جل له: لأوثرنك كما آثرتني، و لأشرفنك بحضرة أبوي دينك كما شرفت نفسك بإيثار حبهما

على حب أبوي نسبك».

سورة العنكبوت(29): الآيات 10 الي 13 ..... ص : 308

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [10- 13] 8255/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ، قال: إذا آذاه إنسان، أو أصابه ضر، أو فاقة، أو خوف من الظالمين، دخل معهم في دينهم «1»، فرأى أن ما يفعلونه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع، وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ يعني القائم (عليه السلام) لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ.

8256/ [2]- قال: قوله: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ، قال: كان الكفار يقولون للمؤمنين: كونوا معنا، فإن الذي تخافون أنتم ليس بشي ء، فإن كان حقا نتحمل نحن ذنوبكم.

فيعذبهم الله مرتين: مرة بذنوبهم، و مرة بذنوب غيرهم.

__________________________________________________

14- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 332/ 199.

15- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 332/ 200.

16- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 332/ 201.

1- تفسير القمّي 2: 149.

2- تفسير القمّي 2: 149.

(1) في «ج، ي»: دنياهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 309

8257/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد السياري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي، قال: حدثني حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي إسحاق الليثي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: قلت: يا ابن رسول الله، ما أعجب هذا، تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم، و تؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم! قال:

«إي و الله الذي لا إله إلا هو فالق الحبة، و بارئ النسمة، و فاطر الأرض و السماء، ما أخبرتك إلا بالحق، و ما أنبأتك إلا بالصدق، و ما ظلمهم الله، و ما الله بظلام للعبيد، و إن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله».

قلت: هذا بعينه يوجد في القرآن؟ قال: «نعم، يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن، أ تحب أن أقرأ ذلك عليك»؟ قلت: بلى، يا ابن رسول الله.

فقال: «قال الله عز و جل: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَ ما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ ءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ».

و الحديث بطوله تقدم في قوله تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ من سورة النحل «1».

سورة العنكبوت(29): آية 14 ..... ص : 309

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَ هُمْ ظالِمُونَ [14]

8258/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «عاش نوح (عليه السلام) ألفي سنة و ثلاث مائة سنة، فمنها: ثمان مائة و خمسون سنة قبل أن يبعث، و ألف سنة إلا خمسين عاما و هو في قومه يدعوهم، و خمس مائة عام بعد ما نزل من السفينة و نضب الماء، فمصر الأمصار، و أسكن ولده البلدان.

ثم إن ملك الموت جاءه و هو في الشمس، فقال له: السلام عليك. فرد عليه نوح (عليه السلام)، و قال: ما جاء بك، يا ملك الموت؟ قال: جئتك لأقبض روحك. قال: دعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ فقال: نعم. فتحول، ثم قال: يا

ملك الموت، كل ما مر بي من الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل، فامض لما أمرت به. فقبض روحه (عليه السلام)».

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 606/ 81.

1- الكافي 8: 284/ 429.

(1) تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآيات (20- 25) من سورة النحل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 310

8259/ [2]- و

عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، و عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «عاش نوح (عليه السلام) بعد الطوفان خمسمائة سنة، ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا نوح «1»، قد انقضت نبوتك، و استكملت أيامك، فانظر إلى الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة التي معك، فادفعها إلى ابنك سام، فإني لا أترك الأرض إلا و فيها عالم تعرف طاعتي به، و يعرف به هداي، و يكون نجاة فيما بين مقبض النبي و مبعث النبي الآخر، و لم أكن أترك الناس بغير حجة لي، و داع إلي، و هاد إلى سبيلي، و عارف بأمري، فإني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هاديا أهدي به السعداء، و يكون الحجة «2» على الأشقياء».

قال: «فدفع نوح (صلى الله عليه) الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة إلى سام، و أما حام و يافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به- قال- و بشرهم نوح (عليه السلام) بهود (صلى الله عليه)، و أمرهم باتباعه، و أمرهم أن يفتحوا الوصية في كل عام، و ينظروا فيها، و يكون عهدا «3» لهم».

8260/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي

الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «عاش نوح (عليه السلام) ألفي سنة و خمسمائة سنة، منها: ثمانمائة و خمسون سنة قبل أن يبعث، و ألف سنة إلا خمسين عاما و هو في قومه يدعوهم، و مائتا سنة في عمل السفينة، و خمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة و نضب الماء، فمصر الأمصار، و أسكن ولده البلدان.

ثم إن ملك الموت جاءه و هو في الشمس، فقال: السلام عليك فرد عليه نوح، و قال له: ما جاء بك، يا ملك الموت. فقال: جئت لأقبض روحك. فقال له: تدعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ فقال له: نعم. فتحول نوح (عليه السلام)، ثم قال: يا ملك الموت، فكأن ما مر بي في الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل، فامض لما أمرت به. فقبض روحه (صلى الله عليه)».

سورة العنكبوت(29): الآيات 16 الي 24 ..... ص : 310

قوله تعالى:

وَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

__________________________________________________

2- الكافي 8: 285/ 430.

3- أمالي الصدوق: 413/ 7.

(1) و الظاهر أنّ الصحيح: إن اللّه يقول: يا نوح، إلخ. «من هامش نسخة ط، ج». [.....]

(2) في المصدر: حجة لي.

(3) في المصدر: عيدا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 311

- إلى قوله تعالى- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [16- 24] 8261/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً أي تقدرون كذبا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

و انقطع خبر إبراهيم، و خاطب الله امة محمد (صلى الله عليه و

آله)، فقال: وَ إِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ الى قوله: أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ثم عطف على خبر إبراهيم، فقال: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فهذا من المنقطع المعطوف.

سورة العنكبوت(29): الآيات 25 الي 26 ..... ص : 311

قوله تعالى:

وَ قالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ- إلى قوله تعالى- إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي [25- 26]

8262/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قول الله تعالى: وَ قالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، قال: «يعني يتبرأ بعضكم من بعض».

8263/ [3]- علي بن إبراهيم: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ أي لإبراهيم (عليه السلام) وَ قالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي، قال:

المهاجر من هجر السيئات، و تاب إلى الله.

8264/ [4]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أبان، عن محمد بن مروان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «فآمن له لوط، و خرج مهاجرا إلى الشام هو و سارة و لوط».

8265/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن ابن محبوب، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، و ذكر حديث مهاجرة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 149.

2- الكافي 2: 287/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 149.

4- الكافي 8: 368/ 559.

5- الكافي 8: 370/

560.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 312

إبراهيم (عليه السلام)، و ذكر في آخره: «و سار إبراهيم (عليه السلام) حتى نزل بأعلى الشامات، و خلف لوطا (عليه السلام) في أدنى الشامات» و الحديث طويل، يأتي بطوله- إن شاء الله تعالى- في سورة الصافات في قوله تعالى: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ «1».

سورة العنكبوت(29): الآيات 27 الي 35 ..... ص : 312

قوله تعالى:

وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا- إلى قوله تعالى- لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [27- 35] 8266/ [1]- علي بن إبراهيم، وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ قال: هم قوم لوط، كان يضرط بعضهم على بعض.

8267/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده إلى الصادق (عليه السلام): «إن النبي (صلى الله عليه و آله) أبصر رجلا يحذف «2» بحصاة في المسجد، فقال: ما زالت تلعن حتى وقعت. ثم قال: الخذف «3» في النادي من أخلاق قوم لوط، ثم تلا (عليه السلام): وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ قال: هو الخذف».

8268/ [3]- و

عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، قال: أخبرني زياد ابن المنذر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سأله رجل و أنا حاضر عن الرجل يخرج من الحمام، أو يغتسل فيتوشح و يلبس قميصه فوق الإزار فيصلي و هو كذلك؟ قال: «هذا عمل قوم لوط».

قال: قلت: فإنه يتوشح فوق القميص؟ فقال: «هذا من التجبر».

قال: قلت: إن القميص رقيق، يلتحف به؟ قال: «نعم- ثم قال- إن حل الإزرار «4» في الصلاة، و الخذف «5» بالحصى، و مضغ الكندر في المجالس و على ظهر الطريق، من عمل قوم لوط».

8269/ [4]- الطبرسي: في معنى وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ، عن الرضا (عليه السلام): «أنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة و لا حياء».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي

(حجري): 393.

2- التهذيب 3: 262/ 741.

3- التهذيب 2: 371/ 1542.

4- مجمع البيان 8: 440.

(1) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (99) من سورة الصافّات.

(2) في «ط، ي»: يحذف، و الحذف: الرمي و الضرب، و الخذف: الرّمي بالحصى الصغار و بأطراف الأصابع.

(3) في «ط، ي»: الحذف. [.....]

(4) في «ي، ط»: الإزار.

(5) في «ي، ط»: الحذف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 313

و خبر لوط و شعيب تقدما في سورة هود و غيرها «1»، و يأتي من ذلك في سورة الذاريات «2»، إن شاء الله تعالى.

8270/ [5]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال: أخبرني أبو الحسين علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث عهده (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر، يعمل به و يقرأه على أهل مصر حين ولاه مصر، و قال فيه (عليه السلام): «اعلموا- يا عباد الله- أن المؤمن من يعمل الثلاث من الثواب: أما الخير فإن الله يثيبه بعمله في دنياه، قال الله سبحانه لإبراهيم: وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ فمن عمل لله تعالى، أعطاه أجره في الدنيا و الآخرة، و كفاه المهم فيهما».

8271/ [6]- (تحفة الإخوان): قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «و كان أهل المؤتفكات من أجل الناس، و كانوا في حسن و جمال، فأصابهم الغلاء و القحط، فجاءهم

إبليس اللعين، و قال لهم: إنما جاءكم القحط لأنكم منعتم الناس من دوركم و لم تمنعوهم من بساتينكم الخارجة. فقالوا: و كيف السبيل إلى المنع؟ فقال لهم:

اجعلوا السنة بينكم إذا وجدتم غريبا في بلدكم سلبتموه و نكحتموه في دبره، حتى أنكم إذا فعلتم ذلك لم يتطرقوا عليكم».

قال: «فعزموا على ذلك، فخرجوا إلى ظاهر البلد يطلبون من يجوز بهم «3»، فتصور لهم إبليس اللعين غلاما أمرد، فتزين، فحملوا عليه، فلما رأوه سلبوه و نكحوه في دبره، فطاب لهم ذلك، حتى صار هذا عادة لهم في كل غريب وجدوه، حتى تعدوا من الغرباء إلى أهل البلد، و فشا ذلك فيهم، و ظهر ذلك من غير انتقام بينهم، فمنهم من يؤتى، و منهم من يأتي.

و أوحى الله تعالى إلى إبراهيم (عليه السلام): أني اخترت لوطا نبيا، فابعثه إلى هؤلاء القوم. فأقبل إبراهيم إلى لوط فأخبره بذلك، ثم قال له: انطلق إلى مدائن سدوم «4»، و ادعهم إلى عبادة الله، و حذرهم أمر الله و عذابه، و ذكرهم بما نزل بقوم نمرود بن كنعان. فسار لوط حتى صار إلى المدائن، فوقف و هو لا يدљʠبأيها يبدأ، فأقبل حتى دخل مدينة سدوم، و هي أكبرها، و فيها ملكهم، فلما بلغ وسط السوق، قال: يا قوم اتقوا الله و أطيعوني، و ازجروا أنفسكم عن هذه الفواحش التي لم تسبقوا إلى مثلها، و انتهوا عن عبادة الأصنام، فإني رسول الله إليكم.

فذلك معنى قوله تعالى: وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ __________________________________________________

5- الأمالي: 1: 24.

6- تحفة الاخوان: 48.

(1) تقدم في تفسير الآيات (69- 83 و 84- 101) من سورة هود، و الآيات (48- 72)

من سورة الحجر.

(2) يأتي في تفسير الآيات (24- 47) من سورة الذاريات.

(3) في المصدر: يفجرون به.

(4) سدوم: قرى بين الحجاز و الشام. «آثار البلاد و أخبار العباد: 202».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 314

إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَ ما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ «1»، يعني عن إتيان الرجال، و قال في مكان آخر: أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَ تَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ، يعني الحذف بالحصى، و التصفيق و اللعب بالحمام، و تصفيق «2» الطيور، و مناقرة الديوك، و مهارشة الكلاب «3»، و الحبق «4» في المجالس، و لبس المعصفرات «5»، فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.

و بلغ ذلك ملكهم في سدوم، فقال: ائتوني به. فلما وقف بين يديه، قال له: من أنت، و من أرسلك، و بماذا جئت، و إلى من بعثت؟ فقال له: أما اسمي فلوط ابن أخ إبراهيم (عليه السلام)، و أما الذي أرسلني فهو الله ربي و ربكم، و أما ما جئت به، فأدعوكم إلى طاعة الله [و أمره ، و أنهاكم عن هذه الفواحش. فلما سمع ذلك من لوط وقع في قلبه الرعب و الخوف، فقال له: إنما أنا رجل من قومي، فسر إليهم، فإن أجابوك فأنا معهم».

قال: «فخرج لوط من عنده و وقف على قومه، و أخذ يدعوهم إلى عبادة الله، و ينهاهم عن المعاصي، و يحذرهم عذاب الله، حتى وثبوا عليه من كل جانب، و قالوا: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ «6» من هذه الدعوة لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ «7» أي من بلدنا، قالَ

إِنِّي لِعَمَلِكُمْ «8» الخبيث مِنَ الْقالِينَ «9» أي من المبغضين رَبِّ نَجِّنِي وَ أَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ «10» يعني من الفواحش.

فأقام فيهم لوط عشرين سنة، و هو يدعوهم، و توفيت امرأته و كانت مؤمنة، فتزوج بأخرى من قومه، و كانت قد آمنت به، يقال لها (قواب)، فقام معها يدعوهم إلى طاعة الله، فجعلوا يشتمونه و يضربونه، حتى بقي فيهم من أول ما بعث إلى أربعين سنة، فلم يبالوا به، و لم يطيعوه، فضجت الأرض إلى ربها، و استغاثت الأشجار، و الأطيار، و الجنة و النار من فعلهم إلى الله تعالى، فأوحى الله تعالى إليهم «11»: إني حليم لا أعجل على من عصاني حتى يأتي الأجل المحدود».

قال: «فلما استخفوا بنبي الله و لم يذعنوا إلى طاعته، و داموا على ما كانوا فيه من المعاصي، أمر الله تعالى أربعة من الملائكة، و هم: جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل، و دردائيل أن يمروا بإبراهيم (عليه السلام)، و يبشرونه بولد من

__________________________________________________

(1) الأعراف 7: 80- 82.

(2) في «ط»: و تصفق.

(3) المهارشة بالكلاب، تحريش بعضها على بعض. «الصحاح- هرش- 3: 1027».

(4) الحبق: الضّراط. «لسان العرب- حبق- 10: 37».

(5) العصفر: الذي يصبغ به. «لسان العرب- عصفر- 4: 581».

(6) الشعراء 26: 167. [.....]

(7) الشعراء 26: 167.

(8) الشعراء 26: 168.

(9) الشعراء 26: 168.

(10) الشعراء 26: 169.

(11) في المصدر: إليه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 315

سارة بنت هاراز بن ناخور «1»، و كانت قد آمنت به حين جعل الله عليه النار بردا و سلاما، فأوحى الله إليه: أن تزوج بها يا إبراهيم- قال- فتزوج بها، فجاءوا على صورة البشر، المعتجرين «2» بالعمائم، و كان إبراهيم (عليه السلام) لا يأكل إلا مع الضيف- قال- فانقطعت الأضياف عنه

ثلاثة أيام، فلما كان بعد ذلك، قال: يا سارة، قومي و اعملي شيئا من الطعام، فلعلي أخرج عسى أن ألقى ضيفا. فقامت لذلك، و خرج إبراهيم (عليه السلام) في طلب الضيف، فلم يجد ضيفا، فقعد في داره يقرأ الصحف المنزلة عليه، فلم يشعر إلا و الملائكة قد دخلوا عليه مفاجأة على خيلهم في زينتهم، فوقفوا بين يديه، ففزع من مفاجأتهم، حتى قالوا: سلاما، فسكن خوفه، فذلك معنى قوله تعالى:

لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً «3»، و قال تعالى في آية اخرى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ «4»، لأنه لا يعرف صورهم، فرحب بهم، و أمرهم بالجلوس، و دخل على سارة، و قال لها: قد نزل عندنا أربعة أضياف حسان الوجوه و اللباس، و قد دخلوا و سلموا علي بسلام الأبرار، فقال لها: و حاجتي إليك أن تقومي و تخدميهم. فقالت: عهدي بك يا إبراهيم و أنت أغير الناس. فقال: هو كما تقولين، غير أن هؤلاء أعزاء خيار.

ثم عمد إبراهيم إلى عجل سمين فذبحه، و نظفه، و عمد إلى التنور فسجره، فوضع العجل في التنور حتى اشتوى، و ذلك معنى قوله تعالى: فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ «5»، و الحنيذ الذي يشوى في الحفرة، و قد انتهى خبزه و نضاجته، فوضع إبراهيم العجل على الخوان، و وضع الخبز من حوله، و قدمه إليهم، و وقفت سارة عليهم تخدمهم، و إبراهيم يأكل و لا ينظر إليهم، فلما رأت سارة ذلك منهم، قالت: يا إبراهيم، إن أضيافك هؤلاء لا يأكلون شيئا. فقال لهم إبراهيم (عليه السلام): ألا تأكلون؟ و داخله الخوف من ذلك، و ذلك معنى

قوله تعالى: فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً «6»، أي أضمر منهم خوفا.

ثم قال إبراهيم (عليه السلام): لو علمت أنكم ما تأكلون ما قطعنا العجل عن البقرة. فمد جبرئيل يده نحو العجل، و قال: قم بإذن الله تعالى. فقام و أقبل نحو البقرة حتى التقم ضرعها، فعند ذلك اشتد خوف إبراهيم (عليه السلام)، و قال:

إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ قالَ وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ «7»- قال- و كانت سارة قائمة فلما سمعت، قالت: أوه «8». و هي الصرة التي قال الله تعالى:

__________________________________________________

(1) في «ج»: فاخور.

(2) الاعتجار: لف العمامة على الرأس. «الصحاح- عجر- 2: 737».

(3) هود 11: 69.

(4) هود 11: 69.

(5) الذاريات 51: 24 و 25.

(6) هود 11: 70.

(7) الحجر 15: 52- 56.

(8) أود: كلمة معناها التحزن. «لسان العرب- أوه- 13: 472».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 316

فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها «1» يعني ضربت وجهها وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ «2» أي كبيرة لم تلد قالَتْ يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عَجِيبٌ قالُوا أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ «3» الموجود ذو الشرف و المجد و الكرم، و في آية اخرى: وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ «4» تخدمهم فَضَحِكَتْ «5» أي حاضت فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ «6».

فإسحاق قد مضى عليه ثمانون سنة فكف بصره،

و كان ملازما لمسجده، فبينما هو ذات يوم جالس إلى جانب امرأته إذ راودها، فضحكت حتى بدت نواجذها، فقالت زوجته، و اسمها رباب بنت لوط (عليه السلام)، و قيل قدرة: يا إسحاق. فقال: نعم، إن شاء الله، فواقعها، فحملت بولدين ذكرين، و أخبرته بحملها، فقال لها إسحاق: لا تعجبي من ذلك، لأني رأيت في أول عمري في المنام ذات ليلة كأنه خرجت من ظهري شجرة عظيمة خضراء لها أغصان و فروع، كل واحد منها على لون، فقيل لي في المنام: هذه الأغصان أولادك الأنبياء على قدر أنوارهم، فانتبهت فزعا مرعوبا، فهذا تأويل رؤياي. فقالت زوجته: يا نبي الله و رسوله، إنهما اثنان، لأنهما يتضاربان في بطني كالمتخاصمين. فقال إسحاق: يكون خيرا إن شاء الله تعالى. فلما تمت مدة الحمل وضعتهما و أحدهما بعقب صاحبه، متعلق «7» بعقبه، فسمي: يعقوب، لأنه بعقب أخيه، و الآخر اسمه عيص، لأنه أخر أخاه، و تقدم عليه».

و قيل: إن سارة قد مضى من عمرها تسع و تسعون سنة، و إبراهيم ثماني و تسعون، و حملت سارة بإسحاق في الليلة التي خسف الله فيها قوم لوط، فلما تمت أشهرها وضعته في ليلة الجمعة يوم عاشوراء، و له نور شعشعاني، فلما سقط من بطن امه خر لله ساجدا، ثم استوى قاعدا، و رفع يديه إلى السماء بالثناء لله تعالى و التوحيد.

قال: «فأخذت تردد قولها: عجوز عقيم و هي لا تدري أن هؤلاء ملائكة، فرفع جبرئيل (عليه السلام) طرفه إليها، و قال لها: يا سارة، كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم. فلما فرغوا من ذلك، قال لهم إبراهيم: فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ «8»، يعني ما بالكم بعد هذه البشارة؟ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا

إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ يعنون قوم لوط لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ «9»». قال قتادة: كانت حجارة مخلوطة بالطين، مطبوخة في نار جهنم

__________________________________________________

(1، 2) الذاريات 51: 29. [.....]

(3) هود 11: 72 و 73.

(4) هود 11: 70 و 71.

(5) هود 11: 71.

(6) هود 11: 71.

(7) في المصدر: يعقب الآخر، و الآخر متعلّق.

(8) الذاريات 51: 31.

(9). 51: 32 و 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 317

مُسَوَّمَةً «1» يعني معلمة، و قيل: إنه كان مكتوبا على كل حجر اسم صاحبه من المسرفين من قوم لوط في معاصيهم.

قال: «فعاد جبرئيل إلى صورته حتى عرفه إبراهيم (عليه السلام)، فأخبره: أن هذا أخي ميكائيل، و هذان إسرافيل و دردائيل. فاغتم إبراهيم (عليه السلام) شفقة على ابن أخيه لوط و أهله، و ذلك معنى قوله تعالى حكاية عن إبراهيم (عليه السلام): إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ، يعني من الباقين في العذاب. ثم سألهم عن عدد المؤمنين في هذه المدائن، قال له جبرئيل: ما فيها إلا لوط، و ابنتاه.

فذلك معنى قوله تعالى: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ «2».

قال الله تعالى: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ «3»، أي الخوف وَ جاءَتْهُ الْبُشْرى «4» يعني بإسحاق يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ «5» يعني ما جرى بينه و بين جبرئيل، يقول الله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ «6» يعني هو مؤمن في الدعاء، مقبل على عبادة ربه- قال- فعند ذلك قال لإبراهيم: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ «7» يعني عذابه وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ «8» أي غير مصروف- قال- فعند ذلك

قال إبراهيم (عليه السلام): يا ملائكة ربي و رسله، امضوا حيث تؤمرون».

قال: «فاستوت الملائكة على خيلهم، و قاربت مدائن لوط وقت المساء، فرأتهم رباب بنت لوط زوجة إسحاق (عليه السلام)، و هي الكبرى، و كانت تستقي الماء، فنظرت إليهم و إذا هم قوم عليهم جمال و هيئة حسنة، فتقدمت إليهم، و قالت لهم: ما لكم تدخلون على قوم فاسقين! ليس فيهم من يضيفكم إلا ذلك الشيخ، و إنه ليقاسي من القوم أمرا عظيما- قال- و عدلت الملائكة إلى لوط، و قد فرغ من حرثه، فلما رآهم لوط اغتم لهم، و فزع عليهم من قومه، و ذلك معنى قوله تعالى: وَ لَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِي ءَ بِهِمْ وَ ضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَ قالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ «9»، يعني شديد شره. و قال في آية اخرى: فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ «10»، أنكرهم لوط كما أنكرهم إبراهيم (عليه السلام)، فقال لهم لوط (عليه السلام): من أين أقبلتم؟ قال له جبرئيل (عليه السلام)، و لم يعرفه: من موضع بعيد، و قد حللنا بساحتك، فهل لك أن تضيفنا في هذه الليلة، و عند ربك الأجر و الثواب؟ قال: نعم، و لكن أخاف عليكم من هؤلاء القوم الفاسقين عليهم لعنة الله.

فقال جبرئيل لإسرافيل (عليهما السلام): هذه واحدة. و قد كان الله تعالى أمرهم أن لا يدمروهم إلا بعد أربع

__________________________________________________

(1) الذاريات 51: 34.

(2) الذاريات 51: 35 و 36.

(3) هود 11: 74.

(4) هود 11: 74.

(5) هود 11: 74.

(6) هود 11: 75.

(7) هود 11: 76. [.....]

(8) هود 11: 76.

(9) هود 11: 77.

(10) الحجر 15: 61، 62.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 318

شهادات تحصل من لوط بفسقهم، و لعنته عليهم،

ثم أقبلوا عليه، و قالوا: يا لوط، قد أقبل علينا الليل، و نحن أضيافك، فاعمل على حسب ذلك. فقال لهم لوط: قد أخبرتكم أن قومي يفسقون، و يأتون الذكور شهوة و يتركون النساء، عليهم لعنة الله. فقال جبرئيل لإسرافيل: هذه ثانية. ثم قال لهم لوط: انزلوا عن دوابكم، و اجلسوا هاهنا حتى يشتد الظلام، ثم تدخلون و لا يشعر بكم منهم أحد، فإنهم قوم سوء فاسقين، عليهم لعنة الله. فقال جبرئيل لإسرافيل: هذه الثالثة.

ثم مضى لوط- بعد أن أسدل الظلام- بين أيديهم إلى منزله، و الملائكة خلفه، حتى دخلوا منزله، فأغلق عليهم الباب، ثم دعا بامرأته، يقال لها (قواب) و قال لها: يا هذه، إنك عصيت مدة أربعين سنة، و هؤلاء أضيافي قد ملؤوا قلبي خوفا، اكفيني أمرهم هذه الليلة حتى أغفر لك ما مضى. قالت: نعم. قال الله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما «1»، و لم تكن خيانتهما في الفراش، لأن الله تعالى لا يبتلي أنبياءه بذلك و لكن خيانة امرأة نوح (عليه السلام) أنها كانت تقول لقومه: لا تضربوه لأنه مجنون و كان ملك قومه رجلا جبارا قويا عاتيا، يقال له: دوقيل «2» بن عويل بن لامك بن جنح بن قابيل، و هو أول من شرب الخمر، و قعد على الأسرة، و أول من أمر بصنعة الحديد و الرصاص و النحاس، و أول من أتخذ الثياب المنسوجة بالذهب، و كان يعبد هو و قومه الأصنام الخمس: ودا، و سواعا، و يغوث، و يعوق، و نسرا، و هي أصنام قوم إدريس (عليه السلام)، ثم اتخذوا في كثرة الأصنام حتى صار لهم

ألف و تسع مائة صنم على كراسي الذهب، و أسرة من الفضة مفروشة بأنواع الفرش الفاخرة، متوجين الأصنام بتيجان مرصعة بالجواهر و اللآلئ و اليواقيت، و لهذه الأصنام خدم يخدمونها تعظيما لها.

و خيانة امرأة لوط أنها كانت إذا رأت ضيفا نهارا أدخنت، و إذا انزل ليلا أوقدت، فعلم القوم أن هناك ضيوفا، فلما كان في تلك الليلة، خرجت و بيدها سراج كأنها تريد أن تشعله، و طافت على جماعة من قومها و أهلها و أخبرتهم بجمال القوم و بحسنهم- قال- فعلم لوط بذلك، فأغلق الباب و أوثقه، و أقبل الفساق يهرعون من كل جانب و مكان، و ينادون، حتى وقفوا على باب لوط، ففزعوه، و ذلك معنى قوله تعالى: وَ جاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ «3»، أي يسرعون إليه وَ مِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ «4»- قال- فناداهم لوط (عليه السلام)، و قال: يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ «5»، يعني بالزواج و النكاح إن آمنتم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي «6»، يعني لا تفضحوني في ضيافتي أَ لَيْسَ مِنْكُمْ «7» يا قوم رَجُلٌ رَشِيدٌ «8» أي حليم، يأمركم بالمعروف، و ينهاكم عن المنكر؟ فقالوا له: لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ «9»، أي من حاجة، و لا شهوة لنا فيهن وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ «10»، يعني عملهم الخبيث، و هو إتيان الذكور.

__________________________________________________

(1) التحريم 66: 10.

(2) في «ج» و المصدر: درقيل.

(3) هود 11: 78.

(4) هود 11: 78.

(5) هود 11: 78.

(6) هود 11: 78.

(7) هود 11: 78.

(8) هود 11: 78.

(9) هود 11: 79.

(10) هود 11: 79.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 319

ثم كسروا الباب و دخلوا، فقالوا: يا لوط أَ وَ

لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ «1»؟، يعني عن الناس أجمعين- قال- فوقف لوط على الباب دون أضيافه، و قال: و الله لا اسلم أضيافي إليكم و في عرق يضرب دون أن تذهب نفسي، أو لا أقدر على شي ء، و ذلك معنى قوله تعالى: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ «2»، فتقدم بعضهم إليه، فلطم وجهه، و أخذ بلحيته، و دفعه عن الباب، فعند ذلك قال لوط: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ- قال- فرفع لوط (عليه السلام) رأسه إلى السماء، و قال: إلهي خذ لي من قومي حقي، و العنهم لعنا كثيرا، فقال جبرئيل لإسرافيل: هذه الرابعة.

ثم قال جبرئيل: يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ «3» فأبشر، و لا تحزن علينا. فهجم القوم عليه، و هم يقولون: أَ وَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ، أي لا تؤوي ضيفا، فرأوا جمال القوم و حسن وجوههم، فبادروا نحوهم، فطمس الله على أعينهم، و إذا هم عمي لا يبصرون، و صارت وجوههم كالقار، و هم يدورون و وجوههم تضرب الحيطان، فذلك قوله تعالى: وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَ نُذُرِ «4»- قال- و إذا نفر آخرون قد لحقوا بهم، و نادوهم: إن كنتم قضيتم شهوتكم منهم، فاخرجوا حتى ندخل و نقضي شهوتنا منهم. فصاحوا: يا قوم، إن لوطا أتى بقوم سحرة، لقد سحروا أعيننا، فادخلوا إلينا و خذوا بأيدينا. فدخلوا و أخرجوهم، و قالوا: يا لوط، إذا أصبح الصبح نأتيك و نريك ما تحب فسكت عنهم لوط حتى خرجوا.

ثم قال لوط (عليه السلام) للملائكة: بماذا أرسلتم؟ فأخبروه بهلاك قومه، فقال: متى ذلك؟ فقال جبرئيل (عليه السلام):

إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ «5». فقال جبرئيل (عليه السلام): اخرج الآن- يا لوط- فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ «6»، يعني في آخر الليل وَ لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ «7» قواب إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ من العذاب».

قال: «فجمع لوط (عليه السلام) بناته و أهله و مواشيه و أمتعته، فأخرجهم جبرئيل (عليه السلام) من المدينة، ثم قال جبرئيل (عليه السلام): يا لوط قد قضى ربك أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين. فقالت له امرأته: إلى أين تخرج- يا لوط- من دورك؟ فأخبرها أن هؤلاء رسل ربي، جاءوا لهلاك المدن. فقالت: يا لوط، و ما لربك من القدرة حتى يقدر على هلاك هؤلاء المدائن السبع؟! فما استتمت كلامها حتى أتاها حجر من حجارة السجيل، فوقع على رأسها فأهلكها، و قيل: إنها بقيت ممسوخة حجرا أسود عشرين سنة، ثم خسف بها في بطن الأرض».

قال: «و خرج لوط (عليه السلام) من تلك المدائن و إذا بجبرئيل الأمين قد بسط جناح الغضب، و إسرافيل قد جمع أطراف المدائن، و دردائيل قد جعل جناحه تحت تخوم الأرض السابعة، و عزرائيل قد تهيأ لقبض أرواحهم

__________________________________________________

(1) الحجر 15: 70. [.....]

(2) هود 11: 80.

(3) هود 11: 81.

(4) القمر 54: 37.

(5) هود 11: 81.

(6) هود 11: 81.

(7) هود 11: 81.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 320

في حراب النيران، حتى إذا برز عمود الصبح، صاح جبرئيل الأمين بأعلى صوته: يا بئس صباح قوم كافرين. و صاح ميكائيل من الجانب الثاني: يا بئس صباح قوم فاسقين. و صاح إسرافيل من الجانب الثالث: يا بئس صباح قوم مجرمين. و صاح دردائيل: يا بئس صباح قوم ضالين. و صاح عزرائيل بأعلى صوته: يا بئس صباح قوم

غافلين».

قال: «فقلع جبرئيل الأمين- طاوس الملائكة المطوق بالنور، ذو القوة- تلك المدائن السبع عن آخرها، من تحت تخوم الأرض السابعة السفلى بجناح الغضب، حتى بلغ الماء الأسود، ثم رفعها بجبالها، و وديانها «1»، و أشجارها، و دورها، و غرفها، و أنهارها، و مزارعها، و مراعيها، حتى انتهى بها إلى البحر الأخضر الذي في الهواء، حتى سمع أهل السماء صياح صبيانهم، و نبيح كلابهم، و صقيع «2» الديكة، فقالوا: من هؤلاء المغضوب عليهم؟

فقيل: هؤلاء قوم لوط (عليه السلام). و لم تزل كذلك على جناح جبرئيل، و هي ترتعد كأنها سعفة في ريح عاصف، تنتظر متى يؤمر بهم، فنودي: در القرى بعضها على بعض. فقلبها جبرئيل الأمين، و جعل عاليها سافلها، فذلك معنى قوله تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى فَغَشَّاها ما غَشَّى «3»، يعني من رمي الملائكة لهم بالحجارة من فوقهم.

قال الله تعالى: فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا «4» يعني عذابنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَ أَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ «5» يعني متتابع بعضه على بعض، و كل حجر عليه اسم صاحبه- قال- فاستيقظ القوم و إذا هم بالأرض تهوي بهم من الهواء، و النيران من تحتهم، و الملائكة تقذفهم بالحجارة و هي مطبوخة بنار جهنم، و هي عليهم كالمطر، فساء صباح المنذرين».

و

روي عن كل واحد كان غائبا عن هذه المدائن، ممن كان على مثل حالهم في دينهم و فعلهم أتاه الحجر، فانقض على رأسه حتى قتله.

و كان النبي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إني لأسمع صوت القواصف من الريح، و الرعود، و أحسب أنها الحجارة التي وعد الله بها الظلمة، كما قال الله تعالى: وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ «6»، و قوله

تعالى: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ «7»، يعني بالحجارة أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ «8» يعني الخسف».

قال كعب: و جعل يخرج من تلك المدائن دخان أسود نتن لا يقدر أحد أن يشمه لنتن رائحته، و بقيت آثار المدائن و القوم يعتبر بها كل من يراها، فذلك معنى قوله تعالى: وَ لَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.

__________________________________________________

(1) في «ط، ي»: و دوابّها.

(2) صقيع الدّيك: صوته. «لسان العرب- صقع- 8: 203».

(3) النجم 53: 53 و 54.

(4) هود 11: 82.

(5) هود 11: 82.

(6) هود 11: 83.

(7) الأنعام 6: 65.

(8) الأنعام 6: 65. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 321

قال: «و مضى لوط (عليه السلام) إلى عمه إبراهيم (عليه السلام)، فأخبره بما نزل بقومه، فذلك معنى قوله تعالى:

وَ لُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ «1»».

سورة العنكبوت(29): الآيات 39 الي 43 ..... ص : 321

قوله تعالى:

وَ قارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ- إلى قوله تعالى- وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [39- 43] 8272/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ قارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ما كانُوا سابِقِينَ: فهذا رد على المجبرة الذين زعموا أن الأفعال لله عز و جل و لا صنع لهم فيها و لا اكتساب، فرد الله عليهم، فقال: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ، و لم يقل بفعلنا به، لأن الله عز و جل أعدل من أن يعذب العبد على فعله الذي يجبره عليه. فقال الله: فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، و هم قوم لوط وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، و هم قوم شعيب و

صالح وَ مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، و هم قوم هود وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، و هم فرعون و أصحابه.

ثم قال: قال الله عز و جل تأكيدا و ردا على المجبرة: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، ثم ضرب الله مثلا فيمن اتخذ من دون الله أولياء، فقال: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً، و هو الذي نسجته العنكبوت على باب الغار الذي دخله رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو أوهن البيوت- قال- فكذلك من اتخذ من دون الله أولياء.

ثم قال: وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ، يعني آل محمد (عليهم السلام).

8273/ [2]- شرف الدين النجفي، قال: روى أحمد بن محمد بن خالد «2» البرقي، عن الحسين بن سيف عن أخيه، عن أبيه، عن سالم بن مكرم، عن أبيه، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، قال: «هي الحميراء».

8274/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن مالك بن عطية، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 150.

2- تأويل الآيات 1: 430/ 7.

3- تأويل الآيات 1: 430/ 8.

(1) الأنبياء 21: 74.

(2) في جميع النسخ: محمد بن خالد، راجع معجم رجال الحديث 5: 267 و 12: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 322

وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ، قال: «نحن هم».

و سيأتي حديث في ذلك- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: بَلْ هُوَ

آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ «1».

سورة العنكبوت(29): الآيات 45 الي 46 ..... ص : 322

قوله تعالى:

اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ- إلى قوله تعالى- وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [45- 46] 8275/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ قال: من لم تنهه الصلاة عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا.

8276/ [2]- الطبرسي، قال: روى أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أحب أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء و المنكر؟ فبقدر ما منعته قبلت منه».

8277/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن سفيان الحريري، عن أبيه، عن سعد الخفاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قلت: يا أبا جعفر، هل يتكلم القرآن؟ فتبسم، ثم قال: «رحم الله الضعفاء من شيعتنا، إنهم أهل تسليم». ثم قال: «نعم يا سعد، و الصلاة تتكلم، و لها صورة و خلق، تأمر و تنهى».

قال سعد: فتغير لذلك لوني، و قلت: هذا شي ء لا أستطيع أن أتكلم به في الناس. فقال أبو جعفر (عليه السلام):

«و هل الناس إلا شيعتنا، فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقنا». ثم قال: «يا سعد، أسمعك كلام القرآن؟». قلت:

بلى، (صلى الله عليك). قال: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، فالنهي كلام، و الفحشاء و المنكر رجال، و نحن ذكر الله، و نحن أكبر».

8278/ [4]-

العياشي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و لذكر الله أكبر عند ما أحل و حرم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2 150.

2- مجمع البيان 8: 447.

3- الكافي 2: 437/ 1.

4- ... البحار 82: 200، و أخرجه في نور الثقلين 4: 162/ 61 عن مجمع البيان.

(1) العنكبوت 29: 49.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 323

8279/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، يقول: «ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه، ألا ترى أنه يقول: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ «1»؟».

قوله: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، قال: اليهود و النصارى إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، قال: بالقرآن.

8280/ [6]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال الصادق (عليه السلام)، و قد ذكر عنده الجدال في الدين، و أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام) قد نهوا عنه، فقال الصادق (عليه السلام): لم ينه عنه مطلقا، لكنه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله عز و جل يقول: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، و قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «2»؟

فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، و الجدال بغير التي هي أحسن محرم، حرمه الله تعالى على شيعتنا و كيف يحرم الله الجدال جملة، و هو يقول: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى «3» و قال تعالى: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «4»؟ فجعل الله علم الصدق و الإيمان بالبرهان، و هل يكون

البرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن؟

فقيل: يا بن رسول الله، فما الجدال بالتي هي أحسن، و التي ليست بأحسن؟ قال: أما الجدال بغير التي هي أحسن، بأن تجادل مبطلا، فيورد عليك باطلا، فلا ترده بحجة قد نصبها الله، و لكن تجحد قوله، أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله، فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة، لأنك لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم، و على المبطلين: أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته، و ضعف ما في يده، حجة له على باطله، و أما الضعفاء منكم فتغم «5» قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل.

و أما الجدال بالتي هي أحسن، فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت، و إحياءه له، فقال الله تعالى حاكيا عنه: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ «6»؟

فقال الله في الرد عليه: قُلْ «7» يا محمد يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ __________________________________________________

5- تفسير القمي 2: 150.

6- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 527.

(1) البقرة 2: 152.

(2) النحل 16: 125. [.....]

(3) البقرة 2: 111.

(4) البقرة 2: 111.

(5) في «ط، ي»: فعمي.

(6) يس 36: 78.

(7) يس 36: 79.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 324

الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ «1» إلى آخر السورة.

فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث الله هذه العظام و هي رميم؟ فقال الله تعالى: قُلْ يُحْيِيهَا

الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ، أ فيعجز من ابتدأه لا من شي ء أن يعيده بعد أن يبلى؟ بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته.

ثم قال: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً، أي إذا كان قد أكمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب، يستخرجها، فعرفكم أنه على إعادة ما يبلى أقدر، ثم قال: أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ «2»، أي إذا كان خلق السماوات و الأرض أعظم و أبعد في أوهامكم و قدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي، فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم و الأصعب لديكم، و لم تجوزوا ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي؟

فقال الصادق (عليه السلام): فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لأن فيه انقطاع عرى الكافرين، و إزالة شبههم، و أما الجدال بغير التي هي أحسن، فأن تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه و بين باطل من تجادله، و إنما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق، فهذا هو المحرم، لأنك مثله، جحد هو حقا، و جحدت أنت حقا آخر».

سورة العنكبوت(29): آية 47 ..... ص : 324

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ [47]

8281/ [1]- محمد بن العباس، فقال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسين ابن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، قال: «هم آل محمد (عليهم السلام) وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ به، يعني أهل الإيمان من أهل القبلة».

8282/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبو سعيد، عن أحمد

بن محمد، عن أبيه، عن الحصين بن المخارق، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، قال: «هم آل محمد (عليهم السلام)».

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 431/ 9.

2- تأويل الآيات 1: 431/ 10.

(1) يس 36: 79 و 80.

(2) يس 36: 81.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 325

8283/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ: «فهم آل محمد (عليهم السلام) وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، يعني أهل الإيمان من أهل القبلة».

سورة العنكبوت(29): آية 48 ..... ص : 325

قوله تعالى:

وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ [48] 8284/ [2]- علي بن إبراهيم: وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ، و هو معطوف على قوله في سورة الفرقان: اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا «1»، فرد الله عليهم، فقال: كيف يدعون أن الذي تقرأه و تخبر به تكتبه عن غيرك، و أنت ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ؟ أي شكوا.

سورة العنكبوت(29): الآيات 49 الي 62 ..... ص : 325

قوله تعالى:

بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ [49]

8285/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن حماد بن عيسى، عن الحسين ابن المختار، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، فأومأ بيده إلى صدره.

8286/ [4]- و

عنه: عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 150.

2- تفسير القمّي 2: 150.

3- الكافي 1: 166/ 1.

4- الكافي 1: 167/ 2.

(1) الفرقان 25: 5. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 326

الأئمة (عليهم السلام)».

8287/ [3]- و

عنه: عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام)، في هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال:

«أما و

الله- يا أبا محمد- ما قال بين دفتي المصحف».

قلت: من هم، جعلت فداك؟ قال: «من عسى أن يكونوا غيرنا؟».

8288/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد شعر، عن هارون بن حمزة الغنوي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ- قال- هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة».

8289/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، قال: سألته عن قول الله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة».

8290/ [6]- محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ؟ فقلت له: أنتم؟ فقال: «من عسى أن يكونوا؟».

8291/ [7]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قرأ هذه الآية: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، ثم قال: «يا أبا محمد، و الله ما قال بين دفتي المصحف».

قلت: من هم، جعلت فداك؟ قال: «من عسى أن يكونوا غيرنا؟».

8292/ [8]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن حجر، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و أبي عبد الله البرقي، عن أبي الجهم، عن أسباط، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «نحن».

8293/ [9]- و

عنه: عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، و الحسن بن علي بن فضال، عن مثنى

__________________________________________________

3- الكافي 1: 167/ 3.

4- الكافي 1: 167/ 4.

5- الكافي 1: 167/ 5.

6- ....

7- بصائر الدرجات: 225/ 3.

8- بصائر الدرجات: 225/ 4.

9- بصائر الدرجات: 227/ 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 327

الحناط، عن الحسن الصيقل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ؟ قال: «نحن، و إيانا عنى».

8294/ [10]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد. عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيوب بن حر، عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، فقلت: أنتم هم؟ قال: «من عسى أن يكون؟».

8295/ [11]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، قال: سألته عن قول الله تبارك و تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

8296/ [12]- و

عنه: عن محمد بن الحسين، عن يزيد شعر، عن هارون بن حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة، و ما يعقلها إلا العالمون، فزعم أن من عرف الإمام و الآيات «1» يعقل ذلك».

8297/ [13]- و

عنه: عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الرجس هو الشك،

و لا نشك في ديننا أبدا». ثم قال: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قلت: أنتم هم؟ قال: «من عسى أن يكونوا؟».

8298/ [14]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن محمد بن يحيى، عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن هذا العلم انتهى إلي «2» في القرآن- ثم جمع أصابعه، ثم قال- بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ».

8299/ [15]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن سليمان الزراري، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، فقلت له: أنتم هم؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «من عسى أن يكونوا، و نحن الراسخون في العلم؟».

8300/ [16]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أبي عمير، عن

__________________________________________________

10- بصائر الدرجات: 225/ 6.

11- بصائر الدرجات: 226/ 8.

12- بصائر الدرجات: 227/ 17.

13- بصائر الدرجات: 226/ 13.

14- بصائر الدرجات: 226/ 14.

15- تأويل الآيات 1: 432/ 11.

16- تأويل الآيات 1: 432/ 12. [.....]

(1) في المصدر زيادة: ممّن.

(2) في المصدر زيادة: آي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 328

عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ؟ قال: «إيانا عنى».

8301/ [17]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم الهمداني، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي، عن علي بن أسباط، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)

عن قوله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «نحن هم».

فقال الرجل: جعلت فداك، حتى «1» يقوم القائم (عليه السلام)؟ قال: «كلنا قائم بأمر الله عز و جل واحد بعد واحد حتى يجي ء صاحب السيف، فإذا جاء صاحب السيف جاء أمر غير هذا».

8302/ [18]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عبد العزيز العبدي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، قال: «هم الأئمة من آل محمد (عليهم السلام)».

قوله تعالى:

وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [49- 69] 8303/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا، يعني ما يجحد بأمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) إِلَّا الظَّالِمُونَ. و قال عز و جل: وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ يا محمد بِالْعَذابِ يعني قريشا، فقال الله تعالى: وَ لَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَ لَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ.

8304/ [2]- قال: و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ

يقول: «لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك، فإن خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم، فإن أرضي واسعة، و هو يقول: فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ «2». فقال: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها «3»، ثم قال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ، أي فاصبروا على طاعة الله فإنكم إليه ترجعون».

__________________________________________________

17- تأويل الآيات 1: 432/ 13.

18- تأويل الآيات 1: 432/ 14.

1- تفسير القمّي 2: 151.

2- تفسير القمّي 2:

151.

(1) في المصدر: متى.

(2، 3) النساء 4: 97.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 329

8305/ [3]- قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَ إِيَّاكُمْ، قال: كان العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع، فقال الله تعالى: نَرْزُقُكُمْ وَ إِيَّاهُمْ «1».

قال: قوله: وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ، أي لا يموتون فيها، قوله تعالى: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا، أي صبروا و جاهدوا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا أي لنثبتنهم «2» وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.

8306/ [4]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «هذه الآية «3» لآل محمد (صلى الله عليه و آله)، و لأشياعهم».

8307/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام)، قال: «خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة منصرفه من النهروان، و بلغه أن معاوية يسبه، و يعيبه، و يقتل أصحابه، فقام خطيبا- و ذكر الخطبة إلى أن قال فيها-:

ألا و إني مخصوص في القرآن بأسماء، احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، قال الله عز و جل: إن الله مع الصادقين «4» أنا ذلك الصادق، و أنا المؤذن في الدنيا و الآخرة، قال الله عز و جل: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ «5»، أنا ذلك المؤذن، و قال: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ «6»، فأنا ذلك الأذان من الله و

رسوله، و أنا المحسن، يقول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ و أنا ذو القلب، يقول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ «7»، و أنا الذاكر، يقول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ «8».

و نحن أصحاب الأعراف: أنا و عمي و أخي و ابن عمي، و الله فالق الحب و النوى لا يلج النار لنا محب، و لا يدخل الجنة لنا مبغض، يقول الله عز و جل: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «9»، و أنا الصهر،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 151.

4- تفسير القمّي 2: 151.

5- معاني الأخبار: 58/ 9.

(1) الأنعام 6: 151.

(2) في «ج، ي»: لنثيبهم.

(3) أي الآية (69) من هذه السورة. [.....]

(4) لم ترد الآية بهذا الشكل في القرآن الكريم، و الذي في سورة التوبة: 119 وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ.

(5) الأعراف 7: 44.

(6) التوبة 9: 3.

(7) سورة ق 50: 37.

(8) آل عمران 3: 191.

(9) الأعراف 7: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 330

يقول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً «1». و أنا الأذن الواعية، يقول الله عز و جل: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

«2»، و أنا السلم لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول الله عز و جل: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ «3». و من ولدي مهدي هذه الأمة».

8308/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن عمر «4» بن محمد بن زكي، عن محمد بن الفضيل، عن محمد بن شعيب، عن قيس بن الربيع، عن منذر الثوري، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه علي (عليه

السلام)، قال: «يقول الله عز و جل: وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ، فأنا ذلك المحسن».

8309/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسن بن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ، قال: «نزلت فينا».

8310/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن مسلم الحذاء، عن زيد بن علي، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ، قال: «نحن هم». قلت: و إن لم تكونوا، و إلا فمن!

8311/ [9]- المفيد، في (الاختصاص)، قال: روي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام)، في قوله:

وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ، قال: «نزلت فينا أهل البيت».

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 1: 1: 433/ 15.

7- تأويل الآيات 1: 433/ 16.

8- تأويل الآيات 1: 433/ 17.

9- الاختصاص: 127، شواهد التنزيل 1: 442/ 606 و 607.

(1) الفرقان 25: 54.

(2) الحاقّة 69: 12.

(3) الزمر 39: 29.

(4) في المصدر: عمرو. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 331

سورة الروم ..... ص : 331

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 333

فضلها ..... ص : 333

تقدم في سورة العنكبوت «1».

8312/ [1]- و من (خواص القرآن):

روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك يسبح الله تعالى في السماء و الأرض، و أدرك ما ضيع في يومه و ليلته، و من كتبها و جعلها في منزل من أراد، اعتل جميع من في الدار، و لو دخل في الدار غريب اعتل أيضا مع أهل الدار».

8313/ [2]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و جعلها في منزل من أراد من الناس، اعتل جميع من في ذلك المنزل، و من كتبها في قرطاس، و محاها بماء المطر، و جعلها في ظرف مطين، كل من شرب من ذلك الماء يصير مريضا، و كل من غسل وجهه من ذلك الماء يظهر في عينه رمد، كاد أن يصير أعمى» «2».

__________________________________________________

1- ...

2- ...

(1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة العنكبوت.

(2) (و من كتبها في قرطاس ... أعمى) ليس في «ج».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 335

سورة الروم(30): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 335

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [1- 5]

8314/ [1]- محمد بن العباس: عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن القاسم، قراءة، عن علي بن إبراهيم بن المعلى، عن الفضيل بن إسحاق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية، عن علي (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: الم غُلِبَتِ الرُّومُ هي فينا، و

في بني أمية».

8315/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور القمي، عن أبيه، عن جعفر بن بشير الوشاء، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير: الم غُلِبَتِ الرُّومُ، قال: «هم بنو امية، و إنما أنزلها الله عز و جل: الم غُلِبَتِ الرُّومُ بنو امية فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ عند قيام القائم (عليه السلام)».

8316/ [3]- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة) (عليها السلام)، قال: حدثني أبو المفضل محمد ابن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 1: 434/ 1.

2- تأويل الآيات 1: 434/ 2.

3- دلائل الإمامة: 248، ينابيع المودّة: 426.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 336

سميع، عن محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ، قال: «في قبورهم بقيام القائم (عليه السلام)».

8317/ [4]- صاحب (ثاقب المناقب): أسنده إلى أبي هاشم الجعفري، عن محمد بن صالح الأرمني، قال:

قلت لأبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام): عرفني عن قول الله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ.

فقال (عليه السلام): «لله الأمر من قبل أن يأمر، و من بعد أن يأمر بما يشاء».

فقلت في نفسي: هذا تأويل قول الله: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «1».

فأقبل (عليه السلام) علي، و قال: «هو كما أسررت في نفسك أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ

الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ». فقلت:

أشهد أنك حجة الله، و ابن حجته على عباده.

8318/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ.

فقال: «يا أبا عبيدة، إن لهذا تأويلا لا يعلمه إلا الله، و الراسخون في العلم من آل محمد (صلى الله عليه و آله)، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما هاجر إلى المدينة و أظهر الإسلام، كتب إلى ملك الروم كتابا، و بعث به مع رسول يدعوه إلى الإسلام، و كتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الإسلام، و بعثه إليه مع رسوله، فأما ملك الروم فعظم كتاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أكرم رسوله، و أما ملك فارس فإنه استخف بكتاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و مزقه، و استخف برسوله.

و كان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم، و كان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس، و كانوا لناحية ملك الروم أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون و اغتموا به، فأنزل الله عز و جل بذلك كتابا قرآنا: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ يعني غلبتها فارس في أدنى الأرض، و هي الشامات و ما حولها وَ هُمْ يعني فارس مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ الروم سَيَغْلِبُونَ يعني يغلبهم المسلمون فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ

يَشاءُ، فلما غزا المسلمون فارس و افتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عز و جل».

قال: قلت: أليس الله عز و جل يقول: فِي بِضْعِ سِنِينَ، و قد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و في إمارة أبي بكر، و إنما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر؟

فقال: «ألم أقل لكم أن لهذا تأويلا و تفسيرا، و القرآن- يا أبا عبيدة- ناسخ و منسوخ، أما تسمع لقول

__________________________________________________

4- الثاقب في المناقب: 564/ 502.

5- الكافي 8: 269/ 3997.

(1) الأعراف 7: 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 337

الله عز و جل: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ؟ يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم، و يقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، فذلك قوله عز و جل: وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ، يوم يحتم القضاء بنصر الله».

8319/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سدير الصيرفي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): خلق نور فاطمة قبل أن تخلق الأرض و السماء. فقال بعض الناس: يا نبي الله، فليست هي إنسية؟ فقال (عليه السلام): فاطمة حوراء إنسية. قالوا: يا رسول الله، و كيف هي حوراء إنسية؟ قال: خلقها الله عز و جل من نور «1» قبل أن يخلق آدم، إذ كانت الأرواح، فلما خلق الله عز و جل آدم عرضت على

آدم.

قيل: يا نبي الله، و أين كانت فاطمة؟ قال: كانت في حقة تحت ساق العرش. قالوا: يا نبي الله، فما كان طعامها؟ قال: التسبيح، و التهليل، و التحميد، فلما خلق الله عز و جل آدم، و أخرجني من صلبه أحب الله عز و جل أن يخرجها من صلبي، جعلها تفاحة في الجنة، و آتاني بها جبرئيل (عليه السلام)، فقال لي: السلام عليك و رحمة الله و بركاته، يا محمد. قلت: و عليك السلام و رحمة الله، حبيبي جبرئيل. فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام. قلت:

منه السلام، و إليه يعود السلام. قال: يا محمد، إن هذه التفاحة، أهداها الله عز و جل إليك من الجنة. فأخذتها، و ضممتها إلى صدري. قال: يا محمد، يقول الله جل جلاله: كلها. ففلقتها، فرأيت نورا ساطعا، ففزعت منه، فقال: ما لك- يا محمد- لا تأكل؟ كلها و لا تخف، فإن ذلك النور للمنصورة في السماء، و هي في الأرض فاطمة. قلت:

حبيبي جبرئيل، و لم سميت في السماء المنصورة، و في الأرض فاطمة؟ قال: سميت في الأرض فاطمة لأنها فطمت شيعتها من النار، و فطم أعداؤها من حبها، و هي في السماء المنصورة، و ذلك قوله عز و جل: وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يعني نصر الله لمحبيها».

علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) «2»، و ذكر الحديث الأول مثل ما تقدم من رواية الكليني.

سورة الروم(30): الآيات 7 الي 18 ..... ص : 337

قوله تعالى:

يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

6- معاني الآخبار: 396/ 53.

(1) في المصدر: نوره.

(2) تفسير القمّي 2: 152.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 338

وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ

وَ الْأَرْضِ وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ [7- 18] 8320/ [1]- علي بن إبراهيم: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا يعني ما يرونه حاضرا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ، قال: يرون حاضر الدنيا، و يتغافلون عن الآخرة.

قال: قوله: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ أي ظلموا و استهزءوا.

قال: قوله: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ أي يئسوا وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ يعني شركاء يعبدونهم، و يطيعونهم، لا يشفعون لهم. و قوله: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ، قال: إلى الجنة و النار فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ أي يكرمون.

قال: قوله: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ يقول: سبحان بالغداة، و العشي، و نصف النهار.

8321/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان فيما سأله، [أن قال: أخبرني عن الله عز و جل، لأي شي ء فرض هذه الخمس صلوات، في خمس مواقيت على أمتك، في ساعات الليل و النهار؟

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): إن الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها، فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شي ء دون

العرش بحمد ربي جل جلاله، و هي الساعة التي يصلي علي فيها ربي، ففرض الله عز و جل علي و على أمتي فيها الصلاة، و قال: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ «1»، و هي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة، فما من مؤمن يوافق «2» تلك الساعة أن يكون ساجدا، أو راكعا، أو قائما، إلا حرم الله جسده على النار.

و أما صلاة العصر، فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة فأخرجه الله من الجنة، فأمر الله عز و جل ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة، و اختارها لامتي، فهي من أحب الصلوات إلى الله عز و جل، و أوصاني أن أحفظها من بين الصلوات.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 153. [.....]

2- علل الشرائع: 337/ 1.

(1) الاسراء 17: 78.

(2) في «ج، ي، ط»: يوفّق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 339

و أما صلاة المغرب، فهي الساعة التي تاب الله عز و جل فيها على آدم، و كان بين ما أكل من الشجرة و بين ما تاب الله عليه ثلاث مائة سنة من أيام الدنيا، و في أيام الآخرة يوم كألف سنة ما بين العصر و العشاء، فصلى آدم ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته، و ركعة لخطيئة حواء، و ركعة لتوبته، فافترض الله عز و جل هذه الركعات الثلاث على امتي، و هي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء، فوعدني ربي عز و جل أن يستجيب لمن دعاه فيها، و هي الصلاة التي أمرني بها ربي في قوله عز و جل: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ.

و أما صلاة العشاء الآخرة، فإن للقبر ظلمة، و ليوم القيامة ظلمة، فأمرني الله عز و جل و امتي بهذه الصلاة

في ذلك الوقت لتنور القبور، و ليعطيني و امتي النور على الصراط، و ما من قدم مشت إلى صلاة العتمة «1» إلا حرم الله جسدها على النار، و هي الصلاة التي اختارها الله للمرسلين قبلي.

و أما صلاة الفجر، فإن الشمس إذا طلعت تطلع على قرني شيطان، فأمرني الله عز و جل أن اصلي صلاة الغداة قبل طلوع الشمس، و قبل أن يسجد لها الكافر، فتسجد امتي لله عز و جل، و سرعتها أحب إلى الله عز و جل، و هي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل، و ملائكة النهار. قال اليهودي: صدقت، يا محمد».

و رواه في (من لا يحضره الفقيه) مرسلا، عن الحسن (عليه السلام) «2».

سورة الروم(30): الآيات 19 الي 20 ..... ص : 339

قوله تعالى:

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [19- 20] 8322/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ قال: يخرج المؤمن من الكافر، و يخرج الكافر من المؤمن.

و قد تقدم بهذا المعنى حديث مسند في سورة الأنعام «3».

قوله: وَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ رد على الدهرية. ثم قال: وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ أي تسيرون «4» في الأرض.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 154.

(1) العتمة: صلاة العشاء، أو وقت صلاة العشاء. «مجمع البحرين- عتم- 6: 110».

(2) من لا يحضره الفقيه 1: 137/ 643.

(3) تقدّم في تفسير الآيتين (95، 96) من سورة الأنعام.

(4) في المصدر: تنثرون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 340

سورة الروم(30): الآيات 22 الي 25 ..... ص : 340

قوله تعالى:

وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ- إلى قوله تعالى- إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ [22- 25]

8323/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، و محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الإمام: فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: «نعم، و ذلك أن رجلا سأله عن مسألة، فأجابه عنها، و سأله آخر عن تلك المسألة، فأجابه بغير جواب الأول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين، ثم قال: هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب «1» و هكذا هي في قراءة علي (عليه السلام)».

قال: قلت: أصلحك الله، فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الإمام؟ قال: «سبحان الله! أما تسمع الله يقول:

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ

لِلْمُتَوَسِّمِينَ «2»، و هم الأئمة (عليهم السلام) وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ «3» لا يخرج منها أبدا».

ثم قال لي: «نعم، إن الإمام إذا أبصر إلى الرجل عرفه، و عرف لونه، و إن سمع كلامه من خلف حائط عرفه، و عرف ما هو، إن الله يقول: وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ، و هم العلماء، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلا عرفه ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم».

و رواه الصفار في (بصائر الدرجات) «4».

8324/ [2]- علي بن إبراهيم، قوله: وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ، قال: يعني السماء و الأرض هاهنا ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ و هو رد على أصناف الزنادقة.

سورة الروم(30): آية 28 ..... ص : 340

قوله تعالى:

ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ [28]

__________________________________________________

1- الكافي 1: 364/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 154.

(1) سورة ص 38: 39.

(2) الحجر 15: 75.

(3) الحجر 15: 76.

(4) بصائر الدرجات: 2: 154. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 341

8325/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: إنه كان سبب نزولها أن قريشا و العرب كانوا إذا حجوا يلبون، و كانت تلبيتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك، و هي تلبية إبراهيم (عليه السلام) و الأنبياء، فجاءهم إبليس في صورة شيخ، فقال: ليست هذه تلبية أسلافكم. قالوا: و ما كانت تلبيتهم؟ قال: كانوا يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك، فنفرت قريش من هذا القول، فقال لهم إبليس: على

رسلكم حتى آتي على آخر كلامي. فقالوا: ما هو؟ فقال: إلا شريك هو لك، تملكه و ما يملك، ألا ترون أنه يملك الشريك و ما ملكه؟ فرضوا بذلك، و كانوا يلبون بهذا قريش خاصة.

فلما بعث الله رسوله أنكر ذلك عليهم، و قال: «هذا شرك» فأنزل الله: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ، أي ترضون أنتم فيما تملكون أن يكون لكم فيه شريك؟ فإذا لم ترضوا أنتم أن يكون لكم فيما تملكون شريك، فكيف ترضون أن تجعلوا لي شريكا فيما أملك؟

سورة الروم(30): آية 30 ..... ص : 341

قوله تعالى:

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [30]

8326/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، قال: «هي الولاية».

8327/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها؟ قال: «التوحيد».

8328/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 154.

2- الكافي 1: 346/ 35.

3- الكافي 2: 10/ 1.

4- الكافي 2: 10/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 342

عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، ما تلك الفطرة؟ قال:

«هي الإسلام، فطرهم الله حين

أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ «1»؟ قالوا: بلى «2»، و فيه المؤمن و الكافر».

8329/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال:

«فطرهم جميعا على التوحيد».

8330/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «3»، قال: «الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله- قال- فطرهم على المعرفة به».

قال زرارة: و سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «4» الآية، قال: «أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم، و أراهم نفسه، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربه- قال- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مولود يولد على الفطرة، يعني على المعرفة بأن الله عز و جل خالقه، كذلك قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «5»».

و رواه ابن بابويه في كتاب (التوحيد)، عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، و محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، و يعقوب بن يزيد، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ

لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ، و ذكر الحديث إلى آخره «6».

8331/ [6]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطرهم على التوحيد».

8332/ [7]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن

__________________________________________________

4- الكافي 2: 10/ 3.

5- الكافي 2: 10/ 4.

6- الكافي 2: 11/ 5، التوحيد: 329/ 5.

7- التوحيد: 328/ 1.

(1) الأعراف 7: 172.

(2) (قالوا بلى) ليس في المصدر.

(3) الحج 22: 31.

(4) الأعراف 7: 172.

(5) لقمان 31: 25، الزمر 39: 38.

(6) التوحيد: 330/ 9. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 343

سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «التوحيد».

8333/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت:

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها؟ قال: «التوحيد».

8334/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ما تلك الفطرة؟ قال: «هي الإسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على

التوحيد، قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ «1» و فيهم المؤمن و الكافر».

8335/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، و يعقوب بن يزيد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطرهم على التوحيد».

8336/ [11]- و

عنه: عن أبيه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال:

«فطرهم على التوحيد».

8337/ [12]- و

عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد، و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطرهم جميعا على التوحيد».

8338/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسان الواسطي، عن الحسن بن يونس، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «التوحيد، و محمد رسول الله، و علي أمير المؤمنين (صلى الله عليهما و آلهما)».

__________________________________________________

8- التوحيد: 328/ 2.

9- التوحيد: 329/ 3.

10- التوحيد: 329/ 4.

11- التوحيد: 329/ 5.

12- التوحيد: 329/ 6.

13- التوحيد 329/ 7.

(1) الأعراف 7: 172.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 4، ص: 344

8339/ [14]- و

عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أصلحك الله، قول الله عز و جل في كتابه:

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها؟ قال: «فطرهم على التوحيد عند الميثاق، و على معرفته أنه ربهم».

قلت: و خاطبوه؟ قال: فطأطأ رأسه، ثم قال: «لو لا ذلك لم يعلموا من ربهم، و لا من رازقهم».

8340/ [15]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطروا على التوحيد».

8341/ [16]- و

عنه: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «1»، ما الحنيفية؟ قال: «هي الفطرة التي فطر الناس عليها، فطر الخلق على معرفته».

8342/ [17]- و

عنه: عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «فطرهم على معرفة أنه ربهم، و لولا ذلك لم يعلموا إذا سئلوا من ربهم، و لا من رازقهم».

8343/ [18]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن جعفر بن بشير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، قال: «هي الولاية».

8344/

[19]- قال: حدثنا الحسين بن علي بن زكريا، قال: حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني، قال: حدثنا علي ابن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده عن محمد بن علي (عليهم السلام)، في قوله: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «هي: لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، علي أمير المؤمنين ولي الله، إلى هاهنا التوحيد».

8345/ [20]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان الناب، و خلف بن حماد، عن الفضيل بن يسار، و ربعي بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله

__________________________________________________

14- التوحيد: 330/ 8.

15- المحاسن: 241/ 222.

16- المحاسن: 241/ 223.

17- المحاسن: 241/ 224.

18- تفسير القمّي 2: 154.

19- تفسير القمّي 2: 154.

20- تفسير القمّي 2: 155. [.....]

(1) الحج 22: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 345

تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، قال: «قم في الصلاة، و لا تلتفت يمينا و لا شمالا».

8346/ [21]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن أبي حمزة، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، قال: «أمره أن يقيم وجهه للقبلة ليس فيه شي ء من عبادة الأوثان، خالصا مخلصا».

8347/ [22]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن الحسن المالكي «1»، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن جعفر بن بشير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «هي الولاية».

8348/ [23]- محمد بن الحسن الصفار: بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «على التوحيد، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أن عليا أمير المؤمنين (عليه السلام)».

8349/ [24]- الشيخ في (مجالسه) بإسناده المتصل عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له:

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «التوحيد».

8350/ [25]- العياشي: عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كانت شريعة نوح (عليه السلام) أن يعبد الله بالتوحيد، و الإخلاص، و خلع الأنداد، و هي الفطرة التي فطر الناس عليها».

و للحديث تتمة، تقدم بتمامه في سورة هود «2».

8351/ [26]- ابن شهر آشوب: عن الرضا، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، في قوله تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، قال: «هو التوحيد، و محمد رسول الله، و علي أمير المؤمنين (عليهما السلام) إلى هاهنا التوحيد».

8352/ [27]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن غير واحد، عن الحسين بن نعيم الصحاف، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أ يكون الرجل مؤمنا، قد ثبت له الإيمان، ثم ينقله الله بعد الإيمان إلى الكفر؟ قال: «إن الله هو العدل، و إنما بعث الرسل ليدعوا الناس إلى الإيمان بالله، و لا يدعوا أحدا إلى الكفر».

__________________________________________________

21- التهذيب 2: 42/ 123.

22- تأويل الآيات 1: 435/ 3.

23- بصائر الدرجات: 98/ 7.

24- الأمالي 2: 274.

25- تفسير العيّاشي 2: 144/ 18.

26- المناقب 3: 101.

27- علل

الشرائع: 121/ 5.

(1) كذا، و لعلّه الحسين بن أحمد المالكي، لروايته عن محمّد بن عيسى، انظر لسان الميزان 2: 266.

(2) تقدّم في الحديث 23) من تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 346

قلت: فيكون الرجل كافرا، قد ثبت له الكفر عند الله، فينقله الله بعد ذلك من الكفر إلى الإيمان؟ قال: «إن الله عز و جل خلق الناس على الفطرة التي فطرهم الله عليها، لا يعرفون إيمانا بشريعة، و لا كفرا بجحود، ثم ابتعث الله الرسل إليهم يدعونهم إلى الإيمان بالله حجة لله عليهم، فمنهم من هداه الله، و منهم من لم يهده».

8353/ [28]- الطبرسي في (جوامع الجامع) في معنى الآية: قوله (عليه السلام): «كل مولود يولد على الفطرة، حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه و ينصرانه».

سورة الروم(30): آية 38 ..... ص : 346

قوله تعالى:

فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [38]

8354/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عثمان بن عيسى، و حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما بويع لأبي بكر، و استقام له الأمر على جميع المهاجرين و الأنصار، بعث إلى فدك، فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) منها، فجاءت فاطمة (عليها السلام) إلى أبي بكر، فقالت: يا أبا بكر، منعتني ميراثي من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أخرجت وكيلي من فدك و قد جعلها لي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأمر الله؟! فقال لها: هاتي على ذلك شهودا. فجاءت بأم أيمن، فقالت: لا أشهد حتى أحتج- يا أبا بكر- عليك بما

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت: أنشدك الله- يا أبا بكر- أ لست تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: إن أم أيمن امرأة من أهل الجنة؟ قال: بلى. قالت: فأشهد أن الله أوحى إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله): فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ فجعل فدكا لفاطمة (عليها السلام) بأمر الله. و جاء علي (عليه السلام) فشهد بمثل ذلك، فكتب لها كتابا برد فدك، و دفعه إليها، فدخل عمر، فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال أبو بكر: إن فاطمة ادعت في فدك، و شهدت لها ام أيمن و علي، فكتبت لها بفدك. فأخذ عمر الكتاب من فاطمة (عليها السلام) فمزقه، و قال: هذا في ء للمسلمين، و قال: أوس بن الحدثان، و عائشة، و حفصة يشهدون على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة، و إن عليا زوجها يجر إلى نفسه، و ام أيمن فهي امرأة صالحة، لو كان معها غيرها لنظرنا فيه.

فخرجت فاطمة (عليها السلام) من عندهما باكية حزينة، فلما كان بعد هذا جاء علي (عليه السلام) إلى أبي بكر و هو في المسجد، و حوله المهاجرون و الأنصار، فقال: يا أبا بكر، لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال أبو بكر: هذا في ء للمسلمين، فإن أقامت شهودا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) جعله لها، و إلا فلا حق لها فيه. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر، تحكم فينا بخلاف حكم

__________________________________________________

28- جوامع الجامع: 359.

1- تفسير

القمّي 2: 155.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 347

الله في المسلمين! قال: لا. قال: فإن كان في يد المسلمين شي ء يملكونه، ادعيت أنا فيه، من تسأل البينة؟ قال: إياك كنت أسأل البينة على ما تدعيه على المسلمين. قال: فإذا كان في يدي شي ء و ادعى فيه المسلمون، تسألني البينة على ما في يدي، و قد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و بعده «1»، و لم تسأل المسلمين البينة على ما ادعوا علي شهودا كما سألتني على ما ادعيت عليهم؟ فسكت أبو بكر، ثم قال عمر: يا علي، دعنا من كلامك، فإنا لا نقوى على حججك، فإن أتيت بشهود عدول و إلا فهو في ء للمسلمين لا حق لك و لا لفاطمة فيه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر، تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «2»، فيمن نزلت، أ فينا أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم.

قال: فلو أن شاهدين شهدا على فاطمة (عليهم السلام) بفاحشة، ما كنت صانعا؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على سائر المسلمين. قال: كنت إذن عند الله من الكافرين. قال: و لم؟ قال: لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة، و قبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله و حكم رسوله أن جعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) لها فدك و قبضته في حياته، ثم قبلت شهادة أعرابي بوال على عقبيه، مثل أوس بن الحدثان، و أخذت منها فدك، و زعمت أنه في ء للمسلمين، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): البينة على المدعي،

و اليمين على من ادعي عليه- قال- فدمدم الناس، و بكى بعضهم، فقالوا: صدق- و الله- علي. و رجع علي إلى منزله».

قال: «و دخلت فاطمة المسجد، و طافت بقبر أبيها (عليه و آله السلام) و هي تبكي، و تقول:

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها و اختل قومك فاشهدهم و لا تغب «3»

قد كان بعدك أنباء و هنبثة «4» لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغاب عنا و كل الخير محتجب و كنت بدرا و نورا يستضاء به عليك تنزل من ذي العزة الكتب تقمصتها رجال و استخف بنا إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب فكل أهل له قربى و منزلة عند الإله على الأدنين مقترب أبدت رجال لنا فحوى صدورهم لما مضيت و حالت دونك الكثب «5»

فقد رزينا «6» بما لم يرزه أحد من البرية لا عجم و لا عرب فقد رزينا به محضا خليقته صافي الضرائب و الأعراق و النسب __________________________________________________

(1) في «ج، ط»: قال: فما بال فاطمة سألتها البيّنة على ما في يديها و قد ملكته في حياة رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و بعده.

(2) الأحزاب 33: 33. [.....]

(3) في البيت إقواء بيّن، إذ أنّ حرف الروي في القصيدة مرفوع و هنا مجرور، و روي في مصادر اخرى: «فاشهدهم قد انقلبوا»، و روي أيضا:

«فأشهدهم فقد نكبوا».

(4) الهنبثة: واحدة الهنابث، و هي الأمور الشداد المختلفة. «لسان العرب- هنبث- 2: 199».

(5) الكثيب من الرمل: هو ما اجتمع و احدودب، و الجمع: كثب. «لسان العرب- كثب- 1: 702».

(6) الرّزء: المصيبة. «لسان العرب- رزأ- 1: 86».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 348

فأنت خير عباد الله كلهم و أصدق الناس حين الصدق

و الكذب «1»

فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت منا العيون بتهمال لها سكب «2»

سيعلم المتولي ظلم حامتنا «3» يوم القيامة أنى سوف ينقلب».

قال: «فرجع أبو بكر إلى منزله، و بعث إلى عمر، فدعاه، فقال: ما رأيت مجلس علي منا اليوم؟ و الله لئن قعد مقعدا مثله ليفسدن أمرنا، فما الرأي؟ قال عمر: الرأي أن تأمر بقتله. قال: فمن يقتله؟ قال: خالد بن الوليد. فبعثا إلى خالد، فأتاهما، فقالا: نريد أن نحملك على أمر عظيم. قال: احملاني على ما شئتما، و لو قتل علي بن أبي طالب. قالا: فهو ذاك. قال خالد: متى أقتله؟ قال أبو بكر: إذا حضر المسجد، فقم بجنبه في الصلاة، فإذا أنا سلمت فقم إليه فاضرب عنقه. قال: نعم.

فسمعت أسماء بنت عميس ذلك، و كانت تحت أبي بكر، فقالت لجاريتها: اذهبي إلى منزل علي و فاطمة فأقرئيهما السلام، و قولي لعلي: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ «4»، فجاءت إليهما، فقالت لعلي (عليه السلام): إن أسماء بنت عميس تقرأ عليكما السلام، و تقول: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ. فقال علي (عليه السلام): قولي لها: إن الله يحيل بينهم و بين ما يريدون.

ثم قام و تهيأ للصلاة، و حضر المسجد، و صلى خلف أبي بكر «5»، و خالد بن الوليد إلى جنبه معه السيف، فلما جلس أبو بكر للتشهد ندم على ما قال، و خاف الفتنة، و شدة علي (عليه السلام) و بأسه، و لم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس أنه قد سها، ثم التفت إلى خالد، فقال: يا خالد، لا تفعل ما أمرتك به، السلام عليكم و رحمة

الله و بركاته.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا خالد، ما الذي أمرك به؟ قال: أمرني بضرب عنقك. قال: و كنت فاعلا؟ قال:

إي و الله، فلولا أنه قال: لا تفعل، لقتلتك بعد التسليم- قال- فأخذه علي (عليه السلام)، فضرب به الأرض، و اجتمع الناس عليه، فقال عمر: يقتله، و رب الكعبة. و قال الناس: يا أبا الحسن، الله الله، بحق صاحب هذا القبر. فخلى عنه، فالتفت إلى عمر، و أخذ بتلابيبه، و قال: يا بن صهاك، لولا عهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كتاب من الله سبق، لعلمت أينا أضعف ناصرا، و أقل عددا ثم دخل منزله».

8355/ [2]- الطبرسي: عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليه السلام): أنه لما نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه و آله) أعطى فاطمة (عليها السلام) فدك و سلمه إليها. و رواه أبو سعيد الخدري، و غيره.

__________________________________________________

2- مجمع البيان 8: 478.

(1) في هذا البيت إقواء و كذا الذي قبله.

(2) في «ط»: همال و هي تنسكب، و في «ي»: بتهمال و تنسكب.

(3) الحامّة: خاصّة الرجل من أهله و ولده و ذي قرابته. «لسان العرب- حمم- 12: 153»، و هي بتشديد الميم، و خفّفت هنا للضرورة.

(4) القصص 28: 20.

(5) في المصدر: المسجد و وقف خلف أبي بكر و صلّى لنفسه.

رهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 349

8356/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن العباس المقانعي، عن أبي كريب، عن معاوية بن هشام، عن فضل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: لما نزلت: فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ، دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاطمة (عليها السلام)، و أعطاها فدك.

و القصة مشهورة،

و قد تقدمت الروايات في ذلك في سورة بني إسرائيل «1».

سورة الروم(30): آية 39 ..... ص : 349

قوله تعالى:

وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ [39]

8357/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الربا رباءان: ربا يؤكل، و ربا لا يؤكل، فأما الذي يؤكل فهديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها، فذلك الربا الذي يؤكل، و هو قول الله عز و جل: وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ، و أما الذي لا يؤكل فهو الربا الذي نهى الله عز و جل عنه، و أوعد عليه النار».

8358/ [5]- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ، قال: «هو هديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها، فذلك ربا يؤكل».

8359/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الربا رباءان: أحدهما حلال، و الآخر حرام، فأما الحلال فهو أن يقرض الرجل أخاه قرضا طمعا أن يزيده و يعوضه بأكثر مما يأخذه، بلا شرط بينهما، فإن أعطاه أكثر مما أخذه على غير شرط بينهما فهو مباح له، و ليس له عند الله ثواب فيما أقرضه، و هو قوله: فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ، و أما الربا الحرام، فالرجل يقرض قرضا و يشترط أن يرد أكثر

مما أخذه، فهذا هو الحرام».

8360/ [7]- الطبرسي: في معني الآية، عن أبي جعفر (عليه السلام): «هو أن يعطي الرجل العطية، أو يهدي الهدية ليثاب أكثر منها، فليس فيه أجر و لا وزر».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 1: 435/ 5.

4- الكافي 5: 145/ 6.

5- التهذيب 7: 15/ 67.

6- تفسير القمّي 2: 159. [.....]

7- مجمع البيان 8: 479.

(1) تقدّمت في تفسير الآيات (26- 28) من سورة الإسراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 350

قوله تعالى:

وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [39] 8361/ [1]- علي بن إبراهيم: أي ما بررتم به إخوانكم و أقرضتموهم لا طمعا في زيادة.

قال: و

قال الصادق (عليه السلام): «على باب الجنة مكتوب: القرض بثماني عشرة، و الصدقة بعشر».

ثم ذكر عز و جل عظيم قدرته، و تفضله على خلقه، فقال: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً أي ترفعه فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَ يَجْعَلُهُ كِسَفاً قال: بعضه على بعض، فَتَرَى الْوَدْقَ «1» أي المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ «2» أي آيسين فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى «3» و هو رد على الدهرية.

سورة الروم(30): آية 40 ..... ص : 350

قوله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [40]

8362/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في التفويض؟

فقال: «إن الله تعالى فوض

إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) أمر دينه، فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «4»، فأما الخلق و الرزق فلا». ثم قال (عليه السلام): «إن الله عز و جل يقول: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ «5»، و هو

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 159.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 203/ 3.

(1) الروم 30: 48.

(2) الروم 30: 48، 49.

(3) الروم 30: 50.

(4) الحشر 59: 7.

(5) الرعد 13: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 351

يقول: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ».

سورة الروم(30): آية 41 ..... ص : 351
اشارة

قوله تعالى:

ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيҘϙЙʠالنَّاسِ [41]

8363/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ، قال: «ذاك و الله حين قالت الأنصار: منا أمير، و منكم أمير».

8364/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ؟ قال: «ذاك و الله يوم قالت الأنصار: منا رجل، و منكم رجل». و في نسخة: «منا أمير، و منكم أمير».

8365/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: في البر: فساد الحيوان إذا لم تمطر، و كذلك هلاك دواب البحر بذلك.

قال: و

قال الصادق (عليه السلام): «حياة دواب البحر بالمطر، فإذا كف المطر

ظهر الفساد في البر و البحر، و ذلك «1» إذا كثرت الذنوب و المعاصي».

باب تفسير الذنوب ..... ص : 351

8366/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن العلاء، عن مجاهد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الذنوب التي تغير النعم: البغي، و الذنوب التي تورث الندم: القتل، و التي تنزل النقم: الظلم، و التي تهتك الستر: شرب الخمر، و التي تحبس الرزق: الربا «2»، و التي تعجل الفناء: قطيعة الرحم، و التي ترد الدعاء و تظلم الهواء: عقوق الوالدين».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 58/ 19.

2- تفسير القمّي 2: 160.

3- تفسير القمّي 2: 160.

4- الكافي 2: 324/ 1.

(1) في «ط، ي»: كذلك. [.....]

(2) في المصدر: الزنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 352

و

رواه ابن بابويه في (معاني الأخبار)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن معلى بن محمد، قال: حدثنا العباس بن العلاء، عن مجاهد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، إلا أن فيه: «و الذنوب التي تهتك العصم، و هي الستور: شرب الخمر «1»».

8367/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان أبي (عليه السلام) يقول: نعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء، و تقرب الآجال، و تخلي الديار، و هي: قطيعة الرحم و العقوق، و ترك البر».

8368/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم عن أيوب بن نوح، أو بعض أصحابه، عن أيوب، عن صفوان بن يحيى، قال: حدثني بعض أصحابنا، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا فشت أربعة، ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا

ظهرت الزلزلة، و إذا فشا الجور في الحكم احتبس القطر، و إذا خفرت الذمة «2» أديل «3» لأهل الشرك من أهل الإسلام، و إذا منعت الزكاة ظهرت الحاجة».

8369/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل «4»، عن أبيه، قال:

سمعت أبا خالد الكابلي يقول: سمعت زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: «الذنوب التي تغير النعم:

البغي على الناس، و الزوال عن العادة في الخير و اصطناع المعروف، و كفران النعم، و ترك الشكر، قال الله عز و جل:

إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ «5».

و الذنوب التي تورث الندم: قتل النفس التي حرم الله، قال الله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ «6»، و قال عز و جل في قصة قابيل حين قتل هابيل فعجز عن دفنه: فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ «7»، و ترك صلة القرابة حتى يستغنوا، و ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، و ترك الوصية، و رد المظالم، و منع الزكاة حتى يحضر الموت و ينغلق اللسان.

و الذنوب التي تنزل النقم: عصيان العارف بالبغي، و التطاول على الناس، و الاستهزاء بهم، و السخرية منهم.

__________________________________________________

2- الكافي 2: 324/ 2.

3- الكافي 2: 325/ 3.

4- معاني الأخبار: 270/ 2.

(1) معاني الأخبار: 629/ 1.

(2) أخفر الذمّة: لم يف بها. «لسان العرب- خفر- 4: 253».

(3) الإدالة: الغلبة. «لسان العرب- دول- 11: 252».

(4) في المصدر: الفضيل.

(5) الرعد 13: 11.

(6) الأنعام 6: 151، الاسراء 17: 33.

(7) المائدة 5: 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 353

و الذنوب

التي تدفع القسم «1»: إظهار الافتقار، و النوم عن العتمة، و عن صلاة الغداة، و استحقار النعم، و شكوى المعبود عز و جل.

و الذنوب التي تهتك العصم: شرب الخمر، و اللعب بالقمار، و تعاطي ما يضحك الناس من اللغو و المزاح، و ذكر عيوب الناس، و مجالسة أهل الريب.

و الذنوب التي تنزل البلاء: ترك إغاثة الملهوف و معاونة المظلوم، و تضييع الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و الذنوب التي تديل الأعداء: المجاهرة بالظلم، و إعلان الفجور، و إباحة المحظور، و عصيان الأخيار، و الاتباع للأشرار.

و الذنوب التي تعجل الفناء: قطيعة الرحم، و اليمين الفاجرة، و الأقوال الكاذبة، و الزنى، و سد طرق المسلمين، و ادعاء الإمامة بغير حق.

و الذنوب التي تقطع الرجاء: اليأس من روح الله، و القنوط من رحمة الله، و الثقة بغير الله، و التكذيب بوعد الله عز و جل.

و الذنوب التي تظلم الهواء: السحر، و الكهانة، و الإيمان بالنجوم، و التكذيب بالقدر، و عقوق الوالدين.

و الذنوب التي تكشف الغطاء: الاستدانة بغير نية الأداء، و الإسراف في النفقة على الباطل، و البخل على الأهل و الولد و ذوي الأرحام، و سوء الخلق، و قلة الصبر، و استعمال الضجر و الكسل، و الاستهانة بأهل الدين.

و الذنوب التي ترد الدعاء: سوء الامنية «2»، و خبث السريرة، و النفاق مع الإخوان، و ترك التصديق بالإجابة، و تأخير الصلوات المفروضات حتى تذهب أوقاتها، و ترك التقرب إلى الله عز و جل بالبر و الصدقة، و استعمال البذاء و الفحش في القول.

و الذنوب التي تحبس غيث السماء: جور الحكام في القضاء، و شهادة الزور، و كتمان الشهادة، و منع الزكاة و القرض و الماعون، و قساوة القلوب على

أهل الفقر و الفاقة، و ظلم اليتيم و الأرملة، و انتهار السائل و رده بالليل».

سورة الروم(30): آية 44 ..... ص : 353

قوله تعالى:

وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ [44]

8370/ [1]- الحسين بن سعيد في (كتاب الزهد): عن ابن النعمان، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا

__________________________________________________

1- الزهد: 21/ 46.

(1) القسم: النصيب و الحظّ. «لسان العرب- قسم- 12: 478».

(2) في المصدر: النيّة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 354

عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة، فيمهد لصاحبه، كما يبعث الرجل غلاما فيفرش له، ثم قرأ: وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ».

8371/ [2]- أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي المفيد في (أماليه)، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد القمي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن علي بن النعمان، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (صلوات الله عليهما) يقول: «إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة، فيمهد لصاحبه، كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له، ثم قرأ: وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ».

8372/ [3]- الطبرسي: روى منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن العمل الصالح ليسبق صاحبه إلى الجنة، فيمهد له، كما يمهد لأحدكم خادمه فراشه».

سورة الروم(30): آية 54 ..... ص : 354

قوله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً [54] 8373/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ يعني من نطفة منتنة ضعيفة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً و هو الكبر.

8374/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن

بن محمد بن أبي هاشم، عن أحمد بن محسن الميثمي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، في حديث يتضمن الاستدلال على الصانع سبحانه و تعالى، قال ابن أبي العوجاء- في الحديث بعد ما ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) الدليل على الصانع تعالى- فقلت له: ما منعه إن كان الأمر كما تقولون أن يظهر لخلقه، و يدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان، و لم احتجب عنهم، و أرسل إليهم الرسل، و لو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به؟

فقال لي: «ويلك، و كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك: نشوءك و لم تكن، و كبرك بعد صغرك، و قوتك بعد ضعفك، و ضعفك بعد قوتك، و سقمك بعد صحتك، و صحتك بعد سقمك، و رضاك بعد غضبك،

__________________________________________________

2- الأمالي: 195/ 26.

3- مجمع البيان 8: 481.

4- تفسير القمّي 2: 160.

5- الكافي 1: 58/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 355

و غضبك بعد رضاك، و حزنك بعد فرحك، و فرحك بعد حزنك، و بغضك بعد حبك، و حبك بعد بغضك، و عزمك بعد أناتك، و أناتك بعد عزمك، و شهوتك بعد كراهيتك «1»، و كراهيتك بعد شهوتك، و رغبتك بعد رهبتك، و رهبتك بعد رغبتك، و رجاءك بعد يأسك، و يأسك بعد رجائك، و خاطرك بما لم يكن في وهمك، و عزوب ما أنت معتقده عن ذهنك». و ما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني و بينه.

سورة الروم(30): آية 56 ..... ص : 355

قوله تعالى:

وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ [56]

8375/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي محمد

القاسم بن العلاء، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا (عليه السلام): في حديث وصف الإمام، و من له الإمامة، و يستحقها دون سائر الخلق- إلى أن قال الرضا (عليه السلام): «فلم تزل في ذريته- يعني الإمامة في ذرية إبراهيم (عليه السلام)- يرثها بعض عن بعض، قرنا فقرنا، حتى ورثها الله عز و جل النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال جل و تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ «2»، فكانت له خاصة، فقلدها رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) بأمر الله عز و جل على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم و الإيمان بقوله جل و علا:

وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ، فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله)».

و رواه ابن بابويه في كتاب (معاني الأخبار)، قال: حدثنا أبو العباس، محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو القاسم أحمد «3» بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا (عليه السلام)، و ذكر الحديث «4»،

و هو طويل ذكرناه بتمامه في قوله تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ

__________________________________________________

1- الكافي 1: 154/ 1.

(1) في المصدر: كراهتك، في الموضعين.

(2) آل عمران 3: 68.

(3) في المصدر: أبو أحمد القاسم.

(4) معاني

الآخبار: 96/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 356

من سورة القصص «1».

8376/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ، فإن هذه الآية مقدمة و مؤخرة، و إنما هي: «و قال الذين أوتوا العلم و الإيمان في «2» كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث»

سورة الروم(30): آية 60 ..... ص : 356

قوله تعالى:

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [60] 8377/ [2]- علي بن إبراهيم: أي لا يغضبنك،

قال: كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يصلي و ابن الكواء خلفه، و أمير المؤمنين (عليه السلام) يقرأ، فقال ابن الكواء: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «3» فسكت أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى سكت ابن الكواء، ثم عاد في قراءته، حتى فعل ابن الكواء ثلاث مرات، فلما كان في الثالثة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ».

878/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال سألته عن الرجل يؤم القوم، و أنت لا ترضى به في صلاة، يجهر فيها بالقراءة. فقال: «إذا سمعت كتاب الله يتلى فأنصت له». قلت: فإنه يشهد علي بالشرك؟ قال: «إن عصى الله فأطع الله». فرددت عليه فأبى أن يرخص لي. قال: فقلت له: اصلي اذن في بيتي ثم أخرج إليه؟ فقال: «أنت و ذاك».

و قال: «إن عليا (عليه السلام) كان في صلاة الصبح، فقرأ ابن الكواء و هو خلفه: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ

إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «4» فأنصت علي (عليه السلام) تعظيما للقرآن حتى فرغ من الآية، ثم عاد في قراءته، ثم أعاد ابن الكواء الآية، فأنصت علي (عليه السلام) أيضا، ثم قرأ، فأعاد ابن الكواء، فأنصت علي (عليه السلام)، ثم قرأ: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 160.

2- تفسير القمّي 2: 160.

3- التهذيب 3: 35/ 127.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيتين (68، 69) من سورة القصص.

(2) في «ط، ي»: من. [.....]

(3) الزمر 39: 65.

(4) الزمر 39: 65.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 357

سورة لقمان ..... ص : 357

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 359

فضلها ..... ص : 359

8379/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن عمر بن جبير العرزمي، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة لقمان في كل ليلة وكل الله به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس و جنوده حتى يصبح، فإذا قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس و جنوده حتى يمسي».

8380/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان لقمان رفيقه يوم القيامة، و أعطي من الحسنات عشرا بعدد من أمر بالمعروف و نهى عن المنكر و من كتبها و سقاها من في جوفه علة زالت عنه، و من كان ينزف دما، رجل أو امرأة، و علقها على موضع الدم، انقطع عنه بإذن الله تعالى».

8381/ [3]- و

في رواية اخرى: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و سقاها من في جوفه غاشية زالت عنه، و من كان ينزف دما، امرأة كانت أو رجلا، و علقها على موضع الدم، انقطع عنه بإذن الله تعالى».

8382/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و سقى بها رجلا أو امرأة في جوفها غاشية، أو علة من العلل، عوفي و أمن من الحمى، و زال عنه كل أذى بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110.

2- ... مجمع البيان 8: 488 «قطعة منه».

3- ...

4- خواصّ القرآن: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 361

سورة لقمان(31): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 361

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [1- 5] 8383/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ

يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ أي على بيان من ربهم.

سورة لقمان(31): الآيات 6 الي 7 ..... ص : 361

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ- إلى قوله تعالى- فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [6- 7]

8384/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام): عن كسب المغنيات. فقال: «التي يدخل عليها الرجل حرام، و التي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس، و هو قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 161.

2- الكافي 5: 119/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 362

8385/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الغناء مما وعد الله عز و جل عليه النار». و تلا هذه الآية: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.

8386/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الغناء مما قال الله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

8387/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الوشاء، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)، سئل «1» عن الغناء؟ فقال: «هو قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

8388/ [5]- و

عنه: عن علي

بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن الحسن بن هارون، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله، و هو مما قال الله عز و جل:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

8389/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رحمه الله)، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا الحسين بن إشكيب، قال: حدثنا محمد بن السري، عن الحسين بن سعيد، عن أبي أحمد محمد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن عبد الأعلى، قال: سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قلت:

قول الله عز و جل: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ، قال: «2» «الغناء».

8390/ [7]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن أبي أمامة، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا يحل تعليم المغنيات، و لا بيعهن، و لا شراؤهن، و لا التجارة فيهن، و ثمنهن حرام، و ما أنزلت علي هذه الآية إلا في مثل هذا الحديث: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ».

ثم قال: «و الذي بعثني بالحق، ما رفع رجل عقيرة «3» صوته بالغناء إلا بعث الله تعالى عليه عند ذلك

__________________________________________________

2- الكافي 6: 431/ 4.

3- الكافي 6: 431/ 5.

4- الكافي 6: 432/ 8.

5- الكافي 6: 433/ 16.

6- معاني الأخبار: 349/ 1.

7- ربيع الأبرار 2: 596. [.....]

(1) في المصدر: أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) يقول: سئل أبو عبد اللّه (عليه السّلام) عن.

(2) في المصدر زيادة: منه.

(3) عقيرة الرجل: صوته إذا غنى أو قرأ أو بكى. «لسان العرب- عقر- 4: 593».

البرهان في تفسير

القرآن، ج 4، ص: 363

شيطانين: على هذا العاتق واحد، و على هذا العاتق واحد، يضربان بأرجلهما في صدره، حتى يكون هو الذي يسكت».

8391/ [8]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: الغناء، و شرب الخمر، و جميع الملاهي. لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ قال: يحيد بهم عن طريق الله.

8392/ [9]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ: «فهو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة من بني عبد الدار بن قصي، و كان النضر راويا لأحاديث الناس و أشعارهم، يقول الله عز و جل: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ».

سورة لقمان(31): آية 10 ..... ص : 363

قوله تعالى:

خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها [10] تقدم الحديث فيها في أول سورة الرعد «1»، و يأتي- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ «2».

قوله تعالى:

وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ- إلى قوله تعالى- هذا خَلْقُ اللَّهِ [10- 11] 8393/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ، يقول: جعل فيها من كل دابة. قال: قوله:

فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ يقول: من كل لون حسن، و الزوج: اللون الأصفر و الأخضر و الأحمر، و الكريم:

الحسن. قال: قوله: هذا خَلْقُ اللَّهِ أي مخلوق الله، لأن الخلق هو الفعل، و الفعل لا يرى، و إنما أشار إلى المخلوق، و إلى السماء و الأرض و الجبال و جميع الحيوان، فأقام الفعل مقام المفعول.

__________________________________________________

8- تفسير القمّي 2: 161.

9- تفسير القمّي 2: 161.

1- تفسير القمّي 2: 161.

(1) تقدّم في تفسير الآية (2)

من سورة الرعد.

(2) يأتي في تفسير الآيات (7- 9) من سورة الذاريات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 364

سورة لقمان(31): الآيات 12 الي 13 ..... ص : 364

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ- إلى قوله تعالى- يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [12- 13]

8394/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): «وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ، قال: الفهم و العقل».

8395/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن لقمان و حكمته التي ذكرها الله عز و جل.

فقال: «أما و الله ما اوتي لقمان الحكمة بحسب، و لا مال، و لا أهل، و لا بسط في جسم، و لا جمال، و لكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكتا سكيتا «1»، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن عن الغير «2»، لم ينم نهارا قط، و لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال، لشدة تستره، و عمق نظره، و تحفظه في أمره، و لم يضحك من شي ء قط مخافة الإثم، و لم يغضب قط، و لم يمازح إنسانا قط، و لم يفرح بشي ء أتاه من أمر الدنيا، و لا حزن منها على شي ء قط، و قد نكح من النساء و ولد له من الأولاد الكثير، و قدم أكثرهم إفراطا «3»، فما بكى على موت أحد منهم.

و لم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما، و لم يمض عنهما حتى تحاجزا «4»، و لم يسمع

قولا قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره و عمن أخذه، و كان يكثر مجالسة الفقهاء و الحكماء. و كان يغشى القضاة و الملوك، و الحكام، و السلاطين، فيرثي القضاة بما ابتلوا به، و يرحم الملوك و السلاطين لغرتهم «5» بالله، و طمأنينتهم في ذلك، و يعتبر، و يتعلم ما يغلب به نفسه، و يجاهد به هواه، و يحترز به من الشيطان، و كان يداوي قلبه بالفكر، و يداوي نفسه بالعبر، و كان لا يظعن إلا فيما يعنيه «6»، فبذلك أوتي الحكمة، و منح العصمة، فإن الله تبارك و تعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار و هدأت العيون بالقائلة، فنادوا لقمان حيث يسمع و لا

__________________________________________________

1- الكافي 1: 13/ 12.

2- تفسير القمّي 2: 162.

(1) رجل سكّيت: كثير السّكوت. «لسان العرب- سكت- 2: 43». و في «ج، ي»، مسكينا، و في المصدر: سكينا.

(2) في نسخة من «ط»: مستغن بالعبّر، و في المصدر: مستعبر بالعبر.

(3) أفرط فلان ولدا: إذا مات له ولد صغير قبل أن يبلغ الحلم. «لسان العرب- فرط- 7: 367».

(4) أي تصالحا و تمانعا، و في «ج»: تحابّا. [.....]

(5) في المصدر: لعزّتهم.

(6) في المصدر: ينفعه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 365

يراهم، فقالوا: يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان: إن أمرني الله بذلك فالسمع و الطاعة، لأنه إن فعل بي ذلك أعانني عليه و علمني و عصمني، و إن هو خيرني قبلت العافية.

فقالت الملائكة: يا لقمان، لم قلت ذلك؟ قال: لأن الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين، و أكثرها فتنا و بلاء، و يخذل و لا يعان، و يغشاه الظلم من كل مكان، و

صاحبه فيه بين أمرين: إن أصاب فيه الحق فبالحري «1» أن يسلم، و إن أخطأ أخطأ طريق الجنة، و من يكن في الدنيا ذليلا و ضعيفا، و كان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكيما «2» سريا شريفا، و من اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما، تزول هذه و لا يدرك تلك- قال- فتعجبت الملائكة من حكمته، و استحسن الرحمن منطقه.

فلما أمسى و أخذ مضجعه من الليل، أنزل الله عليه الحكمة، فغشاه بها من قرنه إلى قدمه و هو نائم، و غطاه بالحكمة غطاء، فاستيقظ و هو أحكم الناس في زمانه، و خرج على الناس ينطق بالحكمة و يبثها «3» فيها- قال- فلما اوتي الحكم، و لم يقبله، أمر الله الملائكة فنادت داود بالخلافة، فقبلها و لم يشترط فيها بشرط لقمان، فأعطاه الله الخلافة في الأرض و ابتلي فيها غير مرة، كل ذلك يهوي في الخطأ و يقيله الله و يغفره له.

و كان لقمان يكثر زيارة داود (عليه السلام)، و يعظه بمواعظه و حكمته و فضل علمه، و كان داود يقول له: طوبى لك- يا لقمان- أوتيت الحكمة، و صرفت عنك البلية، و اعطي داود الخلافة، و ابتلي بالحكم و الفتنة».

قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.

قال: «فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطر و انشق «4»، فكان فيما وعظه به- يا حماد- أن قال له: يا بني، إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها و استقبلت الآخرة، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد.

يا بني، جالس العلماء و زاحمهم

بركبتيك، و لا تجادلهم فيمنعوك، و خذ من الدنيا بلاغا، و لا ترفضها فتكون عيالا على الناس، و لا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك، و صم صوما يقطع شهوتك، و لا تصم صوما يمنعك عن الصلاة، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام.

يا بني، إن الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان، و اجعل شراعها التوكل، و اجعل زادك فيها تقوى الله، فإن نجوت فبرحمة الله، و إن هلكت فبذنوبك.

يا بني، إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا، و من عني بالأدب اهتم به، و من اهتم به تكلف علمه، و من تكلف علمه اشتد طلبه، و من اشتد طلبه أدرك منفعته، فاتخذه عادة، فإنك تخلف في سلفك، و ينتفع به من خلفك، و يرتجيك فيه راغب، و يخشى صولتك راهب، و إياك و الكسل عنه بالطلب لغيره، فإن غلبت على الدنيا

__________________________________________________

(1) الحريّ: الجدير و الخليق. «النهاية 1: 375».

(2) في المصدر: حكما.

(3) في المصدر: و يثبتها.

(4) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله: «حتّى تفطّر و انشقّ» كناية عن غاية تأثير الحكمة فيه، البحار 13: 413.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 366

فلا تغلبن على الآخرة، و إذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة، و اجعل في أيامك و لياليك و ساعاتك لنفسك نصيبا في طلب العلم، فإن فاتك لم تجد له تضييعا أشد من تركه، و لا تمارين فيه لجوجا، و لا تجادلن فقيها، و لا تعادين سلطانا، و لا تماشين ظلوما و لا تصادقنه، و لا تصاحبن فاسقا نطفا «1»، و لا تصاحبن متهما، و اخزن علمك كما تخزن ورقك «2».

يا بني، خف الله خوفا لو أتيت القيامة ببر

الثقلين خفت أن يعذبك، و ارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر لك.

فقال له ابنه: يا أبت، فكيف أطيق هذا، و إنما لي قلب واحد؟

فقال له لقمان: يا بني، لو استخرج قلب المؤمن فشق، لوجد فيه نوران: نور للخوف، و نور للرجاء، لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله، و من يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله، و من لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا، و من عمل لله خالصا ناصحا، فقد آمن بالله صادقا، و من أطاع الله خافه، و من خافه فقد أحبه، و من أحبه اتبع أمره، و من اتبع أمره استوجب جنته و مرضاته، و من لم يتبع رضوان الله فقد حان «3» عليه سخطه، نعوذ بالله من سخط الله.

يا بني، لا تركن إلى الدنيا، و لا تشغل قلبك بها، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين، و لم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين؟».

8396/ [3]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن علي بن محمد، عن بكر بن صالح، عن جعفر بن يحيى، عن علي القصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: جعلت فداك، قوله: وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ؟ قال: «اوتي معرفة إمام زمانه».

8397/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن منصور ابن يونس، عن الحارث بن المغيرة، أو عن أبيه، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما كان في وصية لقمان؟

قال: «كان فيها الأعاجيب، و كان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه: خف الله عز و جل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك، و ارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يقول: إنه ليس من عبد مؤمن إلا و في قلبه نوران: نور خيفة، و نور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 161.

4- الكافي 2: 155/ 1.

(1) النّطف: النجس، و الرجل المريب. «أقرب الموارد- نطف- 2: 1314».

(2) الورق: الدراهم المضروبة. «الصحاح- ورق- 4: 1564»، و في «ج، ي»: رزقك.

(3) في المصدر: هان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 367

8398/ [5]- الطبرسي: روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «في وصية لقمان لابنه: يا بني، سافر بسيفك، و خفك، و عمامتك، و خبائك، و سقائك، و خيوطك، و مخرزك، و تزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت و من معك، و كن موافقا لأصحابك إلا في معصية الله عز و جل.

يا بني، إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك و أمورهم، و أكثر التبسم في وجوههم، و كن كريما على زادك بينهم، و إذا دعوك فأجبهم، و إذا استعانوا بك فأعنهم، و عليك بطول الصمت، و كثرة الصلاة، و سخاء النفس بما معك من دابة أو زاد أو ماء.

و إذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، و أجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تتثبت و تنظر، و لا تجب في مشورة حتى تقوم فيها و تقعد

و تنام و تأكل و تصلي و أنت مستعمل فكرتك و حكمتك، فإن من لم يمحض النصيحة «1» من استشاره، سلبه الله رأيه.

و إذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، و إذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، و اسمع لمن هو أكبر منك سنا، و إذا أمروك بأمر و سألوك شيئا فقل: نعم، و لا تقل: لا، فإن لا عي و لؤم.

و إذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، و إذا شككتم في القصد فقفوا و تآمروا، و إذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم، و لا تسترشدوه، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب، لعله يكون عين اللصوص، أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، و احذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه، و الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

يا بني، إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي ء، صلها و استرح منها فإنها دين، و صل في جماعة و لو على رأس زج، و لا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها، و ليس ذلك من فعل الحكماء، إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل، و إذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك، و ابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك.

و إذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا، و ألينها تربة، و أكثرها عشبا، و إذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، و إذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض، فإذا ارتحلت فصل ركعتين، ثم ودع الأرض التي حللت بها، و سلم على أهلها، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، و إن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل و

عليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكبا، و عليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا، و عليك بالدعاء ما دمت خاليا، و إياك و السير في أول الليل إلى آخره، و إياك و رفع الصوت في مسيرك».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الله ما اوتي لقمان الحكمة بحسب، و لا مال، و لا بسط في جسم، و لا جمال، و لكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكتا سكيتا «2»، عميق النظر، طويل التفكر، حديد البصر، لم ينم نهارا قط، و لم يتكئ في مجلس قوم قط، و لم يتفل في مجلس قوم قط، و لم يعبث بشي ء قط، و لم يره أحد من

__________________________________________________

5- مجمع البيان 8: 496.

(1) أمحضه النصيحة: صدقه. «لسان العرب- محض- 7: 228».

(2) في المصدر: سكينا، و في «ج»: ساكنا سكينا. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 368

الناس على بول و لا غائط قط و لا اغتسال، لشدة تستره و تحفظه في أمره، و لم يضحك من شي ء قط، و لم يغضب قط مخافة الإثم في دينه، و لم يمازح إنسانا قط، و لم يفرح بما أوتيه من الدنيا، و لا حزن منها على شي ء قط، و قد نكح من النساء، و ولد له الأولاد الكثيرة، و قدم أكثرهم إفراطا فما بكى على موت أحد منهم.

و لم يمر بين رجلين يقتتلان أو يختصمان إلا أصلح بينهما، و لم يمض عنهما حتى تحاجزا «1»، و لم يسمع قولا استحسنه من أحد قط إلا سأله عن تفسيره، و عمن أخذه، و كان يكثر مجالسة الفقهاء و العلماء، و كان يغشى القضاة و الملوك و السلاطين، فيرثي للقضاة بما ابتلوا به،

و يرحم الملوك و السلاطين لغرتهم «2» بالله، و طمأنينتهم في ذلك، و يتعلم ما يغلب به نفسه، و يجاهد به هواه، و يحترز به من الشيطان «3»، و كان يداوي نفسه بالتفكر و العبر، و كان لا يظعن إلا فيما ينفعه، و لا ينظر إلا فيما يعنيه، فبذلك اوتي الحكمة، و منح العصمة «4»».

8399/ [6]- الطبرسي: بحذف الإسناد، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان لقمان الحكيم معمرا قبل داود (عليه السلام) في أعوام كثيرة، و إنه أدرك أيامه، و كان معه يوم قتل جالوت، و كان طول جالوت ثمان مائة ذراع، و طول داود عشرة أذرع، فلما قتل داود جالوت رزقه الله النبوة بعد ذلك، و كان لقمان معه إلى أن ابتلي بالخطيئة، و إلى أن تاب الله عليه، و بعده.

و كان لقمان يعظ ابنه بآثار حتى تفطر و انشق، و كان فيما وعظه أنه قال: يا بني، مذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها و استقبلت الآخرة، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد.

يا بني، لا خير في الكلام إلا بذكر الله تعالى، و إن صاحب السكوت تعلوه السكينة و الوقار.

يا بني، جالس العلماء، فلو وضع الله العلم في قلب كلب لأعزه الله و أحبه. يا بني، جالس العلماء، و زاحمهم بركبتك، و لا تجادلهم فيمقتوك، و خذ من الدنيا بلاغا، و لا ترفضها فتكون عيالا على الناس، و لا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك، و صم صوما يقطع شهوتك، و لا تصم صوما يمنعك و يضعفك عن الصلاة، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام، و الصلاة أفضل الأعمال.

يا بني، إن الدنيا بحر عميق قد هلك

فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان، و اجعل شراعها التوكل، و اجعل زادك فيها تقوى الله، فإن نجوت فبرحمة الله، و إن هلكت فبذنوبك.

يا بني، إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا، و من عني بالأدب اهتم به، و من اهتم به تكلف عمله، و من تكلف عمله اشتد طلبه، و من اشتد طلبه أدرك منفعته، فاتخذه عادة، فإنك تخلف به في سلفك، و تنفع به خلفك، و يرتجيك فيه راغب، و يخشى صولتك راهب، و إياك و الكسل عن العلم و الطلب لغيره، فإن غلبت على الدنيا فلا

__________________________________________________

6- ...

(1) في «ط»: تحابّا.

(2) في المصدر: لعزّتهم.

(3) في «ط، ج، ي»: و المصدر: السلطان.

(4) في المصدر: القضيّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 369

تغلب على الآخرة.

يا بني، من أدرك العلم، فأي شي ء فاته؟ و من فاته العلم فأي شي ء أدرك؟ يا بني، إذا فاتك طلب العلم فإنك لم تجد له تضييعا أشد من تركه، و لا تمارين فيه لجوجا، و لا تجادلن فقيها، و لا تعادين سلطانا، و لا تماشين ظالما، و لا تصادقن عدوا، و لا تؤاخين فاسقا نطفا، و لا تصاحبن متهما، و اخزن علمك كما تخزن ورقك «1».

يا بني، لا تصعر خدك للناس، و لا تمش في الأرض مرحا، و اغضض من صوتك، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير، و اقصد في مشيك.

يا بني، خف الله تعالى خوفا لو أتيت يوم القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك، و ارج الله تعالى رجاء لو وافيت يوم القيامة بإثم الثقلين أن يغفر الله لك.

فقال له ابنه: يا أبت، و كيف أطيق هذا و إنما لي قلب واحد؟

فقال لقمان: يا بني، لو استخرج قلب المؤمن و شق لوجد

فيه نوران: نور للخوف، و نور للرجاء، و لو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر شيئا و لا مثقال ذرة، فمن يؤمن بالله و يصدق ما قال الله تعالى يفعل ما أمر الله، و من لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا، و من عمل لله عملا خالصا ناصحا آمن بالله صادقا، و من يطع الله تعالى خافه، و من خافه فقد أحبه، و من أحبه اتبع أمره، و من اتبع أمره استوجب جنته و مرضاته، و من لم يتبع رضوان الله فقد خان الله، و من خان الله استوجب سخطه و عذابه، نعوذ بالله من سخط الله و عذابه و خزيه و نكاله.

يا بني، لا تركن إلى الدنيا، و لا تشغل قلبك بها، فما خلق الله خلقا أهون عليه منها، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين، و لم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين؟

يا بني، من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا، أي من استنقذها من قتل، أو غرق، أو حرق، أو هدم، أو سبع، أو كفله حتى يستغني، أو أخرجه من فقر إلى غنى، و أفضل من ذلك كله من أخرجه من ضلال إلى هدى.

يا بني، أقم الصلاة و أمر بالمعروف، و انه عن المنكر، و اصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور».

سورة لقمان(31): الآيات 14 الي 15 ..... ص : 369

قوله تعالى:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ- إلى قوله تعالى- بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [14- 15] 8400/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ يعني ضعفا على

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 165.

(1) في «ط»:

نسخة بدل: أرزقك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 370

ضعف.

8401/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق ابن حسان، عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سئل «1» أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قوله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ.

فقال: «الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم، و ورثا الحكم، و أمر الناس بطاعتهما، ثم قال الله: إِلَيَّ الْمَصِيرُ فمصير العباد إلى الله، و الدليل على ذلك الوالدان، ثم عطف القول على ابن حنتمة و صاحبه، فقال في الخاص و العام: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي يقول: في الوصية، و تعدل عمن أمرت بطاعته فلا تطعهما، و لا تسمع قولهما، ثم عطف القول على الوالدين، فقال: وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً، يقول: عرف الناس فضلهما، و ادع إلى سبيلهما، و ذلك قوله: وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ، فقال: إلى الله ثم إلينا، فاتقوا الله و لا تعصوا الوالدين، فإن رضاهما رضا الله، و سخطهما سخط الله».

8402/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن بحر، عن عبد الله بن مسكان، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال- و أنا عنده- لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين، في قول الله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «2»، فظننا أنها الآية التي في بني إسرائيل: وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «3»، فلما كان بعد، سألته، فقال: «هي التي في لقمان:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حسنا وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما، فقال: إن ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما و حقهما على كل حال وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، فقال: لا بل يأمر بصلتهما و إن جاهداه على الشرك، و ما زاد حقهما إلا عظما».

8403/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان، قال: شهدت جابر الجعفي، عند أبي جعفر (عليه السلام)، و هو يحدث أن رسول الله و عليا (عليهما السلام) الوالدان.

قال عبد الله بن سليمان: و سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «منا الذي أحل الخمس، و منا الذي جاء بالصدق، و منا الذي صدق به، و لنا المودة في كتاب الله عز و جل، و علي و رسول الله (صلى الله عليهما) الوالدان، و أمر الله ذريتهما بالشكر لهما».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 354/ 79.

3- الكافي 2: 127/ 6.

4- تأويل الآيات 1: 436/ 1.

(1) في المصدر: أنه سأل.

(2، 3) الإسراء 17: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 371

8404/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة، عن عبد الواحد بن مختار، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: «أما علمت أن عليا (عليه السلام) أحد الوالدين اللذين قال الله عز و جل: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ؟».

قال زرارة: فكنت لا أدري أي آية

هي، التي في بني إسرائيل، أو التي في لقمان- قال- فقضي لي أن حججت، فدخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فخلوت به، فقلت: جعلت فداك، حديثا جاء به عبد الواحد. قال:

«نعم». قلت: أي آية هي، التي في لقمان، أو التي في بني إسرائيل. فقال: «التي في لقمان».

8405/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عمرو بن شمر، عن المفضل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ رسول الله، و علي (صلوات الله عليهما)».

8406/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن بشير الدهان أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد الوالدين».

قال: قلت: و الآخر؟ قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

8407/ [8]- السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده عن سلمة بن كهيل، عن أبيه، في قول الله عز و جل:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً «1»، قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

و قد تقدم في هذا المعنى عن الأئمة (عليهم السلام) في أول سورة العنكبوت «2».

8408/ [9]- ابن شهر آشوب: عن أبان بن تغلب، عن الصادق (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «3»، قال: «الوالدان: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام)».

8409/ [10]- عن سلام «4» الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام):

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 1: 436/ 2.

6- تأويل الآيات 1: 437/ 3. [.....]

7- تأويل

الآيات 1: 437/ 4.

8- خصائص الأئمّة: 70.

9- المناقب 3: 105.

10- المناقب 3: 105.

(1) العنكبوت 29: 8.

(2) تقدّم في تفسير الآيتين (8، 9) من سورة العنكبوت.

(3) البقرة 2: 83، النساء 4: 36 ...

(4) في المصدر: سالم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 372

«نزلت في رسول الله و في علي (عليهما السلام)».

و روي مثل ذلك في حديث ابن جبلة.

8410/ [11]- و

روي عن بعض الأئمة (عليهم السلام)، في قوله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ أنه نزل فيهما (عليهما السلام).

8411/ [12]- و

عن النبي (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي أبوا هذه الأمة».

8412/ [13]- و

روي عنه (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي أبوا هذه الأمة، أنا و علي موليا هذه الامة».

8413/ [14]- و

روي عنه (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي أبوا هذه الأمة، فعلى عاق والديه لعنة الله».

8414/ [15]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي، قال: حدثنا محمد بن سليمان المقرئ الكندي، عن عبد الصمد بن علي النوفلي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأصبغ بن نباتة العبدي، قال: لما ضرب ابن ملجم (لعنه الله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، غدونا عليه في نفر من أصحابنا: أنا، و الحارث، و سويد بن غفلة، و جماعة معنا، فقعدنا على الباب، فسمعنا البكاء فبكينا، فخرج إلينا الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال: «يقول لكم أمير المؤمنين (عليه السلام) انصرفوا إلى منازلكم».

فانصرف القوم غيري، فاشتد البكاء من منزله فبكيت، و خرج الحسن (عليه السلام)، و قال:

«ألم أقل لكم انصرفوا» فقلت: لا و الله- يا بن رسول الله- ما تتابعني نفسي، و لا تحملني رجلي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه). قال: و بكيت، فدخل، فلم يلبث أن خرج، فقال لي: «ادخل». فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء، قد نزف و اصفر وجهه، ما أدري وجهه أصفر أم العمامة؟ فأكببت عليه، فقبلته و بكيت، فقال لي: «لا تبك يا أصبغ، فإنها و الله الجنة».

فقلت له: جعلت فداك، إني و الله أعلم أنك تصير إلى الجنة، و إنما أبكي لفقداني إياك. يا أمير المؤمنين، جعلت فداك، حدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإني أراك لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا.

قال: «نعم- يا أصبغ- دعاني رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما، فقال لي: يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي، ثم تصعد منبري، ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله تعالى و تثني عليه، و تصلي علي صلاة كثيرة، ثم تقول: أيها الناس، إني رسول رسول الله إليكم، و هو يقول لكم: إن لعنة الله، و لعنة ملائكته المقربين، و أنبيائه المرسلين، و لعنتي على من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أجره. فأتيت مسجده، و صعدت منبره، فلما رأتني

__________________________________________________

11- المناقب 3: 105.

12- معاني الأخبار: 52/ 3.

13- مناقب ابن شهر آشوب 3: 105.

14- ...

15- الأمالي 1: 122.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 373

قريش و من كان في المسجد أقبلوا نحوي، فحمدت الله و أثنيت عليه، و صليت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلاة كثيرة، ثم قلت: «أيها

الناس، إني رسول رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إليكم، و هو يقول لكم: ألا إن لعنة الله، و لعنة ملائكته المقربين، و أنبيائه المرسلين، و لعنتي على من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أجره».

قال: «فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب، فإنه قال: قد أبلغت- يا أبا الحسن- و لكنك جئت بكلام غير مفسر. فقلت: ابلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فأخبرته الخبر، فقال: ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري، فاحمد الله و اثن عليه، و صل علي، ثم قال: يا أيها الناس، ما كنا لنجيئكم بشي ء إلا و عندنا تأويله و تفسيره، ألا و إني أنا أبوكم، ألا و إني أنا مولاكم، ألا و إني أنا أجيركم».

8415/ [16]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ يقول: «اتبع سبيل محمد (صلى الله عليه و آله)».

سورة لقمان(31): آية 16 ..... ص : 373

قوله تعالى:

يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [16] 8416/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم عطف على خبر لقمان و قصته، فقال: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ قال: من الرزق يأتيك به الله.

8417/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي

بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «اتقوا المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا، لا يقول أحدكم: أذنب و أستغفر، إن الله عز و جل يقول: وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ «1»، و قال عز و جل: إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ».

8418/ [3]- الطبرسي: روى العياشي بالإسناد عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اتقوا

__________________________________________________

16- تفسير القمّي 2: 165. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 165.

2- الكافي 2: 207/ 10.

3- مجمع البيان 8: 499.

(1) يس 36: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 374

المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا، لا يقولن أحدكم: أذنب و استغفر الله، إن الله تعالى يقول: إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ».

سورة لقمان(31): آية 17 ..... ص : 374

قوله تعالى:

وَ اصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ [17]

8419/ [1]- الطبرسي: عن علي (عليه السلام): «اصبر على ما أصابك من المشقة و الأذى في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر».

سورة لقمان(31): آية 18 ..... ص : 374

قوله تعالى:

وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ [18]

8420/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، و محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في هذه الآية: وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ، قال: «ليكن الناس في العلم سواء عندك».

8421/ [3]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، أي لا تذل للناس طمعا فيما عندهم.

8422/ [4]- الطبرسي: أي لا تمل وجهك عن الناس تكبرا، و لا تعرض عمن يكلمك استخفافا به. قال: و هو معنى قول ابن عباس، و أبي عبد الله (عليه السلام).

قوله تعالى:

وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً [18] 8423/ [5]- علي بن إبراهيم: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي فرحا.

__________________________________________________

1- مجمع البيان 8: 500.

2- الكافي 1: 32/ 2.

3- تفسير القمّي 2: 165.

4- مجمع البيان 8: 500.

5- تفسير القمّي 2: 165.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 375

8424/ [1]- ثم

قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً: «أي بالعظمة».

سورة لقمان(31): آية 19 ..... ص : 375

قوله تعالى:

وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [19] 8425/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ أي لا تعجل وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ أي لا ترفعه إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ. قال علي بن إبراهيم: و روي فيه غير هذا أيضا.

8426/ [3]- الشيخ البرسي، قال في تفسير قوله تعالى: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ، قال: سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام): ما معنى هذه الحمير؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الله أكرم من أن يخلق شيئا ثم ينكره،

إنما هو زريق و صاحبه، في تابوت من نار، في صورة حمارين، إذا شهقا في النار انزعج أهل النار من شدة صراخهما».

8427/ [4]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي بكر الحضرمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ، قال: «العطسة القبيحة».

8428/ [5]- الطبرسي: هي العطسة المرتفعة القبيحة، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة لقمان(31): الآيات 20 الي 21 ..... ص : 375

قوله تعالى:

وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً [20]

8429/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 165.

2- تفسير القمّي 2: 165.

3- مشارق أنوار اليقين: 80.

4- الكافي 2: 480/ 21.

5- مجمع البيان 8: 500. [.....]

6- تفسير القمّي 2: 165.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 376

شريك، عن جابر، قال: قرأ رجل عند أبي جعفر (عليه السلام): وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً، قال: «أما النعمة الظاهرة فالنبي (صلى الله عليه و آله)، و ما جاء به من معرفة الله عز و جل و توحيده، و أما النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت، و عقد مودتنا، فاعتقد و الله قوم هذه النعمة الظاهرة و الباطنة، و اعتقدها قوم ظاهرة، و لم يعتقدوها باطنة، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «1»، ففرح رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند نزولها، إذ لم يتقبل الله تعالى إيمانهم إلا بعقد ولايتنا و محبتنا».

8430/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن

جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي، قال: سألت سيدي موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً فقال (عليه السلام): «النعمة الظاهرة: الإمام الظاهر، و الباطنة:

الإمام الغائب».

فقلت له: و يكون في الأئمة من يغيب؟ فقال: «نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه، و لا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، و هو الثاني عشر منا، و يسهل الله له كل عسير، و يذلل الله له كل صعب، و يظهر له كل كنوز الأرض، و يقرب له كل بعيد، و يبير «2» به كل جبار عنيد، و يهلك على يده كل شيطان مريد، ذلك ابن سيدة الإماء، الذي تخفى على الناس ولادته، و لا يحل لهم تسميته، حتى يظهره الله عز و جل فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما».

ثم قال ابن بابويه (قدس الله سره): لم أسمع هذا الحديث إلا من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) بهمدان، عند منصرفي من حج بيت الله الحرام، و كان رجلا ثقة دينا فاضلا (رحمة الله و رضوانه عليه).

8431/ [3]- الشيخ في (أماليه). قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن آدم بن أبي اسامة اللخمي قاضي فيوم مصر، قال: حدثنا الفضل بن يوسف القصباني الجعفي، قال: حدثنا محمد بن عكاشة الغنوي، قال: حدثني عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي «3»، عن جويبر «4» بن سعيد، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن علي (عليه السلام)، و الضحاك عن عبد الله بن العباس، قالا في

قول الله تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً، قال: «أما الظاهرة فالإسلام، و ما أفضل عليكم في الرزق، و أما الباطنة فما ستر عليك من مساوئ عملك».

__________________________________________________

2- كمال الدين و تمام النعمة: 368/ 6.

3- الأمالي 2: 104.

(1) المائدة 5: 41.

(2) أي يهلك.

(3) في «ج، ي، ط»: الحيني، و في «ط» نسخة بدل: الجبيسي، و في المصدر: الجهيني، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر تهذيب التهذيب 8: 111.

(4) في «ط» و المصدر: جوير، و في «ي» و «ط» نسخة بدل: حريز، و في «ج»: جريرة، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، انظر تهذيب التهذيب 2: 123.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 377

8432/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله «1» بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي (رحمه الله) ببغداد، قال: سمعت جدي إبراهيم بن علي يحدث عن أبيه علي بن عبيد الله، قال: حدثني شيخان بران من أهلنا، سيدان، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه (عليهم السلام). و حدثنيه الحسين بن زيد بن علي ذو الدمعة، قال: حدثني عمي عمر بن علي، قال:

حدثني أخي محمد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي (عليهم السلام).

قال أبو جعفر (عليه السلام): «حدثني عبد الله بن العباس، و جابر بن عبد الله الأنصاري- و كان بدريا أحديا شجريا و ممن محض من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في مودة أمير المؤمنين (عليه السلام)- قالا: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجده في رهط من أصحابه، فيهم أبو بكر، و أبو عبيدة، و عمر، و عثمان، و

عبد الرحمن، و رجلان من قراء الصحابة: من المهاجرين عبد الله بن ام عبد، و من الأنصار أبي بن كعب، و كانا بدريين، فقرأ عبد الله من السورة التي يذكر فيها لقمان، حتى أتى على هذه الآية: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً الآية، و قرأ أبي من السورة التي يذكر فيها إبراهيم (عليه السلام): وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ «2».

قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أيام الله: نعماؤه، و بلاؤه، و مثلاته سبحانه «3»، ثم أقبل (صلى الله عليه و آله) على من شهده من أصحابه، فقال: إني لأتخولكم «4» بالموعظة تخولا مخافة السآمة «5» عليكم، و قد أوحى إلي ربي جل جلاله أن أذكركم بأنعمه، و أنذركم بما اقتص عليكم من كتابه، و تلا: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ الآية.

ثم قال لهم: قولوا الآن قولكم: ما أول نعمة رغبكم الله فيها، و بلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا، فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم و أحسن إليهم بها من المعاش، و الرياش، و الذرية، و الأزواج إلى سائر ما بلاهم الله عز و جل به من أنعمه الظاهرة، فلما أمسك القوم أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على علي (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن، قل، فقد قال أصحابك. فقال: و كيف لي بالقول- فداك أبي و امي- و إنما هدانا الله بك! قال: و مع ذلك فهات، قل، ما أول نعمة بلاك الله عز و جل، و أنعم عليك بها؟ قال: أن خلقني- جل ثناؤه- و لم أك شيئا مذكورا. قال: صدقت، فما الثانية؟ قال: أن أحسن بي إذ خلقني فجعلني حيا

لا مواتا. قال: صدقت، فما الثالثة؟ قال: أن أنشأني- فله الحمد- في أحسن صورة، و أعدل تركيب. قال: صدقت، فما الرابعة؟ قال: أن جعلني متفكرا راغبا، لا بلهة ساهيا. قال:

صدقت، فما الخامسة؟ قال: أن جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت بها، و جعل لي سراجا منيرا. قال: صدقت، فما السادسة؟ قال: أن هداني لدينه، و لم يضلني عن سبيله. قال: صدقت، فما السابعة؟ قال: أن جعل لي مردا في حياة لا انقطاع لها. قال: صدقت، فما الثامنة؟ قال: أن جعلني ملكا مالكا لا مملوكا. قال: صدقت، فما التاسعة؟ قال: أن

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 105.

(1) في جميع النسخ و المصدر: عبد اللّه، راجع تاريخ بغداد 10: 348.

(2) إبراهيم 14: 5.

(3) في «ط، ي»: و سبحاته.

(4) يتخولنا بالموعظة: أي يتعهّدنا. «النهاية 2: 88».

(5) السّآمة: الملل و الضّجر. «النهاية 2: 328».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 378

سخر لي سماؤه و أرضه، و ما فيهما، و ما بينهما من خلقه. قال: صدقت، فما العاشرة؟ قال: أن جعلنا سبحانه ذكرانا قواما على حلائلنا، لا إناثا.

قال: صدقت، فما بعد هذا؟ قال: كثرت نعم الله- يا نبي الله- فطابت، و تلا: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها «1»، فتبسم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: ليهنئك الحكمة، ليهنئك العلم- يا أبا الحسن- و أنت وارث علمي، و المبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي، من أحبك لدينك، و أخذ بسبيلك فهو ممن هدي إلى صراط مستقيم، و من رغب عن هداك، و أبغضك، لقي الله يوم القيامة لا خلاق له».

8433/ [5]- و عنه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، قال: حدثنا الرزار، قال:

حدثنا محمد

بن يونس بن موسى، قال: حدثنا عون بن عمارة، قال: حدثنا سليمان بن عمران الكوفي، عن أبي حازم المدني، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً، قال: الظاهرة: الإسلام، و الباطنة: ستر الذنوب.

8434/ [6]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا علي بن إسماعيل بن يونس بن السكن بن صغير القنطري الصفار، قال: حدثنا إبراهيم بن جابر الكاتب المروزي ببغداد، قال: حدثنا عبد الرحيم ابن هارون الغساني، قال: أخبرنا هشام بن حسان، عن همام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من لم يعلم فضل الله عز و جل عليه إلا في مطعمه و مشربه فقد قصر علمه، و دنا عذابه».

8435/ [7]- الطبرسي: قال الباقر (عليه السلام): «النعمة الظاهرة النبي (صلى الله عليه و آله)، و ما جاء به النبي من معرفة الله عز و جل و توحيده، و أما النعمة الباطنة ولايتنا أهل البيت، و عقد مودتنا».

قوله تعالى:

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ [20- 21]

8436/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله:

__________________________________________________

5- الأمالي 2: 6. [.....]

6- الأمالي 2: 104.

7- مجمع البيان 8: 501.

1- تفسير القمي 2: 166.

(1) إبراهيم 14: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 379

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ

اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ: «فهو النضر بن الحارث، قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله):

اتبع ما انزل إليك من ربك. قال: بل أتبع ما وجدت عليه آبائي».

سورة لقمان(31): آية 22 ..... ص : 379

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ [22] 8437/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قال: الولاية.

8438/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن الحصين بن مخارق، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) في قوله عز و جل:

فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قال: «مودتنا أهل البيت».

8439/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن هارون بن سعيد، عن زيد بن علي (عليه السلام)، قال: العروة الوثقى المودة لآل محمد (صلى الله عليه و آله).

8440/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليستمسك بولاية أخي و وصيي علي بن أبي طالب، فإنه لا يهلك من أحبه

و تولاه، و لا ينجو من أبغضه و عاداه».

8441/ [5]- و

عنه، بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام)، من أطاعهم فقد أطاع الله، و من عصاهم فقد عصى الله عز و جل، هم العروة الوثقى، و هم الوسيلة إلى الله تعالى».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 166.

2- تأويل الآيات 1: 439/ 10.

3- تأويل الآيات 1: 439/ 11.

4- معاني الأخبار: 368/ 1.

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 58/ 217.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 380

8442/ [6]- الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان: رواه من طريق العامة، عن الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ستكون بعدي فتنة مظلمة، الناجي منها من تمسك بالعروة الوثقى.

فقيل: يا رسول الله، و ما العروة الوثقى؟ قال: ولاية سيد الوصيين.

قيل: يا رسول الله، و من سيد الوصيين. قال: أمير المؤمنين.

قيل: يا رسول الله، و من أمير المؤمنين؟ قال: مولى المسلمين و إمامهم بعدي.

قيل: يا رسول الله، و من مولى المسلمين و إمامهم بعدك؟ قال: أخي علي بن أبي طالب».

8443/ [7]- ابن شهر آشوب: عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس بن مالك، في قوله تعالى: وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ، قال: نزلت في علي (عليه السلام)، قال: كان أول من أخلص وجهه لله وَ هُوَ مُحْسِنٌ، أي مؤمن مطيع، فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قول: لا إله إلا الله، وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ و الله ما قتل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) إلا عليها.

و الروايات في معنى العروة الوثقى زيادة على ما هاهنا

تقدمت في تفسير آية الكرسي «1».

سورة لقمان(31): آية 27 ..... ص : 380

قوله تعالى:

وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [27]

8444/ [1]- الطبرسي: قرأ جعفر بن محمد (عليهما السلام): «و البحر مداده».

8445/ [2]- علي بن إبراهيم: و ذلك أن اليهود سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الروح، فقال: «الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا». قالوا: نحن خاصة، قال: «بل الناس عامة».

قالوا: فكيف يجتمع هذان- يا محمد- تزعم أنك لم تؤت من العلم إلا قليلا و قد أوتيت القرآن، و أوتينا التوراة، و قد قرأت وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ «2» و هي التوراة فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً «3»؟ فأنزل الله تعالى:

__________________________________________________

6- مائة منقبة: 149/ 81.

7- المناقب 3: 76، شواهد التنزيل 1: 444/ 609، ينابيع المودة: 111.

1- مجمع البيان 8: 503.

2- تفسير القمي 2: 166.

(1) تقدمت في تفسير الآيتين (256، 257) من سورة البقرة. [.....]

(2، 3) البقرة: 2: 269.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 381

وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ، يقول: علم الله أكثر من ذلك، و ما أوتيتم كثير فيكم، قليل عند الله.

8446/ [3]- و قال أيضا علي بن إبراهيم، في قوله: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ الآية: معنى ذلك أن علم الله أكثر من ذلك، و أما ما آتاكم فهو كثير فيكم، قليل فيما عند الله.

8447/ [4]- الطبرسي في (الإحتجاج): سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن العالم العسكري (عليه السلام) عن قوله تعالى: سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ

اللَّهِ ما هي؟ فقال: «هي عين الكبريت، و عين اليمن، و عين البرهوت «1»، و عين الطبرية، و جمة «2» ما سيدان، و جمة إفريقية، و عين باهوران «3»، و نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا و لا تستقصى».

و رواه الشيخ المفيد في (الإختصاص) ببعض التغيير «4».

سورة لقمان(31): الآيات 28 الي 34 ..... ص : 381

قوله تعالى:

ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [28- 34] 8448/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ قال: السفن تجري في البحر بقدرة الله.

8449/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ: «بلغنا- و الله أعلم- أنهم قالوا: يا محمد، خلقنا أطوارا نطفا، ثم علقا، ثم أنشأنا خلقا آخر كما تزعم، و تزعم أنا نبعث في ساعة واحدة؟ فقال الله: ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، إنما يقول له: كن

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 166.

4- الاحتجاج 2: 454.

1- تفسير القمّي 2: 166.

2- تفسير القمّي 2: 167.

(1) برهوت: واد باليمن، و قيل في أقصى تيه حضرموت. «المعجم ما استعجم 1: 246».

(2) الجمّة: المكان الذي يجتمع فيه ماؤه. «الصّحاح- جمم- 5: 1890». و في «ط» نسخة بدل و «ج»: «حمّة» في الموضعين، و الحمّة: العين الحارّة. «الصحاح- حمم- 5: 1904».

(3) في المصدر: «ما جروان» و في «ج، ي» باحوران، و لعلّ الصّواب: باجروان: و هي بلدة كبيرة من بلاد الجزيرة على نهر، و منها إلى الرقّة ثلاثة فراسخ. «الروض المعطار: 74».

(4) الاختصاص: 94.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 382

فيكون».

و قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ

اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ يقول: ما ينقص في الليل يدخل في النهار، و ما ينقص من النهار يدخل في الليل.

قوله: وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يقول: كل واحد منهما يجري إلى منتهاه، فلا يقصر عنه و لا يجاوزه.

8450/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ، قال: هو الذي يصبر على الفقر و الفاقة، و يشكر الله على جميع أحواله.

و قوله: وَ إِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ يعني في البحر دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، إلى قوله:

فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ أي صالح وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ، قال: الختار: الخداع، و قوله: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ إلى قوله: إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، قال: ذلك يوم القيامة.

8451/ [4]- و قوله: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ،

قال: قال الصادق (عليه السلام): «هذه الخمسة أشياء لم يطلع عليها ملك مقرب، و لا نبي مرسل، و هي من صفات الله عز و جل».

8452/ [5]- ابن بابويه في (الفقيه): مرسلا، عن الصادق (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، قال: «من قدم إلى قدم».

8453/ [6]- ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة)، قال: روى ابن ديزيل، قال: لما خرج علي (عليه السلام) من الكوفة إلى الحرورية، قال له رجل: يا أمير المؤمنين، سر على ثلاث

ساعات مضين من النهار، فإنك إن سرت الساعة أصابك و أصحابك أذى. فقال (عليه السلام): «أفي بطن فرسي ذكر أم انثي؟». قال: إن حسبت علمت.

فقال (عليه السلام): «من صدقك كذب القرآن، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ الآية». ثم قال: «إن محمدا (صلى الله عليه و آله) لم يدع علم ما ادعيت، أ تزعم أنك تهدي إلى الساعة التي يصيب النفع [من سار فيها]، و تنهى عن الساعة التي يحيق السوء [بمن سار فيها]؟ فمن صدقك فقد استغنى عن الاستعانة بالله عز و جل- ثم قال- اللهم لا طير إلا طيرك، و لا ضير إلا ضيرك، و لا إله غيرك».

قال: و روى مسلم الضبي، عن حبة العرني، قال: سار في الساعة التي نهاه عنها المنجم، فلما انتهينا إليهم رمونا، فقلنا لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، قد رمونا. فقال: «كفوا». ثم رمونا، فقال: «كفوا». ثم الثالثة، فقال: «الآن طاب لكم القتال، احملوا عليهم».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 167.

4- تفسير القمّي 2: 167.

5- من لا يحضره الفقيه 1: 84/ 383.

6- شرح النهج 2: 269.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 383

سورة السجدة ..... ص : 383

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 385

فضلها ..... ص : 385

8454/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن الحسن، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة السجدة في كل ليلة جمعة أعطاه الله تعالى كتابه بيمينه، و لم يحاسبه بما كان منه، و كان من رفقاء محمد و أهل بيته (عليهم الصلاة و السلام)».

8455/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة فكأنما أحيا ليلة القدر، و من كتبها و جعلها عليه أمن الحمى، و وجع الرأس، و وجع المفاصل».

8456/ [3]- و

في رواية اخرى، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه أمن من وجع الرأس، و الحمى، و المفاصل».

8457/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها عليه أمن من الحمى، و إن شرب ماءها زال عنه الزيغ و المثلثة «1» بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110. [.....]

2- ...

3- خواصّ القرآن: 6 «نحوه».

4- ...

(1) الحمّى المثلّثة: التي تأتي في اليوم الثالث. «مجمع البحرين- ثلث- 2: 241»، و في «ط، ي»: بالمثلّثة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 387

سورة السجده(32): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 387

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ [1- 3] 8458/ [1]- علي بن إبراهيم: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ أي لا شك فيه مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ، يعني قريشا، يقولون: هذا كذب محمد، فرد الله عليهم، فقال: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ.

سورة السجده(32): آية 4 ..... ص : 387

قوله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [4]

8459/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد، و ما كان ليخلق الشر قبل الخير، و في يوم الأحد و الاثنين خلق الأرضين، و خلق أقواتها في يوم الثلاثاء، و خلق السماوات يوم الأربعاء و يوم الخميس، و خلق أقواتها يوم الجمعة، و ذلك قول الله: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 167.

2- تفسير القمّي 8: 145/ 117.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 388

و معنى ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ قد مضى في سورة طه «1».

سورة السجده(32): آية 5 ..... ص : 388

قوله تعالى:

يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ [5] 8460/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني الأمور التي يدبرها، و الأمر و النهي الذي أمر به، و أعمال العباد، كل هذا يظهر يوم القيامة، فيكون مقدار ذلك اليوم ألف سنة من سني الدنيا.

سورة السجده(32): آية 6 ..... ص : 388

قوله تعالى:

عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ [6]

8461/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ، فقال: «الغيب ما لم يكن، و الشهادة ما قد كان».

سورة السجده(32): الآيات 7 الي 9 ..... ص : 388

قوله تعالى:

الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ سَوَّاهُ [7- 9] 8462/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ، قال: هو آدم (عليه السلام) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أي ولده مِنْ سُلالَةٍ، و هي الصفوة من الطعام و الشراب مِنْ ماءٍ مَهِينٍ قال: النطفة المني ثُمَّ سَوَّاهُ أي استحاله من نطفة إلى علقة، و من علقة إلى مضغة، حتى نفخ فيه الروح.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 168.

2- معاني الأخبار: 146.

3- تفسير القمّي 2: 167.

(1) تقدّم في تفسير الآية (5) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 389

سورة السجده(32): آية 11 ..... ص : 389

قوله تعالى:

قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ [11]

8463/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء رأيت ملكا من الملائكة بيده لوح من نور، لا يلتفت يمينا و لا شمالا، مقبلا عليه، كهيئة الحزين، فقلت: من هذا، يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك الموت، مشغول في قبض الأرواح. فقلت: أدنني منه- يا جبرئيل- لأكلمه. فأدناني منه، فقلت له: يا ملك الموت، أكل من مات، أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه؟ قال: نعم. قلت: و تحضرهم بنفسك؟

قال: نعم، فما الدنيا كلها عندي، فيما سخرها الله لي و مكنني منها، إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء، و ما من دار في الدنيا إلا و أدخلها في كل يوم خمس مرات، و أقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم: لا تبكوا عليه، فإن لي إليكم عودة و عودة، حتى لا يبقى منكم

أحد.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كفى بالموت طامة، يا جبرئيل. فقال جبرئيل: ما بعد الموت أطم و أعظم من الموت».

8464/ [2]- و

عنه، قال: حكى أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر حديث الإسراء: «و قال (صلى الله عليه و آله): ثم مررت بملك من الملائكة و هو جالس على مجلس و إذا جميع الدنيا بين ركبتيه، و إذا بيده لوح من نور، فيه كتاب ينظر فيه، و لا يلتفت يمينا و لا شمالا، مقبلا عليه كهيئة الحزين، فقلت:

من هذا، يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك الموت، دائب في قبض الأرواح. فقلت: يا جبرئيل، أدنني منه حتى أكلمه.

فأدناني منه، فسلمت عليه، و قال له جبرئيل: هذا محمد (صلى الله عليه و آله) نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد، فرحب بي، و حياني بالسلام، و قال: أبشر- يا محمد- فإني أرى الخير كله في أمتك. فقلت: الحمد لله المنان، ذي النعم و الإحسان على عباده، ذلك من فضل ربي و رحمته علي.

فقال: جبرئيل: هذا أشد الملائكة عملا. فقلت: أكل من مات، أو هو ميت فيما بعد هذا تقبض روحه؟ قال:

نعم. قلت: و تراهم حيث كانوا، و تشهدهم بنفسك؟ فقال: نعم. و قال ملك الموت: ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي و مكنني منها إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه حيث شاء، و ما من دار إلا و أنا أتصفحها في كل يوم خمس مرات، و أقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم: لا تبكوا عليه، فإن لي فيكم عودة و عودة، حتى لا يبقى منكم أحد.

فقال رسول الله (صلى الله عليه

و آله): كفى بالموت طامة، يا جبرئيل. فقال جبرئيل: إنما بعد الموت أطم و أطم من الموت».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 168.

2- تفسير القمّي 2: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 390

8465/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما من أهل بيت شعر و لا وبر إلا و ملك الموت يتصفحهم في كل يوم خمس مرات».

8466/ [4]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أسباط بن سالم مولى أبان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، يعلم ملك الموت بقبض من يقبض؟

قال: «لا، إنما هي صكاك تنزل من السماء: اقبض نفس فلان بن فلان».

8467/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن المفضل بن صالح، عن زيد الشحام، قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن ملك الموت، يقال: الأرض بين يديه كالقصعة، يمد يده منها حيث يشاء؟ قال: «نعم».

8468/ [6]- و

عنه: عن علي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الميت إذا حضره الموت، أوثقه ملك الموت، و لولا ذلك ما استقر».

8469/ [7]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «حضر رسول الله (صلى الله عليه و آله) رجلا من الأنصار، و كانت له حالة حسنة عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحضره عند موته، فنظر إلى ملك الموت عند رأسه، فقال

له رسول الله (صلى الله عليه و آله): ارفق بصاحبي فإنه مؤمن. فقال له ملك الموت: يا محمد، طب نفسا، و قر عينا، فإني بكل مؤمن رفيق شفيق.

و اعلم- يا محمد- أني لأحضر ابن آدم عند قبض روحه، فإذا قبضته صرخ صارخ من أهله عند ذلك، فاتنحى في جانب الدار و معي روحه، فأقول لهم: و الله ما ظلمناه، و لا سبقنا به أجله، و لا استعجلنا به قدره، و ما كان لنا في قبض روحه من ذنب، فإن ترضوا بما صنع الله و تصبروا تؤجروا و تحمدوا، و إن تجزعوا و تسخطوا تأثموا و توزروا، و ما لكم عندنا من عتبى، و إن لنا عندكم أيضا لبقية و عودة، فالحذر الحذر، فما من أهل بيت مدر و لا شعر، في بر و لا بحر، إلا و أنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات عند مواقيت الصلاة، حتى لأنا أعلم منهم بأنفسهم، و لو أني- يا محمد- أردت قبض نفس بعوضة ما قدرت على قبضها حتى يكون الله عز و جل هو الآمر بقبضها، و إني لملقن المؤمن عند موته شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

8470/ [8]- ابن بابويه في (الفقيه)، قال: قال الصادق (عليه السلام): «قيل لملك الموت (عليه السلام): كيف تقبض الأرواح و بعضها في المغرب، و بعضها في المشرق في ساعة واحدة؟ قال: أدعوها فتجيبني». قال: «و قال ملك الموت: إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي أحدكم يتناول منها ما يشاء، و الدنيا عندي كالدرهم في كف أحدكم

__________________________________________________

3- الكافي 3: 256/ 22.

4-- الكافي 3: 255/ 21. [.....]

5- الكافي 3: 256/ 24.

6-

الكافي 3: 250/ 2.

7- الكافي 3: 136/ 3.

8- من لا يحضره الفقيه 1: 80/ 357.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 391

يقلبه كيف يشاء».

8471/ [9]- و

عنه: بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما أسري بي إلى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا، رجل له في المشرق، و رجل له في المغرب، و بيده لوح ينظر فيه و يحرك رأسه، قلت: يا جبرئيل، من هذا؟ قال: هذا ملك الموت».

8472/ [10]- ابن شهر آشوب: في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «يا أبا ذر، لما أسري بي إلى السماء مررت بملك جالس على سرير من نور، على رأسه تاج من نور، إحدى رجليه في المشرق و الاخرى في المغرب، و بين يديه لوح ينظر فيه، و الدنيا كلها بين عينيه، و الخلق بين ركبتيه، و يده تبلغ المشرق و المغرب، فقلت: يا جبرئيل، من هذا؟ فما رأيت من ملائكة ربي جل جلاله أعظم خلقا منه. قال: هذا عزرائيل ملك الموت ادن فسلم عليه، فدنوت منه، فقلت: سلام عليك، حبيبي ملك الموت. فقال: و عليك السلام يا أحمد. و ما فعل ابن عمك علي بن أبي طالب؟ فقلت: و هل تعرف ابن عمي؟ قال: و كيف لا أعرفه؟ فإن الله جل جلاله وكلني بقبض الأرواح ما خلا روحك و روح علي بن أبي طالب، فإن الله يتوفاكما بمشيئته».

8473/ [11]- عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم على منبره، و أقام عليا (عليه السلام) إلى جانبه، و حط يده اليمنى في يده [فرفعها] حتى بان بياض إبطيهما، و قال: «يا معاشر الناس،

ألا إن الله ربكم، و محمد نبيكم، و الإسلام دينكم، و علي هاديكم، و هو وصيي و خليفتي من بعدي».

ثم قال: «يا أبا ذر، علي عضدي، و هو أميني على وحي ربي، و ما أعطاني ربي فضيلة إلا و قد خص عليا بمثلها. يا أبا ذر، لن يقبل الله لأحد فرضا إلا بحب علي بن أبي طالب. يا أبا ذر، لما أسري بي إلى السماء انتهيت إلى العرش، فإذا أنا بحجاب من الزبرجد الأخضر، فإذا مناد ينادي: يا محمد، ارفع الحجاب فرفعته فإذا أنا بملك، و الدنيا بين عينيه، و بيده لوح ينظر فيه، فقلت: حبيبي جبرئيل، من هذا الملك الذي لم أر في ملائكة ربي أعظم منه خلقة؟ فقال: يا محمد، سلم عليه، فإنه عزرائيل ملك الموت. فقلت: السلام عليك- يا حبيبي- ملك الموت.

فقال: و عليك السلام- يا خاتم النبيين- كيف ابن عمك علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقلت: حبيبي- ملك الموت- أ تعرفه؟ فقال: و كيف لا أعرفه؟ يا محمد، و الذي بعثك بالحق نبيا، و اصطفاك رسولا، إني أعرف ابن عمك وصيا كما أعرفك نبيا، و كيف لا يكون ذلك و قد وكلني الله بقبض أرواح الخلائق ما خلا روحك و روح علي، فإن الله تعالى يتولاهما بمشيئته كيف يشاء و يختار».

8474/ [12]- بستان الواعظين: ذكر في بعض الأخبار أن الله تعالى خلق شجرة فرعها تحت العرش، مكتوب على كل ورقة من ورقها اسم عبد من عبيده، فإذا جاء أجل عبد سقطت تلك الورقة التي فيها اسمه في حجر ملك الموت، فأخذ روحه في الوقت.

__________________________________________________

9- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 32/ 48.

10- المناقب 2: 236.

11- البحار 38: 137/ 97، عن

عروضة ابن شاذان، مدينة المعاجز: 175.

12- ...

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 392

8475/ [13]- و

فيه: و في بعض الأخبار: أن للموت ثلاثة آلاف سكرة، كل سكرة منها أشد من ألف ضربة بالسيف.

8476/ [14]- و

فيه: و في بعض الأخبار: أن الدنيا كلها بين يدي ملك الموت كالمائدة بين يدي الرجل، يمد يده إلى ما شاء منها فيتناوله و يأكل، و الدنيا، مشرقها و مغربها، برها و بحرها، و كل ناحية منها، أقرب إلى ملك الموت من الرجل على المائدة، و أن معه أعوانا، و الله أعلم بعدتهم، ليس منهم ملك إلا لو اذن له أن يلتقم السبع سماوات، و الأرضين السبع في لقمة واحدة لفعل، و أن غصة من غصص الموت أشد من ألف ضربة بالسيف، و كل ما خلق الله عز و جل يتركه إلى الأجل، فإنه موقت لوفاء العدة و انقضاء المدة.

سورة السجده(32): الآيات 12 الي 14 ..... ص : 392

قوله تعالى:

وَ لَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّا نَسِيناكُمْ [12- 14] 8477/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ لَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا في الدنيا و لم نعمل به فَارْجِعْنا إلى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها، قال: لو شئنا أن نجعلهم كلهم معصومين لقدرنا. قال: قوله: فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ أي تركناكم.

سورة السجده(32): الآيات 16 الي 17 ..... ص : 392

قوله تعالى:

تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [16- 17]

8478/ [2]- الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، قال: حدثني ابن رباط، عن ابن مسكان، عن

__________________________________________________

13- ...

14- ...

1- تفسير القمّي 2: 168.

2- التهذيب 2: 242/ 958.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 393

سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، أخبرني عن الإسلام: أصله، و فرعه، و ذروته، و سنامه. فقال: أصله الصلاة، و فرعه الزكاة، و ذروته و سنامه الجهاد في سبيل الله تعالى.

قال: يا رسول الله، أخبرني عن أبواب الخير. قال: الصيام جنة «1»، و الصدقة تذهب الخطيئة، و قيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه». ثم قال: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ.

8479/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده: عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ، فقال: «لعلك ترى أن القوم لم يكونوا

ينامون؟» فقلت: الله و رسوله أعلم.

فقال: «لا بد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه، فإذا خرج نفسه استراح البدن، و رجعت الروح فيه، و فيه قوة على العمل، فإنما ذكرهم الله تعالى، فقال: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) و أتباعه من شيعتنا، ينامون أول الليل، فإذا ذهب ثلث «2» الليل، أو ما شاء الله، فزعوا إلى ربهم راهبين راغبين طامعين فيما عنده، فذكرهم الله عز و جل في كتابه لنبيه (صلى الله عليه و آله)، و أخبره بما أعطاهم، و أنه أسكنهم في جواره، و أدخلهم جنته، و آمن خوفهم، و سكن روعتهم».

قلت: جعلت فداك، إذا أنا قمت آخر الليل، أي شي ء أقول إذا قمت؟ قال: «قل: الحمد لله رب العالمين، و إله المرسلين، الحمد لله الذي يحيي الموتى، و يبعث من في القبور. فإنك إذا قلتها ذهب عنك رجس الشيطان و وساوسه إن شاء الله تعالى».

8480/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «ألا أخبرك بأصل الإسلام، و فرعه، و ذروته، و سنامه؟». قال: قلت: بلى، جعلت فداك. قال: «أما أصله فالصلاة، و فرعه الزكاة، و ذروته و سنامه الجهاد».

فقال: «إن شئت أخبرتك بأبواب الخير». قلت: نعم، جعلت فداك. قال: «الصوم جنة، و الصدقة تذهب بالخطيئة، و قيام الرجل في جوف الليل يذكر الله». ثم قرأ: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ.

8481/ [4]- و

عنه: عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن علي بن عبد العزيز، قال: قال أبو عبد الله (عليه

السلام): «ألا أخبرك بأصل الإسلام، و فرعه، و ذروته، و سنامه؟». قال: قلت: بلى، جعلت فداك. قال:

__________________________________________________

2- من لا يحضره الفقيه 1: 305/ 1394.

3- المحاسن: 289/ 435. [.....]

4- المحاسن: 289/ 434.

(1) الجنّة: الوقاية «النهاية 1: 308».

(2) في المصدر: ثلثا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 394

«أصله الصلاة، و فرعه الزكاة، و ذروته و سنامه الجهاد في سبيل الله، ألا أخبرك بأبواب الخير؟» قلت: نعم، جعلت فداك. قال: «الصوم جنة، و الصدقة تحط الخطيئة، و قيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه». ثم تلا: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ ٙΙƙРالْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ.

8482/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من عمل حسن يعمله العبد إلا و له ثواب في القرآن، إلا صلاة الليل، فإن الله لم يبين ثوابها لعظم خطرها عنده، فقال: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ إلى قوله يَعْمَلُونَ».

ثم قال: «إن لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة، فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمنين ملكا معه حلتان، فينتهي إلى باب الجنة، فيقول: استأذنوا لي على فلان. فيقال له: هذا رسول ربك على الباب. فيقول لأزواجه: أي شي ء ترين علي أحسن؟ فيقلن: يا سيدنا، و الذي أباحك الجنة، ما رأينا عليك شيئا أحسن من هذا، قد بعث إليك ربك، فيتزر بواحدة، و يتعطف «1» بالأخرى، فلا يمر بشي ء إلا أضاء له، حتى ينتهي إلى الموعد، فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك و تعالى، فإذا نظروا إليه، أي إلى رحمته، خروا سجدا، فيقول: عبادي،

ارفعوا رؤوسكم، ليس هذا يوم سجود و لا عبادة، قد رفعت عنكم المؤونة «2». فيقولون: يا رب، و أي شي ء أفضل مما أعطيتنا! أعطيتنا الجنة فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا. فيرى المؤمن في كل جمعة سبعين ضعفا مثل ما في يديه، و هو قوله: وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ «3» و هو يوم الجمعة، إنها ليلة غراء و يوم أزهر، فأكثروا فيها من التسبيح، و التهليل، و التكبير، و الثناء على الله، و الصلاة على رسوله (صلى الله عليه و آله)».

قال: «فيمر المؤمن فلا يمر بشي ء إلا أضاء له، حتى ينتهي إلى أزواجه، فيقلن: و الذي أباحك الجنة- يا سيدنا- ما رأيناك أحسن منك الساعة. فيقول: إني قد نظرت إلى نور ربي». ثم قال: «إن أزواجه لا يغرن، و لا يحضن، و لا يصلفن» «4».

قال: قلت: جعلت فداك، إني أردت أن أسألك عن شي ء أستحي منه، قال: «سل». قلت: جعلت فداك، هل في الجنة غناء؟ قال: «إن في الجنة شجرة، يأمر الله رياحها فتهب، فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها حسنا». ثم قال: «هذا عوض لمن ترك السماء للغناء في الدنيا من مخافة الله».

قال: قلت: جعلت فداك، زدني. فقال: «إن الله خلق الجنة بيده، و لم ترها عين، و لم يطلع عليها مخلوق، يفتحها الرب كل صباح، فيقول لها: ازدادي ريحا، ازدادي طيبا، و هو قول الله تعالى:

__________________________________________________

5- تفسير القمي 2: 168.

(1) تعطف بالرداء: ارتدى و سمي الرداء عطافا لوقوعه على عطفي الرجل. «لسان العرب- عطف- 9: 251».

(2) المؤونة: التعب و الشدة. «الصحاح- مأن- 6: 2198».

(3) سورة ق 50: 35.

(4) صلفت المرأة: إذا لم تحظ عند زوجها، و أبغضها. «الصحاح- صلف- 4:

1387».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 395

فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».

8483/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، و الحسن بن علي بن فضال، جميعا، عن علي بن النعمان، عن الحارث بن محمد الأحول، عمن حدثه، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لعلي: يا علي، إني لما أسري بي، رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن، و أحلى من العسل، و أشد استقامة من السهم، فيه أباريق عدد النجوم، على شاطئه قباب الياقوت الأحمر و الدر الأبيض، فضرب جبرئيل (عليه السلام) بجناحيه إلى جانبه فإذا هو مسكة ذفرة.

ثم قال: و الذي نفس محمد بيده، إن في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح، بصوت لم يسمع الأولون و الآخرون مثله يثمر ثمرا كالرمان، تلقى الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة، و المؤمنون على كراسي من نور، و هم الغر المحجلون، أنت إمامهم يوم القيامة، على الرجل منهم نعلان شراكهما من نور، يضي ء أمامهم حيث شاءوا من الجنة، فبيناهم كذلك إذا أشرفت عليه امرأة من فوقه، تقول: سبحان الله- يا عبد الله- أما لنا منك دولة؟ فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا من اللواتي قال الله تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. ثم قال: و الذي نفس محمد بيده، إنه ليجيئه كل يوم سبعون ألف ملك يسمونه باسمه و اسم أبيه».

8484/ [7]- و

رواه ابن بابويه: عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي

بن النعمان، عن الحارث بن محمد الأحول، عن أبي عبد الله، عن أبي جعفر (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أسري به إلى السماء قال لعلي (عليه السلام): يا علي، إني رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن، و أحلى من العسل، و أشد استقامة من السهم، فيه أباريق عدد نجوم السماء، على شاطئه قباب الياقوت الأحمر و الدر الأبيض، فضرب جبرئيل (عليه السلام) بجناحه إلى جانبه فإذا هو مسك أذفر».

ثم قال: «و الذي نفس محمد بيده، إن في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون و الآخرون بمثله، يثمر ثمرا كالرمان، و تلقى الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة، و المؤمنون على كراسي من نور، و هم الغر المحجلون، أنت إمامهم يوم القيامة، على الرجل منهم نعلان، شراكهما من نور يضي ء أمامه حيث شاء من الجنة، فبينما هو كذلك إذ أشرفت امرأة من فوقه، فتقول: سبحان الله، أما لك فينا دولة؟ فيقول لها: من أنت؟

فتقول: أنا من اللواتي قال الله عز و جل: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ، ثم قال: و الذي نفس محمد بيده إنه ليجيئه كل يوم سبعون ألف «1» ملك يسمونه باسمه و اسم أبيه».

و رواه ابن بابويه في كتاب (بشارات الشيعة) «2».

__________________________________________________

6- المحاسن: 180/ 172.

7- تأويل الآيات 2: 441/ 1.

(1) (ألف) ليس في «ج».

(2) ... فضائل الشيعة: 72/ 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 396

8485/ [8]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن الحصين، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله خلق بيده جنة لم

يرها غيره، و لم يطلع عليها مخلوق، تفتح للرب «1» تبارك و تعالى كل صباح، فيقول: ازدادي طيبا، ازدادي ريحا. و تقول: قد أفلح المؤمنون، و هو قول الله تبارك و تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».

8486/ [9]- كتاب (الجنة و النار): بالإسناد عن الصادق (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه أهل الجنة- قال (عليه السلام): «و إنه لتشرف على ولي الله المرأة، ليست من نسائه، من السجف «2»، فتملأ قصوره و منازله ضوءا و نورا، فيظن ولي الله أن ربه أشرف عليه، أو ملك من الملائكة، فيرفع رأسه فإذا هو بزوجة قد كادت يذهب نورها نور عينيه- قال- فتناديه: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة- قال- فيقول لها: و من أنت؟- قال- فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ «3»، فيجامعها في قوة مائة شاب، و يعانقها سبعين سنة من أعمار الأولين، و ما يدري أ ينظر إلى وجهها، أم إلى خلفها، أم إلى ساقها، فما من شي ء ينظر إليه منها إلا و يرى وجهه من ذلك المكان من شدة نورها و صفائها، ثم تشرف عليه اخرى أحسن وجها، و أطيب ريحا من الاولى، فتناديه: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة- قال- فيقول لها: و من أنت؟ فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».

8487/ [10]- ابن بابويه: بإسناده [عن مقاتل بن سليمان يقول: سمعت الضحاك، قال: سأل رجل ابن عباس: ما الذي أخفى الله تبارك و تعالى من الجنة، و قد

أخبر عن أزواجها، و عن خدمها، و عن طيبها، و شرابها، و ثمرها، و ما ذكر الله تبارك و تعالى من أمرها و أنزله في كتابه؟

فقال ابن عباس: هي جنة عدن، خلقها الله تعالى يوم الجمعة، ثم أطبق عليها فلم يرها مخلوق من أهل السماوات و الأرض حتى يدخلها أهلها، قال لها عز و جل ثلاث مرات: تكلمي. فقالت: طوبى للمؤمنين. قال جل جلاله: طوبى للمؤمنين، و طوبى لك.

قال مقاتل: قال الضحاك: [قال ابن عباس : قال النبي (صلى الله عليه و آله): «من كان فيه ست خصال فإنه منهم: من صدق حديثه، و أنجز موعوده، و أدى أمانته، و بر والديه، و وصل رحمه، و استغفر من ذنبه».

8488/ [11]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، قال: قال الصادق (عليه السلام)، في قوله: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ،

__________________________________________________

8- الزهد: 102/ 278.

9- الاختصاص: 352. [.....]

10- أمالي الصدوق: 225/ 9.

11- الأمالي 1: 300.

(1) في المصدر: يفتحها الرب.

(2) السجف و السجف: الستر. «الصحاح- سجف- 4: 1371».

(3) سورة ق 50: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 397

قال: «كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة».

8489/ [12]- الطبرسي: في معنى الآية، قال: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً، أي ترتفع جنوبهم عن مواضع اضطجاعهم لصلاة الليل، و هم المتهجدون بالليل، الذين يقومون عن فرشهم للصلاة.

عن الحسن، و مجاهد، و عطاء، قال: و هو المروي عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام).

سورة السجده(32): الآيات 18 الي 20 ..... ص : 397

أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ- إلى قوله تعالى- ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [18- 20]

8490/ [1]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا

أحمد بن عبيد الله الغداني، قال: حدثنا الربيع بن يسار «1»، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه)، في حديث احتجاج علي (عليه السلام) على أهل الشورى يذكر فضائله، و ما جاء فيه على لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هم يسلمون له ما ذكره، و أنه مختص بالفضائل دونهم، إلى أن قال علي (عليه السلام): «فهل فيكم أحد أنزل الله تعالى فيه: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ إلى آخر ما اقتص الله تعالى من خبر المؤمنين، غيري»؟ قالوا: اللهم لا.

8491/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ، قال: «و ذلك أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) و الوليد بن عقبة بن أبي معيط تشاجرا، فقال الفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط: أنا- و الله- أبسط منك لسانا، و أحد منك سنانا، و أمثل منك حشوا «2» في الكتيبة. قال علي (عليه السلام): اسكت، فإنما أنت فاسق، فأنزل الله: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فهو علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَ قِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ».

__________________________________________________

12- مجمع البيان 7: 517.

1- الأمالي 2: 159.

2- تفسير القمّي 2: 170.

(1) في «ط، ي»: سيّار.

(2) في المصدر: جثوّا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 398

8492/ [3]- و قال أيضا علي

بن إبراهيم، في قوله: وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها، قال: إن جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما، فإذا بلغوا أسفلها زفرت بهم جهنم، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد، فهذه حالهم.

8493/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، عن الحجاج بن المنهال، عن حماد بن سلمة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: إن الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال لعلي (عليه السلام): أنا أبسط منك لسانا، و أحد منك سنانا، و أملأ منك حشوا للكتيبة. فقال له علي (عليه السلام): «اسكت، يا فاسق». فأنزل الله جل اسمه: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ إلى قوله: تُكَذِّبُونَ.

8494/ [5]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عمرو بن حماد، عن أبيه، عن فضيل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ.

قال: نزلت في رجلين: أحدهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو المؤمن، و الآخر فاسق، فقال الفاسق للمؤمن: أنا- و الله- أحد منك سنانا، و أبسط منك لسانا، و أملأ منك حشوا في الكتيبة. فقال المؤمن للفاسق: اسكت، يا فاسق. فأنزل الله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ، ثم بين حال المؤمن، فقال: أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. و بين حال الفاسق، فقال عز و جل: وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ

كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَ قِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ.

8495/ [6]- و

ذكر أبو مخنف (رحمه الله) أنه جرى عند معاوية بين الحسن بن علي (عليهما السلام)، و بين الفاسق الوليد بن عقبة كلام، فقال الحسن (عليه السلام): «لا ألومك أن تسب عليا، و قد جلدك في الخمر ثمانين سوطا، و قتل أباك صبرا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في يوم بدر، و قد سماه الله عز و جل في غير آية مؤمنا، و سماك فاسقا».

8496/ [7]- الطبرسي في (الاحتجاج): في حديث ذكر فيه ما جرى بين الحسن بن علي (عليه السلام)، و بين جماعة من أصحاب معاوية، بمحضر معاوية، فقال الحسن (عليه السلام): «و أما أنت- يا وليد بن عقبة- فو الله ما ألومك أن تبغض «1» عليا (عليه السلام) و قد جلدك في الخمر ثمانين جلدة، و قتل أباك صبرا بيده يوم بدر، أم كيف تسبه و قد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن و سماك فاسقا! و هو قول الله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ __________________________________________________

3- تفسير القمي 2: 170.

4- تأويل الآيات 2: 442/ 3.

5- تأويل الآيات 2: 443/ 4.

6- تأويل الآيات 2: 443/ 5. [.....]

7- الاحتجاج: 276.

(1) في «ي، ط»: تنقص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 399

، و قوله: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ «1»؟

و ما أنت و ذكر قريش؟ و إنما أنت ابن عليج «2» من أهل صفورية «3»، يقال له: ذكوان «4»، و أما زعمك أنا قتلنا عثمان، فو الله ما استطاع

طلحة و الزبير و عائشة أن يقولوا ذلك لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكيف تقوله أنت؟ و لو سألت أمك: من أبوك؟ إذ تركت ذكوان فألصقتك بعقبة بن أبي معيط، اكتسبت بذلك عند نفسها سناء و رفعة، مع ما أعد الله لك، و لأبيك، و لأمك من العار و الخزي في الدنيا و الآخرة، و ما الله بظلام للعبيد.

ثم أنت- يا وليد- و الله، أكبر في الميلاد ممن تدعى له، فكيف تسب عليا (عليه السلام)؟! و لو اشتغلت بنفسك لتبينت نسبك إلى أبيك، لا إلى من تدعى له، و لقد قالت لك أمك: يا بني، أبوك ألأم، و أخبث من عقبة».

8497/ [8]- ابن شهر آشوب: عن الكلبي، عن أبي صالح، و عن ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار، عن أبي العالية، عن عكرمة، و عن أبي عبيدة، عن يونس، عن أبي عمرو، عن مجاهد، كلهم عن ابن عباس. و قد روى صاحب (الأغاني) و صاحب (تاج التراجم) عن ابن جبير، و ابن عباس، و قتادة، و روي عن الباقر (عليه السلام)، و اللفظ له: «أنه قال الوليد بن عقبة لعلي (عليه السلام): أنا أحد منك سنانا، و أبسط لسانا، و أملأ حشوا للكتيبة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس كما قلت، يا فاسق- و في روايات كثيرة: اسكت، فإنما أنت فاسق- فنزلت الآيات: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً علي بن أبي طالب (عليه السلام) كَمَنْ كانَ فاسِقاً الوليد لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الآية، أنزلت في علي (عليه السلام) وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا أنزلت في الوليد، فأنشأ حسان:

أنزل الله و الكتاب عزيز في علي و في الوليد قرآنا

فتبوأ الوليد من ذاك فسقا

و علي مبوء إيمانا

ليس من كان مؤمنا عرف الله كمن كان فاسقا خوانا

سوف يجزى الوليد خزيا و نارا و علي لا شك يجزى جنانا».

8498/ [9]- و

من طريق المخالفين: موفق بن أحمد، قال: أخبرني الشيخ الزاهد الحافظ زين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، حدثنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، حدثنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، حدثنا أبو سعد الماليني «5»، حدثنا أبو أحمد «6» بن __________________________________________________

8- المناقب 2: 10، كفاية الطالب: 140.

9- مناقب الخوارزمي: 197.

(1) الحجرات 49: 6.

(2) العلج: الرجل من كفّار العجم. «لسان العرب- علج- 2: 326».

(3) صفوريّة: بلدة من نواحي الأردن، و هي قرب طبرية. «معجم البلدان 3: 414».

(4) في «ي، ط»: ركون.

(5) في «ج، ي» و المصدر: أبو سعيد، و في «ط»: أبو سيد، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع سير أعلام 17: 301.

(6) في جميع النسخ: أبو محمّد، راجع المصدر المتقدّم في الهامش (1).

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 400

عدي، حدثنا أبو يعلى، حدثنا إبراهيم بن الحجاج، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن الوليد بن عقبة قال لعلي (رضي الله عنه): أنا أبسط منك لسانا، و أحد منك سنانا، و أملأ منك حشدا «1» في الكتيبة، فقال له علي: «على رسلك، فإنك فاسق» فأنزل الله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ يعني عليا المؤمن، و الوليد الفاسق.

تفسير الواحدي، و أسباب النزول له، مثله «2».

سورة السجده(32): آية 21 ..... ص : 400

قوله تعالى:

وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [21] 8499/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى

قال: عذاب الرجعة بالسيف، و معنى قوله: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني فإنهم يرجعون في الرجعة حتى يعذبوا.

8500/ [2]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ليس من مؤمن إلا و له قتلة و موتة، إنه من قتل نشر حتى يموت، و من مات نشر حتى يقتل».

ثم تلوت على أبي جعفر (عليه السلام) هذه الآية: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «3» فقال: «و منشورة» قلت: قولك:

«و منشورة» ما هو؟ قال: «هكذا انزل بها جبرئيل (عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه و آله): «كل نفس ذائقة الموت و منشورة» ثم قال: «ما في هذه الامة أحد، بر و لا فاجر، إلا و ينشر، فأما المؤمنون فينشرون إلى قرة أعينهم، و أما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم، ألم تسمع أن الله تعالى يقول: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ؟».

8501/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن حاتم، عن حسن بن محمد، بن «4» عبد الواحد، عن «5»

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 170.

2- مختصر بصائر الدرجات: 17.

3- تأويل الآيات 2: 444/ 6.

(1) في «ط»: حشوا، و في المصدر: جسدا. [.....]

(2) أسباب النزول للواحدي: 198.

(3) آل عمران 3: 185.

(4) في «ج، ي، ط»: عن.

(5) في «ج، ي، ط»: بن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 401

حفص بن عمر بن سالم، عن محمد بن حسين بن عجلان، عن مفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ،

قال: «الأدنى: غلاء السعر «1»، و الأكبر: المهدي (عليه السلام) بالسيف».

8502/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن مفضل بن صالح، عن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «العذاب الأدنى: دابة الأرض».

و قد تقدم تأويل دابة الأرض، و أنها أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ من سور النمل «2».

8503/ [5]- ابن بابويه، مرسلا: عن الصادق (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ: «إن هذا فراق الأحبة في دار الدنيا، ليستدلوا به على فراق الموتى «3»، فكذلك يعقوب تأسف على يوسف من خوف فراق غيره، فذكر يوسف لذلك».

8504/ [6]- الطبرسي: قيل: هو عذاب القبر، عن مجاهد. قال: و روي أيضا عن أبي عبد الله (عليه السلام). ثم قال:

و الأكثر في الرواية عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن العذاب الأدنى: الدابة، و الدجال».

8505/ [7]- الشيباني في (نهج البيان)، قال: روي عن جعفر الصادق (عليه السلام): «أن الأدنى: القحط، و الجدب، و الأكبر: خروج القائم المهدي (عليه السلام) بالسيف في آخر الزمان».

سورة السجده(32): آية 24 ..... ص : 401

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ [24] 8506/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كان في علم الله أنهم يصبرون على ما يصيبهم، فجعلهم أئمة.

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 444/ 7.

5- علل الشرائع: 50/ 1.

6- مجمع البيان 8: 520.

7- نهج البيان 3: 232 «مخطوط».

1- تفسير القمّي 2: 170.

(1) في «ج، ي، ط»: عذاب السفر.

(2) تقدّم في تفسير الآيات (82- 84) من سورة النمل.

(3) في المصدر: المولى.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 4، ص: 402

8507/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام عدل، و إمام جور، قال الله: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لا بأمر الناس، يقدمون أمر الله قبل أمرهم، و حكم الله قبل حكمهم، قال: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ «1» يقدمون أمرهم قبل أمر الله، و حكمهم قبل حكم الله، و يأخذون بأهوائهم خلافا لما في كتاب الله».

8508/ [3]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «فصبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في جميع أحواله، ثم بشر بالأئمة من عترته، و وصفوا بالصبر، فقال: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ».

8509/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن علي ابن هلال الأحمسي، عن الحسن بن وهب العبسي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (صلوات الله عليهم)، قال: «نزلت هذه الآية في ولد فاطمة (عليها السلام) خاصة: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ».

سورة السجده(32): الآيات 27 الي 30 ..... ص : 402

قوله تعالى:

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ- إلى قوله تعالى- فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ [27- 30] 8510/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ، قال:

الأرض الخراب، و هو مثل ضربه الله في الرجعة و القائم (عليه السلام)، فلما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بخبر الرجعة، قالوا: متى هذا الفتح إن كنتم صادقين؟ و هي معطوفة على قوله: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ «2»، فقالوا: مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ فقال الله: قُلْ لهم، يا محمد:

__________________________________________________

2- تفسير القمي 2: 170.

3- تفسير القمي 1: 197. [.....]

4- تأويل الآيات 2: 444/ 8، شواهد التنزيل 1: 454/ 625.

1- تفسير القمي 2: 171.

(1) القصص 28: 41.

(2) السجدة 32: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 403

يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ يا محمد وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ.

8511/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن ابن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ.

قال: «يوم الفتح، يوم تفتح الدنيا على القائم (عليه السلام)، لا ينفع أحدا تقرب بالإيمان ما لم يكن قبل مؤمنا، و بهذا الفتح موقنا، فذلك الذي ينفعه إيمانه، و يعظم عند الله قدره و شأنه، و تزخرف له يوم القيامة و البعث جنانه، و تحجب عنه نيرانه، و هذا أجر الموالين لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و لذريته الطيبين (عليهم السلام)».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 445/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 405

سورة الأحزاب ..... ص : 405

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 407

فضلها ..... ص : 407

8512/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد (صلى الله عليه و آله) و أزواجه».

ثم قال: «سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال و النساء من قريش و غيرهم. يا بن سنان، إن سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب، و كانت أطول من سورة البقرة، و لكن نقصوها، و حرفوها».

8513/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة، و علمها ما ملكت يمينه، من زوجة و غيرها، اعطي أمانا من عذاب القبر من كتبها في رق غزال، و جعلها في حق «1» في منزله كثرت إليه الخطاب، و طلب منه التزويج لبناته، و أخواته، و سائر قراباته، و رغب كل أحد إليه، و لو كان صعلوكا فقيرا، بإذن الله تعالى».

8514/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها في رق غزال، و تركها في حق، و علقها في منزله كثرت له الخطاب لحرمته، و رغب إليهم كل واحد، و لو كانوا فقراء».

8515/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في رق ظبي، و جعلها في منزله جاءت إليه الخطاب في منزله، و طلب التزويج في بناته، و أخواته، و جميع أهله و أقربائه، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110.

2- خواصّ القرآن: 47 (مخطوط)، قطعة منه.

3- خواص القرآن: 47 (مخطوط).

4- خواص القرآن: 6.

(1) الحقّ: وعاء صغير ذو غطاء يتّخذ من عاج أو زجاج، و غيرهما. «المعجم الوسيط- حقق- 1: 188».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 409

سورة الأحزاب(33): آية 1 ..... ص : 409

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا

النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً [1]

8516/ [1]- علي بن إبراهيم: هذا هو الذي قال الصادق (عليه السلام): «إن الله بعث نبيه بإياك أعني و اسمعي يا جارة». فالمخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله)، و المعنى للناس.

سورة الأحزاب(33): الآيات 4 الي 5 ..... ص : 409

قوله تعالى:

ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [4]

8517/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ.

قال: «قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): ليس عبد من عبيد الله، ممن امتحن الله قلبه للإيمان، إلا و يجد مودتنا في قلبه، فهو يودنا، و ما من عبد من عبيد الله ممن سخط الله عليه إلا و يجد بغضنا على قلبه، فهو يبغضنا، فأصبحنا نفرح بحب المحب لنا، و نغتفر له، و نبغض المبغض، و أصبح محبنا ينتظر رحمة الله جل و عز، فكأن أبواب الرحمة قد فتحت له، و أصبح مبغضنا على شفا جرف هار من النار، فكأن ذلك الشفا قد انهار به في نار

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 171.

2- تأويل الآيات 2: 446/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 410

جهنم، فهنيئا لأهل الرحمة رحمتهم، و تعسا لأهل النار مثواهم، إن الله عز و جل يقول: فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ «1».

و إنه ليس عبد من عبيد الله يقصر في حبنا لخير جعله الله عنده، إذ لا يستوي من يحبنا و من يبغضنا، و لا يجتمعان في قلب رجل أبدا، إن الله لم يجعل

لرجل من قلبين في جوفه، يحب بهذا، و يبغض بهذا، أما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار، لا كدر فيه، و مبغضنا على تلك المنزلة، و نحن النجباء، و أفراطنا أفراط الأنبياء، و أنا وصي الأوصياء، و الفئة الباغية من حزب الشيطان، و الشيطان منهم، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه، فإن شارك في حبنا عدونا فليس منا، و لسنا منه، و الله عدوه، و جبرئيل، و ميكائيل، و الله عدو للكافرين».

8518/ [2]- و

قال علي (عليه السلام): «لا يجتمع حبنا و حب عدونا في جوف إنسان، إن الله عز و جل يقول: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ.

8519/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ.

قال: «قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): لا يجتمع حبنا و حب عدونا في جوف إنسان، إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه، فيحب بهذا و يبغض بهذا، فأما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار، لا كدر فيه، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه، فإن شارك في حبنا حب عدونا فليس منا، و لسنا منه، و الله عدوهم، و جبرئيل، و ميكائيل، و الله عدو للكافرين».

8520/ [4]- الطبرسي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، يحب بهذا قوما، و يحب بهذا أعداءهم».

قوله تعالى:

وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ- إلى قوله تعالى- فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَ مَوالِيكُمْ [4- 5]

8521/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)، قال: «كان سبب نزول ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما تزوج بخديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ في

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 2: 447/ 2.

3- تفسير القمّي 2: 171. [.....]

4- مجمع البيان 8: 527.

1- تفسير القمّي 2: 172.

(1) النحل 16: 29.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 411

تجارة لها، فرأى زيدا يباع، و رآه غلاما كيسا حصيفا «1»، فاشتراه، فلما نبئ رسول الله (صلى الله عليه و آله) دعاه إلى الإسلام فأسلم، و كان يدعى زيد مولى محمد (صلى الله عليه و آله).

فلما بلغ حارثة بن شراحيل الكلبي خبر ولده زيد قدم مكة، و كان رجلا جليلا، فأتى أبا طالب، فقال: يا أبا طالب، إن ابني وقع عليه السبي، و بلغني أنه صار إلى ابن أخيك، فاسأله، إما أن يبيعه، و إما أن يفاديه، و إما أن يعتقه. فكلم أبو طالب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هو حر، فليذهب حيث شاء. فقام حارثة فأخذ بيد زيد، فقال له: يا بني، الحق بشرفك و حسبك. فقال زيد: لست أفارق رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبدا.

فقال له أبوه: فتدع حسبك و نسبك، و تكون عبدا لقريش؟ فقال زيد: لست أفارق رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما دمت حيا. فغضب أبوه، فقال: يا معشر قريش، اشهدوا أني قد برئت من زيد، و ليس هو ابني.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اشهدوا أن زيدا ابني، أرثه و يرثني. و كان زيد يدعى ابن محمد، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحبه، و سماه: زيد الحب.

فلما

هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة زوجه زينب بنت جحش، فأبطأ عنه يوما، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) منزله يسأل عنه، فإذا زينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيبا بفهر «2» لها، فنظر إليها، و كانت جميلة حسنة، فقال: سبحان الله خالق النور، و تبارك الله أحسن الخالقين! ثم رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى منزله، و وقعت زينب في قلبه موقعا عجيبا، و جاء زيد إلى منزله، فأخبرته زينب بما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال لها زيد: هل لك أن أطلقك حتى يتزوجك رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فلعلك قد وقعت في قلبه. فقالت: أخشى أن تطلقني و لا يتزوجني رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فجاء زيد إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: بأبي أنت و امي- يا رسول الله- أخبرتني زينب بكذا و كذا، فهل لك أن أطلقها حتى تتزوجها؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): اذهب، و اتق الله، و أمسك عليك زوجك، ثم حكى الله، فقال: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها إلى قوله: وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا «3» فزوجه الله من فوقه عرشه، فقال المنافقون: يحرم علينا نساء أبنائنا و يتزوج امرأة ابنه زيد! فأنزل الله في هذا: وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ إلى قوله: يَهْدِي السَّبِيلَ. ثم قال: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ إلى قوله: وَ مَوالِيكُمْ».

فاعلم أن زيدا ليس ابن محمد (صلى الله

عليه و آله)، و إنما ادعاه للسبب الذي ذكرناه، و في هذا أيضا ما نكتبه في غير هذا الموضع، في قوله: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً «4».

__________________________________________________

(1) الحصيف: الجيد الرأي المحكم العقل. «لسان العرب- حصف- 9: 48».

(2)) الفهر: الحجر قدر ما يدق به الجوز و نحوه. «لسان العرب- فهر- 5: 66».

(3) الأحزاب 33: 37.

(4) الأحزاب 33: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 412

ثم نزل: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ «1» أي من بعد ما حلل عليه في سورة النساء. و قوله: وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ «2» معطوف على قصة امرأة زيد وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ «3» أي لا يحل لك امرأة رجل أن تتعرض لها حتى يطلقها زوجها و تتزوجها أنت، فلا تفعل هذا الفعل بعد هذا.

سورة الأحزاب(33): آية 6 ..... ص : 412

قوله تعالى:

النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً [6]

8522/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن عبد الرحيم بن روح القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فيمن نزلت؟

فقال: «نزلت في الإمرة، إن هذه الآية جرت في ولد الحسين (عليه السلام) من بعده، فنحن أولى بالأمر، و برسول الله (صلى الله عليه و آله)

من المؤمنين و المهاجرين و الأنصار».

فقلت: فلولد جعفر فيها نصيب؟ فقال: «لا». قلت: فلولد العباس فيها نصيب؟ فقال: «لا». فعددت عليه بطون بني عبد المطلب، كل ذلك يقول: «لا». قال: و نسيت ولد الحسن (عليه السلام)، فدخلت بعد ذلك عليه، فقلت له:

هل لولد الحسن (عليه السلام) فيها نصيب؟ فقال: «لا و الله- يا عبد الرحيم- ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا».

8523/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين (عليهما السلام) أبدا، إنما جرت من علي بن الحسين (عليه السلام) كما قال الله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فلا تكون بعد علي بن الحسين (عليه السلام) إلا في الأعقاب، و أعقاب الأعقاب».

8524/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، و علي بن محمد، عن سهل بن

__________________________________________________

1- الكافي 1: 228/ 2.

2- الكافي 1: 225/ 1.

3- الكافي 1: 227/ 1.

(1) الأحزاب 33: 52.

(2) الأحزاب 33: 52.

(3) الأحزاب 33: 52.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 413

زياد أبي سعيد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان علي (عليه السلام) أولى الناس بالناس، لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إقامته للناس، و أخذه بيده، فلما مضى علي (عليه السلام) لم يكن يستطيع علي، و لم يكن ليفعل، أن يدخل محمد بن علي، و لا العباس بن

علي، و لا أحدا من ولده، إذن لقال الحسن و الحسين (عليهما السلام): إن الله تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك، و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، و بلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك، و أذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك.

فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن (عليه السلام) أولى بها لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده، و لم يكن ليفعل ذلك، و الله عز و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فيجعلها في ولده، إذن لقال الحسين (عليه السلام): أمر الله تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك، و بلغ في رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك و في أبيك، و أذهب عني الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك.

فلما صارت إلى الحسين (عليه السلام) لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه، كما كان هو يدعي على أخيه و على أبيه لو أراد أن يصرفا الأمر عنه، و لم يكونا ليفعلا، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السلام)، فجرى تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، ثم صارت من بعد الحسين (عليه السلام)، لعلي بن الحسين (عليه السلام)، ثم صارت من بعد علي بن الحسين (عليه السلام) إلى محمد بن علي (عليه السلام)».

و قال: «الرجس هو الشك، و الله لا نشك في ربنا أبدا».

8525/ [4]- و

عنه: عن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن صباح الأزرق، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه

السلام) إن رجلا من المختارية «1» لقيني، فزعم أن محمد بن الحنفية إمام؟ فغضب أبو جعفر (عليه السلام) ثم قال: «أ فلا قلت له؟» قال: قلت: لا و الله، ما دريت ما أقول له. قال: «أ فلا قلت له: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أوصى إلى علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فلما مضى علي (عليه السلام) أوصى إلى الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و لو ذهب يزويها عنهما لقالا له: نحن وصيان مثلك و لم يكن ليفعل ذلك، و أوصى الحسن إلى الحسين (عليهما السلام)، و لو ذهب يزويها عنه لقال له: أنا وصي مثلك من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و من أبي و لم يكن ليفعل ذلك، قال الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ، هي فينا و في أبنائنا».

8526/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قضى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل مات، فقرأ هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فدفع الميراث إلى الخالة، و لم يعط

__________________________________________________

4-: 231/ 7. [.....]

5- الكافي 7: 135/ 2.

(1) المختاريّة: أصحاب المختار بن أبي عبيد الثقفي، و يعتقدون بإمامة محمّد بن الحنفية. «فرق الشيعة: 27، معجم الفرق الإسلامية: 217».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 414

المولى».

8527/ [6]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، و غيره، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن الجهم، عن حنان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أي شي ء للموالي؟ فقال: «ليس لهم

من الميراث إلا ما قال الله عز و جل: إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً».

8528/ [7]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان علي (صلوات الله عليه) إذا مات مولى له و ترك ذا قرابة لم يأخذ من ميراثه شيئا، و يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ».

8529/ [8]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الخال و الخالة يرثان المال إذا لم يكن معهما أحد، إن الله عز و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ».

8530/ [9]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الخال و الخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد يرث غيرهما، إن الله تبارك و تعالى يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ».

8531/ [10]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اختلف علي (عليه السلام) و عثمان بن عفان في الرجل يموت و ليس له عصبة يرثونه، و له ذو قرابة، لا يرثونه. فقال علي (عليه السلام): ميراثه لهم، يقول الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، و كان عثمان يقول: يجعل في بيت مال المسلمين».

8532/ [11]- و

عنه: بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عبيد

الله الحلبي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اختلف أمير المؤمنين (عليه السلام) و عثمان بن عفان في الرجل يموت و ليس له عصبة يرثونه، و له ذو قرابة، لا يرثونه. فقال علي (عليه السلام): ميراثه لهم، يقول الله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ، و كان عثمان يقول: يجعل في بيت مال المسلمين».

8533/ [12]- و

عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سهل، عن الحسين بن الحكم، عن أبي

__________________________________________________

6- الكافي 7: 135/ 3.

7- الكافي 7: 135/ 5.

8- الكافي 7: 119/ 2.

9- الكافي 7: 119/ 3.

10- التهذيب 9: 396/ 1416.

11- التهذيب 9: 327/ 1175.

12- التهذيب 9: 325/ 1168.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 415

جعفر الثاني (عليه السلام)، في رجل مات و ترك خالتيه و مواليه، قال: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ، المال بين الخالتين».

8534/ [13]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد بن عيسى، عن عبد الأعلى بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل خص عليا (عليه السلام) بوصية رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ما يصيبه له، فأقر الحسن و الحسين (عليهما السلام) له بذلك، ثم وصيته للحسن، و تسليم الحسين للحسن (عليهما السلام) ذلك، حتى أفضى الأمر إلى الحسين (عليه السلام)، لا ينازعه فيه أحد له من السابقة مثل ما له، و استحقها علي بن الحسين (عليهما السلام) لقول الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، فلا تكونن بعد علي بن الحسين (عليهما السلام) إلا في

الأعقاب، و أعقاب الأعقاب».

8535/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا القاسم بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيل بن علي القزويني، قال: حدثني علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمد بن قيس، عن ثابت الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي «1» ابن أبي طالب (عليهم السلام) أنه قال: «فينا نزلت هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، و فينا نزلت هذه الآية: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ «2»، و الإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة، و إن للقائم منا غيبتين إحداهما أطول من الاخرى: أما الاولى، فستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين، و أما الاخرى، فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه، و صحت معرفته، و لم يجد في نفسه حرجا مما قضينا، و سلم لنا أهل البيت».

8536/ [15]- و

عنه، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد أبو بكر ابن هارون الدينوري، قال: حدثنا محمد بن العباس المصري، قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري، قال: حدثنا حريز بن عبد الله الحذاء، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام): «لما أنزل الله تبارك و تعالى هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن تأويلها. فقال: و الله ما عنى بها غيركم، و أنتم اولوا الأرحام، فإذا مت فأبوك علي أولى بي

و بمكاني، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولي به، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به.

فقلت: يا رسول الله، و من بعدي؟ قال: ابنك علي أولى بك من بعدك، فإذا مضى فابنه محمد أولى به، فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى به من بعده و بمكانه، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده، فإذا مضى

__________________________________________________

13- علل الشرايع: 207/ 5.

14- كمال الدين و تمام النعمة: 323/ 8.

15- كفاية الأثر: 175.

(1) في المصدر: علي بن الحسين بن علي.

(2) الزخرف 43: 28. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 416

موسى فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه محمد أولى به من بعده، فإذا مضى محمد فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى به من بعده، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك، فهذه الأئمة التسعة من صلبك، أعطاهم الله علمي و فهمي، طينتهم من طينتي، ما لقوم يؤذوني فيهم، لا أنالهم الله شفاعتي؟!».

8537/ [16]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحيم بن روح القصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنه سئل عن قول الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ، قال: «نزلت في ولد الحسين (عليه السلام)».

قال: قلت: جعلت فداك، نزلت في الفرائض؟ قال: «لا» قلت: ففي المواريث؟ فقال: «لا، نزلت في الإمرة».

8538/ [17]- و

قال أيضا: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، عن جعفر بن الحسين الكوفي، عن أبيه، عن محمد

بن زيد، مولى أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألت مولاي، فقلت: قوله عز و جل:

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، معناه أنه رحم النبي (صلى الله عليه و آله)، فيكون أولى به من المؤمنين و المهاجرين».

8539/ [18]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن علي المقري بإسناده، يرفعه إلى زيد بن علي (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ، قال: رحم النبي (صلى الله عليه و آله) أولى بالإمارة و الملك و الإيمان.

8540/ [19]- ابن شهر آشوب: عن تفسير القطان، و تفسير وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن الناس كانوا يتوارثون بالاخوة، فلما نزل قوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ و هم الذين آخى بينهم النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم قال النبي (صلى الله عليه و آله): «من مات منكم و عليه دين فعلي قضاؤه، و من مات و ترك مالا فلورثته» فنسخ هذا الأول، فصارت المواريث للقرابات، الأدنى فالأدنى.

8541/ [20]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ.

قال: نزلت: «و هو أب لهم و أزواجه أمهاتهم» فجعل الله المؤمنين أولادا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و جعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا لهم، ثم لمن لم يقدر أن يصون نفسه، و لم يكن

له مال، و ليس له على نفسه ولاية، فجعل

__________________________________________________

16- تأويل الآيات 2: 447/ 4.

17- تأويل الآيات 2: 447/ 5.

18- تأويل الآيات 2: 448/ 6.

19- المناقب 2: 187.

20- تفسير القمّي 2: 175.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 417

الله تبارك و تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله) الولاية بالمؤمنين «1» من أنفسهم، و هو قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغدير خم:

«يا أيها الناس، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: بلى. ثم أوجب لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما أوجبه لنفسه عليهم من الولاية، فقال: «ألا من كنت مولاه فعلي مولاه».

فلما جعل الله النبي أبا للمؤمنين ألزمه مؤونتهم، و تربية أيتامهم، فعند ذلك صعد النبي (صلى الله عليه و آله) المنبر، فقال: «من ترك مالا فلورثته، و من ترك دينا، أو ضياعا فعلي و إلي». فألزم الله نبيه (صلى الله عليه و آله) للمؤمنين ما يلزم الوالد، و ألزم المؤمنين من الطاعة له ما يلزم الولد للوالد، و كذلك ألزم أمير المؤمنين (عليه السلام) ما ألزم رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ذلك، و بعده الأئمة (عليهم السلام) واحدا واحدا، و الدليل على أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) هما الوالدان: قوله: وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «2» فالوالدان:

رسول الله، و أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما).

و قال الصادق (عليه السلام): «و كان إسلام عامة اليهود بهذا السبب، لأنهم أمنوا على أنفسهم و عيالاتهم».

8542/ [21]- قال: و قوله: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ قال: نزلت في الإمامة.

سورة الأحزاب(33): آية 7 ..... ص : 417

قوله تعالى:

وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ

وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً [7]

8543/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن سنان، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أول من سبق إلى الميثاق رسول الله «3» (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك و تعالى، و كان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء: تقدم- يا محمد- فقد وطئت موطئا لم يطأه ملك مقرب، و لا نبي مرسل، و لولا أن روحه و نفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه، فكان من الله عز و جل كما قال الله تعالى: قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «4»، أي بل أدنى، فلما خرج الأمر، وقع من الله «5» إلى

__________________________________________________

21- تفسير القمّي 2: 176.

1- تفسير القمّي 1: 246.

(1) في المصدر: على المؤمنين.

(2) النساء 4: 36.

(3) في المصدر: سبق من الرسل إلى بلى محمّد.

(4) النجم 53: 9.

(5) في المصدر: الأمر من اللّه وقع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 418

أوليائه (عليهم السلام)».

فقال الصادق (عليه السلام): «كان الميثاق مأخوذا عليهم لله بالربوبية، و لرسوله بالنبوة، و لأمير المؤمنين و الأئمة بالإمامة، فقال: أ لست بربكم، و محمد نبيكم، و علي إمامكم، و الأئمة الهادون أئمتكم؟ فقالوا: بلى، شهدنا. فقال الله تعالى: أن تقولوا يوم القيامة- أي لئلا تقولوا يوم القيامة- إنا كنا عن هذا غافلين.

فأول ما أخذ الله عز و جل الميثاق على الأنبياء له بالربوبية، و هو قوله: وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ، فذكر جملة الأنبياء، ثم أبرز عز و جل أفضلهم بالأسامي، فقال: وَ مِنْكَ

يا محمد، فقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأنه أفضلهم وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) أفضلهم، ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء بالإيمان به، و على أن ينصروا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ «1» يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ «2» يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، تخبروا أممكم بخبره، و خبر وليه من الأئمة (عليهم السلام)».

8544/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: هذه الواو زائدة في قوله: وَ مِنْكَ إنما هو: منك وَ مِنْ نُوحٍ فأخذ الله الميثاق لنفسه على الأنبياء، ثم أخذ لنبيه (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء و الأئمة (عليهم السلام)، ثم أخذ للأنبياء على رسول الله (صلى الله عليه و آله).

سورة الأحزاب(33): آية 8 ..... ص : 418

قوله تعالى:

لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ [8]

8545/ [1]- الطبرسي، قال: قال الصادق (عليه السلام): «إذا سئل الصادق عن صدقه على أي وجه قاله فيجازى بحسبه، فكيف يكون حال الكاذب!».

سورة الأحزاب(33): الآيات 9 الي 22 ..... ص : 418

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 176.

1- مجمع البيان 8: 531. [.....]

(1، 2) آل عمران 3: 81.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 419

- إلى قوله تعالى- وَ ما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَ تَسْلِيماً [9- 22]

8546/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام ابن سالم، عن أبان بن عثمان، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) على التل الذي عليه مسجد الفتح في غزوة الأحزاب، في ليلة ظلماء قرة «1»، فقال: من يذهب فيأتينا بخبرهم، و له الجنة؟

فلم يقم أحد، ثم أعادها، فلم يقم أحد- فقال أبو عبد الله (عليه السلام) بيده- و ما أراد القوم، أرادوا أفضل من الجنة؟! ثم قال: من هذا؟ فقال: حذيفة. فقال: أما تسمع كلامي منذ الليلة، و لا تكلم؟ اقترب «2». فقام حذيفة، و هو يقول: القر و الضر- جعلني الله فداك- منعني أن أجيبك. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): انطلق حتى تسمع كلامهم و تأتيني بخبرهم. فلما ذهب قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اللهم احفظه من بين يديه و من خلفه، و عن يمينه و عن شماله، حتى ترده- و قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله)- يا حذيفة،

لا تحدث شيئا حتى تأتيني. فأخذ سيفه و قوسه و حجفته «3». قال حذيفة: فخرجت، و ما بي من ضر و لا قر، فمررت على باب الخندق، و قد اعتراه المؤمنون و الكفار.

فلما توجه حذيفة، قام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نادى: يا صريخ المكروبين، و يا مجيب دعوة المضطرين، اكشف همي و غمي و كربي، فقد ترى حالي و حال أصحابي. فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، إن الله عز ذكره قد سمع مقالتك، و دعاءك، و قد أجابك، و كفاك هول عدوك. فجثا رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ركبتيه، و بسط يديه، و أرسل عينيه، ثم قال: شكرا، شكرا كما رحمتني، و رحمت أصحابي. ثم قال: يا رسول الله «4»، قد بعث الله عز و جل عليهم ريحا من السماء الدنيا فيها حصى، و ريحا من السماء الرابعة فيها جندل «5».

قال حذيفة: فخرجت، فإذا أنا بنيران القوم، و أقبل جند الله الأول، ريح فيها حصى، فما تركت لهم نارا إلا أذرتها، و لا خباء إلا طرحته، و لا رمحا إلا ألقته، حتى جعلوا يتترسون من الحصى، فجعلنا نسمع وقع الحصى في الترس. فجلس حذيفة بين رجلين من المشركين، فقام إبليس في صورة رجل مطاع في المشركين، فقال: أيها الناس، إنكم قد نزلتم بساحة هذا الساحر الكذاب، ألا و إنه لا يفوتكم من أمره شي ء، فإنه ليس سنة مقام، قد هلك الخف و الحافر، فارجعوا، و لينظر كل واحد منكم جليسه. قال حذيفة: فنظرت عن يميني، فضربت بيدي، فقلت:

من أنت؟ فقال: معاوية، فقلت للذي عن يساري: من أنت؟ فقال سهيل بن عمرو.

__________________________________________________

1- الكافي 8: 277/

420.

(1) القرّ: البرد. «النهاية 4: 38».

(2) في المصدر: أقبرت.

(3) الحجفة: الترس. «الصحاح- حجف- 4: 1341».

(4) في المصدر: ثمّ قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

(5) الجندل: الحجارة. «لسان العرب- جندل- 11: 128».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 420

قال حذيفة: و أقبل جند الله الأعظم، فقام أبو سفيان إلى راحلته، فصاح في قريش: النجاء النجاء. و قال طلحة الأزدي: لقد زادكم محمد بشر، ثم قام إلى راحلته، و صاح في بني أشجع: النجاء النجاء: و فعل عيينة بن حصن مثلها، ثم فعل الحارث بن عوف المري مثلها، ثم فعل الأقرع بن حابس مثلها، و ذهب الأحزاب، و رجع حذيفة إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره الخبر». قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنه كان أشبه بيوم القيامة».

8547/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قصة الأحزاب من قريش و العرب، الذين تحزبوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله). قال: و ذلك أن قريشا تجمعت في سنة خمس من الهجرة، و ساروا في العرب، و جلبوا «1»، و استنفروهم «2» لحرب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فوافوا في عشرة آلاف، و معهم كنانة، و سليم، و فزارة.

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أجلى بني النضير- و هم بطن من اليهود- من المدينة، و كان رئيسهم حيي ابن أخطب، و هم يهود من بني هارون (عليه السلام)، فلما أجلاهم من المدينة، صاروا إلى خيبر، و خرج حيي بن أخطب، و هم إلى قريش بمكة، و قال لهم: إن محمدا قد وتركم و وترنا، و أجلانا من المدينة من ديارنا و أموالنا، و أجلى بني عمنا بني

قينقاع، فسيروا في الأرض، و اجمعوا حلفاءكم و غيرهم، حتى نسير إليهم، فإنه قد بقي من قومي بيثرب سبع مائة مقاتل، و هم بنو قريظة، و بينهم و بين محمد عهد و ميثاق، و أنا أحملهم على نقض العهد بينهم و بين محمد، و يكونون معنا عليهم، فتأتونه أنتم من فوق، و هم من أسفل.

و كان موضع بني قريظة من المدينة على قدر ميلين، و هو الموضع الذي يسمى (بئر المطلب) «3»، فلم يزل يسير معهم حيي بن أخطب في قبائل العرب حتى اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش، و كنانة، و الأقرع بن حابس في قومه، و العباس بن مرداس في بني سليم.

فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و استشار أصحابه، و كانوا سبع مائة رجل، فقال سلمان الفارسي: يا رسول الله، إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة. قال: «فما نصنع؟» قال: نحفر خندقا يكون بيننا و بينهم حجابا فيمكنك منعهم في المطاولة، و لا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه، فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم «4» من عدونا نحفر الخنادق، فتكون الحرب من مواضع معروفة. فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «أشار سلمان بصواب». فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمسحه «5» من ناحية أحد، إلى راتج «6»، و جعل على كل عشرين خطوة، و ثلاثين خطوة قوما من المهاجرين و الأنصار يحفرونه، فأمر، فحملت

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 176، و نحوه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 19: 62، و الفصول المهمّة: 60، و مناقب الخوارزمي: 104.

(1) أجلب الرّجل الرّجل: إذا توعّده بشر، و

جمع الجمع عليه. «لسان العرب- جلب- 1: 272».

(2) في «ط» و المصدر: و استفزّوهم.

(3) في «ج»: بئر بن أخطب.

(4) يدهمهم: يفجأهم، و الدّهم: العدد الكثير. «النهاية 2: 145».

(5) مسح الأرض: ذرعها. «الصحاح- مسح- 1: 405». و في المصدر بحفره.

(6) راتج: أطمة- حصن- من آطام المدينة. «الروض المعطار: 266». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 421

المساحي و المعاول، و بدأ رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخذ معولا، فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، و أمير المؤمنين (عليه السلام) ينقل التراب عن الحفرة، حتى عرق رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أعيا، و قال: «لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم اغفر للمهاجرين و الأنصار».

فلما نظر الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحفر، اجتهدوا في الحفر، و نقلوا التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر، و قعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجد الفتح، فبينا المهاجرون و الأنصار يحفرون، إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعلمه بذلك.

قال جابر: فجئت إلى المسجد، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) مستلق على قفاه، و رداؤه تحت رأسه، و قد شد على بطنه حجرا فقلت: يا رسول الله، إنه قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه. فقام مسرعا حتى جاءه، ثم دعا بماء في إناء، فغسل وجهه و ذراعيه، و مسح على رأسه و رجليه، ثم شرب، و مج من ذلك الماء في فيه، ثم صبه على ذلك الحجر، ثم أخذ معولا فضرب ضربة، فبرقت برقة، فنظرنا فيها إلى قصور الشام، ثم

ضرب اخرى، فبرقت اخرى، فنظرنا فيها إلى قصور المدائن، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة اخرى، فنظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله سيفتح عليكم هذه المواطن التي برق فيها البرق». ثم انهال علينا الجبل كما ينهال الرمل.

فقال جابر: فعلمت أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مقو- أي جائع- لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله، هل لك في الغذاء؟ قال: «ما عندك، يا جابر؟» فقلت: عناق «1»، و صاع من شعير. فقال: «تقدم، و أصلح ما عندك» قال جابر: فجئت إلى أهلي، فأمرتها، فطحنت الشعير، و ذبحت العنز، و سلختها، و أمرتها أن تخبز، و تطبخ، و تشوي، فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقلت: بأبي أنت و امي- يا رسول الله- قد فرغنا، فاحضر مع من أحببت، فقام (صلى الله عليه و آله) إلى شفير الخندق، ثم قال: «يا معاشر المهاجرين و الأنصار، أجيبوا جابرا» قال جابر: و كان في الخندق سبع مائة رجل، فخرجوا كلهم، ثم لم يمر بأحد من المهاجرين و الأنصار إلا قال:

«أجيبوا جابرا». قال جابر: فتقدمت، و قلت لأهلي: قد- و الله- أتاك محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما لا قبل لك به.

فقالت: أعلمته أنت بما عندنا؟ قلت: نعم. قالت: فهو أعلم بما أتى.

قال جابر: فدخل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنظر في القدر، ثم قال: «اغرفي، و أبقي». ثم نظر في التنور، ثم قال: «أخرجي، و أبقي»، ثم دعا بصفحة «2»، فثرد فيها، و غرف، فقال: «يا جابر، أدخل علي عشرة». فأدخلت عشرة، فأكلوا حتى

تملؤوا «3»، و ما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: «يا جابر، علي بالذراع». فأتيته بذراع، فأكلوه، ثم قال: «أدخل علي عشرة». فأدخلتهم، فأكلوا حتى تملؤوا «4»، و لم ير في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: «علي بذراع» فأكلوا، و خرجوا. ثم قال: «أدخل علي عشرة»، فأدخلتهم، فأكلوا حتى تملؤوا، و لم ير في القصعة

__________________________________________________

(1) العناق: الأنثى من المعز. «لسان العرب- عنق- 10: 274».

(2) الصحفة: إناء كالقصعة المبسوطة. «النهاية 3: 13».

(3) في «ي»: نهلوا.

(4) في «ط» و المصدر: نهلوا، و كذا في الموضع الآتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 422

إلا آثار أصابعهم، ثم قال: «يا جابر علي بالذراع» فأتيته، فقلت: يا رسول الله، كم للشاة من ذراع؟ قال: «ذراعان».

فقلت: و الذي بعثك بالحق نبيا، لقد أتيتك بثلاثة. فقال: «أما لو سكت- يا جابر- لأكل الناس كلهم من الذراع». قال:

«يا جابر، أدخل عشرة». فأقبلت ادخل عشرة عشرة، فيأكلون، حتى أكلوا كلهم، و بقي لنا- و الله- من ذلك الطعام ما عشنا به أياما.

قال: و حفر رسول الله (صلى الله عليه و آله) الخندق، و جعل له ثمانية أبواب، و جعل على كل باب رجلا من المهاجرين، و رجلا من الأنصار، مع جماعة يحفظونه، و قدمت قريش، و كنانة، و سليم، و هلال، فنزلوا الزغابة «1»، ففرغ رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حفر الخندق قبل قدوم قريش بثلاثة أيام.

و أقبلت قريش، و معهم حيي بن أخطب، فلما نزلوا العقيق جاء حيي بن أخطب إلى بني قريظة في جوف الليل، و كانوا في حصنهم قد تمسكوا بعهد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدق باب الحصن، فسمع كعب بن أسد قرع

الباب، فقال لأهله: هذا أخوك قد شأم قومه، و جاء الآن يشأمنا، و يهلكنا، و يأمرنا بنقض العهد بيننا و بين محمد، و قد وفى لنا محمد، و أحسن جوارنا. فنزل إليه من غرفته، فقال له: من أنت؟ قال: حيي بن أخطب، قد جئتك بعز الدهر. قال: كعب: بل جئتني بذل الدهر. فقال: يا كعب، هذه قريش في قادتها و سادتها قد نزلت بالعقيق، مع حلفائهم من كنانة، و هذه فزارة، مع قادتها و سادتها قد نزلت الزغابة، و هذه سليم و غيرهم قد نزلوا حصن بني ذبيان، و لا يفلت محمد و أصحابه من هذا الجمع أبدا، فافتح الباب، و انقض العهد الذي بينك و بين محمد. فقال كعب: لست بفاتح لك الباب، ارجع من حيث جئت. فقال حيي: ما يمنعك من فتح الباب إلا جشيشتك «2» التي في التنور، تخاف أن أشركك فيها، فافتح فإنك آمن من ذلك. فقال له كعب: لعنك الله، لقد دخلت علي من باب دقيق. ثم قال: افتحوا له الباب. ففتحوا له، فقال: ويلك- يا كعب- انقض العهد الذي بينك و بين محمد، و لا ترد رأيي، فإن محمدا لا يفلت من هذا الجمع أبدا، فإن فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا.

قال: فاجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود، مثل: غزال بن شمول، و ياسر بن قيس، و رفاعة بن زيد، و الزبير بن باطا، فقال لهم كعب: ما ترون؟ قالوا: أنت سيدنا، و المطاع فينا، و صاحب عهدنا و عقدنا، فإن نقضت نقضنا، و إن أقمت أقمنا معك، و إن خرجت خرجنا معك. فقال الزبير بن باطا- و كان شيخا كبيرا مجربا، قد ذهب بصره-:

قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبي في آخر الزمان، يكون مخرجه بمكة، و مهاجرته إلى المدينة في هذه البحيرة «3» يركب الحمار العري «4»، و يلبس الشملة «5»، و يجتزئ بالكسيرات

__________________________________________________

(1) زغابة: موضع قرب المدينة. «معجم البلدان 3: 141».

(2) الجشيش: السويق، الواحدة جشيشة. و حنطة تطحن جليلا فتجعل في قدر، و يجعل فيها لحم أو تمر، فيطبخ. «أقرب الموارد- جشّ- 1: 124».

(3) البحرة: البلدة، و البحيرة: مدينة رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، و هو تصغير البحرة. «النهاية 1: 100».

(4) أي الخالي من السرج.

(5) الشملة كساء يشتمل به الرجل. «مجمع البحرين- شمل- 5: 404».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 423

و التميرات، و هو الضحوك القتال، في عينيه الحمرة، و بين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه، لا يبالي من لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الخف و الحافر، فإن كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء و جمعهم، و لو ناوأته هذه الجبال الرواسي لغلبها.

فقال حيي: ليس هذا ذاك، ذاك النبي من بني إسرائيل، و هذا من العرب، من ولد إسماعيل، و لا يكون بنو إسرائيل أتباعا لولد إسماعيل أبدا، لأن الله قد فضلهم على الناس جميعا، و جعل فيهم النبوة و الملك، و قد عهد إلينا موسى ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، و ليس مع محمد آية، و إنما جمعهم جمعا، و سحرهم.

و يريد أن يغلبهم بذلك، فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه، فقال لهم: أخرجوا الكتاب الذي بينكم و بين محمد. فأخرجوه، فأخذه حيي بن أخطب و مزقه، و قال: قد وقع الأمر، فتجهزوا و تهيأوا للقتال.

و بلغ رسول الله (صلى الله عليه و آله)

ذلك، فغمه غما شديدا. و فزع أصحابه، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لسعد ابن معاذ، و أسيد بن حضير، و كانا من الأوس، و كانت بنو قريظة حلفاء الأوس، فقال لهما: «ائتيا بني قريظة، فانظرا ما صنعوا، فإن كانوا نقضوا العهد، فلا تعلما أحدا إذا رجعتما إلي، و قولا: عضل و القارة».

فجاء سعد بن معاذ، و أسيد بن حضير إلى باب الحصن، فأشرف عليهما كعب من الحصن، فشتم سعدا، و شتم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له سعد: إنما أنت ثعلب في جحر، لتولين قريش، و ليحاصرنك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لينزلنك على الصغر و القماءة «1»، و ليضربن عنقك، ثم رجعا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالا له: عضل و القارة. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لعنا، نحن أمرناهم بذلك» و ذلك أنه كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) عيون لقريش يتجسسون خبره، و كانت عضل و القارة قبيلتان من العرب، دخلتا في الإسلام، ثم غدرتا، فكان إذا غدر أحد ضرب بهما المثل، فيقال: عضل و القارة. و رجع حيي بن أخطب إلى أبي سفيان و قريش، و أخبرهم بنقض بني قريظة العهد بينهم و بين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ففرحت قريش بذلك.

فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام، فقال: يا رسول الله، قد آمنت بالله، و صدقتك، و كتمت إيماني عن الكفرة، فإن أمرتني أن آتيك بنفسي فأنصرك فعلت، و

إن أمرتني أن اخذل بين اليهود و قريش فعلت، حتى لا يخرجوا من حصنهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خذل بين اليهود و قريش، فإنه أوقع عندي». قال: أ فتأذن لي أن أقول فيك ما أريد؟ قال:

«قل ما بدا لك».

فجاء إلى أبي سفيان، فقال له: تعرف مودتي لكم، و نصحي، و محبتي أن ينصركم الله على عدوكم، و قد بلغني أن محمدا قد وافق اليهود أن يدخلوا بين عسكركم، و يميلوا عليكم، و وعدهم إذا فعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه: بني النضير، و قينقاع، فلا أرى أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثونهم إلى مكة، فتأمنوا مكرهم و غدرهم. فقال له أبو سفيان: وفقك الله، و أحسن جزاك، مثلك أهدى النصائح.

__________________________________________________

(1) الصغر: الذل و الضيم. «أقرب الموارد- صغر- 1: 649». و قمأ الرّجل قماءة: ذلّ و صغر. «لسان العرب- قمأ- 1: 134».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 424

و لم يعلم أبو سفيان بإسلام نعيم، و لا أحد من اليهود.

ثم جاء من فوره ذلك إلى بني قريظة، فقال: يا كعب، تعلم مودتي لكم، و قد بلغني أن أبا سفيان قال: نخرج بهؤلاء اليهود، فنضعهم في نحر محمد، فإن ظفروا كان الذكر لنا دونهم، و إن كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب، فلا أرى لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم، إنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يردوا عليكم عهدكم و عقدكم بين محمد و بينكم، لأنه إن ولت قريش و لم يظفروا بمحمد، غزاكم محمد، فيقتلكم. فقالوا: أحسنت، نصحت و أبلغت في النصيحة، لا نخرج من حصننا حتى نأخذ

منهم رهنا يكونون في حصننا.

و أقبلت قريش، فلما نظروا إلى الخندق، قالوا: هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك. فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه. فوافى عمرو بن عبد ود، و هبيرة بن وهب، و ضرار بن الخطاب إلى الخندق، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد صف أصحابه بين يديه، فصاحوا بخيلهم حتى طفروا الخندق إلى جانب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و صار أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) كلهم خلف رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قدموا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين أيديهم، و قال رجل من المهاجرين- و هو فلان- لرجل بجنبه من إخوانه: أما ترى هذا الشيطان- عمرو- لا و الله ما يفلت من بين يديه أحد، فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله، و نلحق نحن بقومنا. فأنزل الله على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في ذلك الوقت قوله: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَ الْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَ لا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ إلى قوله وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً «1».

فركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض، و أقبل يجول حوله، و يرتجز، و يقول:

و لقد بححت من الندا ء بجمعكم: هل من مبارز؟

و وقفت إذ جبن الشجا ع مواقف القرن المناجز

إني كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزاهز

إن الشجاعة في الفتى و الجود من خير الغرائز

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من لهذا الكلب؟» فلم يجبه أحد، فقام إليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: «أنا له، يا رسول الله» فقال: «يا علي، هذا عمرو بن عبد

ود فارس يليل «2»» فقال: «أنا علي بن أبي طالب» فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ادن مني» فدنا منه، فعممه بيده، و دفع إليه سيفه ذا الفقار، و قال له: «اذهب، و قاتل بهذا». و قال:

«اللهم احفظه من بين يديه، و من خلفه، و عن يمينه، و عن شماله، و من فوقه، و من تحته».

فمر أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو يهرول في مشيه، و هو يقول:

«لا تعجلن فقد أتا ك مجيب صوتك غير عاجز

__________________________________________________

(1) الأحزاب 33: 18 و 19.

(2) يليل: موضع، و هو وادي ينبع، أو وادي الصفراء دوين بدر. و فارس يليل: لقب عمرو بن عبد ودّ، انظر: «لسان العرب- يليل- 11: 740». البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 425

ذو نية و بصيرة و الصدق منجي كل فائز

إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى صوتها بعد الهزاهز»

فقال له عمرو: من أنت؟ قال: «أنا علي بن أبي طالب، ابن عم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ختنه «1»». فقال:

و الله إن أباك كان لي صديقا و نديما، و إني أكره أن أقتلك، ما أمن ابن عمك حين بعثك إلي أن أختطفك برمحي هذا، فأتركك شائلا بين السماء و الأرض، لا حي و لا ميت! فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «قد علم ابن عمي أنك إن قتلتني دخلت الجنة، و أنت في النار، و إن قتلتك فأنت في النار، و أنا في الجنة». فقال عمرو: كلتاهما لك- يا علي- تلك إذن قسمة ضيزى «2».

قال علي (عليه السلام): «دع هذا- يا عمرو- إني سمعت منك و أنت متعلق بأستار الكعبة تقول: لا يعرضن علي أحد في

الحرب ثلاث خصال إلا أجبته إلى واحدة منها، و أنا أعرض عليك ثلاث خصال، فأجبني إلى واحدة».

قال: هات، يا علي. قال: «إحداها: أن تشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله» قال: نح عني هذا، هات الثانية.

فقال: «أن ترجع، و ترد هذا الجيش عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإن يك صادقا فأنتم أعلى به عينا، و إن يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره». فقال: إذن لا تتحدث نساء قريش بذلك، و لا تنشد الشعراء في أشعارها أني جبنت و رجعت على عقبي من الحرب، و خذلت قوما رأسوني عليهم؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فالثالثة: أن تنزل إلي، فإنك راكب، و أنا راجل، حتى أنابذك» فوثب عن فرسه و عرقبه، و قال: هذه خصلة ما ظننت أن أحدا من العرب يسومني عليها. ثم بدأ فضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسيف على رأسه، فاتقاه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالدرقة، فقطعها، و ثبت السيف على رأسه، فقال له علي (عليه السلام): «يا عمرو، أما كفاك أني بارزتك و أنت فارس العرب حتى استعنت علي بظهير؟!» فالتفت عمرو إلى خلفه، فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) مسرعا على ساقيه، فقطعهما جميعا، و ارتفعت بينهما عجاجة، فقال المنافقون: قتل علي بن أبي طالب. ثم انكشفت العجاجة، فنظروا، فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) على صدره، قد أخذ بلحيته يريد أن يذبحه، فذبحه ثم أخذ رأسه، و أقبل إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو، و سيفه يقطر من الدم، و هو يقول، و الرأس بيده:

«أنا علي و ابن عبد المطلب الموت خير للفتى من الهرب»

فقال رسول الله

(صلى الله عليه و آله): «يا علي، ماكرته؟» قال: «نعم- يا رسول الله- الحرب خديعة».

و بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) الزبير إلى هبيرة بن وهب، فضربه على رأسه ضربة فلق هامته، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب، فلما برز إليه ضرار انتزع له عمر سهما، فقال له

__________________________________________________

(1) في «ط»: و حبيبه.

(2) قسمة ضيزّى: أي جائرة. «لسان العرب- ضيز- 5: 368». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 426

ضرار: ويحك- يا بن صهاك- أ ترمي في مبارزة؟ و الله لئن رميتني لا تركت عدويا بمكة إلا قتلته. فانهزم عند ذلك عمر، و مر نحوه ضرار، و أشار «1» على رأسه بالقناة، ثم قال: احفظها- يا عمر- فإني آليت ألا أقتل قرشيا ما قدرت عليه. فكان عمر يحفظ له ذلك بعد ما ولي، فولاه.

فبقي رسول الله (صلى الله عليه و آله) يحاربهم في الخندق خمسة عشر يوما، فقال أبو سفيان لحيي بن أخطب:

ويلك- يا يهودي- أين قومك؟ فصار حيي بن أخطب إليهم، فقال: ويلكم، اخرجوا، فقد نابذكم محمد الحرب، فلا أنتم مع محمد، و لا أنتم مع قريش. فقال كعب: لسنا خارجين، حتى تعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا، إنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يرد محمد علينا عهدنا و عقدنا، فإنا لا نأمن أن تفر قريش و نبقى نحن في عقر دارنا، و يغزونا محمد، فيقتل رجالنا، و يسبي نساءنا و ذرارينا، و إن لم نخرج لعله يرد علينا عهدنا.

فقال له حيي بن أخطب: تطمع في غير مطمع، قد نابذت العرب محمدا الحرب، فلا أنتم مع محمد، و

لا أنتم مع قريش.

فقال كعب: هذا من شؤمك، إنما أنت طائر تطير مع قريش غدا و تتركنا في عقر دارنا، و يغزونا محمد.

فقال له حيي لك عهد الله علي و عهد موسى إن لم تظفر قريش بمحمد أني أرجع معك إلى حصنك، يصيبني ما يصيبك.

فقال كعب: هو الذي قد قلته لك، إن أعطتنا قريش رهنا يكونون عندنا، و إلا لم نخرج. فرجع حيي بن أخطب إلى قريش فأخبرهم، فلما قال: يسألون الرهن. قال أبو سفيان: هذا- و الله- أول الغدر، قد صدق نعيم بن مسعود، لا حاجة لنا في إخوان القردة و الخنازير.

فلما طال على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) الأمر، اشتد عليهم الحصار، و كانوا في وقت برد شديد، و أصابتهم مجاعة، و خافوا من اليهود خوفا شديدا، و تكلم المنافقون بما حكى الله عنهم، و لم يبق أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا نافق، إلا القليل. و قد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبر أصحابه: «أن العرب تتحزب، و يجيئونا من فوق، و تغدر اليهود و نخافهم من أسفل، و أنه ليصيبهم جهد شديد، و لكن تكون العاقبة لي عليهم». فلما جاءت قريش، و غدرت اليهود، قال المنافقون: ما وعدنا الله و رسوله إلا غرورا. و كان قوم منهم لهم دور في أطراف المدينة، فقالوا: يا رسول الله، تأذن لنا أن نرجع إلى دورنا فإنها في أطراف المدينة، و هي عورة، و نخاف اليهود أن يغيروا عليها؟ و قال قوم: هلموا فنهرب و نصير في البادية، و نستجير بالأعراب، فإن الذي كان يعدنا محمد كان باطلا كله. و كان رسول الله (صلى

الله عليه و آله) أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) على العسكر كله بالليل يحرسهم، فإن تحرك أحد من قريش بارزهم «2»، و كان أمير

__________________________________________________

(1) في المصدر: و ضربه.

(2) في المصدر: نابذهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 427

المؤمنين (عليه السلام) يجوز الخندق، و يصير إلى قرب قريش حيث يراهم، فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلي، فإذا أصبح رجع إلى مركزه، و مسجد أمير المؤمنين (عليه السلام) هناك معروف، يأتيه من يعرفه فيصلي فيه، و هو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة «1» النشاب.

فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أصحابه الجزع لطول الحصار صعد إلى مسجد الفتح، و هو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم، فدعا الله، و ناجاه فيما وعده، و كان مما دعاه أن قال: «يا صريخ المكروبين، و يا مجيب دعوة المضطرين، و يا كاشف الكرب العظيم، أنت مولاي و وليي و ولي آبائي الأولين، اكشف عنا غمنا و همنا و كربنا، و اكشف عنا شر هؤلاء القوم بقوتك، و حولك، و قدرتك». فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: «يا محمد، إن الله قد سمع مقالتك، و أجاب دعوتك، و أمر الدبور- و هي الريح- مع الملائكة أن تهزم قريشا و الأحزاب».

و بعث الله على قريش الدبور، فانهزموا، و قلعت أخبيتهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام)، فأخبره بذلك، فنادى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حذيفة بن اليمان، و كان قريبا منه، فلم يجبه، ثم ناداه ثانيا فلم يجبه، ثم ناداه الثالثة، فقال:

لبيك يا رسول الله. قال: «أدعوك فلا تجيبني؟» قال: يا رسول الله- بأبي أنت و أمي- من الخوف،

و البرد، و الجوع.

فقال: «ادخل في القوم، و ائتني بأخبارهم، و لا تحدثن حدثا حتى ترجع إلي، فإن الله قد أخبرني أنه قد أرسل الرياح على قريش، و هزمهم».

قال حذيفة: فمضيت و أنا انتفض من البرد، فو الله ما كان إلا بقدر ما جزت الخندق حتى كأني في حمام، فقصدت خباء عظيما فإذا نار تخبوا و توقد، و إذا خيمة فيها أبو سفيان قد دلى خصيتيه على النار و هو ينتفض من شدة البرد، و يقول: يا معشر قريش، إن كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمد فلا طاقة لنا بأهل السماء، و إن كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم، ثم قال: لينظر كل رجل منكم إلى جليسه لا يكون لمحمد عين فيما بيننا. فقال حذيفة:

فبادرت أنا، فقلت للذي عن يميني: من أنت؟ فقال: أنا عمرو بن العاص. ثم قلت للذي عن يساري: من أنت؟ قال:

أنا معاوية، و إنما بادرت إلى ذلك لئلا يسألني أحد منهم من أنت.

ثم ركب أبو سفيان راحلته و هي معقولة، و لولا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «لا تحدثن حدثا حتى ترجع إلي» لقدرت أن أقتله، ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان، لا بد من أن أقيم أنا و أنت على ضعفاء الناس. ثم قال لأصحابه: ارتحلوا، إنا مرتحلون، فنفروا «2» منهزمين، فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال لأصحابه: «لا تبرحوا». فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة، و بقي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في نفر يسير.

و كان أبو فرقد «3» الكناني رمى سعد بن معاذ (رحمه الله) بسهم في الخندق فقطع أكحله «4» فنزفه الدم، فقبض

__________________________________________________

(1) الغلوة:

قدر رمية بسهم. «لسان العرب- غلا- 15: 132».

(2) في المصدر: ففرّوا.

(3) في المصدر: ابن فرقد.

(4) الأكحل: عرق في اليد. «لسان العرب- كحل- 11: 5886».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 428

سعد على أكحله بيده، ثم قال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فلا أحد أحب إلي من محاربة قوم حادوا الله و رسوله، و إن كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول الله (صلى الله عليه و آله) و بين قريش فاجعلها لي شهادة، و لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة. فأمسك الدم، و تورمت يده، و ضرب له رسول الله (صلى الله عليه و آله) في المسجد خيمة، و كان يتعاهده بنفسه، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ يعني بني قريظة حين غدروا، و خافهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ إلى قوله: إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً، و هم الذين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): تأذن لنا أن نرجع إلى منازلنا، فإنها في أطراف المدينة، و نخاف اليهود عليها، فأنزل الله فيهم:

إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً.

8548/ [3]- الطبرسي: في معنى قوله: وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ بل هي رفيعة السمك «1»، حصينة. عن الصادق (عليه السلام). إِنْ يُرِيدُونَ أي ما يريدون إِلَّا فِراراً.

8549/ [4]- و في رواية علي بن إبراهيم: نزلت هذه الآية في الثاني لما قال لعبد الرحمن بن عوف: هلم ندفع

محمدا إلى قريش و نلحق نحن بقومنا: يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَ إِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَ لَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً.

8550/ [5]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، مع بعض اليهود، في حديث: «قال اليهودي: فإن هذا هودا قد انتصر الله له من أعدائه بالريح، فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟

قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) اعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله عز و جل قد انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق، إذ أرسل عليهم ريحا تذر الحصى و جنودا لم يروها، فزاد الله تبارك و تعالى محمدا (صلى الله عليه و آله) على هود بثمانية آلاف ملك، و فضله على هود بأن ريح عاد ريح سخط، و ريح محمد (صلى الله عليه و آله) ريح رحمة، قال الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها».

8551/ [6]- علي بن إبراهيم: ثم وصف الله المؤمنين المصدقين بما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 545.

4- تفسير القمّي 2: 188.

5- الاحتجاج: 212.

6- تفسير القمّي 2: 188.

(1) سمك البيت: سقفه. «الصحاح- سمك- 4: 1592».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 429

يصيبهم في الخندق من الجهد، فقال: وَ لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ

اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ما زادَهُمْ يعني ذلك البلاء، و الجهد، و الخوف إِلَّا إِيماناً وَ تَسْلِيماً.

سورة الأحزاب(33): الآيات 23 الي 24 ..... ص : 429

قوله تعالى:

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً [23- 24]

8552/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن أحمد بن محمد ابن يزيد، عن سهل بن عامر البجلي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه)، و عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1»، قال: قال علي (عليه السلام): «كنت عاهدت الله عز و جل و رسوله (صلى الله عليه و آله) أنا، و عمي حمزة، و أخي جعفر، و ابن عمي عبيدة بن الحارث على أمر و فينا به لله و لرسوله، فتقدمني أصحابي و خلفت بعدهم لما أراد الله عز و جل، فأنزل الله سبحانه فينا: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ حمزة، و جعفر، و عبيدة وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا. فأنا المنتظر، و ما بدلت تبديلا».

8553/ [2]- و

عنه، قال: حدثني علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن يحيى بن صالح، عن مالك بن خالد الأسدي، عن الحسن بن إبراهيم، عن جده عبد الله بن الحسن، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: و عاهد الله علي بن أبي طالب، و حمزة بن عبد المطلب، و جعفر بن أبي طالب «2» (عليهم السلام) أن لا يفروا من زحف أبدا، فتموا كلهم،

فأنزل الله عز و جل: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ حمزة استشهد يوم أحد، و جعفر استشهد يوم مؤتة وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ يعني علي بن أبي طالب (صلوات الله و سلامه عليه)، وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا يعني الذي عاهدوا الله عليه.

8554/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، و محمد بن الحسن (رضى الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال:

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 449/ 8.

2- تأويل الآيات 2: 449/ 9.

3- الخصال: 364/ 58. [.....]

(1) في النسخ: عن أبي إسحاق، عن جابر، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، عن محمّد بن الحنفيّة (رضي اللّه عنه)، و فيه خلط بين طريقين و تحريف، صحيحه ما أثبتناه، انظر سند الحديث (3) الآتي عن (الخصال)، و متن هذا الحديث هو قطعة من حديث (الخصال).

(2) في المصدر زيادة: و عبيدة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 430

حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد، قال: حدثني جعفر بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه). و عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أتى رأس اليهود إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند منصرفه من وقعة النهروان، و هو جالس في مسجد الكوفة، فقال:

يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أسألك عن أشياء لا

يعلمها إلا نبي، أو وصي نبي، فإن شئت سألتك، و إن شئت أعفيك. قال: سل عما بدا لك، يا أخا اليهود.

قال: إنا نجد في الكتاب أن الله عز و جل إذا بعث نبيا أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته من يقوم بأمر أمته من بعده، و أن يعهد إليهم فيه عهدا يحتذى عليه، و يعمل به في أمته من بعده، و أن الله عز و جل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء، و يمتحنهم بعد وفاتهم، فأخبرنا: كم يمتحن الله الأوصياء في حياة الأنبياء، و كم يمتحنهم بعد وفاتهم من مرة، و إلى ما يصير آخر أمر الأوصياء، إذا رضي محنتهم؟

فقال له علي (عليه السلام): و الله الذي لا إله غيره، الذي فلق البحر لبني إسرائيل، و أنزل التوراة على موسى (عليه السلام) لئن أخبرتك بحق عما تسأل عنه، لتقرن به؟ قال: نعم.

قال (عليه السلام): و الذي فلق البحر لبني إسرائيل، و أنزل التوراة على موسى (عليه السلام)، لئن أجبتك لتسلمن؟

قال: نعم.

فقال علي (عليه السلام): إن الله عز و جل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم و محنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم، و أوصياء بعد وفاتهم، و تصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء، ثم يمتحن الأوصياء بعد وفاة الأنبياء (عليهم السلام) في سبعة مواطن ليبلوا صبرهم، فإذا رضي محنتهم ختم لهم بالشهادة «1»، ليلحقهم بالأنبياء و قد أكمل لهم السعادة.

قال له رأس اليهود: صدقت- يا أمير المؤمنين- فأخبرني، كم امتحنك الله في حياة محمد من مرة، و كم امتحنك بعد وفاته من مرة، و إلى ما يصير أمرك؟ فأخذ علي (عليه

السلام) بيده، و قال: انهض بنا أنبئك بذلك، يا أخا اليهود. فقام إليه جماعة من أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أنبئنا بذلك معه. فقال: إني أخاف أن لا تحتمله قلوبكم. قالوا: و لم ذلك، يا أمير المؤمنين؟ قال: لأمور بدت لي من كثير منكم. فقام إليه الأشتر، فقال: يا أمير المؤمنين، أنبئنا بذلك، فو الله إنا لنعلم أنه ما على ظهر الأرض وصي نبي سواك، و إنا لنعلم أن الله لا يبعث بعد نبينا (صلى الله عليه و آله) نبيا سواه، و أن طاعتك لفي أعناقنا موصولة بطاعة نبينا (صلى الله عليه و آله). فجلس علي (عليه السلام)، فأقبل على اليهودي، فقال: يا أخا اليهود، إن الله عز و جل امتحنني في حياة نبينا (صلى الله عليه و آله) في سبعة مواطن، فوجدني فيهن- من غير تزكية لنفسي- بنعمة الله له مطيعا؟

__________________________________________________

(1) في «ج» و المصدر: بالسعادة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 431

قال: فيم، و فيم، يا أمير المؤمنين؟

قال: أما أولهن- و ساق الحديث بذكر الاولى، و الثانية، و الثالثة، و الرابعة، إلى أن قال-: و أما الخامسة- يا أخا اليهود- فإن قريشا و العرب تجمعت، و عقدت بينها عقدا و ميثاقا لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب، ثم أقبلت بحدها و حديدها حتى أناخت علينا بالمدينة، واثقة بأنفسها فيما توجهت له، فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه و آله) فأنبأه بذلك، فخندق على نفسه، و من معه من المهاجرين و الأنصار، فقدمت قريش، فأقامت على الخندق محاصرة لنا، ترى في أنفسها القوة، و فينا الضعف، ترعد، و

تبرق، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) يدعوها إلى الله عز و جل، و يناشدها بالقرابة و الرحم، فتأبى عليه، و لا يزيدها ذلك إلا عتوا، و فارسها فارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ود، يهدر كالبعير المغتلم «1»، يدعو إلى البراز، و يرتجز، و يخطر برمحه مرة، و بسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم، و لا يطمع فيه طامع، و لا حمية تهيجه، و لا بصيرة تشجعه، فأنهضني إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عممني بيده، و أعطاني سيفه هذا- و ضرب بيده إلى ذي الفقار- فخرجت إليه، و نساء أهل المدينة بواكي إشفاقا علي من ابن عبد ود، فقتله الله عز و جل بيدي، و العرب لا تعد لها فارسا غيره، و ضربني هذه الضربة- و أومأ بيده إلى هامته- فهزم الله قريشا و العرب بذلك، و بما كان مني فيهم من النكاية. ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه، فقال: أ ليس كذلك؟ قالوا: بلى، يا أمير المؤمنين».

ثم ذكر السادسة، و السابعة، ثم ذكر أول السبع بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، و ذكرها، و قال (عليه السلام) فيها: «و أما نفسي، فقد علم من حضر ممن ترى، و من غاب من أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدي، و لقد كنت عاهدت الله عز و جل و رسوله (صلى الله عليه و آله): أنا، و عمي حمزة، و أخي جعفر، و ابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عز و جل و لرسوله،

فتقدمني أصحابي، و تخلفت بعدهم لما أراد الله عز و جل، فأنزل الله فينا: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا حمزة، و جعفر، و عبيدة، و أنا- و الله- المنتظر».

8555/ [4]- ابن شهر آشوب: عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام): مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ قال: «علي، و حمزة، و جعفر، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ، قال: عهده، و هو حمزة، و جعفر وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ، قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

8556/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ: «أي لا يغيروا «2» أبدا فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ أي أجله، و هو

__________________________________________________

4- المناقب 3: 92.

5- تفسير القمّي 2: 188.

(1) أي الهائج.

(2) في المصدر: لا يفرّوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 432

حمزة، و جعفر بن أبي طالب وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ أجله، يعني عليا (عليه السلام)، وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَ يُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ». الآية.

8557/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، إذ دخل عليه أبو بصير- و ذكر الحديث إلى أن قال-: «يا أبا محمد، لقد ذكركم الله في كتابه، فقال: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا. إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا، و إنكم لم

تبدلوا بنا غيرنا، و لو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم، حيث يقول جل ذكره: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ «1»».

8558/ [7]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، من أحبك ثم مات فقد قضى نحبه، و من أحبك و لم يمت فهو ينتظر، و ما طلعت شمس و لا غربت إلا طلعت عليه برزق و إيمان». و في نسخة:

«نور».

8559/ [8]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن نصير أبي الحكم الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المؤمن مؤمنان: فمؤمن صدق بعهد الله، و وفى بشرطه، و ذلك قول الله عز و جل: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فذلك الذي لا تصيبه أهوال الدنيا، و لا أهوال الآخرة، و ذلك ممن يشفع و لا يشفع له، و مؤمن كخامة «2» الزرع، تعوج أحيانا، و تقوم أحيانا، و ذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا، و أهوال الآخرة، و ذلك ممن يشفع له و لا يشفع».

سورة الأحزاب(33): آية 25 ..... ص : 432

قوله تعالى:

وَ رَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ [25] 8560/ [1]- علي بن إبراهيم: بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

6- الكافي 8: 34/ 6.

7- الكافي 8: 306/ 475.

8- الكافي 2: 193/ 1.

1- تفسير القمّي 2: 189.

(1) الأعراف 7: 102.

(2) الخامّة: الغضّة الرطبة من النبات. «الصحاح- خوم- 5: 1916».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 433

8561/ [2]- محمد بن العباس، قال:

حدثنا علي بن العباس، عن أبي سعيد عباد بن يعقوب، عن فضل بن القاسم البراد، عن سفيان الثوري، عن زبيد اليامي «1»، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، أنه كان يقرأ: «و كفى الله المؤمنين القتال بعلي و كان الله قويا عزيزا».

8562/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن يونس بن مبارك، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن يحيى بن معلى الأسلمي، عن محمد بن عمار بن زريق، عن أبي إسحاق، عن زياد «2» بن مطر، قال: كان عبد الله بن مسعود يقرأ: «و كفى الله المؤمنين القتال بعلي «3»».

و سبب نزول هذه الآية: أن المؤمنين كفوا القتال بعلي (عليه السلام)، و إن المشركين تحزبوا، و اجتمعوا في غزاة الخندق- و القصة مشهورة، غير أنا نحكي طرفا منها- و هو: أن عمرو بن عبد ود كان فارس قريش المشهور، و كان يعد بألف فارس، و كان قد شهد بدرا، و لم يشهد أحدا، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى الناس مقامه، فلما رأى الخندق، قال: مكيدة، و لم نعرفها من قبل. و حمل فرسه عليه، فعطفه «4»، و وقف بإزاء المسلمين، و نادى: هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد، فقام علي (عليه السلام)، و قال: «أنا، يا رسول الله». فقال له: «إنه عمرو، اجلس» فنادى ثانية، فلم يجبه أحد، فقام علي (عليه السلام)، و قال: «أنا، يا رسول الله». فقال له: «إنه عمرو، اجلس»، فنادى ثالثة، فلم يجبه أحد. فقام علي (عليه السلام)، و قال: «أنا يا رسول الله»، فقال له: «إنه عمرو». فقال: «و إن كان عمرا» فاستأذن النبي (صلى الله عليه و آله) في برازه، فأذن له.

قال حذيفة (رضي الله عنه):

فألبسه رسول الله (صلى الله عليه و آله) درعه [ذات الفضول، و أعطاه ذا الفقار، و عممه عمامته السحاب على رأسه تسعة أدوار، و قال له: «تقدم». فلما ولى، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «برز الإيمان كله إلى الشرك كله، اللهم احفظه من بين يديه، و من خلفه، و عن يمينه، و عن شماله، و من فوق رأسه، و من تحت قدميه».

فلما رآه عمرو، قال له: من أنت؟ قال: «أنا علي». قال: ابن عبد مناف؟ قال: «أنا علي بن أبي طالب» فقال: غيرك- يا ابن أخي- من أعمامك أسن منك، فإني أكره أن أهرق دمك. فقال له علي (عليه السلام): «و لكني- و الله- لا أكره أن أهرق دمك». قال: فغضب عمرو، و نزل عن فرسه، و عقرها، و سل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي (عليه السلام)، فاستقبله علي (عليه السلام) بدرقته، فقدها، و أثبت فيها السيف، و أصاب رأسه فشجه، ثم إن عليا (عليه السلام) ضربه على حبل عاتقه، فسقط إلى الأرض، و ثارت بينهما عجاجة، فسمعنا تكبير علي (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«قتله، و الذي نفسي بيده». قال: و حز رأسه، و أتى به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و وجهه يتهلل، فقال له

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 450/ 10. [.....]

3- تأويل الآيات 2: 450/ 12

(1) في جميع النسخ و المصدر: النامي، تصحيح صحيحه ما أثبتناه، انظر تقريب التهذيب 1: 57/ 14.

(2) في جميع النسخ و المصدر: أبي زياد، هو عبد اللّه بن مطر، و يقال له: زياد بن مطر، راجع تهذيب التهذيب 3: 386 و 6: 34.

(3) في المصدر

زيادة: قال أبو زياد: و هي في مصحفه، هكذا رأيتها.

(4) في «ي»: فقطعه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 434

النبي (صلى الله عليه و آله): «أبشر- يا علي- فلو وزن اليوم عملك بعمل امة محمد لرجح عملك بعملهم، و ذلك أنه لم يبق بيت من المشركين إلا و دخله وهن، و لا بيت من المسلمين إلا و دخله عز».

قال: و لما قتل عمرو، و خذل الأحزاب، أرسل الله عليهم ريحا و جنودا من الملائكة، فولوا مدبرين بغير قتال، و سببه قتل عمرو، فمن ذلك قال سبحانه: وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ بعلي (عليه السلام).

8563/ [4]- ابن شهر آشوب: قال الصادق (عليه السلام)، و ابن مسعود، في قوله: وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قتله عمرو بن عبد ود.

قال: و رواه أبو نعيم الأصفهاني في (ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين) بالإسناد، عن سفيان الثوري، عن رجل، عن مرة، عن عبد الله.

قال: و قال جماعة من المفسرين، في قوله تعالى: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ «1» أنها نزلت في علي (عليه السلام) يوم الأحزاب.

8564/ [5]- الطبرسي: في معنى الآية: قيل: بعلي بن أبي طالب، و قتله عمرو بن عبد ود، و كان ذلك سبب هزيمة القوم، عن عبد الله بن مسعود. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

8565/ [6]- و

روى الحافظ منصور بن شهريار بن شيرويه بإسناده إلى ابن عباس، قال: لما قتل علي (عليه السلام) عمرا، و دخل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و سيفه يقطر دما، فلما رآه كبر، و كبر المسلمون، و قال النبي (صلى الله عليه و آله):

«اللهم أعط عليا فضيلة لم يعطها أحد قبله، و لم يعطها أحد بعده». قال: فهبط جبرئيل (عليه السلام)، و معه من الجنة اترجة، فقال: «يا رسول الله، إن الله عز و جل يقرأ عليك السلام، و يقول لك: حي بهذه علي بن أبي طالب». قال: فدفعها إلى علي (عليه السلام)، فانفلقت في يده فلقتين، فإذا فيها حريرة خضراء، فيها مكتوب سطران بخضرة: تحفة من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب.

سورة الأحزاب(33): الآيات 26 الي 27 ..... ص : 434

قوله تعالى:

وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيراً [26- 27]

8566/ [1]- علي بن إبراهيم: و نزل في بني قريظة: وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ __________________________________________________

4- المناقب 3: 134.

5- مجمع البيان 8: 550.

6- ... المناقب (للخوارزمي): 105.

1- تفسير القمي 2: 189.

(1) الأحزاب 33: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 435

وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَ تَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَ دِيارَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ وَ أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيراً فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) المدينة، و اللواء معقود، أراد أن يغتسل من الغبار، فناداه جبرئيل: «عذيرك من محارب، و الله ما وضعت الملائكة لأمتها، فكيف تضع لأمتك؟ إن الله يأمرك أن لا تصلي العصر إلا ببني قريظة، فإني متقدمك، و مزلزل بهم حصنهم، إنا كنا في آثار القوم، نزجرهم زجرا، حتى بلغوا حمراء الأسد «1»».

فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فاستقبله حارثة بن النعمان، فقال له: «ما الخبر، يا حارثة؟». قال: بأبي أنت و امي- يا رسول الله- هذا دحية الكلبي ينادي في الناس: ألا لا يصلين

العصر أحد إلا في بني قريظة. فقال: «ذلك جبرئيل، أدعوا لي عليا». فجاء علي (عليه السلام)، فقال له: «ناد في الناس: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة».

فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنادى فيهم، فخرج الناس، فبادروا إلى بني قريظة.

و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام) بين يديه، مع الراية العظمى، و كان حيي بن أخطب لما انهزمت قريش، جاء و دخل حصن بني قريظة، فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) و أحاط بحصنهم، فأشرف عليهم كعب بن أسد «2» من الحصن يشتمهم، و يشتم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على حمار، فاستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: «بأبي أنت و امي- يا رسول الله- لا تدن من الحصن». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، لعلهم شتموني؟ إنهم لو قد رأوني لأذلهم الله». ثم دنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حصنهم، فقال: «يا إخوة القردة و الخنازير، و عبدة الطاغوت، أ تشتموني؟! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم».

فأشرف عليهم كعب بن أسد من الحصن، فقال: و الله- يا أبا القاسم- ما كنت جهولا. فاستحيا رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى سقط الرداء عن ظهره حياء مما قال.

و كان حول الحصن نخل كثير، فأشار إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيده، فتباعد عنه، و تفرق في المفازة، و أنزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) العسكر حول حصنهم، فحاصرهم ثلاثة أيام، فلم يطلع منهم أحد رأسه، فلما كان بعد ثلاثة أيام نزل إليه غزال «3» بن

شمول، فقال: يا محمد، تعطينا ما أعطيت إخواننا من بني النضير؟ احقن دماءنا، و نخلي لك البلاد و ما فيها، و لا نكتمك شيئا. فقال: «لا، أو تنزلون على حكمي». فرجع، و بقوا أياما، فبكت النساء و الصبيان إليهم، و جزعوا جزعا شديدا، فلما اشتد عليهم الحصار نزلوا على حكم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالرجال، فكتفوا، و كانوا سبع مائة «4»، و أمر بالنساء، فعزلن.

و قامت الأوس إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا رسول الله، حلفاؤنا و موالينا من دون الناس، نصرونا

__________________________________________________

(1) حمراء الأسد: موضّع على ثمانية أميال من المدينة. «معجم البلدان 2: 301».

(2) في المصدر: أسيد، و كذا في المواضع الآتية.

(3) في «ي»: عزّال.

(4) في «ي»: تسع مائة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 436

على الخزرج في المواطن كلها، و قد وهبت لعبد الله بن أبي سبع مائة دارع، و سبع مائة «1» حاسر في صبيحة واحدة، و لسنا نحن بأقل من عبد الله بن أبي. فلما أكثروا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال لهم: «أما ترضون أن يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟». فقالوا: بلى، فمن هو؟ قال: «سعد بن معاذ». قالوا: قد رضينا بحكمه، فأتوا به في محفة «2»، و اجتمعت الأوس حوله يقولون له: يا أبا عمرو، اتق الله، و أحسن في حلفائك و مواليك، فقد نصرونا ببعاث، و الحدائق «3»، و المواطن كلها. فلما أكثروا عليه، قال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. فقالت الأوس: وا قوماه، ذهبت و الله بنو قريظة آخر الدهر. و بكت النساء و

الصبيان إلى سعد، فلما سكتوا، قال لهم سعد: يا معشر اليهود، أرضيتم بحكمي فيكم؟ قالوا: بلى، قد رضينا بحكمك، و قد رجونا نصفك، و معروفك، و حسن نظرك. فأعاد عليهم القول، فقالوا: بلى، يا أبا عمرو. فالتفت إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إجلالا له، فقال: ما ترى، بأبي أنت و امي، يا رسول الله؟ قال: «احكم فيهم- يا سعد- فقد رضيت بحكمك فيهم». فقال: قد حكمت- يا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن تقتل رجالهم، و تسبى نساؤهم و ذراريهم، و تقسم غنائمهم بين المهاجرين و الأنصار. فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «قد حكمت بحكم الله من فوق سبع أرقعة» ثم انفجر جرح سعد بن معاذ، فما زال ينزف حتى قضى.

و ساقوا الأسارى إلى المدينة، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأخدود، فحفرت بالبقيع، فلما أمسى، أمر بإخراج رجل رجل، فكان يضرب عنقه، فقال حيي بن أخطب لكعب بن أسد: ما ترى يصنع بهم؟ فقال له: ما يسوؤك، أما ترى الداعي لا يقلع، و الذي يذهب لا يرجع؟ فعليكم بالصبر، و الثبات على دينكم.

فاخرج كعب بن أسد، مجموعة يديه إلى عنقه، و كان جميلا و سيما، فلما نظر إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال له: «يا كعب، أما نفعتك وصية ابن الحواس؟! الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام، فقال: تركت الخمر و الخنزير «4»، و جئت إلى البؤس و التمور، لنبي يبعث، مخرجه بمكة، و مهاجرته في هذه البحيرة، يجتزئ بالكسيرات و التميرات، و يركب الحمار العري، في عينيه حمرة، بين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه، لا

يبالي من لاقى منكم، يبلغ سلطانه منقطع الخف و الحافر». فقال: قد كان ذلك يا محمد، و لولا أن اليهود يعيروني أني جزعت عند القتل لآمنت بك، و صدقتك، و لكني على دين اليهودية، عليه أحيا، و عليه أموت. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قدموه فاضربوا عنقه» فضربت عنقه.

ثم قدم حيي بن أخطب، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا فاسق، كيف رأيت صنع الله بك؟» فقال: و الله- يا محمد- ما ألوم نفسي في عداوتك، و لقد قلقلت «5» كل مقلقل، و جهدت كل الجهد، و لكن من يخذل الله

__________________________________________________

(1) في المصدر: ثلاث مائة.

(2) المحفّة: مركب من مراكب النساء كالهودج، إلّا أنّها لا تقبّب. «الصحاح- حفف- 4: 1345».

(3) بعاث و الحدائق: موضعان عند المدينة، كانت فيهما وقعتان بين الأوس و الخزرج قبل الإسلام، أنظر «الكامل في التاريخ 1: 676 و 680».

(4) في «ج»: الخمير.

(5) قلقل الشي ء: حرّكه فتحرّك و اضطرب. «لسان العرب- قلل- 11: 566».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 437

يخذل، ثم قال حين قدم للقتل:

لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه و لكنه من يخذل الله يخذل فقدم، و ضرب عنقه فقتلهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) في البردين: بالغداة، و العشي، في ثلاثة أيام، و كان يقول: «اسقوهم العذب، و أطعموهم الطيب، و أحسنوا إسارهم». حتى قتلهم كلهم، و أنزل الله على رسوله فيهم:

وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ أي من حصونهم وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ إلى قوله: وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيراً.

8567/ [2]- الطبرسي، في (إعلام الورى)، قال: قال أبان بن عثمان: حدثني من سمع أبا عبد الله

(عليه السلام) يقول: «قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) على التل الذي عليه مسجد الفتح، في ليلة ظلماء، ذات قرة، قال: من يذهب فيأتينا بخبرهم، و له الجنة؟ فلم يقم أحد. ثم عاد ثانية، و ثالثة، فلم يقم أحد. و قام حذيفة، فقال (صلى الله عليه و آله):

انطلق، حتى تسمع كلامهم، و تأتيني بخبرهم. فذهب، فقال: اللهم احفظه من بين يديه، و من خلفه، و عن يمينه، و عن شماله، حتى ترده إلي، و قال: لا تحدث شيئا حتى تأتيني.

و لما توجه حذيفة، قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصلي، ثم نادى بأشجى صوت: يا صريخ المكروبين، يا مجيب دعوة المضطرين، اكشف همي، و كربي، فقد ترى حالي، و حال من معي. فنزل جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، إن الله عز و جل سمع مقالتك، و استجاب دعوتك، و كفاك هول من تحزب عليك و ناوأك. فجثا رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ركبتيه، و بسط يديه، و أرسل بالدمع عينيه، ثم نادى: شكرا، شكرا، كما آويتني، و آويت من معي. ثم قال جبرئيل (عليه السلام): يا رسول الله، إن الله قد نصرك، و بعث عليهم ريحا من سماء الدنيا فيها الحصى، و ريحا من السماء الرابعة فيها الجنادل.

قال حذيفة: فخرجت، فإذا أنا بنيران القوم قد طفئت، و خمدت، و أقبل جند الله الأول: ريح شديدة فيها الحصى، فما ترك لهم نارا إلا أخمدها، و لا خباء إلا طرحها، و لا رمحا إلا ألقاها، حتى جعلوا يتترسون من الحصى، و كنت أسمع وقع الحصى في الترسة.

و أقبل جند الله الأعظم، فقام أبو سفيان إلى راحلته، ثم صاح

في قريش: النجاء، النجاء ثم فعل عيينة بن حصن مثلها، و فعل الحارث بن عوف مثلها، و ذهب الأحزاب، و رجع حذيفة إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره الخبر، و أنزل الله على رسوله: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها «1» إلى ما شاء الله من السورة.

و أصبح رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالمسلمين حتى دخل المدينة، فضربت له ابنته فاطمة (عليها السلام) غسولا، فهي تغسل رأسه إذ أتاه جبرئيل (عليه السلام) على بغلة، معتجرا بعمامة بيضاء، عليه قطيفة من إستبرق، معلق عليها

__________________________________________________

2- إعلام الورى: 92.

(1) الأحزاب 33: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 438

الدر و الياقوت، عليه الغبار، فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فمسح الغبار عن وجهه، فقال له جبرئيل: رحمك الله، وضعت السلاح و لم يضعه أهل السماء؟ و ما زلت أتبعهم حتى بلغت الروحاء. ثم قال جبرئيل (عليه السلام): انهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب، فوالله لأدقنهم دق البيضة على الصخرة.

فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)، فقال: قدم راية المهاجرين إلى بني قريظة، و قال: عزمت عليكم ألا تصلوا العصر إلا في بني قريظة. فأقبل علي (عليه السلام)، و معه المهاجرون، و بنو عبد الأشهل، و بنو النجار كلها، لم يتخلف عنه منهم أحد، و جعل النبي (صلى الله عليه و آله) يسرب إليه الرجال، فما صلى بعضهم العصر إلا بعد العشاء، فأشرفوا عليه، و سبوه، و قالوا: فعل الله بك، و بابن عمك، و هو واقف لا يجيبهم، فلما أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و المسلمون حوله،

تلقاه أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قال: لا تأتهم- يا رسول الله، جعلني الله فداك- فإن الله سيجزيهم.

فعرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنهم قد شتموه، فقال: أما إنهم لو رأوني ما قالوا شيئا مما سمعت، و أقبل، ثم قال: يا إخوة القردة، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، يا عباد الطواغيت، اخسؤوا، أخسأكم الله. فصاحوا يمينا و شمالا: يا أبا القاسم، ما كنت فحاشا، فما بدا لك؟!».

قال الصادق (عليه السلام): «فسقطت العنزة «1» من يده، و سقط رداؤه من خلفه، و جعل يمشي إلى وراءه، حياء مما قال لهم.

فحاصرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) خمسا و عشرين ليلة، حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم بقتل الرجال، و سبي الذراري و النساء، و قسمة الأموال، و أن يجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.

فلما جي ء بالأسارى، حبسوا في دار، و امر بعشرة، فاخرجوا، فضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) أعناقهم، ثم امر بعشرة، فاخرجوا، فضرب الزبير أعناقهم، و كل رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا قتل الرجل و الرجلين». قال: «ثم انفجرت رمية سعد، و الدم ينضح حتى قضى، و نزع رسول الله (صلى الله عليه و آله) رداءه، فمشى في جنازته بغير رداء، و بعث عبد الله بن عتيك إلى خيبر، فقتل أبا رافع بن أبي الحقيق».

سورة الأحزاب(33): الآيات 28 الي 31 ..... ص : 438

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا وَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ

فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً

__________________________________________________

(1) العنزة: عصا في قدر نصف الرّمح أو أكثر شيئا، فيها سنان مثل سنان الرمح. «لسان العرب- عنز- 5: 384».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 439

- إلى قوله تعالى- وَ أَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً [28- 31]

8568/ [1]- محمد بن يعقوب: عن حميد، عن ابن سماعة، عن ابن رباط، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل خير امرأته، فاختارت نفسها، بانت منه؟ قال: «لا، إنما هذا شي ء كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) خاصة، امر بذلك ففعل، و لو اخترن أنفسهن لطلقهن، و هو قول الله عز و جل: قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا».

8569/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: ذكر أبو عبد الله (عليه السلام): «أن زينب قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تعدل و أنت رسول الله؟! و قالت حفصة: إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا. فاحتبس الوحي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) عشرين يوما- قال- فأنف الله عز و جل لرسوله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ إلى قوله: أَجْراً عَظِيماً- قال- فاخترن الله و رسوله، و لو اخترن أنفسهن لبن، و إن اخترن الله و رسوله فليس بشي ء».

8570/ [3]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، قال: «إن زينب بنت جحش قالت: أ يرى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إن خلى سبيلنا أنا لا نجد زوجا غيره! و قد كان اعتزل نساءه تسعا و عشرين ليلة. فلما قالت زينب الذي قالت، بعث الله عز و جل جبرئيل إلى محمد (صلى الله عليه و آله)، فقال: قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا الآيتين كلتيهما، فقلن: بل نختار الله، و رسوله، و الدار الآخرة».

8571/ [4]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن زينب بنت جحش قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تعدل و أنت نبي؟! فقال: «تربت يداك، إذا لم أعدل، فمن يعدل؟».

فقالت: دعوت الله- يا رسول الله- ليقطع يداي؟ فقال: «لا، و لكن لتتربان «1»».

فقالت: إنك إن طلقتنا وجدنا في قومنا أكفاء. فاحتبس الوحي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تسعا و عشرين ليلة». ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «فأنف الله عز و جل لرسوله، فأنزل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها الآيتين، فاخترن الله و رسوله، فلم يكن شيئا، و لو اخترن أنفسهن لبن».

__________________________________________________

1- الكافي 6: 137/ 3.

2- الكافي 6: 138/ 2.

3- الكافي 6: 138/ 4.

4- الكافي 6: 139/ 5.

(1) في «ج»: لتثريان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 440

8572/ [5]- ثم قال الكليني: و عنه، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، مثله.

ثم

قال الكليني: و بهذا الإسناد، عن يعقوب بن سالم، عن محمد بن مسلم،

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل إذا خير أهله؟ فقال: «إنما الخيرة لنا، ليس لأحد، و إنما رسول الله (صلى الله عليه و آله) لمكان عائشة، فاخترن الله و رسوله، و لم يكن لهن أن يخترن غير رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

8573/ [6]- و

عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، عن معاوية بن حكيم، عن صفوان، و علي بن الحسن بن رباط، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الخيار، فقال: «و ما هو، و ما ذاك؟

إنما ذاك شي ء كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

8574/ [7]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل أنف لرسوله (صلى الله عليه و آله) من مقالة قالتها بعض نسائه، فأنزل الله آية التخيير، فاعتزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) نساءه تسعا و عشرين ليلة في مشربة ام إبراهيم، ثم دعاهن، فخيرهن، فاخترنه، فلم يكن شيئا، و لو اخترن أنفسهن كانت واحدة بائنة».

قال: و سألته عن مقالة المرأة، ما هي؟ قال: فقال: «إنها قالت: يرى محمد أنه لو طلقنا أنه لا يأتينا الأكفاء من قومنا يتزوجونا».

8575/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن بعض نساء النبي (صلى الله عليه و آله) قالت: أ يرى محمد أنه لو طلقنا لا نجد الأكفاء من قومنا؟- قال- فغضب الله عز و

جل له من فوق سبع سماواته، فأمره، فخيرهن، حتى انتهى إلى زينب بنت جحش، فقامت، و قبلته، و قالت: أختار الله و رسوله».

8576/ [9]- علي بن إبراهيم: سبب نزولها: أنه لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزاة خيبر، و أصاب كنز آل أبي الحقيق، قلن أزواجه: أعطنا ما أصبت. فقال لهن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قسمته بين المسلمين على ما أمر الله» فغضبن من ذلك، و قلن: لعلك ترى أنك إن طلقتنا أنا لا نجد الأكفاء من قومنا يتزوجونا! فأنف الله لرسوله (صلى الله عليه و آله)، فأمره أن يعتزلهن، فاعتزلهن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مشربة ام إبراهيم تسعة و عشرين يوما، حتى حضن و طهرن، ثم أنزل الله هذه الآية، و هي آية التخيير، فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ الآية، فقامت ام سلمة، و هي أول من قامت، فقالت: قد اخترت الله

__________________________________________________

5- الكافي 6: 139/ 6. [.....]

6- الكافي 6: 136/ 1.

7- الكافي 6: 137/ 1.

8- الكافي 6: 138/ 3.

9- تفسير القمّي 2: 192.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 441

و رسوله. فقمن كلهن فعانقنه، و قلن مثل ذلك، فأنزل الله: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ «1»، قال الصادق (عليه السلام): «من آوى فقد نكح، و من أرجى فقد طلق».

و قوله: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ مع هذه الآية: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا وَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ

فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً و قد أخرت عنها في التأليف.

ثم خاطب الله عز و جل نساء نبيه، فقال: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ إلى قوله تعالى: نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَ أَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً.

8577/ [10]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أجرها مرتين، و عذابها ضعفين، كل هذا في الآخرة، حيث يكون الأجر، يكون العذاب».

8578/ [11]- ثم

قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن غالب، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد، عن حريز، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ، قال: «الفاحشة: الخروج بالسيف».

8579/ [12]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن كرام، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «أ تدري ما الفاحشة المبينة؟» قلت: لا. قال: «قتال أمير المؤمنين (عليه السلام)» يعني أهل الجمل.

8580/ [13]- الطبرسي: روى محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن علي بن عبيد الله «2» بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، أنه قال له رجل: إنكم أهل بيت مغفور لكم. قال:

فغضب، و قال: «نحن أحرى أن يجري فينا ما أجرى الله في أزواج النبي (صلى الله عليه و آله) من أن يكون «3» كما تقول، إنا نرى لمحسننا ضعفين من الأجر، و لمسيئنا ضعفين من العذاب». ثم قرأ الآيتين.

__________________________________________________

10- تفسير القمّي 2: 193.

11-

تفسير القمّي 2: 193.

12- تأويل الآيات 2: 453/ 13.

13- مجمع البيان 8: 556.

(1) الأحزاب: 33/ 51.

(2) في جميع النسخ و المصدر: علي بن عبد اللّه، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع معجم رجال الحديث 11: 68 و 12 لا 88 و 89.

(3) في المصدر: نكون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 442

سورة الأحزاب(33): الآيات 33 الي 35 ..... ص : 442

قوله تعالى:

وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى [33]

8581/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام)، في هذه الآية: وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى قال: «أي ستكون جاهلية اخرى».

8582/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الجنيد الرازي، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا الحسن بن علي، عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن مسعود، قال: قلت للنبي (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله، من يغسلك إذا مت؟ قال: «يغسل كل نبي وصيه». قلت: فمن وصيك، يا رسول الله؟ قال: «علي بن أبي طالب».

قلت: كم يعيش بعدك يا رسول الله؟ قال: «ثلاثين سنة، فإن يوشع بن نون وصي موسى عاش بعد موسى ثلاثين سنة، و خرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى (عليه السلام)، فقالت: أنا أحق منك بالأمر. فقاتلها، فقتل مقاتليها، و أسرها فأحسن أسرها، و إن ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا و كذا ألفا من أمتي، فيقاتلها، فيقتل مقاتليها، و يأسرها فيحسن أسرها، و فيها

أنزل الله عز و جل: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى يعني صفراء بنت شعيب».

قوله تعالى:

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [33]

8583/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن المفضل بن صالح، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «و قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً يعني الأئمة (عليهم السلام)، و ولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبي (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 193.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 27.

3- الكافي 1: 350/ 54. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 443

8584/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، و علي بن محمد، عن سهل بن زياد أبي سعيد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «1». قال: «نزلت في علي بن أبي طالب، و الحسن و الحسين (عليهم السلام)».

فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا و أهل بيته (عليهم السلام) في كتاب الله عز و جل؟ قال: فقال:

«قولوا لهم: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نزلت عليه الصلاة و لم يسم الله لهم ثلاثا، و لا أربعا، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهما،

حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم، و نزل الحج و لم يقل لهم طوفوا سبعا، حتى كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الذي فسر ذلك لهم.

و نزلت أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و نزلت في علي، و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه. و قال (صلى الله عليه و آله):

أوصيكم بكتاب الله و أهل بيتي، فإني سألت الله عز و جل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك. و قال: لا تعلموهم، فهم أعلم منكم. و قال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، و لن يدخلوكم في باب ضلالة.

فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان، و آل فلان، و لكن الله عز و جل نزل في كتابه تصديقا لنبيه (صلى الله عليه و آله): إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فكان علي، و الحسن، و الحسين، و فاطمة (عليهم السلام)، فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) تحت الكساء، في بيت أم سلمة، ثم قال: اللهم، إن لكل نبي أهلا و ثقلا، و هؤلاء أهل بيتي و ثقلي. فقالت ام سلمة: أ لست من أهلك؟ فقال:

إنك إلى خير، و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي.

فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان علي أولى الناس بالناس، لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أقامه للناس، و أخذ بيده، فلما مضى علي

لم يكن يستطيع علي- و لم يكن ليفعل- أن يدخل محمد بن علي، و لا العباس بن علي، و لا واحدا من ولده، إذا لقال الحسن و الحسين: إن الله تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك، و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، و بلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك، و أذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك.

فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن (عليه السلام) أولى بها لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده، و لم يكن ليفعل ذلك، و الله عز و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «2» فيجعلها في ولده، إذن لقال الحسين (عليه السلام): أمر الله تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك، و بلغ في رسول الله (صلى الله عليه و آله) كما بلغ فيك و في أبيك، و أذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك.

__________________________________________________

2- الكافي 1: 226/ 1.

(1) النساء 4: 59.

(2) الأنفال 8: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 444

فلما صارت إلى الحسين (عليه السلام) لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه، و على أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه، و لم يكونا ليفعلا، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السلام)، فجرى تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ، ثم صارت من بعد الحسين لعلي ابن الحسين (عليه السلام)، ثم صارت من بعد علي بن الحسين (عليه السلام) إلى محمد بن علي (عليه السلام)». و قال: «الرجس:

هو الشك، و الله لا نشك في

ربنا أبدا».

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر، و عمران بن علي الحلبي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثل ذلك «1».

8585/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الرجس: هو الشك، و لا نشك في ديننا أبدا».

8586/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قال: «الرجس: هو الشك».

8587/ [5]- قال: حدثنا علي بن الحسين بن محمد، قال: حدثنا هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسر من رأى، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن علي (عليهم السلام)، قال: «دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيت ام سلمة، و قد نزلت عليه هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، هذه الآية نزلت فيك، و في سبطي، و الأئمة من ولدك.

فقلت: يا رسول الله، و كم الأئمة من بعدك؟ قال: أنت- يا علي- ثم ابناك: الحسن،

و الحسين، و بعد الحسين علي ابنه، و بعد علي محمد ابنه، و بعد محمد جعفر ابنه، و بعد جعفر موسى ابنه، و بعد موسى علي ابنه، و بعد علي محمد ابنه، و بعد محمد علي ابنه، و بعد علي الحسن ابنه، و الحجة من ولد الحسين هكذا وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت الله تعالى عن ذلك، فقال: يا محمد، هم الأئمة بعدك، مطهرون معصومون، و أعداؤهم ملعونون».

__________________________________________________

3- بصائر الدرجات: 226/ 13.

4- معاني الأخبار: 138/ 1.

5- كفاية الأثر: 155.

(1) الكافي 1: 228.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 445

8588/ [6]- و

عنه، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما عنى الله عز و جل بقوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً؟

قال: «نزلت في النبي، و أمير المؤمنين، و الحسن، و الحسين، و فاطمة (صلوات الله عليهم أجمعين)، فلما قبض الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله) كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إماما، ثم الحسن (عليه السلام)، ثم الحسين (عليه السلام)، ثم وقع تأويل هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «1»، و كان علي بن الحسين (عليه السلام) إماما، ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء (عليهم السلام)، فطاعتهم طاعة الله، و معصيتهم معصية الله عز و جل».

8589/ [7]- و

عنه: عن علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا:

حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن

الريان بن الصلت، عن الرضا (عليه السلام)، في حديث المأمون و العلماء و سؤالهم للرضا (عليه السلام)، فكان فيه: قال (عليه السلام): «فصارت الوراثة للعترة الطاهرة، لا لغيرهم».

فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟

فقال الرضا (عليه السلام): «الذين وصفهم الله تعالى في كتابه، فقال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، ألا و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. أيها الناس، لا تعلموهم، فإنهم أعلم منكم».

و في الحديث: قالت العلماء: فأخبرنا، هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا (عليه السلام): «فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا و موطنا: فأول ذلك، قوله تعالى: «و أنذر عشيرتك الأقربين و رهطك المخلصين» هكذا في قراءة أبي بن كعب، و هي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود، و هذه منزلة رفيعة، و فضل عظيم، و شرف عال حين عنى الله عز و جل بذلك الآل، فذكره لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهذه واحدة، و الآية الثانية في الاصطفاء: قوله عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هذا الفضل الذي لا يجهله أحد إلا معاند أصلا، لأنه فضل بعد طهارة تنتظر، فهذه الثانية»

و ساق الحديث بذكر الاثني عشر.

8590/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن أبي الجارود،

و هشام أبي ساسان، و أبي طارق السراج، عن عامر بن واثلة، قال: كنت في البيت يوم الشورى، فسمعت عليا (عليه السلام) و هو

__________________________________________________

6- علل الشرائع: 205/ 2.

7- الأمالي: 421/ 1.

8- الخصال: 553/ 31.

(1) الأنفال 8: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 446

يقول: «استخلف الناس أبا بكر و أنا- و الله- أحق بالأمر، و أولى به منه، و استخلف أبو بكر عمر و أنا و الله أحق بالأمر، و أولى به منه، إلا أن عمر جعلني مع خمسة أنا سادسهم، لا يعرف لهم علي فضل، و لو أشاء لاحتججت عليهم بما لا يستطيع عربيهم و لا عجميهم، المعاهد منهم و المشرك تغيير ذلك».

ثم ذكر (عليه السلام) ما احتج به على أهل الشورى، فقال في ذلك: «نشدتكم بالله، هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسوله (صلى الله عليه و آله): إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) كساء خيبريا، فضمني فيه، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، ثم قال: يا رب إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا؟». قالوا: اللهم لا.

8591/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني، قال:

حدثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي، قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد، قال: حدثني أحمد بن التغلبي، قال: حدثني أحمد بن عبد الحميد، قال: حدثني حفص بن منصور العطار، قال: حدثنا أبو سعيد الوراق، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «لما كان من أمر أبي بكر و بيعة الناس له، و فعلهم بعلي بن

أبي طالب (عليه السلام) ما كان، لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط، و يرى منه انقباضا، فكبر ذلك على أبي بكر، فأحب لقاءه، و استخراج ما عنده، و المعذرة إليه لما اجتمع الناس عليه، و تقليدهم إياه أمر الامة، و قلة رغبته في ذلك، و زهده فيه، أتاه في وقت غفلة، و طلب منه الخلوة، و قال له: و الله- يا أبا الحسن- ما كان هذا الأمر مواطأة مني، و لا رغبة فيما وقعت فيه، و لا حرصا عليه، و لا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمة، و لا قوة لي بمال، و لا كثرة العشيرة، و لا ابتزازا له دون غيري، فما لك تضمر علي ما لا أستحق منك، و تظهر لي الكراهة فيما صرت إليه، و تنظر إلي بعين السأمة مني؟».

قال: «فقال له علي (عليه السلام): فما حملك عليه إذا لم ترغب فيه، و لا حرصت عليه، و لا وثقت بنفسك في القيام به و بما يحتاج منك فيه؟

فقال أبو بكر: حديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله لا يجمع امتي على ضلال، و لما رأيت اجتماعهم اتبعت حديث النبي (صلى الله عليه و آله)، و أحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى، و أعطيتهم قود الإجابة، و لو علمت أن أحدا يتخلف لامتنعت».

قال: «فقال علي (عليه السلام): أما ما ذكرت من حديث النبي (صلى الله عليه و آله): إن الله لا يجمع امتي على ضلال، أ فكنت من الامة، أو لم أكن؟ قال: بلى. قال: و كذلك العصابة الممتنعة عليك: من سلمان، و عمار، و أبي ذر، و المقداد، و ابن عبادة، و من معه من

الأنصار؟ قال: كل من الامة. فقال علي (عليه السلام): فكيف تحتج بحديث النبي (صلى الله عليه و آله) و أمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك، و ليس من الامة فيهم طعن، و لا في صحبة الرسول (صلى الله عليه و آله) و نصيحته منهم تقصير؟!

__________________________________________________

9- الخصال: 548/ 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 447

قال: ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر، و خفت إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين، و كان ممارستكم إلي- إن أجبتم- أهون مؤونة على الدين، و أبقى له من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعون كفارا، و علمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم، و على أديانهم.

قال علي (عليه السلام): أجل، و لكن أخبرني عن الذي يستحق هذا الأمر، بما يستحقه؟ فقال أبو بكر: بالنصيحة، و الوفاء، و رفع المداهنة و المحاباة، و حسن السيرة، و إظهار العدل، و العلم بالكتاب و السنة و فصل الخطاب، مع الزهد في الدنيا و قلة الرغبة فيها، و إنصاف المظلوم من الظالم، القريب و البعيد. ثم سكت. فقال علي (عليه السلام):

نشدتك بالله- يا أبا بكر- أفي نفسك تجد هذه الخصال، أو في؟ قال: بل فيك، يا أبا الحسن».

ثم ذكر علي (عليه السلام) ما احتج به على أبي بكر مما جاء فيه عن الله سبحانه، و عن رسوله (صلى الله عليه و آله)، إلى أن قال (عليه السلام): «أنشدك بالله، ألي و لأهلي و ولدي آية التطهير من الرجس، أم لك، و لأهل بيتك؟ قال: بل لك و لأهل بيتك، قال: فأنشدك بالله، أنا صاحب دعوة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أهلي، و ولدي يوم الكساء:

اللهم هؤلاء أهلي، إليك لا إلى النار، أم أنت؟ قال: بل أنت، و أهلك، و ولدك.

و ذكر له أمير المؤمنين (عليه السلام) سبعين منقبة- ثم ذكر في الحديث بعد ذكر السبعين منقبة-: فلم يزل (عليه السلام) يعد عليه مناقبه التي جعلها الله عز و جل له دونه، و دون غيره، و يقول له أبو بكر: بل أنت. قال: فبهذا و شبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد (صلى الله عليه و آله). فقال له علي (عليه السلام): فما الذي غرك عن الله، و عن رسوله، و عن دينه، و أنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه؟ قال: فبكى أبو بكر، و قال: صدقت- يا أبا الحسن- أنظرني يومي هذا، فأدبر ما أنا فيه، و ما سمعت منك. قال،: فقال له علي (عليه السلام): لك ذلك، يا أبا بكر.

فرجع من عنده، و خلا بنفسه يومه، و لم يأذن لأحد إلى الليل، و عمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعلي (عليه السلام)، فبات في ليلته، فرأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) في منامه متمثلا له في مجلسه، فقام إليه أبو بكر ليسلم عليه، فولى وجهه، فقال أبو بكر: يا رسول الله، هل أمرت بأمر فلم أفعل؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أرد السلام عليك، و قد عاديت من ولاه الله و رسوله «1»! رد الحق إلى أهله. قال: فقلت: من أهله؟ قال: من عاتبك عليه، و هو علي. قال: فقد رددت عليه- يا رسول الله- بأمرك.

قال: فأصبح، و بكى، و قال لعلي (عليه السلام): ابسط يدك فبايعه، و سلم إليه الأمر، و قال له: نخرج إلى مسجد رسول الله (صلى الله

عليه و آله)، فأخبر الناس بما رأيته في ليلتي، و ما جرى بيني و بينك، فاخرج نفسي من هذا الأمر، و اسلم عليك بالإمرة. قال: فقال علي (عليه السلام): نعم. فخرج من عنده متغيرا لونه، فصادفه عمر، و هو في طلبه، فقال له: ما حالك، يا خليفة رسول الله؟ فأخبره بما كان منه، و ما رأى، و ما جرى بينه و بين علي (عليه السلام)، فقال له عمر: أنشدك بالله- يا خليفة رسول الله- أن تغتر بسحر بني هاشم، فليس هذا بأول سحر منهم. فما زال به حتى رده عن رأيه، و صرفه عن عزمه، و رغبه فيما هو فيه، و أمره بالثبات عليه، و القيام به».

__________________________________________________

(1) في المصدر: عاديت اللّه و رسوله و عاديت من والى اللّه و رسوله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 448

قال: «فأتى علي (عليه السلام) المسجد للميعاد، فلم يرد فيه منهم أحد، فأحس بالشر منهم، فقعد إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فمر به عمر، فقال له: يا علي، دون ما تروم خرط القتاد «1». فعلم بالأمر، و قام، و رجع إلى بيته».

8592/ [10]- و

عنه: بالإسناد عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه)، و عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في حديث مع رأس اليهود، فيما يمتحن به الأوصياء، و ذكر الحديث، إلى أن قال علي (عليه السلام): « [و رأيت تجرع الغصص، و رد أنفاس الصعداء، و لزوم الصبر حتى يفتح الله أو يقضي بما أحب، أزيد لي في حظي و أرفق بالعصابة التي وصفت أمرهم وَ كانَ أَمْرُ

اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً «2»، و لو لم أتق هذه الحالة- يا أخا اليهود- ثم طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و من بحضرتك منهم بأني كنت أكثر عددا، و أعز عشيرة، و أمنع رجالا، و أطوع أمرا، و أوضح حجة، و أكثر في هذا الدين مناقب و آثارا، لسوابقي، و قرابتي، و وراثتي، فضلا عن استحقاقي ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها، و البيعة المتقدمة في أعناقهم ممن تناولها.

و قد قبض محمد (صلى الله عليه و آله) و إن ولاية الامة في يده، و في بيته، لا في يد الاولى تناولوها، و لا في بيوتهم، و لأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا أولى بالأمر بعده من غيرهم في جميع الخصال». ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه، فقال: «أليس كذلك؟» قالوا: بلى، يا أمير المؤمنين.

و الحديث مختصر، و تقدم سنده في قوله تعالى: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ «3»، الآية.

8593/ [11]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، و محمد بن أحمد السناني، و علي بن أحمد بن موسى الدقاق، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا:

حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا و

قد شركته فيها، و فضلته، و لي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم».

قلت: يا أمير المؤمنين، فأخبرني بهن. فذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) المناقب، إلى أن قال (عليه السلام): «و أما السبعون: فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نام، و نومني، و زوجتي فاطمة، و ابني الحسن و الحسين، و ألقى علينا عباءة قطوانية، فأنزل الله تبارك و تعالى فينا: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و قال جبرئيل (عليه السلام): أنا منكم، يا محمد فكان سادسنا جبرئيل (عليه السلام)».

__________________________________________________

10- الخصال: 374. [.....]

11- الخصال: 572/ 1.

(1) مثل يضرب للأمر الشاقّ. «المستقصى في أمثال العرب 2: 82». و القتاد: شجر ذو شوك. «لسان العرب- قتد- 3: 342».

(2) الأحزاب 33: 38.

(3) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآيتين (24، 23) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 449

8594/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عثمان بن عيسى، و حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبي بكر: يا أبا بكر، تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فيمن نزلت، فينا أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم».

8595/ [13]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن علي بن بزيع، عن إسماعيل بن بشار الهاشمي، عن قتيبة بن محمد الأعشى، عن هاشم بن البريد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في

بيت ام سلمة، فأتي بحريرة «1»، فدعا عليا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام) فأكلوا منها، ثم جلل عليهم كساء خيبريا، ثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً». فقالت ام سلمة: و أنا منهم، يا رسول الله؟ قال: «أنت إلى خير».

8596/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمارة، قال: حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): إن الله عز و جل فضلنا أهل البيت، و كيف لا يكون كذلك، و الله عز و جل يقول في كتابه: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»؟ فقد طهرنا الله من الفواحش، ما ظهر منها و ما بطن، فنحن على منهاج الحق».

8597/ [15]- و

عنه، قال: حدثنا عبد الله بن علي بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن محمد، عن علي بن جعفر ابن محمد، عن الحسين بن زيد، عن عمر بن علي (عليه السلام)، قال: خطب الحسن بن علي (عليهما السلام) الناس حين قتل علي (عليه السلام)، فقال: «قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعلم، و لا يدركه الآخرون، ما ترك على ظهر الأرض صفراء، و لا بيضاء، إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله».

ثم قال: «أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، و أنا ابن البشير النذير، الداعي إلى الله بإذنه، و السراج المنير، أنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرئيل و يصعد، أنا من أهل البيت

الذين أذهب الله عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا».

8598/ [16]- و

عنه، قال: حدثنا مظفر «2» بن يونس بن مبارك، عن عبد الأعلى بن حماد، عن مخول بن __________________________________________________

12- تفسير القمّي 2: 156.

13- تأويل الآيات 2: 457/ 21.

14- تأويل الآيات 2: 458/ 22.

15- تأويل الآيات 2: 458/ 23.

16- تأويل الآيات 2: 459/ 24.

(1) الحريرة: دقيق يطبخ بلبن أو دسم. «المعجم الوسيط 1: 166».

(2) في المصدر: محمد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 450

إبراهيم، عن عبد الجبار بن «1» العباس، عن عمار الدهني، عن عمرة بنت أفعى، عن ام سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في بيتي، و في البيت سبعة: جبرئيل، و ميكائيل، و رسول الله، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين). قالت: و كنت على الباب، فقلت: يا رسول الله، أ لست من أهل البيت؟ قال: «إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي». و ما قال إنك من أهل البيت.

8599/ [17]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر (رحمه الله)، قال: حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة، قال: حدثنا عبدوس بن محمد الحضرمي، قال: حدثني محمد بن فرات، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يأتينا كل غداة، فيقول: الصلاة يرحمكم الله، الصلاة إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

و رواه الشيخ المفيد في (أماليه)، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر، و ساق الحديث بباقي السند و المتن «2».

8600/ [18]- و

عنه: عن أبي عمر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا الحسين بن

عبد الرحمن بن محمد الأزدي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد النور بن عبد الله بن شيبان، قال: حدثنا سليمان بن قرم، قال:

حدثني أبو الجحاف، و سالم بن أبي حفصة، عن نفيع أبي داود، عن أبي الحمراء، قال: شهدت النبي (صلى الله عليه و آله) أربعين صباحا يجي ء إلى باب علي و فاطمة (عليهما السلام)، فيأخذ بعضادتي الباب، ثم يقول: «السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله، الصلاة، يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8601/ [19]- و

عنه، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، قال: حدثنا أحمد بن محمد، يعني ابن سعيد بن عقدة، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن المغيرة مولى أم سلمة، عن ام سلمة زوج النبي (صلى الله عليه و آله)، أنها قالت: نزلت هذه الآية في بيتها: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، أمرني رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن أرسل إلى علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، فلما أتوه اعتنق عليا (عليه السلام) بيمينه، و الحسن (عليه السلام) بشماله، و الحسين (عليه السلام) على بطنه، و فاطمة (عليها السلام)، عند رجليه، ثم قال: «اللهم، هؤلاء أهلي، و عترتي فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قالها ثلاث مرات، قلت: فأنا، يا رسول الله؟ فقال: «إنك إلى خير، إن شاء الله».

__________________________________________________

17- الأمالي 1: 87.

18- الأمالي 1: 256.

19- الأمالي 1: 269. [.....]

(1) في «ج» و «ط» نسخة بدل: عن.

(2) الأمالي: 318/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4،

ص: 451

8602/ [20]- و

عنه، بإسناده عن علي بن الحسين (عليه السلام)، عن ام سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في بيتي، و في يومي، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) عندي، فدعا عليا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و جاء جبرئيل فمد عليهم كساء فدكيا، ثم قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي- اللهم- أذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قال جبرئيل: «و أنا منكم، يا محمد؟» فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «و أنت منا، يا جبرئيل».

قالت ام سلمة: فقلت: يا رسول الله، و أنا من أهل بيتك، فجئت لأدخل معهم، فقال: «كوني مكانك، يا ام سلمة، إنك إلى خير، أنت من أزواج نبي الله». فقال جبرئيل: «اقرأ، يا محمد: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» في النبي، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (صلوات الله عليهم).

8603/ [21]- و

عنه، قال: أخبرنا الحفار، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمار الجعابي الحافظ، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه، قال: حدثني الحسن بن علي الهاشمي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه و آله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) ففتح الله عليه، و أوقفه يوم غدير خم، فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة، و قال له: «أنت مني، و أنا منك». و قال له: «تقاتل على التأويل كما قاتلت أنا على التنزيل». و قال له:

«أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي

بعدي». و قال له: «أنا سلم لمن سالمت، و حرب لمن حاربت».

و قال له: «أنت العروة الوثقى».

و قال له: «أنت تبين لهم ما أشتبه عليهم بعدي». و قال له: «أنت إمام كل مؤمن و مؤمنة، و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي». و قال له: «أنت الذي أنزل الله فيه: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ «1»».

و قال له: «أنت الآخذ بسنتي، و الذاب عن ملتي». و قال له: «أنا أول من تنشق عنه الأرض، و أنت معي». و قال له: «أنا عند الحوض، و أنت معي». و قال له: «أنا أول من يدخل الجنة، و أنت بعدي تدخلها، و الحسن، و الحسين، و فاطمة». و قال له: «إن الله أوحى إلي أن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس، و بلغتهم ما أمرني الله بتبليغه». و قال له:

«اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي، أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون».

ثم بكى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقيل: مم بكاؤك، يا رسول الله؟ قال: «أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه، و يمنعونه حقه، و يقاتلونه، و يقتلون ولده، و يظلمونهم بعده، و أخبرني جبرئيل (عليه السلام) عن الله عز و جل أن ذلك يزول إذا قام قائمهم، و علت كلمتهم، و اجتمعت الامة على محبتهم، و كان الشانئ لهم قليلا، و الكاره لهم ذليلا، و كثر المادح لهم، و ذلك حين تغير البلاد، و ضعف العباد، و الإياس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم فيهم «2»».

فقيل له: ما اسمه؟ قال النبي (صلى الله عليه و آله): «اسمه كاسمي، و اسم أبيه كاسم أبي، و هو

من ولد ابنتي، يظهر

__________________________________________________

20- الأمالي: 1: 378.

21- الأمالي 1: 361.

(1) التوبة 9: 3.

(2) في المصدر: منهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 452

الله الحق بهم، و يخمد الباطل بأسيافهم، و يتبعهم الناس بين راغب إليهم، و خائف منهم».

قال: و سكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «معاشر المؤمنين، أبشروا بالفرج، فإن وعد الله لا يخلف، و قضاؤه لا يرد، و هو الحكيم الخبير، فإن فتح الله قريب، اللهم إنهم أهلي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم «1»، و ارعهم، و كن لهم، و احفظهم، و انصرهم، و أعنهم، و أعزهم، و لا تذلهم، و اخلفني فيهم، إنك على كل شي ء قدير».

و روى هذا الحديث من طريق المخالفين موفق بن أحمد، قال: أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك ابن علي بن محمد الهمداني إجازة، أخبرنا محمد بن الحسين بن علي البزاز، أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد العزيز، أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر، حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الحافظ، حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه، حدثنا الحسن بن علي الهاشمي، حدثني إسماعيل بن أبان، حدثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه و آله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ففتح الله تعالى عليه، و أوقفه يوم غدير خم، و أعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة. و ساق الحديث إلى آخره «2».

8604/ [22]- و

عنه، في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن

عبيد الله الغداني، قال: حدثنا الربيع بن يسار، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه): أن عليا (عليه السلام)، و عثمان، و طلحة، و الزبير، و عبد الرحمن بن عوف، و سعد بن أبي وقاص، أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا، و يغلقوا عليهم بابه، و يتشاوروا في أمرهم، و أجلهم ثلاثة أيام، فإن توافق خمسة على قول واحد و أبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، و إن توافق أربعة و أبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه، و إن يكن باطلا فأنكروه». قالوا: قل.

فذكر من فضائله عن الله سبحانه، و عن رسوله (صلى الله عليه و آله)، و هم يوافقونه، و يصدقونه فيما قال، و كان فيما قال (عليه السلام): «فهل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير، حيث يقول الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً غيري، و زوجتي، و ابني؟». قالوا: لا.

و عنه، قال: حدثنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن أبي معشر السلمي الحراني بحران، قال: حدثنا أحمد بن الأسود أبو علي الحنفي القاضي، قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص العائشي التيمي، قال: حدثني أبي، عن عمر بن أذينة العبدي، عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي الهنائي، قال:

حدثنا أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن أبيه أبي الأسود، قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب جعل الأمر

__________________________________________________

22- الأمالي 2: 159.

(1) كلأه: أي

حفظه و حرسه. «الصحاح- كلأ- 1: 69».

(2) مناقب الخوارزمي: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 453

بين ستة نفر: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و عثمان بن عفان، و عبد الرحمن بن عوف، و طلحة، و الزبير، و سعد بن مالك، و عبد الله بن عمر معهم، و يشهد النجوى و ليس له في الأمر نصيب. و ذكر حديث المناشدة، نحوه «1».

8605/ [23]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جورية الجنديسابوري من أصل كتابه، قال: حدثنا علي بن منصور الترجماني، قال: أخبرنا الحسن بن عنبسة النهشلي، قال: حدثنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، أنه ذكر عنده علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: إن قوما ينالون منه، أولئك هم وقود النار، و لقد سمعت عدة من أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله)، منهم: حذيفة بن اليمان، و كعب بن عجرة، يقول كل رجل منهم: لقد اعطي علي (عليه السلام) ما لم يعطه بشر: هو زوج فاطمة سيدة نساء الأولين و الآخرين، فمن رأى مثلها، أو سمع أنه تزوج بمثلها أحد في الأولين و الآخرين؟

و هو أبو الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة من الأولين و الآخرين، فمن له- أيها الناس- مثلهما؟

و رسول الله (صلى الله عليه و آله) حموه، و هو وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أهله و أزواجه، و سد الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه، و هو صاحب باب خيبر، و هو صاحب الراية يوم خيبر، و تفل رسول الله (صلى الله عليه و آله) يومئذ في عينيه و

هو أرمد، فما اشتكاهما من بعد، و لا وجد حرا و لا قرا بعد يومه ذلك.

و هو صاحب يوم غدير خم، إذ نوه رسول الله (صلى الله عليه و آله) باسمه، و ألزم أمته ولايته، و عرفهم بخطره، و بين لهم مكانه، فقال: «أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: الله، و رسوله. قال: «فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه». و هو صاحب العباء، و من أذهب الله عز و جل عنه الرجس و طهره تطهيرا، و هو صاحب الطائر، حين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي». فجاء علي (عليه السلام) فأكل معه.

و هو صاحب سورة براءة، حين نزل بها جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد سار أبو بكر بالسورة، فقال له: «يا محمد، إنه لا يبلغها إلا أنت، أو علي، إنه منك و أنت منه». فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) منه في حياته، و بعد وفاته.

و هو عيبة علم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و من قال له النبي (صلى الله عليه و آله): «أنا مدينة العلم و علي بابها، فمن أراد العلم فليأتي المدينة من بابها» كما أمر الله، فقال: وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «2».

و هو مفرج الكرب عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الحروب، و هو أول من آمن برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و صدقه و اتبعه، و هو أول من صلى. فمن أعظم فرية على الله، و على رسوله (صلى الله عليه و آله)، ممن قاس به أحدا، أو شبه به بشرا!

__________________________________________________

23-

الأمالي 2: 170.

(1) الأمالي 2: 169.

(2) البقرة 2: 189.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 454

8606/ [24]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، و سألته، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: «لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر، و أمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة. ثم تكلم معاوية، فقال:

أيها الناس، هذا الحسن بن علي، و ابن فاطمة، رآنا للخلافة أهلا، و لم ير نفسه لها أهلا، و قد أتانا ليبايع طوعا.

ثم قال: قم، يا حسن. فقام الحسن (عليه السلام)، فخطب، فقال: «الحمد لله المتحمد «1» بالآلاء و تتابع النعماء، و صارف الشدائد و البلاء عند الفهماء و غير الفهماء المذعنين من عباده، لامتناعه بجلاله و كبريائه و علوه عن لحوق الأوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته و وحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، و أشهد أن محمدا (صلى الله عليه و آله) عبده و رسوله، اصطفاه و انتجبه و ارتضاه، و بعثه داعيا إلى الحق، و سراجا منيرا، و للعباد مما يخافون نذيرا، و لما يأملون بشيرا، فنصح الامة، و صدع بالرسالة، و أبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت و احشر، و

بها في الآجلة أقرب و احبر.

و أقول- معشر الخلائق- فاسمعوا، و لكم أفئدة و أسماع، فعوا: إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام، و اختارنا، و اصطفانا، و اجتبانا، فأذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا، و الرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق و دينه أبدا، و طهرنا من كل أفن «2» و غية «3»، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الأمور، و أفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) للنبوة، و اختاره للرسالة، و أنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله عز و جل، فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله تعالى و لرسوله (صلى الله عليه و آله)، و أول من آمن و صدق الله و رسوله، و قد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «4»، فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الذي على بينة من ربه، و أبي الذي يتلوه، و هو شاهد منه.

و قد قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أمره أن يسير إلى مكة و الموسم ببراءة: سر بها- يا علي- فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا، أو رجل مني، و أنت هو يا علي. فعلي من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رسول الله منه. و قال له نبي الله (صلى الله عليه و آله) حين قضى بينه و بين أخيه جعفر بن أبي طالب (عليهما السلام) و مولاه زيد بن حارثة، في ابنة حمزة: أما أنت- يا علي- فمني،

و أنا منك، و أنت ولي كل مؤمن بعدي.

__________________________________________________

24- الأمالي 2: 174.

(1) في «ط» و المصدر: المستحمد. [.....]

(2) الأفن: النقص. «الصحاح- أفن- 5: 2071».

(3) في «ي، ط» و المصدر: و عيبة.

(4) هود 11: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 455

فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) سابقا، و وقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في كل موطن يقدمه، و لكل شديدة يرسله، ثقة منه به، و طمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله عز و جل و رسوله و إنه أقرب المقربين من الله و رسوله، و قد قال الله عز و جل: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «1» فكان أبي سابق السابقين إلى الله عز و جل و إلى رسوله (صلى الله عليه و آله)، و أقرب الأقربين.

و قد قال الله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً «2»، فأبي كان أولهم إسلاما و إيمانا، و أولهم إلى الله و رسوله هجرة و لحوقا، و أولهم على وجده «3» و وسعه نفقة.

قال سبحانه: وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «4»، فالناس من جميع الأمم يستغفرون له، لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيه (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد، و قد قال الله تعالى: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ «5» فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز و جل فضل السابقين على المتخلفين و المتأخرين، فكذلك

فضل سابق السابقين على السابقين، و قد قال الله عز و جل: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ «6»، فهو المؤمن بالله، و المجاهد في سبيل الله حقا، و فيه نزلت هذه الآية.

و كان ممن استجاب لرسول الله (صلى الله عليه و آله) عمه حمزة، و جعفر ابن عمه، فقتلا شهيدين (رضي الله عنهما) في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجعل الله تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم، و جعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، و ذلك لمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و منزلتهما، و قرابتهما منه (صلى الله عليه و آله)، و صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

و كذلك جعل الله تعالى لنساء النبي (صلى الله عليه و آله)، للمحسنة منهن أجرين، و للمسيئة منهن وزرين ضعفين، لمكانهن من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و جعل الصلاة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) بألف صلاة في سائر المساجد إلا المسجد الحرام، و مسجد خليله إبراهيم (عليه السلام) بمكة، و ذلك لمكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ربه.

و فرض الله عز و جل الصلاة على نبيه (صلى الله عليه و آله)، على كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله، كيف الصلاة

__________________________________________________

(1) الواقعة 56: 10 و 11.

(2) الحديد 57: 10.

(3) الوجد: اليسار و السّعة. «لسان العرب- وجد- 3: 445».

(4) الحشر 59: 10.

(5) التوبة 9: 100.

(6) التوبة 9: 19.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 4، ص: 456

عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد و آل محمد. فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) فريضة واجبة.

و أحل الله تعالى خمس الغنيمة لرسوله (صلى الله عليه و آله)، و أوجبها له في كتابه، و أوجب لنا من ذلك ما أوجب له، و حرم عليه الصدقة، و حرمها علينا معه، فأدخلنا- و له الحمد- فيما أدخل فيه نبيه (صلى الله عليه و آله)، و أخرجنا و نزهنا مما أخرجه منه و نزهه عنه، كرامة أكرمنا الله عز و جل بها، و فضيلة فضلنا بها على سائر العباد، فقال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه و آله) حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجوه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «1»، فأخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الأنفس معه أبي، و من البنين أنا و أخي، و من النساء فاطمة امي من الناس جميعا، فنحن أهله، و لحمه، و دمه، و نفسه، و نحن منه، و هو منا.

و قد قال الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنا، و أخي، و امي، و أبي، فجللنا و نفسه في كساء لام سلمة خيبري، و ذلك في حجرتها، و في يومها، فقال: اللهم، هؤلاء أهل بيتي، و هؤلاء أهلي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا. فقالت ام سلمة (رضي الله عنها): أدخل معهم، يا رسول

الله؟ فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): يرحمك الله، أنت على خير، و إلى خير، و ما أرضاني عنك! و لكنها خاصة لي و لهم.

ثم مكث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه يأتينا في كل يوم عند طلوع الفجر، فيقول: الصلاة، يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك، فقال: أما إني لم أسد أبوابكم و أفتح باب علي من تلقاء نفسي، و لكن أتبع ما يوحى إلي، و إن الله أمر بسدها و فتح بابه، فلم يكن أحد من بعد ذلك تصيبه الجنابة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يولد فيه الأولاد، غير رسول الله و أبي (عليهما السلام)، تكرمة من الله تعالى لنا، و فضلا اختصنا به على جميع الناس.

و هذا باب أبي قرين باب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجده، و منزلنا بين منازل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أن الله أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يبني مسجده، فبنى «2» فيه عشرة أبيات، تسعة لبنيه و أزواجه، و عاشرها- و هو متوسطها- لأبي، فها هو بسبيل مقيم، و البيت هو المسجد المطهر، و هو الذي قال الله تعالى: أَهْلَ الْبَيْتِ، فنحن أهل البيت، و نحن الذين أذهب الله عنا الرجس، و طهرنا تطهيرا. أيها الناس، إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله عز و جل، و خصنا به من الفضل في

كتابه و على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله) لم أحصه، و أنا ابن النذير البشير، و السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، و أبي علي ولي المؤمنين، و شبيه هارون.

__________________________________________________

(1) آل عمران 3: 61.

(2) في «ج»: فيبني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 457

و أن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، و لم أر نفسي لها أهلا! فكذب معاوية، و ايم الله لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله، و على لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله)، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين، مظلومين، مضطهدين منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فالله بيننا و بين من ظلمنا حقنا، و نزل على رقابنا، و حمل الناس على أكتافنا، و منعنا سهمنا في كتاب الله من الفي ء و الغنائم، و منع امنا فاطمة (عليها السلام) إرثها من أبيها.

إنا لا نسمي أحدا، و لكن اقسم بالله قسما تاليا، لو أن الناس سمعوا قول الله عز و جل و رسوله لأعطتهم السماء قطرها، و الأرض بركتها، و لما اختلف في هذه الامة سيفان، و لأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، و ما طمعت فيها، يا معاوية، و لكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، و زحزحت عن قواعدها تنازعتها قريش بينها، و ترامتها كترامي الكرة، حتى طمعت فيها أنت- يا معاوية- و أصحابك من بعدك، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

ما ولت امة أمرها رجلا قط، و فيهم من هو أعلم منه، إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا.

و قد تركت بنو إسرائيل- و كانوا أصحاب موسى- هارون أخاه و خليفته و

وزيره، و عكفوا على العجل، و أطاعوا فيه سامريهم، و هم يعلمون أنه خليفة موسى، و قد سمعت هذه الامة رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول ذلك لأبي (عليه السلام): إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. و قد رأوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين نصبه لهم بغدير خم، و سمعوه، و نادى له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، و قد خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) حذرا «1» من قومه إلى الغار- لما أجمعوا على أن يمكروا به و هو يدعوهم- لما لم يجد عليهم أعوانا، و لو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم.

و قد كف أبي يده، و ناشدهم، و استغاث أصحابه، فلم يغث، و لم ينصر، و لو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، و قد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه و آله) في سعة.

و قد خذلتني الامة و بايعتك- يا ابن حرب- و لو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، و قد جعل الله عز و جل هارون في سعة حين استضعفه قومه و عادوه، كذلك أنا و أبي في سعة من الله حين تركتنا الامة و تابعت «2» غيرنا، و لم نجد عليهم أعوانا، و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا.

أيها الناس، إنكم لو التمستم بين المشرق و المغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أبوه وصي رسول الله لم تجدوا غيري و غير أخي، فاتقوا الله، و لا تضلوا بعد البيان، و كيف بكم، و أنى ذلك لكم؟ ألا و إني قد بايعت هذا- و أشار إلى معاوية-

وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «3».

أيها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقه، و إنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، و كل صواب نافع، و كل خطأ ضار لأهله، و قد كانت القضية ففهمها سليمان، فنفعت سليمان، و لم تضر داود، و أما القرابة فقد نفعت المشرك، و هي و الله للمؤمن أنفع، قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعمه أبي طالب و هو في الموت: قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم

__________________________________________________

(1) في المصدر: حذارا.

(2) في المصدر: و بايعت.

(3) الأنبياء 21: 111. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 458

القيامة. و لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول له و يعد إلا ما يكون منه على يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا، أعني أبا طالب، يقول الله عز و جل: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «1».

أيها الناس، اسمعوا و عوا، و اتقوا الله و ارجعوا، و هيهات منكم الرجعة إلى الحق و قد صارعكم النكوص، و خامركم الطغيان و الجحود أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ «2»؟ و السلام على من اتبع الهدى». قال: «فقال معاوية: و الله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض، و هممت أن أبطش به، ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية».

8607/ [25]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن أبيه، عن عمار أبي اليقظان، عن أبي عمر زاذان، قال:

لما وادع الحسن بن علي (عليه السلام) معاوية صعد معاوية المنبر، و جمع الناس، فخطبهم، و قال: إن الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا، و لم ير نفسه لها أهلا. و كان الحسن (عليه السلام) أسفل منه بمرقاة، فلما فرغ من كلامه قام الحسن (عليه السلام)، فحمد الله تعالى بما هو أهله، ثم ذكر المباهلة، فقال: «فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الأنفس بأبي، و من الأبناء بي، و بأخي، و من النساء بامي، و كنا أهله، و نحن آله «3»، و هو منا و نحن منه.

و لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) في كساء لام سلمة (رضي الله عنها) خيبري، ثم قال: اللهم، هؤلاء أهل بيتي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا، فلم يكن أحد في الكساء غيري و أخي و أبي و امي.

و لم يكن أحد يجنب في المسجد، و يولد له فيه إلا النبي (صلى الله عليه و آله) و أبي، تكرمة من الله تعالى لنا، و تفضيلا منه لنا، و قد رأيتم مكان منزلنا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و امر بسد الأبواب، فسدها و ترك بابنا، فقيل له في ذلك، فقال: أما إني زعم لكم أني لم أسدها و أفتح بابه، و لكن الله عز و جل أمرني أن أسدها و أفتح بابه.

و إن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا، و لم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية، نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله، و على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله)، و لم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله تعالى نبيه

(صلى الله عليه و آله)، فالله بيننا و بين من ظلمنا حقنا، و توثب على رقابنا، و حمل الناس علينا، و منعنا سهمنا من الفي ء، و منع امنا ما جعل لها رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و اقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأعطتهم السماء قطرها، و الأرض بركتها، و ما طمعت فيها يا معاوية، فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها، فطمعت فيها الطلقاء و أبناء

__________________________________________________

25- الأمالي 2: 171.

(1) النساء 4: 18.

(2) هود 11: 28.

(3) في «ط» و المصدر: و نحن له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 459

الطلقاء، أنت و أصحابك، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما ولت امة أمرها رجلا و فيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا، حتى يرجعوا إلى ما تركوا.

و قد تركت بنو إسرائيل هارون و هم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم، و اتبعوا السامري، و قد تركت هذه الامة أبي و بايعوا غيره، و قد سمعوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة. و قد رأوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) نصب أبي يوم غدير خم، و أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، و قد هرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) من قومه و هو يدعوهم إلى الله تعالى، حتى دخل الغار، و لو وجد أعوانا ما هرب، و قد كف أبي يده حين ناشدهم و استغاث فلم يغث، فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه و كادوا يقتلونه، و جعل الله النبي (صلى الله عليه

و آله) في سعة حين دخل الغار و لم يجد أعوانا، و كذلك أبي و أنا في سعة من الله حين خذلتنا هذه الامة و بايعوك يا معاوية، و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا.

أيها الناس، إنكم لو التمستم فيما بين المشرق و المغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري و أخي لم تجدوا، و إني قد بايعت هذا وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ «1»».

8608/ [26]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو علي أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة البرقي أملاه علي إملاء من كتابه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الرضا أبو الحسن علي بن موسى، قال:

حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «لما أتى أبو بكر و عمر إلى منزل أمير المؤمنين (عليه السلام) و خاطباه في البيعة، و خرجا من عنده، خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المسجد، فحمد الله، و أثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت، إذ بعث فيهم رسولا منهم، و أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

ثم قال: إن فلانا و فلانا أتياني و طالباني بالبيعة لمن سبيله أن يبايعني، أنا ابن عم النبي، و أبو ابنيه، و الصديق الأكبر، و أخو رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لا يقولها أحد غيري إلا كاذب، و أسلمت و صليت، و أنا وصيه، و زوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه و آله)، و أبو حسن و حسين سبطي رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن أهل بيت الرحمة، بنا هداكم الله، و بنا استنقذكم من الضلالة، و أنا صاحب يوم الدوح، و في نزلت سورة من القرآن، و أنا الوصي على الأموات من أهل بيته (صلى الله عليه و آله)، و أنا ثقته «2» على الأحياء من أمته، فاتقوا الله يثبت أقدامكم، و يتم نعمته عليكم. ثم رجع (عليه السلام) إلى بيته».

8609/ [27]- و

عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن هارون بن حميد بن المجدر، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا جرير، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي

__________________________________________________

26- الأمالي 2: 181.

27- الأمالي 2: 211.

(1) الأنبياء 21: 111.

(2) في المصدر: بقيّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 460

المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كنت عند معاوية و قد نزل بذي طوى، فجاءه سعد بن أبي وقاص فسلم عليه، فقال معاوية: يا أهل الشام، هذا سعد بن أبي وقاص، و هو صديق لعلي. قال: فطأطأ القوم رؤوسهم، و سبوا عليا (عليه السلام)، فبكى سعد، فقال له معاوية: ما الذي أبكاك؟ قال: و لم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يسب عندك، و لا أستطيع أن أغير؟! و قد كان في علي (عليه السلام) خصال، لئن تكون في واحدة منهن أحب إلي من الدنيا و ما فيها.

أحدها: أن رجلا كان باليمن، فجفاه «1» علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: لأشكونك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقدم على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسأله عن علي (عليه السلام) فثنى عليه، فقال: «أنشدك الله الذي

أنزل علي الكتاب، و اختصني بالرسالة، أعن سخط تقول ما تقول في علي بن أبي طالب؟». قال: نعم، يا رسول الله.

قال: «ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قال: بلى. قال: «فمن كنت مولاه فعلي مولاه».

و الثانية: أنه بعث يوم خيبر عمر بن الخطاب إلى القتال، فهزم و أصحابه، فقال (صلى الله عليه و آله): «لأعطين الراية غدا إنسانا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله». فقعد المسلمون، و علي (عليه السلام) أرمد، فدعاه، فقال: «خذ الراية». فقال: «يا رسول الله، إن عيني كما ترى». فتفل فيها، فقام فأخذ الراية، ثم مضى بها حتى فتح الله عليه.

و الثالثة: خلفه في بعض مغازيه، فقال علي: «يا رسول الله، خلفتني مع النساء و الصبيان!». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي».

و الرابعة: سد الأبواب في المسجد إلا باب علي.

و الخامسة: نزلت هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فدعا النبي (صلى الله عليه و آله) عليا، و حسنا، و حسينا، و فاطمة (عليهم السلام)، فقال: «اللهم، هؤلاء أهلي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا».

8610/ [28]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

قال: «نزلت هذه الآية في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي بن أبي طالب، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و ذلك في بيت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه و آله)، فدعا رسول الله (صلى الله عليه

و آله) أمير المؤمنين، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و ألبسهم كساء له خيبريا، و دخل معهم فيه، ثم قال: اللهم، هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني، اللهم أذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا. فقالت ام سلمة:

و أنا معهم، يا رسول الله؟ فقال: أبشري- يا ام سلمة- إنك إلى خير».

8611/ [29]- و

عنه: قال أبو الجارود: و قال زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام): إن جهالا من الناس يزعمون

__________________________________________________

28- تفسير القمّي 2: 193.

29- تفسير القمّي 2: 193.

(1) في المصدر: فجاءه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 461

أنما أراد بهذه الآية أزواج النبي (صلى الله عليه و آله)، و قد كذبوا و أثموا، و ايم الله لو عنى بها أزواج النبي (صلى الله عليه و آله) لقال: ليذهب عنكن الرجس، و يطهركن تطهيرا. و لكان الكلام مؤنثا، كما قال: وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ «1» و لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ «2».

8612/ [30]- الطبرسي، قال: ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره، قال: حدثني شهر بن حوشب، عن ام سلمة (رضي الله عنها)، قالت: جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله) تحمل حريرة لها فقال لها: «ادعي لي زوجك و ابنيك». فجاءت بهم، فطعموا، ثم ألقى عليهم كساء خيبريا، و قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». فقلت: يا رسول الله، و أنا معهم؟ قال: «أنت إلى خير».

8613/ [31]- قال: و روى الثعلبي في تفسيره بالإسناد إلى ام سلمة: أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان في بيتها فأتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة «3» فيها حريرة، فقال لها: «ادعي زوجك و ابنيك».

فذكرت الحديث نحو ذلك، ثم قالت:

فأنزل الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قالت: فأخذ النبي (صلى الله عليه و آله) فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء، ثم قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي و خاصتي «4»، إنك فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا». فأدخلت رأسي البيت، و قلت: و أنا معكم، يا رسول الله؟ قال: «إنك إلى خير، إنك إلى خير».

8614/ [32]- و

من طريق المخالفين: عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن والده أحمد، قال:

حدثنا محمد بن مصعب، و هو القرقسائي، قال: حدثنا الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، قال: دخلت على واثلة بن الأسقع و عنده قوم، فذكروا عليا (عليه السلام)، فشتموه، فشتمته معهم، فلما قاموا، قال لي: لم شتمت هذا الرجل؟

قلت: رأيت القوم يشتمونه، فشتمته معهم. فقال: ألا أخبرك بما رأيته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قلت: بلى. قال:

أتيت فاطمة (عليها السلام) أسألها عن علي (عليه السلام)، فقالت: «توجه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)». فجلست أنتظره، حتى جاء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجلس، و معه علي و حسن و حسين، أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدنى عليا و فاطمة فأجلسهما بين يديه، و أجلس حسنا و حسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه- أو قال: كساء- ثم تلا هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، ثم قال:

«اللهم، هؤلاء أهل بيتي، و أهل بيتي أحق».

__________________________________________________

30- مجمع البيان 8: 559.

31- مجمع البيان 8: 559.

32- مسند أحمد 4: 107، الطرائف: 123/ 188.

[.....]

(1) الأحزاب 33: 34.

(2) الأحزاب 33: 32.

(3) البرمة: القدر مطلقا، و هي في الأصل المتّخذة من الحجر المعروف الحجاز و اليمن. «لسان العرب- برم- 12: 45».

(4) في المصدر: و حامتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 462

8615/ [33]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عوف، عن أبي المعدل عطية الطفاوي، عن أبيه: أن أم سلمة حدثته، قالت: بينما رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بيتي يوما، إذ قالت الخادم: إن عليا و فاطمة في السدة. قالت: فقال لي: «قومي، فتنحي لي عن أهل بيتي». قالت: فقمت، فتنحيت قريبا، فدخل علي، و فاطمة، و معهما الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و هما صبيان صغيران، قالت: فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره، فقبلهما، و اعتنق عليا (عليه السلام) بإحدى يديه، و فاطمة باليد الاخرى، فقبل فاطمة، و قبل عليا، فأغدف «1» عليهم خميصة «2» سوداء، و قال: «اللهم، إليك لا إلى النار، أنا و أهل بيتي». قالت: فقلت: و أنا يا رسول الله؟ قال: «و أنت».

8616/ [34]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، قال: حدثنا عبد الملك، قال:

حدثنا عطاء بن أبي رباح، قال: حدثني من سمع ام سلمة تذكر: أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان في بيتها، فأتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة فيها حريرة «3»، فدخلت بها عليه، فقال: «ادعي لي زوجك و ابنيك». قالت: فجاء علي، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام) فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلوا من تلك الحريرة، و هو على منامة له على دكان، تحته كساء خيبري. قالت: و أنا في الحجرة اصلي، فأنزل الله تعالى هذه الآية: إِنَّما

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قالت: فأخذ فضل الكساء، فغشاهم به، ثم أخرج يده، فألوى بها إلى السماء، و قال:

«هؤلاء أهل بيتي و خاصتي، اللهم فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت:

و أنا معكم، يا رسول الله؟ قال: «إنك إلى خير، إنك إلى خير».

قال عبد الملك: و حدثني داود بن أبي عوف أبو الجحاف، عن شهر بن حوشب، عن ام سلمة بمثله سواء «4».

8617/ [35]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا علي بن زيد، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لفاطمة (عليها السلام): «ائتيني بزوجك و ابنيك». فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكيا، قالت: ثم وضع يده عليهم، و قال: «اللهم، هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك و بركاتك على محمد و آل محمد، إنك حميد مجيد». قالت ام سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، و قال: «إنك على خير».

__________________________________________________

33- مسند أحمد 6: 296، الطرائف: 124/ 191.

34- مسند أحمد 6: 292، الطرائف: 125/ 192.

35- مسند أحمد 6: 323، الطرائف: 125/ 193.

(1) أغدف السّتر: أرسله و أسبله. «النهاية 3: 345».

(2) الخميصة: كساء أسود مربّع له علمان. «الصحاح- خمص- 3: 1038».

(3) في المصدر: خزيرة، و الخزيرة: لحم يقطّع صغارا و يصبّ عليه ماء كثير، فإذا نضج ذرّ عليه الدّقيق. «النهاية 2: 28».

(4) مسند أحمد 6 لا 292.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 463

8618/ [36]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال:

حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا شداد أبو عمار، عن واثلة بن الأسقع، أنه حدثه، قال: طلبت عليا في منزله، فقالت فاطمة (عليها السلام): «ذهب رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1»». قال: فجاءا جميعا، فدخلا، و دخلت معهما، فأجلس عليا (عليه السلام) عن يساره، و فاطمة عن يمينه، و الحسن و الحسين (عليهما السلام) بين يديه، ثم التفع «2» عليهم بثوبه، و قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً اللهم، إن هؤلاء أهلي، اللهم، إن هؤلاء أحق «3»». قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: و أنا من أهلك، يا رسول الله؟ قال: «و أنت من أهلي». قال واثلة: فذلك أرجى ما أرجو من عملي.

8619/ [37]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الله بن سليمان، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عمر الحنفي، قال: حدثنا عمر بن يونس، قال: حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي عمرو، حدثني شداد بن عبد الله، قال: سمعت واثلة بن الأسقع، و قد جي ء برأس الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: فلقيه رجل من أهل الشام، فأظهر سرورا، فغضب واثلة، و قال: و الله لا أزال أحب عليا، و حسنا، و حسينا، و فاطمة أبدا بعد إذ سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو في منزل أم سلمة يقول فيهم ما قال. قال واثلة: رأيتني ذات يوم، و قد جئت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو في منزل ام سلمة، و جاء الحسن (عليه السلام) فأجلسه على فخذه اليمنى، و قبله، ثم جاء الحسين (عليه

السلام) فأجلسه على فخذه اليسرى، و قبله، ثم جاءت فاطمة (عليها السلام) فأجلسها بين يديه، ثم دعا بعلي (عليه السلام)، فجاء، ثم أغدف عليهم كساء خيبريا، كأني أنظر إليه، ثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قلت لواثلة: ما الرجس؟

قال: الشك في الله عز و جل.

8620/ [38]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا أبو بلج، قال: حدثنا عمرو بن ميمون، قال: إني لجالس إلى ابن عباس (رضي الله عنه) إذ أتاه تسعة رهط- و الخبر طويل- قال ابن عباس (رضي الله عنه): و أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثوبه، فوضعه على علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، و قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8621/ [39]- و

عنه: عن أبيه أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا عبد الحميد

__________________________________________________

36- فضائل أحمد 2: 632/ 1077، العمدة: 33/ 14.

37- فضائل أحمد 2: 672/ 1149، العمدة: 34/ 15.

38- مسند أحمد 1: 330، العمدة: 35/ 16. [.....]

39- مسند أحمد 6: 298، الطرائف: 126/ 194.

(1) في الفضائل: يأتي برسول اللّه.

(2) الالتفاع: الالتحاف بالثوب. «لسان العرب- لفع- 8: 320».

(3) في المصدرين: اللهمّ أهلي أحقّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 464

- يعني ابن بهرام- قال: حدثني شهر بن حوشب، قال: سمعت ام سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه و آله) حين جاء نعي الحسين بن علي (عليهما السلام) لعنت أهل العراق، فقالت: قتلوه، قتلهم الله، غروه و أذلوه، لعنهم الله، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و

قد جاءته فاطمة غدوة ببرمة قد صنعت له فيها عصيدة، تحملها في طبق لها، حتى وضعتها بين يديه، فقال لها: «أين ابن عمك؟». قالت: «هو في البيت» قال: «اذهبي فادعيه، و ائتيني بابنيه». قالت: فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما بيد، و علي (عليه السلام) يمشي في أثرهما، حتى دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأجلسهما في حجره و جلس علي (عليه السلام) عن يمينه، و جلست فاطمة (عليها السلام) عن يساره. قالت ام سلمة:

فاجتذب من تحتي كساء خيبريا كان بساطا لنا على المنامة في المدينة، فلفه رسول الله (صلى الله عليه و آله) [عليهم جميعا] و أخذ [بشماله طرفي الكساء، و ألوى بيده اليمنى إلى ربه عز و جل، و قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي، أذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا، اللهم هؤلاء أهل بيتي، أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا». قلت: يا رسول الله، أ لست من أهلك؟ قال: «بلى». فأدخلني في الكساء «1» بعد ما قضى دعاءه لابن عمه علي و ابنيه، و ابنته فاطمة (عليهم السلام).

قلت: هذه الأحاديث من مسند أحمد بن حنبل.

8622/ [40]- و

روى مسلم بن الحجاج صاحب (الصحاح)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، و محمد بن عبد الله بن نمير، و اللفظ لأبي بكر، قالا: حدثنا محمد بن بشر، عن زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، قالت: قالت عائشة: خرج النبي (صلى الله عليه و آله) غداة، و عليه مرط مرحل «2» من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي (عليه السلام) فأدخله، ثم جاء الحسين (عليه السلام) فدخل معه، ثم جاءت فاطمة (عليها السلام) فأدخلها، ثم جاء علي (عليه السلام)

فأدخله، ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري صاحب (الصحاح)، يرفعه إلى مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، الحديث بعينه «3».

8623/ [41]- أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، صاحب التفسير، في تفسير قوله تعالى:

طه «4»، قال: قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «طه طهارة أهل بيت محمد (عليهم السلام)». ثم قرأ:

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

__________________________________________________

40- صحيح مسلم 4: 1883/ 2424.

41- تفسير الثعلبي: 75 «مخطوط»، العمدة: 38.

(1) في المسند: فادخلي في الكساء، قالت: فدخلت في الكساء.

(2) المرط: الكساء، و المرحل: الذي نقش فيه تصاوير الرّحال. «النهاية 2: 210، 4: 319».

(3) ...، تفسير الطبري 22: 5، مستدرك الحاكم 3: 147، مصابيح السنّة 4: 183/ 4796، كفاية الطالب: 54، العمدة: 43/ 30.

(4) طه 20: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 465

8624/ [42]- الثعلبي أيضا، في تفسير قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ «1»،

قال: روى سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش «2»: إحداهما بيضاء، و الاخرى صفراء، في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة، أكوابها و أبوابها من عرق واحد، فالبيضاء لمحمد و أهل بيته، و الصفراء لإبراهيم و أهل بيته (صلى الله عليهم أجمعين)».

8625/ [43]- و

عنه، قال: أخبرني عقيل بن محمد الجرجاني، أخبرنا المعافى بن زكريا البغدادي، أخبرنا محمد بن جرير، حدثني المثنى، حدثني أبو بكر بن يحيى بن ريان الغنوي، حدثنا مسندا إلى مندل، عن الأعمش ابن عطية، عن أبي سعيد الخدري،

قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «نزلت هذه الآية في خمسة: في، و في علي، و في حسن، و حسين، و فاطمة (عليهم السلام) إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8626/ [44]- و

عنه، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبد الملك- يعني ابن سليمان- عن عطاء بن أبي رباح، حدثني من سمع ام سلمة (رضي الله عنها) تذكر: أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان في بيتها، فأتته فاطمة (صلوات الله عليها) ببرمة فيها حريرة، فدخلت بها عليه، فقال لها: «ادعي زوجك و ابنيك». فجاء علي، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة، و هو و هم على منام له، على دكان، تحته كساء خيبري. قالت: و أنا في الحجرة اصلي، فأنزل الله عز و جل هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. قالت: فأخذ فضل الكساء، فغشاهم به، ثم أخرج يده، و أومأ بها إلى السماء، ثم قال: «هؤلاء أهل بيتي، و خاصتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت:

و أنا معكم، يا رسول الله؟ قال: «إنك إلى خير».

8627/ [45]- و

عنه، قال: أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله الثقفي، حدثنا عمر بن الخطاب، حدثنا عبد الله بن الفضل، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، حدثني ابن عم لي من بني الحارث بن تيم الله، يقال له مجمع، قال: دخلت

مع امي على عائشة، فسألتها امي، قالت: رأيت خروجك يوم الجمل؟ قالت: إنه كان قدرا من الله تعالى. فسألتها عن علي، فقالت: سألتني عن أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لقد رأيت عليا، و فاطمة، و حسنا، و حسينا، و قد جمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) لفاعا «3»

__________________________________________________

42- ...، عنه العمدة: 38/ 20، مجمع البيان 3: 293.

43- ...، العمدة: 38/ 21، الطرائف: 127/ 195.

44- ...، العمدة: 39/ 22، الطرائف: 125/ 192.

45- ...، العمدة: 39/ 23، الطرائف: 127/ 196. [.....]

(1) المائدة 5: 35.

(2) بطنان العرش: وسطه، و قيل: أصله. «النهاية 1: 137».

(3) اللّفاع: الملحفة أو الكساء. «تاج العروس- لفح- 5: 501».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 466

عليهم، ثم قال: «هؤلاء أهل بيتي، و خاصتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا». قالت ام سلمة «1»: يا رسول الله، أنا من أهلك؟ فقال: «تنحي، إنك إلى خير».

8628/ [46]- و

عنه، قال: أخبرني الحسين بن محمد، حدثنا ابن حبش المقري، حدثنا أبو زرعة، حدثني عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، حدثني أبو فديك، حدثني ابن أبي مليكة، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر الطيار، عن أبيه، قال: لما نظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى رحمة هابطة من السماء، قال: «من يدع؟» مرتين. قالت زينب: أنا، يا رسول الله. فقال: «ادعي عليا و فاطمة، و الحسن، و الحسين». قال: فجعل حسنا عن يمينه، و حسينا عن شماله، و عليا و فاطمة تجاهه، ثم غشاهم كساء خيبريا، ثم قال: «اللهم إن لكل نبي أهلا، و هؤلاء أهل بيتي».

فأنزل الله عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ

الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، فقالت زينب: يا رسول الله، ألا أدخل معكم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «مكانك، فإنك إلى خير، إن شاء الله تعالى».

8629/ [47]- و

عنه، قال: أخبرني الحسين بن محمد، حدثنا عمر بن الخطاب، حدثنا عبد الله بن الفضل، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، قال: دخلت على واثلة ابن الأسقع، و عنده قوم، فذكروا عليا (عليه السلام)، فشتموه، فشتمته معهم، فلما قاموا، قال لي: لم شتمت هذا الرجل؟ قلت: رأيت القوم شتموه، فشتمته معهم. فقال: ألا أخبرك ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه و آله).؟ قلت:

بلى. قلت: أتيت فاطمة (صلوات الله عليها) أسألها عن علي، فقالت: «توجه إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)». فجلست، فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و معه علي و حسن، و حسين (عليهم السلام)، كل واحد منهما آخذ بيده، حتى دخل، فأدنى عليا و فاطمة (عليهما السلام)، فأجلسهما بين يديه، و أجلس حسنا و حسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه- أو قال: كساء- ثم تلا هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، ثم قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي، و أهل بيتي أحق».

8630/ [48]- و

عنه، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري، حدثنا ابن حبش المقري، حدثنا محمد بن عمران، حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع، عن أبيه، عن سعيد بن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنشدكم الله في أهل بيتي» مرتين.

8631/ [49]- و

عنه، قال: أخبرني أبو

عبد الله، حدثنا أبو سعيد أحمد بن علي بن عمر بن حبش الرازي،

__________________________________________________

46- ...، العمدة: 40/ 24، الطرائف: 127/ 197.

47- ...، العمدة: 40/ 26، الطرائف: 123/ 188.

48- ...، العمدة: 41/ 26.

49- ...، العمدة: 41/ 27، الطرائف: 128/ 198.

(1) في العمدة: قلت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 467

حدثنا أحمد بن عبد الرحيم الشامي «1» أبو عبد الرحمن، حدثنا أبو كريب، حدثنا هشام، عن يونس، عن أبي إسحاق، عن نفيع، عن أبي داود، عن أبي الحمراء، قال: أقمت بالمدينة تسعة أشهر كيوم واحد، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجي ء كل غداة، فيقوم على باب علي و فاطمة (عليهما السلام)، فيقول: «الصلاة إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8632/ [50]- و

عنه، قال: أخبرني أبو عبد الله، حدثنا عبد الله بن أحمد بن يوسف بن مالك، حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، حدثنا الحارث بن عبد الله الحارثي، حدثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قسم الله الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسما، فذلك قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ «2»، فأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا، فذلك قوله تعالى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «3»، فأنا من السابقين، و أنا من خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها [قبيلة، فذلك قوله: شُعُوباً وَ قَبائِلَ «4»، فأنا أتقى ولد آدم، و أكرمهم على الله، و لا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا، فجعلني في

خيرها] بيتا، فذلك قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8633/ [51]- أبو عبد الله بن أبي نصر الحميدي، قال: الحديث الرابع و الستون «5» من المتفق عليه في الصحيحين: من البخاري، و مسلم، من مسند عائشة، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، قالت: خرج النبي (صلى الله عليه و آله) ذات غداة و عليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي (عليه السلام) فأدخله، ثم جاء الحسين (عليه السلام) فدخل معه، ثم جاءت فاطمة (عليها السلام) فأدخلها، ثم جاء علي (عليه السلام) فأدخله، ثم قال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. و ليس لمصعب بن شيبة عن صفية في مسند عائشة من الصحيح غير هذا.

8634/ [52]- أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي الأندلسي جامع الصحاح الستة: موطأ مالك،

__________________________________________________

50- ...، العمدة: 42/ 28.

51- ...، صحيح مسلم 4: 1883/ 2424، تفسير الطبري 22: 5، مستدرك الحاكم 3: 147، شواهد التنزيل 2: 33/ 676، و: 36/ 681، مصابيح السنة 4: 183/ 796، العمدة 43: 30، كفاية الطالب 54، الطرائف: 128/ 200.

52- العمدة: 44/ 31.

(1) في «ج»: الساني، و في «ي، ط»: الساتي.

(2) الواقعة 56: 27.

(3) الواقعة 56: 8- 10. [.....]

(4) الحجرات 49: 13.

(5) في العمدة: السابع و الستون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 468

و صحيح مسلم، و البخاري، و سنن أبي داود السجستاني، و صحيح الترمذي، و النسخة الكبيرة من صحيح النسائي، قال: في الجزء الثاني من أجزاء ثلاثة في سورة الأحزاب، من صحيح أبي داود السجستاني، و هو في تفسير قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ

الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، عن عائشة، قالت:

خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن (عليه السلام) فأدخله، ثم جاء الحسين (عليه السلام) فأدخله، ثم جاءت فاطمة (عليها السلام) فأدخلها، ثم جاء علي (عليه السلام) فأدخله، ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8635/ [53]- عن ام سلمة زوج النبي (صلى الله عليه و آله): أن هذه الآية نزلت في بيتها: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، قالت: و أنا جالسة عند الباب، فقلت: يا رسول الله، أ لست من أهل البيت؟ فقال: «إنك إلى خير، إنك من أزواج رسول الله (صلى الله عليه و آله). قالت: و في البيت رسول الله، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (صلى الله عليهم و سلم)، فجللهم بكساء، و قال: «اللهم، هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا».

8636/ [54]- و

عنه: بالإسناد المذكور في (سنن أبي داود) و (موطأ مالك)، عن أنس: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يمر بباب فاطمة، إذا خرج إلى صلاة الفجر، حين نزلت هذه الآية، قريبا من ستة أشهر، يقول:

«الصلاة، يا أهل البيت إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8637/ [55]- و

عنه أيضا، في مناقب الحسن و الحسين (عليهما السلام)، من الجزء الثالث من الكتاب المذكور، من صحيح أبي داود، و هو (السنن) بالإسناد المتقدم: عن صفية بنت شيبة، قالت: قالت عائشة: خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) غداة، و عليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي (عليهما السلام) فأدخله،

ثم جاء الحسين (عليه السلام) فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي (عليه السلام) فأدخله، ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8638/ [56]- مسلم بن الحجاج، في (صحيحه)، قال: حدثني زهير بن حرب، و شجاع بن مخلد جميعا، عن ابن علية، قال زهير: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثني أبو حيان، حدثني يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة و المدينة، فحمد الله و أثنى عليه، و وعظ، و ذكر، ثم قال: «أما بعد- أيها الناس- إنما أنا بشر مثلكم، يوشك أن يأتيني رسول ربي و أجيب، و أنا تارك فيكم ثقلين: أولهما:

__________________________________________________

53- ... العمدة: 44/ 31.

54- العمدة: 45/ 32، الطرائف: 128/ 199.

55- العمدة: 45/ 33، الطرائف: 129/ 201.

56- صحيح مسلم 4: 1873/ 2408.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 469

كتاب الله، فيه الهدى و النور، فخذوا بكتاب الله، و استمسكوا به- فحث على كتاب الله، و رغب فيه، ثم قال- و أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي». فقال حصين: من أهل بيته- يا زيد- أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، و لكن أهل بيته من حرم الصدقة من بعده.

8639/ [57]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن بكار بن الريان، حدثنا حسان- يعني ابن إبراهيم- عن سعيد- هو ابن مسروق- عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ألا و إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما: كتاب الله، هو حبل الله، من

اتبعه كان على الهدى، و من تركه كان على ضلالة. و ثانيهما: أهل بيتي «1»».

فقلنا: من أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا، و ايم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع إلى أهلها و قومها، أهل بيته أصله، و عصبته الذين حرموا الصدقة بعده.

8640/ [58]- موفق بن أحمد، صدر الأئمة عندهم، أخطب الخطباء، قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، أخبرنا بكير بن أحمد بن سهيل الصوفي بمكة، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا إبراهيم بن حبيب، حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن أبي الجحاف، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) جاء إلى باب فاطمة (عليها السلام) أربعين صباحا بعد ما دخل علي بفاطمة (عليهما السلام) فيقول: «السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله و بركاته، الصلاة، يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8641/ [59]- و

عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: لما نزل قوله: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ «2»، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يأتي باب فاطمة و علي (عليهما السلام) تسعة أشهر، في كل صلاة، فيقول: «الصلاة، يرحمكم الله إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

8642/ [60]- و

عنه، بهذا الإسناد، عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، و أبو بكر أحمد بن الحسين القاضي، و أبو عبد الرحمن السلمي، قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن مكرم، حدثنا عثمان

بن عمر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن ام سلمة (رضي الله عنها)، قالت: في بيتي نزلت: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

__________________________________________________

57- صحيح مسلم 4: 1874/ 37.

58- مناقب الخوارزمي: 22.

59- مناقب الخوارزمي: 23.

60- مناقب الخوارزمي: 23.

(1) (و ثانيهما أهل بيتي) ليس في المصدر.

(2) طه 20: 132.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 470

قالت: فأرسل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى علي و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، فقال: «هؤلاء أهلي «1»».

فقلت: يا رسول الله، ما أنا من أهل البيت؟ فقال: «بلى، إن شاء الله».

8643/ [61]- ابن شهر آشوب: نزلت في علي (عليه السلام) بالإجماع: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

8644/ [62]- علي بن إبراهيم: ثم انقطعت مخاطبة نساء النبي (صلى الله عليه و آله)، و خاطب أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

ثم عطف على نساء النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَ الْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً «2».

ثم عطف على آل محمد (عليهم السلام)، فقال: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِماتِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْقانِتِينَ وَ الْقانِتاتِ وَ الصَّادِقِينَ وَ الصَّادِقاتِ وَ الصَّابِرِينَ وَ الصَّابِراتِ إلى قوله تعالى: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً «3».

سورة الأحزاب(33): آية 36 ..... ص : 470

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ

ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً [36]

8645/ [1]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خطب على زيد بن حارثة زينب بنت جحش الأسدية، من بني أسد بن خزيمة، و هي بنت عمة النبي (صلى الله عليه و آله) فقالت:

يا رسول الله، حتى أوامر نفسي فأنظر. فأنزل الله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً فقالت: يا رسول الله، أمري بيدك. فزوجها

__________________________________________________

61- المناقب 2: 175.

62- تفسير القمّي 2: 193. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 194.

(1) في المصدر زيادة: أهل البيت.

(2) الأحزاب 33: 34.

(3) الأحزاب 33: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 471

إياه، فمكثت عند زيد ما شاء الله، ثم إنهما تشاجرا في شي ء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنظر إليها النبي (صلى الله عليه و آله) فأعجبته، فقال زيد: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها، فإن فيها كبرا، و إنها لتؤذيني بلسانها، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اتق الله، و أمسك عليك زوجك، و أحسن إليها». ثم إن زيدا طلقها، و انقضت عدتها، فأنزل الله نكاحها على رسول الله، فقال: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها «1».

سورة الأحزاب(33): الآيات 37 الي 38 ..... ص : 471

قوله تعالى:

وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ

وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا- إلى قوله تعالى- وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [37- 38]

8646/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات، من أهل الإسلام، و الديانات: من اليهود، و النصارى، و المجوس، و الصابئين، و سائر أهل المقالات، فلم.

يقم أحد إلا و قد ألزمه حجته، كأنه القم حجرا، قام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال له: يا بن رسول الله، أ تقول بعصمة الأنبياء؟ قال: «نعم». قال: فما تقول في قوله عز و جل: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى «2»؟ و في قوله عز و جل:

وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ «3»؟ و في قوله عز و جل في يوسف (عليه السلام): وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها «4»؟ و قد ذكرت هذه الآيات في موضعها و ما قاله الرضا (عليه السلام) في معناها- و قوله عز و جل في

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 191/ 1.

(1) الأحزاب 33: 37.

(2) طه 20: 121.

(3) الأنبياء 21: 87.

(4) يوسف 12: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 472

داود (عليه السلام): وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ «1»؟- و ستأتي في مواضعها إن شاء

الله تعالى، و معناها عن الرضا (عليه السلام)- و قوله عز و جل في نبيه محمد (صلى الله عليه و آله): وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ؟

فقال الرضا (عليه السلام): «ويحك- يا علي- اتق الله، و لا تنسب إلى الأنبياء الفواحش، و لا تتأول كتاب الله برأيك، فإن الله تعالى يقول: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «2»». و ذكر (عليه السلام) الجواب عن الآيات، إلى أن قال: «و أما محمد (صلى الله عليه و آله)، و قول الله تعالى: وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فإن الله تعالى عرف نبيه (صلى الله عليه و آله) أسماء أزواجه في دار الدنيا، و أسماء أزواجه في دار الآخرة، و أنهن أمهات المؤمنين. و إحداهن- من سمى له-: زينب بنت جحش، و هي يومئذ تحت زيد بن حارثة، فأخفى رسول الله (صلى الله عليه و آله) اسمها في نفسه، و لم يبده، لكي لا يقول أحد من المنافقين إنه قال في امرأة في بيت رجل إنها إحدى أزواجه من أمهات المؤمنين، و خشي قول المنافقين، فقال الله تعالى: وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ يعني في نفسك، و إن الله عز و جل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حواء من آدم (عليه السلام)، و زينب من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، بقوله: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها الآية، و فاطمة من علي (عليهما السلام)».

قال: فبكى علي بن محمد بن الجهم، و قال: يا ابن رسول الله، أنا تائب إلى الله تعالى من أن أنطق في

أنبيائه (عليهم السلام) بعد يومي هذا إلا بما ذكرته.

8647/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك: «إن الأنبياء معصومون؟» قال: «بلى». فسأله المأمون عن آيات في الأنبياء، و ذكرناها في مواضعها و معناها عن الرضا (عليه السلام)، إلى أن قال المأمون: فأخبرني عن قول الله تعالى: وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ.

قال الرضا (عليه السلام): «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده، فرأى امرأته تغتسل، فقال لها: سبحان الله الذي خلقك! و إنما أراد بذلك تنزيه الله تعالى عن قول من زعم أن الملائكة بنات الله تعالى، فقال الله تعالى: أَ فَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَ اتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً «3». فقال النبي (صلى الله عليه و آله) لما رآها تغتسل: سبحان الذي خلقك أن يتخذ له ولدا يحتاج إلى هذا التطهير و الاغتسال!

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 195/ 1.

(1) سورة ص 38: 24.

(2) آل عمران 3: 7.

(3) الإسراء 17: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 473

فلما عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجي ء الرسول (صلى الله عليه و آله)، و قوله لها: سبحان الذي خلقك، فلم يعلم زيد ما

أراد بذلك، فظن أنه قال ذلك لما أعجبه من حسنها، فجاء إلي النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال له: يا رسول الله، إن امرأتي في خلقها سوء، و إني أريد طلاقها. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): أمسك عليك زوجك، و اتق الله. و قد كان الله تعالى عرفه عدد أزواجه، و أن تلك المرأة منهن، فأخفى ذلك في نفسه، و لم يبده لزيد، و خشي الناس أن يقولوا: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) يقول لمولاه: إن امرأتك ستكون لي زوجة، فيعيبونه بذلك، فأنزل الله تعالى: وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ يعني بالإسلام وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ يعني بالعتق أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ، ثم إن زيد بن حارثة طلقها، و اعتدت منه، فزوجها الله تعالى من نبيه محمد (صلى الله عليه و آله)، و أنزل بذلك قرآنا، فقال عز و جل: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا، ثم علم الله عز و جل أن المنافقين سيعيبونه بتزويجها، فأنزل الله تعالى: ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ».

فقال المأمون: لقد شفيت «1» صدري- يا ابن رسول الله- و أوضحت لي ما كان ملتبسا علي، فجزاك الله تعالى عن أنبيائه، و عن الإسلام خيرا.

8648/ [3]- الطبرسي: قيل: الذي أخفاه في نفسه: أن الله سبحانه أعلمه أنها ستكون من أزواجه، و أن زيدا سيطلقها،

فلما جاء زيد، و قال: إني أريد أن اطلق زينب، قال

له: «أمسك عليك زوجك». فقال سبحانه: «لم قلت:

أمسك عليك زوجك، و قد أعلمتك أنها ستكون من أزواجك؟». قال: و روي ذلك عن علي بن الحسين (عليهما السلام)،

و هذا التأويل مطابق لتلاوة الآية.

و قد تقدمت رواية اخرى في ذلك، في قوله تعالى: وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ «2».

سورة الأحزاب(33): آية 40 ..... ص : 473

قوله تعالى:

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ [40] 8649/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: هذه نزلت في شأن زيد بن حارثة، قالت قريش: يعيرنا محمد أن يدعي

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 564. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 194.

(1) في «ط» نسخة بدل: شرحت.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (4 و 5) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 474

بعضنا بعضا و قد ادعى هو زيدا! فقال الله: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ يعني يومئذ أنه ليس بأبي زيد.

قال: قوله: وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ يعني لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله).

سورة الأحزاب(33): الآيات 41 الي 43 ..... ص : 474

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [41- 43]

8650/ [1]- علي بن جعفر، في (رسالته): عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، قال: قلت: من ذكر الله مائتي مرة، كثير هو؟ قال: «نعم».

8651/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن أبي بكر، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) من الذكر الكثير الذي قال الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً».

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي أسامة زيد الشحام، و منصور بن حازم، و

سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

8652/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يعقوب بن عبد الله، عن إسحاق بن فروخ مولى آل طلحة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق بن فروخ، من صلى على محمد و آل محمد عشرا صلى الله و ملائكته عليه مائة مرة، و من صلى على محمد و آل محمد مائة مرة صلى الله عليه و ملائكته ألف مرة، أما تسمع قول الله عز و جل: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً؟».

8653/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من شي ء إلا و له حد ينتهي إليه إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه، فرض الله عز و جل الفرائض، فمن أداهن فهو حدهن، و شهر رمضان، فمن صامه فهو حده، و الحج فمن حج فهو حده، إلا

__________________________________________________

1- مسائل علي بن جعفر: 143/ 169.

2- الكافي 2: 362/ 4.

3- الكافي 2: 358/ 14.

4- الكافي 2: 361/ 1.

(1) الكافي 2: 363.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 475

الذكر، فإن الله عز و جل لم يرض منه بالقليل، و لم يجعل له حدا ينتهي إليه». ثم تلا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا، فقال: «لم يجعل الله عز و جل له حدا ينتهي إليه».

قال: «و كان أبي (عليه السلام) كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه و إنه ليذكر الله تعالى، و آكل معه الطعام و إنه

ليذكر الله تعالى، و لقد كان يحدث القوم و ما يشغله ذلك عن ذكر الله، و كنت أرى لسانه لازقا بحنكه، يقول: لا إله إلا الله.

و كان يجمعنا و يأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس، و يأمر بالقراءة من كان يقرأ منا، و من كان لا يقرأ منا أمره بالذكر.

و البيت الذي يقرأ فيه القرآن، و يذكر الله عز و جل فيه تكثر بركته، و تحضره الملائكة، و تهجره الشياطين، و يضي ء لأهل السماء كما يضي ء الكوكب الدري لأهل الأرض، و البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن، و لا يذكر الله فيه تقل بركته، و تهجره الملائكة، و تحضره الشياطين.

و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا أخبركم بخير أعمالكم لكم، أرفعها في درجاتكم، و أزكاها عند مليككم، و خير لكم من الدينار و الدرهم، و خير لكم من أن تلقوا عدوكم فتقتلوهم و يقتلوكم؟ فقالوا: بلى. قال: ذكر الله عز و جل كثيرا».

ثم قال: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: من خير أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم لله ذكرا. و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من اعطي لسانا ذاكرا فقد اعطي خير الدنيا و الآخرة. و قال في قوله تعالى: وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ «1» قال: لا تستكثر ما عملت من خير لله».

8654/ [5]- و

عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله ذكرا كثيرا».

8655/ [6]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد جميعا، عن الحسن بن

علي الوشاء، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أكثر ذكر الله عز و جل أحبه الله، و من ذكر الله كثيرا كتبت له براءتان: براءة من النار، و براءة من النفاق».

8656/ [7]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن داود الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أكثر ذكر الله عز و جل أظله الله في جنته».

8657/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و حسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

__________________________________________________

5- الكافي 2: 362/ 2.

6- الكافي 2: 362/ 3.

7- الكافي 2: 363/ 5.

8- الكافي 2: 357/ 6.

(1) المدّثر 74: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 476

قال: «إذا ذكر النبي (صلى الله عليه و آله) فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، و لم يبق شي ء مما خلق الله إلا صلى على العبد لصلاة الله عليه، و صلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برى ء الله منه، و رسوله و أهل بيته».

8658/ [9]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من صلى علي صلى الله عليه و ملائكته، و من شاء فليقل، و من شاء فليكثر».

و سيأتي

إن شاء الله تعالى معنى الصلاة من الله تعالى، و كيفية الصلاة على محمد (صلى الله عليه و آله)، في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ «1» الآية.

8659/ [10]- ابن بابويه، مرسلا: عن الصادق (عليه السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، ما هذا الذكر الكثير؟ قال: «من سبح تسبيح فاطمة (عليها السلام) فقد ذكر الذكر الكثير».

8660/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن محمد بن مسلم، قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «تسبيح فاطمة (عليها السلام) من ذكر الله الكثير الذي قال الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً».

8661/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسماعيل بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ما حده؟

قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) علم فاطمة (عليها السلام) أن تكبر أربعا و ثلاثين تكبيرة، و تسبح ثلاثا و ثلاثين تسبيحة، و تحمد ثلاثا و ثلاثين تحميدة، فإذا فعلت ذلك بالليل مرة، و بالنهار مرة، فقد ذكرت الله ذكرا كثيرا».

8662/ [13]- شرف الذين النجفي: روي مرفوعا عن ابن عباس، أنه قال في تأويل قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ، قال: الصلاة على النبي و أهل بيته (صلى الله عليهم).

8663/ [14]- ا

الطبرسي: عن زرارة، و حمران ابني أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من سبح تسبيح الزهراء (عليها السلام) فقد ذكر الله كثيرا».

__________________________________________________

9- الكافي 2: 357/ 7. [.....]

10- معاني

الأخبار: 193/ 5.

11- تأويل الآيات 2: 454/ 15.

12- تأويل الآيات 2: 454/ 16.

13- تأويل الآيات 2: 454/ 17.

14- مجمع البيان 8: 568.

(1) يأتي في تفسير الآية (56) من هذة السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 477

8664/ [15]- قال: و روي عن أئمتنا (عليهم السلام): «من قال: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر ثلاثين مرة، فقد ذكر الله كثيرا».

8665/ [16]- عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «لما كانت الليلة التي أسري بي إلى السماء، وقف جبرئيل في مقامه، و غبت عن تحية كل ملك و كلامه، و صرت بمقام انقطعت عني فيه الأصوات، و تساوى عندي الأحياء و الأموات، اضطرب قلبي، و تضاعف كربي، فسمعت مناديا ينادي بلغة علي ابن أبي طالب: قف- يا محمد- فإن ربك يصلي. قلت: كيف يصلي و هو غني عن الصلاة لأحد، و كيف بلغ علي هذا المقام؟ فقال الله تعالى: اقرأ- يا محمد- هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ و صلاتي رحمة لك و لامتك. فأما سماعك صوت علي، فإن أخاك موسى بن عمران لما جاء جبل الطور، و عاين ما عاين من عظيم الأمور أذهله ما رآه عما يلقى إليه، فشغلته عن الهيبة بذكر أحب الأشياء إليه، و هي العصا، إذ قلت له: وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى «1»، و لما كان علي أحب الناس إليك ناديناك بلغته و كلامه، ليسكن ما بقلبك من الرعب، و لتفهم ما يلقى إليك».

و قال: وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى «2». بها ألف معجز ليس هذا موضعها.

سورة الأحزاب(33): الآيات 45 الي 48 ..... ص : 477

قوله تعالى:

إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً

وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا [45- 48] 8666/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً إلى قوله تعالى: وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا فإنها نزلت بمكة قبل الهجرة بخمس سنين، فهذا دليل على خلاف التأليف.

__________________________________________________

15- مجمع البيان 8: 567.

16- ...

1- تفسير القمّي 2: 194.

(1) طه 20: 17.

(2) طه 20: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 478

سورة الأحزاب(33): آية 49 ..... ص : 478

قوله تعالى:

فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا [49]

8667/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن الكوفي، عن الحسن بن سيف «1»، عن أخيه علي، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا.

قال: «متعوهن: جملوهن «2» بما قدرتم عليه من معروف، فإنهن يرجعن بكآبة و خشية و هم عظيم، و شماتة من أعدائهن، فإن الله كريم، يستحيي و يحب أهل الحياء، إن أكرمكم أشدكم إكراما لحلائله».

سورة الأحزاب(33): الآيات 50 الي 52 ..... ص : 478

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ [50- 52] 8668/ [2]- علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ يعني من الغنيمة وَ بَناتِ عَمِّكَ وَ بَناتِ عَمَّاتِكَ وَ بَناتِ خالِكَ وَ بَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.

8669/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ. فقال: «لا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أما غيره فلا يصلح نكاح إلا بمهر.

و ستأتي الروايات في هذه الآية في الآية التي بعدها، إن شاء الله تعالى.

__________________________________________________

1- التهذيب 8: 141/ 488.

2- تفسير القمّي 2: 195.

3-

الكافي 5: 384/ 2. [.....]

(1) كذا في النسخ و المصدر، و الذي في جامع الرواة 1: 243 الحسين بن سيف.

(2) في «ي، ط»: حمّلوهنّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 479

8670/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ قلت: كم أحل له من النساء؟ قال: «ما شاء من شي ء».

قلت: قوله: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ، فقال: «لرسول الله (صلى الله عليه و آله) أن ينكح ما شاء من بنات عمه، و بنات عماته، و بنات خاله، و بنات خالاته، و أزواجه اللاتي هاجرن معه، و أحل له أن ينكح من عرض المؤمنين بغير مهر، و هي الهبة، و لا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأما لغير رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلا يصلح نكاح إلا بمهر، و ذلك معنى قوله تعالى: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ».

قلت: أ رأيت قوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ؟ قال: «من آوى فقد نكح، و من أرجى فلم ينكح».

قلت: قوله: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ؟ قال: «إنما عنى به النساء اللاتي حرم عليه في هذه الآية:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ «1» إلى آخر الآية، و لو كان الأمر كما يقولون، كان قد أحل لكم ما لم يحل له، إن أحدكم يستبدل كلما أراد، و لكن ليس

الأمر كما يقولون، إن الله عز و جل أحل لنبيه (صلى الله عليه و آله) ما أراد من النساء، إلا ما حرم عليه في هذه الآية التي في النساء».

8671/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ.

فقال: «أراكم و أنتم تزعمون أنه يحل لكم ما لم يحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله)! و قد أحل الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه و آله) أن يتزوج من النساء ما شاء، إنما قال: لا يحل لك النساء من بعد الذي حرم عليك قوله:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ «2» إلى آخر الآية».

8672/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ، كم أحل له من النساء؟ قال: «ما شاء الله من شي ء».

قلت: قوله عز و جل: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ فقال: «لا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أما لغير رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلا يصلح نكاح إلا بمهر».

__________________________________________________

3- الكافي 5: 387/ 1.

4- الكافي 5: 388/ 2.

5- الكافي 5: 389/ 4.

(1) النساء 4: 33.

(2) النساء 4: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 480

قلت: أ رأيت قول

الله عز و جل: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ؟ فقال: «إنما عنى به: لا يحل لك النساء التي حرم الله في هذه الآية: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ «1»، إلى آخرها، و لو كان الأمر كما تقولون كان قد أحل لكم ما لم يحل له، لأن أحدكم يستبدل كلما أراد، و لكن الأمر ليس كما يقولون، إن الله عز و جل أحل لنبيه (صلى الله عليه و آله) أن ينكح من النساء ما أراد، إلا ما حرم عليه في هذه الآية في سورة النساء».

8673/ [6]- و

عنه: عن أحمد بن محمد العاصي، عن علي بن الحسن بن فضال، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أ رأيت قول الله عز و جل: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ؟

فقال: «إنما لم يحل له النساء التي حرم الله عليه في هذه الآية: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ «2» في هذه الآية كلها، و لو كان الأمر كما يقولون لكان قد أحل لكم ما لم يحل له هو، لأن أحدكم يستبدل كلما أراد، و لكن ليس الأمر كما يقولون، أحاديث آل محمد (عليهم السلام) خلاف أحاديث الناس، إن الله عز و جل أحل لنبيه (صلى الله عليه و آله) أن ينكح من النساء ما أراد، إلا ما حرم عليه في سورة النساء، في هذه الآية».

8674/ [7]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن جميل بن دراج، و محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قالا: سألنا أبا عبد

الله (عليه السلام): كم أحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) من النساء؟ قال: «ما شاء،- يقول بيده هكذا- و هي له حلال» يعني يقبض يده.

8675/ [8]- و عنه: بإسناده عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، و غيره، في تسمية نساء النبي (صلى الله عليه و آله)، و نسبهن، و صفتهن: عائشة، و حفصة، و ام حبيب بنت أبي سفيان بن حرب، و زينب بنت جحش، و سودة بنت زمعة، و ميمونة بنت الحارث، و صفية بنت حيي بن أخطب، و ام سلمة بنت أبي أمية، و جويرية بنت الحارث.

و كانت عائشة من تيم، و حفصة من عدي، و ام سلمة من بني مخزوم، و سودة من بني أسد بن عبد العزى، و زينب بنت جحش من بني أسد، و عدادها من بني امية، و ام حبيب «3» بنت أبي سفيان من بني امية، و ميمونة بنت الحارث من بني هلال، و صفية بنت حيي بن أخطب من بني إسرائيل.

و مات (صلى الله عليه و آله) عن تسع نساء، و كانت له سواهن: التي وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه و آله)، و خديجة بنت

__________________________________________________

6- الكافي 5: 391/ 8.

7- الكافي 5: 389/ 3.

8- الكافي 5: 390/ 5.

(1) النساء 4: 23.

(2) النساء 4: 23.

(3) في «ي، ط»: أمّ حبيبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 481

خويلد ام ولده، و زينب بنت أبي الجوزاء «1» التي جذمت «2»، و الكندية.

8676/ [9]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يتزوج على خديجة (رضي الله

عنها)».

8677/ [10]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن عاصم ابن حميد، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) ام سلمة، زوجها إياه عمر بن أبي سلمة، و هو صغير لم يبلغ الحلم».

8678/ [11]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد، عن داود بن سرحان، عن زرارة، قال: سألته: كم أحل لرسول الله (صلى الله عليه و آله) من النساء؟ قال: «ما شاء من شي ء».

قلت: فأخبرني عن قول الله عز و جل: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ. قال: «لا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أما غيره فلا يصلح له نكاح إلا بمهر».

8679/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن الحسين السكري، قال: حدثنا محمد بن زكرياء الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: «تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) بخمس عشرة امرأة، و دخل بثلاث عشرة منهن، و قبض عن تسع، فأما اللتان لم يدخل بهما: فعمرة، و الشنباء «3»، و أما الثلاث عشرة اللاتي دخل بهن: فأولهن خديجة بنت خويلد، ثم سودة بنت زمعة، ثم ام سلمة، و اسمها: هند بنت أبي أمية، ثم ام عبد الله عائشة بنت أبي بكر، ثم حفصة بنت عمر، ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث ام المساكين، ثم زينب بنت جحش، ثم ام حبيب «4»

رملة بنت أبي سفيان، ثم ميمونة بنت الحارث، ثم زينب بنت عميس، ثم جويرية بنت الحارث، ثم صفية بنت حيي بن أخطب، و التي وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه و آله) خولة بنت حكيم السلمي، و كانت له سريتان «5» يقسم لهما مع أزواجه: مارية القبطية، و ريحانة الخندقية.

و التسع اللاتي قبض عنهن: عائشة، و حفصة، و ام سلمة، و زينب بنت جحش، و ميمونة بنت الحارث، و ام حبيب بنت أبي سفيان، و صفية بنت حيي بن أخطب، و جويرية بنت الحارث، و سودة بنت زمعة، و أفضلهن:

__________________________________________________

9- الكافي 5: 391/ 6. [.....]

10- الكافي 5: 391/ 7.

11- التهذيب 7: 364/ 1478.

12- الخصال: 419/ 13.

(1) في المصدر: الجون.

(2) في المصدر: خدعت، و في «ج»: جزمت.

(3) في المصدر: و السنى.

(4) في المصدر: امّ حبيبة.

(5) السرّيّة: الأمة التي أنزلتها بيتا. «أقرب الموارد- سرر- 1: 511».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 482

خديجة بنت خويلد، ثم أم سلمة بنت أبي امية، ثم جويرية بنت الحارث».

8680/ [13]- علي بن إبراهيم: إنه كان سبب نزولها: أن امرأة من الأنصار أتت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد تهيأت و تزينت، فقالت: يا رسول الله، هل لك في حاجة، فقد وهبت نفسي لك؟ فقالت لها عائشة: قبحك الله، ما أنهمك للرجال؟! فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «مه- يا عائشة- فإنها رغبت في رسول الله إذ زهدت «1» فيه». ثم قال: «رحمك الله، و رحمكم يا معاشر الأنصار، نصرني رجالكم، و رغبت في نساؤكم، ارجعي- رحمك الله- فإني أنتظر أمر الله». فأنزل الله: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً

لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، فلا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله).

سورة الأحزاب(33): الآيات 53 الي 54 ..... ص : 482

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ- إلى قوله تعالى- مِنْ وَراءِ حِجابٍ [53] 8681/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: لما تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) زينب بنت جحش، و كان يحبها، فأولم، و دعا أصحابه، فكان أصحابه إذا أكلوا يحبون أن يتحدثوا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان يحب أن يخلو مع زينب، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ [و ذلك أنهم كانوا يدخلون بلا إذن إلى قوله مِنْ وَراءِ حِجابٍ.

8682/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تزوج زينب بنت جحش، فأولم، و كانت وليمته الحيس «2»، و كان يدعو عشرة عشرة، فكانوا إذا أصابوا طعام رسول الله (صلى الله عليه و آله) استأنسوا إلى حديثه، و استغنموا النظر إلى وجهه، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يشتهي أن يخففوا عنه فيخلو له المنزل، لأنه حديث عهد بعرس، و كان يكره أذى المؤمنين له، فأنزل الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَ لكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ

فَانْتَشِرُوا وَ لا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَ __________________________________________________

13- تفسير القمي 2: 195.

1- تفسير القمي 2: 195.

2- علل الشرائع: 65.

(1) في المصدر: زهدتن.

(2) الحيس: هو الطعام المتخذ من التمر و الدقيق و السمن. «النهاية 1: 467».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 483

ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَ اللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فلما نزلت هذه الآية، كان الناس إذا أصابوا طعام نبيهم (صلى الله عليه و آله) لم يلبثوا أن يخرجوا.

قال: فلبث رسول الله (صلى الله عليه و آله) سبعة أيام بلياليهن عند زينب بنت جحش، ثم تحول إلى بيت ام سلمة بنت أبي أمية، و كانت ليلتها و صبيحة يومها من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: فلما تعالى النهار انتهى علي (عليه السلام) إلى الباب، فدقه دقا خفيفا له، عرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) دقه، و أنكرته ام سلمة. فقال لها: «يا ام سلمة، قومي فافتحي له الباب» فقالت: يا رسول الله، من هذا الذي يبلغ من خطره أن أقوم له فافتح له الباب، و قد نزل فينا بالأمس ما قد نزل من قول الله عز و جل: وَ إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، فمن هذا الذي بلغ من خطره أن أستقبله بمحاسني و معاصمي؟

قال: فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله) كهيئة المغضب: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «1»، قومي فافتحي له الباب، فإن بالباب رجلا ليس بالخرق «2»، و لا بالنزق «3»، و لا بالعجول في أمره، يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله، و ليس بفاتح الباب حتى يتوارى عنه الوطء». فقامت ام سلمة و هي لا تدري من

بالباب، غير أنها قد حفظت النعت و المدح، فمشت نحو الباب و هي تقول: بخ، بخ لرجل يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله.

ففتحت له الباب، فأمسك بعضادتي الباب، و لم يزل قائما حتى خفي عنه الوطء.

و دخلت ام سلمة خدرها، ففتح الباب و دخل، فسلم على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال رسول الله: «يا أم سلمة، أ تعرفينه؟». قالت: نعم، و هنيئا له، هذا علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه و آله). فقال: «صدقت- يا أم سلمة- هذا علي بن أبي طالب، لحمه من لحمي، و دمه من دمي، و هو مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. يا أم سلمة، اسمعي، و اشهدي: هذا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، و سيد الوصيين «4»، و هو عيبة علمي، و بابي الذي اوتى منه، و هو الوصي على الأموات من أهل بيتي، و الخليفة على الأحياء من امتي، و أخي في الدنيا و الآخرة، و هو معي في السنام الأعلى. اشهدي- يا ام سلمة- و احفظي: أنه يقاتل الناكثين، و القاسطين، و المارقين».

و رواه السيد الرضي في كتاب (المناقب): بإسناده عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن عبد الله بن عباس «5».

8683/ [3]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري بمصر، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا العباس

__________________________________________________

3- الأمالي 1: 159. [.....]

(1) النساء 4: 80.

(2) الخرق: الجهل و الحمق. «لسان العرب- خرق- 10: 75».

(3) النّزّق: الخفة و الطيش. «لسان العرب- نزق- 10: 352».

(4) في المصدر: سيد

المسلمين.

(5) ...

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 484

ابن بكار، قال: حدثنا أبو بكر الهلالي، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال الغلابي: و حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. قال: و حدثنا أبو عيسى عبيد الله بن الفضل الطائي، قال: حدثنا الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني محمد بن سلام الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا محمد ابن صالح، و محمد بن الصلت، قالا: حدثنا عمر بن يونس اليماني، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: دخل الحسين بن علي على أخيه الحسن (عليهما السلام) في مرضه الذي توفي فيه، فقال له: «اكتب- يا أخي- هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين بن علي (عليهم السلام): أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، و لا ولي له من الذل، و أنه خلق كل شي ء فقدره تقديرا، و أنه أولى من عبد، و أحق من حمد، من أطاعه رشد، و من عصاه غوى، و من تاب إليه اهتدى.

فإني أوصيك- يا حسين- بمن خلفت من أهلي، و ولدي، و أهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، و تقبل من محسنهم، و تكون لهم خلفا و والدا، و أن تدفنني مع جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإني أحق به و ببيته ممن ادخل بيته بغير إذنه، و لا كتاب جاءهم من بعده، قال الله تعالى

فيما أنزله على نبيه (صلى الله عليه و آله) في كتابه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، فو الله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، و لا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته! و نحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده، فإن رأيت أن تفاقم عليك الأمر «1» فانشدك بالقرابة التي قرب الله عز و جل منك، و الرحم الماسة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن لا تهريق في محجمة من دم، حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنختصم إليه، فنخبره بما كان من الناس إلينا بعده». ثم قبض (عليه السلام).

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً [53- 54]

8684/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن النضر، عن محمد ابن مروان، رفعه إليهم (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ في علي و الأئمة (عليهم السلام) كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً «2».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 342/ 9.

(1) في المصدر: فإن أبت عليك الامرأة.

(2) الأحزاب 33: 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 485

8685/ [2]- علي بن إبراهيم: فإنه كان سبب نزولها: أنه لما أنزل الله النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ «1» و حرم الله نساء النبي على المسلمين غضب طلحة، فقال: يحرم علينا نساءه و يتزوج هو نساءنا! لئن أمات الله محمدا لنركضن بين خلاخل نسائه كما ركض بين خلاخل نسائنا. فأنزل الله:

وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً.

8686/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء ابن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لو لم يحرم على الناس أزواج النبي (صلى الله عليه و آله) بقول الله عز و جل: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً حرمن على الحسن و الحسين (عليهما السلام) لقول الله عز و جل: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ «2» و لا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده».

8687/ [4]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان بن عثمان، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول، و ذكر هذه الآية: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً «3»، فقال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد الوالدين» فقال عبد الله بن عجلان: من الآخر؟ فقال: «علي (عليه السلام)، و نساؤه علينا حرام، و هي لنا خاصة».

8688/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، قال: حدثني سعيد بن أبي عروبة «4»، عن قتادة، عن الحسن البصري: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تزوج امرأة من بني عامر بن صعصعة، يقال لها شنباء «5»، و كانت من أجمل أهل زمانها، فلما نظرت إليها عائشة و حفصة، قالتا: لتغلبنا هذه على

رسول الله (صلى الله عليه و آله) بجمالها، فقالتا لها: لا يرى منك رسول الله (صلى الله عليه و آله) حرصا. فلما دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) تناولها بيده، فقالت: أعوذ بالله، فانقبضت يد رسول الله (صلى الله عليه و آله) عنها، فطلقها و ألحقها بأهلها.

و تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) امرأة من كندة، بنت أبي الجون «6»، فلما مات إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ابن مارية القبطية، قالت: لو كان نبيا ما مات ابنه. فألحقها رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأهلها قبل أن

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 195.

3- الكافي 5: 420/ 1.

4- الكافي 5: 420/ 2.

5- الكافي 5: 421/ 3.

(1) الأحزاب 33: 6.

(2) النساء 4: 22. [.....]

(3) العنكبوت 29: 8.

(4) في «ج، ي، ط»: سعيد بن أبي عوذة، و في المصدر: سعد بن أبي عروة، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر تهذيب التهذيب 4: 63 و 8: 352.

(5) في المصدر: سنى.

(6) في «ط»: بنت أبي الجوزاء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 486

يدخل بها، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ولي الناس أبو بكر، أتته العامرية و الكندية و قد خطبتا، فاجتمع أبو بكر و عمر، فقالا لهما: اختارا إن شئتما الحجاب، و إن شئتما الباه «1». فاختارتا الباه، فتزوجتا، فجذم أحد الرجلين، و جن الآخر.

قال عمر بن أذينة: فحدثت بهذا الحديث زرارة و الفضيل، فرويا عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «ما نهى الله عز و جل عن شي ء إلا و قد عصي فيه، حتى لقد نكحوا أزواج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من بعده». و

ذكر هاتين:

العامرية، و الكندية.

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «لو سألتهم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، أ تحل لابنه؟ لقالوا:

لا، فرسول الله (صلى الله عليه و آله) أعظم حرمة من آبائهم».

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، نحوه «2».

8689/ [6]- ابن طاوس في (طرائفه)، قال: و من طرائف ما شهدوا به على عثمان و طلحة ما ذكره السدي في تفسيره للقرآن، في تفسير سورة الأحزاب، في تفسير قوله تعالى: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً.

قال السدي: لما توفي أبو سلمة، و خنيس بن حذافة، و تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) بامرأتيهما: أم سلمة، و حفصة، قال طلحة و عثمان: أ ينكح محمد (صلى الله عليه و آله) نساءنا إذا متنا و لا ننكح نساءه إذا مات! و الله لو قد مات لقد أجلنا على نسائه بالسهام. و كان طلحة يريد عائشة، و عثمان يريد أم سلمة، فأنزل الله تعالى: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً الآية، و أنزل الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً، و أنزل تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً «3».

سورة الأحزاب(33): آية 55 ..... ص : 486

قوله تعالى:

لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ- إلى قوله تعالى- عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيداً [55] 8690/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم رخص لقوم

معروفين في الدخول عليهن بغير إذن، فقال:

__________________________________________________

6- الطرائف: 492.

1- تفسير القمي 2: 196.

(1) الباه: الجماع. «الصحاح- بوه- 6: 2228».

(2) الكافي 5: 421/ 4.

(3) الأحزاب 33: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 487

لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَ لا أَبْنائِهِنَّ وَ لا إِخْوانِهِنَّ وَ لا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ إلى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيداً.

8691/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم، بن أبي البلاد، و يحيى بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم، عن معاوية بن عمار، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) نحوا من ثلاثين رجلا إذ دخل عليه أبي، فرحب به أبو عبد الله (عليه السلام)، و أجلسه إلى جنبه، فأقبل عليه طويلا، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن لأبي معاوية حاجة، فلو خففتم». فقمنا جميعا، فقال لي أبي: ارجع، يا معاوية.

فرجعت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هذا ابنك؟» فقال: نعم، و هو يزعم أن أهل المدينة يصنعون شيئا لا يحل لهم، قال: «و ما هو؟» قلت: إن المرأة القرشية و الهاشمية تركب و تضع يدها على رأس الأسود، و ذراعها على عنقه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بني، أما تقرأ القرآن» قلت: بلى. قال: «اقرأ هذه الآية: لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ- حتى بلغ- وَ لا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ- ثم قال- يا بني، لا بأس أن يرى المملوك الشعر، و الساق».

سورة الأحزاب(33): آية 56 ..... ص : 487

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً [56]

8692/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن

علي بن النعمان، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: كيف كانت الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله)؟

قال: «لما غسله أمير المؤمنين (عليه السلام) و كفنه، سجاه، ثم أدخل عليه عشرة، فداروا حوله، ثم وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) في وسطهم، فقال: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، فيقول القوم كما يقول، حتى صلى عليه أهل المدينة، و أهل العوالي».

8693/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلت عليه الملائكة، و المهاجرون، و الأنصار، فوجا فوجا».

قال: «و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول في صحته و سلامته: إنما أنزلت

__________________________________________________

1- الكافي 5: 531/ 2.

2- الكافي 1: 374/ 35.

3- الكافي 1: 375/ 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 488

هذه الآية في الصلاة علي بعد قبض الله لي: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً».

8694/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، قال: «الصلاة عليه، و التسليم له في كل شي ء جاء به».

8695/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا أبو

عمرو محمد بن جعفر المقرئ الجرجاني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد، قال: حدثنا محمد بن عاصم الطريفي، قال: حدثنا أبو زيد عياش «1» بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى زيد بن علي، قال: حدثني أبي يزيد بن الحسن، قال: حدثني موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: «قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): من صلى على النبي و آله فمعناه: أني أنا على الميثاق و الوفاء الذي قبلت حين قوله: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «2»».

8696/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي، عن أحمد بن حفص البزاز الكوفي، عن أبيه، عن ابن أبي حمزة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، فقال: «الصلاة من الله عز و جل رحمة، و من الملائكة تزكية «3»، و من الناس دعاء، و أما قوله عز و جل: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، فإنه يعني التسليم له فيما ورد عنه».

قال: فقلت له: كيف نصلي على محمد و آل محمد؟ قال: «تقولون: صلوات الله، و صلوات ملائكته، و أنبيائه، و رسله، و جميع خلقه على محمد و آل محمد، و السلام عليه و عليهم و رحمة الله و بركاته».

قال: قلت: فما ثواب من صلى على النبي و آله بهذه الصلاة؟ قال: «الخروج من الذنوب- و الله- كهيئته يوم ولدته امه».

8697/ [6]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد

الله، عن أحمد بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن أبي المغيرة، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «من قال في دبر صلاة الصبح، و صلاة المغرب قبل أن يثني رجليه، أو يكلم أحدا: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً

__________________________________________________

3- المحاسن: 271/ 363.

4- معاني الأخبار: 115. [.....]

5- معاني الأخبار: 367/ 1.

6- ثواب الأعمال: 156.

(1) في «ط، ي»: عباس.

(2) الأعراف 7: 172.

(3) في «ج»: بركة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 489

اللهم صل على محمد و ذريته، قضى الله له مائة حاجة: سبعين في الدنيا، و ثلاثين في الآخرة».

قال: قلت: ما معنى صلاة الله و ملائكته، و صلاة المؤمنين؟ قال: «صلاة الله رحمة من الله، و صلاة الملائكة تزكية منهم له، و صلاة المؤمنين دعاء منهم له».

8698/ [7]- الشيخ بإسناده في (مجالسه): عن العباس، عن بشر بن بكار، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن ملكا من الملائكة سأل الله أن يعطيه سمع العباد فأعطاه، فذلك الملك قائم حتى تقوم الساعة، ليس أحد من المؤمنين يقول: صلى الله على محمد و آله و سلم، إلا و قال الملك: و عليك السلام. ثم يقول الملك: يا رسول الله، إن فلانا يقرئك السلام. فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): و عليه السلام».

8699/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: صلاة الله عليه تزكية له و ثناء عليه، و صلاة الملائكة مدحهم له، و صلاة الناس دعاؤهم له و التصديق و الإقرار بفضله، و قوله: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً يعني: سلموا له بالولاية، و بما جاء به.

8700/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز

بن يحيى، عن علي بن الجعد، عن شعيب، عن الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية؟ قلت: بلى. قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خرج إلينا، فقلت: يا رسول الله، قد علمنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: «قولوا:

اللهم صل على محمد و آل محمد، كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، و بارك على محمد و آل محمد، كما باركت على إبراهيم و آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».

8701/ [10]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، و عبد الرحمن بن أبي نجران، جميعا، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل دعاء يدعى الله عز و جل به محجوب عن السماء حتى يصلى على محمد و آل محمد».

8702/ [11]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، قال: كنت عند الرضا (عليه السلام)، فعطس، فقلت له: صلى الله عليك. ثم عطس، فقلت: صلى الله عليك. ثم عطس، فقلت:

صلى الله عليك. و قلت له: جعلت فداك، إذا عطس مثلك نقول له كما يقول بعضنا لبعض: يرحمك الله، أو كما تقول «1»؟ قال: «نعم، أليس تقول: صلى الله عليه محمد و آل محمد؟» قلت: بلى. قال: «ارحم محمدا و آل محمد؟».

قال: «بلى، و قد صلى الله عليه و رحمه، و إنما صلواتنا عليه رحمة لنا و قربة».

8703/ [12]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن

__________________________________________________

7- الأمالي 2: 290.

8- تفسير القمّي 2: 196.

9-

تأويل الآيات 2: 460/ 26.

10- الكافي 2: 357/ 10.

11- الكافي 2: 478/ 4.

12- الكافي 2: 480/ 22.

(1) في «ي» و المصدر: نقول.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 490

راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من عطس، ثم وضع يده على قصبة أنفه، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، [الحمد لله حمدا] كثيرا كما هو أهله، و صلى الله على محمد النبي و آله و سلم، خرج من منخره الأيسر طائر أصغر من الجراد، و أكبر من الذباب حتى يصير تحت العرش، يستغفر الله له إلى يوم القيامة».

8704/ [13]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا عمر، إنه إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذر، في أيديهم أقلام الذهب، و قراطيس الفضة، لا يكتبون إلى ليلة السبت إلا الصلاة على محمد و آل محمد صلى الله عليه و عليهم، فأكثر منها».

و قال: «يا عمر، إن من السنة أن يصلى على محمد و على أهل بيته في كل يوم جمعة ألف مرة، و في سائر الأيام مائة مرة».

8705/ [14]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يعقوب بن عبد الله، عن إسحاق بن فروخ مولى آل طلحة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا إسحاق بن فروخ، من صلى على محمد و آل محمد عشرا صلى الله عليه و ملائكته مائة مرة، و من صلى على محمد و آل محمد مائة مرة صلى الله عليه و ملائكته ألفا، أما تسمع قول الله عز و

جل: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً «1»».

8706/ [15]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و حسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

قال: «إذا ذكر النبي (صلى الله عليه و آله) فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، و لم يبق شي ء مما خلق الله إلا صلى على العبد لصلاة الله عليه و صلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برى ء الله منه، و رسوله و أهل بيته».

8707/ [16]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «ما في الميزان شي ء أثقل من الصلاة على محمد و آل محمد، و إن الرجل لتوضع أعماله في ميزانه فيميل به، فيخرج (صلى الله عليه و آله) الصلاة عليه، فيضعها في ميزانه فيرجح».

8708/ [17]- ابن بابويه في (أماليه): بإسناده عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين سيد العابدين، عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء، عن أبيه علي بن أبي طالب سيد

__________________________________________________

13- الكافي 3: 416/ 13.

14- الكافي 2: 358/ 14. [.....]

15- الكافي 2: 357/ 6.

16- الكافي 2: 358/ 15.

17- الأمالي: 167/ 9.

(1) الأحزاب 33: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 491

الأوصياء (صلوات الله عليهم)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

من صلى علي و لم يصل على آلي لم يجد ريح الجنة، و أن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام».

8709/ [18]- و

عنه: بإسناده عن ناجية، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) «1»: «إذا صليت العصر «2» يوم الجمعة، فقل: اللهم صل على محمد و آل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، و بارك عليهم بأفضل بركاتك، و السلام عليهم «3»، و على أرواحهم، و أجسادهم و رحمة الله و بركاته. فإن من قالها بعد العصر «4»، كتب الله عز و جل له مائة ألف حسنة، و محا عنه مائة ألف سيئة، و قضى له بها مائة ألف حاجة، و رفع له بها مائة ألف درجة».

8710/ [19]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، قال: «لهذه الآية ظاهر و باطن، فالظاهر: قوله صَلُّوا عَلَيْهِ و الباطن: قوله: șΠسَلِّمُوا تَسْلِيماً أي سلموا لمن وصاه و استخلفه و فضله عليكم، و ما عهد به إليه تسليما، و هذا مما أخبرتك أنه لا يعلم تأويله إلا من لطف حسه، و صفا ذهنه، و صح تمييزه».

8711/ [20]- و

من طريق المخالفين: ما رواه البخاري في الجزء الرابع، قال: حدثنا قيس بن حفص، و موسى ابن إسماعيل، قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا أبو فروة مسلم بن سالم الهمداني، حدثني عبد الله بن عيسى، سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي (صلى الله عليه و آله)؟ فقلت: بلى، فأهدها لي. فقال: سألنا رسول الله (صلى الله عليه و آله)،

فقلنا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليكم- أهل البيت- فإن الله قد علمنا كيف نسلم؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد و على «5» آل محمد، كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد و على آل محمد، كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».

8712/ [21]- و

عنه، قال: حدثني سعيد بن يحيى بن سعيد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مسعر، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قيل: يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال:

«قولوا: اللهم صل على محمد و على آل محمد، كما صليت على إبراهيم و على «6» آل ابراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد و على آل محمد، كما باركت على إبراهيم و على «7»

__________________________________________________

18- ثواب الأعمال: 158.

19- الاحتجاج: 253.

20- صحيح البخاري 4: 289/ 172.

21- صحيح البخاري 6: 217/ 291.

(1) في المصدر: عن ناجية، عن أحدهما (عليهما السلام).

(2) (العصر) ليس في المصدر.

(3) في المصدر: عليه و عليهم.

(4) (فإن من قالها بعد العصر) ليس في المصدر.

(5) (على) ليس في «ج».

(6، 7) (إبراهيم و على) ليس في «ج» و المصدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 492

آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».

8713/ [22]- و

عنه بإسناده، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، قال: قلنا: يا رسول الله، هذا التسليم، فكيف نصلي عليك؟

قال: «قولوا: اللهم صل على محمد عبدك و رسولك، كما صليت على آل إبراهيم، و بارك على محمد و آل محمد، كما باركت على آل

إبراهيم».

8714/ [23]- و

عنه بإسناده، قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة، قال: حدثنا ابن أبي حازم، و الدراوردي، عن يزيد، و قال: «كما صليت على إبراهيم». و قال أبو صالح عن الليث: «على محمد و على آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم».

8715/ [24]- الثعلبي في (تفسيره)، في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ،

قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج بن الأزهر البغدادي، قدم علينا واسط، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن عرفة بن لؤلؤ، قال: حدثني عمر بن محمد القافلائي «1»، قال: حدثني محمد بن خلف الحدادي قال:

حدثني عبد الرحمن بن قيس أبو معاوية، قال: حدثني عمر بن ثابت، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن سعاد «2»، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «صلت الملائكة علي و على علي سبع سنين، و ذلك أنه لم يصل معي أحد غيره».

8716/ [25]- و

عنه، قال: أخبرني أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن العباس البزاز «3»، قال: حدثني أبو القاسم عبد الله «4» بن محمد بن أحمد بن أسد البزاز «5»، إملاء، قال: حدثني ابن مقاتل «6»، حدثني الحسن بن أحمد بن منصور، قال: حدثني سهل بن صالح المروزي، قال: سمعت أبا معمر عباد بن عبد الصمد، يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «صلت الملائكة علي و على علي سبعا، و ذلك أنه لم ترفع إلى السماء شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله إلا مني و منه».

__________________________________________________

22- صحيح البخاري 6: 217/ 292.

23- صحيح البخاري 6: 218/

293 و: 217 ذيل حديث 292.

24- ...، مناقب ابن المغازلي: 13/ 17، العمدة: 65/ 78.

25- ...، مناقب ابن المغازلي: 14: 19، العمدة: 65/ 79.

(1) في «ج، ي، ط»: العاقلاني، و في المصدر: الباقلاني، انظر تاريخ بغداد 11: 222.

(2) في «ج، ي، ط»: عبد الرحمن بن سعد، و في المصدر: عبد الرحمن بن سعيد، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع تهذيب الكمال 8: 67، تهذيب التهذيب 6: 183.

(3، 4) في المصدرين: البزار.

(5) في المصدرين: عبيد اللّه.

(6) في المصدرين: محمّد أبو مقاتل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 493

سورة الأحزاب(33): الآيات 57 الي 58 ..... ص : 493

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ- إلى قوله تعالى- وَ إِثْماً مُبِيناً [57- 58] 8717/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يعني عليا و فاطمة (عليهما السلام) بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً و هي جارية في الناس كلهم.

8718/ [2]- الطبرسي: حدثنا السيد أبو الحمد، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني، قال: حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي دارم الحافظ، قال: حدثنا علي بن أحمد العجلي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا أرطاة بن حبيب، قال: حدثني أبو خالد الواسطي و هو آخذ بشعره، قال:

حدثني زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني علي بن الحسين (عليهما السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو آخذ بشعره، فقال: «من آذى شعرة منك فقد آذاني،

و من آذاني فقد آذي الله، و من آذى الله فعليه لعنة الله».

8719/ [3]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعث جيشا ذات يوم لغزاة، و أمر عليهم عليا (عليه السلام)- و ما بعث جيشا قط و فيهم علي (عليه السلام) إلا جعله أميرهم- فلما غنموا رغب علي (عليه السلام) في أن يشتري من جملة الغنائم جارية، و يجعل ثمنها في جملة الغنائم، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة، و بريدة الأسلمي، و زايداه، فلما نظر إليهما يكايدانه و يزايدانه انتظر إلى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك، فلما رجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) تواطئا على أن يقولا ذلك «1» لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فوقف بريدة قدام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا رسول الله، أ لم تر إلى «2» علي بن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين؟ فأعرض عنه، فجاء عن يمينه، فقالها، فأعرض عنه، فجاء عن يساره، فقالها، فأعرض عنه، و جاء من خلفه، فقالها، فأعرض عنه، ثم عاد إلى بين يديه، فقالها، فغضب رسول الله (صلى الله عليه و آله) غضبا لم يغضب قبله و لا بعده غضبا مثله، و تغير لونه، و تربد «3» و انتفخت أوداجه، و ارتعدت أعضاؤه، فقال: ما لك- يا بريدة- آذيت رسول الله منذ اليوم، أما سمعت قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 196.

2- مجمع البيان 8: 579، شواهد التنزيل 2: 98/

776، مناقب الخوارزمي: 235.

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 136/ 70.

(1) في المصدر: يقول ذلك بريدة.

(2) في المصدر: تر أن. [.....]

(3) تربد: احمر وجهه حمزة فيها سواد عند الغضب. «لسان العرب- ربد- 3: 170».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 494

وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً؟

فقال بريدة: يا رسول الله ما علمت أني قد قصدتك بأذى.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أو تظن- يا بريدة- أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي، أما علمت أن عليا مني و أنا منه، و أن من آذى عليا فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله، و من آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟ يا بريدة، أنت أعلم، أم الله عز و جل؟ أنت أعلم، أم قراء اللوح المحفوظ؟ أنت أعلم، أم ملك الأرحام؟ فقال بريدة: بل الله أعلم، و قراء اللوح المحفوظ، و ملك الأرحام أعلم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا بريدة، أنت أعلم أم حفظة علي بن أبي طالب؟ قال: بل حفظة علي بن أبي طالب.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فكيف تخطئه، و تلومه، و توبخه، و تشنع عليه في فعله، و هذا جبرئيل (عليه السلام) أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذ ولد؟ و هذا ملك الأرحام حدثني أنه كتب «1» قبل أن يولد، حين استحكم في بطن امه: أنه لا يكون منه خطيئة أبدا، و هؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة أسري بي إلى السماء أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ مكتوبا: علي معصوم من كل

خطأ و زلل.

فكيف تخطئه أنت- يا بريدة- و قد صوبه رب العالمين، و الملائكة المقربون؟! يا بريدة، لا تتعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل، فإنه أمير المؤمنين، و سيد الوصيين، و سيد الصالحين، و فارس المسلمين، و قائد الغر المحجلين، و قسيم الجنة و النار، يقول يوم القيامة للنار: هذا لي، و هذا لك.

ثم قال: يا بريدة، أ ترى ليس لعلي من الحق عليكم- معاشر المسلمين- ألا تكايدوه، و لا تعاندوه، و لا تزايدوه؟ هيهات هيهات، إن قدر علي عند الله تعالى أعظم من قدره عندكم، ألا أخبركم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله سبحانه و تعالى يبعث يوم القيامة أقواما تمتلئ من جهة السيئات موازينهم، فيقال لهم: هذه السيئات، فأين الحسنات، و إلا فقد عطبتم؟ فيقولون: يا ربنا، ما نعرف لنا حسنات!. فإذا النداء من قبل الله عز و جل: إن لم تعرفوا لأنفسكم حسنات، فإني أعرفها لكم، و أوفرها عليكم. ثم تأتي الريح برقعة صغيرة و تطرحها في كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر مما بين السماء و الأرض، فيقال لأحدهم: خذ بيد أبيك، و أمك، و إخوانك، و أخواتك، و خاصتك، و قراباتك، و أخدانك و معارفك فأدخلهم الجنة. فيقول أهل المحشر: يا ربنا، أما الذنوب فقد عرفناها، فما كانت حسناتهم؟ فيقول الله عز و جل: يا عبادي، إن أحدهم مشى ببقية دين عليه لأخيه إلى أخيه، فقال له: خذها، فإني أحبك بحبك لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له الآخر: قد تركتها لك بحبك لعلي بن أبي طالب، و لك من مالي ما شئت. فشكر الله تعالى ذلك لهما، فحط به خطاياهما، و جعل

ذلك في حشو صحائفهما و موازينهما، و أوجب لهما و لوالديهما و لذريتهما الجنة.

ثم قال: يا بريدة، إن من يدخل النار ببغض علي أكثر من حصى الخذف الذي يرمى بها عند الجمرات فإياك

__________________________________________________

(1) في المصدر: إنّهم كتبوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 495

أن تكون منهم».

8720/ [4]- ابن شهر آشوب: عن الواحدي في (أسباب النزول)، و مقاتل بن سليمان، و أبي القاسم القشيري في تفسيريهما: أنه نزل قوله تعالى: وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا الآية، في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ذلك أن نفرا من المنافقين كانوا يؤذونه، و يسمعونه، و يكذبون عليه.

8721/ [5]- ابن مردويه: بالإسناد عن محمد بن عبد الله الأنصاري، و جابر الأنصاري، و في (الفضائل) عن أبي المظفر بإسناده عن جابر الأنصاري، و في (الخصائص) عن النطنزي بإسناده عن جابر، كلهم عن عمر بن الخطاب، قال: كنت أجفو عليا، فلقيني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «إنك آذيتني، يا عمر». فقلت: أعوذ بالله من أذى رسول الله. قال: «إنك قد آذيت عليا، و من آذاه فقد آذاني».

8722/ [6]- و

من طريق المخالفين: الترمذي في (الجامع)، و أبو نعيم في (الحلية)، و البخاري في (الصحيح)، و الموصلي في (المسند)، و أحمد في (الفضائل) و (المسند) أيضا «1»، و الخطيب في (الأربعين)، عن عمران بن الحصين، و ابن عباس، و بريدة، أنه رغب علي (عليه السلام) من الغنائم في جارية، فزايده حاطب بن أبي بلتعة، و بريدة الأسلمي، فلما بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها أخذها بذلك، فلما رجعوا وقف بريدة قدام الرسول (صلى الله عليه و آله)، و شكا من علي (عليه السلام)، فأعرض عنه النبي

(صلى الله عليه و آله)، ثم جاءه عن يمينه، و عن شماله، و من خلفه يشكوه، فأعرض عنه، ثم قام بين يديه، فقالها، فغضب النبي (صلى الله عليه و آله) و تغير لونه، و تربد وجهه، و انتفخت أوداجه، و قال: «ما لك- يا بريدة- آذيت رسول الله منذ اليوم؟! أما سمعت أن الله تعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً؟ أما علمت أن عليا مني و أنا منه، و أن من آذى عليا فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله، و من آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟

يا بريدة، أ أنت أعلم، أم الله أعلم؟ أ أنت أعلم، أم قراء اللوح المحفوظ أعلم؟ أ أنت أعلم، أم ملك الأرحام أعلم؟ أ أنت أعلم- يا بريدة- أم حفظة علي بن أبي طالب؟» قال: بل حفظته. قال: «فهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذ ولد». ثم حكى عن ملك الأرحام، و قراء اللوح المحفوظ، و فيها: «ما تريدون من علي» ثلاث مرات. ثم قال (صلى الله عليه و آله): «إن عليا مني و أنا منه، و هو ولي كل مؤمن بعدي».

سورة الأحزاب(33): الآيات 59 الي 60 ..... ص : 495

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا [59- 60]

__________________________________________________

4- المناقب 3: 210، شواهد التنزيل 2: 93/ 775، أسباب النزول: 205.

5- المناقب 3: 210.

6- المناقب 3: 211.

(1) (و المسند أيضا) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 496

8723/ [1]- علي بن إبراهيم: و أما قوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ

وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ كان سبب نزولها: أن النساء كن يخرجن إلى المسجد، و يصلين خلف رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا كان الليل خرجن إلى صلاة المغرب، و العشاء الآخرة، و الغداة، يقعد الشبان لهن في طريقهن فيؤذونهن، و يتعرضون لهن، فأنزل الله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ إلى قوله: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.

و قال: و أما قوله: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا فإنها نزلت في قوم منافقين كانوا في المدينة يرجفون برسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا خرج في بعض غزواته، يقولون: قتل، و أسر، فيغتم المسلمون لذلك، و يشكون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله في ذلك: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي شك وَ الْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها أي نأمرك بإخراجهم من المدينة إِلَّا قَلِيلًا.

سورة الأحزاب(33): آية 61 ..... ص : 496

قوله تعالى:

مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلًا [61] 8724/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ملعونين، فوجبت عليهم اللعنة، يقول الله بعد اللعنة: أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلًا».

سورة الأحزاب(33): الآيات 66 الي 69 ..... ص : 496

قوله تعالى:

يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ- إلى قوله تعالى- عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً [66- 69] 8725/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ، فإنها كناية عن الذين غصبوا آل محمد (عليهم السلام) حقهم يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا يعني في أمير المؤمنين (عليه السلام)

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 196.

2- تفسير القمي 2: 197.

3- تفسير القمي 2: 197.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 497

وَ قالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا و هما الرجلان، و السادة و الكبراء، هما أول من بدأ بظلمهم و غصبهم.

قال: قوله: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا أي طريق الجنة، و السبيل: أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم يقولون: رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً.

قال: و أما قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً أى ذا جاه.

8726/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن صفوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن بني إسرائيل كانوا يقولون: ليس لموسى ما للرجال. و كان موسى إذا أراد الاغتسال ذهب إلى موضع لا يراه فيه أحد من الناس، فكان يوما يغتسل على شط نهر و قد وضع ثيابه على صخرة، فأمر الله الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنو إسرائيل إليه، فعلموا أنه ليس كما قالوا، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً».

8727/ [3]- ثم

قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن أحمد بن النضر، عن محمد بن مروان، رفعه إليهم (عليهم السلام)، فقال: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تؤذوا رسول الله في علي و الأئمة (عليهم السلام) كما آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً».

محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، إلى آخره «1».

8728/ [4]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا، علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، عن الصادق (عليه السلام)، في حديث: «ألم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى أنه عنين، و آذوه حتى برأه الله مما قالوا، و كان عند الله وجيها؟».

سورة الأحزاب(33): الآيات 70 الي 71 ..... ص : 497

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ [70- 71]

8729/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، قال: قال أبو

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 197.

3- تفسير القمّي 2: 197.

4- الأمالي: 91/ 3.

1- الكافي 8: 107/ 81.

(1) الكافي 1: 342/ 9. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 498

عبد الله (عليه السلام) لعباد بن كثير الصوفي البصري: «ويحك- يا عباد- غرك أن عف بطنك و فرجك؟ إن الله عز و جل يقول في كتابه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ اعلم أنه لا يتقبل الله عز و جل منك شيئا حتى تقول قولا سديدا «1»».

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ

فَوْزاً عَظِيماً [71]

8730/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، «و من يطع الله و رسوله في ولاية علي و الأئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما، هكذا نزلت».

و روى الحديث علي بن إبراهيم بعين السند و المتن، إلى أن قال في آخره: «هكذا نزلت و الله «2»».

8731/ [2]- محمد بن العباس (رحمه الله): عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن علي، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «و من يطع الله و رسوله في ولاية علي و الأئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما».

ابن شهر آشوب: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) كما في رواية محمد بن يعقوب «3».

سورة الأحزاب(33): الآيات 72 الي 73 ..... ص : 498

قوله تعالى:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [72- 73]

8732/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن

__________________________________________________

1- الكافي 1: 342/ 8.

2- تأويل الآيات 2: 469/ 39.

3- الكافي 1: 341/ 2.

(1) في المصدر: قولا عدلا.

(2) تفسير القمّي 2: 197.

(3) المناقب 3: 106.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 499

إسحاق بن عمار، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ

مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا، قال: «هي ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

8733/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و الأئمة بعدهم (صلوات الله عليهم)، فعرضها على السماوات، و الأرض، و الجبال، فغشيها نورهم.

فقال الله تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال: هؤلاء أحبائي، و أوليائي، و حججي على خلقي، و أئمة بريتي، ما خلقت خلقا أحب إلي منهم، لهم و لمن تولاهم خلقت جنتي، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري، فمن ادعى منزلتهم مني، و محلهم من عظمتي عذبته عذابا أليما لا أعذبه أحدا من العالمين، و جعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري، و من أقر بولايتهم، و لم يدع منزلتهم مني و مكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي، و كان لهم فيها ما يشاءون عندي، و أبحتهم كرامتي، و أحللتهم جواري، و شفعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي، فولايتهم أمانة «1» عند خلقي، فأيكم يحملها بأثقالها، و يدعيها لنفسه دون خيرتي؟ فأبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها، و أشفقن من ادعاء منزلتها، و تمني محلها من عظمة ربها، فلما أسكن الله عز و جل آدم و زوجته

الجنة، و قال لهما: وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ «2» يعني شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «3».

فنظرا إلى منزلة محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و الأئمة بعدهم (صلوات الله عليهم)، فوجداها أشرف منازل الجنة، فقالا: يا ربنا، لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جل جلاله: ارفعا رءوسكما إلى ساق عرشي. فرفعا رؤوسهما، فوجدا اسم محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و الأئمة بعدهم (صلوات الله عليهم) مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله، فقالا: يا ربنا، ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، و ما أحبهم إليك، و ما أشرفهم لديك؟ فقال الله جل جلاله: لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي، و امنائي على سري، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد، و تتمنيا منزلتهم عندي و محلهم من كرامتي، فتدخلا بذلك في نهيي و عصياني، فتكونا من الظالمين. قالا: ربنا، و من الظالمون؟ قال: المدعون منزلتهم بغير حق. قالا: ربنا، فأرنا منازل ظالميهم في نارك، حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك.

فأمر الله تبارك و تعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال و العذاب، و قال عز و جل: مكان الظالمين

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 108/ 1.

(1) في «ط»: أمانتي.

(2، 3) البقرة 2: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 500

لهم، المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها، كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، و كلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ليذوقوا العذاب. يا آدم، و يا حواء، لا تنظرا إلى أنواري و حججي بعين الحسد فاهبطكما من جواري، و أحل بكما هواني.

فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما، و

قال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين، أو تكونا من الخالدين، و قاسمهما إني لكما لمن الناصحين، فدلاهما بغرور، و حملهما على تمني منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد، فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة، فعاد مكان ما أكلا شعيرا- فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه، و أصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه- فلما أكلا من الشجرة طار الحلي و الحلل عن أجسادهما، و بقيا عريانين وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قالَ اهْبِطُوا «1» من جواري، فلا يجاورني في جنتي من يعصيني، فاهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش.

فلما أراد الله عز و جل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل (عليه السلام)، فقال لهما: إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما، فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل إلى أرضه، فاسألا ربكما بحق هذه الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش، حتى يتوب عليكما. فقالا: اللهم، إنا نسألك بحق الأكرمين عليك: محمد، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و الأئمة (عليهم السلام) إلا تبت علينا، و رحمتنا. فتاب الله عليهما، إنه هو التواب الرحيم.

فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة، و يخبرون بها أوصياءهم، و المخلصين من أممهم فيأبون حملها، و يشفقون من ادعائها، و حملها الإنسان الذي قد عرف، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة، و ذلك قول الله عز و جل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ

عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا».

8734/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن مروان بن مسلم، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا، قال: «الأمانة: الولاية، و الإنسان: هو أبو الشرور المنافق».

8735/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن

__________________________________________________

3- معاني الأخبار: 110/ 2.

4- معاني الأخبار: 110/ 3.

(1) الأعراف 7: 22- 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 501

علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها، الآية. فقال: «الأمانة: الولاية، من ادعاها بغير حق كفر».

8736/ [5]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن سعيد، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها، قال: «هي الولاية، أبين أن يحملنها «1» وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ و الإنسان الذي حملها: أبو فلان».

8737/ [6]- محمد بن العباس، عن الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن الحكم

بن مسكين، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا، قال: «يعني بها ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

8738/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: الأمانة هي الإمامة، و الأمر و النهي. و الدليل على أن الأمانة هي الإمامة، قوله عز و جل في الأئمة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها «2»، يعني الإمامة، فالأمانة هي الإمامة، عرضت على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها، قال: أبين أن يدعوها، أو يغصبوها أهلها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ أي الأول إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ وَ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.

8739/ [8]- ابن شهر آشوب: عن أبي بكر الشيرازي في (نزول القرآن في شأن علي (عليه السلام)، بالإسناد عن مقاتل، عن محمد بن الحنفية، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

قال: «عرض الله أمانتي على السماوات السبع بالثواب و العقاب، فقلن: ربنا، لا نحملها بالثواب و العقاب، لكن نحملها بلا ثواب و لا عقاب. و إن الله عرض أمانتي و ولايتي على الطيور، فأول من آمن بها: البزاة و القنابر، و أول من جحدها من الطيور: البوم و العنقاء، فلعنهما الله تعالى من بين الطيور، فأما البوم فلا تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطيور لها، و أما العنقاء، فغابت في البحار لا ترى.

__________________________________________________

5- بصائر الدرجات: 96/ 3.

6- تأويل الآيات

2: 470/ 40. [.....]

7- تفسير القمّي 2: 198.

8- المناقب 2: 314.

(1) زاد في المصدر: كفرا بها و عنادا.

(2) النساء 4: 58.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 502

و إن الله عرض أمانتي على الأرض، فكل بقعة آمنت بولايتي و أمانتي جعلها الله طيبة مباركة زكية، و جعل نباتها و ثمرها حلوا عذبا، و جعل ماءها زلالا، و كل بقعة جحدت إمامتي «1» و أنكرت ولايتي جعلها سبخة، و جعل نباتها مرا علقما، و جعل ثمرها العوسج و الحنظل، و جعل ماءها ملحا أجاجا».

ثم قال: وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ يعني أمتك يا محمد، ولاية أمير المؤمنين و إمامته «2» بما فيها من الثواب و العقاب إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً لنفسه جَهُولًا لأمر ربه، من لم يؤدها بحقها فهو ظلوم و غشوم.

و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يحبني إلا مؤمن، و لا يبغضني إلا منافق و ولد حرام».

8740/ [9]- عمر بن إبراهيم الأوسي: عن صاحب كتاب (الدر الثمين) يقول: قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها، الأمانة: و هي إنكار ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عرضت على ما ذكرنا، فأبين أن يحملنها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا و هو الأول. لأي الأشياء! لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ فقد خابوا و الله، و فاز المؤمنون و المؤمنات.

8741/ [10]- شرف الدين النجفي، قال في تأويل إِنَّا عَرَضْنَا: أي عارضنا و قابلنا، و الأمانة هنا: الولاية.

قال: و قوله: عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فيه قولان: الأول: إن العرض على أهل السماوات و الأرض من الملائكة، و الجن، و الإنس، فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه. و

الثاني: قول ابن عباس: و هو أنه عرضت على نفس السماوات و الأرض و الجبال، فامتنعت من حملها، و أشفقن منها، لأن نفس الأمانة قد حفظتها الملائكة و الأنبياء و المؤمنون، و قاموا بها.

__________________________________________________

9- ...

10- تأويل الآيات 2: 469.

(1) في «ج، ي، ط»: أمانتي.

(2) في «ي، ط»: و أمانته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 503

سورة سبأ ..... ص : 503

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 505

فضلها ..... ص : 505

8742/ [1]- ابن بابويه بإسناده عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «الحمدان جميعا: حمد سبأ، و حمد فاطر، من قرأهما في ليلة لم يزل في ليلته في حفظ الله و كلاءته، و من قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه، و اعطي من خير الدنيا و خير الآخرة ما لم يخطر على قلبه و لم يبلغ مناه».

8743/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة، لم يبق شي ء إلا كان يوم القيامة رفيقا صالحا، و من كتبها و علقها عليه لم يقربه دابة و لا هوام، و إن شرب ماءها، و رش عليه، و كان يفرق من شي ء، أمن و سكن روعه، و لا يفزع إن غسل وجهه بمائها».

8744/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه لا يقربه دابة و لا هوام، و من كتبها و شربها بماء، و رش على وجهه منها، و كان خائفا، أمن مما يخاف منه، و سكن روعه».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110.

2- ...

3- ...

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 507

سورة سبأ(34): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 507

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [1- 3] 8745/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ إلى قوله تعالى: يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ، قال: ما يدخل فيها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ يعني المطر وَ ما يَخْرُجُ مِنْها، قال: من النبات وَ

ما يَعْرُجُ فِيها قال: من أعمال العباد. ثم حكى عز و جل قول الدهرية، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث في ذلك في قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ «1».

8746/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أول ما خلق الله، القلم، فقال له: اكتب. فكتب ما كان، و ما هو كائن إلى يوم القيامة».

سورة سبأ(34): الآيات 6 الي 11 ..... ص : 507

قوله تعالى:

وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ- إلى

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 198.

2- تفسير القمّي 2: 198.

(1) سيأتي في تفسير الآيات (7) من سورة المجادلة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 508

قوله تعالى- أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ [6- 11] 8747/ [1]- علي بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ، قال: هو أمير المؤمنين (عليه السلام)، صدق رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما أنزل الله عليه. ثم حكى قول الزنادقة، فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ أي متم و صرتم ترابا إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ تعجبوا أن يعيدهم الله خلقا جديدا أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ أي مجنون؟ فرد الله عليهم، فقال: بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَ الضَّلالِ الْبَعِيدِ.

ثم ذكر ما اعطي داود

(عليه السلام)، فقال: وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ أي سبحي الله وَ الطَّيْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ، قال: كان داود (عليه السلام) إذا مر في البراري فقرأ الزبور تسبح الجبال و الطير و الوحوش معه، و ألان الله له الحديد مثل السمع، حتى كان يتخذ منه ما أحب.

قال: و قال الصادق (عليه السلام): «اطلبوا الحوائج يوم الثلاثاء، فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود (عليه السلام)».

8748/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من تعذر عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء، فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود (عليه السلام)».

8749/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله: أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ، قال: الدروع وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ، قال:

المسامير التي في الحلقة.

8750/ [4]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن أحمد بن أبي عبد الله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: أوحى الله عز و جل إلى داود (عليه السلام): أنك نعم العبد لو لا أنك تأكل من بيت المال، و لا تعمل بيدك. قال: فبكى داود (عليه السلام) أربعين صباحا، فأوحى الله عز و جل إلى الحديد أن لن لعبدي داود. فألان الله عز و جل له الحديد، فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة و ستين درعا، فباعها بثلاثمائة و ستين ألفا، و استغنى عن بيت المال».

8751/ [5]- و

عنه، بإسناده عن أحمد بن محمد بن

أبي نصر، قال: سألنا الرضا (عليه السلام): «هل من أصحابكم من يعالج السلاح؟». فقلت: رجل من أصحابنا زراد. فقال: «إنما هو سراد، أما تقرأ كتاب الله عز و جل لداود:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 198.

2-- الكافي 8: 143/ 109 (قطعة منه).

3- تفسير القمي 2: 199.

4- الكافي 5: 74/ 5.

5- قرب الإسناد: 160.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 509

أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ «1»».

سورة سبأ(34): الآيات 12 الي 13 ..... ص : 509

قوله تعالى:

وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ- إلى قوله تعالى- اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً [12- 13] 8752/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قوله: وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ، قال: كانت الريح تحمل كرسي سليمان، فتسير به في الغداة مسيرة شهر، و بالعشي مسيرة شهر.

و قوله: وَ أَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ أي الصفر وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ مَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ. و قوله: يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَ تَماثِيلَ قال: في الشجر.

8753/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد، و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي ابن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَ تَماثِيلَ، فقال: «و الله ما هي تماثيل الرجال و النساء، و لكنها تماثيل «2» الشجر و شبهه».

8754/ [3]- الطبرسي: روي عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «و الله ما هي تماثيل الرجال و النساء، و لكنه الشجر و ما أشبهه».

8755/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ أي جفنة كالحفرة وَ قُدُورٍ راسِياتٍ أي ثابتات. ثم قال:

اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً قال: اعملوا ما تشكرون عليه.

سورة سبأ(34): آية 14 ..... ص : 509

قوله تعالى:

فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ [14]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 199.

2- الكافي 6: 527/ 7.

3- مجمع البيان 8: 600.

4- تفسير القمّي 2: 199.

(1) زاد في المصدر: الحلقة بعد الحلقة.

(2) (تماثيل) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 510

8756/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل أوحى إلى سليمان بن داود (عليهما السلام): أن آية موتك أن شجرة تخرج من بيت المقدس يقال لها الخرنوبة. فنظر سليمان يوما، فإذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت من بيت المقدس، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة- قال- فولى سليمان مدبرا إلى محرابه، فقام فيه متكئا على عصاه، فقبض روحه من ساعته- قال- فجعلت الجن و الإنس يخدمونه، و يسعون في أمره كما كانوا، و هم يظنون أنه حي لم يمت، يغدون و يروحون و هو قائم ثابت، حتى دبت الأرضة من عصاه، فأكلت منسأته، فانكسرت، و خر سليمان (عليه السلام) إلى الأرض، أ فلا تسمع قوله عز و جل: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ».

8757/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى

الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد «1» (عليهم السلام)، قال: «إن سليمان بن داود (عليه السلام) قال ذات يوم لأصحابه: إن الله تبارك و تعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، سخر لي الريح و الإنس و الجن و الطير و الوحوش، و علمني منطق الطير، و آتاني من كل شي ء، و مع جميع ما أوتيت من الملك ما تم سروري يوما «2» إلى الليل، و قد أحببت أن أدخل قصري في غد، فأصعد أعلاه و أنظر إلى ممالكي، فلا تأذنوا لأحد علي لئلا يرد علي ما ينغص علي يومي. فقالوا: نعم.

فلما كان من الغد، أخذ عصاه بيده و صعد إلى أعلى موضع من قصره، و وقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه، مسرورا بما اوتي، فرحا بما اعطي، إذ نظر إلى شاب حسن الوجه و اللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره، فلما أبصر به سليمان (عليه السلام)، قال له: من أدخلك إلى هذا القصر، و قد أردت أن أخلوا فيه هذا اليوم. و بإذن من دخلت؟ قال الشاب: أدخلني هذا القصر ربه، و بإذنه دخلت. فقال: ربه أحق به مني، فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت. قال: و فيم جئت؟ قال جئت لأقبض روحك. قال: امض لما أمرت به، فهذا يوم سروري، و أبى الله عز و جل أن يكون لي سرور دون لقائه.

فقبض ملك الموت روحه و هو متكئ على عصاه، فبقي سليمان متكئا على عصاه و هو ميت ما شاء الله،

__________________________________________________

1- الكافي 8: 144/ 114.

2- عيون أخبار الرّضا 1: 265/ 24، علل الشرائع: 73/ 2.

(1) في المصدر زيادة: عن أبيه محمد بن

عليّ. [.....]

(2) في المصدر: ما تمّ لي سرور يوم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 511

و الناس ينظرون إليه و هم يقدرون أنه حي، فافتتنوا فيه، و اختلفوا، فمنهم من قال: إن سليمان قد بقي متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة و لم يتعب، و لم ينم، و لم يأكل، و لم يشرب! إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده. و قال قوم:

إن سليمان ساحر، و إنه ليرينا أنه واقف متكئ على عصاه فيسحر أعيننا، و ليس كذلك. و قال المؤمنون: إن سليمان هو عبد الله و نبيه، يدبر الله أمره بما شاء.

فلما اختلفوا بعث الله عز و جل الأرضة فدبت في عصا سليمان، فلما أكلت جوفها انكسرت العصا، و خر سليمان من قصره على وجهه، فشكرت الجن الأرضة على صنيعها، فلأجل ذلك لا توجد الأرضة في مكان إلا و عندها ماء و طين، و ذلك قول الله عز و جل: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ يعني عصاه فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ».

ثم قال الصادق (عليه السلام): «و ما نزلت هذه الآية هكذا، و إنما نزلت: فلما خر تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين».

8758/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أمر سليمان بن داود الجن فصنعوا له قبة من قوارير، فبينما هو متكئ على عصاه في القبة ينظر إلى الجن كيف يعملون، و

هم ينظرون إليه، إذ حانت منها التفاتة، فإذا رجل معه في القبة، قال: من أنت؟ قال أنا الذي لا أقبل الرضا، و لا أهاب الملوك، أنا ملك الموت. فقبضه و هو قائم متكئ على عصاه في القبة، و الجن ينظرون إليه- قال- فمكثوا سنة يدأبون له حتى بعث الله عز و جل الأرضة، فأكلت منسأته، و هي العصا فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الجن يشكرون الأرضة ما صنعت بعصا سليمان (عليه السلام)، فما تكاد تراها في مكان إلا و عندها ماء و طين».

8759/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن الحسن بن علي، عن علي بن عقبة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لقد شكرت الشياطين الأرضة حين أكلت عصا سليمان (عليه السلام) حتى سقط، و قالوا: عليك الخراب، و علينا الماء و الطين، فلا تكاد تراها في موضع إلا رأيت ماء و طينا».

8760/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن نصير، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، و فضالة، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الجن

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 74/ 3.

4- علل الشرائع: 74/ 4.

5- علل الشرائع: 72/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 512

شكرت الأرضة ما صنعت بعصا سليمان،

فما تكاد تراها «1» إلا و عندها ماء و طين».

8761/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: لما أوحى الله إلى سليمان إنك ميت، أمر الشياطين أن يتخذوا له بيتا من قوارير، و وضعوه في لجة البحر، و دخله فاتكأ على عصاه، و كان يقرأ الزبور و الشياطين حوله ينظرون إليه لا يجسرون أن يبرحوا، فبينما هو كذلك إذ حانت منه التفاتة، فإذا هو برجل معه في القبة، ففزع منه سليمان، فقال له:

«من أنت؟» قال: أنا الذي لا أقبل الرشا، و لا أهاب الملوك. فقبضه و هو متكئ على عصاه سنة و الجن يعملون له، و لا يعلمون بموته، حتى بعث الله الأرضة، فأكلت منسأته، فلما خر على وجهه تبينت الإنس أن لو كان الجن «2» يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، فهكذا نزلت هذه الآية، و ذلك أن الإنس كانوا يقولون: إن الجن يعلمون الغيب، فلما سقط سليمان على وجهه علم الإنس أن لو يعلم الجن الغيب لم يعملوا سنة لسليمان و هو ميت، و يتوهمونه حيا- قال- فالجن تشكر الأرضة بما عملت بعصا سليمان.

قال: فلما هلك سليمان وضع إبليس السحر و كتبه في كتاب، ثم طواه و كتب على ظهره: هذا ما وضعه آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز الملك و العلم، من أراد كذا و كذا فليعمل كذا و كذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استثاره لهم، فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان إلا بهذا. و قال المؤمنون: بل هو عبد الله و نبيه.

8762/ [7]- الطبرسي: «تبينت الإنس» و هي قراءة علي بن الحسين، و أبي عبد الله (عليه السلام).

سورة سبأ(34): الآيات 15 الي 19 ..... ص : 512

قوله تعالى:

لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ

يَمِينٍ وَ شِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ- إلى قوله تعالى- لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [15- 19]

8763/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير، قال سأل رجل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ.

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 199.

7- مجمع البيان 8: 594.

1- الكافي 8: 395/ 5996.

(1) زاد في المصدر: في مكان.

(2) في المصدر: أن لو كانوا، أي الجن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 513

فقال: «هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض، و أنهار جارية، و أموال ظاهرة، فكفروا بأنعم الله، و غيروا ما بأنفسهم، فأرسل الله عز و جل عليهم سيل العرم، فغرق قراهم، و خرب ديارهم، و أذهب أموالهم، و أبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط «1»، و أثل، و شي ء من سدر قليل، ثم قال الله عز و جل:

ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ».

8764/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ الآية.

فقال: «هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض، و أنهار جارية، و أموال ظاهرة، فكفروا بأنعم الله، و غيروا ما بأنفسهم من عافية الله، فغير الله ما بهم من نعمة و إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فأرسل الله عليهم سيل العرم، فغرق قراهم، و خرب

ديارهم، و أذهب أموالهم، و أبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط، و أثل، و شي ء من سدر قليل، ثم قال: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ».

8765/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: فإن بحرا كان من اليمن، و كان سليمان أمر جنوده أن يجروا له خليجا من البحر العذب إلى بلاد الهند، ففعلوا ذلك، و عقدوا له عقدة عظيمة من الصخر و الكلس حتى يفيض على بلادهم، و جعلوا للخليج مجاري، فكانوا إذا أرادوا أن يرسلوا منه الماء أرسلوه بقدر ما يحتاجون إليه، و كان لهم جنتان عن يمين و شمال، عن مسيرة عشرة أيام، فيها يمر المار لا تقع عليه الشمس من التفافهما «2»، فلما عملوا بالمعاصي، و عتوا عن أمر ربهم، و نهاهم الصالحون فلم ينتهوا، بعث الله على ذلك السد الجرذ- و هي الفأرة الكبيرة- فكانت تقتلع الصخرة التي لا يستقلعها «3» الرجل، و ترمي بها، فلما رأى ذلك قوم منهم هربوا و تركوا البلاد، فما زال الجرذ يقلع الحجر حتى خربوا ذلك السد، فلم يشعروا حتى غشيهم السيل، و خرب بلادهم، و قلع أشجارهم، و هو قوله:

لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ إلى قوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ يعني العظيم الشديد وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ و هو ام غيلان وَ أَثْلٍ قال: هو نوع من الطرفاء وَ شَيْ ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا إلى قوله تعالى: بارَكْنا فِيها قال: مكة.

8766/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام، قال: دخل قتادة بن

دعامة على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: «يا قتادة، أنت فقيه أهل البصرة؟» فقال: هكذا يزعمون. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «بلغني أنك تفسر القرآن؟» قال له قتادة: نعم. فقال له أبو

__________________________________________________

2- الكافي 2: 210/ 23.

3-- تفسير القمّي 2: 200.

4- الكافي 8: 311/ 485.

(1) الخمط: كلّ نبت قد أخذ طعما من مرارة حتّى لا يمكن أكله. «لسان العرب- خمط- 7: 296».

(2) في «ط، ي»: فيها ثمر لا يقع عليها الشمس من التفافها. [.....]

(3) في المصدر: يستقيلها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 514

جعفر (عليه السلام): «بعلم تفسره، أم بجهل؟». قال: لا، بعلم، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت، و أنا أسألك». قال قتادة: سل.

قال: «أخبرني عن قول الله عز و جل في سبأ: وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ». فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد، و راحلة، و كراء حلال يريد هذا البيت، كان آمنا حتى يرجع إلى أهله.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أنشدك بالله- يا قتادة- هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال، [و راحلة] و كراء حلال، يريد هذا البيت، فيقطع عليه الطريق، فتذهب نفقته، و يضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟» قال قتادة: اللهم نعم.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ويحك- يا قتادة- إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت و أهلكت، و إن كنت أخذته من الرجال فقد هلكت و أهلكت. ويحك- يا قتادة- ذلك من خرج من بيته بزاد، و راحلة، و كراء حلال يروم هذا البيت، عارفا بحقنا، يهوانا قلبه، كما قال الله عز و جل: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ «1»

و لم يعن البيت، فيقول: إليه، فنحن و الله دعوة إبراهيم (صلى الله عليه و آله) التي من هوانا قلبه قبلت حجته، و إلا فلا. يا قتادة، فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة».

قال قتادة: لا جرم، و الله لا فسرتها إلا هكذا. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إنما يعرف القرآن من خوطب به».

8767/ [5]- الشيخ في (غيبته)، قال: روى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمد بن صالح الهمداني، قال: كتبت إلى صاحب الزمان (عليه السلام): أن أهل بيتي يؤذونني، و يقرعونني «2» بالحديث الذي روي عن ءابائك (عليهم السلام)، أنهم قالوا: «خدامنا و قوامنا شرار خلق الله» فكتب: «ويحكم، ما تقرءون ما قال الله تعالى: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً فنحن و الله القرى التي بارك الله فيها، و أنتم القرى الظاهرة».

و رواه ابن بابويه: في (غيبته)، قال: حدثنا أبي، و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قالا: حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري، عن محمد بن صالح الهمداني، عن صاحب الزمان (عليه السلام)، الحديث إلى آخره «3».

8768/ [6]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث في معنى الآية- قال: «يا أبا بكر، سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ- فقال- مع قائمنا أهل البيت».

8769/ [7]- محمد بن العباس: عن الحسين بن علي بن زكريا البصري، عن الهيثم بن عبد الله الرماني، قال:

__________________________________________________

5- الغيبة: 345/ 295.

6- علل الشرائع: 91/ ذ ح 5.

7- تأويل الآيات 2: 471/ 1.

(1) إبراهيم 14: 37.

(2) التقريع: التأنيب: و التعنيف. «لسان العرب- قرع- 8: 266». في «ي، ط»: و يفزعوني.

(3) كمال الدين

و تمام النعمة: 483/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 515

حدثني علي بن موسى، قال: «حدثني أبي موسى، عن أبيه جعفر (عليهم السلام)، قال: دخل على أبي بعض من يفسر القرآن، فقال له: أنت فلان؟ و سماه باسمه، قال: نعم. قال: أنت الذي تفسر القرآن؟ قال: نعم. قال: فكيف تفسر هذه الآية: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ؟ قال: هذه بين مكة و منى. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): أ يكون في هذا الموضع خوف و قطع؟ قال: نعم، قال: فموضع يقول الله عز و جل: آمن، يكون فيه خوف و قطع؟! قال: فما هو؟ قال: ذاك نحن أهل البيت، قد سماكم الله أناسا، و سمانا قرى.

قال: جعلت فداك، أوجدت هذا في كتاب الله أن القرى رجال؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): أليس الله تعالى يقول: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها «1»، فللجدران و الحيطان السؤال، أم للناس؟ و قال تعالى: وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً «2» فلمن العذاب: للرجال، أم للجدران و الحيطان؟».

8770/ [8]- و

عنه: عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «دخل الحسن البصري على محمد بن علي (عليه السلام)، فقال له: يا أخا أهل البصرة، بلغني أنك فسرت آية من كتاب الله على غير ما أنزلت، فإن كنت فعلت فقد هلكت و استهلكت «3». قال: و ما هي،

جعلت فداك؟ قال: قول الله عز و جل: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ. ويحك، كيف يجعل الله لقوم أمانا و متاعهم يسرق بمكة و المدينة و ما بينهما، و ربما أخذ عبدا، و قتل، و فاتت نفسه- ثم مكث مليا، ثم أومأ بيده إلى صدره، و قال- نحن القرى التي بارك الله فيها.

قال: جعلت فداك، أوجدت هذا في كتاب الله: أن القرى رجال؟ قال: نعم، قوله عز و جل: وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً «4»، فمن العاتي على الله عز و جل:

الحيطان، أم البيوت، أم الرجال؟

فقال: الرجال ثم قال: جعلت فداك، زدني. قال: قوله عز و جل في سورة يوسف (عليه السلام): وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها «5»، لمن أمروه أن يسأل، عن القرية و العير، أم الرجال؟

فقال: جعلت فداك، فأخبرني عن القرى الظاهرة. قال: هم شيعتنا- يعني العلماء منهم-».

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 2: 472/ 2.

(1) يوسف 12: 82.

(2) الاسراء 17: 58.

(3) استهلكه: بمعنى أهلكه.

(4) الطلاق 65: 8.

(5) يوسف 12: 82.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 516

8771/ [9]- و في قوله تعالى: سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ

روي عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، أنه قال: «آمنين من الزيغ» أي فيما يقتبسون منهم من العلم في الدنيا و الدين.

8772/ [10]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أبي حمزة الثمالي، قال: دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقال له: جعلني الله فداك، أخبرني عن قول

الله عز و جل: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ. قال له: «ما تقول الناس فيها قبلكم بالعراق؟». فقال: يقولون إنها مكة. فقال: «و هل رأيت السرق في موضع أكثر منه بمكة؟».

قال: فما هو؟ قال: «إنما عنى الرجال». قال: و أين ذلك في كتاب الله؟ فقال: «أ و ما تسمع إلى قوله عز و جل:

وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ «1»، و قال: وَ تِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ «2»، و قال: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها «3»، أ فيسأل القرية، و العير، أو الرجال؟». قال: و تلا عليه آيات في هذا المعنى.

قال: جعلنا فداك، فمن هم؟ قال: «نحن هم». و قوله: سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ، قال: «آمنين من الزيغ».

8773/ [11]- و

عنه، في (الاحتجاج): عن أبي حمزة الثمالي، قال: أتى الحسن البصري أبا جعفر (عليه السلام)، قال: يا أبا جعفر، ألا أسألك عن أشياء من كتاب الله؟ فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «أ لست فقيه أهل البصرة؟» قال: قد يقال ذلك. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «هل بالبصرة أحد تأخذ عنه؟» قال: لا. قال: «فجميع أهل البصرة يأخذون عنك؟» قال: نعم.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «سبحان الله! لقد تقلدت عظيما من الأمر، بلغني عنك أمر فما أدري أ كذلك أنت، أم يكذب عليك؟». قال: ما هو؟ قال: «زعموا أنك تقول: إن الله خلق العباد و فوض إليهم أمورهم». قال: فسكت الحسن، فقال: «أ رأيت من قال الله له في كتابه: إنك آمن، هل عليه خوف بعد هذا القول؟»

فقال الحسن: لا.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إني أعرض عليك آية، و أنهي إليك خطابا، و لا أحسبك إلا و قد فسرته على غير وجهه، فإن كنت فعلت ذلك فقد هلكت و أهلكت» فقال له: ما هو؟ فقال: «أ رأيت الله حيث يقول: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ يا حسن، بلغني أنك أفتيت الناس، فقلت: هي مكة؟».

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 473/ 3. [.....]

10- الاحتجاج: 313.

11- الاحتجاج: 327.

(1) الطلاق 65: 8.

(2) الكهف 18: 59.

(3) يوسف 12: 82.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 517

و قال أبو جعفر (عليه السلام): «فهل يقطع على من حج مكة، و هل يخاف أهل مكة، و هل تذهب أموالهم؟».

قال: بلى. قال: «فمتى يكونون آمنين؟ بل فينا ضرب الله الأمثال في القرآن، فنحن القرى التي بارك الله فيها، و ذلك قول الله عز و جل. فمن أقر بفضلنا حيث أمرهم الله أن يأتونا، فقال: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها أي جعلنا بينهم و بين شيعتهم القرى التي باركنا فيها قُرىً ظاهِرَةً، و القرى الظاهرة: الرسل، و النقلة عنا إلى شيعتنا، و فقهاء شيعتنا إلى شيعتنا.

و قوله تعالى: وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ، فالسير مثل للعلم سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً، مثل لما يسير من العلم في الليالي و الأيام عنا إليهم في الحلال، و الحرام، و الفرائض، و الأحكام آمِنِينَ فيها إذا أخذوا من معدنها الذي أمروا أن يأخذوا منه، آمنين من الشك و الضلال، و النقلة من الحرام إلى الحلال لأنهم أخذوا العلم ممن وجب لهم أخذهم إياه عنهم بالمعرفة «1»، لأنهم أهل

ميراث العلم من آدم إلى حيث انتهوا، ذرية مصطفاة بعضها من بعض، فلم ينته الأمر «2» إليكم، بل إلينا انتهى، و نحن تلك الذرية المصطفاة، لا أنت، و لا أشباهك، يا حسن. فلو قلت لك حين ادعيت ما ليس لك، و ليس إليك: يا جاهل أهل البصرة، لم أقل فيك إلا ما علمته منك، و ظهر لي عنك، و إياك أن تقول بالتفويض، فإن الله عز و جل لم يفوض الأمر إلى خلقه و هنا منه و ضعفا، و لا أجبرهم على معاصيه ظلما».

8774/ [12]- و

عنه في (الاحتجاج): أن الصادق (عليه السلام) قال لأبي حنيفة لما دخل عليه، قال: «من أنت؟» قال: أبو حنيفة. قال (عليه السلام): «مفتي أهل العراق؟» قال: نعم. قال: «بم تفتيهم؟». قال: بكتاب الله، قال (عليه السلام):

«و إنك لعالم بكتاب الله: ناسخه، و منسوخه، و محكمه، و متشابهه؟». قال: نعم.

قال: «فأخبرني عن قول الله عز و جل: وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ أي موضع هو؟» قال: أبو حنيفة: هو ما بين مكة و المدينة. فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إلى جلسائه، و قال: «نشدتكم بالله، هل تسيرون بين مكة و المدينة و لا تأمنون على دمائكم من القتل، و لا على أموالكم من السرق؟». فقالوا: اللهم نعم.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ويحك- يا أبا حنيفة- إن الله لا يقول إلا حقا، أخبرني عن قول الله عز و جل:

وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً «3»، أي موضع هو؟» قال: ذلك بيت الله الحرام. فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إلى جلسائه قال: «نشدتكم بالله، هل تعلمون أن عبد الله بن الزبير، و سعيد بن جبير دخلاه

فلم يأمنا القتل؟». قالوا: اللهم نعم.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ويحك- يا أبا حنيفة- إن الله لا يقول إلا حقا». فقال أبو حنيفة: ليس لي علم بكتاب الله، إنما أنا صاحب قياس- و ساق حديثا طويلا-.

__________________________________________________

12- الاحتجاج: 360.

(1) في «ج»: ممن وجب لهم بأخذهم إيّاهم عنهم المغفرة.

(2) في «ج» و المصدر: الاصطفاء.

(3) آل عمران 3: 97.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 518

8775/ [13]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت، عن القاسم بن إسماعيل، عن محمد ابن سنان، عن سماعة بن مهران، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ. قال: «صبار على مودتنا، و على ما نزل به من شدة أو رخاء، صبور على الأذى فينا، شكور الله تعالى على ولايتنا أهل البيت».

سورة سبأ(34): آية 20 ..... ص : 518

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [20]

8776/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن مسمع بن الحجاج، عن صباح الحذاء، عن صباح المزني، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) يوم الغدير، صرخ إبليس في جنوده صرخة، فلم يبق منهم أحد في بر و لا بحر إلا أتاه، فقالوا: يا سيدهم و مولاهم، ماذا دهاك، فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: فعل هذا النبي فعلا إن تم لم يعص الله أبدا. فقالوا: يا سيدهم، أنت كنت لآدم.

فلما قال المنافقون: إنه ينطق عن الهوى، و قال أحدهما لصاحبه:

أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون، يعنون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، صرخ إبليس صرخة بطرب، فجمع أولياءه، فقال: أما علمتم أني كنت لآدم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد و لم يكفر بالرب، و هؤلاء نقضوا العهد، و كفروا بالرسول.

فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أقام الناس غير علي، لبس إبليس تاج الملك، و نصب منبرا، و قعد في الزينة «1»، و جمع خيله و رجله «2»، ثم قال لهم: اطربوا، لا يطاع الله حتى يقام إمام «3»». و تلا أبو جعفر (عليه السلام):

وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الظن من إبليس، حين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) إنه ينطق عن الهوى، فظن إبليس بهم ظنا فصدقوا ظنه».

__________________________________________________

13- تأويل الآيات 2: 473/ 4.

1- الكافي 8: 344/ 542.

(1) في المصدر: الوثبة. و قعد في الوثبة: أي الوسادة. «مرآة العقول 26: 507».

(2) رجله: أي رجّالته.

(3) في المصدر: حتّى يقوم الإمام. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 519

8777/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين (عليه السلام) للناس في قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «1» في علي بغدير خم، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر، و حثوا التراب على وجوههم «2»، فقال لهم إبليس: ما لكم؟ قالوا: إن

هذا الرجل، قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شي ء إلى يوم القيامة. فقال لهم إبليس: كلا، إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني. فأنزل الله على رسوله: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ الآية».

8778/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن ابن فضال، عن عبد الصمد بن بشير، عن عطية العوفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أخذ بيد علي (عليه السلام) بغدير خم، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، كان إبليس لعنه الله حاضرا بعفاريته، فقالت له- حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه-: و الله ما هكذا قلت لنا، لقد أخبرتنا أن هذا إذا مضى افترق أصحابه، و هذا أمر مستقر، كلما أراد أن يذهب واحد بدر آخر. فقال: افترقوا، فإن أصحابه قد وعدوني أن لا يقروا له بشي ء مما قال. و هو قوله عز و جل: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ».

8779/ [4]- علي بن إبراهيم، عن زيد الشحام، قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (عليه السلام)، و سأله عن قوله عز و جل: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قال: «لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين (عليه السلام) للناس، و هو قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ «3» أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) يوم غدير خم، و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، حثت الأبالسة التراب

على رؤوسها، فقال لهم إبليس الأكبر: ما لكم؟ قالوا: قد عقد هذا الرجل اليوم عقدة لا يحلها إنسي إلى يوم القيامة. فقال لهم إبليس: كلا، إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة، و لن يخلفوني فيها. فأنزل الله سبحانه هذه الآية: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يعني شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)».

سورة سبأ(34): الآيات 21 الي 26 ..... ص : 519

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ- إلى قوله تعالى- وَ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [21- 23]

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 201.

3- تأويل الآيات 2: 473/ 5.

4- تأويل الآيات 2: 474/ 6.

(1) المائدة 5: 67.

(2) في المصدر: رؤوسهم.

(3) المائدة 5: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 520

8780/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ كناية عن إبليس إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَ رَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ حَفِيظٌ.

ثم قال عز و جل احتجاجا منه على عبدة الأوثان: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ ما لَهُمْ فِيهِما كناية عن السماوات و الأرض مِنْ شِرْكٍ وَ ما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ و قوله تعالى: وَ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ قال: لا يشفع أحد من أنبياء الله و رسله يوم القيامة حتى يأذن الله له إلا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإن الله قد أذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، و الشفاعة له و للأئمة من ولده، و من بعد ذلك للأنبياء (عليهم السلام).

8781/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن

معاوية بن عمار، عن أبي العباس المكبر، قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين (عليه السلام) علي أبي جعفر (عليه السلام)، يقال له أبو أيمن، فقال: يا أبا جعفر، يغرون «1» الناس، و يقولون: «شفاعة محمد، شفاعة محمد»؟! فغضب أبو جعفر (عليه السلام) حتى تغير «2» وجهه، ثم قال: «ويحك- يا أبا أيمن- أغرك أن عف بطنك و فرجك، أما لو رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه و آله)، ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار».

ثم قال: «ما من أحد من الأولين و الآخرين إلا و هو محتاج إلى شفاعة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم القيامة».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن لرسول الله (صلى الله عليه و آله) الشفاعة في أمته، و لنا الشفاعة في شيعتنا، و لشيعتنا الشفاعة في أهاليهم». ثم قال: «و إن المؤمن ليشفع في مثل ربيعة و مضر، و إن المؤمن ليشفع حتى لخادمه، يقول: يا رب، حق خدمتي، كان يقيني الحر و البرد».

8782/ [3]- شرف الدين النجفي: قال علي بن إبراهيم (رحمه الله): روي عن أبي جعفر «3» (عليه السلام) أنه قال: «لا يقبل الله الشفاعة يوم القيامة لأحد من الأنبياء و الرسل حتى يأذن له في الشفاعة إلا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإن الله قد أذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، فالشفاعة له، و لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و للأئمة من ولده (عليهم السلام)، ثم من بعد ذلك للأنبياء (صلوات الله عليهم)».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 201.

2- تفسير القمّي 2: 202.

3- تأويل الآيات 2: 476/ 8.

(1) في «ط، ي» تغرّون الناس و تقولون.

(2) في

المصدر: تربّد.

(3) في «ج، ي» و المصدر: أبي عبد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 521

8783/ [4]- قال: و روى أيضا عن أبيه، عن علي بن مهران، عن زرعة، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن شفاعة النبي (صلى الله عليه و آله) يوم القيامة قال: «يحشر الناس يوم القيامة في صعيد واحد، فيلجمهم العرق، فيقولون: انطلقوا بنا إلى أبينا آدم (عليه السلام) يشفع لنا. فيأتون آدم (عليه السلام)، فيقولون له: اشفع لنا عند ربك. فيقول: إن لي ذنبا و خطيئة، و إني أستحيي من ربي، فعليكم بنوح. فيأتون نوحا، فيردهم إلى من يليه، و يردهم كل نبي إلى من يليه من الأنبياء، حتى ينتهوا إلى عيسى (عليه السلام)، فيقول: عليكم بمحمد (صلى الله عليه و آله).

فيأتون محمدا (صلى الله عليه و آله)، فيعرضون أنفسهم عليه، و يسألونه أن يشفع لهم، فيقول: انطلقوا بنا فينطلقون حتى يأتي باب الجنة، فيستقبل وجه الرحمن سبحانه، و يخر ساجدا، فيمكث ما شاء الله، فيقول الله له: ارفع رأسك- يا محمد- و اشفع تشفع، و سل تعط. فيشفع فيهم».

قوله تعالى:

حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ [23- 26]

8784/ [1]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ: «و ذلك أن أهل السماوات لم يسمعوا وحيا فيما بين أن بعث عيسى بن مريم (عليه السلام) إلى أن بعث محمد (صلى الله عليه و آله)، فلما بعث الله جبرئيل إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسمع أهل السماوات

صوت وحي القرآن كوقع الحديد على الصفا، فصعق أهل السماوات، فلما فرغ من الوحي انحدر جبرئيل، كلما مر بأهل سماء فزع عن قلوبهم. يقول: كشف عن قلوبهم، فقال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق، و هو العلي الكبير».

قوله تعالى: قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا، يقول: يقضي بيننا بِالْحَقِّ وَ هُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ قال:

القاضي العليم.

سورة سبأ(34): آية 28 ..... ص : 521

قوله تعالى:

وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ [28]

8785/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عبد الله الطائي، قال: حدثنا

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 476/ 9.

1- تفسير القمّي 2: 202. [.....]

2- تفسير القمّي 2: 202.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 522

محمد بن أبي عمير، قال: حدثنا حفص الكناسي، قال: سمعت عبد الله بن بكر الأرجاني، قال: قال لي الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): «أخبرني عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، كان أرسل عامة للناس، أليس قد قال الله في محكم كتابه: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ لأهل المشرق و المغرب، و أهل السماء و الأرض من الجن و الإنس، هل بلغ «1» رسالته إليهم كلهم؟» قلت: لا أدري.

قال: «يا بن بكر، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يخرج من المدينة، فكيف أبلغ أهل المشرق و المغرب؟» قلت: لا أدري.

قال: «إن الله تعالى أمر جبرئيل فاقتلع الأرض بريشة من جناحه، و نصبها لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فكانت بين يديه مثل راحته في كفه، ينظر إلى أهل المشرق و المغرب، و يخاطب كل قوم بألسنتهم، و يدعوهم إلى الله تعالى و إلى نبوته بنفسه، فما بقيت قرية و لا مدينة إلا و دعاهم النبي (صلى

الله عليه و آله) بنفسه».

8786/ [2]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سليمان، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قلت له: جعلت فداك، فهل يرى الإمام ما بين المشرق و المغرب؟

قال: «يا ابن بكر، فكيف يكون حجة على ما بين قطريها و هو لا يراهم، و لا يحكم فيهم؟ و كيف يكون حجة على قوم غيب لا يقدر عليهم و لا يقدرون عليه؟ و كيف يكون مؤديا عن الله، و شاهدا على الخلق و هو لا يراهم؟

و كيف يكون حجة عليهم و هو محجوب عنهم، و قد حيل بينهم و بينه أن يقوم بأمر ربه فيهم، و الله يقول: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ يعني به من على الأرض، و الحجة من بعد النبي (صلى الله عليه و آله) يقوم مقام النبي (صلى الله عليه و آله) من بعده، و هو الدليل على ما تشاجرت فيه الأمة، و الآخذ بحقوق الناس».

و قد تقدم حديث صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ «2».

سورة سبأ(34): الآيات 31 الي 33 ..... ص : 522

قوله تعالى:

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ- إلى قوله تعالى- وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ [31- 33] 8787/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله لنبيه قول الكفار من قريش و غيرهم:

__________________________________________________

2- كامل الزيارات: 326/ 2.

1- تفسير القمي 2: 203.

(1) في «ي» و «ط»

نسخة بدل: أبلغ.

(2) تقدم في الحديث (4، 7) من تفسير الآية (85) من سورة القصص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 523

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَ لا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ من كتب الأنبياء وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا و هم الرؤساء لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى و هو البيان العظيم بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ، ثم يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ يعني مكرتم بالليل و النهار.

قال: قوله تعالى: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ قال: قال: «يسرون الندامة في النار إذا رأوا ولي الله» فقيل: يا ابن رسول الله، و ما يغنيهم إسرار الندامة و هم في العذاب؟ قال: «يكرهون شماتة الأعداء».

8788/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسين، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن رجل، عن حماد بن عيسى، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله تبارك و تعالى: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ، قال: قيل له: ما ينفعهم إسرار الندامة و هم في العذاب؟ قال: «كرهوا شماتة الأعداء».

سورة سبأ(34): الآيات 35 الي 37 ..... ص : 523

قوله ت٘Ǚęɺ

نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ [35- 37] 8789/ [2]- علي بن إبراهيم: ثم افتخروا على الله بالغنى، فقالوا: نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فرد الله عليهم، فقال: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ

لا يَعْلَمُونَ وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً.

8790/ [3]- قال: و ذكر رجل عند أبي عبد الله (عليه السلام) الأغنياء، و وقع فيهم، فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

«اسكت، فإن الغني إذا كان وصولا لرحمه، بارا بإخوانه أضعف الله له الأجر ضعفين، لأن الله يقول: وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ».

8791/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 313.

2- تفسير القمّي 2: 203.

3- تفسير القمّي 2: 203.

4- علل الشرائع: 604/ 73.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 524

ابن محبوب، عن إبراهيم الجازي «1»، عن أبي بصير، قال: ذكرنا عند أبي جعفر (عليه السلام) من الأغنياء من الشيعة، فكأنه كره ما سمع منا فيهم، قال: «يا أبا محمد، إذا كان المؤمن غنيا، رحيما، وصولا، له معروف إلى أصحابه أعطاه الله أجر ما ينفق في البر أجره مرتين ضعفين، لأن الله عز و جل يقول في كتابه: وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ».

سورة سبأ(34): الآيات 39 الي 41 ..... ص : 524

قوله تعالى:

وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ- إلى قوله تعالى- بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ [39- 41]

8792/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: آيتان

في كتاب الله عز و جل، أطلبهما فلا أجدهما. قال: «و ما هما؟» قلت: قول الله عز و جل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «2» فندعوه، و لا نرى إجابة. قال: «أفترى الله عز و جل أخلف وعده؟» قلت: لا. قال: «فمم ذلك؟». قلت: لا أدري. قال: «لكني أخبرك، من أطاع الله عز و جل فيما أمره، ثم دعاه «3» من جهة الدعاء أجابه».

قلت: و ما جهة الدعاء؟ قال: «تبدأ فتحمد الله، و تذكر نعمة عندك، ثم تشكره، ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم تذكر ذنوبك فتقربها، ثم تستعيذ منها، فهذا جهة الدعاء».

ثم قال: «و ما الآية الاخرى؟» قلت: قول الله عز و جل: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، و إني أنفق و لا أرى خلفا؟ قال: «أفترى الله عز و جل أخلف وعده؟». قلت: لا. قال: «فمم ذلك؟». قلت:

لا أدري. قال: «لو أن أحدكم اكتسب المال من حله، و أنفقه في حله، لم ينفق درهما إلا اخلف عليه».

8793/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الرب تبارك و تعالى ينزل أمره كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا من أول الليل، و في كل ليلة في الثلث الأخير،

__________________________________________________

1- الكافي 2: 352/ 8.

2- تفسير القمّي 2: 204.

(1) في «ي، ط»: الجاري، لم نعثر عليه في كتب الرجال و الظاهر تصحيف الخارقي الذي يروي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و يروي عنه ابن محبوب، راجع معجم رجال الحديث 1: 358.

(2) غافر 40: 60.

(3) في «ج، ي، ط» من دعائه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 525

و

أمامه «1» ملكان يناديان «2»: هل من تائب يتاب عليه؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟

اللهم أعط كل منفق خلفا، و كل ممسك تلفا «3». فإذا طلع الفجر عاد أمر الرب إلى عرشه، فيقسم الأرزاق بين العباد».

ثم قال للفضيل بن يسار: «يا فضيل، نصيبك من ذلك، و هو قول الله: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ فتقول الملائكة:

سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ».

سورة سبأ(34): آية 45 ..... ص : 525

قوله تعالى:

وَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ [45]

8794/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني علي بن الحسين، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن حسان، عن هشام بن عمار، يرفعه، في قوله: وَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ، قال: «كذب الذين من قبلهم رسلهم، و ما بلغ ما آتينا رسلهم معشار ما آتينا محمدا و آل محمد (عليهم السلام)».

سورة سبأ(34): آية 46 ..... ص : 525

قوله تعالى:

قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَ فُرادى [46]

8795/ [2]- علي بن إبراهيم، عن جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ، قال: «إنما أعظكم بولاية علي (عليه السلام) «4»».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 204.

2- تفسير القمّي 2: 204.

(1) في «ج، ي، ط» زيادة: يعني آخره.

(2) في المصدر: ملك ينادي.

(3) في المصدر زيادة: إلى أن يطلع الفجر.

(4) في المصدر زيادة: هي الواحدة التي قال اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 526

8796/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ، فقال: «إنما أعظكم بولاية علي (عليه السلام)، هي الواحدة التي قال الله تبارك و تعالى: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ».

8797/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَ فُرادى قال:

«بالولاية».

قلت: و كيف ذاك؟ قال: «إنه لما نصب النبي (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) للناس، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اغتابه رجل، و قال: إن محمدا ليدعو كل يوم إلى أمر جديد، و قد بدأ بأهل بيته يملكهم رقابنا.

فأنزل الله عز و جل على نبيه (صلى الله عليه و آله) بذلك قرآنا، فقال له: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ، فقد أديت إليكم ما افترض ربكم عليكم».

قلت: فما معنى قوله عز و جل: أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَ فُرادى فقال: «أما مثنى: يعني طاعة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و طاعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، و أما قوله فرادى: فيعني طاعة الإمام من ذريتهما من بعدهما، و لا و الله- يا يعقوب- ما عنى غير ذلك».

8798/ [4]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ، قال: «فإن الله جل ذكره أنزل عزائم الشرائع، و آيات الفرائض في أوقات مختلفة كما خلق السماوات و الأرض في ستة أيام، و لو شاء الله لخلقها في أقل من لمح البصر، و لكنه جعل الأناة و المداراة مثالا لامنائه، و إيجابا لحججه «1» على خلقه، فكان أول ما قيدهم به: الإقرار له بالوحدانية و الربوبية، و الشهادة بأن لا إله إلا الله، فلما أقروا بذلك تلاه بالإقرار لنبيه (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، و الشهادة له بالرسالة، فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة، ثم الزكاة، ثم الصوم، ثم الحج «2»، ثم الصدقات و

ما يجري مجراها من مال الفي ء.

فقال المنافقون: هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض شي ء آخر يفترضه، فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ يعني الولاية، و أنزل الله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «3»، و ليس بين الامة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد و هو راكع غير رجل واحد، لو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط من ذكره، و هذا و ما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب ليجهل معناها المحرفون، فيبلغ إليك و إلى أمثالك، و عند ذلك قال

__________________________________________________

2- الكافي 1: 347/ 41.

3- تأويل الآيات 2: 477/ 10.

4- الاحتجاج: 254.

(1) في المصدر: للحجّة.

(2) في المصدر زيادة: ثم الجهاد.

(3) المائدة 5: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 527

الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «1»».

سورة سبأ(34): آية 47 ..... ص : 527

قوله تعالى:

قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ [47]

8799/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً «2»، قال:

«من تولى الأوصياء من آل محمد، و اتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين و المؤمنين الأولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام)، و هو قوله تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها «3»، يدخله الجنة و هو قول الله عز و جل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ

أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ، يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم، تهتدون به، و تنجون من عذاب يوم القيامة».

8800/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ: «و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سأل قومه أن يوادوا أقاربه و لا يؤذوهم، و أما قوله:

فَهُوَ لَكُمْ يقول: ثوابه لكم».

سورة سبأ(34): آية 49 ..... ص : 527

قوله تعالى:

وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ [49]

8801/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، قال: أولم إسماعيل، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «عليك بالمساكين فأشبعهم، فإن الله عز و جل يقول: وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 379/ 574.

2- تفسير القمّي 2: 204. [.....]

3- الكافي 6: 299/ 16.

(1) المائدة 5: 3.

(2) الشورى 42: 23.

(3) النمل 27: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 528

سورة سبأ(34): الآيات 50 الي 54 ..... ص : 528

قوله تعالى:

وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ [51- 54]

8801/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني: عن علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن عبد الله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن خالد، عن الحسن بن مبارك، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث الهمداني، عƠعلي أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: «المهدي أقبل «1» جعد، بخده خال، يكون مبدأه من قبل المشرق. فإذا كان ذلك خرج السفياني، فيملك قدر حمل امرأة: تسعة أشهر، يخرج بالشام، فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله عن الخروج معه، و يأتي المدينة بجيش جرار، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به، و ذلك قول الله عز و جل في كتابه: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ».

8803/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي خالد الكابلي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «و الله لكأني أنظر إلى القائم (عليه السلام) و

قد أسند ظهره إلى الحجر، ثم ينشد الله حقه، ثم يقول: يا أيها الناس، من يحاجني في الله فأنا أولى بالله. أيها الناس، من يحاجني في آدم فأنا أولى بآدم.

أيها الناس، من يحاجني في نوح فأنا أولى بنوح. أيها الناس، من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم. أيها الناس، من يحاجني في موسى فأنا أولى بموسى. أيها الناس، من يحاجني في عيسى فأنا أولى بعيسى. أيها الناس، من يحاجني في رسول الله فأنا أولى برسول الله. أيها الناس، من يحاجني في كتاب الله فأنا أولى بكتاب الله. ثم ينتهي إلى المقام، فيصلي ركعتين، و ينشد الله حقه».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «هو و الله المضطر في كتاب الله، في قوله: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ «2»، فيكون أول من يبايعه جبرئيل، ثم الثلاث مائة و الثلاثة عشر رجلا، فمن كان ابتلي بالمسير وافى، و من لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه، و هو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): هم المفقودون عن فرشهم. و ذلك قول الله:اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

«3»- قال- الخيرات: الولاية، و قال في موضع آخر: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ «4»، و هم أصحاب

__________________________________________________

1- الغيبة 304/ 14.

2- تفسير القمّي 2: 205.

(1) القبل في العين: إقبال السواد على الأنف، و هو الذي كأنّه ينظر إلى طرّف أنفه. «الصحاح- قبل- 5: 1796».

(2) النمل 27: 62.

(3) البقرة 2: 148.

(4) هود 11: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 529

القائم (عليه السلام)، يجتمعون إليه في ساعة واحدة.

فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني، فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم، و هو قوله:

وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ يعني بالقائم من آل محمد (عليهم السلام)، وَ أَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ- إلى قوله- وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ يعني أن لا يعذبوا كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ يعني من كان قبلهم من المكذبين هلكوا».

8804/ [3]- قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا. قال: «من الصوت، و ذلك الصوت من السماء».

و في قوله: وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قال: «من تحت أقدامهم خسف بهم».

8805/ [4]- ثم

قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله: وَ أَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، قال: «إنهم طلبوا الهدى من حيث لا ينال، و قد كان لهم مبذولا من حيث ينال».

8806/ [5]- العياشي: عن عبد الأعلى الحلبي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يكون لصاحب هذا الأمر غيبة- و ذكر حديثا طويلا يتضمن غيبة صاحب الأمر (عليه السلام) و ظهوره، إلى أن قال (عليه السلام)- فيدعو الناس- يعني القائم (عليه السلام)- إلى كتاب الله، و سنة نبيه، و الولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، و البراءة من عدوه، و لا يسمي أحدا، حتى ينتهي إلى البيداء، فيخرج إليه جيش السفياني، فيأمر الله الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم، و هو قول الله: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ يعني بقائم آل محمد وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ يعني

بقائم آل محمد- إلى آخر السورة- فلا يبقى منهم إلا رجلان، يقال لهما: وتر، و وتيرة «1»، من مراد، وجوههما في أقفيتهما، يمشيان القهقرى، يخبران الناس بما فعل بأصحابهما».

و الحديث بطوله تقدم في قوله: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ من سورة الأنفال «2».

8807/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن الصباح المدائني، عن الحسن بن محمد بن شعيب، عن موسى بن عمر بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يخرج القائم (عليه السلام) فيسير حتى يمر بمر «3»، فيبلغه أن

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 205.

4- تفسير القمّي 2: 206.

5- تفسير العيّاشي 2: 56/ 49.

6- تأويل الآيات 2: 478. [.....]

(1) في المصدر: و تير.

(2) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآية (39) من سورة الأنفال.

(3) مرّ: واد في بطن إضّم- و هو الوادي الذي فيه المدينة المنورة- «المعجم البلدان 1: 214 و 5: 106».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 530

عامله قد قتل، فيرجع إليهم، فيقتل المقاتلة، و لا يزيد على ذلك شيئا، ثم ينطلق «1»، فيدعو الناس حتى ينتهي إلى البيداء، فيخرج جيش «2» للسفياني، فيأمر الله عز و جل الأرض أن تأخذ بأقدامهم، و هو قوله عز و جل: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ يعني بقيام القائم (عليه السلام) وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ، يعني بقيام القائم من آل محمد (صلى الله عليه و آله) وَ يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ

ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ».

__________________________________________________

(1) في «ي، ط»: ينطق.

(2) في المصدر: جيشان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 531

سورة فاطر ..... ص : 531

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 533

فضلها ..... ص : 533

تقدم في سورة سبأ.

8808/ [1]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة يريد بها ما عند الله تعالى نادته يوم القيامة ثمانية أبواب الجنة، و كل باب يقول: هلم ادخل مني إلى الجنة، فيدخل من أيها شاء، و من كتبها في قارورة، و جعلها في حجر من شاء من الناس، لم يقدر أن يقوم من مكانه حتى ينزعها من حجره، بإذن الله تعالى».

8809/ [2]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و تركها في قارورة خشب، و تركها في حجر من أراد من الناس بحيث لا يعلم به، لم يقدر أن يقوم حتى ينزعها».

8810/ [3]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في قارورة و أحرز ما عليها، و جعلها مع من أراد، لم يخرج من مكانه حتى يرفعها عنه، و إن تركها في حجر رجل على غفلة، لم يقدر أن يقوم من موضعه حتى يرفع عنه، بإذن الله تعالى».

8811/ [4]- الشيخ في (مجالسه): بإسناده عن معاوية بن وهب، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

فصدع ابن لرجل من أهل مرو و هو عنده جالس. قال: فشكا ذلك إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أدنه مني» قال:

فمسح على رأسه، ثم تلا: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً «1».

8812/ [5]- و

عنه، في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن حماد الكوفي، عن

__________________________________________________

1- ....

2- ....

3- خواص القرآن: 48 (مخطوط).

4- الأمالي 2: 284.

5- التهذيب 3: 294/ 892.

(1)

فاطر 35: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 534

محمد بن خالد، عن عبيد الله بن الحسين، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن ابن يقطين، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من أصابته زلزلة فليقرأ: يا من يمسك السماوات و الأرض أن تزولا، و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا، صل على محمد و آل محمد، و أمسك عني السوء إنك على كل شي ء قدير». قال: «من قرأها عند النوم لم يسقط عليه البيت، إن شاء الله تعالى».

8813/ [6]- و

قال الشيخ أيضا: روى العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «لم يقل أحد قط إذا أراد أن ينام: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً «1»، فسقط عليه البيت».

__________________________________________________

6- التهذيب 2: 117/ 440.

(1) فاطر 35: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 535

سورة فاطر(35): آية 1 ..... ص : 535

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [1]

8814/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليس خلق أكثر من الملائكة، إنه لينزل كل ليلة من السماء سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام ليلتهم، و كذلك في كل يوم».

8815/ [2]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم،

عن أبيه، قالا: حدثنا ابن محبوب، عن عبد الله بن طلحة رفعه، قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله): «الملائكة على ثلاثة أجزاء: جزء له جناحان، و جزء له ثلاثة أجنحة، و جزء له أربعة أجنحة».

8816/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة، عن الحكم بن عتيبة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن في الجنة نهرا يغتمس فيه جبرئيل (عليه السلام) كل غداة، ثم يخرج منه فينتفض، فيخلق الله عز و جل من كل قطرة تقطر منه ملكا».

8817/ [4]- ثم

قال محمد بن يعقوب: عنه، عن بعض أصحابه، عن زياد القندي، عن درست بن أبي

__________________________________________________

1- الكافي 8: 272/ 402. [.....]

2- الكافي 8: 272/ 403.

3- الكافي 8: 272/ 404.

4- الكافي 8: 272/ 405.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 536

منصور، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن لله عز و جل ملكا ما بين شحمة اذنه إلى عاتقه مسيرة خمسمائة عام خفقان الطير».

8818/ [5]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن لله عز و جل ديكا رجلاه في الأرض السابعة، و عنقه مثنية تحت العرش، و جناحاه في الهواء، إذا كان في نصف الليل، أو الثلث الثاني من آخر الليل ضرب بجناحيه، و صاح: سبوح، قدوس، ربنا الله الملك الحق المبين، فلا إله غيره، رب الملائكة و الروح. فتضرب الديكة «1»، بأجنحتها و تصيح».

8819/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: قال الصادق (عليه السلام): «خلق الله الملائكة مختلفة، و قد رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله)

جبرئيل و له ستمائة جناح، على ساقه الدر مثل القطر على البقل، و قد ملأ ما بين السماء و الأرض».

و قال: «إذا أمر الله ميكائيل بالهبوط إلى الدنيا صارت رجله اليمنى في السماء السابعة، و الأخرى في الأرض السابعة، و إن لله ملائكة أنصافهم من برد، و أنصافهم من نار، يقولون: يا مؤلفا بين البرد و النار، ثبت قلوبنا على طاعتك».

و قال: «إن لله عز و جل ملكا بعد ما بين شحمة أذنيه إلى عينيه مسيرة خمسمائة عام بخفقان الطير».

و قال: «إن الملائكة لا يأكلون، و لا يشربون، و لا ينكحون، و إنما يعيشون بنسيم العرش، و إن لله ملائكة ركعا إلى يوم القيامة، و إن لله ملائكة سجدا إلى يوم القيامة».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما من شي ء مما خلق الله أكثر من الملائكة، و إنه ليهبط في كل يوم، أو في كل ليلة سبعون ألف ملك، فيأتون البيت الحرام، فيطوفون به، ثم يأتون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم يأتون أمير المؤمنين (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يأتون الحسين (عليه السلام) فيقيمون عنده، فإذا كان عند السحر وضع لهم معراج إلى السماء، ثم لا يعودون أبدا».

8820/ [7]- و

قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله تعالى خلق جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل من سبحة «2» واحدة، و جعل لهم السمع، و البصر، و جودة العقل، و سرعة الفهم».

8821/ [8]- و

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خلق الملائكة: «و ملائكة خلقتهم، و أسكنتهم سماواتك، ليس فيهم فترة، و لا عندهم غفلة، و لا فيهم معصية، هم أعلم خلقك بك، و أخوف خلقك منك،

و أقرب خلقك إليك،

__________________________________________________

5- الكافي 8: 272/ 406.

6- تفسير القمّي 2: 206.

7- تفسير القمّي 2: 206.

8- تفسير القمّي 2: 207.

(1) في «ي، ط»: الملائكة.

(2) السبحة (بضم السين): الدعاء، و بفتحها: المرّة، و في «ي»: سنحة، و في «ج، ي، ط» نسخة بدل، و المصدر: تسبيحة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 537

و أعملهم بطاعتك، لا يغشاهم نوم العيون، و لا سهو القلوب «1»، و لا فترة الأبدان، لم يسكنوا الأصلاب، و لم تتضمنهم الأرحام، و لم تخلقهم من ماء مهين، أنشأتهم إنشاء، فأسكنتهم سماواتك، و أكرمتهم بجوارك، و ائتمنتهم على وحيك، و جنبتهم الآفات، و وقيتهم البليات، و طهرتهم من الذنوب.

و لو لا قوتك لم يقووا، و لو لا تثبيتك لم يثبتوا، و لو لا رحمتك لم يطيعوا، و لو لا أنت لم يكونوا، أما إنهم على مكاناتهم منك، و طاعتهم «2» إياك، و منزلتهم عندك، و قلة غفلتهم عن أمرك، لو عاينوا ما خفي عنهم «3» لاحتقروا أعمالهم، و لزروا «4» على أنفسهم، و لعلموا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك، سبحانك خالقا و معبودا، ما أحسن بلاءك عند خلقك».

و قد تقدم باب فيه ذكر عظمة الله تعالى من الملائكة و غيرهم، في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ من سورة النور «5».

سورة فاطر(35): آية 2 ..... ص : 537

قوله تعالى:

ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها [2]

8822/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن مالك بن عبد الله بن أسلم، عن أبيه، عن رجل من الكوفيين «6»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ

رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، قال: «و المتعة من ذلك».

8823/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قول الله عز و جل: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، قال: «هي ما أجرى الله على لسان الإمام».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 207.

2- تأويل الآيات 2: 478/ 1.

(1) في المصدر: العقول.

(2) في المصدر: مكانتهم منك و طواعيتهم.

(3) زاد في المصدر: منك. [.....]

(4) زرى عليه: عابه. «لسان العرب- زرى- 14: 356».

(5) تقدّم في ذيل تفسير الآية (41) من سورة النور.

(6) (من الكوفيين) ليس في «ج».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 538

سورة فاطر(35): آية 8 ..... ص : 538

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ [8]

8824/ [1]- علي بن إبراهيم، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن حسان، عن هاشم بن عمار، يرفعه، في قوله: أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ، قال: «نزلت فى زريق، و حبتر».

8825/ [2]- الطبرسي، في (الاحتجاج): عن أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليهما السلام)، في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر و التفويض- و ذكر الرسالة إلى أن قال (عليه السلام):- « [فإن قالوا ما الحجة في قول الله تعالى:] فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ «1»، و ما أشبه ذلك؟ قلنا:

فعلى مجاز هذه الآية يقتضي معنيين:

أحدهما: أنه إخبار عن كونه تعالى قادرا على هداية من يشاء و ضلالة من يشاء، و لو أجبرهم على أحدهما لم يجب لهم ثواب، و لا عليهم عقاب، على ما شرحناه. و المعنى الآخر: أن الهداية منه: التعريف، كقوله تعالى:

وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى «2». و ليس كل آية مشتبهة في القرآن كانت الآية حجة على حكم الآيات اللاتي امر بالأخذ بها و تقليدها، و هي قوله: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ «3» الآية، و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «4»».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 207.

2- الاحتجاج: 453.

(1) إبراهيم 14: 4.

(2) فصلّت 41: 17.

(3) آل عمران 3: 17.

(4) الزمر 39: 17 و 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 539

سورة فاطر(35): آية 9 ..... ص : 539

قوله تعالى:

وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ [9]

8826/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن العرزمي، رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، و سئل عن السحاب، أين يكون؟ قال: «يكون على شجر على كثيب على شاطئ البحر يأوي إليه، فإذا أراد الله عز و جل أن يرسله أرسل ريحا فأثارته، و وكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق- و هو البرق- فيرتفع». ثم قرأ هذه الآية: «وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ الآية، و الملك

اسمه (الرعد)».

8827/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: ثم احتج عز و جل على الزنادقة، و الدهرية، فقال: وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ، و هو الذي لا نبات فيه فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، أي بالمطر، ثم قال: كَذلِكَ النُّشُورُ.

سورة فاطر(35): آية 10 ..... ص : 539

قوله تعالى:

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [10]

8828/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و غيره، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن عمار الأسدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، قال: «ولايتنا أهل البيت- و أهوى بيده إلى صدره- فمن لم يتولنا لم يرفع الله له عملا».

8829/ [4]- و

عن الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، قال: «الكلم الطيب هو قول المؤمن: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله و خليفته حقا، و خلفاؤه خلفاء الله.

__________________________________________________

1- الكافي 8: 218/ 268.

2- تفسير القمّي 2: 207.

3- الكافي 1: 356/ 85.

4- تأويل الآيات 2: 479/ 4، تنبيه الخواطر 2: 109.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 540

و العمل الصالح يرفعه إليه، فهو دليله، و عمله: اعتقاده الذي في قلبه بأن «1» الكلام صحيح كما قلته بلساني».

8830/ [3]- الطبرسي، في (الاحتجاج): عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قد سأله ابن الكواء، قال: يا أمير المؤمنين، كم بين موضع قدمك إلى عرش ربك؟ قال: «ثكلتك أمك- يا بن الكواء- اسأل متعلما، و لا تسأل متعنتا، من موضع قدمي إلى عرش

ربي أن يقول قائل مخلصا: لا إله إلا الله».

قال: يا أمير المؤمنين، فما ثواب من قال: لا إله إلا الله؟ قال: «من قال: لا إله إلا الله، مخلصا، طمست ذنوبه كما يطمس الحرف الأسود من الرق الأبيض. فإذا قال ثانية: لا إله إلا الله، مخلصا، خرقت أبواب السماوات و صفوف الملائكة، حتى تقول الملائكة بعضها لبعض: اخشعوا لعظمة الله. فإذا قال ثالثة: مخلصا، لم تنهنه «2» دون العرش، فيقول الجليل: اسكني، فوعزتي و جلالي لأغفرن لقائلك بما كان فيه» ثم تلا هذه الآية: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ يعني إذا كان عمله خالصا «3» ارتفع قوله و كلامه.

8831/ [4]- الشيخ، في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر الليث بن محمد بن الليث العنبري إملاء من أصل كتابه، قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي سنة إحدى و ستين و مأتين، قال: حدثني خالي أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) لما دخل نيسابور، و هو راكب بغلة شهباء، و قد خرج علماء نيسابور في استقباله، فلما صاروا إلى المربعة «4» تعلقوا بلجام بغلته، و قالوا: يا ابن رسول الله، بحق آبائك الطاهرين حدثنا عن آبائك (صلوات الله عليهم أجمعين). فأخرج رأسه من الهودج، و عليه مطرف «5» خز، فقال: «حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين سيد شباب أهل الجنة، عن أبيه أمير المؤمنين، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله أجمعين)، قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين عن الله عز و جل،

تقدست أسماؤه، و جل وجهه، قال:

إني أنا الله «6»، لا إله إلا أنا وحدي- عبادي- فاعبدوني، و ليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا بها أنه قد دخل «7» حصني، و من دخل حصني أمن من عذابي».

قالوا: يا ابن رسول الله، و ما إخلاص الشهادة لله؟ قال: «طاعة الله، و طاعة رسوله، و ولاية أهل بيته (عليهم السلام)».

__________________________________________________

3- الاحتجاج: 259. [.....]

4- الأمالي 2: 201.

(1) زاد في المصدر: هذا.

(2) النّهنهة: الكفّ، و في حديث وائل: «لقد ابتدرها اثنا عشر ملكا، فما نهنهها شي ء دون العرش» أي ما منعها و كفّها عن الوصول إليه. «لسان العرب- نهنه- 13: 550».

(3) في المصدر: صالحا.

(4) قال المجلسي (رحمه اللّه): المربعة: الموضع المتّسع الذي كانوا يخرجون إليه في الربيع للتنزّه. «البحار 3: 6/ 15». و في المصدر: المرتعة.

(5) المطرف: الثوب الذي في طرفيه علمان. «النهاية 3: 121».

(6) في «ج، ي، ط» زيادة: بشهادة أن.

(7) في «ج، ي، ط» زيادة: الجنّة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 541

8832/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن أحمد ابن محمد جميعا، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي الحسن السواق، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يا أبان، إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث: من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا وجبت له الجنة».

قال: قلت له: إنه يأتيني من كل صنف، أ فأروي لهم هذا الحديث؟ قال: «نعم- يا أبان- إنه إذا كان يوم القيامة، و جمع الله الأولين و الآخرين، فتسلب لا إله إلا الله منهم إلا من كان على هذا الأمر».

8833/ [6]-

علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، قال: كلمة الإخلاص، و الإقرار بما جاء من عند الله من الفرائض، و الولاية ترفع العمل الصالح إلى الله.

8834/ [7]- ثم

قال: و عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «الكلم الطيب: قول المؤمن: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله و خليفة رسول الله (صلى الله عليه و آله). و قال: «العمل الصالح: الاعتقاد بالقلب أن هذا هو الحق من عند الله لا شك فيه من رب العالمين».

8835/ [8]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن لكل قول مصداقا من عمل يصدقه، أو يكذبه، فإذا قال ابن آدم و صدق قوله بعمل رفع قوله بعمله إلى الله، و إذا قال و خالف عمله قوله رد قوله على عمله الخبيث، و هوى في النار».

سورة فاطر(35): آية 11 ..... ص : 541

قوله تعالى:

وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ [11] 8836/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ يعني يكتب في كتاب، و هو رد على من ينكر البداء.

8837/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر، عن محمد بن عبيد الله، قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «يكون الرجل يصل رحمه، فيكون قد

__________________________________________________

5- الكافي 2: 378/ 1.

6- تفسير القمّي 2: 208.

7- تفسير القمّي 2: 208.

8- تفسير القمّي 2: 208.

1- تفسير القمّي 2: 208.

2- الكافي 2: 121/ 3. [.....]

البرهان في تفسير

القرآن، ج 4، ص: 542

بقي من عمره ثلاث سنين، فيصيرها الله ثلاثين سنة، و يفعل الله ما يشاء».

8838/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما نعلم شيئا يزيد في العمر إلا صلة الرحم، حتى أن الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم، فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة، فيجعلها ثلاثا و ثلاثين سنة، و يكون أجله ثلاثا و ثلاثين سنة فيكون قاطعا للرحم، فينقصه الله ثلاثين سنة، و يجعل أجله إلى ثلاث سنين».

و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) مثله.

8839/ [4]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، في (كامل الزيارات)، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، و جماعة مشايخي رحمهم الله، عن سعد بن عبد الله، و محمد بن يحيى العطار، و عبد الله بن جعفر الحميري، جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن علي (عليهما السلام)، فإن إتيانه يزيد في الرزق، و يمد في العمر، و يدفع «1» السوء، و إتيانه مفروض «2» على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة من الله تعالى».

8840/ [5]- و

عنه، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، قال: سمعناه يقول: «من أتى عليه حول لم يأت قبر الحسين (عليه السلام) أنقض الله من عمره حولا، و لو

قلت أن أحدكم يموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقا، و ذلك أنكم «3» تتركون زيارته، فلا تدعوا زيارته يمد الله في أعماركم و يزيد في أرزاقكم، و إذا تركتم زيارته نقص الله من أعماركم و أرزاقكم، فسابقوا «4» في زيارته، و لا تدعوا ذلك فإن الحسين بن علي (عليهما السلام) شاهد لكم في ذلك عند الله، و عند رسوله، و عند علي و فاطمة (عليهم السلام)».

8841/ [6]- و

عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عمن حدثه، عن عبد الله بن وضاح، عن داود الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من لم يزر قبر الحسين (عليه السلام) فقد حرم خيرا كثيرا، و نقص من عمره سنة».

__________________________________________________

3- الكافي 2: 122/ 17.

4- كامل الزيارات: 150.

5- كامل الزيارات: 151.

6- كامل الزيارات: 151.

(1) في «ج» و المصدر: مدافع.

(2) في المصدر: مفترض.

(3) في المصدر: لأنه.

(4) في المصدر: فتنافسوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 543

سورة فاطر(35): آية 12 ..... ص : 543

قوله تعالى:

وَ ما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ- إلى قوله تعالى- فِيهِ مَواخِرَ [12]

8842/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ ما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ: «فالأجاج: المر. قوله: وَ تَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ يقول: الفلك مقبلة و مدبرة بريح واحدة».

قوله تعالى:

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ [13] مر تفسيره في سورة لقمان «1».

سورة فاطر(35): الآيات 13 الي 27 ..... ص : 543

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ- إلى قوله تعالى- غَرابِيبُ سُودٌ [13- 27] 8843/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ قال: الجلدة الرقيقة التي على ظهر نواة التمر. ثم احتج على عبدة الأصنام، فقال: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَ لَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ إلى قوله: بِشِرْكِكُمْ يعني يجحدون بشرككم لهم يوم القيامة. قوله: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أي لا تحمل آثمة إثم اخرى.

قوله تعالى: وَ إِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْ ءٌ وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى يعني لا يحمل ذنب أحد على أحد، إلا من يأمر به، فيحمله الآمر و المأمور. قوله: وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ مثل ضربه الله للمؤمن و الكافر وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ فالظل للناس، و الحرور للبهائم «2».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 208.

2- تفسير القمّي 2: 208.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (28- 34) من سورة لقمان.

(2) في المصدر: فالظلّ: الناس، و الحرور: البهائم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 544

قوله: وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَ لَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ

وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ، قال:

هؤلاء يسمعون منك كما لا يسمع من في القبور. قوله: وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ، قال: لكل زمان إمام. ثم ذكر كبرياءه و عظمته، فقال: أَ لَمْ تَرَ يا محمد أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها إلى قوله: وَ غَرابِيبُ سُودٌ أي الغربان.

8844/ [1]- و روي من طريق المخالفين: عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: قوله عز و جل: وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ.

قال: الأعمى أبو جهل، و البصير أمير المؤمنين (عليه السلام). وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ فالظلمات أبو جهل، و النور أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ، الظل ظل لأمير المؤمنين (عليه السلام) في الجنة، و الحرور يعني جهنم لأبي جهل، ثم جمعهم جميعا، فقال: وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَ لَا الْأَمْواتُ فالأحياء: علي، و حمزة، و جعفر، و الحسن، و الحسين، و فاطمة، و خديجة (عليهم السلام)، و الأموات: كفار مكة.

سورة فاطر(35): الآيات 28 الي 31 ..... ص : 544

قوله تعالى:

إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ [28- 31]

8845/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، قال: «يعني بالعلماء من صدق فعله قوله، و من لم يصدق فعله قوله فليس بعالم».

8846/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن صالح بن حمزة،

رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن من العبادة شدة الخوف من الله عز و جل، يقول الله عز و جل:

إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، و قال جل ثناؤه: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ «1»، و قال تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً «2»».

قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن حب الشرف و الذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب».

__________________________________________________

1- شواهد التنزيل 2: 101/ 781، مناقب ابن شهر آشوب 3: 81، تأويل الآيات 2: 480/ 5.

2- الكافي 1: 28/ 2. [.....]

3- الكافي 2: 56/ 7.

(1) المائدة 5: 44.

(2) الطلاق 65: 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 545

8847/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة قال: ما سمعت بأحد من الناس كان أزهد من علي بن الحسين (عليهما السلام) إلا ما بلغني عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

قال أبو حمزة: كان الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا تكلم في الزهد و وعظ أبكى من بحضرته. قال أبو حمزة: و قرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين (عليهما السلام)، و كتبت ما فيها، ثم أتيت علي بن الحسين (عليهما السلام)، فعرضت ما فيها عليه، فعرفه و صححه، و كان فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم- و ذكر الصحيفة، و كان مما فيها-: و ما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم و ساء مصيرهم، و ما العلم بالله و العمل إلا إلفان مؤتلفان، فمن عرف الله خافه، و حثه

الخوف على العمل بطاعة الله، و إن أرباب العلم و أتباعهم الذين عرفوا الله، فعملوا له و رغبوا إليه، قال الله: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ».

8848/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد «1»، عن إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن عمر، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، قال: يعني به عليا (عليه السلام)، كان عالما بالله، و يخشى الله عز و جل و يراقبه، و يعمل بفرائضه، و يجاهد في سبيله، و يتبع في جميع أمره مرضاته و مرضاة رسوله (صلى الله عليه و آله).

8849/ [5]- ابن الفارسي، في (روضة الواعظين) قال: قال ابن عباس: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، قال: كان علي (عليه السلام) يخشى الله و يراقبه، و يعمل بفرائضه، و يجاهد في سبيله، و كان إذا صف في القتال كأنه بنيان مرصوص، يقول الله: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ «2»، يتبع في جميع أمره مرضاة الله و رسوله، و ما قتل المشركين قبله أحد.

8850/ [6]- علي بن إبراهيم، في معني: الآية: معناه يخشاه عباده العلماء. ثم ذكر المؤمنين المنفقين أموالهم في طاعة الله، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ أي لن تخسر. ثم خاطب الله نبيه، فقال: وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ.

__________________________________________________

3- الكافي 8: 14/ 2.

4- تأويل الآيات 2: 480/ 6.

5- روضة الواعظين 1: 105.

6- تفسير

القمّي 2: 209.

(1) في «ج، ي، ط»: علي بن أبي طالب، و ما أثبتناه في المتن بقرينة الأحاديث الموجودة في المصدر، و لم نعثر عليه في كتب الرجال.

(2) الصف 61: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 546

سورة فاطر(35): الآيات 32 الي 35 ..... ص : 546

قوله تعالى:

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ- إلى قوله تعالى- وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ [32- 35]

8851/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن عبد المؤمن، عن سالم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ، قال:

«السابق بالخيرات: الإمام، و المقتصد: العارف بالإمام، و الظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام».

8852/ [2]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى، عن الوشاء، عن عبد الكريم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، فقال: «أي شي ء تقولون أنتم؟» قلت: نقول: إنها في الفاطميين. قال: «ليس حيث تذهب، ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه، و دعا الناس إلى الخلاف «1»».

فقلت: فأي شي ء الظالم لنفسه؟ قال: «الجالس في بيته لا يعرف حق الإمام، و المقتصد: العارف بحق الإمام، و السابق بالخيرات: الإمام».

8853/ [3]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى، عن الحسن، عن أحمد بن عمر، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ

اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الآية، فقال: «ولد فاطمة (عليها السلام)، و السابق بالخيرات: الإمام، و المقتصد: العارف بالإمام، و الظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام».

8854/ [4]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، أو غيره، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، أخبرني عن النبي (صلى الله عليه و آله)، ورث النبيين كلهم؟ قال: «نعم». قلت: من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: «ما بعث الله نبيا إلا و محمد (صلى الله عليه و آله) أعلم منه».

قال: قلت: و إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله تعالى! قال: «صدقت، و سليمان بن داود كان

__________________________________________________

1- الكافي 1: 167/ 1.

2- الكافي 1: 167/ 2.

3- الكافي 1: 167/ 3.

4- الكافي 1: 176/ 7.

(1) في «ج، ي، ط» نسخة بدل: ضلال. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 547

يفهم منطق الطير، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقدر على هذه المنازل». قال: فقال: «إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده و شك في أمره، فقال: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ «1»، حين فقده فغضب عليه، فقال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «2»، و إنما غضب لأنه كان يدله على الماء، فهذا و هو طائر قد اعطي ما لم يعط سليمان، و كانت الريح و النمل و الجن و الإنس و الشياطين و المردة له طائعين، و لم يكن يعرف الماء تحت الهواء، و كان الطير يعرفه.

و إن الله يقول في كتابه: وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ

بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى «3»، و قد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال، و تقطع به البلدان، و تحيى به الموتى، و نحن نعرف الماء تحت الهواء، و إن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به، مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون و جعله لنا في أم الكتاب، إن الله يقول: وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «4»، ثم قال:

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، فنحن الذين اصطفانا الله عز و جل، ثم أورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شي ء».

و رواه محمد بن الحسن الصفار في (البصائر) عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) «5».

8855/ [5]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن حميد بن المثنى، عن أبي سلام المرعشي، عن سورة بن كليب، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله تبارك و تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ، قال:

«السابق بالخيرات: الإمام».

8856/ [6]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن ميسر، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال في هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا إلى آخر الآية، قال: «السابق بالخيرات: الإمام، فهي في ولد علي و فاطمة (عليهم السلام)».

8857/ [7]- ابن بابويه،

قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن نصر البخاري المقرئ، قال: حدثنا أبو عبد الله

__________________________________________________

5- بصائر الدرجات: 64/ 1.

6- بصائر الدرجات: 65/ 3.

7- معاني الأخبار: 104/ 1.

(1) النمل 27: 20.

(2) النمل 27: 21.

(3) الرعد 13: 31.

(4) النمل 27: 75.

(5) بصائر الدرجات: 134/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 548

الكوفي العلوي الفقيه بفرغانة، بإسناد متصل إلى الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ، فقال: «الظالم يحوم «1» حوم نفسه، و المقتصد يحوم حوم قلبه، و السابق يحوم حوم ربه عز و جل».

8858/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسان القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السكري، قال: أخبرنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ، فقال: «الظالم لنفسه:

من لا يعرف حق الإمام، و المقتصد: العارف بحق الإمام، و السابق بالخيرات بإذن الله: هو الإمام، جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يعني السابق و المقتصد».

8859/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى البجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو عوانة «2» موسى بن يوسف الكوفي، قال: حدثنا عبد الله «3» بن يحيى، عن يعقوب بن يحيى، عن أبي حفص، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت جالسا في المسجد الحرام مع أبي

جعفر (عليه السلام) إذ أتاه رجلان من أهل البصرة، فقالا له: يا ابن رسول الله، إنما نريد أن نسألك عن مسألة فقال لهما: «سلا عما شئتما». قالا: أخبرنا عن قول الله عز و جل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ، إلى آخر الآيتين، قال: «نزلت فينا أهل البيت».

قال أبو حمزة الثمالي، فقلت: بأبي أنت و أمي، فمن الظالم لنفسه منكم؟ قال: «من استوت حسناته و سيئاته منا أهل البيت، فهو الظالم لنفسه». فقلت: من المقتصد منكم؟ قال: «العابد لله في الحالين حتى يأتيه اليقين».

فقلت: فمن السابق منكم بالخيرات؟ قال: «من دعا- و الله- إلى سبيل ربه، و أمر بالمعروف و نهى عن المنكر، و لم يكن للمضلين عضدا، و لا للخائنين خصيما، و لم يرض بحكم الفاسقين، إلا من خاف على نفسه و دينه و لم يجد أعوانا».

8860/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان، فقال

__________________________________________________

8- معاني الأخبار: 104/ 2.

9- معاني الأخبار: 105/ 3.

10- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 228/ 1، أمالي الصدوق: 421/ 1.

(1) حام: أي دار. «مجمع البحرين- حوم- 6: 53».

(2) في «ج، ي، ط»: أبو عرافة.

(3) في «ج، ي، ط»: أبو عبد اللّه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 549

المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية: ثُمَّ

أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، فقالت العلماء: أراد الله عز و جل بذلك الامة كلها.

فقال المأمون: ما تقول، يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (عليه السلام): «لا أقول كما قالوا، و لكن أقول: أراد الله عز و جل بذلك العترة الطاهرة». فقال المأمون: و كيف عنى العترة من دون الامة؟ فقال له الرضا (عليه السلام): «لو أراد الامة لكانت بأجمعها في الجنة لقول الله تبارك و تعالى: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ، ثم جمعهم كلهم في الجنة، فقال عز و جل: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ، فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم».

فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟ فقال الرضا (عليه السلام): «الذين وصفهم الله في كتابه، فقال عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1»، و هم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، ألا و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. أيها الناس، لا تعلموهم، فإنهم أعلم منكم».

قالت العلماء: أخبرنا- يا أبا الحسن- عن العترة: هم الآل، أم غير الآل؟ فقال الرضا (عليه السلام): «هم الآل».

قالت العلماء: و هذا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يؤثر عنه أنه قال: «امتي آلي» و هؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه: الآل أمته.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «أخبروني: هل تحرم الصدقة على الآل؟». قالوا: نعم. قال: «فتحرم على الامة؟» قالوا: لا. قال: «هذا فرق بين الآل و الامة. ويحكم، أين يذهب بكم، أ ضربتم عن

الذكر صفحا، أم أنتم قوم مسرفون، أما علمتم أنه وقعت الوراثة و الطهارة «2» على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟!» قالوا: من أين، يا أبا الحسن؟

قال: «من قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ «3»، فصارت وراثة [النبوة و] الكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أن نوحا (عليه السلام) حين سأل ربه عز و جل، فقال: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ «4» و ذلك أن الله عز و جل و عده أن ينجيه و أهله، فقال له: يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ «5»؟».

و الحديث طويل أخذنا ذلك منه، و ربما ذكرنا منه في هذا الكتاب في مواضع تليق به «6».

__________________________________________________

(1) الأحزاب 33: 33.

(2) في «ط»: وقف الوراثة الظاهرة.

(3) الحديد 57/ 26.

(4، 5) هود 11: 45، 46.

(6) تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب، و يأتي أيضا في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة الحديد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 550

8861/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن عثمان بن سعيد، عن إسحاق بن يزيد الفراء «1»، عن غالب الهمداني، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: خرجت حاجا فلقيت محمد بن علي (عليه السلام)، فسألته عن هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، فقال: «ما يقول فيها قومك، يا أبا إسحاق؟» يعني أهل الكوفة. قال: قلت: يقولون إنها

لهم. قال: «فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنة؟».

قلت: فما تقول أنت، جعلت فداك؟ قال: «هي لنا خاصة- يا أبا إسحاق- أما السابقون بالخيرات: فعلي، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و الإمام منا، و المقتصد، فصائم بالنهار، و قائم بالليل، و الظالم لنفسه: ففيه ما في الناس، و هو مغفور له. يا أبا إسحاق، بنا يفك الله رقابكم، و بنا يحل الله رباق الذل من أعناقكم، و بنا يغفر الله ذنوبكم، و بنا يفتح، و بنا يختم، و نحن كهفكم ككهف أصحاب الكهف، و نحن سفينتكم كسفينة نوح، و نحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل».

8862/ [12]- و

عنه، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن محمد بن أبي حمزة، عن زكريا المؤمن، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما معنى قوله عز و جل:

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الآية؟ قال: «الظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام» قلت: فمن المقتصد؟ قال: «الذي يعرف الإمام» قلت: فمن السابق بالخيرات؟ قال: «الإمام» قلت: فما لشيعتكم؟ قال: «تكفر ذنوبهم، و تقضى ديونهم، و نحن باب حطتهم، و بنا يغفر الله لهم».

8863/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن حميد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا.

قال: «فهم آل محمد صفوة الله، فمنهم الظالم لنفسه، و هو الهالك، و منهم المقتصد، و هم الصالحون، و منهم سابق بالخيرات بإذن الله، فهو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

يقول الله عز و جل: ذلِكَ هُوَ

الْفَضْلُ الْكَبِيرُ يعني القرآن.

يقول الله عز و جل: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يعني آل محمد يدخلون قصور جنات، كل قصر من لؤلؤة واحدة ليس فيها صدع «2»، و لا وصل، و لو اجتمع أهل الإسلام فيها ما كان ذلك القصر إلا سعة لهم، له القباب من الزبرجد، كل قبة لها مصراعان، المصراع طوله اثنا عشر ميلا.

__________________________________________________

11- تأويل الآيات 2: 481/ 7.

12- تأويل الآيات 2: 481/ 8.

13- تأويل الآيات 2: 482/ 10.

(1) في «ج، ي، ط»: الغرا.

(2) في «ج، ي، ط»: صدف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 551

يقول الله عز و جل: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ، قال: و الحزن ما أصابهم في الدنيا من الخوف و الشدة.

8864/ [14]- الطبرسي، في (الإحتجاج): عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا، قال: «أي شي ء تقول؟» قلت: إني أقول: إنها خاصة في ولد فاطمة (عليها السلام). فقال (عليه السلام): «أما من سل سيفه، و دعا الناس إلى نفسه إلى الضلال، من ولد فاطمة و غيرهم فليس بداخل في هذه الآية».

قلت: من يدخل فيها؟ قال: «الظالم لنفسه: الذي لا يدعو الناس إلى ضلال و لا هدى، و المقتصد منا أهل البيت: هو العارف حق الإمام، و السابق بالخيرات: هو الإمام».

8865/ [15]- ابن شهر آشوب: عن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن آبائه، و السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، و محمد الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ: «و الله لهو علي

بن أبي طالب».

8866/ [16]- الطبرسي: روى أصحابنا، عن ميسر بن عبد العزيز، عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: «الظالم لنفسه منا: من لا يعرف حق الإمام، و المقتصد منا: العارف بحق الإمام، و السابق بالخيرات: هو الإمام، و هؤلاء كلهم مغفور لهم».

8867/ [17]- و

عن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و أما الظالم لنفسه منا: فمن عمل صالحا و آخر سيئا، و أما المقتصد: فهو المتعبد المجتهد، و أما السابق بالخيرات: فعلي، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و من قتل من آل محمد (صلى الله عليه و آله) شهيدا».

8868/ [18]- صاحب (الثاقب في المناقب): عن أبي هاشم الجعفري، قال: كنت عند أبي محمد- يعني الحسن (عليه السلام)- فسألناه عن قول الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ. قال (عليه السلام): «كلهم من آل محمد (عليهم السلام)، الظالم لنفسه:

الذي لا يقر بالإمام، و المقتصد: العارف بالإمام، و السابق بالخيرات بإذن الله: الإمام».

قال: فدمعت عيناي، و جعلت أفكر في نفسي عظم ما أعطى الله آل محمد، فنظر إلي، و قال: «الأمر أعظم مما حدثتك به نفسك من عظم شأن آل محمد، فاحمد الله فقد جعلك مستمسكا بحبلهم، تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كل أناس بإمامهم، فأبشر- يا أبا هاشم- فإنك على خير».

__________________________________________________

14- الاحتجاج: 375.

15- المناقب 2: 122.

16- مجمع البيان 8: 638.

17- مجمع البيان 8: 639. [.....]

18- الثاقب في المناقب: 566/ 506.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 552

8869/ [19]- و

من طريق المخالفين: قال علي (عليه السلام): «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا نحن أولئك».

8870/ [20]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر

آل محمد، فقال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا و هم الأئمة (عليهم السلام)، ثم قال: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ من آل محمد غير الأئمة، و هو الجاحد للإمام وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ و هو المقر بالإمام وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ و هو الإمام.

ثم ذكر ما أعد الله لهم عنده، فقال: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ قال: النصب: العناء، و اللغوب: الكسل و الضجر، و دار المقامة: دار البقاء.

8871/ [21]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، عن أبي الحسن أحمد بن محمد الشعراني، عن أبي محمد عبد الباقي، عن عمر بن سنان المنبجي «1»، عن حاجب بن سليمان، عن وكيع بن الجراح، عن سليمان الأعمش، عن أبي ظبيان «2»، عن أبي ذر (رحمه الله)، قال: رأيت سلمان و بلالا يقبلان إلى النبي (صلى الله عليه و آله) [إذ انكب سلمان على قدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقبلها، فزجره النبي (صلى الله عليه و آله)] عن ذلك، ثم قال له: «يا سلمان، لا تصنع بي كما تصنع الأعاجم بملوكها، إنما أنا عبد من عبيد الله، آكل كما يأكل العبد، و أقعد كما يقعد العبد».

فقال له سلمان: يا مولاي، سألتك بالله إلا أخبرتني بفضل فاطمة (عليها السلام) يوم القيامة، قال: فأقبل النبي (صلى الله عليه و آله) ضاحكا مستبشرا، ثم قال: «و الذي نفسي بيده إنها الجارية التي تجوز في عرصة

القيامة على ناقة رأسها من خشية الله، و عيناها من نور الله، و خطامها من جلال الله، و عنقها من بهاء الله، و سنامها من رضوان الله، و ذنبها من قدس الله، و قوائمها من مجد الله، إن مشت سبحت، و إن رغت قدست. عليها هودج من نور فيه جارية إنسية «3» حورية عزيزة، جمعت فخلقت، و صنعت فمثلت من ثلاثة أصناف: فأولها من مسك أذفر، و أوسطها من العنبر الأشهب، و آخرها من الزعفران الأحمر، عجنت بماء الحيوان، لو تفلت تفلة في سبعة أبحر مالحة لعذبت، و لو أخرجت ظفر خنصرها إلى دار الدنيا لغشي الشمس و القمر.

جبرئيل عن يمينها، و ميكائيل عن شمالها، و علي أمامها، و الحسن و الحسين وراءها، و الله يكلؤها

__________________________________________________

19- غاية المرام: 351/ 1.

20- تفسير القمّي 2: 209.

21- ...، تأويل الآيات 2: 483/ 12.

(1) لعلّه عمر بن سعيد بن سنان المنبجي، راجع أنساب السمعاني 5: 388.

(2) في «ج، ي»: الأعمش بن ظبيان، و في «ط»: الأعمش، عن ظبيان، تصحيف صحيحه ما أثبتناه راجع تهذيب التهذيب 4: 222.

(3) في «ط»: أشبه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 553

و يحفظها، فيجوزون في عرصة القيامة، فإذا النداء من قبل الله جل جلاله: معاشر الخلائق، غضوا أبصاركم، و نكسوا رؤوسكم، هذه فاطمة بنت محمد نبيكم، زوجة علي إمامكم، أم الحسن و الحسين. فتجوز الصراط و عليها ريطتان «1» بيضاوان، فإذا دخلت الجنة، و نظرت إلى ما أعد الله لها من الكرامة، قرأت: بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ- قال- فيوحي الله

عز و جل إليها: يا فاطمة، سليني أعطك، و تمني علي أرضك، فتقول:

إلهي، أنت المنى، و فوق المنى، أسألك أن لا تعذب محبي و محبي عترتي بالنار، فيوحي الله تعالى إليها: يا فاطمة، و عزتي و جلالي و ارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السماوات و الأرض بألفي عام أن لا اعذب محبيك، و محبي عترتك بالنار».

8872/ [22]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سئل عن قول الله عز و جل: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً، فقال: يا علي، إن الوفد لا يكونون إلا ركبانا، أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله، و اختصهم، و رضي أعمالهم، فسماهم المتقين- ثم ذكر ما أعد الله سبحانه لهم، إلى أن قال في الحديث- فإذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنة وضع على رأسه تاج الملك و الكرامة، و البس حلل الذهب و الفضة و الياقوت و الدر، منظومة «2» في الإكليل تحت التاج- قال- و البس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة، و ضروب مختلفة، منسوجة بالذهب و الفضة و اللؤلؤ و الياقوت الأحمر، فذلك قوله عز و جل: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ».

و الحديث طويل، ذكرناه في قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً من سورة مريم «3».

سورة فاطر(35): الآيات 36 الي 37 ..... ص : 553

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ- إلى قوله تعالى- ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ [36- 37] 8873/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر ما أعد الله لأعدائهم- يعني أعداء آل محمد

(صلى الله عليه و آله)- و من خالفهم

__________________________________________________

22- الكافي 8: 95/ 69.

1- تفسير القمّي 2: 209.

(1) الريطة: الملاءة. «الصحاح- ريط- 3: 1128».

(2) في المصدر: المنظور.

(3) تقدّم في الحديث (11) من تفسير الآيات (73- 98) من سورة مريم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 554

و ظلمهم، فقال: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا إلى قوله تعالى: وَ هُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها أي يصيحون و ينادون رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ، فرد الله عليهم فقال: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ أي عمرتم حتى عرفتم الأمور كلها وَ جاءَكُمُ النَّذِيرُ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله).

8874/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن سهل العطار، عن عمر بن عبد الجبار، عن علي «1»، عن أبيه، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: «قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، ما بين من يحبك و بين أن يرى ما تقربه عيناه إلا أن يعاين الموت، ثم تلا: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ يعني أن أعدائه إذا دخلوا النار قالوا: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً في ولاية علي (عليه السلام) غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ في عداوته، فيقال لهم في الجواب: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ النَّذِيرُ و هو النبي (صلى الله عليه و آله) فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ لآل محمد مِنْ نَصِيرٍ ينصرهم و لا ينجيهم منه و لا يحجبهم عنه».

8875/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا

أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي بإسناده، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ قال: «توبيخ لابن ثماني عشرة سنة».

8876/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن سيف التمار، عن أبي بصير، قال: قال الصادق أبو عبد الله (عليه السلام): «إن العبد لفي فسحة من أمره ما بينه و بين أربعين سنة، فإذا بلغ أربعين سنة أوحى الله عز و جل إلى ملائكته: أني قد عمرت عبدي عمرا، فغلظا و شددا و تحفظا و اكتبا عليه قليل عمله و كثيره، و صغيره و كبيره».

و سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ فقال: «توبيخ لابن ثماني عشرة سنة».

و روى ابن بابويه الحديث الأخير في (الفقيه) أيضا، مرسلا عن الصادق (عليه السلام) «2».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 485/ 13.

3- الخصال: 509/ 2. [.....]

4- أمالي الصدوق: 40/ 1.

(1) (علي) ليس في المصدر.

(2) من لا يحضره الفقيه 1: 118/ 561.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 555

سورة فاطر(35): الآيات 42 الي 45 ..... ص : 555

قوله تعالى:

وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً [42- 45] 8877/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول قريش، فقال: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ يعني الذين هلكوا فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ يعني رسول الله (صلى

الله عليه و آله) ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَ مَكْرَ السَّيِّئِ وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.

8878/ [2]- قال: و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه الذي كتبه إلى شيعته يذكر فيه خروج عائشة إلى البصرة، و عظم خطأ طلحة و الزبير فقال: «و أي خطيئة أعظم مما أتيا! أخرجا زوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من بيتها، و كشفا عنها حجابا ستره الله عليها و صانا حلائلهما في بيوتهما! ما أنصفا لا لله و لا لرسوله من أنفسهما.

ثلاث خصال مرجعها على الناس في كتاب الله: البغي، و المكر، و النكث، قال الله: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ «1»، و قال: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ «2»، و قال: وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ، و قد بغيا علينا، و نكثا بيعتي، و مكرا بي».

8879/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ قال: أ و لم ينظروا في القرآن، و في أخبار «3» الأمم الهالكة؟!

8880/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن بدر «4» بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ «5»، فقال: «عنى بذلك: أي انظروا في القرآن، فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم، و ما أخبركم عنه».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 210.

2- تفسير القمّي

2: 210.

3- تفسير القمّي 2: 210.

4- الكافي 8: 248/ 349.

(1) يونس 10: 23.

(2) الفتح 48: 10.

(3) في «ج، ي، ط» زيادة: رجعة.

(4) في «ي، ط»: بريد، و في «ج»: يزيد، و في المصدر: زيد، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، راجع جامع الرواة 2: 385.

(5) الروم 30: 42.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 556

8881/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، قال: لا يؤاخذهم الله عند المعاصي، و عند اغترارهم بالله.

8882/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): سبق العلم، و جف القلم، و مضى القضاء، و تم القدر بتحقيق الكتاب، و تصديق الرسل، بالسعادة من الله لمن آمن و اتقى، و الشقاء لمن كذب و كفر بالولاية من الله للمؤمنين، و بالبراءة منه للمشركين.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله يقول: يا ابن آدم، بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، و بإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد، و بفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي، و بقوتي و عصمتي و عافيتي أديت إلي فرائضي، و أنا أولى بحسناتك منك، و أنت أولى بذنبك مني، الخير مني إليك واصل بما أوليتك، و الشر مني إليك بما جنيت جزاء، و بكثير من تسليطي «1» لك انطويت عن طاعتي، و بسوء ظنك بي قنطت من رحمتي، فلي الحمد و الحجة عليك بالبيان، و لي السبيل عليك بالعصيان، و لك الجزاء الحسن عندي بالإحسان،

ثم لم أدع تحذيرك بي، ثم لم آخذك عند غرتك «2»، و هو قوله: وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ، لم اكلف فوق طاقتك، و لم أحملك من الأمانة إلا ما أقررت بها على نفسك، و رضيت لنفسي منك ما رضيت به لنفسك مني، ثم قال عز و جل: وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 210.

6- تفسير القمّي 2: 210. [.....]

(1) في «ي، ط»: تسلّطي.

(2) في «ج، ي، ط»: عزّتك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 557

المستدرك (سورة فاطر) ..... ص : 557
سورة فاطر(35): آية 6 ..... ص : 557

قوله تعالى:

إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا [6]

[1]- في (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام): «لا يتمكن الشيطان بالوسوسة من العبد إلا و قد أعرض عن ذكر الله تعالى، و استهان و سكن إلى نهيه، و نسي اطلاعه على سره، فالوسوسة ما تكون من خارج القلب بإشارة معرفة العقل و مجاورة الطبع، و أما إذا تمكن في القلب فذلك غي و ضلالة و كفر، و الله عز و جل دعا عباده بلطف دعوته و عرفهم عداوة إبليس، فقال تعالى: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا».

__________________________________________________

1- مصباح الشريعة: 79.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 559

سورة يس ..... ص : 559

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 561

فضلها ..... ص : 561

8883/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن لكل شي ء قلبا، و إن قلب القرآن يس، فمن قرأها قبل أن ينام، أو في نهاره قبل أن يمسي «1» كان في نهاره من المحفوظين و المرزوقين حتى يمسي.

و من قرأها في ليلة قبل أن ينام و كل الله به ألف ملك يحفظونه من شر كل شيطان رجيم، و من كل آفة، و إن مات في يومه أدخله الله الجنة، و حضر غسله ثلاثون ألف ملك، كلهم يستغفرون له، و يشيعونه إلى قبره بالاستغفار له. فإذا دخل في لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله، و ثواب عبادتهم له، و فسح له في قبره مد بصره، و أؤمن من ضغطة القبر، و لم يزل له في قبره نور ساطع إلى عنان السماء إلى أن يخرجه الله من قبره، فإذا أخرجه لم تزل ملائكة الله يشيعونه، و يحدثونه، و يضحكون في وجهه، و يبشرونه بكل خير حتى يجوزوا به على الصراط و الميزان، و يوقفونه من الله موقفا لا يكون عند الله خلق أقرب منه إلا ملائكة الله المقربون، و أنبياؤه المرسلون، و هو مع النبيين واقف بين يدي الله، لا يحزن مع من يحزن، و لا يهتم مع من يهتم «2»، و لا يجزع مع من يجزع.

ثم يقول له الرب تبارك و تعالى: اشفع- عبدي- أشفعك في جميع ما تشفع، و سلني أعطك- عبدي «3»- جميع ما تسأل. فيسأل فيعطى، و يشفع فيشفع، و لا يحاسب فيما يحاسب، و لا يوقف مع من يوقف، و لا يذل من يذل، و لا يكتب

بخطيئته، و لا بشي ء من سوء عمله، و يعطى كتابا منشورا حتى يهبط من عند الله، فيقول الناس بأجمعهم: سبحان الله، ما كان لهذا العبد من خطيئة واحدة! و يكون من رفقاء محمد (صلى الله عليه و آله)».

8884/ [2]- و

عنه، قال: حدثني محمد بن الحسن، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن أبي الحسن العبدي، عن جابر الجعفي،

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 110.

2- ثواب الأعمال: 111.

(1) في المصدر: يمشي.

(2) في المصدر: و لا يهم مع من يهم.

(3) في «ج، ي» و «ط» نسخة بدل: عندي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 562

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة يس في عمره مرة كتب الله له بكل خلق في الدنيا، و بكل خلق في الآخرة، و في السماء، و بكل واحد ألفي ألف حسنة، و محا عنه مثل ذلك، و لم يصبه فقر، و لا غرم «1»، و لا هدم، و لا نصب، و لا جنون، و لا جذام، و لا وسواس، و لا داء يضره، و خفف الله عنه سكرات الموت و أهواله، و ولي قبض روحه، و كان ممن يضمن الله له السعة في معيشته، و الفرح «2» عند لقائه، و الرضا بالثواب في آخرته، و قال الله تعالى لملائكته أجمعين، من في السماوات و من في الأرض: قد رضيت عن فلان، فاستغفروا له».

8885/ [3]- الشيخ في (مجالسه): بإسناده، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «علموا أولادكم (يس)، فإنها ريحانة القرآن».

8886/ [4]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة

يريد بها الله عز و جل غفر الله له، و اعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتي عشرة مرة، و أيما مريض قرئت عليه عند موته نزل عليه بعدد كل آية عشرة أملاك، يقومون بين يديه صفوفا، و يستغفرون له، و يشهدون موته، و يتبعون جنازته، و يصلون عليه، و يشهدون دفنه.

و إن قرأها المريض عند موته لم يقبض ملك الموت روحه حتى يؤتى بشراب من الجنة و يشربه، و هو على فراشه، فيقبض ملك الموت روحه و هو ريان «3»، فيدخل قبره و هو ريان، و يبعث و هو ريان، و يدخل الجنة و هو ريان، و من كتبها و علقها عليه كانت حرزه من كل آفة و مرض».

8887/ [5]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها عند كل مريض عند موته نزل عليه بعدد كل آية ملك- و قيل عشرة أملاك- يقومون بين يديه صفوفا، يستغفرون له، و يشيعون جنازته، و يقبلون عليه، و يشاهدون غسله، و دفنه.

و إن قرئت على مريض عند موته لم يقبض ملك الموت روحه حتى يأتيه بشربة من الجنة يشربها و هو على فراشه، و يقبض روحه و هو ريان، و يدخل قبره و هو ريان، و من كتبها بماء ورد، و علقها عليه كانت له حرزا من كل آفة و سوء».

8888/ [6]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها بماء ورد و زعفران سبع مرات، و شربها سبع مرات متواليات، كل يوم مرة، حفظ كل ما سمعه، و غلب على من يناظره، و عظم في أعين الناس.

و من كتبها و علقها على جسده أمن على جسده من الحسد و العين، و من الجن و الإنس،

و الجنون و الهوام، و الأعراض، و الأوجاع، بإذن الله تعالى، و إذا شربت ماءها امرأة در لبنها، و كان فيه للمرضع غذاء جيدا بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

3- الأمالي 2: 290.

4- نحوه في مجمع البيان 8: 646، جوامع الجامع: 390.

5- ....

6- خواص القرآن: 6 «قطعة منه».

(1) الغرم: الدّين. «لسان العرب- غرم- 12: 436».

(2) في «ي» و المصدر: الفرج. [.....]

(3) في «ج، ي»: نائم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 563

سورة يس(36): الآيات 1 الي 12 ..... ص : 563

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ- إلى قوله تعالى- فِي إِمامٍ مُبِينٍ [1- 12]

8889/ [1]- سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن حماد الطنافسي، عن الكلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: يا كلبي، كم لمحمد (صلى الله عليه و آله) من اسم في القرآن؟ فقلت: اسمان، أو ثلاثة. فقال: «يا كلبي، له عشرة أسماء». و ذكر (عليه السلام) العشرة، و قال فيها: و يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، و قد ذكرنا الحديث بتمامه في أول سورة طه «1».

8890/ [2]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن الصادق (عليه السلام) قال له: يا ابن رسول الله، ما معنى قول الله عز و جل: يس؟

قال: «اسم من أسماء النبي (صلى الله عليه و آله)، و معناه: يا أيها السامع الوحي، و القرآن الحكيم، إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم».

8891/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه

السلام)، و قد سأله بعض الزنادقة عن آي من القرآن، فكان فيما قال له (عليه السلام): «قوله: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ فسمى الله النبي بهذا الاسم، حيث قال: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ».

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 67.

2- معاني الأخبار: 22/ 1.

3- الاحتجاج: 253.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 564

8892/ [4]- الطبرسي: روى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن لرسول الله (صلى الله عليه و آله) اثني عشر اسما، خمسة منها في القرآن: محمد، و أحمد، و عبد الله، و يس، و نون».

8893/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: قال الصادق (عليه السلام): «يس اسم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الدليل على ذلك قوله: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ- قال- على الطريق الواضح».

تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ قال: القرآن لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ يعني نزل بهم العذاب فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. قال: قوله: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ، قال: قد رفعوا رؤوسهم.

8894/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ.

قال: «لتنذر القوم الذين أنت فيهم كما انذر آباؤهم فهم غافلون عن الله، و عن رسوله، و عن وعيده «1» لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ ممن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) و الأئمة من بعده فَهُمْ

لا يُؤْمِنُونَ بإمامة أمير المؤمنين و الأوصياء، من بعده، فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ في نار جهنم، ثم قال: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ عقوبة من حيث أنكروا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) و الأئمة من بعده، هذا في الدنيا، و في الآخرة في نار جهنم مقمحون.

ثم قال: يا محمد: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بالله، و بولاية علي و من بعده، ثم قال: إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ يا محمد بِمَغْفِرَةٍ وَ أَجْرٍ كَرِيمٍ».

8895/ [7]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في سؤال يهودي، قال له اليهودي: فإن إبراهيم (عليه السلام) حجب عن نمرود بحجب ثلاث.

قال علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله): حجب عن من أراد قتله بحجب خمس، فثلاثة بثلاثة، و اثنان فضل، قال الله عز و جل و هو يصف أمر محمد (صلى الله عليه و آله): وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا فهذا الحجاب الأول وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فهذا الحجاب الثاني فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ فهذا الحجاب

__________________________________________________

4- مجمع البيان 8: 647.

5- تفسير القمّي 2: 211.

6- الكافي 1: 357/ 90.

7- الاحتجاج: 213.

(1) في «ي، ط»: و عده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 565

الثالث، ثم قال: وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً «1» فهذا الحجاب الرابع، ثم قال: فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ

فهذه خمسة حجب».

8896/ [8] ض

- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، منهم: الحسين بن عبيد الله، و أحمد بن عبيد الله، و أحمد بن عبدون، و أبو طالب بن غرور، و أبو الحسن الصفار، و أبو علي الحسن بن إسماعيل «2» بن أشناس، قالوا: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن العباس النحوي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، قال: حدثنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قاضي الشرقية، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة- يعني الأشهلي- عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان، عن ابن عباس، قال: اجتمع المشركون في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره الخبر، و أمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، المبيت أمر عليا (عليه السلام) أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، فبات علي (عليه السلام)، و تغشى ببرد أخضر حضرمي، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ينام فيه، و جعل السيف إلى جنبه، فلما اجتمع أولئك النفر من قريش يطوفون به و يرصدونه، يريدون قتله، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هم جلوس على الباب، خمسة و عشرون رجلا، فأخذ حفنة من البطحاء، ثم جعل يذرها على رؤوسهم، و هو يقرأ:

يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ حتى بلغ فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ.

فقال لهم قائل: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا؟ قال: خبتم و خسرتم، قد و الله مر بكم، فما منكم رجل إلا و قد جعل على رأسه ترابا. قالوا:

و الله ما أبصرناه، قال: فأنزل الله عز و جل: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ «3».

8897/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ، يقول: «فأعميناهم فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ الهدى، أخذ الله بسمعهم، و أبصارهم، و قلوبهم، فأعماهم عن الهدى، نزلت في أبي جهل بن هشام و نفر من أهل بيته، و ذلك أن النبي (صلى الله عليه و آله) قام يصلي و قد حلف أبو جهل (لعنه الله) لئن رآه يصلي ليدمغنه، فجاء و معه حجر، و النبي قائم يصلي، فجعل كلما رفع الحجر ليرميه أثبت الله يده إلى عنقه، و لا يدور الحجر بيده، فلما رجع إلى أصحابه سقط الحجر من يده، ثم قام رجل آخر، و هو من رهطه أيضا، و قال: أنا أقتله. فلما دنا منه فجعل يسمع قراءة رسول الله (صلى الله عليه و آله) فارعب، فرجع إلى أصحابه، فقال: حال بيني و بينه كهيئة الفحل «4»، يخطر بذنبه،

__________________________________________________

8- الأمالي 2: 60.

9- تفسير القمّي 2: 212.

(1) الاسراء 17: 45.

(2) في تاريخ بغداد 7: 435: الحسن بن محمد بن إسماعيل. [.....]

(3) الأنفال 8: 30.

(4) الفحل: الذكر القوي من كلّ حيوان. «المعجم الوسيط 2: 676»، و في المصدر: العجل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 566

فخفت أن أتقدم».

و قوله: وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قال: «فلم يؤمن من أولئك الرهط من بني مخزوم أحد» «1».

8898/ [10]- الطبرسي في (إعلام الورى): عن الكلبي، عن

أبي صالح، عن ابن عباس: أن أناسا من بني مخزوم تواصوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) ليقتلوه، منهم: أبو جهل، و الوليد بن المغيرة، و نفر من بني مخزوم، فبينا النبي (صلى الله عليه و آله) قائم يصلي إذ أرسلوا إليه الوليد ليقتله، فانطلق حتى انتهى إلى المكان الذي يصلي فيه، فجعل يسمع قراءته و لا يراه، فانصرف إليهم فأعلمهم ذلك، فأتاه من بعده أبو جهل، و الوليد- يعني ابن المغيرة- و نفر منهم، فلما انتهوا إلى المكان الذي يصلي فيه، سمعوا قراءته و ذهبوا إلى الصوت، فإذا الصوت من خلفهم، فيذهبون إليه فيسمعونه أيضا من خلفهم، فانصرفوا و لم يجدوا إليه سبيلا، فذلك قوله سبحانه: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ.

8899/ [11]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إلى قوله: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ أي في كتاب مبين «2».

و

ذكر ابن عباس عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: «أنا- و الله- الإمام المبين، أبين الحق من الباطل، ورثته من رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

8900/ [12]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحارث بن جعفر، عن علي بن إسماعيل بن يقطين، عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير، قال:

حدثني موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أليس كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كاتب الوصية، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) المملي عليه، و جبرئيل و الملائكة المقربون (عليهم سلام الله) شهود؟ قال:

فأطرق طويلا، ثم قال: يا أبا الحسن، قد كان ما قلت، و لكن حين نزل برسول الله (صلى الله عليه و آله) الأمر نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا، نزل به جبرئيل (عليه السلام) مع أمناء الله تبارك و تعالى من الملائكة، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد، مر بإخراج من عندك إلا وصيك، لتقبضها «3» منا، و لتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها- يعني عليا (عليه السلام)- فأمر النبي (صلى الله عليه و آله) بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا (عليه السلام)، و فاطمة فيما بين الستر و الباب، فقال جبرئيل:

يا محمد، ربك يقرئك السلام، و يقول: هذا كتاب ما كنت عهدت إليك، و شرطت عليك، و شهدت به عليك،

__________________________________________________

10- إعلام الورى: 30.

11- تفسير القمّي 2: 212.

12- الكافي 1: 222/ 4.

(1) في «ج، ي» و المصدر زيادة: يعني ابن المغيرة.

(2) في المصدر زيادة: و هو محكم.

(3) في المصدر: ليقبضها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 567

و أشهدت به عليك ملائكتي، و كفى بي- يا محمد- شهيدا.

قال: فارتعدت مفاصل النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا جبرئيل، ربي هو السلام، و منه [السلام ، و إليه يعود السلام، صدق- عز و جل- و بر، هات الكتاب. فدفعه إليه و أمره، بدفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: اقرأ.

فقرأه حرفا حرفا، فقال: يا علي هذا عهد ربي تبارك و تعالى إلي، و شرطه علي، و أمانته، و قد بلغت، و نصحت، و أديت. فقال علي (عليه السلام): و أنا أشهد لك- بأبي أنت و أمي- بالبلاغ، و النصيحة، و التصديق على ما قلت، و يشهد لك به سمعي، و بصري، و

لحمي، و دمي. فقال جبرئيل (عليه السلام): و أنا لكما على ذلك من الشاهدين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، أخذت وصيتي، و عرفتها، و ضمنت لله ولي الوفاء بما فيها؟ فقال علي (عليه السلام): نعم- بأبي أنت و امي- علي ضمانها، و على الله عوني و توفيقي على أدائها. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، إني أريد أن اشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة. فقال علي: نعم أشهد. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): إن جبرئيل و ميكائيل فيما بيني و بينك الآن، و هما حاضران، معهما الملائكة المقربون، لأشهدهم عليك. فقال: نعم، ليشهدوا، و أنا- بأبي أنت و أمي- اشهدهم. فأشهدهم رسول الله (صلى الله عليه و آله).

و كان فيما اشترط عليه النبي (صلى الله عليه و آله) بأمر جبرئيل (عليه السلام) فيما أمر الله عز و جل، أن قال له: يا علي، تفي بما فيها من موالاة من والى الله و رسوله، و البراءة و العداوة لمن عادى الله و رسوله، و البراءة منهم، و الصبر منك على «1» كظم الغيظ، و على ذهاب حقك، و غصب خمسك، و انتهاك حرمتك. فقال: نعم، يا رسول الله. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الذي فلق الحبة، و برأ النسمة، لقد سمعت جبرئيل (عليه السلام) يقول للنبي (صلى الله عليه و آله): يا محمد، عرفه، أنه ينتهك الحرمة- و هي حرمة الله، و حرمة رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و على أن تخصب لحيته من رأسه بدم عبيط.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فصعقت حين سمعت «2» الكلمة من الأمين جبرئيل، حتى سقطت على وجهي،

و قلت: نعم، قبلت و رضيت، و إن انتهكت الحرمة، و عطلت السنن، و مزق الكتاب، و هدمت الكعبة، و خضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط، صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك.

ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام)، و أعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقالوا مثل قوله، فختمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تمسه النار، و دفعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)».

فقلت لأبي الحسن (عليه السلام): بأبي أنت و أمي، ألا تذكر ما كان في الوصية؟ فقال: سنن الله، و سنن رسوله.

فقلت: أ كان في الوصية توثبهم، و خلافهم على أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ فقال: نعم، شيئا شيئا، و حرفا حرفا، أما سمعت قول الله عز و جل: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ؟

__________________________________________________

(1) في المصدر: على الصبر منك و على.

(2) في «ي» و المصدر: فهمت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 568

و الله لقد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأمير المؤمنين و فاطمة (عليهما السلام): أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما، و قبلتماه فقالا: بلى، و صبرنا على ما ساءنا و غاظنا».

و في نسخة الصفواني زيادة.

8901/ [13]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «اتقوا المحقرات من الذنوب، فإن لها طالبا، لا يقول أحدكم؟ أذنب و أستغفر، إن الله عز و جل يقول: وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ و قال

عز و جل: إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ «1»».

8902/ [14]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، و الحجال جميعا، عن ثعلبة، عن زياد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نزل بأرض قرعاء، فقال لأصحابه: ائتوا بحطب، فقالوا: يا رسول الله، نحن بأرض قرعاء، ما بها من حطب. قال: فليأت كل إنسان بما قدر عليه، فجاءوا به حتى رموا به بين يديه، بعضه على بعض. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هكذا تجتمع الذنوب، ثم قال: و إياكم و المحقرات من الذنوب، فإن لكل شي ء طالبا، ألا و إن طالبها يكتب ما قدموا و آثارهم وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ».

8903/ [15]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي اسامة زيد الشحام، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «اتقوا المحقرات من الذنوب، فإنها لا تغتفر» قلت: و ما المحقرات؟ قال: «الرجل يذنب الذنب، فيقول: طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك».

8904/ [16]- الطبرسي: عن أبي سعيد الخدري: أن بني سلمة كانوا في ناحية من المدينة، فشكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد منازلهم من المسجد و الصلاة معه، فنزلت الآية.

8905/ [17]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا أحمد بن سلام الكوفي، قال:

حدثنا الحسين بن عبد الواحد، قال: حدثنا حرب بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل بن صدقة، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)،

__________________________________________________

13- الكافي 2: 207/ 10.

14- الكافي 2: 218/ 3.

15- الكافي 2: 218/ 1.

16- مجمع البيان 8: 653. [.....]

17- معاني الأخبار: 95/ 1.

(1) لقمان 31: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 569

قال: «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله): وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ قام أبو بكر و عمر من مجلسيهما، فقالا: يا رسول الله، هو التوراة؟ قال: لا. قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا. قالا: فهو القرآن؟ قال: لا- قال- فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هو هذا، إنه الإمام الذي أحصى الله تبارك و تعالى فيه علم كل شي ء».

8906/ [18]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله ابن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقرأ: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ قال: «في أمير المؤمنين (عليه السلام)».

8907/ [19]- الشيخ، في كتاب (مصباح الأنوار): بإسناده عن رجاله، مرفوعا إلى المفضل بن عمر، قال: دخلت على الصادق (عليه السلام) ذات يوم، فقال لي: «يا مفضل، عرفت محمدا، و عليا، و فاطمة، و الحسن، و الحسين (عليهم السلام) كنه معرفتهم؟» قلت: يا سيدي، ما كنه معرفتهم؟ قال: «يا مفضل، تعلم أنهم في طير عن الخلائق بجنب الروضة الخضراء، فمن عرفهم كنه معرفتهم كان معنا في السنام الأعلى».

قال:

قلت: عرفني ذلك، يا سيدي. قال: «يا مفضل، تعلم أنهم علموا ما خلق الله عز و جل، و ذرأه، و برأه، و أنهم كلمة التقوى، و خزان السماوات و الأرضين، و الجبال، و الرمال، و البحار، و عرفوكم في السماء نجم، و ملك، و وزن الجبال، وكيل ماء البحار، و أنهارها، و عيونها، و ما تسقط من ورقة إلا علموها، و لا حبة في ظلمات الأرض، و لا رطب، و لا يابس إلا في كتاب مبين، و هو في علمهم، و قد علموا ذلك».

فقلت: يا سيدي، قد علمت ذلك، و أقررت به، و آمنت. قال: «نعم يا مفضل، نعم يا مكرم، نعم يا طيب، نعم يا محبوب، طبت و طابت لك الجنة، و لكل مؤمن بها».

8908/ [20]- و

عنه: رواه عن أبي ذر، في كتاب (مصباح الأنوار)، قال: كنت سائرا في أغراض أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ مررنا بواد و نمله كالسيل سار «1»، فذهلت مما رأيت، فقلت: الله أكبر، جل محصيه. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تقل ذلك- يا أبا ذر- و لكن قل: جل باريه، فو الذي صورك أني احصي عددهم، و أعلم الذكر من الأنثى «2» بإذن الله عز و جل».

8909/ [21]- و

عن عمار بن ياسر، قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض غزواته، فمررنا بواد مملوء نملا، فقلت: يا أمير المؤمنين، ترى يكون أحد من خلق الله يعلم كم عدد هذا النمل؟ قال: «نعم- يا عمار- أنا أعرف

__________________________________________________

18- تأويل الآيات 2: 487/ 2.

19- مصباح الأنوار: 134 «مخطوط»، تأويل الآيات 2: 488/ 4.

20- ... عنه: تأويل الآيات 2: 490/ 8.

21- الفضائل لابن شاذان: 94.

(1) في المصدر: الساري.

(2) في المصدر: الذكر

منهم و الأنثى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 570

رجلا يعلم كم عدده، و كم فيه ذكر، و كم فيه أنثى». فقلت: من ذلك- يا مولاي- الرجل؟ فقال: «يا عمار، أما قرأت في سورة يس: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ؟ فقلت: بلى، يا مولاي. قال: «أنا ذلك الإمام المبين».

8910/ [22]- البرسي: عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ، قام رجلان، فقالا: يا رسول الله، أهو التوراة؟ قال: «لا». قالا: فهو الإنجيل؟ قال: «لا». قالا: فهو القرآن؟ قال: «لا». فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: «هذا هو الذي أحصى الله فيه علم كل شي ء، و إن السعيد كل السعيد من أحب عليا في حياته، و بعد وفاته، و إن الشقي كل الشقي من أبغض هذا في حياته، و بعد وفاته».

سورة يس(36): الآيات 13 الي 14 ..... ص : 570

قوله تعالى:

وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ [13 و 14]

8911/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير هذه الآية. فقال: «بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية، فجاءاهم بما لا يعرفون، فغلظوا عليهما، فأخذوهما و حبسوهما في بيت الأصنام، فبعث الله الثالث، فدخل المدينة، فقال: أرشدوني إلى باب الملك. قال: فلما وقف على الباب، قال: أنا رجل كنت أتعبد في فلاة من الأرض، و قد أحببت أن أعبد إله الملك. فأبلغوا كلامه الملك، فقال: أدخلوه إلى بيت الآلهة. فأدخلوه، فمكث سنة مع صاحبيه، فقال لهما: بهذا ينقل قوم من دين إلى دين،

بالخرق «1»، ألا رفقتما؟! ثم قال لهما: لا تقران بمعرفتي.

ثم ادخل على الملك، فقال له الملك: بلغني أنك كنت تعبد إلهي، فلم أزل و أنت أخي، فسلني حاجتك.

قال: مالي من حاجة- أيها الملك- و لكني رأيت رجلين في بيت الآلهة، فما بالهما؟ قال الملك: هذان رجلان أتياني يضلاني عن ديني «2»، و يدعواني إلى إله السماوات «3». فقال: أيها الملك، مناظرة جميلة، فإن يكن الحق لهما اتبعناهما، و إن يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا، فكان لهما مالنا، و عليهما ما علينا».

قال: «فبعث الملك إليهما، فلما دخلا إليه قال لهما صاحبهما: ما الذي جئتما به؟ قالا: جئنا ندعو إلى عبادة

__________________________________________________

22- مشارق أنوار اليقين: 55.

1- تفسير القمّي 2: 212.

(1) الخرق: نقيض الرّفق. «لسان العرب- خرق- 10: 75».

(2) في المصدر: ببطلان ديني.

(3) في المصدر: إليه سماوي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 571

الله الذي خلق السماوات و الأرض، و يخلق في الأرحام ما يشاء، و يصور كيف يشاء، و أنبت الأشجار و الثمار، و أنزل القطر من السماء- قال- فقال لهما: إلهكما هذا الذي تدعوان إليه، و إلى عبادته، إن جئنا بأعمى يقدر أن يرده صحيحا؟ قالا: إن سألناه أن يفعل فعل إن شاء. قال: أيها الملك، علي بأعمى لم يبصر شيئا قط. فأتي به، فقال:

ادعوا إلهكما أن يرد بصره هذا، فقاما، و صليا ركعتين، فإذا عيناه مفتوحتان و هو ينظر إلى السماء. فقال: أيها الملك، علي بأعمى آخر، فأتي به، فسجد سجدة، ثم رفع رأسه فإذا الأعمى الآخر بصير.

فقال: أيها الملك، حجة بحجة، علي بمقعد، فأتي به، فقال لهما مثل ذلك، فصليا، و دعوا الله، فإذا المقعد قد أطلقت رجلاه، و قام يمشي. فقال: أيها الملك،

علي بمقعد آخر، فأتي به، فصنع به كما صنع أول مرة، فانطلق المقعد، فقال: أيها الملك، قد أتيا بحجتين و أتينا بمثله، و لكن بقي شي ء واحد، فإن هما فعلاه دخلت معهما في دينهما، ثم قال: أيها الملك، بلغني أنه كان للملك ابن واحد، و مات، فإن أحياه إلههما دخلت معهما في دينهما، فقال له الملك: و أنا أيضا معك.

ثم قال لهما: قد بقيت هذه الخصلة الواحدة: قد مات ابن الملك، فادعوا إلهكما ليحييه. فوقعا إلى الأرض ساجدين لله، و أطالا السجود، ثم رفعا رأسيهما، و قالا للملك: ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره، إن شاء الله، قال: فخرج الناس ينظرون، فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب.

قال: فأتي به إلى الملك، فعرف أنه ابنه، فقال له: ما حالك، يا بني؟ قال: كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربي الساعة ساجدين يسألانه أن يحييني، فأحياني. قال: يا بني تعرفهما إذا رأيتهما؟ قال: نعم. قال: فأخرج الناس جملة إلى الصحراء، فكان يمر عليه رجل رجل، فيقول له أبوه: انظر. فيقول: لا، لا. ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير، فقال: هذا أحدهما. و أشار بيده إليه، ثم مروا أيضا بقوم كثير، حتى رأى صاحبه الآخر، فقال: و هذا الآخر. فقال النبي صاحب الرجلين: أما أنا فقد آمنت بإلهكما، و علمت أن ما جئتما به هو الحق. قال: فقال الملك:

و أنا أيضا آمنت بإلهكما. و آمن أهل مملكته كلهم».

8912/ [2]- الطبرسي: قال: وهب بن منبه، بعث عيسي (عليه السلام) هذين الرسولين إلى أنطاكية، فأتياها و لم يصلا إلى ملكها، و طالت مدة مقامهما، فخرج الملك ذات يوم، فكبرا، و ذكرا الله، فغضب

الملك و أمر بحبسهما، و جلد كل واحد منهما مائة جلدة، فلما كذب الرسولان و ضربا بعث عيسى (عليه السلام) شمعون الصفا- رأس الحواريين- على أثرهما لينصرهما، فدخل شمعون البلدة متفكرا، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به، فرفعوا خبره إلى الملك، فدعاه، و رضي عشرته، و أنس به و أكرمه.

ثم قال له ذات يوم: أيها الملك، بلغني أنك حبست رجلين في السجن، و ضربتهما حين دعواك إلى غير دينك، فهل سمعت قولهما؟ قال الملك: حال الغضب بيني و بين ذلك. قال: فإن رأى الملك دعاهما حتى نطلع ما عندهما. فدعاهما الملك، فقال لهما شمعون، من أرسلكما إلى هاهنا؟ قالا: الله الذي خلق كل شي ء، لا شريك له.

__________________________________________________

2- مجمع البيان 8: 655. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 572

قال: و ما آيتكما؟ قالا: ما تتمناه. فأمر الملك حتى جاءوا بغلام مطموس العينين، و موضع عينيه كالجبهة، فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر، فأخذا بندقتين من الطين فوضعاهما في حدقتيه، فصارتا مقلتين يبصر بهما، فتعجب الملك.

فقال شمعون للملك: أ رأيت لو سألت إلهك حتى يصنع صنعا مثل هذا، فيكون حجة لك، و لإلهك شرفا؟

فقال الملك: ليس لي عنك سر، إن إلهنا الذي نعبده لا يضر و لا ينفع. ثم قال الملك للرسولين: إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به و بكما. قالا: إلهنا قادر على كل شي ء. فقال الملك: إن هاهنا ميتا مات منذ سبعة أيام، لم ندفنه حتى يرجع أبوه، و كان غائبا. فجاءوا بالميت، و قد تغير و أروح، فجعلا يدعوان ربهما علانية، و جعل شمعون يدعو ربه سرا، فقام الميت، و قال لهم: إني قد مت منذ سبعة أيام، و

ادخلت في سبعة أودية من النار، و أنا أحذركم ما أنتم فيه، فآمنوا بالله. فتعجب الملك، فلما علم شمعون أن قوله أثر في الملك دعاه إلى الله، فآمن، و آمن من أهل مملكته قوم، و كفر آخرون.

ثم قال الطبرسي: و قد روى مثل ذلك العياشي بإسناده عن الثمالي، و غيره، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، إلا أن في بعض الروايات: بعث الله الرسولين إلى أنطاكية، ثم بعث الثالث.

و في بعضها: أن عيسى أوحى الله إليه أن يبعثهما، ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما، و أن الميت الذي أحياه الله تعالى بدعائهما كان ابن الملك، و ذكر نحو ما تقدم بنوع من التغيير.

8913/ [3]- الطبرسي: عن ابن عباس: أسماء الرسل: صادق، و صدوق، و الثالث: سلوم.

سورة يس(36): الآيات 18 الي 29 ..... ص : 572

قوله تعالى:

إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ- إلى قوله تعالى- فَإِذا هُمْ خامِدُونَ [18- 29] 8914/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ قال: بأسمائكم. و قوله: وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، قال: نزلت في حبيب النجار، إلى قوله: وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ.

و قوله: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ أي ميتون.

8915/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن معاوية بن عمار، عن ناجية، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن المغيرة يقول: إن المؤمن لا يبتلي بالجذام، و لا البرص، و لا بكذا، و لا بكذا؟

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 654.

1- تفسير القمّي 2: 214.

2- الكافي 2: 197/ 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 573

فقال: «إن كان لغافلا عن صاحب يس إنه كان مكنعا «1» ثم ردت أصابعه. فقال: و كأني أنظر

إلى تكنيعه، أتاهم فأنذرهم، ثم عاد إليهم من الغد، فقتلوه. ثم قال: إن المؤمن يبتلى بكل بلية، و يموت بكل ميتة، إلا أنه لا يقتل نفسه».

8916/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الأصبهاني، عن أحمد بن الفضل بن المغيرة، عن أبي نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الأصبهاني، قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن هارون بن حميد، قال: حدثنا محمد بن المغيرة الشهرزوري، قال: حدثنا يحيى بن الحسين المدائني، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين: مؤمن آل يس، و علي بن أبي طالب، و آسية امرأة فرعون».

8917/ [4]- و

عنه، قال: أخبرني محمد بن علي بن إسماعيل، قال: حدثنا النعمان بن أبي الدلهاث البلدي، قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن محمد بن أبي ليلى الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الصديقون ثلاثة: علي بن أبي طالب، و حبيب النجار، و مؤمن آل فرعون».

8918/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن سلمة الأهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى الأنصاري، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله، عن خالد بن عيسى الأنصاري، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس الذي يقول: اتبعوا المرسلين، اتبعوا

من لا يسألكم أجرا و هم مهتدون، و حزقيل مؤمن آل فرعون، و علي بن أبي طالب، و هو أفضلهم».

8919/ [6]- و

من طريق المخالفين: الثعلبي في (تفسيره) بالإسناد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: سباق الأمم ثلاثة، لم يكفروا بالله طرفة عين: علي بن أبي طالب، و صاحب يس، و مؤمن آل فرعون، فهم الصديقون، و علي أفضلهم».

و رواه صاحب (الأربعين)، بإسناده عن مجاهد، عن ابن عباس، و فضائل أحمد «2».

سورة يس(36): آية 36 ..... ص : 573

قوله تعالى:

سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ

__________________________________________________

3- الخصال: 174/ 230.

4- الخصال: 184/ 254.

5- أمالي الصدوق: 385/ 18.

6- تفسير الثعلبي: 468 «مخطوط».

(1) كنعت أصابعه: أي تشنّجت و يبست. «النهاية 4: 204».

(2) ... فضائل الصحابة 2: 627/ 1072.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 574

وَ مِمَّا لا يَعْلَمُونَ [36]

8920/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن النطفة تقع من السماء إلى الأرض على النبات و الثمر و الشجر، فتأكل الناس منه و البهائم، فتجري فيهم».

8921/ [2]- عن أبي الربيع، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ مِمَّا لا يَعْلَمُونَ، فقال: «إن النطفة- يعني الماء- تقع من السماء إلى الأرض على النبات و الثمار و الشجر، فتأكل الناس منها، و البهائم، فتجري فيهم».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الإنسان خلق من أضعف ما يكون خلقا، من نطفة قطرت، ثم جعلت علقة، ثم جعلت مضغة، ثم جعلت عظاما غليظة، ثم كسي العظام لحما، فتبارك الله أحسن الخالقين».

سورة يس(36): آية 37 ..... ص : 574

قوله تعالى:

وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ [37]

8922/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله): قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ «1»، قال: لو أني أمرت أن أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم

من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله عز و جل: كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ «2»، يقول: أضاءت الأرض بنور محمد (صلى الله عليه و آله) كما تضي ء الشمس، فضرب الله مثل محمد (صلى الله عليه و آله) الشمس، و مثل الوصي القمر، و هو قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «3»، و قوله: وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ، و قوله عز و جل: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ «4» يعني قبض محمد (صلى الله عليه و آله)، فظهرت الظلمة، فلم يبصروا فضل أهل

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 215.

2- ....

3- الكافي 8: 380/ 574.

(1) الأنعام 6: 58.

(2) البقرة 2: 17. [.....]

(3) يونس: 10: 5.

(4) البقرة 2: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 575

البيت، و هو قوله عز و جل: وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ «1»».

سورة يس(36): الآيات 38 الي 39 ..... ص : 575

قوله تعالى:

وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [38 و 39]

8923/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي نعيم البلخي، عن مقاتل بن حيان، عن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله)، قال: كنت آخذ بيد النبي (صلى الله عليه و آله) و نحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت، فقلت: يا رسول الله،

أين تغيب؟ قال: «في السماء، ثم ترفع من سماء إلى سماء، حتى ترفع إلى السماء السابعة العليا، حتى تكون تحت العرش، فتخر ساجدة، فتسجد معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب، من أين تأمرني أن أطلع، أمن مغربي، أم من مطلعي؟ فذلك قول الله عز و جل: وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ يعني بذلك صنع الرب العزيز في ملكه، العليم بخلقه».

قال: «فيأتيها جبرئيل (عليه السلام) بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار، على طوله في أيام الصيف، أو قصره في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف و الربيع، قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه، ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها».

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «فكأني بها و قد حبست مقدار ثلاثة أيام، ثم لا تكسى ضوءا، و تؤمر أن تطلع من مغربها، فذلك قوله عز و جل: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ «2»، و القمر كذلك، من مطلعه و مجراه في أفق السماء، و مغربه و ارتفاعه إلى السماء السابعة، و يسجد تحت العرش، ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور الكرسي، و ذلك قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «3»».

قال أبو ذر (رحمه الله عليه): ثم اعتزلت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فصلينا المغرب.

8924/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن

__________________________________________________

1- التوحيد: 280/ 7.

2- الكافي 8: 195/ 233.

(1) الأعراف 7: 198.

(2) التكوير 81: 1 و 2.

(3) يونس 10: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 576

الحسن بن أسباط،

عن عبد الرحمن بن سيابة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت لك الفداء، إن الناس يقولون: إن النجوم لا يحل النظر فيها. و هي تعجبني، فإن كانت تضر بديني، و إن كانت لا تضر بديني فو الله إني لأشتهيها، و أشتهي النظر فيها.

فقال: «ليس كما يقولون، لا تضر بدينك. ثم قال: إنكم تنظرون في شي ء منها كثيره لا يدرك، و قليله لا ينتفع به، تحسبون على طالع القمر».

ثم قال: «أ تدري كم بين المشتري و الزهرة من دقيقة؟» قلت: لا و الله. ثم قال: «أ فتدري كم بين الزهرة و القمر من دقيقة؟» قلت: لا. قال: «أ فتدري كم بين الشمس و السنبلة من دقيقة؟» قلت: لا. و الله، ما سمعته من أحد من المنجمين قط. قال: «أ فتدري كم بين السنبلة و بين اللوح المحفوظ من دقيقة؟» قلت: لا و الله، ما سمعته من منجم قط.

قال: قال: «ما بين كل واحد منها إلى صاحبه ستون، أو سبعون دقيقة». شك عبد الرحمن. ثم قال: «يا عبد الرحمن، هذا حساب إذا حسبه الرجل، و وقع عليه عرف القصبة التي وسط الأجمة «1»، و عدد ما عن يمينها، و عدد ما عن يسارها، و عدد ما عن خلفها، و عدد ما عن أمامها حتى لا يخفى عليه من قصب الأجمة واحدة».

8925/ [3]- و

عنه: عن علي، عن أبيه، عن داود النهدي، عن بعض أصحابه «2»، قال دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال له: أبلغ من قدرك أن تدعي ما ادعى أبوك؟

فقال: «ما لك، أطفأ الله نورك، و أدخل الفقر بيتك، أما علمت أن الله تعالى أوحى إلى عمران: أني واهب

لك ذكرا. فوهب له مريم، و وهب لمريم عيسى (عليه السلام)، فعيسى من مريم، و مريم من عيسى، و عيسى و مريم شي ء واحد، و أنا من أبي، و أبي مني، و أنا و أبي شي ء واحد».

فقال له ابن أبي سعيد: أسألك عن مسألة. فقال: «لا أخالك تقبل مني و لست من غنمي، و لكن هلمها «3»».

فقال: رجل قال عند موته: كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله؟

قال: «نعم، إن الله عز و جل قال في كتابه: حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ فما كان من مماليكه أتى عليه ستة أشهر فهو قديم، و هو حر». قال: فخرج من عنده، فعمي، و افتقر، حتى مات و لم يكن عنده مبيت ليلة.

و رواه الشيخ في (التهذيب) «4»، و علي بن إبراهيم في (تفسيره) «5»، عن أبيه، عن داود بن محمد النهدي، إلا أن في رواية علي بن إبراهيم: دخل أبو سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا (عليه السلام).

8926/ [4]- علي بن إبراهيم في (تفسيره)، قال: العرجون: طلع النخل، و هو مثل الهلال في أول طلوعه.

__________________________________________________

3- الكافي 6: 195/ 6.

4- تفسير القمّي 2: 214.

(1) الأجمة: الشجر الكثير الملتفّ. «لسان العرب- أجم- 12: 8».

(2) في المصدر: أصحابنا.

(3) في «ج، ي، ط» زيادة: و في نسخة هاتها.

(4) التهذيب 8: 231/ 835.

(5) تفسير القمّي 2: 215. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 577

سورة يس(36): آية 40 ..... ص : 577

قوله تعالى:

لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [40]

8927/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّيْلُ سابِقُ

النَّهارِ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يقول: «الشمس سلطان النهار، و القمر سلطان الليل، لا ينبغي للشمس أن تكون مع ضوء القمر بالليل، و لا يسبق الليل النهار، يقول: لا يذهب الليل حتى يدركه النهار وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يقول: يجري «1» وراء فلك الاستدارة».

8928/ [2]- الطبرسي: روى العياشي في (تفسيره)، بالإسناد عن الأشعث بن حاتم، قال: كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا (عليه السلام)، و الفضل بن سهل، و المأمون في الإيوان «2» بمرو، فوضعت المائدة، فقال الرضا (عليه السلام): «إن رجلا من بني إسرائيل سألني بالمدينة، فقال: النهار خلق قبل، أم الليل، فما عندكم؟» قال:

فأداروا الكلام، فلم يكن عندهم في ذلك شي ء، فقال الفضل للرضا (عليه السلام): أخبرنا بها، أصلحك الله. قال: «نعم، من القرآن، أم من الحساب؟» قال الفضل: من جهة الحساب.

فقال: «قد علمت- يا فضل- أن طالع الدنيا السرطان، و الكواكب في مواضع شرفها، فزحل في الميزان، و المشتري في السرطان، و الشمس في الحمل، و القمر في الثور، فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل في العاشر من الطالع في وسط السماء «3»، فالنهار خلق قبل الليل».

سورة يس(36): الآيات 41 الي 42 ..... ص : 577

قوله تعالى:

وَ آيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ- إلى قوله تعالى- لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ [41 و 42] 8929/ [3]- علي بن إبراهيم: قول: وَ آيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، قال: السفن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 214.

2- مجمع البيان 8: 664.

3- تفسير القمّي 2: 215.

(1) في المصدر: يجي ء.

(2) في المصدر: إيوان الحبري.

(3) في «ج»: السماء الدنيا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 578

المليئة وَ خَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ، قال: يعني الدواب و الأنعام.

سورة يس(36): آية 45 ..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَ ما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [45]

8930/ [1]- الطبرسي: روى الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «معناه: اتقوا ما بين أيديكم من الذنوب، و ما خلفكم من العقوبة».

سورة يس(36): الآيات 48 الي 50 ..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ- إلى قوله تعالى- وَ لا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ [48- 50] 8931/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَ هُمْ يَخِصِّمُونَ.

قال: ذلك في آخر الزمان، يصاح فيهم صيحة و هم في أسواقهم يتخاصمون، فيموتون كلهم في مكانهم، لا يرجع أحد منهم إلى منزله، و لا يوصي بوصية، و ذلك قوله: فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَ لا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ.

سورة يس(36): الآيات 51 الي 55 ..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ- إلى قوله تعالى- فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ [51- 55] 8932/ [3]- علي بن إبراهيم، و قوله: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ قال: من القبور.

8933/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «في قوله: قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا».

__________________________________________________

1- مجمع البيان 8: 667.

2- تفسير القمي 2: 215.

3- تفسير القمي 2: 216.

4- تفسير القمي 2: 216.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 579

فإن القوم كانوا في القبور، فلما قاموا حسبوا أنهم كانوا نياما، قالوا: يا ويلنا، من بعثنا من مرقدنا؟ قالت الملائكة: هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ».

8934/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، و محمد بن يحيى، جميعا، عن محمد بن سالم بن أبي سلمة، عن الحسن بن شاذان الواسطي، قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، أشكو جفاء أهل واسط، و جهلهم «1» علي، و كانت عصابة من العثمانية تؤذيني، فوقع بخطه: «إن الله تبارك و تعالى قد أخذ ميثاق أوليائه «2» على الصبر في دولة الباطل، فاصبر لحكم ربك، فلو قد قام سيد الخلق، لقالوا:

يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ و يعني به سيد الخلق «3»».

8935/ [4]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر النفخة الثانية، فقال: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ، و قوله: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ قال: في افتضاض العذارى فاكهون، قال:

يفاكهون النساء و يلاعبونهن.

8936/ [5]- الطبرسي، في قوله تعالى: فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «معناه شغلوا بافتضاض العذارى».

سورة يس(36): الآيات 56 الي 64 ..... ص : 579

قوله تعالى:

فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ- إلى قوله تعالى- اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ [56- 64]

8937/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ، قال: «الأرائك: السرر، عليها الحجال «4»».

8938/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ، قال: السلام منه تعالى هو الأمان.

__________________________________________________

3- الكافي 8: 247/ 346.

4- تفسير القمّي 2: 216.

5- مجمع البيان 8: 670.

1- تفسير القمّي 2: 216. [.....]

2- تفسير القمّي 2: 216.

(1) في المصدر: و حملهم.

(2) في المصدر: أوليائنا.

(3) (و يعني به سيد الخلق) ليس في المصدر.

(4) الحجلة: بيت كالقبّة يستر بالثّياب، و تكون له أزرار كبار، و تجمع على حجال. «النهاية 1: 346».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 580

قوله: وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ، قال: إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق، فينادون: يا ربنا، حاسبنا، و لو إلى النار. قال: فيبعث الله رياحا فتضرب بينهم، و ينادي مناد:

وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ، فيميز بينهم، فصار المجرمون إلى النار، و من كان في قلبه إيمان صار إلى الجنة. و قوله: وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ

جِبِلًّا كَثِيراً يعني خلقا كثيرا قد أهلك.

قوله: هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ. فإنه محكم.

سورة يس(36): الآيات 65 الي 75 ..... ص : 580

قوله تعالى:

الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ- إلى قوله تعالى- لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ [65- 75]

8939/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل، قال (عليه السلام) فيه: «و فرض الله على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شي ء من معاصي الله، و فرض عليهما المشي إلى ما يرضي الله عز و جل، فقال: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا «1»، و قال: وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ «2».

و قال فيما شهدت الأيدي و الأرجل على أنفسها، و على أربابها، من تضييعها لما أمر الله عز و جل به، و فرضه عليها: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين و على الرجلين، و هو عملهما، و هو من الإيمان».

و الحديث بطوله تقدم في قوله تعالى: وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ من سورة براءة «3».

8940/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ- إلى قوله تعالى- بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، قال: إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة دفع إلى كل إنسان كتابه، فينظرون فيه، فينكرون أنهم عملوا من

__________________________________________________

1- الكافي 2: 28/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 216.

(1) الاسراء 17: 37.

(2) لقمان 31:

19.

(3) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (124- 125) من سورة التوبة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 581

ذلك شيئا، فتشهد عليهم الملائكة، فيقولون: يا رب، ملائكتك يشهدون لك. ثم يحلفون أنهم لم يفعلوا من ذلك شيئا، و هو قوله: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ «1» فإذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم، و تنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون.

قوله: وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ، يقول: كيف يبصرون وَ لَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ يعني في الدنيا فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَ لا يَرْجِعُونَ. و قوله: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ، فإنه رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد، و يقولون: إن الرجل إذا نكح المرأة و صارت النطفة في رحمها تلقته الأشكال من الغذاء، و دار عليه الفلك، و مر عليه الليل و النهار، فيتولد الإنسان بالطبائع من الغذاء و مرور الليل و النهار، فنقض الله عليهم قولهم في حرف واحد، فقال: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ.

قال: لو كان هذا كما يقولون لكان ينبغي أن يزيد الإنسان أبدا، ما دامت الأشكال قائمة، و الليل و النهار قائمين، و الفلك يدور، فكيف صار يرجع إلى النقصان، كلما ازداد في الكبر، إلى حد الطفولية، و نقصان السمع، و البصر، و القوة، و العلم، و المنطق حتى ينقص، و ينكس في الخلق؟ و لكن ذلك من خلق العزيز العليم، و تقديره.

و قوله: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ، قال: كانت قريش تقول: إن هذا الذي يقول محمد شعرا. فرد الله عليهم، فقال: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ

هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ و لم يقل رسول الله (صلى الله عليه و آله) شعرا قط.

و قوله: لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا يعني مؤمنا حي القلب، و تقدم حديث في هذه الآية، في قوله تعالى:

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ «2» في سورة الأنعام.

و قوله: وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ يعني العذاب. و قوله: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً أي خلقناها بقوتنا. و قوله: وَ ذَلَّلْناها لَهُمْ يعني الإبل مع قوتها و عظمها يسوقها الطفل. و قوله:

وَ لَهُمْ فِيها مَنافِعُ يعني ما يكسبون بها و ما يركبون، قوله: وَ مَشارِبُ يعني ألبانها.

8941/ [3]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ يقول: «لا تستطيع الآلهة لهم نصرا، و هم للآلهة جند محضرون».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 217.

(1) المجادلة 58: 18.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (95، 96) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 582

سورة يس(36): الآيات 76 الي 83 ..... ص : 582

قوله تعالى:

فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [76- 83] 8942/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: ثم خاطب الله نبيه، فقال: فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ قوله: فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ، أي ناطق، عالم، بليغ. و قوله: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ، فقال الله: قُلْ يا محمد، يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ.

قال: فلو أن الإنسان تفكر في خلق نفسه لدله ذلك على خالقه،

لأنه يعلم كل إنسان أنه ليس بقديم، لأنه يرى نفسه و غيره مخلوقا محدثا، و يعلم أنه لم يخلق نفسه، لأن كل خالق قبل خلقه، و لو خلق نفسه لدفع عنها الآفات، و الأوجاع، و الأمراض، و الموت، فثبت عند ذلك أن لها إلها، خالقا، مدبرا هو الله الواحد القهار.

8943/ [2]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو محمد بن عبد الله بن أبي شيخ إجازة، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد البصري، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن يسار المدني، قال: حدثنا سعيد بن ميناء، عن غير واحد من أصحابنا: أن نفرا من قريش اعترضوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، منهم، عتبة بن ربيعة، و أبي «1» بن خلف، و الوليد بن المغيرة، و العاص بن سعيد، فمشى إليه أبي بن خلف بعظم رميم، ففته في يده، ثم نفخه، و قال:

أ تزعم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى؟! فأنزل الله تعالى: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ، إلى آخر السورة.

و رواه المفيد في (أماليه) بالسند و المتن «2».

8944/ [3]- العياشي: عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاء أبي بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط، ففته، ثم قال: يا محمد، إذا كنا عظاما و رفاتا أ إنا لمبعوثون، من يحيي العظام و هي رميم؟ فنزلت: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ».

8945/

[4]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) قال: «قال الصادق (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه الجدال

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 217. [.....]

2- الأمالي 1: 18.

3- تفسير العيّاشي 2: 296/ 89.

4- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 527/ 322.

(1) في المصدر: و امية.

(2) أمالي المفيد: 246/ 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 583

بالتي هي أحسن، و الأمر به، و الجدال بالتي هي غير أحسن و النهي عنه، فقال-: و أما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت، و إحياءه له، فقال الله تعالى حاكيا عنه: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ، فقال الله في الرد عليه: قُلْ يا محمد، يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ إلى آخر السورة. فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث الله هذه العظام و هي رميم؟

فقال الله تعالى: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ أ فيعجز من ابتدأه لا من شي ء أن يعيده بعد أن يبلى؟ بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته.

ثم قال: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً أي إذا كان قد كمن النار الحارة في الشجر الأخضر كالرطب، ثم يستخرجها، يعرفكم أنه على إعادة ما يبلى أقدر، ثم قال: أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ أي إذا كان خلق السماوات و الأرض أعظم و أبعد في أوهامكم و قدركم أن تقدروا عليه من إعادة

البالي، فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم، و الأصعب لديكم، و لم تجوزوا ما هو سهل عندكم من إعادة البالي؟ و قال الصادق (عليه السلام): فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لأن فيها انقطاع دعوى «1» الكافرين، و إزالة شبهتهم».

8946/ [5]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قد سأله يهودي، فقال: إن إبراهيم قد بهت كافرا ببرهان نبوته. قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) أتاه مكذب بالبعث بعد الموت، و هو أبي بن خلف الجمحي، معه عظم نخر، ففركه، ثم قال: يا محمد، من يحيي العظام و هي رميم؟ فأنطق الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بمحكم آياته، و بهته ببرهان نبوته، فقال: يحييها الذي أنشأها أول مرة و هو بكل خلق عليم، فانصرف مبهوتا».

الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن القائل أبي بن خلف».

8947/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: عجب كل العجب لمن أنكر الموت و هو يرى من يموت كل يوم و ليلة، و العجب كل العجب لمن أنكر النشأة الاخرى و هو يرى النشأة الاولى».

8948/ [7]- علي بن إبراهيم: قوله: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ و هو المرخ و العفار «2»، و يكون في ناحية بلاد المغرب، فإذا أرادوا أن يستوقدوا أخذوا من ذلك الشجر، ثم أخذوا عودا

__________________________________________________

5- الاحتجاج: 213.

6- الكافي 3: 258/ 28.

7- تفسير القمّي 2: 218.

(1) في «ج، ط»:

عرى، و في المصدر: قطع عذر.

(2) المرخ و العفار: شجرتان فيهما نار ليس في غيرهما من الشجر، و يسوّى من أغصانها الزّناد فيقتدح بها. «لسان العرب- عفر- 4: 589».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 584

فحركوه فيه، فيستوقدوا منه النار.

8949/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال:

حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قوام الإنسان و بقاؤه بأربعة: بالنار، و النور، و الريح، و الماء. فبالنار يأكل و يشرب، و بالنور يبصر و يعقل، و بالريح يسمع و يشم، و بالماء يجد لذة الطعام و الشراب، فلو لا النار في معدته لما هضمت الطعام، و لو لا أن النور في بصره لما أبصر و لا عقل، و لو لا الريح لما التهبت نار المعدة، و لو لا الماء لم يجد لذة الطعام و الشراب».

قال: و سألته عن النيران؟ فقال: «النيران أربعة: نار تأكل و تشرب، و نار تأكل و لا تشرب، و نار تشرب و لا تأكل، و نار لا تأكل و لا تشرب. فالنار التي تأكل و تشرب فنار ابن آدم، و جميع الحيوان، و التي تأكل و لا تشرب فنار الوقود، و التي تشرب و لا تأكل فنار الشجرة، و التي لا تأكل و لا تشرب فنار القداحة «1»، و الحباحب «2»».

8950/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: قال عز و جل: أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ إلى قوله تعالى: كُنْ فَيَكُونُ قال: خزائنه في كاف و نون.

8951/ [10]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن

إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن الإرادة من الله، و من الخلق؟ قال: فقال: «الإرادة من الخلق: الضمير، و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل. و أما من الله تعالى فإرادته: إحداثه، لا غير ذلك، لأنه لا يروي، و لا يهم، و لا يتفكر، و هذه الصفات منفية عنه، و هي صفات الخلق، فإرادة الله الفعل لا غير ذلك، يقول له: كن، فيكون. بلا لفظ، و لا نطق بلسان، و لا همة، و لا تفكر، و لا كيف لذلك، كما أنه لا كيف له، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شي ء و إليه ترجعون».

8952/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل بن سليمان، قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): «لما صعد موسى (عليه السلام) إلى الطور فناجى ربه عز و جل، قال: رب، أرني خزائنك، فقال: يا موسى، إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له: كن، فيكون».

__________________________________________________

8- الخصال: 227/ 62.

9- تفسير القمّي 2: 218.

10- الكافي 1: 85/ 3.

11- التوحيد: 133/ 17. [.....]

(1) القدّاحة: الحجر الذي يوري النار. «الصحاح- قدح- 1: 394».

(2) الحباحب: ذباب يطير بالليل، كأنّه نار، له شعاع كالسّراج. «لسان العرب- حبحب- 1: 297».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 585

المستدرك (سورة يس) ..... ص : 585
سورة يس(36): آية 30 ..... ص : 585

قوله تعالى:

يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ [30]

[1]- أخبرنا محمد بن همام، و محمد بن الحسن بن محمد بن جمهور، جميعا، عن الحسن بن محمد بن جمهور، قال:

حدثنا أبي، عن بعض رجاله، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «خبر تدريه خير من عشر ترويه، إن لكل حق حقيقة، و لكل صواب نورا».

ثم قال: «إنا و الله لا نعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له فيعرف اللحن، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال على منبر الكوفة: إن من ورائكم فتنا مظلمة عمياء منكسفة، لا ينجو منها إلا النومة، قيل: يا أمير المؤمنين، و ما النومة؟ قال: الذي يعرف الناس و لا يعرفونه. و اعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة لله عز و جل، و لكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم و جورهم و إسرافهم على أنفسهم، و لو خلت الأرض ساعة واحدة من حجة لله، لساخت بأهلها، و لكن الحجة يعرف الناس و لا يعرفونه، كما كان يوسف يعرف الناس و هم له منكرون، ثم تلا: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.

__________________________________________________

1- غيبة النعماني: 141/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 586

سورة يس(36): آية 47 ..... ص : 586

قوله تعالى:

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ [47]

[1]- ابن بابويه في كتاب (الخصال)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، و محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: تصدقوا بالليل، فإن الصدقة بالليل تطفئ غضب الرب جل جلاله، احسبوا كلامكم من أعمالكم، يقل كلامكم إلا في خير، أنفقوا مما رزقكم الله عز و جل، فإن المنفق بمنزلة المجاهد في سبيل الله، فمن أيقن

بالخلف جاد و سخت نفسه بالنفقة».

سورة يس(36): آية 60 ..... ص : 586

قوله تعالى:

أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ [60]

[2]- ابن بابويه، في (اعتقادات الإمامية): عن الصادق (ع) أنه قال: «من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، و إن كان الناطق عن إبليس فقد عبده».

__________________________________________________

1- الخصال: 619/ 10.

2- اعتقادات الإمامية: 105.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 587

سورة الصافات ..... ص : 587

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 589

فضلها ..... ص : 589

8953/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن سليمان الجعفري، قال: رأيت أبا الحسن (عليه السلام) يقول لابنه القاسم: «قم- يا بني- فاقرأ عند رأس أخيك وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا حتى تستتمها» فقرأ، فلما بلغ: أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا «1» قضى الفتى، فلما سجي و خرجوا، أقبل عليه يعقوب ابن جعفر، فقال له: كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ عنده يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ فصرت تأمرنا بالصافات؟ فقال: «يا بني، لم تقرأ عند مكروب من موت قط إلا عجل الله راحته».

و رواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن محمد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن سليمان الجعفري، قال: رأيت أبا الحسن (عليه السلام)، مثله «2».

8954/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثني أحمد بن إدريس، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الصافات في كل جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة، مدفوعا عنه كل بلية في الحياة الدنيا، مرزوقا في الدنيا في أوسع ما يكون من الرزق، و لم يصبه في ماله و ولده و لا بدنه بسوء من شيطان رجيم، و لا من جبار عنيد، و إن مات في يومه، أو في ليلته بعثه الله شهيدا، و أماته شهيدا، و أدخله الجنة مع الشهداء في أعلى درجة من الجنة».

8955/ [3]- و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله

عشر

__________________________________________________

1- الكافي 3: 126/ 5.

2- ثواب الأعمال: 112.

3- خواص القرآن: 48 «مخطوط»، مجمع البيان 8: 681.

(1) الصافّات 37: 11.

(2) التهذيب 1: 427/ 1358.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 590

حسنات بعدد كل جني و شيطان، و من كتبها في إناء زجاج، و جعلها في صندوق رأى الجن يهرعون إليه، و يأتون أفواجا، و لا يضرون أحدا من الناس بشي ء».

8956/ [4]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و جعلها في إناء زجاج ضيق الرأس، و علقها في صندوق، رأى الجن يهرعون إليه، و يأتون أفواجا أفواجا، و لا يضرونه».

8957/ [5]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في إناء زجاج ضيق الرأس، و جعلها في منزله رأى الجن في منزله يذهبون و يأتون أفواجا أفواجا، و لا يضرون أحدا بشي ء، و يستحم بمائها الولهان و الرجفان ليسكن ما به، إن شاء الله تعالى».

__________________________________________________

4- خواص القرآن: 48 «مخطوط».

5- ....

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 591

سورة الصافات(37): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 591

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا- إلى قوله تعالى- إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ [1- 11] 8958/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا قال: الملائكة، و الأنبياء، و من صف لله و عبده فَالزَّاجِراتِ زَجْراً الذين يزجرون الناس فَالتَّالِياتِ ذِكْراً الذين يقرءون الكتاب من الناس، فهو قسم، و جوابه إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ رَبُّ الْمَشارِقِ إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ.

8959/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، و يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لهذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المدائن التي

في الأرض، مربوطة كل مدينة إلى عمود من نور، طول ذلك العمود في السماء مسيرة مائتين و خمسين سنة».

قوله: وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ قال: المارد: الخبيث، لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً يعني الكواكب التي يرمون بها وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ أي واجب، و قوله: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ يعني يسمعون الكلمة فيحفظونها فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ، و هو ما يرمون به فيحترقون.

8960/ [3]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: عَذابٌ واصِبٌ أي دائم موجع، قد خلص إلى قلوبهم، و قوله: شِهابٌ ثاقِبٌ أي مضي ء، إذا أضاء فهو ثقوبه» «1».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 218.

2- تفسير القمّي 2: 218. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 221.

(1) في المصدر: إذا أصابهم نفوا به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 592

8961/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حكى أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- و ذكر حديث معراج النبي (صلى الله عليه و آله)، إلى أن قال (صلى الله عليه و آله): «فصعد جبرئيل، و صعدت معه إلى السماء الدنيا، و عليها ملك يقال له إسماعيل، و هو صاحب الخطفة التي قال الله عز و جل: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ و تحته سبعون ألف ملك، تحت كل ملك سبعون ألف ملك».

و الحديث طويل، ذكرناه بطوله في قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا «1».

8962/ [5]- علي بن إبراهيم: قوله: فَاسْتَفْتِهِمْ أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ يعني يلصق باليد.

8963/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن،

عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله عز و جل خلق المؤمن من طينة الجنة، و خلق الكافر من طينة النار».

و قال: «إذا أراد الله عز و جل بعبد خيرا طيب روحه «2» و جسده، فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه، و لا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره».

قال: و سمعته يقول: «الطينات ثلاث: طينة الأنبياء، و المؤمن من تلك الطينة، إلا أن الأنبياء هم من صفوتها، هم الأصل و لهم فضلهم، و المؤمنون الفرع من طين لازب، كذلك لا يفرق الله عز و جل بينهم و بين شيعتهم». و قال:

«طينة الناصب من حمأ مسنون، و أما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه، و لا ناصب عن نصبه، و لله المشيئة فيهم».

سورة الصافات(37): الآيات 12 الي 20 ..... ص : 592

قوله تعالى:

بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ- إلى قوله تعالى- يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ [12- 20] 8964/ [7]- علي بن إبراهيم: بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ وَ إِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ وَ إِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ

__________________________________________________

4- تفسير القمي 2: 4.

5- تفسير القمي 2: 221.

6- 2: 2/ 2.

7- تفسير القمي 2: 222.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (1) من سورة الإسراء.

(2) في «ج، ي، ط»: ريحه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 593

يعني قريشا. ثم حكى قول الدهرية من قريش، فقال: أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً إلى قوله تعالى: داخِرُونَ أي مطروحون في النار فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ، و قوله: وَ قالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ، قال: يوم الحساب و المجازاة.

8965/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن النضر

بن سويد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ قالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ: «يعني يوم الحساب».

سورة الصافات(37): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 593

قوله تعالى:

احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا- إلى قوله تعالى- إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ [22 و 23] 8966/ [2]- علي بن إبراهيم، و قوله: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ، قال: الذين ظلموا آل محمد حقهم، و أزواجهم. قال: يعني أشباههم وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ.

8967/ [3]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ، يقول: «ادعوهم إلى طريق الجحيم».

سورة الصافات(37): الآيات 24 الي 42 ..... ص : 593

قوله تعالى:

وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ- إلى قوله تعالى- فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ [24- 42]

8968/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو القاسم، علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا محمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثني سيدي علي بن محمد بن علي الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن أبا بكر مني لبمنزلة السمع، و إن عمر مني لبمنزلة البصر، و إن عثمان مني لبمنزلة الفؤاد. قال:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 28.

2- تفسير القمّي 2: 222.

3- تفسير القمّي 2: 222.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 313/ 86.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 594

فلما كان من الغد، دخلت عليه و عنده أمير المؤمنين (عليه السلام) و أبو بكر، و عمر، و عثمان، فقلت له: يا أبت، سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا، فما هو؟ فقال (صلى الله عليه و آله): نعم، ثم أشار إليهم، فقال: هم السمع و البصر و الفؤاد و سيسألون عن ولاية وصيي هذا، و أشار إلى علي بن

أبي طالب (صلوات الله عليه)، ثم قال: إن الله عز و جل يقول:

إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «1»، ثم قال (صلى الله عليه و آله): و عزة ربي إن جميع امتي لموقوفون يوم القيامة، و مسئولون عن ولايته، و ذلك قول الله عز و جل: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ».

8969/ [2]- و

عنه: عن محمد بن عمر الحافظ الجعابي، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن سعيد بن زياد من أصل كتابه «2»، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حفص بن عمر العمري، قال: حدثنا عصام بن طليق، عن أبي هارون، عن أبي سعيد، عن النبي (صلى الله عليه و آله) في قول الله عز و جل: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ، قال: «عن ولاية علي، ما صنعوا في أمره و قد أعلمهم الله عز و جل أنه الخليفة من بعد رسوله».

8970/ [3]- أبو الحسن الشاذاني: عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى ملكين يقعدان على الصراط، فلا يجوز أحد إلا ببراءة علي بن أبي طالب، و من لم تكن له براءة أمير المؤمنين أكبه الله «3» على منخريه في النار، و ذلك قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ».

قلت: فداك أبي و أمي- يا رسول الله- ما معنى البراءة التي أعطاها علي؟ فقال: «مكتوب «4»: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصي رسول الله «5»».

8971/ [4]- الشيخ في (أماليه): عن أبي محمد الفحام، قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن هاشم الهاشمي صاحب الصلاة بسر من رأى، قال: حدثنا أبي هاشم بن

القاسم، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن عبد الله الجوهري البصري، عن عبد الله بن المثنى، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «إذا كان يوم القيامة، و نصب الصراط على جهنم، لم يجز عليه إلا من معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب، و ذلك قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ، يعني عن ولاية علي بن أبي طالب».

8972/ [5]- محمد بن العباس: عن صالح بن أحمد، عن أبي مقاتل، عن الحسين بن الحسن، عن الحسين بن نصر بن مزاحم، عن القاسم بن عبد الغفار، عن أبي الأحوص، عن مغيرة، عن الشعبي، عن ابن عباس، في قول

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 67/ 7.

3- مائة منقبة: 36/ 16. [.....]

4- الأمالي 1: 296.

5- تأويل الآيات 2: 492/ 1.

(1) الإسراء 17: 36.

(2) في المصدر: كتاب أبيه.

(3) في المصدر: له براءة، أمر اللّه تعالى الملكين الموكلين على الجواز أنّ يوفقاه و يسألاه فلما عجز عن جوابهما فيكبّاه.

(4) في المصدر زيادة: بالنور الساطع.

(5) في المصدر: محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 595

الله عز و جل: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ قال: عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).

8973/ [6]- ابن شهر آشوب: عن الشيرازي في كتابه، عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النيران السبع، و أمر رضوان أن يزخرف الجنان الثمانية، و يقول: يا ميكائيل، مد الصراط على متن جهنم و يقول: يا جبرئيل، انصب ميزان العدل تحت العرش، و ناد: يا

محمد، قرب أمتك للحساب.

ثم يأمر الله تعالى أن يعقد على الصراط سبع قناطر، طول كل قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ، و على كل قنطرة سبعون ألف ملك قيام، فيسألون هذه الأمة، نساءهم و رجالهم، على القنطرة الاولى: عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) و حب أهل بيت محمد (عليهم السلام)، فمن أتى به جاز على القنطرة الاولى كالبرق الخاطف، و من لم يحب أهل بيت نبيه سقط على ام رأسه في قعر جهنم، و لو كان معه من أعمال البر عمل سبعين صديقا. و على القنطرة الثانية: يسألون عن الصلاة، و على الثالثة: يسألون عن الزكاة، و على الرابعة: عن الصيام، و على الخامسة: عن الحج، و على السادسة: عن الجهاد، و على السابعة: عن العدل. فمن أتى بشي ء من ذلك جاز على الصراط كالبرق الخاطف، و من لم يأت عذب، و ذلك قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ يعني معاشر الملائكة، وقفوهم- يعني العباد- على القنطرة الاولى عن ولاية علي، و حب أهل البيت (عليهم السلام).

و

سئل الباقر (عليه السلام) عن هذه الآية، قال: «يقفون فيسألون: ما لكم لا تناصرون في الآخرة كما تعاونتم في الدنيا على علي (عليه السلام)؟ قال: يقول الله: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ يعني العذاب، ثم حكى الله عنهم قولهم:

وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ- إلى قوله- بِالْمُجْرِمِينَ.

8974/ [7]- عن محمد بن إسحاق، و الشعبي، و الأعمش، و سعيد بن جبير، و ابن عباس، و أبو نعيم الأصفهاني، و الحاكم الحسكاني، و النطنزي، و جماعة أهل البيت (عليهم السلام): وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن ولاية علي بن أبي طالب، و حب أهل البيت (عليهم السلام).

8975/ [8]- الشيخ في (مصباح الأنوار): بإسناده

عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إذا كان يوم القيامة أقف أنا و علي على الصراط، بيد كل واحد منا سيف، فلا يمر أحد من خلق الله إلا سألناه عن ولاية علي بن أبي طالب، فمن كان معه شي ء منها نجا، و إلا ضربنا عنقه و ألقيناه في النار». ثم تلا قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ.

8976/ [9]- و

عنه، في (أماليه)، قال: أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي

__________________________________________________

6- المناقب 2: 152.

7- المناقب 2: 152.

8- مصباح الأنوار: 91 «مخطوط».

9- أمالي الطوسي 1: 124.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 596

حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تزول قدم عبد مؤمن يوم القيامة من بين يدي الله عز و جل حتى يسأله عن أربع خصال: عمرك، فيما أفنيته؟ و جسدك، فيما أبليته؟

و مالك، من أين اكتسبته، و أين وضعته؟ و عن حبنا أهل البيت.

فقال رجل من القوم: و ما علامة حبكم، يا رسول الله؟ فقال: محبة هذا، و وضع يده على رأس علي بن أبي طالب».

8977/ [10]- و من طريق المخالفين، موفق بن أحمد، قال: روى أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، في قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ قال: يعني عن ولاية علي (عليه السلام).

8978/ [11]- و

عن ابن شيرويه: عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلى الله عليه و آله): «وَ قِفُوهُمْ

إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

و عن الحبري في (كتابه)، يرفعه إلى ابن عباس، مثله «1».

8979/ [12]- موفق بن أحمد في كتاب (المناقب)، بإسناده عن أبي برزة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأله الله تبارك و تعالى عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و عن جسده فيما أبلاه، و عن ماله مما كسبه، و فيما أنفقه، و عن حبنا أهل البيت».

فقال عمر بن الخطاب: فما آية حبكم من بعدك؟ فوضع يده على رأس علي (عليه السلام)- و هو إلى جانبه-، فقال: «إن آية حبي من بعدي: حب هذا، و طاعته طاعتي، و مخالفته مخالفتي».

8980/ [13]- الثعلبي في (تفسيره): عن مجاهد، عن ابن عباس، و أبو القاسم القشيري، في (تفسيره): عن الحاكم الحافظ بإسناده عن أبي برزة، و ابن بطة في (إبانته): عن أبي سعيد الخدري، كلهم، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و عن شبابه فيما أبلاه، و عن ماله: من أين اكتسبه، و فيما أنفقه، و عن حبنا أهل البيت».

8981/ [14]- و

عن ابن عباس، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «و الذي بعثني بالحق نبيا، لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب».

8982/ [15]- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ، قال: عن ولاية أمير المؤمنين

__________________________________________________

10- مناقب الخوارزمي: 195.

11- العمدة: 301/ 506 عن الفردوس لابن شيرويه.

12- مناقب الخوارزمي: 35. [.....]

13- ...، مناقب ابن شهر آشوب 2: 153.

14- ...، مناقب ابن شهر آشوب 2: 153.

15-

تفسير القمّي 2: 222.

(1) تفسير الحبري: 312/ 60.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 597

علي (عليه السلام). قوله تعالى: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ يعني للعذاب، ثم حكى الله عز و جل عنهم قولهم:

وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ يعني فلانا و فلانا قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ قوله: فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ، قال: العذاب فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ.

و قوله: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ إلى قوله: يَسْتَكْبِرُونَ فإنه محكم، قوله: وَ يَقُولُونَ أَ إِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فرد الله عليهم: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ يعني الذين كانوا قبله، ثم حكى ما أعد الله للمؤمنين، فقال: أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ يعني في الجنة.

8983/ [16]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قوله: أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ، قال: «يعلمه الخدام، فيأتون به إلى أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه». و أما قوله عز و جل: فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ، قال: «فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلا أكرموا به».

سورة الصافات(37): الآيات 47 الي 57 ..... ص : 597

قوله تعالى:

لا فِيها غَوْلٌ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ [47- 57] 8984/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: لا فِيها غَوْلٌ يعني الفساد وَ لا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ أي لا يطردون منها، قوله: وَ عِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ يعني الحور العين، يقصر الطرف، عن النظر إليها من صفائها و حسنها: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ يعني مخزون فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ

لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أي تصدق بما يقول لك: إنك إذا مت حييت. قال: فيقول لصاحبه:

هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ قال: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ، فيقول له: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَ لَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ.

8985/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ، يقول: «في وسط الجحيم».

__________________________________________________

16- الكافي 8: 95/ 69.

1- تفسير القمّي 2: 222.

2- تفسير القمّي 2: 222.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 598

سورة الصافات(37): الآيات 58 الي 78 ..... ص : 598

قوله تعالى:

أَ فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ- إلى قوله تعالى- وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ [58- 78]

8986/ [1]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن درست، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، قال: لا أعلمه ذكره إلا عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا أدخل الله أهل الجنة الجنة و أهل النار النار، جي ء بالموت في صورة كبش حتى يوقف بين الجنة و النار. قال: ثم ينادي مناد يسمع أهل الدارين جميعا: يا أهل الجنة، يا أهل النار. فإذا سمعوا الصوت أقبلوا: قال، فيقال لهم: أ تدرون ما هذا؟ هذا هو الموت الذي كنتم تخافون منه في الدنيا. قال: فيقول أهل الجنة: اللهم لا تدخل الموت علينا. قال: و يقول أهل النار: اللهم أدخل الموت علينا. قال:

ثم يذبح كما تذبح الشاة».

قال: «ثم ينادي مناد: لا موت أبدا، أيقنوا بالخلود. قال: فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ يموت من فرح لماتوا، قال: ثم قرأ هذه الآية: أَ فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ

الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ قال: و يشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتا من شهيق لماتوا، و هو قول الله عز و جل: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ» «1».

8987/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن علي بن مهزيار، و الحسن بن محبوب، عن النضر بن سويد، عن درست، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار، جي ء بالموت فيذبح كالكبش بين الجنة و النار، ثم يقال لهم: خلود، فلا موت أبدا. فيقول أهل الجنة: أَ فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ».

ثم قال عز و جل: أَ ذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ يعني بالفتنة هاهنا العذاب إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فإنه محكم.

قوله: ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ يعني عذابا على عذاب. ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ أي يمرون وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ يعني الأنبياء فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ يعني الأمم الهالكة، ثم ذكر عز و جل نداء الأنبياء، فقال: وَ لَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ إلى قوله تعالى: فِي الْآخِرِينَ.

__________________________________________________

1- الزهد: 100/ 273.

2- تفسير القمّي 2: 223.

(1) مريم 19: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 599

8988/ [3]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ جَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ، يقول: «الحق، و النبوة، و الكتاب، و الإيمان في

عقبه، و ليس كل من في الأرض من بني آدم من ولد نوح، قال الله في كتابه: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَ أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ منهم وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «1»، و قال أيضا: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ» «2».

8989/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه، و محمد بن موسى بن المتوكل، و أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: عاش نوح بعد نزوله من السفينة خمسين سنة، ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا نوح، قد انقضت نبوتك، و استكملت أيامك، فانظر الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة التي معك فادفعها إلى ابنك سام، فإني لا أترك الأرض إلا و فيها عالم تعرف به طاعتي، فيكون نجاة فيما بين قبض النبي و مبعث النبي الآخر، و لم أكن أترك الناس بغير حجة، و داع إلي، و هاد إلى سبيلي، و عارف بأمري، فإني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هاديا أهدي به السعداء، و يكون حجة على الأشقياء».

قال: «فدفع نوح (عليه السلام) الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة إلى ابنه سام، و أما حام و يافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به. قال: و بشرهم نوح بهود (عليه السلام) و أمرهم باتباعه، و أن يفتحوا الوصية كل

عام فينظروا فيها، و يكون عيدا لهم، كما أمرهم آدم (عليه السلام)، فظهرت الجبرية في ولد حام و يافث، فاستخفى ولد سام بما عندهم من العلم، و جرت على سام بعد نوح الدولة لحام و يافث، و هو قول الله عز و جل: وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ يقول: تركت على نوح دولة الجبارين، و نصر «3» الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بذلك».

قال: «و ولد لحام: السند، و الهند، و الحبش، و ولد لسام: العرب، و العجم، و جرت عليهم الدولة، و كانوا يتوارثون الوصية عالم بعد عالم، حتى بعث الله عز و جل هودا (عليه السلام)».

سورة الصافات(37): آية 83 ..... ص : 599

قوله تعالى:

وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ [83]

8990/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبو العباس، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 223.

4- كمال الدين و تمام النعمة: 134/ 3.

1- تفسير القمّي 2: 223.

(1) هود 11: 40. [.....]

(2) الإسراء 17: 3.

(3) في المصدر: و يعزّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 600

عن النضر بن سويد، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «ليهنئكم الاسم». قلت: و ما هو، جعلت فداك؟ قال: «الشيعة».

قيل: إن الناس يعيروننا بذلك! قال: «أما تسمع قول الله: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ، و قوله: فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ «1» فليهنئكم الاسم».

8991/ [2]- شرف الدين النجفي، قال: روي عن مولانا الصادق (عليه السلام) أنه قال: «قوله عز و جل: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ أي إن إبراهيم (عليه السلام) من شيعة النبي (صلى الله عليه و آله)، فهو من شيعة علي (عليه السلام)، و كل من كان من شيعة علي

فهو من شيعة النبي (صلى الله عليهما و على ذريتهما الطيبين)».

8992/ [3]- قال: و يؤيد هذا التأويل- أن إبراهيم (عليه السلام) من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)- ما

رواه الشيخ محمد بن العباس، عن محمد بن وهبان، عن أبي جعفر محمد بن علي بن رحيم، عن العباس بن محمد، قال:

حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير يحيى بن أبي القاسم، قال: سأل جابر بن يزيد الجعفي جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ.

فقال (عليه السلام): «إن الله سبحانه لما خلق إبراهيم (عليه السلام) كشف له عن بصره، فنظر، فرأى نورا إلى جنب العرش، فقال: إلهي، ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور محمد صفوتي من خلقي. و رأى نورا إلى جنبه، فقال: إلهي، و ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور علي بن أبي طالب ناصر ديني. و رأى إلى جنبهما ثلاثة أنوار، فقال: إلهي، و ما هذه الأنوار؟ فقيل له: هذا نور فاطمة، فطمت محبيها من النار، و نور ولديها: الحسن، و الحسين. و رأى تسعة أنوار قد حفوا بهم؟ فقال: إلهي، و ما هذه الأنوار التسعة؟ قيل: يا إبراهيم، هؤلاء الأئمة من ولد علي و فاطمة.

فقال إبراهيم: إلهي، بحق هؤلاء الخمسة، إلا ما عرفتني من التسعة. فقيل: يا إبراهيم، أولهم علي بن الحسين، و ابنه محمد، و ابنه جعفر، و ابنه موسى، و ابنه علي، و ابنه محمد، و ابنه علي، و ابنه الحسن، و الحجة القائم ابنه.

فقال إبراهيم: إلهي و سيدي، أرى أنوارا قد أحدقوا بهم، لا يحصي عددهم إلا أنت؟ قيل: يا إبراهيم، هؤلاء شيعتهم، شيعة أمير

المؤمنين علي بن أبي طالب. فقال إبراهيم: و بم تعرف شيعته؟ فقال: بصلاة إحدى و خمسين، و الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، و القنوت قبل الركوع، و التختم في اليمين. فعند ذلك قال إبراهيم: اللهم، اجعلني من شيعة أمير المؤمنين. قال: فأخبر الله في كتابه، فقال: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ».

8993/ [4]- ثم قال شرف الدين: و مما يدل على أن إبراهيم (عليه السلام) و جميع الأنبياء و المرسلين من شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، ما

روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «ليس إلا الله و رسوله، و نحن، و شيعتنا، و الباقي في

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 495/ 8.

3- تأويل الآيات 2: 496/ 9.

4- تأويل الآيات 2: 497/ 10.

(1) القصص 28: 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 601

النار».

8994/ [5]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ «1».

قال (عليه السلام): «السيئة المحيطة به: هي التي تخرجه من جملة دين الله، و تنزعه عن ولاية الله، و ترميه في سخط الله، و هي الشرك بالله، و الكفر به، و الكفر بنبوة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الكفر بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كل واحدة من هذه سيئة محيطة «2» به، أي تحيط بأعماله فتبطلها، و تمحقها، فأولئك، الذين عملوا هذه السيئة المحيطة، أصحاب النار هم فيها خالدون.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن ولاية علي حسنة لا تضر معها سيئة «3» من السيئات و إن جلت، إلا ما يصيب أهلها من التطهير منها بمحن الدنيا، و ببعض العذاب في الآخرة إلى أن ينجو منها بشفاعة مواليه الطيبين

الطاهرين، و إن ولاية أضداد علي، و مخالفة علي سيئة لا ينفع معها شي ء إلا ما ينفعهم بطاعاتهم في الدنيا بالنعم، و الصحة، و السعة، فيردون الآخرة و لا يكون لهم إلا دائم العذاب.

ثم قال: إن من جحد ولاية علي لا يرى الجنة بعينه أبدا، إلا ما يراه بما يعرف به أنه لو كان يواليه لكان ذلك محله و مأواه و منزله، فيزداد حسرات و ندامات، و أن من توالى عليا و برى ء من أعدائه، و سلم لأولياء الله، لا يرى النار بعينه أبدا، إلا ما يراه فيقال له: لو كنت على غير هذا لكان ذلك مأواك، و إلا ما يباشره منها إن كان مسرفا على نفسه بما دون الكفر إلى أن ينظف بجهنم كما ينظف القدر من بدنه بالحمام الحامي، ثم ينتقل عنها بشفاعة مواليه.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اتقوا الله- معاشر الشيعة- فإن الجنة لن تفوتكم و إن أبطأت بكم عنها قبائح أعمالكم، فتنافسوا في درجاتها.

قيل: فهل يدخل جهنم أحد من محبيك، و محبي علي (عليه السلام)؟ قال: من قذر نفسه بمخالفة محمد و علي، و واقع المحرمات و ظلم المؤمنين و المؤمنات، و خالف ما رسم له من الشرعيات جاء يوم القيامة قذرا، طفسا «4»، يقول له محمد و علي: يا فلان، أنت قذر طفس، لا تصلح لمرافقة مواليك الأخيار، و لا لمعانقة الحور الحسان، و لا لملائكة الله المقربين، و لا تصل إلى ما هناك إلا أن يطهر منك ما هناك «5»- يعني ما عليه من الذنوب- فيدخل إلى الطبق الأعلى من نار جهنم، فيعذب ببعض ذنوبه. و منهم من تصيبه الشدائد في المحشر ببعض ذنوبه، ثم

يلقطه من هنا و من هنا من يبعثهم إليه مواليه من خيار شيعتهم كما يلقط الطير الحب. و منهم من تكون ذنوبه أقل و أخف،

__________________________________________________

5- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 304/ 147- 149.

(1) البقرة 2: 81.

(2) في «ج» و المصدر: تحيط.

(3) في المصدر: لا يضرّ معها شي ء.

(4) الطفس: الوسخ و الدرن. «الصحاح- طفس- 3: 944».

(5) في المصدر: عنك ما هاهنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 602

فيطهر منها بالشدائد و النوائب من السلاطين و غيرهم، و من الآفات في الأبدان في الدنيا ليدلى في قبره و هو طاهر من ذنوبه. و منهم من يقرب موته و قد بقيت عليه، فيشتد نزعه، و يكفر به عنه، فإن بقي شي ء و قويت عليه يكون له بطن «1» أو اضطراب في يوم موته، فيقل من يحضره، فيلحقه به الذل، فيكفر عنه، فإن بقي شي ء أتي به و لما يلحد فيوضع، فيتفرقون عنه، فيطهر.

فإن كانت ذنوبه أعظم و أكثر طهر منها بشدائد عرصات القيامة، فإن كانت أكثر و أعظم طهر منها في الطبق الأعلى من جهنم، و هؤلاء أشد محبينا عذابا، و أعظمهم ذنوبا، و ليس هؤلاء يسمون بشيعتنا، و لكنهم يسمعون محبينا، و الموالين لأوليائنا، و المعادين لأعدائنا. إن شيعتنا من شايعنا، و اتبع آثارنا، و اقتدى بأعمالنا».

8995/ [6]- و

قال الإمام (عليه السلام): «قال رجل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله، فلان ينظر إلى حرم جاره، و إن أمكنه مواقعة حرام لم ينزع عنه؟ فغضب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: ائتوني به. فقال رجل آخر: يا رسول الله، إنه من شيعتكم، ممن يعتقد موالاتك و موالاة علي، و يتبرأ

من أعدائكما. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تقل إنه من شيعتنا، فإنه كذب، إن شيعتنا من شيعنا و تبعنا في أعمالنا، و ليس هذا الذي ذكرته في هذا الرجل، من أعمالنا.

و قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): فلان مسرف على نفسه بالذنوب الموبقات، و هو مع ذلك من شيعتكم! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قد كتبت عليك كذبة، أو كذبتان، إن كان مسرفا بالذنوب على نفسه، يحبنا و يبغض أعداءنا، فهو كذبة واحدة، هو من محبينا لا من شيعتنا، و إن كان يوالي أولياءنا، و يعادي أعداءنا، و ليس هو بمسرف على نفسه في الذنوب كما ذكرت، فهو منك كذبة، لأنه لا يسرف في الذنوب، و إن كان لا يسرف في الذنوب، و لا يوالينا، و لا يعادي أعداءنا فهو منك كذبتان.

و قال رجل لامرأته: اذهبي إلى فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاسأليها عني: أنا من شيعتكم، أو لست من شيعتكم؟ فسألتها، فقالت (عليها السلام): قولي له: إن كنت تعمل بما أمرناك، و تنتهي عما زجرناك، فأنت من شيعتنا، و إلا فلا. فرجعت، فأخبرته، فقال: يا ويلي، و من ينفك من الذنوب و الخطايا؟ فأنا إذن خالد في النار، فإن من ليس من شيعتهم فهو خالد في النار. فرجعت المرأة، فقالت لفاطمة (عليها السلام) ما قال لها زوجها، فقالت فاطمة (عليها السلام): ليس هكذا، إن شيعتنا من خيار أهل الجنة، و كل محبينا، و موالي أوليائنا، و معادي أعدائنا، و المسلم بقلبه و لسانه لنا، ليسوا من شيعتنا إذا خالفوا أوامرنا و نواهينا في سائر الموبقات، و هم مع ذلك في الجنة، و لكن بعد ما

يطهرون، من ذنوبهم بالبلايا و الرزايا أو في عرصات القيامة بأنواع شدائدها، أو في الطبق ǙĘØٙęɠمن جهنم بعذابها، إلى أن نستنقذهم بحبنا منها، و ننقلهم إلى حضرتنا.

و قال رجل للحسن بن علي (عليهما السلام): يا ابن رسول الله، إني من شيعتكم. فقال الحسن بن علي (عليهما السلام): يا

__________________________________________________

6- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 307/ 150- 160.

(1) بطن الرجل: اشتكى بطنه. «الصحاح- بطن- 5: 2079». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 603

عبد الله، إن كنت لنا في أوامرنا و زواجرنا مطيعا فقد صدقت، و إن كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها، لا تقل: أنا من شيعتكم، و لكن قل: أنا من مواليكم، و محبيكم، و معادي أعدائكم.

و أنت في خير، و إلى خير.

و قال رجل للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): يا ابن رسول الله، أنا من شيعتكم. قال (عليه السلام): اتق الله، و لا تدعين شيئا يقول لك الله: كذبت، و فجرت في دعواك. إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش و غل و دغل «1»، و لكن قل: إني من مواليكم و محبيكم.

و قال رجل لعلي بن الحسين (عليهما السلام): يا ابن رسول الله، أنا من شيعتكم الخلص. فقال له: يا عبد الله، فإذن أنت كإبراهيم الخليل (عليه السلام)، الذي قال الله تعالى: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ «2» فإن كان قلبك كقلبه فأنت من شيعتنا، و إن لم يكن قلبك كقلبه، و هو طاهر من الغش و الغل فأنت من محبينا، و إلا فإنك إن عرفت أنك بقولك كاذب فيه إنك لمبتلى بفالج لا يفارقك إلى

الموت، أو جذام ليكون كفارة لكذبك هذا.

و قال الباقر (عليه السلام) لرجل فخر على آخر، قال: أ تفاخرني و أنا من شيعة محمد (صلى الله عليه و آله) و آل محمد الطيبين؟! فقال له الباقر (عليه السلام): ما فخرت عليه و رب الكعبة، و غبن منك على الكذب. يا عبد الله، أمالك الذي معك تنفقه على نفسك أحب إليك، أم تنفقه على إخوانك المؤمنين؟ قال: بل أنفقه على نفسي. قال: فلست من شيعتنا، فإنا نحن ما ننفق على المنتحلين من إخواننا أحب إلينا من أن ننفق على أنفسنا، و لكن قل: أنا من محبيكم، و من الراجين للنجاة بمحبتكم.

و قيل للصادق (عليه السلام): إن عمارا الدهني شهد اليوم عند ابن أبي ليلى قاضي الكوفة بشهادة، فقال له القاضي: قم- يا عمار- فقد عرفناك، لا نقبل شهادتك لأنك رافضي. فقام عمار، و قد ارتعدت فرائصه، و استفرغه البكاء، فقال له ابن أبي ليلى: أنت رجل من أهل العلم و الحديث، إن كان يسوؤك أن يقال لك رافضي فتبرأ من الرفض، فأنت من إخواننا.

فقال له عمار: يا هذا، ما ذهبت- و الله- حيث ذهبت، و لكني بكيت عليك و علي: أما بكائي على نفسي، فإنك نسبتني إلى رتبة شريفة لست من أهلها، زعمت أني رافضي، ويحك، لقد حدثني الصادق (عليه السلام): أن أول من سمي الرافضة السحرة الذين لما شاهدوا آية موسى (عليه السلام) في عصاه آمنوا به، و رضوا به، و اتبعوه، و رفضوا أمر فرعون، و استسلموا لكل ما نزل بهم، فسماهم فرعون الرافضة لما رفضوا دينه. فالرافضي: من رفض كل ما كرهه الله تعالى، و فعل كل ما أمر به الله تعالى، فأين في

الزمان مثل هذا؟ فإنما بكيت على نفسي خشية أن يطلع الله تعالى على قلبي و قد تقبلت هذا الاسم الشريف، فيعاقبني ربي عز و جل، و يقول: يا عمار أ كنت رافضا للأباطيل، عاملا للطاعات كما قال لك؟ فيكون ذلك تقصيرا بي في الدرجات إن سامحني، موجبا لشديد العقاب علي إن

__________________________________________________

(1) الدغل: الفساد. «الصحاح- دغل- 4: 1197».

(2) الصافات 37: 83 و 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 604

ناقشني، إلا أن يتداركني موالي بشفاعتهم، و أما بكائي عليك، فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي، و شفقتي الشديدة عليك من عذاب الله تعالى أن صرفت أشرف الأسماء إلى أن جعلته من أرذلها، كيف يصبر بدنك على عذاب الله و عذاب كلمتك هذه.

فقال الصادق (عليه السلام): لو أن على عمار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات و الأرضين لمحيت عنه بهذه الكلمات، و إنها لتزيد في حسناته عند ربه عز و جل حتى يجعل كل خردلة منها أعظم من الدنيا ألف مرة».

قال: «و قيل لموسى بن جعفر (عليه السلام): مررنا برجل في السوق و هو ينادي: أنا من شيعة محمد و آل محمد الخلص، و هو ينادي على ثياب يبيعها على من يزيد. فقال موسى (عليه السلام): ما جهل و لا ضاع امرؤ عرف قدر نفسه، أ تدرون ما مثل هذا؟ هذا كمن قال: أنا مثل سلمان، و أبي ذر، و المقداد، و عمار، و هو مع ذلك يباخس في بيعه، و يدلس عيوب المبيع على مشتريه، و يشتري الشي ء بثمن فيزايد الغريب، يطلبه فيوجب له، ثم إذا غاب المشتري، قال: لا أريده إلا بكذا، بدون ما كان يطلبه منه، أ يكون هذا كسلمان، و أبي ذر،

و المقداد، و عمار؟ حاش لله أن يكون هذا كهم، و لكن لا يمنعه أن «1» يقول: أنا من محبي محمد و آل محمد، و من موالي أوليائهم، و معادي أعدائهم.

قال (عليه السلام): و لما جعل إلى علي بن موسى (عليهما السلام) ولاية العهد دخل عليه آذنه، فقال: إن قوما بالباب يستأذنون عليك، يقولون: نحن من شيعة علي (عليه السلام). فقال (عليه السلام): أنا مشغول، فاصرفهم. فصرفهم. فلما كان في اليوم الثاني جاءوا و قالوا كذلك، فقال مثلها فصرفهم إلى أن جاءوا، هكذا يقولون و يصرفهم شهرين. ثم أيسوا من الوصول، و قالوا للحاجب: قل لمولانا: إنا من شيعة أبيك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قد شمت بنا أعداؤنا في حجابك لنا، و نحن ننصرف هذه الكرة، و نهرب من بدلنا خجلا و أنفة مما لحقنا، و عجزا عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة أعدائنا، فقال علي بن موسى (عليهما السلام): ائذن لهم ليدخلوا. فدخلوا، فسلموا عليه، و لم يأذن لهم بالجلوس، فبقوا قياما، فقالوا: يا بن رسول الله، ما هذا الجفاء العظيم، و الاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب، أي باقية تبقي منا بعد هذا؟

فقال الرضا (عليه السلام): اقرءوا: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ «2»، ما اقتديت إلا بربي عز و جل، و برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و بأمير المؤمنين (عليه السلام)، و من بعده من آبائي الطاهرين (عليهم السلام)، عتبوا عليكم فاقتديت بهم.

قالوا: لماذا، يا ابن رسول الله؟ قال: لدعواكم أنكم شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و من بعده من آبائي الطاهرين (عليهم السلام)، عتبوا عليكم فاقتديت بهم.

قالوا:

لما ذا، يا بن رسول الله؟ قال: لدعواكم أنكم شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويحكم، إنما شيعته: الحسن، و الحسين (عليهما السلام)، و سلمان، و المقداد، و أبو ذر، و عمار، و محمد بن أبي بكر، الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره، و لم يرتكبوا شيئا من فنون زواجره، فأما أنتم إذا قلتم إنكم شيعته، و أنتم في أكثر أعمالكم

__________________________________________________

(1) في المصدر: لا نمنعه من أن.

(2) الشورى 42: 30.

رهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 605

له مخالفون، مقصرون في كثير من الفرائض، و متهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في الله، و تتقون حيث لا تجب التقية، و تتركون التقية حيث لا بد من التقية، و لو قلتم أنكم موالوه و محبوه، الموالون لأوليائه، و المعادون لأعدائه لم أنكره من قولكم، و لكن هذه مرتبة شريفة ادعيتموها، إن لم تصدقوا قولكم بفعلكم هلكتم، إلا أن تتدارككم رحمة من ربكم.

قالوا: يا بن رسول الله، فإنا نستغفر الله، و نتوب إليه من قولنا، بل نقول كما علمنا مولانا: نحن محبوكم، و محبوا أوليائكم، و معادوا أعدائكم. قال الرضا (عليه السلام): فمرحبا بكم- يا إخواني و أهل ودي- ارتفعوا، ارتفعوا.

فما زال يرفعهم حتى ألصقهم بنفسه، ثم قال لحاجبه: كم مرة حجبتهم؟ قال: ستين مرة فقال لحاجبه: فاختلف إليهم ستين مرة متوالية، فسلم عليهم، و أقرئهم سلامي، فقد محوا ما كان من ذنوبهم باستغفارهم و توبتهم، و استحقوا الكرامة لمحبتهم لنا و موالاتهم، و تفقد أمورهم و امور عيالاتهم، فأوسعهم بنفقات و مبرات و صلات و دفع مضرات «1»».

قال (عليه السلام): «و دخل رجل على محمد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام) و هو مسرور، فقال: ما لي أراك مسرورا؟ قال:

يا ابن رسول الله، سمعت أباك يقول: أحق يوم بأن يسر العبد فيه: يوم يرزقه الله صدقات و مبرات و سد خلات من إخوان له مؤمنين، و أنه قصدني اليوم عشرة من إخواني المؤمنين الفقراء، لهم عيالات، قصدوني من بلد كذا و كذا، فأعطيت كل واحد منهم، فلهذا سروري.

فقال محمد بن علي (عليهما السلام): لعمري إنك حقيق بأن تسر إن لم تكن أحبطته، أو لم تحبطه فيما بعد. فقال الرجل: و كيف أحبطته و أنا من شيعتكم الخلص؟ قال: ها قد أبطلت برك بإخوانك و أصدقائك «2».

قال: و كيف ذلك، يا ابن رسول الله؟ قال له محمد بن علي (عليهما السلام): اقرأ قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى «3».

قال الرجل: يا ابن رسول الله، ما مننت على القوم الذين تصدقت عليهم، و لا آذيتهم. قال له محمد بن علي (عليهما السلام): إن الله عز و جل إنما قال: لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى و لم يقل: لا تبطلوا بالمن على من تتصدقون عليه، و بالأذى لمن تتصدقون عليه، و هو كل أذى. أفترى أذاك للقوم الذين تصدقت عليهم أعظم، أم أذاك لحفظتك، و ملائكة الله المقربين حواليك، أم أذاك لنا؟ فقال الرجل: بل هذا، يا ابن رسول الله. فقال: فقد آذيتني، و آذيتهم، و أبطلت صدقتك. قال: لماذا؟ قال: لقولك: و كيف أحبطته و أنا من شيعتكم الخلص؟ ويحك، أ تدري من شيعتنا الخلص؟ قال: لا. قال: شيعتنا الخلص حزقيل المؤمن، مؤمن آل فرعون، و صاحب يس الذي قال الله تعالى فيه: وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى «4» و سلمان، و أبو ذر،

و المقداد، و عمار. أ سويت

__________________________________________________

(1) في المصدر: المعرّات.

(2) في المصدر: صدقاتك.

(3) البقرة 2: 264.

(4) يس 36: 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 606

نفسك بهؤلاء، أما آذيت بهذا الملائكة، و آذيتنا؟ فقال الرجل: أستغفر الله و أتوب إليه، فكيف أقول؟ قال: قل: أنا من مواليكم، و محبيكم، و معادي أعدائكم، و موالي أوليائكم.

فقال: كذلك أقول، و كذلك أنا- يا ابن رسول الله- و قد تبت من القول الذي أنكرته، و أنكرته الملائكة، فما أنكرتم ذلك إلا لإنكار الله عز و جل. فقال محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام): الآن قد عادت إليك مثوبات صدقاتك، و زال عنك الإحباط».

8996/ [7]- قال أبو يعقوب يوسف بن زياد، و علي بن سيار (رضي الله عنهما): حضرنا ليلة على غرفة الحسن بن علي بن محمد (عليهم السلام)، و قد كان ملك الزمان له معظما، و حاشيته له مبجلين، إذ مر علينا والي البلد، والي الجسرين، و معه رجل مكتوف، و الحسن بن علي (عليهما السلام) مشرف من روزنته «1»، فلما رآه الوالي ترجل عن دابته إجلالا له. فقال الحسن بن علي (عليهما السلام): «عد إلى موضعك». فعاد و هو معظم له، و قال: يا ابن رسول الله، أخذت هذا في هذه الليلة على باب حانوت صيرفي، فاتهمته بأنه يريد نقبه و السرقة منه، فقبضت عليه، فلما هممت أن أضربه خمس مائة سوط، و هذا سبيلي في من أتهمه ممن آخذه، ليكون قد شقي ببعض ذنوبه قبل أن يأتيني و يسألني فيه من لا أطيق مدافعته. فقال لي: اتق الله، و لا تتعرض لسخط الله، فإني من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و شيعة هذا

الإمام أبي القائم بأمر الله (عليه السلام). فكففت عنه، و قلت: أنا مار بك عليه، فإن عرفك بالتشيع أطلقت عنك، و إلا قطعت يدك و رجلك، بعد أن أجلدك ألف سوط. و قد جئتك به يا ابن رسول الله، فهل هو من شيعة علي (عليه السلام) كما ادعى؟ فقال الحسن بن علي (عليهما السلام): «معاذ الله، ما هذا من شيعة علي (عليه السلام)، و إنما ابتلاه الله في يدك لاعتقاده في نفسه أنه من شيعة علي (عليه السلام)».

فقال الوالي: كفيتني مؤونته، الآن أضربه خمس مائة ضربة لا حرج علي فيها. فلما نحاه بعيدا، قال: ابطحوه، فبطحوه، و أقام عليه جلادين: واحدا عن يمينه، و آخر عن شماله، و قال: أوجعاه. فأهويا إليه بعصيهما، فكانا لا يصيبان استه شيئا، إنما يصيبان الأرض، فضجر من ذلك، و قال: ويلكما، تضربان الأرض؟ اضربا استه. فذهبا يضربان استه، فعدلت أيديهما، فجعلا يضرب بعضهما بعضا، و يصيح، و يتأوه، فقال: ويحكما، أ مجنونان أنتما، يضرب بعضكما بعضا؟! اضربا الرجل. فقالا: ما نضرب إلا الرجل، و ما نقصد سواه، و لكن تعدل أيدينا حتى يضرب بعضنا بعضا. قال: فقال: يا فلان، و يا فلان، حتى دعا أربعة، و صاروا مع الأولين ستة، و قال: أحيطوا به فأحاطوا به، فكان يعدل بأيديهم و ترفع عصيهم إلى فوق، فكانت لا تقع إلا بالوالي، فسقط عن دابته، و قال:

قتلتموني، قتلكم الله، ما هذا؟ قالوا: ما ضربنا إلا إياه. ثم قال لغيرهم: تعالوا فاضربوا هذا. فجاءوا يضربونه بعد، فقال: ويلكم، إياي تضربون؟! قالوا: لا و الله، ما نضرب إلا الرجل: قال الوالي. فمن أين لي هذه الشجاة برأسي، و وجهي، و بدني إن لم تكونوا

تضربوني؟ قالوا: شلت أيماننا إن كنا قصدناك بضرب.

__________________________________________________

7- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 316/ 161.

(1) الرّوزنة: الكوّة، معرّبة. «لسان العرب- رزن- 13: 179».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 607

فقال الرجل للوالي: يا عبد الله، أما تعتبر بهذه الألطاف التي بها يصرف عني هذا الضرب- ويلك- ردني إلى الإمام، و امتثل في أمره. قال: فرده الوالي بعد بين يدي الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال: يا ابن رسول الله، عجبا لهذا، أنكرت أن يكون من شيعتكم، و من لم يكن من شيعتكم فهو من شيعة إبليس، و هو في النار، و قد رأيت له من المعجزات ما لا يكون إلا للأنبياء! فقال الحسن بن علي (عليهما السلام): قل: «أو للأوصياء». فقال الحسن بن علي (عليهما السلام) للوالي: «يا عبد الله، إنه كذب في دعواه أنه من شيعتنا كذبة لو عرفها ثم تعمدها لابتلي بجميع عذابك له، و لبقي في المطبق «1» ثلاثين سنة، و لكن الله تعالى رحمه لإطلاق كلمة على ما عنى، لا على تعمد كذب. و أنت- يا عبد الله- فاعلم أن الله عز و جل قد خلصه من يديك، خل عنه، فإنه من موالينا و محبينا، و ليس من شيعتنا».

فقال الوالي: ما كان هذا كله عندنا إلا سواء، فما الفرق؟ قال له الإمام (عليه السلام): «الفرق: أن شيعتنا هم الذين يتبعون آثارنا، و يطيعونا في جميع أوامرنا و نواهينا، فأولئك من شيعتنا، فأما من خالفنا في كثير مما فرض الله عليه فليسوا من شيعتنا».

قال الإمام (عليه السلام) للوالي: «و أنت قد كذبت كذبة لو تعمدتها و كذبتها لابتلاك الله عز و جل بضرب ألف سوط، و سجن ثلاثين سنة في المطبق».

فقال: و ما هي، يا ابن رسول الله؟ قال: زعمت أنك رأيت له معجزات، إن المعجزات ليست له، إنما هي لنا، أظهرها الله تعالى فيه إبانة لحجتنا، و إيضاحا لجلالتنا و شرفنا، و لو قلت: شاهدت فيه معجزات. لم أنكره عليك، أليس إحياء عيسى (عليه السلام) الميت معجزة، أ هي للميت أم لعيسى؟ أ و ليس خلق من الطين كهيئة الطير، فصار طيرا بإذن الله معجزة، أ هي للطائر، أو لعيسى (عليه السلام)؟ أ و ليس الذين جعلوا قردة خاسئين معجزة، أ هي للقردة، أو لنبي ذلك الزمان؟» فقال الوالي: أستغفر الله ربي و أتوب إليه.

ثم قال الحسن بن علي (عليهما السلام) للرجل الذي قال إنه من شيعة علي (عليه السلام): «يا عبد الله، لست من شيعة علي (عليه السلام)، إنما أنت من محبيه، إن شيعة علي (عليه السلام): الذين قال الله تعالى فيهم: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «2»، و هم الذين آمنوا بالله، و وصفوه بصفاته، و نزهوه عن خلاف صفاته، و صدقوا محمدا في أقواله، و صوبوه في كل أفعاله، و قالوا: إن كان عليا بعده سيدا إماما، و قرما «3» هماما، لا يعدله من امة محمد أحد، و لا كلهم إذا اجتمعوا في كفة يوزنون بوزنه، بل يرجح عليهم كما ترجح السماء و الأرض على الذرة، و شيعة علي (عليه السلام) هم الذين لا يبالون في سبيل الله أوقع الموت عليهم، أو وقعوا على الموت، و شيعة علي (عليه السلام) هم الذين يؤثرون إخوانهم على أنفسهم، و لو كان بهم خصاصة، و هم الذين لا يراهم الله حيث نهاهم، و لا يفقدهم من حيث

أمرهم، و شيعة علي (عليه السلام) هم الذين يقتدون بعلي في إكرام إخوانهم المؤمنين. ما عن قولي أقول لك هذا، بل أقوله عن قول محمد (صلى الله عليه و آله)، فذلك قوله تعالى:

__________________________________________________

(1) المطبق: السجن تحت الأرض. «أقرب الموارد 1: 697».

(2) البقرة 2: 82.

(3) القرم من الرجال: السيد المعظّم. «لسان العرب- قرم- 12: 473».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 608

و عملوا الصالحات قضوا الفرائض كلها بعد التوحيد، و اعتقاد النبوة و الإمامة، و أعظمها فرضان: قضاء حقوق الإخوان في الله، و استعمال التقية من أعداء الله عز و جل».

سورة الصافات(37): آية 84 ..... ص : 608

قوله تعالى:

إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [84] 8997/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، قال: السليم من الشك.

8998/ [2]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «بقلب سليم من كل ما سوى الله تعالى، لم يتعلق بشي ء غيره».

و تقدم معنى الآية في الحديث الطويل في الآية السابقة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) «1».

سورة الصافات(37): الآيات 88 الي 89 ..... ص : 608

قوله تعالى:

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ [88- 89]

8999/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ، قال: «حسب، فرأى ما يحل بالحسين (عليه السلام)، فقال: إني سقيم لما يحل بالحسين (عليه السلام)».

9000/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «التقية من دين الله». قلت: من دين الله؟! قال: «إي و الله، من دين الله، و لقد قال يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ «2»، و الله ما كانوا سرقوا شيئا، و لقد قال إبراهيم (عليه السلام): إِنِّي سَقِيمٌ، و الله ما كان سقيما».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 223. [.....]

2- مجمع البيان 8: 701.

3- الكافي 1: 387/ 5.

4- الكافي 2: 172/ 3.

(1) تقدّم في الحديث (6) من تفسير الآية (83) من هذه السورة.

(2) يوسف 12: 70.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 609

9001/ [3]- و

عنه: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، قال: قيل لأبي جعفر (عليه السلام) و أنا عنده: إن سالم بن أبي

حفصة و أصحابه يروون عنك أنك تكلم على سبعين وجها، لك منها المخرج.

فقال: «ما يريد سالم مني، أ يريد أن أجي ء بالملائكة! و الله ما جاءت الملائكة بهذا النبيون، فلقد قال إبراهيم (عليه السلام): إِنِّي سَقِيمٌ «1»، و ما كان سقيما، و لا كذب، و لقد قال إبراهيم (عليه السلام): بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا «2»، و ما فعله، و لا كذب، و لقد قال يوسف (عليه السلام): أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ «3»، و الله ما كانوا سارقين، و ما كذب».

9002/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن حجر: و قال أبو جعفر (عليه السلام): فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ، قال أبو جعفر (عليه السلام): «و الله ما كان سقيما، و ما كذب».

9003/ [5]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن أبي إسحاق إبراهيم بن هاشم، عن صالح بن سعيد، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قلت: قوله: إِنِّي سَقِيمٌ؟ قال: «ما كان إبراهيم سقيما، و ما كذب، إنما عنى سقيما في دينه مرتادا».

قال: و روي أنه عنى أني سقيم بما يفعل بالحسين (عليه السلام).

9004/ [6]- قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ

إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ «4»، فذكر (عليه السلام)، ما ابتلي به إبراهيم (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): «و منها: المعرفة بقدم بارئه، و توحيده، و تنزيهه عن التشبيه، حين «5» نظر إلى الكواكب و القمر و الشمس، فاستدل بأفول كل واحد منها على حدوثه، و بحدوثه على محدثه، ثم علمه (عليه السلام) بأن الحكم بالنجوم خطأ، في قوله عز و جل: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ، و إنما قيده الله سبحانه بالنظرة

__________________________________________________

3- الكافي 8: 100/ 70.

4- الكافي 8: 369/ 559.

5- معاني الأخبار: 209/ 1.

6- معاني الأخبار: 127/ 1.

(1) الصافات 37: 89.

(2) الأنبياء 21: 63.

(3) يوسف 12: 70.

(4) البقرة 2: 124.

(5) في المصدر: حتّى. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 610

الواحدة، لأن النظرة الواحدة لا توجب الخطأ «1» إلا بعد النظرة الثانية، بدلالة قول النبي (صلى الله عليه و آله) لما قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا علي أول النظرة لك، و الثانية عليك لا لك».

سورة الصافات(37): الآيات 91 الي 96 ..... ص : 610

قوله تعالى:

فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قالَ أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ [91- 96]

9005/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن آزر أبا إبراهيم (عليه السلام) كان منجما لنمرود، و لم يكن يصدر إلا عن أمره، فنظر ليلة في النجوم، فأصبح و هو يقول لنمرود: لقد رأيت عجبا. قال: و ما هو؟ قال: رأيت مولودا يولد في أرضنا، يكون هلاكنا على يديه، و

لا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به. فقال: فتعجب من ذلك، و قال:

هل حملت به النساء؟ قال: لا. فحجب النساء عن الرجال، فلم يدع امرأة إلا جعلها في المدينة لا يخلص إليها، و وقع آزر بأهله، فعلقت بإبراهيم (صلى الله عليه) فظن أنه صاحبه، فأرسل إلى نساء من القوابل في ذلك الزمان لا يكون في الرحم شي ء إلا علمن به، فنظرن، فألزم الله عز و جل ما في الرحم إلى الظهر، فقلن: ما نرى في بطنها شيئا، و كان فيما اوتي من العلم: أنه سيحرق بالنار، و لم يؤت علم أن الله تبارك و تعالى سينجيه.

قال: فلما وضعت أم إبراهيم أراد آزر أن يذهب به إلى نمرود ليقتله، فقالت له امرأته: لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله، دعني أذهب به إلى بعض الغيران، أجعله فيه حتى يأتي عليه أجله، و لا تكون أنت الذي تقتل ابنك.

فقال لها: فامضي به. قال: فذهبت به إلى غار، ثم أرضعته، ثم جعلت على باب الغار صخرة، ثم انصرفت عنه. قال:

فجعل الله عز و جل رزقه في إبهامه، فجعل يمصها فتشخب لبنا، و جعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة، و يشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر، و يشب في الشهر كما يشب غيره في السنة، فمكث ما شاء الله أن يمكث.

ثم إن امه قالت لأبيه: لو أذنت لي حتى أذهب إلى ذلك الصبي، فعلت. قال: فافعلي. فذهبت، فإذا هي بإبراهيم (عليه السلام)، و إذا عيناه تزهران كأنهما سراجان. قال: فأخذته، و ضمته إلى صدرها، و أرضعته، ثم انصرفت

__________________________________________________

1- الكافي 8: 366/ 558.

(1) في «ج»: الخطايا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 611

عنه، فسألها آزر عنه، فقالت:

قد واريته في التراب. فمكثت تعتل «1»، و تخرج في الحاجة، و تذهب إلى إبراهيم (عليه السلام)، فتضمه إليها و ترضعه، ثم تنصرف. فلما تحرك أتته كما كانت تأتيه، فصنعت به كما كانت تصنع، فلما أرادت الانصراف أخذ بثوبها، فقالت له: مالك؟ فقال لها: اذهبي بي معك. فقالت له: حتى أستأمر أباك. فأتت أم إبراهيم (عليه السلام) آزر فأعلمته القصة، فقال لها: ائتيني به، فأقعديه على الطريق، فإذا مر به إخوته دخل معهم و لا يعرف، قال: و كان إخوة إبراهيم (عليه السلام) يعملون الأصنام و يذهبون بها إلى الأسواق، و يبيعونها».

قال: «فذهبت إليه، فجاءت به حتى أقعدته على الطريق، و مر إخوته، فدخل معهم فلما رآه أبوه وقعت عليه المحبة منه، فمكث ما شاء الله. قال: فبينما إخوته يعملون يوما من الأيام الأصنام إذ أخذ إبراهيم (عليه السلام) القدوم «2»، و أخذ خشبة، فنجر منها صنما لم ير مثله قط. فقال آزر لامه: إني لأرجو أن نصيب خيرا ببركة ابنك هذا، قال: فبينما هي كذلك إذ أخذ إبراهيم (عليه السلام) القدوم، فكسر الصنم الذي عمله، ففزع أبوه من ذلك فزعا شديدا، فقال له: أي شي ء عملت؟ فقال له إبراهيم (عليه السلام): و ما تصنعون به؟ فقال آزر: نعبده. فقال له إبراهيم (عليه السلام):

أ تعبدون ما تنحتون؟ فقال آزر لامه: هذا الذي يكون ذهاب ملكنا على يديه».

9006/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن حجر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خالف إبراهيم (صلى الله عليه) قومه، و عاب الهتهم حتى ادخل على نمرود، فخاصمه. فقال إبراهيم (صلى الله عليه) رَبِّيَ

الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ «3».

و قال أبو جعفر (عليه السلام): عاب آلهتهم فنظر نظرة في النجوم، فقال: إِنِّي سَقِيمٌ. قال أبو جعفر (عليه السلام):

و الله ما كان سقيما، و ما كذب.

فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل إبراهيم (عليه السلام) إلى آلهتهم بقدوم فكسرها، إلا كبيرا لهم، و وضع القدوم في عنقه، فرجعوا إلى آلهتهم، فنظروا إلى ما صنع بها، فقالوا: لا و الله، ما اجترأ عليها و لا كسرها إلى الفتى الذي كان يعيبها و يبرأ منها. فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار، فجمعوا له الحطب، و استجادوه، حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود و جنوده، و قد بني له بناء لينظر إليه كيف تأخذه النار، و وضع إبراهيم (عليه السلام) في منجنيق، و قالت الأرض: يا رب، ليس على ظهري أحد يعبدك غيره، يحرق بالنار! فقال الرب: إن دعاني كفيته».

فذكر أبان عن محمد بن مروان، عن زرارة «4»، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن دعاء إبراهيم (عليه السلام) يومئذ كان:

يا أحد، يا أحد، يا صمد، يا صمد، يا من لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد. ثم قال: توكلت على الله. فقال

__________________________________________________

2- الكافي 8: 368/ 559.

(1) في «ج، ي» و المصدر: تفعل.

(2) القدوم: آلة للنجر و النحت. «أقرب الموارد- قدم- 2: 983».

(3) البقرة 2: 258.

(4) في المصدر: عمّن رواه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 612

الرب تبارك و تعالى: كفيت. فقال للنار: كُونِي بَرْداً «1». قال: فاضطربت أسنان

إبراهيم (عليه السلام) من البرد حتى قال الله عز و جل: وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ «2» و انحط جبرئيل (عليه السلام) فإذا هو جالس مع إبراهيم (صلى الله عليه) يحدثه في النار، قال نمرود: من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم. قال: فقال عظيم من عظمائهم: إني عزمت على النار أن لا تحرقه، فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه» قال: «فآمن له لوط، و خرج مهاجرا إلى الشام، هو و سارة و لوط».

سورة الصافات(37): آية 99 ..... ص : 612

قوله تعالى:

وَ قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ [99]

9007/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن إبراهيم (عليه السلام) كان مولده بكوثى ربى «3»، و كان أبوه من أهلها، و كانت أم إبراهيم و ام لوط- سارة و ورقة «4»- أختين، و هما ابنتا لا حج، و كان لا حج نبيا منذرا و لم يكن رسولا.

و كان إبراهيم (عليه السلام) في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز و جل الخلق عليها حتى هداه الله عز و جل إلى دينه و اجتباه، و أنه تزوج بسارة ابنة لا حج «5»، و هي ابنة خالته، و كانت سارة صاحبة ماشية كثيرة، و أرض واسعة، و حال حسنة، و كانت قد ملكت إبراهيم (عليه السلام) جميع ما كانت تملكه، فقام فيه فأصلحه، و كثرت الماشية و الزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربى رجل أحسن حالا منه.

و إن إبراهيم (عليه السلام) لما كسر أصنام نمرود، أمر به نمرود فأوثق، و عمل له

حيرا «6»، و جمع له فيه الحطب، و ألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم (عليه السلام) في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم (عليه السلام) سالما مطلقا من وثاقه، فأخبر نمرود خبره، فأمرهم أن ينفوا إبراهيم (عليه السلام) من بلاده، و أن يمنعوه من الخروج بماشيته و ماله، فحاجهم إبراهيم (عليه السلام) عند ذلك، فقال: إن أخذتم ماشيتي و مالي، فإن حقي عليكم أن تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم. و اختصموا إلى قاضي نمرود، فقضى على

__________________________________________________

1- الكافي 8: 370/ 560.

(1) الأنبياء 21: 69.

(2) الأنبياء 21: 69.

(3) كوثى ربّى: موضع في العراق و بها مشهد إبراهيم الخليل (عليه السّلام). «معجم البلدان 4: 487».

(4) و في نسخة من «ي، ط» و المصدر: رقية، و «ج»: رضية.

(5) قوله (عليه السّلام): ابنة لا حج، الظاهر أنّه كان: ابنة ابنة لا حج، فتوهّم النسّاخ التكرار فاسقطوا إحداهما. «مرآة العقول 26: 556».

(6) الحير: شبه الحظيرة أو الحمى. «الصحاح- حير- 2: 641». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 613

إبراهيم (عليه السلام) أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم، و قضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم (عليه السلام) جميع ما ذهب من عمره في بلادهم. فأخبر بذلك نمرود، فأمرهم أن يخلوا سبيله، و سبيل ماشيته و ماله، و أن يخرجوه، و قال: إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم، و أضر بآلهتكم.

فأخرجوا إبراهيم و لوط معه (صلوات الله عليهما) من بلادهم إلى الشام فخرج و معه لوط لا يفارقه، و سارة، و قال لهم: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ يعني بيت المقدس، فتحمل إبراهيم (عليه السلام) بماشيته و ماله،

و عمل تابوتا، و جعل فيه سارة، و شد عليها الأغلاق غيرة منه عليها، و مضى حتى خرج من سلطان نمرود، و صار إلى سلطان رجل من القبط، يقال له عرارة، فمر بعاشر «1» له، فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر و معه التابوت، قال العاشر لإبراهيم (عليه السلام): افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه. فقال له إبراهيم (عليه السلام): قل ما شئت فيه من ذهب و فضة حتى نعطي عشره، و لا نفتحه. قال: فأبى العاشر إلا فتحه. قال: و غضب إبراهيم (عليه السلام):

على فتحه، فلما بدت له سارة- و كانت موصوفة بالحسن و الجمال- قال له العاشر: ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم (عليه السلام): هي حرمتي و ابنة خالتي، فقال له العاشر: فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): الغيرة عليها أن يراها أحد. فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى اعلم الملك حالها و حالك.

قال: فبعث إلى الملك رسولا، فأعلمه، فبعث الملك رسلا من قبله ليأتوه بالتابوت، فأتوا ليذهبوا به، فقال لهم إبراهيم (عليه السلام): إني لست أفارق التابوت حتى تفارق روحي جسدي. فأخبروا الملك بذلك، فأرسل الملك أن احملوه و التابوت معه، فحملوا إبراهيم (عليه السلام) و التابوت، و جميع ما كان معه، حتى ادخل على الملك، فقال له الملك: افتح التابوت. فقال له إبراهيم (عليه السلام): أيها الملك، إن فيه حرمتي و ابنة خالتي، و أنا مفتد فتحه بجميع ما معي. قال: فغصب الملك إبراهيم (عليه السلام) على فتحه، فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مد يده إليها، فأعرض إبراهيم (عليه السلام) بوجهه عنها و عنه غيره منه،

و قال: اللهم احبس يده عن حرمتي و ابنة خالتي. فلم تصل يده إليها، و لم ترجع إليه. فقال له الملك: إن إلهك هو الذي فعل بي هذا؟ فقال: نعم، إن إلهي غيور يكره الحرام، و هو الذي حال بينك و بين ما أردت من الحرام. فقال له الملك: فادع إلهك يرد علي يدي، فإن أجابك لم أعرض لها. فقال إبراهيم (عليه السلام): إلهي رد عليه يده ليكف عن حرمتي.

قال: فرد الله عز و جل عليه يده، فأقبل الملك نحوها ببصره، ثم عاد بيده نحوها، فأعرض إبراهيم (عليه السلام) عنه بوجهه غيره منه، و قال: اللهم احبس يده عنها. قال: فيبست يده، و لم تصل إليها. فقال الملك لإبراهيم (عليه السلام): إن إلهك لغيور، و إنك لغيور، فادع إلهك يرد علي يدي، فإنه إن فعل لم أعد. فقال له إبراهيم (عليه السلام): أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله. فقال له الملك: نعم. فقال إبراهيم (عليه السلام):

اللهم، إن كان صادقا فرد عليه يده. فرجعت إليه يده.

فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى، و رأى الآية في يده عظم إبراهيم (عليه السلام)، و هابه، و أكرمه و اتقاه،

__________________________________________________

(1) العاشر و العشّار: قابض العشر. «لسان العرب- عشر- 4: 570».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 614

و قال له: قد أمنت من أن أعرض لها، أو لشي ء مما معك، فانطلق حيث شئت، و لكن لي إليك حاجة؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): ما هي؟ قال له: أحب أن تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي، جميلة عاقلة تكون لها خادمة قال:

فأذن له إبراهيم (عليه السلام)، فدعا بها فوهبها لسارة، و هي هاجر أم إسماعيل (عليه السلام).

فسار إبراهيم

(عليه السلام) بجميع ما معه، و خرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم (عليه السلام)، إعظاما لإبراهيم (عليه السلام) و هيبة له، فأوحى الله تبارك و تعالى إلى إبراهيم: أن قف، و لا تمش قدام الجبار المتسلط و يمشي هو خلفك، و لكن اجعله أمامك و امش خلفه، و عظمه، و هبه، فإنه مسلط، و لا بد من إمرة في الأرض برة أو فاجرة.

فوقف إبراهيم (عليه السلام)، و قال للملك: امض، فإن إلهي أوحى إلي الساعة أن أعظمك و أهابك، و أن أقدمك أمامي و أمشي خلفك، إجلالا لك. فقال له الملك: أوحى إليك بهذا؟ فقال له إبراهيم (عليه السلام): نعم. فقال الملك: أشهد أن إلهك لرفيق، حليم، كريم، و أنك ترغبني في دينك.

قال: و ودعه الملك، و سار إبراهيم (عليه السلام) حتى نزل بأعلى الشامات، و خلف لوطا (عليه السلام) في أدنى الشامات، ثم إن إبراهيم (عليه السلام) لما أبطأ عليه الولد، قال لسارة: لو شئت لبعتني هاجر، لعل الله أن يرزقنا منها ولدا، فيكون لنا خلفا. فابتاع إبراهيم (عليه السلام) هاجر من سارة، فوقع عليها، فولدت إسماعيل (عليه السلام)».

9008/ [2]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث له في سؤال زنديق عن آيات من القرآن- قال له (عليه السلام): «و من كتاب الله عز و جل يكون تأويله على غير تنزيله، و لا يشبه تأويله بكلام البشر «1»، و لا فعل البشر، و سأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إن شاء الله تعالى، و هو حكاية الله عز و جل عن إبراهيم (عليه السلام)، حيث قال: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي توجهه إليه في عبادته «2»، و اجتهاده، ألا ترى أن تأويله غير

تنزيله؟».

سورة الصافات(37): الآيات 100 الي 113 ..... ص : 614

قوله تعالى:

رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى إلى قوله تعالى- وَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ [100- 113]

9009/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد،

__________________________________________________

2- الاحتجاج: 250.

1- الكافي 4: 207/ 9.

(1) في «ط»: يشبه تأويل الكلام البشر.

(2) في «ط»: توجيه عبادته إليه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 615

و الحسين بن محمد، عن عبدويه بن عامر جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، أنه سمع أبا جعفر و أبا عبد الله (عليهما السلام) يذكران جبرئيل: «أنه لما كان يوم التروية قال جبرئل لإبراهيم (عليهما السلام) ترو «1» من الماء. فسميت التروية. ثم أتى منى فأباته بها، ثم غدا به إلى عرفات فضرب خباءه، بنمرة، دون عرفة، فبنى مسجدا بأحجار بيض- و كان يعرف أثر مسجد إبراهيم حتى ادخل في هذا المسجد الذي بنمرة، حيث يصلي الإمام يوم عرفة- فصلى بها الظهر و العصر.

ثم غدا «2» به إلى عرفات، فقال: هذه عرفات، فاعرف بها مناسكك، و اعترف بذنبك، فسمي عرفات. ثم أفاض إلى المزدلفة، فسميت المزدلفة لأنه ازدلف إليها، ثم قام على المشعر الحرام، فأمره الله أن يذبح ابنه، و قد رأى فيه شمائله، و خلائقه، و آنس ما كان إليه، فلما أصبح أفاض من المشعر إلى منى، فقال لامه: زوري البيت أنت، و احتبس الغلام، فقال: يا بني هات الحمار و السكين حتى أقرب القربان».

فقال أبان: فقلت لأبي بصير: ما أراد بالحمار و السكين؟ قال: «أراد أن يذبحه،

ثم يحمله، فيجهزه و يدفنه».

قال: «فجاء الغلام بالحمار و السكين، فقال: يا أبت، أين القربان؟ فقال: ربك يعلم أين هو. يا بني، أنت و الله هو، إن الله قد أمرني بذبحك، فانظر ماذا ترى؟ قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ «3». قال: فلما عزم على الذبح قال: يا أبت، خمر وجهي و شد وثاقي. قال: يا بني، الوثاق مع الذبح؟

و الله لا أجمعهما عليك اليوم. قال أبو جعفر (عليه السلام): فطرح له قرطان «4» الحمار، ثم أضجعه عليه، و أخذ المدية فوضعها على حلقه، قال: فأقبل شيخ، فقال: ما تريد من هذا الغلام؟ قال: أريد أن أذبحه، فقال: سبحان الله، غلام لم يعص الله طرفة عين، تذبحه! قال: نعم، إن الله قد أمرني بذبحه، فقال: بل ربك نهاك عن ذبحه، و إنما أمرك بهذا الشيطان في منامك. قال: ويلك، الكلام الذي سمعت هو الذي بلغ بي ما ترى، لا و الله لا أكلمك. ثم عزم على الذبح، فقال الشيخ: يا إبراهيم، إنك إمام يقتدى بك، فإن ذبحت ولدك ذبح الناس أولادهم، فمهلا. فأبى أن يكلمه».

قال أبو بصير: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «فأضجعه عند الجمرة الوسطى، ثم أخذ المدية فوضعها على حلقه، ثم رفع رأسه إلى السماء، ثم انتحى «5» عليه، فقلبها جبرئيل (عليه السلام) عن حلقه، فنظر إبراهيم فإذا هي مقلوبة، فقلبها إبراهيم على حدها، و قلبها جبرئيل على قفاها، ففعل ذلك مرارا، ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف: أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا و اجتر الغلام من تحته، و تناول جبرئيل (عليه السلام) الكبش من قلة

__________________________________________________

(1) في «ي» و المصدر: تروّه.

(2) في نسخة من «ي،

ط» و المصدر: عمد.

(3) الصافات 37: 102.

(4) القرطان: قيل: هو كالبرذعة يطرح تحت السرج. «لسان العرب 7: 376».

(5) الانتحاء: الاعتماد و الميل. «الصحاح- نحا- 6: 2503».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 616

ثبير «1» فوضعه تحته.

و خرج الشيخ الخبيث حتى لحق بالعجوز حين نظرت إلى البيت، و البيت في وسط الوادي، فقال: ما شيخ رأيته بمنى؟ فنعت نعت إبراهيم، قالت: ذاك بعلي. قال: فما وصيف رأيته معه؟ و نعت نعته. قالت: ذلك ابني. قال:

فإني رأيته أضجعه، و أخذ المدية ليذبحه. قالت: كلا، ما رأيت إبراهيم إلا أرحم الناس، و كيف رأيته يذبح ابنه؟

قال: فورب السماء و الأرض، و رب هذه البينة، لقد رأيته أضجعه و أخذ المدية ليذبحه. قالت: لم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذبحه. قالت: فحق له أن يطيع ربه.

قال: فلما قضت مناسكها فرقت أن يكون قد نزل في ابنها شي ء! فكأني أنظر إليها مسرعة في الوادي، واضعة يدها على رأسها، و هي تقول: رب، لا تؤاخذني بما عملت بأم إسماعيل قال: فلما جاءت سارة فأخبرت الخبر، قامت إلى ابنها تنظر، فإذا أثر السكين خدوشا في حلقه، ففزعت، و اشتكت، و كان بدء مرضها الذي هلكت فيه».

و ذكر أبان عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أراد أن يذبحه في الموضع الذي حملت ام رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند الجمرة الوسطى، فلم يزل مضربهم يتوارثونه كابر عن كابر، حتى كان آخر من ارتحل منه علي ابن الحسين (عليهما السلام) في شي ء كان بين بني هاشم و بني أمية، فارتحل، فضرب بالعرين «2»».

9010/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، و الحسن بن محبوب، عن

العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): أين أراد إبراهيم (عليه السلام) أن يذبح ابنه؟ قال: «على الجمرة الوسطى».

و سألته عن كبش إبراهيم (عليه السلام): ما كان لونه، و أين نزل؟ فقال: «كان أملح «3»، و كان أقرن، و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، و كان يمشي في سواد، و يأكل في سواد، و ينظر، و يبعر، و يبول في سواد».

9011/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن إبراهيم (عليه السلام) أتاه جبرئيل عند زوال الشمس من يوم التروية، فقال: يا إبراهيم، ارتو من الماء لك و لأهلك. و لم يكن بين مكة و عرفات ماء، فسميت التروية بذلك، فذهب به حتى انتهى به إلى منى، فصلى الظهر، و العصر، و العشاءين، و الفجر، حتى إذا بزغت الشمس خرج إلى عرفات، فنزل بنمرة، و هي بطن عرفة، فلما زالت الشمس خرج و اغتسل، فصلى الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين، و صلى في موضع المسجد الذي بعرفات، و قد كانت ثمة أحجار بيض فأدخلت في المسجد الذي بني.

__________________________________________________

2- الكافي 4: 209/ 19.

3- تفسير القمّي 2: 224.

(1) ثبير: هو أعلى جبال مكّة و أعظمها. «كتاب الروض المعطار: 149».

(2) عرين مكّة: فناؤها، و العرين في الأصل: مأوى الأسد، شبهت به لعزّها و منعتها. «النهاية 3: 223». [.....]

(3) الملحة من الألوان: بياض يخالطه سواد. «الصحاح- ملح- 1: 407».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 617

ثم مضى به إلى الموقف، فقال: يا إبراهيم، اعترف بذنبك، و اعرف مناسكك. فلذلك سميت عرفة و أقام به

حتى غربت الشمس ثم أفاض به، فقال: يا إبراهيم، ازدلف إلى المشعر الحرام، فسميت المزدلفة، و أتى به المشعر الحرام، فصلى به المغرب و العشاء الآخرة بأذان واحد و إقامتين، ثم بات بها، حتى إذا صلى بها صلاة الصبح أراه الموقف، ثم أفاض إلى منى، فأمره، فرمى جمرة العقبة، و عندها ظهر له إبليس (لعنه الله)، ثم أمره الله بالذبح.

و إن إبراهيم (عليه السلام) حين أفاض من عرفات بات على المشعر الحرام، و هو فزع، فرأى في النوم أنه يذبح ابنه إسحاق، و قد كان إسحاق حج بوالدته سارة، فلما انتهى إلى منى رمى جمرة العقبة هو و أهله، و أمر أهله فسارت إلى البيت، و احتبس الغلام فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى، فاستشار ابنه كما حكى الله يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى فقال الغلام كما ذكر الله عنه: يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، و سلما لأمر الله.

و أقبل شيخ، فقال: يا إبراهيم، ما تريد من هذا الغلام؟ قال: أريد أن أذبحه. فقال: سبحان الله، تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين! فقال إبراهيم: إن الله أمرني بذلك. فقال: ربك ينهاك عن ذلك، و إنما أمرك بذلك الشيطان.

فقال له إبراهيم: ويلك، إن الذي بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به، و الكلام الذي وقع في أذني. فقال: لا و الله ما أمرك بهذا إلا الشيطان. فقال إبراهيم: و الله لا أكلمك. ثم عزم إبراهيم (عليه السلام) على الذبح. فقال: يا إبراهيم، إنك إمام يقتدى بك، و إنك إن ذبحت ولدك، ذبح الناس أولادهم. فلم يكلمه.

و أقبل على الغلام و استشاره

في الذبح، فلما أسلما جميعا لأمر الله قال الغلام: يا أبتاه، خمر وجهي، و شد وثاقي. فقال إبراهيم: يا بني، الوثاق مع الذبح؟ لا و الله لا أجمعهما عليك اليوم. فرمى بقرطان الحمار، ثم أضجعه عليه، فأخذ المدية فوضعها على حلقه، و رفع رأسه إلى السماء، ثم انتحى «1» عليه المدية، فقلب جبرئيل المدية على قفاها، و اجتر الكبش من قبل ثبير، و أثار الغلام من تحته، و وضع الكبش مكان الغلام، و نودي من ميسرة مسجد الخيف: أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ.

قال: و لحق إبليس بأم الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي، بحذاء البيت، فقال لها: ما شيخ رأيته؟ قالت: إن ذلك بعلي. قال: فوصيف رأيته معه؟ قالت: ذلك ابني. فقال: لقد رأيته أضجعه، و أخذ المدية ليذبحه، فقالت: كذبت، إن إبراهيم أرحم الناس، كيف يذبح ابنه؟ قال: فورب السماء و الأرض، و رب هذا البيت لقد رأيته أضجعه و أخذ المدية ليذبحه. فقالت: و لم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك. قالت: فحق له أن يطيع ربه. فوقع في نفسها أنه قد امر في ابنها بأمر، فلما قضت مناسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى، و هي واضعة يدها على رأسها، تقول: يا رب، لا تؤاخذني بما عملت بأم إسماعيل».

قلت: فأين أراد أن يذبحه؟ قال: «عند الجمرة الوسطى». قال: «و نزل الكبش على الجبل الذي عن يمين مسجد منى، نزل من السماء، و كان يأكل في سواد، و يمشي في سواد، أقرن».

__________________________________________________

(1) في «ط» نسخة بدل: اجتّر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 618

قلت: ما كان لونه؟ قال: «كان أملح، أغبر «1»».

9012/

[4]- و

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، و حماد، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن صاحب الذبح، فقال: «إسماعيل».

9013/ [5]- و

قال: و روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «أنا ابن الذبيحين» يعني: إسماعيل، و عبد الله ابن عبد المطلب، فهذان الخبران عن الخاصة في الذبيح، قد اختلفوا في إسحاق و إسماعيل، و قد روت العامة خبرين مختلفين في إسماعيل و إسحاق، فناداه الله عز و جل: قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا الآية. قال: إنه لما عزم إبراهيم على ذبح ابنه، و سلما لأمر الله تعالى، قال عز و جل: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً. فقال إبراهيم: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي، قال: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «2»، أي لا يكون بعهدي إمام ظالم».

9014/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير الرقي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

أيهما كان أكبر: إسماعيل، أو إسحاق، و أيهما كان الذبيح؟

فقال: «كان إسماعيل أكبر من إسحاق بخمس سنين، و كان الذبيح إسماعيل، و كانت مكة منزل إسماعيل، و إنما أراد إبراهيم أن يذبح إسماعيل أيام الموسم بمنى. قال: و كان بين بشارة الله إبراهيم بإسماعيل و بين بشارته بإسحاق خمس سنين، أما تسمع لقول إبراهيم (عليه السلام)، حيث يقول: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ؟ إنما سأل الله عز و جل أن يرزقه غلاما من الصالحين، و قال في سورة الصافات: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ، يعني إسماعيل من هاجر. قال: ففدى إسماعيل

بكبش عظيم».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ثم قال: وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَ بارَكْنا عَلَيْهِ وَ عَلى إِسْحاقَ يعني بذلك إسماعيل قبل البشارة بإسحاق، فمن زعم أن إسحاق أكبر من إسماعيل، و أن الذبيح إسحاق فقد كذب بما أنزل الله عز و جل في القرآن من نبأهما».

9015/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور، في شعبان سنة اثنين و خمسين و ثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «لما أمر الله تعالى إبراهيم (عليه السلام) أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنى إبراهيم (عليه السلام) أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل (عليه السلام) بيده، و أنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلى

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 226.

5- تفسير القمّي 2: 226.

6- معاني الأخبار: 391/ 34.

7 عيون أخبار الرّضا 1: 209/ 1.

(1) الغبرة: لون الأغبر، و هو شبيه بالغبار. «الصحاح- غبر- 2: 764».

(2) البقرة 2: 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 619

قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح [أعز] ولده بيده، فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

فأوحى الله عز و جل إليه: يا إبراهيم، من أحب خلقي إليك؟ فقال: يا رب، ما خلقت خلقا أحب إلي من حبيبك محمد. فأوحى الله عز و جل إليه: يا إبراهيم، فهو أحب إليك، أو نفسك؟ فقال: بل هو أحب إلي من نفسي.

قال: فولده أحب إليك، أو ولدك؟ قال: بل ولده. قال: فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك، أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب، بل ذبحه على

أيدي أعدائه أوجع لقلبي. قال: يا إبراهيم، إن طائفة تزعم أنها من امة محمد، ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما و عدوانا، كما يذبح الكبش، فيستوجبون بذلك غضبي «1». فجزع إبراهيم (عليه السلام) لذلك، و توجع قلبه، و أقبل يبكي، فأوحى الله عز و جل إليه: يا إبراهيم، قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين و قتله، و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب. فذلك قول الله عز و جل: وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ».

9016/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال:

حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن معنى قول النبي (صلى الله عليه و آله): «أنا ابن الذبيحين».

قال: «يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) و عبد الله بن عبد المطلب. أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله تعالى به إبراهيم (عليه السلام)، فلما بلغ معه السعي «2»، قال: يا بني، إني أرى في المنام أني أذبحك، فانظر ماذا ترى؟ قال: يا أبت افعل ما تؤمر- و لم يقل له: يا أبت افعل ما رأيت- ستجدني إن شاء الله من الصابرين.

فلما عزم على ذبحه فداه الله تعالى بذبح عظيم، بكبش أملح، يأكل في سواد، و يشرب في سواد، و ينظر في سواد، و يمشي في سواد، و يبول «3» و يبعر في سواد، و كان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاما، و ما خرج من رحم أنثى. و إنما قال الله عز و جل له: كن فكان، ليفدي به إسماعيل (عليه

السلام) فكل ما يذبح بمنى فهو فدية لإسماعيل إلى يوم القيامة، فهذا أحد الذبيحين.

و أما الآخر فإن عبد المطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة، و دعا الله عز و جل أن يرزقه عشرة بنين، و نذر لله عز و جل أن يذبح واحدا منهم متى أجاب الله دعوته، فلما بلغوا عشرة، قال: قد وفى الله لي، فلأفين لله عز و جل. فأدخل ولده الكعبة، و أسهم بينهم، فخرج سهم عبد الله أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان أحب ولده إليه، ثم أجالها ثانية فخرج سهم عبد الله، ثم أجالها ثالثة فخرج سهم عبد الله، فأخذه و حبسه، و عزم على ذبحه، فاجتمعت قريش و منعته من ذلك، و اجتمع نساء عبد المطلب يبكين و يصحن، فقالت له ابنته عاتكة: يا أبتاه، أعذر

__________________________________________________

8- الخصال: 55/ 78.

(1) في نسخة من «ج، ي، ط»، و المصدر: سخطي.

(2) في «ج، ي، ط» زيادة: قال: و هو لما عمل مثل عمله.

(3) في «ط، ج»: و يبرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 620

فيما بينك و بين الله عز و جل في قتل ابنك. قال: كيف اعذر- يا بنية- فإنك مباركة. قالت: أعمد إلى تلك السوائم التي لك في الحرم، فاضرب بالقداح على ابنك و على الإبل، و اعط ربك حتى يرضى. فبعث عبد المطلب إلى إبله فأحضرها، و عزل منها عشرا، و ضرب بالسهام، فخرج سهم عبد الله، فما زال يزيد عشرا عشرا حتى بلغت مائة، فضرب فخرج السهم على الإبل فكبرت قريش تكبيرة ارتجت لها جبال تهامة، فقال عبد المطلب: لا، حتى أضرب بالقداح ثلاث مرات، فضرب ثلاثا، كل ذلك يخرج السهم على الإبل. فلما كان

في الثالثة اجتذبه الزبير، و أبو طالب، و إخوانهما «1» من تحت رجليه، فحملوه و قد انسلخت جلدة خده الذي كان على الأرض، و أقبلوا يرفعونه، و يقبلونه، و يمسحون عنه التراب، و أمر عبد المطلب أن تنحر الإبل بالحزورة «2»، و لا يمنع أحد منها، و كانت مائة.

و كانت لعبد المطلب خمس من السنن، أجراها الله عز و جل في الإسلام: حرم نساء الآباء على الأبناء، و سن الدية في القتل مائة من الإبل، و كان يطوف بالبيت سبعة أشواط، و وجد كنزا فأخرج منه الخمس، و سمى زمزم حين حفرها سقاية الحاج. و لو لا أن عبد المطلب كان حجة، و أن عزمه على ذبح ابنه عبد الله شبيه بعزم إبراهيم (عليه السلام) على ذبح ابنه إسماعيل (عليه السلام)، لما افتخر النبي (صلى الله عليه و آله) بالانتساب إليهما لأجل أنهما الذبيحان، في قوله (صلى الله عليه و آله): أنا ابن الذبيحين.

و العلة التي من أجلها دفع الله عز و جل الذبح عن إسماعيل هي العلة التي من أجلها دفع الذبح عن عبد الله، و هي كون النبي و الأئمة (صلوات الله عليهم) في صلبهما، فبركة النبي (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام) دفع الله الذبح عنهما، فلم تجر السنة في الناس بقتل أولادهم، و لو لا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى الله تعالى ذكره بقتل أولادهم، و كل ما يتقرب به الناس إلى الله عز و جل من أضحية فهو فداء لإسماعيل (عليه السلام) إلى يوم القيامة».

ثم قال محمد بن بابويه: اختلفت الروايات في الذبيح: فمنها ما ورد بأنه إسحاق، و منها ما ورد أنه إسماعيل

(عليه السلام)، و لا سبيل إلى رد الأخبار التي «3» صح طرقها، و كان الذبيح إسماعيل (عليه السلام)، لكن إسحاق (عليه السلام) لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي امر أبوه بذبحه، فكان يصبر لأمر الله تعالى و يسلم له كصبر أخيه و تسليمه، فينال بذلك درجته في الثواب، فعلم الله عز و جل ذلك من قلبه فسماه الله عز و جل بين الملائكة ذبيحا لتمنيه لذلك. و قد أخرجت الخبر في ذلك مسندا في كتاب (النبوة).

9017/ [9]- و

عنه، في كتاب (الخصال): حدثني بذلك- إشارة إلى ما ذكرناه عنه- محمد بن علي البشاري القزويني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا المظفر بن أحمد القزويني، قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الأسدي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن عبد الله بن داهر، عن أبي قتادة الحراني، عن وكيع بن الجراح، عن سليمان بن

__________________________________________________

9- الخصال: 58/ 78.

(1) في المصدر: و إخوانه. [.....]

(2) كانت الحمورة سوق مكّة، فدخلت في المسجد لمّا زيد فيه. «معجم البلدان 2: 255».

(3) في المصدر: متى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 621

مهران، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): «و قول النبي (صلى الله عليه و آله): أنا ابن الذبيحين يريد بذلك العلم، لأن العم قد سماه الله عز و جل أبا، في قوله: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ «1»، و كان إسماعيل عم يعقوب فسماه الله في كتابه «2» أبا، و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله): العلم والد».

ثم قال ابن بابويه: فعلى هذا الأصل يطرد

قول النبي (صلى

الله عليه و آله): «أنا ابن الذبيحين».

أحدهما ذبيح بالحقيقة، و الآخر ذبيح بالمجاز، و استحقاق الثواب على النية و التمني، فالنبي (صلى الله عليه و آله) هو ابن الذبيحين من وجهين، على ما ذكرناه.

9018/ [10]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و الحسين بن محمد، عن عبدويه بن عامر، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن عقبة ابن بشير، عن أحدهما (عليهما السلام)- في حديث- قال: «و حج إبراهيم (عليه السلام) هو و أهله و ولده، فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق فمن هاهنا كان ذبحه».

و ذكر عن أبي بصير أنه سمع أبا جعفر، و أبا عبد الله (عليهما السلام) يزعمان أنه إسحاق، فأما زرارة فزعم أنه إسماعيل.

9019/ [11]- الشيخ، في (أماليه)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد- يعني ابن عقدة- قال: أخبرنا علي بن محمد الحسيني، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبيد الله بن علي، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن جده عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «رؤيا الأنبياء وحي».

9020/ [12]- ابن الصلت، عن ابن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن عنبسة بن عمر، قال: حدثنا سليمان بن يزيد، قال: حدثنا علي بن موسى، قال: حدثني أبي، عن أبيه أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام) قال: «الذبيح: إسماعيل».

9021/ [13]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

كم كان بين بشارة إبراهيم (عليه السلام) بإسماعيل (عليه السلام)

و بين بشارته بإسحاق؟ قال: «كان بين البشارتين خمس سنين، قال الله سبحانه: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ، يعني إسماعيل، و هي أول بشارة بشر الله بها إبراهيم في الولد،

__________________________________________________

10- الكافي 4: 205/ 4 «قطعة منه».

11- الأمالي 1: 348.

12- الأمالي 1: 348.

13- مجمع البيان 8: 710.

(1) البقرة 2: 133.

(2) في المصدر: في هذا الموضع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 622

و لما ولد لإبراهيم إسحاق من سارة، و بلغ إسحاق ثلاث سنين أقبل إسماعيل (عليه السلام) إلى إسحاق و هو في حجر إبراهيم، فنحاه و جلس في مجلسه، فبصرت به سارة، فقالت: يا إبراهيم، ينحي ابن هاجر ابني من حجرك، و يجلس هو في مكانه! و الله لا تجاورني هاجر و ابنها في بلاد أبدا، فنحهما عني.

و كان إبراهيم مكرما لسارة، يعزها، و يعرف حقها، و ذلك أنها كانت من ولد الأنبياء، و بنت خالته، فشق ذلك على إبراهيم، و اغتم بفراق إسماعيل (عليه السلام)، فلما كان الليل أتى إبراهيم آت من ربه، فأراه الرؤيا في ذبح ابنه إسماعيل بموسم مكة، فأصبح إبراهيم حزينا للرؤيا التي رآها. فلما حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجر و إسماعيل في ذي الحجة من أرض الشام، فانطلق بهما إلى مكة ليذبحه في الموسم، ذلك العام فبدأ بقواعد البيت الحرام، فلما رفع قواعده خرج إلى منى حاجا، و قضى نسكه بمنى، و رجع إلى مكة، فطافا بالبيت أسبوعا، ثم انطلقا إلى السعي، فلما صارا في المسعى، قال إبراهيم لإسماعيل (عليهما السلام): يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك في الموسم عامي هذا، فما ذا ترى؟ قال: يا أبت، افعل ما تؤمر. فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم إلى منى، و

ذلك يوم النحر، فلما انتهى به إلى الجمرة الوسطى، و أضجعه لجنبه الأيسر، و أخذ الشفرة ليذبحه، نودي: أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إلى آخره. و فدي إسماعيل بكبش عظيم، فذبحه، و تصدق بلحمه على المساكين».

9022/ [14]- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن كبش إبراهيم (عليه السلام)، ما كان لونه؟ قال: «أملح، أقرن، و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، بحيال الجمرة الوسطى، و كان يمشي في سواد، و يأكل في سواد، و ينظر في سواد و يبعر في سواد، و يبول «1» في سواد».

9023/ [15]- و

عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن صاحب الذبيح، قال: «هو إسماعيل».

9024/ [16]- عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: قال: رسول الله (صلى الله عليه و آله) لجبرئيل (عليه السلام): «أنت مع قوتك هل تعبت قط؟» يعني أصابك تعب و مشقة. قال: «نعم- يا محمد- ثلاث مرات: يوم القي إبراهيم في النار أوحى الله إلي: أن أدركه، فوعزتي و جلالي لئن سبقك إلى النار لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت إليه بسرعة، و أدركته بين النار و الهواء، فقلت: يا إبراهيم، هل لك حاجة؟ قال: إلى الله نعم، أما إليك فلا.

و الثانية: يوم امر إبراهيم بذبح ولده إسماعيل أوحى الله إلي: أن أدركه، فوعزتي و جلالي لئن سبقتك السكين إلى حلقه لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت إليه بسرعة، حتى حولت السكين و قلبتها في يده، و أتيته بالفداء.

__________________________________________________

14- مجمع البيان 8: 711.

15- مجمع البيان 8: 711.

16- ....

(1) في «ط» نسخة بدل: و يبرك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 623

و الثالثة: حين رمي

يوسف (عليه السلام) في الجب أوحى الله تعالى إلي: أدركه- يا جبرئيل- فو عزتي و جلالي إن سبقك إلى قعر الجب لأمحون اسمك من ديوان الملائكة، فنزلت بسرعة، و أدركته إلى الفضاء، و رفعته إلى الصخرة التي كانت في قعر الجب، و أنزلته عليها سالما، فعييت، و كان الجب مأوى الحيات و الأفاعي، فلما حست به قالت كل واحدة لصاحبتها: إياك أن تتحركي، فإن نبيا كريما نزل بنا، و حل بساحتنا فلم تخرج واحدة من وكرها، إلا الأفاعي، فإنها خرجت و أرادت لدغه، فصحت بهن صيحة صمت آذانهن إلى يوم القيامة»

سورة الصافات(37): الآيات 123 الي 125 ..... ص : 623

قوله تعالى:

وَ إِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ لا تَتَّقُونَ أَ تَدْعُونَ بَعْلًا وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ [123- 125] 9025/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كان لهم صنم يسمونه بعلا، و سأل رجل أعرابيا عن ناقة واقفة، فقال: لمن هذه الناقة؟ فقال الأعرابي: أنا بعلها. و سمي الرب بعلا.

9026/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر، قال: أتينا باب أبي عبد الله (عليه السلام) و نحن نريد الإذن عليه، فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية، فتوهمنا أنه بالسريانية، ثم بكى، فبكينا لبكائه، ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا، فدخلنا عليه، فقلت: أصلحك الله، أتيناك نريد الإذن عليك، فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية، فتوهمنا أنه بالسريانية، ثم بكيت فبكينا لبكائك.

فقال: «نعم، ذكرت إلياس النبي (عليه السلام)، و كان من عباد أنبياء بني إسرائيل، فقلت كما كان يقول في سجوده». ثم اندفع فيه بالسريانية، فلا و الله ما رأيت قسيسا «1»، و لا جاثليقا

أفصح لهجة منه فيه، ثم فسره لنا بالعربية، فقال: «كان يقول في سجوده: أتراك معذبي و قد أظمأت لك هواجري؟ أتراك معذبي و قد عفرت لك في التراب وجهي؟ أتراك معذبي و قد اجتنبت لك المعاصي؟ أتراك معذبي و قد أسهرت لك ليلي؟ قال: فأوحى الله إليه: أن ارفع رأسك، فإني غير معذبك. قال: فقال: إن قلت لا أعذبك ثم عذبتني ماذا؟ أ لست عبدك و أنت ربي؟

فأوحى الله إليه: أن ارفع رأسك، فإني غير معذبك، إني إذا وعدت وعدا وفيت به».

9027/ [3]- ابن شهر آشوب: عن أنس: أن النبي (صلى الله عليه و آله) سمع صوتا من قلة جبل: اللهم اجعلني من

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 226.

2- الكافي 1: 177/ 2. [.....]

3- المناقب 1: 137.

(1) في المصدر: رأينا قسا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 624

الامة المرحومة المغفورة، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا بشيخ أشيب، قامته ثلاث مائة ذراع، فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عانقه، ثم قال: إنني آكل في كل سنة مرة واحدة، و هذا أوانه. فإذا هو بمائدة أنزلت من السماء، فأكلا. و كان إلياس (عليه السلام).

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث إلياس (عليه السلام) مع الباقر (عليه السلام) في تفسير: إِنَّا أَنْزَلْناهُ «1».

سورة الصافات(37): آية 130 ..... ص : 624
اشارة

قوله تعالى:

سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ [130]

9028/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: حدثنا الخضر بن أبي فاطمة البلخي، قال: حدثنا وهيب «2» بن نافع، قال: حدثنا كادح، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه،

عن علي (عليهم السلام)، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: «يس محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن آل يس».

9029/ [2]- و عنه: عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الباقي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن عبد الغني المعاني «3»، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن مندل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: السلام من رب العالمين على محمد و آله (صلى الله عليه و عليهم)، و السلامة لمن تولاهم في القيامة».

9030/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، قال: حدثني الحسين بن معاذ، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال:

حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: يس: اسم محمد «4».

9031/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 122/ 2.

2- معاني الأخبار: 122/ 1.

3- معاني الأخبار: 122/ 3.

4- معاني الأخبار: 122/ 4.

(1) يأتي في الحديث (2) من تفسير سورة القدر.

(2) في المصدر: وهب.

(3) الظاهر أنّه الحسن بن عليّ بن عيسى، أبو عبد الغني المعاني، لروايته عن عبد الرزاق، انظر ميزان الاعتدال 1: 505.

(4) في المصدر: يس محمّد (صلى اللّه عليه و آله)، و نحن آل ياسين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 625

الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرني أحمد بن أبي عمر

النهدي، قال: حدثني أبي، عن محمد ابن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: على آل محمد (عليهم السلام).

9032/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثني محمد بن سهل، قال: حدثنا إبراهيم بن معمر، قال: حدثنا عبد الله بن داهر الأحمري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن أبي عبد الرحمن السلمي: أن عمر بن الخطاب كان يقرأ: «سلام على آل يس»، قال أبو عبد الرحمن: آل يس: آل محمد (عليهم السلام).

9033/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت- في حديث مجلس الرضا (عليه السلام) مع المأمون و العلماء، و قد أشرنا له في هذا الكتاب غير مرة- قال الرضا (عليه السلام) في الآيات الدالة على الاصطفاء: «و أما الآية السابعة: فقوله تبارك و تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً «1»، و قد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية، قيل: يا رسول الله، قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون: اللهم صل على محمد و آل محمد كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد. فهل بينكم- معاشر الناس- في هذا خلاف؟» فقالوا: لا.

قال المأمون: هذا مما لا خلاف فيه أصلا، و عليه إجماع الامة، فهل عندك في

الآل شي ء أوضح من هذا في القرآن؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «نعم، أخبروني عن قول الله عز و جل: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «2» فمن عنى بقوله: يس؟» قال العلماء: يس: محمد (صلى الله عليه و آله)، لم يشك فيه أحد. قال أبو الحسن (عليه السلام): «فإن الله عز و جل أعطى محمدا و آل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، و ذلك أن الله عز و جل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء (صلوات الله عليهم)، فقال تبارك و تعالى:

سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ «3» و قال: سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ «4»، و قال: سَلامٌ عَلى مُوسى وَ هارُونَ «5»، و لم يقل سلام على آل نوح، و لا على آل موسى، و لا على آل إبراهيم، و قال عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ __________________________________________________

5- معاني الآخبار: 123/ 5.

6- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 236/ 1، تأويل الآيات 2: 500/ 18.

(1) الأحزاب 33: 56.

(2) يس 36: 1- 4. [.....]

(3) الصافات 37: 79.

(4) الصافات 37: 109.

(5) الصافات 37: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 626

إِلْ ياسِينَ يعني آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

9034/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن حسين بن الحكم، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) اسمه ياسين، و نحن الذين قال الله: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ».

9035/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن سهل العطار، عن الخضر بن أبي فاطمة البلخي، عن

وهيب «1» بن نافع، عن كادح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ قال: «يس محمد، و نحن آل محمد».

9036/ [9]- و عنه: عن محمد بن سهل، عن إبراهيم بن معمر، عن إبراهيم بن داهر «2»، عن الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عمر بن الخطاب، أنه كان يقرأ: «سلام على آل يس». قال: على آل محمد (صلى الله عليه و آله).

9037/ [10]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن موسى بن عثمان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: نحن هم آل محمد (صلى الله عليه و آله).

9038/ [11]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن رزيق بن مرزوق البجلي، عن داود بن علية، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ، قال: أي على آل محمد (صلى الله عليه و آله).

9039/ [12]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ إن الله سمى النبي (صلى الله عليه و آله) بهذا الاسم، حيث قال: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «3»، لعلمه بأنهم يسقطون قوله: سلام على آل محمد، كما أسقطوا غيره».

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 498/ 13.

8- تأويل الآيات 2: 499/ 14.

9- تأويل الآيات 2: 499/ 15.

10- تأويل الآيات 2: 499/ 16.

11- تأويل الآيات 2: 500/ 17.

12- الاحتجاج: 253.

(1) في المصدر: وهب.

(2) في سند الحديث (5) المتقدّم: عبد اللّه

بن داهر الأحمري، عن أبيه.

(3) يس 36: 1- 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 627

باب معنى آل محمد (صلوات الله عليهم) ..... ص : 627

9040/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن الحسين بن أبي العلاء، عن عبد الله بن ميسرة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نقول: اللهم صل على محمد و آل محمد، فيقول قوم: نحن آل محمد. فقال: «إنما آل محمد من حرم الله عز و جل على محمد (صلى الله عليه و آله) نكاحه».

9041/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، من الآل؟ قال: «ذرية محمد (صلى الله عليه و آله)». قال: قلت: فمن الأهل. قال: «الأئمة (عليهم السلام)» فقلت:

قوله عز و جل: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ «1»؟ قال: «و الله ما عنى إلا ابنته».

9042/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من آل محمد (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «ذريته». فقلت: من أهل بيته؟ قال: «الأئمة الأوصياء». فقلت: من عترته؟ قال:

«أصحاب العباء» فقلت: من أمته؟ قال: «المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز و جل، و المتمسكون بالثقلين اللذين أمروا بالتمسك بهما: كتاب الله عز و جل، و عترته أهل بيته الذين

أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و هما الخليفتان على الامة بعده (عليه السلام)».

سورة الصافات(37): الآيات 137 الي 138 ..... ص : 627

قوله تعالى:

وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ [137- 138]

9043/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد،

__________________________________________________

1-- معاني الأخبار: 93/ 1.

2- معاني الأخبار: 94/ 2. [.....]

3- معاني الأخبار: 94/ 3.

4-- الكافي 8: 249/ 349.

(1) غافر 40: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 628

و الحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، فقلت: قوله: وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ ؟ قال: «تمرون عليهم في القرآن إذا قرأتم القرآن، تقرأ ما قص الله عز و جل عليكم من خبرهم».

و خبر لوط تقدم في سورة هود، و سورة الحجر، و سورة العنكبوت «1»، و يأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة الذاريات «2».

سورة الصافات(37): الآيات 139 الي 177 ..... ص : 628

قوله تعالى:

وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ - إلى قوله تعالى- فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ [139- 177]

9044/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس، و كان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبون ذلك فهم أن يدعو عليهم، و كان فيهم رجلان: عابد، و عالم، و كان اسم أحدهما مليخا، و اسم الآخر روبيل، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، و كان العالم ينهاه، و يقول: لا تدع عليهم فإن الله يستجيب لك، و لا يحب هلاك عباده. فقبل قول

العابد، و لم يقبل من العالم، فدعا عليهم، فأوحى الله عز و جل إليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا و كذا، في شهر كذا و كذا، و في يوم كذا و كذا.

فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد، و بقي العالم فيها، فلما كان ذلك اليوم نزل العذاب، فقال لهم العالم: يا قوم، افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم، فيرد العذاب عنكم. فقالوا: كيف نصنع؟ قال: اجتمعوا و اخرجوا إلى المفازة، و فرقوا بين النساء و الأولاد، و بين الإبل و أولادها، و بين البقر و أولادها، و بين الغنم و أولادها، ثم ابكوا، و ادعوا. فذهبوا، و فعلوا ذلك، و ضجوا، و بكوا، فرحمهم الله، و صرف عنهم العذاب، و فرق العذاب على الجبال، و قد كان نزل و قرب منهم.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 317.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (69- 83) من سورة هود، و الحديث (4) من تفسير الآيات (48- 72) من سورة الحجر، و الحديث (6) من تفسير الآيات (27- 35) من سورة العنكبوت.

(2) يأتي في الحديث (1) من تفسير الآيات (24- 47) من سورة الذاريات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 629

فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله تعالى، فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم، قال: لهم: ما فعل قوم يونس. فقالوا له، و لم يعرفوه: إن يونس دعا عليهم فاستجاب الله له، و نزل العذاب عليهم، فاجتمعوا و بكوا، و دعوا، فرحمهم الله، و صرف ذلك عنهم، و فرق العذاب على الجبال، فهم إذن يطلبون يونس ليؤمنوا به. فغضب يونس، و مر على وجهه مغاضبا- كما حكى الله- حتى انتهى إلى ساحل البحر، فإذا سفينة قد شحنت، و أرادوا

أن يدفعوها، فسألهم يونس أن يحملوه فحملوه، فلما توسطوا البحر، بعث الله حوتا عظيما، فحبس عليهم السفينة من قدامها، فنظر إليه يونس ففزع منه و صار إلى مؤخر السفينة، فدار الحوت إليه و فتح فاه، فخرج أهل السفينة، فقالوا:

فينا عاص، فتساهموا، فخرج سهم يونس، و هو قول الله عز و جل: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ، فأخرجوه، فألقوه في البحر، فالتقمه الحوت و هو مليم، و مر به في الماء.

و قد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين (عليه السلام) عن سجن طاف أقطار الأرض «1» بصاحبه، فقال: يا يهودي، أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه، و دخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر، ثم دخل في بحر طبرستان، ثم دخل في دجلة العوراء «2»، ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون، و كان قارون هلك في أيام موسى، و وكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل، و كان يونس في بطن الحوت يسبح الله و يستغفره، فسمع قارون صوته، فقال للملك الموكل به: أنظرني، فإني أسمع كلام آدمي. فأوحى الله إلى الملك الموكل به: أنظره. فأنظره.

ثم قال قارون: من أنت؟ قال يونس: أنا المذنب الخاطئ يونس بن متى. قال: فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات، هلك. قال: فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك. قال:

فما فعلت كلثم بنت عمران، التي كانت سميت لي؟ قال: هيهات، ما بقي من آل عمران أحد. قال قارون: وا أسفا على آل عمران. فشكر الله له ذلك، فأمر الله الملك الموكل به أن يرفع عنه العذاب أيام الدنيا، فرفع

عنه.

فلما رأى يونس ذلك نادى في الظلمات: أن لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فاستجاب الله له، و أمر الحوت أن يلفظه، فلفظه على ساحل البحر، و قد ذهب جلده و لحمه، و أنبت الله عليه شجرة من يقطين- و هي الدباء- فأظلته عن الشمس، فشكر «3»، ثم أمر الله الشجرة فتنحت عنه، و وقعت الشمس عليه، فجزع، فأوحى الله إليه: يا يونس، لم لم ترحم مائة ألف أو يزيدون و أنت تجزع من ألم ساعة! فقال: يا رب، عفوك عفوك. فرد الله عليه بدنه، و رجع إلى قومه، و آمنوا به، و هو قوله: فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ «4»» و قالوا: مكث يونس (عليه السلام) في

__________________________________________________

(1) في «ج، ي، ط»: البحر.

(2) في «ي، ط»: دجلة الغور، و في المصدر: دجلة الغورا، و هو تصحيف صحيحه ما أثبتناه، و دجلة العوراء: اسم لدجلة البصرة، علم لها. «مجمع البلدان 2: 442».

(3) في «ج، ي، ط»: فسكن.

(4) يونس 10: 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 630

بطن الحوت سبع «1» ساعات.

9045/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام، و نادى في الظلمات الثلاث: ظلمة بطن الحوت، و ظلمة الليل، و ظلمة البحر: أن لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فاستجاب له ربه، فأخرجه الحوت إلى الساحل، ثم قذفه فألقاه بالساحل، و أنبت الله عليه شجرة من يقطين- و هو القرع- فكان يمصه، و يستظل به و بورقه،

و كان تساقط شعره، ورق جلده، و كان يونس يسبح و يذكر الله في الليل و النهار. فلما أن قوي و اشتد بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع، فذبلت القرعة، ثم يبست، فشق ذلك على يونس، و ظل حزينا، فأوحى الله إليه: ما لك حزينا، يا يونس؟ قال: يا رب، هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست. قال: يا يونس، أحزنت لشجرة لم تزرعها، و لم تسقها، و لم تعي بها أن يبست حين استغنيت عنها، و لم تحزن لأهل نينوى، أكثر من مائة ألف أردت أن ينزل عليهم العذاب! إن أهل نينوى قد آمنوا و اتقوا فارجع إليهم.

فانطلق يونس إلى قومه، فلما دنا من نينوى استحى أن يدخل، فقال لراع لقيه: ائت أهل نينوى، فقل لهم: إن هذا يونس قد جاء. قال الراعي: أ تكذب، أما تستحي، و يونس قد غرق في البحر و ذهب؟! قال له يونس: اللهم إن هذه الشاة تشهد لك أني يونس. فنطقت الشاة له بأنه يونس، فلما أتى الراعي قومه و أخبرهم، أخذوه و هموا بضربه، فقال: إن لي بينة بما أقول. قالوا: من يشهد؟ قال: هذه الشاة تشهد، فشهدت بأنه صادق، و أن يونس قد رده الله إليهم. فخرجوا يطلبونه، فوجدوه فجاءوا به و آمنوا، و أحسنوا إيمانهم، فمتعهم الله إلى حين، و هو الموت، و أجارهم من ذلك العذاب».

9046/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن هارون الفامي، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا:

حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي جعفر (عليه السلام)،

قال: «أول من سوهم عليه مريم بنت عمران، و هو قول الله عز و جل:

وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ «2»، و السهام ستة.

ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم فوقفت السفينة في اللجة، فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات، قال: فمضى يونس إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه، فرمى بنفسه.

ثم كان عبد المطلب، ولد له تسعة، فنذر في العاشر إن يرزقه الله غلاما أن يذبحه. قال: فلما ولد عبد الله لم يكن يقدر أن يذبحه و رسول الله (صلى الله عليه و آله) في صلبه، فجاء بعشر من الإبل، و ساهم عليها و على عبد الله، فخرجت السهام على عبد الله، فزاد عشرا، فلم تزل السهام تخرج على عبد الله، و يزيد عشرا، فلما بلغت المائة

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 1: 319.

3- الخصال: 156/ 198.

(1) في المصدر: تسع.

(2) آل عمران 3: 44. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 631

خرجت السهام على الإبل، فقال عبد المطلب: ما أنصفت ربي، فأعاد السهام. ثلاثا فخرجت على الإبل، فقال: الآن علمت أن ربي قد رضي، فنحرها».

9047/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن إسحاق الفزاري، قال: سئل و أنا عنده- يعني أبا عبد الله (عليه السلام)- عن مولود ولد، ليس بذكر و لا أنثى، و ليس له إلا دبر، كيف يورث؟

قال: «يجلس الإمام، و يجلس معه ناس، فيدعو الله، و يجيل السهام على أي ميراث يورثه، ميراث الذكر، أو ميراث الأنثى، فأي ذلك خرج ورثه عليه». ثم قال:

«و أي قضية أعدل من قضية يجال عليها بالسهام! إن الله عز و جل يقول: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ».

9048/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، و الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن مولود ليس بذكر و لا أنثى، ليس له إلا دبر، كيف يورث؟

قال: «يجلس الإمام، و يجلس عنده أناس من المسلمين، فيدعو الله عز و جل، و تجال السهام عليه، على أي ميراث يورث، أ ميراث الذكر، أو ميراث الأنثى، فأي ذلك خرج عليه ورثه». ثم قال: «و أي قضية أعدل من قضية يجال عليها بالسهام! يقول الله تعالى: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ. قال: و ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا و له أصل في كتاب الله، و لكن لا تبلغه عقول الرجال».

9049/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد: عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن منصور بن حازم، قال سأل بعض أصحابنا أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسألة. فقال: «هذه تخرج في القرعة». ثم قال: «أي قضية أعدل من القرعة، إذا فوض الأمر إلى الله عز و جل؟! أليس الله تبارك و تعالى يقول: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ».

9050/ [7]- محمد بن الحسن الصفار: عن العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن حبة العرني، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن الله عرض ولايتي على أهل السماوات و على أهل الأرض، أقر بها من أقر، و أنكرها من أنكر، أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها».

9051/ [8]- ابن شهر آشوب: عن

أبي حمزة الثمالي، أنه قال: دخل عبد الله بن عمر على علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، و قال: يا ابن الحسين، أنت الذي تقول: إن يونس بن متى إنما لقي في الحوت ما لقي لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال: «بلى، ثكلتك أمك». قال عبد الله بن عمر: فأرني برهان ذلك إن

__________________________________________________

4- الكافي 7: 157/ 1.

5- الكافي 7: 158/ 3.

6- المحاسن: 603/ 30.

7- بصائر الدرجات: 95/ 1.

8- المناقب 4: 138.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 632

كنت من الصادقين.

قال: فأمر علي بن الحسين (عليه السلام) بشد عينيه بعصابة، و عيني بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فإذا نحن على شاطئ بحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر: يا سيدي، دمي في رقبتك، الله الله في نفسي. فقال علي بن الحسين (عليه السلام): «أردت البرهان؟». فقال عبد الله بن عمر: أرني إن كنت من الصادقين.

ثم قال علي بن الحسين: «يا أيتها الحوت». فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، و هو يقول:

لبيك لبيك، يا ولي الله. فقال: «من أنت؟» قال: أنا حوت يونس، يا سيدي. قال: «حدثني بخبر يونس». قال: يا سيدي، إن الله تعالى لم يبعث نبيا- من آدم إلى أن صار جدك محمد (صلى الله عليه و آله)- إلا و قد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء، سلم و تخلص، و من توقف عنها، و تتعتع في حملها، لقي ما لقي آدم من المعصية، و ما لقي نوح من الغرق، و ما لقي إبراهيم من النار، و ما لقي يوسف من الجب، و ما لقي أيوب من البلاء، و ما لقي داود من الخطيئة، إلى أن بعث

الله يونس، فأوحى الله إليه: أن تول أمير المؤمنين عليا و الأئمة الراشدين من صلبه، في كلام له. قال يونس: كيف أتولى من لم أره و لم أعرفه. و ذهب مغاضبا. فأوحى الله تعالى إلي: «أن التقم يونس و لا توهن له عظما» فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث، ينادي: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، قد قبلت ولاية علي بن أبي طالب و الأئمة الراشدين من ولده». فلما آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر.

و قد تقدمت روايات كثيرة في قصة يونس، في سورة يونس «1»، و سورة الأنبياء «2».

9052/ [9]- الطبرسي: قرأ جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «و يزيدون».

9053/ [10]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، و درست بن أبي منصور، عنه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الأنبياء و المرسلون على أربع طبقات: فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها. و نبي يرى في النوم، و يسمع الصوت، و لا يعاينه في اليقظة، و لم يبعث إلى أحد، و عليه إمام، مثل ما كان إبراهيم على لوط (عليهما السلام). و نبي يرى في منامه، و يسمع الصوت، و يعاين الملك، و قد أرسل إلى طائفة، قلوا أو كثروا كيونس، قال الله عز و جل: وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ.

قال: يزيدون ثلاثين ألفا، و عليه إمام. و الذي يرى في منامه، و يسمع الصوت، و يعاين في اليقظة، و هو إمام، مثل:

أولي العزم، و قد كان إبراهيم (عليه السلام) نبيا و ليس بإمام، حتى قال الله: إِنِّي

جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «3» من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما».

__________________________________________________

9- مجمع البيان 8: 714.

10- الكافي 1: 33/ 1.

(1) تقدّمت في تفسير الآية (98) من سورة يونس.

(2) تقدّمت في تفسير الآية (87) من سورة الأنبياء.

(3) البقرة 2: 124.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 633

و رواه المفيد في (الاختصاص): عن أبي محمد الحسن بن حمزة الحسيني، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، و درست بن أبي منصور، عنهم (عليهم السلام) قال: «إن الأنبياء و المرسلين على أربع طبقات: فنبي منبأ في نفسه، لا يعدو غيره» و ذكر الحديث بعينه «1»، و فيه تغيير يسير و لعله من النساخ، و الله أعلم.

9054/ [11]- علي بن إبراهيم: ذكر يونس فقال: وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ يعني هرب إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَساهَمَ أي ألقى السهام فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ أي من المغوصين فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ ... وَ أَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ، قال: الدباء.

ثم خاطب الله نبيه، فقال: فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ، قال: قالت قريش: الملائكة هم بنات الله فرد الله عليهم، فقال: فَاسْتَفْتِهِمْ الآية. إلى قوله: سُلْطانٌ مُبِينٌ، أي حجة قوية على ما يزعمون. و قوله تعالى: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً يعني أنهم قالوا: إن الجن بنات الله. فرد الله عليهم، فقال: وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ يعني في النار.

9055/ [12]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ إِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ

أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فهم كفار قريش، كانوا يقولون: قاتل الله اليهود و النصارى كيف كذبوا أنبياءهم، أما و الله لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين يقول:

فَكَفَرُوا بِهِ حين جاءهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول الله: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. فقال جبرئيل: «يا محمد إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ».

قوله: فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ يعني: العذاب إذا نزل ببني أمية و أشياعهم في آخر الزمان. قوله: وَ تَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَ أَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ، فذلك إذا أتاهم العذاب أبصروا حين لا ينفعهم النظر، و هذه في أهل الشبهات و الضلالات من أهل القبلة.

9056/ [13]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد، عن العباس بن عامر، عن الربيع بن محمد، عن يحيى بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ، قال: «نزلت في الأئمة و الأوصياء من آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

9057/ [14]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد الشيباني، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن ميمونة «2»، قال:

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 2: 227.

12- تفسير القمّي 2: 227.

13- تفسير القمّي 2: 227.

14- تفسير القمّي 2: 228. [.....]

(1) الاختصاص: 22.

(2) في المصدر و معجم رجال الحديث 16: 121: بويه، و في معجم رجال الحديث 2: 252: ثوية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 634

حدثني محمد بن سليمان، قال: و حدثنا أحمد بن محمد الشيباني، قال: حدثنا عبد الله بن محمد التفليسي، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن رزين، عن شهاب بن عبد ربه،

قال: سمعت الصادق أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يا شهاب، نحن شجرة النبوة، و معدن الرسالة، و مختلف الملائكة، و نحن عهد الله و ذمته، و نحن ودائع الله و حجته، كنا أنوارا صفوفا حول العرش نسبح الله، فتسبح الملائكة «1» بتسبيحنا، إلى أن هبطنا إلى الأرض فسبحنا فسبح أهل الأرض بتسبيحنا، و إنǠلنحن الصافون، و إنا لنحن المسبحون، فمن و فى بذمتنا فقد و فى بعهد الله عز و جل و ذمته، و من خفر ذمتنا فقد خفر ذمة الله عز و جل و عهده».

9058/ [15]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن يونس الحنفي اليمامي، عن داود بن سليمان المروزي، عن الربيع بن عبد الله الهاشمي، عن أشياخ من آل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قالوا: قال علي (عليه السلام) في بعض خطبة: «إنا آل محمد كنا أنوارا حول العرش، فأمرنا الله بالتسبيح فسبحنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا، ثم أهبطنا إلى الأرض فأمرنا الله بالتسبيح فسبحنا، فسبح أهل الأرض بتسبيحنا، و إنا لنحن الصافون، و إنا لنحن المسبحون».

9059/ [16]- قال: و روي مرفوعا إلى محمد بن زياد، قال: سأل ابن مهران عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) عن تفسير قوله تعالى: وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ، فقال ابن عباس: إنا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما رآه النبي (صلى الله عليه و آله) تبسم في وجهه، و قال: «مرحبا بمن خلقه الله قبل آدم بأربعين ألف عام». فقلت: يا رسول الله، أ كان الابن قبل الأب؟ قال: «نعم،

إن الله تعالى خلقني، و خلق عليا قبل أن يخلق آدم بهذه المدة، خلق نورا، فقسمه نصفين، فخلقني من نصفه، و خلق عليا من النصف الآخر قبل الأشياء كلها، ثم خلق الأشياء، فكانت مظلمة، فنورها من نوري و نور علي، ثم جعلنا عن يمين العرش، ثم خلق الملائكة، فسبحنا فسبحت الملائكة، و هللنا فهللت الملائكة، و كبرنا فكبرت الملائكة، فكان ذلك من تعليمي و تعليم علي، و كان ذلك في علم الله السابق أن لا يدخل النار محب لي و لعلي، و لا يدخل الجنة مبغض لي و لعلي.

ألا و إن الله عز و جل خلق ملائكة بأيديهم أباريق اللجين «2»، مملوءة من ماء الحياة من الفردوس، فما من أحد من شيعة علي إلا و هو طاهر الوالدين، تقي، نقي، مؤمن، موقن بالله، فإذا أراد أبو أحدهم أن يواقع أهله جاء ملك من الملائكة الذين بأيديهم أباريق من ماء الجنة، فيطرح من ذلك الماء في آنيته التي يشرب منها، فيشرب من ذلك الماء، فينبت الإيمان في قلبه كما ينبت الزرع، فهم على بينة من ربهم، و من نبيهم، و من وصيه علي، و من ابنتي الزهراء، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم الأئمة من ولد الحسين».

__________________________________________________

15- تأويل الآيات 2: 501/ 19.

16- تأويل الآيات 2: 501/ 20.

(1) في المصدر: فيسبح أهل السماء.

(2) اللجين: الفضّة. «النهاية 4: 235».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 635

فقلت: يا رسول الله، و من هم الأئمة؟ قال: «أحد عشر مني، و أبوهم علي بن أبي طالب».

ثم قال النبي (صلى الله عليه و آله): «الحمد لله الذي جعل محبة علي و الإيمان سببين» يعني: سببا لدخول الجنة، و سببا للنجاة من النار».

9060/ [17]- علي

بن إبراهيم، في قوله: فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ: أي بمكانهم فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ.

سورة الصافات(37): آية 180 ..... ص : 635

قوله تعالى:

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [180]

9061/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد ابن داود، عن محمد بن عطية، قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) من أهل الشام، من علمائهم، فقال: يا أبا جعفر، جئت أسألك عن مسألة قد أعطيت علي أن أجد أحدا يفسرها، و قد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس، فقال كل صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الآخر. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ما ذاك؟» قال: إني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه، فإن بعض من سألته قال: القدر، و قال بعضهم: القلم، و قال بعضهم: الروح.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما قالوا شيئا، أخبرك أن الله تعالى كان و لا شي ء غيره، و كان عزيزا و لا أحد كان قبل عزه، و ذلك قوله: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ».

و الحديث طويل، ذكرناه في قوله تعالى: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ من سورة الأنبياء «1».

__________________________________________________

17- تفسير القمّي 2: 228.

1- الكافي 8: 94/ 97.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (30) من سورة الأنبياء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 639

سورة ص ..... ص : 639

فضلها ..... ص : 639

9062/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة (ص) في ليلة الجمعة اعطي من خير الدنيا و الآخرة ما لم يعط أحد من الناس إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، و أدخله الله الجنة، و كل من أحب من أهل بيته، حتى خادمه الذي يخدمه و إن لم يكن في حد عياله، و لا في حد من يشفع فيه».

9063/ [2]-

و من (خواص القرآن):

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر وزن كل جبل سخره الله لداود عشر مرات، و عصمه الله أن يصر على ذنب صغير أو كبير. و من كتبها و جعلها تحت قاض أو وال لم يقف الأمر في يده أكثر من ثلاثة أيام، و ظهرت عيوبه، و عزل، و انفض من حوله».

9064/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها تحت قاض، أو وال لم يقف الأمر بيده أكثر من ثلاثة أيام، و ظهرت للناس عيوبه، و تفرق الناس من حوله».

9065/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و جعلها في إناء زجاج و أخرقه، و جعلها في موضع قاض، أو موضع شرطة لم يقم عليه ثلاثة أيام إلا و قد ظهرت عيوبه، و تنقص الناس بقدره، و لا ينفذ له أمر بعد ذلك، و يبقى في ضيق و شدة بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 112.

2- ...، مجمع البيان 8: 723.

3- خواص القرآن: 48 «مخطوط».

4- خواص القرآن: 48 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 641

سورة ص(38): الآيات 1 الي 16 ..... ص: 641

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ- إلى قوله تعالى- عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ [1- 16] 9066/ [1]- علي بن إبراهيم: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، قال: هو قسم، و جوابه: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَ شِقاقٍ يعني في كفر.

9067/ [2]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان

بن سعيد الثوري، قال: قلت: لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام):

يا ابن رسول الله، ما معنى قول الله عز و جل: ص؟

قال: «ص عين تنبع من تحت العرش، و هي التي توضأ منها النبي (صلى الله عليه و آله) لما عرج به، و يدخلها جبرئيل (عليه السلام) كل يوم دخلة، فينغمس «1» فيها، ثم يخرج منها فينفض أجنحته، فليس من قطرة تقطر من أجنحته إلا خلق الله تبارك و تعالى منها ملكا يسبح الله، و يقدسه، و يكبره، و يحمده إلى يوم القيامة».

9068/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن صباح الحذاء، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)- و ذكر صلاة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 228. [.....]

2- معاني الأخبار: 22/ 1.

3- علل الشرائع: 334/ 1.

(1) في المصدر: فيغتمس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 642

النبي (صلى الله عليه و آله) ليلة المعراج- إلى أن قال: قلت: جعلت فداك، و ما (ص) الذي أمر أن يغتسل منه؟ قال: «عين تنفجر من ركن من أركان العرش، يقال له ماء الحياة، و هو ما قال الله عز و جل: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ إنما أمره أن يتوضأ، و يقرأ، و يصلي».

9069/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- و ذكر حديث الإسراء- إلى أن قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ثم أوحى الله إلي: يا محمد، ادن من صاد، فاغسل مساجدك، و

طهرها، و صل لربك. فدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) من صاد، و هو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن» و ذكر الحديث.

9070/ [5]- و

عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أقبل أبو جهل بن هشام و معه قوم من قريش، فدخلوا على أبي طالب. فقالوا:

إن ابن أخيك قد أذانا، و أذى آلهتنا، فادعه و مره فليكف عن آلهتنا، و نكف عن إلهه. قال: فبعث أبو طالب إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدعاه، فلما دخل النبي (صلى الله عليه و آله) لم ير في البيت إلا مشركا، فقال: السلام على من اتبع الهدى. ثم جلس، فخبره أبو طالب بما جاءوا له، فقال: فهل لهم في كلمة خير لهم من هذا، يسودون بها العرب و يطؤون أعناقهم؟ فقال أبو جهل: نعم، و ما هذه الكلمة؟ فقال: تقولون: لا إله إلا الله. قال: فوضعوا أصابعهم في آذانهم، و خرجوا هرابا، و هم يقولون: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق. فأنزل الله تعالى في قولهم: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ إلى قوله: إِلَّا اخْتِلاقٌ».

9071/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و عنده الرضا (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك: «الأنبياء معصومون؟». قال: «بلى»: و ذكر المأمون الآيات التي في الأنبياء، إلى أن قال المأمون: فأخبرني- يا أبا الحسن-

عن قول الله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ.

فقال الرضا (عليه السلام): «لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاث مائة و ستين صنما، فلما جاءهم (صلى الله عليه و آله) بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم و عظم، و قالوا: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عُجابٌ وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ فلما فتح الله عز و جل على نبيه (صلى الله عليه و آله) مكة، قال له: يا محمد إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً

__________________________________________________

4- الكافي 3: 482/ 1.

5- الكافي 2: 474/ 5.

6- عيون أخبار الرضا 1: 202/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 643

لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ «1» عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم و ما تأخر، لأن مشركي مكة أسلم بعضهم و خرج بعضهم من مكة، و من بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد إذا دعا الناس إليه، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم». فقال المأمون: لله درك، يا أبا الحسن.

9072/ [7]- الطبرسي في (إعلام الورى): بالإسناد عن مجاهدين جبر، قال: كان مما أنعم الله على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أراد به الخير أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة، و كان أبو طالب ذا عيال كثيرة، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للعباس عمه، و كان من أيسر بني هاشم: يا عباس،

إن أخاك أبا طالب كثير العيال، و قد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق، حتى نخفف عنه من عياله. فانطلقا إليه، و قالا له، فقال: اتركوا لي عقيلا، و خذوا من شئتم. فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا، فضمه إليه، فلم يزل علي مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى بعثه الله نبيا، فاتبعه علي، و آمن به، و صدقه.

قال علي بن إبراهيم: فلما أتى على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك ثلاث سنين، أنزل الله عليه: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «2»، فخرج «3» رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قام على الحجر، و قال: «يا معشر قريش، و يا معشر العرب، أدعوكم إلى عبادة الله، و خلع الأنداد و الأصنام، و أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله، فأجيبوني تملكوا بها العرب، و تدين لكم بها العجم، و تكونوا ملوكا في الجنة» فاستهزءوا منه، و ضحكوا، و قالوا: جن محمد بن عبد الله. و آذوه بألسنتهم، فقال له أبو طالب: يا ابن أخ، ما هذا؟ قال. «يا عم، هذا دين الله الذي ارتضاه لملائكته و أنبيائه، و دين إبراهيم و الأنبياء من بعده، بعثني الله رسولا إلى الناس». فقال: يا ابن أخ، إن قومك لا يقبلون هذا منك، فاكفف عنهم. فقال: لا أفعل، فإن الله قد أمرني بالدعاء. فكف عنه أبو طالب.

و أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الدعاء في كل وقت، يدعوهم، و يحذرهم، فكان من سمع من خبره ما يسمع «4» من أهل الكتب، يسلمون، فلما رأت قريش من

يدخل في الإسلام جزعوا من ذلك، و مشوا إلى أبي طالب، و قالوا: اكفف عنا ابن أخيك، فإنه قد سفه أحلامنا، و سب آلهتنا، و أفسد شباننا، و فرق جماعتنا. فدعاه أبو طالب، فقال: يا ابن أخ، إن القوم قد أتوني يسألونك أن تكف عن آلهتهم. قال: «يا عم، لا أستطيع أن أخالف أمر ربي» فكان يدعوهم، و يحذرهم العذاب، فاجتمعت قريش إليه، فقالوا له: إلام تدعونا، يا محمد؟ قال: «إلى شهادة أن لا إله إلا الله، و خلع الأنداد كلها». قالوا: ندع ثلاث مائة و ستين إلها، و نعبد إلها واحدا؟! فحكى الله سبحانه، قولهم:

وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عُجابٌ إلى قوله: بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ.

__________________________________________________

7- إعلام الورى: 38.

(1) الفتح 48: 1 و 2.

(2) الحجر 15: 94.

(3) في «ج، ي، ط»: فجزع.

(4) في المصدر: خبر ما سمع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 644

9073/ [8]- و

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته القاصعة، قال: «لقد كنت معه (صلى الله عليه و آله) لما أتاه الملأ من قريش، فقالوا له: يا محمد، إنك قد ادعيت عظيما لم يدعه آباؤك و لا أحد من أهل بيتك، و نحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه و أريتناه علمنا أنك نبي و رسول، و إن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب. فقال لهم: و ما تسألون؟ قالوا:

تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها، و تقف بين يديك. فقال لهم (صلى الله عليه و آله): إن الله على كل شي ء قدير، فإن فعل ذلك بكم تؤمنون، و تشهدون بالحق؟ قالوا: نعم. قال: فإني سأريكم ما تطلبون،

و إني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير، و أن فيكم من يطرح في القليب «1»، و من يحزب الأحزاب.

ثم قال: أيتها الشجرة، إن كنت تؤمنين بالله و اليوم الآخر، و تعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله. و الذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها، و جاءت و لها دوي شديد، و قصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) مرفوعة «2»، و ألقت بغصنها الأعلى على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ببعض أغصانها على منكبي، و كنت عن يمينه (صلى الله عليه و آله)، فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوا و استكبارا: فمرها، فليأتك نصفها و يبقى نصفها. فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال، و أشده دويا، فكادت تلتف برسول الله، فقالوا كفرا و عتوا. فمر هذا النصف يرجع إلى نصفه. فأمره (صلى الله عليه و آله)، فرجع، فقلت أنا: لا إله إلا الله، إني أول مؤمن بك يا رسول الله، و أول من آمن بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله، تصديقا لنبوتك، و إجلالا لكلمتك. فقال القوم: بل ساحر كذاب، عجيب السحر، خفيف فيه، و هل يصدقك في أمرك غير هذا؟ يعنونني».

9074/ [9]- علي بن إبراهيم: قوله: كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ أي ليس هو وقت مفر، و قوله: وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ، قال: نزلت بمكة، لما أظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) الدعوة بمكة اجتمعت قريش إلى أبي طالب، فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سفه أحلامنا، و سب آلهتنا، و أفسد شباننا،

و فرق جماعتنا، فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم حملنا «3» له مالا حتى يكون أغنى رجل في قريش، و نملكه علينا.

فأخبر أبو طالب رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، فقال: «لو وضعوا الشمس في يميني، و القمر في شمالي ما أردته، و لكن يعطونني كلمة يملكون بها العرب، و يدين لهم بها العجم، و يكونون ملوكا في الآخرة». فقال لهم أبو طالب ذلك، فقالوا: نعم، و عشر كلمات. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «تشهدون أن لا إله إلا الله، و أني رسول الله». فقالوا: ندع ثلاث مائة و ستين إلها، و نعبد إلها واحدا؟! فأنزل الله تعالى:

__________________________________________________

8- إعلام الورى: 22.

9- تفسير القمي 2: 228.

(1) القليب: البئر. «مجمع البحرين 2: 149». [.....]

(2) في «ط» نسخة بدل، و المصدر: مرفرفة، الشجر الرفيف، المتندي، انظر «لسان العرب 9: 125».

(3) في المصدر: جمعنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 645

وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إلى قوله: إِلَّا اخْتِلاقٌ، أي تخليط أَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي إلى قوله: مِنَ الْأَحْزابِ يعني الذين تحزبوا يوم الخندق.

ثم ذكر هلاك الأمم الماضية، و قد ذكرنا خبرهم في سورة هود، و غيرها «1».

قال قوله: وَ ما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ أي لا يفيقون من العذاب، و قوله: وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ أي نصيبنا، و صكنا «2» من العذاب.

9075/ [10]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن محمد الثقفي،

عن إبراهيم بن ميمون، عن مصعب، عن سعد، عن الأصبغ، عن علي (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ، قال: «نصيبهم من العذاب».

سورة ص(38): الآيات 17 الي 26 ..... ص: 645

قوله تعالى:

اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ- إلى قوله تعالى- بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ [17- 26] 9076/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله عز و جل نبيه، فقال: اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ أي دعاء «3».

9077/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا بكر، عن أبي عبد الله البرقي، عن عبد الله بن بحر، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال الله: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ. فقال: «اليد في كلام العرب: القوة و النعمة». و تلا الآية.

و سيأتي الحديث بزيادة، في قوله تعالى: قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ «4».

__________________________________________________

10- معاني الأخبار: 225/ 1.

1- تفسير القمّي 2: 229.

2- التوحيد: 153/ 1.

(1) انظر تفسير الآيات (36- 49) و «50- 53) من سورة هود، و الإحالة المذكورة هي لعليّ بن إبراهيم القميّ.

(2) في نسخة من «ج، ي، ط»: وصلنا.

(3) الدعّاء: الكثير الدعاء. «أقرب الموارد- دعو- 1: 337».

(4) يأتي في الحديث (7) من تفسير الآيات (67- 75) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 646

9078/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله: إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِشْراقِ يعني إذا طلعت الشمس وَ الطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ.

9079/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن

زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبي الصلت الهروي، قال: كان الرضا (عليه السلام) يكلم الناس بلغاتهم، و كان و الله أفصح الناس و أعلمهم بكل لسان و لغة، فقلت له يوما: يا ابن رسول الله، إني لأعجب من معرفتك بهذا اللغات على اختلافها! فقال: «يا أبا الصلت، أنا حجة الله على خلقه، و ما كان الله ليتخذ حجة على قوم و هو لا يعرف لغاتهم، أما بلغك ما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): و أوتينا فصل الخطاب؟ فهل فصل الخطاب إلا معرفة اللغات؟».

9080/ [5]- علي بن إبراهيم: في قوله: وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ يعني نزلوا من المحراب إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ إلى قوله: وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ.

9081/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن الصادق (عليه السلام)، قال: «إن داود (عليه السلام) لما جعله الله عز و جل خليفة في الأرض، و أنزل عليه الزبور، أوحى الله عز و جل إلى الجبال و الطير أن يسبحن معه، و كان سببه أنه إذا صلى ببني إسرائيل قام وزيره بعد ما يفرغ من الصلاة فيحمد الله، و يسبحه، و يكبره، و يهلله، ثم يمدح الأنبياء (عليهم السلام) نبيا نبيا، و يذكر من فضلهم، و أفعالهم، و شكرهم، و عبادتهم لله سبحانه و تعالى، و الصبر على بلائه، و لا يذكر داود (عليه السلام)، فنادى داود ربه، فقال: يا رب، قد أنعمت على الأنبياء بما أثنيت عليهم، و لم تثن علي. فأوحى الله عز و جل إليه: هؤلاء عباد ابتليتهم فصبروا، و أنا أثني

عليهم بذلك. فقال: يا رب، فابتلني حتى أصبر. فقال: يا داود، تختار البلاء على العافية؟ إني ابتليت هؤلاء و لم أعلمهم، و أنا أبتليك و أعلمك أن بلائي في سنة كذا، و شهر كذا، و يوم كذا.

و كان داود (عليه السلام) يفرغ نفسه لعبادته يوما، و يقعد في محرابه، و يوما يقعد لبني إسرائيل فيحكم بينهم، فلما كان في اليوم الذي وعده الله عز و جل اشتدت عبادته، و خلا في محرابه، و حجب الناس عن نفسه، و هو في محرابه يصلي فإذا بطائر قد وقع بين يديه، جناحاه من زبرجد أخضر، و رجلاه من ياقوت أحمر، و رأسه و منقاره من لؤلؤ و زبرجد، فأعجبه جدا، و نسي ما كان فيه، فقام ليأخذه، فطار الطائر فوقع على حائط بين داود و بين أوريا ابن حنان، و كان داود قد بعث أوريا في بعث، فصعد داود (عليه السلام) الحائط ليأخذ الطائر و إذا امرأة أوريا جالسة تغتسل، فلما رأت ظل داود نشرت شعرها، و غطت به بدنها، فنظر إليها داود. فافتتن بها، و رجع إلى محرابه، و نسي ما كان فيه، و كتب إلى صاحبه في ذلك البعث: لما أن تصير إلى موضع كيت و كيت، يوضع التابوت بينهم و بين عدوهم.

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 229.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 228/ 3.

5- تفسير القمّي 2: 229.

6- تفسير القمّي 2: 229.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 647

و كان التابوت في بني إسرائيل، كما قال الله عز و جل: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ «1»، و قد كان رفع بعد موسى (عليه السلام) إلى السماء

لما عملت بنو إسرائيل المعاصي، فلما غلبهم جالوت، و سألوا النبي أن يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله بعث إليهم طالوت، و أنزل عليهم التابوت، و كان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل و بين أعدائهم و رجع عن التابوت إنسان كفر و قتل، و لا يرجع أحد عنه إلا و يقتل.

فكتب داود إلى صاحبه الذي بعثه: أن ضع التابوت بينك و بين عدوك، و قدم أوريا بن حنان بين يدي التابوت. فقدمه، فقتل أوريا، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان، و لم يكن تزوج امرأة أوريا، و كانت في عدتها، و داود في محرابه يوم عبادته، فدخل عليه الملكان من سقف البيت، و قعدا بين يديه، ففزع داود منهما، فقالا: لا تخف، خصمان بغى بعضنا على بعض، فاحكم بيننا بالحق و لا تشطط، و اهدنا إلى سواء الصراط، و لداود حينئذ تسع و تسعون امرأة ما بين مهيرة «2» إلى جارية، فقال أحدهما لداود: إن هذا أخي له تسع و تسعون نعجة، و لي نعجة واحدة، فقال: أكفلنيها و عزني في الخطاب. أي ظلمني و قهرني، فقال داود كما حكى الله عز و جل: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ إلى قوله: وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ، قال: فضحك المستعدى عليه من الملائكة و قال:

قد حكم الرجل على نفسه. فقال داود: أ تضحك و قد عصيت! لقد هممت أن أهشم فاك. قال: فعرجا، و قال الملك المستعدى عليه: لو علم داود لكان أحق بهشم فيه مني. ففهم داود الأمر، و ذكر الخطيئة، فبقي أربعين يوما ساجدا يبكي، ليله، و نهاره، و لا يقوم إلا وقت الصلاة، حتى انخرق جبينه، و سال الدم من

عينيه.

فلما كان بعد أربعين يوما، نودي: يا داود، مالك، أ جائع أنت فنشبعك، أو ظمآن فنسقيك، أو عريان فنكسوك، أم خائف فنؤمنك؟ فقال: أي رب، و كيف لا أخاف و قد عملت ما عملت، و أنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم؟ فأوحى الله إليه: تب، يا داود. فقال: أي رب، و أني لي بالتوبة؟ قال: صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك، و اسأله أن يغفر لك، فإن غفر لك غفرت لك. قال: يا رب، فإن لم يفعل؟ قال: أستوهبك منه.

قال: فخرج داود (عليه السلام) يمشي على قدميه و يقرأ الزبور، و كان إذا قرأ الزبور لا يبقي حجر، و لا شجر، و لا جبل، و لا طائر، و لا سبع إلا يجاوبه، حتى انتهى إلى جبل، فإذا عليه نبي عابد، يقال له حزقيل، فلما سمع دوي الجبال، و أصوات السباع علم أنه داود (عليه السلام)، فقال: هذا النبي الخاطئ. فقال له داود: يا حزقيل، أ تأذن لي أن أصعد إليك؟ قال: لا، فإنك مذنب. فبكى داود (عليه السلام)، فأوحى الله عز و جل إلى حزقيل: يا حزقيل، لا تعير داود بخطيئته، و سلني العافية. فنزل حزقيل، و أخذ بيد داود فأصعده إليه، فقال له داود: يا حزقيل، هل هممت بخطيئة قط؟ قال: لا. قال: فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عز و جل؟ قال: لا. قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهواتها و لذاتها؟ قال: بلى، ربما عرض ذلك بقلبي. قال: فما تصنع؟ قال: أدخل هذا

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 248. [.....]

(2) المهيرة: الحرّة. «الصحاح- مهر- 2: 821».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 648

الشعب «1»، فأعتبر بما فيه.

قال:

فدخل داود (عليه السلام) الشعب، فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية، و عظام نخرة، و إذا لوح من حديد و فيه مكتوب، فقرأه داود (عليه السلام)، فإذا فيه: أنا أروى بن سلم «2»، ملكت ألف سنة، و بنيت ألف مدينة، و افتضضت ألف جارية، و كان آخر أمري أن صار التراب فراشي، و الحجارة و سادي، و الحيات و الديدان جيراني، فمن رآني فلا يغتر بالدنيا.

و مضى داود حتى أتى قبر أوريا، فناداه، فلم يجبه، ثم ناداه ثانية، فلم يجبه، ثم ناداه ثالثة، فقال أوريا: مالك- يا نبي الله- قد شغلتني عن سروري و قرة عيني؟ فقال داود: يا أوريا، اغفر لي، و هب لي خطيئتي. فأوحى الله عز و جل إليه: يا داود، بين له ما كان منك. فناداه داود (عليه السلام)، فأجابه في الثالثة، فقال: يا أوريا، فعلت كذا و كذا، و كيت و كيت. فقال أوريا: أ يفعل الأنبياء مثل هذا؟ فقال: لا «3»، فناداه فلم يجبه، فوقع داود على الأرض باكيا، فأوحى الله إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه، فكشف عنه، فقال أوريا: لمن هذا؟ فقال: لمن غفر لداود خطيئته.

فقال: يا رب، قد وهبت له خطيئته.

فرجع داود (عليه السلام) إلى بني إسرائيل، و كان إذا صلى وزيره يحمد الله و يثني على الأنبياء (عليهم السلام)، ثم يقول: كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت و كيت. فاغتم داود (عليه السلام)، فأوحى الله عز و جل إليه: يا داود، قد وهبت لك خطيئتك، و ألزمت عار ذنبك بني إسرائيل. فقال: و كيف، و أنت الحكم العدل الذي لا يجوز؟ قال:

لأنه لم يعاجلوك بالنكير «4». قال: و تزوج داود (عليه السلام)

بعد ذلك بامرأة أوريا، فولدت له سليمان (عليه السلام). ثم قال عز و جل: فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَ حُسْنَ مَآبٍ».

9082/ [7]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ ظَنَّ داوُدُ: «أي علم، وَ أَنابَ أي تاب». و ذكر أن داود كتب إلى صاحبه: أن لا تقدم أوريا بين يدي التابوت، و رده.

فلما رجع أوريا إلى أهله مكث ثمانية أيام ثم مات.

9083/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات من أهل الإسلام، و الديانات: من اليهود، و النصارى، و المجوس، و الصابئين، و سائر أهل المقالات، فلم

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 2: 234.

8- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 191/ 1.

(1) الشعب: ما انفرج بين جبلين. «لسان العرب- شعب- 1: 499».

(2) في المصدر: أورى بن سلمة.

(3) (فقال: لا) ليس في المصدر.

(4) فى «ي»: النكرة، في المصدر: بالنكيرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 649

يقم أحد إلا و قد ألزمه حجته كأنه القم حجرا، قام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال له: يا بن رسول الله، أ تقول بعصمة الأنبياء؟ قال: «نعم» إلى أن قال: فما تعمل في قول الله تعالى في داود: وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فقال له (عليه السلام): «فما يقول من قبلكم فيه؟».

فقال علي بن محمد بن الجهم:

يقولون: إن داود (عليه السلام) كان يصلي في محرابه، فتصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور، فقطع داود صلاته و قام ليأخذ الطير، فخرج الطير إلى الدار، فخرج في أثره، فطار الطير إلى السطح، فصعد في طلبه، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان، فاطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل، فلما نظر إليها هواها، و قد كان أخرج أوريا في بعض غزواته، فكتب إلى صاحبه: أن قدم أوريا أمام التابوت. فقدم، فظفر أوريا بالمشركين، فصعب ذلك على داود، فكتب إليه ثانية: أن قدمه أمام التابوت. فقدم، فقتل أوريا (رحمه الله)، فتزوج داود بامرأته.

قال: فضرب الرضا (عليه السلام) بيده على جبهته، و قال: «إنا لله و إنا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله (عليهم السلام) إلى التهاون بصلاته، حتى خرج في أثر الطير، ثم بالفاحشة، ثم بالقتل».

فقال: يا بن رسول الله، فما كانت خطيئته؟ قال: «ويحك، إن داود (عليه السلام) إنما ظن أن ما خلق الله عز و جل خلقا هو أعلم منه، فبعث الله عز و جل إليه الملكين، فتسورا المحراب، فقالا: خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ، وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها، وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ، فعجل داود (عليه السلام) على المدعى عليه، فقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه. و لم يسأل المدعي البينة على ذلك، و لم يقبل على المدعى عليه، فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم، لا ما ذهبتم إليه، ألا تسمع الله عز و جل يقول: يا داوُدُ إِنَّا

جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ، إلى آخر الآية؟».

فقال: يا بن رسول الله، فما كانت قصته مع أوريا؟ قال الرضا (عليه السلام): «إن المرأة في أيام داود (عليه السلام) كانت إذا مات بعلها، أو قتل لا تتزوج بعده أبدا، فأول من أباح الله له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود (عليه السلام)، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل و انقضت عدتها منه، فذلك شق على [الناس من قبل أوريا».

9084/ [9]- و

عنه: عن أبيه، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح، عن علقمة، عن الصادق (عليه السلام)، في حديث قال فيه: «يا علقمة، إن رضى الناس لا يملك، و ألسنتهم لا تضبط، و كيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله و رسله و حججه (عليهم السلام) ألم ينسبوا يوسف (عليه السلام) إلى أنه هم بالزنا؟ ألم ينسبوا أيوب (عليه السلام) إلى أنه ابتلي بذنوبه؟ ألم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى أنه تبع الطير، حتى نظر إلى امرأة أوريا فهواها، و أنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل، ثم تزوج بها؟».

__________________________________________________

9- أمالي الصدوق: 91/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 650

سورة ص(38): آية 27 ..... ص: 650

قوله تعالى:

وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [27]

9085/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد ابن الحسن الطائي، قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي، عن علي بن جعفر الكوفي، قال: سمعت سيدي علي بن محمد (عليه السلام) يقول: حدثني أبي محمد

بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه (عليهم السلام). و حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو القاسم إسحاق بن جعفر العلوي، قال:

حدثني أبي جعفر بن محمد بن علي، عن سليمان بن محمد القرشي، عن إسماعيل بن أبي زياد الكوفي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، و اللفظ لعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، قال: دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام: أ بقضاء من الله و قدر؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «أجل- يا شيخ- فو الله ما علوتم تلعة، و لا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله و قدر».

فقال الشيخ: عند الله أحتسب عنائي، يا أمير المؤمنين. فقال: «مهلا- يا شيخ- لعلك تظن قضاء حتما، و قدرا لازما، لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب، و الأمر و النهي، و الزجر، و لسقط معنى الوعد و الوعيد، و لم يكن على مسي ء لائمة، و لا لمحسن محمدة، و لكان المحسن أولى باللائمة من المذنب، و المذنب أولى بالإحسان من المحسن تلك مقالة عبدة الأوثان، و خصماء الرحمن، و قدرية هذه الامة و مجوسها.

يا شيخ، إن الله عز و جل كلف تخييرا، و نهى تحذيرا، و أعطى على القليل كثيرا،

و لم يعص مغلوبا، و لم يطع مكرها، و لم يخلق السماوات و الأرض و ما بينهما باطلا، ذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار».

قال: فنهض الشيخ، و هو يقول:

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته يوم المعاد من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا جزاك ربك عنا فيه إحسانا

فليس معذرة في فعل فاحشة قد كنت راكبها فسقا و عصيانا

لا لا و لا قائلا ناهيك واقعة «1» فيها عبدت إذن يا قوم شيطانا

__________________________________________________

1- التوحيد: 380/ 28.

(1) في المصدر: ناهيه أوقعه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 651

و لا أحب و لا شاء الفسوق و لا قتل الولي له ظلما و عدوانا

أنى يحب و قد صحت عزيمته ذو العرش أعلن ذاك الله إعلانا

قال ابن بابويه: لم يذكر محمد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث إلا بيتين من هذا الشعر، من أوله.

9086/ [2]- ثم

قال ابن بابويه أيضا: و حدثنا بهذا الحديث أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي العزائمي، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي بجرجان، قال: حدثنا عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر ببغداد، قال: حدثني عبد الوهاب بن عيسى المروزي، قال: حدثني الحسن بن علي بن محمد البلوي، قال:

حدثنا محمد بن عبد الله بن نجيح، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام).

و حدثنا بهذا الحديث أيضا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكرياء الجوهري، قال: حدثنا العباس بن بكار الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما انصرف أمير المؤمنين (عليه السلام) من صفين قام إليه شيخ ممن شهد معه الوقعة،

فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن مسيرنا هذا، أ بقضاء من الله و قدر؟ و ذكر الحديث مثله سواء، إلا أنه زاد فيه: فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، فما القضاء و القدر اللذان ساقانا، و ما هبطنا واديا، و لا علونا تلعة إلا بهما؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الأمر من الله، و الحكم» ثم تلا هذه الآية: وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً «1» أي أمر ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا.

و رواه محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، و إسحاق بن محمد، و غيرهما، رفعوه، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه، ثم قال له: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام، أ بقضاء من الله و قدر؟ و ساق الحديث «2»، إلا أنه ذكر في آخر الحديث من الأبيات بيتين.

سورة ص(38): آية 28 ..... ص: 651

قوله تعالى:

أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [28]

9087/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثني يحيى بن زكرياء اللؤلؤي، عن علي بن

__________________________________________________

2- التوحيد: 381.

1- تفسير القمّي 2: 234.

(1) الإسراء 17: 23.

(2) الكافي 1: 119/ 1. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 652

حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال سألت الصادق (عليه السلام) عن قوله: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، قال: «أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه، كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ حبتر، و زريق، و أصحابهما، أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه كَالْفُجَّارِ حبتر، و دلام، و أصحابهما».

9088/ [2]- محمد بن العباس، قال:

حدثنا علي بن عبيد، و محمد بن القاسم بن سلام، قال: حدثنا حسين بن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل:

أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ علي، و حمزة، و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ عتبة، و شيبة، و الوليد أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ علي (عليه السلام) و أصحابه كَالْفُجَّارِ فلان و أصحابه.

9089/ [3]- ابن شهر آشوب: عن تفسير أبي يوسف الفسوي، و قبيصة بن عقبة، عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الآية، نزلت في علي، و حمزة، و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ عتبة، و شيبة، و الوليد.

9090/ [4]- محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن حفص المؤذن، عن أبي عبد الله (عليه السلام). و محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قال (عليه السلام): «فإنه لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل، لأن الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل، ألم يعرفوا وجه قول الله في كتابه، إذ يقول: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ؟».

سورة ص(38): آية 29 ..... ص: 652

قوله تعالى:

كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ- إلى قوله تعالى- أُولُوا الْأَلْبابِ [29] 9091/ [1]- علي بن إبراهيم: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ فهم أهل الألباب الثاقبة «1».

قال: و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يفتخر بها، و يقول:

«ما أعطي أحد قبلي و لا بعدي مثل ما أعطيت».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 503/ 2.

3- المناقب 3: 118.

4- الكافي 8: 12.

1- تفسير القمّي 2: 234.

(1) في «ج، ي، ط»: الباقية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 653

سورة ص(38): الآيات 30 الي 33 ..... ص: 653

قوله تعالى:

وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ- إلى قوله تعالى- مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ [30- 33] 9092/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله: وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ و ذلك أن سليمان كان يحب الخيل و يستعرضها، فعرضت عليه يوما إلى أن غابت الشمس، و فاتته صلاة العصر، فاغتم من ذلك غما شديدا، فدعا الله عز و جل أن يرد عليه الشمس حتى يصلي العصر، فرد الله سبحانه عليه الشمس إلى وقت العصر حتى صلاها، فدعا بالخيل، فأقبل يضرب أعناقها و سوقها بالسيف حتى قتلها كلها، و هو قوله عز و جل: رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ».

9093/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده، قال زرارة و الفضيل: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): أ رأيت قول الله عز و جل: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً «1»؟. قال: «يعني كتابا مفروضا، و ليس يعني وقت فوتها، إن جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاة مؤداة، و لو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود (عليه السلام) حين صلاها لغير وقتها، و لكن متى ذكرها صلاها».

ثم قال ابن بابويه: إن الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان (عليه السلام) اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارت الشمس بالحجاب، ثم أمر برد الخيل، و أمر بضرب سوقها و أعناقها، و

قتلها، و قال: إنها شغلتني عن ذكر ربي عز و جل. و ليس كما يقولون، جل نبي الله سليمان (عليه السلام) عن مثل هذا الفعل، لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها و أعناقها، لأنها لم تعرض نفسها عليه، و لم تشغله، و إنما عرضت عليه، و هي بهائم غير مكلفة.

و الصحيح في ذلك ما

روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إن سليمان بن داود (عليه السلام) عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب، فقال للملائكة: ردوا الشمس علي حتى أصلي صلاتي في وقتها. فردوها، فقام فمسح ساقيه و عنقه، و أمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك، و كان ذلك وضوءهم للصلاة، ثم قام فصلى، فلما فرغ غابت الشمس، و طلعت النجوم: و ذلك قول الله عز و جل:

وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 234.

2- من لا يحضره الفقيه 1: 129/ 606 و 607.

(1) النساء 4: 103.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 654

9094/ [3]- الطبرسي، قال: قال ابن عباس: سألت عليا (عليه السلام) عن هذه الآية، فقال: «ما بلغك فيها، يا بن عباس؟». قلت: سمعت كعبا يقول: اشتغل سليمان بعرض الأفراس حتى فاتته الصلاة، فقال: ردوها علي- يعني الأفراس، و كانت أربعة عشر فرسا- فضرب سوقها و أعناقها بالسيف، فقتلها، فسلبه الله ملكه أربعة عشر يوما، لأنه ظلم الخيل بقتلها.

فقال علي (عليه السلام): «كذب كعب، لكن اشتغل سليمان بعرض الأفراس ذات يوم، لأنه أراد جهاد العدو، حتى توارت

الشمس بالحجاب، فقال، بأمر الله تعالى للملائكة الموكلين بالشمس: ردوها علي. فردت، فصلى العصر في وقتها. و إن أنبياء الله لا يظلمون، و لا يأمرون بالظلم، لأنهم معصومون، مطهرون».

9095/ [4]- الطبرسي: و قيل: معناه أنه سأل الله تعالى أن يرد الشمس عليه، فردها عليه حتى صلى العصر، فالهاء في رُدُّوها كناية عن الشمس. عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

سورة ص(38): الآيات 34 الي 39 ..... ص: 654

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ- إلى قوله تعالى- فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ [34- 39]

9096/ [1]- الطبرسي: روي أن الجن و الشياطين لما ولد لسليمان ابن، قال بعضهم لبعض: إن عاش له ولد لنلقين منه ما لقينا من أبيه من البلاء. فأشفق (عليه السلام) منهم عليه فاسترضعه المزن- و هو السحاب- فلم يشعر إلا و قد وضع على كرسيه ميتا، تنبيها على أن الحذر لا ينفع من القدر، و إنما عوقب «1» (عليه السلام) على خوفه من الشياطين. قال: و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).

9097/ [2]- قال الطبرسي: و من الأقوال: أن سليمان قال يوما في مجلسه: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله. و لم يقل: إن شاء الله. فطاف عليهن، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق ولد- رواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه و آله). قال: ثم قال: «فو الذي نفس محمد بيده، لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا».

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 741.

4- مجمع البيان 8: 741.

1- مجمع البيان 8: 741.

2- مجمع البيان 8: 741.

(1) في المصدر: عوتب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 655

9098/ [3]- ابن بابويه،

قال: حدثنا أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد الوراق، قال: حدثنا علي بن هارون الحميري، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: حدثنا أبي، عن علي بن يقطين، قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): أ يجوز أن يكون نبي الله عز و جل بخيلا؟ فقال: «لا».

فقلت له: فقول سليمان (عليه السلام): رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ما وجهه و ما معناه؟

فقال: «الملك ملكان: ملك مأخوذ بالغلبة، و الجور، و اختيار الناس، و ملك مأخوذ من قبل الله تبارك و تعالى، كملك «1» إبراهيم، و ملك طالوت، و ملك ذي القرنين. فقال سليمان (عليه السلام): هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، أن يقول: إنه مأخوذ بالغلبة، و الجور، و اختيار الناس، فسخر الله تبارك و تعالى له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، و جعل غدوها شهرا، و رواحها شهرا، و سخر له الشياطين كل بناء و غواص، و علم منطق الطير، و مكن في الأرض، فعلم الناس في وقته و بعده أن ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس، و المالكين بالغلبة و الجور».

قال: فقلت له: فقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رحم الله أخي سليمان، ما كان أبخله!» فقال (عليه السلام): «لقوله وجهان: أحدهما: ما كان أبخله بعرضه، و سوء القول فيه! و الوجه الآخر: يقول: ما كان أبخله إن كان أراد ما يذهب إليه الجهال!».

ثم قال (عليه السلام): «قد- و الله- أوتينا ما اوتي سليمان، و ما لم يؤت سليمان، و ما لم يؤت أحد من العالمين، قال الله عز

و جل في قصة سليمان: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ، و قال عز و جل في قصة محمد (صلى الله عليه و آله): ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «2»».

9099/ [4]- علي بن إبراهيم: إن سليمان لما تزوج باليمانية ولد منها ابن، و كان يحبه، فنزل ملك الموت على سليمان، و كان كثيرا ما ينزل عليه، فنظر إلى ابنه نظرا حديدا ففزع سليمان من ذلك، فقال لامه: «إن ملك الموت نظر إلى ابني نظرة أظنه قد امر بقبض روحه». فقال للجن و الشياطين: «هل لكم حيلة في أن تفروه من الموت؟».

فقال واحد منهم: أنا أضعه تحت عين الشمس في المشرق. فقال سليمان: «إن ملك الموت يخرج ما بين المشرق و المغرب» فقال واحد منهم: أنا أضعه في الأرض السابعة. فقال: «إن ملك الموت يبلغ ذلك». فقال آخر: أنا أضعه في السحاب و الهواء. فرفعه، و وضعه في السحاب، فجاء ملك الموت، فقبض روحه في السحاب، فوقع جسده ميتا على كرسي سليمان، فعلم أنه قد أخطأ. فحكى الله ذلك في قوله: وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ، و الرخاء: اللينة وَ الشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ أي في البحر وَ آخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 71/ 1. [.....]

4- تفسير القمي 2: 235.

(1) في «ط» و المصدر زيادة: آل.

(2) الحشر 59: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 656

يعني مقيدين، قد شد بعضهم إلى بعض، و هم الذين عصوا سليمان (عليه السلام) حين سلبه الله عز و

جل ملكه.

9100/ [5]- علي بن إبراهيم: و قال الصادق (عليه السلام): جعل الله عز و جل ملك سليمان في خاتمه، فكان إذا لبسه حضرته الجن و الإنس و الشياطين، و جميع الطير، و الوحوش و أطاعوه، فيقعد على كرسيه، و يبعث الله ريحا تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين، و الطير، و الإنس، و الدواب، و الخيل، فتمر بها في الهواء إلى موضع يريده سليمان (عليه السلام)، و كان يصلي الغداة بالشام، و يصلي الظهر بفارس، و كان يأمر الشياطين أن تحمل الحجارة من فارس يبيعونها «1» بالشام، فلما مسح أعناق الخيل و سوقها بالسيف سلبه الله ملكه، و كان إذا دخل الخلاء دفع خاتمه إلى بعض من يخدمه، فجاء شيطان فخدع خادمه، و أخذ منه الخاتم و لبسه، فخرت عليه الشياطين، و الإنس، و الجن، و الطيور، و الوحوش، و خرج سليمان في طلب الخاتم فلم يجده، فهرب، و مر على ساحل البحر، و أنكرت بنو إسرائيل الشيطان الذي تصور في صورة سليمان، و صاروا إلى امه، فقالوا لها، أ تنكرين من سليمان شيئا؟ فقالت: كان أبر الناس بي، و هو اليوم يبغضني «2»! و صاروا إلى جواريه و نسائه، فقالوا: أ تنكرن من سليمان شيئا؟ قلن: كان لم يكن يأتينا في الحيض، و هو الآن يأتينا في الحيض «3»! فلما خاف الشيطان أن يفطنوا به ألقى الخاتم في البحر، فبعث الله سمكة فالتقمته، و هرب الشيطان، فبقي بنو إسرائيل يطلبون سليمان أربعين يوما، و كان سليمان يمر على ساحل البحر، يبكي، و يستغفر الله، تائبا إلى الله مما كان منه، فلما كان بعد أربعين يوما مر بصياد يصيد السمك، فقال له: أعينك

على أن تعطيني من السمك شيئا؟

قال: نعم. فأعانه سليمان، فلما اصطاد دفع إلى سليمان سمكة، فأخذها، فشق بطنها، و ذهب يغسلها، فوجد الخاتم في بطنها، فلبسه، فخرت عليه الشياطين، و الجن، و الإنس، و الطير، و الوحش، و رجع إلى ما كان، و طلب ذلك الشيطان و جنوده الذين كانوا معه، فقيدهم، و حبس بعضهم في جوف الماء، و بعضهم في جوف الصخر بأسماء الله، فهم محبوسون معذبون إلى يوم القيامة.

قال: و لما رجع سليمان إلى ملكه قال لآصف بن برخيا، و كان آصف كاتب سليمان، و هو الذي كان عنده علم من الكتاب: قد عذرت الناس بجهالتهم، فكيف أعذرك؟ قال: لا تعذرني، فقد عرفت الشيطان الذي أخذ خاتمك، و أباه، و أمه، و عمه، و خاله، و لقد قال لي: اكتب لي. فقلت له: إن قلمي لا يجري بالجور. فقال: اجلس، و لا تكتب. فكنت أجلس و لا أكتب شيئا، و لكن أخبرني عنك يا سليمان، صرت تحب الهدهد و هو أخس الطير منبتا، و أنتنهن ريحا. قال: إنه يبصر الماء من وراء الصفا الأصم. قال: و كيف يبصر الماء من وراء الصفا، و إنما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يؤخذ بعنقه؟ فقال سليمان: قف يا وقاف، إنه إذا جاء القدر حال دون البصر».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 235.

(1) في «ط»: يبعثونها.

(2) في نسخة من «ط» زيادة: و يعصيني.

(3) (و هو الآن يأتينا في الحيض) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 657

9101/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي خالد القماط، أبي عبد الله (عليه السلام)،

قال: «قال بنو إسرائيل لسليمان: استخلف علينا ابنك. فقال لهم:

إنه لا يصلح لذلك. فلجوا «1» عليه، فقال: إني أسأله عن مسائل، فإن أحسن الجواب فيها استخلفته. ثم سأله، فقال:

يا بني، ما طعم الماء، و طعم الخبز، و من أي شي ء ضعف الصوت و شدته، و أين موضع العقل من البدن، و من أي شي ء القساوة و الرقة، و مم تعب البدن و دعته، و مم تكسب البدن و حرمانه؟ فلم يجبه بشي ء منها».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «طعم الماء: الحياة، و طعم الخبز القوة، و ضعف الصوت و شدته من شحم الكليتين، و موضع العقل الدماغ، ألا ترى أن الرجل إذا كان قليل العقل قيل له: ما أخف دماغك! و القسوة و الرقة من القلب، و هو قوله: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ «2»، و تعب البدن و دعته من القدمين، إذا تعبا في المشي تعب البدن، و إذا و دعا و دع البدن، و تكسب البدن و حرمانه من اليدين، إذا عمل بهما ردتا على البدن، و إذا لم يعمل بهما لم تردا على البدن شيئا».

9102/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن صندل الخياط، عن زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ، قال: «اعطي سليمان ملكا عظيما، ثم جرت هذه الآية في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان له أن يعطي ما يشاء من يشاء، و يمنع من يشاء، و أعطاه الله أفضل مما أعطى سليمان، لقوله تعالى: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ

فَانْتَهُوا «3»».

9103/ [8]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، أو غيره، عن سعد بن سعد، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «من أخلاق الأنبياء: التنظف، و التطيب، و حلق الشعر، و كثرة الطروقة، ثم قال: كان لسليمان بن داود (عليه السلام) ألف امرأة في قصر واحد، ثلاث مائة مهيرة، و سبع مائة سرية، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) له بضع «4» أربعين رجلا، و كان عنده تسع نسوة، و كان يطوف عليهن في كل يوم و ليلة».

9104/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي نصر، عن أبان، عن أبي حمزة، عن أصبغ بن نباتة،

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 238.

7- الكافي 1: 210/ 10.

8- الكافي 5: 567/ 50.

9- تفسير القمّي 2: 238.

(1) في المصدر: فألحّوا.

(2) الزمر 39: 22.

(3) الحشر 59: 7. [.....]

(4) البضع: النّكاح. «لسان العرب- بضع- 8: 14».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 658

عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «خرج سليمان بن داود (عليه السلام) من بيت المقدس، و معه ثلاث مائة ألف كرسي عن يمينه عليها الإنس، و ثلاث مائة ألف كرسي عن يساره عليها الجن، و أمر الطير فأظلتهم، و أمر الريح فحملتهم حتى وردوا إيوان كسرى في المدائن، ثم رجع و بات بإصطخر «1»، ثم غدا «2» فانتهى إلى مدينة بركاوان «3»، ثم أمر الريح فحملتهم حتى كادت أقدامهم يصيبها الماء، و سليمان على عمود منها، فقال بعضهم لبعض: هل رأيتم ملكا قط أعظم من هذا، و سمعتم به؟ فقالوا: ما رأينا، و لا سمعنا بمثله. فنادى ملك من السماء: ثواب تسبيحة واحدة في الله

أعظم مما رأيتم».

9105/ [10]- البرسي «4»، قال: ورد عن سليمان أن طعامه «5» كان في كل يوم ملحه سبعة أكرار «6»، فخرجت دابة من دواب البحر يوما، و قالت: يا سليمان، أضفني اليوم. فأمر أن يجمع لها مقدار سماطه شهرا، فلما اجتمع ذلك على ساحل البحر، و صار كالجبل العظيم، أخرجت الحوت رأسها و ابتلعته، و قالت: يا سليمان، أين تمام قوتي اليوم، فإن هذا بعض طعامي؟ فأعجبت سليمان، و قال لها: «هل في البحر دابة مثلك؟» فقالت: ألف دابة «7».

فقال سليمان: «سبحان الله الملك العظيم في قدرته! يخلق ما لا تعلمون».

و أما نعمة الله تعالى الواسعة، فقد قال لداود (عليه السلام): «يا داود، و عزتي و جلالي، لو أن أهل سماواتي و أرضي أملوني فأعطيت كل مؤمل أمله، و بقدر دنياكم سبعين ضعفا، لم يكن ذلك إلا كما يغمس أحدكم إبرة في البحر و يرفعها، فكيف ينقص شي ء أنا قيمه «8»».

9106/ [11]- الشيخ، في (مجالسه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن ابن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن سليمان (عليه السلام) لما سلب ملكه خرج على وجهه، فضاف رجلا عظيما، فأضافه، و أحسن إليه. قال: و نزل سليمان منه منزلا عظيما لما رأى من صلاته و فضله. قال: فزوجه بنته. قال: فقالت له بنت الرجل حين رأت منه ما رأت:

بأبي أنت و أمي، ما أطيب ريحك،

__________________________________________________

10- مشارق أنوار اليقين: 41.

11- الأمالي 2: 272.

(1) إصطخر: بلدة بفارس. «معجم البلدان 1: 211». في المصدر: فبات فاضطجع.

(2) في «ط، ي»: ثمّ عاد.

(3) بركاوان: ناحية بفارس. «معجم البلدان 1: 399». في المصدر: تركاوان.

(4) في «ي، ط»: الطبرسي.

(5) في المصدر: سماطه.

(6) الكر: 1980 لتر.

(7) في المصدر: ألف امة.

(8) في المصدر: أعطيته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 659

و أكمل خصالك! لا أعلم فيك خصلة أكرهها إلا أنك في مؤنة أبي. قال: فخرج، حتى أتى الساحل، فأعان صيادا على ساحل البحر، فأعطاه السمكة التي وجد في بطنها خاتمه».

9107/ [12]- و

روي أن سليمان (عليه السلام) كان يجلس على بساطه و يسير في الهواء، فمر ذات يوم و هو سائر في أرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات، حتى خافوا السقوط، فسكنت الريح، و نزل البساط في أرض كربلاء، فقال سليمان للريح: «لم سكنت؟» فقالت: إن هنا يقتل الحسين (عليه السلام). فقال: «و من يكون الحسين؟» فقالت: هو سبط محمد المختار، و ابن علي الكرار. فقال: «و من قاتله؟». فقالت: يقتله لعين أهل السماوات و الأرض يزيد (لعنه الله). فرفع سليمان يديه و لعنه، و دعا عليه، و أمن على دعائه الإنس و الجن، فهبت الريح، و سار البساط.

9108/ [13]- و

روي عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: كنا جلوسا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بمنزله لما بويع عمر بن الخطاب، قال: كنت أنا، و الحسن، و الحسين (عليهما السلام)، و محمد بن الحنفية، و محمد بن أبي بكر، و عمار بن ياسر، و المقداد بن الأسود الكندي (رضي الله عنهم): قال له ابنه الحسن (عليه السلام): «يا أمير المؤمنين، إن سليمان سأل

ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطاه ذلك، فهل ملكت مما ملك سليمان بن داود (عليه السلام)؟» فقال (عليه السلام): «و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إن سليمان بن داود سأل الله عز و جل الملك و أعطاه، و أن أباك ملك ما لم يملكه بعد جدك رسول الله (صلى الله عليه و آله) أحد قبله، و لا يملكه أحد بعده».

فقال له الحسن (عليه السلام): «نريد أن ترينا مما فضلك الله تعالى به من الكرامة». فقال (عليه السلام): «أفعل إن شاء الله».

و ساق الحديث بما فضله الله تعالى به، و في الحديث: فقال الحسن (عليه السلام): «يا أمير المؤمنين، إن سليمان ابن داود (عليه السلام) كان مطاعا بخاتمه، و أمير المؤمنين بماذا يطاع؟» فقال (عليه السلام): «أنا عين الله في أرضه، أنا لسان الله الناطق في خلقه، أنا نور الله الذي لا يطفأ، أنا باب الله الذي يؤتى منه، و حجته على عباده».

ثم قال: «أ تحبون أن أريكم خاتم سليمان بن داود (عليه السلام)؟». قال: «نعم». فأدخل يده إلى جيبه، فأخرج خاتما من ذهب، فصه من ياقوتة حمراء، عليه مكتوب: محمد و علي، فقال (عليه السلام): «تريدون أن أريكم سليمان ابن داود (عليه السلام)؟» فقلنا: نعم. فقام، و نحن معه، فدخل بنا بستانا ما رأينا أحسن منه، و فيه من جميع الفواكه و الأعناب، و أنهاره تجري، و الأطيار يتجاوبن على الأشجار، فحين رأته الأطيار جاءته ترفرف حوله حتى توسطنا البستان، فإذا سرير عليه شاب ملقى على ظهره، واضع يده على صدره، فأخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) الخاتم من جيبه، و جعله في إصبع سليمان (عليه السلام)، فنهض قائما، و قال: «السلام عليك

يا أمير المؤمنين، و وصي رسول رب العالمين، أنت و الله الصديق الأكبر، و الفاروق الأعظم، قد أفلح من تمسك بك، و قد خاب و خسر من تخلف عنك، و إني سألت الله تعالى بكم أهل البيت فأعطيت ذلك الملك».

__________________________________________________

12- ...، بحار الأنوار 44: 244/ 42.

13- ...، المحتضر: 71، بحار الأنوار 27: 33/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 660

قال سلمان: فلما سمعت كلام سليمان بن داود (عليه السلام) لم أتمالك نفسي، حتى وقعت على أقدام أمير المؤمنين (عليه السلام) أقبلها، و حمدت الله تعالى على جزيل عطائه بهدايته لنا إلى ولاية أهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس أهل البيت و طهرهم تطهيرا، و فعل أصحابي كما فعلت.

و الحديث طويل، تقدم بتمامه في باب (يأجوج و مأجوج) من آخر سورة الكهف «1»، و تقدمت الروايات أن خاتم سليمان بن داود (عليه السلام)، و عصا موسى (عليه السلام) عند الأئمة، في قوله تعالى: وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى من سورة طه «2».

سورة ص(38): الآيات 41 الي 44 ..... ص: 660

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ- إلى قوله تعالى- وَ لا تَحْنَثْ [41- 44]

9109/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن بلية أيوب (عليه السلام) التي ابتلي بها في الدنيا، لأي علة كانت؟

قال: «لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا و أدى شكرها، و كان في ذلك الزمان لا

يحجب إبليس من دون العرش، فلما صعد و رأى شكر أيوب نعمة ربه حسده إبليس، و قال: يا رب، إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، و لو حرمته دنياه، ما أدى إليك شكر نعمة أبدا، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي إليك شكر نعمة أبدا. فقيل له: قد سلطتك على ماله و ولده. قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا و لا ولدا إلا أعطبه، فازداد أيوب لله شكرا و حمدا، قال: فسلطني على زرعه. قال: قد فعلت. فجاء مع شياطينه، فنفخ فيه، فاحترق، فازداد أيوب لله شكرا و حمدا، فقال: يا رب، سلطني على غنمه. فسلطه على غنمه، فأهلكها، فازداد أيوب لله شكرا و حمدا. فقال: يا رب، سلطني على بدنه. فسلطه على بدنه، ما خلا عقله و عينيه، فنفخ فيه إبليس، فصار قرحة واحدة، من قرنه إلى قدمه، فبقي على ذلك عمرا طويلا يحمد الله و يشكره، حتى وقع في بدنه الدود، و كانت تخرج من بدنه فيردها، و يقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه. و نتن، حتى أخرجه أهل

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 239. [.....]

(1) تقدّم في الحديث (3) من الباب أعلاه.

(2) تقدّمت في تفسير الآيات (10- 18) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 661

القرية من القرية، و ألقوه في المزبلة خارج القرية. و كانت امرأته رحمة «1» بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (صلوات الله عليهم و عليها) تتصدق من الناس و تأتيه بما تجده.

قال: فلما طال عليه البلاء، و رأى إبليس صبره أتى أصحابا له كانوا رهبانا في الجبال، فقال: مروا بنا إلى هذا العبد

المبتلى، نسأله عن بليته. فركبوا بغالا شهبا و جاءوا، فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فقربوا «2» بعضا إلى بعض، ثم مشوا إليه، و كان فيهم شاب حدث السن، فقعدوا إليه، فقالوا: يا أيوب، لو أخبرتنا بذنبك لعل الله يجيبنا إذا سألناه، و ما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تستره.

فقال أيوب: و عزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا و يتيم أو ضعيف «3» يأكل معي، و ما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني.

فقال الشاب: شوه «4» لكم، عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها.

فقال: أيوب: يا رب، لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي. فبعث الله إليه غمامة، فقال: يا أيوب، أدل بحجتك، فقد أقعدتك مقعد الحكم، و ها أنا ذا قريب، و لم أزل. فقال: يا رب، إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك، ألم أشكرك، أ لم أسبحك؟». قال:

«فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب، من صيرك تعبد الله و الناس عنه غافلون، و تحمده، و تسبحه، و تكبره، و الناس عنه غافلون، أتمن على الله بما لله فيه المنة عليك؟ قال: فأخذ أيوب التراب، فوضعه في فيه، ثم قال: لك العتبى يا رب، أنت فعلت ذلك بي. فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله، فخرج الماء، فغسله بذلك الماء، فعاد أحسن ما كان، و أطرأ، و أنبت الله عليه روضة خضراء، و رد عليه أهله، و ماله، و ولده، و زرعه، و قعد معه الملك يحدثه و

يؤنسه.

فأقبلت امرأته و معها الكسر، فلما انتهت إلى الموضع إذا الموضع متغير، و إذا رجلان جالسان، فبكت، و صاحت، و قالت: يا أيوب، ما دهاك؟ فناداها أيوب، فأقبلت، فلما رأته و قد رد الله عليه بدنه و نعمه، سجدت لله شكرا، فرأى ذوائبها مقطوعة، و ذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب من الطعام، و كانت حسنة الذوائب، فقالوا لها: تبيعينا ذوائبك حتى نعطيك؟ فقطعتها و دفعتها إليهم، فأخذت منهم طعاما لأيوب، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب، و حلف عليها أن يضربها مائة، فأخبرته أنه كان سببه كيت و كيت، فاغتم أيوب من ذلك، فأوحى الله عز و جل إليه: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ، فأخذ مائة شمراخ، فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه.

ثم قال: وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ، قال: فرد الله عليه أهله الذين

__________________________________________________

(1) في المصدر: رحيمة.

(2) في المصدر: فقرنوا.

(3) في المصدر: ضيف.

(4) في المصدر: سوأة، و في نسخة من «ط، ي»: سوء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 662

ماتوا قبل البلاء، و رد الله عليه أهله الذين ماتوا بعد ما أصابه البلاء، كلهم أحياهم الله جميعا فعاشوا معه.

و سئل أيوب بعد ما عافاه الله تعالى: أي شي ء كان أشد عليك مما مر عليك؟ فقال: شماتة الأعداء. قال:

فأمطر الله عليه في داره فراش الذهب، و كان يجمعه، فإذا ذهب الريح منه بشي ء عدا خلفه فرده، فقال له جبرئيل:

أما تشبع، يا أيوب؟ قال: و من يشبع من رزق ربه؟».

9110/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن يحيى بن عمران، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، في قول الله عز و جل: وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ «1»، قلت: ولده كيف اعطي مثلهم معهم؟

قال: «أحيا له من ولده الذين ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ».

9111/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنما كانت بلية أيوب التي ابتلي بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها، و كان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس، فقال: يا رب إن أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، فلو حلت بينه و بين دنياه ما أدى إليك شكر نعمة، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي شكر نعمة. فقال: قد سلطتك على دنياه. فلم يدع له دنيا، و لا ولدا إلا أهلكه، كل ذلك و هو يحمد الله عز و جل، ثم رجع إليه، فقال: يا رب إن أيوب يعلم أنك سترد عليه دنياه، التي أخذتها منه، فسلطني على بدنه حتى تعلم أنه لا يؤدي شكر نعمة. قال الله عز و جل: قد سلطتك على بدنه ما عدا عينيه، و قلبه، و لسانه، و سمعه».

فقال أبو بصير: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فانقض مبادرا خشية أن تدركه رحمة الله عز و جل فتحول بينه و بين أيوب، فنفخ في منخريه من نار السموم، فصار جسده نقطا نقطا».

9112/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله

عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن درست الواسطي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن أيوب ابتلي من غير ذنب».

9113/ [5]- و

عنه، بهذا الإسناد: عن الحسن بن علي الوشاء، عن فضل الأشعري، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ابتلي أيوب (عليه السلام) سبع سنين بلا ذنب».

9114/ [6]- و

عنه، بهذا الإسناد: عن الحسن بن علي الوشاء، عن فضل الأشعري، عن الحسن بن الربيع، عمن

__________________________________________________

2- الكافي 8: 252/ 354.

3- علل الشرائع: 75/ 1.

4- علل الشرائع: 75/ 2.

5- علل الشرائع: 75/ 3.

6- علل الشرائع: 75/ 4.

(1) الأنبياء 21: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 663

ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى ابتلى أيوب (عليه السلام) بلا ذنب، فصبر حتى عير، و أنتم لا تصبرون «1» على التعيير».

9115/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن يحيى البصري، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا الحسن الماضي (عليه السلام) عن بلية أيوب، التي ابتلي بها فى الدنيا، لأية علة كانت؟

قال: «لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا فأدى شكرها، و كان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس دون العرش، فلما صعد أداء شكر نعمة أيوب، حسده إبليس، فقال: يا رب، إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، و لو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا. قال: فقيل له: إني قد

سلطتك على ماله، و ولده.

قال: فانحدر إبليس، فلم يبق له مالا و لا ولدا إلا أعطبه، فلما رأى إبليس أنه لا يصل إلى شي ء من أمره، قال: يا رب، إن أيوب يعلم أنك سترد عليه دنياه التي أخذتها منه، فسلطني على بدنه. قال: فقيل له: إني قد سلطتك على بدنه، ما خلا قلبه، و لسانه، و عينيه و سمعه. قال: فانحدر إبليس مستعجلا مخافة أن تدركه رحمة الرب عز و جل، فتحول بينه و بين أيوب.

فلما اشتد به البلاء، و كان في آخر بليته جاءه أصحابه، فقالوا له: يا أيوب، ما نعلم أحدا ابتلي بمثل هذه البلية إلا لسريرة سوء، فلعلك أسررت سوءا في الذي تبدي لنا. قال: فعند ذلك ناجى أيوب ربه عز و جل، فقال:

رب ابتليتني بهذه البلية، و أنت تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط إلا لزمت أخشنهما على بدني، و لم آكل أكلة قط إلا و على خواني يتيم، فلو أن لي منك مقعد الخصم لأدليت بحجتي: قال: فعرضت له سحابة، فنطق فيها ناطق، فقال:

يا أيوب، أدل بحجتك! قال: فشد عليه مئزره، و جثا على ركبتيه، فقال: ابتليتني بهذه البلية و أنت تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط إلا لزمت أخشنهما على بدني، و لم آكل أكلة من طعام إلا و على خواني يتيم. قال: فقيل له: يا أيوب، من حبب إليك الطاعة؟ قال: فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه، ثم قال: أنت، يا رب».

9116/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جعفر بن محمد،

عن أبيه (عليهما السلام)، قال: إن أيوب (عليه السلام) ابتلي من غير ذنب، و إن الأنبياء لا يذنبون لأنهم معصومون مطهرون، لا يذنبون، و لا يزيغون، و لا يرتكبون ذنبا صغيرا و لا كبيرا».

و قال (عليه السلام): «إن أيوب (عليه السلام) مع جميع ما ابتلي به لم تنتن له رائحة، و لا قبحت له صورة، و لا خرجت منه مدة «2» من دم، و لا قيح، و لا استقذره أحد رآه، و لا استوحش منه أحد شاهده، و لا تدود شي ء من جسده،

__________________________________________________

7- علل الشرائع: 76/ 5.

8- الخصال: 399/ 108. [.....]

(1) في المصدر: عيّر، و إن الأنبياء لا يصبرون.

(2) المدّة: ما يجتمع في الجرح من القيح. «الصحاح- مدد- 2: 537».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 664

و هكذا يصنع الله عز و جل بجميع من يبتليه من أنبيائه و أوليائه المكرمين عليه.

و إنما اجتنبه الناس لفقره و ضعفه في ظاهر أمره، لجهلهم بما له عند ربه تعالى من التأييد و الفرج، و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله): أعظم الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، و إنما ابتلاه الله عز و جل بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس، لئلا يدعوا له الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه، و ليستدلوا بذلك على أن الثواب من الله تعالى ذكره على ضربين: استحقاق، و اختصاص. و لئلا يحتقروا ضعيفا لضعفه، و لا فقيرا لفقره، و لا مريضا لمرضه، و ليعلموا أنه يسقم من شاء، و يشفي من شاء متى شاء، كيف شاء بأى سبب «1»، شاء و يجعل ذلك عبرة لمن شاء، و شقاوة لمن شاء، و

سعادة لمن شاء، و هو عز و جل في جميع ذلك عدل في قضائه، و حكيم في أفعاله، لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم، و لا قوة لهم إلا به».

9117/ [9]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عثمان النواء، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل يبتلي المؤمن بكل بلية، و يميته بكل ميتة، و لا يبتليه بذهاب عقله، أما ترى أيوب كيف سلط إبليس على ماله و على ولده، و على أهله، و على كل شي ء منه، و لم يسلطه على عقله، تركه له ليوحد الله به».

9118/ [10]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير: أن عباد المكي قال: قال لي سفيان الثوري: أرى لك من أبي عبد الله (عليه السلام) منزلة، فاسأله عن رجل زنى و هو مريض، فإن أقيم عليه الحد خافوا أن يموت، ما تقول فيه؟ قال: فسألته، فقال لي: «هذه المسألة من تلقاء نفسك، أو أمرك إنسان أن تسأل عنها؟» قال: قلت: إن سفيان الثوري أمرني أن أسألك عنها.

قال: فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أتي برجل كبير قد استسقى «2» بطنه، و بدت عروق فخذيه، و قد زنى بامرأة مريضة، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأتي بعرجون فيه مائة شمراخ، فضربه ضربة واحدة، و ضربها ضربة واحدة، و خلى سبيلهما، و ذلك قوله تعالى: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ».

9119/ [11]- (تحفة الإخوان): بحذف الإسناد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال:

سألته عن بلية أيوب (عليه السلام) التي ابتليها في الدنيا، لأي شي ء علته؟

قال: «لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا، و أدى شكرها، و ذلك أنه لم يكن بعد يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم (عليه السلام) إلا أيوب بن موص بن رعويل «3» بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، و كان أيوب رجلا

__________________________________________________

9- الكافي 2: 199/ 22.

10- التهذيب 10: 32/ 108.

11- تحفة الإخوان: 53. «مخطوط».

(1) في نسخة من «ج، ي، ط»: شي ء.

(2) سقى بطنه و استسقى: أي اجتمع فيه ماء أصفر. «الصحاح- سقى- 6: 2380».

(3) في «ي، ط» نسخة بدل: روعيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 665

عاقلا، حليما، نظيفا، حكيما، و كان أبوه رجلا مثريا كثير المال، يملك الماشية من الإبل، و البقر، و الغنم، و الحمير، و البغال، و الخيل، و لم يكن في أرض الشام من كان في غنائه، فلما مات ورث ذلك أيوب، و كان أيوب يومئذ عمره ثلاثين سنة، فأحب أن يتزوج، فوصفت له رحمة بنت إفرائيم «1» بن يوسف (عليه السلام)، و كانت رحمة عند أبيها بأرض مصر، و كان أبوها شديد الفرح بها، و كان يحبها حبا عظيما، لأنه رأى في المنام أن جدها يوسف (عليه السلام) نزع قميصا كان عليه فألبسها إياه، و قال: يا رحمة، هذا حسني و جمالي و بهائي قد وهبته لك.

و كانت رحمة أشبه الخلق بيوسف (عليه السلام)، و كانت زاهدة عابده، فلما سمع بها أيوب رغب فيها، فخرج إلى بلدها و معه مال جزيل و هدايا، و سار حتى وصل إلى أبيها، فخطب منه ابنته رحمة، فزوجه إياها لزهده و ماله، و جهزها إليه، فحملها أيوب إلى بلاده، فرزقه

الله منها اثني عشر بطنا، في كل بطن ذكر و أنثى.

ثم بعثه الله إلى قومه رسولا، و هم أهل حوران و البثنة «2»، و أعطاه الله من حسن الخلق و الرفق ما لم يعطه أحد، و لم يخالفه أحد، و لا يكذبه أحد لشرفه و شرف أبيه، فشرع لهم الشرائع، و بنى لهم المساجد، و كانت له موائد يضعها للفقراء و المساكين و الأضياف يضيفهم و يكرمهم، و كان لليتيم كالأب الرحيم، و للأرملة كالزوج العطوف، و للضعيف كالأب الودود، و كان قد أمر وكلاءه و أمناءه أن لا يمنعوا أحدا من زرعه و أثماره، و كان الطير و الوحوش و جميع الأنعام ترعى في كسبه «3»، و بركة الله تعالى تزداد لأيوب (عليه السلام) صباحا و مساء، و كانت جميع مواشيه تحمل في كل سنة توأمين، و لم يكن أيوب (عليه السلام) يفرح بشي ء من ذلك، لكنه يقول: إلهي و سيدي و مولاي و سندي، هذه الدنيا على هذه الحالة، فكيف بالآخرة و الجنة التي خلقتها لأهل كرامتك؟

و كان إذا جاء الليل يجمع من يلوذ به في مسجده، يصلون بصلاته، و يسبحون بتسبيحه، حتى إذا أصبح أمر باتخاذ الطعام لهم، و لجميع الضعفاء، و كان يذهب له في ذلك مال لا يحصى، و كان له من الخيل ألف فرس، و ألف رمكة، و ألف بغل و بغلة، و ثلاثة آلاف بعير، و ألف و خمس مائة ناقة، و ألف ثور، و ألف بقرة، و عشرة آلاف شاة، و خمس مائة فدان، و ثلاث مائة أتان «4»، و خلف كل رمكة مهران أو ثلاثة، و كل ناقة فصيل، و كذلك جميع مواشيه، و على كل

خمسين رأسا من هذه راع مملوك لأيوب، و لكل عبد منهم أهل و ولد.

و كان إبليس اللعين لا يمر على شي ء من مال أيوب إلا رآه مختوما بخاتم الشكر، مطهرا بالزكاة، فحسده، و لم يقدر له على ضرر، و كان إبليس في ذلك الزمان يصعد إلى السماوات السبع، و يحجب من دون العرش، و يقف في أي مكان منها شاء، حتى رفع عيسى بن مريم (عليه السلام)، فحجب عن أربع سماوات، و يصعد إلى ثلاثة منها، حتى بعث النبي (صلى الله عليه و آله)، فحجب إبليس عن جميعها، و كان يسترق السمع بعد ذلك، و منه تعجبت الإنس و الجن، و ذلك معنى قوله تعالى: وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً

__________________________________________________

(1) في «ج، ي»، و «ط» نسخة بدل: افراثيم، و في المصدر: مزايم.

(2) البثنة أو البثنية: قرية بين دمشق و أذرعات كان أيوب (عليه السلام) منها. «معجم البلدان 1: 338».

(3) في المصدر: أرضه.

(4) الأتان: الحمارة. «الصحاح- اتن- 5: 2067».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 666

وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً «1».

فصعد إبليس اللعين في زمان أيوب (عليه السلام) إلى ما دون العرش كما كان يصعد، و وقف في الموضع الذي كان يقف فيه، و في قلبه من النبي أيوب ما فيه، و الله مطلع على السر و العلانية، فنودي: يا ملعون، من أين أقبلت؟

فقال: إلهي، طفت الأرض لأفتن من أطاعني، ففتنتهم إلا عبادك منهم المخلصين. فنودي: يا لعين، ما في قلبك من نعمة أيوب؟ فقال إبليس: يا رب، إنك ذكرته فصلت عليه ملائكتك. فنودي: يا لعين، هل نلت منه شيئا مع طول عبادته،

فهل تستطيع أن تغويه عن عبادتي؟ فقال: إلهي و مولاي، إن أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة، و نظرت في أمره و إذا هو عبد عافيته فقبل عافيتك، و رزقته فشكرك، و لم تجربه في البلاء و المصائب، فلو ابتليته لوجدته بخلاف ما هو عليه، و لو سلطنتي- يا رب- على ماله لرأيته كيف ينساك. فنودي: يا ملعون، قد سلطتك على ماله لتعلم أنك كاذب فيما تعتقده فيه».

قال: «فانقض من السماوات حتى وقف على الصخرة التي رضخ عليها قابيل رأس أخيه هابيل (عليه السلام)، و هي صخرة سوداء ينبع منها صديد اللعنة، فوقف إبليس عليها، و رن رنة حتى اجتمع عليه العفاريت المتمردون من المشرق و المغرب، فقالوا: يا أبانا، و ما وراءك، و ما دهاك؟ فقال: إني مكنت من فرصة ما تمكنت من مثلها منذ أخرجت آدم من الجنة، و ذلك أني سلطت على مال أيوب لافقره، و اعطب ماله. فقال بعضهم: سلطني على أشجاره، فإني أتحول نارا، و لا أمر على شي ء إلا أحرقته، و صيرته رمادا. فقال إبليس: أنت لذلك. و قال آخر:

سلطني على مواشيه حتى أصيح صيحة تخرج أرواحها. فقال أنت لذلك. فأقبل الأول، و تحول نارا، حتى أحرق تلك الأشجار و الآجام. و أقبل الآخر على المواشي، فصاح بها صيحة خرجت كلها ميتة مع رعاتها.

فرأى أهل القرية دخانا عظيما، و صيحة عظيمة، ففزعوا فزعا شديدا، فأقبل اللعين إلى أيوب و هو في صلاته، و خيل إلى أيوب أنه أصابه وهج ذلك الحريق، و قد اسود وجهه، و تمعط «2» شعره، و هو لعنه الله ينادي: يا أيوب، أدركني، فأنا الناجي من دون غيري، فما رأيت نارا أقبلت من السماء فيها

دخان فأحرقت ما لك- يا أيوب- و أصابتني نفحة من نفحاتها، و سمعت مناديا من السماء يقول: هذا جزاء من كان مرائيا في عبادته، يريد بها الناس دون الله تعالى. و قال إبليس: و سمعت النار تقول: أنا نار الغضب، أنا نار السخط.

قال: فلما سمع أيوب ذلك أقبل على صلاته، و لم يلتفت إليه حتى فرغ من صلاته تامة كاملة، فقال: يا هذا، ليست هي أموالي، و إنما هي أموال الله تعالى يفعل بها ما شاء. فقال إبليس لعنه الله: صدقت. و ماج الناس، فقال بعضهم: هذا ما قبضه قبض العجب. و قال آخرون: ما كان أيوب صادقا في توبته، فلهذا جازاه بهذا الجزاء. فشق ذلك على أيوب من قولهم، و لم يجبهم، غير أنه قال: الحمد لله على قضائه و قدره.

فأقبل النبي أيوب على اللعين إبليس، و قال له: من أنت أيها العبد؟ كأنك ممن أخرجه الله من رحمته،

__________________________________________________

(1) الجن 72: 8 و 9.

(2) تمعّط شعره: أي تساقط. «الصحاح- معط- 3: 1161». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 667

و سلب عنه نعمته، و لو علم فيك خيرا لأخبرني بك، و لقبض روحك مع أرواح الرعاة، و لكنه علم فيك شرا فخلصك منها كما يخلص الزوان «1» من القمح، فسر عني- أيها العبد- مذموما مدحورا. فقال إبليس: صدق من قال: لا تخدموا المتكبرين. يا أيوب، الآن علمت أنك كنت مرائيا في صلاتك، ألم أكن لك عبدا شفيقا من عبيدك، ألم أكن حريصا على أموالك، فما جزائي منك إلا أن تعيرني بما نالني من وهج الحريق، دون أن تقول ما تقوله؟ فلم يكلم إبليس، و أقبل أيوب على صلاته.

و انصرف عنه إبليس خائبا ذليلا، و صعد

إلى السماء كما كان يصعد، و وقف كما كان يقف، فنودي: يا ملعون، كيف وجدت عبدي أيوب، كيف صبر على ذهاب أمواله جميعا، من المواشي، و العبيد، و غيرها، و كيف حمدني على البلية؟ فقال اللعين: إلهي و سيدي، إنك متعته بعافية أولاده، و زخارف دوره، و لو سلطتني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي إليك شكر نعمة أبدا. فنودي: يا ملعون، اذهب، فقد سلطتك على أولاده».

قال: فانقض عدو الله إلى قصر أيوب الذي فيه أولاده، فأما البنون: فحزقل، و هو أكبرهم، و مقبل، و رشد، و رشيد، و بهارون، و بشير، و أقرون، و الباقي من الذكور، لم نجد لهم أسماء في الكتب و القصص. و أما البنات:

فمرجانة «2»، و عبيدة، و صالحة، و عافية، و تقية «3»، و مؤمنة. قال: «فزلزل عليهم القصر بنفسه حتى سقط بعضه على بعض، و جعل يشد أفواههم بالخشب، و الخرق، و يقذفهم بالجندل، حتى مثل بهم أقبح مثلة، و أوحى الله تعالى إلى الأرض: أن احفظي أولاد النبي أيوب، فإني بالغ مشيئتي فيهم، و لأجزينهم بذلك الثواب. فأقبل إبليس إلى أيوب، و قال: يا أيوب، لو رأيت قصورك و أولادك كيف صاروا، و لقد صارت قصورهم لهم قبورا، و طينها صار لهم حنوطا، و ثيابهم و فرشهم صارت لهم أكفانا، و لو أبصرت كيف تغيرت تلك الوجوه الحسان بالدماء و التراب، و العظام كيف تهشمت، و اللحوم كيف رصعت «4»، و الجلود كيف تمزقت. و لم يزل إبليس اللعين يعد عليه مثل هذا بافتجاع و انكسار و انتحاب حتى بكى أيوب (عليه السلام)، و ساعده إبليس على البكاء، فندم أيوب على بكائه، و أخذ قبضة من

التراب، و وضعها على رأسه، و استغفر الله تعالى، و خر ساجدا، ثم أقبل على إبليس، و قال له: يا ملعون، انصرف عني خائبا ذليلا مدحورا، فإن أولادي كانوا عارية لله تعالى عندي، و لا بد من اللحاق بهم».

قال: «فانصرف إبليس و لم ينل منه، و صعد إلى السماء كما كان يصعد، و وقف كما كان يقف، فأتاه النداء: يا ملعون، كيف رأيت عبدي أيوب و توبته و استغفاره بعد بكائه؟ فقال إبليس: إلهي و سيدي، إنك متعته بعافية نفسه، و فيها عوض عن المال و الولد، فلو سلطنتي على بدنه لرأيته كيف ينسى ذكرك، و يترك شكرك. فنودي: يا لعين، اذهب، فقد سلطتك على بدنه، ما خلا: عينيه «5»، و عقله، و لسانه الذي لا يفتر عن ذكري، و أذنيه».

__________________________________________________

(1) الزوان: حبّ يخالط البرّ. «الصحاح- زون- 5: 2133».

(2) في «ي، ط»: فنحاة، و في «ج» و «ط» نسخة بدل: فمنجاة.

(3) في المصدر: نفيسة.

(4) رصع الحبّ: دقّه بين حجرين. «لسان العرب- رصع- 8: 125».

(5) في المصدر: قلبه و عينه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 668

قال: «فانقض إليه اللعين، فوجد أيوب في مسجده متضرعا إلى الله تعالى بأنواع الثناء، داعيا إليه بأعظم الدعاء، و يشكره على جميع النعماء، و يحمده على جميع البلاء، و هو يقول: و عزتك و جلالك، لا ازددت على بلائك إلا شكرا، و لو ألبستني ثوب البلاء سرمدا لا ازددت على بلائك إلا صبرا. قال: فلما سمع إبليس اغتاظ من قوله، و عجل، و لم يتركه حتى يرفع رأسه من السجود، فانحدر في الأرض حتى صار تحت أنفه، ثم نفخ في فيه و منخريه نار اللهب، فاسود وجه أيوب (عليه السلام) في

الحال، فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدميه، فتمعط منها شعره، فلما كان اليوم الثاني ورم، و عظم، و في الثالث اسود، و في الرابع امتلأ ماء أصفر، و في الخامس صار قيحا، و في السادس وقع فيه الدود، و سال صديده، و وقع فيه الحكاك «1»، فحك جسده شهرين حتى سقطت أظافيره، ثم حك بالمسوح و الخرق، و بالحجارة الخشنة، و كان إذا رأى دودة سقطت من بدنه ردها بيده إلى موضعها، و يقول لها: كلي من لحمي و دمي حتى يأتي الله بالفرج.

فقالت رحمة: يا أيوب، ذهب المال و الولد، و قد بدأ الضر في الجسد. فقال أيوب: يا رحمة، إن الله تعالى ابتلى النبيين من قبلي فصبروا، و إن الله تعالى وعد الصابرين خيرا. ثم خر أيوب ساجدا، و جعل يقول: إلهي و سيدي، لو جعلت علي ثوب البلاء سرمدا، و حرمتني العافية، و مزقتني الديدان، ما ازددت إلا شكرا، إلهي لا تشمت بي عدوي إبليس اللعين».

قال: «و كانت رحمة تبكي مرة، و تصرخ أخرى لما ترى من بلاء أيوب، و هو (عليه السلام) ينهاها عن ذلك، و يقول لها: أ لست أنت من بنات الأنبياء، و تعلمين أني نبي الله، و أن لي أسوة بالنبيين و المرسلين، و آبائك: إبراهيم، و إسماعيل، و إسحاق، و يعقوب، و يوسف؟ ثم سأل الله تعالى لها الصبر على ما تشاهد منه، ثم قال لها أيوب:

انطلقي التمسي لي موضعا غير مسجدي فاحمليني إليه. فمضت رحمة، و نظرت له موضعا، ثم عادت إليه فاحتملته إلى فضاء من الأرض، و كان قد قال لها: إني لا أحب أن يتلوث المسجد.

ثم انطلقت إلى قوم كان أيوب (عليه السلام)

يبرهم و يحسن إليهم كثيرا، فلما التمست له موضعا، طلبتهم أن يعينوها على إخراج أيوب من المسجد. فقالوا لها: إن أيوب قد غضب عليه ربه و هتك ستره لما كان فعله من الرياء، فيا ليت كان بيننا و بينه بعد المشرقين، فإنه لو كان فيه خير في عبادة ربه، ما ابتلاه. فرجعت رحمة إلى أيوب، و قالت له: يا أيوب، جلت المصيبة، خاب أملنا من أهل المعارف و أهل الاصطناع. فقال لها: يا رحمة، هكذا يكونون أهل البلاء، و لكن تقدمي إلي، و قولي: لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، و أدخلي يدك اليمنى تحت رأسي، و يدك اليسرى تحت رجلي، و احمليني. ففعلت ذلك، و احتملته بقوة الله تعالى حتى أخرجته إلى الفضاء، و هو الموضع الذي يوضع فيه الموائد من أيوب للضعفاء و المساكين.

ثم قال: يا رحمة، إن الصدقة حرام علينا، و لا تحل لنا، فاحتالي في الخدمة. فأسبل دمعته. فقالت رحمة: ما يبكيك، يا نبي الله؟ فقال لها: يا رحمة، أنت من بنات النبيين، و من نسل المرسلين، و أنت امرأة عظيمة الحسن

__________________________________________________

(1) الحكاك: داء يحكّ منه كالجرب. «المعجم الوسيط- حكك- 1: 190».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 669

و الجمال، و ما اعطي الحسن و الجمال في زمانك إلا جدك يوسف (عليه السلام)، و إن في القرية فساق كثيرة، و أنت تخدمين، و أخشى عليك من مكائد إبليس اللعين. فبكت رحمة، و قالت: يا نبي الله، ما جزائي منك إلا أن تتهمني و تنسبني إلى ذلك، و أنا من بنات النبيين و الصديقين الطاهرين؟! و حق آبائي و أجدادي ما ملت بعيني إلى آدمي بعدك. فعند ذلك أذن لها

أيوب (عليه السلام) بالخدمة.

و كانت تخدم أهل البثنة في سقي الماء، و كنس البيوت، و إخراج المزابل، و غسل الثياب و الخرق، و يعطونها الاجرة و تنفقها على أيوب (عليه السلام) في طعامه و شرابه، فأقبل إبليس في صورة شيخ كبير حتى وقف على أهل القرية، فقال لهم: كيف تطيب أنفسكم بامرأة تعالج من زوجها القيح، و الصديد، و نتن الرائحة، ثم تدخل بيوتكم و تدخل يديها في أوعيتكم، و طعامكم، و شرابكم؟ قال: فوقع ذلك في قلوبهم، و لم يتركوا رحمة أن تدخل بيوتهم من ذلك اليوم. فكرهت رحمة أن تخبر أيوب (عليه السلام) بذلك حتى لا يزداد حزنا على حزنه، و كان القوم لا يستخدمونها، و كانوا يعطونها الشي ء فتطعمه ذلك، و لا تخبره بشي ء من أمرها».

قال: «فاشتد بأيوب البلاء و نتن رائحته، حتى لا يقدر أحد من أهل القرية أن يستقر في بيته لشدة نتن الرائحة، و لم يدروا ما يصنعون، فاجتمع رأيهم على أن يرسلوا عليه كلابا لتأكله، فبلغ ذلك رحمة، فجاءت إلى أيوب فأخبرته بذلك، فقال لها: يا رحمة، لم يكن الله تعالى بالذي يسلط علي الكلاب و أنا نبيه و ابن أنبيائه. قال:

فجمع أهل القرية كلاب الرعاة، فأرسلوها على أيوب (عليه السلام)، فجاءت إليه تعدو، فلما تقاربت منه رجعت إلى خلفها، فهربت الكلاب عن البلاد حتى لم يكن في تلك القرية كلب واحد.

و كان القوم يأتون أيوب، و يقولون له: لا صبر لنا على بليتك، إما أن تخرج عنا و إلا رجمناك بالحجارة حتى تموت فنستريح منك. فقال لهم أيوب: لا ترجموني بالحجارة، و لكن أخرجوني من قريتكم إلى بعض مزابلكم، فإني أرجو من الله تعالى أن لا يضيعني.

فقالوا له: إنا نستقذرك و أنت بعيد عنا، فكيف ندنو منك و نحملك؟ ثم انصرفوا عنه.

فقال أيوب لرحمة: أيتها الصديقة الطاهرة البارة، قد عرفت أن هؤلاء القوم قد بغضوني و ملوني، فقفي على مفرق الطريق، فلعلك أن تقفي على أحد من الناس فتخبرينه بقصتي، و تسأليه أن يعينك على حملي من هذه القرية. فقالت رحمة: لا تعجل علي حتى أخرج إلى بلد كذا و كذا و أتخذ لك هناك عريشا.

ثم وقفت على الطريق تنظر من يمر بها، و إذا هي برجلين كأنهما قمرين، تفوح منهما رائحة طيبة، فتوسمت فيهما الخير، و استحيت أن تسألهŘǠعن حاجتها، فلما دنوا منها قالا لها: و أين أيوب خليلنا و صديقنا، و كيف هو على بلائه؟ فأخبرتهما بحاله، و ضجر أهل القرية منه، و كيف سوت له العريش على المزبلة، ثم قالت لهما: إن لي إليكما حاجة، و هي دعوة منكما له بالعافية. فقالا لها: نعم، فإذا رجعت إليه فأقرئيه منا السلام. ثم أنهما مضيا، فانصرفت رحمة إلى أيوب، و أخبرته بحديث الرجلين و ما كان منهما، فصاح أيوب صيحة، و قال: وا شوقاه إليك يا جبرئيل، وا شوقاه إليك يا ميكائيل، ثم قال: يا رحمة، و من مثلك الآن و قد كلمتك الملائكة. فقالت له رحمة: قد هيأت لك العريش، و لكن اصبر حتى أقف على قارعة الطريق لعل أحدا يمر بي فيساعدني على حملك. البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 670

ثم مضت و وقفت على قارعة الطريق، و إذا هي بأربعة نفر من الملائكة، فسألوها، و قالوا لها: أيتها المرأة، أ لك حاجة؟ قالت: نعم، و هي أن تعينوني على حمل نبي الله أيوب إلى مزبلة كذا و

كذا. فأقبلوا حتى وقفوا على أيوب (عليه السلام)، و صبروه على بلائه، و دعوا له بالعافية، و احتملوه بأطراف النطع، و وضعوه على باب العريش، فانصرفوا عنه. و كانت رحمة قد جمعت في العريش ترابا كثيرا، و اتخذت منصة منه، ثم قالت له: قم- يا أيوب- إلى فراشك التراب من بعد الفرش الممهدة، و وسادك الحجارة من بعد الوسائد المنضدة. فقال لها أيوب: أ لم أنهك عن ذكر شي ء من نعيم الدنيا؟ فزحف أيوب، و ألقى بنفسه على ذلك الرماد، و هو يسبح الله العلي الأعلى، و يقول:

سبحان العزيز الأدنى، سبحان الرفيع الأعلى، سبحانه و تعالى. ثم عمدت رحمة إلى كساء كان عندها فجعلته غطاء، و سترت باب العريش، و كانت تصدع بخدمته، و تأتيه بما تجده.

و مضت تطلب له شيئا من الطعام لتأتيه به، فأقبلت إلى باب دار فسألتهم، فقالت لها امرأة من داخل الدار:

إليك عنا، فإن رب أيوب قد سخط عليه. و سارت إلى باب آخر، و قالوا لها مثل ذلك، حتى دارت القرية و لم يعطوها شيئا، فرجعت باكية إلى أيوب، و قالت له: إن القوم طردوني، و أغلقوا الأبواب من دوني. فقال لها أيوب: لا بأس عليك- يا رحمة- إن أغلقوا أبوابهم دوننا، فإن الله لا يغلق أبواب رحمته دوننا، و لكن- يا رحمة- لعلك مللتني، و لعلك تريدين فراقي؟ فقالت رحمة: أعوذ بالله من ذلك، و أي عذر يكون لي عند الله على فراق نبيه؟

حاشا، و كلا، و لكن أحملك من هذه القرية إلى قرية اخرى لعلهم يكونون أرحم من هؤلاء».

قال: «فأخذته رحمة على النطع، فغشي عليه من الوجع، فجاءته بماء، فرشته عليه حتى أفاق، فغطته بذلك الكساء، و جسد

أيوب كأنما انسلخ سلخا، ثم حملته إلى قرية اخرى من حوران، ثم وضعته إلى جانب القرية، فرفعت يدها إلى الله تعالى و دعت الله أن يحفظه من السباع و غيرها، فدخلت القرية، و قالت: ألا من أراد غسل ثياب، أو خرق، أو كنس دار، أو حمل تراب إلى مزبلة، أو استسقاء ماء بشي ء من الطعام أحمله إلى نبي الله أيوب.

فخرجن إليها نساء القرية، و قالت واحدة منهن: هذه غولة «1» قد دخلت قريتنا. فقالت لها رحمة: لم تقولين هذا الكلام، و أنا رحمة بنت أفرائيم نبي الله بن يوسف صديق الله بن يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق صفي الله بن إبراهيم خليل الله، زوجة أيوب المبتلى نبي الله! فقلن لها: و أين أيوب؟ قالت: ها هو على باب القرية، إلى جنب كنائسكم و مزابلكم.

فأقبلن إلى أيوب، فلما رأين ما عليه من البلاء بكين أشد البكاء، ثم قلن: هذا أيوب النبي صاحب الإماء و العبيد و المواشي؟ فبكى أيوب و رحمة بكاء شديدا، ثم قال: أنا أيوب عبد ربي و رسوله، أنا الجائع الذي لا أشبع إلا من ذكره، و أنا العطشان الذي لا أروى إلا من تسبيحه. قال: فبكين، و بكت رحمة معهن، و قالت لهن: لي إليكن حاجة، و هي أن تعطوني فأسا أقطع بها أشجارا لأتخذ لأيوب عريشا يكنه من الحر و البرد، فأعمل له طعاما.

فأتوها بجميع ذلك، فعمدت إلى مطهرة معها من خزف، و بلت ذلك الخبز في تلك المطهرة، ثم مرسته بيدها

__________________________________________________

(1) الغولة: من السعالي. «الصحاح- غول- 5: 1786». و في «ي، ط»: خولة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 671

فأطعمته ذلك، لأن أسنانه قد تساقطت، ثم قطعت أعوادا و ظللت بها

على رأس أيوب مثل العريش، ثم دخلت القرية، فقربوها، و أكرموها، فعملت ذلك في خمسة بيوت، و اتخذت عشرة أقراص. فلما رجعت أخبرت أيوب بذلك، و قالت: أصبت اليوم طعاما كثيرا، من رزق ربي، فأقعد عندك، فإني لا أفارقك حتى يفرغ هذا الطعام: فقال لها أيوب: جزاك الله خيرا- يا رحمة- فأنت من بنات النبيين، فقال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، و لا يخيب عبدا شكره، و لا يضيع «1» من توكل عليه، له الحكم، و إليه يرجع الأمر كله و هو على كل شي ء قدير.

فأقبل نساء أهل القرية، فقعدن ذات يوم بقرب عريش أيوب،- فشممن رائحته، فانصرفن مسرعات إلى بيوتهن، و أغلقن الأبواب عن رحمة، و قلن لرحمة: لا تدخلي بيوتنا، و لكن نواسيك في طعامنا. فرضيت رحمة بذلك.

فبينما رحمة ذات يوم راجعة من القرية إلى أيوب، و إذا هي بإبليس اللعين قد عرض لها في صورة طبيب، و معه آلة الطب، و قال لرحمة: إني أقبلت من فلسطين حين سمعت بخبر زوجك أيوب، جئت لاداويه، و أنا سائر إليه غدا، فأخبريه بقصتي، و قولي له يأخذ عصفورا فيذبحه، و لا يذكر اسم الله عليه، و يأكله، و يشرب عليه قدحا من خمر، و يطلي نفسه بالدم، فإن فرجه من ذلك. قال: فجاءت رحمة إلى أيوب فرحانة، فأعلمته بذلك، فبان الغضب في وجهه، فقال لها: متى رأيت أني [أشرب الخمر و] آكل مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه، و أطلي نفسي بشي ء من الدم. يا رحمة، بالأمس كنت رسولة من جبرئيل و ميكائيل، و أنت اليوم رسولة من إبليس اللعين؟! فعلمت أنها أخطأت، فأعتذرت إليه و لم تزل تتلطف به حتى

رضي عنها، و حذرها أن لا تعود إلى مثلها».

قال: «فبينما هي ذات يوم راجعة من القرية إلى أيوب، و معها شي ء من الطعام، فاعترض لها إبليس اللعين في صورة رجل بهي الصورة، حسن الوجه، على حمار أحمر، فقال اللعين لها: كأني أعرفك، أ لست رحمة بنت أفرائيم نبي الله، و زوجة المبتلى أيوب نبي الله؟ قالت: بلى. قال اللعين لها: إني أعرفكم و أنتم أهل غناء و ثروة، فما الذي غير حالكم؟ فقالت له: إنا بلينا بذهاب المال جميعه، و الولد، ثم البلاء الأعظم ما نزل بصاحبي أيوب، فقال لها الملعون: لأي شي ء أصابتكم هذه المصائب؟ قالت: لأن الله تعالى أراد أن يجرب صبرنا على بلائه. قال اللعين:

بئسما قلت، و لكن إله السماء هو الله، و إله الأرض أنا، فأردتكم لنفسي، فعبدتم إليه السماء و لم تعبدوني، ففعلت بكم ما فعلت، و سلبتكم أموالكم، و أمت أولادكم و عبيدكم و مواشيكم، فها هي كلها عندي. فإن أردت ذلك فاتبعيني حتى أريك أولادك، و عبيدك، و مواشيك، فإنهم عندي في وادي كذا و كذا.

قال: فلما سمعت بذلك بقيت متعجبة و هي متحيرة، و اتبعته غير بعيد حتى أوقفها على ذلك الوادي، و سحر عينيها حتى رأت جميع ما فقدته هناك. فقال لها: أنا صادق عندك الآن، أم كاذب؟ فقالت رحمة: لا أدري ما أقول لك حتى أرجع إلى أيوب».

قال: «فرجعت إلى أيوب، فأخبرته بما رأته جميعه. فقال أيوب: إنا لله و إنا إليه راجعون، ويحك- يا رحمة-

__________________________________________________

(1) في المصدر: يضع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 672

أما تعلمين أن ليس مع الله إله آخر، و أن الذي أماته الله فلا يقدر أحد أن يحييه! قالت: نعم. قال

أيوب (عليه السلام): فلو كنت عاقلة ما أصغيت إلى كلامه، [و لا اتبعتيه حتى سحر عينيك. فقالت رحمة: يا نبي الله، اغفر لي هذه الخطيئة، فإني لا أعود إلى مثلها أبدا. فقال لها أيوب: قد نهيتك عن هذا اللعين مرة، و هذه ثانية، فلله علي نذر لئن عافاني الله مما أنا فيه لأجلدنك مائة جلدة على ما كان من مكالمتك لإبليس لعنه الله. و كانت رحمة تقول: ليته قام من بلائه و جلدني مائة و مائة».

9120/ [1]- قال ابن عباس: لبث أيوب (عليه السلام) في بلائه ثماني عشرة سنة حتى لم يبق منه إلا عيناه تدوران في رأسه، و لسانه ينطلق به، و قلبه على حالته، و أذناه فإنه كان يسمع بهما، و كانت تحت لسانه دودة عظيمة سوداء تؤلمه في خروجها من تحت لسانه، فإذا رجعت إلى موضعها يتأوه لذلك، فأوحى الله تعالى إليه: أن- يا أيوب قد صبرت على رخائي، فاصبر الآن على بلائي.

قال: و خرجت رحمة ذات يوم في طلب الطعام فلم تقدر على شي ء، فرفعت رأسها إلى السماء، و قالت:

إلهنا و سيدنا، ارحم غربتنا و ضعفنا. قال: فسمع ذلك بعض أهل القرية، فقال لها: ادخلي على نساء أهل القرية، فإنهن أرق قلوبا. فأقبلت رحمة، و قرعت باب عجوز، و قالت: أنا رحمة امرأة أيوب، و لقد طفت يومي هذا فلم أجد طعاما، و لقد بلغني جوع شديد. فقالت العجوز: لي إليك حاجة يا رحمة، إني قد زوجت ابنة لي، فهل لك أن تعطيني ظفيرتين من ظفائرك أزين بهما ابنتي، و أعطيك رغيفين؟ فقالت لها رحمة: و لا يرضيك مني إلا ذلك؟

قالت: نعم. قالت رحمة: احضري لي الرغيفين، فو الله لو

أردت شعري كله لأعطيتك لطعام أيوب. قال: فجاءت العجوز بالرغيفين و المقص، فقصت ظفيرتين.

و جاءت رحمة بالرغيفين إلى أيوب، فأنكرهما، و قال لها: من أين لك هذا؟ فأخبرته بالقصة لما اشتد عليها طلب الطعام، فصاح أيوب صيحة، فقال: إلهي أي ذنب عملته حتى صرفت وجهك الكريم عني، إلهي الموت أجمل لي مما أنا فيه، رب إني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين فأوحى الله تعالى إليه: يا أيوب، لقد سمعت كلامك، و تمنيك الموت في ضرك، و لو مت بغير هذا البلاء لم يكن لك من الأجر و الثواب ما يكون لك مع البلاء، و لأجزينك على صبرك. و أما رحمة، فو عزتي و جلالي لارضينها في الجنة فعند ذلك فرح أيوب، و تسلى.

فلما طال على أيوب البلاء، و رأى إبليس اللعين صبره أتى إليه أصحاب له، و كانوا رهبانا في الجبال:

أحدهم اسمه نفير «1» و هو من اليمن، و الآخر اسمه صوتى و هو من فلسطين، و الثالث ملهم «2» و هو من حمص، و كانوا من تلامذته، و هم حكماء، و كان أيوب هو الذي اصطنعهم، و رفع أقدارهم، و كانوا يأتونه و يسألونه عن حاله، فركبوا بغالا شهبا، و جاءوا حتى إذا دنوا منه نفرت بغالهم من نتن رائحته (عليه السلام)، فقربوا بعضها إلى بعض، ثم مشوا إليه، و قعدوا عنده، و قالوا: يا أيوب، لو أخبرتنا بذنبك، لعل الله تعالى يهبه لنا إذا سألناه، و دعونا إليه، و ما نراه

__________________________________________________

1- تحفة الاخوان: 59 «مخطوط».

(1) في «ج»: نقير.

(2) في المصدر: اسمه سلم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 673

ابتلاك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تسره، و لو

كنت صادق النية في عبادته لما وقع بك البلاء العظيم. فوقع في قلوبهم أن يجتمعوا عليه و يذبحوه.

فقال أيوب: و عزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا و يتيما أو ضعيفا يأكل معي، و ما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله تعالى، إلا أخذت بأشدهما على بدني. أيها القوم، أراكم تغيظوني «1» و توبخوني من غير معرفة، و ما كان هذا جزائي منكم، فإن الله تعالى يبتلي من يشاء زيادة في أجره، كما ابتلى سائر النبيين و الصالحين. ثم رفع طرفه إلى السماء، و قال: إلهي و سيدي، أذقني طعم العافية و لو ساعة من النهار، و لا تشمت بي الأعداء، و لا تصرف وجهك الكريم عني، فإني قد أجهدني البلاء، و قد تقطعت أوصالي، و ورمت شفتاي حتى غطت العليا أنفي، و السفلى ذقني، و قد سقط لحم رأسي، و ما تبين أذني من نفاخ وجهي، و لقد غص من القيح و الصديد جوفي، و نخرت من الدود عظامي، و لقد ملني و جفاني من كان يكرمني فبكى بكاء شديدا.

فلما فرغوا من توبيخه، و هموا أن يقوموا، التفت إليهم شاب حدث السن، كان قد سمع كلامهم، و كان الله قد قيضه لهم، فقال الشاب: شوه لكم، عبرتم إلى نبي الله فعيرتموه، و لقد تركتم الرÙʠالصائب بتوبيخكم لأيوب (عليه السلام)، و لقد كان له عليكم من الحقوق ما كان الواجب عليكم أن تقصروا عما قلتموه. ويلكم، أ تدرون من الذي و بختم، أ لم تعلموا أنه نبي الله، اختاره لرسالته، و ائتمنه على وحيه؟! فإن الله تعالى لم يطلعكم على أنه سخط عليه، و أن هذا البلاء الذي نزل به قد صغره عندكم،

و لقد علمتم أن الله تعالى يبتلي النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين، و لا يكون ذلك سخطا و لا هوانا، و لو كان لم يكن نبيا لكان لا يجمل للأخ أن يعير أخاه عند البلاء، و لا يعاتبه عند المصيبة، و لا يزيده غما إلى غمه، الله الله في أنفسكم، و لو نظرتم فيها لوجدتم لها عيوبا كثيرة.

ثم أقبل على أيوب، و عزاه، و سكن ما به، و أقبل أيوب على الثلاثة، و قال لهم: «إنكم أعجبتكم أنفسكم، فلو نظرتم فيها لوجدتم لها عيوبا كثيرة، و لكن أصبحت اليوم و ليس لي رأي معكم، لأن أهلي قد ملوني و تنكرت معارفي، و هربوا عني أصدقائي، و قطعوني أصحابي، و كفر بي أهل ملتي، و إلا لم تكونوا تقولون ما تقولون. سبحان من لو يشاء لفرج عني ما أنا فيه من هذا البلاء الذي لم تقم به الجبال الرواسي.

فقال أيوب: يا رب، لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي. فبعث إليه غمامة سوداء مظلمة فيها رعد، و برق، و صواعق متداركات، ثم نودي منها بأكثر من عشرة آلاف صوت: يا أيوب، إن الله تعالى يقول لك:

أدلني بحجتك، فقد أقعدتك مقعد الحكم، و ها أنا قريب منك، و لم أزل قريبا دائما. فقال: يا رب، إنك تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك، ألم أشكرك، أ لم أسبحك، و أذكرك، و اكبرك؟ فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب، من صيرك تعبد الله و الناس عنه غافلون، و تحمده و تشكره و الناس عنه لاهون؟ تمن على الله فيه؟ بل المن لله تعالى عليك.

فأخذ التراب، و وضعه في فيه،

__________________________________________________

(1) في «ج، ي، ط»: تعظوني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 674

ثم قال: لك العتبى. يا رب أنت فعلت ذلك. قال: فانصرفوا أولئك الذين وبخوه، و انصرف الفتى الذي كان عن يمينه.

فلما كان في الغد، و هو يوم الجمعة، عند الزوال. هبط الأمين جبرئيل (عليه السلام)، فقال: «السلام عليك، يا أيوب فقال: و عليك السلام و رحمة الله و بركاته، فمن أنت يا عبد الله، فإني أسمع منك نغمة حسنة، و أجد منك رائحة طيبة، و أرى صورة جميلة؟ فقال له: أنا جبرئيل، رسول رب العالمين، أبشرك- يا أيوب- بروح الله، و برحمته، منها شفاؤك، و أن الله تعالى قد وهب لك أهلك و مثلهم معهم، و ما لك و مثله معه، ليكون آية لمن مضى، و عبرة لأهل البلاء.

قال: و كان أيوب (عليه السلام) من شدة البلاء حصل له فرح عظيم بعد ذلك، فقال: الحمد لله الذي لا إله إلا هو ذو العزة و السلطان و المنة و الطول، ذو الجلال و الإكرام الذي لم يشمت بي إبليس اللعين و أعوانه ثم قال جبرئيل (عليه السلام): يا أيوب، قم بإذن الله تعالى». فنهض أيوب قائما على قدميه. فقال له جبرئيل: اركض برجلك الأرض. ففعل أيوب (عليه السلام) ذلك، فإذا بالعين من الماء قد نبعت من تحت قدميه أشد بياضا من الثلج، و أحلى من العسل، و أذكى رائحة من الكافور، فشرب منه شربة فلم يبق في بدنه دودة إلا سقطت، فتعجب أيوب (عليه السلام) من كثرة الدود. فأمره جبرئيل بالغسل، فاغتسل في تلك العين، فخرج منها و وجهه كالقمر في ليلة البدر، و عاد إليه حسنه و جماله، و

صار أحسن مما كان و أطرأ. ثم ناوله جبرئيل الأمين حلتين. فاتزر بواحدة، و ارتدى بالأخرى، و ناوله نعلين من ذهب، شراكهما من ياقوت، و أعطاه سفرجلة من الجنة، فأكل بعضها و ترك منها لزوجته رحمة، فقال له جبرئيل: كلها- يا أيوب- فإن معي ثانية لها. فأكل أيوب باقي السفرجلة ثم وثب، و صف قدميه، و قام يصلي.

فأقبلت رحمة و هي مهمومة، مطرودة من جميع أبواب أهل القرية، باكية العين، فلما وصلت إلى الموضع رأت نظافة المكان، و أن الله تعالى أنبت روضة خضراء، و رأت نظافة الرجل الذي يصلي، فظنت أنها قد ضلت عن الطريق، ثم قالت: أيها المصلي، أقبل علي حتى أكلمك. فلم يكلمها أيوب، و هو ساكت، فصاحت، و قالت: يا أيوب، ما دهاك؟ فلما أتم صلاته قال له جبرئيل (عليه السلام): كلمها، يا أيوب فقال لها أيوب: ما حاجتك، أيتها المرأة؟. قالت رحمة: أ لك علم بأيوب المبتلى، فإني أرى الموضع متغيرا علي، فلقد خلفته هاهنا و لست أراه؟

فتبسم أيوب، و قال لها: إن رأيته تعرفينه؟. فقالت رحمة: إنك لأشبه الناس به قبل أن يصيبه البلاء. فضحك أيوب (عليه السلام)، و قال: أنا أيوب فبادرت إليه، فاعتنقته، و اعتنقها، فما فرغا من معانقتهما حتى بشرهما بأولادهما، و أولاد أولادهما، و إمائهما، و عبيدهما، و مواشيهما، و مثلهم معهم، و أمطر الله تعالى عليه جرادا من الذهب، و كان يلقطه بثوبه، فإذا ذهب الريح بشي ء ركض خلفه فرده، فقال له جبرئيل (عليه السلام): أما تشبع، يا أيوب؟ فقال: يا جبرئيل، و من يشبع من رزق الله تعالى؟

و كان له بئران عظيمان فأفرغ في أحدهما الفضة، و في الآخر الذهب، حتى فاض أحدهما

على الآخر.

و أعطاه الله من الإبل أربعين ألفا، و من النوق عشرين ألفا، و من البقر الإناث أربعين ألفا، و من البقر الذكور أربعين ألفا، و من الضأن أربعة آلاف، و من المعز كذلك، و من العبيد خمسة آلاف، و مثلهم من الإماء. و كان له في ضياعه البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 675

أربعة آلاف وكيل، و اجرة كل واحد منهم في كل شهر مائة مثقال من الذهب، و بين يديه اثنا عشر من البنين، و اثنا عشر من البنات، فلما رأت رحمة جميع ذلك سجدت لله تعالى شكرا، و ملكه جميع الشام و أولاده، و أعطاه مثل عمره الماضي.

و ذكر مكالمة رحمة لإبليس زمان بلائه، و ذكر نذره، فاغتم أيوب من ذلك، فأوحى الله إليه: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً أي شمراخا مشتملا عدده على مائة فَاضْرِبْ بِهِ زوجتك رحمة وَ لا تَحْنَثْ في النذر، فأخذ شمراخا، فضربها ضربة واحدة عن يمينه، و روي أن ضربه لها بالشماريخ لما رأى ذؤابتها مقطوعة غضب، و حلف عليها أن يضربها مائة جلدة، فأخبرته أنه كان سبب قطعها كذا و كذا، فاغتم أيوب (عليه السلام) من ذلك، فأمره الله بالضغث حذرا من الحنث، و روي أن الله تعالى رد على رحمة ذؤابتيها كما كانتا.

و سئل أيوب بعد ما عافاه الله: أي شي ء كان أشد عليك مما مر عليك من البلاء؟ قال: شماتة الأعداء.

ثم إنه عمر عمرا طويلا، فلما أدركته الوفاة أحضر أولاده، و أوصاهم أن يصنعوا في ماله كما كان يصنع للفقراء و المساكين، ثم مات (عليه السلام)، و توفيت امرأته قبله، أو بعده بقليل، و دفن إلى جانب العين التي أذهب الله بلاءه بها، و سار

أولاده سيرة أبيهم أيوب (عليه السلام) حتى ظهر عليهم ملك يقال له لام بن عاد، فتغلب على بلاد الشام، و على أولاد أيوب، و جعل يؤذي أولاد أيوب، و بعث إلى حزقل «1» بن أيوب- و كان أكبرهم- و قال: إنكم ضيقتم علينا بلاد الشام بكثرة مواشيكم، فأريد أن تعطوني نصف أموالكم، مع العقار و العبيد و الإماء، و إلا ما تركتكم على ما أنتم عليه، و أن تزوجوني باختكم التي يقال لها نقية، و قيل: اسمها مؤمنة، و قيل: صالحة، و كانت امرأة حسناء ذات حسن و جمال، إذا مشت كأنها تنحدر من جبل في حذاء مسيل، كأن غرتها البدر المشرق، و جبهة واسعة، و عينان كالنيل، و حاجبان كالقسي المنحنية، و خداها كاللؤلؤ الأحمر يكاد ان يدميهما الهواء، و جيد كأنه جيد ريم، و روي أنه كان في بيتهم غلام صغير، و كان إذا نامت على جنب فيقعد الصبي و معه اترنجة، فيدحرجها فتعبر من بين خصرها و الأرض، و كانت ذات منطق، أديبة، لبيبة، عجيبة، رحيمة للفقراء و المساكين، فجعل يبعث إليهم بذلك، فيقول: اختاروا أحدها، و إلا جئتكم بخيلي و رجلي، و جعلت أولادكم غنيمة لي.

فأجابه حزقل بن أيوب (عليه السلام)، و أرسل إليه رسولا: أما الأموال التي في أيدينا، فليس لأحد فيها حق إلا الفقراء و المساكين و الأيتام و الضعفاء و أبناء السبيل، و لست منهم، و إنما ورثتها من أبينا أيوب، و أما أختنا فلست على ديننا حتى نزوجكها، و أما تخويفك لنا بخيلك و رجلك فإنا نتوكل على الله، فهو حسبنا و نعم الوكيل.

قال: فلما سمع هذه الرسالة جمع جنوده لحربهم، فعلم بذلك حزقل بن أيوب، فاستشار

إخوته بحربه، فقال أخوه بشير: لا أشور عليك بالحرب، فإني أخاف أن يظفر بنا لأنه قوي، فيأسرنا، و لكن الرأي أن تبعثوا له من المال ما طلبه، و أما خطبته أختنا فإنك تداريه بالمواعيد الحسنة و الهدايا لعله يقنع بها. فأبى حزقل، و أحب المحاربة، فجمع جيشه، و مضى حتى التقى الجيشان، فاقتتلا قتالا شديدا، فوقعت الهزيمة على حزقل بن أيوب،

__________________________________________________

(1) في المصدر: حزقيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 676

و احتوى لام بن عاد على جميع أموالهم و أملاكهم، و غنمهم، و أسر من قومه جيشا كثيرا، و أسر بشير بن أيوب، و هم بقتله، فأمر بحبسه.

و أفلت حزقل بنفسه، فاغتم لما ناله غما شديدا، ثم إنه جمع مالا عظيما ليحمله إلى الملك لام بن عاد، ليخلص أخاه منه، فسار إليه، فبينما هو في طريقه إذ أتاه آت في منامه، و قال له: لا تحمل هذا المال، و لا تخف على أخيك، فإنه يخلص، و الملك يؤمن، و تكون عاقبته خيرا.

فأصبح حزقل، و قص رؤياه على إخوته، فأقاموا معه في موضعه، فبلغ ذلك لام بن عاد، فبعث إليه: أن ادفع إلي ما حملت، و إلا أحرقت أخاك في النار. فبعث إليه: إني لا أدفع إليك من أموالي شيئا، فاصنع ما أنت صانع.

فغضب لام بن عدا من ذلك، فقال لبشير بن أيوب: إنك قد تكفلت بإخوتك أن يدفعوا إلي هذا المال، فقد امتنعوا، فإن هم وفوا بكفالتك و إلا أحرقتك بالنار. فلما سمع ذلك منه خشي من القتل إن لم يوف بما تكفل له. قال: فأرسل حزقل إلى أخيه بشير، و أخبره بما رأى في منامه، ففرح به بشير.

ثم إن الملك أمر أن يخدوا له أخدودا

واسعا، و طرح فيه النار و النفط و الزيت و القطران، و أمر بإلقاء بشير بن أيوب فيه، فلما القي فيه لم تحرقه النار، فتعجب الملك لام بن عاد من ذلك، ثم قال: يا بني أيوب، إنكم سحرة.

فقال بشير: أيها الملك، لسنا بسحرة، و لكن كان لنا جد يقال له إبراهيم الخليل بن تارخ، ألقاه النمرود بن كنعان في النار، فجعلها الله له بردا و سلاما، و كذلك أرجو أن يفعل الله بي كذلك.

قال: فوقع في قلب الملك ما قاله بشير، فأسلم، و حسن إسلامه، و اختلط بعضهم في بعض، و زوجوه أختهم، فسمى الله تعالى بشير بن أيوب ذا الكفل، لما كان من كفالته، و جعله رسولا إلى جميع أهل الشام، و كان بين يديه لام بن عاد يقاتل الكفار، فلم يزل كذلك حتى مات ذو الكفل، ثم مات من بعده لام بن عاد، فغلب على أهل الشام العمالقة، إلى أن بعث الله شعيبا، و اسمه: فترون بن صهون «1» بن عنقاء بن ثابت بن مدين «2» بن إبراهيم الخليل (عليه السلام).

9121/ [13]- شرف الدين النجفي: مما نقل من خط الشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمه الله) من كتاب (مسائل البلدان)، رواه بإسناده عن أبي محمد الفضل بن شاذان، يرفعه إلى جابر بن يزيد الجعفي، عن رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: دخل سلمان الفارسي (رضي الله عنه) على أمير المؤمنين (عليه السلام) فسأله عن نفسه، فقال:

«يا سلمان، أنا الذي دعيت الأمم كلها إلى طاعتي فكفرت، فعذبت بالنار، و أنا خازنها عليهم، حقا أقول- يا سلمان- أنه لا يعرفني أحد حق معرفتي إلا كان معي في الملأ الأعلى».

قال: ثم دخل الحسن و الحسين

(عليهما السلام)، فقال: «يا سلمان، هذان شنفا «3» عرش رب العالمين، بهما تشرق

__________________________________________________

13- تأويل الآيات 2: 504/ 4. [.....]

(1) في المصدر: صعون، و في «ي، ط» نسخة بدل: صيون.

(2) في المصدر: عزير.

(3) الشّنف: حليّ الأذن، و قيل: هو ما يعلّق في أعلاها. «النهاية 2: 505».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 677

الجنان، و أمهما خيرة النسوان، أخذ الله على الناس الميثاق بي، فصدق من صدق، و كذب من كذب، أما من صدق فهو في الجنة، و أما من كذب، فهو في النار، و أنا الحجة البالغة، و الكلمة الباقية، و أنا سفير السفراء».

قال سلمان: يا أمير المؤمنين، لقد وجدتك في التوراة كذلك، و في الإنجيل كذلك، بأبي أنت و أمي يا قتيل كوفان، و الله لو لا أن يقول الناس: وا شوقاه، رحم الله قاتل سلمان، لقلت فيك مقالا تشمئز منه النفوس، لأنك حجة الله الذي به تاب على آدم، و به نجى يوسف من الجب، و أنت قصة أيوب، و سبب تغير نعمة الله تعالى عليه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أ تدري ما قصة أيوب، و سبب تغير نعمة الله عليه؟». قال: الله أعلم، و أنت يا أمير المؤمنين. قال: «لما كان عند الانبعاث للمنطق شك أيوب في ملكي و بكى، فقال: هذا خطب جليل، و أمر جسيم. قال الله عز و جل: يا أيوب، أ تشك في صورة أقمته أنا، إني قد ابتليت آدم بالبلاء، فوهبته له و صفحت عنه بالتسليم له «1» بإمرة المؤمنين، و أنت تقول: خطب جليل و أمر جسيم! فو عزتي و جلالي لأذيقنك من عذابي، أو تتوب إلي بالطاعة لأمير المؤمنين. ثم أدركته السعادة بي» يعني أنه تاب إلى

الله، و أذعن بالطاعة لأمير المؤمنين.

9122/ [14]- صاحب الأربعين، عن (الأربعين)، قال: أخبرنا أبو محمد الحسين بن أحمد بن الحسين بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن محمد بن الحسن الأهوازي، قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن سهل الفارسي، قال: حدثنا أبو زرعة أحمد بن محمد بن موسى الفارسي، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن يعقوب البلخي، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: حدثنا الهيثم بن الحسين، عن محمد بن عمر، عن محمد بن مروان «2»، عن عمارة «3»، عن أبيه، عن أنس بن مالك، قال: خرجت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) نتماشى حتى انتهينا إلى بقيع الغرقد «4»، فإذا نحن بسدرة عالية لانبات عليها، فجلس رسول الله (صلى الله عليه و آله) تحتها، فأورقت الشجرة، و أثمرت، و ظللت على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فتبسم (صلى الله عليه و آله) و قال: «يا أنس، ادع لي عليا» فغدوت، حتى انتهيت إلى منزل فاطمة (عليها السلام)، فإذا أنا بعلي (عليه السلام) يتناول شيئا من الطعام، فقلت له: أجب رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال: «لخير ادعى؟» فقلت: الله و رسوله أعلم.

قال: فجعل علي يمشي و يهرول على أطراف أنامله حتى تمثل بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فجذبه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أجلسه إلى جنبه، فرأيتهما يتحدثان و يضحكان، و رأيت وجه علي قد استنار، فإذا بجام «5» من ذهب مرصع باليواقيت و الجواهر، و للجام أربعة أركان، كل ركن منه مكتوب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، و على الركن الثاني: لا إله إلا الله،

محمد رسول الله، علي بن أبي طالب ولي الله، و سيفه على الناكثين

__________________________________________________

14- الأربعون للخزاعي: 26/ 27.

(1) في المصدر: عليه.

(2) في «ط، ي»: الهيثم بن الحسين بن محمد بن عمر، عن محمد بن هارون.

(3) في «ي»: بن عمارة.

(4) بقيع الغرقد: مقبرة أهل المدينة. «معجم البلدان 1: 473».

(5) الجام: إناء للطّعام و الشّراب. «المعجم الوسيط 1: 149».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 678

و القاسطين و المارقين، و على الركن الثالث: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيده الله بعلي بن أبي طالب، و على الركن الرابع: نجا المعتقدون لدين الله، المؤالفون لأهل بيت رسول الله. و إذا في الجام رطب و عنب، و لم يكن في أوان العنب، و لا أوان الرطب، فجعل رسول الله يأكل و يطعم عليا، حتى إذا شبعا ارتفع الجام.

فقال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا أنس، ترى هذه السدرة» قلت: نعم. قال: «قد قعد تحتها ثلاث مائة و ثلاثة عشر نبيا، و ثلاث مائة و ثلاثة عشر وصيا، ما في النبيين أوجه مني، و لا في الوصيين وصي أوجه من علي بن أبي طالب (عليه السلام).

يا أنس، من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، و إلى إبراهيم في وقاره، و إلى سليمان في قضائه، و إلى يحيى في زهده، و إلى أيوب في صبره، و إلى إسماعيل في صدقه- و هو إسماعيل بن حزقيل، و هو الذي ذكره الله في القرآن وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ «1»- فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

يا أنس، ما من نبي إلا و قد خصه الله بوزير، و قد خصني الله عز و جل بأربعة: اثنين في السماء، و اثنين

في الأرض، فأما اللذان في السماء: فجبرئيل، و ميكائيل. و أما اللذان في الأرض: فعلي بن أبي طالب، و عمي حمزة بن عبد المطلب».

9123/ [15]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يؤتى بالمرأة الحسناء يوم القيامة، التي قد افتتنت في حسنها، فتقول: يا رب، حسنت خلقي حتى لقيت ما لقيت، فيجاء بمريم (عليها السلام)، فيقال: أنت أحسن أم هذه، قد حسناها فلم تفتتن؟ و يجاء بالرجل الحسن الذي قد افتتن في حسنه، فيقول: يا رب، حسنت خلقي حتى لقيت من النساء ما لقيت. فيجاء بيوسف (عليه السلام)، فيقال:

أنت أحسن أم هذا؟ قد حسناه فلم يفتتن في حسنه. و يجاء بصاحب البلاء الذي قد أصابته الفتنة في بلائه، فيقول:

يا رب، قد شددت علي البلاء حتى افتتنت. فيؤتى بأيوب (عليه السلام)، فيقال: بليتك أشد أم بلية هذا، فقد ابتلي فلم يفتتن؟».

سورة ص(38): الآيات 45 الي 64 ..... ص: 678

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ- إلى قوله تعالى- إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [45- 64] 9124/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال: وَ اذْكُرْ يا محمد عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ

__________________________________________________

15- الكافي 8: 228/ 291.

1- تفسير القمي 2: 242.

(1) مريم 19: 54.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 679

يعني: أولي القوة إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ وَ اذْكُرْ إِسْماعِيلَ الآية.

9125/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ:

«يعني أولي القوة في العبادة، و البصر «1» فيها، و قوله: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ يقول: إن الله اصطفاهم بذكر الآخرة،

و اختصهم بها».

9126/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ذكر الله المتقين، و ما لهم عند الله تعالى، فقال: هذا ذِكْرٌ وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ إلى قوله تعالى: قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ يعني الحور العين، يقصر الطرف عنها و النظر من صفائها، مع ما حكى الله من قول أهل الجنة: إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ أي لا ينفد أبدا، و لا يفنى هذا وَ إِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَ غَسَّاقٌ، قال: الغسال، واد في جهنم، فيه ثلاث مائة و ثلاثون قصرا، و في كل قصر ثلاث مائة بيت، في كل بيت أربعون زاوية، في كل زاوية شجاع «2»، في كل شجاع ثلاث مائة و ثلاثون عقربا، في جمجمة كل عقرب ثلاث مائة و ثلاثون قلة من سم، لو أن عقربا منها نفحت سمها على أهل جهنم لو سعتهم بسمها هذا وَ إِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ و هم الأولون، و بنو امية.

ثم ذكر من كان من بعدهم ممن غصب آل محمد حقهم، فقال: وَ آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ و هم بنو العباس، فيقول بنو امية: لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ فيقول بنو فلان: بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا، و بدأتم بظلم آل محمد فَبِئْسَ الْقَرارُ، ثم يقول بنو امية: رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ يعنون الأولين.

ثم يقول أعداء آل محمد في النار: ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ في الدنيا، و هم شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ؟ ثم قال: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ

النَّارِ فيما بينهم، و ذلك قول الصادق (عليه السلام): «و الله إنكم لفي الجنة تحبرون، و في النار تطلبون».

9127/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن ميسر، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «كيف أصحابك؟» فقلت: جعلت فداك، نحن عندهم شر من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا. قال: و كان متكئا فاستوى جالسا، ثم قال: «كيف قلت؟». قلت: و الله لنحن عندهم شر من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 242.

3- تفسير القمّي 2: 242. [.....]

4- الكافي 8: 78/ 32.

(1) في «ي، ط»: الصبر.

(2) الشجاع: ضرب من الحيّات. «الصحاح 3: 1235».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 680

فقال: «أما و الله، لا يدخل النار منكم اثنان، لا و الله و لا واحد، و الله إنكم الذين قال الله عز و جل: وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ- ثم قال- طلبوكم و الله في النار، و الله فما وجدوا منكم واحدا».

9128/ [5]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن منصور بن يونس، عن عنبسة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا استقر أهل النار في النار يفقدونكم فلا يرون منكم أحدا، فيقول بعضهم لبعض: ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ؟

- قال- قال: و ذلك قول الله عز و جل: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ يتخاصمون فيكم فيما كانوا يقولون

في الدنيا».

9129/ [6]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير- و ذكر الحديث إلى أن قال (عليه السلام) فيه-: «يا أبا محمد، لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار، بقوله: وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ، و الله ما عنى و لا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس، و أنتم و الله في الجنة تحبرون، و في النار تطلبون».

و رواه الشيخ المفيد في (الاختصاص): بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

و رواه ابن بابويه في (بشارات الشيعة): بإسناده عن سليمان الديلمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) و ذكر رواية أبي بصير «2».

9130/ [7]- الشيخ في (أماليه): عن ابن الفحام، بإسناده، قال: دخل سماعة بن مهران على الصادق (عليه السلام)، فقال له: «يا سماعة من شر الناس؟» قال: نحن يا ابن رسول الله. قال: فغضب حتى احمرت وجنتاه ثم استوى جالسا، و كان متكئا، فقال: «يا سماعة من شر الناس عند الناس؟» فقلت: و الله ما كذبتك يا ابن رسول الله، نحن شر الناس عند الناس، لأنهم سمونا كفارا، و رافضة. فنظر إلي، ثم قال: «كيف بكم إذا سيق بكم إلى الجنة، و سيق بهم إلى النار، فينظرون إليكم، فيقولون: ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ.

يا سماعة بن مهران، إن من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع، و الله لا يدخل النار منكم

عشرة رجال، و الله لا يدخل النار منكم خمسة رجال، و الله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، و الله لا يدخل النار منكم رجل واحد، فتنافسوا في الدرجات، و أكمدوا عدوكم بالورع، و الله ما عنى و لا أراد

__________________________________________________

5- الكافي 8: 141/ 104.

6- الكافي 8: 36/ 6.

7- أمالي الطوسي 1: 301.

(1) الإختصاص: 106.

(2) ... فضائل الشيعة: 63/ 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 681

غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس، و أنتم و الله في الجنة تحبرون، و في النار تطلبون».

9131/ [8]- الطبرسي، قال: روى العياشي، بإسناده إلى جابر الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «إن أهل النار يقولون: ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. يعنونكم، و يطلبونكم فلا يرونكم في النار، و الله لا يرون أحدا منكم في النار».

سورة ص(38): الآيات 67 الي 75 ..... ص: 681

قوله تعالى:

قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ- إلى قوله تعالى- أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ [67- 75]

9132/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، أو غيره، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ «1». قال: «ذلك إلي، إن شئت أخبرتهم، و إن شئت لم أخبرهم. لكني أخبرك بتفسيرها؟» قلت: عَمَّ يَتَساءَلُونَ؟ قال: فقال: «هي في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: ما لله عز و جل آية هي أكبر مني، و لا لله نبأ أعظم مني».

9133/ [2]- محمد بن الحسن الصفار: عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان،

عن أبيه سليمان، عن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) [قال:] قلت له: قول الله تبارك و تعالى: [بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ «2» و قوله تعالى:] قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ؟ قال: «الذين أوتوا العلم: الأئمة، و النبأ: الإمامة».

9134/ [3]- علي بن إبراهيم: قال الله عز و جل: يا محمد قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى

9135/ [4]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني خالد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن سنان «3»، عن أبي __________________________________________________

8- مجمع البيان 8: 755.

1- الكافي 1: 161/ 3.

2- بصائر الدرجات: 227/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 243.

4- تفسير القمّي 2: 243.

(1) النبأ 78: 1، 2. [.....]

(2) العنكبوت 29: 49.

(3) في المصدر: محمد بن يسار، و نسخة بدل: محمد بن سيار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 682

مالك الأسدي، عن إسماعيل الجعفي، قال: كنت في المسجد الحرام قاعدا، و أبو جعفر (عليه السلام) في ناحية، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة، و إلى الكعبة مرة، ثم قال: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ «1»، و كرر ذلك ثلاث مرات، ثم التفت إلي، فقال: «أي شي ء يقول أهل العراق في هذه الآية، يا عراقي؟» قلت: يقولون أسرى به من المسجد الحرام إلى البيت المقدس.

فقال: «ليس كما يقولون، و لكنه أسرى به من هذه إلى هذه»- و أشار بيده إلى السماء- و قال: «ما بينهما حرم» قال: «فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا

جبرئيل في هذا الموضع تخذلني؟ فقال: تقدم أمامك، فو الله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه أحد من خلق الله قبلك، قال: فرأيت من نور ربي و حال بيني و بينه السبحة» «2».

قال: قلت: و ما السبحة، جعلت فداك؟ فأومأ بوجهه إلى الأرض، و أومأ بيده إلى السماء، و هو يقول: «جلال ربي جلال ربي» ثلاث مرات.

[قال : «قال: يا محمد، قلت: لبيك يا رب، قال: فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قلت: سبحانك لا علم لي إلا ما علمتني، قال: فوضع يده- أي يد القدرة- بين ثديي، فوجدت بردها بين كتفي، [قال:] فلم يسألني عما مضى، و لا عما بقي إلا أعلمته «3»، قال: يا محمد فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: يا رب، في الدرجات، و الكفارات، و الحسنات، فقال: يا محمد، قد انقضت نبوتك، و انقطع أجلك «4»، فمن وصيك؟ [فقلت: يا رب، قد بلوت خلقك، فلم أر من خلقك أحدا أطوع لي من علي. فقال: ولي يا محمد]. و قلت: يا رب، إني قد بلوت خلقك، فلم أر في خلقك أحدا أشد حبا لي من علي، قال: و لي يا محمد، فبشره بأنه راية الهدى، و إمام أوليائي، و نور لمن أطاعني، و الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني، و من أبغضه أبغضني، مع ما أني أخصه بما لم أخص به أحدا، فقلت: يا رب، أخي و صاحبي و وزيري و وارثي. فقال: إنه أمر قد سبق. إنه مبتلى و مبتلى به، مع ما أني قد نحلته و نحلته و نحلته، و نحلته أربعة أشياء عقدها بيده و لا يفصح بها عقدها».

ثم حكى خبر إبليس، فقال الله عز و جل: إِذْ قالَ رَبُّكَ

لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ.

و قد كتبنا خبر آدم و إبليس في موضعه «5».

9136/ [5]- قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت، قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 244.

(1) الإسراء 17: 1.

(2) سبحات اللّه: جلاله و عظمته، و هي في الأصل جمع سبحة، و قيل: أضواء وجهه. «النهاية 2: 332».

(3) في المصدر: علمته.

(4) في «ط»: أكلك.

(5) تقدم في تفسير الآية (34) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 683

الهاشمي «1»، عن محمد بن يسار، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو أن الله خلق الخلق كلهم بيده، لم يحتج في آدم أنه خلقه بيده، فيقول: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ، أفترى الله يبعث الأشياء بيده؟».

9137/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الأحول، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن الروح التي في آدم (عليه السلام) قوله: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ، قال: «هذه روح مخلوقة، و الروح التي في عيسى (عليه السلام) مخلوقة».

و قد تقدمت روايات كثيرة في معنى الآية في سورة الحجر «2».

9138/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا بكر، عن أبي عبد الله البرقي، عن عبد الله بن بحر، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت:

قوله عز و جل: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ؟ قال: «اليد في كلام العرب: القوة و النعمة، قال الله تعالى: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ «3»، و قال: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ «4» أي بقوة، و قال: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «5» أي قواهم، و يقال: لفلان عندي [أياد كثيرة، أي فواضل و إحسان، و له عندي يد بيضاء، أي نعمة».

9139/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سيف، عن محمد بن عبيد، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل لإبليس: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ؟ قال: «يعني بقدرتي [و قوتي ».

9140/ [9]- ابن بابويه: عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، عن أبي الحسن محمد بن أحمد القواريري، عن أبي الحسن محمد بن عمار، عن إسماعيل بن توبة، عن زياد بن عبد الله البكائي، عن سليمان الأعمش، عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا جلوسا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذ أقبل إليه رجل، فقال: يا رسول الله، أخبرني عن

__________________________________________________

6- الكافي 1: 103/ 1.

7- التوحيد: 153/ 1.

8- التوحيد: 153/ 2.

9- فضائل الشيعة: 49/ 7.

(1) في المصدر: القاسم بن محمد، عن إسماعيل الهاشمي.

(2) تقدمت في تفسير الآيات (27- 35) من سورة الحجر. [.....]

(3) سورة ص: 38: 17.

(4) الذاريات 51: 47.

(5) المجادلة 58: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 684

قول الله عز و جل لإبليس: أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ من هم يا رسول الله الذين هم أعلى

من الملائكة المقربين؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي و فاطمة و الحسن و الحسين، كنا في سرادق العرش نسبح الله، فسبحت الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله آدم (عليه السلام) بألفي عام. فلما خلق الله عز و جل آدم (عليه السلام)، أمر الملائكة أن يسجدوا له، و لو يؤمروا بالسجود إلا لأجلنا، فسجدت الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس فإنه أبى أن يسجد. فقال الله تبارك و تعالى: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ قال: من هؤلاء الخمسة المكتوبة أسماؤهم في سرادق العرش، فنحن باب الله الذي يؤتى منه، بنا يهتدي المهتدون، فمن أحبنا أحبه الله، و أسكنه جنته، و من أبغضنا أبغضه الله، و أسكنه ناره، و لا يحبنا إلا من طاب مولده».

روى هذا الحديث ابن بابويه في كتاب (بشارات الشيعة): بإسناده، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، الحديث بعينه «1».

9141/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى، قال: حدثني محمد بن همام، قال: حدثني عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني عمر بن علي العبدي، عن داود بن كثير الرقي، عن يونس بن ظبيان، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله، إني دخلت على مالك و أصحابه، فسمعت بعضهم يقول: إن لله وجها كالوجوه، و بعضهم يقول: له يدان، و احتجوا في ذلك بقوله تعالى: بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ، و بعضهم يقول: هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة، فما عندك في هذا، يا ابن رسول الله؟! قال: و كان متكئا، فاستوى جالسا، و

قال: «اللهم عفوك عفوك». ثم قال: «يا يونس من زعم أن لله وجها كالوجوه فقد أشرك، و من زعم أن لله جوارحا كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله، فلا تقبلوا شهادته، و لا تأكلوا ذبيحته، تعالى الله عما يصفه المشبهون بصفة المخلوقين، فوجه الله أنبياؤه و أولياؤه، و قوله تعالى: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ فاليد القدرة، كقوله تعالى: وَ أَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ «2» فمن زعم أن الله في شي ء، أو على شي ء، أو تحول من شي ء إلى شي ء، أو يخلو من شي ء، أو يشغل به شي ء، فقد وصفه بصفة المخلوقين، و الله خالق كل شي ء، لا يقاس بالمقياس «3»، و لا يشبه بالناس، و لا يخلو منه مكان، و لا يشغل به مكان، قريب في بعده، بعيد في قربه، ذلك الله ربنا لا إله غيره، فمن أراد الله و أحبه بهذه الصفة، فهو من الموحدين، و من أحبه بغير هذه الصفة فالله منه

__________________________________________________

10- كفاية الأثر: 255.

(1) تأويل الآيات 2: 508/ 11.

(2) الأنفال 8: 26.

(3) في المصدر: بالقياس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 685

بري ء، و نحن منه برآء».

ثم قال (عليه السلام): «إن أولى الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله، فإن حب الله إذا ورثه القلب استضاء به، و أسرع إليه اللطف، فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد، فإذا صار من أهل الفوائد تكلم بالحكمة، فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة، عمل بها في القدرة، فإذا عمل بها في القدرة، عمل في الأطباق «1» السبعة، فإذا بلغ هذه المنزلة، صار يتقلب في لطف و حكمة و بيان، فإذا بلغ هذه المنزلة، جعل شهوته و محبته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل

المنزلة الكبرى، فعاين ربه في قلبه، و ورث الحكمة بغير ما ورثته الحكماء، و ورث العلم بغير ما ورثته العلماء، و ورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون.

إن الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت، و إن العلماء ورثوا العلم بالطلب، و إن الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع و طول العبادة، فمن أخذه بهذه السيرة، إما أن يسفل، و إما أن يرفع، و أكثرهم الذي يسفل و لا يرفع إذا لم يرع حق الله، و لم يعمل بما أمر به، فهذه صفة من لم يعرف الله حق معرفته، و لم يحبه حق محبته، فلا يغرنك صلاتهم و صيامهم و رواياتهم و علومهم، فإنهم حمر مستنفرة».

ثم قال: «يا يونس، إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت، فإنا ورثناه، و أوتينا شرح «2» الحكمة، و فصل الخطاب».

فقلت: يا ابن رسول الله، و كل من كان من أهل البيت، ورث كما ورثتم من «3» علي و فاطمة (عليهما السلام)؟ فقال:

ما ورثه إلا الأئمة الإثنا عشر».

فقلت: سمهم يا ابن رسول الله؟ فقال: «أولهم علي بن أبي طالب و بعده الحسن، و بعده الحسين، و بعده علي ابن الحسين، و بعده محمد بن علي، ثم أنا، و بعدي موسى ولدي، و بعد موسى علي ابنه، و بعد علي محمد، و بعد محمد علي، و بعد علي الحسن، و بعد الحسن الحجة، اصطفانا الله و طهرنا و آتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين».

ثم قلت: يا ابن رسول الله، إن عبد الله بن سعد دخل عليك بالأمس، فسألك عما سألتك، فأجبته بخلاف هذا؟! فقال: «يا يونس، كل امرى و ما يحتمله، و لكل وقت حديثه، و إنك لأهل لما سألت، فاكتمه إلا عن أهله، و السلام».

سورة ص(38): الآيات 76 الي 77 ..... ص: 681

قوله تعالى:

أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ [76- 77]

__________________________________________________

(1) في المصدر: القدرة عرف الأطباق.

(2) في «ج» و المصدر: شرع.

(3) في المصدر زيادة: كان من ولد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 686

9142/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الحسين بن مياح، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن إبليس قاس نفسه بآدم، فقال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، فلو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم (عليه السلام) بالنار، كان ذلك أكثر نورا و سنا «1» من النار».

9143/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن عبد الله العقيلي، عن عيسى بن عبد الله القرشي، قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال له: «يا أبا حنيفة، بلغني أنك تقيس»؟ قال: نعم.

قال: «لا تقس، فإن أول من قاس إبليس حين قال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، فقاس ما بين النار و الطين، و لو قاس نورية آدم بنورية النار، عرف فضل ما بين النورين، و صفاء أحدهما على الآخر».

9144/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن سعيد بن أبي سعيد، عن إسحاق بن جرير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أي شي ء يقول أصحابك في قول إبليس: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ». قلت: جعلت فداك، قد قال ذلك، و ذكره الله في كتابه. فقال: «كذب إبليس (لعنه الله). يا إسحاق، ما خلقه الله إلا من طين».

ثم قال: «قال الله: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا

أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ «2» خلقه الله من تلك النار، و النار من تلك الشجرة، و الشجرة أصلها من طين».

9145/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد الشيباني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) يقول: «معنى الرجيم أنه مرجوم باللعن، مطرود من مواضع الخير، لا يذكره مؤمن إلا لعنه، و إن في علم الله السابق أنه إذا خرج القائم (عليه السلام) لا يبقى مؤمن في زمانه إلا رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن».

سورة ص(38): الآيات 79 الي 81 ..... ص: 686

قوله تعالى:

قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ

__________________________________________________

1- الكافي 1: 47/ 18.

2- الكافي 1: 47/ 20.

3- تفسير القمّي 2: 244.

4- معاني الآخبار: 139/ 1. [.....]

(1) في المصدر: ضياء.

(2) يس 36: 80.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 687

إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [79- 81] تقدمت الروايات في معنى هذه الآية في سورة الحجر «1»

سورة ص(38): الآيات 82 الي 85 ..... ص: 687

قوله تعالى:

قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [82- 85] 9146/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال لإبليس (لعنة الله) لما قال: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ. فقال الله: فَالْحَقُّ وَ الْحَقَّ أَقُولُ أي إنك تفعل ذلك، و الحق أقول: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

سورة ص(38): الآيات 86 الي 88 ..... ص: 687

قوله تعالى:

قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ- إلى قوله تعالى- بَعْدَ حِينٍ [86- 88]

9147/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ، قال: « [هو] أمير المؤمنين (عليه السلام)، وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ- قال-: عند خروج القائم (عليه السلام)».

9148/ [3]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أعداء الله أوليآء الشيطان أهل التكذيب و الإنكار قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ يقول متكلفا أن أسألكم ما لستم بأهله، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 245.

2- الكافي 8: 287/ 432.

3- الكافي 8: 379/ 574.

(1) تقدّمت في تفسير الآيات (26- 38) من سورة الحجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 688

محمدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا! فقالوا: ما أنزل الله هذا، و ما هو إلا شي ء يتقوله، يريد أن يرفع

أهل بيته على رقابنا، و لئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته، ثم لا نعيدها فيهم أبدا، و أراد الله عز و جل أن يعلم نبيه (صلى الله عليه و آله) الذي أخفوا في صدورهم و أسروا به، فقال في كتابه عز و جل:

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ «1». يقول: لو شئت حبست عنك الوحي فلم تتكلم بفضل أهل بيتك و لا بمودتهم».

و ستأتي- إن شاء الله تعالى- تتمة هذا الحديث في سورة الشورى «2».

9149/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا سعيد بن محمد، عن بكر بن سهل، عن عبد الغني، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى قُلْ يا محمد ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ أي على ما أدعوكم إليه من مال تعطونيه وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ يريد ما أتكلف هذا من عندي إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ يريد موعظة لِلْعالَمِينَ يريد الخلق أجمعين وَ لَتَعْلَمُنَّ يا معشر المشركين نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ يريد عند الموت، و بعد الموت يوم القيامة.

9150/ [4]- ابن شهر آشوب: عن كتاب ابن رميح: قال أبو جعفر (عليه السلام): قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ قال: «أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 245.

4- المناقب 3: 97.

(1) الشورى 42: 24.

(2) يأتي في الحديث (4) من تفسير الآيات (23- 26) من سورة الشورى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 689

سورة الزمر ..... ص : 689

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 691

فضلها..... ص : 691

9151/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة الزمر استخفاء «1» من لسانه، أعطاه الله شرف الدنيا و الآخرة، و أعزه بلا مال و لا عشيرة حتى يهابه من يراه، و حرم جسده على النار، و بنى له في الجنة ألف مدينة، في كل مدينة ألف قصر، في كل قصر مائة حوراء، و له مع هذا عينان تجريان، و عينان نضاختان و جنتان مدهامتان، و حور مقصورات في الخيام، و ذواتا أفنان، و من كل فاكهة زوجان».

9152/ [2]- و من (خواص القرآن)،

روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يبق نبي و لا صديق إلا صلوا و استغفروا له، و من كتبها و علقها عليه، أو تركها في فراشه، كل من دخل عليه أو خرج، أثنى عليه بخير و شكره، و لا يزالون على شكره مقيمين أبدا تعطفا من الله عز و جل».

9153/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه، كل من دخل عليه أو خرج، أثنى عليه بالخير و شكره في كل مكان دائما».

9154/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها في عضده أو فراشه فكل من دخل عليه أو خرج عنه، أثنى عليه بالجميل و شكره، و لم يلقه أحد من الناس، إلا شكره و أحبه، و لا يزالون مقيمين على شكره و الكلام بفضله، و لم يغتبه أحد من الناس أبدا».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 112.

2- ...

3- ...

4- خواصّ القرآن: 48 «مخطوط». [.....]

(1) في المصدر: استحقها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4،

ص: 693

سورة الزمر(39): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 693

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ- إلى قوله تعالى- مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ [1- 3] 9155/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه، فقال: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى و هذا مما ذكرنا أن لفظه خبر و معناه حكاية، و ذلك أن قريشا قالت: إنما نعبد الأصنام ليقربونا إلى الله زلفى، فإنا لا نقدر أن نعبد الله حق عبادته. فحكى الله قولهم على لفظ الخبر، و معناه حكاية عنهم. فقال الله: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ.

9156/ [2]- الحميري: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، قال: و حدثني جعفر، عن أبيه، أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «إن الله تبارك و تعالى يأتي يوم القيامة بكل شي ء يعبد من دونه، من شمس أو قمر أو غير ذلك، ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد، فيقول كل من عبد غيره: ربنا إنا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى. قال: فيقول الله تبارك و تعالى للملائكة: ادعوهم و ما كانوا «1» يعبدون إلى النار، ما خلا من استثنيت، فإن أولئك عنها مبعدون».

9157/ [3]- العياشي: عن الزهري، قال: أتى رجل أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن شي ء فلم يجبه، فقال له الرجل: فإن كنت ابن أبيك فإنك من أبناء عبدة الأصنام. فقال له: «كذبت إن الله أمر إبراهيم أن ينزل إسماعيل بمكة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 245.

2- قرب الإسناد: 41.

3- تفسير العيّاشي 2:

230/ 31.

(1) في المصدر: اذهبوا بهم و بما كانوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 694

ففعل، فقال إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ «1»، فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما قط، و لكن العرب عبدت الأصنام، و قالت بنو إسماعيل: هؤلاء شفعاؤنا عند الله فكفرت، و لم تعبد الأصنام».

سورة الزمر(39): الآيات 4 الي 6 ..... ص : 694

قوله تعالى:

لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ- إلى قوله تعالى- فَأَنَّى تُصْرَفُونَ [4- 6] 9158/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم رد الله تعالى على الذين: قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً «2»، فقال الله: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ إلى قوله: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَ يُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ يعني يغطي ذا على ذا، و ذا على ذا. ثم خاطب الله تعالى الخلق فقال: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها يعني آدم و زوجته حواء وَ أَنْزَلَ لَكُمْ يعني خلق لكم مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ. و هي التي فسرناها في سورة الأنعام «3».

9159/ [2]- العياشي: عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «صنع نوح (عليه السلام) السفينة في مائة سنة، ثم أمره أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين، الأزواج الثمانية الحلال التي خرج بها آدم (عليه السلام) من الجنة ليكون معيشة لعقب نوح (عليه السلام) في الأرض كما عاش عقب آدم، فإن الأرض تغرق و ما فيها إلا ما كان معه في السفينة، قال: فحمل نوح (عليه السلام) في السفينة من الأزواج الثمانية التي قال الله: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ، مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ «4»، وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ

اثْنَيْنِ «5»، فكان زوجين من الضأن: زوج يربيها الناس و يقومون بأمرها، و زوج من الضأن التي تكون في الجبال الوحشية، أحل لهم صيدها، و من المعز اثنين يكون زوج يربيه الناس، و زوج من الظباء، سمي الزوج الثاني، و من البقر اثنين: زوج يربيه الناس، و زوج هو البقر الوحشي، و من الإبل زوجين: و هي البخاتي و العراب، و كل طير وحشي أو إنسي، ثم غرقت الأرض».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 246.

2- تفسير العيّاشي 2: 147/ 26.

(1) إبراهيم 14: 35.

(2) مريم 19: 88، الأنبياء 21: 26.

(3) تقدّم تفسيرها في الآيتين (143 و 144) من سورة الأنعام.

(4) الأنعام 6: 143.

(5) الأنعام 6: 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 695

9160/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، مما تأويله غير تنزيله، قال: «و أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج، و قال: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ «1»، فإنزال ذلك خلقه».

9161/ [4]- علي بن إبراهيم: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ، قال:

الظلمات الثلاث: البطن و الرحم و المشيمة.

9162/ [5]- الطبرسي: عن أبي جعفر (عليه السلام): «ظلمة البطن، و ظلمة الرحم، و ظلمة المشيمة».

سورة الزمر(39): آية 7 ..... ص : 695

قوله تعالى:

إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [7] 9163/ [1]- علي بن إبراهيم: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ فهذا كفر النعم.

9164/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن بعض أصحابنا، رفعه، في قول الله تبارك و تعالى:

وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «2»، قال: «الشكر: المعرفة». و في قوله: وَ لا

يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ، فقال: «الكفر هاهنا الخلاف، و الشكر: الولاية و المعرفة».

قوله تعالى:

وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [7] مر الحديث في معنى الآية في آخر سورة الأنعام، عن الصادق (عليه السلام) «3».

__________________________________________________

3- الاحتجاج: 250.

4- تفسير القمّي 2: 246. [.....]

5- مجمع البيان 8: 766.

1- تفسير القمّي 2: 246.

2- المحاسن: 149/ 65.

(1) الحديد 57: 25.

(2) البقرة 2: 185.

(3) تقدّم في الحديث (9) من تفسير الآيات (161- 165) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 696

سورة الزمر(39): الآيات 8 الي 9 ..... ص : 695

قوله تعالى:

وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ- إلى قوله تعالى- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ [8 و 9]

9165/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ قال: «نزلت في أبي الفصيل. إنه كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) عنده ساحرا، فكان إذا مسه الضر، يعني السقم دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ يعني تائبا إليه، من قوله في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول: ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ يعني العافية نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ يعني نسي التوبة إلى الله عز و جل مما كان يقول في رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنه ساحر، و لذلك قال الله عز و جل: قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ

قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ يعني إمرتك على الناس بغير حق من الله عز و جل و من رسوله (صلى الله عليه و آله)».

قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ثم عطف القول من الله عز و جل في علي (عليه السلام)، يخبر بحاله و فضله عند الله تبارك و تعالى فقال: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1» إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ» قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هذا تأويله، يا عمار».

9166/ [2]- و

عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ؟ قال: «يعني صلاة الليل». قال: قلت له: وَ أَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى «2»؟ قال: «يعني تطوع بالنهار» قال: قلت له: وَ إِدْبارَ النُّجُومِ «3»؟ قال: «ركعتان قبل الصبح». قلت: وَ أَدْبارَ السُّجُودِ «4»؟ قال: «ركعتان بعد المغرب».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 204/ 246.

2-- الكافي 3: 444/ 11.

(1) في المصدر زيادة: و أنّه ساحر كذّاب.

(2) طه 20: 130.

(3) الطور 52: 49.

(4) سورة ق 50: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 697

9167/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري، عن سعد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ

لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال أبو جعفر (عليه السلام): «إنما نحن الذين يعلمون، و الذين لا يعلمون عدونا، و شيعتنا أولو الألباب».

9168/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ. قال: «نحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9169/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير- و ذكر الحديث- إلى أن قال-: «يا أبا محمد، لقد ذكرنا الله عز و جل و شيعتنا و عدونا في آية من كتابه، فقال عز و جل: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، فنحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9170/ [6]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، و إقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، و لا بعث الله نبيا و لا رسولا حتى يستكمل العقل، و يكون عقله أفضل من جميع عقول أمته، و ما يضمر النبي (صلى الله عليه و آله) في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، و ما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه، و لا بلغ جميع العابدين، في فضل

عبادتهم ما بلغ العاقل، و العقلاء هم أولو الألباب، الذين قال الله تعالى: وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ» «1».

9171/ [7]- و

عنه: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل قال فيه-: «يا هشام، ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر، و حلاهم بأحسن الحلية، و قال: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 165/ 1.

4- الكافي 1: 166/ 2. [.....]

5- الكافي 8: 35/ 6.

6- الكافي 1: 10/ 11.

7- الكافي 1: 12/ 2.

(1) البقرة 2: 269.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 698

9172/ [8]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال: «نحن الذين نعلم، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9173/ [9]- و عنه: عن احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن محمد، عن على، عن ابى بصير، قال سالت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال: «نحن الذين نعلم، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9174/ [10]- و

عنه: عن محمد بن الحسين، عن أبي داود المسترق، عن محمد بن مروان، قال: قلت

لأبي عبد الله (عليه السلام): هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال: «نحن الذين نعلم، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9175/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، قال: «يعني صلاة الليل».

9176/ [12]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عمن ذكره، عن أبي علي حسان العجلي، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) و أنا جالس، عن قول الله عز و جل: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قال: «نحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9177/ [13]- و

عنه: عن ابن فضال، عن علي بن عقبة بن خالد، قال: دخلت أنا و معلى بن خنيس على أبي عبد الله (عليه السلام)، و ليس هو في مجلسه، فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه و ليس عليه جلباب، فلما نظر إلينا رحب، فقال: «مرحبا بكما و أهلا»، ثم جلس، و قال: «أنتم أولو الألباب في كتاب الله، قال الله تبارك و تعالى:

إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ».

9178/ [14]- محمد بن العباس، قال: حدثني علي بن أحمد بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن

__________________________________________________

8- بصائر الدرجات: 74/ 1.

9- بصائر الدرجات: 75/ 4.

10- بصائر الدرجات: 74/ 2.

11- علل الشرائع: 363/ 8.

12- المحاسن: 169/ 134.

13- المحاسن: 169/ 135.

14- تأويل الآيات 2: 512/ 3.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 4، ص: 699

إسماعيل بن صبيح، عن سفيان بن إبراهيم، عن عبد المؤمن، عن سعد بن مجاهد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ فقال: «نحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9179/ [15]- و

عنه، قال: حدثنا عبد الله بن زيدان بن يزيد، عن محمد بن أيوب، عن جعفر بن عمر «1»، عن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، قال: «نحن الذين يعلمون، و عدونا الذين لا يعلمون، و شيعتنا أولو الألباب».

9180/ [16]- ابن شهر آشوب: عن النيسابوري في (روضة الواعظين)، أنه قال عروة بن الزبير: سمع بعض التابعين أنس بن مالك يقول: نزلت في علي (عليه السلام): أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً الآية، قال الرجل: فأتيت عليا (عليه السلام) وقت المغرب فوجدته يصلي و يقرأ القرآن إلى أن طلع الفجر، ثم جدد وضوءه، و خرج إلى المسجد، و صلى بالناس صلاة الفجر، ثم قعد في التعقيب إلى أن طلعت الشمس، ثم قصده الناس، فجعل يقضي بينهم إلى أن قام إلى صلاة الظهر، فجدد الوضوء، ثم صلى بأصحابه الظهر، ثم قعد في التعقيب إلى أن صلى بهم العصر، ثم كان يحكم بين الناس و يفتيهم إلى أن غابت الشمس.

9181/ [17]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ جَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ أي شركاء، قال: قوله تعالى: قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ، قال: نزلت في

أبي فلان، ثم قال: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)، وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ يا محمد هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ يعني أولي العقول.

سورة الزمر(39): آية 10 ..... ص : 699
اشارة

قوله تعالى:

قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ [10]

9182/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان،

__________________________________________________

15- تأويل الآيات 2: 512/ 4.

16- مناقب ابن شهر آشوب 2: 124.

17- تفسير القمّي 2: 246. [.....]

1- الكافي 2: 60/ 4.

(1) في النسخ: عمرو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 700

جميعا، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة، يقوم عنق «1» من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر، فيقال لهم: على ما صبرتم؟

فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله، و نصبر عن المعاصي، فيقول الله عز و جل: صدقوا أدخلوهم الجنة، و هو قول الله عز و جل: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ».

9183/ [1]- الشيخ في (أماليه): بإسناد تقدم في قوله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ من سورة يونس «2»،

عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في كتابه إلى محمد بن أبي بكر و أهل مصر، قال (عليه السلام): «قد قال الله تعالى: يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ، فما أعطاهم الله في الدنيا

لم يحاسبهم به في الآخرة».

9184/ [2]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذا نشرت الدواوين، و نصبت الموازين، لم ينصب لأهل البلاء ميزان، و لم ينشر لهم ديوان، ثم تلا هذه الآية: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ».

باب معنى الدنيا، و كم إقليم هي؟ ..... ص : 700

9185/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، بإسناده، رفعه، قال: أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) يهودي، فقال: يا أمير المؤمنين، إني أسألك عن أشياء، إن أنت أخبرتني بها أسلمت، قال علي (عليه السلام): «سلني يا يهودي عما بدا لك، فإنك لا تصيب أحدا أعلم منا أهل البيت» و ذكر مسائل اليهودي إلى أن قال اليهودي: و لم سميت الدنيا دنيا، قال علي (عليه السلام): «و إنما سميت الدنيا دنيا لأنها أدنى من كل شي ء، و سميت الآخرة آخرة لأن فيها الثواب و الجزاء».

9186/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، بإسناده، رفعه إلى الصادق (عليه السلام)، قال: «الدنيا سبعة أقاليم: يأجوج، و مأجوج، و الروم، و الصين، و الزنج، و قوم موسى، و أقاليم بابل».

9187/ [5]- و

عنه: بإسناده، في حديث، عن يزيد بن سلام، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: قلت: أخبرني

__________________________________________________

1- أمالي الطوسي 1: 25.

2- مجمع البيان 8: 767.

3- علل الشرائع: 1/ 1.

4- الخصال: 357/ 40.

5- علل الشرائع: 470/ 33.

(1) العنق: الجماعة من الناس. «المعجم الوسيط 2: 632».

(2) تقدّم في

الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة يونس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 701

عن الدنيا، لم سميت الدنيا؟ قال: «إن الدنيا دنيئة، خلقت من دون الآخرة، و لو خلقت مع الآخرة لم يفن أهلها كما لم يفن أهل الآخرة».

قال: فأخبرني عن القيامة، لم سميت القيامة؟ قال: «لأن فيها قيام الخلق للحساب».

قال: فأخبرني لم سميت الآخرة آخرة؟ قال: «لأنها متأخرة تجي ء من بعد الدنيا، لا توصف سنينها، و لا تحصى أيامها، و لا يموت سكانها»، قال: صدقت، يا محمد.

و قد مر سند الحديث في قوله تعالى: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ في سورة الإسراء «1».

سورة الزمر(39): الآيات 15 الي 16 ..... ص : 701

قوله تعالى:

قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [15 و 16]

9188/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ، يقول: «غبنوا أنفسهم وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ».

9189/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ يعني تظلل عليهم النار من فوقهم و من تحتهم.

سورة الزمر(39): الآيات 17 الي 18 ..... ص : 701

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَ أَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ [17- 18]

9190/ [3]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أنتم هم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 248.

2- تفسير القمّي 2: 246.

3- مجمع البيان 8: 770.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (12) من سورة الإسراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 702

9191/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الاستطاعة و قول الناس؟ فقال و تلا هذه الآية وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ «1»: «يا أبا عبيدة، الناس مختلفون في إصابة القول، و كلهم هالك». قال: قلت قوله تعالى: إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ؟ قال: «هم شيعتنا، و لرحمته خلقهم، و هو قوله تعالى:

وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ يقول: لطاعة الإمام الرحمة التي يقول: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ يقول: علم الإمام، و وسع علمه الذي هو من علمه كل شي ء، هم شيعتنا.

ثم قال: فَسَأَكْتُبُها

لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ «2» يعني ولاية غير الإمام [و طاعته ، ثم قال: يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يعني النبي (صلى الله عليه و آله)، و الوصي، و القائم يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ إذا قام وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ و المنكر: من أنكر فضل الإمام، و جحده وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ أخذ العلم من أهله وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ [و الخبائث قول من خالف وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ و هي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ و الأغلال: ما كانوا يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام، فلما عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم. و الإصر: الذنب، و هي الآصار.

ثم نسبهم فقال: الذين ءامنوا به يعني بالإمام وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «3» يعني الذين اجتنبوا [الجبت و] الطاغوت أن يعبدوها، و الجبت و الطاغوت: فلان و فلان و فلان، و العبادة: طاعة الناس لهم، ثم قال: وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ «4» ثم جزاهم، فقال:هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ

«5»، و الإمام يبشرهم بقيام القائم و بظهوره، و بقتل أعدائهم، و بالنجاة في الآخرة، و الورود على محمد (صلى الله عليه و آله) و آله الصادقين على الحوض».

9192/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كل راية ترفع قبل قيام القائم (عليه السلام) فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز و جل».

9193/ [4]- و

عنه: عن أحمد بن

مهران، عن عبد العظيم الحسني، عن علي بن أسباط، عن علي بن عقبة، عن

__________________________________________________

2- الكافي 1: 355/ 83. [.....]

3- الكافي 8: 295/ 452.

4- الكافي 1: 322/ 8.

(1) هود 11: 118، 119.

(2) الأعراف 7: 156.

(3) الأعراف 7: 157.

(4) الزمر 39: 54.

(5) يونس 10: 64.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 703

الحكم بن أيمن، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ إلى آخر الآية، قال: «هم المسلمون لآل محمد، الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه، و لم ينقصوا منه، و جاءوا به كما سمعوه».

9194/ [5]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله جل ثناؤه: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ؟ قال: « [هو الرجل يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه، لا يزيد فيه و لا ينقص [منه ».

9195/ [6]- سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، أو عمن سمع أبا بصير، يحدث عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، قال: «هم المسلمون لآل محمد (عليهم السلام)، إذا سمعوا الحديث جاءوا به كما سمعوه، و لم يزيدوا فيه، و لم ينقصوا منه».

9196/ [7]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام)، في رسالته إلى أهل الأهواز، قال: «و ليس كل آية مشتبهة في القرآن، كانت الآية حجة على حكم الآيات اللاتي أمر بالأخذ

بها و تقليدها، و هي قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ «1» الآية، و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ».

و الرسالة طويلة يأتي ذكرها- إن شاء الله تعالى- في أول سورة الملك «2».

سورة الزمر(39): آية 20 ..... ص : 703

قوله تعالى:

لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ [20]

9197/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق

__________________________________________________

5- الكافي 1: 41/ 1.

6- مختصر بصائر الدرجات: 77.

7- الإحتجاج: 453.

1- الكافي 8: 97/ 69.

(1) آل عمران 3: 7.

(2) تأتي في الحديث (4) من تفسير الآيتين (1 و 2) من سورة الملك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 704

المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال علي (عليه السلام): يا رسول الله، أخبرنا عن قول الله عز و جل: غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ بما ذا بنيت يا رسول الله؟

فقال: يا علي تلك غرف بناها الله عز و جل لأوليائه بالدر و الياقوت و الزبرجد، سقوفها الذهب، محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكل به، فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير و الديباج بألوان مختلفة، و حشوها المسك و الكافور و العنبر، و ذلك قوله عز و جل: وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ «1»».

و الحديث طويل، تقدم بطوله في قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً من سورة مريم

«2».

9198/ [2]- علي بن إبراهيم: في تفسير هذه الآية، رواه عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «سأل علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن تفسير هذه الآية، فقال:

بماذا «3» بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟

فقال: يا علي تلك غرف بناها الله لأوليائه بالدر و الياقوت و الزبرجد، سقوفها الذهب، محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكل به، و فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير و الديباج بألوان مختلفة، و حشوها المسك و العنبر و الكافور، و ذلك قول الله تعالى: وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ «4»، فإذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنة، وضع على رأسه تاج الملك و الكرامة، و البس حلل الذهب و الفضة و الياقوت و الدر منظوما في الإكليل تحت التاج، و البس سبعين حلة بألوان مختلفة منسوجة بالذهب و الفضة و اللؤلؤ و الياقوت الأحمر، و ذلك قوله: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ «5»، فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا.

فإذا استقرت لولي الله منازله في الجنة، استأذن عليه الملك الموكل بجنانه، ليهنئه بكرامة الله إياه، فيقول له خدامه و وصفاؤه: مكانك، فإن ولي الله قد اتكأ على أريكته، و زوجته الحوراء العيناء قد هيئت له، فاصبر لولي الله حتى يفرغ من شغله، قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة، و حولها و صفاؤها، عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت و اللؤلؤ و الزبرجد صبغن بمسك و عنبر، و على رأسها تاج الكرامة، و في رجليها نعلان من ذهب

مكللان بالياقوت و اللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولي الله، و هم أن يقوم إليها شوقا، تقول له: يا ولي الله، ليس هذا يوم تعب و لا نصب فلا تقم، أنا لك و أنت لي، فيعتنقان قدر خمس مائة عام من أعوام الدنيا لا

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 246. [.....]

(1) الواقعة 56: 34.

(2) تقدّم في الحديث (11) من تفسير الآيات (73- 98) من سورة مريم.

(3) في المصدر: لماذا.

(4) الواقعة 56: 34.

(5) الحج 22: 23، فاطر 35: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 705

يملها و لا تمله، قال: فينظر إلى عنقها فإذا عليها قلادة من قصب ياقوت أحمر، وسطها لوح مكتوب: أنت يا ولي الله حبيبي، و أنا الحوراء حبيبتك، إليك تناهت نفسي و إلي تناهت نفسك.

ثم يبعث الله ألف ملك، يهنئونه بالجنة، و يزوجونه الحوراء، قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه، فيقولون للملك الموكل بأبواب الجنان: استأذن لنا على ولي الله، فإن الله بعثنا مهنئين. فيقول الملك: حتى أقول للحاجب فيعلمه مكانكم، قال: فيدخل الملك إلى الحاجب، و بينه و بين الحاجب ثلاث جنان، حتى ينتهي إلى أول باب، فيقول للحاجب: إن على باب العرصة ألف ملك، أرسلهم رب العالمين، يهنئون ولي الله، و قد سألوا أن أستأذن لهم عليه. فيقول الحاجب: إنه ليعظم علي أن أستأذن لأحد على ولي الله و هو مع زوجته. قال: و بين الحاجب و بين ولي الله جنتان، فيدخل الحاجب على القيم، فيقول له: إن على باب العرصة ألف ملك، أرسلهم رب العالمين، يهنئون ولي الله، فاستأذن لهم. فيقوم القيم إلى الخدام، فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة، و هم ألف ملك، أرسلهم يهنئون ولي

الله، فأعلموه مكانهم، قال: فيعلمه الخدام مكانهم. قال: فيأذن لهم فيدخلون على ولي الله، و هو في الغرفة، و لها ألف باب، و على كل باب من أبوابها ملك موكل به، فإذا أذن للملائكة بالدخول على ولي الله، فتح كل ملك بابه الذي قد وكل به، فيدخل كل ملك من باب من أبواب الغرفة، فيبلغونه رسالة الجبار، و ذلك قول الله: وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ «1» يعني من أبواب الغرفة سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ «2»، و ذلك قوله: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً «3» يعني بذلك ولي الله و ما هو فيه من الكرامة و النعيم و الملك العظيم، و أن الملائكة من رسل الله الجبار ليستأذنون عليه فلا يدخلون إلا بإذنه، فذلك الملك العظيم، و الأنهار تجري من تحتها».

و رواية محمد بن يعقوب فيها زيادة، تقدمت بتمامها في سورة مريم، كما أشرنا إليه سابقا «4».

سورة الزمر(39): آية 21 ..... ص : 705

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً- إلى قوله تعالى- ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً [21]

9199/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 248.

(1) الرعد 13: 23.

(2) الرعد 13: 24.

(3) الإنسان 76: 20.

(4) تقدمت الإشارة في الحديث السابق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 706

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ: «و الينابيع: هي العيون و الركايا مما أنزل الله من السماء فأسكنه في الأرض. ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ بذلك حتى يصفر ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً و الحطام إذا يبست و تفتتت».

سورة الزمر(39): آية 22 ..... ص : 706

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ [22] 9200/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام).

9201/ [2]- ابن شهر آشوب: عن الواحدي في (أسباب النزول) و (الوسيط)، قال عطاء في قوله تعالى:

أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ: نزلت في علي (عليه السلام) و حمزة فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ في أبي جهل و ولده.

9202/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أوحى الله عز و جل إلى موسى (عليه السلام): يا موسى، لا تفرح بكثرة المال، و لا تدع ذكري على كل حال، فإن كثرة المال تنسي الذنوب، و إن ترك ذكري يقسي القلوب».

9203/ [4]- علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي خالد القماط، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «القسوة و الرقة من القلب، و هو قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ».

سورة الزمر(39): آية 23..... ص : 706

قوله تعالى:

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ- إلى قوله

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 248.

2- المناقب 3: 80.

3- الكافي 2: 360/ 7.

4- تفسير القمّي 2: 239. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 707

تعالى- فَما لَهُ مِنْ هادٍ [23] 9204/ [1]- علي بن إبراهيم: إنه محكم.

9205/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن إسحاق الضبي، عن أبي عمران الأرمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: إن قوما إذا ذكروا شيئا من القرآن، أو حدثوا به، صعق أحدهم حتى يرى أن أحدهم لو قطعت يداه و «1» رجلاه، لم يشعر بذلك؟ فقال:

«سبحان الله! ذاك من الشيطان ما بهذا نعتوا، إنما هو اللين و الرقة و الدمعة و الوجل».

و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن حسان، عن أبي عمران الأرمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

سورة الزمر(39): الآيات 25 الي 28 ..... ص : 707

قوله تعالى:

كَذَّبَ الَّذِينَ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [25- 28] 9206/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: فإنه محكم.

سورة الزمر(39): آية 29..... ص : 707

قوله تعالى:

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ [29]

9207/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا،

__________________________________________________

1- تفسير القمي (الطبعة الحجرية): 318.

2- الكافي 2: 451/ 1.

3- تفسير القمي (الطبعة الحجرية): 318.

4- الكافي 8: 224/ 283.

(1) في المصدر: أو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 708

قال: «أما الذي فيه شركاء متشاكسون، فلان الأول، يجمع المتفرقون ولايته، و هم في ذلك يلعن بعضهم بعضا، و يبرأ بعضهم من بعض، فأما رجل سلم لرجل فإنه الأول حقا و شيعته.

ثم قال: إن اليهود تفرقوا من بعد موسى (عليه السلام) على إحدى و سبعين فرقة، منها فرقة في الجنة و سبعون في النار، و تفرقت النصارى بعد عيسى (عليه السلام) على اثنين و سبعين فرقة، فرقة منها في الجنة و إحدى و سبعون في النار، و تفرقت هذه الأمة بعد نبيها (صلى الله عليه و آله) على ثلاث و سبعين فرقة، اثنتان و سبعون فرقة في النار، و فرقة في الجنة، و من الثلاث و سبعين فرقة ثلاث عشرة فرقة تنتحل ولايتنا و مودتنا، اثنتا عشرة فرقة منها في النار، و فرقة في الجنة، و ستون فرقة من سائر الناس [في النار]».

9208/

[2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في خطبة ذكر فيها أسماء له من القرآن- قال: «و أنا السلم لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقول الله عز و جل: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ».

9209/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن عمرو بن محمد بن تركي، عن محمد بن الفضل، عن محمد بن شعيب، عن قيس بن الربيع، عن المنذر الثوري، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ، قال: «أنا ذلك الرجل السالم لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

9210/ [4]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن حمران، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً- هو علي (عليه السلام)- لِرَجُلٍ هو النبي (صلى الله عليه و آله) و شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ أي مختلفون، و أصحاب علي (عليه السلام) مجتمعون على ولايته».

9211/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن بن سلام، عن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة القمي، عن بكير بن الفضل، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول

الله عز و جل: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ، قال: «الرجل السالم لرجل علي (عليه السلام) و شيعته».

9212/ [6]- ابن شهر آشوب، و الطبرسي: عن العياشي، بالإسناد عن أبي خالد، عن الباقر (عليه السلام)، قال:

__________________________________________________

2- معاني الأخبار: 60/ 9.

3- تأويل الآيات 2: 514/ 10.

4- تأويل الآيات 2: 515/ 11.

5- تأويل الآيات 2: 515/ 12.

6- المناقب 3: 104، مجمع البيان 8: 775.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 709

«الرجل السالم «1» حقا، علي و شيعته».

9213/ [7]- الحسن بن زيد، عن آبائه: و رجلا سالما لرجل، هذا مثلنا أهل البيت.

9214/ [8]- الطبرسي: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بالإسناد، عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «أنا ذلك الرجل السالم «2» لرسول الله (صلى الله عليه و آله)».

9215/ [9]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ فإنه مثل ضربه الله لأمير المؤمنين (عليه السلام) و شركائه الذين ظلموه و غصبوه حقه و قوله تعالى: مُتَشاكِسُونَ أي متباغضون، و قوله: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ أمير المؤمنين (عليه السلام) سلم لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

سورة الزمر(39): الآيات 30 الي 33 ..... ص : 709

قوله تعالى:

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [30- 33]

9216/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبي المغرا، قال: حدثني يعقوب الأحمر، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) نعزيه بإسماعيل، فترحم عليه، ثم قال: «إن الله عز و جل نعى إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) نفسه، فقال:

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ، و قال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ «3»- ثم أنشأ يحدث فقال-: إنه يموت أهل الأرض حتى لا يبقى أحد، ثم يموت أهل السماوات حتى لا يبقى أحد إلا ملك الموت و حملة العرش و جبرئيل و ميكائيل (عليهم السلام)، فيجي ء ملك الموت (عليه السلام) حتى يقوم بين يدي الله عز و جل، فيقال له: من بقي؟- و هو أعلم- فيقول: يا رب، لم يبق إلا ملك الموت و حملة العرش و جبرئيل و ميكائيل. فيقال له: قل لجبرئيل و ميكائيل: فليموتا. فتقول الملائكة عند ذلك: يا رب، رسوليك و أمينيك. فيقول: إني قد قضيت على كل نفس فيها الروح الموت، ثم يجي ء ملك

__________________________________________________

7- المناقب 3: 104.

8- مجمع البيان 8: 775.

9- تفسير القمّي 2: 248.

1- الكافي 3: 256/ 25. [.....]

(1) في مجمع البيان: السلم.

(2) في المصدر: السّلم.

(3) آل عمران 3: 185.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 710

الموت حتى يقف بين يدي الله عز و جل فيقال له: من بقي؟- و هو أعلم- فيقول: يا رب، لم يبق إلا ملك الموت و حملة العرش. فيقول: قل لحملة العرش: فليموتوا. قال: ثم يجي ء كئيبا حزينا لا يرفع «1» طرفه فيقال: من بقي؟

فيقول: يا رب، لم يبق إلا ملك الموت. فيقال له: مت يا ملك الموت. فيموت، ثم يأخذ الأرض بيمينه و السماوات بيمينه، فيقول: أين الذين كانوا يدعون معي شريكا؟ أين الذين كانوا يجعلون معي إلها [آخر]».

9217/ [2]- ابن بابويه: بإسناده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما نزلت هذه الآية إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ، قلت: يا رب أ يموت الخلائق كلهم و يبقى الأنبياء؟ فنزلت كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ

الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ «2»».

9218/ [3]- علي بن إبراهيم: ثم عزى نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) و من غصبه حقه، ثم ذكر أيضا أعداء آل محمد و من كذب على الله و على رسوله و ادعى ما لم يكن له، فقال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ يعني بما جاء به رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الحق و ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).

9219/ [4]- و

من طريق المخالفين: عن ابن مردويه، بإسناد مرفوع إلى الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «الذي كذب بالصدق هو الذي رد قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام)».

9220/ [5]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.

9221/ [6]- الشيخ في (أماليه): عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ، قال: «الصدق ولايتنا أهل البيت».

9222/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل:

وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ، قال: «الذي جاء بالصدق: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و صدق به: علي بن أبي طالب

(عليه السلام)».

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 32/ 51.

3- تفسير القمّي 2: 249، تأويل الآيات 2: 516/ 14.

4- كشف الغمة 1: 317، عن ابن مردويه.

5- تفسير القمّي 2: 249.

6- أمالي الطوسي 1: 374.

7- تأويل الآيات 2: 517/ 18.

(1) في «ط، ي»: يطرف.

(2) العنكبوت 29: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 711

9223/ [8]- ابن شهر آشوب: عن علماء أهل البيت، عن الباقر، و الصادق، و الكاظم، و الرضا، و زيد بن علي (عليهم السلام)، في قوله تعالى: وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ، قالوا: «هو علي (عليه السلام)».

9224/ [9]- و

عنه: عن حذيفة، عن النبي (صلى الله عليه و آله) في خبر: «أن الله تعالى فرض على الخلق خمسة، فأخذوا أربعة و تركوا واحدا» فسئل عن ذلك، قال: «الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم».

قالوا: فما الواحد الذي تركوا؟ قال: «ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)». قالوا: أ هي واجبة من الله تعالى؟

قال: «نعم، قال الله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً» «1» الآيات.

9225/ [10]- ابن الفارسي في (روضة الواعظين): قال ابن عباس: و الذي جاء بالصدق محمد (صلى الله عليه و آله)، و صدق به علي بن أبي طالب (عليه السلام).

9226/ [11]- الطبرسي: ا لذي جاء بالصدق: محمد (صلى الله عليه و آله)، و صدق به: علي بن أبي طالب (عليه السلام).

عن مجاهد، و رواه الضحاك، عن ابن عباس، قال: و هو المروي عن أئمة الهدى من آل محمد (عليهم السلام).

9227/ [12]- و من طريق المخالفين: ابن المغازلي الشافعي في (المناقب)، يرفعه إلى مجاهد، في قوله تعالى:

وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ، قال: جاء به محمد (صلى

الله عليه و آله) و صدق به علي بن أبي طالب (عليه السلام).

و من كتاب الحبري يرفعه إلى ابن عباس، مثله «2».

و من (حلية الأولياء) لأبي نعيم المحدث، مثله «3».

سورة الزمر(39): آية 36 ..... ص : 711

قوله تعالى:

أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [36] 9228/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ يعني

__________________________________________________

8- المناقب 3: 92.

9- المناقب 3: 199.

10- روضة الواعظين: 104، شواهد التنزيل 2: 122/ 813. [.....]

11- مجمع البيان 8: 777، شواهد التنزيل 2: 121/ 811، ترجمة الإمام علي (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 2: 418/ 924، كفاية الطالب: 233.

12- المناقب: 269/ 317.

1- تفسير القمّي 2: 249.

(1) الأنعام 6: 144، الأعراف 7: 37.

(2) تفسير الحبري: 315/ 62.

(3) ...، النور المشتعل: 204/ 56، و لم نجده في الحلية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 712

يقولون لك: يا محمد اعفنا من علي، و يخوفونك أنهم يلحقون بالكفار.

سورة الزمر(39): آية 38 ..... ص : 712

قوله تعالى:

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [38]

9229/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ «1»، قال: «الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، قال: فطرهم على المعرفة به».

قال زرارة: و سألته عن قول الله عز و جل: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «2» الآية، قال: «أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة، فخرجوا كالذر، فعرفهم و أراهم نفسه، و لو لا ذلك لم يعرف أحد ربه».

و قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل مولود يولد على الفطرة، يعني المعرفة بأن الله عز و

جل خالقه، كذلك قوله تعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ».

سورة الزمر(39): آية 42 ..... ص : 712

قوله تعالى:

اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها [42]

9230/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام)، قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) في المسجد و عنده الحسن بن علي (عليهما السلام)، و أمير المؤمنين (عليه السلام) متكئ على يد سلمان، فأقبل رجل حسن اللباس، فسلم على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فرد عليه مثل سلامه و جلس، فقال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بها علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما ليس لهم، و خرجوا من دينهم، و صاروا بذلك غير مؤمنين في الدنيا، و لا خلاق لهم في الآخرة، و إن تكن الاخرى علمت أنك و هم شرع سواء، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سل عما بدا لك.

فقال أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه. و عن الرجل كيف يذكر و ينسى، و عن الرجل يشبه ولده الأعمام

__________________________________________________

1- الكافي 2: 10/ 4.

2- تفسير القمّي 2: 249.

(1) الحج 22: 31.

(2) الأعراف 7: 172.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 713

و الأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسن (عليه السلام) فقال: يا أبا محمد أجبه.

فقال: أما ما سألت عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ فإن الروح متعلقة بالريح، و الريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها، فإن أذن الله بالرد عليه جذبت تلك الروح تلك الريح، و جذبت تلك الريح ذلك الهواء، فأسكنت الروح في بدن صاحبها، و إن لم يأذن الله برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء

الريح، و جذبت الريح الروح، فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث». و هذا الحديث فيه زيادة، و هو من مشاهير الأحاديث.

و رواه ابن بابويه، و الشيخ، و محمد بن إبراهيم النعماني «1».

9231/ [1]- الطبرسي: روى العياشي بالإسناد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما من أحد «2» ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء، و بقيت روحه في بدنه، و صار بينهما سبب كشعاع الشمس!، فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس، و إذا أذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح، و هو قوله سبحانه: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها الآية، فمهما رأت في ملكوت السماوات فهو مما له تأويل، و ما رأته بين السماء و الأرض فهو مما يخيله الشيطان و لا تأويل له».

سورة الزمر(39): آية 43 ..... ص : 713

قوله تعالى:

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ [43] 9232/ [2]- علي بن إبراهيم: يعني الأصنام، ليشفعوا لهم يوم القيامة، و قالوا: إن فلانا و فلانا يشفعان لنا [عند الله يوم القيامة.

سورة الزمر(39): آية 44 ..... ص : 713

قوله تعالى:

قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً [44] 9233/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: لا يشفع أحد إلا بإذن الله تعالى.

__________________________________________________

1- مجمع البيان 8: 781.

2- تفسير القمّي 2: 250.

3- تفسير القمّي 2: 250.

(1) كمال الدين و تمام النعمة: 313/ 1، كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: 154/ 114، كتاب الغيبة للنعماني: 58/ 2. [.....]

(2) في النسخ: عبد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 714

سورة الزمر(39): آية 45 ..... ص : 714

قوله تعالى:

وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ إِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [45] 9234/ [1]- علي بن إبراهيم: فإنها نزلت في فلان و فلان و فلان.

9235/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، قال: حدثني أبو الخطاب في أحسن ما يكون حالا، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ، فقال: «إذا ذكر الله وحده بطاعة من أمر الله بطاعته من آل محمد (عليهم السلام) اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، و إذا ذكر الذين لم يأمر الله بطاعتهم إذا هم يستبشرون».

9236/ [3]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن حبيب بن المعلى الخثعمي، قال: ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما يقول أبو الخطاب؟ فقال: «احك لي ما يقول». قلت: يقول في قوله عز و جل: وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ أنه أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ إِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ فلان و فلان! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قال

هذا فهو مشرك بالله عز و جل- ثلاثا- أنا إلى الله منه بري ء- ثلاثا- بل عنى الله بذلك نفسه».

قال: [و أخبرته بالآية الاخرى التي في «حم» قول الله عز و جل: ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ «1»؟ ثم قلت: زعم أنه يعني بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قال هذا فهو مشرك بالله- ثلاثا- أنا إلى الله منه بري ء- ثلاثا- بل عنى الله بذلك نفسه، بل عنى الله بذلك نفسه- ثلاثا-».

9237/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثني محمد بن الحسين، عن إدريس بن زياد، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: سمعت صامتا بياع الهروي، و قد سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن المرجئة، فقال: «صل معهم، و اشهد جنائزهم، و عد مرضاهم، و لا تستغفر «2» لهم، فإنا إذا ذكرنا عندهم اشمأزت قلوبهم، و إذا ذكر الذين من دوننا إذا هم يستبشرون».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 250.

2- الكافي 8: 304/ 471.

3- مختصر بصائر الدرجات: 88.

4- تأويل الآيات 2: 517/ 19.

(1) غافر 40: 12.

(2) في المصدر: و إذا ماتوا فلا تستغفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 715

قلت: أبو الخطاب غلا في آخر عمره، و لهذا قال ما قال، و الصحيح روايته الاولى التي رواها زرارة.

سورة الزمر(39): آية 46 ..... ص : 715

قوله تعالى:

عالِمَ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ [46] مر الحديث فيها في سورة الأنعام «1»، و الم السجدة «2».

سورة الزمر(39): آية 53 ..... ص : 715

قوله تعالى:

قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [53]

9238/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث أبي بصير- قال: «قد ذكركم الله في كتابه إذ يقول: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، و الله ما أراد بهذا غيركم».

9239/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا يعذر «3» أحد يوم القيامة بأن يقول: يا رب، لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة، و في ولد فاطمة أنزل الله هذه الآية خاصة يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».

9240/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة.

9241/ [4]- علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا عبد الكريم، عن محمد بن علي، عن محمد

__________________________________________________

1- الكافي 8: 35/ 6.

2- معاني الأخبار: 107/ 4.

3- تفسير القمّي 2: 250.

4- تفسير القمّي 2: 250.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (73) من سورة الأنعام.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة السجدة.

(3) في

المصدر: لا يقدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 716

ابن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا يعذر الله يوم القيامة أحدا يقول: يا رب، لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة على الناس كافة، و في شيعة ولد فاطمة (عليها السلام) أنزل الله هذه الآية خاصة يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الآية».

9242/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن فضال، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا يعذر الله أحدا يوم القيامة بأن يقول: يا رب، لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة، و في «1» ولد فاطمة (عليهم السلام) أنزل الله هذه الآية خاصة: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».

9243/ [6]- ابن بابويه: في حديث، عن محمد بن الحسن الصفار، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير فقال له الإمام: «يا أبا بصير، لقد ذكركم الله عز و جل في كتابه، إذ يقول: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ و الله ما أراد بذلك غيركم. يا أبا محمد، فهل سررتك؟» قال: نعم.

9244/ [7]- محمد بن علي، عن عمرو بن عثمان، عن عمران بن سليمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله

عز و جل: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، فقال: «إن الله يغفر لكم جميعا الذنوب».

قال: فقلت: ليس هكذا نقرأ، فقال: «يا أبا محمد، فإذا غفر الله الذنوب جميعا فلمن يعذب؟ و الله ما عنى من عباده غيرنا و غير شيعتنا، و ما نزلت إلا هكذا: إن الله يغفر لكم جميعا الذنوب».

سورة الزمر(39): الآيات 54 الي 56 ..... ص : 716

قوله تعالى:

وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ- إلى قوله تعالى- وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [54- 56] 9245/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ، أي توبوا وَ أَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 518/ 21.

6- تأويل الآيات 2: 518/ 22، فضائل الشيعة: 62/ 18.

7- تأويل الآيات 2: 519/ 23.

1- تفسير القمّي 2: 250.

(1) في المصدر زيادة: شيعة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 717

يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ من القرآن و ولاية أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)، و الدليل على ذلك قول الله عز و جل: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ الآية، قال: في الإمام،

لقول الصادق (عليه السلام): «نحن جنب الله».

9246/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «جنب الله أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم».

9247/ [3]- و

عنه:

عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حسان الجمال، قال: حدثني هاشم بن أبي عمار الجنبي، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «أنا عين الله [و أنا يد الله ، و أنا جنب الله و أنا باب الله».

9248/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، في خطبته: «أنا الهادي، و أنا المهدي «1»، و أنا أبو اليتامى و المساكين، و زوج الأرامل، و أنا ملجأ كل ضعيف، و مأمن كل خائف، و أنا قائد المؤمنين إلى الجنة، و أنا حبل الله المتين، و أنا عروة الله الوثقى، و كلمة التقوى، و أنا عين الله و لسانه الصادق و يده، و أنا جنب الله الذي يقول: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، و أنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة و المغفرة، و أنا باب حطة، من عرفني و عرف حقي فقد عرف ربه، لأني وصي نبيه في أرضه و حجته على خلقه، لا ينكر هذا إلا راد على الله و رسوله».

و رواه المفيد، في (الاختصاص)، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمد بن سنان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أنا الهادي و أنا المهتدي» و ذكر الحديث «2».

9249/ [5]-

و

عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي الكوفي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن الحسين

__________________________________________________

2- الكافي 1: 113/ 9.

3- الكافي 1: 113/ 8.

4- التوحيد: 164/ 2.

5- التوحيد: 164/ 1.

(1) في المصدر، و «ج»: و أنا المهتدي.

(2) الإختصاص: 248.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 718

عمن حدثه، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أنا علم الله، و أنا قلب الله الواعي، و لسانه الناطق، و عين الله، و أنا جنب الله، و أنا يد الله».

9250/ [6]- محمد بن إبراهيم المعروف بابن زينب النعماني، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المعمر الطبراني بطبرية سنة ثلاثة و ثلاثين «1» و ثلاث مائة و كان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية و من النصاب، قال:

حدثني أبي، قال: حدثني علي بن هاشم، و الحسن «2» بن السكن، قال: حدثني عبد الرزاق بن همام، قال: أخبرني أبي، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: و فد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أهل اليمن، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «جاءكم أهل اليمن يبسون «3» بسيسا». فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «قوم رقيقة قلوبهم، راسخ إيمانهم، منهم المنصور، يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي و خلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك».

فقالوا: يا رسول الله و من وصيك؟ فقال: «هو الذي أمركم الله بالاعتصام به، فقال عز و جل: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً

وَ لا تَفَرَّقُوا «4»».

فقالوا: يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: «هو قول الله: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ «5»، فالحبل من الله كتابه، و الحبل من الناس وصيي».

فقالوا: يا رسول الله، من وصيك؟ فقال: «هو الذي أنزل الله فيه: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ».

فقالوا: يا رسول الله، و ما جنب الله هذا؟ فقال: «هو الذي يقول الله فيه: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا «6» هو وصيي، و السبيل إلي من بعدي».

فقالوا: يا رسول الله، بالذي بعثك بالحق أرناه، فقد اشتقنا إليه، فقال: «هو الذي جعله الله آية للمتوسمين، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد عرفتم أنه وصيي كما عرفتم أني نبيكم، فتخللوا الصفوف، و تصفحوا الوجوه، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لأن الله عز و جل يقول في كتابه: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ «7» إليه و إلى ذريته».

__________________________________________________

6- غيبة النعماني: 39/ 1.

(1) في «ط، ي»: و ثمانين.

(2) في المصدر: الحسين، و كذلك في تاريخ بغداد 8: 50. [.....]

(3) البسّ: السير الرقيق. «لسان العرب- بسس- 6: 28».

(4) آل عمران 3: 103.

(5) آل عمران 3: 112.

(6) الفرقان 25: 27.

(7) إبراهيم: 14: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 719

قال: فقام أبو عامر الأشعري، في الأشعريين، و أبو غرة الخولاني في الخولانيين، و ظبيان و عثمان بن قيس «1» و عرنة الدوسي في الدوسيين، و لا حق بن علاقة، فتخللوا الصفوف، و تصفحوا الوجوه، و أخذوا بيد الأصلع البطين، و قالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا، يا رسول الله.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «أنتم نخبة «2» الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه، فبم عرفتم أنه هو؟». فرفعوا أصواتهم يبكون، و قالوا: يا رسول الله، نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم [قلوبنا]، و لما رأيناه و جفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا، و انجاشت أكبادنا، و هملت أعيننا، و تبلجت «3» صدورنا حتى كأنه لنا أب، و نحن له بنون.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «4» أنتم منه بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى، و أنتم عن النار مبعدون».

قال: فبقي هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمل و صفين، فقتلوا بصفين (رحمهم الله)، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) يبشرهم بالجنة، و أخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب (عليه السلام).

9251/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن حمران بن أعين، عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ. قال: «خلقنا و الله من نور جنب الله خلقنا الله جزءا من جنب الله، و ذلك قوله عز و جل: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ يعني في ولاية علي (عليه السلام)».

9252/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن العباس، عن حسن بن محمد، عن حسين بن علي بن بهيس «5»، عن موسى بن أبي الغدير، عن عطاء الهمداني، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، في قول

الله عز و جل: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «قال علي (عليه السلام): أنا جنب الله، و أنا حسرة للناس يوم القيامة».

9253/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل، عن حمزة بن بزيع، عن علي السائي، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «جنب الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و كذلك من

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 519/ 24.

8- تأويل الآيات 2: 520/ 25.

9- تأويل الآيات 2: 520/ 26.

(1) في المصدر زيادة: في بني قيس.

(2) في المصدر: نجبة.

(3) في المصدر: و انثلجت.

(4) آل عمران 3: 7.

(5) في «ج»: مهس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 720

كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع حتى ينتهي إلى الأخير منهم، و الله أعلم بما هو كائن بعده».

9254/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سدير الصيرفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: و قد سأله رجل عن قول الله عز و جل: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن و الله خلقنا من نور جنب الله تعالى، و ذلك قول الكافر إذا استقرت به الدار: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ يعني ولاية محمد و آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)».

9255/ [11]- الشيخ في (مجالسه) قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال:

حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن خيثمة، قال: سمعت الباقر (عليه السلام) يقول: «نحن جنب الله، و نحن صفوة الله، و نحن خيرة الله، و نحن مستودع مواريث الأنبياء، و نحن أمناء الله عز و جل، و نحن حجج الله، و نحن حبل الله، و نحن رحمة الله على خلقه، و نحن الذين بنا يفتح الله و بنا يختم، و نحن أئمة الهدى، و نحن مصابيح الدجى، و نحن منار الهدى، و نحن العلم المرفوع «1» لأهل الدنيا، و نحن السابقون، و نحن الآخرون، من تمسك بنا لحق، و من تخلف عنا غرق.

و نحن قادة الغر المحجلين، و نحن حرم الله، و نحن الطريق و الصراط المستقيم إلى الله عز و جل، و نحن من نعم الله على خلقه، و نحن المنهاج، و نحن معدن النبوة «2»، و نحن موضع الرسالة، و نحن أصول الدين، و إلينا تختلف الملائكة، و نحن السراج لمن استضاء بنا، و نحن السبيل لمن اقتدى بنا، و نحن الهداة إلى الجنة، و نحن عرى الإسلام، و نحن الجسور، و نحن القناطر، من مضى علينا سبق، و من تخلف عنا محق، و نحن السنام الأعظم، و نحن الذين بنا تنزل الرحمة، و بنا تسقون الغيث، و نحن الذين بنا يصرف الله عز و جل عنكم العذاب، فمن أبصرنا و عرفنا و عرف حقنا و أخذ بأمرنا، فهو منا و إلينا».

9256/ [12]- ابن شهر آشوب: عن السجاد و الباقر و الصادق و زيد بن علي (عليهم السلام) في هذه الآية، قالوا:

«جنب الله علي (عليه

السلام)، و هو حجة الله على الخلق يوم القيامة».

9257/ [13]- و

عن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «في ولاية علي (عليه السلام)».

9258/ [14]- أبو ذر، في خبر عن النبي (صلى الله عليه و آله): «يا أبا ذر، يؤتي بجاحد علي يوم القيامة أعمى أبكم،

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 2: 520/ 27. [.....]

11- أمالي الطوسي 2: 267.

12- المناقب 3: 273.

13- المناقب 3: 273.

14- المناقب 3: 273.

(1) في «ط، ي»: المعروف.

(2) (و نحن من نعم ... معدن النبوة) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 721

يتكبكب في ظلمات القيامة، ينادي يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، و في عنقه طوق من النار».

9259/ [15]- الطبرسي في (الاحتجاج): في حديث طويل، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «قد زاد جل ذكره في التبيان و إثبات الحجة بقوله في أصفيائه و أوليائه (عليهم السلام): أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، تعريفا للخليقة قربهم، ألا ترى أنك تقول: فلان إلى جنب فلان، إذا أردت أن تصف قربه منه؟

و إنما جعل الله تبارك و تعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره و غير أنبيائه و حججه في أرضه، لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء حججه، و تلبيسهم ذلك على الأمة، ليعينوهم على باطلهم، فأثبت فيه الرموز، و أعمى قلوبهم و أبصارهم، لما عليهم في تركها و ترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه».

9260/ [16]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن القاسم بن بريد، عن مالك الجهني،

قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنا شجرة من جنب الله، فمن وصلنا وصله الله» قال: ثم تلا هذه الآية: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ.

9261/ [17]- و

عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل، عن حمزة بن بزيع، عن علي السائي، قال: سألت أبا الحسن الماضي (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، قال: «جنب الله أمير المؤمنين، و كذلك من كان من بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع، إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم، و الله أعلم بما هو كائن بعده».

9262/ [18]- الطبرسي: روى العياشي، بالإسناد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «نحن جنب الله».

سورة الزمر(39): الآيات 57 الي 59 ..... ص : 721

قوله تعالى:

لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ- إلى قوله تعالى- وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ [57- 59]

9263/ [1]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ،

__________________________________________________

15- الإحتجاج: 252.

16- بصائر الدرجات: 82/ 5.

17- بصائر الدرجات: 82/ 6.

18- مجمع البيان 8: 787.

1- المناقب 3: 98.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 722

قال: «الولاية لعلي (عليه السلام)، فرد الله عليهم: بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ».

9264/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال: أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً الآية، فرد الله تعالى عليهم، فقال: بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها يعني بالآيات الأئمة (عليهم السلام) وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ [يعني بالله.

سورة الزمر(39): آية 60 ..... ص : 722

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ [60]

9265/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله عز و جل: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ، قال: «من قال إني إمام و ليس بإمام».

قال: قلت: و إن كان علويا؟ قال: «و إن كان علويا»، قلت: و إن كان من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قال:

«و إن كان».

9266/ [3]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا حميد ابن زياد، قال: حدثني جعفر بن إسماعيل المنقري، قال: أخبرني شيخ بمصر يقال له: الحسين بن أحمد المقري، عن يونس بن ظبيان، قال: قال

أبو عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ، قال: «من زعم أنه إمام و ليس بإمام».

9267/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال من كتابه، قال: حدثنا العباس بن عامر بن رباح الثقفي، عن أبي المغرا، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، أنه قال له: قول الله عز و جل: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ؟ قال: «من زعم أنه إمام و ليس بإمام»، قلت: و إن كان علويا فاطميا؟ فقال: «و إن كان علويا فاطميا».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 251.

2- الكافي 1: 304/ 1.

3- غيبة النعماني: 111/ 1. [.....]

4- غيبة النعماني: 112/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 723

9268/ [4]- و

عنه، قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي، قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي المعروف بالرزاز الكوفي، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ. قال: «من قال إني إمام و ليس بإمام».

قلت: و إن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا»، قلت: و إن كان من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قال: «و إن كان من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9269/ [5]- علي بن إبراهيم، في

قوله تعالى: يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ،

قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من ادعى أنه إمام و ليس بإمام».

قلت: «و إن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا».

9270/ [6]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر، شكا إلى الله شدة حره، و سأله أن يتنفس، فأذن له فتنفس فأحرق جهنم».

9271/ [7]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله عز و جل:

وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ، قال: «من زعم أنه إمام و ليس بإمام».

قلت: و إن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا».

9272/ [8]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الحسين بن المختار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ؟ قال: «من زعم أنه إمام و ليس بإمام».

قلت: و إن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا».

9273/ [9]- العياشي: بإسناده، عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من حدث عنا بحديث فنحن سائلوه عنه يوما، فإن صدق علينا فإنما يصدق على الله و على رسوله، و إن

كذب علينا فإنما يكذب على الله و على رسوله، لأنا إذا حدثنا لا نقول: قال فلان و فلان، و إنما نقول: قال الله و قال رسوله». ثم

__________________________________________________

4- غيبة النعماني: 114/ 8.

5- تفسير القمّي 2: 251.

6- تفسير القمّي 2: 251.

7- ثواب الأعمال: 214.

8- الكافي 1: 304/ 3.

9- مجمع البيان 8: 787.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 724

تلا هذه الآية: وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ثم أشار خيثمة إلى أذنيه فقال: صمتا إن لم أكن سمعته.

سورة الزمر(39): آية 62 ..... ص : 724

قوله تعالى:

اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ وَكِيلٌ [62]

9274/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله عليه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في التفويض؟ فقال: «إن الله تعالى فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) أمر دينه، فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «1»، فأما الخلق و الرزق فلا».

ثم قال (عليه السلام): «إن الله تعالى يقول: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ، و يقول تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ «2»».

سورة الزمر(39): آية 63 ..... ص : 724

قوله تعالى:

لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [63] 9275/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [يعني مفاتيح السماوات و الأرض.

سورة الزمر(39): آية 64 ..... ص : 724

قوله تعالى:

قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ [64]

9276/ [3]- ابن شهر آشوب: الطبري و الواحدي بإسنادهما، عن السدي، و روى ابن بابويه في كتاب (النبوة)،

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 202/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 251.

3- المناقب 1: 59.

(1) الحشر 59: 7.

(2) الروم 30: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 725

عن زين العابدين (عليه السلام): «أنه اجتمعت قريش إلى أبي طالب و رسول الله (صلى الله عليه و آله) عنده، فقالوا: نسألك عن ابن أخيك النصف منه. قال: و ما النصف منه؟ قالوا: يكف عنا و نكف عنه، فلا يكلمنا و لا نكلمه، و لا يقاتلنا و لا نقاتله، ألا إن هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب، و زرعت الشحناء، و أنبتت البغضاء، فقال: يا بن أخي، أ سمعت؟

قال: يا عم لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي و قبلوا نصيحتي، إن الله تعالى أمرني أن أدعو إلى الحنيفية ملة إبراهيم، فمن أجابني فله عند الله الرضوان، و الخلود في الجنان، و من عصاني قاتلته حتى يحكم الله بيننا، و هو خير الحاكمين. فقالوا: قل له أن يكف عن شتم آلهتنا فلا يذكرها بسوء. فنزل: قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ».

سورة الزمر(39): الآيات 65 الي 66 ..... ص : 725

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [65 و 66]

9277/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحكم بن بهلول، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، قال:

«يعني إن أشركت في

الولاية غيره بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ يعني بل الله فاعبد بالطاعة و كن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك و ابن عمك».

9278/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ، قال: «تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي (عليه السلام) من بعدك ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين».

9279/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن عبيد بن مسلم، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن الحسن بن إسماعيل الأفطس، عن أبي موسى المشرقاني، قال: كنت عنده و حضره قوم من الكوفيين، فسألوه عن قول الله عز و جل: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، فقال: ليس حيث تذهبون، إن الله عز و جل حيث أوحى إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يقيم عليا (عليه السلام) للناس علما، اندس إليه معاذ بن جبل، فقال:

__________________________________________________

1- الكافي 2: 254/ 76.

2- تفسير القمّي 2: 251. [.....]

3- تأويل الآيات 2: 522/ 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 726

أشرك في ولايته- أي الأول و الثاني- حتى يسكن الناس إلى قولك و يصدقوك، فلما أنزل الله عز و جل: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «1» شكا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى جبرئيل، فقال: «إن الناس يكذبوني و لا يقبلون مني»، فأنزل الله عز و جل: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ.

9280/ [4]-

ابن شهر آشوب: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ الآية، و ذلك لما أمر الله تعالى رسوله (صلى الله عليه و آله) أن يقيم عليا (عليه السلام)، و أن لا يشرك مع علي (عليه السلام) شريكا».

9281/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثني تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي ابن موسى (عليه السلام)، فقال له [المأمون : يا ابن رسول الله، أليس من قولك: أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».

قال له المأمون فيما سأله: يا أبا الحسن أخبرني عن قول الله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ «2». قال:

قال له الرضا (عليه السلام): «هذا مما نزل بإياك أعني و اسمعي يا جارة، خاطب الله تعالى بذلك نبيه (صلى الله عليه و آله) و أراد به أمته، و كذلك قوله عز و جل: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ و قوله تعالى: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا «3»» قال: صدقت يا ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله).

9282/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزل القرآن بإياك أعني و اسمعي يا جارة».

و قد تقدم في ذلك في مقدمة الكتاب «4»

سورة الزمر(39): آية 67 ..... ص : 726

قوله تعالى:

وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ

وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [67]

9283/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن

__________________________________________________

4- المناقب 1: 252.

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 202/ 1.

6- الكافي 2: 461/ 14.

1- الكافي 1: 80/ 11.

(1) المائدة 5: 67.

(2) التوبة 9 43.

(3) الإسراء 17: 74.

(4) تقدّم في باب (9).

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 727

ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله لا يوصف، و كيف يوصف و قد قال في كتابه: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك».

9284/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان الكليني، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.

فقال: «ذلك تعيير الله تبارك و تعالى لمن شبهه بخلقه، ألا ترى أنه قال: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ و معناه إذ قالوا: إن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه؟ كما قال الله عز و جل: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ «1»، ثم نزه عز و جل نفسه عن القبضة و اليمين فقال: سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ».

9285/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا

بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ.

فقال: «يعني ملكه لا يملكه معه أحد، و القبض من الله تعالى في موضع آخر: المنع، و البسط منه: الإعطاء و التوسيع [كما قال عز و جل ، وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «2» يعني يعطي و يمنع «3»، و القبض منه عز و جل في وجه آخر: الأخذ، و الأخذ في وجه القبول، كما قال: وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ «4» أي يقبلها من أهلها و يثيب عليها».

قلت: فقوله عز و جل: وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ؟ قال: «اليمين: اليد، و اليد: القدرة و القوة، يقول عز و جل: وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أي بقدرته و قوته سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ».

9286/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في الخوارج وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ

__________________________________________________

2- التوحيد: 160/ 1.

3- التوحيد: 161/ 2.

4- تفسير القمي 2: 251.

(1) الأنعام 6: 91.

(2) البقرة 2: 245. [.....]

(3) في المصدر: يعطي و يوسع و يمنع و يضيق.

(4) التوبة 9: 104.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 728

أي بقدرته «1».

9287/ [5]- الديلمي: بحذف الإسناد، مرفوعا إلى سلمان الفارسي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث له معه جاثليق و معه مائة رجل من النصارى، فكان فيما سأله (عليه السلام) أن قال له الجاثليق: فأخبرني عن قوله جل ثناؤه: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ «2» وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ

بِيَمِينِهِ فإذا طويت السماوات، و قبضت الأرض، فأين تكون الجنة و النار فيهما؟

قال: فدعا بدواة و قرطاس، ثم كتب فيه: الجنة و النار، ثم درج القرطاس و دفعه إلى النصراني، و قال [له :

«أليس قد طويت هذا القرطاس؟». قال: نعم، قال: «فافتحه» قال: ففتحه، فقال: «هل ترى آية النار و آية الجنة، أمحاهما طي القرطاس؟». قال: لا، قال: «فهكذا في قدرة الله إذا طويت السماوات و قبضت الأرض لم تبطل الجنة و النار، كما لم يبطل طي هذا الكتاب آية الجنة و آية النار».

9288/ [6]- كتاب (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): عن أبي هريرة و سلمان الفارسي، في حديث طويل، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في جواب سؤال جاثليق، قال له الجاثليق: فأخبرني عن الجنة و النار أين هما؟

قال (عليه السلام): «الجنة تحت العرش في الآخرة، و النار تحت الأرض السابعة السفلى».

فقال الجاثليق: صدقت، فإذا طوى الله السماوات و الأرض، أين تكون الجنة و النار؟ فقال (عليه السلام): «ائتوني بدواة و بياض». فكتب آية من الجنة و آية من النار، ثم طوى الكتاب و ناوله النصراني، فأخذه بيده، قال له: «ترى شيئا؟» قال: لا، قال: «فانشره». فقال: «ترى تحت آية الجنة آية النار، و آية النار تحت آية الجنة؟». قال: نعم. قال:

«كذلك الجنة و النار في قدرة الرب عز و جل» قال: صدقت.

سورة الزمر(39): آية 68 ..... ص : 728

قوله تعالى:

وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ [68]

9289/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان الأحول، عن سلام بن المستنير، عن ثوير بن أبي فاختة، عن

علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: سئل عن النفختين، كم بينهما؟

__________________________________________________

5- إرشاد القلوب: 310.

6- ....، معالم الزلفى: 315.

1- تفسير القمّي 2: 252.

(1) في المصدر: بقوته.

(2) إبراهيم 14: 48.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 729

قال: «ما شاء الله».

فقيل له: فأخبرني يا ابن رسول الله، كيف ينفخ فيه؟ فقال: «أما النفخة الأولى، فإن الله يأمر إسرافيل فيهبط إلى الأرض و معه الصور، و للصور رأس واحد و طرفان، و بين طرف كل رأس منهما ما بين السماء و الأرض، فإذا رأت الملائكة إسرافيل و قد هبط إلى الدنيا و معه الصور، قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض، و في موت أهل السماء، قال: فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس و يستقبل الكعبة، فإذا رأوه أهل الأرض، قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض، قال: فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الأرض، فلا يبقى في الأرض ذو روح إلا صعق و مات، و يخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماء، فلا يبقى ذو روح في السماوات إلا صعق و مات إلا إسرافيل».

قال: «فيقول الله لإسرافيل: يا إسرافيل مت فيموت إسرافيل، فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر الله السماوات فتمور، و يأمر الجبال فتسير، و هو قوله تعالى: يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً «1» يعني تنبسط و تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ «2» يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب، بارزة ليس عليها جبال و لا نبات، كما دحاها أول مرة، و يعيد عرشه على الماء كما كان أول مرة، مستقلا بعظمته و قدرته- قال-: فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله بصوت من قبله جهوري يسمع أقطار السماوات و الأرضين: لمن

الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد، فعند ذلك يجيب الجبار عز و جل مجيبا لنفسه: لله الواحد القهار و أنا قهرت الخلائق كلهم و أمتهم، إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، لا شريك لي و لا وزير، و أنا خلقت خلقي بيدي و أنا أمتهم بمشيتي، و أنا أحييهم بقدرتي، قال:

فينفخ الجبار نفخة في الصور، فيخرج الصوت من أحد الطرفين الذي يلي السماوات، فلا يبقى أحد في السماوات إلا حيي و قام كما كان، و يعود حملة العرش، و تعرض «3» الجنة و النار، و تحشر الخلائق للحساب». قال: فرأيت علي ابن الحسين (عليهما السلام) يبكي عند ذلك بكاء شديدا.

9290/ [2]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا، فاجتمعت الأوصال و نبتت اللحوم و قد «4» أتى جبرئيل (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخذ بيده و أخرجه إلى البقيع، فانتهى به إلى قبر فصوت بصاحبه، فقال: قم «5» بإذن الله فخرج منه رجل أبيض الرأس و اللحية، يمسح التراب عن وجهه، و هو يقول: الحمد لله و الله أكبر، فقال جبرئيل: عد بإذن الله، ثم انتهى به إلى قبر آخر، فقال: قم بإذن الله: فخرج منه رجل مسود الوجه، و هو

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 253.

(1) الطور 52: 9 و 10.

(2) إبراهيم 14: 48.

(3) في المصدر: تحضر.

(4) في المصدر: و قال.

(5) في نسخة من «ط، ج، ي»: كن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 730

يقول: وا حسرتاه وا ثبوراه، ثم قال له جبرئيل: عد، إلى ما كنت فيه

[بإذن الله ، فقال: يا محمد، هكذا يحشرون يوم القيامة، فالمؤمنون يقولون: هذا القول، و هؤلاء يقولون ما ترى».

9291/ [3]- (بستان الواعظين): قال حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، عن الخير، و كنت أسأله عن الشر، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «يكون في آخر الزمان فتن كقطع الليل المظلم، فإذا غضب الله على أهل الأرض، أمر الله سبحانه و تعالى إسرافيل أن ينفخ نفخة الصعق، فينفخ على غفلة من الناس، فمن الناس من هو في وطنه، و منهم من هو في سوقه، و منهم من هو في حرثه، و منهم من هو في سفره، و منهم من يأكل فلا يرفع اللقمة إلى فيه حتى يخمد و يصعق، و منهم من يحدث صاحبه فلا يتم الكلمة حتى يموت، فتموت الخلائق كلهم عن آخرهم، و إسرافيل لا يقطع صيحته حتى تغور عيون الأرض و أنهارها و بناؤها و أشجارها و جبالها و بحارها، و يدخل الكل بعضهم في بعض في بطن الأرض، و الناس خمود و صرعى، فمنهم من هو صريع على وجهه، و منهم من هو صريع على ظهره، و منهم من هو صريع على جنبه، و منهم من هو صريع على خده، و منهم من تكون اللقمة في فيه فيموت، فما أدرك به أن يبتلعها، و تنقطع السلاسل التي فيها قناديل النجوم، فتسوى بالأرض من شدة الزلزلة، و تموت ملائكة السماوات السبع و الحجب و السرادقات و الصافون و المسبحون و حملة العرش و الكرسي، و أهل سرادقات المجد و الكروبيون، و يبقى جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و ملك الموت (عليهم السلام).

فيقول الجبار جل جلاله: يا ملك

الموت من بقي؟ و هو أعلم، فيقول ملك الموت: سيدي و مولاي، بقي إسرافيل، و بقي جبرئيل، و بقي ميكائيل، و بقي عبدك الضعيف ملك الموت و هو خاضع خاشع ذليل، قد ذهبت نفسه لعظم ما عاين من الأهوال، فيقول الجبار تبارك و تعالى: انطلق إلى جبرئيل فاقبض روحه فينطلق ملك الموت إلى جبرئيل (عليه السلام)، فيجده ساجدا و راكعا، فيقول له: ما أغفلك عما يراد بك يا مسكين، قد مات بنو آدم و أهل الدنيا و الأرض و الطيور و السباع و الهوام و سكان السماوات و حملة العرش و الكرسي و السرادقات و سكان سدرة المنتهى، و قد أمرني المولى بقبض روحك. فعند ذلك يبكي جبرئيل (عليه السلام)، و يقول متضرعا إلى الله تعالى: يا الله، هون علي سكرات الموت، فيضمه ملك الموت ضمة يقبض فيها روحه، فيخر جبرئيل (عليه السلام) منها ميتا صريعا.

فيقول الجبار جل جلاله: من بقي يا ملك الموت؟ و هو أعلم، فيقول: يا سيدي و مولاي أنت أعلم بمن بقي، بقي ميكائيل و إسرافيل و عبدك الضعيف ملك الموت. فيقول الجبار جل جلاله: انطلق إلى ميكائيل فاقبض روحه فينطلق ملك الموت إلى ميكائيل، كما أمره الله تعالى، فيجده ينظر إلى الماء يكيله على السحاب، فيقول له: ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك، ما بقي لبني آدم رزق و لا للأنعام و لا للوحوش و لا للهوام، قد مات أهل السماوات و أهل الأرض و أهل الحجب و السرادقات و حملة العرش و الكرسي و سرادقات المجد و الكروبيون و الصافون و المسبحون، و قد أمرني ربي بقبض روحك. فعند ذلك يبكي ميكائيل و يتضرع إلى الله تعالى و

يسأله أن

__________________________________________________

3-؟؟؟ [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 731

يهون عليه سكرات الموت، فيحتضنه ملك الموت، و يضمه ضمة يقبض فيها روحه، فيخر صريعا ميتا لا روح فيه.

فيقول الجبار عز و جل: من بقي يا ملك الموت؟ و هو أعلم، فيقول: مولاي و سيدي، أنت أعلم بمن بقي، بقي إسرافيل و عبدك الضعيف ملك الموت، فيقول الجبار تبارك و تعالى: انطلق إلى إسرافيل فاقبض روحه، فينطلق ملك الموت إلى إسرافيل، كما أمره الجبار، فيقول له: ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك، قد مات الخلائق كلهم، و قد أمرني ربي و مولاي أن أقبض روحك. فيقول إسرافيل: سبحان من قهر العباد بالموت، سبحان من تفرد بالبقاء، ثم يقول: مولاي هون علي سكرات الموت، مولاي هون علي سكرات الموت، مولاي هون علي مرارة الموت، فيضمه ملك الموت ضمة يقبض فيها روحه، فيخر ميتا صريعا.

فيقول الجبار جل جلاله: من بقي يا ملك الموت؟ و هو أعلم، فيقول: أنت أعلم يا سيدي و مولاي بمن بقي، بقي عبدك الضعيف ملك الموت. فيقول الجبار: و عزتي و جلالي لأذيقنك مثل ما أذقت عبادي، انطلق بين الجنة و النار و مت، فينطلق بين الجنة و النار فيصيح صيحة، فلو لا أن الله تبارك و تعالى أمات الخلائق لماتوا عن آخرهم من شدة صيحة ملك الموت، فيموت، فتبقى السماوات خالية من أملاكها، ساكنة أفلاكها، و تبقى الأرض خالية من إنسها و جنها و طيرها و هوامها و سباعها و أنعامها، و يبقي الملك لله الواحد القهار الذي خلق الليل و النهار، فلا يرى أنيس، و لا يحس حسيس «1»، قد سكنت الحركات، و خمدت الأصوات، و خلت من سكانها الأرض و السماوات.

ثم

يقول الله تبارك و تعالى للدنيا: يا دنيا، أين أنهارك، و أين أشجارك، و أين سكانك، و أين عمارك، و أين الملوك، و أين أبناء الملوك، أين الجبابرة و أبناء الجبابرة، أين الذين أكلوا رزقي و تقلبوا في نعمتي و عبدوا غيري، لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد. فيقول الله تعالى: لله الواحد القهار.

فتبقى الأرضون و السماوات ليس فيهن من ينطق و لا من يتنفس، ما شاء الله من ذلك- و قد قيل: تبقى أربعين يوما- و هو مقدار ما بين النفختين، ثم بعد ذلك ينزل الله تعالى من السماء السابعة بحرا، يقال له بحر الحيوان، ماؤه يشبه مني الرجال، ينزله ربنا أربعين عاما، فيشق ذلك الماء الأرض شقا، فيدخل تحت الأرض إلى العظام البالية، فتنبت بذلك الماء كما ينبت الزرع بالمطر، قال الله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ إلى قوله تعالى: كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى «2» الآية، أي: كما أخرج النبات بالمطر كذلك يخرج بماء الحيوان، فتجتمع العظام و العروق و اللحوم و الشعور فيرجع كل عضو إلى مكانه الذي كان فيه في الدنيا، فترجع كل شعرة إلى هيئتها التي كانت في دار الدنيا، فتلتئم الأجساد بقدرة الله جل جلاله، و تبقى بلا أرواح.

ثم يقول الجبار جل جلاله: ليبعث إسرافيل فيقوم إسرافيل حيا بقدرة الله تعالى، فيقول الجبار لإسرافيل:

التقم الصور، و الصور قرن من نور فيه أنقاب على عدد أرواح العباد، فتجتمع الأرواح كلها فتجعل في الصور، و يأمر الجبار إسرافيل أن يقوم على صخرة بيت المقدس، و ينادي في الصور، و هو في فمه قد التقمه، و الصخرة أقرب ما

__________________________________________________

(1) الحسيس: الصوت الخفي. «أقرب الموارد- حسس- 1: 191».

(2) الأعراف

7: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 732

في الأرض إلى السماء، و هو قوله تعالى: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ «1»، و يقول إسرافيل في أول ندائه: أيتها العظام البالية، و اللحوم المنقطعة، و الشعور المتبددة، و الشعور الملتزقة، ليقمن إلى العرض على الملك الديان ليجازيكم بأعمالكم فإذا نادى إسرافيل في الصور، خرجت الأرواح من أنقاب الصور، فتنتشر بين السماء و الأرض كأنها النحل يخرج من كل نقب، و لا يخرج من ذلك النقب غيره، فأرواح المؤمنين تخرج من أنقابها نائرة بنور الإيمان و بنور أعمالها الصالحة، و أرواح الكفار تخرج مظلمة بظلمة الكفر، و إسرافيل يديم الصوت، و الأرواح قد انتشرت ما بين السماء و الأرض، ثم تدخل الأرواح إلى الأجساد، و تدخل كل روح إلى جسدها الذي فارقته في دار الدنيا، فتدب الأرواح في الأجساد كما يدب السم في الملسوع حتى ترجع إلى أجسادها كما كانت في دار الدنيا، ثم تنشق الأرض من قبل رؤوسهم، فإذا هم قيام ينظرون إلى أهوال القيامة و طوامها، و إسرافيل (عليه السلام) ينادي بهذا النداء، لا يقطع الصوت و يمده مدا، و الخلائق يتبعون صوته، و النيران تسوق الخلائق إلى أرض المحشر.

فإذا خرجوا من قبورهم، خرج مع كل إنسان عمله الذي كان عمله في دار الدنيا، لأن عمل كل إنسان يصحبه في قبره، فإذا كان العبد مطيعا لربه و عمل عملا صالحا، كان أنسيه في الدنيا، و كان أنسيه إذا خرج من قبره يوم حشره، يؤنسه من الأهوال و من هموم القيامة، فإذا خرج من قبره يقول له عمله: يا حبيبي، ما عليك من هذا شي ء، ليس يراد به من أطاع الله، فإنما يراد

به إلا من عصى الله و خالف مولاه، ثم كذب آياته و اتبع هواه، و أنت كنت عبدا مطيعا لمولاك متبعا لنبيك تاركا لهواك، فما عليك اليوم من هم و خوف حتى تدخل الجنة. و إذا كان العبد خاطئا و عاصيا لذي الجلال، و مات على غير توبة و انتقال، فإذا خرج المغرور المسكين من قبره و معه عمله السوء الذي عمله في دار الدنيا، و كان قد صحبه في قبره، فإذا نظر إليه العبد المغتر يراه أسود فظيعا، فلا يمر على هول و لا نار و لا بشي ء من هموم يوم القيامة إلا قال له عمله السوء: يا عدو الله، هذا كله لك، و أنت المراد به».

9292/ [4]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: اجتمعت [أنا] و الشيخ أبو عمرو (رحمه الله)، عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو، إني [أريد أن أسألك عن شي ء و ما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي و ديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوما، فإذا كان ذلك رفعت الحجة و أغلق باب التوبة، فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فأولئك أشرار من خلق الله عز و جل، و هم الذين تقوم عليهم القيامة.

__________________________________________________

4- الكافي 1: 265/ 1.

(1) سورة ق 50: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 733

سورة الزمر(39): آية 69 ..... ص : 733

قوله تعالى:

وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِي ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ [69]

9293/ [1]- علي

بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثني القاسم بن الربيع، قال: حدثنا صباح المدائني، قال: حدثنا المفضل بن عمر، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها، قال: «رب الأرض يعني إمام الأرض».

قلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: «إذن يستغني الناس عن ضوء الشمس و نور القمر و يجتزون بنور الإمام».

9294/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن ثوير بن أبي فاختة، قال سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يحدث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: «حدثني أبي أنه سمع أباه علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحدث الناس، و يقول: إذا كان يوم القيامة بعث الله تبارك و تعالى الناس من حفرهم غرلا بهما «1» جردا مردا في صعيد واحد يسوقهم النور و تجمعهم الظلمة حتى يقفوا على عقبة المحشر، فيركب بعضهم بعضا، و يزدحمون دونها، فيمنعون من المضي، فتشتد أنفاسهم، و يكثر عرقهم، و تضيق بهم أمورهم، و يشتد ضجيجهم، و ترتفع أصواتهم، قال: و هو أول هول من أهوال يوم القيامة، قال: فيشرف الجبار تبارك و تعالى عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة، فيأمر ملكا من الملائكة فينادي فيهم: يا معشر الخلائق، أنصتوا و اسمعوا منادي الجبار. قال: فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم، قال: فتنكسر أصواتهم عند ذلك، و تخشع قلوبهم «2»، و تضطرب فرائصهم، و تفزع قلوبهم، و يرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت، مهطعين إلى الداعي، قال: فعند ذلك يقول

الكافر: هذا يوم عسر، فيشرف الجبار عز ذكره الحكم العدل عليهم فيقول: أنا الله لا إله إلا أنا الحكم العدل الذي لا يجور، اليوم أحكم بينكم بعدلي و قسطي، لا يظلم اليوم عندي أحد، اليوم آخذ للضعيف من القوي بحقه، و لصاحب المظلمة بالمظلمة، بالقصاص من الحسنات و السيئات، و أثيب على الهبات، و لا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم، و لا من لأحد عنده مظلمة، إلا مظلمة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 253.

2- الكافي 8: 104/ 79.

(1) الغرل: جمع الأغرل، و هو الأقلف، و الغرلة: القلفة، و البهم: جمع بهيم، و هو في الأصل الذي لا يخالط لونه لون سواه، يعني ليس فيهم شي ء من العاهات و الأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى و العور و العرج و غير ذلك، و إنّما هي أجساد مصحّحة لخلود الأبد في الجنّة أو النار. و قال بعضهم في تمام الحديث: «قيل: و ما البهم؟ قال: ليس معهم شي ء»، يعني من أعراض الدنيا، و هذا [لا] يخالف الأول من حيث المعنى.

«النهاية 1: 167، 3: 362».

(2) في المصدر: أبصارهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 734

يهبها صاحبها، و أثيبه عليها، و آخذ له بها عند الحساب، فتلازموا أيها الخلائق، و اطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا، و أنا شاهدكم عليها «1»، و كفى بي شهيدا. قال: فيتعارفون و يتلازمون، فلا يبقى أحد له عند أحد مظلمة أو حق إلا لزمه بها.

قال: فيمكثون ما شاء الله، فيشتد حالهم، و يكثر عرقهم، و يشتد غمهم، و ترتفع أصواتهم بضجيج شديد، فيتمنون المخلص منه بترك مظالمهم لأهلها، قال: و يطلع الله عز و جل على جهدهم، فينادي مناد من عند الله تبارك

و تعالى، يسمع آخرهم كما يسمع أولهم، يا معشر الخلائق، أنصتوا الداعي الله تبارك و تعالى و استمعوا، إن الله تبارك و تعالى يقول لكم: أنا الوهاب، إن أحببتم أن تواهبوا فتواهبوا، و إن لم تواهبوا أخذت لكم بمظالمكم قال:

فيفرحون بذلك لشدة جهدهم، و ضيق مسلكهم و تزاحمهم، قال: فيهب بعضهم مظالمهم رجاء أن يتخلصوا مما هم فيه، و يبقى بعضهم، فيقول: يا رب مظالمنا أعظم من أن نهبها قال: فينادي مناد من تلقاء العرش: أين رضوان خازن الجنان، جنان الفردوس، قال: فيأمره عز و جل أن يطلع من الفردوس قصرا من فضة بما فيه من الأبنية و الخدم، قال: فيطلعه عليهم في حفافة القصر «2» الوصائف و الخدم، قال: فينادي مناد من عند الله تبارك و تعالى: يا معشر الخلائق، ارفعوا رؤوسكم، فانظروا إلى هذا القصر، قال: فيرفعون رؤوسهم، فكلهم يتمناه، قال: فينادي مناد من عند الله تبارك و تعالى: يا معشر الخلائق، هذا لكل من عفا عن مؤمن، قال: فيعفون كلهم إلا القليل، قال: فيقول الله عز و جل: لا يجوز إلى جنتي اليوم ظالم، و لا يجوز إلى ناري اليوم ظالم و لا من لأحد من المسلمين عنده مظلمة حتى آخذها منه عند الحساب، أيها الخلائق استعدوا للحساب.

قال: ثم يخلي سبيلهم، فينطلقون إلى العقبة، يكرد «3» بعضهم بعضا حتى ينتهون إلى العرصة، و الجبار تبارك و تعالى على العرش، قد نشرت الدواوين، و نصبت الموازين، و احضر النبيون و الشهداء، و هم الأئمة يشهد كل إمام على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر الله عز و جل، و دعاهم إلى سبيل الله».

قال: فقال له رجل من قريش: يا ابن رسول الله،

إذا كان للرجل المؤمن عند الرجل الكافر مظلمة، أي شي ء يأخذ من الكافر، و هو من أهل النار؟ قال: فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): «يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ما له على الكافر، و يعذب الكافر بها مع عذابه بكفره عذابا بقدر ما للمسلم قبله من مظلمة».

قال: فقال له القرشي: فإذا كانت المظلمة لمسلم عند مسلم، كيف تؤخذ مظلمته من مسلم؟ قال: «يؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم، فتزاد «4» على حسنات المظلوم».

قال: فقال له القرشي: فإن لم يكن للظالم حسنات؟ قال: «إن لم يكن للظالم حسنات، فإن للمظلوم سيئات،

__________________________________________________

(1) في المصدر: شاهد لكم عليهم.

(2) أي جوانبه و أطرافه.

(3) كردهم: ساقهم و طردهم. «لسان العرب- كرد- 3: 379».

(4) في «ج، ي»: فيزداد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 735

يؤخذ من سيئات المظلوم، فتزاد «1» على سيئات الظالم».

9295/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِي ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ قال: الشهداء:

الأئمة (عليهم السلام)، و الدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الحج: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا- أنتم يا معشر الأئمة- شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ «2».

سورة الزمر(39): آية 73 ..... ص : 735

قوله تعالى:

وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا- إلى قوله تعالى- فَادْخُلُوها خالِدِينَ [73] 9296/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً أي جماعة حَتَّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ أي طابت مواليدكم، لأنه لا يدخل الجنة إلا طيب المولد فَادْخُلُوها خالِدِينَ.

9297/ [3]- قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن فلانا و فلانا و فلانا غصبونا حقنا، و اشتروا به الإماء و تزوجوا به النساء، ألا و إنا قد جعلنا

شيعتنا من ذلك في حل لتطيب مواليدهم».

سورة الزمر(39): الآيات 74 الي 75 ..... ص : 735

قوله تعالى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ- إلى قوله تعالى- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [74- 75] 9298/ [4]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ: «يعني أرض الجنة».

9299/ [5]- و

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، قال: حدثنا إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عليه السلام)،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 253.

2- تفسير القمّي 2: 254. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 254.

4- تفسير القمّي 2: 254.

5- تفسير القمّي 2: 254.

(1) في «ط» نسخة بدل: فيزداد.

(2) الحج 22: 78.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 736

قال: «لما حضر علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة اغمي عليه ثلاث مرات، فقال في المرة الأخيرة: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ثم مات (عليه السلام)».

9300/ [3]- قال علي بن إبراهيم: ثم قال الله عز و جل: وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ أي محيطين حول العرش يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ كناية عن أهل الجنة و النار، و هذا مما لفظه ماض أنه قد كان»

، و معناه مستقبل أنه يكون «2»، وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

9301/ [4]- المفيد في (الإختصاص): في حديث رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في سؤال عبد الله بن سلام، قال (صلى الله عليه و آله): «و أما الستة عشر فستة عشر صفا من الملائكة حافين من حول العرش، و ذلك قوله تعالى:

حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ».

9302/ [5]- ابن شهر آشوب: من أحاديث علي بن الجعد، عن شعبة، عن قتادة في تفسير

قوله تعالى:

وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ الآية، قال أنس: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما كانت ليلة المعراج نظرت تحت العرش أمامي، فإذا أنا بعلي بن أبي طالب قائم أمامي تحت العرش، يسبح الله و يقدسه، قلت: يا جبرئيل سبقني علي بن أبي طالب؟ قال: لا، لكني أخبرك يا محمد، أن الله عز و جل يكثر من الثناء و الصلاة على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوق عرشه، فاشتاق العرش إلى رؤية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فخلق الله تعالى هذا الملك على صورة علي بن أبي طالب (عليه السلام) تحت عرشه، لينظر إليه العرش، فيسكن شوقه، و جعل تسبيح هذا الملك و تقديسه و تحميده «3» ثوابا لشيعة أهل بيتك، يا محمد»، الخبر.

و هذا من طريق المخالفين، و الروايات في خلق الله سبحانه ملكا على صورة علي بن أبي طالب (عليه السلام) متكثرة من طريق الخاصة و العامة، ليس هذا موضع ذكرها.

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 254.

4- الإختصاص: 47.

5- المناقب 2: 233.

(1) (أنّه قد كان) ليس في المصدر.

(2) (أنّه كان) ليس في المصدر.

(3) في «ج، ي»: تمجيده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 737

المستدرك (سورة الزمر) ..... ص : 737
سورة الزمر(39): آية 19 ..... ص : 737

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ [19]

[1]- محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)- و ساق الحديث إلى أن قال-: «و ليست تشهد الجوارح على مؤمن، إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه».

سورة الزمر(39): آية 61 ..... ص : 737

قول تعالى:

وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [61]

[2]- (تحف العقول): عن الحسن بن علي (عليه السلام)- في حديث- قال: «و أوصاكم بالتقوى، و جعل التقوى منتهى رضاه، و التقوى باب كل توبة، و رأس كل حكمة، و شرف كل عمل، بالتقوى فاز من فاز من المتقين، قال الله تبارك و تعالى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً «1»، و قال تعالى: وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 27/ 1.

2- تحف العقول: 232.

(1) النبأ 78: 31. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 739

سورة المؤمن ..... ص : 739

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 741

فضلها ..... ص : 741

عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال في الحواميم فضلا كثيرا، يطول الشرح فيها «1».

9303/ [1]- ابن بابويه: باسناده، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ حم المؤمن في كل ليلة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، و ألزمه كلمة التقوى، و جعل الآخرة له خيرا من الدنيا».

9304/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يقطع الله رجاءه يوم القيامة، و يعطى ما يعطى الخائفون الذين خافوا الله في الدنيا و من كتبها و علقها في حائط بستان اخضر و نما، و إن كتبت في خانات، أو دكان، كثر الخير فيه و كثر البيع و الشراء».

9305/ [3]- و

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها في بستان أخضر و نما، و إن تركها في دكان كثر معه البيع و الشراء».

9306/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها ليلا و جعلها في حائط أو بستان كثرت بركته و أخضر و أزهر و صار حسنا في وقته، و إن تركت في حائط دكان كثر فى البيع و الشراء و إن كتبت لإنسان فيه الادرة «2»، زال عنه ذلك و برى ء».

و قيل: «الأدرة طرف من السوداء، و الله أعلم.

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 113.

2- ....

3- ....

4- ....

(1) مراد المؤلف أنّه (عليه السّلام) ورد عنه أحاديث كثيرة في فضل الحواميم، و ليس مراده إخراج نصّ قول الإمام (عليه السّلام)، انظر: ثواب الأعمال:

114، نور الثقلين 4: 510/ 6.

(2) الأدرة، بالضّم: نفخة في الخصية. «النهاية 1: 31».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4،

ص: 742

و إن كتبت و علقت على من به دمامل زال عنه ذلك و كذلك للمفروق «1» يزول عنه الفرق و إذا عجن بمائها دقيق، ثم يبس حتى يصير بمنزلة الكعك، ثم يدق دقا ناعما، و يجعل في إناء ضيق مغطى، فمن احتاج إليه لوجع في فؤاده أو لمغمى عليه، أو لمغشي عليه، أو وجع الكبد أو الطحال، يستف منه، برى ء بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

(1) الفرق: الخوف. «لسان العرب- فرق- 10: 304».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 743

سورة غافر(40): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 743

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [1- 2]

9307/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن الصادق (عليه السلام)، قال له: أخبرني يا ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن حم و حم عسق «1»؟ قال: «أما حم فمعناه الحميد المجيد، و أما حم عسق فمعناه الحليم المثيب العالم السميع القادر القوي».

سورة غافر(40): الآيات 3 الي 5 ..... ص : 743

قوله تعالى:

غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ- إلى قوله تعالى- فَكَيْفَ كانَ عِقابِ [3- 5] 9308/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ ذلك خاصة لشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ، و قوله: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ هم الأئمة (عليهم السلام) إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ الْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ و هم أصحاب الأنبياء الذين تحزبوا وَ هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ يعني يقتلوه وَ جادَلُوا بِالْباطِلِ

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 22/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 254.

(1) الشورى 42: 1 و 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 744

أي خاصموا لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ أي يبطلوه و يدفعوه فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ.

سورة غافر(40): الآيات 6 الي 12..... ص : 744

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً- إلى قوله تعالى- الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [6- 12]

9309/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي رفعه، قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن الله عز و جل، أين هو؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «هو هاهنا و هاهنا، و فوق و تحت، و محيط بنا و معنا، و هو قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا «1» فالكرسي محيط بالسماوات و الأرض و ما بينهما و ما

تحت الثرى وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى «2»، و ذلك قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ «3» فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه، و ليس يخرج من هذه الأربعة شي ء خلق [الله في ملكوته، و هو الملكوت الذي أراه [الله أصفياءه، و أراه خليله (عليه السلام)، [فقال : وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «4»، و كيف يحمل حملة العرش الله، و بحياته حييت قلوبهم، و بنوره اهتدوا إلى معرفته!».

9310/ [2]- و

عنه: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاستأذنته فأذن له فدخل، فسأله عن الحلال و الحرام، ثم قال له: أفتقر أن الله محمول؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «كل محمول مفعول مضاف إلى غيره محتاج، و المحمول اسم

__________________________________________________

1- الكافي 1: 100/ 1.

2- الكافي 1: 101/ 2.

(1) المجادلة 58: 7.

(2) طه 20: 7. [.....]

(3) البقرة 2: 255.

(4) الأنعام 6: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 745

نقص في اللفظ، و الحامل الفاعل، و هو في اللفظ مدحة، و كذلك قول القائل فوق و تحت، و أعلى و أسفل، و قد قال الله: وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها «1»، و لم يقل في كتبه إنه المحمول، بل قال إنه الحامل في البر و البحر و الممسك للسماوات و الأرض أن تزولا، و المحمول ما سوى الله، و لم يسمع أحد آمن بالله و عظمه قط قال في دعائه: يا محمول».

قال أبو قرة:

[فإنه قال:] وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ «2»، و قال: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «العرش ليس هو الله، و العرش اسم علم و قدرة، و العرش فيه كل شي ء، ثم أضاف الحمل إلى غيره، خلق من خلقه، لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه، و هم حملة علمه، و خلقا يسبحون حول عرشه، و هم يعملون بعلمه، و ملائكة يكتبون أعمال عباده، و استعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته، و الله على العرش استوى، كما قال، و العرش و من يحمله و من حول العرش، و الله الحامل لهم، الحافظ لهم، الممسك القائم على كل نفس، و فوق كل شي ء، و على كل شي ء، و لا يقال محمول و لا أسفل قولا مفردا لا يوصل بشي ء فيفسد اللفظ و المعنى».

قال أبو قرة: فتكذب بالرواية التي جاءت: أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه، أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم، فيخرون سجدا، فإذا ذهب الغضب خف و رجعوا إلى مواقفهم؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «أخبرني عن الله تبارك و تعالى، منذ لعن إبليس إلى يومك هذا، هو غضبان عليه، فمتى رضي و هو في صفتك لم يزل غضبانا عليه، و على أوليائه، و على أتباعه؟ كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغيير من حال إلى حال، و أنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين! سبحانه و تعالى لم يزل مع الزائلين، و لم يتغير مع المتغيرين، و لم يتبدل مع المتبدلين، و من دونه في يده و تدبيره، و كلهم إليه محتاج، و هو غني عمن سواه».

9311/ [3]- و

عنه: عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت، عن

يونس، عمن ذكره، عن أبي بصير، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد، إن لله عز و جل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق [من الشجر] في أوان سقوطه، و ذلك قوله عز و جل: يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا و الله ما أراد غيركم».

9312/ [4]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث أبي بصير- قال: «يا أبا محمد، إن لله عز و جل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق في أوان سقوطه، و ذلك قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا استغفارهم و الله لكم دون هذا الخلق».

__________________________________________________

3- الكافي 8: 304/ 470.

4- الكافي 8: 34/ 6.

(1) الأعراف 7: 180.

(2) الحاقة 69: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 746

و رواه ابن بابويه بإسناده عن سليمان الديلمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر حديث أبي بصير «1».

9313/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي بالكوفة سنة أربع و خمسين و ثلاث مائة، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني، قال:

حدثنا أبو الفضل «2» العباس بن عبد الله البخاري، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن محمد، عن عبد الله ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي

طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم و يستغفرون للذين آمنوا بولايتنا».

9314/ [6]- محمد بن العباس: عن جعفر بن محمد بن مالك، عن أحمد بن الحسين العلوي، عن محمد بن حاتم، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل:

الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ، قال: «يعني محمدا و عليا و الحسن و الحسين و نوح و إبراهيم و موسى و عيسى (صلوات الله عليهم أجمعين)، يعني أن هؤلاء الذين حول العرش».

9315/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بإسناده يرفعه، إلى الأصبغ بن نباتة، قال: إن عليا (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنزل عليه فضلي من السماء، و هي هذه الآية الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا، و ما في الأرض يومئذ مؤمن غير رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنا». و هو قوله (عليه السلام): «لقد استغفرت لي الملائكة قبل جميع الناس من أمة محمد (صلى الله عليه و آله) سبع سنين و ثمانية أشهر».

9316/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، بإسناده يرفعه إلى أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال علي (عليه السلام): لقد مكثت الملائكة سبع سنين و أشهرا لا يستغفرون إلا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ولي، و فينا نزلت هذه الآية [و التي بعدها] الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ

وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فقال قوم من المنافقين: من أبو علي و ذريته الذين أنزلت فيه هذه الآية؟ فقال علي (عليه السلام): «سبحان الله، أما من آبائنا إبراهيم و إسماعيل؟ أليس هؤلاء آباؤنا؟».

__________________________________________________

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 262/ 22.

6- تأويل الآيات 2: 716/ 7.

7- تأويل الآيات 2: 526/ 1.

8- تأويل الآيات 2: 527/ 2.

(1) فضائل الشيعة: 61/ 18.

(2) في «ط، ي»: أبو الفضيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 747

9317/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن علي، عن حسين الأشقر، عن علي بن هاشم، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لقد صلت الملائكة علي و على علي سنين «1»، لأنا كنا نصلي و ليس أحد معنا غيرنا».

9318/ [10]- و

عنه: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي بصير، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد، إن لله ملائكة تسقط الذنوب عن ظهر شيعتنا، كما تسقط الريح الورق من الشجر أوان سقوطه، و ذلك قوله عز و جل: وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا، و استغفارهم و الله لكم دون هذا الخلق. يا أبا محمد، فهل سررتك»؟ قال: فقلت: نعم.

9319/ [11]- و

في حديث آخر: بالإسناد

المذكور: «و ذلك قوله عز و جل: وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا إلى قوله عز و جل: عَذابَ الْجَحِيمِ، فسبيل الله علي (عليه السلام)، و الذين آمنوا أنتم، ما أراد غيركم».

9320/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل: هل الملائكة أكثر أم بنو آدم؟ فقال: «و الذي نفسي بيده لعدد الملائكة في السماوات أكثر من عدد التراب في الأرض، و ما في السماء موضع قدم إلا و فيها ملك يسبحه و يقدسه، و لا في الأرض شجرة و لا مدرة إلا و فيها ملك موكل بها يأتي الله كل يوم بعملها و الله أعلم بها، و ما منهم أحد إلا و يتقرب كل يوم إلى الله بولايتنا أهل البيت، و يستغفر لمحبينا و يلعن أعداءنا، و يسأل الله أن يرسل عليهم العذاب إرسالا».

9321/ [13]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن محمد بن الحسين و محمد بن عبد الجبار، جميعا، عن محمد بن سنان، عن المنخل بن جميل الرقي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: «وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ يعني بني أمية، قوله تعالى:

الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأوصياء من بعده، يحملون علم الله وَ مَنْ حَوْلَهُ يعني الملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني شيعة آل محمد رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا من ولاية فلان و فلان و بني أمية وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ أي

ولاية علي ولي الله وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يعني من تولى عليا (عليه السلام)، فذلك صلاحهم

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 527/ 3.

10- تأويل الآيات 2: 528/ 4. [.....]

11- تأويل الآيات 2: 528/ 5.

12- تفسير القمي 2: 255.

13- تفسير القمي 2: 255.

(1) في المصدر: سنتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 748

وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ يعني يوم القيامة وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لمن نجاه [الله من ولاية فلان و فلان، ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أمية يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ يعني إلى ولاية علي (عليه السلام) فَتَكْفُرُونَ».

9322/ [14]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، رفعه، قال: «إن الله عز و جل أعطى التائبين ثلاث خصال، لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات و الأرض لنجوا بها:

قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ «1»، فمن أحبه الله لم يعذبه، و قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، و قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ

اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «2»».

9323/ [15]- ابن شهر آشوب: عن ابن فياض في (شرح الأخبار)، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه و آله) يقول: «لقد صلت الملائكة علي و على علي بن أبي طالب سبع سنين، و ذلك أنه لم يؤمن بي ذكر قبله، و ذلك قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ «3»».

9324/ [16]- هارون بن الجهم و جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا: «من ولاية جماعة و بني امية» وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ: «آمنوا بولاية علي (عليه السلام)، و علي هو السبيل».

9325/ [17]- شرف الدين النجفي، قال: روي عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ يعني بني أمية، هم الذين كفروا، و هم أصحاب النار».

ثم قال: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يعني الرسول و الأوصياء (عليهم السلام) من بعده، يحملون علم

__________________________________________________

14- الكافي 2: 315/ 5.

15- المناقب 2: 16.

16- المناقب 3: 72.

17- تأويل الآيات 2: 528/ 7.

(1) البقرة 2: 222.

(2) الفرقان 25: 68- 70.

(3) الشورى 42: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 749

الله عز و جل». ثم قال: وَ مَنْ حَوْلَهُ يعني الملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ

آمَنُوا و هم شيعة آل محمد (عليهم السلام)، و يقولون: رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا من ولاية هؤلاء و بني أمية وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ و هو أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ و السيئات هم بنو أمية و غيرهم و شيعتهم».

ثم قال: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أمية يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ». ثم قال: «ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ بولاية علي (عليه السلام) وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ يعني بعلي (عليه السلام) تُؤْمِنُوا أي إذا ذكر إمام غيره تؤمنوا [به فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ».

9326/ [18]- قال: و روى بعض أصحابنا، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ، قال: «يعني الملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ...

وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني شيعة محمد (صلى الله عليه و آله) و آل محمد (عليهم السلام) رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا من ولاية الطواغيت الثلاثة و من بني أمية وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ يعني ولاية علي (عليه السلام)، و هو السبيل.

و قوله تعالى: وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ يعني الثلاثة وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ، و قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أمية يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ يعني ولاية علي (عليه السلام)، و هي الإيمان فَتَكْفُرُونَ».

9327/ [19]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قالُوا رَبَّنا

أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ- إلى قوله- مِنْ سَبِيلٍ

قال: قال الصادق (عليه السلام): «ذلك في الرجعة».

9328/ [20]- رجعة المعاصر: عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن سلام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ، قال: «هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت، فتجري في القيامة، فبعدا للقوم الظالمين».

9329/ [21]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا و الكفر هاهنا الجحود، قال: إذا وحد الله كفرتم، و إن جعل لله شريكا تؤمنوا.

9330/ [22]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن محمد بن جمهور،

__________________________________________________

18- تأويل الآيات 2: 531/ 13.

19- تفسير القمّي 2: 256.

20- الرجعة: 43 «مخطوط». [.....]

(21) تفسير القمّي 2: 256.

22- تفسير القمّي 2: 256.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 750

عن جعفر بن بشير، عن الحكم بن زهير، عن محمد بن حمدان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ، يقول: «إذا ذكر الله وحده «1» بولاية من أمر الله بولايته كفرتم، و إن يشرك به من ليست له ولاية تؤمنوا بأن له ولاية».

9331/ [23]- شرف الدين النجفي، قال: روى البرقي، عن عثمان بن أذينة، عن زيد بن الحسن، قال سألت: أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ، [فقال «فأجابهم الله تعالى:

ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ و أهل الولاية كَفَرْتُمْ بأنه كانت لهم ولاية وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ

من ليست له ولاية تُؤْمِنُوا بأن لهم ولاية فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ».

و قد تقدم عن قريب في السورة السابقة حديث في ذلك «2».

9332/ [24]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي بن منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ و أهل الولاية كَفَرْتُمْ».

سورة غافر(40): آية 13..... ص : 750

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ [13] 9333/ [1]- علي بن إبراهيم: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ يعني الأئمة الذين أخبر الله و رسوله بهم.

سورة غافر(40): آية 15..... ص : 750

قوله تعالى:

رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ- إلى قوله تعالى- لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ [15] 9334/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: روح القدس، و هو خاص لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام).

__________________________________________________

23- تأويل الآيات 2: 530/ 12.

24- الكافي 1: 349/ 46.

1- تفسير القمّي 2 256.

2- تفسير القمّي 2 256.

(1) في المصدر: و وحّد.

(2) تقدّم في الحديث (2) في تفسير الآية (45) من سورة الزمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 751

9335/ [1]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، و محمد بن الحسين، و موسى بن عمر بن يزيد الصيقل، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فقال: «جبرئيل».

و الحديث بتمامه تقدم في أول سورة النحل «1»، و سيأتي إن شاء الله في ذلك زيادة في قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا من سورة الشورى روايات كثيرة «2».

9336/ [2]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان ابن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يوم التلاق يوم يلتقي أهل السماء و أهل الأرض، و يوم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ «3»، و

يوم التغابن يوم يغبن أهل الجنة أهل النار، و يوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح».

سورة غافر(40): الآيات 16 الي 17..... ص : 751

قوله تعالى:

لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ [16- 17]

9337/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن بكران النقاش (رحمه الله) بالكوفة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)- في حديث تفسير حروف المعجم- قال: «فالميم ملك الله [يوم الدين يوم لا مالك غيره، و يقول الله عز و جل:

لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ، ثم تنطق أرواح أنبيائه و رسله و حججه، فيقولون: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ، فيقول جل جلاله: الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ».

9338/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن عبيد بن زرارة، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا أمات الله أهل الأرض لبث كمثل ما خلق الخلق، و مثل ما أماتهم، و أضعاف

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 3.

2- معاني الأخبار: 156/ 1.

3- التوحيد: 234/ 1.

4- تفسير القمّي 2: 256.

(1) تقدّم في الحديث (5) في تفسير الآيتين (1- 2) من سورة النحل.

(2) يأتي في تفسير الآيتين (52، 53) من سورة الشورى. [.....]

(3) الأعراف 7: 50.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 752

ذلك، ثم أمات أهل السماء الدنيا، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ما أمات أهل الأرض و أهل السماء الدنيا و أضعاف ذلك، ثم أمات أهل السماء الثانية، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ما أمات أهل الأرض و أهل السماء الدنيا و السماء

الثانية و أضعاف ذلك، ثم أمات أهل السماء الثالثة، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ما أمات أهل الأرض و أهل السماء الدنيا و السماء الثانية و السماء الثالثة و أضعاف ذلك، و في كل سماء مثل ذلك و أضعاف ذلك، ثم أمات ميكائيل، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ذلك كله و أضعاف ذلك، ثم أمات جبرئيل، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ذلك كله و أضعاف ذلك، ثم أمات إسرافيل، ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ذلك كله و أضعاف ذلك، ثم أمات ملك الموت ثم لبث مثل ما خلق الخلق و مثل ذلك و أضعاف ذلك، ثم يقول الله عز و جل: لمن الملك اليوم؟ فيرد الله على نفسه: لله الواحد القهار، و أين الجبارون؟ و أين الذين ادعوا معي إلها آخر؟ أين المتكبرون و نحوهم «1»؟ ثم يبعث الخلق».

قال عبيد بن زرارة: فقلت: إن هذا الأمر كائن طولت ذلك؟ فقال: «أ رأيت ما كان، هل علمت به؟» فقلت: لا، فقال: «فكذلك هذا».

9339/ [3]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن عبيد بن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا أمات الله أهل الأرض، أمات أهل السماء الدنيا، ثم أمات أهل السماء الثانية، ثم أمات أهل السماء الثالثة، ثم أمات أهل السماء الرابعة، ثم أمات أهل السماء الخامسة، ثم أمات أهل السماء السادسة، ثم أمات أهل السماء السابعة، ثم أمات ميكائيل- قال: أو جبرئيل- ثم أمات جبرئيل، ثم أمات إسرافيل، ثم أمات ملك الموت، ثم ينفخ في الصور».

و قال: «ثم يقول الله تبارك

و تعالى: لمن الملك اليوم؟ فيرد على نفسه فيقول: لله الخالق البارئ المصور تعالى الله الواحد القهار، ثم يقول: أين الجبارون؟ أين الذين كانوا يدعون مع الله «2» إلها آخر؟ أين المتكبرون، و نحو هذا، ثم يبعث الخلق؟».

سورة غافر(40): الآيات 18 الي 19..... ص : 752

قوله تعالى:

وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ- إلى قوله تعالى- وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ [18- 19] 9340/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ يعني يوم القيامة

__________________________________________________

3- الزهد: 90/ 242.

1- تفسير القمي 2: 257.

(1) في المصدر: و نحوتهم.

(2) في المصدر: معي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 753

إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ قال: مغمومين مكروبين، ثم قال: ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ يعني ما ينظر إلى ما يحل له أن يقبل شفاعته، ثم كنى عز و جل عن نفسه فقال: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ.

9341/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الرحمن بن سلمة الجريري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قوله عز و جل: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ، فقال: «ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشي ء و كأنه لا ينظر إليه، فذلك خائنة الأعين».

سورة غافر(40): آية 21 ..... ص : 753

قوله تعالى:

أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ [21] 9342/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا إلى قوله: مِنْ واقٍ أي من دافع.

سورة غافر(40): آية 26 ..... ص : 753

قوله تعالى:

وَ قالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَ لْيَدْعُ رَبَّهُ [26]

9343/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن إسماعيل بن منصور أبي زياد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول فرعون: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى من كان يمنعه؟ قال: «منعته رشدته، و لا يقتل الأنبياء و لا أولاد الأنبياء إلا أولاد الزنا».

9344/ [4]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، في (كامل الزيارات): عن محمد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن بعض رجاله، عن أبي

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 147/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 257.

3- علل الشرائع: 57/ 1.

4- كامل الزيارات: 78/ 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 754

عبد الله (عليه السلام)، في قول فرعون: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى فقيل: من كان يمنعه؟ قال: «كان لرشدة «1»، لأن الأنبياء و الحجج لا يقتلهم إلا أولاد البغايا «2»».

ثم، قال: و حدثني أبي (رحمه الله)، و جماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن محمد بن الحسين بهذا الحديث.

9345/ [3]- العياشي: عن يونس بن ظبيان، قال: قال: «إن موسى و هارون، حين دخلا على فرعون، لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح، كانوا

ولد نكاح كلهم، و لو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما. فقالوا: أَرْجِهْ وَ أَخاهُ «3» و أمروه بالتأني و النظر» ثم وضع يده على صدره، قال: «و كذلك نحن لا ينزع إلينا إلا كل خبيث الولادة».

سورة غافر(40): آية 28 ..... ص : 754

قوله تعالى:

وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ [28]

9346/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان خازن فرعون مؤمنا بموسى، قد كتم إيمانه ستمائة سنة، و هو الذي قال الله تعالى: وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ».

9347/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضا (عليه السلام)- في حديث قال فيه-: «فقول الله عز و جل في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون: وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ، و كان ابن خال فرعون، فنسبه إلى فرعون بنسبه، و لم يضفه إليه بدينه».

__________________________________________________

3- تفسير العيّاشي 2: 24/ 62.

1- تفسير القمّي 2: 137.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 240/ 1.

(1) أي صحيح النسب، أو من نكاح صحيح.

(2) في المصدر: أولاد زنا و البغايا. [.....]

(3) الأعراف 7: 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4،

ص: 755

9348/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول و عنده رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعمى، و هو يقول: إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فهلك إذن مؤمن آل فرعون، ما زال العلم مكتوما منذ بعث الله نوحا (عليه السلام)، فليذهب الحسن يمينا و شمالا، فو الله ما يوجد العلم إلا هاهنا».

محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني السندي بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام)، مثله «1».

9349/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن سلمة الأهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى الأنصاري، قال: حدثنا الحسين «2» بن عبد الله، عن خالد بن عبد الله «3» الأنصاري، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، يرفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس الذي يقول: يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ «4»، و حزقيل مؤمن آل فرعون، و علي بن أبي طالب و هو أفضلهم».

9350/ [5]- علي بن إبراهيم: قال: كتم إيمانه ست مائة سنة، و كان مجذوما مكنعا «5»، و هو الذي قد وقعت أصابعه، و كان يشير إلى قومه بيده المقطوعة «6»، و يقول: يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ

«7».

9351/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن هذا الذي ظهر بوجهي، يزعم الناس أن الله لم يبتل به عبدا له فيه حاجة، قال: فقال لي: «لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الأصابع، فكان يقول هكذا- و يمد

__________________________________________________

3- الكافي 1: 40/ 15.

4- أمالي الصدوق: 385/ 18.

5- تفسير القمّي 2: 257.

6- الكافي 2: 200/ 30.

(1) بصائر الدرجات: 29/ 1.

(2) في المصدر: الحسن.

(3) في المصدر: خالد بن عيسى.

(4) يس 36: 20 و 21.

(5) كنع الشي ء: يبس و تشنّج. «المعجم الوسيط- كنع- 2: 800»، و في المصدر: مقفعا. قفع الرد أو الداء أصابعه: أيبسها و قبّضها. «المعجم الوسيط- قفع- 2: 751».

(6) في المصدر: المقفوعة.

(7) المؤمن 40: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 756

يديه- و يقول: يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ «1»». ثم قال لي: «إذا كان الثلث الأخير من الليل، في أوله فتوضأ و قم إلى صلاتك التي تصليها، فإذا كنت في السجدة [الأخيرة] من الركعتين الأوليين، فقل و أنت ساجد: (يا علي يا عظيم، يا رحمن يا رحيم، يا سامع الدعوات، يا معطي الخيرات صل على محمد و آل محمد، و أعطني من خير الدنيا و الآخرة ما أنت أهله، و اصرف عني من شر الدنيا و الآخرة ما أنت أهله، و أذهب عني هذا الوجع- و تسميه- فإنه قد غاظني و أحزنني) و ألح في الدعاء». قال: فما وصلت إلى الكوفة حتى أذهب الله به عني كله.

سورة غافر(40): آية 32 ..... ص : 756

قوله تعالى:

وَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ [32]

9352/ [1]- العياشي: عن

الزهري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، يقول: «يَوْمَ التَّنادِ يوم ينادي أهل النار أهل الجنة: أن أفيضوا علينا من الماء».

و قد تقدم حديث فيه بذلك في قوله تعالى: يَوْمَ التَّلاقِ «2».

سورة غافر(40): آية 34 ..... ص : 756

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا [34]

9353/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن أبي سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي، عن محمد بن آدم النسائي، عن أبيه آدم بن أبي إياس، عن المبارك بن فضالة، عن سعيد بن جبير، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما حضرت يوسف (عليه السلام) الوفاة جمع شيعته و أهل بيته، فحمد الله و أثنى عليه، ثم أخبرهم بشدة تنالهم، يقتل فيها الرجال، و تشق بطون الحبالى، و تذبح الأطفال، حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب، و هو رجل أسمر طويل، و وصفه لهم بنعته، فتمسكوا بذلك، و وقعت الغيبة و الشدة على بني إسرائيل، و هم ينتظرون قيام القائم

__________________________________________________

1- تفسير العيّاشي 2: 19/ 50.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 145/ 12. [.....]

(1) يس 36: 20.

(2) تقدّم في الحديث (3) في تفسير الآية (15) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 757

أربع مائة سنة حتى إذا بشروا بولادته، و رأوا علامات ظهوره، اشتدت البلوى عليهم، و حمل عليهم بالخشب و الحجارة، و

طلبوا الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر، و راسلهم، و قالوا: كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك فخرج بهم إلى بعض الصحارى، و جلس يحدثهم حديث القائم و نعته و قرب الأمر، و كانت ليلة قمراء، فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم موسى (عليه السلام)، و كان في ذلك الوقت حدث السن، و قد خرج من دار فرعون يظهر النزهة، فعدل عن موكبه، و أقبل إليهم و تحته بغلة و عليه طيلسان خز، فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت، فقام إليه و انكب على قدميه فقبلهما. ثم قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك، فلما رآه الشيعة فعل ذلك «1» علموا أنه صاحبهم، فانكبوا عليه «2»، فلم يزدهم على أن قال: أرجو أن يعجل الله فرجكم.

ثم غاب بعد ذلك، و خرج إلى مدينة مدين، فأقام عند شعيب ما أقام، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى، و كانت نيفا و خمسين سنة، و اشتدت البلوى عليهم، و استتر الفقيه، فبعثوا إليه: أنه لا صبر لنا على استتارك عنا، فخرج إلى بعض الصحارى و استدعاهم، و طيب نفوسهم، و أعلمهم أن الله عز و جل أوحى إليه أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة فقالوا بأجمعهم: الحمد لله فأوحى الله عز و جل إليه: قل لهم: قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم: الحمد لله فقالوا: كل نعمة فمن الله فأوحى الله إليه: قل لهم: قد جعلتها عشرين سنة فقالوا: لا يأتي بالخير إلا الله، فأوحى الله إليه: قل لهم: قد جعلتها عشرا فقالوا: لا يصرف السوء إلا الله فأوحى الله إليه: قل لهم: لا تبرحوا فقد أذنت في فرجكم فبينا هم كذلك، إذ طلع موسى (عليه السلام)

راكبا حمارا، فأراد الفقيه أن يعرف الشيعة ما يتبصرون به، و جاء موسى (عليه السلام) حتى وقف عليهم، فسلم عليهم، فقال له الفقيه: ما اسمك؟ فقال: موسى. قال:

ابن من؟ قال: ابن عمران. قال: ابن من؟ قال: ابن فاهث «3» بن لاوي بن يعقوب. قال: بماذا جئت؟ قال: بالرسالة من عند الله عز و جل. فقام إليه فقبل يده، ثم جلس بينهم، فطيب نفوسهم، و أمرهم أمره، ثم فرقهم، فكان بين ذلك الوقت و بين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة».

9354/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما)، عن سعد بن عبد الله، و عبد الله بن جعفر الحميري، و محمد بن يحيى العطار، و أحمد بن إدريس، جميعا، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن يوسف بن يعقوب (صلوات الله عليهما) حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب، و هم ثمانون رجلا فقال: إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم، و يسومونكم سوء العذاب، و إنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب، اسمه موسى بن عمران (عليه السلام) غلام طويل، جعد، آدم، فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران، و يسمي عمران ابنه موسى- فذكر أبان بن عثمان، عن أبي الحسين «4»، عن أبي بصير، عن أبي __________________________________________________

2- كمال الدين و تمام النعمة: 147/ 13.

(1) في المصدر: فلما رأى الشيعة ذلك.

(2) في المصدر: فأكبوا على الأرض شكرا للّه عزّ و جلّ.

(3) في المصدر: قاهث.

(4) في «ط، ي»: عن أبي الحصين، و الظاهر

أن الصواب و أبي الحسين. انظر معجم رجال الحديث 21: 45.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 758

جعفر (عليه السلام)، أنه قال: ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل، كلهم يدعي أنه موسى بن عمران- فبلغ فرعون أنهم يرجفون به، و يطلبون هذا الغلام، [و قال له كهنته و سحرته: إن هلاك دينك و قومك على يدي هذا الغلام،] الذي يولد العالم في بني إسرائيل، فوضع القوابل على النساء، و قال: لا يولد العام غلام إلا ذبح، و وضع على أم موسى (عليه السلام) قابلة».

و ذكر الحديث بطوله و قد تقدم في أول سورة القصص «1».

9355/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الحر حر على جميع أحواله، إن تأتيه «2» نائبة صبر لها، و إن تداكت عليه المصائب لم تكسره، و إن أسر و قهر و استبدل باليسر عسرا، كما كان يوسف الصديق (صلوات الله عليه)، لم يضر بحريته أن استعبد و قهر و أسر، و لم تضره ظلمة الجب و وحشته و ما ناله، أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد أن كان مالكا، فأرسله و رحم به أمة، و كذلك الصبر يعقب خيرا، فاصبروا و وطنوا أنفسكم على الصبر تؤجروا».

سورة غافر(40): آية 35 ..... ص : 758

قوله تعالى:

الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ [35] 9356/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ يعني بغير حجة يخاصمون كَبُرَ مَقْتاً

عِنْدَ اللَّهِ.

سورة غافر(40): آية 36 ..... ص : 758

قوله تعالى:

وَ قالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ [36] تقدم تفسير ذلك في سورة القصص «3».

__________________________________________________

3- الكافي 2: 73/ 6.

1- تفسير القمّي 2: 257.

(1) تقدّم في الحديث (1) في تفسير الآية (4) من سورة القصص.

(2) في المصدر: نابته.

(3) تقدّم في تفسير الآية (38).

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 759

سورة غافر(40): آية 40 ..... ص : 759

قوله تعالى:

مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ [40]

9357/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قيل له: إن أبا الخطاب يذكر عنك أنك قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت، فقال: «لعن الله أبا الخطاب، و الله ما قلت له هكذا، و لكني قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك، إن الله عز و جل يقول: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ، و يقول تبارك و تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً «1»».

9358/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن في النار لنارا يتعوذ منها أهل النار، ما خلقت إلا لكل متكبر جبار عنيد، و لكل شيطان مريد، و لكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، و لكل ناصب العداوة لآل «2» بيت محمد (صلى الله عليه و

آله)».

و قال: «إن أهون الناس عذابا يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار، عليه نعلان من نار و شراكان من نار، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن في النار أحدا أشد عذابا منه، و ما في النار أهون عذابا منه».

سورة غافر(40): آية 45 ..... ص : 759

قوله تعالى:

فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ [45]

9359/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن أيوب ابن الحر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا، فقال: «أما لقد سلطوا «3»

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 388/ 26.

2- تفسير القمّي 2: 257. [.....]

3- الكافي 2: 171/ 1.

(1) النحل 16: 97.

(2) في «ي، ط»: لأهل.

(3) في «ي» سطوا، و في المصدر: بسطوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 760

عليه و قتلوه، و لكن أ تدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه».

9360/ [2]- علي بن إبراهيم: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الله لقد قطعوه إربا إربا، و لكن وقاه أن يفتنوه في دينه».

9361/ [3]- أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام)، أنه قال: «قال بعض المخالفين بحضرت الصادق (عليه السلام) لرجل من الشيعة: ما تقول في العشرة من الصحابة؟ قال: أقول فيهم الخير الجميل الذي يحط الله به سيئاتي و يرفع به درجاتي. قال السائل: الحمد لله على ما أنقذني من بغضك، كنت أظنك رافضيا تبغض الصحابة! فقال:

من أبغض ألا من أبغض واحدا من الصحابة فعليه لعنة الله، قال: لعلك تتأول ما تقول في من أبغض العشرة من الصحابة؟ فقال:

من أبغض العشرة من الصحابة فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين.

فوثب فقبل رأسه، و قال: اجعلني في حل مما قذفتك به من الرفض قبل اليوم، قال: أنت في حل و أنت أخي. ثم انصرف السائل، و قال له الصادق (عليه السلام): جودت، لله درك، لقد عجبت الملائكة في السماوات من حسن توريتك، و تلفظك بما خلصك الله، و لم تثلم دينك، و زاد الله في مخالفينا غما إلى غم، و حجب عنهم مراد منتحلي مودتنا في أنفسهم «1».

فقال بعض أصحاب الصادق (عليه السلام): يا ابن رسول الله، ما عقلنا من كلام هذا إلا موافقة صاحبنا لهذا المتعنت الناصب، فقال الصادق (عليه السلام): لئن كنتم لم تفهموا ما عنى فقد فهمناه نحن، و قد شكره الله له، إن الموالي لأوليائنا، المعادي لأعدائنا إذا ابتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه وفقه لجواب يسلم معه دينه و عرضه، و يعصمه الله بالتقية، إن صاحبكم هذا قال: من عاب واحدا منهم، فعليه لعنة الله، أي من عاب واحدا منهم هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قال في الثانية: من عابهم أو شتمهم فعليه لعنة الله، و قد صدق، لأن من عابهم فقد عاب عليا (عليه السلام) لأنه أحدهم، فإذا لم يعب عليا (عليه السلام) و لم يذمه، فلم يعبهم، و إنما عاب بعضهم.

و لقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به إلى فرعون مثل هذه التورية. كان حزقيل يدعوهم إلى توحيد الله و نبوة موسى، و تفضيل محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) على جميع رسل الله و خلقه، و تفضيل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) و الخيار من الأئمة على سائر أوصياء النبيين و إلى البراءة من ربوبية فرعون،

فوشى به الواشون إلى فرعون، و قالوا: إن حزقيل يدعو إلى مخالفتك و يعين أعدائك على مضادتك، فقال لهم فرعون: إنه ابن عمي، و خليفتي على ملكي «2»، و ولي عهدي، إن فعل ما قلتم فقد استحق العذاب على كفره لنعمتي، و إن كنتم كاذبين فقد استحققتم أشد العذاب لإيثاركم الدخول في مساءته.

فجاء بحزقيل و جاء بهم فكاشفوه، و قالوا: أنت تجحد ربوبية فرعون الملك و تكفر نعماءه، فقال حزقيل:

أيها الملك، هل جربت علي كذبا قط؟ قال: لا، قال: فسلهم من ربهم؟ قالوا: فرعون. قال: و من خالقكم؟ قالوا:

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 258.

3- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 355/ 247.

(1) في المصدر: تقيتهم.

(2) في «ط، ي»: مملكتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 761

فرعون هذا. قال: و من رازقكم، الكافل لمعايشكم، و الدافع عنكم مكارهكم؟ قالوا: فرعون هذا. قال حزقيل: أيها الملك فأشهدك و من حضرك أن ربهم هو ربي، و خالقهم هو خالقي، و رازقهم هو رازقي، و مصلح معايشهم هو مصلح معايشي، لا رب لي و لا خالق و لا رازق غير ربهم و خالقهم و رازقهم، و أشهدك و من حضرك أن كل رب و خالق و رازق سوى ربهم و خالقهم و رازقهم فأنا بري ء منه و من ربوبيته، و كافر بإلهيته.

يقول حزقيل هذا و هو يعني أن ربهم هو الله ربي، و لم يقل: إن الذي قالوا هم إنه ربهم هو ربي، و خفي هذا المعنى على فرعون و من حضره و توهموا أنه يقول: فرعون ربي و خالقي و رازقي، و قال لهم: يا رجال السوء، و يا طلاب الفساد في ملكي، و مريدي الفتنة بيني و بين

ابن عمي و عضدي، أنتم المستحقون لعذابي، لإرادتكم فساد أمري، و إهلاك ابن عمي، و الفت في عضدي. ثم أمر بالأوتاد فجعل في ساق كل واحد منهم وتد، و في صدره وتد، و أمر أصحاب أمشاط الحديد فشقوا بها لحومهم من أبدانهم، فذلك ما قال الله تعالى: فَوَقاهُ اللَّهُ يعني حزقيل سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا لما وشوا به إلى فرعون ليهلكوه وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ و هم الذين وشوا بحزقيل إليه، لما أوتد فيهم الأوتاد، و مشط من أبدانهم لحومهم بالأمشاط».

سورة غافر(40): آية 46 ..... ص : 761

قوله تعالى:

النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ [46]

9362/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حكي أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث الإسراء-: «ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء الذين [يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، فإذا هم بسبيل «1» آل فرعون يعرضون على النار غدوا و عشيا، يقولون: ربنا متى تقوم الساعة؟».

9363/ [2]- علي بن إبراهيم: قال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في قول الله عز و جل: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما يقول الناس فيها؟»، فقال: يقولون إنها في نار الخلد و هم [لا] يعذبون فيما بين ذلك، فقال (عليه السلام): «فهم من السعداء». فقيل له: جعلت فداك، فكيف هذا؟ فقال:

«إنما هذا في الدنيا، و أما في نار الخلد فهو

قوله تعالى: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 7.

2- تفسير القمّي 2: 258.

(1) في المصدر: مثل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 762

9364/ [3]- الطبرسي: عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة و العشي، إن كان من أهل الجنة [فمن الجنة]، و إن كان من أهل النار [فمن النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة». أورده البخاري و مسلم في (الصحيحين).

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة، لأن نار القيامة لا تكون غدوا و عشيا». ثم قال: «إن كانوا إنما يعذبون في النار غدوا و عشيا ففيما بين ذلك هم من السعداء. لا، و لكن هذا في البرزخ قبل يوم القيامة، ألم تسمع قوله عز و جل: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ؟».

9365/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك من الآل؟ قال: «ذرية محمد (صلى الله عليه و آله)». قلت: فمن الأهل؟ قال: «الأئمة (عليهم السلام)». فقلت: قوله عز و جل:

أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ؟ قال: «و الله ما عنى إلا ابنته».

سورة غافر(40): الآيات 47 الي 50 ..... ص : 762

قوله تعالى:

وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ- إلى قوله تعالى- وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ [47- 50] 9366/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر قول أهل النار، فقال: وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إلى

قوله تعالى: مِنَ النَّارِ فردوا عليهم، فقالوا: إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ، و قوله تعالى: وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ أي في بطلان.

9367/ [2]- ابن طاوس في (الدروع الواقية)، قال: ذكر أبو جعفر أحمد القمي في كتاب (زهد النبي)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، و قد نزل عليه جبرئيل، و هو متغير اللون- و ذكر حديثا طويلا، قال: و في الحديث-: أن أهل النار إذا دخلوها و رأوا أنكالها و أهوالها، و علموا عذابها و عقابها، و رأوها كما قال زين العابدين (عليه السلام): «ما ظنك بنار لا تبقي على من تضرع إليها، و لا تقدر على التخفيف عمن خشع لها، و استسلم إليها، تلقي سكانها بأحر ما لديها من أليم النكال، و شديد الوبال». يعرفون أن أهل الجنة في ثواب عظيم، و نعيم مقيم، فيؤملون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفف عنهم بعض العذاب الأليم، كما قال الله جل جلاله في كتابه العزيز:

__________________________________________________

3- مجمع البيان 8: 818.

4- معاني الآخبار: 94/ 2.

1- تفسير القمي 2: 258. [.....]

2- الدروع الواقية: 58 «مخطوط»، البحار 8: 304/ 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 763

وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ «1». قال: فيحبس عنهم الجواب إلى أربعين سنة، ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار و التهوين: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ «2»، قال: فيرون الخزنة عندهم و هم يشاهدون ما نزل بهم من المصاب فيؤملون أن يجدوا عندهم فرحا بسبب من الأسباب، كما قال الله جل جلاله:

وَ قالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ، قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين

سنة، ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال قالُوا فَادْعُوا وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ، قال: فإذا يئسوا من خزنة جهنم، رجعوا إلى مالك مقدم الخزان، و أملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان، كما قال الله جل جلاله: وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ «3» قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة، و هم في العذاب، ثم يجيبهم، كما قال الله تعالى في كتابه المكنون: قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ «4» قال: فإذا يئسوا من مولاهم رب العالمين الذي كان أهون شي ء عندهم في دنياهم، و كان قد آثر كل واحد منهم عليه هواه مدة الحياة، و كان قد قرر عندهم «5» بالعقل و النقل أنه واضح «6» لهم على يد الهداة سبل النجاة، و عرفهم بلسان الحال أنهم الملقون بأنفسهم إلى دار النكال و الأهوال، و أن باب القبول يغلق عن الكفار بالممات أبد الآبدين، و كان يقول لهم في أوقات كانوا في الحياة الدنيا من المكلفين بلسان الحال الواضح المبين: هب إنكم ما صدقتموني في هذا المقال، أما تجوزون أن أكون مع الصادقين؟ فكيف أعرضتم عني و شهدتم بتكذيبي و تكذيب من صدقني من المرسلين و المؤمنين؟ فهلا تحرزتم من هذا الضرر المحذر الهائل؟ أما سمعتم بكثرة المرسلين، و تكرار الرسائل. ثم كرر جل جلاله مواقفهم و هم في النار ببيان المقال، فقال: أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَ كُنَّا قَوْماً ضالِّينَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ «7». قال: فيبقون أربعين سنة في ذل الهوان لا يجابون، و في عذاب النيران لا يكلمون، ثم يجيبهم الله جل جلاله: اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ «8»،

قال: فعند ذلك ييأسون من كل فرج و راحة، و تغلق أبواب جهنم عليهم، و تدوم لديهم مآتم الهلاك و الشهيق و الزفير و الصراخ و النياحة.

سورة غافر(40): الآيات 51 الي 52 ..... ص : 763

قوله تعالى:

إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ

__________________________________________________

(1، 2) الأعراف 7: 50.

(3، 4) الزخرف 43: 77.

(5) في المصدر: قد قررهم، و في البحار: قد قدر عندهم.

(6) في المصدر: أوضح.

(7) المؤمنون 23: 105- 107.

(8) المؤمنون 23: 108.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 764

- إلى قوله تعالى- سُوءُ الدَّارِ [51- 52] 9368/ [1]- علي بن إبراهيم: هو في الرجعة إذا رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام).

9369/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله تبارك و تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ، قال: «ذلك و الله في الرجعة، أما علمت أن أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا و قتلوا، و أئمة من بعدهم قوتلوا «1» و لم ينصروا، و ذلك في الرجعة».

9370/ [3]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قول الله عز و جل: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ؟ قال: «ذلك و الله في الرجعة، أما علمت أن أنبياء الله تبارك و تعالى كثيرا «2» لم ينصروا في الدنيا و قتلوا، و أئمة من بعدهم قتلوا و لم

ينصروا، فذلك في الرجعة».

9371/ [4]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد ابن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: تلا هذه الآية: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ، قال:

«الحسين بن علي (عليهما السلام) [منهم ، قتل و لم ينصر بعد»، ثم قال: «و الله لقد قتل قتلة الحسين (عليه السلام) و لم يطلب بدمه بعد».

9372/ [5]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يعني الأئمة (عليهم السلام).

9373/ [6]- رجعة السيد المعاصر: عن جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن إسماعيل، عن علي بن خالد العاقولي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ «3»، قال: «الراجفة: الحسين بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 258.

2- تفسير القمّي 2: 258.

3- مختصر بصائر الدرجات: 45.

4- كامل الزيارات: 63/ 2.

5- تفسير القمّي 2: 259.

6- الرجعة: 60 «مخطوط».

(1) في «ط» و المصدر: قتلوا. [.....]

(2) في المصدر: كثيرة.

(3) النازعات 79: 6 و 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 765

علي (عليهما السلام)، و الرادفة: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أول من ينشق عنه القبر و ينفض عن رأسه التراب الحسين ابن علي (عليهما السلام) في خمسة و سبعين ألفا، و هو قوله تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ

وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ».

سورة غافر(40): آية 60 ..... ص : 765

قوله تعالى:

وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [60]

9374/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إن الله عز و جل يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ؟ قال: «هو الدعاء، و أفضل العبادة الدعاء».

قلت: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ «1»؟ قال: «الأواه: الدعاء».

9375/ [2]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «ادع، و لا تقل: قد فرغ من الأمر، فإن الدعاء هو العبادة، إن الله عز و جل يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ و قال تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».

9376/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه، عن رجل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الدعاء هو العبادة التي قال الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ الآية، ادع الله عز و جل، و لا تقل: إن الأمر قد فرغ منه».

قال زرارة: إنما يعني لا يمنعك إيمانك بالقضاء و القدر أن تبالغ بالدعاء و تجتهد فيه، أو كما قال.

9377/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة، فتلا هذا القرآن، فكانت تلاوته أكثر من دعائه،

و دعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته، ثم انصرفا في ساعة واحدة، أيهما أفضل؟ قال: «كل فيه فضل،

__________________________________________________

1- الكافي 2: 338/ 1.

2- الكافي 2: 339/ 5.

3- الكافي 2: 339/ 7.

4- التهذيب 2: 104/ 394.

(1) التوبة 9: 114.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 766

كل حسن».

قلت: إني قد علمت أن كلا حسن، و أن كلا فيه فضل، فقال: «الدعاء أفضل أما سمعت قول الله عز و جل:

وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ، هي و الله العبادة، هي و الله أفضل، هي و الله أفضل، أ ليست هي العبادة؟ هي و الله العبادة، هي و الله العبادة، أ ليست هي أشدهن؟ هي و الله أشدهن، هي و الله أشدهن».

9378/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن المغيرة، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن فضل الدعاء بعد الفريضة على الدعاء بعد النافلة كفضل الفريضة على النافلة».

قال: ثم قال: «ادعه و لا تقل: قد فرغ من الأمر، فإن الدعاء هو العبادة، إن الله عز و جل يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ، و قال: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ»، و قال: «أردت أن تدعو الله فمجده و احمده و سبحه و هلله، و أثن عليه، و صل على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم سل تعط».

9379/ [6]- المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن علي، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، قال: قلت للصادق (عليه السلام): يا ابن

رسول الله، ما بال المؤمن إذا دعا ربما «1» استجيب له، و ربما لم يستجب له، و قد قال الله عز و جل: وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ؟

فقال (عليه السلام): «إن العبد إذا دعا الله تبارك و تعالى بنية صادقة و قلب مخلص، استجيب له بعد وفائه بعهد الله عز و جل، و إذا دعا الله بغير نية و إخلاص لم يستجب له، أ ليس الله تعالى يقول: أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ «2»؟ فمن و فى وفي له».

9380/ [7]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: آيتان في كتاب الله عز و جل أطلبهما فلا أجدهما، قال: «و ما هما؟» قلت: قول الله عز و جل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، فندعوه و لا نرى إجابة! قال: «أفترى الله عز و جل أخلف وعده؟» قلت:

لا. قال: «فبما ذلك؟» قلت: لا أدري. قال: «و لكني أخبرك، من أطاع الله عز و جل فيما أمره من دعائه من جهة الدعاء أجابه». قلت: و ما جهة الدعاء؟ قال: «تبدأ فتحمد الله و تذكر نعمه عندك، ثم تشكره، ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم تذكر ذنوبك فتعترف بها، ثم تستعيذ منها، فهذا جهة الدعاء».

__________________________________________________

5- الكافي 3: 341/ 4.

6- الاختصاص: 242.

7- الكافي 2: 352/ 8.

(1) في «ط، ي»: دعاء.

(2) البقرة 2: 40.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 767

ثم قال: «و ما الآية الاخرى؟» قلت: قول الله عز و جل: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ «1»، و إني أنفق و لا أرى خلفا! قال: «أفترى الله

عز و جل أخلف وعده؟» فقلت: لا. قال: «فمم ذلك؟» قلت: لا أدري. قال: «لو أن أحدكم اكتسب المال من حله و أنفقه في حله، لم ينفق درهما إلا أخلف عليه».

9381/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ابن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى ليمن على عبده المؤمن يوم القيامة، فيأمره أن يدنو منه- يعني من رحمته- فيدنو حتى يضع كفه عليه، ثم يعرفه ما أنعم به عليه، يقول: ألم تكن تدعوني يوم كذا و كذا، فأجبت دعوتك؟ ألم تسألني يوم كذا و كذا، و أعطيتك مسألتك؟ ألم تستغث بي يوم كذا و كذا، فأغثتك؟ ألم تسألني كشف ضر كذا و كذا، فكشفت عنك ضرك، و رحمت صوتك؟ ألم تسألني مالا، فملكتك؟ ألم تستخدمني، فأخدمتك؟

ألم تسألني أن أزوجك فلانة و هي منيعة عند أهلها، فزوجتكها؟

قال: فيقول العبد: بلى يا رب، أعطيتني كل ما سألتك، و كنت يا رب أسألك الجنة، فيقول الله له: فإني منعم لك بما سألتنيه الجنة لك مباحا، أرضيت؟ فيقول المؤمن: نعم يا رب أرضيتني و قد رضيت. فيقول الله: عبدي كنت أرضى أعمالك، و أنا أرضي لك أحسن الجزاء، فإن أفضل جزاء عندي أن أسكنك الجنة. و هو قوله تعالى:

ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».

9382/ [9]- محمد بن العباس: قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن سنان، عن محمد بن النعمان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل لم يكلنا إلى أنفسنا، و لو وكلنا إلى أنفسنا لكنا كبعض الناس،

و لكن نحن الذين قال الله عز و جل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».

سورة غافر(40): آية 65 ..... ص : 767

قوله تعالى:

هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [65]

9383/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، رفعه، قال: جاء

__________________________________________________

8- تفسير القمّي 2: 259.

9- تأويل الآيات 2: 532/ 16. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 259.

(1) سبأ 34: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 768

رجل إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فسأله عن مسائل، ثم عاد ليسأل عن مثلها، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام):

«مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعملون «1»، و لما عملتم بما علمتم، فإن العالم إذا لم يعمل به، لم يزدد بعلمه من الله إلا بعدا».

ثم قال: «عليك بالقرآن، فإن الله خلق الجنة بيده، لبنة من ذهب، و لبنة من فضة، و جعل ملاطها «2» المسك، و ترابها الزعفران، و حصاها اللؤلؤ، و جعل درجاتها على قدر آيات القرآن، فمن قرأ القرآن قال له: اقرأ و ارق و من دخل منهم الجنة لم يكن أحد في الجنة أعلى درجة منه، ما خلا النبيين و الصديقين».

و قال له الرجل: فما الزهد؟ قال: «الزهد عشرة أجزاء فأعلى درجات الزهد أدنى درجات الرضا، ألا و إن الزهد في آية من كتاب الله لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «3»».

فقال الرجل: لا إله إلا الله. و قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «و أنا أقول لا إله إلا الله، فإذا قال: أحدكم لا إله إلا الله، فليقل: الحمد لله رب العالمين. فإن الله يقول: هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ

لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ».

9384/ [2]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر الليث بن محمد بن الليث العنبري إملاء من أصل كتابه، قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي سنة إحدى و ستين و مائتين، قال: حدثنا خالي أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) لما دخل نيسابور و هو راكب بغلة شهباء، و قد خرج علماء نيسابور في استقباله، فلما صار إلى المرتعة تعلقوا بلجام بغلته، و قالوا: يا ابن رسول الله، حدثنا بحق آبائك الطاهرين، حدثنا عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين. فأخرج رأسه من الهودج، و عليه مطرف خز، فقال: «حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين سيد شباب أهل الجنة، عن أبيه أمير المؤمنين، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين، عن الله تقدست أسماؤه، و جل وجهه، قال: إني أنا الله، لا إله إلا أنا وحدي، عبادي فاعبدوني، و ليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا بها، أنه قد دخل حصني، و من دخل حصني أمن عذابي».

قالوا: يا ابن رسول الله، و ما إخلاص الشهادة لله؟ قال: «طاعة الله و رسوله، و ولاية أهل بيته (عليهم السلام)».

9385/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن أحمد

__________________________________________________

2- الأمالي 2: 201.

3- الكافي 2: 378/ 1.

(1) في «ط» و المصدر: تعلمون.

(2) في «ي»: بلاطها.

(3) الحديد 57: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 769

ابن محمد، جميعا،

عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي الحسن السواق، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يا أبان، إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث: من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا، وجبت له الجنة».

قال: قلت له: إنه يأتيني من كل صنف، أ فأروي لهم هذا الحديث؟ قال: «نعم. يا أبان، إذا كان يوم القيامة، و جمع الله الأولين و الآخرين، فتسلب لا إله إلا الله منهم، إلا من كان على هذا الأمر».

سورة غافر(40): آية 67 ..... ص : 769

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [67] 9386/ [1]- علي بن إبراهيم: فإنه محكم.

سورة غافر(40): الآيات 70 الي 74 ..... ص : 769

قوله تعالى:

الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا- إلى قوله تعالى- كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ [70- 74]

9387/ [2]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا- إلى قوله تعالى- كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ فقد سماهم الله كافرين «1» مشركين بأن كذبوا بالكتاب، و قد أرسل الله رسله بالكتاب، و بتأويل الكتاب، فمن كذب بالكتاب، أو كذب بما أرسل به رسله من تأويل الكتاب، فهو مشرك «2».

9388/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد و سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): إن الناس

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 321 «مخطوط».

2- تفسير القمّي 2: 260.

3- الكافي 3: 246/ 1.

(1) في المصدر: سمّى اللّه الكافرين.

(2) زاد في المصدر: كافر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 770

يذكرون أن فراتنا يخرج من الجنة، فكيف هو، و هو يقبل من المغرب، و تصب فيه العيون و الأودية؟

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و أنا أسمع أن لله جنة خلقها في المغرب، و ماء فراتكم يخرج منها، و إليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كل مساء، و تسقط على ثمارها، و تأكل منها، و تتنعم فيها، و تتلاقى و تتعارف، فإذا طلع الفجر هاجت من الحنة، فكانت في الهواء فيما بين السماء و الأرض، تطهير ذاهبة و جائية، و

تعهد حفرها إذا طلعت الشمس، و تتلاقى في الهواء و تتعارف».

قال: «و إن لله نارا في المشرق، و خلقها ليسكنها أرواح الكفار، و يأكلون من زقومها، و يشربون من حميمها ليلهم، فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن، يقال له: برهوت، أشد حرا من نيران الدنيا، كانوا فيها يتلاقون و يتعارفون، فإذا كان المساء عادوا إلى النار، فهم كذلك إلى يوم القيامة».

قال: قلت: أصلحك الله، فما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) من المسلمين المذنبين، الذين يموتون و ليس لهم إمام، و لا يعرفون ولايتكم؟ فقال: «أما هؤلاء فإنهم في حفرتهم لا يخرجون منها، فمن كان له عمل صالح، و لم تظهر منهم عداوة، فإنه يخد له خدا إلى الجنة التي خلقها الله في المغرب، فيدخل عليه منها الروح إلى حفرته إلى يوم القيامة، فيلقى الله فيحاسبه بحسناته و سيئاته، فإما إلى الجنة، و إما إلى النار، فهؤلاء موقوفون لأمر الله».

قال: «و كذلك يفعل الله بالمستضعفين و البله و الأطفال و أولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم، فأما النصاب من أهل القبلة، فإنهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله في المشرق، فيدخل عليهم منها اللهب و الشرر و الدخان و فورة الحميم إلى يوم القيامة، ثم مصيرهم إلى الجحيم في النار يسجرون، ثم قيل لهم: أين ما كنتم تشركون «1» من دون الله؟ أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما؟».

9389/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك، ما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد (صلى

الله عليه و آله) [من المسلمين المذنبين، الذين يموتون و ليس لهم إمام، و لا يعرفون ولايتكم؟ فقال: «أما هؤلاء فإنهم في حفرهم لا يخرجون منها، فمن كان له عمل صالح و لم يظهر منه عداوة، فإنه يخد له خد إلى الجنة التي خلقها الله بالمغرب، فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة حتى يلقى الله فيحاسبه بحسناته و سيئاته، فإما إلى الجنة، و إما إلى النار، و هؤلاء الموقوفون لأمر الله».

قال: «و كذلك يفعل الله بالمستضعفين و البله و الأطفال و أولاد المسلمين [الذين لم يبلغوا الحلم ، و أما النصاب من أهل القبلة، فإنهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله بالمشرق، فيدخل عليهم اللهب و الشرر و الدخان و فورة الحميم إلى يوم القيامة، ثم بعد ذلك مصيرهم إلى الجحيم في النار يسجرون، ثم قيل لهم: أين ما

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 260.

(1) في المصدر: تدعون. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 771

كنتم تشركون من دون الله؟ أي أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما؟».

سورة غافر(40): الآيات 75 الي 77 ..... ص : 771

قوله تعالى:

ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ- إلى قوله تعالى- فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ [75- 77] 9390/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ.

9391/ [2]- ثم

قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الفرح و المرح و الخيلاء، كل ذلك في الشرك و العمل في الأرض بالمعصية».

سورة غافر(40): الآيات 81 الي 82 ..... ص : 771

قوله تعالى:

يُرِيكُمْ آياتِهِ - إلى قوله تعالى- وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ [81- 82] 9392/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: يُرِيكُمْ آياتِهِ يعني أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) في الرجعة، قوله تعالى: وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ يقول: أعمالا في الأرض.

9393/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان ما بين آدم و نوح من الأنبياء مستخفين، و لذلك خفي ذكرهم في القرآن، فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء (صلوات الله عليهم)، و هو قول الله عز و جل: وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ «1»».

سورة غافر(40): الآيات 84 الي 85 ..... ص : 771

قوله تعالى:

فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 261.

2- تفسير القمّي 2: 261.

3- تفسير القمّي 2: 261.

4- الكافي 8: 115/ 92.

(1) النساء 4: 164.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 772

فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا [84- 85]

9394/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): لأي علة أغرق الله عز و جل فرعون، و قد آمن به و أقر بتوحيده؟ قال: «لأنه آمن عند رؤية البأس و الإيمان عند رؤية البأس غير مقبول، ذلك حكم الله تعالى في السلف و الخلف، قال الله تعالى:

فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ

يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا».

9395/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن رزق الله- أو رجل، عن جعفر بن رزق الله- قال: قدم إلى المتوكل رجل نصراني، فجر بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: قد هدم إيمانه شركه و فعله، و قال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، و قال بعضهم: يفعل به كذا و كذا، فأمر [المتوكل بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث (صلوات الله عليه)، سؤاله عن ذلك، فلما قرأ الكتاب كتب: «يضرب حتى يموت». فأنكر يحيى بن أكثم، و أنكر فقهاء العسكر ذلك، و قالوا: يا أمير المؤمنين، سل عن هذه، فإنه شي ء لم ينطق به كتاب، و لم تجي ء به سنة، فكتب إليه: إن فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا، و قالوا: لم تجي ء به سنة، و لم ينطق به كتاب فبين لنا لم أوجبت عليه الضرب حتى يموت؟ فكتب: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَلَمَّا رَأَوْا «1» بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ» قال: فأمر به المتوكل فضرب حتى مات.

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 77/ 7.

2- الكافي 7: 238/ 2.

(1) في النسخ و المصدر: أحسوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 773

سورة فصلت ..... ص : 773

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 775

فضلها ..... ص : 775

9396/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي المغرا، عن ذريح المحاربي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قرأ حم السجدة كانت له نورا يوم القيامة مد بصره و سرورا، و عاش في الدنيا محمودا مغبوطا».

9397/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله بعدد حروفها عشر حسنات و من كتبها في إناء و غسله، و عجن به عجينا ثم سحقه، و أسفه كل من به وجع الفؤاد، زال عنه و برى ء بإذن الله تعالى».

9398/ [3]- قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها في إناء و غسلها بماء، و عجن بها عجينا و يبسه، ثم يسحقه، و أسفه كل من به وجع الفؤاد زال عنه و برى ء».

9399/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في إناء و محاها بماء المطر، و سحق بذلك الماء كحلا، و تكحل به من في عينه بياض أو رمد، زال عنه ذلك الوجع، و لم يرمد بها أبدا، و إن تعذر الكحل فليغسل عينيه بذلك الماء، يزول عنه الرمد بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 113.

2- ....

3- ....

4- خواص القرآن: 49 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 777

سورة فصلت(41): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 777

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [1- 2] مر تفسيرها في سورة حم المؤمن «1».

سورة فصلت(41): الآيات 3 الي 7 ..... ص : 777

قوله تعالى:

كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ- إلى قوله تعالى- وَ اسْتَغْفِرُوهُ [3- 6] 9400/ [1]- علي بن إبراهيم: أي بين حلالها و حرامها و أحكامها و سننها بَشِيراً وَ نَذِيراً أي يبشر المؤمنين، و ينذر الظالمين فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ يعني عن القرآن فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ، قال: في غشاوة، مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ أي تدعونا إلى ما لا نفهمه و لا نعقله فقال الله: قُلْ لهم يا محمد إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ أي أجيبوه وَ اسْتَغْفِرُوهُ.

9401/ [2]- الشيخ الفاضل عمر بن إبراهيم الأوسي: قال: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «لما نزلت سورة الشعراء في آخرها آية الإنذار وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «2» أمرني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا علي،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 261.

2- .... [.....]

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (1، 2) من سورة المؤمن.

(2) الشعراء 26: 214.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 778

اطبخ و لو كراع شاة، و لو صاعا من طعام و قعبا من لبن، و اعمد إلى قريش. قال: فدعوتهم و اجتمعوا أربعين بطلا بزيادة، و كان فيهم أبو طالب و حمزة و العباس، فحضرت ما أمرني به رسول الله (صلى الله عليه و آله) معمولا، فوضعته بين أيديهم، فضحكوا استهزاء، فأدخل إصبعه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأربعة جوانب الجفنة، فقال: كلوا و قولوا: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال أبو جهل: يا محمد، ما نأكل،

و أحدنا يأكل الشاة مع أربعة أصوع من الطعام! فقال: كل و أرني أكلك. فأكلوا حتى تملؤوا، و أيم الله ما يرى أثر أكل أحدهم، و لا نقص الزاد، فصاح بهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): كلوا. فقالوا: و من يقدر على أكثر من هذا؟ فقال: ارفعه يا علي. فرفعته، فدنا منهم محمد (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا قوم اعملوا أن الله ربي و ربكم. فصاح أبو لهب، و قال: قوموا إن محمدا سحركم.

فقاموا و مضوا فاستعقبهم علي بن أبي طالب، و أراد أن يبطش بهم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا يا علي، ادن مني. فتركهم و دنا منه، فقال له: أمرنا بالإنذار لا بذات الفقار، لأن له وقتا، و لكن اعمل لنا من الطعام مثل ما عملت، و ادع لي من دعيت، فلما أتى غد، فعلت ما بالأمس فعلت.

فلما اجتمعوا و أكلوا كما أكلوا. قال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به من أمر الدنيا و الآخرة. قيل: فقال أبو جهل: قد شغلنا أمر محمد، فلو قابلتموه برجل مثله يعرف السحر و الكهانة، لكنا استرحنا. فقطع كلامه عتبة بن ربيعة، و قال: و الله إني لبصير بما ذكرته. فقال: لم لا تباحثه؟ قال: حاشا أن كان به ما ذكرت، فقال له: يا محمد، أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد الله؟ أنت خير أم علي بن أبي طالب، دامغ الجبابرة، قاصم أصلاب أكبرهم؟ فلم تضل آبائنا و تشتم آلهتنا، فإن كنت تريد الرئاسة عقدنا لك أولويتها،

و كن رئيسا لنا ما بقيت و إن كان بك الباه زوجناك عشرة نسوة من أكبرنا. و إن كنت تريد المال جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك أنت و عقبك من بعدك، فما تقول؟

فقال (صلى الله عليه و آله): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا إلى آخر الآية، فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد و ثمود، فأمسك عتبة على فيه، و رجع فناشده بالله اسكت، فسكت، و قام و مضى، فقام من كان حاضرا خلفه فلم يلحقوه، فدخل و لم يخرج أبدا، فغدوه قريش، فقال أبو جهل: قوموا بنا إليه. فدخلوا و جلسوا. فقال أبو جهل: يا عتبة، محمد سحرك. فقام قائما على قدميه، و قال: يا لكع الرجال، و الله لو لم تكن ببيتي لقتلتك شر قتلة، يا ويلك. قلت: محمد ساحر كاهن شاعر، سرنا إليه، سمعناه تكلم بكلام من رب السماء، فحلفته و أمسك، و قد سميتموه الصادق الأمين، هل رأيتم منه كذبة؟ و لكني لو تركته يتمم ما قرأ لحل بكم العذاب و الذهاب».

9402/ [3]- محمد بن العباس في (تفسيره)، قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد الدهان، عن الحسن بن علي بن أحمد العلوي، قال: بلغني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لداود الرقي: «أيكم ينال السماء؟ فو الله إن أرواحنا و أرواح النبيين لتنال العرش كل ليلة جمعة. يا داود، قرأ أبي محمد بن علي (عليه السلام) حم السجدة حتى بلغ

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 533/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 779

فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ، ثم قال: نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)

بأن الإمام بعده علي (عليه السلام)، ثم قرأ (عليه السلام): حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ حتى بلغ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عن ولاية علي فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ».

قوله تعالى:

وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ- إلى قوله تعالى- بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ [6، 7] 9403/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ و هم الذين أقروا بالإسلام و أشركوا بالأعمال، و هو قوله تعالى: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «1» يعني بالأعمال إذا أمروا بأمر عملوا خلاف ما قال الله، فسماهم الله مشركين، ثم قال تعالى: الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ يعني من لم يدفع الزكاة فهو كافر.

9404/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبان أ ترى أن الله عز و جل طلب من المشركين زكاة أموالهم و هم يشركون به حيث يقول: وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ».

قلت له: كيف ذلك جعلت فداك، فسره لي؟ فقال: «و ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأول، و هم بالأئمة الآخرين كافرون، يا أبان، إنما دعا الله العباد إلى الإيمان به، فإذا آمنوا بالله و رسوله افترض عليهم الفرائض».

9405/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثني الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سعدان بن مسلم، عن أبان بن تغلب،

قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) و قد تلا هذه الآية: «يا أبان، هل ترى الله سبحانه طلب من المشركين زكاة أموالهم، و هم يعبدون معه إلها غيره؟».

قال: قلت: فمن هم؟ قال: «ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأول، و لم يردوا إلى الآخر ما قال فيه الأول، و هم به كافرون».

9406/ [4]- قال: و روى أحمد بن محمد بن سيار، بإسناده إلى أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 261.

2- تفسير القمّي 2: 262.

3- تأويل الآيات 2: 2: 533/ 2.

4- تأويل الآيات 2: 2: 534/ 3.

(1) يوسف 12: 106.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 780

«ويل للمشركين الذين أشركوا مع الإمام الأول غيره، و لم يردوا إلى الآخر ما قال فيه الأول، و هم به كافرون».

قال شرف الدين النجفي عقيب هذا الحديث: فمعنى الزكاة هاهنا: زكاة الأنفس، و هي طهارتها من الشرك المشار إليه، و قد وصف الله سبحانه المشركين بالنجاسة، يقول: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ «1»، و من أشرك بالإمام فقد أشرك بالنبي (صلى الله عليه و آله) و من أشرك بالنبي (صلى الله عليه و آله) فقد أشرك بالله.

و قوله تعالى: الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ أي أعمال الزكاة و هي ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، لأن بها تزكى الأعمال يوم القيامة.

سورة فصلت(41): الآيات 8 الي 14 ..... ص : 780

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ [8- 14] 9407/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر الله عز و جل المؤمنين فقال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أي بلا من من الله عليهم بما يأجرهم به، ثم خاطب الله نبيه فقال: قل- لهم يا

محمد- أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ و معنى يومين أي وقتين: ابتداء الخلق و انقضاؤه وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها أي لا يزول و لا يفنى «2» فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ يعني في أربعة أوقات، و هي التي يخرج الله فيها أقوات العالم، من الناس و البهائم و الطير و حشرات و الأرض و ما في البر و البحر من الخلق و الثمار و النبات و الشجر و ما يكون فيه معاش الحيوان كله، و هو الربيع و الصيف و الخريف و الشتاء.

ففي الشتاء يرسل الله الرياح و الأمطار و الأنداء و الطلول من السماء فيسقي «3» الأرض و الشجر، و هو وقت بارد، ثم يجي ء بعده الربيع و هو وقت الخريف و معتدل حار و بارد، فيخرج الشجر ثماره، و الأرض نباتها، فيكون أخضر ضعيفا ثم يجي ء من بعده وقت الصيف [و هو حار]، فينضج الثمار، و يصلب الحبوب التي هي أقوات العباد و جميع الحيوان، ثم يجي ء من بعده وقت الخريف فيطيبه و يبرده، و لو كان الوقت كله شيئا واحدا، لم يخرج النبات من الأرض، لأن الوقت لو كان كله ربيعا لم تنضج الثمار و لم تبلغ الحبوب، و لو كان الوقت كله صيفا لاحترق كل شي ء في الأرض، و لم يكن للحيوان معاش و لا قوت، و لو كان الوقت كله خريفا، و لم يتقدمه شي ء من هذه

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 262.

(1) التوبة 9: 28.

(2) في المصدر: يبقى.

(3) في المصدر: فيلقح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 781

الأوقات، لم يكن شي ء يتقوت به العالم، فجعل الله هذه الأقوات في هذه

الأربعة أوقات: في الشتاء و الربيع و الصيف و الخريف، و قام به العالم و استوى و بقي، و سمى [الله هذه الأوقات أياما سواء للسائلين. يعني المحتاجين، لأن كل محتاج سائل، و في العالم من خلق الله من لا يسأل و لا يقدر عليه من الحيوان كثير، فهم سائلون، و إن لم يسألوا.

و قوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ أي دبر و خلق و قد سئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) عمن كلم الله لا من الجن و لا من الإنس، فقال: «السماوات و الأرض، في قوله تعالى: ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ».

فَقَضاهُنَّ أي خلقهن سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ يعني في وقتين ابتداء و انقضاء وَ أَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها فهذا وحي تقدير و تدبير وَ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ يعني بالنجوم وَ حِفْظاً يعني من الشياطين أن تخرق السماء.

9408/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد، و ما كان ليخلق الشر قبل الخير، و في يوم الأحد و الاثنين خلق الأرضين، و خلق أقواتها في يوم الثلاثاء، و خلق السماوات يوم الأربعاء و يوم الخميس، و خلق أقواتها يوم الجمعة، و ذلك قول الله عز و جل: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ «1»».

9409/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا يا محمد فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ و هم قريش، و هو معطوف على قوله تعالى: فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ «2»، و قوله

تعالى:

إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ يعني نوحا و إبراهيم و موسى و عيسى و النبيين و من خلفهم أنت قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً لم يبعث بشرا مثلنا فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ.

سورة فصلت(41): آية 16 ..... ص : 781

قوله تعالى:

فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ [16] 9410/ [4]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً: «و الصرصر: الريح الباردة فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ أي أيام مياشيم».

__________________________________________________

2- الكافي 8: 145/ 117.

3- تفسير القمّي 2: 263. [.....]

4- تفسير القمّي 2: 263.

(1) السجدة 32: 4.

(2) فصلت 41: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 782

قوله تعالى:

لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا [16]

9411/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني علي بن الحسن التيملي، عن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله عز و جل: عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هو؟ فقال: «و أي خزي أخزى- يا أبا بصير- من أن يكون الرجل في بيته، و حجلته على خوانه «1» وسط عياله، إذ شق أهله الجيوب عليه و صرخوا، فيقول الناس: ما هذا؟ فيقال: مسخ فلان الساعة».

فقلت: قبل [قيام القائم أو بعده؟ قال: «لا، بل قبله».

سورة فصلت(41): الآيات 17 الي 19 ..... ص : 782

قوله تعالى:

وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى إلى قوله تعالى- فَهُمْ يُوزَعُونَ [17- 19]

9412/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ثعلبة ابن ميمون، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ «2»، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه، و قال تعالى: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها

«3»، قال: بين لها ما تأتي و ما تترك، و قال تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً «4»، قال: عرفناه إما آخذا و إما تاركا، و قال تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى قال:

عرفناهم، فاستحبوا العمى على الهدى، و هم يعرفون». و في رواية: «بينا لهم».

و رواه ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد

__________________________________________________

1- غيبة النعماني: 269/ 41.

2- الكافي 1: 124/ 3.

(1) في المصدر: و حجاله و على إخوانه.

(2) التوبة 9: 115.

(3) الشمس 91: 8.

(4) الإنسان 76: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 783

ابن أبي عبد الله، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

9413/ [2]- أبو الحسن الثالث، علي بن محمد الهادي (عليه السلام)، قال: «إن الهداية منه: التعريف، كقوله تعالى:

وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى .

9414/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: روى علي بن محمد، عن أبي جميلة، عن الحلبي. و رواه علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الفضل أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قوله تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها «2»، قال: «ثمود رهط من الشيعة، فإن الله سبحانه يقول: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ و هو السيف إذا قام القائم (عليه السلام)».

9415/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى و لم يقل:

استحب الله، كما زعمت المجبرة أن الأعمال «3» أحدثها الله لنا فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يعني ما فعلوه.

و قوله: وَ يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أي يجيئون من كل ناحية.

سورة فصلت(41): الآيات 20 الي 23 ..... ص : 783

قوله تعالى:

حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا- إلى قوله تعالى- فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ [20- 23]

9416/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث، قال فيه-: «ثم نظم ما فرض على القلب و اللسان و السمع و البصر في آية، فقال: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ يعني [بالجلود]: الفروج و الأفخاذ».

__________________________________________________

2- الاحتجاج: 453، تحف العقول: 475.

3- تأويل الآيات 2: 804/ 1.

4- تفسير القمّي 2: 264.

1- الكافي 2: 30/ 1.

(1) التوحيد: 411/ 4. [.....]

(2) الشمس 91: 11.

(3) في المصدر: الأفعال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 784

9417/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قوم تعرض عليهم أعمالهم فينكرونها، فيقولون: ما عملنا منها شيئا، فتشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم أعمالهم.

قǙĺ قال الصادق (عليه السلام): «فيقولون لله: يا رب، هؤلاء ملائكتك يشهدون لك، ثم يحلفون بالله ما فعلوا من ذلك شيئا، و هو قول الله تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ «1»، و هم الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعند ذلك يختم الله على ألسنتهم، و ينطق جوارحهم، فيشهد السمع بما سمع مما حرم الله، و يشهد البصر بما نظر إلى ما حرم الله، و تشهد اليدان بما أخذتا، و تشهد الرجلان بما سعتا فيما حرم الله، و يشهد الفرج بما ارتكب

مما حرم الله، ثم أنطق الله ألسنتهم فيقولون: لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ هُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أي من الله أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ و الجلود: الفروج وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ».

9418/ [3]- الطبرسي، قال الصادق (عليه السلام): «ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفا كأنه يشرف على النار، و يرجوه رجاء كأنه من أهل الجنة، إن الله تعالى يقول: ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ الآية». ثم قال: «إن الله عند ظن عبده به، إن خيرا فخير، و إن شرا فشر».

9419/ [4]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): حديث يرويه الناس في من يؤمر به آخر الناس إلى النار، فقال: «أما إنه ليس كما يقولون، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن آخر عبد يؤمر به إلى النار فإذا أمر به التفت، فيقول الجبار: ردوه. فيردونه، فيقول له: لم التفت إلي؟ فيقول: يا رب، لم يكن ظني بك هذا. فيقول: و ما كان ظنك بي؟ فيقول: يا رب، كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي، و تسكنني جنتك. قال: فيقول الجبار: يا ملائكتي، لا و عزتي و جلالي و آلائي و علوي و ارتفاع مكاني، ما ظن بي عبدي هذا ساعة من خير قط، و لو ظن بي ساعة من خير ما روعته بالنار، أجيزوا له كذبه، و أدخلوه الجنة.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ليس من عبد يظن بالله خيرا

إلا كان عند ظنه به، و ذلك قوله تعالى:

وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ».

9420/ [5]- حسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): حديث يرويه الناس- و ذكر الحديث إلا أن في آخر الحديث-: «ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ليس من عبد ظن بالله خيرا إلا كان عند ظنه به، و لا ظن به سوء إلا كان عند ظنه به، و ذلك قوله

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 264.

3- مجمع البيان 9: 14.

4- تفسير القمّي 2: 264.

5- الزهد: 97/ 262.

(1) المجادلة 58: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 785

تعالى: وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ».

9421/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد، قال:

حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا أبو العيناء، قال: حدثني محمد ابن مسعر، قال: كنت عند سفيان بن عيينة، فجاءه رجل، فقال له: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «إن العبد إذا أذنب ذنبا، ثم علم أن الله عز و جل يطلع عليه غفر له».

فقال ابن عيينة: هذا في كتاب الله عز و جل، قال الله تعالى: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ [فإذا كان الظن هو المردي، كان ضده هو المنجي .

سورة فصلت(41): الآيات 24 الي 28 ..... ص : 785

قوله تعالى:

فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً

لَهُمْ- إلى قوله تعالى- جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ [24- 28] 9422/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ أي يخسروا و يحشروا «1» وَ إِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أي لا يجابوا إلى ذلك، قوله تعالى: وَ قَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ يعني الشياطين من الجن و الإنس الأردياء فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أي ما كانوا يفعلون وَ ما خَلْفَهُمْ أي ما يقال لهم إنه يكون خلفكم كله باطل و كذب وَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ و العذاب. و قوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ أي تصيرونه سخرية و لغوا.

9423/ [2]- محمد بن العباس: قال: حدثنا علي بن أسباط، عن علي بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «قال الله عز و جل: فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بتركهم ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) عَذاباً شَدِيداً في الدنيا وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ في الآخرة ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ و الآيات: الأئمة (عليهم السلام)».

__________________________________________________

6- الأمالي 1: 52.

1- تفسير القمّي 2: 265.

2- تأويل الآيات 2: 534/ 4.

(1) في المصدر: يخشؤا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 786

سورة فصلت(41): الآيات 29 الي 32 ..... ص : 786

قوله تعالى:

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ- إلى قوله تعالى- نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [29- 32]

9424/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن أحمد القمي، عن عمه عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن حسين

الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى:

رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ، قال: «هما، و كان فلان شيطانا».

9425/ [2]- و

عنه: بهذا الإسناد، عن يونس، عن سورة بن كليب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ، قال: «يا سورة هما، و الله هما- ثلاثا- و الله يا سورة، إنا لخزان علم الله في السماء، و إنا لخزان علم الله في الأرض».

9426/ [3]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل يصف فيه حال قنفذ و صاحبه يوم القيامة-: «فيؤتيان هو و صاحبه، فيضربان بسياط من نار، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، و لو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا، فيضربان بها، ثم يجثو أمير المؤمنين (عليه السلام) للخصومة بين يدي الله مع الرابع، و يذهب «1» الثلاثة في جب، فيطبق عليهم، لا يراهم أحد و لا يرون أحدا، فيقول الذين كانوا في ولايتهم: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ، قال الله عز و جل: وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ «2»».

9427/ [4]- الطبرسي، في

قوله تعالى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا يعنون إبليس الأبالسة، و قابيل بن آدم أول من أبدع المعصية، روي ذلك عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

1- الكافي 8: 334/ 523.

2- الكافي 8: 334/ 524.

3- كامل الزيارات: 332/ 11. [.....]

4- مجمع البيان 9: 17.

(1) في المصدر: فيدخل.

(2) الزخرف 43: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 787

9428/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: قال العالم: «من الجن إبليس الذي دل «1» على قتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في دار الندوة، و أضل الناس بالمعاصي، و جاء بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى فلان و بايعه، و من الإنس فلان نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ».

ثم ذكر أمير المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا، قال: على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، قوله تعالى: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ، قال: عند الموت: أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، قال: كنا نحرسكم من الشياطين وَ فِي الْآخِرَةِ

أي عند الموت وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ يعني في الجنة نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ.

9429/ [6]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما يموت موال لنا، مبغض لأعدائنا، إلا و يحضره رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين (عليهم السلام)، فيسرونه «2» و يبشرونه، و إن كان غير موال لنا يراهم بحيث يسوءه، و الدليل على

ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لحارث الهمداني:

يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلا»

9430/ [7]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب، عن الحسين بن عثمان، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «استقاموا على الأئمة واحدا بعد واحد تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ».

9431/ [8]- محمد بن الحسن الصفار: عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن الحسن بن علي، قال:

حدثنا عبد الله بن سهل الأشعري، عن أبيه، عن أبي اليسع، قال: دخل حمران بن أعين على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال له: جعلت فداك، يبلغنا أن الملائكة تنزل عليكم؟

قال: «إي و الله، لتنزل علينا، فتطأ بسطنا «3»، أما تقرأ كتاب الله تبارك و تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 265.

6- تفسير القمّي 2: 265.

7- الكافي 1: 172/ 2.

8- بصائر الدرجات: 111/ 3.

(1) في المصدر: دبّر.

(2) في «ط، ي»: فيرونه.

(3) في المصدر: فقال: إنّ الملائكة و اللّه لتنزل علينا تطأ فرشنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 788

9432/ [9]- سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز، عن أبي بصير، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) و تجري فيمن استقام من شيعتنا، و سلم لأمرنا، و كتم حديثنا عن عدونا، تستقبله الملائكة بالبشرى من الله بالجنة، و قد و الله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الذين استقاموا، و سلموا لأمرنا، و كتموا حديثنا، و لم يذيعوه عند عدونا، و لم يشكوا فيه كما شككتم، و استقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة».

9433/ [10]- محمد بن العباس، قال: حدثني محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ يقول:

«استكملوا طاعة الله و طاعة رسوله و ولاية آل محمد (عليهم السلام): ثُمَّ اسْتَقامُوا [عليها] تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ يوم القيامة أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فأولئك الذين إذا فزعوا يوم القيامة حين يبعثون تتلقاهم الملائكة و يقولون لهم: لا تخافوا و لا تحزنوا نحن كنا معكم في الحياة الدنيا، لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة، و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون».

9434/ [11]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ الآية، قال: «استقاموا على الأئمة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد».

9435/ [12]-

و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا، قال: «هو و الله ما أنتم عليه و هو قوله تعالى: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً «1»».

قلت: متى تتنزل عليهم الملائكة بأن لا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا و في الآخرة؟ فقال: «عند الموت و يوم القيامة».

9436/ [13]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه، و ظهور ملك الموت له، و ذلك أن

__________________________________________________

9- مختصر بصائر الدرجات: 96.

10- تأويل الآيات 2: 536/ 8.

11- تأويل الآيات 2: 537/ 9.

12- تأويل الآيات 2: 537/ 10. [.....]

13- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 239/ 117.

(1) الجن 72: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 789

ملك الموت يرد على المؤمن و هو في شدة علته، و عظيم ضيق صدره بما يخلفه من أمواله و عياله، و ما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه و عياله، و قد بقيت [في نفسه حزازتها، و انقطعت آماله «1» فلم ينلها.

فيقول له ملك الموت: ما لك تجرع غصصك؟ فيقول: لاضطراب أحوالي و انقطاعي دون آمالي، فيقول له ملك الموت: و هل يجزع عاقل من فقد درهم زائف، و قد اعتاض عنه بألف ألف ضعف الدنيا؟ [فيقول: لا.] فيقول له ملك الموت: فانظر فوقك. فينظر، فيرى درجات

الجنان و قصورها التي تقصر دونها الأماني، فيقول له ملك الموت: هذه منازلك و نعمك و أموالك و عيالك و من كان من ذريتك صالحا فهو هناك معك، أ فترضى به بدلا مما هاهنا؟ فيقول: بلى و الله.

ثم يقول ملك الموت: انظر. [فينظر] فيرى محمدا و عليا و الطيبين من آلهما في أعلى عليين، فيقول له:

أو تراهم هؤلاء ساداتك و أئمتك، هم هنا جلاسك و أناسك، أ فما ترضى بهم بدلا مما تفارق هاهنا؟ فيقول: بلى و ربي. فذلك ما قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا فما أمامكم من الأهوال فقد كفيتموه، و لا تحزنوا على ما تخلفونه من الذراري و العيال و الأموال، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منهم وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ هذه منازلكم و هؤلاء أناسكم و جلاسكم و نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ».

9437/ [14]- الطبرسي: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): « [يعني عند الموت».

9438/ [15]- قال: و روى محمد بن الفضيل، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاستقامة؟ فقال: «هي و الله ما أنتم عليه».

سورة فصلت(41): آية 33 ..... ص : 789

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [33]

9439/ [1]- العياشي: عن جابر، قال: قلت لمحمد بن علي (عليه السلام)، قول الله في كتابه:

__________________________________________________

14- مجمع البيان 9: 17.

15- مجمع البيان 9: 17.

1- تفسير العياشي 1: 279/ 286.

(1) في المصدر: حسراتها و اقتطع دون أمانيه.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 4، ص: 790

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا «1»؟ قال: «هما، و الثالث و الرابع و عبد الرحمن و طلحة، و كانوا سبعة عشر رجلا».

قال: «لما وجه النبي (صلى الله عليه و آله) علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و عمار بن ياسر (رحمه الله) إلى أهل مكة، [قالوا:

بعث هذا الصبي، و لو بعث غيره- يا حذيفة- إلى أهل مكة.] و في مكة صناديدها؟ و كانوا يسمون عليا (عليه السلام) الصبي، لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبي، لقول الله: وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً و هو صبي وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ».

و في الحديث زيادة تقدمت في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا في سورة النساء «2».

9440/ [2]- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه و آله): «أن عليا باب الهدى بعدي، و الداعي إلى ربي، و هو صالح المؤمنين وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً الآية».

و قد تقدم حديث في معنى الآية، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا من آخر سورة آل عمران «3».

سورة فصلت(41): الآيات 34 الي 35 ..... ص : 790

قوله تعالى:

وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ- إلى قوله تعالى- ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [34- 35]

9441/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ، قال: «الحسنة: التقية، و السيئة:

الإذاعة».

و قوله عز و جل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ «4»، قال: «التي هي أحسن، التقية فَإِذَا الَّذِي

بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ».

أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي

__________________________________________________

2- المناقب 3: 77.

1- الكافي 2: 173/ 6.

(1) النساء 4: 137.

(2) تقدّمت في الحديث (2) من تفسير الآية (137) من سورة النساء.

(3) تقدّم في الحديث (10) في تفسير الآية (200) من سورة آل عمران.

(4) المؤمنون 23: 96، و الآية في سورة فصلت بدون ذكر (السيئة) و لعلّه أراد بها هنا بيان المعنى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 791

عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

9442/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سورة بن كليب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أمرت بالتقية، فسار بها عشرا حتى أمر أن يصدع بما امر، و أمر بها علي، فسار بها حتى أمر أن يصدع بها، ثم أمر الأئمة بعضهم بعضا فساروا بها، فإذا قام قائمنا سقطت التقية و جرد السيف، و لم يأخذ من الناس و لم يعطهم إلا بالسيف».

9443/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا الصالح الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن فضيل، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ، فقال: «نحن الحسنة، و بنو امية السيئة».

9444/ [4]- و

عنه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: حدثنا أبي،

عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: «صافح عدوك و إن كره، فإنه مما أمر الله عز و جل به عباده، يقول: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السيئة فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ما تكافئ عدوك بشي ء أشد من أن تطيع الله فيه، و حسبك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله عز و جل في الدنيا».

9445/ [5]- شرف الدين النجفي: قال علي بن إبراهيم (رحمه الله) في (تفسيره): قال أبو جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ: «إن الحسنة: التقية، و السيئة: الإذاعة».

9446/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: ثم أدب الله نبيه (صلى الله عليه و آله) فقال تعالى: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فقال: ادفع سيئة من أساء إليك بحسنتك، حتى يكون الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم، ثم قال تعالى: وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.

9447/ [7]- المفيد في (الاختصاص): عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ، قال: «الحسنة: التقية، و السيئة: الإذاعة ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 539/ 13.

3- تأويل الآيات 2: 540/ 14 .. [.....]

4- ...، 633/ 10، و لم يرد في تأويل الآيات.

5- تأويل الآيات 2: 540/ 15.

6- تفسير القمّي 2: 266.

7- الاختصاص: 25.

(1) المحاسن: 257/ 297.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 792

سورة فصلت(41): الآيات 36 الي 44 ..... ص : 792

قوله تعالى:

وَ

إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [36- 44] 9448/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ أي إن عرض بقلبك نزغ من الشيطان فاستعذ بالله، و المخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و المعنى للناس. ثم احتج على الدهرية، فقال:

وَ مِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً أي ساكنة هامدة فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا يعني ينكرون لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا ثم استفهم عز و جل على المجاز، فقال تعالى: أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، و قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ يعني بالقرآن لَمَّا جاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ.

9449/ [2]- الطبرسي: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قوله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ الآية:

«معناه أنه ليس في إخباره عما مضى باطل، و لا في إخباره عما يكون في المستقبل باطل، بل أخباره كلها موافقة لمخبراتها».

9450/ [3]- علي بن إبراهيم: ثم قال تعالى: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ يا محمد وَ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ، قال: عذاب أليم، ثم قال تعالى: وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ، قال: لو كان هذا القرآن أعجميا لقالوا: لو لا انزل لنا بالعربية، فقال الله تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ أي بيان «1» وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ أي صمم وَ

هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ.

9451/ [4]- ثم

قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ: «يعني القرآن لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ». قال: «لا يأتيه الباطل من قبل التوراة، و لا من قبل الإنجيل و الزبور، و أما مِنْ خَلْفِهِ لا يأتيه من بعده كتاب يبطله».

قوله تعالى: لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ، قال: «لو كان هذا القرآن أعجميا لقالوا: كيف نتعلمه،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 266.

2- مجمع البيان 9: 23.

3- تفسير القمّي: 223 «حجرية».

4- تفسير القمّي 2: 266.

(1) في المصدر: تبيان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 793

و لساننا عربي، و أتيتنا بقرآن أعجمي؟ فأحب [الله أن ينزله بلسانهم، و قد قال الله عز و جل: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ «1»».

سورة فصلت(41): الآيات 45 الي 51 ..... ص : 793

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ [45- 51]

9452/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن الله تعالى: هل يجبر عباده على المعاصي؟ فقال: «بل يخيرهم و يمهلهم حتى يتوبوا». قلت: فهل يكلف عباده ما لا يطيقون؟ فقال: «و كيف يفعل ذلك؟ و هو يقول: وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ».

ثم قال (عليه السلام): «حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام)، أنه قال: من زعم أن الله تعالى يجبر عباده على المعاصي، و «2» يكلفهم ما لا يطيقون، فلا تأكلوا ذبيحته، و لا تقبلوا شهادته،

و لا تصلوا وراءه، و لا تعطوه من الزكاة شيئا».

9453/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فيقول: أَيْنَ شُرَكائِي: يعني ما كانوا يعبدون من دون الله قالُوا آذَنَّاكَ أي أعلمناك ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَ ظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ أي علموا أنه لا محيص لهم و لا ملجأ و لا مفر.

و قوله تعالى: لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ [أي لا يمل و لا يعيى أن يدعو لنفسه بالخير وَ إِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ أي يائس من روح الله و فرجه، ثم قال تعالى: وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ أي يتجبر «3» و يتعظم و يستحقر من هو دونه وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ يعني الفقر و المرض و الشدة فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ أي يكثر الدعاء.

9454/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 124/ 16.

2- تفسير القمّي 2: 266.

3- الكافي 8: 287/ 432.

(1) إبراهيم 14: 4. [.....]

(2) في المصدر: أو.

(3) في المصدر: يبتختر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 794

عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ، قال: «اختلفوا كما اختلفت هذه الامة في الكتاب، و سيختلفون في الكتاب الذي مع القائم لما يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير فيقدمهم و يضرب أعناقهم».

سورة فصلت(41): الآيات 53 الي 54 ..... ص : 794

قوله تعالى:

سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ- إلى

قوله تعالى- بِكُلِّ شَيْ ءٍ مُحِيطٌ [53- 54]

9455/ [1]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سليمان، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: «يقول الله تعالى:

سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ فأي آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق؟».

9456/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [قال: «في الآفاق: انتقاص الأطراف عليهم، و في أنفسهم: بالمسخ حتى يتبين لهم أنه الحق أي أنه القائم (عليه السلام)».

9457/ [3]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن يوسف ابن يعقوب، من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، و وهيب، عن أبي بصير، قال: سئل أبو جعفر الباقر (عليه السلام) عن تفسير قوله عز و جل: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، فقال (عليه السلام): «يريهم في أنفسهم المسخ، و يريهم في الآفاق انتقاص «1» الآفاق عليهم، فيرون قدرة الله في أنفسهم و في الآفاق، و قوله تعالى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ يعني بذلك خروج القائم، و

هو الحق من الله عز و جل، يراه هذا الخلق لا بد منه».

9458/ [4]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون،

__________________________________________________

1- كامل الزيارات: 329/ 2.

2- تأويل الآيات 2: 541/ 17.

3- الغيبة: 269/ 40.

4- الكافي 8: 166/ 181.

(1) في النسخ: انتقاض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 795

عن الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، قال: «خسف و مسخ، و قذف»، قال: قلت: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ قال: «دع ذا، ذاك قيام القائم (عليه السلام)».

9459/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ فمعنى في الآفاق: الكسوف و الزلزال و ما يعرض في السماء من الآيات، و أما في أنفسهم: فمرة بالجوع، و مرة بالعطش، و مرة يشبع، و مرة يروى، و مرة يمرض، و مرة يصح، و مرة يستغني، و مرة يفتقر، و مرة يرضى، و مرة يسخط «1»، و مرة يغضب، و مرة يخاف، و مرة يأمن، فهذا من عظيم دلالة الله على التوحيد، قال الشاعر:

و في كل شي ء له آية تدل على أنه واحد

ثم أرهب عباده بلطيف عظمته فقال تعالى: أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ- يا محمد- أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ، ثم قال تعالى: أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ أي في شك مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ كناية عن الله بِكُلِّ شَيْ ءٍ مُحِيطٌ.

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 267.

(1) (و مرة يسخط) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 797

المستدرك (سورة فصلت) ..... ص : 797
سورة فصلت(41): آية 15 ..... ص : 797

قوله تعالى:

فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ

بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [15]

[1]- ابن بابويه: بإسناده عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، قال: «لما بعث الله عز و جل هودا، أسلم له العقب من ولد سام، و أما الآخرون فقالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً فأهلكوا بالريح العقيم، و أوصاهم هود و بشرهم بصالح (عليه السلام)».

[2]- نهج البلاغة: من خطبة له (عليه السلام) قال: «و اتعظوا فيها بالذين قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، و أنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا، و جعل لهم من الصفيح أجنان، و من التراب أكفان، و من الرفات جيران».

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 136/ 5.

2- نهج البلاغة: 166 الخطبة 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 799

سورة الشوري ..... ص : 799

اشارة

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 801

فضلها ..... ص : 801

9460/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن سيف بن عميرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ (حم عسق) بعثه الله يوم القيامة و وجهه كالثلج، أو كالشمس، حتى يقف بين يدي الله عز و جل، فيقول: عبدي أدمت قراءة (حم عسق) و لم تدر ما ثوابها؟ أما لو دريت ما هي و ما ثوابها؟ لما مللت قراءتها، و لكن سأجزيك جزاءك، أدخلوه الجنة و له فيها قصر من ياقوتة حمراء، أبوابها و شرفها و درجها منها، و يرى ظاهرها من باطنها، و باطنها من ظاهرها، و له حوراء من الحور العين، و ألف جارية و ألف غلام من الولدان المخلدين، الذين وصفهم الله عز و جل».

9461/ [2]- و

من (خواص القرآن): روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة صلت عليه الملائكة، و ترحموا عليه بعد موته و من كتبها بماء المطر، و سحق بذلك الماء كحلا، و اكتحل به من بعينه بياض قلعه، و زال عنه كل ما كان عارضا في عينه من الآلام بإذن الله تعالى».

9462/ [3]- قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها بعجين مكي و ماء المطر، و سحق به كحلا، و يكحل منه، فإن كان في عينه بياض زال عنه، و كل ألم في العين يزول».

9463/ [4]- و

قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها عليه أمن من الناس، و من شربها فى سفر أمن».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 113.

2- ....

3- .... [.....]

4 ....

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 803

سورة الشوري(42): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 803

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم عسق- إلى قوله تعالى- الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [1- 3] حم عسق تقدم تفسيرها في سورة المؤمن

«1».

9464/ [1]- علي بن إبراهيم: هو حرف من اسم الله الأعظم المقطوع، يؤلفه الرسول و الإمام «2»، فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعا الله به أجاب، ثم قال: كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

9465/ [2]- علي بن إبراهيم: حدثنا أحمد بن علي، و أحمد بن إدريس، قالا: حدثنا محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي، عن محمد بن جمهور، قال: حدثنا سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن يحيى بن ميسرة الخثعمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «حم عسق عدد سني القائم، و ق «3»: جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر، و خضرة السماء من ذلك الجبل، و علم كل شي ء في عسق».

9466/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن يوسف بن كليب المسعودي، عن عمرو بن عبد الغفار الفقيمي، عن محمد بن الحكم بن المختار، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: حم اسم من أسماء الله عز و جل، و عسق علم علي (عليه السلام) بفسق كل جماعة و نفاق كل فرقة.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 267.

2- تفسير القمّي 2: 267.

3- تأويل الآيات 2: 541/ 1.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (1، 2) من سورة المؤمن.

(2) في المصدر: أو الإمام.

(3) سورة ق 50: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 804

9467/ [4]- تأويل آخر:

بحذف الإسناد، يرفعه إلى محمد بن جمهور، عن السكوني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «حم حتم، و (عين) عذاب، و (سين) سنون كسني يوسف (عليه السلام)، و (قاف) قذف [و خسف و مسخ يكون في آخر

الزمان بالسفياني و أصحابه، و ناس من كلب ثلاثون ألف «1» يخرجون معه، و ذلك حين يخرج القائم (عليه السلام) بمكة، و هو مهدي هذه الامة».

سورة الشوري(42): آية 5 ..... ص : 804

قوله تعالى:

تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ- إلى قوله تعالى- وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ [5] 9468/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَ الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ، قال: للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة، و لفظ الآية عام و معناه خاص.

9469/ [2]- و

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ: «أي يتصدعن».

سورة الشوري(42): الآيات 7 الي 8 ..... ص : 804

قوله تعالى:

لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها [7]

9470/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن أبي عبد الله البرقي، عن جعفر بن محمد الصوفي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام)، فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمي النبي الأمي- و ذكر الحديث إلى أن قال فيه-: «و إنما سمي الامي لأنه من أهل مكة، و مكة من أمهات القرى، و ذلك قول الله تعالى في كتابه: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها».

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 542/ 3.

1- تفسير القمّي 2: 268.

2- تفسير القمّي 2: 268.

3- بصائر الدرجات: 245/ 1.

(1) في المصدر زيادة: ألف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 805

و قد مضت الروايات في سورة الأنعام «1»، و ستأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة الجمعة «2».

9471/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أم القرى مكة، سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقها الله من الأرض، لقوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً «3».

قوله تعالى:

وَ تُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ- إلى قوله تعالى- ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ [7- 8]

9472/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني الحسين بن عبد

الله السكيني، عن أبي سعيد البجلي، عن عبد الملك بن هارون، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «لما بلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) أمر معاوية و أنه في مائة ألف، قال: من أي القوم؟ قالوا: من أهل الشام. قال (عليه السلام): لا تقولوا من أهل الشام، و لكن قولوا من أهل الشؤم، هم من أبناء مضر لعنوا على لسان داود، فجعل الله منهم القردة و الخنازير.

ثم كتب (عليه السلام) إلى معاوية: لا تقتل الناس بيني و بينك، و لكن هلم إلى المبارزة، فإن أنا قتلتك فإلى النار أنت، و تستريح الناس منك و من ضلالتك، و إن قتلتني فأنا إلى الجنة، و يغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتى أرد مكرك و خديعتك و بدعتك، و أنا الذي ذكر الله اسمي في التوراة و الإنجيل بموازرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أنا أول من بايع رسول الله (صلى الله عليه و آله) تحت الشجرة، في قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ «4».

فلما قرأ معاوية كتابه و عنده جلساؤه، قالوا: و الله لقد أنصفك. فقال معاوية: و الله ما أنصفني، و الله لأرمينه بمائة ألف سيف من أهل الشام من قبل أن يصل إلي، و الله ما أنا من رجاله، و لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: و الله يا علي، لو بارزك أهل المشرق و المغرب لتقتلهم أجمعين. فقال له رجل من القوم: فما يحملك يا معاوية، على قتال من تعلم و تخبر فيه عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما تخبر! و ما أنت و نحن

في قتاله إلا على ضلالة. فقال معاوية: إنما هذا بلاغ من الله و رسالاته، و الله ما أستطيع أنا و أصحابي رد ذلك، حتى يكون ما هو كائن.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 268.

1- تفسير القمّي 2: 268. [.....]

(1) تقدّمت الروايات في تفسير الآيتين (91، 92) من سورة الأنعام.

(2) تأتي الروايات في تفسير الآية (2) من سورة الجمعة.

(3) آل عمران 3: 96.

(4) الفتح 48: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 806

قال: و بلغ ذلك ملك الروم، و أخبر أن رجلين قد خرجا يطلبان الملك، فسأل: من أين خرجا؟ فقيل له: رجل بالكوفة و رجل بالشام. قال: فلمن الملك الآن؟ قال: فأمر وزراءه، و قال: تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي؟ فأتي برجلين من تجار الشام، و رجلين من تجار مكة، فسألهم عن صفتهما، فوصفوهما له، ثم قال لخزان بيوت خزائنه: أخرجوا إلي الأصنام. فأخرجوها، فنظر إليها، فقال: الشامي ضال، و الكوفي هاد، ثم كتب إلى معاوية: أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك و كتب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام): أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك، فأسمع منهما، ثم أنظر في الإنجيل كتابنا، ثم أخبركما من أحق بهذا الأمر و خشي على ملكه، فبعث معاوية بيزيد ابنه، و بعث أمير المؤمنين الحسن ابنه (عليهما السلام).

فلما دخل يزيد على الملك، أخذ بيده و قبلها، ثم قبل رأسه، ثم دخل الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال:

الحمد لله الذي لم يجعلني يهوديا، و لا نصرانيا، و لا مجوسيا، و لا عابدا للشمس و لا للقمر و لا لصنم و لا لبقر، و جعلني حنيفا مسلما، و لم يجعلني من المشركين، تبارك الله رب العرش العظيم، ثم جلس، لا

يرفع بصره، فلما نظر ملك الروم إلى الرجلين أخرجهما، ثم فرق بينهما، ثم بعث إلى يزيد فأحضره، ثم أخرج من خزائنه ثلاث مائة و ثلاثة عشرة صندوقا، فيها تماثيل الأنبياء (عليهم السلام)، و قد زينت بزينة كل نبي مرسل، فأخرج صنما فعرضه على يزيد فلم يعرفه، ثم عرض عليه صنما صنما فلا يعرف منها شيئا، و لا يجيب عنها بشي ء، ثم سأله عن أرزاق الخلائق، و عن أرواح المؤمنين، أين تجتمع؟ و عن أرواح الكفار، أين تكون إذا ماتوا؟ فلم يعرف من ذلك شيئا.

ثم دعا الملك الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقال: إنما بدأت بيزيد بن معاوية لكي يعلم أنك تعلم ما لا يعلم، و يعلم أبوك ما لا يعلم أبوه، فقد وصف لي أبوك و أبوه، و نظرت في الإنجيل، فرأيت فيه محمدا رسول الله، و الوزير عليا، و نظرت في الأوصياء، فرأيت فيها أباك وصي محمد رسول الله.

فقال له الحسن (عليه السلام): سلني عما بدا لك مما تجده في الإنجيل، و عما في التوراة، و عما في القرآن، أخبرك به، إن شاء الله تعالى. فدعا الملك بالأصنام، فأول صنم عرض عليه في صفة «1» القمر، فقال الحسن (عليه السلام): هذه صفة آدم أبي البشر. ثم عرض عليه آخر في صفة الشمس. فقال الحسن (عليه السلام): هذه صفة حواء أم البشر. ثم عرض عليه آخر في صفة حسنة. فقال: هذه صفة شيث بن آدم (عليه السلام)، و كان أول من بعث، و بلغ [عمره في الدنيا ألف سنة و أربعين عاما. ثم عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة نوح صاحب السفينة، و كان عمره ألفا و أربع مائة سنة، و لبث في

قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. ثم عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة إبراهيم (عليه السلام)، عريض الصدر، طويل الجبهة. ثم عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة إسرائيل و هو يعقوب. ثم عرض عليه صنم آخر، فقال: هذه صفة إسماعيل. ثم أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة يوسف بن يعقوب بن إسحاق. ثم أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة موسى بن عمران، و كان عمره مائتين و أربعين سنة،

__________________________________________________

(1) في المصدر: صورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 807

و كان بينه و بين إبراهيم خمس مائة عام، ثم أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة داود صاحب المحراب «1»، ثم أخرج إليه صنم آخر، فقال: هذه صفة شعيب. ثم زكريا، ثم يحيى، ثم عيسى بن مريم روح الله و كلمته، و كان عمره في الدنيا ثلاثة و ثلاثين سنة، ثم رفعه الله إلى السماء، و يهبط إلى الأرض بدمشق، و هو الذي يقتل الدجال.

ثم عرضت عليه صنما صنما، فيخبر باسم نبي نبي، ثم عرض عليه الأوصياء و الوزراء، فكان يخبر باسم وصي وصي، و وزير وزير. ثم عرض عليه أصنام بصفة الملوك. فقال الحسن (عليه السلام): هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة، و لا في الإنجيل، و لا في الزبور، و لا في القرآن «2»، فلعلها من صفة الملوك. فقال الملك: أشهد عليكم، يا أهل بيت محمد، أنكم قد أعطيتم علم الأولين و الآخرين، و علم التوراة، و الإنجيل، و الزبور، و صحف إبراهيم، و ألواح موسى.

ثم عرض عليه صنم يلوح، فلما رآه الحسن بكى بكاء شديدا، فقال له الملك: ما يبكيك؟ فقال: هذه صفة جدي رسول الله (صلى الله عليه

و آله)، كثيف اللحية، عريض الصدر، طويل العنق، عريض الجبهة، أقنى الأنف، أفلج «3» الأسنان، حسن الوجه قطط الشعر، طيب الريح، حسن الكلام، فصيح اللسان، كان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، بلغ عمره ثلاثا و ستين سنة، و لم يخلف بعده إلا خاتما مكتوب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، و كان يتختم بيمينه، و خلف سيف ذي الفقار، و قضيبه، و جبة صوف، و كساء صوف، و كان يتسرول به، لم يقطعه و لم يخطه حتى لحق بالله، فقال الملك: إنا نجد في الإنجيل أن يكون له ما يتصدق به على سبطيه، فهل كان ذلك؟ فقال الحسن (عليه السلام): قد كان ذلك. فقال الملك: فبقي لكم ذلك؟ فقال: لا، فقال الملك: أول فتنة هذه الامة غلبها أباكما، و هما الأول و الثاني، على ملك نبيكم، و اختيار هذه الامة على ذرية نبيهم، منكم القائم بالحق، و الآمر بالمعروف، و الناهي عن المنكر.

قال: ثم سأل الملك الحسن بن علي (عليهما السلام) عن سبعة أشياء خلقها، لم تركض في رحم. فقال الحسن (عليه السلام): أول هذه آدم، ثم حواء، ثم كبش إبراهيم، ثم ناقة صالح، ثم إبليس الملعون، ثم الحية، ثم الغراب التي ذكرها الله في القرآن.

قال: و سأله عن أرزاق الخلائق، فقال الحسن (عليه السلام): أرزاق الخلائق في السماء الرابعة، منها ينزل بقدر و يبسط بقدر.

ثم سأله عن أرواح المؤمنين أين تكون إذا ماتوا؟ قال: تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة جمعة، و هو عرش الله الأدنى، منها يبسط الله الأرض، و إليه يطويها، و منها المحشر، و منها استوى ربنا إلى السماء أي استولى على السماء و الملائكة.

ثم سأله

عن أرواح الكفار أين تجتمع؟ قال: تجتمع في وادي حضرموت، وراء مدينة اليمن، ثم يبعث الله

__________________________________________________

(1) في «ط، ي»: الحرب.

(2) في المصدر: الفرقان.

(3) في «ط، ي»: أبلج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 808

نارا من المشرق و نارا من المغرب، و يتبعهما بريحين شديدتين، فيبعث الناس عند صخرة بيت المقدس، فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة، و يزلف المتقين و تصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة، و فيها الفلق و السجين، فتفرق الخلائق عند الصخرة، فمن وجبت له الجنة دخلها، و من وجبت له النار دخلها، و ذلك قوله تعالى: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ. فلما أخبر الحسن (عليه السلام) بصفة ما عرض عليه من الأصنام و تفسير ما سأله التفت الملك إلى يزيد بن معاوية، فقال: أشعرت أن ذلك علم لا يعلمه إلا نبي مرسل أو وصي مؤازر، قد أكرمه الله بمؤازرة نبيه أو عترة نبي مصطفى، و غيره فقد طبع الله على قلبه، و آثر دنياه على آخرته، و هواه على دينه و هو من الظالمين؟ قال: فسكت يزيد و خمد.

قال: فأحسن الملك جائزة الحسن و أكرمه و قال له: ادع ربك حتى يرزقني دين نبيك، فإن حلاوة الملك قد حالت بيني و بين ذلك، فأظنه شقاء مرديا و عذابا أليما.

قال: فرجع يزيد إلى معاوية، و كتب إليه الملك كتابا: أن من آتاه الله العلم بعد نبيكم، و حكم بالتوراة و ما فيها، و الإنجيل و ما فيه، و الزبور و ما فيه، و القرآن «1» و ما فيه، فالحق و الخلافة له. و كتب إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام): أن الحق و الخلافة لك، و بيت

النبوة فيك و في ولدك، فقاتل من قاتلك، فإن من قاتلك يعذبه الله بيدك ثم يخلده نار جهنم، فإن من قاتلك نجده عندنا في الإنجيل أن عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، و عليه لعنة أهل السماوات و الأرضين».

9473/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً، قال: لو شاء الله يجعلهم كلهم معصومين مثل الملائكة بلا طباع، لقدر عليه، وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ الظَّالِمُونَ لآل محمد (صلى الله عليه و آله) حقهم ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ.

9474/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن العباس، عن حسن بن محمد، عن عباد بن يعقوب، عن عمرو بن جبير، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قوله تعالى: وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ، قال:

«الرحمة: ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ الظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ».

سورة الشوري(42): الآيات 9 الي 18..... ص : 808

قوله تعالى:

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَ هُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ- إلى قوله تعالى- أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ [9- 18]

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 272.

3- تأويل الآيات 2: 542/ 4.

(1) في المصدر: الفرقان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 809

9475/ [1]- ابن شهر آشوب: من كتاب العلوي البصري: أن جماعة من اليمن أتوا إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: نحن بقايا الملك المقدم «1» من آل نوح، و كان لنبينا وصي اسمه سام، و أخبر في كتابه، أن لكل نبي معجزة، و له وصي يقوم مقامه، فمن وصيك؟ فأشار بيده نحو علي (عليه السلام)، فقالوا: يا

محمد، إن سألناه أن يرينا سام بن نوح، فيفعل؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «نعم، بإذن الله» و قال: «يا علي، قم معهم إلى داخل المسجد فصل ركعتين، و اضرب برجلك الأرض عند المحراب».

فذهب علي، و بأيديهم صحف، إلى أن بلغ «2» محراب رسول الله (صلى الله عليه و آله) داخل المسجد، فصلى ركعتين، ثم قام فضرب برجله على الأرض فانشقت الأرض و ظهر لحد و تابوت، فقام من التابوت شيخ يتلألأ وجهه مثل القمر ليلة البدر، و ينفض التراب من رأسه، و له لحية إلى سرته، و صلى على علي (عليه السلام)، و قال: أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، سيد المرسلين، و أنك علي وصي محمد، سيد الوصيين، أنا سام بن نوح.

فنشروا أولئك صحفهم، فوجدوه كما وصفوه في الصحف، ثم قالوا: نريد أن يقرأ من صحفه سورة. فأخذ في قراءته حتى تمم السورة، ثم سلم على علي، و نام كما كان، فانضمت الأرض، و قالوا بأسرهم: إن الدين عند الله الإسلام. و آمنوا، فأنزل الله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَ هُوَ يُحْيِ الْمَوْتى إلى قوله:

أُنِيبُ.

9476/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْ ءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ يعني و ما اختلفتم فيه من المذاهب، و اخترتم لأنفسكم من الأديان، فحكم ذلك كله إلى الله يوم القيامة.

و قوله: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعني النساء وَ مِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يعني ذكورا و إناثا «3» يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ يعني النسل الذي يكون من الذكور و الإناث. ثم رد على من وصل الله فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

9477/ [3]- محمد

بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن عبد الله بن جندب، أنه كتب إليه الرضا (عليه السلام): «أما بعد، فإن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان أمين الله في خلقه، فلما قبض (صلى الله عليه و آله) كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم البلايا و المنايا، و أنساب العرب،

__________________________________________________

1- المناقب 2: 339.

2- تفسير القمّي 2: 273.

3- الكافي 1: 174/ 1. [.....]

(1) في المصدر: نحن من الملل المتقدمة.

(2) في المصدر: دخل.

(3) في المصدر: ذكرا و أنثى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 810

و مولد الإسلام، و إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و حقيقة النفاق، و إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم، أخذ الله علينا و عليهم الميثاق، يردون موردنا، و يدخلون مدخلنا، ليس على ملة الإسلام غيرنا و غيرهم.

نحن النجباء و النجاة، و نحن أفراط الأنبياء، و الأوصياء «1»، و نحن المخصوصون في كتاب الله عز و جل، و نحن أولى الناس بكتاب الله، و نحن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن الذين شرع لنا دينه، فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ يا آل محمد مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً قد وصانا بما وصى به نوحا وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى فقد علمنا و بلغنا علم ما علمنا و استودعنا علمهم، نحن ورثة أولي العزم من الرسل أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ يا آل محمد وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ و كونوا على جماعة كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ من أشرك بولاية علي ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي، إن الله

يا محمد يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».

9478/ [4]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، قال: كتب أبو الحسن الرضا (عليه السلام) رسالة [و أقرأنيها، قال : «قال علي بن الحسين (عليهما السلام): إن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان أمين الله في أرضه، فلما قبض محمد (صلى الله عليه و آله) كنا أهل البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم البلايا و المنايا، و أنساب العرب، و مولد الإسلام، و إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و حقيقة النفاق، و إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم، أخذ الله علينا و عليهم الميثاق، يردون موردنا و يدخلون مدخلنا.

نحن النجباء، و أفراطنا أفراط الأنبياء، و نحن أبناء الأوصياء، و نحن المخصوصون في كتاب الله، [و نحن أولى الناس بالله ، و نحن أولى الناس بكتاب الله، و نحن أولى الناس بدين الله، و نحن الذين شرع لنا دينه فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ يا آل محمد مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً و قد وصانا بما وصى به نوحا وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ و إسماعيل وَ مُوسى وَ عِيسى و إسحاق و يعقوب، فقد علمنا و بلغنا ما علمنا و استودعنا علمهم، و نحن ورثة الأنبياء، و نحن ورثة أولي العزم من الرسل أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ يا آل محمد وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ و كونوا على جماعة كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ [من أشرك بولاية علي (عليه السلام) ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي، إن الله يا محمد يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ

يُنِيبُ من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».

9479/ [5]- [و عنه: عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد العزيز بن المهتدي،] عن عبد الله بن جندب، عن الرضا (عليه السلام) [في حديث قال: «نحن النجباء، و نحن أفراط الأنبياء، و نحن أولاد «2» الأوصياء، و نحن

__________________________________________________

4- بصائر الدرجات: 138/ 1.

5- في المصدر: 139/ 3.

(1) في المصدر: و نحن أبناء الأوصياء.

(2) في المصدر: أبناء

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 811

المخصوصون في كتاب الله، و نحن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن الذين شرع الله لنا دينه، فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى قد علمنا و بلغنا ما علمنا و استودعنا علمهم، و نحن ورثة الأنبياء، و نحن ورثة أولي العزم من الرسل و الأنبياء أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ كما قال: وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ من أشرك بولاية علي ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي، إن اللَّهُ يا محمد يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».

9480/ [6]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): و لقد وصيناك بما وصينا به آدم و نوحا و إبراهيم و النبيين من قبلك أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من تولية «1» علي بن أبي طالب (عليه

السلام)». قال (عليه السلام): «إن الله عز و جل أخذ ميثاق كل نبي، و كل مؤمن ليؤمنن بمحمد و علي، و بكل نبي، و بالولاية، ثم قال لمحمد (صلى الله عليه و آله): أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ «2»، يعني آدم و نوحا و كل نبي بعده».

9481/ [7]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا القاسم بن محمد ابن الحسن بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري، قال: حدثنا عبد الله بن جبلة، عن عمران بن قطن، عن زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعرف الأئمة (عليهم السلام)؟ قال: «قد كان نوح (عليه السلام) يعرفهم، الشاهد على ذلك قول الله عز و جل في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى . قال: «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ يا معشر الشيعة ما وَصَّى بِهِ نُوحاً».

9482/ [8]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني، عن إدريس بن زياد الحناط، عن أحمد ابن عبد الرحمان الخراساني، عن يزيد «3» بن إبراهيم، عن أبي حبيب النباجي، عن أبي عبد الله، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال في تفسير هذه الآية: «نحن الذين شرع الله لنا دينه في كتابه، و ذلك قوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ يا آل محمد مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ يا آل محمد وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ

عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من

__________________________________________________

6- مختصر بصائر الدرجات: 63.

7- الغيبة: 113/ 6.

8- تأويل الآيات 2: 2: 543/ 5.

(1) في النسخ: قول.

(2) الأنعام 6: 90.

(3) في المصدر: بريد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 812

ولاية علي (عليه السلام) اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ أي من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».

9483/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد الله القصباني، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران، قال: كتب أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إلى عبد الله بن جندب رسالة، و أقرأنيها: «قال علي بن الحسين (عليهما السلام): [نحن أولى الناس بالله عز و جل ، و نحن أولى الناس بكتاب الله، و نحن أولى الناس بدين الله، و نحن الذين شرع الله لنا دينه، فقال في كتابه: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ يا آل محمد ما وَصَّى بِهِ نُوحاً فقد وصانا بما وصى به نوحا وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ و إسماعيل و إسحاق و يعقوب وَ مُوسى وَ عِيسى فقد علمنا و بلغنا ما علمنا و استودعنا، فنحن ورثة الأنبياء، و نحن ورثة أولي العزم من الرسل أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ يا آل محمد وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ و كونوا على جماعة كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي (عليه السلام)، إن اللَّهُ يا محمد يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».

9484/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا

إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ أي تعلموا الدين، يعني التوحيد، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و صوم شهر رمضان، و حج البيت، و السنن و الأحكام التي في الكتب، و الإقرار بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [أي لا تختلفوا فيه كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ذكر هذه الشرائع.

ثم قال: اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ أي يختار وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ و هم الأئمة الذين اجتباهم الله و اختارهم، قال: وَ ما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ قال: لم يتفرقوا بجهل، و لكنهم تفرقوا لما جاءهم العلم و عرفوه، و حسد بعضهم بعضا، و بغى بعضهم على بعض، لما رأوا من تفضيل «1» أمير المؤمنين (عليه السلام) بأمر الله، فتفرقوا في المذاهب، و أخذوا بالآراء و الأهواء.

ثم قال عز و جل: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ، قال: لو لا أن الله قدر ذلك أن يكون في التقدير الأول لقضي بينهم إذا اختلفوا، و أهلكهم و لم ينظرهم، و لكن أخرهم إلى أجل مسمى مقدر.

وَ إِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ عنى «2» الذين نقضوا أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: فَلِذلِكَ فَادْعُ يعني هذه الأمور، و الذي تقدم ذكره، و موالاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ اسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ.

9485/ [11]- علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن علي بن مهزيار، عن بعض أصحابنا، عن أبي

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 543/ 6. [.....]

10- تفسير القمّي 2: 273.

11- تفسير القمّي 2: 273.

(1)

في المصدر: تفاضل.

(2) في المصدر: كناية عن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 813

عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ، قال: «الإمام وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كناية عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قال: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من ولاية علي (عليه السلام) اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ كناية عن علي (عليه السلام) وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ، ثم قال: فَلِذلِكَ فَادْعُ يعني إلى ولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ فيه وَ قُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَ أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ إلى قوله: وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ».

9486/ [12]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان، عن الرضا (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: «كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بولاية علي ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يا محمد من ولاية علي، هكذا في الكتاب محفوظ» «1».

9487/ [13]- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم: ثم قال عز و جل: وَ الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ أي يحتجون على الله بعد ما شاء [الله أن يبعث إليهم الرسل [و الكتب ، فبعث الله إليهم الرسل و الكتب فغيروا و بدلوا، ثم يحتجون يوم القيامة على الله حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ أي باطلة عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ عَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ.

ثم قال عز و جل: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَ الْمِيزانَ «2»، قال: الميزان: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الدليل على ذلك قوله في سورة الرحمن: وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ يعني الإمام.

و قوله تعالى: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها كناية عن

القيامة فإنهم كانوا يقولون لرسول الله (صلى الله عليه و آله): أقم لنا الساعة و ائتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين، قال الله: أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ أي يخاصمون.

سورة الشوري(42): الآيات 19 الي 20 ..... ص : 813

قوله تعالى:

اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ- إلى قوله تعالى- مِنْ نَصِيبٍ [19- 20]

9488/ [1]- ابن بابويه: عن علي بن محمد، مسندا عن الرضا (عليه السلام):- في معنى بعض أسماء الله تعالى- قال (عليه السلام): «و أما اللطيف فليس على قلة و قضافة «3» و صغر، و لكن ذلك على النفاذ في الأشياء و الامتناع من أن

__________________________________________________

12- الكافي 1: 346/ 32.

13- تفسير القمّي 12: 274.

1- التوحيد: 189/ 2.

(1) في المصدر: مخطوطة.

(2) الرحمن 55: 7.

(3) القضافة: قلّة اللحم، و القضيف: الدقيق العظم، اللحم. «لسان العرب- قضف- 9: 284».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 814

يدرك، كقولك للرجل: لطف عني هذا الأمر، و لطف فلان في مذهبه، و قوله يخبرك: أنه غمض فبهر العقل، و فات الطلب، و عاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم، و كذلك لطف الله تبارك و تعالى عن أن يدرك بحد يوصف «1» و اللطافة منا الصغر و القلة، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى».

9489/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ، قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قلت: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ، فقال: «معرفة أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)». نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ

قال: «نزيده منها»، قال: «يستوفي نصيبه من دولتهم» وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ. قال: «ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب».

9490/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن بكر بن محمد الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المال و البنون حرث الدنيا، و العمل الصالح حرث الآخرة، و قد يجمعهما [الله لأقوام».

سورة الشوري(42): الآيات 21 الي 26 ..... ص : 814

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ- إلى قوله تعالى- الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ [21- 23]

9491/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: أما قوله عز و جل: وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ قال: «لو لا ما تقدم فيهم من أمر الله عز و جل ما أبقى القائم (عليه السلام) منهم واحدا».

9492/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: الكلمة: الإمام، و الدليل على ذلك قوله تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ «2» [يعني الإمامة]، ثم قال: وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ يعني الذين ظلموا هذه الكلمة

__________________________________________________

1- الكافي 1: 361/ 92.

2- تفسير القمي 2: 274.

3- الكافي 8: 287/ 432.

4- تفسير القمي 2: 274. [.....]

(1) في المصدر: بحد، أو يحد بوصف.

(2) الزخرف 43: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 815

لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ثم قال: تَرَى الظَّالِمِينَ لآل محمد حقهم، مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا، قال: خائفون مما ارتكبوا [و عملوا] وَ هُوَ واقِعٌ بِهِمْ [أي ما يخافونه .

ثم ذكر الله الذين آمنوا بالكتب

«1» و اتبعوها، فقال: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا [بهذه الكلمة] وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ [مما أمروا به .

قوله تعالى:

قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ- إلى قوله تعالى- وَ الْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ [23- 26]

9493/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلي بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى، عن زرارة، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

9494/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إسماعيل ابن عبد الخالق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لأبي جعفر الأحول، و أنا أسمع: «أتيت البصرة؟» فقال: نعم.

قال: «كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر، و دخولهم فيه؟» فقال: و الله إنهم لقليل، و قد فعلوا، و إن ذلك لقليل.

فقال: «عليك بالأحداث، فإنهم أسرع إلى كل خير».

ثم قال: «ما يقول أهل البصرة في هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » قلت:

جعلت فداك، إنهم يقولون: [إنها] لأقارب رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال: «كذبوا، إنما نزلت فينا خاصة، في أهل البيت، في علي و فاطمة و الحسن و

الحسين، أصحاب الكساء (عليهم السلام)».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 342/ 7.

2- الكافي 8: 93/ 66.

(1) في المصدر: الكلمة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 816

و رواه عبد الله بن جعفر الحميري، في (قرب الإسناد)، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن إسماعيل بن عبد الخالق، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) للأحول: «أتيت البصرة؟». و ذكر مثله إلا لفظ خاصة «1».

9495/ [3]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن أبي مسروق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: إنا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2»، فيقولون: نزلت في أمراء السرايا. فنحتج عليهم بقوله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ «3» إلى آخر الآية، فيقولون: نزلت في المؤمنين. و نحتج عليهم بقول الله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فيقولون: نزلت في قربى المسلمين. قال: فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذا و شبهه إلا ذكرته، فقال لي: «إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة».

قلت: و كيف أصنع؟ قال: «أصلح نفسك- ثلاثا، و أظنه قال:- و صم و اغتسل و ابرز أنت و هو إلى الجبان، فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه، ثم أنصفه، و أبدأ بنفسك، و قل: اللهم رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع، عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم، إن كان أبو مسروق جحد حقا و ادعى باطلا، فأنزل عليه حسبانا من السماء و «4» عذابا أليما. ثم رد الدعوة عليه، فقل: و إن كان فلان جحد حقا و ادعى باطلا، فأنزل

عليه حسبانا من السماء و «5» عذابا أليما». [ثم قال لي: «فإنك لا تلبث أن ترى ذلك [فيه ». فو الله ما وجدت خلقا يجيبني إليه.

9496/ [4]- و

عنه: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً، قال: «من تولى الأوصياء من آل محمد، و اتبع آثارهم، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين و المؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام)، و هو قول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها «6» يدخله الجنة، و هو قول الله عز و جل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ «7» يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم، تهتدون به و تنجون من عذاب يوم القيامة.

و قال لأعداء الله، أولياء الشيطان، أهل التكذيب و الإنكار:

__________________________________________________

3- الكافي 2: 372/ 1.

4- الكافي 8: 379/ 574.

(1) قرب الإسناد: 60.

(2) النساء 4: 59.

(3) المائدة 5: 55.

(4، 5) في المصدر: أو.

(6) النمل 27: 89.

(7) سبأ 34: 47.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 817

قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ «1» يقول: متكلفا أن أسألكم ما لستم بأهله. فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا؟ [فقالوا: ما أنزل الله هذا، و ما هو إلا شي ء يتقوله، يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا،] و لئن قتل محمد أو مات، لننزعنها من أهل بيته [، ثم لا

نعيدها فيهم أبدا.

و أراد الله عز ذكره أن يعلم نبيه (صلى الله عليه و آله) الذي أخفوا في صدورهم و أسروا به، فقال عز و جل في كتابه:

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ يقول: لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك و لا بمودتهم، و قد قال الله عز و جل: وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يقول: الحق لأهل بيتك الولاية إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ، يقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك، و الظلم بعدك، و هو قول الله عز و جل: وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ «2»».

و الحديث طويل، سيأتي تمامه في قول الله تعالى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى إن شاء الله تعالى «3».

9497/ [5]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً، قال: «الاقتراف:

التسليم لنا، و الصدق علينا، و ألا يكذب علينا».

9498/ [6]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً، فقال:

«الاقتراف للحسنة: هو التسليم لنا و الصدق علينا، [و ألا يكذب علينا]».

و عنه: عن يعقوب بن يزيد و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن الفضيل بن

يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله «4».

9499/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر

__________________________________________________

5- الكافي 1: 321/ 4. [.....]

6- مختصر بصائر الدرجات: 72.

7- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 233/ 1.

(1) سورة ص 38: 86.

(2) الأنبياء 21: 3.

(3) تأتي قطعة منه في الحديث (2) من تفسير الآية (1) من سورة النجم.

(4) مختصر بصائر الدرجات: 72.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 818

الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع في مجلسه جماعة من أهل العراق «1»- و ذكر الحديث و ذكر (عليه السلام) آيات الاصطفاء و هي اثنتا عشرة- قال (عليه السلام): «و السادسة: قوله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و هذه خصوصية للنبي (صلى الله عليه و آله) [إلى يوم القيامة، و خصوصية للآل دون غيرهم، و ذلك أن الله عز و جل حكى ذكر نوح في كتابه: وَ يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ «2»، و حكى عز و جل عن هود أنه قال: يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ «3»، و قال عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله):

قُلْ يا محمد لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً، و لم يفرض الله تعالى

مودتهم إلا و قد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا و لا يرجعون إلى ضلال أبدا، و أخرى أن يكون الرجل وادا للرجل، فيكون بعض أهل بيته عدوا له، فلم يسلم قلب الرجل له، فأحب الله عز و جل أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه و آله) على المؤمنين شي ء، ففرض [الله عليهم مودة ذوي القربى، فمن أخذ بها و أحب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أحب أهل بيته، لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يبغضه، و من تركها و لم يأخذ بها و أبغض أهل بيته، فعلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله تعالى، فأي فضيلة و أي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟

فأنزل الله تعالى هذه الآية على نبيه (صلى الله عليه و آله) قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أصحابه، فحمد الله و أثنى عليه، و قال: أيها الناس، إن الله عز و جل قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد، فقال: يا أيها الناس، إنه ليس بذهب و لا فضة [و لا مأكول و لا مشروب، فقالوا: هات إذن، فتلا عليهم هذه الآية، فقالوا: أما هذا فنعم. فما وفى بها أكثرهم.

و ما بعث الله عز و جل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا، لأن الله يوفي أجر الأنبياء، و محمد (صلى الله عليه و آله) فرض الله عز و جل «4» مودة قرابته على أمته، و أمره أن

يجعل أجره فيهم، ليودوه في قرابته، لمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز و جل لهم، فإن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل، فلما أوجب الله تعالى ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة، فأخذ «5» بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء، و عاند أهل الشقاق و النفاق، و ألحدوا في ذلك، فصرفوه عن حده الذي قد حده الله تعالى، فقالوا: القرابة هم العرب كلها، و أهل دعوته، فعلى أي الحالتين كان، فقد علمنا أن المودة هي للقرابة، فأقربهم من النبي (صلى الله عليه و آله) أولاهم بالمودة، و كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها.

__________________________________________________

(1) في المصدر: من علماء أهل العراق و خراسان.

(2) هود 11: 29.

(3) هود 11: 51.

(4) في المصدر زيادة: طاعته و.

(5) في المصدر: فتمسك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 819

و ما أنصفوا نبي الله (صلى الله عليه و آله) في حيطته و رأفته، و ما من الله به على أمته، مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه، أن «1» يودوه في قرابته و ذريته و أهل بيته، و أن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس، حفظا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) فيهم، و حبا لهم، و كيف و القرآن ينطق به و يدعو إليه، و الأخبار ثابته أنهم أهل المودة و الذين فرض الله تعالى مودتهم، و وعد الجزاء عليها! فما و فى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة، لقول الله عز و جل في هذه الآية: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ

عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «2» مفسرا و مبينا».

ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): «حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: اجتمع المهاجرون و الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، إن لك مؤونة في نفقتك و من يأتيك من الوفود، و هذه أموالنا مع دمائنا، فاحكم فيها مأجورا، أعط منها ما شئت [و أمسك ما شئت من غير حرج، فأنزل الله عز و جل عليه الروح الأمين، فقال: يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني [أن تودوا قرابتي من بعدي، فخرجوا.

فقال المنافقون: ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته [من بعده ، إن هو إلا شي ء افتراه في مجلسه. فكان ذلك من قولهم عظيما، فأنزل الله عز و جل: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ «3»، فبعث إليهم النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: هل من حدث؟ فقالوا: إي و الله «4»، قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه. فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) [الآية]، فبكوا و اشتد بكاؤهم، فأنزل الله عز و جل: هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ».

9500/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثني

حاجب عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة)، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال لرجل: «أما قرأت كتاب الله عز و جل؟» قال:

نعم، قال: «قرأت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؟ قال: بلى. قال: «فنحن أولئك».

9501/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، عن أبي محمد إسماعيل بن

__________________________________________________

8- أمالي الصدوق: 141/ 3.

9- تأويل الآيات 2: 2: 545/ 8.

(1) في المصدر زيادة: لا. [.....]

(2) الشورى 42: 22، 23.

(3) الأحقاف 46: 8.

(4) في المصدر زيادة: يا رسول اللّه، لقد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 820

محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد، قال: حدثني عمي علي بن جعفر، عن الحسين بن زيد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: خطب الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) حين قتل علي (عليه السلام)، ثم قال: «و إنا من أهل بيت افترض الله مودتهم على كل مسلم حيث يقول: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت».

9502/ [10]- و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن محمد بن عبد الله الخثعمي، عن الهيثم بن عدي، عن سعيد بن صفوان، عن عبد الملك بن عمير، عن الحسين بن علي (صلوات الله عليهما)، في قوله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال: «و إن القرابة التي أمرا لله بصلتها، و عظم من حقها، و جعل الخير فيها قرابتنا أهل البيت الذي أوجب الله حقنا على كل مسلم».

9503/ [11]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن

الحسن بن علي الخزاز، عن مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال: «هم الأئمة الذين لا يأكلون الصدقة و لا تحل لهم».

9504/ [12]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده، عن هارون بن مسلم، قال: حدثني مسعدة بن صدقة، قال:

حدثني جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام): «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى قد فرض لي عليكم فرضا، فهل أنتم مؤدوه؟ قال: فلم يجبه أحد منهم، فانصرف. فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك، ثم قام فيهم، و قال [مثل ذلك في اليوم الثالث، فلم يتكلم أحد، فقال: أيها الناس، إنه ليس من ذهب و لا فضة و لا مطعم و لا مشرب. قالوا: فألقه إذن. قال: إن الله تبارك و تعالى أنزل علي قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا: أما هذه فنعم».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فو الله ما وفى بها إلا سبعة نفر: سلمان، و أبو ذر، و عمار، و المقداد بن الأسود الكندي، و جابر بن عبد الله الأنصاري، و مولى لرسول الله (صلى الله عليه و آله) يقال له الثبيت «1»، و زيد بن أرقم».

و رواه المفيد في (الاختصاص) قال: حدثني جعفر بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن

أبي الحسن الليثي، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، و ذكر الحديث «2».

9505/ [13]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 2: 545/ 9.

11- المحاسن: 145/ 48.

12- قرب الإسناد: 38.

13- تفسير القمّي 2: 275.

(1) في المصدر: الثبت، و في الاختصاص: شبيب.

(2) الاختصاص: 63.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 821

مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى

«يعني في أهل بيته» قال: «جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: إنا قد آوينا و نصرنا، فخذ طائفة من أموالنا، استعن بها على ما نابك. فأنزل الله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً يعني على النبوة إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى أي في أهل بيته».

ثم قال: «ألا ترى أن الرجل يكون له صديق، و في [نفس ذلك [الرجل شي ء على أهل بيته فلم يسلم صدره، فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله (صلى الله عليه و آله) شي ء على أمته، ففرض عليهم المودة [في القربى ، فإن أخذوا أخذوا مفروضا، و إن تركوا تركوا مفروضا».

قال: «فانصرفوا من عنده و بعضهم يقول: عرضنا عليه أموالنا، فقال: قاتلوا عن أهل بيتي [من بعدي و قالت طائفة: ما قال هذا رسول الله. و جحدوه، و قالوا كما حكى الله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً. فقال الله:

فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ قال: لو افتريت وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ يعني يبطله وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يعني بالأئمة و القائم من آل محمد إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ثم

قال: وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ إلى قوله وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ يعني الذين قالوا: القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله).

ثم قال: وَ الْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ، و قال أيضا: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:

أجر النبوة أن لا تؤذوهم و لا تقطعوهم «1» و لا تبغضوهم، و تصلوهم، و لا تنقضوا العهد فيهم، لقوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ «2»».

قال: «جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: إنا قد نصرنا و فعلنا فخذ من أموالنا ما شئت، فأنزل الله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني في أهل بيته، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ذلك: من حبس أجيرا أجره فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا، و هو محبة آل محمد».

ثم قال: «وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً و هي [إقرار] الإمامة لهم، و الإحسان إليهم، و برهم وصلتهم نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً أي نكافئ على ذلك بالإحسان».

9506/ [14]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، عن الحسن (عليه السلام)، في خطبة له، قال: «فيما أنزل الله على محمد (صلى الله عليه و آله): قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً و اقتراف الحسنة مودتنا».

9507/ [15]- الطبرسي: ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره، قال: حدثني عثمان بن عمير، عن سعيد بن جبير،

__________________________________________________

14- الأمالي 2: 276.

15- مجمع البيان 9: 44.

(1) في المصدر: و لا تغصبوهم.

(2) الرعد 13: 21.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 4، ص: 822

عن عبد الله بن عباس، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين قدم المدينة و استحكم الإسلام، قالت الأنصار فيما بينها: نأتي رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنقول له: إن تعرك أمور، فهذه أموالنا تحكم فيها من غير حرج و لا محظور [عليك . فأتوه في ذلك، فنزلت: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقرأها عليهم، و قال:

«تودون قرابتي من بعدي». فخرجوا من عنده مسلمين لقوله، فقال المنافقون: إن هذا لشي ء افتراه في مجلسه، و أراد أن يذللنا لقرابته من بعده. فنزلت أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فأرسل إليهم فتلا عليهم، فبكوا و اشتد عليهم، فأنزل الله: وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ الآية، فأرسل في أثرهم فبشرهم، و قال: وَ يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا و هم الذين سلموا لقوله.

9508/ [16]- ثم قال الطبرسي: و ذكر أبو حمزة الثمالي، عن السدي، أنه قال: اقتراف الحسنة: المودة لآل محمد (عليهم السلام).

9509/ [17]- قال: و صح عن الحسن بن علي (عليهما السلام)، أنه خطب الناس فقال في خطبته: «إنا من [أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت».

9510/ [18]- و

روى إسماعيل بن عبد الخالق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «إنها نزلت فينا أهل البيت، أصحاب الكساء».

9511/ [19]- و

قال أيضا في معنى الآية: إن معناه أن تودوا قرابتي و عترتي، و تحفظوني فيهم. عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، و سعيد بن جبير، و عمرو

بن شعيب [و جماعة]، و هو المروي، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

9512/ [20]- ثم

قال: و أخبرنا السيد أبو جعفر مهدي بن نزار الحسيني، قال: أخبرنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني، قال: حدثنا القاضي أبو بكر الحيري، قال: أخبرنا أبو العباس الضبعي، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن زياد السري، قال: أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: أخبرنا حسين الأشقر، قال: أخبرنا قيس عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً الآية، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال: «علي و فاطمة و ولدها» «1».

__________________________________________________

16- مجمع البيان 9: 44. [.....]

17- مجمع البيان 9: 44، مستدرك الحاكم 3: 172، الصواعق المحرقة: 170.

18- مجمع البيان 9: 44.

19- مجمع البيان 9: 43.

20- مجمع البيان 9: 43، الصواعق المحرقة: 170.

(1) في المجمع: و ولدهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 823

9513/ [21]- ثم

قال: و أخبرنا السيد أبو جعفر، قال: أخبرنا الحاكم أبو القاسم بالإسناد المذكور في كتاب (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) مرفوعا إلى أبي أمامة الباهلي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى، و خلقت أنا و علي من شجرة واحدة، فأنا أصلها، و علي فرعها، [و فاطمة لقاحها]، و الحسن و الحسين ثمارها، و أشياعنا أوراقها، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، و من زاغ عنها هوى، و لو أن عبدا عبد الله بين الصفا و المروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي، ثم لم يدرك محبتنا، أكبه الله على منخريه في النار. ثم تلا قُلْ لا

أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى .

9514/ [22]- قال: و روى زاذان، عن علي (عليه السلام)، قال: «فينا في آل حم «1» آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن»

ثم قرأ هذه الآية.

9515/ [23]- و

من طريق المخالفين: ما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه أحمد بن حنبل في مسنده، قال: و فيما كتب إلينا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، يذكر أن حرب بن الحسن الطحان حدثه قال: حدثنا حسين الأشقر، عن قيس، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: لما نزلت: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال:

«علي و فاطمة و ابناهما (عليهم السلام)».

9516/ [24]- و من (صحيح البخاري): في الجزء السادس في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الملك ابن ميسرة، [قال : سمعت طاوسا، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، أنه سئل عن قوله تعالى: إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقال: سعيد بن جبير: قربى آل محمد (صلوات الله عليهم)، الحديث.

9517/ [25]- الثعالبي قال: أنبأني عقيل بن محمد، قال: أخبرنا المعافى بن المبتلى، حدثنا محمد بن جرير، حدثني محمد بن عمارة، حدثني إسماعيل بن أبان، حدثنا الصباح بن يحيى المزني، عن السدي، عن أبي الديلم، قال: لما جي ء بعلي بن الحسين (صلوات الله عليهما) أسيرا قائما على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام، فقال: الحمد لله الذي قتلكم، و استأصل شأفتكم، و قطع قرن الفتنة. فقال

له علي بن الحسين (صلوات الله عليهما): «أقرأت القرآن؟» قال: نعم. قال: «قرأت آل حم». قال: قرأت القرآن، و لم أقرأ آل حم. قال: «قرأت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ».

__________________________________________________

21- مجمع البيان 9: 43، شواهد التنزيل 2: 140/ 137، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر 1: 148/ 182 و 183، كفاية الطالب:

317.

22- مجمع البيان 9: 43 ..

23- فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 669/ 1141، العمدة 47: 34.

24- صحيح البخاري 6: 231/ 314.

25- ...، تفسير الطبري 25: 16، العمدة: 51/ 46.

(1) في «ط»: فينا نزل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 824

قال: لأنتم هم؟ قال: «نعم».

9518/ [26]- مسلم في (صحيحه): في الجزء الخامس، في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال: و سئل ابن عباس، عن هذه الآية، فقال: قربى آل محمد (صلى الله عليه و آله).

و رواه في (الجمع بين الصحاح الستة) في الجزء الثاني من أجزاء أربعة، في تفسير سورة حم من عدة طرق.

9519/ [27]- و

روى الثعلبي في تفسير هذه الآية تعيين آل محمد، من عدة طرق، فمنها: عن أم سلمة، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال لفاطمة (عليها السلام): «ائتيني بزوجك و ابنيك». فأتت بهم، فألقى عليهم كساء، ثم رفع يده عليهم، فقال: «اللهم هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك و بركاتك على آل محمد، فإنك حميد مجيد». قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل بينهم، فاجتذبه و قال: «إنك لعلى خير».

9520/ [28]- موفق بن أحمد: عن مقاتل و الكعبي، لما نزلت هذه الآية: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا «1»: هل

رأيتم أعجب من هذا، يسفه أحلامنا، و يشتم آلهتنا، و يروم قتلنا، و يطمع أن نحبه [أو نحب قرباه ؟ فنزل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ «2»، أي ليس لي في ذلك أجر، لأن منفعة المودة تعود إليكم، و هو ثواب الله تعالى و رضاه.

9521/ [29]- علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني، في (مقاتل الطالبيين)، قال: قال الحسن (عليه السلام) في خطبة له بعد موت أبيه: «أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله عز و جل بإذنه، و أنا ابن السراج المنير، و أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و الذين افترض مودتهم في كتابه إذ يقول: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فالحسنة «3» مودتنا أهل البيت».

9522/ [30]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ، قال: «هو المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب، فيقول له الملك:

آمين و يقول الله العزيز الجبار: و لك مثل ما سألت، و قد أعطيت ما سألت لحبك إياه».

__________________________________________________

26- ...، العمدة: 49/ 40، الطرائف: 112/ 169.

27- ...، الطرائف: 113/ 170.

28- مناقب الخوارزمي: 194. [.....]

29- مقاتل الطالبيين: 33، مستدرك الحاكم 3: 172، ذخائر العقبى: 138.

30- الكافي 2: 368/ 3.

(1) في المصدر: فقال ناس من المنافقين.

(2) سبأ 34: 47.

(3) في المصدر: فاقتراف الحسنة.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 4، ص: 825

سورة الشوري(42): آية 27 ..... ص : 825

قوله تعالى:

وَ لَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ [27] 9523/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ لَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ

قال: قال الصادق (عليه السلام): «لو فعل لفعلوا، و لكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض و استعبدهم بذلك، و لو جعلهم كلهم أغنياء لبغوا في الأرض وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ مما يعلم أنه يصلحهم في دينهم و دنياهم إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ».

9524/ [2]- ابن بابويه: عن علي بن محمد، مسندا، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «و أما الخبير فهو الذي لا يعزب عنه شي ء، و لا يفوته شي ء، ليس للتجربة و لا للاعتبار بالأشياء. فعند التجربة و الاعتبار علمان، و لو لا هما ما علم لأن كل من كان كذلك كان جاهلا، و الله لم يزل خبيرا بما يخلق، و الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم، و قد جمعنا الاسم و اختلف المعنى، و البصير لا بخرت كما أننا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره، و لكن الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه، فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى».

سورة الشوري(42): آية 28 ..... ص : 825

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ [28]

9525/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن العرزمي، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: سئل عن السحاب، أين يكون؟ قال: «يكون على شجر كثيف على ساحل البحر يأوي إليه، فإذا أراد الله أن يرسله أرسل ريحا فأثاره، و وكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق، و هو البرق، فيرتفع».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 276.

2-

عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 148/ 50.

3- تفسير القمّي 2: 276.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 826

سورة الشوري(42): آية 30 ..... ص : 826

قوله تعالى:

وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [30]

9526/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [قال:] «أما إنه ليس من عرق يضرب، و لا نكبة و لا صداع و لا مرض إلا بذنب، و ذلك قول الله عز و جل في كتابه: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ، قال: و ما يعفو الله أكثر مما يؤآخذ به».

9527/ [2]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، قال: فقال هو: وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ. قال: قلت: ليس هذا أردت، أ رأيت ما أصاب عليا (عليه السلام) و أشباهه و أهل بيته (عليهم السلام) من ذلك؟

فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله في كل يوم سبعين مرة من غير ذنب».

9528/ [3]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ، أ رأيت ما أصاب عليا (عليه السلام) و أهل بيته

(عليهم السلام) من بعده، أهو بما كسبت أيديهم، و هم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله و يستغفره في كل يوم و ليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها» «1».

و رواه ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثله «2».

9529/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، رفعه، قال: لما حمل علي بن الحسين (عليهما السلام) إلى يزيد بن معاوية، فأوقف بين يديه، قال يزيد (لعنه الله): وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ. فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): «ليست هذه الآية فينا، إن فينا قول الله عز و جل: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» «3».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 207/ 3.

2- الكافي 2: 325/ 1.

3- الكافي 2: 326/ 2.

4- الكافي 2: 326/ 3.

(1) في المصدر زيادة: من غير ذنب.

(2) معاني الأخبار: 383/ 15. [.....]

(3) الحديد 57: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 827

9530/ [5]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ: «ليس من

التواء عرق، و لا نكبة حجر، و لا عثرة قدم، و لا خدش عود إلا بذنب، و لما يعفو الله عز و جل أكثر، و من عجل الله عقوبة ذنبه في الدنيا، فإن الله عز و جل أجل و أعظم من أن يعود في عقوبته في الآخرة».

9531/ [6]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده، عن محمد بن الوليد، عن عبد الله بن بكير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) [عن قول الله عز و جل : وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، قال: فقال هو:

وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ. قال: قلت له: ما أصاب عليا (عليه السلام) و أشباهه من أهل بيته، من ذلك؟ قال: فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله عز و جل كل يوم سبعين مرة من غير ذنب».

9532/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، [قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)] عن قول الله عز و جل: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ، قال:

أ رأيت ما أصاب عليا (عليه السلام) و أهل بيته، هو بما كسبت أيديهم، و هم أهل طهارة معصومون؟ قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله و يستغفره في كل يوم و ليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه، بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب».

9533/ [8]- و

قال الصادق (عليه السلام): «لما أدخل علي بن الحسين (عليهما السلام) على يزيد نظر إليه، ثم قال له: يا علي وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ. فقال علي

بن الحسين (عليهما السلام): كلا، ما هذه فينا، إنما نزلت فينا: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «1» فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا من أمر الدنيا، و لا نفرح بما أوتينا».

9534/ [9]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «سمعته يقول: إني أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم أن يعيه» ثم أقبل علينا، فقال: «ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا و عفا عنه «2» إلا كان الله أجل «3» و أمجد و أجود [من أن يعود

__________________________________________________

5- الكافي 2: 323/ 6.

6- قرب الإسناد: 79.

7- تفسير القمّي 2: 277.

8- تفسير القمّي 2: 277.

9- تفسير القمّي 2: 276.

(1) الحديد 57: 22، 23.

(2) (و عفا عنه) ليس في المصدر.

(3) في المصدر: أحلم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 828

في عقوبته يوم القيامة، و ما ستر الله على عبد مؤمن في هذه الدنيا و عفا عنه إلا كان الله أجود و أمجد و أكرم من أن يعود في عقوبته يوم القيامة». ثم قال: «و قد يبتلي الله المؤمن بالبلية في بدنه أو ماله «1» أو أهله». ثم تلا هذه الآية وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ و حثا بيده ثلاث مرات.

سورة الشوري(42): آية 37 ..... ص : 828

قوله تعالى:

وَ إِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [37]

9535/ [1]- قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «من كظم غيظا، و هو يقدر على إمضائه، حشا الله قلبه

أمنا و إيمانا يوم القيامة». قال: «و من ملك نفسه إذا رغب و إذا رهب و إذا غضب، حرم الله جسده على النار».

9536/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن غالب ابن عثمان، عن عبد الله بن منذر، عن الوصافي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من كظم غيظا و هو يقدر على إمضائه، حشا الله قلبه أمنا و إيمانا يوم القيامة».

سورة الشوري(42): الآيات 38 الي 40 ..... ص : 828

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ- إلى قوله تعالى- فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [38- 40] 9537/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ، قال: في إقامة الإمام وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ أي يقبلون ما أمروا به و يشاورون الإمام فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم كما قال الله تعالى: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ «2».

و أما قوله تعالى: وَ الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ يعني إذا بغي عليهم هم ينتصرون، و هي رخصة «3» صاحبها فيها بالخيار، إن شاء فعل، و إن شاء ترك، ثم جزى ذلك، فقال تعالى: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 277.

2- الكافي 2: 90/ 7.

3- تفسير القمي 2: 277.

(1) في المصدر زيادة: أو ولده.

(2) النساء 4: 83. [.....]

(3) في المصدر: الرخصة التي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 829

أي لا يتعدى و لا يجازي بأكثر مما فعل [به «1»، ثم قال تعالى: فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ.

سورة الشوري(42): الآيات 41 الي 46 ..... ص : 829

قوله تعالى:

وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ- إلى قوله تعالى- فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ [41- 46]

9538/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال الأحمسي، عن الحسن بن وهب، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ، قال: «ذلك القائم (عليه السلام)، إذا قام انتصر من بني امية و من المكذبين و النصاب».

9539/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد

بن خالد، عن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قرأ:

«وَ تَرَى الظَّالِمِينَ آل محمد حقهم لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ و علي هو العذاب يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ يعني أنه سبب العذاب، لأنه قسيم الجنة و النار».

9540/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن البرقي، عن محمد بن أسلم، عن أيوب البزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل:

خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ يعني [إلى القائم (عليه السلام)».

9541/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ تَرَى الظَّالِمِينَ لآل محمد حقهم لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ أي إلى الدنيا.

9542/ [5]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ يعني القائم (عليه السلام) و أصحابه فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ و القائم إذا قام

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 549/ 18.

2- تأويل الآيات 2: 550/ 19.

3- تأويل الآيات 2: 550/ 20.

4- تفسير القمّي 1: 277.

5- تفسير القمّي 2: 278.

(1) في المصدر: لا تعتدي و لا تجازي بأكثر ممّا فعل بك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 830

انتصر من بني امية و من المكذبين و النصاب هو و أصحابه، و هو قول الله تبارك و تعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».

ثم قال أيضا:

«قوله تعالى: وَ تَرَى الظَّالِمِينَ لآل محمد حقهم لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ و علي (عليه السلام) هو العذاب في هذا الوجه يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ فنوالي عليا (عليه السلام) وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ لعلي يَنْظُرُونَ إلى علي مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَ قالَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني آل محمد و شيعتهم إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ لآل محمد حقهم فِي عَذابٍ مُقِيمٍ، قال: و الله يعني النصاب الذين نصبوا العداوة لأمير المؤمنين و ذريته (عليهم السلام) و المكذبين وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ».

سورة الشوري(42): الآيات 49 الي 50 ..... ص : 830

قوله تعالى:

يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً [49- 50]

9543/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً: «يعني ليس معهن ذكر وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ يعني ليس معهم أنثى أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً أي يهب لمن يشاء ذكرانا و إناثا «1» جميعا، يجمع له البنين و البنات، أي يهبهم جميعا لواحد».

9544/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن المحمودي، و محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن محمد بن سعيد، أن يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد، عن مسائل و فيها: أخبرنا عن قول الله عز و جل: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً، فهل يزوج الله عباده الذكران، و قد عاقب قوما فعلوا ذلك؟ فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري (عليه السلام)، و كان من جواب أبي الحسن (عليه السلام): «أما

قوله تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً، فإن الله تبارك و تعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور العين، و إناث المطيعات من النساء «2» من ذكران المطيعين، و معاذ الله أن يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلبا للرخصة لارتكاب المآثم وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «3» أي إن لم يتب».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 278.

2- تفسير القمّي 2: 278.

(1) (أي يهب لمن يشاء ذكرانا و إناثا) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: الإنس.

(3) الفرقان 25: 68، 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 831

9545/ [3]- قلت: الحديث

ذكره الشيخ المفيد في كتاب (الإختصاص): [يرويه محمد بن عيسى بن عبيد البغدادي، عن موسى بن محمد بن علي بن موسى، سأله ببغداد في دار القطن، قال: قال موسى لأخيه أبي الحسن العسكري (عليه السلام): كتب إلي يحيى بن أكثم، يسألني عن عشر مسائل [أو تسعة، فدخلت على أخي، فقلت له: جعلت فداك إن ابن أكثم كتب إلي يسألني، عن مسائل افتيه فيها. فضحك، ثم قال: «فهل أفتيته»؟ قلت:

لا. قال: «و لم؟» قلت: لم أعرفها. قال: «و ما هي؟» قلت: كتب إلي: أخبرني عن قول الله عز و جل: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ «1»، أ نبي الله عز و جل كان محتاجا إلى علم آصف؟

و أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً «2»، أسجد يعقوب و ولده ليوسف و هم أنبياء؟

و أخبرني عن قول الله عز و جل: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ

الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ «3»، من المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أليس قد شك فيما أنزل [إليه ؟ و إن كان المخاطب به غيره، فعلى غيره إذن أنزل القرآن.

و أخبرني عن قول الله تعالى: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ «4»، ما هذه الأبحر و أين هي؟

و أخبرني عن قول الله تعالى: وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ «5»، فاشتهت نفس آدم البر فأكل و أطعم، فكيف عوقبا فيها [على ما تشتهي الأنفس ؟

و أخبرني عن قول الله تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً، فهل زوج الله عباده الذكران، و قد عاقب الله قوما فعلوا ذلك؟

و أخبرني عن شهادة المرأة جازت وحدها، و قد قال الله عز و جل: وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ «6»؟

و أخبرني عن الخنثى و قول علي فيها: تورث الخنثى من المبال «7»، من ينظر إذا بال؟ و شهادة الجار لنفسه لا تقبل، مع أنه عسى أن يكون رجلا و قد نظر إليه النساء، و هذا ما لا يحل فكيف هذا؟

و أخبرني عن رجل أتى قطيع غنم، فرأى الراعي ينزو على شاة منها، فلما بصر بصاحبها خلى سبيلها،

__________________________________________________

3- الإختصاص: 91.

(1) النمل 27: 40. [.....]

(2) يوسف 12: 100.

(3) يونس 10: 94.

(4) لقمان 31: 27.

(5) الزخرف 43: 71.

(6) الطلاق 65 2.

(7) المبال: مخرج البول. «المعجم الوسيط 1: 77».

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 832

فانسابت بين الغنم، لا يعرف الراعي أيها كانت، و لا يعرف صاحبها أيها يذبح؟

و أخبرني عن قول علي لابن جرموز: بشر قاتل ابن صفية بالنار. فلم لم يقتله

و هو إمام، و من ترك حدا من حدود الله فقد كفر إلا من علة؟

و أخبرني عن صلاة الفجر، لم يجهر فيها بالقراءة و هي من صلاة النهار، و إنما يجهر في صلاة الليل؟

و أخبرني عنه لم قتل أهل صفين و أمر بذلك مقبلين و مدبرين، و أجهز «1» على جريحهم، و يوم الجمل غير حكمه، لم يقتل من جريحهم، و لا من دخل دار، و لم يجهز «2» على جريحهم، و لم يأمر بذلك، و من ألقى سيفه آمنه، لم فعل ذلك؟ فإن كان الأول صوابا، كان الثاني خطأ.

فقال (عليه السلام): «اكتب». قلت: و ما أكتب؟ قال: «أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، و أنت فألهمك الله الرشد، ألقاني كتابك بما امتحنتنا به من تعنتك، لتجد إلى الطعن سبيلا إن قصرنا فيها، و الله يكافئك على نيتك، فقد شرحنا مسائلك، فأصغ إليها سمعك، و ذلل لها فهمك، و اشغل بها قلبك، فقد ألزمتك الحجة و السلام.

سألت عن قول الله عز و جل في كتابه: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ، فهو آصف بن برخيا، و لم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف، و لكن أحب أن يعرف أمته من الجن و الإنس أنه الحجة من بعده، و ذلك من علم سليمان، أودعه آصف بأمر الله، ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته و دلالته، كما فهم سليمان في حياة داود لتعرف إمامته و نبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق.

و أما سجود يعقوب و ولده، فإن السجود لم يكن ليوسف، كما أن السجود من الملائكة لم يكن لآدم، و إنما كان منهم طاعة لله و تحية لآدم، فسجد يعقوب و ولده شكرا لله باجتماع شملهم،

أ لم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ «3» إلى آخر الآية.

و أما قوله تعالى: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ، فإن المخاطب في ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يكن في شك مما أنزل إليه، و لكن قالت الجهلة: كيف لم يبعث الله نبيا من ملائكته؟ أم كيف لم يفرق بينه و بين خلقه بالاستغناء عن المأكل و المشرب و المشي في الأسواق؟ فأوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه و آله): فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ تفحص بمحضر من الجهلة، هل بعث الله رسولا قبلك إلا و هو يأكل و يشرب، و يمشي في الأسواق، و لك بهم أسوة، و إنما قال: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ، و لم يكن، و لكن للنصفة، كما قال تعالى: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ «4»، و لو قال: نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونا يجوزان للمباهلة.

و قد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالته و ما هو من الكاذبين، و كذلك عرف النبي (صلى الله عليه و آله) أنه صادق فيما يقول

__________________________________________________

(1) في المصدر: أجاز.

(2) في المصدر: يجز.

(3) يوسف 12: 101.

(4) آل عمران 3: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 833

و لكن أحب أن ينصفهم من نفسه.

و أما قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ، فهو كذلك، لو أن أشجار الدنيا

أقلام، و البحر مداد، يمده سبعة أبحر حتى فجرت الأرض عيونا، فغرق أصحاب الطوفان «1»، لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله عز و جل، و هي عين الكبريت، و عين اليمن، و عين برهوت، و عين الطبرية، و حمة ما سبذان و تدعى المنيات، و حمة إفريقية و تدعى بسلان، و عين باحروان «2».

و نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا و لا تستقصى.

و أما الجنة ففيها من المأكل و المشرب و الملاهي و الملابس ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين، و أباح الله ذلك كله لآدم، و الشجرة التي نهى الله عنها آدم و زوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد، عهد إليهما أن لا ينظرا إلى من فضل الله عليهما و على كل خلائقه بعين الحسد، فنسي و نظر بعين الحسد، و لم يجد له عزما.

و أما قوله تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً، فإن الله تبارك و تعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور، و معاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبست على نفسك، تطلب الرخص لارتكاب المآثم وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «3» إن لم يتب.

و أما قول علي (عليه السلام): بشر قاتل ابن صفية بالنار، لقول رسول الله (صلى الله عليه و آله) له: بشره بالنار، و كان ممن خرج يوم النهروان، و لم يقتله أمير المؤمنين (عليه السلام) بالبصرة، لأنه علم أنه يقتل في فتنة النهروان.

و أما قولك: علي (عليه السلام) قتل أهل صفين مقبلين و مدبرين و أجاز على جريحهم، و يوم الجمل لم يتبع موليا، و لم يجهز على جريح، و من ألقى سيفه آمنه، و من دخل

داره آمنه، فإن أهل الجمل قتل إمامهم و لم يكن [لهم فئة يرجعون إليها، و إنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين و لا محتالين و لا متجسسين و لا منابزين، و قد رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم رفع السيف عنهم و الكف عنهم إذا لم يطلبوا عليه أعوانا. و أهل صفين يرجعون إلى فئة مستعدة، و إمام لهم منتصب يجمع لهم السلاح من الدروع و الرماح و السيوف، و يستعد لهم العطاء، و يهي ء لهم الأنزال «4»، و يتفقد جريحهم، و يجبر كسيرهم، و يداوي جريحهم، و يحمل رجلتهم، و يكسو حاسرهم، و يردهم فيرجعون إلى محاربتهم و قتالهم، لا يساوى بين الفريقين [في الحكم ، و لو لا علي (عليه السلام) و حكمه لأهل صفين و الجمل لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد، لكنه شرح ذلك لهم، فمن رغب عنه يعرض على السيف أو يتوب عن ذلك.

و أما شهادة المرأة التي جازت وحدها، فهي القابلة، جائز شهادتها مع الرضا، و إن لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين تقوم مع المرأة مقام الرجل للضرورة، لأن الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامهما، فإن كانت وحدها قبل مع

__________________________________________________

(1) في البحار 50: 166: كما انفجرت في الطوفان.

(2) في المصدر زيادة: و بحر بحر.

(3) الفرقان 25: 68 و 69.

(4) أي الأرزاق. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 834

يمينها.

و أما قول علي (عليه السلام) في الخنثى: إنه يورث من المبال فهو كما قال، و ينظر إليه قوم عدول، فيأخذ كل واحد منهم مرآة، فيقوم الخنثى خلفهم عريانا، و ينظرون في المرآة، فيرون الشبح، فيحكمون عليه.

و أما الرجل الذي قد نظر إلى الراعي قد نزا على شاة،

فإن عرفها ذبحها و أحرقها، و إن لم يكن يعرفها قسمها بنصفين و ساهم بينهما، فإن وقع السهم على أحد النصفين فقد نجا الآخر، ثم يفرق الذي وقع فيه السهم بنصفين و يقرع بينهما بسهم، فإن وقع على أحد النصفين نجا النصف الآخر، فلا يزال كذلك حتى يبقى اثنتان فيقرع بينهما، فأيهما وقع السهم لها تذبح و تحرق، و قد نجت سائرها.

و أما صلاة الفجر و الجهر بالقراءة، لأن النبي (صلى الله عليه و آله) كان يغلس بها، فقراءتها من الليل. و قد أنبأتك بجميع ما سألتنا، فاعلم ذلك تولى الله حفظك، و الحمد لله رب العالمين».

سورة الشوري(42): آية 51 ..... ص : 834

قوله تعالى:

وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [51]

9546/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله ابن حبيب، قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر، قال: حدثني محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب الجنديسابوري، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن زيد «1»، عن عبيد الله بن عبيد، عن أبي معمر السعداني: أن رجلا أتى أمير المؤمنين (عليه السلام)- و ذكر حديث الشاك إلى أن قال- فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) له: «و أما قوله تعالى: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، ما ينبغي لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا، و ليس بكائن إلا من وراء حجاب، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء [كذلك قال الله تبارك و تعالى علوا كبيرا، قد كان الرسول يوحى إليه من رسل

السماء، فيبلغ رسل السماء رسل الأرض، و قد كان الكلام بين رسل الأرض و بينه من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل السماء.

و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، هل رأيت ربك؟ فقال (عليه السلام): إن ربي لا يرى. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أين تأخذ الوحي؟ فقال: آخذه من إسرافيل. فقال: و [من أين يأخذه إسرافيل؟ قال: يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين. فقال: فمن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال: يقذف في قلبه قذفا. فهذا وحي، و هو كلام

__________________________________________________

1- التوحيد: 264/ 5.

(1) في المصدر: يزيد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 835

الله عز و جل، و كلام الله ليس بنحو واحد، منه ما كلم الله به الرسل، و منه ما قذفه في قلوبهم، و منه رؤيا يريها الرسل، و منه وحي و تنزيل يتلى و يقرأ، فهو كلام الله، فاكتف بما وصفت لك من كلام الله، فإن معنى كلام الله ليس بنحو واحد، فإن منه ما يبلغ رسل السماء رسل الأرض». فقال: فرجت عني فرج الله عنك «1».

9547/ [2]- سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سنان، و غيره، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لقد أسرى بي ربي عز و جل، و أوحى إلي من وراء حجاب ما أوحى، و كلمني بما كلمني «2»، و كان مما كلمني به أن قال: يا محمد، [إني أنا الله لا إله إلا أنا [عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم، إني أنا الله

لا إله إلا أنا الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، إني أنا الله لا إله إلا أنا] الخالق البارئ المصور، لي الأسماء الحسنى، يسبح لي ما في السماوات و ما في الأرض، و أنا العزيز الحكيم.

يا محمد، إني أنا الله لا إله إلا أنا الأول فلا شي ء قبلي، و أنا الآخر فلا شي ء، بعدي، و أنا الظاهر فلا شي ء فوقي، و أنا الباطن فلا شي ء دوني، و أنا الله لا إله إلا أنا بكل شي ء عليم.

يا محمد، علي أول من آخذ ميثاقه من الأئمة. يا محمد، علي آخر من أقبض روحه من الأئمة، و هو الدابة التي تكلم الناس «3». يا محمد، علي أظهره على جميع ما أوحيه إليك، ليس لك أن تكتم منه شيئا. يا محمد، أبطنه الذي أسررته إليك، فليس فيما بيني و بينك سر دونه. يا محمد، علي ما خلقت من حرام و حلال عليم به».

9548/ [3]- المفيد: في حديث مسائل عبد الله بن سلام لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال له: يا محمد، فأخبرني، كلمك الله قبلا؟ قال: «ما لعبد أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب». قال: صدقت يا محمد.

9549/ [4]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: وحي مشافهة منه، و وحي إلهام، و هو الذي يقع في القلب أو من وراء حجاب، كما كلم الله نبيه (صلى الله عليه و آله) و كما كلم الله موسى (عليه السلام) من النار، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء، قال: وحي مشافهة يعني إلى الناس.

سورة الشوري(42): الآيات 52 الي 53 ..... ص : 835

قوله تعالى:

وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا

__________________________________________________

2-

مختصر بصائر الدرجات: 36.

3- الاختصاص: 43.

4- تفسير القمّي 2: 279.

(1) في المصدر زيادة: و حللت عني عقدة، فعظم اللّه أجرك يا أمير المؤمنين.

(2) في المصدر: بما كلم به.

(3) في المصدر: تكلمهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 836

الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [52- 53]

9550/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ، قال: «خلق من خلق الله عز و جل، أعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يخبره و يسدده، و هو مع الأئمة من بعده».

و رواه سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات)، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، و محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا، و ساق الحديث بعينه «1».

9551/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن أسباط بن سالم، قال: سأله رجل من أهل هيت و أنا حاضر، عن قول

الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا، فقال:

«منذ أنزل الله عز و جل ذلك الروح على محمد (صلى الله عليه و آله) ما صعد [إلى السماء، و إنه لفينا».

9552/ [3]- و

عنه: عن محمد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن علي بن أسباط، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العلم، هو شي ء «2» يتعلمه العالم من أفواه الرجال، أم في الكتاب عندكم تقرءونه فتعلمون منه؟ قال: «الأمر أعظم من ذلك و أوجب، أما سمعت قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ».

ثم قال: «أي شي ء يقول أصحابك في هذه الآية؟ أ يقرون أنه كان في حال ما يدري ما الكتاب و لا الإيمان»؟

فقلت: لا أدري- جعلت فداك- ما يقولون. فقال: «بلى، قد كان في حال لا يدري ما الكتاب و لا الإيمان حتى بعث الله عز و جل الروح التي ذكر في الكتاب، فلما أوحاها إليه علم بها العلم و الفهم، و هي الروح التي يعطيها

__________________________________________________

1- الكافي 1: 214/ 1.

2- الكافي 1: 215/ 2.

3- الكافي 1: 215/ 5.

(1) مختصر بصائر الدرجات: 2.

(2) في المصدر: أهو علم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 837

الله عز و جل من شاء، فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم».

و رواه سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات): عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن ابن أسباط، عن محمد بن الفضيل الصيرفي، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): عن العلم، و ساق الحديث

بعينه بتغيير يسير «1».

9553/ [4]- و

عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال تعالى في نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، يقول: تدعو».

9554/ [5]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا، قال: «لقد أنزل الله عز و جل ذلك الروح على نبيه (صلى الله عليه و آله)، و ما صعد إلى السماء منذ أنزل، و إنه لفينا».

9555/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، و محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، و أبي الصباح الكناني، قالا: قلنا لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلنا الله فداك، قوله تعالى: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، قال: «يا أبا محمد، الروح خلق أعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يخبره و يسدده، و هو مع الأئمة (عليهم السلام) يخبرهم و يسددهم».

9556/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد،

عن علي بن هلال، عن الحسن بن وهب العبسي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا، قال: «ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9557/ [8]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن أبي عبد الله البرقي، عن الحسين «2» بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قوله تعالى: إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ،

__________________________________________________

4- الكافي 5: 13/ 1. [.....]

5- مختصر بصائر الدرجات: 2.

6- تأويل الآيات 2: 55/ 21.

7- تأويل الآيات 2: 551/ 22.

8- بصائر الدرجات: 98/ 5.

(1) مختصر بصائر الدرجات: 3.

(2) في النسخ: الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 838

إنك لتأمر بولاية علي (عليه السلام) و تدعو إليها، و هو الصراط المستقيم».

9558/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، قال: حدثنا محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله لنبيه (صلى الله عليه و آله):

ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً: «يعني عليا (عليه السلام)، و علي هو النور، فقال:

نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا يعني عليا (عليه السلام)، هدى به من هدى من خلقه.

و قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني إنك لتأمر بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و تدعو إليها، و علي هو الصراط المستقيم صِراطِ اللَّهِ يعني عليا (عليه السلام) الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ يعني عليا (عليه السلام) أن

جعله خازنه على ما في السماوات و ما في الأرض «1»، و أئتمنه عليه أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ».

9559/ [10]- ثم قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ: أي تدعو إلى الإمامة المستوية. ثم قال: صِراطِ اللَّهِ أي حجته «2» الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.

9560/ [11]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني محمد بن همام، قال: حدثنا سعد بن محمد، عن عباد بن يعقوب، عن عبد الله بن الهيثم، عن الصلت بن الحر، قال: كنت جالسا مع زيد بن علي (عليه السلام)، فقرأ: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [قال:] هدى الناس و رب الكعبة إلى علي (عليه السلام)، ضل عنه من ضل، و اهتدى من اهتدى.

9561/ [12]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين، عن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن أبي مريم الأنصاري، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «وقع مصحف في البحر فوجدوه قد ذهب ما فيه إلا هذه الآية أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ».

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 279.

10- تفسير القمّي 2: 280.

11- تفسير القمّي 2: 280.

12- الكافي 2: 462/ 18.

(1) في المصدر زيادة: من شي ء.

(2) في المصدر: أي حجة اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 839

المستدرك البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 841

المستدرك (سورة الشورى) ..... ص : 841
سورة الشوري(42): آية 36 ..... ص : 841

قوله تعالى:

وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [36]

[1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، في (المحاسن): عن الحسن بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)، قال:

«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أحب أن يعلم ما له عند الله، فليعلم ما لله عنده».

__________________________________________________

1- المحاسن: 252/ 273.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 843

سورة الزخرف ..... ص : 843

فضلها ..... ص : 843

9562/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من أدمن قراءة حم الزخرف، آمنه الله في قبره من هوام الأرض، و ضغطة القبر، حتى يقف بين يدي الله عز و جل، ثم جاءت حتى تدخله الجنة [بأمر الله تبارك و تعالى ».

9563/ [2]- و من (خواص القرآن):

روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان ممن يقال له يوم القيامة: يا عباد الله، لا خوف عليكم و لا أنتم تحزنون. و من كتبها و شربها لم يحتج إلى دواء يصيبه لمرض، و إذا رش بمائها مصروع أفاق من صرعته، و احترق شيطانه، بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 113. [.....]

2- خواص القرآن: ...

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 845

سورة الزخرف(43): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 845

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [1- 4] تقدم معنى حم في أول سورة المؤمن «1».

9564/ [1]- علي بن إبراهيم: حم حروف من اسم الله «2» الأعظم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ يعني القرآن الواضح إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.

قال قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) مكتوب في الفاتحة «3»، في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «4»،

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)».

9565/ [2]- علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «5»، قال: «هو أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) و معرفته، و الدليل على أنه أمير المؤمنين قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ

الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 280.

2- تفسير القمّي 1: 28.

(1) تقدّ في الحديث (1) من تفسير الآيتين (1، 2) من سورة المؤمن.

(2) في المصدر: حرف من الاسم.

(3) في المصدر: الحمد.

(4) الفاتحة 1: 6.

(5) الفاتحة 1: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 846

9566/ [3]- محمد بن العباس: عن أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن محمد بن علي بن جعفر، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) و هو يقول: «قال أبو عبد الله «1» (عليه السلام)، و قد تلا هذه الآية: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ، قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9567/ [4]- و

روي عنه أنه (عليه السلام) سئل: أين ذكر علي بن أبي طالب (عليه السلام) في أم الكتاب؟ فقال: «في قوله سبحانه و تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «2» و هو علي (عليه السلام)».

9568/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن حماد الشاشي، عن الحسين بن أسد الطفاوي، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن عباس الصائغ، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: خرجنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى انتهينا إلى صعصعة بن صوحان (رحمه الله)، فإذا هو على فراشه، فلما رأى عليا (عليه السلام) خف له، فقال له (صلوات الله عليه): «لا تتخذن زيارتنا فخرا على قومك». قال: لا يا أمير المؤمنين، و لكن ذخرا و أجرا، فقال له: «و الله ما كنت علمتك إلا خفيف المؤنة، كثير المعونة». فقال صعصعة: و أنت و الله- يا أمير المؤمنين- ما علمتك إلا أنك بالله لعليم، و أن الله في عينك لعظيم، و أنك في كتاب الله

لعلي حكيم، و أنك بالمؤمنين لرؤوف رحيم.

9569/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما صرع زيد بن صوحان يوم الجمل، جاء أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى جلس عند رأسه، فقال: رحمك الله يا زيد، قد كنت خفيف المؤنة، عظيم المعونة. فرفع زيد رأسه إليه، فقال: و أنت جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، فو الله ما علمتك إلا بالله عليما، و في أم الكتاب عليا حكيما، و أن الله في صدرك عظيم».

9570/ [7]- الشيخ في (التهذيب): عن الحسين بن الحسن الحسيني، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) و ذكر فضل يوم الغدير و الدعاء فيه، إلى أن قال في الدعاء: «فاشهد يا إلهي أنه الإمام الهادي المرشد الرشيد، علي أمير المؤمنين، الذي ذكرته في كتابك، فقلت: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 552/ 2.

4- تأويل الآيات 2: 552/ 3.

5- تأويل الآيات 2: 552/ 4.

6- تأويل الآيات 2: 553/ 5.

7- التهذيب 3: 145/ 317.

(1) في «ج» و المصدر: قال أبي. [.....]

(2) الفاتحة 1: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 847

9571/ [8]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بإسناده، عن رجاله إلى حماد السندي «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و قد سأله سائل عن قول الله عز و جل: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ، قال: «هو أمير

المؤمنين (عليه السلام)».

9572/ [9]- البرسي: بالإسناد، يرفعه إلى الثقات الذين كتبوا الأخبار: أنهم أوضحوا ما وجدوا، و بان لهم من أسماء أمير المؤمنين (عليه السلام)، فله ثلاث مائة اسم في القرآن، منها: ما رووه بالإسناد الصحيح عن ابن مسعود، قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ، و قوله تعالى: وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا «2»، و قوله تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ «3»، و قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ «4»، و قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «5»، فالمنذر: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي بن أبي طالب (عليه السلام) الهادي.

و قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «6» فالبينة محمد (صلى الله عليه و آله)، و الشاهد علي (عليه السلام)، و قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى «7»، و قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً «8»، و قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ «9»، جنب الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قوله تعالى: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ «10»، معناه علي (عليه السلام)، و قوله تعالى: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «11»، و قوله تعالى: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ «12»، معناه عن حب علي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 2: 552/ 1.

9- ....، الفضائل لابن شاذان: 174.

(1) لعله حماد السمندري، انظر معجم رجال الحديث 6: 243.

(2) مريم

19: 50.

(3) الشعراء 26: 84.

(4) القيامة 75: 17.

(5) الرعد 13: 7.

(6) هود 11: 17.

(7) الليل 92: 12 و 13.

(8) الأحزاب 33: 56.

(9) الزمر 39: 56.

(10) يس 36: 12.

(11) يس 36: 3 و 4. [.....]

(12) التكاثر 102: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 848

9573/ [10]- ابن شهر آشوب: قال أبو جعفر الهاروني، في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ: و أم الكتاب الفاتحة، يعني أن فيها ذكره.

سورة الزخرف(43): الآيات 5 الي 12 ..... ص : 848

قوله تعالى:

أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ [5- 12] 9574/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً استفهام، أي ندعكم مهملين لا نحتج عليكم برسول أو بإمام أو بحجج، و قوله تعالى: وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَ ما يَأْتِيهِمْ إلى قوله تعالى: أَشَدَّ مِنْهُمْ يعني من قريش بَطْشاً وَ مَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ، و قوله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً أي مستقرا وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا أي طرقا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي كي تهتدون.

ثم احتج على الدهرية، فقال: وَ الَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ.

و قوله تعالى: وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ هو معطوف على قوله تعالى: وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ «1».

سورة الزخرف(43): الآيات 13 الي 14 ..... ص : 848

قوله تعالى:

لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَ تَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ [13- 14]

9575/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟

__________________________________________________

10- المناقب 3: 73.

1- تفسير القمّي 2: 280.

2- الكافي 2: 78/ 12.

(1) النحل 16: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 849

قال: «نعم».

قلت: ما هو؟ قال: «يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل و مال، و إن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه، و منه قوله عز

و جل: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، و منه قوله تعالى: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ «1»، و قوله تعالى: رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً «2»».

9576/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن فضال، عن المفضل بن صالح، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أمسكت لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالركاب، و هو يريد أن يركب، فرفع رأسه ثم تبسم، فقلت له: يا أمير المؤمنين، رأيتك رفعت رأسك، ثم تبسمت؟

قال: «نعم يا أصبغ، أمسكت أنا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، كما أمسكت أنت لي الركاب، فرفع رأسه و تبسم، فسألته عن تبسمه كما سألتني، و سأخبرك كما أخبرني رسول الله (صلى الله عليه و آله). أمسكت لرسول الله (صلى الله عليه و آله) بغلته الشهباء، فرفع رأسه إلى السماء و تبسم، فقلت: يا رسول الله، رفعت رأسك [إلى السماء] و تبسمت، لما ذا؟

فقال: يا علي، إنه ليس أحد يركب فيقرأ آية الكرسي، ثم يقول: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، و أتوب إليه، اللهم اغفر لي ذنوبي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، إلا قال السيد الكريم: يا ملائكتي، عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري، اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه».

9577/ [3]- و

عنه، قال: حدثني أبي، عن علي بن أسباط، قال: حملت متاعا إلى مكة فكسد علي، فجئت إلى المدينة، فدخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقلت: جعلت فداك، إني قد حملت متاعا إلى مكة، و كسد علي، و أردت مصر، فأركب برا أو بحرا؟ فقال:

«مصر الحتوف، و يقيض إليها أقصر الناس أعمارا، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تغسلوا رؤوسكم بطينها، و لا تشربوا في فخارها، فإنه يورث الذلة، و يذهب بالغيرة».

ثم قال: «لا، عليك أن تأتي مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فتصلي ركعتين، و تستخير الله مائة مرة و مرة، فإذا عزمت على شي ء، و ركبت البر، و استويت على راحلتك، فقل: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ، فإنه ما ركب أحد ظهرا قط فقال هذا و سقط، إلا لم يصبه كسر و لا وبال «3» و لا وهن. و إن ركبت بحرا، فقل [حين تركب : بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها «4»، فإذا ضربت بك الأمواج فاتكئ على يسارك، و أشر إلى الموج بيدك، و قل: اسكن بسكينة الله، و قر بقرار الله، و لا حول و لا قوة إلا بالله».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 281.

3- تفسير القمّي 2: 282.

(1) المؤمنون 23: 29.

(2) الإسراء 17: 80.

(3) في المصدر: و لا وثى.

(4) هود 11: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 850

قال علي بن أسباط: قد ركبت البحر، و كان إذا هاج الموج قلت كما أمرني أبو الحسن (عليه السلام)، فيتنفس الموج، و لا يصيبنا منه شي ء. فقلت: جعلت فداك، ما السكينة؟ قال: «ريح من الجنة، لها وجه كوجه الإنسان، طيبة، و كانت مع الأنبياء، و تكون مع المؤمنين».

9578/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط و محمد بن أحمد، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن أسباط قال: قلت لأبي الحسن [الرضا] (عليه السلام): جعلت فداك

ما ترى، آخذ برا أو بحرا؟ فإن طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال: «اخرج برا، و لا عليك أن تأتي مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تصلي ركعتين في غير وقت فريضة، ثم لتستخير الله مائة مرة و مرة، ثم تنظر، فإن عزم الله لك على البحر، فقل الذي قال الله عز و جل: وَ قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «1»، فإذا اضطرب بك البحر فاتكئ على جانبك الأيمن، و قل: بسم الله، اسكن بسكينة الله، و قر بقرار «2» الله، و أهدأ بإذن الله، و لا حول و لا قوة إلا بالله».

قلنا: ما السكينة أصلحك الله؟ قال: «ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان، و رائحة طيبة، و هي التي نزلت على إبراهيم، فأقبلت تدور حول أركان البيت، و هو يضع الأساطين».

قيل له: هي من التي قال الله عز و جل: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ «3».؟

قال: «تلك السكينة في التابوت، و كانت في طست يغسل فيها قلوب الأنبياء، و كان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء».

ثم أقبل علينا، فقال: «ما تابوتكم»؟ قلنا: السلاح. قال: «صدقتم، هو تابوتكم، و إن خرجت برأ فقل الذي قال الله عز و جل: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ، فإنه ليس من عبد يقولها عند ركوبه فيقع من بعير أو دابة فيصيبه شي ء بإذن الله».

ثم قال: «فإذا خرجت من منزلك فقل: بسم الله آمنت بالله، توكلت على الله، لا حول و لا قوة إلا بالله، فإن الملائكة تضرب وجوه الشياطين،

و يقولون: قد سمى الله، و آمن بالله، و توكل على الله، و قال: لا حول و لا قوة إلا بالله».

9579/ [5]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ذكر النعمة أن تقول: الحمد لله الذي هدانا للإسلام، و علمنا القرآن، و من علينا بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و تقول بعده: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا إلى آخر الآية».

__________________________________________________

4- الكافي 3: 471/ 5.

5- مجمع البيان 9: 63.

(1) هود 11: 41. [.....]

(2) في المصدر: بوقار.

(3) البقرة 2: 248.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 851

سورة الزخرف(43): الآيات 15 الي 20 ..... ص : 851

قوله تعالى:

وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً- إلى قوله تعالى- إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [15- 20] 9580/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً، قال: قالت قريش: إن الملائكة هم بنات الله، ثم قال على حد الاستفهام: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَ أَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا يعني إذا ولدت لهم البنات ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ و هو معطوف على قوله تعالى: وَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَ لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ «1».

و قوله تعالى: أَ وَ مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ أي ينشؤ في الذهب وَ هُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ، قال: إن موسى (عليه السلام) أعطاه الله من القوة أن أرى فرعون صورته على فرش من ذهب رطب، عليه ثياب من ذهب رطب، فقال فرعون: أَ وَ مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ أي ينشؤ في الذهب وَ هُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ، قال: لا يبين الكلام، و لا يتبين من الناس، و لو كان نبيا لكان خلاف الناس.

و قوله تعالى: وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ

هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً معطوف على ما قالت قريش: إن الملائكة بنات الله في قوله تعالى: وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً، فرد الله عليهم، فقال تعالى: أَ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ قوله تعالى: إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أي يحتجون بلا علم.

9581/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا بكر و عمر و عليا (عليه السلام) أن يمضوا إلى الكهف و الرقيم، فيسبغ أبو بكر الوضوء و يصف قدميه و يصلي ركعتين، و ينادي ثلاثا، فإن أجابوه و إلا فليقل مثل ذلك عمر، فإن أجابوه و إلا فليقل مثل ذلك علي (عليه السلام) فمضوا و فعلوا ما أمرهم به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلم يجيبوا أبا بكر و لا عمر، فقام علي (عليه السلام) و فعل ذلك فأجابوه، و قالوا: لبيك لبيك.

ثلاثا، فقال لهم: ما لكم لم تجيبوا الأول و الثاني، و أجبتم الثالث؟ فقالوا: إنا أمرنا أن لا نجيب إلا نبيا أو وصي نبي. ثم انصرفوا إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فسألهم ما فعلوا؟ فأخبروه. فأخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) صحيفة حمراء، و قال لهم: اكتبوا شهادتكم بخطوطكم فيها بما رأيتم و سمعتم، فأنزل الله عز و جل: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ يوم القيامة».

9582/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن خلف، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 281.

2- تأويل الآيات 2: 553/ 7.

3- تأويل

الآيات 2: 555/ 9.

(1) النحل 16: 57.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 852

حماد بن عيسى، عن أبي بصير، قال: ذكر أبو جعفر (عليه السلام) الكتاب الذي تعاقدوا عليه في الكعبة، و أشهدوا فيه، و ختموا عليه بخواتيمهم، فقال: «يا [أبا] محمد، إن الله أخبر نبيه بما يصنعونه قبل أن يكتبوه، و أنزل الله فيه كتابا».

قلت: و أنزل فيه كتابا؟ قال: «نعم، ألم تسمع قول الله تعالى: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ».

9583/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر الجعفري، قال: حدثنا يعقوب بن جعفر، قال: كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) بمكة، فقال له رجل: إنك لتفسر من كتاب الله ما لم يسمع؟ فقال (عليه السلام): «علينا نزل قبل الناس، و لنا فسر قبل أن يفسر في الناس، فنحن نعرف حلاله و حرامه، و ناسخه و منسوخه، و متفرقه «1» و حضريه، و في أي ليلة نزلت من آية، و فيمن نزلت «2»، فنحن حكماء الله في أرضه، و شهداؤه على خلقه، و هو قوله تبارك و تعالى:

سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ، فالشهادة لنا، و المسألة للمشهود عليه، فهذا [علم ما] قد أنهيته [إليك و أديته إليك ما لزمني، فإن قبلت فاشكر، و إن تركت فإن الله على كل شي ء شهيد]».

سورة الزخرف(43): الآيات 22 الي 27 ..... ص : 852

قوله تعالى:

بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [22- 27] 9584/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ أي على مذهب وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ فقال الله عز و جل: قل يا

محمد: أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ثم قال عز و جل: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي أي خلقتني فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ أي يبين لي و يثبتني.

سورة الزخرف(43): آية 28 ..... ص : 852

قوله تعالى:

وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [28]

9585/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 218/ 4.

2- تفسير القمّي 2: 283.

3- معاني الأخبار: 131/ 1.

(1) في المصدر: و سفريه.

(2) في المصدر: نزلت كم من آية، و فيم نزلت، و فيما نزلت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 853

الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قال: «هي الإمامة، جعلها الله عز و جل في عقب الحسين (عليه السلام)، باقية إلى يوم القيامة».

9586/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن علي ابن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، فقال: «في عقب الحسين (عليه السلام)، فلم يزل هذا الأمر منذ أفضي إلى الحسين ينتقل من ولد إلى ولد، لا يرجع إلى أخ و لا عم، و لم يتم بعلم أحد منهم

إلا و له ولد». و إن عبد الله «1» خرج من الدنيا و لا ولد له، و لم يمكث بين ظهراني أصحابه إلا شهرا.

9587/ [3]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن موسى بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال المفضل، فقلت: يا ابن رسول الله، فأخبرني عن قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قال: «يعني بذلك الإمامة، جعلها في عقب الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة».

9588/ [4]- و

عنه، رفعه إلى هشام بن سالم، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): الحسن أفضل أم الحسين؟ فقال: «الحسن أفضل من الحسين».

قلت: و كيف صارت [الإمامة] من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟ فقال: «إن الله تبارك و تعالى أحب أن يجعل سنة موسى و هارون جارية في الحسن و الحسين (عليهما السلام)، ألا ترى أنهما كانا شريكين في النبوة، كما كان الحسن و الحسين شريكين في الإمامة، و أن الله عز و جل جعل النبوة في ولد هارون و لم يجعلها في ولد موسى، و إن كان موسى أفضل من هارون».

قلت: فهل يكون إمامان في وقت واحد؟ قال: «لا، إلا أن يكون أحدهما صامتا مأموما لصاحبه، و الآخر ناطقا إماما لصاحبه، فأما أن يكونا إمامين ناطقين [في وقت واحد] فلا».

قلت: فهل تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين (عليهما السلام)؟ قال: «لا، إنما هي جارية في

عقب الحسين (عليه السلام)، كما قال الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ثم هي جارية في الأعقاب و أعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة».

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 207/ 6.

3- الخصال: 305/ 84.

4- كمال الدين و تمام النعمة: 416/ 9. [.....]

(1) هو عبد اللّه الأفطح، ابن الامام جعفر الصادق (عليه السّلام)، و قد قالت الفطحيّة بإمامته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 854

9589/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن محمد الجعفي، عن محمد «1» بن القاسم الأكفاني، عن علي بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: خرج علينا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و نحن في المسجد فاحتوشناه، فقال: «سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن القرآن، فإن في القرآن علم الأولين و الآخرين، لم يدع لقائل مقالا، و لا يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم، و ليسوا بواحد، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان واحدا منهم، علمه الله سبحانه إياه، و علمنيه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم لا يزال في عقبه إلى يوم القيامة، ثم قرأ: وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ «2»، فأنا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، و العلم في عقبنا إلى أن تقوم الساعة» ثم قرأ: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ثم قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) عقب إبراهيم (عليه السلام)، و نحن أهل البيت عقب إبراهيم، و عقب محمد (صلى الله عليه و آله)».

9590/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن

علي بن مهزيار، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قال: «إنها في [عقب الحسين (عليه السلام)، فلم يزل هذا الأمر منذ أفضي إلى الحسين (عليه السلام) ينتقل من والد إلى ولد، و لا يرجع إلى أخ و لا إلى عم، و لا يعلم أحد منهم ممن خرج من الدنيا إلا و له ولد». و إن عبد الله بن جعفر خرج من الدنيا و لا ولد له، و لم يمكث بين ظهراني أصحابه إلا شهرا.

9591/ [7]- ابن بابويه في كتاب (النبوة): بإسناده الى المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يا ابن رسول الله، أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ. قال: «يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة».

فقلت: يا ابن رسول الله، أخبرني كيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن (عليهما السلام)، و هما ولدا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و سبطاه، و سيدا شباب أهل الجنة؟ فقال: «يا مفضل، إن موسى و هارون نبيان مرسلان أخوان، فجعل الله النبوة في صلب هارون، و لم يكن لأحد أن يقول: [لم فعل ذلك؟ و كذلك الإمامة، و هي خلافة الله عز و جل، و ليس لأحد أن يقول:] لم جعلها في صلب الحسين و لم يجعلها في صلب الحسن، لأن الله عز و جل الحكيم «3» في أفعاله، لا يسئل عما يفعل

و هم يسئلون».

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 555/ 10.

6- تأويل الآيات 2: 2: 556/ 11.

7- تأويل الآيات 2: 556/ 12، الخصال: 305/ 84، معاني الأخبار: 126/ 1.

(1) في المصدر: أحمد.

(2) البقرة 2: 248.

(3) في «ج، ي»: الحكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 855

9592/ [8]- ابن بابويه: عن محمد بن عبد الله الشيباني (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن العلوي، قال: حدثني أبو نصر أحمد بن عبد المنعم الصيداوي، قال: حدثني عمرو بن شمر الجعفي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: قلت له: يا ابن رسول الله، إن قوما يقولون: إن الله تبارك و تعالى جعل الأئمة في عقب «1» الحسن دون الحسين. قال: «كذبوا و الله، أو لم يسمعوا أن الله تعالى ذكره يقول: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ فهل جعلها إلا في عقب الحسين؟».

فقال: «يا جابر إن الأئمة هم الذين نص عليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالإمامة، و هم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق «2» العرش بالنور، اثني عشر اسما، منهم علي، و سبطاه، و علي، و محمد، و جعفر، و موسى، و علي، و محمد، و علي، و الحسن، و الحجة القائم، فهذه الأئمة من أهل بيت الصفوة و الطهارة، و الله ما يدعيه أحد غيرنا إلا حشره الله تبارك و تعالى مع إبليس و جنوه- ثم تنفس (عليه السلام)، و قال-: لا رعى الله حق هذه الامة، فإنها لم ترع حق نبيها، أما و الله لو تركوا الحق

على أهله لما اختلف في الله اثنان».

ثم أنشأ (عليه السلام) يقول:

إن اليهود لحبهم لنبيهم أمنوا بوائق حادث الأزمان و ذوو الصليب بحب عيسى أصبحوا يمشون زهوا «3» في قرى نجران و المؤمنون بحب آل محمد يرمون في الآفاق بالنيران قلت: يا سيدي أليس هذا الأمر لكم؟ قال: «نعم». قلت: فلم قعدتم عن حقكم و دعواكم، و قد قال الله تبارك و تعالى: وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ «4»، فما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) قعد عن حقه؟ قال:

فقال: «حيث لم يجد ناصرا، ألم تسمع الله يقول في قصة لوط (عليه السلام): قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ «5»؟ و يقول حكاية عن نوح (عليه السلام): فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ «6»، و يقول في قصة موسى (عليه السلام): إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ «7»، فإذا كان النبي هكذا، فالوصي أعذر. يا جابر، مثل الإمام مثل الكعبة تؤتى و لا تأتي».

__________________________________________________

8- كفاية الأثر: 246.

(1) في «ط»: ولد.

(2) في «ط، ي» سرادق.

(3) في «ج»: رهوا.

(4) الحج 22: 78.

(5) هود 11: 80.

(6) القمر 54: 10. [.....]

(7) المائدة 5: 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 856

9593/ [9]- و

عنه، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله الجوهري، قال: حدثنا عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم، قال: حدثنا الطيالسي أبو الوليد، عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قوله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قال:

«جعل الأئمة «1» في

عقب الحسين، يخرج من صلبه تسعة من الأئمة، و منهم مهدي هذه الامة»، ثم قال: «لو أن رجلا ظعن بين الركن و المقام، ثم لقي الله مبغضا لأهل بيتي، دخل النار».

9594/ [10]- و

عنه، بهذا الإسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين: أحدهما كتاب الله عز و جل، من اتبعه كان على الهدى، و من تركه كان على الضلالة، ثم أهل بيتي، أذكركم في أهل بيتي». ثلاث مرات، فقلت لأبي هريرة: فمن أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا، أهل بيته أصله و عصبه، و هم الأئمة الاثنا عشر، الذين ذكرهم الله في قوله تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ.

9595/ [11]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال:

حدثنا القاسم بن العلاء، قال: حدثني إسماعيل بن علي القزويني، قال: حدثني علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمد بن قيس، عن ثابت الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أنه قال: «فينا نزلت هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «2»، و فينا نزلت هذه الآية: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، و الإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة. و إن للغائب منا غيبتين إحداهما أطول من الاخرى، أما الاولى فستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين، و أما الاخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه، و صحت معرفته، و لم يجد في نفسه حرجا مما قضيت، و سلم لنا أهل البيت».

9596/ [12]- علي بن إبراهيم،

في معنى الآية: ثم ذكر الله الأئمة (عليهم السلام)، فقال: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، يعني فإنهم يرجعون، أي الأئمة (عليهم السلام) إلى الدنيا.

سورة الزخرف(43): الآيات 31 الي 32 ..... ص : 856

قوله تعالى:

وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ- إلى قوله

__________________________________________________

9- كفاية الأثر: 86.

10- كفاية الأثر: 87.

11- كمال الدين و تمام النعمة: 323/ 8.

12- تفسير القمّي 2: 283.

(1) في المصدر: الإمامة.

(2) الأحزاب 33: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 857

تعالى- وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [31- 32]

9597/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه عروة بن مسعود الثقفي، و كان عاقلا لبيبا، و هو الذي أنزل الله تعالى فيه: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ».

9598/ [2]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول قريش: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ يعني هلا نزل القرآن عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ؟ و هو عروة بن مسعود، و القريتين: مكة و الطائف، و كان جزاهم بما يحتمل الديات، و كان عم المغيرة بن شعبة، فرد الله عليهم، فقال: أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ، يعني النبوة و القرآن حين قالوا: لم لم ينزل على عروة بن مسعود، ثم قال تعالى: نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ يعني في المال و البنين لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ.

و هذا من أعظم دلالة الله على التوحيد، لأنه خالف بين ملكهم كهيئاتهم و تشابههم و دلالاتهم و إراداتهم و أهوائهم، ليستعين بعضهم على بعض، لأن

أحدهم لا يقوم بنفسه لنفسه، و الملوك و الخلفاء لا يستغنون عن الناس، و بهذا قامت الدنيا و الخلق المأمورون المنهيون المكلفون، و لو احتاج كل إنسان أن يكون بناء لنفسه و خياطا لنفسه و حجاما لنفسه و جميع الصناعات التي يحتاج إليها، لما قام العالم طرفة عين، لأنه لو طلب كل إنسان العلم، ما دامت الدنيا، و لكنه عز و جل خالف بين هيئاتهم، و ذلك من أعظم الدلالة على التوحيد.

9599/ [3]- الامام الحسن بن علي (عليهما السلام)، قال: «قلت لأبي علي بن محمد (عليهما السلام): فهل كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يناظرهم إذا عانتوه و يحاجهم؟ قال: بلى، مرارا كثيرة، منها ما حكى الله من قولهم: وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ إلى قوله: مَسْحُوراً «1»، وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إلى قوله:

كِتاباً نَقْرَؤُهُ «2»، ثم قيل له في آخر ذلك: لو كنت نبيا كموسى لنزلت علينا الصاعقة في مساءلتنا إياك، لأن مساءلتنا أشد من مساءلة قوم موسى لموسى. و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان قاعدا ذات يوم بمكة، بفناء الكعبة، إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش، منهم: الوليد بن المغيرة المخزومي، و أبو البختري بن هشام، و أبو جهل بن هشام، و العاص بن وائل السهمي، و عبد الله بن أبي أمية، و جمع ممن يليهم كثير، و رسول الله (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 310.

2- تفسير القمّي 2: 283.

3- التفسير المنسوب إلى الإمام

العسكري (عليه السّلام): 500/ 314.

(1) الفرقان 25: 7 و 8.

(2) الإسراء 17: 90- 93.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 858

في نفر من أصحابه، يقرأ عليهم كتاب الله، و يذكرهم عن الله أمره و نهيه، فقال المشركون بعضهم لبعض: لقد استفحل أمر محمد، و عظم خطبه، تعالوا نبدأ بتقريعه و تبكيته «1» و الاحتجاج عليه، و إبطال ما جاء به، ليهون خطبه على أصحابه، و يصغر قدره عندهم، فلعله أن ينزع عما هو فيه من غيه و باطله و تمرده و طغيانه، فإن انتهى و إلا عاملناه بالسيف الباتر.

قال أبو جهل: فمن ذا الذي يلي كلامه و محاورته؟ فقال «2» عبد الله بن أبي امية المخزومي: أنا لذلك، أ فما ترضاني قرنا حسيبا، و مجادلا كفيا؟ قال أبو جهل: بلى. فأتوه بأجمعهم، فابتدأ عبد الله بن أبي أمية، فقال: يا محمد- و ذكر ما طلبه من محمد (صلى الله عليه و آله) و ما أجابه به- فقال: و أما قولك: لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، الوليد بن المغيرة بمكة، أو عروة بن مسعود بالطائف، فإن الله تعالى ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه أنت، و لا خطر له عنده كما كان له عندك، بل لو كانت الدنيا عنده تعدل جناح بعوضة لما سقى كافرا به، مخالفا له، شربة ماء، و ليس قسمة رحمة الله إليك، بل الله القاسم للرحمة «3»، و الفاعل لما يشاء في عبيده و إمائه، و ليس هو عز و جل ممن يخاف أحدا كما تخافه لماله أو لحاله فتعرفه بالنبوة لذلك، و لا ممن يطمع في أحد في ماله و حاله كما تطمع فتخصه بالنبوة لذلك، و

لا ممن يحب أحدا محبة الهوى كما تحب فتقدم من لا يستحق التقديم، و إنما معاملته بالعدل، فلا يؤثر بأفضل مراتب الدين و خلاله «4»، إلا الأفضل في طاعته، و الآخذ في خدمته، و كذلك لا يؤخر في مراتب الدين و خلاله «5»، إلا أشدهم تباطؤا عن طاعته، و إذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال و لا إلى حال، بل هذا المال و الحال من فضله، و ليس لأحد من عباده عليه ضربة لازب.

فلا يقال له: إذا تفضلت بالمال على عبد، فلا بد أن تتفضل عليه بالنبوة أيضا، لأنه ليس لأحد إكراهه على خلاف مراده، و لا إلزامه تفضلا، لأنه تفضل قبله بنعمة، ألا ترى- يا عبد الله- كيف أغنى واحدا و قبح صورته؟

و كيف حسن صورة واحد و أفقره؟ و كيف شرف واحدا و أفقره؟ و كيف أغنى واحدا و وضعه؟ ثم ليس لهذا الغني أن يقول: هلا أضيف إلى يساري جمال فلان؟ و لا للجميل أن يقول: هلا أضيف إلى جمالي مال فلان؟ و لا للشريف أن يقول: هلا أضيف إلى شرفي مال فلان؟ و لا للوضيع أن يقول: هلا أضيف إلى ضعتي شرف فلان؟ و لكن الحكم لله يقسم كيف يشاء، و يفعل ما يشاء، و هو حكيم في أفعاله، محمود في أعماله، و ذلك قوله تعالى: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ.

قال الله تعالى: أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ يا محمد نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فأحوجنا بعضا إلى بعض، أحوجنا هذا إلى مال ذاك، و أحوجنا ذاك إلى سلعة هذا و إلى خدمته، فترى أجل الملوك و أغنى الأغنياء، محتاجا

إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب، إما سلعة معه ليست معه، و إما

__________________________________________________

(1) في المصدر زيادة: و توبيخه.

(2) في المصدر: و مجادلته. قال. [.....]

(3) في المصدر: اللّه هو القاسم للرحمات.

(4، 5) في «ج» و المصدر: جلاله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 859

خدمة يصلح لها لا يتهيأ لذلك الملك إلا أن يستعين «1» به، و إما باب من العلم و الحكم هو فقير أن يستفيدها من هذا الفقير، و هذا الفقير يحتاج إلى مال ذلك الملك الغني، و ذلك الملك يحتاج إلى علم ذلك الفقير أو رأيه أو معرفته، ثم ليس للملك أن يقول: هلا أجمع إلى ملكي و مالي علمه و رأيه؟ و لا لذلك الفقير أن يقول: هلا أجمع إلى رأيي و علمي و ما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الغني؟ ثم قال تعالى: وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا، ثم قال: يا محمد وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا».

سورة الزخرف(43): الآيات 33 الي 36 ..... ص : 859

قوله تعالى:

وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ- إلى قوله تعالى- فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [33- 36]

9600/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: سألت علي بن الحسين (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً، قال: «عنى بذلك أمة محمد أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ

وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ و لو فعل ذلك بأمة محمد (صلى الله عليه و آله) لحزن المؤمنون و غمهم ذلك، و لم يناكحوهم و لم يوارثوهم».

9601/ [2]- الحسين بن سعيد، في كتاب (الزهد): عن النضر، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق بن غالب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في هذه الآية: وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ، قال: «لو فعل، لكفر الناس جميعا».

9602/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً أي على مذهب واحد لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ، قال: المعارج التي يظهرون بها وَ لِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَ سُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَ زُخْرُفاً البيت المزخرف بالذهب. قال: فقال الصادق (عليه السلام): «لو

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 589/ 33.

2- الزهد: 47/ 127.

3- تفسير القمّي 2: 284.

(1) في المصدر: الملك أن يستغني إلّا به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 860

فعل الله ذلك لما آمن أحد، و لكنه جعل في المؤمنين أغنياء، و في الكافرين فقراء، و جعل في الكافرين أغنياء، و في المؤمنين فقراء، ثم امتحنهم بالأمر و النهي و الصبر و الرضا». قال: قوله تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ أي يعمى نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ.

سورة الزخرف(43): الآيات 38 الي 39 ..... ص : 860

قوله تعالى:

حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ [38- 39]

9603/ [1]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، في (كامل الزيارات)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري،

عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أسري بالنبي (صلى الله عليه و آله) قيل له: إن الله مختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك؟ قال: اسلم لأمرك يا رب، و لا قوة لي على الصبر إلا بك، فما هن؟ قيل له: أولهن: الجوع و الأثرة على نفسك و على أهلك لأهل الحاجة. قال: قبلت يا رب و رضيت و سلمت، و منك التوفيق للصبر «1».

و أما الثانية: فالتكذيب و الخوف الشديد، و بذلك مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالك و نفسك، و الصبر على ما يصيبك منهم من الأذى من أهل النفاق، و الألم في الحرب و الجراح. قال: يا رب قبلت و رضيت و سلمت، و منك التوفيق للصبر.

و أما الثالثة: فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل، أما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم و التعنيف و التوبيخ و الحرمان و الجحد و الظلم، و آخر ذلك القتل، فقال: يا رب سلمت و قبلت، و منك التوفيق للصبر.

و أما ابنتك فتظلم و تحرم، و يؤخذ حقها غصبا الذي تجعله لها، و تضرب و هي حامل، و يدخل حريمها و منزلها بغير إذن، ثم يمسها هوان و ذل. ثم لا تجد مانعا، و تطرح ما في بطنها من الضرب، و تموت من ذلك الضرب. فقلت: إنا لله و إنا إليه راجعون، قبلت يا رب و سلمت، و منك التوفيق للصبر.

و يكون لها من أخيك ابنان، يقتل أحدهما غدرا، و يسلب و يطعن و

يسم، تفعل به ذلك أمتك، قال: قبلت يا رب، و إنا لله و إنا إليه راجعون، و منك التوفيق للصبر. و أما ابنها الآخر فتدعوه أمتك للجهاد، ثم يقتلونه صبرا و يقتلون

__________________________________________________

1- كالم الزيارات: 332/ 11.

(1) في المصدر: و الصبر، و كذا ما بعدها.

رهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 861

ولده و من معه من أهل بيته، ثم يسلبون حرمه، فيستعين بي، و قد مضى القضاء مني فيه بالشهادة له و لمن معه، و يكون قتله حجة على من بين قطريها، فيبكيه أهل السماوات و أهل الأرضين جزعا عليه، و تبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته.

ثم أخرج من صلبه ذكرا به أنصرك «1»، و إن شبحه عندي تحت العرش، يملأ الأرض بالعدل و يطبقها بالقسط، يسير معه الرعب، يقتل حتى يشك فيه. فقلت: إنا لله و إنا إليه راجعون، فقيل له: ارفع رأسك. فنظرت إلى رجل من أحسن الناس صورة، و أطيبهم ريحا، و النور يسطع من بين عينيه و من فوقه و من تحته، فدعوته فأقبل إلي، و عليه ثياب النور، و سيماء كل خير، حتى قبل بين عيني، و نظرت إلى الملائكة قد حفوا به، لا يحصيهم إلا الله عز و جل، فقلت: يا رب، لمن يغضب هذا، و لمن أعددت «2» هؤلاء الملائكة، و قد وعدتني النصر فيهم، فأنا أنتظره منك، فهؤلاء أهلي و أهل بيتي، و قد أخبرتني بما يلقون من بعدي، و لو شئت لأعطيتني النصر فيهم على من بغى عليهم، و قد سلمت و قبلت و رضيت، و منك التوفيق و الرضا و العون على الصبر؟

فقيل لي: أما أخوك فجزاؤه عندي جنة المأوى نزلا بصبره، أفلج حجته على الخلائق يوم البعث،

و اوليه حوضك، يسقي منه أولياءكم، و يمنع منه أعداءكم، و أجعل جهنم عليه بردا و سلاما، يدخلها فيخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من المودة لكم، و أجعل منزلتكم في درجة واحدة في الجنة.

و أما ابنك المقتول المخذول المسموم، و ابنك المغدور المقتول صبرا، فإنهما ممن أزين بهما عرشي، و لهما من الكرامة سوى ذلك، مما لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء «3»، و لكل من أتى قبره من الخلق «4»، لأن زواره زوارك، و زوارك زواري، و علي كرامة زائري، و أنا أعطيه ما سأل، و أجزيه جزاء يغبطه به من نظر إلى عطيتي إياه، و ما أعددت له من كرامتي.

و أما ابنتك، فإني أوقفها عند عرشي، فيقال لها: إن الله قد حكمك في خلقه، فمن ظلمك و ظلم ولدك فاحكمي فيه بما أحببت، فإني أجيز حكومتك فيهم. فتشهد العرض «5»، فإذا أوقف من ظلمها أمرت به إلى النار، فيقول الظالم: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «6»، و يتمنى الكرة، و يعض الظالم على يديه، و يقول:

يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا «7»، و قال: حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ،

__________________________________________________

(1) في نسخة من المصدر: ذكرا انتصر له به.

(2) في «ج، ي»: مددت.

(3) في «ط» و المصدر زيادة: فعليّ فتوكّل.

(4) في المصدر زيادة: من الكرامة.

(5) في المصدر: العرصة.

(6) الزمر 39: 56. [.....]

(7) الفرقان 25: 27، 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 862

فيقول الظالم: أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

«1»، فيقال لهما: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ يَبْغُونَها عِوَجاً وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ «2».

و أول من يحكم فيه محسن بن علي (عليه السلام) و في قاتله، ثم في قنفذ فيؤتيان هو و صاحبه فيضربان بسياط من نار، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، و لو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا، فيضربان بها. ثم يجثو أمير المؤمنين (عليه السلام) للخصومة بين يدي الله تعالى مع الرابع، و يدخل الثلاثة في جب، فيطبق عليهم، لا يراهم أحد و لا يرون أحدا، فعندها يقول الذين كانوا في ولايتهم: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ «3»، فيقول الله عز و جل: وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ فعند ذلك ينادون بالويل و الثبور، و يأتيان الحوض فيسألان عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و معهم حفظة، فيقولان: اعف عنا و اسقنا و خلصنا. فيقال لهم: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ «4»، يعني بإمرة المؤمنين، ارجعوا ظماء مظمئين [إلى النار]، فما شرابكم إلا الحميم و الغسلين، و ما تنفعكم شفاعة الشافعين».

9604/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن علي بن معمر، عن محمد بن علي بن عكاية التميمي، عن الحسين بن النضر الفهري، عن أبي عمرو الأوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في خطبة الوسيلة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فيها: «و لئن تقمصها دوني الأشقيان، و نازعاني فيما ليس لهما

بحق، و ركباها ضلالة، و أعتقدها جهالة، فلبئس ما عليه وردا، و لبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في دورهما، و يتبرأ كل منهما من صاحبه، يقول لقرينه: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ، فيجيبه الأشقى على رثوثة: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا، فإنا الذكر الذي عنه ضل، و السبيل الذي عنه مال، و الإيمان الذي به كفر، و القرآن الذي إياه هجر، و الذين الذي به كذب، و الصراط الذي عنه نكب».

و تقدم بزيادة، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا من سورة الفرقان «5».

9605/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن

__________________________________________________

2- الكافي 8: 27/ 4.

3- تأويل الآيات 2: 557/ 13.

(1) في المصدر زيادة: أو الحكم لغيرك، و الآية في سورة الزمر 39: 46.

(2) هود 11: 18، 19.

(3) فصلت 41: 29.

(4) الملك 67: 27.

(5) تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآيات (27- 29) من سورة الفرقان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 863

خالد البرقي، عن محمد بن أسلم، عن أيوب البزاز، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم آل محمد حقهم، إنكم في العذاب مشتركون».

9606/ [4]- كتاب (صفة الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه حال الكافرين يوم القيامة- قال: «ثم يدفع- يعني الكافر- في صدره دفعة، فيهوي على رأسه سبعين ألف

عام حتى يواقع الحطمة، فإذا واقعها دقت عليه و على شيطانه، و جاذبه الشيطان بالسلسلة، كلما رفع رأسه و نظر إلى قبح وجهه، كلح في وجهه، قال: فيقول: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ، ويحك كما أغويتني احمل عني من عذاب الله من شي ء. فيقول: يا شقي، كيف أحمل عنك من عذاب الله من شي ء، و أنا و أنت في العذاب مشتركون».

سورة الزخرف(43): الآيات 41 الي 42 ..... ص : 863

قوله تعالى:

فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ [41]

9607/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن سعيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فإما نذهبن بك يا محمد من مكة إلى المدينة، فإنا رادوك إليها و منتقمون منهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9608/ [6]- محمد بن العباس: عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن يحيى بن حسن بن فرات، عن مصبح ابن الهلقام العجلي، عن أبي مريم، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن حذيفة بن اليمان، قال: قوله تعالى: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ يعني بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

9609/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي، عن عيسى بن مهران، عن يحيى بن حسن ابن فرات، بإسناده إلى أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن عمه، أنه قال: إن النبي (صلى الله عليه و آله) [قال:] «لما نزلت: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أي بعلي، كذلك حدثني جبرئيل (عليه السلام)».

9610/ [8]- و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمد، عن عبد الغفار بن محمد، عن منصور بن أبي الأسود، عن زياد بن المنذر،

عن عدي بن ثابت، قال: سمعت ابن عباس يقول: ما حسدت قريش

__________________________________________________

4- الاختصاص: 362.

5- تفسير القمّي 2: 284.

6- تأويل الآيات 2: 558/ 16.

7- تأويل الآيات 2: 559/ 17.

8- تأويل الآيات 2: 559/ 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 864

عليا (عليه السلام) بشي ء مما سبق له أشد مما وجدت يوما و نحن عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «كيف أنتم- يا معشر قريش- لو كفرتم من بعدي، فرأيتموني في كتيبة أضرب وجوهكم بالسيف؟»، فهبط جبرئيل (عليه السلام)، فقال: قل: إن شاء الله، أو علي فقال: «إن شاء الله، أو علي».

9611/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن «1» عبد الرحمن بن سالم، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، قال: «قال الله: انتقم بعلي (عليه السلام) يوم البصرة، و هو الذي وعد الله رسوله».

9612/ [6]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال، عن محمد بن الربيع، قال: قرأت على يوسف الأزرق حتى انتهيت في الزخرف [إلى قوله تعالى:] فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، قال: يا محمد، أمسك فأمسكت، فقال يوسف: قرأت على الأعمش، فلما انتهيت إلى هذه الآية قال:

يا يوسف، أ تدري فيمن نزلت؟ قلت: الله أعلم. قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ بعلي مُنْتَقِمُونَ محيت و الله من القرآن، و اختلست و الله من القرآن.

9613/ [7]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: إني لأدناهم

من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجة الوداع بمنى، فقال: «لأعرفنكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، و أيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم». ثم التفت إلى خلفه [فقال : «أو علي أو علي أو علي» ثلاثا، فرأينا أن جبرئيل (عليه السلام) غمزه، و أنزل الله عز و جل: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بعلي أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ «2»، ثم نزلت: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ إِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ «3»، ثم نزلت: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ من أمر علي بن أبي طالب إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «4» و إن عليا لعلم للساعة لك و لقومك و لسوف تسألون عن محبة علي بن أبي طالب (عليه السلام).

9614/ [8]- الطبرسي: روى جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجة الوداع بمني. حتى قال: «لألفينكم «5» ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، و أيم الله لئن فعلتموها

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 559/ 19. [.....]

6- تأويل الآيات 2: 560/ 20.

7- الأمالي 1: 373.

8- مجمع البيان 9: 75.

(1) في المصدر: عن.

(2) الزخرف 43: 42.

(3) المؤمنون 23: 93- 96.

(4) الزخرف 43: 43.

(5) في المصدر: لا ألفينّكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 865

لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم». ثم التفت إلى خلفه، فقال: «أو علي. أو علي أو علي» ثلاث مرات، فرأينا أن جبرئيل (عليه السلام) غمزة، فأنزل الله إثر ذلك: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

و ستأتي

رواية جابر بن عبد الله الأنصاري، في الآية الآتية، إن شاء الله تعالى «1».

9615/ [9]- و

من طريق المخالفين: من (فضائل السمعاني) يرفعه إلى ابن عباس، قال: لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، قال: «بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

و من (مناقب ابن المغازلي) يرفعه إلى جابر، مثله «2».

سورة الزخرف(43): الآيات 43 الي 44 ..... ص : 865

قوله تعالى:

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ- إلى قوله تعالى- وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ [43- 44]

9616/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن خالد ابن ماد، عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه و آله):

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» [قال:] «إنك على ولاية علي، و علي هو الصراط المستقيم».

محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن الحسين، عن النضر بن سويد، عن خالد بن حماد و محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله «3».

9617/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد ابن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نزلت هاتان الآيتان هكذا، قول الله: حَتَّى إِذا جاءَنا يعني فلانا و فلانا، يقول أحدهما لصاحبه حين يراه: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ «4». فقال الله لنبيه: قل لفلان و فلان و أتباعهما: لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ آل

__________________________________________________

9- ...، كشف الغمة 1: 323.

1- الكافي 1: 345/ 24.

2- تفسير القمّي 2: 286.

(1) تأتي في حديث (5)

من تفسير الآيتين (43، 44) من هذه السورة.

(2) المناقب: 320/ 366.

(3) بصائر الدرجات: 91/ 7. [.....]

(4) الزخرف 43: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 866

محمد حقهم أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ «1».

ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله): أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ مَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ «2» يعني من فلان و فلان و أتباعهما، ثم أوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه و آله):

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ في علي (عليه السلام) إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، يعني إنك على ولاية علي، و علي هو الصراط المستقيم».

9618/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال، عن الحسن بن وهب، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ قال: «في علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9619/ [4]- و

رواه علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ، فقال: «في علي بن أبي طالب (عليه السلام)» «3».

9620/ [5]- و

من طريق المخالفين: ابن المغازلي في (المناقب)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجة الوداع بمنى، حتى قال: «لألفينكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، و أيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم»، ثم التفت إلى خلفه فقال: «أو علي أو علي أو علي» ثلاثا، فرأينا أن جبرئيل غمزه، فأنزل الله

عز و جل على إثر ذلك: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ «4» بعلي «5»، ثم نزلت: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «6»، ثم نزلت: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و إن عليا لعلم للساعة وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

9621/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان،

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 560/ 21.

4- تأويل الآيات: 544 «طبع جماعة المدرسين».

5- المناقب: 274/ 321.

6- تفسير القمّي 2: 286.

(1) الزخرف 43: 39.

(2) الزخرف 43: 40، 41.

(3) هذا هو الحديث المتقدّم بعينه إلّا أن (الحسن بن وهب) سقط من السند.

(4) الزخرف 43: 41، 42.

(5) (بعليّ) ليست بالمصدر.

(6) المؤمنون 23: 93، 94.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 867

عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ؟ فقال: «الذكر: القرآن، و نحن قومه، و نحن مسئولون».

9622/ [7]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «1». قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الذكر أنا، و الأئمة أهل الذكر».

و قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال أبو جعفر (عليه السلام): «نحن قومه، و نحن

المسؤولون».

9623/ [8]- و

عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمان بن كثير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «2»، قال: «الذكر: محمد (صلى الله عليه و آله)، و نحن أهله المسؤولون».

قال: قلت: قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ؟ قال: «إيانا عنى، و نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

9624/ [9]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ: «فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الذكر، و أهل بيته (عليهم السلام) المسؤولون، و هم أهل الذكر».

9625/ [10]- و

عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال: «الذكر: القرآن، و نحن قومه، و نحن المسؤولون».

و رواه محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «3».

9626/ [11]- و

عنه: عن محمد بن الحسن و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، و محمد بن يحيى،

__________________________________________________

7- الكافي 1: 163/ 1.

8- الكافي 1: 164/ 2.

9- الكافي 1: 164/ 4. [.....]

10- الكافي 1: 164/ 5.

11- الكافي 1: 234/ 3.

(1) النحل 16:

43.

(2) النحل 16: 43.

(3) بصائر الدرجات: 57/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 868

و محمد بن الحسين جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد ابن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال جل ذكره: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «1»، قال:

الكتاب: الذكر، و أهله آل محمد (عليهم السلام)، و أمر الله عز و جل بسؤالهم، و لم يأمر بسؤال الجهال، و سمى الله عز و جل القرآن ذكرا، فقال تبارك و تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «2»، و قال عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ».

9627/ [12]- محمد بن الحسن الصفار: عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن يزيد، قال:

قال أبو جعفر (عليه السلام): وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ قال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) الذكر، و أهل بيته أهل الذكر، و هم المسؤولون».

9628/ [13]- و

عنه: عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال: «إنما عنانا بها، نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

9629/ [14]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن حسين بن الحكم، عن حسين بن نصر، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ

فنحن قومه، و نحن المسؤولون».

9630/ [15]- و

عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمان بن سلام، عن أحمد بن عبد الله، عن أبيه، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال: «إيانا عنى، و نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون».

9631/ [16]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ فرسول الله (صلى الله عليه و آله) الذكر، و أهل بيته (صلوات الله عليهم) أهل الذكر، و هم المسؤولون، أمر الله الناس يسألونهم، فهم ولاة الناس و أولاهم، فليس يحل لأحد من الناس أن يأخذ هذا الحق الذي افترضه الله لهم».

__________________________________________________

12- بصائر الدرجات: 57/ 5.

13- بصائر الدرجات: 58/ 8.

14- تأويل الآيات 2: 561/ 23.

15- تأويل الآيات 2: 561/ 24.

16- تأويل الآيات 2: 561/ 25.

(1) النحل 16: 43.

(2) النحل 16: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 869

9632/ [17]- و

عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يوسف، عن صفوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، من هم؟ قال: «نحن هم».

9633/ [18]- و

روي عن محمد بن خالد البرقي، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن ابني القاسم «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ، قال: «قوله:

وَ لِقَوْمِكَ يعني عليا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ عن ولايته».

سورة الزخرف(43): آية 45 ..... ص : 869
اشارة

قوله تعالى:

وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [45]

9634/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، و أبي منصور، عن أبي الربيع، قال: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام)، في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت، و قد اجتمع عليه الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، من هذا الذي قد تداك عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة، هذا محمد بن علي. فقال: اشهد لآتينه، فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي نبي. قال: فاذهب فاسأله لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس، ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: يا محمد بن علي، إني قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و قد عرفت حلالها و حرامها، و قد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي. قال: فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه، فقال: «سل عما بدا لك» فقال: أخبرني كم بين عيسى و محمد (صلى الله عليه و آله) من سنة؟ فقال: «أخبرك بقولي أو بقولك؟» قال: أخبرني عن القولين جميعا. قال: «أما في قولي فخمس مائة سنة، و أما في قولك فست مائة سنة».

قال: فأخبرني عن قول الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله):

وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ، من الذي سأل محمد (صلى الله عليه و آله)، و كان بينه و بين عيسى خمس مائة سنة؟

__________________________________________________

17- تأويل الآيات 2: 561/ 26.

18- تأويل الآيات 2: 562/ 27. [.....]

1- الكافي 9: 120/ 93.

(1) في المصدر زيادة: عن عبد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 870

[قال:] فتلا أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا «1»، فكان من الآيات التي أراها الله تبارك و تعالى محمدا (صلى الله عليه و آله) حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين و الآخرين من النبيين و المرسلين، ثم أمر جبرئيل (عليه السلام) فأذن شفعا، و أقام شفعا، و قال في أذانه: حي على خير العمل ثم تقدم محمد (صلى الله عليه و آله) فصلى بالقوم، فلما انصرف، قال [لهم : على ما تشهدون؟ و ما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنك رسول الله، أخذ على ذلك عهودنا و مواثيقنا». قال نافع: صدقت، يا أبا جعفر.

9635/ [2]- و

رواه علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي الربيع قال: حججت مع أبي جعفر (عليه السلام)، في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك، و كان معه نافع بن الأزرق مولى عمر بن الخطاب- و ذكر الحديث إلا أن في آخر رواية علي بن إبراهيم-: «ثم تقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصلي بالقوم، فأنزل الله عليه:

وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): على ماذا تشهدون؟ و ما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنك رسول الله، أخذت على ذلك عهودنا و مواثيقنا». قال نافع: صدقت يا ابن رسول الله يا أبا جعفر، أنتم و الله أوصياء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خلفاؤه في التوراة، و أسماؤكم في الإنجيل و الزبور و في الفرقان «2»، و أنتم أحق بالأمر من غيركم.

9636/ [3]- محمد بن العباس: عن جعفر بن محمد الحسني، عن علي بن إبراهيم القطان، عن عباد بن يعقوب، عن محمد بن الفضل، عن محمد بن سوقة، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في حديث الإسراء: «فإذا ملك قد أتاني، فقال: يا محمد، سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا:

على ماذا بعثتم؟ فقلت لهم: معاشر الرسل و النبيين على ماذا بعثكم الله قبلي؟ قالوا: على ولايتك يا محمد، و ولاية علي بن أبي طالب».

9637/ [4]- الطبرسي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا: «فهذا من براهين نبينا (صلى الله عليه و آله) التي آتاه الله إياها، و أوجب به الحجة على سائر خلقه، لأنه لما ختم به الأنبياء، و جعله الله رسولا إلى جميع الأمم، و سائر الملل، خصه بالارتقاء إلى السماء عند المعراج، و جمع له يومئذ الأنبياء، فعلم منهم ما أرسلوا به و حملوه من عزائم الله و آياته و براهينه،

و أقروا أجمعين بفضله، و فضل الأوصياء و الحجج في الأرض من بعده، و فضل شيعة وصيه من المؤمنين و المؤمنات، الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم، و لم يستكبروا عن أمرهم، و عرف من أطاعهم و عصاهم من أممهم، و سائر من مضى و من غبر، أو تقدم أو

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 285.

3- تأويل الآيات 2: 562/ 29.

4- الاحتجاج: 248.

(1) الإسراء 17: 1.

(2) في المصدر: القرآن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 871

تأخر».

9638/ [5]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي، بإسناده إلى محمد بن مروان، قال: حدثنا محمد بن السائب، بإسناده عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما عرج بي إلى السماء، انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة، فرأيت بيتا من ياقوت أحمر، فقال لي جبرئيل: يا محمد، هذا البيت المعمور، خلقه الله قبل خلق السماوات و الأرضين بخمسين ألف عام، فصل فيه. فقمت للصلاة، و جمع الله النبيين و المرسلين، فصفهم جبرئيل صفا، فصليت بهم.

فلما سلمت أتاني آت من عند ربي، فقال: يا محمد، ربك يقرئك السلام، و يقول لك: سل الرسل: على ماذا أرسلتم من قبلي؟ فقلت: معاشر الأنبياء و الرسل، على ماذا بعثكم ربي قبلي؟ قالوا: على ولايتك و ولاية علي بن أبي طالب، و ذلك قوله تعالى: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا».

9639/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن العباس ابن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث الله نبيا قط إلا بها».

9640/ [7]- و

عنه:

عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «ولاية علي (عليه السلام) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) و وصية علي (عليه السلام)».

9641/ [8]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: أخبرني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما قبض الله نبيا حتى أمره الله أن يوصي إلى أفضل عشيرته، من عصبته، و أمرني أن أوصي، فقلت:

إلى من يا رب؟ فقال: أوص- يا محمد- إلى ابن عملك علي بن أبي طالب، فإني قد أثبته في الكتب السالفة، و كتبت فيها أنه وصيك، و على ذلك أخذت ميثاق الخلائق و مواثيق أنبيائي و رسلي، أخذت مواثيقهم لي بالربوبية، و لك- يا محمد- بالنبوة، و لعلي بن أبي طالب بالولاية».

9642/ [9]- و

من طريق المخالفين: أبو نعيم المحدث، في (حلية الأولياء) في تفسير قوله تعالى: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا، قال: إن النبي (صلى الله عليه و آله) ليلة أسري به، جمع الله بينه و بين الأنبياء، قال: سلهم- يا محمد- على ماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة: أن لا إله إلا الله، و الإقرار بنبوتك، و الولاية لعلي بن أبي طالب.

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 563/ 30.

6- الكافي 1: 362/ 3.

7- الكافي

1: 363/ 6.

8- الأمالي 1: 102.

9- ...، تأويل الآيات 2: 563/ 31.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 872

لطيفة ..... ص : 872

9643/ [1]- شرف الدين النجفي، قال: و مما ورد في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أفضل من النبيين (صلوات الله عليهم)، روي مسندا مرفوعا، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) أنه قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا جابر، أي الإخوة أفضل؟» قال: قلت: البنون من الأب و الام. فقال: «إنا معاشر الأنبياء إخوة، و أنا أفضلهم، و أحب الإخوة إلي علي بن أبي طالب، فهو عندي أفضل من الأنبياء، فمن زعم أن الأنبياء أفضل منه، فقد جعلني أقلهم، و من جعلني أقلهم فقد كفر، لأني لم أتخذ عليا أخا إلا لما علمت من فضله» «1».

9644/ [2]- ثم قال: و بيان ذلك أن معنى الاخوة بينهما: المماثلة في الفضل إلا النبوة، لما

روى المفضل بن عمر «2» المهلبي، عن رجاله مسندا، عن محمد بن ثابت، قال: حدثني أبو الحسن موسى (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): «أنا رسول الله المبلغ عنه، و أنت وجه الله المؤتم به، فلا نظير لي إلا أنت، و لا مثل لك إلا أنا».

سورة الزخرف(43): آية 48 ..... ص : 872

قوله تعالى:

وَ ما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها [48]

9645/ [3]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، في (كامل الزيارات)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني، قال: صحبت أبا عبد الله (عليه السلام) في طريق مكة من المدينة، فنزلنا منزلا يقال له: عسفان، ثم مررنا بجبل أسود عن

يسار الطريق وحش، فقلت له: يا ابن رسول، ما أوحش هذا الجبل! ما رأيت في الطريق مثل هذا. فقال لي: «يا ابن بكر، أ تدري أي جبل هذا؟» قلت: لا. قال: «هذا جبل يقال له الكمد، و هو على واد من أودية جهنم، و فيه قتلة أبي الحسين (عليه السلام)، استودعهم الله فيه، تجري من تحتهم مياه جهنم من الغسلين و الصديد و الحميم و ما يخرج من جب الخزي «3»، و ما يخرج من الفلق، و ما يخرج من أثام، و ما

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 566/ 37.

2- تأويل الآيات 2: 567/ 38. [.....]

3- كامل الزيارات: 326/ 2.

(1) في المصدر زيادة: و أمرني ربي بذلك.

(2) في المصدر: المفضّل بن محمّد.

(3) في المصدر: الجوى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 873

يخرج من طينة خبال، و ما يخرج من جهنم، و ما يخرج من لظى، و ما يخرج من الحطمة، و ما يخرج من سقر، و ما يخرج من الجحيم «1»، و ما يخرج من الهاوية، و ما يخرج من السعير «2»، و ما مررت بهذا الجبل في سفري فوقفت به إلا رأيتهما يستغيثان و إني لأنظر إلى قتلة أبي، و أقول لهما: إنما هؤلاء فعلوا ما أسستما، لم ترحمونا إذ وليتم، و قتلتمونا و حرمتمونا، و وثبتم على حقنا «3»، و استبددتم بالأمر دوننا، فلا رحم الله من يرحمكما، ذوقا وبال ما قدمتما، و ما الله بظلام للعبيد. و أشدهما تضرعا و استكانة الثاني، فربما وقفت عليهما ليتسلى عني بعض ما في قلبي، و ربما طويت الجبل الذي هما فيه و هو جبل الكمد».

قال: قلت له: جعلت فداك، فإذا طويت الجبل، فما تسمع؟ قال: «أسمع أصواتهما يناديان:

عرج علينا نكلمك، فإنا نتوب و اسمع من الجبل صارخا يصرخ بي: أجبهما و قل لهما: اخسؤوا فيها و لا تكلمون».

قال: قلت له: جعلت فداك، و من معهم؟ قال: «كل فرعون عتا على الله و حكى الله عنه فعاله، و كل من علم العباد الكفر».

قلت: من هم؟ قال: «نحو بولس الذي علم اليهود أن يد الله مغلولة، و نحو نسطور الذي علم النصارى أن عيسى المسيح ابن الله، و قال: إنه ثالث ثلاثة «4» و نحو فرعون موسى الذي قال: أنا ربكم الأعلى و نمرود «5» الذي قال: قهرت أهل الأرض، و قتلت من في السماء و قاتل أمير المؤمنين و قاتل فاطمة و محسن، و قاتل الحسن و الحسين (عليهم السلام)، و أما معاوية و عمرو بن العاص فهما يطمعان في الخلاص و معهم كل من نصب لنا العداوة، و أعان علينا بلسانه و يده و ماله».

و قلت له: جعلت فداك، فأنت تسمع هذا كله و لا تفزع؟ قال: «يا ابن بكر، إن قلوبنا غير قلوب الناس، [إنا مطيعون مصفون مصطفون، نرى ما لا يرى الناس، و نسمع ما لا يسمع الناس ، و إن الملائكة تنزل علينا في رحالنا، و تتقلب على فرشنا، و تشهد طعامنا، و تحضر موتنا «6»، و تأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون، و تصلي معنا، و تدعو لنا، و تلقي علينا أجنحتها، و تتقلب على أجنحتها صبياننا، و تمنع الدواب أن تصل إلينا، و تأتينا مما في الأرضين من كل نبات في زمانه، و تسقينا من ماء كل أرض، نجد ذلك في آنيتنا، و ما من يوم و لا ساعة و لا وقت صلاة إلا و هي

تنبهنا لها، و ما من ليلة تأتي علينا إلا و أخبار كل أرض عندنا، و ما يحدث فيها، و أخبار الجن و أخبار [أهل الهواء من الملائكة، و ما من ملك يموت في الأرض و يقوم غيره مقامه إلا أتتنا بخبره و كيف سيرته في الذين قبله، و ما من أرض من ستة أرضين إلى أرض «7» السابعة إلا و نحن نؤتى بخبرها».

__________________________________________________

(1) في المصدر: الحميم.

(2) في نسخة من «ط، ج، ي»: حميم.

(3) في المصدر: قتلنا.

(4) في نسخة من «ط، ج، ي»: و قال: هم ثلاثة، و في المصدر: قال لهم: هم ثلاثة.

(5) في «ط، ج، ي»: و ثمود.

(6) في المصدر: موتانا.

(7) (أرض) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 874

فقلت له: جعلت فداك أين ينتهي هذا الجبل؟ قال: «إلى الأرض السادسة «1»، و فيها جهنم على واد من أوديتها، عليه حفظة أكثر من نجوم السماء و قطر المطر، و عدد ما في البحار، و عدد الثرى، و قد وكل كل ملك منهم بشي ء، و هو مقيم عليه لا يفارقه».

قلت: جعلت فداك، إليكم جميعا يلقون الأخبار؟ قال: «لا، إنما يلقى ذلك إلى صاحب الأمر، و إنا لنحمل ما لا يقدر العباد على حمله، و لا على الحكومة فيه «2»، فمن لم يقبل حكومتنا أجبرته الملائكة على قولنا، و أمرت الذين يحفظون ناحيته أن يقسروه على قولنا، فإن كان من الجن أهل الخلاف و الكفر أوثقته و عذبته حتى يصير إلى ما حكمنا به».

قلت له: جعلت فداك، فهل يرى الإمام ما بين المشرق و المغرب؟ قال: «يا ابن بكر، فكيف يكون حجة على ما بين قطريها، و هو لا يراهم و لا يحكم فيهم!

و كيف يكون حجة على قوم غيب لا يقدر عليهم و لا يقدرون عليه! و كيف يكون مؤديا عن الله و شاهدا على الخلق و هو لا يراهم؟! و كيف يكون حجة عليهم و هو محجوب عنهم، و قد حيل بينهم و بينه أن يقوم بأمر الله فيهم! و الله يقول: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ «3» يعني به من على الأرض، و الحجة من بعد النبي (صلى الله عليه و آله) يقوم مقام النبي (صلى الله عليه و آله)، و هو الدليل على ما تشاجرت فيه الامة، و الآخذ بحقوق الناس، و القائم «4» بأمر الله، و المنصف لبعضهم من بعض، فإذا لم يكن معهم من ينفذ قوله تعالى، و هو يقول: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ «5»، فأي آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق؟ و قال تعالى: وَ ما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها فأي آية أكبر منا».

سورة الزخرف(43): الآيات 49 الي 54 ..... ص : 874

قوله تعالى:

وَ قالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ [49- 54] 9646/ [1]- قال علي بن إبراهيم: ثم حكى قول فرعون و أصحابه [لموسى (عليه السلام)]، فقال: وَ قالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ أي يا أيها العالم ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ ثم قال فرعون: أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ يعني موسى وَ لا يَكادُ يُبِينُ، قال: لم يبن الكلام، ثم قال: فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ أي

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 285.

(1) في المصدر: السابعة.

(2) في المصدر: العباد على الحكومة فيه فنحكم فيه. [.....]

(3) سبأ 34: 28.

(4) في المصدر: و القيام.

(5) فصلت 41: 53.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4،

ص: 875

هلا القي عليه أسورة مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ؟ يعني مقارنين فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ لما دعاهم فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ.

سورة الزخرف(43): آية 55 ..... ص : 875

قوله تعالى:

فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ [55]

9647/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فقال: «إن الله عز و جل لا يأسف كأسفنا، و لكنه خلق أولياء لنفسه، يأسفون و يرضون، و هم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه، و سخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة إليه، و الأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك، و ليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه، لكن هذا معنى ما قال من ذلك، و قد قال: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة و دعاني إليها. و قال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «1»، و قال: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ «2».

فكل هذا و شبهه على ما ذكرت لك، و هكذا الرضا و الغضب و غيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك، و لو كان يصل إلى الله الأسف و الضجر، و هو الذي خلقهما و أنشأهما، لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد يوما، لأنه إذا دخله الغضب و الضجر، دخله التغيير، و إذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة، ثم لم يعرف المكون من المكون، و لا القادر من المقدور عليه، و لا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا [القول علوا كبيرا، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا

لحاجة استحال الحد و الكيف فيه، فافهم إن شاء الله تعالى».

و رواه ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثله

، و التغيير في يسير من الألفاظ لا يضر المعنى «3».

9648/ [2]- علي بن إبراهيم: فَلَمَّا آسَفُونا أي عصونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ، لأنه لا يأسف عز و جل كأسف الناس.

__________________________________________________

1- الكافي 1: 112/ 6.

2- تفسير القمّي 2: 285.

(1) النساء 4: 80.

(2) الفتح 48: 10.

(3) التوحيد: 168/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 876

سورة الزخرف(43): الآيات 57 الي 60 ..... ص : 876

قوله تعالى:

وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ- إلى قوله تعالى- يَخْلُفُونَ [57- 60]

9649/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1»: «قال بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم جالسا، إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن فيك شبها من عيسى بن مريم، لو لا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك قولا لا تمر بملإ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك، يلتمسون بذلك البركة. قال: فغضب الأعرابيان و المغيرة بن شعبة و عدة من قريش، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلى عيسى بن مريم! فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا

إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ يعني من بني هاشم مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ.

قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري، فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم فأنزل الله عليه مقالة الحارث، و نزلت عليه هذه الآية: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «2»، ثم قال له: يا ابن عمرو، إما تبت، و إما رحلت. فقال: يا محمد بل تجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب و العجم، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): ليس ذلك إلي، ذلك إلى الله تبارك و تعالى، فقال: يا محمد، قلبي ما يتابعني على التوبة، و لكن أرحل عنك فدعا براحلته فركبها، فلما صار بظهر المدينة، أتته جندلة فرضت «3» هامته، ثم أتى الوحي إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ «4»».

قال: قلت له: جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا، فقال: «هكذا و الله نزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله)، و هكذا و الله مثبت في مصحف فاطمة (عليها السلام). فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى

__________________________________________________

1- الكافي 8: 57/ 18.

(1) (عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ليس في

«ج» و المصدر.

(2) الأنفال 8: 33.

(3) في المصدر: فرضخت.

(4) المعارج 70: 1- 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 877

صاحبكم، فقد أتاه ما استفتح به قال الله عز و جل: وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ «1»».

9650/ [2]- الشيخ في (التهذيب): عن الحسين بن الحسن الحسيني، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، في دعاء يوم الغدير: « [ربنا] فقد أجبنا داعيك النذير المنذر محمدا (صلى الله عليه و آله) عبدك و رسولك إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي أنعمت عليه و جعلته مثلا لبني إسرائيل، إنه أمير المؤمنين و مولاهم و وليهم إلى يوم القيامة، يوم الدين فإنك قلت: إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ».

9651/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن وكيع، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن أبي الأغر «2»، عن سلمان الفارسي، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في أصحابه إذ قال: «إنه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم» فخرج بعض من كان جالسا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليكون هو الداخل، فدخل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال الرجل لبعض أصحابه: ما رضي محمد أن فضل عليا علينا حتى يشبهه بعيسى بن مريم! و الله لآلهتنا التي كنا نعبدها في الجاهلية أفضل منه، فأنزل الله في ذلك المجلس «و لما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يضجون» فحرفوها يصدون «و قالوا ءآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا

بل هم قوم خصمون، إن علي إلا عبد أنعمنا عليه و جعلناه مثلا لبني إسرائيل» فمحي اسمه و كشط من «3» هذا الموضع.

9652/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن محمد بن عمر الحنفي «4»، عن عمر «5» بن قائد، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: بينما النبي (صلى الله عليه و آله) في نفر من أصحابه إذ قال: «الآن يدخل عليكم نظير عيسى بن مريم في أمتي». فدخل أبو بكر، فقالوا: هو هذا؟ فقال: «لا».

فدخل عمر، فقالوا: هو هذا؟ فقال: «لا». فدخل علي (عليه السلام) فقالوا: هو هذا؟ فقال: «نعم». فقال قوم: لعبادة اللات و العزى أهون من هذا، فأنزل الله عز و جل: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ الآيات.

9653/ [5]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن سهل العطار، قال: حدثنا أحمد بن عمر الدهقان، عن محمد بن كثير الكوفي، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: جاء قوم إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا

__________________________________________________

2- التهذيب 3: 144/ 1. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 285.

4- تأويل الآيات 2: 567/ 39.

5- تأويل الآيات 2: 568/ 40

(1) إبراهيم 14: 15.

(2) في المصدر: أبي الأعزّ.

(3) في المصدر: اسمه عن.

(4) في المصدر: نجدح بن عمير الخثعمي.

(5) في المصدر: عمرو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 878

محمد، إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى، فأوحي لنا الموتى، فقال لهم: «من تريدون؟» قالوا: نريد فلانا، و إنه قريب عهد بموت، فدعا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأصغى إليه بشي ء لا نعرفه، ثم قال له:

«انطلق معهم إلى الميت فادعه باسمه و اسم أبيه»، فمضى معهم حتى وقف على قبر الرجل، ثم ناداه: يا فلان بن فلان، فقام الميت، فسألوه. ثم اضطجع في لحده، ثم انصرفوا و هم يقولون: إن هذا من أعاجيب بني عبد المطلب، أو نحوها، فأنزل الله عز و جل: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ أي يضحكون «1».

9654/ [6]- و

عنه: عن عبد الله بن عبد العزيز، عن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن نمير، عن شريك، عن عثمان بن عمير البجلي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال لي علي (عليه السلام): «مثلي في هذه الأمة مثل عيسى ابن مريم، أحبه قوم فغالوا في حبه فهلكوا، و أبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا، و اقتصد فيه قوم فنجوا».

9655/ [7]- و

عنه، قال: حدثنا محمد بن مخلد الدهان، عن علي بن أحمد العريضي بالرقة، عن إبراهيم بن علي بن جناح، عن الحسن بن علي بن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نظر إلى علي (عليه السلام) و أصحابه حوله و هو مقبل، فقال (صلى الله عليه و آله): أما إن فيك لشبها من عيسى، و لو لا مخافة أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصاري في عيسى بن مريم، لقلت فيك مقالا لا تمر بملإ من الناس إلا أخذوا من تحت قدميك التراب، يبتغون فيه البركة. فغضب من كان حوله، و تشاوروا فيما بينهم، و قالوا: لم يرض [محمد] إلا أن يجعل ابن عمه مثلا لبني إسرائيل! فأنزل الله عز و جل: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ

مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا من بني هاشم مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ».

قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ليس في القرآن: بني هاشم «2»؟ قال: «محيت و الله فيما محي، و لقد قال عمرو بن العاص على منبر مصر: محي من كتاب الله ألف حرف، و حرف منه بألف حرف، و أعطيت مائتي ألف درهم على أن أمحي إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ «3»، فقالوا: لا يجوز ذلك فكيف جاز ذلك لهم و لم يجز لي؟ فبلغ ذلك معاوية، فكتب إليه: قد بلغني ما قلت على منبر مصر، و لست هناك».

9656/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن اليعقوبي، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن جده، قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله)، في قول الله عز و جل: وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ، قال: «الصدود في العربية: الضحك».

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 2: 568/ 41.

7- تأويل الآيات 2: 568/ 42.

8- معاني الأخبار: 220/ 1.

(1) في «ج، ي»: يضجون.

(2) في «ط» زيادة: ملائكة في الأرض يخلفون.

(3) الكوثر 108: 3. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 879

9657/ [9]- الطبرسي: روى سادات «1» أهل البيت، عن علي (عليه السلام)، قال: «جئت إلى النبي (صلى الله عليه و آله) يوما، فوجدته في ملأ من قريش، فنظر إلي، ثم قال:

يا علي، إنما مثلك في هذه الامة كمثل عيسى بن مريم، أحبه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا، و أبغضه قوم و أفرطوا في بغضه فهلكوا، و اقتصد فيه قوم فنجوا، فعظم ذلك عليهم و ضحكوا، و قالوا: شبهه بالأنبياء و الرسل» فنزلت هذه الآية.

سورة الزخرف(43): الآيات 61 الي 62 ..... ص : 879

قوله تعالى:

وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها- إلى قوله تعالى- عَدُوٌّ مُبِينٌ [61- 62]

9658/ [1]- الشيخ في (أماليه): عن محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث- قال (صلى الله عليه و آله): «و إن عليا لعلم للساعة لك و لقومك و لسوف تسألون عن محبة علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

و الحديث تقدم في قوله تعالى: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ «2».

9659/ [2]- و

من طريق المخالفين: ما رواه ابن المغازلي في (المناقب)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث- قال: «و إن عليا لعلم الساعة لك و لقومك و لسوف تسألون عن علي بن أبي طالب». في حديث تقدم في قوله تعالى: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «3».

9660/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: جاء في تفسير أهل البيت (عليهم السلام): أن الضمير في (إنه) يعود إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لما روي بحذف الإسناد، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ، قال: «عنى بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)». و قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، أنت علم هذه الامة، فمن اتبعك نجا، و من

تخلف عنك هلك و هوى».

9661/ [4]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر الله خطر أمير المؤمنين (عليه السلام) و عظم شأنه عنده تعالى، فقال: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام).

__________________________________________________

9- مجمع البيان 9: 80.

1- الأمالي 1: 373.

2- المناقب: 275/ 321.

3- تأويل الآيات 2: 2: 570/ 45.

4- تفسير القمّي 2: 286.

(1) في المصدر: ما رواه سادة.

(2) تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآية (41) من هذه السورة.

(3) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيتين (43، 44) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 880

9662/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له [: قوله تعالى : وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ «1»؟ فقال: «الذكر: القرآن، و نحن قومه، و نحن المسؤولون وَ لا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ يعني الثاني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ».

سورة الزخرف(43): آية 66 ..... ص : 880

قوله تعالى:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ [66]

9663/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن يسار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً، قال: «هي ساعة القائم (عليه السلام)، تأتيهم بغتة».

سورة الزخرف(43): آية 67 ..... ص : 880

قوله تعالى:

الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [67]

9664/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث أبي بصير- قال له: «يا أبا محمد الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ، و الله ما أراد بهذا غيركم».

9665/ [3]- علي بن إبراهيم، في معنى الآية: يعني: الأصدقاء يعادي بعضهم بعضا،

قال: و قال الصادق (عليه السلام): «ألا كل خلة كانت في الدنيا في غير الله، فانها تصير عداوة يوم القيامة».

و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «و للظالم غدا بكفه عضة، و الرحيل و شيك، و للأخلاء ندامة إلا المتقين».

9666/ [4]- ثم

قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن شعيب بن يعقوب، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام)، قال في خليلين

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 286.

1- تأويل الآيات 2: 1: 571/ 46.

2- الكافي 8: 35/ 6.

3- تفسير القمّي 2: 287.

4- تفسير القمّي 2: 287.

(1) الزخرف 43: 44. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 881

مؤمنين، و خليلين كافرين، و مؤمن غني و مؤمن فقير، و كافر غني و

كافر فقير: «فأما الخليلان المؤمنان فتخالا حياتهما في طاعة الله تبارك و تعالى، و تباذلا عليها و توادا عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه، فأراه الله منزله في الجنة، يشفع لصاحبه، فقال: يا رب خليلي فلان، كان يأمرني بطاعتك، و يعينني عليها، و ينهاني عن معصيتك، فثبته على ما ثبتني عليه من الهدى حتى تريه ما أريتني فيستجيب الله له حتى يلتقيان عند الله عز و جل، فيقول كل واحد لصاحبه: جزاك الله من خليل خيرا، كنت تأمرني بطاعة الله، و تنهاني عن معصيته.

و أما الكافران فتخالا بمعصية الله، و تباذلا عليها، و توادا عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه، فأراه الله تعالى منزله في النار. فقال: يا رب خليلي فلان كان يأمرني بمعصيتك، و ينهاني عن طاعتك، فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تريه ما أريتني من العذاب فيلتقيان عند الله يوم القيامة، يقول كل واحد منهما لصاحبه: جزاك الله عني من خليل شرا، كنت تأمرني بمعصية الله، و تنهاني عن طاعته». قال: ثم قرأ: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ.

«و يدعى بالمؤمن الغني يوم القيامة إلى الحساب فيقول الله تبارك و تعالى: عبدي. قال: لبيك يا رب، قال:

ألم أجعلك سميعا بصيرا، و جعلت لك مالا كثيرا؟ قال: بلى يا رب. قال: فما أعددت للقائي؟ قال: آمنت بك، و صدقت رسلك، و جاهدت في سبيلك. قال: فما ذا فعلت فيما آتيتك؟ قال: أنفقته في طاعتك. قال: فما ذا أورثت في عقبك؟ قال: خلقتني و خلقتهم، و رزقتني و رزقتهم، و كنت قادرا على أن ترزقهم كما رزقتني، فوكلت عقبي إليك. فيقول الله عز و جل: صدقت، اذهب، فلو تعلم مالك عندي لضحكت كثيرا.

ثم

يدعى بالمؤمن الفقير، فيقول: يا ابن آدم «1»، فيقول: لبيك يا رب، فيقول: ماذا فعلت؟ فيقول: يا رب هديتني لدينك، و أنعمت علي، و كففت عني ما لو بسطته لخشيت أن يشغلني عما خلقتني له. فيقول الله عز و جل: صدق عبدي لو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا.

ثم يدعى بالكافر الغني فيقول له: ما أعددت للقائي؟ فيعتل فيقول: ما أعددت شيئا. فيقول: ما ذا فعلت فيما آتيتك؟ فيقول: ورثته عقبي، فيقول: من خلقك؟ فيقول: أنت. فيقول: من رزقك؟ فيقول: أنت. فيقول: من خلق عقبك؟ فيقول: أنت. قال: أ لم أك قادرا أن أرزق عقبك كما رزقتك؟ فإن قال: نسيت هلك، و إن قال: لم أدر ما أنت هلك، فيقول الله عز و جل: لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا.

ثم يدعى بالكافر الفقير، فيقول له: يا ابن آدم فما فعلت فيما أمرتك؟ فيقول: ابتليتني ببلاء الدنيا حتى أنسيتني ذكرك، و شغلتني عما خلقتني له. فيقول: فهل دعوتني فأرزقك، و سألتني فأعطيك؟ فإن قال: رب نسيت هلك، و إن قال: لم أدر ما أنت هلك، فيقول: لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا».

سورة الزخرف(43): الآيات 69 الي 75 ..... ص : 881

قوله تعالى:

الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَ كانُوا مُسْلِمِينَ- إلى قوله تعالى- وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [69- 75]

__________________________________________________

(1) في المصدر: يا عبدي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 882

9667/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا: يعني الأئمة «1» (عليهم السلام) وَ كانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ أي تكرمون يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ أَكْوابٍ أي قصاع و أواني وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ إلى قوله تعالى: مِنْها تَأْكُلُونَ فهو «2» محكم.

9668/ [2]- ثم

قال علي بن إبراهيم:

أخبرني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الرجل في الجنة يبقى على مائدته أيام الدنيا، و يأكل في أكلة واحدة بمقدار أكله «3» في الدنيا».

ثم ذكر الله عز و جل ما أعده لأعداء آل محمد (عليهم السلام)، فقال: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ أي آيسون من الخير، فذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «و أما أهل المعصية فخلدهم في النار، و أوثق منهم الأقدام، و غل منهم الأيدي إلى الأعناق، و ألبس أجسادهم سرابيل القطران، و قطعت لهم منها ثياب من مقطعات النيران «4»، هم في عذاب قد اشتد حره، و نار قد أطبق على أهلها، لا تفتح عنهم أبدا، و لا يدخلهم ريح أبدا، و لا ينقضي لهم غم أبدا، العذاب أبدا شديد، و العقاب أبدا جديد، لا الدار زائلة فتفنى، و لا آجال القوم تقضى».

سورة الزخرف(43): آية 76 ..... ص : 882

قوله تعالى:

وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ [76]

9669/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ، [قال : «و ما ظلمناهم بتركهم ولاية أهل بيتك، و لكن كانوا هم الظالمين».

سورة الزخرف(43): الآيات 77 الي 78 ..... ص : 882

قوله تعالى:

وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 288.

2- تفسير القمّي 2: 288.

3- تأويل الآيات 2: 571/ 47.

(1) في المصدر: بالأئمة.

(2) في المصدر: فإنه.

(3) في المصدر: ما أكله.

(4) في المصدر: و قطعت لهم مقطعات من النار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 883

لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ [77- 78] 9670/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى نداء أهل النار، فقال: وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، قال: أي نموت، فيقول مالك: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ.

ثم قال الله تعالى: لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ يعني بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ يعني لولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الدليل على أن الحق ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله تعالى:

وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ يعني ولاية علي (عليه السلام) فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ آل محمد حقهم ناراً «1».

9671/ [2]- ابن طاوس (رحمه الله):- في حديث، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، في أهل النار- قال (صلى الله عليه و آله): «فإذا يئسوا من خزنة جهنم رجعوا إلى مالك مقدم الخزان، و أملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان، قال الله جل جلاله:

وَ نادَوْا يا

مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة و هم في العذاب، ثم يجيبهم كما قال الله تعالى في كتابه المكنون: قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ، قال: فإذا يئسوا من مولاهم رب العالمين الذي كان أهون شي ء عندهم في دنياهم، و كان قد آثر كل واحد منهم هواه عليه مدة الحياة».

و الحديث تقدم بزيادة في قوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ من سورة حم المؤمن «2».

سورة الزخرف(43): الآيات 79 الي 80 ..... ص : 883

قوله تعالى:

أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [79- 80] 9672/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: ثم ذكر على إثر هذا خبرهم، و ما تعاهدوا عليه في الكعبة، أن لا يردوا الأمر في أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ إلى قوله تعالى لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ.

9673/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 289.

2- الدروع الواقية: 58 «مخطوط».

3- تفسير القمّي 2: 289.

4- الكافي 8: 180/ 202.

(1) الكهف 18: 29.

(2) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (47- 50) من سورة حم المؤمن. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 884

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: [قوله تعالى : أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ؟ قال: و هاتان الآيتان نزلتا فيهم «1» ذلك اليوم، قال أبو عبد الله (عليه السلام):

«لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب، إلا يوم قتل الحسين (عليه السلام)، و

ذلك كان سابقا في «2» علم الله عز و جل الذي أعلمه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إذا كتب الكتاب قتل الحسين (عليه السلام)، و خرج الملك من بني هاشم، فقد كان ذلك كله».

9674/ [3]- و

عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، و علي بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله تعالى: كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ «3»، و الذي أنزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كان معهم أبو عبيدة، و كان كاتبهم، فأنزل الله تعالى: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ الآية».

9675/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن حماد الشاشي، عن الحسين «4» بن أسد الطفاوي، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن الفضيل بن الزبير، عن أبي داود، عن بريدة الأسلمي: أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لبعض أصحابه: «سلموا على علي بإمرة المؤمنين». فقال رجل من القوم: لا و الله لا تجتمع النبوة و الإمامة «5» في أهل بيت أبدا. فأنزل الله عز و جل: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ.

9676/ [5]- روى عبد الله بن عباس، أنه قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخذ عليهم الميثاق مرتين لأمير المؤمنين (عليه السلام)، الاولى: حين قال: «أ تدرون من وليكم من بعدي؟» قالوا: الله و رسوله أعلم، قال: «صالح المؤمنين». و أشار بيده إلى علي بن

أبي طالب (عليه السلام)، و قال: «هذا وليكم بعدي».

و الثانية: يوم غدير خم يقول: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه». و كانوا قد أسروا في أنفسهم و تعاقدوا: أن لا نرجع إلى أهل هذا البيت «6» هذا الأمر، و لا نعطيهم الخمس فأطلع الله نبيه (صلى الله عليه و آله) على أمرهم، و أنزل عليه:

أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ.

__________________________________________________

3- الكافي 1: 348/ 43.

4- تأويل الآيات 2: 572/ 48.

5- تأويل الآيات 2: 572/ 49.

(1) انظر بداية الحديث في الكافي.

(2) في المصدر: و هكذا كان في سابق.

(3) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 9.

(4) الظاهر أنّه الحسن، راجع الجامع في الرجال 1: 474 و 494.

(5) في المصدر: و الخلافة.

(6) في المصدر: إلى أهله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 885

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة محمد (صلى الله عليه و آله) روايات بهذا المعنى «1».

سورة الزخرف(43): آية 81 ..... ص : 885

قوله تعالى:

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ [81]

9677/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [قال:] «إن الله جل و عز لما أراد أن يخلق آدم (عليه السلام) أرسل الماء على الطين، ثم قبض قبضة فعركها، ثم فرقها فرقتين بيده، ثم ذرأهم فإذا هم يدبون. ثم رفع لهم نارا، فأمر أهل الشمال أن يدخلوها، فذهبوا إليها فهابوها و لم يدخلوها، ثم أمر أهل اليمين أن يدخلوها، فذهبوا فدخلوها. فأمر الله عز و جل النار فكانت عليهم بردا و سلاما، فلما

رأى ذلك أهل الشمال. قالوا: ربنا أقلنا فأقالهم، ثم قال لهم: ادخلوها فذهبوا فقاموا عليها و لم يدخلوها، فأعادهم طينا و خلق منها آدم (عليه السلام)».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء، و لا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء». قال:

«فيرون أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أول من دخل تلك النار، فذلك قوله جل و عز: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ».

9678/ [2]- علي بن إبراهيم: يعني الآنفين «2» أن يكون له ولد.

9679/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ «أي الجاحدين» التأويل في هذا القول، باطنه مضاد لظاهره.

سورة الزخرف(43): آية 82 ..... ص : 885

قوله تعالى:

سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ [82]

9680/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الشجري بنيسابور، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الشعراني العماري، من ولد عمار بن ياسر، قال: حدثنا أبو محمد

__________________________________________________

1- الكافي 2: 5/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 289.

3- الاحتجاج: 250.

4- التوحيد: 311/ 1.

(1) تأتي في تفسير الآيتين (29 و 30) و ما بعدهما، من سورة محمّد (ص). [.....]

(2) في المصدر: يعني أول القائلين للّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 886

عبد الله بن يحيى بن عبد الباقي الأذني بأذنة، قال: حدثنا علي بن الحسن المعاني، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، قال: حدثنا محمد بن جحادة، عن يزيد بن الأصم، قال: سأل رجل عمر بن الخطاب:

ما تفسير سبحان الله؟ قال: إن في هذا الحائط رجلا إذا سئل أنبأ،

و إذا سكت ابتدأ فدخل فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: يا أبا الحسن، ما تفسير سبحان الله؟ قال: «هو تعظيم جلال الله عز و جل، و تنزيهه عما قال فيه كل مشرك، فإذا قالها العبد صلى عليه كل ملك».

9681/ [2]- و

عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا أبي، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل قال (عليه السلام) فيه-: «فمن اختلاف صفات العرش، أنه قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ رب الوحدانية عَمَّا يَصِفُونَ، و قوم وصفوه بيدين، فقالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ «1»، و قوم و صفوه بالرجلين، فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء، و وصفوه بالأنامل، فقالوا: إن محمدا (صلى الله عليه و آله) قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال:

رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ، يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه، و لله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شي ء، و لا يوصف، و لا يتوهم، فذلك المثل الأعلى».

و الحديث تقدم بتمامه في قوله تعالى: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ في سورة النمل «2».

و معنى سبحان، تقدم بروايات كثيرة في قوله تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ، إلى آخر الآية من سورة يوسف «3».

سورة الزخرف(43): آية 84 ..... ص : 886

قوله تعالى:

وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ [84]

9682/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم،

قال:

قال أبو شاكر الديصاني: إن في القرآن آية هي قولنا. قلت: ما هي؟ فقال: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ فلم أدر بما أجيبه، فحججت، فخبرت أبا عبد الله (عليه السلام)، قال: «هذا كلام زنديق خبيث، إذا رجعت إليه

__________________________________________________

2- التوحيد: 323/ 1.

1- الكافي 1: 99/ 1.

(1) المائدة 5: 64.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة النمل.

(3) تقدّم في تفسير الآية (108) من سورة يوسف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 887

فقل له: ما أسمك بالكوفة؟ فإنه يقول: فلان، فقل له: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول: فلان، فقل: كذلك الله ربنا في السماء إله، و في البحار «1» إله، و في الأرض «2» إله، و في القفار إله، و في كل مكان إله»، قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته، فقال: هذه نقلت من الحجاز.

و رواه ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، الحديث «3».

9683/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن منصور، عن أبي اسامة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ، فنظرت و الله إليه و قد لزم الأرض، و هو يقول:

«و الله عز و جل الذي هو، و الله ربي في السماء إله، و في الأرض إله، و هو الله عز و جل».

9684/ [3]- السيد الرضي في (الخصائص): قال الأسقف النصراني لعمر: أخبرني- يا عمر- أين الله تعالى؟

قال: فغضب عمر،

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أنا أجيبك و سل عما شئت، كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم، إذ أتاه ملك فسلم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أين أرسلت؟ قال: من سبع سماوات من عند ربي، ثم أتاه ملك آخر فسلم، فقال له رسول الله: من أين أرسلت؟ قال: من سبع أرضين من عند ربي ثم أتاه ملك آخر فسلم، فقال له رسول الله: من أين أرسلت؟ قال: من مشرق الشمس من عند ربي ثم أتاه ملك آخر، فقال له رسول الله: من أين أرسلت؟ قال: من مغرب الشمس من عند ربي، فالله ها هنا و ها هنا، في السماء إله، و في الأرض إله، و هو الحكيم العليم».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «معناه من ملكوت ربي في كل مكان، و لا يعزب عن علمه شي ء تبارك و تعالى».

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- حديث في معنى الآية في قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ من سورة المجادلة «4».

سورة الزخرف(43): الآيات 86 الي 89 ..... ص : 887

قوله تعالى:

وَ لا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ- إلى قوله تعالى- فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [86- 89]

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 289.

3- خصائص أمير المؤمنين (عليه السّلام): 92.

(1) في المصدر: الأرض.

(2) في المصدر: البحار.

(3) التوحيد: 133/ 16.

(4) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (7) من سورة المجادلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 4، ص: 888

9685/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: هم الذين قد عبدوا في الدنيا لا يملكون الشفاعة لمن عبدهم، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا رب إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ» فقال الله: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.

9686/

[2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن، و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، و محمد بن يحيى، و محمد بن الحسين، جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال فيه: «فلما بعث الله عز و جل محمدا (صلى الله عليه و آله) سلم له العقب من المستحفظين، و كذبه بنو إسرائيل، و دعا إلى الله عز و جل، و جاهد في سبيله، ثم أنزل الله جل ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال: إن العرب قوم جفاة، لم يكن فيهم كتاب، و لم يبعث إليهم نبي، و لا يعرفون نبوة «1» الأنبياء، و لا شرفهم، و لا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي. فقال الله جل ذكره:

وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ «2»، وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، فذكر من فضل وصيه ذكرا، فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك، فقال الله جل ذكره «3»: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ «4»، فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ «5»، و لكنهم يجحدون بغير حجة لهم».

تم بحمد الله و منه الجزء الرابع من تفسير البرهان، و يتلوه الجزء الخامس، أوله تفسير سورة الدخان

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 289.

2- الكافي 1: 233/ 3. [.....]

(1) في المصدر: و لا يعرفون فضل نبوّات.

(2) النحل 16: 127.

(3) في المصدر: ذلك و ما يقولون، فقال اللّه جلّ ذكره يا محمّد.

(4) الحجر 15: 97.

(5) الأنعام 6: 33.

الجزء الخامس

سورة الدخان ..... ص : 7

فضلها ..... ص : 7

9687/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):

«من قرأ سورة الدخان في فرائضه و نوافله، بعثه الله من «1» الآمنين يوم القيامة تحت عرشه، و حاسبه حسابا يسيرا، و أعطاه كتابه بيمينه».

9688/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر بعدد كل حرف منها مائة ألف رقبة عتيق، و من قرأها ليلة الجمعة غفر الله له جميع ذنوبه و من كتبها و علقها عليه أمن من كيد الشياطين و من جعلها تحت رأسه رأى في منامه كل خير، و أمن من قلقه في الليل و إذا شرب ماءها صاحب الشقيقة برى ء و إذا كتبت و جعلت في موضع فيه تجارة ربح صاحب الموضع، و كثر ماله سريعا».

9689/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها ليلة الجمعة غفر الله له ذنوبه السابقة و من كتبها و علقها عليه أمن من كيد الشياطين و من تركها تحت رأسه رأى في منامه كل خير، و أمن من القلق، و إن شرب ماءها صاحب الشقيقة برى ء من ساعته و إذا كتبت و جعلت في موضع فيه تجارة ربح صاحبها و كثر ماله سريعا».

9690/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها عليه أمن من شر كل ملك، و كان مهابا في وجه كل من يلقاه، و محبوبا عند الناس و إذا شرب ماءها نفع من انعصار البطن، و سهل المخرج بإذن الله».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 114.

2- .......

3- .......

4- خواص القرآن: 7 «مخطوط».

(1) في المصدر: مع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 8

سورة الدخان(44): الآيات 1 الي 9 ..... ص : 8

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ

إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ- إلى قوله تعالى- بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ [1- 9]

9691/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، و علي بن إبراهيم، جميعا، عن محمد بن علي، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم، قال: كنت عند أبي الحسن موسى (عليه السلام)، إذ أتاه رجل نصراني، و نحن معه بالعريض، فقال له النصراني: إني أتيتك من بلد بعيد و سفر شاق، و سألت ربي منذ ثلاثين سنة أن يرشدني إلى خير الأديان و إلى خير العباد و أعلمهم، و أتاني آت في النوم فوصف لي رجلا بعلياء دمشق، فانطلقت حتى أتيته فكلمته، فقال: أنا أعلم أهل ديني، و غيري أعلم مني.

فقلت: أرشدنى إلى من هو أعلم منك، فاني لا أستعظم السفر، و لا تبعد علي الشقة، و لقد قرأت الإنجيل كله، و مزامير داود، و قرأت أربعة أسفار من التوراة، و قرأت ظاهر القرآن حتى استوعبته كله.

فقال لي العالم: إن كنت تريد علم النصرانية، فأنا أعلم العرب و العجم بها، و إن كنت تريد علم اليهودية فباطي بن شرحبيل السامري أعلم الناس بها اليوم، و إن كنت تريد علم الإسلام و علم التوراة و علم الإنجيل و الزبور و كتاب هود، و كل ما أنزل الله على نبي من الأنبياء في دهرك و دهر غيرك، و ما أنزل من السماء من خبر فعلمه أحد أو لم يعلم به أحد، فيه تبيان كل شي ء، و شفاء للعالمين، و روح لمن استروح إليه، و بصيرة لمن أراد الله به خيرا و أنس إلى الحق، و أرشدك إليه، فأته و لو مشيا على رجليك فإن لم تقدر

فحبوا على ركبتيك، فان لم تقدر فزحفا على استك، فان لم تقدر فعلى وجهك.

__________________________________________________

1- الكافي 1: 398/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 9

فقلت: لا، بل أنا أقدر على المسير في البدن و المال، قال: فانطلق من فورك حتى تأتي يثرب، فقلت:

لا أعرف يثرب. قال: فانطلق حتى تأتي مدينة النبي (صلى الله عليه و آله)، الذي بعث في العرب، و هو النبي العربي الهاشمي، فإذا دخلتها فسل عن بني غنم بن مالك بن النجار، و هو عند باب مسجدها، و أظهر بزة النصرانية و حليتها، فإن واليها يتشدد عليهم، و الخليفة أشد، ثم تسأل عن بني عمرو بن مبذول، و هو ببقيع الزبير، ثم تسأل عن موسى بن جعفر، و أين منزله، و أنه مسافر أو حاضر، فإن كان مسافرا فالحقه، فإن سفره أقرب مما ضربت إليه، ثم أعلمه أن مطران علياء الغوطة- غوطة دمشق- هو الذي أرشدني إليك، و هو يقرئك السلام كثيرا، و يقول لك:

إني لاكثر مناجاة ربي أن يجعل إسلامى على يديك.

فقص هذه القصة و هو قائم معتمد على عصاه، ثم قال لي: إن أذنت لي يا سيدي كفرت لك «1»، و جلست، فقال: «آذن لك أن تجلس، و لا آذن لك أن تكفر». فجلس ثم ألقى عنه برنسه، ثم قال: جعلت فداك، تأذن لي في الكلام؟ قال: «نعم، ما جئت إلا له».

فقال له النصراني: أردد على صاحبي السلام، أو ما ترد السلام؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «على صاحبك أن هداه الله، أما التسليم فذاك إذا صار في ديننا».

فقال النصراني: إني أسألك أصلحك الله؟ قال: «سل»، قال: أخبرني عن الكتاب الذي أنزل على محمد، و نطق به ثم وصفه بما وصفه،

فقال: حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ما تفسيرها في الباطن؟ فقال: «أما حم فهو محمد (صلى الله عليه و آله)، و هو في كتاب هود الذي انزل عليه، و هو منقوص الحروف، و أما الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، و أما الليلة ففاطمة (عليها السلام)، و أما قوله تعالى: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ يقول: يخرج منها خير كثير، فرجل حكيم، و رجل حكيم، و رجل حكيم».

فقال الرجل: صف لي الأول و الآخر من هؤلاء الرجال؟ فقال: «الصفات تشتبه، و لكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله، و إنه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم، إن لم تغيروا و تحرفوا و تكفروا و قديما ما فعلتم».

فقال له النصراني: إني لا أستر عنك ما علمت، و لا أكذبك، و أنت تعلم ما أقول في صدق ما أقول و كذبه، و الله لقد أعطاك الله من فضله، و قسم عليك من نعمه ما لا يخطره الخاطرون، و لا يستره الساترون، و لا يكذب فيه من كذب، فقولي لك في ذلك الحق، كل ما ذكرت فهو كما ذكرت.

فقال له أبو إبراهيم (عليه السلام): «أعجلك أيضا خبرا لا يعرفه إلا قليل ممن قرأ الكتب، أخبرني ما اسم أم مريم؟

و أى يوم نفخت فيه مريم؟ و لكم من ساعة من النهار؟ و أى يوم وضعت فيه مريم عيسى (عليه السلام)، و لكم من ساعة من النهار؟». فقال النصراني: لا أدرى.

فقال أبو إبراهيم (عليه السلام): «أما ام مريم فاسمها مرثا، و هي وهيبة بالعربية، و أما اليوم الذي حملت فيه مريم

__________________________________________________

(1) التكفير: وضع

اليد على الصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 10

فهو يوم الجمعة للزوال، و هو اليوم الذي هبط فيه الروح الأمين، و ليس للمسلمين عيد كان أولى منه، عظمه الله تبارك و تعالى، و عظمه محمد (صلى الله عليه و آله)، فأمره أن يجعله عيدا، فهو يوم الجمعة، و أما اليوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلاثاء لأربع ساعات و نصف من النهار، و النهر الذي ولدت عليه مريم عيسى (عليه السلام) هل تعرفه؟» قال: لا، قال: «هو الفرات، و عليه شجر النخل و الكرم، و ليس يساوى بالفرات شي ء للكروم و النخيل، فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها، و نادى قيدوس ولده و أشياعه، فأعانوه و أخرجوا آل عمران، لينظروا إلى مريم، فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه و علينا في كتابه، فهل فهمته؟». قال: نعم، و قرأته اليوم الأحدث، قال: «إذن لا تقوم من مجلسك حتى يهديك الله».

قال النصراني: ما كان اسم أمي بالسريانية و العربية؟ فقال: «كان اسم أمك بالسريانية عنقالية و عنقورة «1» كان [اسم جدتك لأبيك، و أما اسم أمك بالعربية فهو مية، و أما اسم أبيك فعبد المسيح، و هو عبدالله بالعربية، و ليس للمسيح عبد». قال: صدقت و بررت، فما كان اسم جدي؟ قال: «كان اسم جدك جبرئيل، و هو عبد الرحمن سميته في مجلسي هذا». قال: أما إنه كان مسلما، قال أبو إبراهيم (عليه السلام): «نعم، و قتل شهيدا، دخلت عليه أجناد فقتلوه في منزله غيلة، و الأجناد من أهل الشام».

قال: فما كان اسمي قبل كنيتي؟ قال: «كان اسمك عبد الصليب» قال: فما تسميني؟ قال: «أسميك عبد الله».

قال: إني آمنت بالله العظيم و شهدت

أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فردا صمدا، ليس كما تصفه النصارى، و ليس كما تصفه اليهود، و لا جنس من أجناس الشرك، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، أرسله بالحق فأبان به لأهله، و عمى المبطلون، و أنه كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الناس كافة إلى الأحمر و الأسود، و كل فيه مشترك، فأبصر من أبصر، و اهتدى من اهتدى و عمي المبطلون، و ضل عنهم ما كانوا يدعون، و أشهد أن وليه نطق بحكمته، و أمن من كان قبله من الأنبياء نطقوا بالحكمة البالغة، و توازروا على الطاعة لله، و فارقوا الباطل و أهله، و الرجس و أهله، و هجروا سبيل الضلالة و نصرهم الله بالطاعة له، و عصمهم من المعصية، فهم لله أولياء و للدين أنصار يحثون على الخير، و يأمرون به، آمنت بالصغير و بالكبير، و من ذكرت منهم، و من لم أذكر، و آمنت بالله تبارك و تعالى.

ثم قطع زناره «2»، و قطع صليبا كان في عنقه من ذهب ثم قال: مرني حتى أضع صدقتي حيث تأمرني، فقال:

«ها هنا أخ لك كان على مثل دينك، و هو رجل من قومك من قيس بن ثعلبة، و هو في نعمة كنعمتك، فتواسيا و تجاورا، و لست أدع أن أورد عليكما حقكما في الإسلام».

فقال: و الله- أصلحك الله- إني لغني، و لقد تركت ثلاثمائة طروق بين فرس و فرسة، و تركت ألف بعير، حقك فيها أوفر من حقي. فقال له: «أنت مولى الله و رسوله، و أنت في حد نسبك على حالك». و حسن إسلامه، و تزوج امرأة من بني فهر، و أصدقها أبو إبراهيم

(عليه السلام) خمسين دينارا من صدقة علي بن أبى طالب (عليه السلام) و أخدمه،

__________________________________________________

(1) في «ط، ي»: عنفالية و عنفورة.

(2) الزّنّار: ما يلبسه الذمّي يشده على وسطه. «لسان العرب- زنز- 4: 33». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 11

و بوأه، و أقام حتى أخرج أبو إبراهيم فمات بعد مخرجه بثمان و عشرين ليلة.

9692/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل و زرارة، و محمد بن مسلم، عن حمران، أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ، قال: «نعم، ليلة القدر، و هي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر، قال الله عز و جل: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» قال: «يقدر في ليلة القدر كل شي ء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل، خير و شر و طاعة و معصية و مولود و أجل و رزق، فما قدر في تلك السنة و قضى فهو المحتوم، و لله عز و جل فيه المشيئة».

قال: قلت: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «1»، أي شي ء عني بذلك؟ قال: «العمل الصالح فيها من الصلاة و الزكاة و أنواع الخير، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، و لو لا ما يضاعف الله تبارك و تعالى للمؤمنين ما بلغوا، و لكن الله يضاعف لهم الحسنات» «2».

9693/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث له طويل- قال (عليه السلام) فيه: «و إنما أراد الله بالخلق إظهار قدرته، و إبداء سلطانه، و تبيين براهين

حكمته. فخلق ما شاء كما شاء، و أجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفي من امنائه، فكان فعلهم فعله، و أمرهم أمره، كما قال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «3»، و جعل السماء و الأرض وعاء لمن يشاء من خلقه، ليميز الخبيث من الطيب مع سابق علمه بالفريقين من أهلهما، و ليجعل ذلك مثالا لأوليائه و امنائه، و عرف الخليقة فضل منزلة أوليائه، و فرض عليهم من طاعتهم مثل الذي فرضه منه لنفسه، و ألزمهم الحجة بأن خاطبهم خطابا يدل على انفراده و توحيده، و أبان لهم أولياء أجرى «4» أفعالهم و أحكامهم مجرى فعله، فهم العباد المكرمون لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون، هم الذين «5» أيدهم بروح منه، و عرف الخلق اقتدارهم «6» بقوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ «7»، و هم النعيم الذي يسأل [العباد] عنه، و أن الله تبارك و تعالى أنعم بهم على من اتبعهم من أوليائهم».

قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال (عليه السلام) هم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و من حل محله من أصفياء الله

__________________________________________________

2- الكافي 4: 157/ 6.

3- الإحتجاج: 251.

(1) القدر 97: 3.

(2) في المصدر زيادة: بحبنا.

(3) النساء 4: 80.

(4) في المصدر: توحده و بأن له أولياء تجري.

(5) في المصدر: هو الّذي.

(6) زاد في المصدر: على علم الغيب.

(7) الجن 72: 26، 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 12

الذين قرنهم الله بنفسه و برسوله، و فرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه و هم ولاة الأمر الذين قال الله عز و جل فيهم: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

«1»، و قال الله عز و جل فيهم:

وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «2»».

قال السائل: ما ذلك الأمر؟ قال (عليه السلام): «الذي به تنزل الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم من خلق و رزق و أجل و عمل و حياة و موت، و علم غيب السماوات و الأرض، و المعجزات التي لا تنبغي إلا لله و أصفيائه و السفرة بينه و بين خلقه، و هم وجه الله الذي قال: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «3»، هم بقية الله، يعني المهدي الذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة، فيملأ الأرض عدلا كما ملئت «4» جورا، و من آياته: الغيبة، و الاكتتام عند عموم الطغيان و حلول الانتقام، و لو كان هذا الأمر الذي عرفتك نبأه «5» للنبي (صلى الله عليه و آله) دون غيره، لكان الخطاب يدل على فعل ماض غير دائم و لا مستقبل، و لقال: نزلت الملائكة و فرق كل أمر حكيم، و لم يقل: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ «6» و يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ».

و الحديث طويل- يأتي إن شاء الله تعالى- في آخر الكتاب بطوله «7».

9694/ [4]- علي بن إبراهيم: حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ يعني القرآن فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ، و هي ليلة القدر، أنزل الله القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثم نزل من البيت المعمور على النبي (صلى الله عليه و آله) في طول عشرين سنة فِيها يُفْرَقُ يعني في ليلة القدر كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أي يقدر الله كل أمر من الحق و الباطل، و ما يكون في تلك السنة، و له فيه البداء، و المشيئة يقدم ما

يشاء و يؤخر ما يشاء من الآجال و الأرزاق و البلايا «8» و الأمراض، و يزيد فيها ما يشاء، و ينقص ما يشاء، و يلقيه رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى أمير المؤمنين (صلى الله عليه و آله)، و يلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمة (عليهم السلام)، حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان (عليه السلام) و يشترط له ما فيه البداء و المشيئة و التقديم و التأخير.

ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني بذلك أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي جعفر و أبي عبد الله و أبي الحسن (عليهم السلام).

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 290.

(1) النساء 4: 59.

(2) النساء 4: 83.

(3) البقرة 2: 115.

(4) في المصدر: الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و. [.....]

(5) في المصدر: بأنّه.

(6) القدر 97: 4.

(7) يأتي في الحديث (1) باب (2) في ردّ متشابه القرآن إلى تأويله.

(8) في المصدر زيادة: و الأعراض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 13

9695/ [5]- قال: «و حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن يونس، عن داود بن فرقد، عن أبي المهاجر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يا أبا المهاجر، لا تخفي علينا ليلة القدر، إن الملائكة يطوفون بنا فيها».

قوله تعالى: رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ إلى قوله تعالى: رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ، فهو محكم «1».

ثم قال: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ، يعني في شك مما ذكرناه مما يكون في ليلة القدر.

سورة الدخان(44): الآيات 10 الي 28 ..... ص : 13

قوله تعالى:

فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ- إلى قوله تعالى- وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ [10- 28] 9696/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَارْتَقِبْ أي اصبر، يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ، قال:

ذلك إذا خرجوا

في الرجعة من القبر.

9697/ [2]- ابن شهر آشوب: روي أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «اللهم العن رعلا و ذكوان، أللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعل سنيهم كسني يوسف». ففي الخبر أن الرجل منهم كان يلقى صاحبه فلا يمكنه الدنو، فإذا دنا منه لا يبصره من شدة دخان الجوع، و كان يجلب إليهم من كل ناحية، فإذا اشتروه و قبضوه لم يصلوا به إلى بيوتهم حتى يتسوس و ينتن، فأكلوا الكلاب الميتة و الجيف و الجلود، و نبشوا القبور، و أحرقوا عظام الموتى فأكلوها، و أكلت المرأة طفلها، و كان الدخان يتراكم بين السماء و الأرض، و ذلك قوله تعالى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ. فقال أبو سفيان و رؤساء قريش: يا محمد، أ تأمرنا بصلة الرحم، فأدرك قومك فقد هلكوا فدعا لهم، و ذلك قوله تعالى: رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، فقال الله تعالى: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ، فعاد إليهم الخصب و الدعة، و هو قوله تعالى: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ «2».

9698/ [3]- نرجع إلى رواية على بن إبراهيم: يَغْشَى النَّاسَ كلهم الظلمة، فيقولون: هذا عَذابٌ أَلِيمٌ،

__________________________________________________

5- تفسير القمي 2: 290.

1- تفسير القمي 2: 290.

2- المناقب 1: 82 و 107 «نحوه»، البحار 16: 411/ 1.

3- تفسير القمي 2: 290.

(1) قوله تعالى: (رحمة ... محكم) ليس في المصدر.

(2) قريش 106: 3 و 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 14

رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، فقال الله عز و جل ردا عليهم: أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى في ذلك اليوم وَ قَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ أي رسول

قد تبين لهم: ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ، قال: قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أخذه الغشي، فقالوا: هو مجنون، ثم قال: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ يعني إلى يوم القيامة، و لو كان قوله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ في القيامة لم يقل:

إِنَّكُمْ عائِدُونَ، لأنه ليس بعد الآخرة و القيامة حالة يعودون إليها.

ثم قال: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى يعني في القيامة: إِنَّا مُنْتَقِمُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ، أي اختبرناهم وَ جاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ، أي ما فرض الله من الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و السنن و الأحكام، فأوحى الله إليه: فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ، أي يتبعكم فرعون و جنوده وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً، أي جانبا، و خذ على الطريق «1»، إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ.

قوله تعالى: وَ مَقامٍ كَرِيمٍ أي حسن وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ، قال: النعمة في الأبدان، قوله تعالى:

فاكِهِينَ، أى مفاكهين للنساء كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ، يعني بني إسرائيل.

سورة الدخان(44): آية 29 ..... ص : 14

قوله تعالى:

فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ [29]

9699/ [1]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، عن عبد الله بن الفضيل الهمداني، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «مر عليه رجل عدو الله و لرسوله، فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، ثم مر عليه الحسين بن على (عليهما السلام)، فقال: لكن هذا لتبكين عليه السماء و الأرض، و قال: و ما بكت السماء و الأرض إلا على يحيى بن زكريا و الحسين بن علي

(عليهم السلام).

9700/ [2]- قال: و حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين (عليه السلام) و من معه «2» حتى تسيل على خده، بوأه الله في الجنة غرفا «3»، و أيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى تسيل على خده

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 291.

2- تفسير القمّي 2: 291.

(1) في «ج» و المصدر: الطرف.

(2) في المصدر: الحسين بن علي (عليهما السلام) دمعة. [.....]

(3) في المصدر زيادة: يسكنها أحقابا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 15

لأذى مسنا من عدونا في الدنيا، بوأه الله مبوأ صدق في الجنة، و أيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضة ما أوذي فينا، صرف [الله عن وجهه الأذى، و آمنه يوم القيامة من سخطه و النار».

9701/ [3]- قال: و حدثني أبي، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: و من ذكرنا أو ذكرنا عنده، فخرج من عينيه دمع مثل جناح بعوضة، غفر الله له ذنوبه، و لو كانت مثل زبد البحر».

9702/ [4]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني أبي (رحمه الله) و جماعة من مشايخنا، عن «1» علي بن الحسين و محمد بن الحسين، عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن علي الأزرق، عن الحسن بن الحكم النخعي، عن رجل، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام)، فى الرحبة، و هو يتلو هذه الآية: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذ خرج

عليه الحسين بن علي (عليهما السلام) من بعض أبواب المسجد، فقال: «أما هذا سيقتل و تبكي عليه السماء و الأرض».

9703/ [5]- و عنه، قال: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن داود بن عيسى الأنصاري، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن إبراهيم النخعي، قال: خرج أمير المؤمنين (عليه السلام)، فجلس في المسجد، و اجتمع أصحابه حوله، و جاء الحسين (صلوات الله عليه) حتى قام بين يديه، فوضع يده على رأسه، فقال: «يا بني، إن الله عير أقواما بالقرآن، فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، و أيم الله لتقتلن من «2» بعدي، ثم تبكيك السماء و الأرض».

و عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، بإسناده، مثله.

9704/ [6]- و عنه، قال: حدثني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، قال: «لم تبك السماء أحدا منذ قتل يحيى بن زكريا حتى قتل الحسين (عليه السلام) فبكت عليه».

9705/ [7]- و عنه، قال: حدثني أبي و علي بن الحسين، جميعا، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 292.

4- كامل الزيارات: 88/ 1.

5- كامل الزيارات: 89/ 2.

6- كامل الزيارات: 89/ 6.

7- كامل الزيارات: 92/ 16.

(1) في المصدر: و جماعة مشايخنا.

(2) في المصدر: ليقتلنّك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 16

البرقي، عن محمد بن

خالد، عن عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد الحسني، عن الحسن بن الحكم النخعي، عن كثير بن شهاب الحارثي، قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في الرحبة، إذ طلع الحسين (عليه السلام) فضحك علي (عليه السلام) ضحكا حتى بدت نواجذه، ثم قال: «إن الله ذكر قوما فقال: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، ليقتلن هذا، و لتبكين عليه السماء و الأرض».

9706/ [8]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله و عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني العلوي، عن الحسن بن الحكم النخعي، عن كثير بن شهاب الحارثي، قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين (عليه السلام) بالرحبة، إذ طلع الحسين (عليه السلام)، قال: فضحك علي (عليه السلام) حتى بدت نواجذه، ثم قال: «إن الله ذكر قوما، فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، ليقتلن هذا، و لتبكين عليه السماء و الأرض».

9707/ [9]- و عنه، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان الذي قتل الحسين (عليه السلام) ولد زنا، و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا، و قد احمرت السماء حين قتل الحسين (عليه السلام) سنة». ثم قال: بكت السماء و الأرض على

الحسين بن علي و يحيى بن زكريا، و حمرتها بكاؤها».

و تقدم طرف من هذا الباب، في قوله تعالى: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا، من سورة مريم (عليها السلام) «1».

9708/ [10]- و عن ابن عباس: في تفسير قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ، أنه إذا قبض الله نبيا من الأنبياء، بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة، و إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما، و أما الحسين (عليه السلام) فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر، و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دماء و أن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين (عليه السلام)، و لم تر قبله أبدا، و أن يوم قتله (عليه السلام) لم يرفع حجر في الدنيا إلا وجد تحته دم».

9709/ [11]- و نقل عن الشافعي في (شرح الوجيز): أن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين (عليه السلام)، و لم تر قبله أبدا.

__________________________________________________

8- كامل الزيارات: 92/ 19.

9- كامل الزيارات: 93/ 21.

10- .....

11- .....

(1) تقدّم طرف منها في تفسير الآيات (2- 10) من سورة مريم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 17

9710/ [12]- الطبرسي: عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إنه قال: «بكت السماء على يحيى بن زكريا، و على الحسين بن علي (عليهم السلام)، أربعين صباحا، و لم تبك إلا عليهما» قلت: فما بكاؤها؟ قال: «كانت تطلع حمراء و تغيب حمراء».

سورة الدخان(44): الآيات 30 الي 32 ..... ص : 17

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ نَجَّيْنا- إلى قوله تعالى- عَلَى الْعالَمِينَ [30- 32] 9711/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ لَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ، إلى قوله تعالى: عَلَى

الْعالَمِينَ، فلفظه عام و معناه خاص، و إنما اختارهم و فضلهم على عالمي زمانهم.

9712/ [2]- شرف الدين النجفي: عمن رواه، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قوله عز و جل: وَ لَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ، قال: الأئمة من المؤمنين، و فضلناهم على من سواهم».

9713/ [3]- السيد الرضي: بالإسناد، عن الأصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عباس، قال: كان رجل على عهد عمر بن الخطاب، له إبل «1» بناحية أذربايجان، قد استصعبت عليه جملة فمنعت جانبها، فشكا إليه ما قد ناله و أنه كان معاشه منها، فقال له: اذهب فاستغث الله عز و جل، فقال الرجل: ما أزال أدعوا و أبتهل إليه، فكلما قربت منها حملت علي. قال: فكتب له رقعة فيها: من عمير أمير المؤمنين إلى مردة الجن و الشياطين أن تذللوا هذه المواشي له. قال: «فأخذ الرجل الرقعة و مضى، فاغتممت لذلك غŘǠشديدا، فلقيت أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) فأخبرته مما كان، فقال: «و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ليعودن بالخيبة»، فهدأ ما بي، و طالت علي سنتي، و جعلت أرقب كل من جاء من أهل الجبال، فإذا أنا بالرجل قد وافى و في جبهته شجة تكاد اليد تدخل فيها، فلما رأيته بادرت إليه، فقلت له: ما وراءك؟ فقال: «إني صرت إلى الموضع، و رميت بالرقعة، فحمل علي عداد منها، فهالني أمرها، فلم تكن لي قوة بها، فجلست فرمحني «2» أحدها في وجهي، فقلت: اللهم اكفنيها، فكلها يشد علي و يريد قتلي، فانصرفت عني، فسقطت فجاء أخ لي فحملني، و لست أعقل، فلم أزل أتعالج حتى صلحت، و

هذا الأثر في وجهي، فجئت

__________________________________________________

12- مجمع البيان 9: 98. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 292.

2- تأويل الآيات 2: 574/ 2.

3- خصائص الائمّة (عليهم السلام): 48.

(1) في «ج، ي» و المصدر: و له فلاء.

(2) رمحت الدابّة فلانا: رفسته. «أقرب الموارد- رمح- 1: 43».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 18

لأعلمه يعني عمر. فقلت له: صر إليه فأعلمه.

فلما صار إليه، و عنده نفر، فأخبره بما كان فزبره، و قال له: كذبت لم تذهب بكتابي. قال: فحلف الرجل بالله الذي لا إله إلا هو، و حق صاحب هذا القبر، لقد فعل ما أمره به من حمل الكتاب، و أعلمه أنه قد ناله منها ما يرى، قال: فزبره و أخرجه عنه.

فمضيت معه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فتبسم ثم قال: «أ لم أقل لك»، ثم أقبل على الرجل، فقال له: «إذا انصرفت فصر إلى الموضع الذي هي فيه، و قل: اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، و أهل بيته الذين اخترتهم على علم على العالمين، اللهم فذلل لي صعوبتها و حزانتها «1»، و اكفني شرها، فانك الكافي المعافي الغالب القاهر».

فانصرف الرجل راجعا، فلما كان من قابل قدم الرجل و معه جملة قد حملها من أثمانها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فصار إليه و أنا معه، فقال له: «تخبرني أو أخبرك؟ فقال الرجل: بل تخبرني، يا أمير المؤمنين، قال: «كأنك صرت إليها، فجاءتك و لاذت بك خاضعة ذليلة، فأخذت بنواصيها واحدا بعد آخر» فقال: صدقت يا أمير المؤمنين، كأنك كنت معي، فهذا كان، فتفضل بقبول ما جئتك به فقال: «امض راشدا، بارك الله لك فيه»، فبلغ الخبر عمر فغمه ذلك حتى تبين الغم في وجهه، فانصرف الرجل و كان يحج كل

سنة و لقد أنمى الله ماله.

قال: و قال: أمير المؤمنين (عليه السلام): «كل من استصعب عليه شي ء من مال أو أهل أو ولد أو أمر فرعون من الفراعنة فليبتهل بهذا الدعاء فإنه يكفى مما يخاف، إن شاء الله تعالى».

سورة الدخان(44): آية 37 ..... ص : 18

قوله تعالى:

أَ هُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ [37] تقدم حديث في قوم تبع، في قوله تعالى: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، من سورة البقرة «2»، و سيأتي في ذلك أيضا- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ، من سورة ق «3».

سورة الدخان(44): الآيات 40 الي 42 ..... ص : 18

قوله تعالى:

إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ

__________________________________________________

(1) في «ج»: حرافتها.

(2) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (89) من سورة البقرة.

(3) يأتي في الحديث (3) من تفسير الآيات (12- 14) من سورة ق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 19

إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [40- 42]

9714/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث أبي بصير- قال: «يا أبا محمد، ما استثنى الله عز ذكره بأحد من أوصياء الأنبياء و لا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين (عليه السلام) و شيعته، فقال في كتابه و قوله الحق: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، يعني بذلك عليا (عليه السلام) و شيعته».

9715/ [2]- و عنه: عن أحمد بن مهران (رحمه الله)، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن زيد الشحام، قال: «قال لي أبو عبد الله (عليه السلام)- و نحن في الطريق، في ليلة الجمعة:

«اقرأ فإنها ليلة قرآن» «1». فقرأت: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا

مَنْ رَحِمَ اللَّهُ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن و الله الذي يرحم «2»، و نحن و الله الذي استثنى الله، [و] لكنا نغني عنهم».

9716/ [3]- محمد بن العباس (رحمه الله): عن حميد بن زياد، عن عبد الله بن أحمد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي اسامة زيد الشحام، قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة الجمعة، فقال لي:

«اقرأ» فقرأت، ثم قال: «اقرأ» فقرأت، ثم قال: «يا شحام اقرأ فإنها ليلة قرآن». فقرأت حتى إذا بلغت يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ، قال: «هم» قال: قلت: إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قال: «نحن القوم الذين رحم الله، و نحن القوم الذين استثنى الله، و إنا و الله نغني عنهم».

9717/ [4]- و عنه: عن أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قال: «نحن أهل الرحمة».

9718/ [5]- و عنه: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن إسحاق بن عمار، عن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ __________________________________________________

1- الكافي 8: 35/ 6.

2- الكافي 1: 350/ 56.

3- تأويل الآيات 2: 574/ 3.

4- تأويل الآيات 2: 574/ 4.

5- تأويل الآيات 2: 2: 575/ 5.

(1) في المصدر: ليلة الجمعة قرآنا. [.....]

(2) في المصدر: رحم الله.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 5، ص: 20

إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قال: «نحن و الله الذين رحم الله، و الذين استثنى، و الذين تغني ولايتنا».

9719/ [6]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً، قال: «من والى غير أولياء الله لا يغني بعضهم عن بعض، ثم استثنى من والى آل محمد، فقال: «إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ.

سورة الدخان(44): الآيات 43 الي 49 ..... ص : 20

قوله تعالى:

إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ- إلى قوله تعالى- ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [43- 49] 9720/ [1]- ثم قال علي بن إبراهيم: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ، نزلت في أبي جهل بن هشام، قوله تعالى: كَالْمُهْلِ قال: «الصفر المذاب: يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ، و هو الذي قد حمي و بلغ المنتهى، ثم قال: «خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ، أي اضغطوه من كل جانب، ثم انزلوا به: إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ، ثم يصب عليه ذلك الحميم، ثم يقال له: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ. فلفظه خبر و معناه حكاية عمن يقول له ذلك، و ذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا العزيز الكريم، فيعير بذلك في الآخرة «1».

سورة الدخان(44): الآيات 51 الي 59 ..... ص : 20

قوله تعالى:

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ- إلى قوله تعالى- فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ [51- 59]

9721/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أيما عبد أقبل قبل ما يحب الله عز و جل أقبل الله قبل ما يحب، و من اعتصم بالله عصمه الله، و من أقبل الله قبله و عصمه لم يبال لو سقطت السماء على الأرض، أو كانت نازلة نزلت على أهل الأرض فشملتهم بلية كان في حزب الله بالتقوى من كل بلية، أليس الله عز و جل يقول: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ».

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 292.

1- تفسير القمّي 2: 292.

2- الكافي 2: 53/ 4.

(1) في المصدر: النار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 21

9722/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن سفيان الحريري، عن أبيه، عن سعد الخفاف،

عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يا سعد، تعلموا القرآن، فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق، و الناس صفوف عشرون و مائة ألف صف، ثمانون ألف صف امة محمد. و أربعون ألف صف من سائر الأمم، فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل، فيسلم فينظرون إليه، ثم يقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا الرجل من المسلمين، نعرفه بنعته و صفته، غير أنه كان أشد اجتهادا منا في القرآن، فمن هناك اعطي من الجمال و البهاء و النور ما لم نعطه.

ثم يجاوز حتى يأتي على صف الشهداء فينظر إليه الشهداء. ثم يقولون: لا إله إلا الله الرب الرحيم، إن هذا الرجل من الشهداء، نعرفه بسمته و صفته غير أنه من شهداء البحر، فمن هناك اعطي من البهاء و الفضل ما لم نعطه».

قال: «فيجاوز حتى يأتي على صف شهداء البحر في صورة شهيد، فينظر إليه شهداء البحر، فيكثر تعجبهم، و يقولون: إن هذا من شهداء البحر، نعرفه بسمته و صفته، غير أن الجزيرة التي أصيب فيها كانت أعظم هولا من الجزيرة التي أصبنا فيها، فمن هناك أعطي من البهاء و الجمال و النور ما لم نعطه.

ثم يجاوز حتى يأتي صف النبيين و المرسلين في صفة «1» نبي مرسل، فينظر النبيون و المرسلون إليه، فيشتد لذلك تعجبهم، و يقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم، إن هذا النبي مرسل، نعرفه بسمته و صفته، غير أنه اعطي فضلا كثيرا». قال: «فيجتمعون فيأتون رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيسألونه و يقولون: يا محمد، من هذا؟ فيقول لهم: أو ما تعرفونه؟ فيقولون: ما نعرفه، هذا ممن لا يغضب الله عز و

جل عليه، فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): هذا حجة الله على خلقه فيسلم ثم يجاوز حتى يأتي على صف الملائكة في صورة ملك مقرب، فينظر إليه الملائكة، فيشتد تعجبهم و يكبر ذلك عليهم، لما رأوا من فضله، و يقولون: تعالى ربنا و تقدس، إن هذا العبد من الملائكة نعرفه بسمته و صفته، غير أنه كان أقرب الملائكة إلى الله عز و جل مقاما، فمن هناك البس من النور و الجمال ما لم نلبس.

ثم يتجاوز حتى يأتي «2» رب العزة تبارك و تعالى، فيخر تحت العرش، فيناديه تبارك و تعالى: يا حجتي في الأرض، و كلامي الصادق الناطق، ارفع رأسك، و سل تعط، و اشفع تشفع. فيرفع رأسه فيقول الله تبارك و تعالى:

كيف رأيت عبادي؟ فيقول: يا رب منهم من صانني، و حافظ علي، و لم يضيع شيئا، و منهم من ضيعني و استخف بحقي، و كذب بي، و أنا حجتك على جمع خلقك. فيقول الله تبارك و تعالى: و عزتي و جلالي و ارتفاع مكاني، لأثيبن عليك اليوم أحسن الثواب، و لأعاقبن عليك اليوم أليم العقاب».

قال: «فيرفع القرآن رأسه في صورة اخرى». قال: فقلت: يا أبا جعفر، في أي صورة يرجع؟ قال: «في صورة رجل شاحب متغير، يبصره أهل الجمع، فيأتي الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه، و يجادل به أهل الخلاف، فيقوم

__________________________________________________

2- الكافي 2: 436/ 1.

(1) في المصدر: صورة.

(2) في المصدر: يجاوز حتّى ينتهي إلى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 22

بين يديه، فيقول: ما تعرفني؟ فينظر إليه الرجل، فيقول: ما أعرفك يا عبد الله. قال: فيرجع في الصورة التي كان «1» في الخلق الأول: فيقول: ما تعرفني؟ فيقول: نعم، فيقول القرآن:

أنا الذي أسهرت ليلك و أنصبت عيشك و سمعت الأذي، و رجمت بالقول في، ألا و إن كل تاجر قد استوفى تجارته، و أنا ورائك اليوم».

قال: «فينطلق به إلى رب العزة تبارك و تعالى، فيقول: يا رب عبدك و أنت أعلم به، قد كان نصبا بي، مواظبا علي، يعادي بسببي، و يحب بي و يبغض. فيقول الله عز و جل: أدخلوا عبدي جنتي، و اكسوه حلة من حلل الجنة، و توجوه بتاج الكرامة. فإذا فعل به ذلك عرض على القرآن، فيقال له: هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول: يا رب، إني أستقل هذا له، فزده مزيد الخير كله، فيقول: و عزتي و جلالي «2» و ارتفاع مكاني، لأنحلن له اليوم خمسة أشياء، مع المزيد له و لمن كان بمنزلته: ألا إنهم شباب لا يهرمون، و أصحاء لا يسقمون، و أغنياء لا يفتقرون، و فرحون لا يحزنون، و أحياء لا يموتون ثم تلا هذه الآية: لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى .

قال: قلت: يا أبا جعفر، هل يتكلم القرآن؟ فتبسم، ثم قال: «رحم الله الضعفاء من شيعتنا، إنهم أهل تسليم»، ثم قال: «نعم- يا سعد- و الصلاة تتكلم، و لها صورة و خلق، تأمر و تنهى».

قال سعد: فتغير لذلك لوني و قلت: هذا شي ء لا أستطيع أن أتكلم به في الناس! فقال أبو جعفر (عليه السلام):

«و هل الناس إلا شيعتنا، فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقنا»، ثم قال: «يا سعد أسمعك كلام القرآن؟». قال سعد:

قلت: بلى، صلى الله عليك فقال: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ «3»، فالنهي كلام، و الفحشاء و المنكر رجال و نحن ذكر الله و

نحن أكبر».

9723/ [3]- علي بن إبراهيم: ثم وصف ما أعده للمتقين من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ إلى قوله تعالى: إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى يعني في الجنة غير الموتة التي في الدنيا، وَ وَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ إلى قوله تعالى: فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ، أي انتظر إنهم منتظرون.

9724/ [4]- علي بن إبراهيم: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ، قال: يريد ما يسر من نعمة الجنة و عذاب النار، يا محمد: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، يريد لكي يتعظ المشركون، فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ، تهديد من الله و وعيد، و انتظر إنهم منتظرون.

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 292.

4- تفسير القمّي 2: 292.

(1) في المصدر: صورته التي كانت.

(2) في المصدر زيادة: و علوّي.

(3) العنكبوت 29: 45.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 23

سورة الجاثية ..... ص : 23

فضلها ..... ص : 23

9725/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن عاصم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الجاثية كان ثوابها أن لا يرى النار أبدا، و لا يسمع زفير جهنم و لا شهيقها، و هو مع محمد (صلى الله عليه و آله).

9726/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة سكن الله روعته يوم القيامة إذا جثا على ركبتيه و سترت عورته، و من كتبها و علقها عليه أمن من سطوة كل جبار و سلطان، و كان مهابا محبوبا وجيها في عين كل من يراه من الناس، تفضلا من الله عز و

جل».

9727/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه أمن من سطوة كل شيطان و جبار، و كان مهابا محبوبا في عين كل من رآه من الناس».

9728/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها عليه أمن من شر كل نمام، و ليس يغتب عند الناس أبدا، و إذا علقت على الطفل حين يسقط من بطن امه، كان محفوظا و محروسا بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 114. [.....]

2- خواصّ القرآن:

3- خواص القرآن:

4- خواص القرآن: 50 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 24

سورة الجاثية(45): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 24

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [1- 5] 9729/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ و هي النجوم و الشمس و القمر، و في الأرض ما يخرج منها من أنواع النبات للناس و الدواب لآيات لقوم يعقلون.

9730/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن هشام بن الحكم، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): «يا هشام، إن الله تبارك و تعالى بشر أهل العقل و الفهم في كتابه، فقال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «1».

يا هشام، إن الله تبارك و تعالى أكمل للناس الحجج بالعقول، و نصر النبيين بالبيان، و دلهم على ربوبيته بالأدلة، فقال: إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ

الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «2».

يا هشام، قد جعل الله ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا، فقال: وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ __________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 293.

2- الكافي 1: 10/ 12.

(1) الزمر 39: 17، 18.

(2) البقرة 2: 163، 164.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 25

وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «1». و قال: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «2». و قال: (إن في اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) «3».

9731/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، أي يجي ء من كل جانب و ربما كانت حارة، و ربما كانت باردة، و منها ما يثير «4» السحاب، و منها ما يبسط الرزق في الأرض «5»، و منها ما يلقح الشجر.

9732/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، و هشام بن سالم، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرياح الأربع:

الشمال، و الجنوب، و الصبا، و

الدبور، و قلت: إن الناس يذكرون أن الشمال من الجنة و الجنوب من النار؟

فقال: «إن لله عز و جل جنودا من رياح، يعذب بها من يشاء ممن عصاه، فلكل ريح منها ملك موكل بها، فإذا أراد الله عز ذكره أن يعذب قوما بنوع من العذاب أوحى إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح التي يريد أن يعذبهم بها- قال- فيأمرها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب- قال- و لكل ريح منها اسم، أما تسمع قول الله عز و جل: كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ «6»، و قال: الرِّيحَ الْعَقِيمَ «7»، و قال: رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ «8»، و قال: فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ «9»؟ و ما ذكر من الرياح التي يعذب الله بها من عصاه».

قال: «و لله عز ذكره رياح رحمة لواقح و غير ذلك، ينشرها بين يدي رحمته، منها ما يهيج السحاب للمطر، و منها رياح تحبس السحاب بين السماء و الأرض، و رياح تعصر السحاب فتمطره بإذن الله، و منها ما «10» عدد الله في

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 293.

4- الكافي 8: 91/ 63.

(1) النحل 16: 12.

(2) غافر 40: 67.

(3) كذا، و هي مأخوذة من سورة الجاثية 45: 5، و التحريف من الرواة أو النسّاخ.

(4) في المصدر: يسير.

(5) في «ط، ي» يبسط في السماء. [.....]

(6) القمر 54: 18، 19.

(7) الذاريات 51: 41.

(8) الأحقاف 46: 24.

(9) البقرة 2: 266.

(10) في المصدر: و منها رياح ممّا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 26

الكتاب، فأما الرياح الأربع: الشمال، و الجنوب، و الصبا، و الدبور، فإنما هي أسماء الملائكة الموكلين بها، فإذا أراد الله أن تهب شمالا،

أمر الملك الذي اسمه الشمال، فيهبط على البيت الحرام، فقام على الركن الشامي، فضرب بجناحه، فتفرقت ريح الشمال حيث يريد الله من البر و البحر، و إذا أراد الله أن تبعث جنوبا، أمر الملك الذي اسمه الجنوب، فيهبط على البيت الحرام، فقام على الركن الشامي، فضرب بجناحه، فتفرقت ريح الجنوب في البر و البحر، و إذا أراد الله أن يبعث دبورا، أمر الملك الذي اسمه الدبور، فهبط على البيت الحرام، فقام على الركن الشامي، فضرب بجناحه، فتفرقت ريح الدبور حيث يريد الله من البر و البحر».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «أما تسمع لقوله: ريح الشمال، و ريح الجنوب، و ريح الدبور، و ريح الصبا؟ إنما تضاف إلى الملائكة الموكلين بها».

9733/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن الحسين الكوفي، قال: حدثنا محمد بن محمود، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهذلي، قال: حدثنا أبو حفص الأعمش «1»، عن عنبسة بن الأزهر، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن النعمان، قال: كنت عند الحسين (عليه السلام)، إذ دخل عليه رجل من العرب متلثما أسمر شديد السمرة، فسلم فرد الحسين (عليه السلام)، فقال: يا ابن رسول الله، مسألة؟ فقال: «هات». فقال: كم بين الإيمان و اليقين؟ قال: «أربع أصابع»، قال: كيف؟ قال: «الإيمان ما سمعناه، و اليقين ما رأيناه، و بين السمع و البصر أربع أصابع».

سورة الجاثية(45): الآيات 7 الي 13 ..... ص : 26

قوله تعالى:

وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ- إلى قوله تعالى- وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [7- 13] 9734/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، أي كذاب: يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً، أي يصر على أنه كذب، و يستكبر

على نفسه، كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها، و قوله تعالى:

وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً يعني إذا رأى فوضع العلم مكان الرؤية، و قوله تعالى: هذا هُدىً يعني القرآن هو تبيان، قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ، قال: الشدة و السوء،

__________________________________________________

5- كفاية الأثر: 232.

1- تفسير القمّي 2: 293.

(1) الظاهر: أبو حفص الأعشى. انظر تهذيب الكمال 21: 607.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 27

ثم قال: اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ، أي السفن فِيهِ بِأَمْرِهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، ثم قال: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ، يعني ما في السموات من الشمس و القمر و النجوم و المطر.

9735/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن أبي الصامت، عن قول الله عز و جل: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ، قال: «أجبرهم «1» بطاعتهم».

قال مؤلف الكتاب: هذا متن الحديث في نسختين عندي من (بصائر الدرجات)، و ذكر الحديث مصنفه الصفار في باب نادر بعد باب ما خص الله به الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه و آله) من ولاية اولي العزم لهم في الميثاق، و بالجملة الحديث في أبواب الولاية لآل محمد (صلى الله عليه و آله).

سورة الجاثية(45): آية 14 ..... ص : 27

قوله تعالى:

قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [14] 9736/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، قال: يقول لأئمة الحق: لا تدعوا على أئمة الجور حتى يكون الله الذي يعاقبهم، في

قوله تعالى: لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ

9737/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا أبو القاسم، قال: حدثنا محمد بن عباس، قال: حدثنا عبد الله بن موسى، قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثنا عمر بن رشيد، عن داود بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، قال: قل للذين مننا عليهم بمعرفتنا أن يعرفوا الذين «2» لا يعلمون، فإذا عرفوهم فقد غفروا لهم».

9738/ [4]- شرف الدين النجفي، قال: روي أن الامام علي بن الحسين (عليهما السلام)، أراد أن يضرب غلاما له،

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 89/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 293.

3- تفسير القمّي 2: 294.

4- تأويل الآيات 2: 575/ 2.

(1) في «ي»: أخبرهم.

(2) في المصدر: أن يغفروا للذين. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 28

فقرأ: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ، و وضع السوط من يده، فبكى الغلام، فقال له:

«ما يبكيك»؟ قال: و إني عندك- يا مولاي- ممن لا يرجو أيام الله»؟ فقال له: «أنت ممن يرجو أيام الله»؟ قال: نعم يا مولاي. فقال (عليه السلام): «لا أحب أن أملك من يرجو أيام الله، قم فأت قبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قل: اللهم اغفر لعلي بن الحسين خطيئته يوم الدين و أنت حر لوجه الله تعالى».

9739/ [1]- قال: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «أيام الله المرجوة ثلاثة: يوم قيام القائم (عليه السلام)، و يوم الكرة، و يوم القيامة».

سورة الجاثية(45): آية 15 ..... ص : 28

قوله تعالى:

مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [15] 9740/ [2]- علي بن إبراهيم،

قال: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا عبد الغني ابن سعيد، قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ، يريد المؤمنين: وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَيْها، يريد المنافقين و المشركين: ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ، يريد إليه تصيرون

سورة الجاثية(45): الآيات 18 الي 19 ..... ص : 28

قوله تعالى:

ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها- إلى قوله تعالى- لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [18- 19] 9741/ [3]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، فهذا تأديب لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و المعنى لامته.

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 576/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 294.

3- تفسير القمّي 2: 294.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 29

سورة الجاثية(45): الآيات 21 الي 24 ..... ص : 29

قوله تعالى:

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ - إلى قوله تعالى- إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [21- 24] 9742/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبيد، عن حسين بن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ ، الآية، قال: الذين آمنوا و عملوا الصالحات: بنو هاشم و بنو عبد المطلب، و الذين اجترحوا السيئات:

بنو عبد شمس.

9743/ [2]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن أيوب بن سليمان، عن محمد ابن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ ، الآية، قال: إن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) و حمزة بن عبد المطلب، و عبيدة بن الحارث، هم الذين آمنوا، و في ثلاثة من المشركين عتبة، و شيبة ابني ربيعة، و الوليد بن عتبة، و هم الذين اجترحوا السيئات.

9744/ [3]- و من طريق المخالفين: عن ابن عباس، في

قوله تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، علي و حمزة و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، عتبة و شيبة و الوليد بن عتبة: أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ، هؤلاء علي و أصحابه كَالْفُجَّارِ «1» عتبة و أصحابه، و قوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، فالذين آمنوا: بنو هاشم، و بنو عبد المطلب، و الذين اجترحوا السيئات: بنو عبد شمس.

9745/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ ، إلى قوله تعالى: ساءَ ما يَحْكُمُونَ وَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ ، فإنه محكم.

قال: قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، نزلت في قريش، كلما هووا شيئا عبدوه وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ، أي عذبه على علم منه فيما ارتكبوا من أمير المؤمنين (عليه السلام)، و جرى ذلك بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيما فعلوه بعده بأهوائهم و آرائهم، و أزالوا الخلافة و الإمامة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أخذ الميثاق عليهم مرتين لأمير المؤمنين (عليه السلام).

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 576/ 5.

2- تأويل الآيات 2: 577/ 6.

3- تحفة الأبرار: 115 «مخطوط».

4- تفسير القمّي 2: 294.

(1) سورة ص 38: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 30

9746/ [5]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، نزلت في قريش، و جرت بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أصحابه «1» الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، و اتخذوا إماما بأهوائهم، و الدليل على ذلك قوله تعالى: وَ مَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ «2»، قال:

من زعم أنه إمام و ليس هو بإمام، فمن اتخذ إماما ففضله على علي (عليه السلام)، ثم عطف على الدهرية الذين قالوا: لا نحيا بعد الموت، فقال: وَ قالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ، و هذا مقدم و مؤخر، لأن الدهرية لم يقروا بالبعث و النشور بعد الموت، و إنما قالوا: نحيا و نموت و ما يهلكنا إلا الدهر إلى قوله تعالى: يَظُنُّونَ، فهذا ظن شك، و نزلت هذه الآية في الدهرية و جرت في الذين فعلوا ما فعلوا بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأمير المؤمنين و أهل بيته (عليهم السلام)، و إنما كان أيمانهم إقرارا بلا تصديق فرقا «3» من السيف، و رغبة في المال.

سورة الجاثية(45): الآيات 25 الي 29 ..... ص : 30

قوله تعالى:

وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا- إلى قوله تعالى- هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [25- 29] 9747/ [1]- ثم حكى الله عز و جل قول الدهرية، فقال: وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، أي إنكم تبعثون بعد الموت، فقال الله تعالى: قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

و قوله تعالى: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ، قال: إلى ما يجب عليهم من أعمالهم، ثم قال: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، الآيتان محكمتان.

9748/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد الفزاري، عن الحسن ابن علي اللؤلؤي، عن الحسن بن أيوب، عن سليمان بن صالح، عن رجل، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت:

هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ؟ قال: «إن الكتاب لم ينطق و لن ينطق، و لكن

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 294.

1- تفسير القمّي 2: 295.

2- تفسير القمّي 2: 295.

(1) (أصحابه) ليس في المصدر.

(2) الأنبياء 21: 29.

(3) في المصدر: خوفا. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 31

رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الناطق بالكتاب، قال الله تعالى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ». فقلت: إنا لا نقرأها هكذا «1». فقال: «هكذا و الله نزل بها جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لكنه مما حرف من كتاب الله».

9749/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان الديلمي المصري، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام). قال: قلت له: قول الله عز و جل: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ؟ قال: فقال: «إن الكتاب لم ينطق و لن ينطق، و لكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) هو الناطق بالكتاب، قال الله عز و جل: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ». قال: قلت: جعلت فداك إنا لا نقرأها هكذا، قال: «هكذا و الله نزل به جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله) و لكنه مما حرف من كتاب الله».

9750/ [4]- محمد بن العباس (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سليمان، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله تعالى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ؟ قال: «إن الكتاب لا ينطق، و لكن محمد و أهل بيته (عليهم السلام)، هم الناطقون بالكتاب».

قوله تعالى:

إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما

كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [29]

9751/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن الحسين بن بشار، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: سألته: أ يعلم الله الشي ء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون؟

فقال: «إن الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء، قال الله عز و جل: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، و قال لأهل النار: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «2»، فقد علم الله عز و جل أنه لو ردهم «3» لعادوا لما نهوا عنه، و قال للملائكة لما قالت: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ «4»، فلم يزل الله عز و جل علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن

__________________________________________________

3- الكافي 8: 50/ 11.

4- تأويل الآيات 2: 577/ 7.

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 118/ 8.

(1) قال المجلسي: الظاهر أنّه قرأ (ينطق) على البناء للمفعول. مرآة العقول 25: 108. و في المصدر: هذا بكتابنا ينطق.

(2) الأنعام 6: 28.

(3) في المصدر: لو ردّوهم.

(4) البقرة 2: 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 32

يخلقها، تبارك الله ربنا و تعالى علوا كبيرا، خلق الأشياء و علمه بها سابق لها كما شاء، كذلك الله لم يزل ربا عالما سميعا بصيرا».

9752/ [2]- روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «إذا ذكر العبد ربه في قلبه، كتب الله له ذلك في صحيفة، ثم يعارض الملائكة يوم الخميس، فيريهم الله ذكر عبده له بقلبه، فيقول الملائكة: ربنا عمل هذا العبد قد أحصيناه، أما هذا العمل فما نعرفه. فيقول الرب: إن عبدي قد ذكرني بقلبه فأثبته

في صحيفته، فذلك قوله تعالى:

إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».

سورة الجاثية(45): الآيات 34 الي 37 ..... ص : 32

قوله تعالى:

وَ قِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [34- 37] 9753/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ قِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ، أي نترككم، فهذا النسيان هو «1» الترك كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَ مَأْواكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً، و هم الأئمة (عليهم السلام)، أي كذبتموهم و استهزأتم بهم فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها، يعني من النار وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ، يعني لا يجابون «2»، و لا يقبلهم الله فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَ رَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ لَهُ الْكِبْرِياءُ يعني القدرة فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

__________________________________________________

2- ..........

1- تفسير القمّي 2: 295.

(1) في المصدر: فهذا نسيان.

(2) في المصدر: أي لا يجاوبون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 33

المستدرك (سورة الجاثية) ..... ص : 33

سورة الجاثية(45): آية 6 ..... ص : 33

قوله تعالى:

فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آياتِهِ يُؤْمِنُونَ [6]

[1]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو قرة المحدث صاحب شبرمة أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)- إلى أن قال- و سأله عن قول الله عز و جل: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): قد أخبر الله تعالى أنه أسرى به، ثم أخبر أنه لم أسرى به، فقال: لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا «1»، فآيات الله غير الله، فقد أعذر و بين لم فعل به ذلك، و ما رآه و قال: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آياتِهِ يُؤْمِنُونَ، فأخبر أنه غير الله.

__________________________________________________

1- الاحتجاج 2: 405.

(1) الإسراء 17: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 35

سورة الأحقاف ..... ص : 35

فضلها ..... ص : 35

9754/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ كل يوم «1» أو كل جمعة سورة الأحقاف، لم يصبه الله بروعة في الحياة الدنيا، و آمنه من فزع يوم القيامة، إن شاء الله تعالى».

9755/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كتبت له من الحسنات بعدد كل رجل مشت على الأرض عشر مرات، و محي عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات، و من كتبها و علقها عليه، أو على طفل، أو ما يرضع، أو سقاه ماءها، كان قويا في جسمه، سالما مما يصيب الأطفال من الحوادث كلها، قرير العين في مهده بإذن الله تعالى و منه عليه».

9756/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها على طفل، أو كتبها

و سقاه ماءها، كان قويا في جسمه، سالما مسلما صحيحا مما يصيب الأطفال كلها، قرير العين في مهده».

9757/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في صحيفة و غسلها بماء زمزم، و شربها كان عند الناس محبوبا، و كلمته مسموعة، و لا يسمع شيئا إلا وعاه، و تصلح لجميع الأغراض، تكتب و تمحى و تغسل بها الأمراض، يسكن بها المرض بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 114. [.....]

2- ....

3- ....

4- خواصّ القرآن: 51 «مخطوط».

(1) في المصدر: كلّ ليلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 36

سورة الأحقاف(46): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 36

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [1- 3] 9758/ [1]- علي بن إبراهيم: يعني قريشا عما دعاهم إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو معطوف على قوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ، إلى قوله تعالى: عادٍ وَ ثَمُودَ «1»، ثم احتج الله عليهم، فقال: قُلْ لهم يا محمد: أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، يعني الأصنام التي كانوا يعبدونها أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ، إلى قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

9759/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قوله تعالى: ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، قال: «عني بالكتاب التوراة و الإنجيل، و أثارة من علم، فإنما عني بذلك علم أوصياء الأنبياء «2» (عليهم السلام)».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 296.

2-

الكافي 1: 353/ 72.

(1) فصلت 41: 13.

(2) في «ط، ي»: علم الأنبياء و الأوصياء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 37

9760/ [1]- سعد بن عبد الله: عن علي بن محمد بن عبد الرحمن الحجازي «1»، عن صالح بن السندي، عن الحسن بن محبوب، عمن رواه، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ، قال: يعني بذلك علم الأنبياء و الأوصياء: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ».

سورة الأحقاف(46): الآيات 5 الي 8 ..... ص : 37

قوله تعالى:

وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [5- 8] 9761/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إلى قوله تعالى: بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ، قال: من عبد الشمس و القمر و الكواكب و البهائم و الشجر و الحجر، إذا حشر الناس كانت هذه الأشياء له أعداء، و كانوا بعبادتهم كافرين.

قال: قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ يا محمد افْتَراهُ يعني القرآن، وضعه من عنده فقل لهم: إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، إن أثابني أو عاقبني على ذلك هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ، أي تكذبون كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

سورة الأحقاف(46): آية 9..... ص : 37

قوله تعالى:

قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ- إلى قوله تعالى- وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [9]

9762/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه محمد بن خالد البرقي، عن خلف بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث- قال: «قد كان الشي ء ينزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيعمل به زمانا، ثم يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه و أمته، قال أناس: يا رسول الله، إنك تأمرنا بالشي ء

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 64.

2- تفسير القمّي 2: 296.

3- المحاسن: 299/ 1.

(1) في المصدر: الحجال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 38

حتى إذا اعتدناه و جرينا عليه، أمرتنا بغيره؟ فسكت النبي (صلى الله عليه و آله) عنهم، فأنزل الله عليه: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ

وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ».

9763/ [1]- شرف الدين النجفي، قال: روي مرفوعا، عن محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر، عن أبي مريم عن بعض أصحابنا، رفعه إلى أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: « [لما] نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله): قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ، يعني في حروبه، قالت قريش:

فعلى ما نتبعه، و هو لا يدري ما يفعل به و لا بنا؟ فأنزل الله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً». و قالا: «قوله تعالى:

إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ في علي، هكذا نزلت».

9764/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: قُلْ لهم يا محمد: ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ، أي لم أكن واحدا من الرسل، فقد كان قبلي أنبياء كثيرة.

سورة الأحقاف(46): آية 10 ..... ص : 38

قوله تعالى:

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ كَفَرْتُمْ بِهِ- إلى قوله تعالى- عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَ اسْتَكْبَرْتُمْ [10] 9765/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: قل إن كان القرآن من عند الله وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَ اسْتَكْبَرْتُمْ، قال: الشاهد: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الدليل عليه في سورة هود: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «1»، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام).

سورة الأحقاف(46): آية 13 ..... ص : 38

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ [13] 9766/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: استقاموا على ولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام).

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 578/ 2.

2- تفسير القمّي 2: 296. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 297.

4- تفسير القمّي 2: 297.

(1) هود 11: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 39

سورة الأحقاف(46): آية 15 ..... ص : 39

قوله تعالى:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً- إلى قوله تعالى- مِنَ الْمُسْلِمِينَ [15]

9767/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء و الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما حملت فاطمة بالحسين (عليهما السلام)، جاء جبرئيل إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: إن فاطمة ستلد غلاما تقتله أمتك من بعدك، فلما حملت فاطمة بالحسين (عليهما السلام) كرهت حمله، و حين وضعته كرهت وضعه». ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لم تر في الدنيا أم تلد غلاما تكرهه، لكنها كرهته لما علمت بأنه سيقتل، و فيه نزلت هذه الآية:

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».

9768/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن جبرئيل (عليه السلام) نزل على محمد (صلى الله عليه و آله)، فقال له: يا محمد، إن الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة تقتله أمتك من بعدك. فقال: يا

جبرئيل، و على ربي السلام، لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله أمتي من بعدي، فعرج جبرئيل (عليه السلام) إلى السماء «1»، ثم هبط و قال له مثل ذلك، فقال: يا جبرئيل، و على ربي السلام، لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي، فعرج جبرئيل (عليه السلام) إلى السماء، ثم هبط و قال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام، و يبشرك بأنه جاعل في ذريته الإمامة و الوصية، فقال: قد رضيت.

ثم أرسل إلى فاطمة: أن الله يبشرني بمولود يولد لك تقتله أمتي من بعدي. فأرسلت إليه: لا حاجة لي في مولود تقتله أمتك من بعدك. فأرسل إليها: أن الله قد جعل في ذريته الإمامة و الولاية و الوصية، فأرسلت إليه: اني قد رضيت، فحملته: كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، فلو أنه قال: أصلح لي ذريتي، لكان «2» ذريته كلهم أئمة.

__________________________________________________

1- الكافي 1: 386/ 3.

2- الكافي 1: 386/ 4.

(1) (جبرئيل (عليه السّلام) إلى السماء) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: فلولا أنّه قال: أصلح لي في ذريتي لكانت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 40

و لم يرضع الحسين (عليه السلام) من فاطمة (عليها السلام)، و لا من أنثى، كان يؤتى به النبي (صلى الله عليه و آله)، فيضع إبهامه في فيه، فيمص منها ما يكفيه اليومين و الثلاثة، فنبت لحم الحسين (عليه السلام) من لحم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و دمه «1» من دمه، و لم

يولد لستة أشهر إلا عيسي بن مريم (عليه السلام)، و الحسين بن علي (عليهما السلام)».

9769/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسين «2» (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، من أين جاء لولد الحسين (عليه السلام) الفضل على ولد الحسن (عليه السلام)، و هما يجريان في شرع واحد؟ فقال: «لا أراكم تأخذون به، إن جبرئيل (عليه السلام) نزل على محمد (صلى الله عليه و آله) و ما ولد الحسين (عليه السلام) بعد، فقال له: يولد لك غلام تقتله أمتك من بعدك. فقال: لا حاجة لي فيه، فخاطبه ثلاثا، ثم دعا عليا (عليه السلام) فقال له: إن جبرئيل (عليه السلام) يخبرني عن الله عز و جل أنه يولد لك غلام تقتله أمتك من بعدك. فقال: لا حاجة لي فيه يا رسول الله. فخاطب عليا (عليه السلام) ثلاثا، ثم قال: إنه يكون فيه و في ولده الإمامة و الوارثة و الخزانة.

فأرسل إلى فاطمة (عليها السلام): أن الله يبشرك بغلام تقتله أمتي من بعدي. فقالت فاطمة (عليها السلام): ليس لي فيه يا أبت حاجة. فخاطبها ثلاثا، ثم أرسل إليها: لا بد أن يكون فيه الإمامة و الوراثة و الخزانة، فقالت: رضيت عن الله عز و جل، فعلقت و حملت بالحسين (عليه السلام)، فحملت ستة أشهر، ثم وضعت.

و لم «3» يولد مولود قط لستة أشهر غير الحسين بن علي و عيسى بن مريم (عليهم السلام)، فكفلته أم سلمة، و كان رسول الله (صلى الله

عليه و آله) يأتيه كل يوم فيضع لسانه في فم الحسين (عليه السلام)، فيمصه حتى يروي، فأنبت الله عز و جل لحمه من لحم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يرضع من فاطمة (عليها السلام)، و لا من غيرها لبنا قط.

فلما أنزل الله تبارك و تعالى فيه: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، فلو قال: أصلح ذريتي، كانوا كلهم أئمة، لكن خص هكذا».

9770/ [4]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن ابن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 205/ 3.

4- الأمالي 2: 274.

(1) (من دمه) ليس في «ج» و المصدر.

(2) في المصدر: أحمد بن الحسن.

(3) في المصدر: وضعته و لم يعش.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 41

محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «حمل الحسين (عليه السلام) ستة أشهر و أرضع سنتين، و هو قول الله عز و جل: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».

9771/ [5]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، في (كامل الزيارات)، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن

علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي سلمة سالم بن مكرم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «لما حملت فاطمة بالحسين (عليهما السلام) جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: إن فاطمة ستلد ولدا تقتله أمتك من بعدك. فلما حملت فاطمة الحسين (عليه السلام) كرهت حمله، و حين وضعته كرهت وضعه». ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هل في الدنيا «1» أم تلد غلاما فتكرهه؟! و لكنها كرهته لأنها تعلم أنه سيقتل» قال: «و فيه نزلت هذه الآية: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».

9772/ [6]- و عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن محمد بن عبد الله، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أتى جبرئيل (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: السلام عليك يا محمد، ألا أبشرك بغلام تقتله أمتك من بعدك؟ فقال: لا حاجة لي فيه. قال:

فانتهض إلى السماء، ثم عاد إليه الثانية، فقال: مثل ذلك، فقال: لا حاجة لي فيه. [فانعرج الى السماء، ثم انقض إليه الثالثة، فقال مثل ذلك، فقال: لا حاجة لي فيه.] فقال: إن ربك جاعل الوصية في عقبه، فقال: نعم، أو قال ذلك.

ثم قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) فدخل على فاطمة (عليها السلام)، فقال لها: إن جبرئيل (عليه السلام) أتاني فبشرني بغلام تقتله أمتي من بعدي. فقالت: لا حاجة لي فيه. فقال لها: إن ربي جاعل الوصية في عقبة. فقال: نعم إذن. فأنزل الله تعالى

عندك ذلك هذه الآية فيه: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً، لموضع إعلام جبرئيل إياها بقتله فحملته كرها بأنه مقتول، و وضعته كرها لأنه مقتول».

9773/ [7]- و عنه، قال: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، قال: حدثني رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن جبرئيل (عليه السلام) نزل على محمد (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، إن الله يقرأ عليك السلام، و يبشرك بمولود يولد من فاطمة (عليهما السلام) تقتله أمتك من بعدك، فقال: يا جبرئيل، و على ربي السلام، لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله أمتي من بعدي». قال: «فعرج جبرئيل إلى السماء ثم هبط، فقال له مثل ذلك، فقال: يا جبرئيل، و على ربي السلام، لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي. فعرج جبرئيل إلى السماء ثم هبط، فقال له: يا محمد، إن

__________________________________________________

5- كامل الزيارات: 55/ 2.

6- كامل الزيارات: 56/ 3. [.....]

7- كامل الزيارات: 56/ 4.

(1) في المصدر: هل رأيتم في الدنيا أمّا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 42

ربك يقرئك السلام، و يبشرك أنه جاعل في ذريته الإمامة و الولاية و الوصاية «1»، فقال: «قد رضيت.

ثم أرسل إلى فاطمة (عليها السلام): أن الله يبشرني بمولود يولد منك تقتله أمتي من بعدي. فأرسلت إليه: أن لا حاجة لي في مولد يولد مني تقتله أمتك من بعدك، فأرسل إليها: ان الله عز و جل جاعل في ذريته الإمامة و الولاية و الوصاية، فأرسلت إليه: إني قد رضيت. فحملته: كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا

بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، فلو أنه قال: أصلح لي ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة.

و لم يرضع الحسين من فاطمة (عليها السلام) و لا من أنثى، و لكنه كان يؤتى به النبي (صلى الله عليه و آله)، فيضع إبهامه في فيه، فيمص منها ما يكفيه اليومين و الثلاثة. فنبت لحم الحسين (عليه السلام) من لحم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و دمه من دمه، و لم يولد مولود لستة أشهر إلا عيسى بن مريم و الحسين بن علي (صلوات الله عليهم)».

و عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، مثله.

9774/ [8]- محمد بن العباس، قال: «حدثنا محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن إبراهيم بن يوسف العبدي، عن إبراهيم بن صالح، عن الحسين بن زيد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: يا محمد، إنه يولد لك مولود تقتله أمتك من بعدك، فقال:

يا جبرئيل، لا حاجة لي فيه، فقال: يا محمد، إن منه الأئمة و الأوصياء».

قال: «و جاء النبي (صلى الله عليه و آله) إلى فاطمة (عليها السلام)، فقال لها: إنك تلدين ولدا تقتله أمتي من بعدي. فقالت لا حاجة لي فيه. فخاطبها ثلاثا، فقال لها: إن منه الأئمة و الأوصياء، فقالت: نعم يا أبت، فحملت بالحسين (عليه السلام) فحفظها الله و ما في بطنها من إبليس،

فوضعته لستة أشهر، و لم يسمع بمولود ولد لستة أشهر إلا الحسين و يحيى بن زكريا (عليهما السلام)، فلما وضعته وضع النبي (صلى الله عليه و آله) لسانه في فمه «2» فمصه، و لم يرضع الحسين (عليه السلام) من أنثى حتى نبت لحمه و دمه من ريق رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو قوله عز و جل: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً».

9775/ [9]- و عنه: عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن نصر بن يحيى، عن المقيس «3» بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده [قال : كان رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) مع عمر بن الخطاب، فأرسله في جيش، فغاب ستة أشهر، ثم قدم و كان مع أهله ستة أشهر،

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 2: 578/ 3.

9- تأويل الآيات 2: 581/ 6.

(1) في المصدر: الوصية، و كذا التي بعدها.

(2) في «ج» و المصدر: فيه.

(3) في «ط»: نسخة بدل، و المصدر: المقتبس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 43

فعلقت منه، فجاءت بولد لستة أشهر فأنكره، فجاء بها إلى عمر. فقال: يا أمير المؤمنين، كنت في البعث الذي وجهتني فيه، و تعلم أني قدمت منذ ستة أشهر، و كنت مع أهلي، و قد جاءت بغلام و هو ذا، و تزعم أنه مني، فقال لها عمر: ما تقولين، أيتها المرأة؟ فقالت: و الله ما غشيني رجل غيره، و ما فجرت، و إنه لابنه. و كان اسم الرجل الهيثم، فقال لها عمر: أحق ما يقول زوجك؟ قالت: صدق يا أمير المؤمنين.

فأمر

بها عمر أن ترجم، فحفر لها حفيرة، ثم أدخلها فيها، فبلغ ذلك عليا (عليه السلام) فجاء مسرعا، حتى أدركها، و أخذ بيدها، فسلها من الحفيرة، ثم قال لعمر: «اربع على نفسك «1»، إنها قد صدقت، إن الله عز و جل يقول في كتابه: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً، و قال في الرضاع: وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ «2» فالحمل و الرضاع ثلاثون شهرا، و هذا الحسين ولد لستة أشهر» فعندها قال عمر: لو لا علي لهلك عمر.

9776/ [10]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أحمد و محمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سأله أبي و أنا حاضر، عن قول الله عز و جل: حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ قال: «الاحتلام فقال: «يحتلم في ست عشرة و سبع عشرة سنة و نحوها»

سورة الأحقاف(46): الآيات 17 الي 18 ..... ص : 43

قوله تعالى:

وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ [17- 18] 9777/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَ قَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي، الآية قال: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر.

9778/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني العباس بن محمد، قال: حدثني الحسن بن سهل، بإسناد رفعه إلى جابر بن يزيد، عن جابر بن عبد الله، قال: أتبع جل ذكره مدح الحسين بن علي (عليهما السلام) بذم عبد الرحمن بن أبي بكر، قال جابر بن يزيد، فذكرت هذا الحديث لأبي جعفر (عليه السلام) فقال أبو جعفر (عليه السلام):

«يا جابر، و الله لو سبقت الدعوة من الحسين: و أصلح لي ذريتي، كانوا ذريته كلهم أئمة طاهرين و لكن سبقت الدعوة:

__________________________________________________

10- التهذيب 9: 182/ 6.

1- تفسير القمي 2: 297.

2- تفسير القمي 2: 297.

(1) أي تمكث و انتظر.

(2) البقرة 2: 233.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 44

وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي «1»، فمنهم الأئمة (عليهم السلام) واحدا فواحدا، ثبت الله بهم حجته».

قال مؤلف الكتاب: أ ترى إلى أبي جعفر (عليه السلام)، لما عرض عليه جابر الحديث، كيف انتقل إلى ذكر ما في الحسين (عليه السلام)، و لم يذكر أن الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، بل أعرض عنه إلى ذكر الحسين (عليه السلام).

9779/ [3]- و في (كشف البيان): الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، و قيل: في أبيه قبل إسلامه.

9780/ [4]- الطبرسي في (مجمع البيان): قيل: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر «2» عن ابن عباس، و أبي العالية، و السدي، و مجاهد.

قال: «و قيل: الآية عامة في كل كافر عاق لوالديه عن الحسن و قتادة و الزجاج، قالوا: و يدل عليه أنه قال عقيبها: أُولئِÙΠالَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ.

سورة الأحقاف(46): آية 20 ..... ص : 44

قوله تعالى:

وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ- إلى قوله تعالى- وَ بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ [20] 9781/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها قال: أكلتم و شربتم و لبستم و ركبتم، و هي في بني فلان: فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ، قال: العطش بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ.

9782/ [2]- المفيد في (أماليه): قال: أخبرني أبو الحسن علي بن

بلال المهلبي، قال: حدثنا عبد الله بن راشد الأصفهاني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرنا أحمد بن شمر، قال: حدثنا عبد الله بن ميمون المكي مولى بني مخزوم، عن جعفر الصادق بن محمد الباقر، عن أبيه (عليهما السلام): «أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أتي بخبيص «3»، فأبى أن يأكل، فقالوا له: أ تحرمه؟ قال: لا، و لكني أخشى أن تتوق إليه نفسي فأطلبه» ثم تلا هذه الآية: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها.

__________________________________________________

3- نهج البيان 3: 264 «مخطوط».

4- مجمع البيان 9: 132. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 298.

2- أمالي المفيد: 134/ 2.

(1) الأحقاف 46: 15.

(2) في المصدر زيادة: قال له أبواه أسلم و ألحّا عليه، فقال: أحيوا لي عبد اللّه بن جدعان و مشايخ قريش حتّى أسالهم عمّا تقولون.

(3) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر و السّمن. «المعجم الوسيط- خبص- 1: 216».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 45

9783/ [3]- ابن شهر آشوب: قال الأحنف بن قيس: دخلت على معاوية، فقدم إلي من الحلو و الحامض ما كثر تعجبي منه، ثم قدم لونا ما أدري ما هو، فقلت: ما هذا؟ فقال: مصارين البط محشوة بالمخ، قد قلى بدهن الفستق، و ذر عليه الطبرزد «1»، فبكيت، فقال: ما يبكيك؟ فقلت ذكرت عليا (عليه السلام)، بينا أنا عنده، فحضر وقت إفطار فسألني المقام، إذ دعا بجراب مختوم، فقلت: ما هذا الجراب؟ قال: «سويق الشعير»، فقلت: خفت عليه أن يؤخذ، أو بخلت به؟ قال: «لا و لا أحدهما، لكني خفت أن يلينه الحسن و الحسين بسمن أو زيت». قلت: محرم هو؟ قال:

«لا، و لكن يجب على أئمة الحق أن يقتدوا بالقسم من ضعفة

الناس كيلا يطغى بالفقير فقره»، فقال معاوية: ذكرت من لا ينكر فضله.

9784/ [4]- العرني: وضع خوان من فالوذج «2» بين يديه، فوجأ بإصبعه حتى بلغ أسفله [ثم سلها] و لم يأخذ منه شيئا، و تلمظه بإصبعه، و قال: «طيب طيب، و ما هو بحرام، و لكن أكره أن أعود نفسي بما لم أعودها».

9785/ [5]- و فى خبر عن الصادق (عليه السلام): «أنه مد يده إليه ثم قبضها، فقيل له في ذلك، فقال: ذكرت رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه لم يأكله قط، فكرهت أن آكله».

9786/ [6]- و في خبر آخر عن الصادق (عليه السلام): «قالوا له: أ تحرمه؟ قال: لا، و لكني أخشى أن تتوق إليه نفسي»، ثم تلا: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا.

9787/ [7]- الباقر (عليه السلام) في خبر: «كان (عليه السلام) ليطعم الناس خبز البر و اللحم، و ينصرف إلى منزله و يأكل خبز الشعير و الزيت و الخل».

9788/ [8]- الطبرسي: في الحديث أن عمر بن الخطاب قال: استأذنت على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدخلت عليه في مشربة «3» أم إبراهيم، و إنه لمضطجع على خصفة «4»، و أن بعضه على التراب، و تحت رأسه وسادة محشوة ليفا، فسلمت عليه ثم جلست، فقلت: يا رسول الله، أنت نبي الله و صفوته و خيرته من خلقه، و كسرى و قيصر على سرر الذهب و فرش الديباج و الحرير! فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أولئك قوم عجلت طيباتهم، و هي وشيكة الانقطاع، و إنما أخرت لنا طيباتنا».

__________________________________________________

3- ... حيلة الأبرار 1: 352.

4- المناقب 2: 99.

5- المناقب 2: 99.

6- المناقب 2: 99.

7- المناقب 2: 99.

8- مجمع البيان 9:

133.

(1) الطّبرزد: السّكّر الأبيض، فارسية. «أقرب الموارد 1: 696».

(2) الفالوذج: حلواء تعمل من الدقيق و الماء و العسل. و هو مأخوذ من فالوذة بالفارسية. «أقرب الموارد 2: 942».

(3) المشربة: الغرفة. «أقرب الموارد- شرب- 1: 580». [.....]

(4) الخصفة: الجلّة تعمل من الخوص للتمر، و: الثوب الغليظ جدّا. «أقرب الموارد- خصف- 1: 279».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 46

9789/ [9]- و قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) في بعض خطبه: «و الله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، و لقد قال لي قائل: ألا تنبذها؟ فقلت: اعزب عني، فعند الصباح يحمد القوم السرى» «1».

9790/ [10]- و روى محمد بن قيس، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، أنه قال: «و الله إن كان علي (عليه السلام) ليأكل أكلة العبد، و يجلس جلسة العبد، و إنه كان ليشتري القميصين فيخير غلامه خيرهما، ثم يلبس الآخر، فإذا جاز أصابعه قطعه، و إذا جاز كعبه حذفه، و لقد و لي خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة، و لا لبنة على لبنة و لا أورث بيضاء و لا حمراء، و إن كان ليطعم الناس خبز البر و اللحم و ينصرف إلى منزله يأكل خبز الشعير و الزيت و الخل، و ما ورد عليه أمران كلاهما لله عز و جل رضا إلا أخذ بأشدهما على بدنه، و لقد أعتق ألف مملوك من كد يمينه، تربت منه يداه و عرق فيه وجهه، و ما أطاق عمله أحد من الناس، و إن كان ليصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة، و إن كان أقرب الناس شبها به علي بن الحسين (عليهما السلام)، و ما أطاق عمله أحد من الناس بعده».

ثم إنه

اشتهر في الرواية أنه (عليه السلام)، لما دخل على العلاء بن زياد بالبصرة يعوده. قال له العلاء يا أمير المؤمنين، أشكو إليك أخي عاصم بن زيد لبس العباءة، و تخلى من الدنيا. فقال (عليه السلام): «علي به». فلما جاء، قال: «يا عدي نفسه، لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك و ولدك، أ ترى، الله أحل لك الطيبات و هو يكره أن تأخذها! أنت أهون على الله من ذلك». قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك و جشوبة مأكلك، قال:

«ويحك إني لست كأنت، إن الله تعالى فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره» «2».

سورة الأحقاف(46): آية 21 ..... ص : 46

قوله تعالى:

وَ اذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ [21] 9791/ [1]- علي بن إبراهيم: الأحقاف: بلاد عاد، من الشقوق إلى الأجفر و هي أربعة منازل.

9792/ [2]- ثم قال: حدثني أبي، قال: أمر المعتصم أن يحفر بالبطانية «3» بئر، فحفروا ثلاثمائة قامة، فلم يظهر الماء، فتركه و لم يحفره، فلما ولي المتوكل أمر أن يحفر ذلك أبدا حتى يظهر الماء، فحفروا حتى وضعوا في كل

__________________________________________________

9- مجمع البيان 9: 133.

10- مجمع البيان 9: 133.

1- تفسير القمّي 2: 298.

2- تفسير القمّي 2: 298.

(1) مثل يضرب لمن يحتمل المشقّة رجاء الراحة، و يضرب أيضا في الحثّ على مزاولة الأمر و الصبر و توطين النفس حتّى تحمد عاقبته.

(2) أي يهيج به و يغلبه حتّى يقهره.

(3) في المصدر: بالباطئية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 47

مائة قامة؟ بكرة، حتى انتهوا إلى صخرة، فضربوها بالمعول فانكسرت، فخرج عليهم منها ريح باردة، فمات من كان يقربها، فأخبروا المتوكل بذلك، فلم يعلم ما ذاك، فقالوا: سل ابن الرضا عن ذلك، و هو

أبو الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام)، فكتب إليه يسأله عن ذلك، فقال أبو الحسن (عليه السلام): «تلك بلاد الأحقاف، و هم قوم عاد، الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر».

9793/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): روي عن علي بن يقطين، أنه قال: لما أمر أبو جعفر الدوانيقي يقطين أن يحفر بئرا بقصر العبادي، فلم يزل يقطين في حفرها حتى مات أبو جعفر، و لم يستنبط منها الماء، فأخبر المهدي بذلك، فقال له: احفر أبدا حتى تستنبط الماء، و لو أنفقت عليها جميع ما في بيت المال.

قال: فوجه يقطين أخاه أبو موسى، في حفرها، فلم يزل يحفر حتى ثقبوا ثقبا في أسفل الأرض، فخرجت منه الريح، قال: «فهالهم ذلك فأخبروا أبا موسى، فقال: أنزلوني، و كان رأس البئر أربعين ذراعا [في أربعين ذراعا] فاجلس في شق محمل و دلي فى البئر، فلما صار في قعرها نظر إلى هول و سمع دوي الريح في أسفل ذلك، فأمرهم أن يوسعوا ذلك الخرق، فجعلوه شبه الباب العظيم، ثم دلي فيه رجلان في شق محمل، فقال: ائتوني بخبر هذا ما هو؟ قال: فنزلا في شق محمل، فمكثا مليا، ثم حركا الحبل فاصعدا، فقال لهما: ما رأيتما؟ قالا: أمرا عظيما، رجالا و نساء و بيوتا و آنية و متاعا، كلها ممسوخ من حجارة، فأما الرجال و النساء فعليهم ثيابهم، فمن بين قاعد و مضطجع و متكئ، فلما مسسناهم إذا ثيابهم تتفشى شبه الهباء، و منازل قائمة.

قال: فكتب بذلك أبو موسى إلى المهدي، فكتب المهدي إلى المدينة، إلى موسى بن جعفر (عليهما السلام)، يسأله أن يقدم عليه، فقدم عليه فأخبره، فبكى بكاء شديدا، و قال: «يا أمير المؤمنين، هؤلاء بقية قوم عاد، غضب

الله عليهم فساخت بهم منازلهم، هؤلاء أصحاب الأحقاف». [قال فقال له المهدي: يا أبا الحسن، و ما الأحقاف؟

قال: «الرمل».

سورة الأحقاف(46): الآيات 22 الي 32 ..... ص : 47

قوله تعالى:

قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [22- 32] 9794/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله قوم عاد: قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا، أي تزيلنا بكذبك عما كان يعبد آباؤنا: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا، من العذاب إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، و كان نبيهم هود (عليه السلام)، و كانت

__________________________________________________

3- الاحتجاج: 388.

1- تفسير القمّي 2: 298.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 48

بلادهم كثيرة الخير خصبة، فحبس الله عنهم المطر سبع سنين حتى أجدبوا، و ذهب خيرهم من بلادهم، و كان هود يقول لهم ما حكى الله في سورة هود: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ، إلى قوله تعالى: وَ لا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ «1» فلم يؤمنوا، و عتوا، فأوحى الله إلى هود (عليه السلام): أنه يأتيهم العذاب في وقت كذا و كذا رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ، فلما كان ذلك الوقت، نظروا إلى سحابة، قد أقبلت، ففرحوا و قالوا: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا الساعة بمطر، فقال لهم هود: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ. في قوله تعالى: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْ ءٍ بِأَمْرِ رَبِّها، فلفظه عام و معناه خاص، لأنها تركت أشياء كثيرة لم تدمرها، و انما دمرت ما لهم كله، فكان كما قال الله تعالى: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ، و كل هذه الأخبار من هلاك الأمم تخويف و تحذير لأمة محمد (صلى الله عليه و آله). و قوله تعالى: وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَ جَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَ أَبْصاراً وَ أَفْئِدَةً، أي

قد أعطيناهم فكفروا، فنزل بهم العذاب، فاحذروا أن ينزل بكم ما نزل بهم. ثم خاطب الله تعالى قريشا: وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَ صَرَّفْنَا الْآياتِ، أي بينا، و هي بلاد عاد و قوم صالح و قوم لوط، ثم قال احتجاجا عليهم: فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ أي بطلوا وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ أي كذبهم وَ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.

قال: قوله تعالى: وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، إلى قوله تعالى: فَلَمَّا قُضِيَ، أي فرغ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا إلى قوله تعالى: أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، فهذا كله حكاية عن الجن، و كان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خرج من مكة إلى سوق عكاظ، و معه زيد بن حارثة، يدعو الناس إلى الإسلام، فلم يجبه أحد، و لم يجد من يقبله، ثم رجع إلى مكة، فلما بلغ موضعا [يقال له:

وادي مجنة تهجد بالقرآن في جوف الليل، فمر به نفر من الجن، فلما سمعوا قراءة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، استمعوا له، فلما سمعوا قراءته، قال بعضهم لبعض: أَنْصِتُوا، يعني اسكتوا: فَلَمَّا قُضِيَ، أي فرغ: وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَ إِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ، إلى قوله تعالى: أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، فجاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أسلموا و آمنوا، و علمهم شرائع الإسلام، فأنزل على نبيه قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ

الْجِنِّ «2»، السورة كلها، فحكى [الله عز و جل قولهم و ولى عليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كانوا يعودون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فى كل وقت، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعلمهم و يفقههم، فمنهم مؤمنون و كافرون و ناصبون، و يهود و نصارى و مجوس، و هم ولد الجان.

9795/ [2]- قال: و سئل العالم (عليه السلام) عن مؤمني الجن أ يدخلون الجنة؟ فقال: «لا، و لكن لله حظائر بين الجنة و النار، و يكون فيها مؤمنو الجن و فساق الشيعة».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 300.

(1) هود 11: 52.

(2) الجنّ 72: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 49

9796/ [1]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قد سأله يهودي، قال اليهودي: فإن هذا سليمان سخرت له الشياطين، يعملون له ما يشاء من محاريب و تماثيل.

قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك. و لقد أعطي محمد (صلى الله عليه و آله) أفضل من هذا، إن الشياطين سخرت لسليمان و هي مقيمة على كفرها، و سخرت لنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) الشياطين بالإيمان، فأقبل إليه من الجن تسعة من أشرافهم، واحد من جن نصيبين، و الثمان من بني عمرو بن عامر من الأحجر «1»، منهم شضاه، و مضاه، و الهملكان، و المرزبان، و المازمان، و نضاه، و هاضب «2»، و عمرو، و هم الذين يقول الله تبارك و تعالى اسمه فيهم: وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، و هم التسعة، فأقبل إليه الجن و النبي (صلى الله عليه و آله) ببطن النخل، فاعتذروا

بأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا، و لقد أقبل إليه أحد و سبعون ألفا منهم، فبايعوه على الصوم و الصلاة و الزكاة و الحج و الجهاد و نصح المسلمين، و اعتذروا بأنهم قالوا على الله شططا، و هذا أفضل مما أعطي سليمان، سبحان من سخرها لنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) بعد أن كانت تتمرد و تزعم أن لله ولدا، و لقد شمل مبعثه من الجن و الإنس ما لا يحصى».

سورة الأحقاف(46): آية 33 ..... ص : 49

قوله تعالى:

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [33] 9797/ [2]- علي بن إبراهيم: ثم احتج الله تعالى على الدهرية، فقال: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.

سورة الأحقاف(46): آية 35 ..... ص : 49

قوله تعالى:

فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [35]

9798/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي،

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 222. [.....]

2- تفسير القمّي 2: 300.

3- الكافي 1: 134/ 3.

(1) في المصدر: الأحجة.

(2) زاد في المصدر: و هضب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 50

عن هشام، عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «سادة النبيين و المرسلين خمسة، و هم أولوا العزم من الرسل، و عليهم دارت الرحا: نوح، و إبراهيم، و موسى، و عيسى و محمد (صلى الله عليه و آله و على جميع الأنبياء).

9799/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن أول وصي كان على وجه الأرض هبة الله شيث بن آدم، و ما من نبي مضى إلا وله وصي، و كان جميع الأنبياء مائة ألف نبي و عشرين ألف نبي، منهم خمسة أولو العزم:

نوح، و إبراهيم، و موسى، و عيسى، و محمد (عليهم السلام). و إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان هبة الله لمحمد (صلى الله عليه و آله) و ورث علم الأوصياء و

علم من كان قبله، أما إن محمدا (صلى الله عليه و آله) ورث علم من كان قبله من الأنبياء و المرسلين. على قائمة العرش مكتوب: حمزة أسد الله و أسد رسوله و سيد الشهداء، و في ذؤابة العرش:

علي أمير المؤمنين، فهذه حجتنا على من أنكر حقنا، و جحد ميراثنا، و ما منعنا من الكلام و أمامنا اليقين، فأي حجة تكون أبلغ من هذا؟».

9800/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة ابن مهران، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز و جل: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ؟

فقال: «نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد (صلوات الله عليهم)».

قلت: كيف صاروا أولي العزم؟ قال: «لأن نوحا بعث بكتاب و شريعة، و كل من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح و شريعته و منهاجه، حتى جاء إبراهيم (عليه السلام) بالصحف و بعزيمة ترك كتاب نوح لا كفرا به، فكل نبي جاء بعد إبراهيم (عليه السلام) أخذ بشريعة إبراهيم و منهاجه و بالصحف، حتى جاء موسى بالتوراة و شريعته و منهاجه و بعزيمة ترك الصحف، فكل نبي جاء بعد موسى (عليه السلام) أخذ بالتوراة و بشريعته و منهاجه، حتى جاء المسيح (عليه السلام) بالإنجيل و بعزيمة ترك شريعة موسى و منهاجه، فكل نبي جاء بعد المسيح (عليه السلام) أخذ بشريعته و منهاجه حتى جاء محمد (صلى الله عليه و آله)، فجاء بالقرآن و بشريعته و منهاجه، فحلاله حلال إلى يوم القيامة، و حرامه حرام إلى يوم القيامة، فهؤلاء أولو العزم من الرسل (عليهم السلام)».

9801/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن

الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن محمد بن علي الكوفي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أولو العزم من الرسل خمسة: نوح، و إبراهيم، و موسى، و عيسى، و محمد (صلوات الله و سلامه عليه و عليهم أجمعين)».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 175/ 2.

3- الكافي 2: 14/ 2.

4- الخصال: 300/ 73.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 51

9802/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «إنما سمي أولو العزم اولي العزم، لأنهم كانوا أصحاب العزائم و الشرائع، و ذلك أن كل نبي كان بعد نوح (عليه السلام) كان على شريعته و منهاجه، و تابعا لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل (عليه السلام)، و كل نبي كان في أيام إبراهيم، و بعده كان على شريعته و منهاجه، و تابعا لكتابه إلى زمن موسى (عليه السلام)، و كل نبي كان في زمن موسى و بعده كان على شريعته و منهاجه، و تابعا لكتابه إلى أيام عيسى (عليه السلام)، و كل نبي كان في زمن عيسى و بعده كان على منهاج عيسى و شريعته، و تابعا لكتابه إلى زمن نبينا محمد (صلى الله عليه و آله)، فهؤلاء الخمسة هم «1» أفضل الأنبياء و الرسل (عليه السلام)، و شريعة محمد (صلى الله عليه و آله) [لا تنسخ إلى يوم القيامة، و لا

نبي بعده إلى يوم القيامة، فمن ادعى بعده نبوة أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه».

9803/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: ثم أدب الله نبيه (صلى الله عليه و آله) بالصبر، فقال: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، و هم نوح، و إبراهيم، و موسى، و عيسى، و محمد (صلى الله عليه و آله)، و معنى أولي العزم أنهم سبقوا الأنبياء إلى الإقرار بالله و الإقرار بكل نبي كان قبلهم و بعدهم، و عزموا على الصبر مع التكذيب لهم و الأذى.

قوله تعالى:

وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ [35] 9804/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال تعالى: وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ، يعني العذاب كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ، قال: يرون يوم القيامة أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار بَلاغٌ، أي أبلغهم ذلك فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ.

__________________________________________________

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 80/ 13.

6- تفسير القمّي 2: 300.

1- تفسير القمّي 2: 330.

(1) في المصدر: الخمسة أولو العزم، فهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 53

سورة محمد (صلى الله عليه و آله) ..... ص : 53

فضلها ..... ص : 53

9805/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الَّذِينَ كَفَرُوا لم يرتب أبدا، و لم يدخله شك في دينه أبدا، و لم يبتله الله بفقر أبدا، و لا خوف من سلطان أبدا، و لم يزل محفوظا من الشك و الكفر أبدا حتى يموت، فإذا مات وكل الله به في قبره ألف ملك يصلون في قبره، يكون ثواب صلاتهم له، و يشيعونه حتى يوقفوه موقف الأمن عند الله

عز و جل، و يكون في أمان الله و أمان محمد (صلى الله عليه و آله)».

9806/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يول وجهه جهة إلا رأى فيه وجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا خرج من قبره، و كان حقا على الله تعالى أن يسقيه من أنهار الجنة، و من كتبها و علقها عليه، أمن في نومه و يقظته من كل محذور ببركتها».

9807/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه، أمن في نومه و يقظته من كل محذور، و كان محروسا من كل بلاء و داء».

9808/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها عليه دفع عنه الجان، و أمن في نومه و يقظته و إذا جعلها إنسان على رأسه كفي شر كل طارق بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 114.

2- .....

3- .... [.....]

4- ....

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 54

سورة محمد(47): آية 1 ..... ص : 54

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ [1] 9809/ [1]- علي بن إبراهيم: نزلت في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1» الذين ارتدوا بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و غصبوا أهل بيته حقهم، و صدوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، و عن ولايته «2»، أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي أبطل ما كان تقدم منهم مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الجهاد و النصرة.

9810/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن العباس الحريشي، عن أبي

جعفر (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله) في المسجد و الناس مجتمعون بصورت عال: الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ، فقال له: ابن عباس: يا أبا الحسن، لم قلت ما قلت؟ قال: قرأت شيئا من القرآن. قال: لقد قلته لأمر. قال: نعم إن الله تعالى يقول في كتابه: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «3»، أ فتشهد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه استخلف أبا بكر؟ قال: ما سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) أوصى إلا إليك. قال فهلا بايعتني؟ قال: اجتمع الناس على أبي بكر، فكنت منهم. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): كما اجتمع أهل العجل على العجل، هاهنا فتنتم، و مثلكم: كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ __________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 330.

2- تفسير القمي 2: 301.

(1) (أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: و عن ولاية الأئمة (عليهم السلام).

(3) الحشر 59: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 55

صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ «1»».

9811/ [3]- محمد بن العباس: عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين ابن مخارق، عن سعد بن طريف و أبي حمزة، عن الأصبغ، عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «سورة محمد (صلى الله عليه و آله) آية فينا، و آية في بني أمية».

9812/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد الكاتب، عن حميد بن الربيع، عن عبيد بن موسى، قال:

أخبرنا فطر بن إبراهيم

«2»، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، أنه قال: «من أراد أن يعلم فضلنا على عدونا، فليقرأ هذه السورة التي يذكر فيها الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فينا آية، و فيهم آية، إلى آخرها».

9813/ [5]- و عنه، قال: حدثنا علي بن العباس البجلي، عن عباد بن يعقوب، عن علي بن هاشم، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «سورة محمد (صلى الله عليه و آله) آية فينا و آية في بني أمية».

9814/ [6]- ابن شهرآشوب: عن جعفر، و أبي جعفر (عليهما السلام)، في قوله تعالى: الَّذِينَ كَفَرُوا: يعني بني أمية وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

سورة محمد(47): الآيات 2 الي6 ..... ص : 55

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ- إلى قوله تعالى- اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ [2- 3]

9815/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد بإسناده، عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ في علي وَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ، هكذا نزلت».

9816/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم أيضا، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ: نزلت في

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 582/ 1.

4- تأويل الآيات 2: 584/ 3.

5- تأويل الآيات 2: 582/ 2.

6- المناقب 3: 72.

1- تفسير القمّي 2: 301.

2- تفسير القمّي 2: 301.

(1) البقرة 2: 17، 18.

(2) في المصدر: قطر، عن إبراهيم، و في «ط، ي»: قطر بن إبراهيم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 56

أبي ذر و سلمان و عمار و المقداد، و

لم ينقضوا العهد وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ، أي ثبتوا على الولاية التي أنزلها الله: وَ هُوَ الْحَقُّ، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ أي حالهم.

ثم ذكر أعمالهم فقال: ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ و هم الذين اتبعوا أعداء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ.

قوله تعالى:

كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ [3- 4]

9817/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال «1»: «في سورة محمد (صلى الله عليه و آله) آية فينا و آية في عدونا، و الدليل على ذلك قوله تعالى: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ إلى قوله تعالى: لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ، فهذا السيف على مشركي العجم من الزنادقة، و من ليس معه كتاب من عبدة النيران و الكواكب».

9818/ [2]- و قال أيضا: قوله تعالى: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ فالمخاطبة للجماعة، و المعنى لرسول الله (صلى الله عليه و آله) و الامام من بعده.

9819/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم ابن محمد، عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (صلوات الله عليه)- في حديث الأسياف الخمسة- قال: «و السيف الثالث على مشركي العجم، يعني الترك و الديلم و الخزر، قال الله عز و جل في أول السورة التي يذكر فيها الذين كفروا فقص قصتهم، ثم قال: فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا

أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها فأما قوله تعالى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ يعني بعد السبي منهم وَ إِمَّا فِداءً يعني المفاداة بينهم و بين أهل الإسلام، فهؤلاء لن يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام، و لا يحل لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 301.

2- تفسير القمّي 2: 302.

3- الكافي 5: 11/ 2.

(1) في المصدر زيادة: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 57

قوله تعالى:

لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ- إلى قوله تعالى- وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ [4- 6] 9820/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ أي وعدها إياهم، و ادخرها لهم لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ، أي يختبر.

سورة محمد(47): آية 7 ..... ص : 57

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ [7]

9821/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي العلوي و أحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن العباس، عن إسماعيل بن إسحاق، جميعا، عن أبي روح فرج بن أبي قرة «1»، عن مسعدة بن صدقة، قال: حدثني ابن أبي ليلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن الجهاد باب فتحه الله لخاصة أوليائه، و سوغهم كرامة منه لهم و رحمة أدخرها «2»، و الجهاد لباس التقوى، و درع الله الحصينة و جنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله أثواب الذلة «3» و شملة «4» البلاء، و فارق الرخاء، و ضرب على قلبه بالإساءة «5»، و ديث

بالصغار «6» و القماء، و سيم الخسف، و منع النصف «7»، و أديل الحق بتضييع الجهاد، و غضب الله عليه لتركه نصرته. و قد قال الله عز و جل في محكم كتابه: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 302.

2- التهذيب 6: 123/ 216، نهج البلاغة: 69/ الخطبة 27.

(1) في «ج»: فرح بن أبي قرة، و في المصدر: فرج بن أبي فروة.

(2) في المصدر: و نعمة ذخرها.

(3) في المصدر: ثوب المذلة.

(4) في نهج البلاغة: شمله.

(5) في المصدر: بالأشباه، و في نهج البلاغة: بالاسهاب، أي ذهاب العقل و كثرة الكلام، و في نسخة بالأسداد أي الحجب.

(6) ديّث بالصّغار: أي ذلّل. «النهاية 2: 147».

(7) و سيم الخسف: أي كلّف و ألزم، و الخسف: النقصان و الهوان، و النصف: العدل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 58

9822/ [1]- علي بن إبراهيم: خاطب الله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ.

سورة محمد(47): الآيات 8 الي 9 ..... ص : 58

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ [8- 9] 9823/ [2]- علي بن إبراهيم، ثم قال تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ في علي فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ.

9824/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهذه الآية هكذا: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ في علي فَأَحْبَطَ الله أَعْمالَهُمْ».

9825/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد

بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن خالد «1» عن محمد بن علي، عن ابن الفضيل، عن أبي حمزة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «قوله تعالى:

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ في علي فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ».

سورة محمد(47): الآيات 10 الي 14 ..... ص : 58

قوله تعالى:

أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ [10- 14] 9826/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: أي أو لم ينظروا في أخبار الأمم الماضية.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 302. [.....]

2- تفسير القمّي 2: 302.

3- تفسير القمّي 2: 302.

4- تأويل الآيات 2: 583/ 6.

5- تفسير القمّي 2: 302.

(1) في المصدر: محمّد بن خالد، و الظاهر أحمد بن محمّد بن خالد، انظر معجم رجال الحديث 16: 287.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 59

9827/ [2]- ابن بابويه، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ «1»، قال: «معناه أ و لم ينظروا في القرآن».

و قد تقدم حديث عن الصادق (عليه السلام) بهذا المعنى في قوله تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا من سورة الأنعام «2».

9828/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ: أي أهلكهم و عذبهم، قوله تعالى:

وَ لِلْكافِرِينَ يعني الذين كفروا و كرهوا ما أنزل الله في علي أَمْثالُها أي لهم مثل ما كان للأمم الماضية من العذاب و الهلاك.

ثم ذكر المؤمنين الذين ثبتوا على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ. ثم ذكر المؤمنين، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ

يعني بولاية علي (عليه السلام): جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أعداؤه يَتَمَتَّعُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ يعني أكلا كثيرا وَ النَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ قال: الذين أهلكناهم من الأمم السالفة كانوا أشد قوة من قريتك، يعني أهل مكة الذين أخرجوك منها، فلم يكن لهم ناصر أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ يعني الذين غصبوه وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.

9829/ [4]- الطبرسي: عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «نزلت في المنافقين» «3»

سورة محمد(47): الآيات 15 الي 17 ..... ص : 59

قوله تعالى:

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ- إلى قوله تعالى- وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ [15] 9830/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ضرب لأوليائه و أعدائه مثلا، فقال لأوليائه: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ

__________________________________________________

2- الخصال: 396/ 102.

3- تفسير القمي 2: 302.

4- مجمع البيان 9: 151.

1- تفسير القمي 2: 303.

(1) الروم 30: 9.

(2) تقدم في الحديث (3) من تفسير الآيات (4- 18) من سورة الأنعام.

(3) في المصدر: و قيل: هم المنافقون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 60

إلى قوله تعالى: لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ أي خمرة إذا تناولها ولي الله وجد رائحة المسك فيها وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَ لَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ.

9831/ [1]- أبو القاسم بن قولويه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عيسى ابن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن علي

(عليه السلام)، قال: «الماء سيد شراب الدنيا و الآخرة، و أربعة أنهار في الدنيا من الجنة: الفرات، و النيل، و سيحان، و جيحان «1»، الفرات: الماء، و النيل: العسل، و سيحان: الخمر، و جيحان: اللبن».

9832/ [2]- ابن بابويه: بإسناده، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أربعة أنهار من الجنة: الفرات، و النيل، و سيحان، و جيحان، فالفرات: الماء في الدنيا و الآخرة، و النيل: العسل، و سيحان: الخمر، و جيحان: اللبن».

قوله تعالى:

كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ- إلى قوله تعالى- وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ [15- 17] 9833/ [3]- علي بن إبراهيم: ثم ضرب لأعدائه مثلا، فقال: كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ فقال: ليس من هو في هذه الجنة الموصوفة كمن هو في هذه النار، كما أنه ليس عدو الله كوليه.

قال: قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً فانها نزلت في المنافقين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و من كان إذا سمع شيئا منه لم يؤمن به و لم يعه، فإذا خرجوا، قالوا للمؤمنين: ماذا قال محمد آنفا؟ فقال الله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.

9834/ [4]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يدعو أصحابه، فمن أراد الله به

خيرا سمع و عرف ما يدعو إليه، و من أراد الله به شرا طبع على

__________________________________________________

1- كامل الزيارات: 47/ 1.

2- الخصال: 250/ 116. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 303.

4- تفسير القمّي 2: 303

(1) في النسخ: و سيحون و جيحون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 61

قلبه و لا يسمع و لا يعقل، و هو قول الله تعالى: حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ إلى قوله تعالى: ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ الآية».

9835/ [3]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر المهتدين، فقال تعالى: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ، و هو رد على من زعم أن الإيمان لا يزيد و لا ينقص.

9836/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن عيسى العبيدي، عن أبي محمد الأنصاري- و كان خيرا- عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «كنا [نكون عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيخبرنا بالوحي، فأعيه أنا دونهم و الله و ما يعونه، و إذا خرجوا قالوا لي: ماذا قال آنفا».

سورة محمد(47): آية 18 ..... ص : 61

قوله تعالى:

فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها [18] 9837/ [5]- علي بن إبراهيم، ثم قال تعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ يعني القيامة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها.

9838/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن سليمان بن مسلم الخشاب، عن عبد الله بن جريح المكي، عن عطاء بن أبي رياح، عن عبد الله بن عباس، قال: حججنا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) حجة الوداع، فأخذ بحلقة باب الكعبة، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: «ألا أخبركم بأشراط

الساعة؟».- و كان أدنى الناس [منه يومئذ سلمان (رحمة الله عليه)- فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه و آله): «من أشراط الساعة إضاعة الصلاة «1»، و اتباع الشهوات، و الميل إلى الأهواء و تعظيم أصحاب المال، و بيع الدين بالدنيا، فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح بالماء، مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال:

إي و الذي نفسي بيده».

يا سليمان، إن عندها أمراء جورة و وزراء فسقة، و عرفاء ظلمة، و أمناء خونة». فقال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «إي و الذي نفسي بيده.

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 303.

4- تأويل الآيات 2: 584/ 10.

5- تفسير القمّي 2: 303.

6- تفسير القمّي 2: 303.

(1) في المصدر: أشراط القيامة إضاعة الصلوات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 62

يا سلمان إن عندها يكون المنكر معروفا، و المعروف منكرا، و يؤتمن الخائن، و يخون الأمين، و يصدق الكاذب، و يكذب الصادق». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه و آله): «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان فعندها تكون إمارة النساء، و مشاورة الإماء، و قعود الصبيان على المنابر، و يكون الكذب ظرفا «1»، و الزكاة مغرما، و الفي ء مغنما، و يجفو الرجل والديه، و يبر صديقه، و يطلع الكوكب المذنب». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال: «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، و عندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، و يكون المطر قيظا، و يغاظ الكرام غيظا، و يحتقر الرجل المعسر، فعندها «2» تقارب الأسواق، إذا

قال هذا: لم أبع شيئا، و قال هذا: لم أربح [شيئا]، فلا ترى إلا ذاما لله». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال: «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، فعندها يليهم أقوام إن تكلموا قتلوهم و إن سكتوا استباحوهم، ليستأثروا بفيئهم، و ليطؤن حرمتهم، و ليسفكن دماءهم، و لتملأن قلوبهم دغلا و رعبا، فلا تراهم إلا و جلين خائفين مرعوبين مرهوبين». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال: «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، إن عندها يؤتى بشي ء من المشرق و شي ء من المغرب يلون أمتي، فالويل لضعفاء أمتي منهم، و الويل لهم من الله، لا يرحمون صغيرا، و لا يوقرون كبيرا، و لا يتجاوزون عن مسي ء، جثتهم جثة الآدميين، و قلوبهم قلوب الشياطين». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال: «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، و عندها يكتفي الرجال بالرجال، و النساء بالنساء، و يغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، و تشبه الرجال بالنساء و النساء بالرجال، و يركبن ذوات الفروج السروج، فعليهن من أمتي لعنة الله».

قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال: «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان إن عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع و الكنائس، و تحلى المصاحف، و تطول المنارات، و تكثر الصفوف بقلوب متباغضة و ألسن مختلفة». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال: «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، و عندها تحلى ذكور أمتي بالذهب و يلبسون الحرير و الديباج، و يتخذون جلود النمور صفاقا «3»».

قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال: «إي و الذي

نفسي بيده.

يا سلمان، و عندها يظهر الربا. و يتعاملون بالعينة «4» و الرشا، و يوضع الدين، و ترفع الدنيا» قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال: «إي و الذي نفسي بيده.

__________________________________________________

(1) في «ط» نسخة بدل و المصدر: طرفا.

(2) زاد في «ط، ي»: لا.

(3) في المصدر: صفافا.

(4) عيّن: أخذ بالعينة بالكسر: أي السلف أو أعطى بها، و عيّن التاجر: باع سلعته بثمن إلى أجل ثمّ اشتراها منه بأقلّ من ذلك الثمن. «القاموس المحيط 4: 254».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 63

يا سلمان، و عندها يكثر الطلاق، فلا يقام لله حد، و لن يضر الله شيئا». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال: إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، و عندها تظهر القينات و المعازف، و يليهم شرار أمتي». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟

قال (صلى الله عليه و آله): «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، و عندها تحج أغنياء أمتي للنزهة، و تحج أوساطها للتجارة، و تحج فقراؤها للرياء و السمعة، فعندها يكون أقوام يتعلمون القرآن لغير الله، فيتخذونه مزامير، و يكون أقوام يتفقهون لغير الله، و تكثر أولاد الزنا و يتغنون بالقرآن، و يتهافتون بالدنيا». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه و آله): «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، ذاك إذا انتهكت المحارم، و اكتسبت المآثم، و تسلط الأشرار على الأخيار، و يفشو الكذب، و تظهر اللجاجة، و تفشو الفاقة «1»، و يتباهون في اللباس، و يمطرون في غير أوان المطر، و يستحسنون الكوبة «2»، و المعازف، و ينكرون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، حتى يكون المؤمن في

ذلك الزمان أذل من الأمة، و يظهر قراؤهم و عبادهم فيما بينهم التلاوم، فأولئك يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس و الأنجاس». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه و آله): «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، فعندها لا يخشى الغني الا الفقير، حتى إن السائل يسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفه شيئا». قال سلمان: و إن هذا لكائن، يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه و آله): «إي و الذي نفسي بيده.

يا سلمان، و عندها يتكلم الرويبضة «3»». قال سلمان: و ما الرويبضة، يا رسول الله؟ فداك أبي و امي، قال (صلى الله عليه و آله): «يتكلم في أمر العامة من لم يكن يتكلم، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى تخور الأرض خورة، فلا يظن كل قوم إلا أنها خارت في ناحيتهم، فيمكثون ما شاء الله، ثم يمكثون في مكثهم فتلقي لهم الأرض أفلاذ كبدها».

قال: «ذهب و فضة». ثم أومأ بيده إلى الأساطين، فقال: «مثل هذا، فيومئذ لا ينفع ذهب و لا فضة». فهذا معنى قوله تعالى: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها.

سورة محمد(47): آية 19 ..... ص : 63

قوله تعالى:

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [19]

9839/ [1]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن الفضيل بن عبد الوهاب، عن إسحاق بن عبيد الله، عن عبيد الله بن

__________________________________________________

1- الكافي 2: 375/ 2.

(1) في «ط، ج، ي» و يغشى العاقل. [.....]

(2) أي الطّبل الصّغير المخصّر. «القاموس المحيط 1: 131».

(3) الرّويبضة، تصغير الرّابضة: و هو العاجز الّذي ربض عن معالي الأمور، و قعد عن طلبها. «النهاية 2: 285».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 64

الوليد الوصافي، رفعه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من

قال لا إله إلا الله، غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء، نبتها في مسك أبيض أحلى من العسل، و أشد بياضا من الثلج، و أطيب ريحا من المسك، فيها أمثال ثدي الأبكار، تفلق «1» عن سبعين حلة».

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خير العبادة قول لا إله إلا الله» و قال: «خير العبادة الاستغفار، و ذلك قول الله عز و جل في كتابه: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ».

9840/ [2]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الاستغفار و قول: لا إله إلا الله، خير العبادة، قال الله العزيز الجبار: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ 9841/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن الحارث بن المغيرة، عن أبى عبد الله (عليه السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يستغفر الله عز و جل كل يوم سبعين مرة و يتوب إلى الله عز و جل سبعين مرة قال قلت: كان يقول: أستغفر الله و أتوب إليه؟ قال: كان يقول: أستغفر الله، أستغفر الله سبعين مرة و يقول:

و أتوب إلى الله و أتوب إلى الله سبعين مرة».

9842/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و

آله) كان لا يقوم عن مجلس، و إن خف، حتى يستغفر الله عز و جل خمسا و عشرين مرة».

9843/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله في كل يوم سبعين مرة من غير ذنب».

9844/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يتوب إلى الله، و يستغفر في كل يوم و ليلة مائة مرة من غير ذنب».

9845/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

__________________________________________________

2- الكافي 2: 366/ 6.

3- الكافي 2: 366/ 5.

4- الكافي 2: 366/ 4.

5- الكافي 2: 325/ 1.

6- الكافي 2: 326/ 2.

7- الكافي 2: 365/ 1.

(1) في المصدر: تعلو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 65

«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): خير الدعاء الاستغفار».

9846/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن حسين بن سيف، عن أبي جميلة، عن عبيد بن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته [و هي تتلألأ».

9847/ [9]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قال: أستغفر الله، مائة

مرة في [كل يوم، غفر الله له سبعمائة ذنب، و لا خير في عبد يذنب في كل يوم سبعمائة ذنب».

9848/ [10]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة بياع الأكسية، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن المؤمن ليذنب الذنب فيذكر بعد عشرين سنة، فيستغفر الله فيغفر له، و إنما يذكره ليغفر له، و إن الكافر ليذنب فينساه من ساعته».

9849/ [11]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من عمل سيئة اجل فيه سبع ساعات من النهار، فان قال:

أستغفر لله الذي لا إلا إلا هو الحي القيوم [و أتوب إليه ثلاث مرات، لم تكتب عليه».

9850/ [12]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ما من مؤمن يقارف في يومه و ليلته أربعين كبيرة، فيقول و هو نادم: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، بديع السماوات و الأرض، ذا الجلال و الإكرام، و أسأله أن يصلي على محمد و أل محمد، و أن يتوب علي، إلا غفرها الله عز و جل، و لا خير فيمن يقارف في يومه «1» أربعين كبيرة

9851/ [13]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن ابن عمير، عن محمد بن حمران، عن زرارة، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: إذا أذنب العبد ذنبا أجل من غده «2» إلى الليل،

فان استغفر [الله عز و جل لم يكتب عليه

9852/ [14]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن ياسر، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرك فيتناثر، و المستغفر من ذنب و يفعله كالمستهزئ بربه».

__________________________________________________

8- الكافي 2: 366/ 2.

9- الكافي 2: 318/ 10.

10- الكافي 2: 318/ 6.

11- الكافي 2: 318/ 5.

12- الكافي 2: 318/ 7. [.....]

13- الكافي 2: 317/ 1.

14- الكافي 2: 366/ 3.

(1) في المصدر زيادة: أكثر من.

(2) في المصدر: غدوة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 66

و الروايات في ذلك كثيرة، تركنا إيراد كثير منها مخافة الإطالة.

سورة محمد(47): الآيات 20 الي 21 ..... ص : 66

قوله تعالى:

وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ- إلى قوله تعالى- لَكانَ خَيْراً لَهُمْ [20- 21] 9853/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَ ذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ الآية، فهم المنافقون، ثم قال: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ يعني الحرب فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ.

سورة محمد(47): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 66

قوله تعالى:

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ [22- 23]

9854/ [2]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان ابن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي العباس المكي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عمر لقي عليا (عليه السلام)، فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ «1» و تعرض بي و بصاحبي؟ فقال:

أ فلا أخبرك بآية، نزلت في بني امية؟ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، فقال:

كذبت، بنو أمية أوصل للرحم منكم، و لكنك أبيت إلا عداوة لبني تيم و بني عدي و بني أمية».

و روى هذا الحديث علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد، عن الحسن بن علي الخزاز، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي العباس المكي، قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن عمر لقي عليا (عليه السلام) الحديث «2».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 307.

2- الكافي 8: 103/ 76.

(1) القلم 68: 6.

(2) تفسير القمّي 2: 308.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 5، ص: 67

9855/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن بعض أصحابه، عن محمد بن مسلم، أو أبي حمزة، عن أبي عبدالله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال علي بن الحسين (عليهما السلام)- في حديث فيه- قال: و إياك و مصاحبة القاطع لرحمه، فإني وجدته ملعونا في كتاب الله عز و جل في ثلاثة مواضع، قال الله عز و جل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ، و قال: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ «1»، و قال في البقرة: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «2»».

9856/ [3]- محمد بن العباس (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أحمد الكاتب، عن حسين بن خزيمة الرازي، عن عبد الله بن بشير، عن أبي هوذة، عن إسماعيل بن عياش، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، قال: نزلت في بني هاشم و بني أمية.

9857/ [4]- و من طريق المخالفين: و (تفسير الثعلبي) في تفسير قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ: أن الآية نزلت في بني أمية و بني المغيرة: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ، و سيأتي من ذلك في آخر السورة «3».

سورة محمد(47): آية 24 ..... ص : 67

قوله تعالى:

أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها

[24]

9858/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه «4»، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا سليمان، إن لك قلبا و مسامع، و إن الله إذا أراد أن يهدي عبدا فتح مسامع قلبه، و إذا أراد به

__________________________________________________

2- الكافي 2: 279/ 7.

3- تأويل الآيات 2: 585/ 12.

4- ... العمدة: 454/ 946.

1- المحاسن: 200/ 35.

(1) الرعد 13: 25.

(2) البقرة 2: 27. [.....]

(3) يأتي في الحديثين (4 و 6) من تفسير الآيات (35- 38) من هذه السورة.

(4) عن (أبيه) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 68

غير ذلك ختم مسامع قلبه، فلا يصلح أبدا، و هو قول الله عز و جل: أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها».

سورة محمد(47): الآيات 25 الي 28 ..... ص : 68

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى- إلى قوله تعالى- فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ [25- 28]

9859/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، و علي بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى: «فلان و فلان و فلان ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قلت: قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ؟

قال: «نزلت فيهما و في أتباعهما، و هو قول الله عز و جل الذي نزل به جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله):

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، في علي (عليه السلام): سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ، قال: «دعوا بني أمية إلى

ميثاقهم ألا يصيروا الأمر فينا بعد النبي (صلى الله عليه و آله)، و لا يعطونا من الخمس شيئا، و قالوا: إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شي ء، و لم يبالوا أن لا «1» يكون الأمر فيهم، فقالوا: سنطيعكم في بعض الأمر الذي دعوتمونا إليه، و هو الخمس، أن لا نعطيهم منه شيئا، و قوله تعالى: كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، و الذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كان معهم أبو عبيدة، و كان كاتبهم، فأنزل الله عز و جل: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ «2» الآية».

9860/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن عبيد الكندي، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الفارس، عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ: «عن الإيمان بتركهم ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ، يعني الثاني «3».

قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، و هو ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام): سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ- قال: دعوا بني أمية إلى ميثاقهم أن لا يصيروا الأمر لنا بعد

__________________________________________________

1- الكافي 348/ 43.

2- تفسير القمّي 2: 308.

(1) في «ط، ي»: إلّا أن.

(2) الزخرف 43: 79، 80.

(3) في المصدر: (الشيطان) يعني فلانا (سول لهم) يعني بني فلان و بني فلان و بني امية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 69

النبي (صلى الله عليه و آله)، و لا يعطونا من الخمس شيئا، و قالوا: إن أعطيناهم الخمس استغنوا به، فقالوا: سنطيعكم في بعض الأمر، أي لا

تعطوهم من الخمس شيئا، فأنزل الله تبارك و تعالى على نبيه (صلى الله عليه و آله): أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ «1»».

9861/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن سليمان الزراري، عن محمد بن الحسين، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، قال: «الهدى هو سبيل علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

9862/ [4]- علي بن إبراهيم أيضا: في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، نزلت في الذين نقضوا عهد الله في أمير المؤمنين (عليه السلام) الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ أي هون [لهم و هو فلان وَ أُمْلِي لَهُمْ، أي بسط لهم أن لا يكون مما يقول محمد (صلى الله عليه و آله) شي ء ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ، يعني في أمير المؤمنين (عليه السلام): سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ، يعني في الخمس أن لا يردوه في بني هاشم وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ.

قال الله تعالى: فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ بنكثهم و بغيهم و إمساكهم الأمر من بعد أن أبرم عليهم إبراما، يقول: إذا ماتوا ساقتهم الملائكة إلى النار، فيضربونهم من خلفهم و من قدامهم ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ يعني موالاة فلان و فلان ظالمي أمير المؤمنين (عليه السلام): فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ يعني الذين عملوها من الخيرات.

9863/ [5]- الطبرسي: المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أنهم بنو أمية، كرهوا

ما أنزل الله في ولاية علي (عليه السلام)».

9864/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن يسار «2»، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر بن يزيد، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ، قال: «كرهوا عليا، و كان علي رضا الله و رضا رسوله (صلى الله عليه و آله)، أمر الله بولايته يوم بدر، و يوم حنين و ببطن نخلة و يوم التروية، نزلت فيه اثنتان و عشرون آية في الحجة التي صد فيها رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن المسجد الحرام بالجحفة و بخم».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 587/ 14.

4- تفسير القمّي 2: 308.

5- مجمع البيان 10: 160.

6- تأويل الآيات 2: 589/ 17.

(1) الزخرف 63: 79، 80.

(2) في المصدر: بشار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 70

9865/ [7]- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ، قال: «كرهوا عليا (عليه السلام)، و كان أمر الله بولايته يوم بدر و حنين و يوم بطن نخلة و يوم التروية و يوم عرفة، نزلت فيه خمسة عشر آية في الحجة التي صد فيها رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن المسجد الحرام بالجحفة و بخم».

و رواه عن الباقر (عليه السلام) ابن الفارسي في (روضة الواعظين) «1».

سورة محمد(47): الآيات 29 الي 30 ..... ص : 70

قوله تعالى:

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [29- 30]

9866/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا

عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمارة، قال: حدثني أبي، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، قال: «لما نصب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، عليا (عليه السلام) يوم غدير خم قال قوم: ما باله يرفع بضبع «2» ابن عمه! فأنزل الله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ».

9867/ [2]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن جرير، عن عبد الله بن عمر، عن الحمامي، عن محمد بن مالك، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قوله عز و جل: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، قال: بغضهم لعلي (عليه السلام).

9868/ [3]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي ابن رئاب، عن ابن بكير، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله جل و عز أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية، فنحن نعرفهم في لحن القول».

__________________________________________________

7- المناقب 3: 100. [.....]

1- تأويل الآيات 2: 590/ 18.

2- تأويل الآيات 2: 590/ 19.

3- تأويل الآيات 2: 590/ 20.

(1) روضة الواعظين: 106.

(2) الضبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. «لسان العرب 8: 216».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 71

9869/ [4]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: بإسناد مرفوع، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كان حذيفة بن اليمان يعرف المنافقين؟ فقال: «أجل، كان يعرف اثني عشر رجلا، و أنت تعرف أثني عشر ألف رجل، إن الله تبارك و تعالى يقول: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، فهل تدري ما لحن القول؟» قلت: لا

و الله. قال: «بغض علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) و رب الكعبة».

9870/ [5]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن فضيل، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال لي: «يا أبا عبيدة، إياك و أصحاب الخصومات و الكذابين علينا، فإنهم تركوا ما أمروا بعلمه، و تكلفوا علم «1» السماء. يا أبا عبيدة، خالقوا الناس بأخلاقهم، و زايلوهم بأعمالهم، إنا لا نعد الرجل فينا عاقلا حتى يعرف لحن القول»، ثم قرأ هذه الآية: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ.

9871/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي، قال: حدثني أبي قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني الرازي في منزله بالري، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «قلت أربعا أنزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه، قلت: المرء مخبوء تحت لسانه، فإذا تكلم ظهر فأنزل الله تعالى: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، و قلت: فمن جهل شيئا عاداه، فأنزل الله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ «2»، و قلت:- قدر أو قال قيمة- كل امرء ما يحسن، فأنزل الله في قصة طالوت: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ «3»، و قلت: القتل يقل القتل فأنزل الله وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ «4»».

9872/ [7]- و من طريق المخالفين:

ابن المغازلي الشافعي في (المناقب)، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، في قوله تعالى: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، قال: ببغضهم علي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

4- المحاسن: 168/ 132.

5- التوحيد: 458/ 24.

6- أمالي الطوسي 2: 108.

7- مناقب ابن المغازلي: 315/ 359.

(1) في «ط، ي»: على.

(2) يونس 10: 39.

(3) البقرة 2: 247.

(4) البقرة 2: 179.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 72

سورة محمد(47): آية 31 ..... ص : 72

قوله تعالى:

وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ [31]

9873/ [1]- الطبرسي: قرأ أبو جعفر الباقر (عليه السلام): وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ، و ما بعده بالياء.

9874/ [2]- الطبرسي: عن أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام) في رسالته إلى أهل الأهواز، قال في قوله تعالى: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ... و قوله تعالى:

وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ «1»، و غيرها من الآيات: «أن جميعها جاءت في القرآن بمعنى الاختبار».

سورة محمد(47): آية 32 ..... ص : 72

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى [32] 9875/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، قال: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ، أي قطعوه في أهل بيته بعد أخذ الميثاق عليهم له.

9876/ [4]- ابن شهر آشوب: عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام): وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى قال: «في أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

سورة محمد(47): آية 33 ..... ص : 72

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ [33]

__________________________________________________

1- مجمع البيان 9: 161. [.....]

2- الاحتجاج: 453.

3- تفسير القمّي 2: 309.

4- المناقب 3: 83.

(1) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 73

9877/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثني محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من قال: سبحان الله، غرس الله له بها شجرة في الجنة، و من قال:

الحمد لله، غرس الله له بها شجرة في الجنة. و من قال: لا إله إلا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة، و من قال: الله أكبر غرس له بها شجرة في الجنة. فقال رجل من قريش: يا رسول الله، إن شجرنا في الجنة، كثير! قال: نعم، و لكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها، و ذلك أن الله عز و جل يقول:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ».

سورة محمد(47): الآيات 35 الي 38 ..... ص : 73

قوله تعالى:

فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ [35- 38] 9878/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ، أي لم ينقصكم إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَ لا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا، أي يجدكم تبخلوا: وَ يُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ، قال:

العداوة التي في صدوركم، ثم قال: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ، معناه أنتم يا هؤلاء: تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَ مَنْ يَبْخَلْ إلى قوله تعالى: وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا، يعني عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام): يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ، قال: يدخلهم في هذا الأمر: ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ، في معاداتهم و خلافهم و ظلمهم لآل رسول الله (صلى الله عليه و آله) «1».

9879/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني محمد بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن جعفر، عن السندي بن محمد، عن يونس بن يعقوب، عن يعقوب بن قيس، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بن قيس وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ عنى أبناء الموالي المعتقين».

__________________________________________________

1- أمالي الصدوق: 486/ 14.

2- تفسير القمّي 2: 309.

3- تفسير القمّي 2: 309.

(1) في المصدر: في معاداتكم و خلافكم و ظلمكم لآل محمّد (صلى اللّه عليه و آله).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 74

9880/ [3]- الطبرسي: روى أبو بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) «1»، قال: «إِنْ تَتَوَلَّوْا، يا معشر العرب يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ يعني الموالي».

و

عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قد و الله أبدل [بهم خيرا منهم، الموالي».

9881/ [4]- روى الشيخ شرف الدين النجفي، قال: ذكر علي بن إبراهيم في (تفسيره) في تأويل هذه السورة، قال: حدثني أبي، عن إسماعيل بن مرار، عن محمد بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ «2»، و قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ «3».

قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أخذ الميثاق لأمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: أ تدرون من وليكم من بعدي؟ قالوا: الله و رسوله أعلم. فقال: إن الله يقول: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ «4»، يعني عليا (عليه السلام)، هو وليكم من بعدي، هذه الأولى، و أما الثانية: لما أشهدهم غدير خم، و قد كانوا يقولون: لئن قبض محمد لا نرجع هذا الأمر في آل محمد، و لا نعطيهم من الخمس شيئا. فأطلع الله نبيه على ذلك، و أنزل عليهم: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ «5»، و قال: أيضا فيهم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، و الهدى سبيل أمير المؤمنين (عليه السلام) الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ» «6».

قال: و قرأ أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية

هكذا: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ. و سلطتم و ملكتم: أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، نزلت في بني عمنا بني عباس و بني «7» أمية، و فيهم يقول الله تعالى:

أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، فيقضوا ما عليهم من الحق أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها «8»».

__________________________________________________

3- مجمع البيان 9: 164.

4- تأويل الآيات 2: 2: 588/ 16.

(1) في المصدر: أبي عبد اللّه (عليه السّلام).

(2) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 9.

(3) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 26.

(4) التحريم 66: 4. [.....]

(5) الزخرف 43: 80.

(6) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 22- 25.

(7) (عباس و بني) ليس في «ج» و المصدر.

(8) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 23، 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 75

9882/ [5]- قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كان يدعو أصحابه: من أراد الله به خيرا سمع و عرف ما يدعوه إليه، و من أراد به سوءا طبع على قلبه فلا يسمع و لا يعقل، و هو قوله عز و جل: حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ «1»».

و قال (عليه السلام): «لا يخرج من شيعتنا أحد إلا أبدلنا الله به من هو خير منه، و ذلك لأن الله يقول: وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ».

9883/ [6]- ثم قال شرف الدين: و منها ما رواه مرفوعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن محمد الحلبي، قال: قرأ أبو عبد الله (عليه السلام):

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ، و سلطتم و ملكتم أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ «2». ثم قال: «نزلت هذه الآية في بني عمنا بني عباس و بني أمية» ثم قرأ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ [عن الدين وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ «3»، عن الوحي «4»، ثم قرأ: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ بعد ولاية علي (عليه السلام) مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ «5»». ثم قرأ:

«وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا، بولاية علي (عليه السلام)، زادَهُمْ هُدىً حيث عرفهم الأئمة (عليهم السلام) من بعده و القائم (عليه السلام)، وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ [أي ثواب تقواهم أمانا من النار».

و قال (عليه السلام): «و قوله عز و جل: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ، و هم علي (صلوات الله عليه) و أصحابه وَ الْمُؤْمِناتِ «6»، و هن خديجة و صويحباتها».

و قال (عليه السلام): «و قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ، في علي (عليه السلام) وَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ «7»، ثم قال: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا، بولاية علي (عليه السلام) يَتَمَتَّعُونَ بدنياهم يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَ النَّارُ مَثْوىً لَهُمْ «8»».

ثم قال (عليه السلام): «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ، و هم آل محمد و أشياعهم»، ثم قال: « [قال أبو جعفر (عليه السلام): أما قوله تعالى: فِيها أَنْهارٌ، فالأنهار رجال، و قوله تعالى: مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ فهو

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 2: 585/ 11.

6- تأويل الآيات 2: 585/ 13.

(1) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 16.

(2) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47:

22.

(3) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 23.

(4) في المصدر: الوصي.

(5) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 25.

(6) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 19.

(7) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 2.

(8) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 12. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 76

علي (عليه السلام) في الباطن، و قوله تعالى: وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ فإنه الإمام (عليه السلام)، و أما قوله تعالى:

وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ «1»، فإنه علمهم يتلذذ منه شيعتهم، و إنما كنى عن الرجال بالأنهار على سبيل المجاز، أي أصحاب الأنهار و مثله وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ «2»، فالأئمة (عليهم السلام) هم أصحاب الجنة و ملاكها».

ثم قال (عليه السلام): «و أما قوله تعالى: وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ، ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، أي من والى أمير المؤمنين (عليه السلام) له مغفرة من ربه، فذلك قوله تعالى: وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ». ثم قال (عليه السلام): «كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ، أي إن المتقين كمن هو خالد داخل في ولاية عدو آل محمد، و ولاية عدو آل محمد هي النار، من دخلها فقد دخل النار، ثم أخبر سبحانه عنهم: وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ «3»».

9884/ [7]- قال جابر: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «نزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية على محمد (صلى الله عليه و آله):

هكذا: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ، في علي (عليه السلام) فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ «4»».

9885/ [8]- و قال جابر: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ، فقرأ أبو جعفر (عليه السلام): الَّذِينَ كَفَرُوا، حتى بلغ أَ فَلَمْ يَسِيرُوا

فِي الْأَرْضِ «5»، ثم قال: «هل لك في رجل يسير بك [فيبلغ بك من المطلع إلى المغرب [في يوم واحد؟». قال: فقلت: يا بن رسول الله- جعلني الله فداك- و من لي بهذا؟ فقال: «ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام)، أ لم تسمع قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): لتبلغن الأسباب، و الله لتركبن السحاب، و الله لتؤتن عصا موسى، و الله لتعطن خاتم سليمان». ثم قال: «هذا قول رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 584/ 8.

8- تأويل الآيات 2: 584/ 9.

(1) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 15.

(2) يوسف 12: 82.

(3) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47/ 15.

(4) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 9.

(5) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 8- 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 77

سورة الفتح ..... ص : 77

فضلها ..... ص : 77

9886/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن عبد الله بن بكير، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حصنوا أموالكم و نساءكم و ما ملكت أيمانكم من التلف بقراءة: إِنَّا فَتَحْنا، فإنه من كان يدمن قراءتها نادى مناد يوم القيامة حتى يسمع الخلائق: أنت من عباد الله «1» المخلصين، ألحقوه بالصالحين من عبادي، و أسكنوه «2» جنات النعيم، و اسقوه من الرحيق المختوم بمزاج الكافور».

9887/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة، كتب الله له من الثواب كمن بايع النبي (صلى الله عليه و آله) تحت الشجرة و أوفى ببيعته، و كمن شهد مع النبي (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكة، و من كتبها و جعلها تحت رأسه أمن

من اللصوص، و من كتبها في صحيفة و غسلها بماء زمزم و شربها، كان عند الناس مسموع القول، و لا يسمع شيئا يمر عليه إلا وعاه و حفظه».

9888/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و جعلها في فراشه أمن من اللصوص و من كتبها و شربها بماء زمزم، كان عند الناس مسموع القول، و كل شي ء سمعه حفظه».

9889/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و جعلها في وقت محاربة أو خصومة أمن من جميع ذلك،

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 115.

2- ....

3- ....

4- خواص القرآن: 7 «مخطوط»

(1) في المصدر: من عبادي.

(2) في المصدر: و أدخلوه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 78

و فتح عليه باب الخير، و من شرب ماءها للرجف و الرعب، يسكن الرجف و يطلقه، و من قرأها في ركوب البحر، أمن من الغرق بإذن الله تعالى».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 79

سورة الفتح(48): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 79

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ [1- 2]

9890/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان سبب نزول هذه السورة و هذا الفتح العظيم، أن الله عز و جل أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) في النوم أن يدخل المسجد الحرام و يطوف، و يحلق مع المحلقين، فأخبر أصحابه و أمرهم بالخروج فخرجوا، فلما نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة و ساق البدن، و ساق رسول الله (صلى الله عليه و آله) ستا و ستين بدنة، و أشعرها عند إحرامه، و أحرموا من ذي الحليفة ملبين بالعمرة،

و قد ساق من ساق منهم الهدي مشعرات مجللات.

فلما بلغ قريشا ذلك، بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا، ليستقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فكان يعارضه على الجبال، فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر، فأذن بلال و صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) [بالناس ، فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم و هم في الصلاة لأصبناهم، فإنهم لا يقطعون صلاتهم، و لكن تجي ء لهم الآن صلاة أخرى، أحب إليهم من ضياء أبصارهم، فإذا دخلوا في الصلاة أغرنا عليهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام)، على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بصلاة الخوف، بقوله تعالى: وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ «1» الآية، و هذه الآية في سورة النساء، و قد كتبنا خبر صلاة الخوف فيها.

فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) الحديبية و هي على طرف الحرم، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يستنفر الأعراب في طريقه معه، فلم يتبعه أحد، يقولون: أ يطمع محمد و أصحابه أن يدخلوا

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 309. [.....]

(1) النساء 4: 102.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 80

الحرم و قد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم، أنه لا يرجع محمد و أصحابه إلى المدينة أبدا.

فلما نزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) الحديبية خرجت قريش يحلفون باللات و العزى لا يدعون محمدا (صلى الله عليه و آله) يدخل مكة و فيهم عين تطرف، فبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): أني لم آت لحرب، و لكن جئت لأقضي نسكي، و أنحر بدني و أخلي بينكم و بين

لحماتها.

فبعثوا إليه عروة بن مسعود الثقفي و كان عاقلا أريبا «1»، و هو الذي أنزل الله فيه: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ «2»، فلما أقبل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) عظم ذلك، و قال: يا محمد، تركت القوم «3»، و قد ضربوا الأبنية، و أخرجوا العوذ المطافيل، يحلفون باللات و العزى لا يدعوك تدخل مكة، فإن مكة حرمهم، و فيهم عين تطرف، أ فتريد أن تبيد أهلك، و قومك، يا محمد؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما جئت لحرب، و إنما جئت لأقضي نسكي، و انحر بدني، و أخلي بينكم و بين لحماتها. فقال عروة: بالله ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت. فرجع إلى قريش فأخبرهم، فقالت قريش: و الله لئن دخل محمد مكة و تسامعت به العرب لنذلن و لتجترين علينا العرب.

فبعثوا حفص بن الأحنف و سهيل بن عمرو، فلما نظر إليهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: ويح قريش، قد نهكتهم الحرب، ألا خلوا بيني و بين العرب، فإن أك صادقا فإنما أجر الملك إليهم مع النبوة، و إن أك كاذبا كفيتهم ذؤبان العرب، لا يسألني اليوم امرؤ من قريش خطة ليس لله فيها سخط إلا أجبتهم إليه.

قال: فوافوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا محمد، ألا ترجع عنا عامك هذا، إلى أن ننظر إلى ماذا يصير أمرك و أمر العرب على أن ترجع من عامك هذا؟ فإن العرب قد تسامعت بمسيرك، فإن دخلت بلادنا و حرمنا استذلتنا العرب و اجترأت علينا، و نخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام

حتى تقضي نسكك و تنصرف عنا. فأجابهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى ذلك، و قالوا له: و ترد إلينا كل من جاءك من رجالنا، و نرد إليك كل من جائنا من رجالك فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) من جائكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه، و لكن على أن المسلمين بمكة لا يؤذون في إظهارهم الإسلام، و لا يكرهون و لا ينكر عليهم شي ء يفعلونه من شرائع الإسلام، فقبلوا ذلك، فلما أجابهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الصلح أنكر عامة أصحابه، و أشد ما كان إنكارا عمر «4». فقال:

يا رسول الله، ألسنا على الحق، و عدونا على الباطل؟ فقال: نعم. قال: فنعطي الدنية في ديننا؟ فقال: إن الله [قد] وعدني و لن يخلفني. فقال: لو أن معي أربعين رجلا لخالفته.

و رجع سهيل بن عمرو و حفص بن الأحنف إلى قريش فأخبراهم بالصلح، فقال عمر: يا رسول الله، ألم تقل لنا أن ندخل المسجد الحرام و نحلق مع المحلقين؟ فقال: أمن عامنا هذا وعدتك، و قلت لك أن الله عز و جل [قد]

__________________________________________________

(1) في المصدر: لبيبا.

(2) الزخرف 43: 31.

(3) في المصدر: قومك.

(4) في المصدر: فلان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 81

وعدني أن أفتح مكة و أطوف و أسعى و أحلق مع المحلقين؟ فلما أكثروا عليه قال لهم: فإن لم تقبلوا الصلح فحاربوهم، فمروا نحو قريش و هم مستعدون للحرب، و حملوا عليهم، فانهزم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) هزيمة قبيحة، و مروا برسول الله (صلى الله عليه و آله) فتبسم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: يا علي، خذ السيف و

استقبل قريشا. فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) سيفه و حمل على قريش فلما نظروا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) تراجعوا، و قالوا: يا علي، بدا لمحمد فيما أعطانا؟ فقال: لا، و تراجع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) مستحيين، و أقبلوا يعتذرون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألستم أصحابي يوم بدر، إذ أنزل الله فيكم:

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ «1»؟ ألستم أصحابي يوم احد:

إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ «2»؟ ألستم أصحابي يوم كذا [ألستم أصحابي يوم كذا]؟ فاعتذروا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ندموا على ما كان منهم، و قالوا: الله أعلم و رسوله، فاصنع ما بدا لك.

و رجع حفص بن الأحنف و سهيل بن عمرو إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالا: يا محمد، قد أجابت قريش إلى ما اشترطت [عليهم من إظهار الإسلام، و أن لا يكره أحد على دينه. فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالمكتب «3»، و دعا أمير المؤمنين (عليه السلام) و قال له: اكتب، فكتب أمير المؤمنين (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل ابن عمرو: لا نعرف الرحمن، اكتب كما كان يكتب آباؤك: باسمك اللهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) اكتب:

باسمك اللهم، فإنه اسم من أسماء الله، ثم كتب: هذا ما تقاضى عليه محمد رسول الله و الملأ من قريش. فقال سهيل ابن عمرو: لو علمنا أنك رسول الله ما حاربناك، اكتب: هذا ما تقاضا عليه محمد بن

عبد الله، أ تأنف من نسبك، يا محمد؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا رسول الله، و إن لم تقروا. ثم قال: امح- يا علي- و اكتب: محمد بن عبد الله. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما أمحو اسمك من النبوة أبدا، فمحاه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيده، ثم كتب:

هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله و الملأ من قريش، و سهيل بن عمرو، و اصطلحوا على وضع الحرب بينهم عشر سنين، على أن يكف بعضنا عن بعض، و على أنه لا إسلال و لا إغلال، و أن بيننا و بينهم عيبة مكفوفة، و أنه من أحب أن يدخل في عهد محمد و عقده فعل، و أن من أحب أن يدخل في عهد قريش و عقدها فعل، و أنه من أتى من قريش إلى أصحاب محمد بغير إذن وليه يرده إليه، و أنه من أتى قريشا من أصحاب محمد لم يردوه إليه، و أن يكون الإسلام ظاهرا بمكة، لا يكره أحد على دينه، و لا يؤذى و لا يعير، و أن محمدا يرجع عنهم عامة هذا و أصحابه، ثم يدخل علينا في العام القابل مكة، فيقيم فيها ثلاثة أيام، و لا يدخل علينا بسلاح إلا سلاح المسافر، السيوف في القرب، و كتب علي بن أبي طالب، و شهد على الكتاب المهاجرون و الأنصار.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، إنك أبيت أن تمحو اسمي من النبوة، فو الذي بعثني بالحق نبيا،

__________________________________________________

(1) الأنفال 8: 9.

(2) آل عمران 3: 153.

(3) المكتب: قطعة من الأثاث يجلس عليها للكتابة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 82

لتجيبن أبناءهم إلى مثلها

و أنت مضيض مضطهد. فلما كان يوم صفين، و رضوا بالحكمين، كتب: هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان، فقال عمرو بن العاص: لو علمنا أنك أمير المؤمنين ما حاربناك، و لكن اكتب: هذا ما اصطلح عليه علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) صدق الله و صدق رسوله، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك. ثم كتب الكتاب».

قال: «فلما كتبوا الكتاب قامت خزاعة، فقالت: نحن في عهد رسول الله و عقده. و قامت بنو بكر فقالت: نحن في عهد قريش و عقدها. و كتبوا نسختين: نسخة عند رسول الله و نسخة عند سهيل بن عمرو، و رجع سهيل بن عمرو و حفص بن الأحنف إلى قريش فأخبراهم.

و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأصحابه: انحروا بدنكم، و احلقوا رؤسكم. فامتنعوا و قالوا: كيف ننحر و نحلق و لم نطف بالبيت، و لم نسع بين الصفا و المروة: فاغتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) من ذلك و شكا [ذلك إلى أم سلمة، فقالت: يا رسول الله، انحر أنت و احلق، فنحر [رسول الله (صلى الله عليه و آله) و حلق، و نحر] القوم على خبث يقين و شك و ارتياب. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعظيما للبدن: رحم الله المحلقين. و قال قوم لم يسوقوا البدن: يا رسول الله، و المقصرين؟ لأن من لم يسق [هديا] لم يجب عليه الحلق، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثانيا: رحم الله المحلقين، الذين لم يسوقوا الهدي. فقالوا: يا رسول الله،

و المقصرين؟ فقال: رحم الله المقصرين.

ثم رحل رسول الله (صلى الله عليه و آله) نحو المدينة، فرجع إلى التنعيم، و نزل تحت الشجرة، فجاء أصحابه الذين أنكروا عليه الصلح، و اعتذروا و أظهروا الندامة على ما كان منهم، و سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إن يستغفر لهم، فنزلت آية الرضوان.

9891/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و عنده الرضا علي ابن موسى (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى». و ذكر المأمون الآيات التي في الأنبياء، و قد ذكرنا كل آية في موضعها، إلى أن قال المأمون: فأخبرني- يا أبا الحسن- عن قول الله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، قال الرضا (عليه السلام): «لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة و ستين صنما، فلما جاءهم (صلى الله عليه و آله) بالدعوة إلى كلمة الإخلاص، كبر ذلك عليهم و عظم، و قالوا: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عُجابٌ وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ «1»، فلما فتح الله عز و جل على نبيه (صلى الله عليه و آله) مكة، قال له: يا محمد:

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 202/ 1.

(1) سورة

ص 38: 5- 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 83

إِنَّا فَتَحْنا لَكَ «1» فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم و ما تأخر، لأن مشركي مكة أسلم بعضهم و خرج بعضهم عن مكة، و من بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد لله إذا دعا الناس إليه، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم». فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن.

9892/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و غيره، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في غزاة الحديبية، خرج في ذي القعدة، فلما انتهى، إلى المكان الذي أحرم فيه أحرموا و لبسوا السلاح، فلما بلغه أن المشركين قد أرسلوا إليه خالد بن الوليد ليرده، قال: ابغوني رجلا يأخذني على غير هذه الطريق. فأتي برجل من مزينة، أو من جهينة، فسأله فلم يوافقه، فقال: ابغوني رجلا غيره، فأتي برجل آخر، إما من مزينة أو من جهينة، قال: فذكر له فاخذه معه حتى انتهى إلى العقبة، فقال: من يصعدها حط الله عنه كما حط عن بني إسرائيل. فقال لهم: ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ «2»، قال: فابتدرتها خيل الأنصار الأوس و الخزرج، قال: و كانوا ألفا و ثمانمائة، قال: فلما هبطوا إلى الحديبية إذا امرأة معها ابنها على القليب، فسعى ابنها هاربا، فلما أثبتت أنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) صرخت به:

هؤلاء الصابئون «3»، ليس عليك منهم بأس. فأتاها رسول الله (صلى الله عليه و آله)

فأمرها فاستقت دلوا من ماء، فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فشرب و غسل وجهه، فأخذت فضلته فأعادته في البئر فلم تبرح حتى الساعة.

و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأرسل إليه المشركون، أبان بن سعيد في الخيل، فكان بإزائه، ثم أرسلوا الحليس، فرأى البدن و هي تأكل بعضها أوبار بعض، فرجع و لم يأت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال لأبي سفيان: يا أبا سفيان، أما و الله ما على هذا حالفناكم على أن تردوا الهدي عن محله، فقال: اسكت فإنما أنت أعرابي. فقال: أما و الله لتخلين عن محمد و ما أراد أو لأنفردن في الأحابيش. فقال: اسكت حتى نأخذ من محمد ولثا «4».

فأرسلوا إليه عروة بن مسعود، و قد كان جاء إلى قريش في القوم الذين أصابهم المغيرة بن شعبة، خرج معهم من الطائف، و كانوا تجارا فقتلهم، و جاء بأموالهم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأبى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقبلها، و قال: هذا غدر، و لا حاجة لنا فيه. فأرسلوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، هذا عروة بن مسعود، قد أتاكم و هو يعظم البدن، قال: فأقاموها، فقال: يا محمد، مجي ء من جئت؟ قال: جئت أطوف بالبيت، و أسعى بين الصفا و المروة، و أنحر الإبل، و أخلي عنكم و عن لحماتها. قال: لا و اللات و العزى، فما رأيت

__________________________________________________

3- الكافي 8: 322/ 503.

(1) في المصدر زيادة: مكة.

(2) الأعراف 7: 161.

(3) صبأ فلان: إذا خرج من دين إلى دين غيره، و كانت العرب تسمّي النبي (صلى اللّه عليه و

آله)، الصابئ، لأنّه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام، و يسمّون المسلمين الصباة. «النهاية 3: 3». [.....]

(4) الولث: العهد بين القوم يقع من غير قصد. «لسان العرب 2: 203».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 84

مثلك، رد عما جئت له، إن قومك يذكرونك الله و الرحم أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم، و أن تقطع أرحامهم، و أن تجرى عليهم عدوهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أنا بفاعل حتى أدخلها.

قال: و كان عروة بن مسعود حين كلم رسول الله (صلى الله عليه و آله) تناول لحيته، و المغيرة قائم على رأسه، فضرب بيده. فقال: من هذا يا محمد؟ فقال: هذا ابن أخيك المغيرة. فقال: يا غدر «1» و الله ما جئت إلا في غسل سلحتك «2».

قال: فرجع إليهم فقال لأبي سفيان و أصحابه: لا و الله ما رأيت مثل محمد رد عما جاء له. فأرسلوا إليه سهيل ابن عمرو و حويطب بن عبد العزى، فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأثيرت في وجوههم البدن، فقالا: مجي ء من جئت؟ قال: جئت لأطوف بالبيت، و أسعى بين الصفا و المروة، و أنحر البدن، و أخلي بينكم و بين لحماتها، فقالا:

إن قومك يناشدونك الله و الرحم، أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم، و تقطع أرحامهم، و تجرى عليهم عدوهم.

قال: فأبى عليهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا أن يدخلها.

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أراد أن يبعث عمر، فقال: يا رسول الله، إن عشيرتي قليلة، و إني فيهم على ما تعلم، و لكني أدلك على عثمان بن عفان، فأرسل إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)،

فقال: انطلق إلى قومك من المؤمنين، فبشرهم بما وعدني ربي من فتح مكة. فلما انطلق عثمان لقي أبان بن سعيد، فتأخر عن السرح، فحمل عثمان بين يديه، و دخل عثمان فأعلمهم، و كانت المناوشة، فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و جلس عثمان في عسكر المشركين، و بايع رسول الله (صلى الله عليه و آله) المسلمين، و ضرب بإحدى يديه على الأخرى لعثمان، و قال المسلمون: طوبى لعثمان قد طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و أحل. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما كان ليفعل. فلما جاء عثمان، قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أطفت بالبيت؟ قال: ما كنت لأطوف بالبيت و رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يطف به. ثم ذكر القصة و ما كان فيها. فقال لعلي (عليه السلام): اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل: ما أدري ما الرحمن الرحيم، إلا أني أظن هذا الذي باليمامة، و لكن أكتب كما نكتب: باسمك اللهم. قال: و اكتب: هذا ما قاضى رسول الله سهيل بن عمرو. فقال سهيل: فعلى ما نقاتلك يا محمد؟

فقال أنا رسول الله، و أنا محمد بن عبد الله. فقال الناس: أنت رسول الله قال: اكتب. فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد ابن عبد الله، فقال الناس: أنت رسول الله، و كان في القضية أن [من كان منا أتى إليكم رددتموه إلينا، و رسول الله غير مستكبر عن دينه، و من جاء إلينا منكم لم نرده إليكم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا حاجة لنا فيهم، و على أن يعبد الله

فيكم علانية غير سر، و إن كانوا ليتهادون السيور في المدينة إلى مكة، و ما كانت قضية أعظم بركة منها، لقد كاد أن يستولي على [أهل مكة الإسلام، فضرب سهيل بن عمرو على أبي جندل ابنه. فقال: أول ما قاضينا [عليه .

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و هل قاضيت على شي ء؟ فقال: يا محمد، ما كنت بغدار. قال: فذهب بأبي جندل، فقال: يا رسول الله، تدفعني إليه؟ قال: و لم أشترط لك. قال: و قال: اللهم اجعل لأبي جندل مخرجا».

__________________________________________________

(1) أي يا غادر.

(2) السّلح: النّجو. «أقرب الموارد- سلح- 1: 531».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 85

9893/ [4]- العياشي: عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لم يزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم حتى نزلت سورة الفتح، فلم يعد إلى ذلك الكلام».

9894/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدثنا أحمد بن محمد الوراق، قال: حدثني بشير بن سعيد بن قيلويه «1» العدل بالرافقة، قال: حدثنا عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني، قال:

سمعت محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول: سألت جعفر بن محمد (عليه السلام)، فقلت له: يا بن رسول الله، في نفسي مسألة، أريد أن أسألك عنها، فقال: «إن شئت أخبرتك بمسألتك [قبل أن تسألني ، و إن شئت فسل».

قال: قلت له: يا بن رسول الله، و بأي شي ء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي؟ قال: «بالتوسم و التفرس، أما سمعت قول الله عز و جل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ «2»، و قول رسول الله (صلى الله عليه و

آله): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله؟» قال: فقلت: يا بن رسول الله، فأخبرني بمسألتي. قال: «أردت أن تسألني عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، [لم لم يطق حمله علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند حطه الأصنام عن سطح الكعبة، مع قوته و شدته و ما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر و الرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا، و كان لا يطيق حمله أربعون رجلا، و قد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يركب الناقة و الفرس و الحمار، و ركب البراق ليلة المعراج، و كل ذلك دون علي (عليه السلام) في القوة و الشدة؟ قال: فقلت له: عن هذا و الله أردت أن أسألك، يا بن رسول الله.

و ذكر الحديث، إلى أن قال: «و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): يا علي، إن الله تبارك و تعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي، و ذلك قوله عز و جل: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ».

9895/ [6]- علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن علي بن أيوب، عن عمر بن يزيد بياع السابري، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله في كتابه: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، قال: «ما كان له ذنب، و لا هم بذنب، و لكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له».

9896/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهران، عن علي بن عبد

الغفار، عن صالح بن حمزة- و يكنى بأبي شعيب-، عن محمد بن سعيد المروزي، قال: قلت لرجل: أذنب محمد (صلى الله عليه و آله) قط؟ قال: لا. قلت: فقوله عز و جل: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، فما معناه؟

__________________________________________________

4- تفسير العيّاشي 2: 120/ 12.

5- علل الشرائع: 173/ 1.

6- تفسير القمّي 2: 314.

7- ... تأويل الآيات 2: 591/ 1.

(1) في المصدر: بشر بن سعيد بن قلبويه.

(2) الحجر 15: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 86

قال: إن الله سبحانه حمل محمدا (صلى الله عليه و آله) ذنوب شيعة علي (عليه السلام)، ثم غفر له ما تقدم منها و ما تأخر.

9897/ [8]- قال شرف الدين النجفي: و يؤيده ما روي مرفوعا عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام): أنه سئل عن قول الله عز و جل: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ، فقال (عليه السلام): و أي ذنب كان لرسول الله (صلى الله عليه و آله) متقدما أو متأخرا؟ و إنما حمله الله ذنوب شيعة علي (عليه السلام)، من مضى منهم و من بقي، ثم غفرها له».

9898/ [9]- الطبرسي: روى المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام)، قال: سأله رجل، عن هذه الآية، فقال:

«و الله ما كان له ذنب، و لكن الله سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي (عليه السلام) ما تقدم من ذنبهم و ما تأخر».

سورة الفتح(48): الآيات 4 الي 10 ..... ص : 86

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً- إلى قوله تعالى- فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [4- 10]

9899/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد

بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، قال: «هو الإيمان». قال: و سألته عن قول الله عز و جل: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1»، قال: «هو الإيمان».

9900/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «السكينة: الإيمان».

9901/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري و هشام بن سالم و غيرهما، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله الله عز و جل: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، قال:

«هو الإيمان».

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 2: 593/ 4.

9- مجمع البيان 9: 168.

1- الكافي 2: 12/ 1.

2- الكافي 2: 12/ 3.

3- الكافي 2: 13/ 4. [.....]

(1) المجادلة 58: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 87

9902/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن جميل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، قال: « [هو] الايمان». قال:

قلت: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1»، قال: «هو الايمان». و عن قوله: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى «2»، قال: «هو الايمان».

9903/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، و الحجال، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام) «3»: «كان كل

شي ء ماء، و كان عرشه على الماء، فأمر الله عز و جل ذكره الماء فاضطرم نارا، ثم أمر النار فخمدت، فارتفع من خمودها دخان، فخلق الله عز و جل السماوات من ذلك الدخان، و خلق الأرض من الرماد، ثم اختصم الماء و النار و الريح، فقال الماء: أنا جند الله الأكبر. و قالت النار: أنا جند الله الأكبر. و قالت الريح: أنا جند الله الأكبر. فأوحى الله عز و جل إلى الريح: أنت جندي الأكبر».

9904/ [6]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، فهم الذين لم يخالفوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم ينكروا عليه الصلح. ثم قال: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إلى قوله تعالى: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ، و هم الذين أنكروا الصلح، و اتهموا رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً.

ثم عطف المخاطبة على أصحابه، فقال: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ، ثم عطف على نفسه عز و جل فقال: وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا معطوف على قوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ.

و نزلت في بيعة الرضوان: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ «4»، و اشترط عليهم ألا ينكروا بعد ذلك على رسول الله (صلى الله عليه و آله) شيئا يفعله، و لا يخالفوه في شي ء يأمرهم به، فقال الله عز

و جل بعد نزول آية الرضوان: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً، و إنما رضي عنهم بهذا الشرط أن يفوا بعد ذلك بعهد الله و ميثاقه، و لا ينقضوا عهده و عقده، فبهذا العقد رضي الله عنهم، فقدموا في التأليف آية الشرط على بيعة

__________________________________________________

4- الكافي 2: 13/ 5.

5- الكافي 8: 95/ 68.

6- تفسير القمّي 2: 315.

(1) المجادلة 58: 22.

(2) الفتح 48: 26.

(3) في «ج» أبو عبد اللّه (عليه السّلام).

(4) الفتح 48: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 88

الرضوان، و إنما نزلت أولا بيعة الرضوان ثم آية الشرط عليهم فيها.

و قد تقدم حديث في الآية، في قوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ في سورة الزخرف، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

سورة الفتح(48): الآيات 11 الي 25 ..... ص : 88

قوله تعالى:

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ- إلى قوله تعالى- فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ [18- 25]

9905/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني الحسين بن عبد الله السكيني، عن أبي سعيد البجلي، عن عبد الملك بن هارون، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: «أنا الذي ذكر الله اسمه في التوراة و الإنجيل بمؤازرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أنا أول من بايع رسول الله (صلى الله عليه و آله) تحت الشجرة في قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ».

9906/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن أحمد الواسطي، عن زكريا بن يحيى، عن إسماعيل بن عثمان، عن عمار الدهني، عن أبي الزبير، عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)،

قال: قلت: قول الله عز و جل: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ كم كانوا؟ قال: «ألفا و مائتين» قلت: هل كان فيهم علي (عليه السلام)؟ قال: «نعم [علي سيدهم و شريفهم».

9907/ [3]- و من طريق المخالفين: ما رواه موفق بن أحمد، في قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ نزلت في أهل الحديبية. قال جابر: كنا يوم الحديبية ألفا و أربعمائة، فقال لنا النبي (صلى الله عليه و آله): «أنتم خيار أهل الأرض» فبايعنا تحت الشجرة على الموت، فما نكث أصلا أحد إلا ابن قيس، و كان منافقا «2»، و أولى الناس بهذه الآية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأنه قال: وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً يعني [فتح خيبر، و كان ذلك على يد علي بن أبي طالب (عليه السلام).

9908/ [4]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 268.

2- تأويل الآيات 2: 595/ 7.

3- مناقب الخوارزمي: 195.

4- تفسير القمي 2: 315.

(1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (55) من سورة الزخرف.

(2) (فما نكث ... و كان منافقا) ليس في المصدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 89

سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا، إلى قوله تعالى وَ كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً «1»، أي قوم سوء، و هم الذين استنفرهم في الحديبية. و لما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة من الحديبية غزا خيبر فاستأذنه المخلفون أن يخرجوا معه، فأنزل الله: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ

قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا «2».

ثم قال: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً «3».

ثم رخص عز و جل في الجهاد، فقال: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، ثم قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً «4». ثم قال: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَ كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ، يعني فتح خيبر: وَ لِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ.

ثم قال: وَ أُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيراً، ثم قال: وَ هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ، أي بعد أن أممتم من المدينة إلى الحرم، و طلبوا منكم الصلح، بعد أن كانوا يغزونكم بالمدينة صاروا يطلبون الصلح، بعد إذ كنتم [أنتم تطلبون الصلح منهم.

9909/ [5]- و روى العياشي: عن زرارة، و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان معه يوم الفتح إثنا عشر ألفا حتى جعل أبو سفيان و المشركون يستغيثون».

9910/ [6]- علي بن إبراهيم: ثم أخبر الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله) بعلة الصلح، و ما أجاز الله لنبيه، فقال:

هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ

مُؤْمِناتٌ يعني بمكة: لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فأخبر الله نبيه أن علة الصلح إنما كان للمؤمنين و المؤمنات الذين كانوا بمكة، و لو لم يكن صلح و كانت الحرب لقتلوا، فلما كان الصلح آمنوا و أظهروا الإسلام، و يقال: إن ذلك الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم.

__________________________________________________

5- تفسير العيّاشي 2: 54/ 43.

6- تفسير القمّي 2: 316.

(1) الفتح 48: 11، 12.

(2) الفتح 48: 15.

(3) الفتح 48: 16.

(4) الفتح 48: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 90

قوله تعالى:

لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً [25]

9911/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد ابن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [قال : قلت له:

ما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقاتل فلانا و فلانا «1»؟ قال: «لآية في كتاب الله عز و جل: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً».

قال: قلت: و ما يعني بتزايلهم؟ قال: «ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين، و كذلك القائم (عليه السلام) لن يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله عز و جل، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله عز و جل فقتلهم».

9912/ [2]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رحمه الله)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، أو قال له رجل: أصلحك الله ألم يكن علي (عليه السلام)

قويا في دين الله عز و جل؟ قال:

«بلى» قال: فكيف ظهر عليه القوم، و كيف لم يدفعهم، و ما منعه من ذلك؟ قال: «آية في كتاب الله عز و جل منعته».

قال: قلت: و أية آية هي؟ قال: «قوله عز و جل: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً، إنه كان لله عز و جل ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين و منافقين، فلم يكن علي (عليه السلام) ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع، فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر، فقاتله و كذلك قائمنا أهل البيت، لن يظهر أبدا حتى تظهر و ودائع الله عز و جل، فإذا ظهرت ظهر على من ظهر، فقتله».

9913/ [3]- و عنه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رحمه الله)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال في قول الله عز و جل: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً: «لو أخرج الله عز و جل ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين، و ما في أصلاب الكافرين من المؤمنين، لعذب الذين كفروا».

9914/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا الحسين بن عبد الله السعدي، قال:

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 641.

2- كمال الدين و تمام النعمة: 641.

3- كمال الدين و تمام النعمة: 642.

4- تفسير القمّي 2: 316.

(1) في المصدر: يقاتل مخالفيه في الأول.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 91

حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، عن عبد الله بن الحسين، عن بعض أصحابه، عن

فلان الكرخي، [قال:] قال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام): ألم يكن علي قويا في بدنه، قويا بأمر الله؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): «بلى». قال: فما معه أن يدفع أو يمتنع؟ قال: «سألت فافهم الجواب، منع عليا من ذلك آية من كتاب الله».

فقال: و أي آية؟ فقرأ: «لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً، إنه كان لله ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين و منافقين، فلم يكن علي (عليه السلام) ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع، فلما خرجت، ظهر على من ظهر و قتله، و كذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله، فإذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله».

سورة الفتح(48): آية 26 ..... ص : 91

قوله تعالى:

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا- إلى قوله تعالى- وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً [26] 9915/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم قال: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ يعني قريشا و سهيل بن عمرو، حين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله): لا نعرف الرحمن الرحيم «1»، و قولهم: لو علمنا أنك رسول الله ما حاربناك، فاكتب: محمد بن عبد الله. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً، تقدم معنى السكينة و معنى كلمة التقوى عن قريب في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ «2».

9916/ [2]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبљƘǠمحمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي، قال:

حدثنا محمد بن جرير، قال: حدثنا عيسى، قال: «أخبرنا مخول بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، عن محمد بن عبيد الله، عن عمر بن علي،

عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله عهد إلي عهدا، فقلت: رب بينه لي: قال: اسمع. قلت: سمعت. قال: يا محمد، إن عليا راية الهدى بعدك، و إمام أوليائي، و نور من أطاعني، و هو الكلمة التي ألزمها الله المتقين، فمن أحبه فقد أحبني، و من أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 317.

2- أمالي الطوسي 1: 250.

(1) في المصدر: و الرحيم. [.....]

(2) تقدّم في تفسير الآيات (4- 10) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 92

9917/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: روى الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله)، بإسناده عن رجاله، عن مالك بن عبد الله، قال: قلت لمولاي الرضا (عليه السلام): قوله تعالى: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها؟ قال: «هي ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

9918/ [4]- قال: و ذكر علي بن إبراهيم (رحمه الله)، في تفسيره، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما عرج بي إلى السماء فسح في بصري غلوة، كما يرى الراكب خرق الإبرة من مسيرة يوم، فعهد إلي ربي في علي كلمات، فقال: اسمع يا محمد، إن عليا إمام المتقين، و قائد الغر المحجلين، و يعسوب المؤمنين، و المال يعسوب الظلمة، و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين، و كانوا أحق بها و أهلها، فبشره بذلك». قال: «فبشره رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، فألقى علي (عليه السلام) ساجدا شكرا لله تعالى، ثم قال: يا رسول الله، و إني لأذكر هناك؟ فقال: نعم، إن الله ليعرفك هناك، و إنك لتذكر

في الرفيق الأعلى».

9919/ [5]- و الذي رواه الشيخ المفيد في (الاختصاص): «لما أسري بي إلى السماء فسح لي في بصري غلوة، كمثال ما يرى الراكب خرق الإبرة من مسيرة يوم، و عهد إلي في علي كلمات، فقال: يا محمد قلت: لبيك ربي.

فقال: إن عليا أمير المؤمنين، و إمام المتقين، و قائد الغر المحجلين، و يعسوب المؤمنين، و المال يعسوب الظلمة، و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين، فكانوا أحق بها و أهلها فبشره بذلك». قال: «فبشره النبي (صلى الله عليه و آله) بذلك، فقال علي: يا رسول الله، فإني أذكر هناك؟ فقال: نعم، إنك لتذكر في الرفيق الأعلى».

9920/ [6]- محمد بن العباس: عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن هارون، عن محمد بن مالك، عن محمد بن الفضيل، عن غالب الجهني، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: «قال لي النبي (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء، ثم إلى سدرة المنتهى، أوقفت بين يدي ربي عز و جل، فقال لي: يا محمد. فقلت: لبيك يا رب و سعديك، قال: قد بلوت خلقي، فأيهم وجدت أطوع لك؟ قلت: رب عليا. قال: صدقت يا محمد، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك، و يعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون؟ قال: قلت لا، فاختر لي، فإن خيرتك خير لي، قال: قد اخترت لك عليا، فاتخذه لنفسك خليفة و وصيا، و قد نحلته علمي و حلمي، و هو أمير المؤمنين حقا، لم ينلها أحد قبله، و ليست لأحد بعده.

يا محمد، علي راية الهدى، و إمام من أطاعني، و نور أوليائي، و هو الكلمة التي

ألزمتها المتقين. من أحبه فقد أحبني، و من أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك، يا محمد». قال: «فبشرته بذلك، فقال علي (عليه السلام) أنا عبد الله، و في قبضته، إن يعاقبني فبذنبي لم يظلمني، و إن يتم لي ما وعدني فالله أولى بي.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): اللهم اجل قلبه، و اجعل ربيعه الإيمان بك. قال الله سبحانه: قد فعلت ذلك به

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 595/ 8.

4- تأويل الآيات 2: 595/ 9.

5- الإختصاص: 53.

6- تأويل الآيات 2: 596/ 10.

رهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 93

يا محمد، غير أني مختصه بالبلاء بما لا اختص به أحدا من أوليائي. قال: قلت: رب أخي و صاحبي؟ قال: إنه [قد] سبق في علمي أنه مبتلى و مبتلى به، و لو لا علي لم تعرف أوليائي، و لا أولياء رسولي».

و رواه الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، يعني أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن هارون الهاشمي، قراءة عليه، قال: أخبرنا محمد بن مالك بن الأبرد النخعي. قال: حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان الضبي، قال: حدثنا غالب الجهني، عن أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما أسري بي إلى السماء». و ساق الحديث إلى آخره.

و في آخر الحديث: قال محمد بن مالك: فلقيت نصر بن مزاحم المنقري، فحدثني عن غالب الجهني، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

لما أسري

بي إلى السماء». و ذكر مثله سواء.

قال محمد بن مالك. فلقيت علي بن موسى بن جعفر [فذكرت له هذا الحديث، فقال: «حدثني به أبي موسى بن جعفر]، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

لما أسري بي إلى السماء، ثم من السماء إلى السماء، ثم إلى سدرة المنتهى». و ذكر الحديث بطوله «1».

9921/ [7]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن علي بن منذر، عن مسكين الرحال «2» العابد- و قال ابن المنذر عنه، و بلغني أنه لم يرفع رأسه إلى السماء منذ أربعين سنة، قال: حدثنا فضيل الرسان، عن أبي داود عن أبي برزة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إن الله عهد إلي في علي عهدا، فقلت: اللهم بين لي. فقال:

اسمع. فقلت: اللهم قد سمعت. فقال الله عز و جل: أخبر عليا بأنه أمير المؤمنين و سيد أوصياء المرسلين، و أولى الناس بالناس، و الكلمة التي ألزمتها المتقين».

سورة الفتح(48): آية 27 ..... ص : 93

قوله تعالى:

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ- إلى قوله تعالى: فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً [27] 9922/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: و أنزل في تطهير «3» الرؤيا التي رآها رسول الله:

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 2: 597/ 11.

1- تفسير القمي 2: 317.

(1) أمالي الطوسي 1: 353.

(2) في المصدر: مسكين الرجل.

(3) في نسخة من «ط» و المصدر: تظهير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 94

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً يعني فتح خيبر، لأن رسول الله (صلى

الله عليه و آله) لما رجع من الحديبية غزا خيبر.

9923/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار: قال: حدثنا أبو سعيد الآدمي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الحسن بن زياد العطار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنهم يقولون لنا: أ مؤمنون أنتم؟ فنقول: نعم، إن شاء الله تعالى. فيقولون: أليس المؤمنون في الجنة؟ فنقول: بلى. فيقولون: أ فأنتم في الجنة؟ فإذا نظرنا إلى أنفسنا ضعفنا و انكسرنا عن الجواب. قال: فقال: «إذا قالوا لكم: أ مؤمنون أنتم؟ فقولوا:

نعم، إن شاء الله تعالى».

قال: قلت: و إنهم يقولون: إنما استثنيتم لأنكم شكاك. قال: فقولوا لهم: و الله ما نحن بشكاك، و لكنا استثنينا كما قال الله عز و جل: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ، و هو يعلم أنه يدخلونه أولا، و قد سمى الله عز و جل المؤمنين بالعمل الصالح مؤمنين، و لم يسم من ركب الكبائر، و ما وعد الله عز و جل عليه النار في قرآن و لا أثر، فلا يسميهم بالإيمان بعد ذلك الفعل».

سورة الفتح(48): آية 28 ..... ص : 94

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [28] 9924/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و هو الإمام الذي يظهره الله على الدين كله، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا. و هذا مما ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله.

9925/ [3]- سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار ابن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ

بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «1»، قال: «يظهره الله عز و جل في الرجعة».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 413/ 105.

2- تفسير القمّي 2: 317.

3- مختصر بصائر الدرجات: 17.

(1) التوبة 9: 33، الصف 61: 9. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 95

9926/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ؟ قال:

«هو الذي أمر رسوله [بالولاية] لوصية، و الولاية هي دين الحق».

قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ؟ قال: «يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم، يقول الله: وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ، ولاية القائم وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «1» بولاية علي (عليه السلام)».

و رواه ابن شهر آشوب في (المناقب)، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) «2».

سورة الفتح(48): آية 29 ..... ص : 95

قوله تعالى:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً [29] 9927/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم أعلم الله عز و جل أن صفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صفة «3» أصحابه المؤمنين في التوراة و الإنجيل مكتوب، فقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ، يعني: يقتلون الكفار و هم أشداء عليهم، و فيما بينهم رحماء، تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ.

ثم ضرب لهم مثلا، فقال: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ، يعني فلانا «4» فَآزَرَهُ، يعني فلانا فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً

عَظِيماً.

9928/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن): عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثماني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «المؤمن أخو المؤمن لأبيه و أمه، لأن الله خلق طينتهما من سبع سماوات، و هي من طينة الجنان. ثم تلا: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ، فهل يكون الرحيم إلا برا وصولا». و في حديث آخر: «و أجرى فيهما من روح رحمته».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 358/ 91.

1- تفسير القمّي 2: 317. و قطعة منه في المخطوطة: 121.

2- المحاسن: 134/ 11.

(1) الصف 61: 8.

(2) المناقب 3: 82.

(3) في المصدر: صفة نبيّه و.

(4) في المصدر زيادة: و فلانا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 96

9929/ [3]- و أحمد البرقي أيضا: عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى أجرى في المؤمن من ريح روح الله، و الله تبارك و تعالى يقول: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ».

9930/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نزلت هذه الآية في اليهود و النصارى، يقول الله تبارك و تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «1»، يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لأن الله عز و جل قد أنزل عليهم في التوراة و الإنجيل و الزبور صفة محمد (صلى الله عليه و آله) و صفة أصحابه، و مبعثه و مهاجره، و هو قوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ

السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ، فهذه صفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و صفة أصحابه في التوراة و الإنجيل، فلما بعثه الله عز و جل، عرفه أهل الكتاب، كما قال جل جلاله».

9931/ [5]- ابن بابويه، بإسناده في (الفقيه): عن عبد الله بن سنان، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، قال: «هو السهر في الصلاة».

9932/ [6]- ابن الفارسي في (الروضة): سأل الصادق (عليه السلام) عبد الله بن سنان، عن قوله تعالى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، قال: «هو السهر في الصلاة».

9933/ [7]- و من طريق المخالفين: ما رواه ابن مردويه، عن الحسن بن علي (صلوات الله عليهما)، قال: «استوى الإسلام بسيف علي (عليه السلام)».

9934/ [8]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عيسى بن إسحاق، عن الحسن بن الحارث بن طليب، عن أبيه، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ، قال: قوله تعالى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ، أصل الزرع عبد المطلب، و شطأه محمد (صلى الله عليه و آله)، و يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ، قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

__________________________________________________

3- المحاسن 131/ 2.

4- تفسير القمّي 1: 32.

5- من لا يحضره الفقيه 1: 299/ 1369.

6- روضة الواعظين: 321.

7- ... غاية المرام: 442.

8- تأويل الآيات 2: 600/ 13.

(1) البقرة 2: 146. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 97

9935/ [9]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا دعبل، قال: حدثنا مجاشع بن عمرو، عن

ميسرة بن عبيد الله، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه سئل عن قول الله عز و جل: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً، قال: سأل قوم النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: فيمن نزلت هذه الآية يا نبي الله؟

قال: «إذا كان يوم القيامة، عقد لواء من نور أبيض، و نادى مناد: ليقم سيد المؤمنين [و معه الذين آمنوا بعد بعث محمد (صلى الله عليه و آله)]، فيقوم علي بن أبي طالب، فيعطي الله اللواء من النور الأبيض بيده، تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار، لا يخالطهم غيرهم، حتى يجلس على منبر من نور رب العزة، و يعرض الجميع عليه، رجلا رجلا، فيعطى أجره و نوره، فإذا أتى على آخرهم، قيل لهم: قد عرفتم موضعكم و منازلكم من الجنة، إن ربكم يقول: عندي لكم مغفرة و أجر عظيم يعني الجنة فيقوم علي بن أبي طالب و القوم تحت لوائه معه حتى يدخل الجنة، ثم يرجع إلى منبره، و لا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين، فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة و يترك أقواما على النار، فذلك قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ آمَنُوا و عملوا الصالحات لَهُمْ أَجْرُهُمْ و نورهم «1»، يعني السابقين الأولين، و المؤمنين، و أهل الولاية له، و قوله تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ «2»، هم الذين قاسم عليهم النار فاستحقوا الجحيم».

9936/ [10]- و من طريق المخالفين: رواه موفق بن أحمد، يرفعه إلى ابن عباس، قال: سأل قوم النبي (صلى الله عليه و آله): فيمن نزلت هذه الآية؟

قال: «إذا كان يوم القيامة عقد لواء

من نور أبيض، و نادى مناد: ليقم سيد المؤمنين و معه الذين آمنوا بعد بعث محمد (صلى الله عليه و آله). فيقوم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيعطى اللواء من النور الأبيض بيده، و تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار، لا يخالطهم غيرهم، حتى يجلس على منبر من نور رب العزة، و يعرض الجميع عليه رجلا رجلا، فيعطيه أجره و نوره، فإذا أتى على آخرهم، قيل لهم: قد عرفتم صفتكم و منازلكم في الجنة، إن ربكم يقول: إن لكم عندي مغفرة و أجرا عظيما- يعني الجنة- فيقوم علي و القوم تحت لوائه معه، يدخل بهم الجنة ثم يرجع إلى منبره، فلا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة و يترك «3» أقواما على النار، فذلك قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ، يعني السابقين الأولين، و المؤمنين، و أهل الولاية له:

__________________________________________________

9- أمالي الطوسي 1: 387.

10- ... مناقب ابن المغازلي: 322/ 369.

(1) الّذي في سورة الحديد 57: 19 وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ.

(2) الحديد 57: 19.

(3) في «ج»: و ينزل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 98

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ «1»، يعني كفروا و كذبوا بالولاية و بحق علي (عليه السلام)».

__________________________________________________

(1) الحديد 57: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 99

سورة الحجرات ..... ص : 99

فضلها ..... ص : 99

9937/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الحجرات في كل ليلة، أو في كل يوم، كان من زوار محمد

(صلى الله عليه و آله)».

9938/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطي من الأجر بعدد من أطاع الله تعالى و عدد من عصاه عشر مرات، و من كتبها و علقها عليه في قتال أو خصومة أمن خوف ذلك، و فتح الله تعالى على يديه باب كل خير».

9939/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه في قتال أو خصومة، نصره الله تعالى و فتح له باب كل خير».

9940/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها على المتبوع، أمن من شيطانه، و لم يعد إليه، و أمن من كل ما يحذر من الخوف، و المرأة إذا شربت ماءها درت اللبن بعد إمساكه، و حفظ جنينها، و أمنت على نفسها من كل خوف و محذور بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 115.

2- .....

3- .....

4- خواص القرآن: 7 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 100

سورة الحجرات(49): آية 1 ..... ص : 100

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [1]

9941/ [1]- المفيد في (الاختصاص): روي عن ابن كدينة الأودي «1»، قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فسأله عن قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فيمن نزلت؟ قال: «في رجلين من قريش».

9942/ [2]- علي بن إبراهيم: نزلت في وفد بني تميم، كانوا إذا قدموا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) وقفوا على باب حجرته، فنادوا: يا محمد، اخرج إلينا، و كانوا إذا خرج رسول

الله (صلى الله عليه و آله) تقدموه في المشي، و كانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته، يقولون: يا محمد يا محمد ما تقول في كذا و كذا؟ كما يكلمون بعضهم بعضا، فأنزل الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

سورة الحجرات(49): الآيات 2 الي 5 ..... ص : 100

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ

__________________________________________________

1- الاختصاص: 128.

2- تفسير القمّي 2: 318.

(1) كذا، و لعلّه، أبو كدينة الكوفي، يحيى بن المهلب البجلي، انظر تهذيب التهذيب 11: 289، تقريب التهذيب 2: 359 و 466.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 101

وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَ لَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [2- 5] 9943/ [1]- الزمخشري في (ربيع الأبرار)، قال: كان قوم من سفهاء بني تميم، أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا محمد، اخرج إلينا نكلمك. فغم ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ساءه ما ظهر من سوء أدبهم، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.

9944/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن أحمد، عن المنذر بن جفير، قال: حدثني أبي جفير بن حكيم، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن خراش، قال: خطبنا علي (عليه السلام) في الرحبة، ثم قال: «لما كان

في زمان الحديبية، خرج إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أناس من قريش، من أشراف أهل مكة، فيهم سهيل بن عمرو، فقالوا: يا محمد، أنت جارنا و حليفنا و ابن عمنا، و قد لحق بك أناس من أبنائنا و إخواننا و أقاربنا، ليس بهم التفقه في الدين، و لا رغبة فيما عندك، و لكن إنما خرجوا فرارا من ضياعنا و أعمالنا و أموالنا، فارددهم علينا. فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا بكر، فقال له: انظر ما يقولون. فقال: صدقوا يا رسول الله، أنت جارهم، فارددهم عليهم. قال: ثم دعا عمر فقال مثل قول أبي بكر، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ذلك: لن تنتهوا- يا معاشر قريش- حتى يبعث الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه للتقوى، يضرب رقابكم على الدين. فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا. فقام عمر، فقال: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، و لكنه خاصف النعل، و كنت أخصف نعل رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

قال: ثم التفت إلينا علي (عليه السلام)، و قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».

__________________________________________________

1- ربيع الأبرار 2: 305. [.....]

2- تأويل الآيات 2: 2: 602/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 102

9945/ [3]- و من طريق المخالفين: أحمد بن حنبل في (مسنده)، يرفعه إلى ربعي بن خراش، قال: حدثنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالرحبة، قال: «اجتمعت قريش إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، و فيهم سهيل بن عمرو، فقالوا:

يا محمد، إن قومنا لحقوا بك، فارددهم علينا، فغضب حتى رئي

الغضب في وجهه، ثم قال: لتنتهن يا معشر قريش، أو ليبعثن الله عليكم رجلا منكم، امتحن الله قلبه للإيمان، يضرب رقابكم على الدين. قيل: يا رسول الله، أبو بكر؟

قال: لا. قيل: فعمر؟ قال: لا، و لكن خاصف النعل في الحجرة».

ثم قال علي (عليه السلام): «أما إني قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: لا تكذبوا علي، فمن كذب علي متعمدا أولجته «1» النار».

9946/ [4]- و من (الجمع بين الصحاح الستة) للعبدري: من (سنن أبي داود)، و (صحيح الترمذي)، يرفعه إلى علي (عليه السلام)، قال: «يوم الحديبية جائت إلينا أناس من المشركين من رؤسائهم فقالوا: قد خرج إليكم من أبنائنا و أقاربنا، و إنما خرجوا فرارا من خدمتنا فارددهم إلينا، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا معشر قريش، لتنتهن عن مخالفة أمر الله أو ليبعثن عليكم من يضرب رقابكم بالسيف [على الدين، امتحن الله قلوبهم للتقوى، قال بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أولئك يا رسول الله؟ قال: منهم خاصف النعل». و كان قد أعطى عليا (عليه السلام)، نعله يخصفها.

9947/ [5]- و في رواية أخرى: عن الترمذي، في (صحيحه)، عن ربعي بن خراش، في خبر: أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال يوم الحديبية لسهيل بن عمرو، و قد سأله رد جماعة فروا إلى النبي (صلى الله عليه و آله): «يا معشر قريش، لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم على الدين، قد امتحن الله قلبه على الإيمان». قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: «هو خاصف النعل». و كان اعطى عليا (عليه السلام) نعله يخصفها.

الخطيب في (التاريخ)، و السمعاني في (الفضائل): أن

النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «يا معشر قريش حتى يبعث الله رجلا امتحن الله قلبه بالإيمان». الحديث سواء «2».

سورة الحجرات(49): آية 6 ..... ص : 102

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ [6]

__________________________________________________

3- فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 649/ 1105.

4- العمدة: 226/ 357، تحفة الأبرار: 123 «مخطوط».

5- سنن الترمذي 5: 634/ 3715، تحفة الأبرار: 124 «مخطوط».

(1) في المصدر: فليلج.

(2) تاريخ بغداد 8: 433، إحقاق الحق 5: 609 عن السمعاني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 103

9948/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفسوق، فقال: «الفسوق هو الكذب، ألا تسمع قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ».

9949/ [2]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في مارية القبطية ام إبراهيم، و كان سبب ذلك أن عائشة قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إن إبراهيم ليس هو منك، و إنما هو من جريح القبطي فإنه يدخل إليها في كل يوم. فغضب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): «خذ هذا السيف و أتني برأس جريح». فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) السيف، ثم قال: «بأبي أنت و أمي يا رسول الله، إنك إذا بعثتني في أمر أكون فيه كالسفود «1» المحمي في الوبر، فكيف تأمرني، أثبت فيه أم أمضي على ذلك؟». فقال له رسول الله (صلى الله

عليه و آله): «بل تثبت» فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مشربة ام إبراهيم، فتسلق عليها، فلما نظر إليه جريح هرب منه و صعد النخلة، فدنا منه أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قال له: «انزل» فقال: يا علي، ما هاهنا أناس، إني مجبوب «2»، ثم كشف عن عورته، فإذا هو مجبوب، فأتى [به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ما شأنك يا جريح؟» فقال: يا رسول الله، إن القبط يجبون حشمهم و من يدخل إلى أهليهم، و القبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين، فبعثني أبوها لأدخل إليها و أخدمها و أؤنسها، فأنزل الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا، الآية.

و قد روى علي بن إبراهيم هذه القصة في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ في سورة النور، بحديث مسند عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) «3».

9950/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في رواية عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن رشيد، عن مروان بن مسلم، عن عبد الله بن بكير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بقتل القبطي، و قد علم أنها كذبت عليه أو لم يعلم، و إنما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت علي (عليه السلام)؟ فقال: «بلى قد كان و الله

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 294/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 318.

3- تفسير القمّي 2: 319.

(1) السّفّود: حديدة ذات شعب معقّفة، معروف، يشوى به اللحم. «لسان العرب 3: 218».

(2) أي مقطوع الذكر. «النهاية 1: 233».

(3) تقدّم في الحديث (2) من تفسير

الآية (11) من سورة النور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 104

علم، و لو كانت عزيمة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما انصرف «1» علي (عليه السلام) حتى يقتله، و لكن إنما فعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) لترجع عن ذنبها، فما رجعت، و لا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها».

و الروايات تقدمت في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ «2».

9951/ [4]- و قال شرف الدين النجفي: ذكر علي بن إبراهيم في (تفسيره) ما صورة لفظه: قال: سألته عن هذه الآية، فقال: «إن عائشة قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): إن مارية يأتيها ابن عم لها، و لطختها بالفاحشة، فغضب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال لها: إن كنت صادقة فأعلميني إذا دخل إليها، فرصدتها، فلما دخل عليها ابن عمها أخبرت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت: هو الآن عندها. فعند ذلك دعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام)، فقال: يا علي، خذ هذا السيف، فإن وجدته عندها فاضرب عنقه- قال- فأخذ علي (عليه السلام) السيف، و قال: يا رسول الله، إذا بعثتني بالأمر أكون كالسفود المحمي بالوبر، أو أثبت؟ فقال: تثبت قال: فانطلق علي (عليه السلام) و معه السيف، فلما انتهى إلى الباب وجده مغلقا، فألزم عينيه نقب الباب، فلما رأى القبطي عين علي (عليه السلام) في الباب، فزع و خرج من الباب الآخر، فصعد نخلة، و تسور علي الحائط، فلما رأى القبطي عليا و معه السيف، حسر عن عورته، فإذا هو مجبوب، فصد أمير المؤمنين (عليه السلام) بوجهه عنه، ثم رجع فأخبر رسول الله (صلى الله

عليه و آله) بما رأى فتهلل وجه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: الحمد لله الذي لم يعاقبنا أهل البيت من سوء ما يلحظوننا به. فأنزل الله عليه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ».

فقال زرارة: إن العامة يقولون: نزلت هذه الآية في الوليد بن عقبة بن أبي معيط حين جاء إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فأخبره عن بني خزيمة أنهم كفروا بعد إسلامهم؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا زرارة، أو ما علمت أنه ليس من القرآن آية إلا و لها ظهر و بطن؟ فهذا الذي في أيدي الناس ظهرها، و الذي حدثتك به بطنها».

9952/ [5]- الطبرسي في (الاحتجاج) في حديث ذكر فيه ما جرى بين الحسن بن علي (عليهما السلام) و بين جماعة من أصحاب معاوية بمحضره، فقال الحسن (عليه السلام): «و أما أنت يا وليد بن عقبة، فو الله ما ألومك أن تبغض عليا، و قد جلدك في الخمر ثمانين، و قتل أباك صبرا بيده يوم بدر، أم كيف تسبه و قد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن و سماك فاسقا! و هو قول الله عز و جل: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ «3»، و قوله عز و جل: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ، و ما أنت و ذكر قريش، و إنما أنت ابن علج، من أهل صفورية، يقال له ذكوان».

__________________________________________________

4- تأويل الآيات: 584. «طبع جماعة المدرسين».

5- الاحتجاج: 276. [.....]

(1) في المصدر: القتل ما رجع.

(2) تقدّمت في تفسير الآية (11) من سورة

النور.

(3) السجدة 32: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 105

سورة الحجرات(49): آية 7 ..... ص : 105

قوله تعالى:

وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ [7]

9953/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، و ثعلبة بن ميمون، و غالب بن عثمان، و هارون بن مسلم، عن بريد بن معاوية، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، في فسطاطه بمنى، فنظر إلى زياد الأسود منقطع الرجلين فرثى له «1»، و قال: «ما لرجليك هكذا؟» قال: جئت على بكر لي نضو «2»، فكنت أمشي عنه عامة الطريق فرثى له، و قال له عند ذلك زياد: إني ألم بالذنوب حتى إذا ظننت أني قد هلكت ذكرت حبكم فرجوت النجاة، و تجلى عني.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و هل الدين إلا الحب؟ قال الله تعالى: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ، و قال: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ «3»، و قال: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ «4»، إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله أحب المصلين و لا أصلي، و أحب الصوامين و لا أصوم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنت مع من أحببت، و لك ما اكتسبت».

و قال: «ما تبغون و ما تريدون، أما إنها لو كانت فزعة من السماء فزع كل قوم إلى مأمنهم، و فزعنا إلى نبينا، و فزعتم إلينا».

9954/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان

بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ:

«يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)»: وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ: «الأول و الثاني و الثالث».

9955/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن فضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحب و البغض، أمن الإيمان هو؟ فقال: «و هل الإيمان إلا الحب و البغض». ثم تلا هذه الآية:

__________________________________________________

1- الكافي 8: 79/ 35.

2- الكافي 1: 353/ 71.

3- الكافي 2: 102/ 5.

(1) رثى له: أي رقّ له. «الصحاح 6: 2352».

(2) البكر: الفتيّ من الإبل. «لسان العرب 4: 79»، و النّضو، بالكسر: البعير المهزول، و قيل: هو المهزول من جميع الدواب. «لسان العرب 15:

330».

(3) آل عمران 3: 31.

(4) الحشر 59: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 106

حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ.

9956/ [4]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله السجستاني، عن فضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحب و البغض، أمن الإيمان هو؟ قال: «و هل الإيمان إلا الحب» «1»، ثم تلا هذه الآية: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ.

9957/ [5]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبيدة زياد الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في حديث له قال: «يا زياد ويحك، و هل الدين إلا الحب، ألا ترى إلى

قول الله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «2»؟ أ و لا ترى قول الله لمحمد (صلى الله عليه و آله): حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ؟ و قال: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ «3»- فقال- الدين هو الحب، و الحب هو الدين».

9958/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ:

«يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)». وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ. «الأول و الثاني و الثالث» «4».

9959/ [7]- الطبرسي: الفسوق: هو الكذب عن أبي جعفر (عليه السلام).

سورة الحجرات(49): آية 9 ..... ص : 106

قوله تعالى:

وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [9]

__________________________________________________

4- المحاسن: 262/ 326.

5- المحاسن: 262/ 327.

6- تفسير القمّي 2: 319.

7- مجمع البيان 9: 200. [.....]

(1) زاد في المصدر: و البغض.

(2) آل عمران 3: 31.

(3) الحشر 59: 9.

(4) في المصدر: فلان و فلان و فلان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 107

9960/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قلت: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ؟ قال: «الفئتان، إنما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة، و هم أهل هذه الآية، و

هم الذين بغوا على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فكان الواجب عليه قتالهم و قتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، و لو لم يفيئوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئوا و يرجعوا عن رأيهم، لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين، و هي الفئة الباغية، كما قال الله عز و جل، فكان الواجب على أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم، كما عدل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أهل مكة، إنما من عليهم و عفا، و كذلك صنع أمير المؤمنين (عليه السلام) بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع النبي (صلى الله عليه و آله) بأهل مكة حذو النعل بالنعل».

قال: قلت: قوله تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى «1»؟ قال: «هم أهل البصرة «2»».

قلت: وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ «3»، قال: «أولئك قوم لوط، ائتفكت عليهم، انقلبت عليهم».

9961/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام)- في حديث الأسياف الخمسة- قال: «و أما السيف المكفوف [فسيف على أهل البغي و التأويل، قال الله عز و جل: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ، فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي (صلى الله عليه و آله): من هو؟ فقال: خاصف النعل، يعني أمير

المؤمنين (عليه السلام)، فقال عمار بن ياسر: قاتلت بهذه الراية مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثلاثا و هذه الرابعة، و الله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر لعلمنا أنا على الحق و أنهم على الباطل، و كانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين (عليه السلام) ما كان من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أهل مكة يوم فتح مكة، فإنه لم يسب لهم ذرية، و قال: من أغلق بابه فهو آمن، و من ألقى سلاحه فهو آمن، و كذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم البصرة، نادى فيهم: لا تسبوا لهم ذرية، و لا تجهزوا على جريح، و لا تتبعوا مدبرا، و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 180/ 202.

2- الكافي 5: 11/ 2.

(1) النجم 53: 53.

(2) في المصدر زيادة: هي المؤتفكة.

(3) التوبة 9: 70.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 108

و روى علي بن إبراهيم حديث الأسياف بتمامه هاهنا، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكره عن أبيه، و نحن ذكرنا كل آية من الحديث في موضعه، فأغنانا عن ذكره بطوله هنا «1».

9962/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال فيه: «فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل، فقد فاء، مثل قول الله عز و جل: فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2»، أي رجعوا، ثم قال: وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ

عَلِيمٌ «3»، و قال: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ، أي ترجع فَإِنْ فاءَتْ أي رجعت فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، يعني بقوله تعالى: تَفِي ءَ، ترجع، في معنى الآية قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل. فسئل (صلى الله عليه و آله) من هو؟

قال: هو خاصف النعل، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخصف نعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) «4»».

سورة الحجرات(49): آية 10 ..... ص : 108

قوله تعالى:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [10]

9963/ [1]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون، و أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار الثقفي، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس، قال: لما نزلت إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، آخى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين المسلمين، فآخى بين أبي بكر و عمر، و بين عثمان و عبد الرحمن، و بين فلان و فلان حتى آخى بين أصحابه أجمعهم على قدر منازلهم، ثم قال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): «أنت أخي و أنا أخوك».

__________________________________________________

3- الكافي 5: 16/ 1.

1- الأمالي 2: 199.

(1) تفسير القمّي 2: 320.

(2) البقرة 2: 226.

(3) البقرة 2: 227. [.....]

(4) في المصدر: خاصف النّعل يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 109

9964/ [2]- و عنه،

قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبي عبد الله بن محمد بن المطلب الشيباني، سنة ست عشرة و ثلاثمائة، و فيها مات، قال: حدثنا إبراهيم بن بشر بالكوفة، قال: حدثنا منصور بن أبي نويرة الأسدي، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سعد بن حذيفة بن اليمان، عن أبيه، قال: آخى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين الأنصار و المهاجرين اخوة الدين، و كان يؤاخي بين الرجل و نظيره، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: «هذا أخي». قال حذيفة: فرسول الله (صلى الله عليه و آله) سيد المرسلين، و إمام المتقين، و سيد ولد آدم «1»، و رسول رب العالمين، الذي ليس له في الأنام شبه و لا نظير، و علي بن أبي طالب أخوه.

9965/ [3]- و روي هذا الحديث من طريق المخالفين، رواه ابن المغازلي في (المناقب): رفعه إلى حذيفة بن اليمان قال: آخى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين المهاجرين و الأنصار، و كان يؤاخي بين الرجل و نظيره، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: «هذا أخي». قال حذيفة: رسول الله (صلى الله عليه و آله) سيد المرسلين «2»، و إمام المتقين، و رسول رب العالمين، الذي ليس له [في الأنام شبيه و لا نظير، و علي أخوه «3».

قلت: التشاغل بذكر أحاديث المؤاخاة بين الصحابة، و كون علي (عليه السلام) أخا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يطول بها الكتاب، و هي بين الفريقين متواترة».

سورة الحجرات(49): آية 11 ..... ص : 109

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ

مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ [11]

9966/ [1]- علي بن إبراهيم: فإنها نزلت في صفية بنت حيي بن أخطب، و كانت زوجة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أن عائشة و حفصة كانتا تؤذيانها و تشتمانها، و تقولان لها: يا بنت اليهودية. فشكت ذلك

__________________________________________________

2- الأمالي 2: 199.

3- المناقب: 38/ 60.

1- تفسير القمّي 2: 321.

(1) (و سيد ولد آدم) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: المسلمين.

(3) في المصدر: علي بن أبي طالب أخوان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 110

إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال [لها]: «ألا تجيبيهما؟» فقالت: بماذا يا رسول الله؟ قال: «قولي: إن أبي هارون نبي الله، و عمي موسى كليم الله، و زوجي محمد رسول الله، فما تنكران مني؟» فقالت لهما. فقالتا: هذا علمك رسول الله. فأنزل الله في ذلك: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ- إلى قوله تعالى- وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ.

9967/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: دخل عليه الطيار و أنا عنده، فقال [له : جعلت فداك، رأيت قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا في غير مكان من مخاطبة المؤمنين، أ يدخل في هذا المنافقون؟ قال: «نعم، يدخل في هذا المنافقون و الضلال، و كل من أقر بالدعوة الظاهرة».

سورة الحجرات(49): آية 12 ..... ص : 110

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ

بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [12] باب النهي عن سوء الظن و طلب عثرات المؤمنين، و الغيبة و معناها

9968/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا اتهم المؤمن أخاه، انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء».

9969/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن الحسين بن حازم، عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من اتهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما، و من عامل أخاه بمثل ما يعامل «1» الناس فهو بري ء مما ينتحل».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 274/ 413.

2- الكافي 2: 137/ 5.

3- الكافي 2: 269/ 2.

(1) في المصدر: ما عامل به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 111

9970/ [3]- ثم قال الكليني: عنه، عن أبيه، عمن حدثه، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك «1»، و لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد لها في الخير محملا».

9971/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إبراهيم و الفضل ابني يزيد الأشعريين، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قالا: «أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل على

الدين، فيحصي عليه عثراته و زلاته ليعنفه بها يوما ما».

9972/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا معشر من أسلم بلسانه و لم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تذموا المسلمين، و لا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، و من تتبع الله عورته يفضحه و لو في بيته».

ثم قال الكليني: عنه، عن علي بن النعمان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله.

9973/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن بكير عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل على الدين، فيحصي عليه عثراته و زلاته، ليعنفه بها يوما ما».

9974/ [7]- ثم قال الكليني: عنه، عن الحجال، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا معشر من أسلم بلسانه [و لم يسلم بقلبه ، لا تتبعوا عثرات المسلمين، فإنه من تتبع عثرات المسلمين تتبع الله عثرته ليفضحه «2»».

9975/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، أو الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تطلبوا عثرات المؤمنين، فإنه من تتبع عثرات أخيه، تتبع الله عثراته، و من تتبع الله

عثراته يفضحه و لو في جوف بيته».

9976/ [9]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن

__________________________________________________

3- الكافي 2: 269/ 3.

4- الكافي 2: 264/ 1.

5- الكافي 2: 264/ 2. [.....]

6- الكافي 2: 264/ 3.

7- الكافي 2: 264/ 4.

8- الكافي 2: 265/ 5.

9- الكافي 2: 265/ 6.

(1) في المصدر: ما يغلبك منه.

(2) في المصدر: و متتبّع اللّه عثرته يفضحه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 112

زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل الرجل على الدين فيحصي عليه زلاته ليعيره بها يوما ما».

9977/ [10]- ثم قال الكليني: عنه عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أبعد ما يكون العبد من الله أن يكون الرجل يؤاخي الرجل و هو يحفظ [عليه زلاته ليعيره بها يوما ما».

9978/ [11]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يجب للمؤمن على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة».

9979/ [12]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه».

قال: «و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الجلوس في المسجد انتظارا للصلاة عبادة ما لم يحدث، قيل: يا رسول الله، و ما يحدث؟ قال: الاغتياب».

9980/ [13]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قال في مؤمن ما رأته عيناه و سمعته أذناه، فهو من الذين قال الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «1»».

9981/ [14]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الغيبة، قال: «هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل، و تبث عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد».

9982/ [15]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن حفص بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سئل النبي (صلى الله عليه و آله): ما كفارة الاغتياب؟ قال: أن تستغفر «2» لمن اغتبته كلما ذكرته».

9983/ [16]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه، بعثه الله في

__________________________________________________

10- الكافي 2: 265/ 7.

11- الكافي 2: 265/ 8.

12- الكافي 2: 266/ 1.

13- الكافي 2: 266/ 2.

14- الكافي 2: 266/ 3.

15- الكافي 2: 266/ 4.

16- الكافي 2: 266/ 5.

(1) النور 24: 19. [.....]

(2) في المصدر زيادة: اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 113

طينة خبال حتى يخرج مما قال».

قلت: و ما طينة خبال؟ قال: «صديد يخرج من فروج المومسات».

9984/ [17]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن عامر، عن أبان، عن رجل

لا نعلمه إلا يحيى الأزرق، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): «من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه، و من ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه، و من ذكره بما ليس فيه فقد بهته».

9985/ [18]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن ابن سيابة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، و أما الأمر الظاهر [فيه مثل الحدة و العجلة، فلا، و البهتان أن تقول فيه ما ليس فيه».

9986/ [19]- المفيد: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الغيبة أشد من الزنا، فقيل: و لم ذلك يا رسول الله؟ فقال:

«صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه، و صاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحلله».

9987/ [20]- الشيخ ورام، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ثلاث لا ينجو منهن أحد: الظن، و الطيرة، و الحسد، و سأحدثكم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تحقق، و إذا تطيرت فامض، و إذا حسدت فلا تبغ».

سورة الحجرات(49): آية 13 ..... ص : 113

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [13]

9988/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن حنان، قال: سمعت أبي يروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان سلمان جالسا مع نفر من قريش في المسجد، فأقبلوا ينتسبون و يرفعون في أنسابهم،

حتى بلغوا سلمان، فقال له عمر بن الخطاب: أخبرني من أنت، و من أبوك، و ما أصلك؟ فقال: أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالا فهداني الله عز و جل بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و كنت عائلا فأغناني الله بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و كنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد (صلى الله عليه و آله)، هذا نسبي و هذا حسبي».

قال: «فخرج النبي (صلى الله عليه و آله)، و سلمان (رضي الله عنه) يكلمهم، فقال له سلمان: يا رسول الله، ما لقيت من

__________________________________________________

17- الكافي 2: 266/ 6.

18- الكافي 2: 266/ 7.

19- الإختصاص: 226.

20- تنبيه الخواطر 1: 127.

1- الكافي 8: 181/ 203.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 114

هؤلاء، جلست معهم فأخذوا ينتسبون و يرفعون في أنسابهم، حتى إذا بلغوا إلي، قال عمر بن الخطاب: من أنت، و ما أصلك، و ما حسبك؟ فقال النبي (صلى الله عليه و آله) فما قلت له يا سلمان؟ قال: قلت له: أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالا فهداني الله عز ذكره بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و كنت عائلا فأغناني الله بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و كنت مملوكا فأعتقني الله عز ذكره بمحمد (صلى الله عليه و آله)، هذا نسبي و هذا حسبي، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): يا معشر قريش، إن حسب الرجل دينه، و مروءته خلقه، و أصله عقله، قال الله عز و جل: إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، ثم قال النبي (صلى الله عليه و آله): يا سلمان ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله

عز و جل، و إن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل».

و رواه الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله)، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حنان بن سدير الصيرفي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: «جلس جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) ينتسبون و يفتخرون و فيهم سلمان (رحمه الله) و ذكر الحديث، و في آخره:

فأنت أفضل منه» و فيه بعض التغيير «1».

9989/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن موسى بن نصر الرازي، قال: سمعت أبي يقول: قال رجل للرضا (عليه السلام): و الله ما على وجه الأرض رجل أشرف منك آباء، فقال: «التقوى شرفهم، و طاعة الله أحاطتهم «2»».

فقال له آخر: أنت و الله خير الناس، فقال له: «لا تحلف يا هذا، خير مني من كان أتقى لله تعالى، و أطوع له، و الله ما نسخت هذه الآية آية وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ».

9990/ [3]- و عنه: بإسناده عن ابن عباس [قال : قال: رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله عز و جل قسم الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسما، و ذلك قوله تعالى في ذكر أصحاب اليمين، و أصحاب الشمال، و أنا خير أصحاب اليمين، ثم قسم «3» القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا و ذلك قوله عز

و جل: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «4»، و أنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، و جعلني من خيرها قبيلة، و ذلك قوله عز و جل: وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، فأنا أتقى ولد آدم و أكرمهم على الله جل ثناؤه، و لا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا،

__________________________________________________

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 236/ 10.

3- أمالي الصدوق: 503/ 1.

(1) الأمالي 1: 146.

(2) في المصدر: أحظتهم.

(3) في المصدر: جعل.

(4) الواقعة 56: 8- 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 115

فجعلني في خيرها بيتا، و ذلك قوله عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1»».

و روى هذا الحديث من طريق المخالفين الثعلبي، قال: أخبرني أبو عبد الله، حدثنا عبد الله بن أحمد بن يوسف بن مالك، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، حدثنا الحارث بن عبد الله الحارثي، حدثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قسم الله الخلق قسمين» و ذكر الحديث بعينه «2».

و قد تقدم في قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ «3».

9991/ [4]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن فيروز بن غياث الجلاب بباب الأبواب، قال: حدثنا محمد بن الفضل بن مختار البائي «4»، و يعرف بفضلان صاحب الجار، قال: حدثني أبي الفضل بن مختار، عن الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي، عن ثابت بن أبي صفية أبي حمزة، قال:

حدثني أبو عامر القاسم بن عوف،

عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: حدثني سلمان الفارسي (رحمه الله)، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مرضه الذي قبض فيه، فجلست بين يديه و سألته عما يجد و قمت لأخرج، فقال لي: «اجلس يا سلمان، فسيشهدك الله عز و جل أمرا إنه لمن خير الأمور». فجلست، فبينا أنا كذلك، إذ دخل رجال من أهل بيته، و رجال من أصحابه، و دخلت فاطمة ابنته فيمن دخل، فلما رأت ما برسول الله (صلى الله عليه و آله) من الضعف، خنقتها العبرة، حتى فاض دمعها على خدها، فأبصر ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «ما يبكيك يا بنية، أقر الله عينك و لا أبكاها»؟ قالت: «و كيف لا أبكي و أنا أرى ما بك من الضعف». قال لها:

«يا فاطمة، توكلي على الله، و اصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء، و أمهاتك من أزواجهم، ألا أبشرك يا فاطمة»؟

قالت: «بلى يا نبي الله- أو قالت- يا أبه» قال: «أما علمت أن الله تعالى اختار أباك فجعله نبيا، و بعثه إلى كافة الخلق رسولا، ثم اختار عليا فأمرني فزوجتك إياه، و اتخذته بأمر ربي وزيرا و وصيا، يا فاطمة إن عليا أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقا، و أقدمهم سلما و أعلمهم علما، و أحلمهم حلما، و أثبتهم في الميزان قدرا».

فاستبشرت فاطمة (عليها السلام) فأقبل عليها رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «هل سررتك يا فاطمة؟» قالت: «نعم يا أبه».

قال: «أ فلا أزيدك في بعلك و ابن عمك من مزيد الخير و فواضله؟» قالت: «بلى يا نبي الله». قال: «إن عليا أول من آمن بالله عز و جل و

رسوله من هذه الامة، هو و خديجة أمك، و أول من وازرني على ما جئت به. يا فاطمة إن عليا أخي و صفيي و أبو ولدي، إن عليا أعطي خصالا من الخير لم يعطها أحد قبله و لا يعطاها أحد بعده، فأحسني

__________________________________________________

4- الأمالي 2: 219.

(1) الأحزاب 33: 33. [.....]

(2) العمدة: 42/ 28 عن تفسير الثعلبي.

(3) تقدّم في الحديث (50) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.

(4) في المصدر: الباني.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 116

عزاك و اعلمي أن أباك لاحق بالله عز و جل».

قالت: «يا أبه قد سررتني «1» و أحزنتني». قال: «كذلك يا بنية امور الدنيا، يشوب سرورها حزنها، و صفوها كدرها، أ فلا أزيدك يا بنية؟» قالت: «بلى يا رسول الله».

قال: «إن الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين، فجعلني و عليا في خيرهما قسما، و ذلك قوله عҠو جل:

وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ «2»، ثم جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة، و ذلك قوله عز و جل: وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، ثم جعل القبائل بيوتا، فجعلنا في خيرها بيتا في قوله سبحانه: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3»، ثم إن تعالى اختارني من أهل بيتي، و اختار عليا و الحسن و الحسين و اختارك، فأنا سيد ولد آدم، و علي سيد العرب، و أنت سيدة النساء، و الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة، و من ذريتك «4» المهدي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت من قبله جورا».

9992/ [5]- و عنه، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي

البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، قال:

«أعملكم بالتقية».

9993/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن حبيب، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ، قال: «أشدكم تقية».

9994/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: الشعوب: العجم، و القبائل: من العرب.

9995/ [8]- الطبرسي: ذهب قوم فقالوا: الشعوب من العجم، و القبائل من العرب، و الأسباط من بني إسرائيل، و روي ذلك عن الصادق (عليه السلام).

__________________________________________________

5- أمالي الطوسي 2: 274.

6- المحاسن: 258/ 302.

7- تفسير القمّي 2: 322.

8- مجمع البيان 9: 207.

(1) في المصدر: يا أبتاه فرحتني.

(2) الواقعة 56: 27.

(3) الأحزاب 33: 33.

(4) في المصدر: ذريتكما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 117

سورة الحجرات(49): الآيات 14 الي 15 ..... ص : 117

قوله تعالى:

قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ [14]

9996/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن أحمد ابن محمد، جميعا، عن الوشاء، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا، فمن زعم أنهم آمنوا فقد كذب، و من زعم أنهم لم يسلموا فقد كذب».

9997/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم: عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل

بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ، فقال لي: «ألا ترى أن الإيمان غير الإسلام».

9998/ [3]- و: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن عمير، عن بن أيمن عن القاسم الصيرفي شريك المفضل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «الإسلام يحقن به الدم، و تؤدي به الأمانة، و تستحل به الفروج، و الثواب على الإيمان».

9999/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «الإيمان إقرار و عمل، و الإسلام إقرار بلا عمل».

10000/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سفيان بن السمط، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الإسلام و الإيمان، ما الفرق بينهما؟ فلم يجبه، [ثم سأله فلم يجبه ثم التقيا في الطريق و قد أزف من الرجل الرحيل، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «كأنه قد أزف منك رحيل؟» فقال: نعم، فقال: «فالقني في البيت». فلقيه، فسأله عن الإسلام و الإيمان، ما الفرق بينهما؟ فقال: «الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس، شهادة أن لا إله إلا الله [وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و حج البيت، و صيام شهر رمضان، فهذا الإسلام».

و قال: «الإيمان: معرف؟ هذا الأمر مع هذا، فإن أقربها و لم يعرف هذا الأمر، كان مسلما و كان ضالا».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 21/ 5.

2- الكافي 2:

20/ 3.

3- الكافي 2: 20/ 1. [.....]

4- الكافي 2: 20/ 2.

5- الكافي 2: 20/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 118

10001/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحكم بن أيمن عن القاسم الصيرفي شريك المفضل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «الإسلام يحقن به الدم، و تؤدى به الأمانة، و تستحل به الفروج، و الثواب على الإيمان».

10002/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سماعة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن الإسلام و الإيمان، أ هما مختلفان؟ فقال: «إن الإيمان يشارك الإسلام، و الإسلام لا يشارك الإيمان».

فقلت: فصفهما لي، فقال: «الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، و التصديق برسول الله (صلى الله عليه و آله)، به حقنت الدماء، و عليه جرت المناكح و المواريث، و على ظاهره جماعة الناس، و الإيمان: الهدى، و ما يثبت في القلوب من صفة الإسلام، و ما ظهر من العمل [به و الإيمان أرفع من الإسلام بدرجة. إن الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر، و الإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن و إن اجتمعا في القول و الصفة».

10003/ [8]- و عنه عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن فضيل بن يسار، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الإيمان يشارك الإسلام، و لا يشاركه الإسلام، إن الإيمان ما وقر «1» في القلوب، و الإسلام ما عليه المناكح و المواريث و حقن الدماء، و الإيمان يشرك الإسلام، و الإسلام لا يشرك الإيمان».

10004/ [9]- و عنه:

عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الصباح الكناني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أيهما أفضل الإيمان أو الإسلام؟ فإن من قبلنا يقولون: إن الإسلام أفضل من الإيمان؟ فقال: «الايمان أرفع من الإسلام».

قلت: فأوجدني ذلك قال: «ما تقول فيمن أحدث في المسجد الحرام متعمدا؟» قال: قلت يضرب ضربا شديدا. قال: «أصبت». قال: «فما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمدا؟». قلت: يقتل. قال: «أصبت، ألا ترى أن الكعبة أفضل من المسجد، و أن الكعبة تشرك المسجد، و المسجد لا يشرك الكعبة؟ و كذلك الإيمان يشرك الإسلام، و الإسلام لا يشرك الإيمان».

10005/ [10]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الايمان: ما استقر في القلب و أفضى به إلى الله عز و جل، و صدقه العمل بالطاعة لله عز و جل، و التسليم لأمره،

__________________________________________________

6- الكافي 2: 21/ 6.

7- الكافي 2: 21/ 1.

8- الكافي 2: 21/ 3.

9- الكافي 2: 21/ 4.

10- الكافي 2: 22/ 5.

(1) أي ثبت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 119

و الإسلام: [ما ظهر من قول أو فعل، و هو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها، و به حقنت الدماء، و عليه جرت المواريث و جاز النكاح و اجتمعوا على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، فخرجوا بذلك من الكفر و أضيفوا إلى الإيمان، الإسلام لا يشرك الايمان، و الإيمان يشرك الإسلام، و هما في القول و العمل «1»، يجتمعان، كما

صارت الكعبة في المسجد و المسجد ليس في الكعبة، و كذلك الإيمان يشرك الإسلام و الإسلام لا يشرك الإيمان، و قد قال الله عز و جل: «قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ فقول الله عز و جل أصدق القول».

قلت: فهل للمؤمن من فضل على المسلم في شي ء من الفضائل و الأحكام و الحدود و غير ذلك؟ فقال: [لا] هما يجريان في ذلك مجرى واحدا، و لكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما، و ما يتقربان به إلى الله» ..

قلت: أليس الله عز و جل يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «2»، و زعمت أنهم مجتمعون على الصلاة و الزكاة، و الصوم، و الحج مع المؤمن؟ قال: «أليس قد قال الله عز و جل: فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً «3»».

فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عز و جل لهم حسناتهم لكل حسنة سبعين ضعفا، فهذا فضل المؤمن، و يزيده في حسناته على قدر صحة إيمانه أضعافا كثيرة، و يفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير».

قلت: أ رأيت من دخل في الإسلام أليس هو داخلا في الإيمان؟ فقال: «لا، و لكنه [قد] أضيف إلى الإيمان و خرج من الكفر. و سأضرب لك مثلا تعقل به فضل الإيمان على الإسلام: أ رأيت لو أبصرت رجلا في المسجد، أ كنت شاهدا أنك رأيته في الكعبة»؟ قلت: لا يجوز لي ذلك، قال: «فلو أبصرت رجلا في الكعبة، أ كنت شاهدا أنه دخل المسجد الحرام؟» قلت: نعم. قال: «و كيف ذلك؟». قلت: إنه لا يصل إلى دخول الكعبة حتى يدخل المسجد الحرام، فقال: «أصبت و أحسنت». ثم قال: «كذلك الإسلام و الإيمان».

10006/

[11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحيم القصير، قال: كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، أسأله عن الإيمان ما هو؟ فكتب إلي مع عبد الملك بن أعين: «سألت- رحمك الله- عن الإيمان، و الإيمان هو الإقرار باللسان و عقد في القلب، و عمل بالأركان، و الإيمان بعضه من بعض، هو دار، و كذلك الإسلام دار و الكفر دار، فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا، و لا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما، فالإسلام قبل الإيمان، و هو يشارك الإيمان، فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي، أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عز و جل عنها، كان خارجا عن الإيمان، ساقطا عن اسم الإيمان، و ثابتا عليه اسم الإسلام، فإن تاب و استغفر عاد إلى دار الإيمان، و لا يخرجه إلى الكفر إلا الجحود و الاستحلال أن يقول للحلال: هذا حرام، و للحرام: هذا حلال، و دان بذلك، فعندها يكون

__________________________________________________

11- الكافي 2: 23/ 1.

(1) في المصدر: و الفعل.

(2) الأنعام 6: 16.

(3) البقرة 2: 245.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 120

خارجا من الإسلام و الإيمان، داخلا في الكفر، و كان بمنزلة من دخل الحرم ثم دخل الكعبة و أحدث في الكعبة حدثا، فأخرج عن الكعبة و عن الحرم، فضربت عنقه، و صار إلى النار».

10007/ [12]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، قال: سألته عن الإيمان و الإسلام، قلت له: أفرق بين الإسلام و الإيمان؟ قال: «فأضرب لك مثله»؟

قال:

قلت: أورد ذلك. قال: «مثل الإيمان و الإسلام مثل الكعبة من الحرم، قد يكون في الحرم و لا يكون في الكعبة، و لا يكون في الكعبة حتى يكون في الحرم، و قد يكون مسلما و لا يكون مؤمنا، و لا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما».

قال: قلت: فيخرج من الإيمان بشي ء؟ قال: «نعم».

قلت يصير «1» إلى ماذا؟ قال: «إلى الإسلام أو الكفر» و قال: «لو أن رجلا دخل الكعبة فأفلت منه بوله، أخرج من الكعبة و لم يخرج من الحرم، فغسل ثوبه و تطهر، ثم لم يمنع أن يدخل الكعبة، و لو أن رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا أخرج من الكعبة و من الحرم و ضربت عنقه».

10008/ [13]- محمد بن علي بن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمان القرشي الحاكم، قال:

حدثنا أبو بكر محمد بن خالد بن الحسن المطوعي البخاري، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود ببغداد، قال: حدثنا علي بن حرب الموصلي قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الإيمان معرفة بالقلب، و إقرار باللسان و عمل بالأركان».

10009/ [14]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح الرازي، عن أبي الصلت الهروي، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الإيمان؟ فقال (عليه السلام): «الإيمان عقد بالقلب، و لفظ باللسان، و عمل بالجوارح، لا يكون الإيمان إلا هكذا».

10010/ [15]- و عنه، قال: أخبرني سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي فيما كتب إلي

من أصفهان، قال:

حدثنا علي بن عبد العزيز، و معاذ بن المثنى، قالا: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الإيمان معرفة بالقلب، و إقرار باللسان، و عمل بالأركان».

10011/ [16]- و عنه: قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر البندار بفرغانة، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن

__________________________________________________

12- الكافي 2: 23/ 2.

13- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 226/ 1. [.....]

14- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 227/ 3.

15- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 277/ 4.

16- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 226/ 2.

(1) في المصدر: فيصيره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 121

محمد بن جمهور الحمادي، قال: حدثنا محمد بن عمر بن منصور البلخي بمكة، قال: حدثنا أبو يونس أحمد بن محمد بن يزيد بن عبد الله الجمحي، قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الإيمان معرفة بالقلب، و إقرار باللسان، و عمل بالأركان».

10012/ [17]- و عنه: قال: حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) بقم في رجب سنة تسع و ثلاثين و ثلاث مائة، قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد البزاز، قال: حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: «حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي

الباقر، قال: حدثني أبي علي ابن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الإيمان إقرار باللسان، و معرفة بالقلب، و عمل بالأركان».

قال حمزة بن محمد العلوي (رضي الله عنه): و سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم، يقول: و سمعت أبي يقول: و قد روى هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، بإسناده، مثله.

قال أبو حاتم: لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لبري ء.

10013/ [18]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن معقل القرميسيني، عن محمد بن عبد الله بن طاهر، قال: كنت واقفا على رأس أبي و عنده أبو الصلت الهروي و إسحاق بن راهويه و أحمد بن محمد ابن حنبل، فقال أبي: ليحدثني كل واحد منكم بحديث، فقال أبو الصلت الهروي: حدثني علي بن موسى الرضا (عليه السلام)- و كان و الله رضا كما سمي- عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الإيمان قول و عمل».

فلما خرجنا، قال أحمد بن محمد بن حنبل: ما هذا الإسناد؟ فقال له أبي: هذا سعوط المجانين، أي لو سعط به المجنون لأفاق «1».

قوله تعالى:

لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [14- 15]

__________________________________________________

17- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 227/ 5.

18- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام)

1: 228/ 6.

(1) في المصدر: إذا سعط به المجنون أفاق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 122

10014/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً أي لا ينقصكم.

قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أي لم يشكوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية، قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام).

10015/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن حفص بن غياث، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس أنه قال في قول الله عز و جل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، قال ابن عباس: ذهب علي (عليه السلام) بشرفها و فضلها.

سورة الحجرات(49): الآيات 16 الي 18 ..... ص : 122

قوله تعالى:

قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [16- 18] 10016/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ، أي أ تعلمون [الله دينكم.

10017/ [4]- الشيخ في (مصباح الأنوار): بإسناده يرفعه إلى جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، قال: كنت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حفر الخندق، و قد حفر الناس و حفر علي (عليه السلام)، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «بأبي من يحفر و جبرئيل يكنس التراب بين يديه و ميكائيل يعينه، و لم يكن يعين أحدا قبله من الخلق».

ثم قال النبي (صلى الله عليه و آله) لعثمان بن عفان: «احفر» فغضب عثمان و قال: لا يرضى محمد أن أسلمنا على يده حتى يأمرنا بالكد، فأنزل الله على

نبيه: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

10018/ [5]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا نزلت في عثمان يوم الخندق، و ذلك أنه مر بعمار بن ياسر و هو يحفر الخندق، و قد ارتفع الغبار من الحفر، فوضع عثمان كمه على أنفه و مر، فقال

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 322.

2- تأويل الآيات 2: 607/ 8.

3- تفسير القمّي 2: 322.

4- مصباح الأنوار: 325 «مخطوط».

5- تفسير القمّي 2: 322.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 123

عمار:

لا يستوي من يعمر المساجدا يظل فيها راكعا و ساجدا

كمن يمر بالغبار حائدا يعرض عنه جاهدا معاندا

فالتفت إليه عثمان، فقال: يا بن السوداء، إياي تعني؟ ثم أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له: لم ندخل معك لتسب أعراضنا، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قد أقلتك إسلامك فاذهب». فأنزل الله تعالى يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. أي لستم صادقين. إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 125

سورة ق ..... ص : 125

فضلها ..... ص : 125

10019/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من أدمن في فرائضه و نوافله قراءة سورة ق، وسع الله [عليه في رزقه، و أعطاه الله كتابه بيمينه، و حاسبة حسابا يسيرا».

10020/ [2]- و من خواص القرآن: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة، هون الله عليه سكرات الموت، و من كتبها و علقها على مصروع أفاق من

صرعته و أمن من شيطانه، و إن كتبت و شربتها امرأة قليلة اللبن كثر لبنها».

10021/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأ هذه السورة يهون الله عليه سكرات الموت، و من كتبها و علقها على مصروع أفاق، و من كتبها في إناء و شربتها امرأة قليلة اللبن كثر لبنها».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 115.

2- ......... [.....]

3- .........

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 126

سورة ق(50): الآيات 1 الي 9 ..... ص : 126

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ- إلى قوله تعالى- عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ [1- 9]

10022/ [1]- ابن بابويه: بإسناده المذكور في أوائل السور المصدرة بالحروف المقطعة، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن الصادق (عليه السلام)، و سئل عن معنى ق؟ قال: « [و أما] (ق) فهو الجبل المحيط بالأرض، و خضرة السماء منه، و به يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها».

10023/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن علي و أحمد بن إدريس، قالا: حدثنا محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي، عن محمد بن جمهور، قال: حدثنا سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن يحيى بن ميسرة الخثعمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: « (ق) جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر و خضرة السماء من ذلك الجبل».

10024/ [3]- سعد بن عبد الله: عن سلمة بن الخطاب، عن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد ربه الصيرفي، عن محمد بن سليمان، عن يقطين الجواليقي، عن فلفلة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل «1» جبلا محيطا بالدنيا من زبرجدة خضراء، و إنما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل، و خلق خلقه لم يفترض عليهم شيئا مما

افترض على خلقه من صلاة و زكاة، و كلهم يلعن رجلين من هذه الأمة» «2».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 22: 1.

2- تفسير القمّي 2: 267.

3- مختصر بصائر الدرجات: 11.

(1) في المصدر: اللّه عزّ و جلّ خلق.

(2) في المصدر زيادة: و سمّاهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 127

10025/ [4]- و عنه: عن أحمد بن الحسين، عن علي بن الريان، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله خلق هذا النطاق «1» زبرجدة خضراء، منها أخضرت السماء».

قلت و ما النطاق؟ قال: «الحجاب، و لله عز و جل وراء ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد الجن و الإنس، و كلهم يلعن فلانا و فلانا».

10026/ [5]- و في كتاب (منهج التحقيق إلى سواء الطريق) لبعض الإمامية- في حديث طويل- في سؤال الحسن أباه (عليهما السلام)، أن يريه ما فضله الله تعالى به من الكرامة، و ساق الحديث إلى أن قال: ثم إن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أمر الريح فصارت بناء إلى جبل (ق) فانتهينا إليه، فإذا هو من زمردة خضراء، و عليها ملك على صورة النسر، فلما نظر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال الملك: السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين و خليفته، أ تأذن لي في الرد؟ فرد (عليه السلام) و قال له: «إن شئت تكلم، و إن شئت أخبرتك عما تسألني عنه». فقال الملك: بل تقول يا أمير المؤمنين. قال: «تريد أن آذن لك أن تزور الخضر (عليه السلام)». فقال: نعم، قال (عليه السلام): «قد أذنت لك».

فأسرع الملك بعد أن قال: بسم الله الرحمن الرحيم.

ثم تمشينا على الجبل هنيئة، فإذا بالملك قد عاد إلى مكانه بعد زيارة

الخضر (عليه السلام). فقال سلمان: يا أمير المؤمنين، رأيت الملك ما زار الخضر إلا حين أخذ إذنك؟ فقال (عليه السلام): «و الذي رفع السماء بغير عمد لو أن أحدهم رام أن يزول من مكانه بقدر نفس واحد، لما زال حتى آذن له، و كذا يصير حال ولدي الحسن، و بعده الحسين، و تسعة من ولد الحسين تاسعهم قائمهم».

فقلنا: ما اسم الملك الموكل بقاف؟ فقال: (عليه السلام): «ترجائيل».

فقلنا: يا أمير المؤمنين، كيف تأتي كل ليلة إلى هذا الموضع و تعود؟ فقال (عليه السلام): «كما أتيت بكم، و الذي فلق الحبة و برأ النسمة، إني لأملك من ملكوت السماوات و الأرض، ما لو علمتم ببعضه لما احتمله جنانكم، إن اسم الله الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا، عند آصف بن برخيا حرف واحد فتكلم به فخسف الله تعالى الأرض ما بينه و بين عرش بلقيس، حتى تناول السرير، ثم عادت الأرض كما كانت، أسرع من طرفة النظر، و عندنا نحن- و الله- اثنان و سبعون حرفا، و حرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، عرفنا من عرفنا، و أنكرنا من أنكرنا».

و الحديث بطوله تقدم في باب يأجوج و مأجوج من آخر سورة الكهف «2».

10027/ [6]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، قال: ق جبل محيط بالدنيا من

__________________________________________________

4- مختصر بصائر الدرجات: 12.

5- المحتضر: 73، البحار 27: 36/ 5.

6- تفسير القمّي 2: 323.

(1) في المصدر: النطاف، و كذا التي بعدها.

(2) تقدّم في الحديث (3) من الباب المذكور أعلاه بعد تفسير الآيات (83- 98) من سورة الكهف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 128

وراء

يأجوج و مأجوج، و هو قسم، بَلْ عَجِبُوا، يعني قريشا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ، يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْ ءٌ عَجِيبٌ أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ، قال: نزلت في أبي ابن خلف، قال لأبي جهل، إني لأعجب «1» من محمد، ثم أخذ عظما ففته، ثم قال: يزعم محمد أن هذا يحيا! فقال الله بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ يعني مختلف.

ثم احتج عليهم و ضرب للبعث و النشور مثلا فقال: أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَ زَيَّنَّاها وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. أي حسن تَبْصِرَةً وَ ذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَ حَبَّ الْحَصِيدِ قال: كل حب يحصد.

10028/ [7]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن يقطين، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حماد، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:

«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في قوله تعالى: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً، قال: ليس [من ماء في الأرض إلا و قد خالطه ماء السماء».

سورة ق(50): الآيات 10 الي 11 ..... ص : 128

قوله تعالى:

وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ- إلى قوله تعالى- كَذلِكَ الْخُرُوجُ [10- 11] 10029/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ أي مرتفعات لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ يعني بعضه على بعض رِزْقاً لِلْعِبادِ وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ، جوابا لقولهم: أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً

ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ، فقال الله: كما أن الماء إذا أنزلناه من السماء، فيخرج النبات من الأرض، كذلك أنتم تخرجون من الأرض «2».

سورة ق(50): الآيات 12 الي 14 ..... ص : 128

قوله تعالى:

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ وَ ثَمُودُ وَ عادٌ وَ فِرْعَوْنُ وَ إِخْوانُ لُوطٍ

__________________________________________________

7- الكافي 6: 387/ 1.

1- تفسير القمّي 2: 323.

(1) في المصدر: قال لأبي جهل: تعال إلي لأعجبك. [.....]

(2) سورة ق: 50: 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 129

وَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ [12- 14]

10030/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن حسين بن أحمد المنقري، عن هشام الصيدناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سأله رجل عن هذه الآية كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ، فقال بيده هكذا، فمسح إحداهما بالأخرى، فقال: «هن اللواتي باللواتي» يعني النساء بالنساء.

10031/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة و هشام و حفص، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه دخل عليه نسوة، فسألته امرأة منهن عن السحق؟ فقال: «حدها حد الزاني». فقالت المرأة: ما ذكر الله عز و جل ذلك في القرآن؟ فقال: «بلى». [قالت: و أين هو؟]. قال: «هن أصحاب الرس».

10032/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، قال:

حدثني إسماعيل بن جابر، قال: كنت فيما بين مكة و المدينة، أنا و صاحب لي، فتذاكرنا الأنصار، فقال أحدنا: هم نزاع من قبائل «1»، و قال أحدنا: هم من أهل اليمن، قال: فانتهينا إلى أبي عبد الله (عليه السلام) و هو

جالس في ظل شجرة، فابتدأ الحديث و لم نسأله، فقال: «إن تبعا لما جاء من قبل العراق، و جاء معه العلماء و أبناء الأنبياء، فلما انتهى إلى هذا الوادي لهذيل، أتاه أناس من بعض القبائل، فقالوا: إنك تأتي أهل بلدة قد لعبوا بالناس زمانا طويلا، حتى اتخذوا بلادهم حرما، و بنيتهم ربا أو ربة. فقال: إن كان كما تقولون قتلت مقاتليهم، و سبيت ذريتهم [و هدمت بنيتهم .

قال: فسالت عيناه حتى وقعتا على خديه، قال: فدعا العلماء و أبناء الأنبياء، فقال: انظروني و أخبروني لما أصابني هذا؟ قال: فأبوا أن يخبروه حتى عزم عليهم، قالوا: حدثنا بأي شي ء حدثت نفسك؟ قال: حدثت نفسي أن أقتل مقاتليهم، و أسبي ذريتهم، و أهدم بنيتهم، فقالوا: إنا لا نرى الذي أصابك إلا لذلك، قال: و لم هذا؟ قالوا: لأن البلد حرم الله، و البيت بيت الله، و سكانه ذرية إبراهيم خليل الرحمان.

فقال: صدقتم، فما مخرجي مما وقعت فيه؟ قالوا: تحدث نفسك بغير ذلك، فعسى الله أن يرد عليك، قال:

فحدث نفسه بخير، فرجعت حدقتاه حتى ثبتتا مكانهما، قال: فدعا بالقوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم، ثم

__________________________________________________

1- الكافي 5: 551/ 1.

2- الكافي 7: 202/ 1.

3- الكافي 4: 215/ 1.

(1) النّزّاع من القبائل: هم جمع نازع و نزيع، و هو الغريب الذي نزّع عن أهله و عشيرته، أي بعد و غاب. «النهاية 5: 41».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 130

أتى البيت و كساه، و أطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مائة جزور، حتى حملت الجفان إلى السباع في رؤس الجبال، و نثرت الأعلاف في الأودية للوحوش، ثم انصرف من مكة إلى المدينة، فأنزل بها قوما من أهل اليمن من غسان، و

هم الأنصار».

و

في رواية أخرى: كساه النطاع «1» و طيبه.

قلت: و قد تقدم حديث في تبع في سورة البقرة، في قوله عز و جل: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا «2» فليؤخذ من هناك.

10033/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن تبعا قال للأوس و الخزرج: كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبي، أما أنا فلو أدركته لخدمته و لخرجت معه».

10034/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين البزاز، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الأصم، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: حدثنا يونس بن بكير الشيباني، عن زكريا بن يحيى المدني، عن عكرمة، قال: سمعت ابن عباس يقول: لا يشتبهن عليكم أمر تبع فإنه كان مسلما.

10035/ [6]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن عمر بن أبان، عن أبان، رفعه: إن تبعا قال في مسيرة:

و لقد أتاني من قريظة عالم حبر لعمرك في اليهود مسود «3»

قال ازدجر عن قرية محجوبة لنبي مكة من قريش تهتد

فعفوت عنهم عفو غير مثرب و تركتهم لعقاب يوم سرمد

و تركتها لله أرجو عفوه يوم الحساب من الحميم الموقد

و لقد تركت له بها من قومنا نفرا اولي حسب و ممن يحمد

نفرا يكون النصر في أعقابهم أرجو بذاك ثواب رب محمد

ما كنت أحسب أن بيتا ظاهرا لله في بطحاء مكة يعبد

قالوا: بمكة بيت مال داثر و

كنوزه من لؤلؤ و زبرجد

فأردت أمرا حال ربي دونه و الله يدفع عن خراب المسجد

__________________________________________________

4- كمال الدين و تمام النعمة: 170/ 26.

5- كمال الدين و تمام النعمة: 171/ 27.

6- كمال الدين و تمام النعمة: 169/ 25.

(1) النّطع: بساط من الجلد، يقال: كسا بيت اللّه بالأنطاع. «المعجم الوسيط 2: 930».

(2) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (89) من سورة البقرة.

(3) في هذا البيت إقواء، و كذلك البيت الخامس و السابع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 131

فتركت ما أملته فيه لهم و تركتهم مثلا لأهل المشهد

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قد اخبر أنه سيخرج من هذه- يعني مكة- نبي يكون مهاجرته إلى يثرب، فأخذ قوما من اليمن فأنزلهم مع اليهود لينصروه إذا خرج، و في ذلك يقول:

شهدت على أحمد أنه رسول من الله بارئ النسم فلو مد عمري إلى عمره لكنت وزيرا له و ابن عم و كنت عذابا على المشركين أسقيهم كأس حتف و غم».

10036/ [7]- الطبرسي: روى سهل بن سعد، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، [أنه قال: «لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم».

و روى الطبرسي، ما ذكرناه عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

قلت: و قد تقدم خبر قوم نوح و عاد و ثمود و إخوان لوط و أصحاب الأيكة في سورة هود «2»، و خبر أصحاب الرس في سورة الفرقان «3»، و فرعون في طه و غيرها «4»، فلتؤخذ من هناك.

10037/ [8]- علي بن إبراهيم: الرس: نهر بناحية آذربيجان.

سورة ق(50): آية 15 ..... ص : 131

قوله تعالى:

أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [15]

10038/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد،

قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لقد خلق الله عز و جل في الأرض منذ خلقها سبعة عوالم ليس فيها «5» من

__________________________________________________

7- مجمع البيان 9: 100.

8- تفسير القمّي 2: 323.

1- الخصال: 358/ 45. [.....]

(1) مجمع البيان 9: 101.

(2) تقدّم في تفسير الآيات (36- 49، 50، 53، 61، 69، 83) من سورة هود.

(3) تقدّم في تفسير الآية (38) من سورة الفرقان.

(4) تقدّم في تفسير الآيتين (43- 44) من سورة طه، و تفسير الآيات (10- 63) من سورة الشعراء، و تفسير الآيات (4، 5، 6، 38، 41) من سورة القصص.

(5) في المصدر: ليس هم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 132

ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض، فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه، ثم خلق عز و جل آدم أبا هذا البشر و خلق ذريته منه، لا و الله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها، و لا خلت النار من أرواح الكفار العصاة «1» منذ خلقها عز و جل، لعلكم ترون أنه إذا كان يوم القيامة، و صير [الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة، و صير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار، أن الله تبارك و تعالى لا يعبد في بلاده، و لا يخلق خلقا يعبدونه و يوحدونه [و يعظمونه ، بلى و الله ليخلقن الله خلقا من غير فحولة و لا إناث يعبدونه و يوحدونه و يعظمونه، و يخلق لهم أرضا تحملهم، و سماء تظلهم، أليس الله عز و جل يقول: يَوْمَ

تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ «2»، و قال عز و جل: أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ».

10039/ [2]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قوله عز و جل: أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ.

قال: «يا جابر، تأويل ذلك أن الله عز و جل إذا أفنى هذا الخلق و هذا العالم، و سكن أهل الجنة الجنة و أهل النار النار، جدد الله عالما غير هذا العالم، و جدد خلقا من غير فحولة و لا إناث يعبدونه و يوحدونه، و خلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم، و سماء غير هذه السماء تظلهم، لعلك ترى [أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد، و ترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم، بلى و الله، لقد خلق ألف ألف عالم، و ألف ألف آدم، أنت في آخر تلك العوالم و أولئك الآدميين».

سورة ق(50): آية 16 ..... ص : 132

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [16]

10040/ [1]- شرف الدين النجفي، قال: تأويله جاء في تفسير أهل البيت (عليهم السلام)، و هو ما روي عن محمد ابن جمهور، عن فضالة، عن أبان عن عبد الرحمن، عن ميسر، عن بعض آل محمد (صلوات الله عليهم)، في قوله تعالى:

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ.

__________________________________________________

2- التوحيد: 277/ 2.

1- تأويل الآيات 2: 608/ 1.

(1) في المصدر: و العصاة.

(2) إبراهيم 14: 48.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5،

ص: 133

قال: «هو الأول»، و قال في قوله تعالى: قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَ لكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ «1»، قال: «هو زفر، و هذه الآيات إلى قوله تعالى: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ «2»، فيهما و في أتباعهما، و كانوا أحق بها و أهلها».

10041/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: حَبْلِ الْوَرِيدِ، قال: حبل العنق.

سورة ق(50): الآيات 17 الي 18 ..... ص : 133

قوله تعالى:

إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [17- 18]

10042/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من قلب إلا و له أذنان، على إحداهما ملك مرشد، و على الاخرى شيطان مفتن، هذا يأمره و هذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي، و الملك يزجره عنها، و هو قول الله عز و جل: عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ».

10043/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الفضل بن عثمان المرادي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن إلا هالك يهم العبد بالحسنة فيعملها، فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته، و إن هو عملها كتب الله له عشرا، و يهم بالسيئة أن يعملها، فإن لم يعملها لم يكتب عليه شي ء، و إن هو عملها اجل سبع ساعات، و قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات، و هو

صاحب الشمال: لا تعجل، عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فإن الله عز و جل يقول: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ «3» أو استغفار، فإن [هو] قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب و الشهادة، العزيز الحكيم، الغفور الرحيم، ذا الجلال و الإكرام، و أتوب إليه، لم يكتب عليه شي ء، و إن مضت سبع ساعات و لم يتبعها بحسنة و لا استغفار، قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: أكتب على الشقي المحروم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 324.

2- الكافي 2: 205/ 1.

3- الكافي 2: 313/ 4.

(1) سورة 50: 27.

(2) سورة ق 50: 30. [.....]

(3) هود 11: 114.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 134

10044/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة و ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا يكتب «1» من الدعاء و القراءة إلا ما أسمع نفسه».

10045/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لا يكتب الملك إلا ما سمع، و قال الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً «2» فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله لعظمته».

10046/ [5]- و رواه الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «لا يكتب الملك إلا ما يسمع قال الله عز و جل: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً «3»» قال: «لا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس العبد غير الله تعالى».

10047/ [6]- الحسين بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن

محمد بن حمران، عن زرارة، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما من عبد إلا و معه ملكان يكتبان ما يلفظه، ثم يرفعان ذلك إلى ملكين فوقهما، فيثبتان ما كان من خير و شر، و يلقيان ما سوى ذلك» «4».

10048/ [7]- و عنه: عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال سألته عن موضع الملكين من الإنسان؟ قال: «هاهنا واحد، و هاهنا واحد» يعني عند شدقيه.

10049/ [8]- و عنه: عن حماد، عن حريز، و إبراهيم بن عمرو، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) [قال : «لا يكتب الملكان إلا ما نطق به العبد».

10050/ [9]- و عنه: عن النضر بن سويد، عن حسين بن موسى، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن في الهواء ملكا يقال له إسماعيل على ثلاثمائة ألف ملك، كل واحد منهم على مائة ألف يحصون أعمال العباد، فإذا كان رأس السنة بعث الله إليهم ملكا يقال له السجل فانتسخ ذلك منهم، و هو قول الله تبارك و تعالى:

__________________________________________________

3- الكافي 3: 313/ 6.

4- الكافي 2: 364/ 4.

5- الزهد: 53/ 144.

6- الزهد: 53/ 141.

7- الزهد: 53/ 142.

8- الزهد: 53/ 143.

9- الزهد: 54/ 145.

(1) في «ط» زيادة: الملك.

(2) الأعراف 7: 205.

(3) الأعراف 7: 205.

(4) في «ط، ي»: و له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 135

يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ «1»».

10051/ [10]- و عنه: عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ قال: «هما الملكان».

و سألته عن قول

الله تبارك و تعالى: هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ «2»، قال: «هو الملك الذي يحفظ عليه عمله».

و سألته عن قول الله تبارك و تعالى: قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ «3»، قال: «هو شيطانه».

10052/ [11]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل ابن دراج، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى جعل لآدم في ذريته: من هم بحسنة و لم يعملها، كتبت له حسنة، و من هم بحسنة و عملها، كتب له بها عشر، و من هم بسيئة [و لم يعملها] لم تكتب عليه، و من هم بها و عملها، كتبت عليه سيئة».

10053/ [12]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن المؤمن ليهم بالحسنة و لا يعمل بها، فكتب له حسنة، و إن هو عملها كتبت له عشر حسنات، و إن المؤمن ليهم بالسيئة أن يعملها [فلا يعملها] فلا تكتب عليه».

10054/ [13]- ثم قال محمد بن يعقوب: عنه، علي بن حفص العوسي، عن علي بن سائح، عن عبد الله بن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: سألته عن الملكين، هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله أو الحسنة؟ فقال: «ريح الكثيف و الطيب سواء؟» قلت: لا. قال: «إن العبد إذا هم بالحسنة خرج نفسه طيب الريح، فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال: قم، فإنه قد هم بالحسنة فإذا فعلها كان لسانه قلمه، و ريقه مداده فأثبتها له.

و إذا هم بالسيئة: خرج نفسه منتن الريح، فيقول صاحب

الشمال لصاحب اليمين: قف، فإنه قد هم بالسيئة، فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه، و ريقه مداده، و أثبتها عليه».

10055/ [14]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن العبد إذا أذنب ذنبا أجل من غدوة إلى الليل، فإن استغفر الله لم يكتب عليه».

__________________________________________________

10- الزهد: 54/ 146.

11- الكافي 2: 313/ 1. [.....]

12- الكافي 2: 313/ 2.

13- الكافي 2: 313/ 3.

14- الكافي 2: 317/ 1.

(1) الأنبياء 21: 104.

(2) سورة ق 50: 23.

(3) سورة ق 50: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 136

10056/ [15]- و عنه: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، و أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من عمل سيئة أجل فيها سبع ساعات من النهار، فإن قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ثلاث مرات، لم تكتب عليه».

10057/ [16]- و عنه: عن علي بن إبراهيم و أبي علي الأشعري و محمد بن يحيى، جميعا، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجله الله سبع ساعات فإن استغفر الله، لم يكتب عليه شي ء و إن مضت الساعات و لم يستغفر كتبت عليه سيئة. و إن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر الله فيغفر له، و إن الكافر لينساه من ساعته».

10058/ [17]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد

بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من عمل سيئة أجل سبع ساعات من النهار، فإن قال:

أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه ثلاث مرات، لم تكتب عليه».

10059/ [18]- و عنه: عن أبي علي الأشعري و محمد بن يحيى، جميعا، عن الحسين بن إسحاق و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن علي بن مهزيار، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن حفص، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما من مؤمن يذنب ذنبا إلا أجله الله عز و جل سبع ساعات من النهار، فإن هو تاب لم يكتب عليه شي ء، و إن هو لم يفعل كتب عليه سيئة». فأتاه عباد البصري فقال له: بلغنا أنك قلت: ما من عبد يذنب ذنبا إلا أجله الله عز و جل سبع ساعات من النهار؟ فقال: «ليس هكذا قلت، و لكني قلت: ما من مؤمن، و كذلك كان قولي».

10060/ [19]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله، أو عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن آدم (عليه السلام) قال: رب سلطت علي الشيطان و أجريته مني مجرى الدم، فاجعل لي شيئا. فقال: يا آدم، جعلت لك أن من هم من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيئة، و من هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة، و إن هو عملها كتبت له عشر قال: يا رب زدني [قال: جعلت لك أن من عمل منهم سيئة

ثم استغفر غفرت له، قال: يا رب زدني قال: جعلت لهم التوبة- أو قال بسطت لهم التوبة- حتى تبلغ النفس هذه، قال: يا رب حسبي».

__________________________________________________

15- الكافي 2: 317/ 2.

16- الكافي 2: 317/ 3.

17- الكافي 2: 318/ 5.

18- الكافي 2: 318/ 9.

19- الكافي 2: 319/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 137

10061/ [20]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فنظر إلي بوجه قاطب، فقلت: ما الذي غيرك لي؟

قال: «الذي غيرك لإخوانك، بلغني- يا إسحاق- أنك أقعدت ببابك بوابا يرد عنك فقراء الشيعة». فقلت: جعلت فداك، إني خفت الشهرة.

فقال: «أ فلا خفت البلية، أو ما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أنزل الله عز و جل الرحمة عليهما، فكانت تسعة و تسعين لأشدهما حبا لصاحبه، فإذا توافقا غمرتهما الرحمة، و إذا قعدا يتحدثان قالت الحفظة بعضها لبعض: اعتزلوا بنا، فلعل لهما سرا، و قد ستر [الله عليهما!؟».

فقلت: أليس الله عز و جل يقول: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ؟ فقال: « «يا إسحاق، إن كانت الحفظة لا تسمع، فإن عالم السر يسمع و يرى».

10062/ [21]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن المؤمنين إذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلا وجه الله، و لا يريدان غرضا من أغراض الدنيا، قيل لهما: مغفورا لكما فاستأنفا، فإذا أقبلا على المساءلة، قالت الملائكة بعضها لبعض:

تنحوا عنهما فإن لهما سرا، و قد

ستر [الله عليهما».

قال إسحاق: فقلت: جعلت فداك، فلا يكتب عليهما لفظهما، و قد قال الله عز و جل: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ؟ قال: فتنفس أبو عبد الله (عليه السلام) الصعداء، ثم بكى حتى أخضلت دموعه لحيته و قال:

«يا إسحاق، إن الله تبارك و تعالى إنما أمر الملائكة ان تعتزل عن المؤمنين إذا التقيا إجلالا لهما، و إنه و إن كانت الملائكة لا تكتب لفظهما و لا تعرف كلامهما فإنه يعرفه و يحفظه عليهما عالم السر و أخفى».

10063/ [22]- ابن بابويه في (بشارات الشيعة): عن أبيه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن عباد بن سليمان، عن سدير الصيرفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: دخلت عليه و عنده أبو بصير و ميسرة و عدة من جلسائه، فلما ان أخذت مجلسي أقبل علي بوجهه، و قال: «يا سدير، أما إن ولينا ليعبد الله قائما و قاعدا «1» و نائما و حيا و ميتا».

قال: قلت جعلت فداك، أما عبادته قائما و قاعدا و حيا فقد عرفنا، كيف يعبد الله نائما و ميتا؟

قال: «إن ولينا ليضع رأسه فيرقد، فإذا كان وقت الصلاة وكل به ملكان خلقا في الأرض، لم يصعدا إلى السماء، و لم يريا ملكوتهما، فيصليان عنده حتى ينتبه، فيكتب [الله ثواب صلاتهما له، و الركعة من صلاتهما تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميين.

__________________________________________________

20- الكافي 2: 145/ 14.

21- الكافي 2: 147/ 2.

22- فضائل الشيعة: 65/ 23. [.....]

(1) في «ط، ي»: أو قاعدا أو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 138

و إن ولينا ليقبضه الله إليه، فيصعد ملكاه إلى السماء فيقولان: يا ربنا، عبدك فلان بن فلان، انقطع و استوفى أجله، و

لأنت أعلم منا بذلك، فاذن لنا نعبدك في آفاق سمائك و أطراف أرضك، قال: فيوحي الله إليهما: أن في سمائي لمن يعبدني، و ما لي في عبادته من حاجة بل هو أحوج إليها، و إن في أرضي لمن يعبدني حق عبادتي، و ما خلقت خلقا أحب «1» إلي منه. فيقولان: يا ربنا من هذا الذي يسعد بحبك إياه؟ قال: فيوحي الله إليهما: ذلك من أخذ ميثاقه بمحمد عبدي و وصيه و ذريتهما بالولاية، اهبطا إلى قبر وليي فلان بن فلان، فصليا عنده إلى أن أبعثه في القيامة.

قال: فيهبط الملكان، فيصليان عند القبر إلى أن يبعثه الله، فيكتب ثواب صلاتهما له، و الركعة من صلاتهما تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميين».

قال سدير: جعلت فداك، يا بن رسول الله، فإذن وليكم نائما و ميتا أعبد منه حيا و قائما؟ قال: فقال: «هيهات يا سدير، إن ولينا ليؤمن على الله عز و جل يوم القيامة فيجيز أمانه».

10064/ [23]- الديلمي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله تعالى ليحصي على العبد كل شي ء، حتى أنينه في مرضة».

و الأحاديث في ذلك كثيرة، تركنا ذكرها مخافة الإطالة، و قد ذكرنا من ذلك شيئا كثيرا في كتاب، (معالم الزلفى) «2» من أرادها وقف عليها من هناك.

سورة ق(50): الآيات 19 الي 123 ..... ص : 138

قوله تعالى:

وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ [19] 10065/ [1]- علي بن إبراهيم: قال: نزلت: (و جاءت سكرة الحق بالموت).

و روى الطبرسي مثله، قال: و رواه أصحابنا عن أئمة الهدى (عليهم السلام) «3».

قوله تعالى:

ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ- إلى قوله تعالى- هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ [19- 23]

__________________________________________________

23- إرشاد القلوب: 70.

1- تفسير القمّي 2: 324.

(1) في المصدر: أحوج.

(2) انظر معالم الزلفى: الباب (41) و

ما بعده.

(3) مجمع البيان 9: 216.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 139

10066/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ، قال: نزلت في الأول «1»، و قوله تعالى: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ، يشهد عليها، قال: سائق يسوقها. قوله: وَ قالَ قَرِينُهُ، يعني شيطانه، و هو الثاني «2». هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ.

و قد تقدمت رواية في هذا المعنى في ما تقدم من السورة «3».

10067/ [2]- الطبرسي: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) في معنى القرين: «يعني الملك الشهيد [عليه ».

10068/ [3]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بإسناده عن رجاله، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ. قال: «السائق: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الشهيد: رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

سورة ق(50): آية 24 ..... ص : 139

قوله تعالى:

أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ [24]

10069/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو القاسم الحسيني، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حسان، قال: حدثنا محمد بن مروان، عن عبيد بن يحيى، عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، في قوله تعالى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله تعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد، كنت أنا و أنت يومئذ عن يمين العرش، ثم يقول الله تبارك و تعالى لي و لك. قوما فألقيا في جهنم من أبغضكما و كذبكما، و عاداكما «4» في النار».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي

2: 324.

2- مجمع البيان 9: 220.

3- تأويل الآيات 2: 609/ 2.

4- تفسير القمّي 2: 324.

(1) في المصدر: زريق.

(2) في المصدر: حبتر.

(3) تقدمت في الحديث (1) من تفسير الآية (16) من هذه السورة.

(4) (و عاداكما) ليس في «ج، ي» و المصدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 140

10070/ [2]- و عنه: قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن المغيرة الخزاز، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: إذا سألتم الله فاسألوه الوسيلة، فسألنا النبي (صلى الله عليه و آله) عن الوسيلة. فقال: هي درجتي في الجنة، و هي ألف مرقاة جوهر، إلى مرقاة زبرجد، إلى مرقاة لؤلؤ، إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة، فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين، و هي في درجة النبيين كالقمر بين الكواكب، فلا يبقى يومئذ نبي و لا شهيد و لا صديق إلا قال: طوبى لمن كانت هذه درجته، فينادي المنادي و يسمع النداء جميع النبيين و الصديقين و الشهداء و المؤمنين: هذه درجة محمد (صلى الله عليه و آله).

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فاقبل يومئذ متزرا بريطة «1» من نور، على رأسي تاج الملك، مكتوب عليه:

لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، المفلحون هم الفائزون بالله. فإذا مررنا بالنبيين، قالوا: [هذان ملكان مقربان و إذا مررنا بالملائكة قالوا: هذان ملكان لم نعرفهما و لم نرهما، أو قالوا «2»: هذان نبيان مرسلان حتى أعلو الدرجة و علي يتبعني، حتى إذا صرت في أعلى درجة منها، و علي أسفل مني و بيده لوائي، فلا يبقى يومئذ نبي و لا مؤمن

إلا رفعوا رؤوسهم إلي، يقولون: طوبى لهذين العبدين، ما أكرمهما على الله! فينادي المنادي يسمع النبيين و جميع الخلائق: هذا حبيبي محمد، و هذا وليي علي بن أبي طالب، طوبى لمن أحبه، و ويل لمن أبغضه و كذب عليه.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، فلا يبقى يومئذ في مشهد القيامة أحد يحبك إلا استروح إلى هذا الكلام، و ابيض وجهه، و فرح قلبه، و لا يبقى أحد ممن عاداك و نصب لك حربا أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه، و اضطربت قدماه، فبينا أنا كذلك إذا بملكين قد أقبلا إلي، أما أحدهما فرضوان خازن الجنة، و أما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو إلي رضوان، و يسلم علي، و يقول: السلام عليك يا نبي الله، فأرد عليه السلام، و أقول: من أنت، أيها الملك الطيب الريح، الحسن الوجه، الكريم على ربه؟ فيقول: أنا رضوان خازن الجنة، أمرني ربي أن آتيك بمفاتيح الجنة، فخذها يا رسول الله. فأقول: [قد] قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما أنعم به علي، و فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب. فيدفعها إليه و يرجع رضوان، ثم يدنو مالك خازن النار، فيسلم علي، و يقول:

السلام عليك يا حبيب الله، فأقول له: و عليك السلام أيها الملك، ما أنكر رؤيتك، و أقبح وجهك! من أنت؟ فيقول:

أنا مالك خازن النار، أمرني ربي أن آتيك بمفاتيح النار، فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما أنعم به علي، و فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب فيدفعها إليه.

ثم يرجع مالك، فيقبل علي و معه مفاتيح الجنة و مقاليد النار، حتى يقف

«3» على عجزة «4» جهنم، و يأخذ

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 324.

(1) الرّيطة: كلّ ثوب لين رقيق. «لسان العرب 7: 307».

(2) في المصدر: قال.

(3) في: «ط، ج، ي» يقعد.

(4) العجزة: مؤخّرة الشي ء، و في المصدر: شفير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 141

زمامها بيده، و قد علا زفيرها، و اشتد حرها «1»، فتنادي جهنم: يا علي جزني فقد أطفأ نورك لهبي. فيقول لها علي [قري يا جهنم ذري هذا وليي و خذي هذا عدوي. فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فإن شاء يذهب به يمنة و إن شاء يذهب به يسرة، و لجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق، و ذلك أن عليا يومئذ قسيم الجنة و النار».

10071/ [3]- الشيخ في (أماليه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في قوله عز و جل أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ، قال: «نزلت في و في علي بن أبي طالب، و ذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي و شفعك يا علي، و كساني و كساك يا علي، ثم قال لي و لك: ألقيا في جهنم كل من أبغضكما و أدخلا الجنة كل من أحبكما، فإن ذلك هو المؤمن».

10072/ [4]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كثيرا ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنة و النار، و أنا الفاروق الأكبر، و أنا صاحب العصا و الميسم».

و عنه: عن الحسين بن محمد الأشعري،

عن معلى بن محمد، عن محمد بن الجمهور العمي، عن محمد بن سنان، قال: حدثنا المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ثم ذكر الحديث.

10073/ [5]- و عنه: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي، قال: حدثنا سعيد الأعرج، قال: دخلت أنا و سليمان بن خالد على أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر الحديث إلى أن قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا قسيم الله بين الجنة و النار، و أنا الفاروق الأكبر، و أنا صاحب العصا و الميسم».

10074/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا أبو العباس القطان، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبد الله بن داهر، قال: حدثنا أبي، عن محمد ابن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): لم صار أمير المؤمنين (عليه السلام) قسيم الجنة و النار؟ قال: «لأن حبه إيمان، و بغضه كفر، و أنما خلقت الجنة لأهل الايمان، و النار لأهل الكفر، فهو (عليه السلام) قسيم الجنة و النار لهذه العلة، فالجنة لا يدخلها إلا أهل محبته، و النار لا يدخلها إلا أهل بغضه».

قال المفضل، فقلت: يا بن رسول الله، فالأنبياء و الأوصياء (عليهم السلام)، كانوا يحبونه، و أعداؤهم كانوا

__________________________________________________

3- الأمالي 1: 378.

4- الكافي 1: 152/ 1.

5- الكافي 1: 153/ 2.

6- علل الشرائع: 161/ 1.

(1) في المصدر زيادة: و كثر شررها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 142

يبغضونه؟ قال: «نعم».

قلت: فكيف ذلك؟ قال: «أما علمت أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال

يوم خبير لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله، ما يرجع حتى يفتح الله على يديه؟ فدفع الراية إلى علي (عليه السلام)، ففتح الله عز و جل على يديه». قلت: بلى. قال: «أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أتي بالطائر المشوي قال (صلى الله عليه و آله): اللهم ائتني بأحب خلقك إليك و إلي، يأكل معي من هذا الطائر و عنى به عليا (عليه السلام). قلت، بلى. قال: «فهل يجوز أن لا يحب أنبياء الله و رسله و أوصياؤهم (عليهم السلام) رجلا يحبه الله و رسوله، و يحب الله و رسوله؟ فقلت له: لا. قال:

«فهل يجوز أن يكون المؤمنون من أممهم لا يحبون حبيب الله و رسوله و أنبيائه (عليهم السلام) قلت: لا. قال: «فقد ثبت أن جميع أنبياء الله و رسله و جميع المؤمنين كانوا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) محبين، و ثبت أن أعدائهم و المخالفين لهم كانوا لهم و لجميع أهل محبتهم مبغضين؟». قلت: نعم. قال: «فلا يدخل الجنة إلا من أحبه من الأولين و الآخرين، و لا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين و الآخرين، فهو إذن قسيم الجنة و النار».

قال المفضل بن عمر: فقلت له: يا بن رسول الله، فرجت عني فرج الله عنك، فزدني مما علمك الله. قال:

«سل يا مفضل».

فقلت له: يا بن رسول الله، فعلي بن أبي طالب (عليه السلام) يدخل محبه الجنة، و مبغضه النار، أو رضوان و مالك؟ فقال: «يا مفضل، أما علمت أن الله تبارك و تعالى بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو روح إلى الأنبياء (عليهم السلام)

و هم أرواح قبل خلق الخلق بألفي عام»؟ قلت: بلى. قال: «أما علمت أنه دعاهم إلى توحيد الله و طاعته، و اتباع أمره، و وعدهم الجنة على ذلك، و أوعد من خالف ما أجابوا إليه و أنكره النار؟». قلت: بلى. قال:

«أ فليس النبي (صلى الله عليه و آله) ضامنا لما وعد و أوعد عن ربه عز و جل؟». قلت: بلى. قال: «أو ليس علي بن أبي طالب (عليه السلام) خليفته و إمام أمته؟». قلت: بلى. قال: «أو ليس رضوان و مالك من جملة الملائكة و المستغفرين لشيعته الناجين بمحبته؟». قلت: بلى. قال: «فعلي بن أبي طالب (عليه السلام) إذن قسيم الجنة و النار، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رضوان و مالك صادران عن أمره بأمر الله تبارك و تعالى، يا مفضل خذ هذا فإنه من مخزون العلم و مكنونه، و لا تخرجه إلا إلى أهله».

10075/ [7]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال حدثنا الحسن بن عرفة بسر من رأى، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا محمد بن إسرائيل، قال: حدثنا أبو صالح، عن أبي ذر (رحمه الله)، قال: كنت أنا و جعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة، فأهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم، فلما قدمنا المدينة أهداها لعلي (عليه السلام) تخدمه، فجعلها علي (عليه السلام) في منزل فاطمة (عليها السلام)، فدخلت فاطمة (عليها السلام) يوما فنظرت إلى رأس علي (عليه السلام) في حجر الجارية، فقالت: «يا أبا الحسن، فعلتها؟». فقال: «لا و الله،- يا بنت محمد- ما فعلت شيئا فما الذي تريدين؟». قالت: «تأذن لي في المصير إلى منزل أبي رسول

الله (صلى الله عليه و آله)؟».

__________________________________________________

7- علل الشرائع: 163/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 143

فقال لها: «قد أذنت لك». فتجلببت بجلبابها «1»، و تبرقعت ببرقعها، و أرادت النبي (صلى الله عليه و آله) فهبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، و يقول لك: إن هذه فاطمة، قد أقبلت إليك تشكو عليا، فلا تقبل منها في علي شيئا. فدخلت فاطمة، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «جئت تشكين عليا؟». قالت: «إي و رب الكعبة». فقال [لها]: «ارجعي إليه، فقولي له: رغم أنفي لرضاك».

فرجعت إلى علي (عليه السلام): فقالت له: «يا أبا الحسن، رغم أنفي لرضاك». تقولها ثلاثا، فقال [لها] علي (عليه السلام): «شكوتني إلى خليلي و حبيبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) وا سوأتاه من رسول الله (صلى الله عليه و آله) اشهد الله- يا فاطمة- أن الجارية حرة لوجه الله، و أن الأربعمائة درهم التي فضلت من عطائي صدقة على فقراء المدينة» ثم تلبس و انتعل، و أراد النبي (صلى الله عليه و آله) فهبط جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، و يقول لك: قل لعلي: قد أعطيتك الجنة بعتقك الجارية في رضا فاطمة و النار بالأربعمائة درهم التي تصدقت بها، فأدخل الجنة من شئت برحمتي، و أخرج من النار من شئت بعفوي، فعندها قال علي (عليه السلام) أنا قسيم الله بين الجنة و النار».

10076/ [8]- الشيخ في (أماليه): عن أبي محمد الفحام، قال: حدثني عمي، قال: حدثني إسحاق بن عبدوس، قال: حدثني محمد بن بهار بن عمار، قال: حدثنا زكريا بن يحيى، عن جابر، عن إسحاق بن عبد الله بن

الحارث، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: «أتيت النبي (صلى الله عليه و آله)، و عنده أبو بكر و عمر، فجلست بينه و بين عائشة، فقالت لي عائشة، ما وجدت إلا فخذي أو فخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: مه يا عائشة لا تؤذيني في علي، فإنه أخي في الدنيا و أخي في الآخرة، و هو أمير المؤمنين، يجلسه «2» الله يوم القيامة على الصراط، فيدخل أولياءه الجنة و أعداءه النار».

10077/ [9]- و عنه: قال أبو محمد الفحام، و في هذا المعنى، حدثني أبو الطيب محمد بن الفرحان الدوري، قال: حدثنا محمد بن علي بن فرات الدهان، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يقول الله تبارك و تعالى يوم القيامة لي و لعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما و أدخلا النار من أبغضكما، و ذلك قوله تعالى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ».

10078/ [10]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا إبراهيم بن حفص ابن عمر العسكري بالمصيصة، قال: حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب، قال: حدثني

__________________________________________________

8- الأمالي 1: 296.

9- الأمالي 1: 296.

10- الأمالي 2: 241. [.....]

(1) في «ط، ج، ي» فتجللت بجلالها.

(2) في المصدر: يجعله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 144

الحسن بن سعيد النخعي ابن عم شريك، قال: حدثني شريك بن عبد الله القاضي، قال: حضرت الأعمش في علته التي قبض فيها، فبينا أنا عنده، إذ دخل عليه ابن شبرمة و ابن أبي ليلى و أبو حنيفة، فسألوه

عن حاله، فذكر ضعفا شديدا، و ذكر ما يتخوف من خطيئاته، و أدركته رنة فبكى، و أقبل عليه أبو حنيفة، فقال: يا أبا محمد، اتق الله، و انظر لنفسك، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا، و أول يوم من أيام الآخرة، و قد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث، لو رجعت عنها كان خيرا لك.

قال الأعمش: مثل ماذا، يا نعمان؟ قال: مثل حديث عباية: «أنا قسيم النار». قال: أ و لمثلي تقول يا يهودي! أقعدوني، أسندوني، أقعدوني، حدثني- و الذي إليه مصيري- موسى بن طريف، و لم أر أسديا كان خيرا منه، قال:

سمعت عباية بن ربعي إمام الحي، قال: سمعت عليا أمير المؤمنين (عليه السلام)، يقول: «أنا قسيم النار، أقول: هذا وليي دعيه، و هذا عدوي خذيه».

و

حدثني أبو المتوكل الناجي في إمرة الحجاج، و كان يشتم عليا شتما مقذعا- يعني الحجاج لعنه الله- عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إذا كان يوم القيامة، يأمر الله عز و جل فأقعد أنا و علي على الصراط، و يقال لنا: أدخلا الجنة من آمن بي و أحبكما، و أدخلا النار من كفر بي و أبغضكما». قال أبو سعيد: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ما آمن بالله من لم يؤمن بي، و لم [يؤمن بي من لم يتول- أو قال لم يحب- عليا» و تلا: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ».

قال: فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه، و قال: قوموا بنا لا يجيبنا أبو محمد بأطم من هذا. قال الحسن بن سعيد: قال لي شريك بن عبد الله: فما أمسى- يعني الأعمش-

حتى فارق الدنيا.

10079/ [11]- علي بن بابويه القمي أبو عبد الله «1»، في (الأحاديث الأربعين): عن أربعين شيخا، عن أربعين صحابيا، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن أبي طالب هموشة الفرزادي المقري، قال: حدثنا أبو الحسين يحيى بن الحسن بن إسماعيل الحسني الحافظ إملاء، أخبرنا أبو نصر أحمد بن مروان بن عبد الوهاب المقري المعروف بالخباز بقراءتي عليه، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطبري المقرئ العدل قراءة عليه و أنا أسمع، حدثنا القاضي أبو الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني، حدثنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، حدثنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي، قال: كنا عند الأعمش في المرض الذي مات فيه، فدخل عليه أبو حنيفة و ابن أبي ليلى، فالتفت أبو حنيفة، و كان أكبرهم، و قال: له: يا أبا محمد، اتق الله فإنك في أول يوم من أيام الآخرة، و آخر يوم من أيام الدنيا، و قد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث، لو أمسكت عنها لكان خيرا لك.

قال: فقال الأعمش: أ لمثلي يقال هذا! أسندوني أسندوني، حدثني أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد

__________________________________________________

11- أربعين منتجب الدين: 51/ 23.

(1) في «ج»: أبو عبيد اللّه، و هو الشيخ منتجب الدين علي بن عبيد اللّه بن الحسن و الحسين بن الحسن بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، صاحب كتاب «الفهرست) و المتوفّى بعد سنة 585 ه. انظر الثقات العيون: 196.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 145

الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إذا كان

يوم القيامة قال الله عز و جل لي و لعلي بن أبي طالب: أدخلا النار من أبغضكما، و أدخلا الجنة من أحبكما، و ذلك قوله تعالى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». قال: فقام أبو حنيفة، و قال: قوموا: لا يأتي بما هو أطم من هذا. قال: فو الله ما جزنا بابه حتى مات الأعمش (رحمة الله عليه).

10080/ [12]- صاحب (الأربعين حديثا عن الأربعين) و هو الحديث الرابع عشر، قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن أحمد بن الحسن الخطيب الدينوري بقراءتي عليه، حدثني أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الزيات بسامرة في جمادى الآخرة سنة اثنتين و تسعين، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن السرور الهاشمي الحلبي، حدثنا علي بن عادل القطان بنصيبين، حدثنا محمد بن تميم الواسطي، حدثنا الحماني، عن شريك، قال: كنت عند سليمان الأعمش في مرضته التي قبض فيها، إذ دخل عليه ابن أبي ليلى و ابن شبرمة و أبو حنيفة، فأقبل أبو حنيفة على سليمان الأعمش، فقال: يا سليمان، اتق الله وحده لا شريك له، و اعلم أنك في أول يوم من أيام الآخرة، و آخر يوم من أيام الدنيا، و قد كنت تروي في علي بن أبي طالب أحاديث، لو أمسكت عنها لكان أفضل.

فقال سليمان الأعمش: لمثلي يقال هذا؟ أقعدوني و أسندوني، ثم أقبل على أبي حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة، حدثني أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إذا كان يوم القيامة، يقول الله عز و جل لي و لعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما، و النار من أبغضكما، و هو قول الله عز و جل:

أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». قال أبو حنيفة: قوموا بنا لا يأتي بشي ء هو أعظم من هذا.

قال الفضل: سألت الحسين بن علي (عليهما السلام)، فقلت: من الكفار؟ فقال: «الكافر بجدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)». و من العنيد؟ قال: «الجاحد حق علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

10081/ [13]- محمد بن العباس (رحمه الله): عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله ابن حماد، عن شريك، قال: بعث [إلينا] الأعمش و هو شديد المرض، فأتيناه و قد اجتمع عنده أهل الكوفة، و فيهم أبو حنيفة و ابن قيس الماصر، فقال: لابنه: [يا بني أجلسني. فأجلسه، فقال: يا أهل الكوفة، إن أبا حنيفة و ابن قيس الماصر أتياني فقالا: إنك قد حدثت في علي بن أبي طالب أحاديث، فارجع عنها، فإن التوبة مقبولة ما دامت الروح في البدن، فقلت لهما: مثلكما يقول لمثلي هذا! أشهدكم- يا أهل الكوفة- فإني في آخر يوم من أيام الدنيا، و أول يوم من أيام الآخرة، أني سمعت عطاء بن أبي رياح يقول: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قول الله عز و جل: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنا و علي نلقي في جهنم كل من عادانا». فقال أبو حنيفة لابن قيس: قم بنا لا يجي ء ما هو أعظم من هذا. فقاما و انصرفا.

10082/ [14]- السيد الرضي في كتاب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة) عن القاضي الأمين أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد الحلابي المغازي، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن

__________________________________________________

12- أربعين

الخزاعي: 14/ 14.

13- تأويل الآيات 2: 610/ 6.

14- .... الفضائل لابن شاذان: 129.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 146

الدياس، عن علي بن محمد بن مخلد، عن جعفر بن حفص، عن سواد بن محمد، عن عبد الله بن نجيح، عن محمد ابن مسلم البطائحي، عن محمد بن يحيى الأنصاري، عن عمه حارثة، عن زيد بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، قال: دخلت يوما على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقلت: يا رسول الله، أرني الحق حتى أتبعه؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «يا بن مسعود، لج إلى المخدع» فولجت، فرأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) راكعا و ساجدا، و هو يقول: عقيب صلاته: «اللهم بحرمة محمد عبدك و رسولك، اغفر للخاطئين من شيعتي». قال ابن مسعود: فخرجت لأخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك، فوجدته راكعا و ساجدا، و هو يقول: «اللهم بحرمة عبدك علي اغفر للعاصين من أمتي».

قال ابن مسعود: فأخذني الهلع حتى غشي علي، فرفع النبي (صلى الله عليه و آله) رأسه، و قال: «يا بن مسعود، أ كفرا بعد إيمان؟» فقلت: معاذ الله، و لكني رأيت عليا (عليه السلام) يسأل الله تعالى بك، و أنت تسئل الله تعالى به.

فقال: «يا بن مسعود، إن الله تعالى خلقني و عليا و الحسن و الحسين من نور عظمته قبل الخلق بألفي عام، حين لا تسبيح و لا تقديس، و فتق نوري فخلق منه السماوات و الأرض، و أنا أفضل من السماوات و الأرض، و فتق نور علي فخلق منه العرش و الكرسي، و علي أجل من العرش و الكرسي، و فتق نور الحسن فخلق منه اللوح و القلم، و الحسن أجل

من اللوح و القلم، و فتق نور الحسين فخلق منه الجنان و الحور العين، و الحسين أفضل منهما، فأظلمت المشارق و المغارب، فشكت الملائكة إلى الله عز و جل الظلمة، و قالت: اللهم بحق هؤلاء الأشباح الذين خلقت إلا ما فرجت عنا هذه الظلمة فخلق الله عز و جل روحا و قربها بأخرى، فخلق منهما نورا، ثم أضاف النور إلى الروح، فخلق منها الزهراء (عليها السلام)، فمن ذلك سميت الزهراء، فأضاء منها المشرق و المغرب.

يا بن مسعود، إذا كان يوم القيامة يقول الله عز و جل لي و لعلي. أدخلا النار من شئتما، و ذلك قوله تعالى:

أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». فالكفار من جحد نبوتي، و العنيد من عائد عليا و أهل بيته و شيعته».

10083/ [15]- شرف الدين النجفي، قال: ذكر الشيخ في (أماليه) «1» بإسناده، عن رجاله، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في قوله عز و جل: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ». قال: نزلت في و في علي بن أبي طالب، و ذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي و شفعك يا علي، و كساني و كساك يا علي، ثم قال لي و لك: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ من أبغضكما، و أدخلا الجنة من أحبكما، فإن ذلك هو المؤمن».

10084/ [16]- ثم قال شرف الدين: و يؤيده ما روي بحذف الإسناد، عن محمد بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز و جل: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ فقال: «إذا كان يوم القيامة وقف محمد و علي (صلوات الله عليهما) على الصراط،

فلا يجوز عليه إلا من معه براءة».

قلت: و ما براءته؟ قال: «ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) و الأئمة من ولده (عليهم السلام)، و ينادي مناد،

__________________________________________________

15- تأويل الآيات 2: 609/ 4.

16- تأويل الآيات 2: 609/ 5.

(1) الأمالي 1: 378.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 147

يا محمد، يا علي: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ بنبوتك عَنِيدٍ، لعلي بن أبي طالب و الأئمة من ولده»

10085/ [17]- أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن شاذان في (المناقب المائة لعلي بن أبي طالب و الأئمة من ولده (عليهم السلام)، قال: الثالث و العشرون: عن الباقر، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و سئل عن قوله تعالى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ قال: يا علي إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد، كنت أنا و أنت يومئذ عن يمين العرش، فيقول الله تعالى، يا محمد، و يا علي، قوما و ألقيا من أبغضكما و خالفكما و كذبكما في النار».

سورة ق(50): الآيات 25 الي 29 ..... ص : 147

قوله تعالى:

مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ- إلى قوله تعالى- ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ [25- 29] 10086/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ، قال: المناع: الثاني، و الخير: ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و حقوق آل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لما كتب الأول كتاب فدك بردها على فاطمة (عليها السلام)، منعه الثاني، فهو: مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، قال: هو ما قالوا: نحن كافرون بمن جعل لكم الإمامة و الخمس.

قال: و أما قوله: قالَ قَرِينُهُ، أي شيطانه، و هو الثاني رَبَّنا ما

أَطْغَيْتُهُ، يعني الأول وَ لكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ، فيقول الله لهما: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، أي ما فعلتم لا يبدل حسنات، ما وعدته لا اخلفه.

قوله تعالى:

وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [29]

10087/ [2]- ابن بابويه: بإسناده، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن الله عز و جل، هل يجبر عباده على المعاصي؟ فقال: «بل يخيرهم و يمهلهم حتى يتوبوا».

__________________________________________________

17- مائة منقبة: 47/ 23.

1- تفسير القمّي 2: 326.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 124/ 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 148

قلت: فهل يكلف عباده ما لا يطيقون؟ فقال: «و كيف يفعل ذلك و هو يقول: وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «1»». ثم قال (عليه السلام): «حدثني أبى موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: من زعم أن الله تعالى يجبر عباده على المعاصي أو يكلفهم ما لا يطيقون، فلا تأكلوا ذبيحته، و لا تقبلوا شهادته، و لا تصلوا وراءه، و لا تعطوه من الزكاة شيئا».

سورة ق(50): آية 30 ..... ص : 148

قوله تعالى:

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [30] 10088/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: هو استفهام، لأن الله وعد النار أن يملأها، فتمتلئ النار فيقول لها: هل امتلأت»؟ و تقول: هل من مزيد؟ على حد الاستفهام، أي ليس في مزيد، قال: فتقول الجنة: يا رب وعدت النار أن تملأها، و وعدتني أن تملأني، فبم تملأني و قد ملأت النار؟ قال: فيخلق الله يومئذ خلقا يملأ بهم الجنة.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «طوبى لهم [إنهم لم يروا هموم الدنيا و غمومها».

سورة ق(50): آية 31 ..... ص : 148

قوله تعالى:

وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ [31] 10089/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ أي زينت غَيْرَ بَعِيدٍ: قال بسرعة.

سورة ق(50): الآيات 35 الي 37 ..... ص : 148

قوله تعالى:

لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها- إلى قوله تعالى- أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ [35- 37] 10090/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ، قال: النظر إلى وجه الله

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 326. [.....]

2- تفسير القمّي 2: 327.

3- تفسير القمّي 2: 327.

(1) فصلت 41: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 149

يعني إلى نعمة الله، و هو رد على من يقول بالرؤية.

و قد تقدمت روايتان في ذلك- في قوله: وَ لَدَيْنا مَزِيدٌ- و في قوله: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ، من سورة الم السجدة، فليؤخذ من هناك «1».

10091/ [2]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ، أي مروا. قال: قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ، أي ذكر «2» أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ: أي سمع و أطاع.

10092/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه عن هشام بن الحكم، قال: قال [لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال فيه: «يا هشام، إن الله تعالى يقول في كتابه: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ، يعني عقل».

10093/ [4]- ابن بابويه: بإسناده، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال في خطبة: «و أنا ذو القلب، يقول الله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ». و قد ذكرنا سند هذا الحديث في آخر سورة

العنكبوت «3».

10094/ [5]- ابن شهر آشوب: من تفسير ابن وكيع و السدي و عطاء، أنه قال ابن عباس: اهدي إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ناقتان عظيمتان سمينتان، فقال للصحابة: «هل فيكم أحد يصلي ركعتين بقيامهما و ركوعهما و سجودهما و وضوئهما و خشوعهما، لا يهم معهما «4» من أمر الدنيا بشي ء، و لا يحدث نفسه بذكر «5» الدنيا، أهديه إحدى هاتين الناقتين؟». فقالها مرة و مرتين و ثلاثة، لم يجبه أحد من الصحابة.

فقام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: «أنا- يا رسول الله- اصلي ركعتين اكبر تكبيرة الاولى و إلى ان اسلم منهما، لا أحدث نفسي بشي ء من أمر الدنيا». فقال: «يا علي، صل صلى الله عليك». فكبر أمير المؤمنين، و دخل في الصلاة، فلما فرغ من الركعتين، هبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، و يقول لك أعطه إحدى الناقتين. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني شارطته أن يصلي ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشي ء من أمر الدنيا، أعطه إحدى الناقتين إن صلاهما، و إنه جلس في التشهد فتفكر في نفسه أيهما

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 327.

3- الكافي 1: 12/ 12.

4- معاني الأخبار: 59/ 9.

5- المناقب 2: 20.

(1) تقدمتا في تفسير الآيتين (16، 17) من سورة السجدة.

(2) في المصدر: أي ذاكر.

(3) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (49- 69) من سورة العنكبوت.

(4) في المصدر: لا يهتم فيهما.

(5) في «ج» و المصدر: قلبه بفكر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 150

يأخذ!».

فقال جبرئيل: يا محمد إن الله يقرئك السلام، و يقول لك: تفكر أيهما يأخذها، أسمنها و أعظمها، فينحرها و يتصدق

بها لوجه الله، فكان تفكره لله عز و جل، لا لنفسه و لا للدنيا. فبكى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أعطاه كلتيهما، فأنزل الله فيه: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لعظة لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ عقل أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ، يعني استمع أمير المؤمنين باذنيه إلى ما تلاه بلسانه من كلام الله: وَ هُوَ شَهِيدٌ، يعني و أمير المؤمنين حاضر «1» القلب لله في صلاته، لا يتفكر فيها بشي ء من أمر الدنيا.

سورة ق(50): آية 38 ..... ص : 150

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ [38]

10095/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو جعفر عمارة السكري السرياني، قال: حدثنا إبراهيم بن عاصم بقزوين، قال: حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبيد الله «2» مولى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: حدثني أبي عبد الله بن يزيد، قال: حدثني يزيد بن سلام، أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ذكر الحديث و قال فيه: أخبرني عن أول يوم خلق الله عز و جل؟ قال: «يوم الأحد» قال: و لم سمي يوم الأحد؟ قال: «لأنه واحد محدود».

قال: فالاثنين؟ قال: « [هو] اليوم الثاني من الدنيا». قال: و الثلاثاء؟ قال: «الثالث من الدنيا». قال: فالأربعاء؟ قال:

«اليوم الرابع من الدنيا». قال: فالخميس؟ قال: «هو اليوم الخامس من الدنيا، و هو يوم أنيس، لعن فيه إبليس، و رفع فيه إدريس، قال: فالجمعة؟ قال: «هو يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ «3»، و هو

شاهد و مشهود»، قال: فالسبت؟ قال: «يوم مسبوت، و ذلك قوله عز و جل في القرآن: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، [فمن الأحد إلى يوم الجمعة ستة أيام و السبت معطل». قال: صدقت يا رسول الله.

و قد تقدم حديث في ذلك، في قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، من سورة يونس «4».

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 47/ 33.

(1) في المصدر: شاهد. [.....]

(2) في المصدر: عبد اللّه.

(3) هود 11: 103.

(4) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (3) من سورة يونس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 151

سورة ق(50): آية 40 ..... ص : 151

قوله تعالى:

وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ [40]

10096/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: وَ أَدْبارَ السُّجُودِ، قال: «ركعتان بعد المغرب».

10097/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ، قال: «أربع ركعات بعد المغرب».

سورة ق(50): الآيات 41 الي 45 ..... ص : 151

قوله تعالى:

وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ- إلى قوله تعالى- فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [41- 45]

10098/ [3]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز و جل: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ «1»». قال: «ذلك و الله في الرجعة، أما علمت أن أنبياء الله تبارك و تعالى كثير لم ينصروا في الدنيا و قتلوا، و أئمة [قد] قتلوا و لم ينصروا، فذلك في الرجعة».

قلت: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ؟

قال: «هي الرجعة».

10099/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قال: ينادي المنادي باسم القائم و اسم أبيه (عليهما السلام)، قوله تعالى: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ، قال: صيحة القائم من

__________________________________________________

1- الكافي 3: 444/ 11.

2- تفسير القمّي 2: 327.

3- مختصر بصائر الدرجات: 18.

4- تفسير القمّي 2: 327.

(1) غافر 40: 51.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 152

السماء،

ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ.

10100/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ قال: «هي الرجعة».

10101/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً، قال: في الرجعة، قوله تعالى: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ، قال: ذكر- يا محمد- بما وعدناه من العذاب «1».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 327.

4- تفسير القمّي 2: 327.

(1) في نسخة من «ط، ج، ي» من النار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 153

المستدرك (سورة ق) ..... ص : 53

سورة ق(50): الآيات 33 الي 34 ..... ص : 153

قوله تعالى:

مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ- إلى قوله تعالى- يَوْمُ الْخُلُودِ [33- 34]

[1]- الطبرسي في (مكارم الأخلاق): جاء في وصية النبي (صلى الله عليه و آله): «يا ابن مسعود، اخش الله بالغيب كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، و يقول الله تعالى: مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ.

سورة ق(50): آية 39 ..... ص : 153

قوله تعالى:

فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ [39]

[2]- الطبرسي في (مجمع البيان) قال: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن قوله: وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، فقال: «تقول حين تصبح و حين تمسي عشر مرات: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، و هو على كل شي ء قدير».

__________________________________________________

1- مكارم الأخلاق: 457.

2- مجمع البيان 9: 225.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 155

سورة الذاريات ..... ص : 155

فضلها ..... ص : 155

10102/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الذاريات في يومه، أو في ليلته، أصلح الله له معيشته، و أتاه برزق واسع، و نور له في قبره بسراج يزهر إلى يوم القيامة».

10103/ [2]-- و من خواص القرآن: روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله تعالى بعدد كل ريح هبت و جرت في الدنيا عشر حسنات».

10104/ [3]- و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله): «من كتبها في إناء و شربها زال عنه وجع الجوف، و إن علقت على الحامل وضعت ولدها».

10105/ [4]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها في إناء و شربها زال عنه وجع البطن، و إن علقت على الحامل المتعسرة ولدت سريعا».

10106/ [5]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها عند مريض يساق «1» سهل الله عليه جدا، و إذا كتبت و علقت على امرأة مطلقة وضعت في عاجل بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 115. [.....]

2- ....

3- ....

4- ....

5- خواص القرآن 9: «مخطوط».

(1) ساق

المريض نفسه عند الموت سوقا و سياقا، و سيق على المجهول: شرع في نزوع الروح. «أقرب الموارد 2: 558».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 156

سورة الذاريات(51): الآيات 1 الي 6 ..... ص : 156

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ [1- 6]

10107/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً، فقال: «إن ابن الكواء سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الذاريات ذروا، فقال:

هي الريح، و عن الحاملات وقرا، فقال: هي السحاب، و عن الجاريات يسرا فقال: هي السفن، و عن المقسمات أمرا، فقال: الملائكة». و هو قسم كله و خبر إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ يعني المجازاة و المكافأة.

10108/ [2]- الشيخ في (التهذيب) مرسلا، قال: قال الصادق (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:

فَالْمُقَسِّماتِ أَمْјǙ˘̠قال: «الملائكة تقسم أرزاق بني آدم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن نام فيما بينهما نام عن رزقه».

10109/ [3]- الطبرسي، قال: قال أبو جعفر و أبو عبد الله (عليها السلام): «لا يجوز لأحد أن يقسم إلا بالله تعالى، و الله تعالى يقسم بما يشاء من خلقه».

10110/ [4]- شرف الدين النجفي، قال: روي بإسناد، متصل إلى أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن الحسين بن سيف بن عميرة، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ، في علي، هكذا أنزلت».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 327.

2- التهذيب 2: 139/ 541.

3- مجمع البيان 9: 23.

4- تأويل الآيات 2: 614/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 157

10111/ [5]- علي بن إبراهيم، قال:

حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ، يعني في علي (عليه السلام): وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ يعني عليا، و علي هو الدين».

سورة الذاريات(51): الآيات 7 الي 9 ..... ص : 157

قوله تعالى:

وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ [7- 9]

10112/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قلت له: أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ، فقال: «هي محبوكة إلى الأرض» و شبك بين أصابعه.

قلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض، و الله يقول: رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها «1»، فقال:

«سبحان الله، أ ليس الله يقول: بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها؟ قلت: بلى. فقال: «ثم عمد و لكن لا ترونها».

قلت: كيف ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: فبسط كفه اليسرى، ثم وضع اليمنى عليها، فقال: هذه أرض الدنيا، و السماء الدنيا عليها فوقها قبة، و الأرض الثانية فوق السماء الدنيا، و السماء الثانية فوقها قبة، و الأرض الثالثة فوق السماء الثانية، و السماء الثالثة فوقها قبة، و الأرض الرابعة فوق السماء الثالثة، و السماء الرابعة فوقها قبة، و الأرض الخامسة فوق السماء الرابعة، و السماء الخامسة فوقها قبة، و الأرض السادسة فوق السماء الخامسة، و السماء السادسة فوقها قبة، و الأرض السابعة فوق السماء السادسة، و السماء السابعة فوقها قبة، و عرش الرحمن تبارك و تعالى فوق السماء السابعة، و هو قوله عز و جل: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ «2»،

فأما صاحب الأمر فهو رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الوصي بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) قائم على وجه الأرض، فإنما يتنزل [الأمر] إليه من فوق السماء من بين السماوات و الأرضين.

قلت: فما تحتنا إلا أرض واحدة؟ فقال: «ما تحتنا إلا أرض واحدة، و إن الست لهن فوقنا».

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 329.

1- تفسير القمّي 2: 328.

(1) الرعد 13: 2.

(2) الطلاق 65: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 158

10113/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ في أمر الولاية يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ قال: «من أفك عن الولاية أفك عن الجنة».

10114/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر، عن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «و أما قوله تعالى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ، [فإنه علي، يعني إنه لمختلف عليه، و قد] اختلفت هذه الامة، فمن استقام على ولاية علي (عليه السلام)، دخل الجنة، و من خالف ولاية علي ادخل النار، و أما قوله تعالى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ- قال- يعني عليا، من أفك عن ولايته أفك عن الجنة، فذلك قوله تعالى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ.

10115/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قال: السماء: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي (عليه السلام) ذات الحبك و قوله تعالى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ، يعني مختلف في علي (عليه السلام)،

اختلفت هذه الامة في ولايته، فمن استقام على ولاية علي (عليه السلام) دخل الجنة، و من خالف ولاية علي (عليه السلام)، ادخل النار، قوله تعالى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ، فإنه يعني عليا (عليه السلام)، من أفك عن ولايته أفك عن الجنة.

سورة الذاريات(51): الآيات 10 الي 14 ..... ص : 158

قوله تعالى:

قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ- إلى قوله تعالى- هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ [10- 14] 10116/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ: الذين يخرصون «1»، بآرائهم من غير علم و لا يقين، الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ، أي في ضلال، و الساهي: الذي لا يذكر الله، و قوله تعالى:

يَسْئَلُونَ، يا محمد: أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ، أي متى يكون يوم الحساب «2»، قال الله: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ، أي يعذبون ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ، أي عذابكم: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ.

__________________________________________________

2- الكافي 1: 349/ 48. [.....]

3- بصائر الدرجات: 59/ 5.

4- تفسير القمّي 2: 329.

1- تفسير القمّي 2: 329.

(1) في المصدر زيادة: الدين.

(2) في المصدر: متى يكون المجازاة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 159

10117/ [1]- سعد بن عبد الله: عن أبي عبد الله أحمد بن محمد السياري، عن أحمد بن عبد الله بن قبيصة المهلبي، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في باب «1» الكرات، في قول الله عز و جل: عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ، قال: «يكسرون في الكرة كما يكسر الذهب، حتى يرجع كل شي ء إلى شبهه»، يعني إلى حقيقته.

سورة الذاريات(51): الآيات 15 الي 23 ..... ص : 159

قوله تعالى:

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ- إلى قوله تعالى- وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ [15- 21] 10118/ [2]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر المتقين، فقال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إلى قوله تعالى: ما يَهْجَعُونَ، أي ما ينامون.

10119/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) «2» يقول: «إن العبد يوقظ ثلاث مرات من

الليل، فإن لم يقم أتاه الشيطان فبال في أذنه».

قال: و سألته عن قول الله عز و جل: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ، قال: «كانوا أقل الليالي تفوتهم لا يقومون فيها».

10120/ [4]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن محمد بن علي بن محبوب، عن الحسن بن علي، عن العباس بن عامر، عن جابر، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ، قال:

«كان القوم ينامون، و لكن كلما انقلب أحدهم، قال: الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر».

10121/ [5]- و عنه: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن معاوية بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ: «في الوتر في آخر الليل سبعين مرة».

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 28.

2- تفسير القمّي 2: 330.

3- الكافي 3: 446/ 18.

4- التهذيب 2: 335/ 1384.

5- التهذيب 2: 130/ 498.

(1) في المصدر: كتاب.

(2) في المصدر: أبا عبد اللّه (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 160

10122/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، و قال: «كانوا يستغفرون [الله في آخر الوتر في آخر الليل سبعين مرة».

10123/ [6]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن ابن فضال، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ، قال: «المحروم: المحارف «1» الذي حرم كد يده في الشراء و البيع».

و

في رواية أخرى:

عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، أنهما قالا: «المحروم: الرجل الذي ليس بعقله بأس، و لم يبسط له في الرزق، و هو محارف».

10124/ [7]- علي بن إبراهيم: السائل: الذي يسأل، و المحروم: الذي قد منع كده.

قال: قوله تعالى: وَ فِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ، قال: في كل شي ء خلقه [الله آية، و قال الشاعر:

و في كل شي ء له آية تدل على أنه واحد

و قوله تعالى: وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ قال: خلقك سميعا بصيرا، تغضب مرة، و ترضى مرة، و تجوع مرة، و تشبع مرة، و ذلك كله من آيات الله.

10125/ [8]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم، عن أحمد بن محسن الميثمي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) في حديث يتضمن الاستدلال على الصانع، قال له ابن أبي العوجاء- في حديث، بعد ما ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) الدليل على الصانع- فقلت: ما منعه إن كان الأمر كما تقولون «2» أن يظهر لخلقه، و يدعوهم إلى عبادته، حتى لا يختلف منهم اثنان، و لم احتجب عنهم و أرسل إليهم الرسل، و لو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان [به .

فقال لي: «ويلك، و كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك نشوءك و لم تكن، و كبرك بعد صغرك، و قوتك بعد ضعفك، و ضعفك بعد قوتك، و سقمك بعد صحتك، و صحتك بعد سقمك، و رضاك بعد غضبك، و غضبك، بعد رضاك، و حزنك بعد فرحك، و فرحك بعد حزنك، و حبك بعد بغضك و بغضك

بعد حبك، و عزمك بعد أناتك، و أناتك بعد عزمك، و شهوتك بعد كراهيتك، و كراهيتك «3» بعد شهوتك، و رغبتك بعد رهبتك،

__________________________________________________

5- علل الشرائع: 364/ 1.

6- الكافي 3: 500/ 12. [.....]

7- تفسير القمّي 2: 33.

8- الكافي 1: 59/ 2.

(1) و هو الكاسب الكادّ على عياله.

(2) في المصدر: يقولون.

(3) في المصدر: كراهتك و كراهتك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 161

و رهبتك بعد رغبتك، و رجاءك بعد يأسك، و يأسك بعد رجائك، و خاطرك بما لم يكن في وهمك، و غروب ما أنت معتقده عن ذهنك». و ما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها، حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني و بينه.

قوله تعالى:

وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ [21- 23] 10126/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ، قال: المطر ينزل من السماء، فيخرج به أقوات العالم من الأرض، و ما توعدون من أخبار القيامة و الرجعة و الأخبار التي في السماء، ثم أقسم عز و جل بنفسه. فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ يعني ما وعدتكم.

10127/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: إذا فرغ أحدكم من الصلاة، فليرفع يديه إلى السماء، و لينصب في الدعاء». فقال ابن سبأ: يا أمير المؤمنين، أليس الله في كل مكان؟ قال: بلى. قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟ فقال: رزقكم أما

تقرأ: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه؟ و موضع الرزق و ما وعد الله السماء».

10128/ [3]- محمد بن العباس (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن الحسن بن الحسين، عن سفيان بن إبراهيم، عن عمرو بن هاشم، عن إسحاق بن عبد الله، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ، قال: «قوله تعالى: إِنَّهُ لَحَقٌّ، [هو] قيام القائم (عليه السلام)، و فيه نزلت: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً «1»».

سورة الذاريات(51): الآيات 24 الي 47 ..... ص : 161

قوله تعالى:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 33.

2- التهذيب 2: 322/ 1315.

3- تأويل الآيات 2: 615/ 4.

(1) النور 24: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 162

هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَ بَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ تَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ- إلى قوله تعالى- وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ [24- 47]

10129/ [1]-

ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، قال: قلت:

لأبي جعفر (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتعوذ من البخل؟ فقال: «نعم- يا أبا محمد- في كل صباح و مساء، و نحن نتعوذ بالله من البخل، إن الله يقول: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1»، و سأخبرك عن عاقبة البخل، إن قوم لوط كانوا أهل قرية أشحاء على الطعام، فأعقبهم البخل داء لا دواء له في فروجهم».

فقلت: و ما أعقبهم؟ فقال: «إن قرية قوم لوط كانت على طريق السيارة إلى الشام و مصر، فكانت السيارة تنزل بهم فيضيفونهم، فلما كثر عليهم ضاقوا بذلك ذرعا بخلا و لؤما، فدعاهم البخل إلى أن كانوا إذا نزل بهم الضيف فضحوه من غير شهوة بهم إلى ذلك، و إنما كانوا يفعلون ذلك بالضيف حتى ينكل النازل عنهم، فشاع أمرهم في القرية، و حذرهم النازلة، فأورثهم البخل داء «2» لا يستطيعون رفعه عن أنفسهم من غير شهوة لهم إلى ذلك، حتى

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 548/ 4.

(1) الحشر 59: 9.

(2) في المصدر: بلاء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 163

صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد، و يعطونهم عليه الجعل». ثم قال: «فأي داء أدوى من البخل، و لا أضر عاقبة، و لا أفحش عند الله عز و جل؟».

قال أبو بصير: فقلت له: جعلت فداك، فهل كان أهل قرية لوط كلهم هكذا [يعملون ؟ فقال: «نعم، إلا بيت من المسلمين، أما تسمع لقوله تعالى: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».

ثم قال ابو جعفر (عليه السلام): «إن لوطا لبث في قومه ثلاثين سنة، يدعوهم إلى الله عز و جل، و يحذرهم عذابه، و كانوا لا يتنظفون من الغائط و لا يتطهرون من الجنابة، و كان لوط ابن خالة إبراهيم، و كانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط، و كان لوط و إبراهيم نبيين مرسلين منذرين، و كان لوط رجلا سخيا كريما، يقري الضيف إذا نزل به و يحذرهم قومه، فلما رأى قوم لوط ذلك منه، قالوا له: أولم ننهك عن العالمين؟ لا تقر ضيفا ينزل بك، إن فعلت فضحنا ضيفك الذي ينزل بك و أخزيناك. فكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه، و ذلك أنه لم يكن للوط عشيرة».

قال: «و لم يزل لوط و إبراهيم يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط، فكانت لإبراهيم و للوط منزلة من الله عز و جل شريفة، و إن الله عز و جل كان إذا أراد عذاب قوم لوط، أدركته مودة إبراهيم و خلته و محبة لوط، فيراقبهم و يؤخر عذابهم».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فلما اشتد أسف الله على قوم لوط، و قدر عذابهم و قضى أن يعوض إبراهيم (عليه السلام) من عذاب قوم لوط بغلام عليم، فيسلي به مصابه بهلاك قوم لوط، فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم، و خاف أن يكونوا سراقا، فلما رأته الرسل فزعا مذعورا، قالوا:

سلاما. قال: سلام إنا منكم وجلون. قالوا: لا توجل إنا رسل ربك نبشرك بغلام عليم». قال أبو جعفر (عليه السلام):

«و الغلام هو إسماعيل بن هاجر، فقال إبراهيم للرسل: أ بشرتموني على أن مسني الكبر

فبم تبشرون؟ قالوا: بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين، فقال إبراهيم: فما خطبكم بعد البشارة؟ قالوا: إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين، قوم لوط، إنهم كانوا قوما فاسقين، لننذرهم عذاب رب العالمين». قال أبو جعفر (عليه السلام): «فقال إبراهيم (عليه السلام) للرسل: إن فيها لوطا! قالوا: نحن أعلم بمن فيها، لننجينه و أهله أجمعين، إلا امرأته قدرنا أنها لمن الغابرين».

قال: «فلما جاء آل لوط المرسلون، قال: إنكم قوم منكرون! قالوا: بل جئناك بما كانوا فيه قومك من عذاب الله يمترون، و أتيناك بالحق لتنذر قومك العذاب، و إنا لصادقون، فأسر بأهلك يا لوط إذا مضى لك من يومك هذا سبعة أيام و لياليها، بقطع من الليل، إذا مضى نصف الليل، و لا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك، انه مصيبها ما أصابهم، و امضوا من تلك الليلة حيث تؤمرون». قال أبو جعفر (عليه السلام): «فقضوا ذلك الأمر إلى لوط أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فلما كان اليوم الثامن من طلوع الفجر، قدم الله عز و جل رسلا إلى إبراهيم، يبشرونه بإسحاق و يعزونه بهلاك قوم لوط، و ذلك قوله تعالى: وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 164

سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ

، يعني ذكيا «1» مشويا نضيجا فَلَمَّا رَأى إبراهيم أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ فضحكت يعني تعجبت من قولهم: قالَتْ يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عَجِيبٌ قالُوا أَ تَعْجَبِينَ مِنْ

أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ «2»».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «فلما جاءت إبراهيم البشارة بإسحاق و ذهب عنه الروع، أقبل يناجي ربه في قوم لوط، و يسأله كشف البلاء عنهم، فقال الله عز و جل: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ بعد طلوع الشمس من يوم محتوم غَيْرُ مَرْدُودٍ «3»».

10130/ [2]- و عنه: بهذا الإسناد، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سأل جبرئيل: كيف كان مهلك قوم لوط؟ فقال: إن قوم لوط كانوا أهل قرية لا يتنظفون من الغائط، و لا يتطهرون عن الجنابة، بخلاء أشحاء على الطعام، و إن لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة، و إنما كان نازلا عليهم، و لم يكن منهم، و لا عشيرة له منهم و لا قوم، و إنه دعاهم إلى الله عز و جل و إلى الايمان [به و أتباعه، و نهاهم عن الفواحش، و حثهم على طاعة الله، فلم يجيبوه، و لم يطيعوه، و إن الله عز و جل لما أراد عذابهم بعث إليهم رسلا منذرين عذرا و نذرا، فلما عتوا عن أمره بعث، إليهم ملائكة، ليخرجوا من كان في قريتهم من المؤمنين، فما وجدوا فيها غير بيت من المسلمين، فأخرجوهم منها، و قالوا للوط: أسر بأهلك من هذه القرية بقطع من الليل، و لا يلتفت منكم أحد، و امضوا حيث تؤمرون.

فلما انتصف الليل سار ببناته، و تولت امرأته مدبرة، فانقطعت إلى قومها تسعى بلوط، و تخبرهم أن لوطا قد سار ببناته. و

إني قد نوديت من تلقاء العرش لما طلع الفجر: يا جبرئيل، حق القول من الله بحتم عذاب قوم لوط، فاهبط إلى قرية قوم لوط و ما حوت، فاقلعها من تحت سبع أرضين، ثم اعرج بها إلى السماء فأوقفها حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها، و دع منها آية بينة من منزل لوط عبرة للسيارة، فهبطت على أهل القرية الظالمين، فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقيها، و ضربت بجناحي الأيسر على ما حوى عليه غربيها، فاقتلعتها- يا محمد- من تحت سبع أرضين إلا منزل لوط آية للسيارة، ثم عرجت بها في خوافي «4» جناحي حتى أوقفتها حيث يسمع أهل السماء زقاء «5» ديوكها، و نباح كلابها، فلما طلعت الشمس نوديت من تلقاء العرش: يا جبرئيل، اقلب القرية على

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 550/ 5.

(1) في النسخ: زكيا. [.....]

(2) هود 11: 69- 73.

(3) هود 11: 76.

(4) الخوافي: هي الريش الصغار التي في جناح الطائر. «لسان العرب 14: 236».

(5) زقا الدّيك و الطائر يزقو و يزقي زقوا و زقاء: صاح «لسان العرب 14: 357».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 165

القوم، فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها أعلاها، و أمطر الله عليهم حجارة من سجيل مسومة عند ربك، و ما هي- يا محمد- من الظالمين من أمتك ببعيد».

قال: «فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، و أين كانت قريتهم من البلاد؟ فقال جبرئيل: كان موضع قريتهم في موضع بحيرة طبرية اليوم، و هي في نواحي الشام، قال: فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أ رايتك حين قلبتها، في أي موضع من الأرضين وقعت القرية و أهلها؟ فقال: يا محمد، وقعت فيما بين بحر الشام

إلى مصر، فصارت تلولا في البحر».

10131/ [3]- و عنه: قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي بصير، و غيره، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن الملائكة لما جاءت في هلاك قوم لوط قالوا: إنا مهلكو أهل هذه القرية. قالت سارة، و عجبت من قلتهم و كثرة أهل القرية، فقالت: و من يطيق قوم لوط؟ فبشروها بإسحاق و من وراء إسحاق يعقوب، فصكت وجهها، و قالت: عجوز عقيم، و هي يومئذ ابنة تسعين سنة، و إبراهيم يومئذ ابن عشرين و مائة سنة، فجادل إبراهيم عنهم، و قال: إن فيها لوطا! قال جبرئيل: نحن أعلم بمن فيها. فزاد «1» إبراهيم، فقال جبرئيل: يا إبراهيم، أعرض عن هذا، إنه قد جاء أمر ربك، و إنهم آتيهم عذاب غير مردود».

قال: «و إن جبرئيل لما أتى لوطا في هلاك قومه، فدخلوا عليه، و جاءه قومه يهرعون إليه، قام فوضع يده على الباب، ثم ناشدهم، فقال: اتقوا الله و لا تخزوني في ضيفي. قالوا: أ و لم ننهك عن العالمين؟ ثم عرض عليهم بناته نكاحا، قالوا: ما لنا في بناتك من حق، و إنك لتعلم ما نريد، قال: فما منكم رجل رشيد! قال: فأبوا، فقال: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد، قال: و جبرئيل ينظر إليهم، فقال: لو يعلم أي قوة له. ثم دعاه فأتاه، ففتحوا الباب و دخلوا، فأشار إليهم جبرئيل بيده فرجعوا عميانا، يلتمسون الجدار بأيديهم، يعاهدون الله لئن أصبحنا لا نستبقي أحدا من آل لوط».

قال: «لما قال جبرئيل: إنا رسل ربك. قال له

لوط: يا جبرئيل عجل. قال: نعم قال: يا جبرئيل عجل. قال: إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب؟ ثم قال جبرئيل: يا لوط، اخرج منها أنت و ولدك حتى تبلغ موضع كذا و كذا.

قال: يا جبرئيل إن حمري ضعاف، قال: ارتحل فاخرج منها. فارتحل حتى إذا كان السحر نزل إليها جبرئيل فأدخل جناحه تحتها حتى إذا استعلت قلبها عليهم، و رمى جدران المدينة بحجارة من سجيل، و سمعت امرأة لوط الهدة فهلكت منها».

10132/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن علي بن معبد، عن عبد الله الدهقان، عن درست، عن عطية أخي أبي المغرا، قال:

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 551/ 6.

4- علل الشرائع: 552/ 7.

(1) كذا، و الظاهر أنّها تصحيف فرادّه، و رادّه في القول: راجعه إياه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 166

ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام)، المنكوح من الرجال؟ قال: «ليس يبتلي الله عز و جل بهذا البلاء أحدا و له فيه حاجة، إن في أدبارهم أرحاما منكوسة و حياء، أدبارهم كحياء المرأة، و قد شرك فيهم ابن لإبليس يقال له زوال، فمن شرك فيه من الرجال كان منكوحا، و من شرك فيه من النساء كانت عقيما من المولود، و العامل بها من الرجال إذا بلغ أربعين سنة لم يتركه، و هم بقية سدوم، أما إني لست أعني بقيتهم أنهم ولده، و لكن من طينتهم».

قلت: سدوم التي قلبت عليهم؟ قال: «هي أربع مدائن: سدوم، و صديم، ولدنا، و عسيرا» قال: «فأتاهم جبرئيل (عليه السلام) و هن مقلوبات إلى تخوم الأرضين السابعة، فوضع جناحه تحت السفلى منهن، و رفعهن جميعا

حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح كلابهم ثم قلبها».

10133/ [5]- محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان، عن سالم الحناط، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله عز و جل: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فقال: أبو جعفر (عليه السلام): «آل محمد، لم يبق فيها غيرهم».

10134/ [6]- سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد و غيره، عمن حدثه، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لم ينزل من السماء شي ء أقل و لا أعز من ثلاثة أشياء: أما أولها فالتسليم، و الثانية البر، و الثالثة اليقين، إن الله عز و جل يقول في كتابه:

فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».

و قد تقدمت روايات كثيرة في معنى هذه الآيات في سورة هود، من أرادها وقف عليها من هناك «1».

10135/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ، [أي في جماعة.

10136/ [8]- الطبرسي: عن الصادق (عليه السلام): «فِي صَرَّةٍ: في جماعة».

10137/ [9]- و قال علي بن إبراهيم: فَصَكَّتْ وَجْهَها أي غطته لما بشرها جبرئيل بإسحاق (عليه السلام) وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، و هي التي لا تلد، و قوله تعالى: وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ، و هي التي لا تلقح الشجر و لا تنبت النبات، و قوله تعالى: وَ فِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ، قال: الحين هنا ثلاثة أيام، و قوله تعالى: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ، قال: بقوة.

10138/ [10]- ابن بابويه، قال:

حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، قال: حدثنا محمد بن أبي

__________________________________________________

5- الكافي 1: 352/ 67.

6- مختصر بصائر الدرجات: 93.

7- تفسير القمّي 2: 330.

8- مجمع البيان 9: 238.

9- تفسير القمّي 2: 330.

10- التوحيد: 153/ 1.

(1) تقدّمت الروايات في تفسير الآية (69) من سورة هود. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 167

عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثنا بكر، عن أبي عبد الله البرقي، عن عبد الله بن بحر، عن أبي أيوب الخزار عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، فقلت: قوله عز و جل: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ «1»، قال: «اليد في كلام العرب القوة و النعمة، قال: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ «2»، و قال: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ، أي بقوة، و قال: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «3»، أي قواهم، و يقال: لفلان عندي أياد كثيرة، أي فواضل و إحسان، و له عندي يد بيضاء، أي نعمة».

سورة الذاريات(51): آية 49..... ص : 167

قوله تعالى:

وَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [49]

10139/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثني الحسين بن الحسن، قال:

حدثنا عبد الله بن داهر، قال: حدثني الحسين بن يحيى الكوفي، قال: حدثني قثم بن قتادة، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب على منبر الكوفة، إذ قام رجل يقال له ذعلب، ذرب اللسان، بليغ في الخطاب، شجاع القلب، فقال: يا

أمير المؤمنين، هل رأيت ربك؟ فقال: ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره.

قال: يا أمير المؤمنين كيف رأيته؟ فقال: ويلك يا ذعلب، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، ويلك يا ذعلب إن ربي لطيف اللطافة، فلا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء «4» لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كل شي ء فلا يقال: شي ء قبله، و بعد كل شي ء فلا يقال: شي ء بعده، شاء «5» الأشياء لا بهمة، دراك لا بخديعة، هو في الأشياء كلها غير متمازج بها، و لا بائن عنها، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، بائن لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسيم «6» موجود لا بعد عدم، فاعل لا باضطراب، مقدر لا بحركة، مريد لا بهمة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة لا تحويه الأماكن، و لا تصحبه الأوقات، و لا تحده الصفات، و لا تأخذه السنات، سبق الأوقات كونه، و العدم وجوده، و الابتداء أزله، بتشعيره

__________________________________________________

1- التوحيد: 308/ 2.

(1) سورة ص 38: 75.

(2) سورة ص: 38: 17.

(3) المجادلة 58: 22.

(4) في «ط»: الكبراء.

(5) في المصدر زيادة: شائي.

(6) في «ط، ي» و المصدر: بتجسم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 168

المشاعر عرف أن لا مشعر له، و بتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له، و بمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له، و بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، و الجسو «1» بالبلل، و الصرد بالحرور، و مؤلف بين متعادياتها، مفرق بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرقها، و بتأليفها على مؤلفها، و ذلك قوله عز و جل: وَ مِنْ كُلِّ

شَيْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، ففرق بها بين قبل و بعد، ليعلم أن لا قبل له و لا بعد، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم ان لا حجاب بينه و بين خلقه غير خلقه، كان ربا إذ لا مربوب، و إلها إذ لا مألوه، و عالما إذ لا معلوم، و سميعا إذ لا مسموع.

ثم أنشأ يقول:

و لم يزل سيدي بالعلم «2» معروفا و لم يزل سيدي بالجود موصوفا

و كان إذ ليس نور يستضاء به و لا ظلام على الآفاق «3» معكوفا

فربنا بخلاف الخلق كلهم و كل ما كان في الأوهام موصوفا

فمن يرده على التشبيه ممتثلا يرجع أخا حصر بالعجز مكتوفا

و في المعارج يلقى موج قدرته موجا يعارض طرف الروح مكفوفا

فاترك أخا جدل في الدين منعمقا قد باشر الشك فيه الرأي مؤوفا «4»

و اصحب أخا ثقة حبا لسيده و بالكرامات من مولاه محفوفا

أمسى دليل الهدى في الأرض منتشرا و في السماء جميل الحال معروفا

قال: فخر ذعلب مغشيا عليه، ثم أفاق، و قال: ما سمعت بهذا الكلام، و لا أعود إلى شي ء من ذلك».

10140/ [2]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الطبري (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن مروك بن عبيد الكوفي، عن محمد بن زيد الطبري، قال:

سمعت الرضا (عليه السلام) يتكلم في توحيد الله، فقال: «أول عبادة الله معرفته، و أصل معرفة الله- جل اسمه- توحيده، و نظام توحيده نفي التحديد عنه، لشهادة

العقول أن كل محدود مخلوق، و شهادة كل مخلوق، أن له خالقا ليس بمخلوق، و الممتنع الحدث هو القديم في الأزل، فليس عبد الله من نعت ذاته، و لا إياه و حد من اكتنهه، و لا حقيقته أصاب من مثله، و لا به صدق من نهاه، و لا صمد صمده «5» من أشار إليه بشي ء من الحواس، و لا إياه عنى

__________________________________________________

2- الأمالي 1: 22.

(1) الجسو: اليبس و الصّلابة.

(2) في المصدر: بالحمد.

(3) في النسخ: الأوقات.

(4) المؤوف: الذي أصابته آفة فأفسدته.

(5) أي قصده و اعتمده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 169

من شبهه، و لا له عرف من بعضه، و لا إياه أراد من توهمه، كل معروف بنفسه مصنوع، و كل قائم في «1» سواه معلول، بصنع الله يستدل عليه، و بالعقول تعتقد معرفته، و بالفطرة تثبت حجته «2».

خلق الله تعالى الخلق حجابا بينه و بينهم، و مباينته إياهم مفارقته إنيتهم، و ابتداؤه لهم دليل «3» على أن لا ابتداء له، لعجز كل مبتدأ منهم عن ابتداء مثله، فأسماؤه تعالى تعبير، و أفعاله سبحانه تفهيم، قد جهل الله من حده، و قد تعداه من اشتمله، و قد أخطأه من اكتنهه، و من قال: كيف هو، فقد شبهه، و من قال فيه: لم فقد علله، و من قال:

متى، فقد وقته، و من قال: فيم، فقد ضمنه، و من قال: إلام، فقد نهاه، و من قال: حتام فقد غياه، و من غياه فقد جزأه، و من جزأه فقد ألحد فيه، لا يتغير الله تعالى بتغاير المخلوق، و لا يتحدد بتحديد المحدود، واحد لا بتأويل عدد، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، باطن لا بمزايلة، مباين لا بمسافة، قريب

لا بمداناة، لطيف لا بتجسيم، موجود لا عن عدم، فاعل لا باضطراب، مقدر لا بفكرة، مدبر لا بحركة، مريد لا بعزيمة، شاء لا بهمة، مدرك لا بحاسة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تصحبه الأوقات، و لا تضمنه الأماكن، و لا تأخذه السنات، لا تحده الصفات، و لا تقيده الأدوات، سبق الأوقات كونه، و العدم وجوده، و الابتداء أزله.

بخلقه الأشياء «4» علم أن لا شبه له، و بمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له، و بمقارنته بين الأمور عرف أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، و الشر بالخير «5»، مؤلف بين متعادياتها «6»، مفرق بين متدانياتها، بتفريقها دل على مفرقها، و بتأليفها على مؤلفها، قال الله تعالى: وَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.

له معنى الربوبية إذ لا مربوب، و حقيقته الالهية إذ لا مألوه، و معنى العالم و لا معلوم، ليس منذ خلق استحق معنى الخالق، و لا من حيث أحدث استفاد معنى المحدث، لا تغييه منذ، و لا تدنيه قد، و لا يحجبه لعل، و لا يوقته متى، و لا يشتمله حين، و لا يقارنه مع، كل ما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه، و كل ما أمكن فيه، ممتنع من صانعه، لا تجري عليه الحركة و السكون، كيف يجري عليه ما هو أجراه؟ أو يعود فيه ما هو ابتدأه؟ إذن لتفاوتت دلالته، و لامتنع من الأزل معناه، و لما كان للبارئ معنى غير المبرئ، لوحد له وراء لحد له أمام، و لو التمس له التمام للزمه النقصان، كيف يستحق الأزل من لا يمتنع عن الحدث؟ و كيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الإنشاء «7»؟ لو

تعلقت به المعاني لقامت فيه آية المصنوع، و لتحول عن كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه، ليس في

__________________________________________________

(1) في «ط، ي»: من. [.....]

(2) في المصدر: محبّته.

(3) في المصدر: دليلهم.

(4) في المصدر: الأشباه.

(5) في المصدر: و الصّرّ بالحرّ.

(6) في المصدر: متعاقباتها.

(7) في «ج»: الأشياء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 170

محال «1» القول حجة، و لا في المسألة عنه جواب، لا إله إلا الله العلي العظيم».

سورة الذاريات(51): الآيات 50 الي 55 ..... ص : 170

قوله تعالى:

فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [50- 55]

10141/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ، قال: «حجوا إلى الله عز و جل».

10142/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ، قال: «حجوا إلى الله».

10143/ [3]- و عنه في (الفقيه): بإسناده، عن زيد بن علي، عن أبيه (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ: «يعني حجوا إلى بيت الله، يا بني إن الكعبة بيت الله، فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، و المساجد بيوت الله، فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله و قصد إليه».

10144/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ، قال: حجوا، و قوله تعالى: كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَ تَواصَوْا بِهِ، يعني قريشا بأسمائهم حتى قالوا لرسول الله: ساحر أو مجنون. و قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ، يا محمد: فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ، قال: هم الله جل ذكره بهلاك أهل الأرض، فأنزل الله على رسوله: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ، يا محمد فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ. ثم بدا لله في ذلك فأنزل عليه: وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ، و هذا رد على من أنكر «2» البداء و المشيئة.

10145/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسن بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، أنهما قالا: «إن الناس لما كذبوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، هم

__________________________________________________

1- الكافي 4: 256/ 21.

2- معاني الأخبار: 222/ 1.

3- من لا يحضره الفقيه 1: 127/ 603.

4- تفسير القمّي 2: 330.

5- الكافي 8: 103/ 78.

(1) في «ط، ي» و المصدر: مجال.

(2) في المصدر زيادة: أنّ للّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 171

الله تبارك و تعالى بهلاك أهل الأرض إلا عليا فما سواه، بقوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ، ثم بدا له فرحم المؤمنين، ثم قال: «لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ».

10146/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن علي الفقيه (رضي الله عنه) عنه، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن علي بن صدقة القمي، قال: حدثني أبو عمرو محمد بن عمرو بن عبد العزيز الأنصاري الكنجي «1»، قال: حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي يقول: قدم سليمان المروزي متكلم خراسان على المأمون- و ذكر الحديث مع الإمام الرضا

(عليه السلام)، و سليمان المروزي- إلى أن قال الرضا (عليه السلام): «رويت عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: [إن لله عز و جل علمين، علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البداء، و علما علمه ملائكته و رسله، فالعلماء من أهل بيت نبيك «2» يعلمونه».

قال سليمان: أحب أن تنزعه لي من كتاب الله تعالى، قال: قول الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ، أراد هلاكهم ثم بدا لله تعالى فقال: وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ».

سورة الذاريات(51): الآيات 56 الي 60 ..... ص : 171

قوله تعالى:

وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ- إلى قوله تعالى- مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ [56- 60]

10147/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد الشيباني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، قال: «خلقهم ليأمرهم بالعبادة».

قال: و سألته عن قوله عز و جل: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ «3»، قال:

«خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون [به رحمته فيرحمهم».

10148/ [2]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار،

__________________________________________________

6- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 181/ 1. [.....]

1- علل الشرائع: 13/ 10.

2- علل الشرائع: 13/ 11.

(1) في المصدر: الكجي.

(2) في المصدر: نبيّنا.

(3) هود 11: 118، 119.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 172

عن أحمد بن أبي عبد الله

البرقي، عن عبد الله بن أحمد النهيكي، عن علي بن الحسن الطاطري، قال: حدثنا درست بن أبي منصور، عن جميل بن دراج، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، ما معنى قول الله عز و جل: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ؟ فقال: «خلقهم للعبادة».

10149/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، قال: «خلقهم للعبادة».

قلت: خاصة أم عامة؟ قال: «لا، بل عامة».

10150/ [4]- و عنه، قال: حدثنا الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن زيادة بن عبد الله بن الحسن ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان، عن محمد بن أبي عمير، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الشقي من شقي في بطن أمة، و السعيد من سعد في بطن أمه؟». فقال: «الشقي من علم الله و هو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء، و السعيد من علم الله و هو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء».

قلت [له : فما معنى قوله (صلى الله عليه و آله): «اعملوا فكل ميسر لما خلق له». فقال: إن الله عز و جل خلق الجن و

الإنس ليعبدوه، و لم يخلقهم ليعصوه، و ذلك قوله عز و جل: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، فيسر، كلا لما خلق له، فالويل لمن استحب العمى على الهدى».

10151/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، و حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسبن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله عز و جل لما أخرج ذرية آدم (عليه السلام) من ظهره، ليأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية، و بالنبوة لكل نبي، كان أول من أخذ عليهم الميثاق بنبوة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال الله جل جلاله لآدم (عليه السلام): انظر ماذا ترى؟ قال: فنظر آدم إلى ذريته و هم ذر قد ملأوا السماء، فقال آدم، يا رب، ما أكثر ذريتي، و لأمر ما خلقتهم، فما تريد بأخذك الميثاق عليهم؟ قال الله عز و جل:

يعبدونني، و لا يشركون بي شيئا، و يؤمنون برسلي و يتبعونهم.

قال آدم [يا رب فما لي أرى بعض الذر أعظم من بعض، و بعضهم له نور كثير، و بعضهم له نور قليل، و بعضهم ليس له نور؟ قال الله عز و جل: كذلك خلقتهم لأبلوهم في كل حالاتهم.

__________________________________________________

3- علل الشرائع: 14/ 12.

4- التوحيد: 356/ 3.

5- علل الشرائع: 10/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 173

قال: آدم يا رب أ فتأذن لي في الكلام فأتكلم؟ قال الله

عز و جل: تكلم، فإن روحك من روحي، و طبيعتك من خلاف كينونتي.

قال آدم: يا رب، لو كنت خلقتهم على مثال واحد، و قدر واحد، و طبيعة واحدة و جبلة واحدة، [و ألوان واحدة] و أعمار واحدة، و أرزاق سواء، لم يبغ بعضهم على بعض، و لم يكن بينهم تحاسد و لا تباغض، و لا اختلاف في شي ء من الأشياء. قال الله جل جلاله: يا آدم بروحي نطقت و بضعف طبعك تكلفت ما لا علم لك [به ، و أنا الخالق العليم، بعلمي خالفت بين خلقهم، و بمشيئتي يمضي فيهم أمري، و إلى تدبيري و تقديري هم صائرون، لا تبديل لخلقي، و إنما خلقت الجن و الإنس ليعبدوني، و خلقت الجنة لمن عبدني و أطاعني منهم و اتبع رسلي، و لا أبالي، و خلقت النار لمن كفر بي و عصاني، و لم يتبع رسلي، و لا أبالي، و خلقتك و خلقت ذريتك من غير فاقة إليك و إليهم، و إنما خلقتك و خلقتهم لأبلوك و أبلوهم أيكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم و قبل مماتكم، و كذلك خلقت الدنيا و الآخرة، و الحياة و الموت، و الطاعة و المعصية، و الجنة و النار، و كذلك أردت في تقديري و تدبيري، و بعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم و أجسادهم و ألوانهم و أعمارهم و أرزاقهم و طاعتهم و معصيتهم، فجعلت منهم السعيد و الشقي، و البصير و الأعمى، و القصير و الطويل، و الجميل و الدميم، و العالم و الجاهل، و الغني و الفقير، و المطيع و العاصي، و الصحيح و السقيم، و من به الزمانة «1» و من لا عاهة به، فينظر

الصحيح الى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته، و ينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني و يسألني أن أعافيه، و يصبر على بلائي، فأثيبه جزيل عطائي، و ينظر الغني إلى الفقير فيحمدني و يشكرني، و ينظر الفقير إلى الغني فيدعوني و يسألني و ينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على هدايته، فكذلك «2» خلقتهم لأبلوهم في السراء و الضراء، و فيما عافيتهم، و فيما ابتليتهم، و فيما أعطيتهم، و فيما منعتهم، و أنا الله الملك القادر، و لي أن امضي جميع ما قدرت على ما دبرت، و لي أن أغير من ذلك ما شئت «3» فأقدم من ذلك ما أخرت، و أؤخر ما قدمت، و أنا الله الفعال لما أريد، لا أسأل عما أفعل، و أنا أسأل خلقي عما هم فاعلون».

و رواه محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) «4» يقول، و ذكر الحديث «5».

10152/ [6]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، قال: خلقتهم

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 331.

(1) أي العاهة. «لسان العرب 13: 199».

(2) في المصدر: ما هديته فلذلك.

(3) في المصدر زيادة: إلى ما شئت.

(4) في «ط، ي»: أبا عبد اللّه (عليه السّلام).

(5) الكافي 2: 7/ 2. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 174

للأمر و النهي و التكليف، و ليست خلقة جبر أن يعبدوه، و لكن خلقه اختيار ليختبرهم بالأمر و النهي، و من يطيع الله و من يعصي.

قال: و

في حديث آخر، قال: هي منسوخة بقوله تعالى: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ

«1»

، و قوله تعالى:

ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ، و إني لم أخلقهم لحاجة بي إليهم، قوله تعالى: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ، العذاب، ثم قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ.

__________________________________________________

(1) هود 11: 118.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 175

سورة الطور ..... ص : 175

فضلها ..... ص : 175

10153/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله و أبي جعفر (عليهما السلام)، قالا: «من قرأ سورة الطور، جمع الله له خير الدنيا و الآخرة».

10154/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «من قرأ هذه السورة كان حقا على الله تعالى أن يؤمنه من عذابه، و أن ينعم عليه في جنته، و من قرأها و أدمن في قراءتها، و كان مقيدا مغلولا مسجونا، سهل الله عليه خروجه، و لو كان ما كان من الجنايات».

10155/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها و هو مسجون أو مقيد، سهل الله عليه خروجه».

10156/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من أدمن في قراءتها، و هو معتقل، سهل الله خروجه، و لو كان ما كان عليه من الحدود «1» الواجبة و إذا أدمن في قراءتها و هو مسافر، أمن في سفره مما يكره و إذا رش بمائها على لدغ العقرب، برئت بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 116.

2- .....

3- .....

4- خواص القرآن: 9 «مخطوط».

(1) في «ط، ي»: الحقوق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 176

سورة الطور(52): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 176

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ- إلى قوله تعالى- وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ [1- 4]

10157/ [1]- شرف الدين النجفي، قال: تأويله: روي بإسناد متصل، عن علي بن سليمان، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ، قال: «كتاب كتبه الله عز و جل في ورقة آس، و وضعه على عرشه، قبل خلق الخلق بألفي عام: يا شيعة آل محمد، إني

أنا الله أجبتكم قبل أن تدعوني، و أعطيتكم قبل أن تسألوني، و غفرت لكم قبل أن تستغفروني».

10158/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: الطور: جبل «1» سيناء وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ، أي مكتوب فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، قال: هو في السماء الرابعة، هو الضراح «2» يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون [إليه أبدا».

10159/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي عباد عمران بن عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال فيه: «فأمر الله ملكا من الملائكة، أن يجعل له بيتا في السماء السادسة، يسمى الضراح، بإزاء عرشه، فصيره لأهل السماء، يطوف به سبعون ألف ملك في كل يوم، لا يعودون، و يستغفرون».

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 616/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 331.

3- الكافي 4: 187/ 1.

(1) في المصدر زيادة: بطور.

(2) الضّراح: بيت في السّماء حيال الكعبة. «النهاية 3: 81».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 177

سورة الطور(52): الآيات 5 الي 16 ..... ص : 177

قوله تعالى:

وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ- إلى قوله تعالى- فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا [5- 16] 10160/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ، قال: السماء وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، قال: يسجر يوم القيامة.

10161/ [2]- و في (نهج البيان): عن علي (عليه السلام): «المسجور: الموقد».

10162/ [3]- علي بن إبراهيم: هذا كله قسم، و جوابه إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ و قوله تعالى يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً أي تنفش وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً أي تسير مثل الريح فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ، قال: يخوضون في المعاصي.

و قوله تعالى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا، قال: يدفعون في النار. و

قال رسول الله (صلى

الله عليه و آله) لما مر بعمرو بن العاص، و الوليد بن عقبة بن أبي معيط، و هما في حائط، يشربان و يغنيان بهذا البيت في حمزة بن عبد المطلب لما قتل:

كم من حواري تلوح عظامه وراء الحرب عنه أن يجر فيقبرا

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «اللهم العنهما، و اركسهما في الفتنة ركسا، و دعهما إلى النار دعا».

قوله تعالى: اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا أي اجترءوا، أو لا تجترئوا، لأن أحدا لا يصبر على النار، و الدليل على ذلك قوله: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ «1» يعني ما أجرأهم!.

سورة الطور(52): الآيات 21 الي 40 ..... ص : 177

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ- إلى قوله تعالى- فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ [21- 40]

10163/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الخشاب، عن علي بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 331.

2- نهج البيان 3: 275 «مخطوط».

3- تفسير القمّي 2: 331. [.....]

4- الكافي 1: 216/ 1.

(1) البقرة 2: 175.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 178

حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ، قال: «الذين آمنوا النبي (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ذريته الأئمة و الأوصياء (عليهم السلام)، ألحقنا بهم و لم تنقص ذريتهم الحجة التي جاء بها محمد (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام)، و حجتهم واحدة، و طاعتهم واحدة».

10164/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه

الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قال: «قصرت الأبناء عن عمل الآباء، فألحق الله عز و جل الأبناء بالآباء ليقر بذلك أعينهم».

10165/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن أطفال شيعتنا من المؤمنين تربيهم فاطمة (عليها السلام)». و قوله تعالى: أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قال: «يهدون إلى آبائهم يوم القيامة».

10166/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قال: «الذين آمنوا النبي و أمير المؤمنين، و ذريته «1» الأئمة و الأوصياء (عليهم السلام)، ألحقنا بهم ذريتهم و لم تنقص ذريتهم من الحجة التي جاء بها محمد (صلى الله عليه و آله) في علي، و حجتهم واحدة، و طاعتهم واحدة».

10167/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن عيسى بن مهران، عن داود بن المجبر، عن الوليد بن محمد، عن زيد جدعان، عن عمه علي بن زيد، قال: قال: عبد الله بن عمر، كنا نفاضل فنقول: أبو بكر و عمر و عثمان، و يقول قائلهم: فلان و فلان، فقال له رجل، يا أبا عبد الرحمن، فعلي؟ فقال علي من

أهل بيت لا يقاس بهم أحد من الناس، علي مع النبي (صلى الله عليه و آله) في درجته، إن الله عز و جل يقول: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، ففاطمة ذرية النبي (صلى الله عليه و آله)، و هي معه في درجته، و علي مع فاطمة (صلوات الله عليهما).

10168/ [6]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن نصير، عن الحكم

__________________________________________________

2- التوحيد: 394/ 7.

3- تفسير القمّي 2: 332.

4- تفسير القمّي 2: 332.

5- تأويل الآيات 2: 618/ 5.

6- تأويل الآيات 2: 618/ 6.

(1) في المصدر: الذرية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 179

ابن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس (رحمه الله)، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، قال: نزلت في النبي (صلى الله عليه و آله) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام).

10169/ [7]- و عنه، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسيني، عن محمد بن الحسين، عن جندل بن والق، عن محمد بن يحيى المازني، عن الكلبي، عن الإمام جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد من لدن العرش: يا معشر الخلائق، غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه و آله)، فتكون أول من يكسى، و يستقبلها من الفردوس اثنا عشر ألف حوراء، معهن خمسون ألف ملك على نجائب من ياقوت، أجنحتها اللؤلؤ الرطب، و الزبرجد، عليها رحائل من در، على كل رحل نمرقة من سندس، حتى تجوز بها الصراط، و يأتون الفردوس فيتباشر بها أهل الجنة، و تجلس

على عرش من نور، و يجلسون حولها.

و في بطنان العرش قصران، قصر أبيض و قصر أصفر من لؤلؤ، من عرق واحد، و إن في القصر الأبيض سبعين ألف دار، مساكن محمد و آل محمد، و إن في القصر الأصفر سبعين ألف دار، مساكن إبراهيم و آل إبراهيم، و يبعث الله إليها ملكا لم يبعث إلى أحد قبلها، و لا يبعث إلى أحد بعدها، فيقول لها: إن ربك عز و جل يقرأ عليك السلام، و يقول لك: سليني أعطك، فتقول: قد، أتم علي نعمته، و أباحني جنته، و هنأني كرامته، و فضلني على نساء خلقه، أسأله أن يشفعني في ولدي و في ذريتي و من ودهم بعدي و حفظهم بعدي.

قال: فيوحي الله إلى ذلك الملك من غير أن يتحول من مكانه أن خبرها أني قد شفعتها في ولدها و ذريتها و من ودهم و أحبهم و حفظهم بعدها، قال: فتقول: الحمد لله الذي أذهب عني الحزن، و أقر عيني».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «كان أبي إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ».

10170/ [8]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن علي بن خشيش، عن محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن محمد بن معقل العجلي القرميسيني بسهرورد، قال: حدثنا محمد بن أبي الصهبان الذهلي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن كرام بن عمرو الخثعمي، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر و جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقولان: «إن الله تعالى عوض الحسين (عليه السلام) من قتله أن

جعل الإمامة في ذريته، و الشفاء في تربته، و إجابة الدعاء عند قبره، و لا تعد أيام زائريه جائيا و راجعا من عمره».

قال محمد بن مسلم: فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام): في هذه الخلال تنال بالحسين، فما له في نفسه؟ قال: «إن الله تعالى ألحقه بالنبي (صلى الله عليه و آله)، فكان معه في درجته و منزلته». ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام): وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، الآية.

10171/ [9]- ابن بابويه، في (الفقيه): بإسناده، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الحلبي، عن

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 618/ 7.

8- الأمالي 1: 324.

9- من لا يحضره الفقيه 3: 316/ 1536.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 180

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى أكفل إبراهيم و سارة أطفال المؤمنين، يغذونهم بشجرة في الجنة، لها أخلاف كأخلاف البقر، في قصر من درة، فإذا كان يوم القيامة البسوا و طيبوا و أهدوا إلى آبائهم، فهم ملوك في الجنة مع آبائهم، و هو قول الله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ».

10172/ [10]- علي بن إبراهيم: وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ، أي ما أنقصاهم، و قوله تعالى لا لَغْوٌ فِيها وَ لا تَأْثِيمٌ قال: ليس في الجنة غناء و لا فحش، و يشرب المؤمن و لا يأثم، ثم حكى الله عز و جل قول أهل الجنة، [فقال : وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ، قال: في الجنة قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ، أي خائفين من العذاب فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَ وَقانا عَذابَ السَّمُومِ. قال: السموم: الحر الشديد. و قوله

تعالى يحكي قول قريش: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ، يعنون رسول الله (صلى الله عليه و آله) نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ، فقال الله عز و جل: قُلْ، لهم يا محمد تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا، قال: لم يكن في الدنيا أحلم من قريش.

ثم عطف على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) بَلْ لا يُؤْمِنُونَ أنه لم يتقوله، و لم يقله برأيه، ثم قال: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ، أي برجل مثله من عند الله إِنْ كانُوا صادِقِينَ.

و قوله تعالى: أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَ لَكُمُ الْبَنُونَ، قال: هو ما قالت قريش: إن الملائكة بنات الله، ثم قال: أَمْ تَسْئَلُهُمْ، يا محمد: أَجْراً، فيما أتيتهم به فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ، أي يقع عليهم الغرم الثقيل.

سورة الطور(52):آية 47 ..... ص : 180

قوله تعالى:

وَ إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ [47] 10173/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى وَ إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم عَذاباً دُونَ ذلِكَ، قال: عذاب الرجعة بالسيف.

10174/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا، الآية، قال: «إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا، آل محمد حقهم: عَذاباً دُونَ ذلِكَ».

__________________________________________________

10- تفسير القمّي 2: 332.

1- تفسير القمّي 2: 333.

2- تأويل الآيات 2: 620/ 8. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 181

سورة الطور(52): الآيات 48 الي 49 ..... ص : 181

قوله تعالى:

وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ- إلى قوله تعالى- وَ إِدْبارَ النُّجُومِ [48- 49] 10175/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا أي بحفظنا و حرزنا و نعمتنا وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ، قال: صلاة الليل فَسَبِّحْهُ قال: «1» صلاة الليل.

10176/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «إدبار السجود: أربع ركعات بعد المغرب، و إدبار النجوم: ركعتان قبل صلاة الصبح».

10177/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: وَ إِدْبارَ النُّجُومِ، قال: «ركعتان قبل الصبح».

10178/ [4]- الطبرسي (رحمه الله): وَ إِدْبارَ النُّجُومِ، يعني الركعتين قبل صلاة الفجر. قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 333.

2- تفسير القمّي 2: 333.

3- الكافي 3: 444/ 11.

4- مجمع البيان 9:

257.

(1) في المصدر زيادة: قبل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 182

المستدرك (سورة الطور) ..... ص : 182

سورة الطور(52): الآيات 44 الي 45 ..... ص : 182

قوله تعالى:

وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ- إلى قوله تعالى- الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ [44- 45]

[1]- في كتاب (طب الأئمة (عليهم السلام)): عن أحمد بن الخضيب النيسابوري، عن النضر، عن فضالة، عن عبد الرحمن بن سالم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، هل يكره في وقت من الأوقات الجماع؟ قال:

«نعم، و إن كان حلالا، يكره ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و ما بين مغيب الشمس إلى سقوط الشفق، و في اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، و في الليلة و اليوم الذي يكون فيه الزلزلة و الريح السوداء و الريح الحمراء و الصفراء.

و لقد بات رسول الله (صلى الله عليه و آله) مع بعض نسائه في ليلة انكسف فيها القمر، فلم يكن منه في تلك الليلة شي ء مما كان في غيرها من الليالي، فقالت له: يا رسول الله، لبغض كان هذا الجفاء؟ فقال (صلى الله عليه و آله): أما علمت أن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة، فكرهت أن أتلذذ و ألهو فيها، و أتشبه بقوم عيرهم الله في كتابه عز و جل:

وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ، فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَ يَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي، كانوا يُوعَدُونَ «1»، و قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «و ايم الله، لا يجامع أحد في هذه الأوقات التي كره رسول الله (صلى الله عليه و آله) الجماع فيها، ثم رزق له ولد، فيرى في ولده ما لا يحب، بعد أن يكون علم ما نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) من

__________________________________________________

1-

طب الأئمة: 131.

(1) الزخرف 43: 83.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 183

الأوقات التي كره فيها الجماع و اللهو و اللذة، و اعلم- يا بن سالم- أن من لا يجتنب اللهو و اللذة عند ظهور الآيات، ممن كان يتخذ آيات الله هزوا».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 185

سورة النجم ..... ص: 185

فضلها ..... ص : 185

10179/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن يزيد بن خليفة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كان يدمن قراءة النجم في كل يوم، أو في كل ليلة، عاش محمودا بين الناس، و كان مغفورا له، و كان محبوبا بين الناس».

10180/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد (صلى الله عليه و آله)، و من كتبها في جلد نمر و علقها عليه، قوي قلبه على كل سلطان دخل عليه».

10181/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها في جلد نمر و علقها عليه، قوي قلبه على كل شي ء و احترمه كل سلطان يدخل عليه».

10182/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها على جلد نمر و علقها عليه، قوي بها على كل شيطان، و لا يخاصم أحدا إلا قهره، و كان له اليد و القوة بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 116.

2- .....

3- ....

4- خواص القرآن: 9 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 186

سورة النجم(53): الآيات 1 الي 23 ...... ص : 186

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى إلى قوله تعالى- ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ [1- 23]

10183/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى «1»، وَ النَّجْمِ إِذا هَوى و ما أشبه ذلك؟ فقال: «إن لله عز و جل

أن يقسم من خلقه بما يشاء، و ليس لخلقه أن يقسموا إلا بالله».

10184/ [2]- و عنه: عن علي بن محمد عن علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى قال: «اقسم بقبر «2» محمد إذا قبض ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ بتفضيله أهل بيته وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى يقول: ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه، و هو قول الله عز و جل: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى .

10185/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا بكر

__________________________________________________

1- الكافي 7: 449/ 1.

2- الكافي 8: 380/ 574.

3- أمالي الصدوق: 468/ 1. [.....]

(1) الليل 92: 1.

(2) في المصدر: بقبض.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 187

ابن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن زياد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحكم، قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «لما مرض النبي (صلى الله عليه و آله) مرضه الذي قبضه الله فيه، اجتمع إليه أهل بيته و أصحابه، فقالوا: يا رسول الله، إن حدث بك حدث، فمن لنا بعدك، و من القائم فينا بأمرك، فلم يجبهم بجواب، و سكت عنهم، فلما كان اليوم الثاني أعادوا عليه [القول ، فلم يجبهم عن شي ء مما سألوه، فلما كان اليوم الثالث أعادوا عليه، و قالوا: يا رسول الله، إن حدث بك حدث، فمن لنا بعدك، و من القائم فينا بأمرك؟ فقال لهم: إذا كان غد هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي،

فانظروا من هو، فهو خليفتي عليكم من بعدي، و القائم فيكم بأمري، و لم يكن فيهم أحد إلا و هو يطمع أن يقول له: أنت القائم من بعدي.

فلما كان في اليوم الرابع جلس كل رجل منهم في حجرته ينتظر هبوط النجم، إذ انقض نجم من السماء، قد غلب ضوؤه على ضوء الدنيا حتى وقع في حجرة علي (عليه السلام)، فهاج القوم، و قالوا: لقد ضل هذا الرجل و غوى، و ما ينطق في ابن عمه إلا بالهوى، فأنزل الله تبارك و تعالى في ذلك: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى إلى آخر السورة».

10186/ [4]- و عنه، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم ابن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني، قال: حدثني الحسين بن علي، قال: حدثني عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا عبد الواحد بن غياث، قال: حدثنا عاصم بن سليمان، قال: حدثنا جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: صلينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما سلم، أقبل علينا بوجهه، ثم قال: «أما إنه سينقض كوكب من السماء مع طلوع الفجر، فيسقط في دار أحدكم، فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيي و خليفتي و الإمام بعدي».

فلما كان قرب الفجر جلس كل واحد منا في داره، ينتظر سقوط الكوكب في داره، و كان أطمع القوم في ذلك أبي العباس بن عبد المطلب، فلما طلع الفجر انقض كوكب من الهواء، فسقط في دار علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال

رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): «يا علي و الذي بعثني بالنبوة، لقد وجبت لك الوصية و الخلافة و الإمامة بعدي». فقال المنافقون، عبد الله بن أبي و أصحابه: لقد ضل محمد في محبة ابن عمه و غوى، و ما ينطق في شأنه إلا بالهوى فأنزل الله تبارك و تعالى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى يقول عز و جل و خالق النجم إذا هوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ، يعني في محبة علي بن أبي طالب (عليه السلام): وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى في شأنه إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى

ثم قال ابن بابويه: و حدثنا بهذا الحديث شيخ لأهل الري، يقال له أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ العدل، قال: حدثنا محمد بن العباس بن بسام، قال حدثني أبو جعفر محمد بن أبي الهيثم السعدي، قال: حدثني أحمد

__________________________________________________

4- أمالي الصدوق: 453/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 188

ابن الخطاب «1»، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، عن عبد الله بن عباس بمثل ذلك، إلا أن في حديثه: «يهوى كوكب من السماء مع طلوع الشمس و يسقط في دار أحدكم».

10187/ [5]- و قال أيضا: و حدثنا بهذا الحديث شيخ لأهل الحديث، يقال له أحمد بن الحسن القطان، المعروف بأبي علي بن عبد ربه العدل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله ابن حبيب، قال: حدثنا محمد بن إسحاق الكوفي، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله السنجري «2» أبو إسحاق، عن يحيى بن حسين المشهدي، عن أبي هارون العبدي، عن ربيعة السعدي،

قال: سألت ابن عباس عن قول الله عز و جل: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى قال: هو النجم الذي هوى مع طلوع الفجر، فسقط في حجرة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و كان أبي العباس يحب ان يسقط ذلك النجم في داره، فيحوز الوصية و الخلافة و الإمامة، و لكن أبى الله أن يكون ذلك غير علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و ذلك فضله يؤتيه من يشاء.

10188/ [6]- محمد بن العباس (رحمه الله): عن جعفر بن محمد العلوي، عن عبد الله بن محمد الزيات، عن جندل بن والق، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنا سيد الناس و لا فخر، و علي سيد المؤمنين، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه. فقال رجل من قريش: و الله ما يألو يطري ابن عمه فأنزل الله سبحانه: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى و ما هذا القول الذي يقوله بهواه في ابن عمه: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى .

10189/ [7]- و عنه: عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن خالد الأزدي «3»، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى «ما فتنتم إلا ببغض آل محمد إذا مضى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ بتفضيل أهل بيته، إلى قوله تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى .

10190/ [8]- و عنه: عن أحمد بن القاسم، عن منصور بن العباس، عن الحصين، عن العباس القصباني،

عن داود بن الحصين، عن فضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أوقف رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير، افترق الناس ثلاث فرق، فقالت فرقة: ضل محمد، و فرقة قالت: غوى، و فرقة قالت:

بهواه يقول في أهل بيته و ابن عمه فأنزل الله سبحانه: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى __________________________________________________

5- أمالي الصدوق: 454/ 5.

6- تأويل الآيات 2: 623/ 4.

7- تأويل الآيات 2: 623/ 5.

8- تأويل الآيات 2: 623/ 6.

(1) في المصدر: أحمد بن أبي الخطاب.

(2) في النسخ و المصدر نسخة بدل: السحري.

(3) في المصدر: أحمد بن خالد، عن محمد بن خالد الأزدي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 189

وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى .

10191/ [9]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن محمد بن عبد الله، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ليلة أسري في إلى السماء صرت إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى، فقال لي:

جبرئيل، تقدم يا محمد، فدنوت دنوة- و الدنوة مد البصر- فرأيت نورا ساطعا، فخررت لله ساجدا، فقال لي:

يا محمد، من خلفت في الأرض؟ قلت يا ربي أعدلها و أصدقها و أبرها و آمنها «1» علي بن أبي طالب، وصيي و وارثي، و خليفتي في أهلي. فقال لي: أقرئه مني السلام، و قل له: إن غضبه عز، و رضاه حكم. يا محمد، إني أنا الله لا إله إلا أنا

العلي الأعلى، و هبت لأخيك اسما من أسمائي، فسميته، عليا، و أنا العلي الأعلى: يا محمد، إني أنا الله لا إله إلا أنا فاطر السماوات و الأرض، و هبت لابنتك اسما من أسمائي، فسميتها فاطمة، و أنا فاطر كل شي ء، يا محمد، إني أنا الله لا إله إلا أنا الحسن البلاء، و هبت لسبطيك اسمين من أسمائي، فسميتهما الحسن و الحسين، و أنا الحسن البلاء.

قال: فلما حدث النبي (صلى الله عليه و آله) قريشا بهذا الحديث، قال قوم: ما أوحى الله إلى محمد بشي ء، و إنما تكلم هو عن نفسه، فأنزل الله تبارك و تعالى تبيان ذلك وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى .

10192/ [10]- البرسي: بالإسناد، يرفعه، عن علي بن محمد الهادي، عن زين العابدين (عليهما السلام)، عن جابر ابن عبد الله الأنصاري، أنه قال: اجتمع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليلة في عام فتح مكة، فقالوا: يا رسول الله، ما كان الأنبياء إلا أنهم إذا استقام أمرهم أن يوصي إلى وصي أو من يقوم مقامه بعده، و يأمره بأمره، و يسير في الأمة كسيرته؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «قد وعدني ربي بذلك، أن يبين ربي عز و جل من يحب أنه من الأمة بعدي من هو الخليفة على أمتي بآية تنزل من السماء، ليعلموا الوصي بعدي». فلما صلى بهم صلاة العشاء الآخرة في تلك الساعة، نظر الناس إلى السماء، لينظروا ما يكون، و كانت ليلة ظلماء لا قمر فيها، و إذا بضوء عظيم قد أضاء المشرق و المغرب، و قد نزل

نجم من السماء إلى الأرض، و جعل يدور على الدور حتى وقف على حجرة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و له شعاع هائل، و صار على الحجرة كالغطاء على التنور «2»، و قد أظل شعاعه الدور، و قد فزع الناس، فجعل الناس يهللون و يكبرون، و قالوا: يا رسول الله، نجم قد نزل من السماء إلى ذروة حجرة علي بن أبي طالب (عليه السلام)! قال: فقام و قال: «هو و الله، الإمام من بعدي، و الوصي القائم «3» بأمري، فأطيعوه و لا تخالفوه،

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 624/ 7.

10- البحار 35: 275/ 3، عن الروضة لابن شاذان، الفضائل لابن شاذان: 65.

(1) في المصدر: و أسنمها.

(2) في «ط، ج»: المنشور، و في «ي»: المنثور. [.....]

(3) في «ج»: و القائم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 190

و لا تتقدموه، فهو خليفة الله في أرضه من بعدي».

قال: فخرج الناس من عند رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال واحد من المنافقين: ما يقول في ابن عمه إلا بالهوى، و قد ركبته الغواية حتى لو تمكن أن يجعله نبيا لفعل، قال. فنزل جبرئيل، و قال: يا محمد، العلي الأعلى يقرئك السلام، و يقول لك: اقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى

10193/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن العباس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى يقول: «ما ضل في علي (عليه السلام) و ما غوى، و ما ينطق فيه بالهوى، و ما

كان قد قال فيه إلا بالوحي الذي اوحي إليه».

10194/ [12]- و من طريق المخالفين: ما رواه ابن المغازلي الشافعي في (المناقب)، قال: أخبرنا أبو البركات إبراهيم بن محمد بن خلف الحماري «1» السقطي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد، قال: حدثنا أبو الفتح أحمد بن الحسن بن سهل المالكي البصري «2» الواعظ بواسط في القراطيسيين، قال: حدثنا سليمان بن أحمد المالكي، قال: حدثنا أبو قضاعة ربيعة بن محمد الطائي، حدثنا ثوبان، عن ذو النون، قال: حدثنا مالك بن غسان النهشلي، حدثنا ثابت، عن أنس، قال: انقض كوكب على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «انظروا إلى هذا الكوكب، فمن انقض في داره فهو الخليفة من بعدي». فنظروا فإذا هو قد انقض في منزل علي (عليه السلام)، فأنزل الله تعالى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى .

10195/ [13]- و عنه، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس ابن حيويه الخزاز، إذنا، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي الدهقان المعروف بأخي حماد، قال: حدثنا علي بن محمد بن الخليل بن هارون البصري، قال: حدثنا محمد بن الخليل الجهني، قال: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كنت جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبي (صلى الله عليه و آله) إذا انقض كوكب، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي». فقام فتية من

بني هاشم، فنظروا، فإذا الكوكب قد انقض في منزل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قالوا: يا رسول الله [قد] غويت في حب علي فأنزل الله تعالى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى إلى قوله تعالى: بِالْأُفُقِ الْأَعْلى

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 2: 334.

12- مناقب ابن المغازلي: 266/ 313.

13- مناقب ابن المغازلي: 310/ 353.

(1) في المصدر: الجماري.

(2) في المصدر: المصري.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 191

10196/ [14]- علي بن إبراهيم: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى قال: النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله) إِذا هَوى لما أسري به إلى السماء، و هو في الهواء، و هو رد على من أنكر المعراج، و هو قسم برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو فضل له على سائر الأنبياء، و جواب القسم ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى أي لا يتكلم بالهوى: إِنْ هُوَ يعني القرآن إِلَّا وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى يعني الله عز و جل: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله).

10197/ [15]- قال: و حدثني ياسر عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: «ما بعث الله نبيا إلا صاحب مرة سوداء صافية».

10198/ [16]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الريان بن الصلت، عن يونس، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله عز و جل لم يبعث نبيا قط إلا صاحب مرة سوداء صافية، و ما بعث الله نبيا قط حتى يقر له بالبداء».

10199/ [17]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى يعني رسول الله (صلى الله عليه و

آله) ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى قال: كان من الله كما بين مقبض القوس إلى رأس السية «1» أَوْ أَدْنى أي من نعمته و رحمته، قال: بل أدنى من ذلك فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ، قال: وحي مشافهة.

10200/ [18]- علي بن إبراهيم: ثم قال: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ثم أذن له فرقى في «2» السماء، فقال: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى كان بين لفظه و بين سماع رسول الله كما بين وتر القوس و عودها: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ، فسئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن ذلك الوحي،

فقال: «أوحي إلي أن عليا سيد الوصيين، و إمام المتقين، و قائد الغر المحجلين، و أول خليفة يستخلفه خاتم النبيين

، فدخل القوم في الكلام، فقالوا له: أمن الله و من رسوله؟ فقال الله جل ذكره لرسوله (صلى الله عليه و آله): قل لهم: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ثم رد عليهم، فقال: أَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى ثم

قال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قد أمرت فيه بغير هذا، أمرت ان أنصبه للناس، و أقول لهم: هذا وليكم من بعدي، و هو بمنزلة السفينة يوم الغرق، من دخل فيها، نجا، و من خرج عنها غرق».

ثم قال: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى يقول: رأيت الوحي مرة أخرى: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى التي

__________________________________________________

14- تفسير القمّي 2: 333.

15- تفسير القمّي 2: 334.

16- الكافي 8: 165/ 177.

17- تفسير القمّي 2: 334.

18- تفسير القمّي 2: 334.

(1) سية القوس: ما عطف من طرفيها. «لسان العرب 14: 417».

(2) في المصدر:

له فوفد إلى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 192

يتحدث تحتها الشيعة في الجنان، ثم قال الله عز و جل: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى يقول: إذ يغشى السدرة ما يغشى من حجب النور: ما زاغَ الْبَصَرُ، يقول: ما عمي البصر عن تلك الحجب وَ ما طَغى يقول:

و ما طغى القلب بزيادة فيما أوحي إليه، و لا نقصان: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى يقول: لقد سمع كلاما لو أنه «1» قوي ما قوي.

10201/ [19]- ثم قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى قال: في السماء السابعة، و أما الرد على من أنكر خلق الجنة و النار، فقوله تعالى: عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى أي عند سدرة المنتهى في السماء السابعة. و جنة المأوى عندها.

10202/ [20]- ثم قال: حدثني أبي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن أبان بن عثمان، عن أبي داود، عن أبي بردة الأسلمي، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي (عليه السلام): «يا علي إن الله أشهدك معي في سبعة مواطن أما أول ذلك: فليلة أسري بي إلى السماء، قال لي جبرئيل: أين أخوك؟ فقلت خلفته ورائي. قال: ادع الله فليأتك به، فدعوت الله، فإذا مثالك معي، و إذا الملائكة وقوف صفوف، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ قال: هم الذين يباهيهم الله بك يوم القيامة، فدنوت و نطقت بما كان و بما يكون إلى يوم القيامة.

و الثاني: حين أسري بي في المرة الثانية، فقال لي جبرئيل: أين أخوك؟ قلت: خلفته ورائي. قال ادع الله فليأتك به فدعوت الله، فإذا مثالك معي، فكشط لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها و عمارها و موضع

كل ملك منها.

و الثالث: حين بعثت إلى الجن، فقال لي جبرئيل أين أخوك؟ قلت: خلفته ورائي. فقال: ادع الله فليأتك به، فدعوت الله، فإذا أنت معي، فما قلت لهم شيئا، و لا ردوا علي شيئا إلا سمعته.

و الرابع: خصصنا بليلة القدر، و ليست لأحد غيرنا.

و الخامس: دعوت الله فيك فأعطاني فيك كل شي ء إلا النبوة، فإنه قال: خصصتك- يا محمد- بها، و ختمتها بك.

و أما السادس: لما أسري بي إلى السماء، جمع الله النبيين فصليت بهم و مثالك خلفي.

و السابع: هلاك الأحزاب بأيدينا». فهذا رد على من أنكر المعراج.

10203/ [21]- و عنه، قال: و من الرد على من أنكر خلق الجنة و النار أيضا، ما حدثني أبي، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: كانت فاطمة (عليها السلام) لا يذكرها أحد لرسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا أعرض عنه حتى أيس الناس منها، فلما أراد أن يزوجها من علي (عليه السلام) أسر إليها، فقالت: «يا رسول الله، أنت أولى بما ترى، غير أن نساء قريش

__________________________________________________

19- تفسير القمّي 2: 335. [.....]

20- تفسير القمّي 2: 335.

21- تفسير القمّي 2: 336.

(1) في المصدر: لولا أنّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 193

تحدثني عنه أنه رجل دحداح «1» البطن طويل الذراعين، ضخم الكراديس «2»، أنزع، عظيم العينين، لمنكبه مشاش «3» كمشاش البعير، ضاحك السن، لا مال له».

فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا فاطمة، أما علمت أن الله عز و جل أشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين، نبيا، ثم اطلع اخرى فاختار عليا على رجال العالمين وصيا، ثم اطلع فاختارك على نساء العالمين! يا فاطمة، إنه لما أسري بي إلى السماء وجدت مكتوبا على صخرة بيت

المقدس: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بوزيره، و نصرته بوزيره. فقلت لجبرئيل: و من وزيري؟ قال: علي بن أبي طالب، فلما انتهيت الى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها: إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، محمد صفوتي من خلقي، أيدته بوزيره، و نصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: و من وزيري؟ قال: علي بن أبي طالب. فلما جاوزت سدرة المنتهى، انتهيت إلى عرش رب العالمين، فوجدت مكتوبا على كل قائمة من قوائم العرش: أنا الله لا إله إلا أنا، محمد حبيبي، أيدته بوزيره، و نصرته بوزيره، فلما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار علي، و ما في الجنة دار و لا «4» قصر إلا و فيها فنن «5» منها، أعلاها أسفاط حلل من سندس، و إستبرق، و يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط، و في كل سفط مائة ألف حلة، ما فيها حلة تشبه حلة أخرى، على ألوان مختلفة، و هي ثياب أهل الجنة، وسطها ظل ممدود، عرض الجنة كعرض السماء و الأرض أعدت للذين آمنوا بالله و رسله، يسير الراكب في ذلك الظن مائة عام فلا يقطعه، و ذلك قوله تعالى: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ «6»، و أسفلها ثمار أهل الجنة و طعامهم متدل في بيوتهم، يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار الدنيا و مما لم تروه، و ما سمعتم به و ما لم تسمعوا بمثله، و كلما يجتنى منها شي ء نبت مكانها أخرى، لا مقطوعة و لا ممنوعة، و يجري نهر في أصل تلك الشجرة، يتفجر منه الأنهار الأربعة: نهر من ماء غير آسن، و نهر من لبن لم يتغير طعمه، و

نهر من خمر لذة للشاربين، و نهر من عسل مصفى.

يا فاطمة، إن الله أعطاني في علي سبع خصال: هو أول من ينشق عنه القبر معي، و أول من يقف معي على الصراط، فيقول للنار: خذي ذا و ذري ذا، و أول من يكسى إذا كسيت، و أول من يقف معي على يمين العرش، و أول من يقرع معي باب الجنة، و أول من يسكن معي عليين، و أول من يشرب معي من الرحيق المختوم، ختامه مسك، و في ذلك فليتنافس المتنافسون.

يا فاطمة [هذا ما] أعطاه الله عليا في الآخرة، و أعد له في الجنة، إن كان في الدنيا لا مال له، فأما ما قلت: إنه بطين، فإنه مملوء من العلم الذي خصه الله به، و أكرمه من بين امتي، و أما ما قلت: إنه أنزع عظيم العينين، فإن

__________________________________________________

(1) رجل دحداح: قصير غليظ البطن. «لسان العرب 2: 434».

(2) الكراديس: رؤوس العظام. «لسان العرب 6: 195».

(3) المشاش: رؤوس العظام مثل الركبتين و المرفقين و المنكبين. «لسان العرب 2: 347».

(4) (دار و لا) ليس في «ج» و المصدر.

(5) الفنن: الغصن.

(6) الواقعة 56: 30.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 194

الله عز و جل خلقه بصفة آدم (عليه السلام)، و أما طول يديه فإن الله عز و جل طولهما ليقتل بهما أعدائه و أعداء رسوله، و به يظهر الله الدين كله و لو كره المشركون، و به يفتح الله الفتوح، و يقاتل المشركين على تنزيل القرآن و المنافقين من أهل البغي و النكث و الفسوق على تأويله، و يخرج الله من صلبه سيدي شباب أهل الجنة، و يزين بهما عرشه.

يا فاطمة، ما بعث الله نبيا إلا جعل له ذرية من

صلبه، و جعل ذريتي من صلب علي، و لو لا علي ما كانت لي ذرية».

فقالت فاطمة: «يا رسول الله، ما أختار عليه أحدا من أهل الأرض» «1».

فقال ابن عباس عند ذلك و الله ما كان لفاطمة كفؤ غير علي (عليه السلام).

10204/ [22]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، قال: حدثنا ابن الجعابي، قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبد الله بن عجب الأنباري، قال: حدثنا خلف بن درست، قال: حدثنا القاسم بن هارون، قال: حدثنا سهل بن صقين، عن همام، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما عرج بي إلى السماء، دنوت من ربي عز و جل، حتى كان بيني و بينه قاب قوسين أو أدنى، فقال: يا محمد من تحب من الخلق؟ قلت: يا رب عليا، قال: التفت يا محمد فالتفت عن يساري، فإذا علي بن أبي طالب».

10205/ [23]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فاستأذنته في ذلك، فأذن لي، فدخل عليه، فسأله عن الحلال و الحرام «2» حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد، فقال أبو قرة: إنا روينا أن الله قسم الرؤية و الكلام بين نبيين، فقسم الكلام لموسى، و لمحمد الرؤية؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن و اĘřƘӺ لا تدركه الأبصار، و لا يحيطون به علما، و ليس كمثله شي ء، أليس محمد (صلى الله عليه و آله)؟ قال: بلى. قال: كيف يجي ء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء

من عند الله، و أنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ «3» و لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً «4»، و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ «5»، ثم يقول: أنا رأيته بعيني، و أحطت به علما، و هو على صورة البشر؟! أما تستحيون، ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا، أن يكون يأتي من عند الله بشي ء ثم يأتي بخلافه من وجه آخر».

قال أبو قرة: فإنه يقول: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى

__________________________________________________

22- الأمالي 1: 362.

23- الكافي 1: 74/ 2.

(1) في المصدر زيادة: فزوّجها رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

(2) في المصدر زيادة: و الأحكام.

(3) الأنعام 6: 103. [.....]

(4) طه 20: 110.

(5) الشورى 42: 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 195

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى، حيث قال: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى يقول: ما كذب فؤاده ما رأت عيناه، ثم أخبر بما رأى، فقال: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى فآيات الله غير الله، و قد قال الله عز و جل: وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم، و وقعت المعرفة».

فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها، و ما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما، و لا تدركه الأبصار، و ليس كمثله شي ء».

10206/ [24]- علي بن إبراهيم، قال: حكى أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث الإسراء بالنبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «و انتهيت إلى سدرة المنتهى، فإذا الورقة منها تظل امة من الأمم، فكنت منها كما

قال الله تعالى: كقاب قوسين أو أدنى، فناداني: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ «1»».

10207/ [25]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن حبيب السجستاني، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قوله عز و جل: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى فقال لي:

«يا حبيب، لا تقرأها هكذا، اقرأ: (ثم دنا فتدانى فكان قاب قوسين) في القرب (أو أدنى فأوحى إلى عبده) يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله): (ما أوحى).

يا حبيب إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما افتتح مكة أتعب نفسه في عبادة الله عز و جل و الشكر لنعمه في الطواف بالبيت، و كان علي (عليه السلام) معه، فلما غشيهما الليل انطلقا إلى الصفا و المروة يريدان السعي، قال: فلما هبطا من الصفا إلى المروة، و صارا في الوادي دون العلم الذي رأيت، غشيهما من السماء نور، فأضاءت لهما جبال مكة، و خشعت أبصارهما، قال: ففزعا لذلك فزعا شديدا، قال: فمضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى ارتفع عن الوادي، و تبعه علي (عليه السلام)، فرفع رسول الله (صلى الله عليه و آله) رأسه إلى السماء، فإذا هو برمانتين على رأسه، قال فتناولهما رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأوحى الله عز و جل إلى محمد: يا محمد، إنهما من قطف الجنة، فلا يأكل منهما إلا أنت و وصيك علي بن أبي طالب، قال: فأكل رسول الله (صلى الله عليه و آله) إحداهما، و أكل

علي (عليه السلام) الأخرى، ثم أوحى الله عز و جل إلى محمد (صلى الله عليه و آله) ما أوحى».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا حبيب، وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى يعني عند ما «2» وافى جبرئيل حين صعد إلى السماء، قال: فلما انتهى إلى محل السدرة وقف جبرئيل دونها، و قال: يا محمد، إن هذا موقفي الذي وضعني الله عز و جل فيه، و لن أقدر على أن أتقدمه، و لكن امض أنت

__________________________________________________

24- تفسير القمّي 2: 11.

25- علل الشرائع: 267/ 1.

(1) البقرة 2: 285.

(2) في «ج» و المصدر: عندها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 196

أمامك إلى السدرة، فقف عندها- قال- فتقدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى السدرة، و تخلف جبرئيل (عليه السلام)».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «إنما سميت سدرة المنتهى، لأن أعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محل السدرة، و الحفظة الكرام البررة دون السدرة، يكتبون ما ترفع إليهم الملائكة من أعمال العباد في الأرض، قال: فينتهون به إلى محل السدرة».

قال: «فنظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) فرأى أغصانها تحت العرش و حوله، قال: فتجلى لمحمد (صلى الله عليه و آله) نور الجبار عز و جل، فلما غشي محمد (صلى الله عليه و آله) النور، شخص ببصره و ارتعدت فرائصه، قال: فشد الله عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله) قلبه، و قوى له بصره، حتى رأى من آيات ربه ما رأى، و ذلك قوله عز و جل:

وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى يعني الموافاة، قال: فرأى محمد (صلى الله عليه و آله)

ببصره من آيات ربه الكبرى، يعني أكبر الآيات».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «و إن غلظ السدرة لمسيرة مائة عام من أيام الدنيا، و إن الورقة منها تغطي أهل الدنيا، و إن لله عز و جل ملائكة، و كلهم بنبات الأرض من الشجر و النخل، فليس من شجرة و لا نخلة إلا و معها من الله عز و جل ملائكة تحفظها «1» و ما كان فيها، و لو لا أن معها من يمنعها لأكلها السباع و هوام الأرض، إذا كان فيها ثمرها، قال: و إنما نهى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يضرب أحد من المسلمين خباءه «2» تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت، لمكان الملائكة الموكلين بها، قال: و لذلك يكون الشجر و النخل أنسا إذا كان فيه حمله، لأن الملائكة تحضره».

10208/ [26]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني، و علي بن أحمد بن محمد الدقاق، و الحسين بن إبراهيم بن هاشم المؤدب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت ابن دينار، قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن الله جل جلاله، هل يوصف بمكان؟ فقال: «تعالى الله عن ذلك».

قلت: لم أسرى بنبيه (صلى الله عليه و آله) إلى السماء؟ قال: «ليريه ملكوت السماوات و ما فيها من عجائب صنعه و بدائع خلقه».

قلت: فقول الله عز و جل: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى قال: «ذاك رسول الله (صلى الله

عليه و آله)، دنا من حجب النور، فرأى ملكوت السماوات، ثم تدلى (صلى الله عليه و آله) فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض، حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى».

__________________________________________________

26- علل الشرائع: 131/ 1.

(1) في المصدر: و معها ملك من اللّه تعالى يحفظها.

(2) في المصدر: خلاه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 197

10209/ [27]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن الفضيل، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام): هل رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ربه عز و جل؟ قال: «نعم بقلبه، أما سمعت الله عز و جل يقول: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى لم يره بالبصر، و لكن رآه بالفؤاد».

10210/ [28]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان ابن داود المنقري، عن حفص بن غياث، أو غيره، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى قال: «رأى جبرئيل (عليه السلام) على ساقه الدر مثل القطر على البقل، له ستمائة جناح، قد ملأ ما بين السماء و الأرض».

10211/ [29]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن يعقوب بن جعفر الجعفري قال: سأل رجل يقال له عبد الغفار السلمي أبا إبراهيم موسى بن جعفر (عليه السلام) عن قول الله تعالى: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى قال: أرى هاهنا خروجا من حجب، و تدليا إلى الأرض، و أرى محمدا رأى ربه بقلبه، و نسب إلى بصره، فكيف هذا؟

فقال أبو إبراهيم (عليه السلام): «دَنا فَتَدَلَّى فإنه لم يزل من موضع، و لم يتدل ببدن».

فقال عبد الغفار أصفه بما وصف به نفسه حيث قال: دَنا فَتَدَلَّى، فلم يتدل ببدن عن مجلسه، و إلا قد زال عنه، و لو لا ذلك لم يوصف بذلك نفسه؟ فقال أبو إبراهيم (عليه السلام): «إن هذه لغة قريش، إذا أراد الرجل منهم أن يقول: قد سمعت، يقول: قد تدليت و إنما التدلي: الفهم».

10212/ [30]- و في (الاحتجاج) أيضا: عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى «يعني محمدا (صلى الله عليه و آله) حين كان عند سدرة المنتهى، حيث لا يتجاوزها خلق من خلق الله عز و جل، و قوله في آخر الآية: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى رأى جبرئيل (عليه السلام) في صورته مرتين: هذه المرة، و مرة أخرى، و ذلك أن خلق جبرئيل [خلق عظيم، فهو من الروحانيين، الذين لا يدرك خلقهم و لا صفتهم إلا الله رب العالمين».

10213/ [31]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن بكير، عن حمران بن أعين، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل في كتابه:

ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى

فقال: «أدنى الله محمدا (صلى الله عليه و آله) منه، فلم يكن بينه و بينه إلا قفص لؤلؤ، فيه فراش من ذهب يتلألأ فأري

__________________________________________________

27- التوحيد: 116/ 17.

28- التوحيد: 116/ 18.

29- الاحتجاج: 386.

30- الاحتجاج: 243.

31- تأويل الآيات 2: 625/ 8. [.....]

البرهان في تفسير

القرآن، ج 5، ص: 198

صورة، فقيل له، يا محمد، أ تعرف هذه الصورة؟ فقال: نعم، هذه صورة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فأوحى الله تعالى إليه: أن زوجه فاطمة، و اتخذه وصيا».

10214/ [32]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيس بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام) في قوله عز و جل: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى

قال: «إن النبي (صلى الله عليه و آله) لما أسري به إلى ربه، قال: وقف بي جبرئيل (عليه السلام) عند شجرة عظيمة، لم أر مثلها، على كل غصن منها ملك، و على كل ورقة منها ملك، و على كل ثمرة منها ملك، و قد تجللها نور من نور الله عز و جل، فقال جبرئيل [ (عليه السلام): هذه سدرة المنتهى، كان ينتهي الأنبياء قبلك إليها]، ثم لا يتجاوزونها، و أنت تجوزها إن شاء الله ليريك من آياته الكبرى، فاطمئن أيدك الله تعالى بالثبات حتى تستكمل كراماته، و تصير إلى جواره، ثم صعد بي إلى تحت العرش، فدلي إلي رفرف أخضر، ما أحسن أصفه، فرفعني بإذن ربي، فصرت عنده، و انقطع عني أصوات الملائكة و دويهم، و ذهبت المخاوف و الروعات، و هدأت نفسي و استبشرت، و جعلت أمتد و أنقبض، و وقع علي السرور و الاستبشار، و ظننت أن جميع الخلائق قد ماتوا، و لم أر غيري أحدا من خلقه، فتركني ما شاء الله، ثم رد علي روحي فأفقت، و كان توفيقا من ربي أن غمضت عيني، و كل بصري و غشي عن النظر، فجعلت أبصر بقلبي كما أبصر بعيني، بل أبعد و

أبلغ، و ذلك قوله تعالى: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى و إنما كنت أبصر مثل مخيط «1» الإبرة نورا بيني و بين ربي لا تطيقه الأبصار.

فناداني ربي، فقال تبارك و تعالى: يا محمد. قلت: لبيك ربي و سيدي و إلهي لبيك. قال: [هل عرفت قدرك عندي، و موضعك و منزلتك؟ قلت: نعم، يا سيدي. قال: يا محمد، هل عرفت موقعك مني و موقع ذريتك؟ قلت:

نعم، يا سيدي، قال: فهل تعلم يا محمد فيما اختصم الملأ الأعلى؟ قلت: يا رب أنت أعلم و أحكم، و أنت علام الغيوب. قال: اختصموا في الدرجات و الحسنات [فهل تدري ما الدرجات و الحسنات ، قلت: أنت أعلم سيدي و أحكم. قال: إسباغ الوضوء في المفروضات، و المشي على الأقدام إلى الجماعات [معك ، و مع الأئمة من ولدك، و انتظار الصلاة بعد الصلاة، و إفشاء السلام، و إطعام الطعام، و التهجد بالليل و الناس نيام.

ثم قال: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ قلت: وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ، قال: صدقت، يا محمد:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ فقلت: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «2»، قال: ذلك لك و لذريتك يا محمد، قلت: لبيك ربي

__________________________________________________

32-

تأويل الآيات 2: 625/ 9.

(1) المخيط: الممرّ و المسلك.

(2) البقرة 2: 285، 286.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 199

و سعديك سيدي و إلهي.

قال: أسألك عما أنا أعلم به منك، من خلفت في الأرض بعدك؟ قلت: خير أهلها، أخي و ابن عمي، و ناصر دينك و الغاضب لمحارمك إذا استحلت و لنبيك غضب النمر إذا غضب علي بن أبي طالب. قال: صدقت يا محمد، إني اصطفيتك بالنبوة، و بعثتك بالرسالة، و امتحنت عليا بالبلاغ و الشهادة على أمتك و جعلته حجة في الأرض معك و بعدك، و هو نور أوليائي، و ولي من أطاعني، و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين، يا محمد، و زوجه فاطمة، فإنه وصيك و وارثك و وزيرك، و غاسل عورتك، و ناصر دينك، و المقتول على سنتي و سنتك، يقتله شقي هذه الامة.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ثم إن ربي أمرني بأمور و أشياء، و أمرني أن أكتمها، و لم يأذن لي في إخبار أصحابي بها ثم هوى بي الرفرف، فإذا بجبرئيل (عليه السلام) فتناولني حتى صرت إلى سدرة المنتهى، فوقف بي تحتها، ثم أدخلني جنة المأوى، فرأيت مسكني و مسكنك يا علي فيها، فبينما جبرئيل يكلمني إذ علاني نور من نور الله، فنظرت إلى مثل مخيط الإبرة، مثل ما كنت نظرت إليه في المرة الاولى، فناداني ربي جل جلاله: يا محمد.

قلت: لبيك يا ربي و إلهي و سيدي؟ قال: سبقت رحمتي غضبي لك و لذريتك، أنت صفوتي من خلقي، و أنت أميني و حبيبي و رسولي، و عزتي و جلالي لو لقيني جميع خلقي يشكون فيك طرفة عين أو ينقصونك أو ينقصون صفوتي من ذريتك لأدخلتهم ناري و

لا ابالي. يا محمد، علي أمير المؤمنين، و سيد المرسلين، و قائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم، أبو السبطين سيدي شباب جنتي المقتولين بي ظلما.

ثم فرض علي الصلاة و ما أراد تبارك و تعالى، و قد كنت قريبا منه فى المرة الأولى مثل ما بين كبد القوس إلى سيته، فذلك قوله تعالى: كقاب قوسين أو أدنى من ذلك».

10215/ [33]- الشيخ عمر بن إبراهيم الأوسي في كتابه: قال ابن عباس: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم قال لجبرئيل (عليه السلام): «أحب أن أراك في الصورة التي تكون فيها بالسماء». قال: إنك لا تقوى على ذلك. قال:

«لا بد لي من ذلك». فأقسم عليه بخاتم النبوة، فقال جبرئيل: أين تريد ذلك؟ قال: «بالأبطح». قال: لا يسعني. قال:

«بمنى». قال: لا يسعني. قال: «بعرفات». قال: لا يسعني، و لكن سر بنا إليه.

فمضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى عرفات، و إذا هو جبرئيل بعرفات بخشخشه، و كلكله «1» قد ملأ ما بين المشرق و المغرب، رأسه في السماء و رجلاه في الأرض السابعة، فخر مغشيا عليه، فتحول جبرئيل بصورته الاولى، و ضمه إلى صدره، و قال: يا محمد، لا تخف أنا أخوك جبرئيل. فقال: «يا أخي، ما ظننت أن الله خلق خلقا في السماء يشبهك». قال: يا محمد، لو رأيت إسرافيل الذي رأسه تحت العرش، و رجلاه تحت تخوم الأرض السابعة و اللوح المحفوظ بين حاجبيه، و إنه إذا ذكر اسم الله يبقى كالعصفور، سئل: جبرئيل يتصور «2»؟ و إذا هو

__________________________________________________

33- .........

(1) الخشخشة: الصوت، و الكلكل: الصدر.

(2) كذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 200

أجلى الجبين، معتدل الشعر، كأن شعره المرجان، له جناحان خضراوان و

قدمان و لونه كالثلج الموشح بالدر، هكذا صورته التي رآه النبي (صلى الله عليه و آله) بها، و ذلك أنه رآه مرتين، و قال تعالى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى فالمرة الثانية طلب منه أن يراه ببقيع الغرقد و إذا بواحد من أجنحته سد من السماء إلى الأرض».

10216/ [34]- قال: و حكى ابن سيرين في (كتابه العظمة): أن حمزة سأل النبي (صلى الله عليه و آله): أرني جبرئيل؟

فقال: «اسكت». فألح عليه، و إذا جبرئيل قد نزل إلى النبي (صلى الله عليه و آله) في تلك الساعة، فقال: اللهم اكشف عن بصر حمزة. فقال: انظر. فنظر و إذا قدماه كالزبرجد، فخر حمزة مغشيا عليه، فعرج جبرئيل بعد أن بلغ، فقال:

«يا حمزة، و ما رأيت»؟ فقال: هيهات يا سيدي أن أتعاهد هذا الفعل.

10217/ [35]- قال: و روي أن جبرئيل نزل على محمد (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، تريد أن أريك بعض حظك و منزلتك من الجنة؟ فقال: «بلى» يعني نعم، فكشف له عن جناح بين أجنحته، و إذا هو أخضر، عليه نهر، عليه ألف قصر من ذهب.

10218/ [36]- قال: و سئل عبد الله بن مسعود: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «رأيت جبرئيل عند سدرة المنتهى، له ستمائة جناح، يتناثر من ريشه أكابر الدر و الياقوت».

10219/ [37]- (بستان الواعظين): عن ابن عباس: أن إسرافيل سأل الله أن يعطيه قوة سبع سماوات، فأعطاه الله قوة سبع أرضين، فأعطاه الله قوة الجبال و قوة الرياح، فأعطاه قوة السباع، فأعطاه من لدن رأسه إلى قدميه بشعور و أفواه و ألسنة مغطاة بأجنحة، يسبح الله

بكل لسان بألف ألف لغة، فيصير من كل نفس ملك، يسبحون الله إلى يوم القيامة، و هم المقربون و حملة العرش و كرام كاتبين هم على صفة إسرافيل، و ينظر إسرافيل في كل يوم و ليلة ثلاث مرات إلى جهنم، فيذوب إسرافيل، و يصير كوتر القوس و يبكي، لو انسكب دمعه من السماء ليطبق ما بين السماء إلى الأرض حتى يغلب على الدنيا، و لو صبت جميع البحور و الأنهار على رأس إسرافيل ما وقعت قطرة على الأرض، و لو لا أن الله منع بكاءه و دموعه لامتلأت الأرض بدموعه، فصار طوفان نوح، و من عظمة إسرافيل أن جبرئيل طار ثلاثمائة عام ما بين شفة إسرافيل و أنفه فلم يبلغ إلى آخره.

و أما ميكائيل خلقه الله بعد إسرافيل بخمس مائة عام، من رأسه إلى قدمه شعور من الزعفران، و أجنحته من زبرجد أخضر، على كل شعره ألف ألف وجه، في كل وجه ألف ألف فم، و في كل فم ألف ألف لسان، و على كل لسان ألف ألف عين، تبكي رحمة على المذنبين من المؤمنين، بكل عين و بكل لسان يستغفرون، فيقطر من كل عين سبعون ألف ألف قطرة، فتصير ملكا على صورة ميكائيل، و أسماؤهم الكروبيون، و هم أعوان لميكائيل، موكلون على القطر و النبات و الأوراق و الثمار، فما من قطرة في البحار، و لا ثمرة على الأشجار، إلا و عليها ملك

__________________________________________________

34- .........

35- ...........

36- ...........

37- ...........

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 201

موكل.

و أما جبرئيل خلقه الله بعد ميكائيل بخمس مائة عام، و له ألف ألف و ستمائة جناح، من رأسه إلى قدمه شعور من زعفران، و الشمس بين عينيه، و كل شعرة قمر

و كواكب، و كل يوم يدخل في بحر من نور ثلاثمائة و ستين مرة، فإذا خرج سقط من أجنحته قطرة، فتصير ملكا على صورة جبرئيل، يسبحون الله إلى يوم القيامة، و هم الروحانيون، و أما صورة ملك الموت مثل صورة إسرافيل بالوجه و الألسنة و الأجنحة.

10220/ [38]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى قال: لما رفع الحجاب بينه و بين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، غشي نوره السدرة، و قوله تعالى: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى أي لم ينكر لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى أي رأى جبرئيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل، له ستمائة جناح، قد ملأ ما بين السماء و الأرض.

و قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّى قال: اللات رجل، و العزى امرأة، و قوله تعالى: وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى قال: صنم بالمشلل خارج من الحرم على ستة أميال يسمى المناة.

قوله تعالى أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى قال: هو ما قالت قريش: إن الملائكة هم بنات الله، فرد عليهم، فقال:

أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى أي ناقصة، ثم قال: إِنْ هِيَ يعني اللات و العزى و مناة إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ أي من حجة.

سورة النجم(53): آية 32 ...... ص : 201

قوله تعالى:

الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ- إلى قوله تعالى- هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى [32]

10221/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثني أبو جعفر الثاني (عليه السلام)، [قال: «سمعت أبي يقول: سمعت أبي

موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد الله (عليه السلام)، فلما سلم و جلس تلا هذه الآية الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ ثم أمسك، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ما أسكتك؟ قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عز و جل.

فقال: نعم- يا عمرو- و أكبر الكبائر الشرك بالله، يقول الله: (و من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة) «1»،

__________________________________________________

38- تفسير القمّي 2: 338.

1- الكافي 2: 217/ 24.

(1) المائدة 72: 5، و في المصحف هكذا (إنّه من يشرك).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 202

و بعده اليأس من روح الله، لأن الله عز و جل يقول: إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ «1» ثم الأمن من مكر الله، لأن الله عز و جل يقول: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ «2»، و منها عقوق الوالدين، لأن الله سبحانه جعل العاق جبارا شقيا، و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، لأن الله عز و جل يقول فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها «3»، إلى آخر الآية، و قذف المحصنة، لأن الله عز و جل يقول: لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «4»، و أكل مال اليتيم، لأن الله عز و جل يقول: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «5»، و الفرار من الزحف، لأن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ «6»، و أكل الربا، لأن الله عز و جل يقول: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا

كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ «7»، و السحر، لأن الله عز و جل يقول:

وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ «8»، و الزنا، لأن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «9»، و اليمين الغموس «10» الفاجرة، لأن الله عز و جل يقول: الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ «11»، و الغلول «12»، لأن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ «13»، و منع الزكاة المفروضة لأن الله عز و جل يقول:

فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ «14»، و شهادة الزور و كتمان الشهادة، لأن الله عز و جل يقول: وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ «15»، و شرب الخمر، لأن الله عز و جل نهى عنها، كما نهى عن عبادة الأوثان، و ترك الصلاة متعمدا، أو شيئا مما فرض الله، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: من ترك الصلاة متعمدا فقد برى ء من ذمة الله

__________________________________________________

(1) يوسف 12: 87. [.....]

(2) الأعراف 7: 99.

(3) النساء 4: 93.

(4) النور 24: 23.

(5) النساء 4: 10.

(6) الأنفال 8: 16.

(7) البقرة 2: 275.

(8) البقرة 2: 102.

(9) الفرقان 25: 68، 69.

(10) اليمين الغموس: التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار. «لسان العرب 6: 156».

(11) آل عمران 3: 77.

(12) غلّ يغلّ غلولا: خان. «لسان العرب 11: 499».

(13) آل عمران 3: 161.

(14) التوبة 9: 35.

(15) البقرة 2: 283. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 203

و ذمة رسوله، و نقض العهد و قطيعة الرحم، لأن الله

عز و جل يقول: أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ «1».

قال: فخرج عمرو و له صراخ من بكائه، و هو يقول: هلك من يقول برأيه، و نازعكم في الفضل و العلم».

10222/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ، قال:

«الفواحش: الزنا و السرقة، و اللهم: الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه».

قلت: بين الضلال و الكفر منزلة؟ قال: «ما أكثر عرى الإيمان».

10223/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أ رأيت قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ؟ قال: «هو الذنب يلم به الرجل، فيمكث ما شاء الله، ثم يلم [به بعد».

10224/ [4]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت له الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ؟ قال: «الهنة بعد الهنة، أي الذنب بعد الذنب [يلم به العبد».

10225/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما من مؤمن إلا و له ذنب يهجره زمانا ثم يلم به، و ذلك قول الله عز و جل: إِلَّا اللَّمَمَ».

و سألته عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ

إِلَّا اللَّمَمَ، قال: «الفواحش: الزنا و السرقة، و اللمم: الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه».

10226/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من ذنب إلا و قد طبع عليه عبد مؤمن، يهجره زمانا ثم يلم به، و هو قول الله عز و جل:

الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ، قال: اللمام: العبد الذي يلم بالذنب بعد الذنب، ليس من سليقته» «2». أي من طبعه «3».

10227/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، عن ابن

__________________________________________________

2- الكافي 2: 212/ 7.

3- الكافي 2: 320/ 1.

4- الكافي 2: 320/ 2.

5- الكافي 2: 320/ 3.

6- الكافي 2: 320/ 5.

7- الكافي 2: 321/ 6.

(1) الرعد 13: 25.

(2) في «ي، ط» خليقته.

(3) في المصدر: طبيعته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 204

محبوب، عن ابن رئاب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن المؤمن لا يكون سجيته الكذب و البخل و الفجور، و ربما ألم من ذلك شيئا لا يدوم عليه». قيل: فيزني؟ قال: «نعم، و لكن لا يولد له من تلك النطفة».

10228/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن عبيد، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الكبائر؟ فقال: «هن في كتاب علي (عليه السلام) سبع: الكفر بالله، و قتل النفس، و عقوق الوالدين، و أكل الربا بعد البينة، و أكل مال اليتيم ظلما، و الفرار من الزحف، و التعرب بعد الهجرة».

قال: قلت: هذا

أكبر المعاصي؟ قال: «نعم».

قلت: فأكل درهم من مال اليتيم ظلما أكبر، أم ترك الصلاة؟ قال: «ترك الصلاة».

قلت: فما عددت ترك الصلاة في الكبائر؟ فقال: «أي شي ء أول ما قلت لك؟». [قال : قلت: الكفر. قال: «فإن تارك الصلاة كافر». يعني من غير علة.

10229/ [9]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد السياري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي إسحاق الليثي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في حديث، قال: «اقرأ يا إبراهيم الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، يعني من الأرض الطيبة، و الأرض المنتنة فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى منكم، يقول: لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته و صيامه و زكاته و نسكه، لأن الله عز و جل أعلم بمن أتقى منكم، فإن ذلك من قبل اللمم، و هو المزاج».

10230/ [10]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى قال: «قول الإنسان: صليت البارحة، و صمت أمس، و نحو هذا».

ثم قال (عليه السلام): «إن قوما كانوا يصبحون فيقولون: صلينا البارحة، و صمنا أمس، فقال علي (عليه السلام): لكني أنام الليل و النهار، و لو أجد شيئا بينهما لنمته».

الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن أبي عمير، عن

فضالة، عن جميل بن دراج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى فقال: «هو قول الإنسان: صليت البارحة، و صمت أمس». و ساق الحديث «1».

__________________________________________________

8- الكافي 2: 212/ 8.

9- علل الشرائع: 610/ 81.

10- معاني الأخبار: 243/ 1.

(1) الزهد: 66/ 174.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 205

10231/ [11]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «الإبقاء على العمل أشد من العمل».

قال: و ما الإبقاء على العمل؟ قال: «يصل الرجل بصلته، و ينفق نفقته لله وحده لا شريك له، فتكتب له سرا، ثم يذكرها فتمحى، فتكتب له علانية، ثم يذكرها فتمحى، فتكتب له رياء».

سورة النجم(53): آية 37 ...... ص : 205

قوله تعالى:

وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى [37]

10232/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى، قال: «إنه كان يقول إذا أصبح و أمسى: أصبحت و ربي محمود، أصبحت لا أشرك بالله شيئا، و لا أدعو مع الله إلها آخر، و لا أتخذ من دون الله وليا، فسمي بذلك عبدا شكورا».

10233/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: ما عنى بقوله تعالى: وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى؟ قال: «كلمات بالغ فيهن».

قلت: و ما هن؟ قال: «كان إذا

أصبح، قال: أصبحت و ربي محمود، أصبحت لا أشرك بالله شيئا، و لا أدعو معه إلها، و لا اتخذ من دونه وليه، ثلاثا، و إذا أمسى قالها ثلاثا، قال: فأنزل الله تبارك و تعالى في كتابه: وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى».

10234/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: وفي بما أمره الله به من الأمر و النهي و ذبح ابنه، و سيأتي- إن شاء الله تعالى- ذكر ما أنزل على موسى و على إبراهيم (عليهما السلام) من الصحف في سورة الأعلى «1».

سورة النجم(53): الآيات 38 الي 39 ...... ص : 205

قوله تعالى:

أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى [38- 39]

__________________________________________________

11- الكافي 2: 224/ 16. [.....]

1- علل الشرائع: 37/ 1.

2- الكافي 2: 388/ 38.

3- تفسير القمّي 2: 338.

(1) يأتي في تفسير الآيات (16- 19) من سورة الأعلى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 206

قد تقدم الحديث في ذلك عن الصادق (عليه السلام) في آخر سورة الأنعام «1».

سورة النجم(53): آية 42 ...... ص : 206

قوله تعالى:

وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى [42]

10235/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله عز و جل يقول: وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا».

10236/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، و محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا سليمان، إن الله عز و جل يقول:

وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا».

10237/ [3]- ابن بابويه: عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى قال: «إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا».

10238/ [4]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن سليمان، عن «2» الحسن

الكوفي، قال: حدثنا عبد الله ابن محمد بن خالد، عن علي بن حسان الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام):

إن الناس قبلنا قد أكثروا في الصفة، فما تقول؟ فقال: «مكروه، أما تسمع الله عز و جل يقول: وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى [تكلموا فيما دون ذلك ».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 72/ 2.

2- المحاسن: 237/ 206.

3- التوحيد: 456/ 9.

4- التوحيد: 457/ 18.

(1) تقدم الحديث (9) من تفسير الآيات (161- 165) من تفسير سورة الأنعام.

(2) في المصدر: بن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 207

10239/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا، و تكلموا فيما دون العرش، فإن قوما تكلموا فيما فوق العرش فتاهت عقولهم، حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه، و ينادى من خلفه، فيجيب من بين يديه».

10240/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا، و تكلموا فيما دون العرش، و لا تكلموا فيما فوق العرش، فإن قوما تكلموا فيما فوق العرش فتاهت عقولهم، حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه، و ينادى من خلفه فيجيب من بين يديه، و هذا رد على من وصف الله.

سورة النجم(53): آية 43 ...... ص : 207

قوله تعالى:

وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى [43] 10241/ [1]- ابن شهر آشوب: عن شعبة، و قتادة، و عطاء، و ابن عباس، في قوله تعالى: وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى أضحك أمير المؤمنين و حمزة و عبيدة و المسلمين، و أبكى كفار مكة حتى قتلوا و دخلوا النار.

10242/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى:

وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى قال: أبكى السماء بالمطر، و أضحك الأرض بالنبات، قال الشاعر:

كل يوم باقحوان جديد تضحك الأرض من بكاء السماء

سورة النجم(53): آية 46 ...... ص : 207

قوله تعالى:

مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى [46] 10243/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: تتحول النطفة إلى الدم، فتكون أولا دما، ثم تصير النطفة في الدماع في عرق يقال له الوريد، و تمر في فقار الظهر، فلا تزال تجوز فقرة حتى تصير في الحالبين، فتصير بيضاء، و أما نطفة المرأة فانها تنزل من صدرها.

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 1: 25.

6- تفسير القمّي 2: 338.

1- المناقب 3: 118.

2- تفسير القمّي 2: 339. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 339.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 208

سورة النجم(53): آية 48 ...... ص : 208

قوله تعالى:

وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى [48]

10244/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله تعالى: وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى قال: «أغنى كل إنسان بمعيشته، و أرضاه بكسب يده».

و رواه ابن بابويه في (معاني الأخبار)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني عن جعفر بن محمد، عن آبائه، (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ذكر مثله «1».

سورة النجم(53): آية 49 ...... ص : 208

قوله تعالى:

وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى [49] 10245/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: هو نجم في السماء، يسمى الشعرى، كانت قريش و قوم من العرب يعبدونه، و هو نجم يطلع في آخر الليل.

سورة النجم(53): آية 53 ...... ص : 208

قوله تعالى:

وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى [53]

10246/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: قوله عز و جل: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى قال: «هم أهل البصرة، هي المؤتفكة».

[قلت : وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ «2»؟ قال: «أولئك قوم لوط، ائتفكت عليهم، أي انقلبت

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 339.

2- تفسير القمّي 2: 339.

3- الكافي 8: 18/ 202.

(1) معاني الأخبار: 2: 339.

(2) التوبة 9: 70.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 209

عليهم».

10247/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى قال: المؤتفكة: البصرة، و الدليل على ذلك

قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أهل البصرة، يا أهل المؤتفكة، يا جند المرأة، و أتباع البهيمة، رغا فأجبتم، و عقر فانهزمتم، ماؤكم زعاق «1»، و أديانكم «2» رقاق «3»، و فيكم ختم النفاق، و لعنتم على لسان سبعين نبيا، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبرني أن جبرئيل (عليه السلام) أخبره أنه طوى له الأرض، فرأى البصرة أقرب الأرضين من الماء، و أبعدها من السماء، و فيها تسعة أعشار الشر و الداء العضال، المقيم فيها بذنب «4»، و الخارج منها [متدارك برحمة [من ربه ، و قد ائتفكت بأهلها مرتين، و على الله [تمام الثالثة، و تمام الثالثة في الرجعة».

سورة النجم(53): آية 55 ...... ص : 209

قوله تعالى:

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى [55] 10248/ [2]- علي بن إبراهيم: أي بأي سلطان تخاصم.

10249/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي،

عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «الشك على أربع شعب: على المرية، و الهوى، و التردد، و الاستسلام، و هو قول الله عز و جل: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى .

سورة النجم(53): الآيات 56 الي 61 ...... ص : 209

قوله تعالى:

هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى إلى قوله تعالى- وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ [56- 61] 10250/ [4]- علي بن إبراهيم: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى يعني: رسول الله (صلى الله عليه و آله) من النذر

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 339.

2- تفسير القمّي 2: 340.

3- الكافي 2: 289/ 1.

4- تفسير القمّي 340.

(1) ماء زعاق: مرّ غليظ لا يطاق شربه من أجوجته. «لسان العرب- 10: 141».

(2) في المصدر: أحلامكم.

(3) الرّقّة: مصدر الرقيق عامّ في كلّ شي ء حتّى يقال: فلان رقيق الدّين. «لسان العرب 10: 122».

(4) في المصدر: مذنب. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 210

الأولى.

10251/ [2]- ثم قال: حدثنا علي بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن علي بن أسباط، عن علي بن معمر، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى قال: «إن الله تعالى لما ذرأ «1» الخلق إلى «2» الذر الأول، فأقامهم صفوفا، و بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله)، فآمن به قوم، و أنكره قوم، فقال الله عز و جل: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى يعني به محمدا (صلى الله عليه و آله)، حيث دعاهم إلى الله عز و جل في الذر الأول».

10252/ [3]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن وهبان، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن حبشي، قال: حدثنا أبو الفضل

العباس بن محمد بن الحسين، قال:

حدثنا أبي، قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما بعث الله نبيا أكرم من محمد (صلى الله عليه و آله)، و لا خلق قبله أحدا، و لا أنذر الله خلقه بأحد من خلقه قبل محمد (صلى الله عليه و آله)، فذلك قوله تعالى: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى و قال: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «3» فلم يكن قبله مطاع في الخلق، و لا يكون بعده إلى أن تقوم الساعة، في كل قرن إلى أن يرث الله الأرض و من عليها».

10253/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ قال: قربت القيامة لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ، أي لا يكشفها إلا الله أَ فَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ أي ما قد تقدم ذكره من الأخبار.

10254/ [5]- الطبرسي: يعني بالحديث ما تقدم ذكره من الأخبار، عن الصادق (عليه السلام).

10255/ [6]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ تَضْحَكُونَ وَ لا تَبْكُونَ وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ، أي [لاهون ساهون.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 340.

3- الأمالي 2: 282.

4- تفسير القمّي 2: 340.

5- مجمع البيان 9: 277.

6- تفسير القمّي 2: 340.

(1) في «ي»: ذرّ.

(2) في المصدر: في.

(3) الرعد 13: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 211

المستدرك (سورة النجم) ..... ص : 211

سورة النجم(53): آية 21 ...... ص : 211

قوله تعالى:

وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى [26] [1]- الطبرسي في (مجمع البيان): في قوله تعالى وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ الآية، قال ابن عباس:

يريد لا تشفع الملائكة إلا لمن رضي الله عنه، كما قال: وَ لا

يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى «1»

[2]- ابن شهر آشوب، في (المناقب): عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن الحارث بن سعيد بن قيس، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و عن جابر الأنصاري، كليهما عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «أنا واردكم على الحوض، و أنت يا علي الساقي، و الحسن الرائد، و الحسين الآمر، و علي بن الحسين الفارط، و محمد بن علي الناشر، و جعفر ابن محمد السائق، و موسى بن جعفر محصي المحبين و المبغضين و قامع المنافقين، و علي بن موسى مزين المؤمنين، و محمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم، و علي بن محمد خطيب شيعتهم و مزوجهم الحور، و الحسن بن علي سراج أهل الجنة، يستضيئون به، و الهادي المهدي شفيعهم يوم القيامة، حيث لا يأذن إلا لمن يشاء و يرضى».

__________________________________________________

1- مجمع البيان 9: 268.

2- المناقب 1: 292.

(1) الأنبياء 21: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 212

سورة النجم(53): آية 31 ...... ص : 212

قوله تعالى:

لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [31]

[1]- الديلمي، في (أعلام الدين): عن عبد الله بن عباس، قال: خطب بنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) خطبة- إلى أن قال- «ألا و إن الله عز و جل لا يظلم بظلم، و لا يجاوزه ظلم، و هو بالمرصاد لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى من أحسن فلنفسه و من أساء فعليها».

__________________________________________________

1- أعلام الدين: 427.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 213

سورة القمر ..... ص : 213

فضلها ..... ص : 213

10256/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن يزيد بن خليفة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ أخرجه الله من قبره على ناقة من نوق الجنة».

10257/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة بعثه الله تعالى يوم القيامة و وجهه كالقمر ليلة البدر، مسفرا على وجه الخلائق، و من قرأها كل ليلة كان أفضل، و من كتبها يوم الجمعة وقت الصلاة الظهر و جعلها في عمامته أو تعلقها، كان وجيها أينما قصد و طلب».

10258/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها يوم الجمعة وقت الظهر و تركها في عمامته، أو علقها عليه، كان وجيها عند الناس محبوبا».

10259/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها يوم الجمعة عند صلاة الظهر و علقها على عمامته، كان عند الناس وجيها و مقبولا، و سهلت عليه الأمور الصعبة بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 116.

2- ..... [.....]

3- خواص القرآن: 52 «مخطوط».

4- خواص القرآن: 9 «مخطوط»

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 214

سورة القمر(54): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 214

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [1- 2] 10260/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، قربت القيامة، فلا يكون بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا القيامة، و قد انقضت النبوة و الرسالة، و قوله تعالى: وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ، فإن قريشا سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أن يريهم آية، فدعا الله فانشق القمر نصفين حتى نظروا إليه، ثم التأم، فقالوا: هذا سحر مستمر، أي صحيح.

10261/ [2]-

ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا حبيب بن الحسن بن أبان الآجري، قال: حدثنا محمد بن هشام، عن محمد، قال: حدثنا يونس، قال: قال [لي أبو عبد الله (عليه السلام): «اجتمع أربعة عشر رجلا أصحاب العقبة ليلة أربع عشرة من ذي الحجة، فقالوا للنبي (صلى الله عليه و آله): ما من نبي إلا و له آية، فما آيتك في ليلتك هذه؟ فقال [النبي (صلى الله عليه و آله)]: ما الذي تريدون؟ فقالوا: إن يكن لك عند ربك قدر فأمر القمر أن ينقطع قطعتين. فهبط جبرئيل (عليه السلام)، و قال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام و يقول لك: إني قد أمرت كل شي ء بطاعتك، فرفع رأسه فأمر القمر أن ينقطع قطعتين، فانقطع قطعتين، فسجد النبي (صلى الله عليه و آله) شكرا [لله ، و سجد شيعتنا، ثم رفع النبي (صلى الله عليه و آله) رأسه و رفعوا رؤسهم، ثم قالوا: يعود كما كان. فعاد كما كان، ثم قالوا: ينشق رأسه! فأمره فانشق، فسجد النبي (صلى الله عليه و آله) شكرا لله، و سجد شيعتنا، فقالوا: يا محمد، حين تقدم سفارنا من الشام و اليمن نسألهم ما رأوا في هذه الليلة، فإن يكونوا رأوا مثل ما رأينا، علمنا أنه من ربك، و إن لم يروا مثل ما رأينا، علمنا أنه سحر

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 340.

2- تفسير القمّي 1: 341.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 215

سحرتنا به فأنزل الله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ إلى آخر السورة».

10262/ [3]- الشيخ في (أماليه): عن أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا ابن عقدة، يعني أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني علي بن محمد بن علي الحسيني، قال: حدثنا جعفر بن

محمد بن عيسى، قال:

حدثنا عبيد الله بن علي، عن علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: انشق القمر بمكة، فلقتين، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اشهدوا، اشهدوا بهذا».

10263/ [4]- الحسين بن حمدان الخصيبي: بإسناده، عن المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام)، قال: «لما ظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالرسالة، و دعا الناس إلى الله تعالى، تحيرت قبائل قريش، و قال بعضهم لبعض:

ما ترون [من الرأي في ما يأتينا من محمد كرة بعد كرة مما لا يقدر عليه السحرة و الكهنة؟ و اجتمعوا على أن يسألوه شق القمر في السماء، و إنزاله إلى الأرض شعبتين، و قالوا: إن القمر ما سمعنا في سائر النبيين أحدا قدر عليه، كما قدر على الشمس، فإنها ردت ليوشع بن نون وصي موسى (عليه السلام)، و كان الناس يظنون أنها لا ترد عن موضعها.

و أجمعوا أمرهم و جاءوا إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا محمد، اجعل بيننا و بينك آية، إن أتيت بها آمنا بك و صدقناك. فقال لهم: سلوا، فإني آتيكم بكل ما تختارون. فقالوا: الوعد بيننا و بينك سواد الليل و طلوع القمر، و أن تقف بين المشعرين، فتسأل ربك الذي تقول إنه أرسلك رسولا، أن يشق القمر شعبتين و ينزله، من السماء حتى ينقسم قسمين، و يقع قسم على المشعرين و قسم على الصفا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الله أكبر، أنا وفي بالعهد، فهل أنتم موفون بما قلتم إنكم تؤمنون بالله و رسوله؟

قالوا: نعم يا محمد. و تسامع الناس، ثم تواعدوا سواد الليل. و أقبل الناس يهرعون

إلى البيت و حوله حتى أقبل الليل و أسود، و طلع القمر و أنار، و النبي (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) و من آمن بالله و رسوله، يصلون خلف النبي (صلى الله عليه و آله) و يطوفون بالبيت.

و أقبل أبو لهب و أبو جهل و أبو سفيان على النبي (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: الآن يبطل سحرك و كهانتك و حيلتك، هذا القمر، فأوف بوعدك. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): قم- يا أبا الحسن- فقف بجانب الصفا، و هرول إلى المشعرين، و ناد نداء ظاهرا، و قل في ندائك: اللهم رب البيت الحرام، و البلد الحرام، و زمزم و المقام، و مرسل الرسول التهامي، ائذن للقمر أن ينشق و ينزل إلى الأرض، فيقع نصفه على الصفا و نصفه على المشعرين، فقد سمعت سرنا و نجوانا و أنت بكل شي ء عليم.

قال: فتضاحكت قريش فقالوا: إن محمدا قد استشفع بعلي، لأنه لم يبلغ الحلم و لا ذنب له، و قال أبو لهب:

لقد أشمتني الله بك- يا بن أخي- في هذه الليلة. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إخسأ، يا من أتب الله يديه، و لم ينفعه ما له، و تبوأ مقعده من النار. قال أبو لهب: لأفضحنك في هذه الليلة بالقمر و شقه و إنزاله إلى الأرض، و إلا ألفت

__________________________________________________

3- الأمالي 1: 351.

4- الهداية الكبرى: 70/ 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 216

كلامك هذا و جعلته سورة، و قلت: هذا اوحي إلي في أبي لهب.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): امض يا علي فيما أمرتك و استعذ بالله من الجاهلين. و هرول علي (عليه السلام) من

الصفا إلى المشعرين، و نادى و أسمع و دعا، فما استتم كلامه حتى كادت الأرض أن تسيخ بأهلها، و السماء أن تقع على الأرض، فقالوا: يا محمد، حيث أعجزك شق القمر أتيتنا بسحرك لتفتنا به. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): هان عليكم ما دعوت الله به. فإن السماء و الأرض لا يهون عليهما ذلك، و لا يطيقان سماعه، فقفوا بأماكنكم و انظروا إلى القمر.

قال: ثم إن القمر انشق نصفين، قسم وقع على الصفا، و قسم وقع على المشعرين، فأضاءت دواخل مكة و أوديتها و شعابها، و صاح الناس من كل جانب آمنا بالله و رسوله. و صاح المنافقون: أهلكتنا بسحرك فافعل ما تشاء، فلن نؤمن لك بما جئتنا به، ثم رجع القمر إلى منزله من الفلك، و أصبح الناس يلوم بعضهم بعضا، و يقولون لكبرائهم: و الله لنؤمنن بمحمد، و لنقاتلنكم معه مؤمنين به، فقد سقطت الحجة و تبينت الأعذار، و تبين الحق.

و أنزل الله عز و جل في ذلك اليوم سورة أبي لهب و اتصلت به. فقال: آه لمحمد، نظر ما قلته له في تأليفه هذا الكلام، و الله إن محمدا ليعاديني لكفري به و تكذيبي له، فإنه ليس من أولاد عبد المطلب، لما أتت أمه بتلك الفاحشة و حرقها أبونا عبد المطلب على الصفا، و كان أشدهم له جحدا الحارث و الزبير و أبو لهب، فحلفت باللات و العزى أنه من أبينا عبد المطلب حتى ألحقت عبد الله بالنسب «1»، فمن أجل ذلك شعر و ألف هذا الذي زعم أنه سورة أنزلها الله عليه في، فو حق اللات و العزى لو أتى محمد بما يملأ الأفق في من مدح ما آمنت

به، و حسبي أن أباين محمدا من أهل بيته فيما جاء به، و لو عذبني رب الكعبة بالنار.

فآمن في ذلك اليوم ستمائة و إثنا عشر رجلا أسر أكثرهم إيمانه و كتمه إلى أن هاجر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و مات أبو لهب على كفره، و قتل أبو جهل، و آمن «2» أبو سفيان و معاوية و عتبة يوم الفتح، و العباس و زيد بن الخطاب و عقيل بن أبي طالب، و آمن كثير منهم تحت القتل، ثمانون رجلا، و كانوا طلقاء و لم ينفعهم إيمانهم».

10264/ [5]- عمر بن إبراهيم الأوسي، قال: قال ابن عباس: سألوا أهل مكة رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يريهم أكبر الآيات، فأراهم القمر فرقتين حتى رأوا حراء بينهما.

قال: و قال ابن مسعود: انشقاق القمر لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و رد الشمس لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأن كل فضل أعطى الله لنبيه (صلى الله عليه و آله) أعطى مثله لوليه إلا النبوة. و قيل: هذا خاتم النبيين، و هذا خاتم الوصيين.

__________________________________________________

5- .......

(1) في المصدر: و تكذيبي له من بين بني عبد المطلب، و خاصّة لسبب العباس، فإنّه أنكره أولاد عبد المطلب لمّا أتت أمّه بتلك الفاحشة، و أحرقها أبونا عبد المطلب على الصفا، و كان أشدهم له جحدا الحارث و الزبير و أبو طالب و عبد اللّه، فحلفت باللّات و العزّى أنّه من أبناء عبد المطلب حتّى ألحقت العباس بالنسب.

(2) في «ج» و المصدر، و «ط» نسخة بدل: و أسر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 217

10265/ [6]- ابن شهر آشوب، قال: أجمع المفسرون و المحدثون سوى عطاء و الحسن و البلخي،

في قوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ

أنه [قد] اجتمع المشركون ليلة بدر إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين. فقال (صلى الله عليه و آله): «إن فعلت تؤمنون؟» قالوا: نعم. فأشار إليه بإصبعه، فانشق شقتين.

و

في رواية: نصفا على أبي قبيس، و نصفا على قعيقعان.

و

في رواية: نصفا على الصفا، و نصفا على المروة.

فقال (صلى الله عليه و آله): «اشهدوا اشهدوا» فقال ناس: سحرنا محمد، فقال رجل: إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم

[و كان ذلك قبل الهجرة، و بقي قدر ما بين العصر إلى الليل و هم ينظرون إليه، و يقولون: هذا سحر مستمر. فنزل وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ الآيات.

و

في رواية: أنه قدم السفار من كل وجه، فما من أحد قدم إلا أخبرهم أنهم رأوا مثل ما رأوا.

10266/ [7]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسين بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) و قد سأله عمارة الهمداني، فقال [له : أصلحك الله، إن ناسا يعيروننا و يقولون: إنكم تزعمون أنه سيكون صوت من السماء.

فقال له: «لا ترو عني، و ارو عن أبي، كان أبي يقول: هو في كتاب الله عز و جل: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ «1» فيؤمن أهل الأرض جميعا للصوت [الأول ، فإذا كان من الغد صعد إبليس اللعين حتى يتوارى في جو السماء، ثم ينادي: ألا إن عثمان قتل

مظلوما، فاطلبوا بدمه، فيرجع من أراد الله عز و جل به شرا، و يقولون هذا سحر الشيعة، و حتى يتناولونا، و يقولون: هو من سحرهم، و هو قول الله عز و جل: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ».

10267/ [8]- و عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، قال: حدثنا عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فسمعت رجلا من همدان يقول [له : إن هؤلاء العامة يعيرونا، و يقولون لنا: إنكم تزعمون أن مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر و كان متكئا، فغضب و جلس، ثم قال: «لا ترووه عني و ارووه عن أبي، و لا حرج عليكم في ذلك، أشهد إني [قد] سمعت أبي (عليه السلام) يقول: و الله إن ذلك في كتاب الله جل و عز لبين حيث يقول: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ «2»، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلا خضع و ذلت رقبته

__________________________________________________

6- المناقب 1: 122.

7- الغيبة: 261/ 20.

8- الغيبة: 260/ 19.

(1) الشعراء 26: 4.

(2) الشعراء 26: 4. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 218

[لها]، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إن الحق في علي بن أبي طالب (عليه السلام) و شيعته. قال:

فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتى يتوارى عن أهل الأرض، ثم ينادي: ألا إن الحق في عثمان بن عفان [و شيعته ، فإنه قتل مظلوما، فاطلبوا بدمه- قال:- فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق، و هو النداء الأول، و

يرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، و المرض و الله عداوتنا. فعند ذلك يبرءون منا و يتناولونا، و يقولون:

إن المنادي الأول سحر من أهل هذا البيت». ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) قول الله عز و جل: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ.

و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم و سعدان بن إسحاق، و أحمد بن الحسين بن عبد الملك، و محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، مثله سواء بلفظه.

سورة القمر(54): الآيات 3 الي 8 ..... ص : 218

قوله تعالى:

وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ- إلى قوله تعالى- هذا يَوْمٌ عَسِرٌ [3- 8] 10268/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ، أي كانوا يعملون برأيهم، و يكذبون أنبيائهم: وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ، أي متعظ.

و قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْ ءٍ نُكُرٍ قال: الإمام [إذا خرج يدعوهم إلى ما ينكرون.

قوله تعالى: مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ إذا رجع، فيقول: ارجعوا يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ.

10269/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن ثوير بن أبي فاختة، قال: سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يحدث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «حدثني أبي، أنه سمع أباه علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحدث الناس، قال: إذا كان يوم القيامة بعث الله تبارك و تعالى الناس من حفرهم غرلا بهما جردا مردا في صعيد واحد يسوقهم النور، و تجمعهم الظلمة، حتى يقفوا

على عقبة المحشر، فيركب بعضهم بعضا، و يزدحمون دونها، فيمنعون من المضي، فتشتد أنفاسهم، و يكثر عرقهم، و تضيق بهم أمورهم، و يشتد ضجيجهم و ترتفع أصواتهم. قال: و هو أول هول من أهوال يوم القيامة، قال: فيشرف الجبار تبارك و تعالى عليهم من فوق عرشه [في ظلل من الملائكة فيأمر ملكا من الملائكة، فينادي فيهم : يا معشر الخلائق، أنصتوا و اسمعوا منادي الجبار، قال: فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم، قال: فتنكسر أصواتهم عند ذلك، و تخشع أبصارهم، و تضطرب فرائصهم، و تفزع قلوبهم، و يرفعون رؤوسهم إلى

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 341.

2- الكافي 8: 104/ 79.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 219

ناحية الصوت مهطعين إلى الداعي، قال: فعند ذلك يقول الكافرون هذا يوم عسر».

و الحديث طويل، ذكرناه بطوله في آخر سورة الزمر «1».

سورة القمر(54): آية 9 ..... ص : 219

قوله تعالى:

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ [9] 10270/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل هلاك الأمم الماضية، فقال: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ أي آذوه و أرادوا رجمه.

سورة القمر(54): الآيات 11 الي 19 ..... ص : 219

قوله تعالى:

فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً [11- 19] 10271/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ، قال: صب بلا قطر وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ، قال: ماء السماء و ماء الأرض عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَ حَمَلْناهُ، يعني نوحا عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ قال: ذات ألواح: السفينة، و الدسر: المسامير، و قيل: الدسر: ضرب من الحشيش، تشد به السفينة تَجْرِي بِأَعْيُنِنا أي بأمرنا و حفظنا، و قصة نوح قد مضى الحديث فيها في سورة هود فلتؤخذ من هناك «2».

قوله تعالى: وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أي يسرناه لمن تذكر، قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً، أي باردة، و قد ذكرنا حديث الرياح الأربع في سورة الجاثية «3».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 341.

2- تفسير القمّي 2: 341.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (69) من سورة الزمر.

(2) تقدّم في تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود.

(3) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآيات (1- 5) من سورة الجاثية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 220

سورة القمر(54): الآيات 27 الي 30 ..... ص : 220

قوله تعالى:

إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ [27- 30] 10272/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ أي اختبارا، و قوله تعالى:

فَنادَوْا صاحِبَهُمْ، قال: قدار، الذي عقر الناقة.

10273/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله المحمدي من كتابه في المحرم سنة ثمان و ستين و مائتين، قال:

حدثنا يزيد بن إسحاق الأرحبي، و

يعرف بشعر، قال: حدثنا مخول، عن فرات بن أحنف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة يقول [أيها الناس : «أنا أنف [الايمان، أنا أنف الهدى و عيناه». أيها الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة من يسلكه، إن الناس اجتمعوا على مائدة، قليل شبعها، كثير جوعها، و الله المستعان، و إنما يجمع الناس الرضا و الغضب. أيها الناس، إنما عقر ناقة ثمود واحد، فأصابهم الله بعذابه بالرضا لفعله، و آية ذلك قوله جل و عز فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ، و قال: فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها وَ لا يَخافُ عُقْباها «1»، ألا و من سئل عن قاتلي، فزعم أنه مؤمن، فقد قتلني أيها الناس، من سلك الطريق ورد الماء، و من حاد عنه وقع في التيه» ثم نزل.

ثم قال محمد بن إبراهيم: و رواه لنا محمد بن همام، و محمد بن الحسن بن محمد بن جمهور، جميعا عن الحسن بن محمد بن جمهور، عن أحمد بن نوح، عن ابن عليم، عن رجل، عن فرات بن أحنف، قال: أخبرني من سمع أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ذكر مثله، إلا أنه قال فيه: «لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله».

سورة القمر(54): آية 31 ..... ص : 220

قوله تعالى:

كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ [31] 10274/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: الحشيش و النبات.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 342.

2- الغيبة: 27.

3- تفسير القمّي 2: 342.

(1) الشمس 91: 14، 15.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 221

و قد تقدم الخبر في القصة في سورة هود «1».

سورة القمر(54): آية 37 ..... ص : 221

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ [37]

10275/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن داود بن فرقد، عن أبي يزيد الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث القصة، قال: «فكاثروه حتى دخلوا البيت، فصاح به جبرئيل، فقال: يا لوط، دعهم يدخلوا، فلما دخلوا أهوى جبرئيل (عليه السلام) بإصبعه نحوهم، فذهبت أعينهم، و هو قول الله عز و جل: فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ».

و قد تقدمت الأحاديث في القصة في سورة هود «2» و سورة العنكبوت «3» و سورة الذاريات «4» فليؤخذ من هناك.

سورة القمر(54): الآيات 42 الي 47 ..... ص : 221

قوله تعالى:

كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها- إلى قوله تعالى- فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ [42- 47] 10276/ [2]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: أَ كُفَّارُكُمْ مخاطبة لقريش خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ يعني هذه الأمم الهالكة أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ أي في الكتب لكم براءة أن لا تهلكوا كما هلكوا، فقالت قريش: قد اجتمعنا لننتصر و نقتلك يا محمد، فأنزل الله: أَمْ يَقُولُونَ يا محمد نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ يعني يوم بدر حين هزموا و أسروا و قتلوا ثم قال: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ يعني القيامة وَ السَّاعَةُ أَدْهى وَ أَمَرُّ أي أشد و أغلظ [و أمر]، و قوله تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ أي في عذاب، و سعر: واد في جهنم عظيم.

__________________________________________________

1- الكافي 5: 548/ 6.

2- تفسير القمّي 2: 342.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيات (50- 53) من سورة هود. [.....]

(2) تقدّمت في تفسير الآيات (69- 83) من سورة هود.

(3) تقدّمت في تفسير الآيات (27- 35) من سورة العنكبوت.

(4) تقدّمت في تفسير الآيات (24- 47) من سورة الذاريات.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 5، ص: 222

10277/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن موسى بن محمد العجلي، عن يونس بن يعقوب، رفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها «يعني الأوصياء كلهم».

10278/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا عبد الكريم، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها في بطن القرآن كذبوا بالأوصياء كلهم».

سورة القمر(54): الآيات 48 الي 55 ..... ص : 222

قوله تعالى:

يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ- إلى قوله تعالى- فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [48- 55]

10279/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي العزائمي، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى التميمي بالبصرة، و أحمد بن إبراهيم ابن معلى بن أسد العمي، قالا: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد، قال: حدثنا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسن بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: إِنَّا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ، فقال: «يقول الله عز و جل: إِنَّا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ لأهل النار بِقَدَرٍ أعمالهم».

10280/ [5]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين

بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته، عن الرقى «1» أ تدفع من القدر شيئا؟ فقال: «هي من القدر».

و قال (عليه السلام): «إن القدرية مجوس هذه الأمة، و هم الذين أرادوا أن يصفوا الله بعدله، فأخرجوه من سلطانه، و فيهم نزلت هذه الآية يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 161/ 2.

3- تفسير القمي 1: 119.

4- التوحيد: 382/ 30.

5- التوحيد: 382/ 29.

(1) الرقى جمع رقية: و هي العوذة التي يرقى بها «النهاى 2: 254».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 223

10281/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ قال: له وقت و أجل و مدة.

10282/ [4]- ثم قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «وجدت لأهل القدر اسما في كتاب الله قوله تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ «1»، و هم المجرمون».

قوله تعالى: وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ يعني بقول «2» كن فيكون، و قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ أي أتباعكم و عبدة الأصنام وَ كُلُّ شَيْ ءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ أي مكتوب في الكتب وَ كُلُّ صَغِيرٍ وَ كَبِيرٍ يعني من ذنب مُسْتَطَرٌ أي مكتوب، ثم ذكر ما أعده للمتقين فقال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.

10283/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن

محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قلت: إِنَّ الْمُتَّقِينَ؟ قال: «نحن و الله و شيعتنا، ليس على ملة إبراهيم غيرنا، و سائر الناس منها برآء».

10284/ [6]- محمد بن العباس: عن محمد بن عمران «3» بن أبي شيبة، عن زكريا بن يحيى، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن عاصم بن ضمرة، قال: إن جابر بن عبد الله، قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) في المسجد، فذكر بعض أصحابه الجنة فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «إن أول أهل الجنة دخولا إليها علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

فقال أبو دجانة الأنصاري: يا رسول الله، [أليس أخبرتنا أن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها، و على الأمم حتى تدخلها أمتك؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «بلى، يا أبا دجانة، أما علمت أن لله عز و جل لواء من نور، و عمودا من نور، خلقهما الله تعالى قبل أن يخلق السماوات و الأرض بألفي عام، مكتوب على ذلك اللواء: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، خير البرية آل محمد، صاحب اللواء علي، و هو إمام القوم».

فقال علي (عليه السلام): «الحمد لله الذي هدانا بك يا رسول الله، و شرفنا».

فقال [النبي (صلى الله عليه و آله): «أبشر يا علي، ما من عبد ينتحل مودتك إلا بعثه الله معنا يوم القيامة».

و جاء

في

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 342.

4- تفسير القمّي 2: 342.

5- الكافي 1: 361/ 91.

6- تأويل الآيات 2: 629/ 2.

(1) القمر 54: 47- 49.

(2) في المصدر: نقول. [.....]

(3) في «ج»: محمّد بن عمرو، و في المصدر: محمد بن عمر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 224

رواية أخرى: «يا

علي أما علمت أنه من أحبنا و انتحل محبتنا أسكنه الله معنا». و تلا هذه الآية: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.

10285/ [7]- الشيخ الأجل شرف الدين النجفي: عن الشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمه الله)، قال: رويناه بالإسناد إلى جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): « [يا علي من أحبك و تولاك أسكنه الله معنا في الجنة». ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.

10286/ [8]- و من طريق المخالفين: موفق بن أحمد في (المناقب) قال روى السيد أبو طالب، بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): «إن من أحبك و تولاك أسكنه الله الجنة معنا». ثم قال: و تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله): إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 629/ 1.

8- المناقب: 195.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 225

المستدرك (سورة القمر) ..... ص : 225

سورة القمر(54): آية 10 ..... ص : 225

قوله تعالى:

أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [10]

[1]- الطبرسي في (الاحتجاج): روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان جالسا في بعض مجالسه بعد رجوعه من النهروان، فجرى الكلام حتى قيل له: لم لا حاربت أبا بكر و عمر كما حاربت طلحة و الزبير و معاوية؟

فقال علي (عليه السلام): «إني كنت لم أزل مظلوما مستأثرا على حقي». فقام إليه الأشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين. لم لم تضرب بسيفك، و لم تطلب بحقك؟ فقال: «يا أشعث، قد قلت قولا فاسمع الجواب

و عه، و استشعر الحجة، إن لي أسوة بستة من الأنبياء (صلوات الله عليهم أجمعين).

أولهم: نوح حيث قال: رب أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، و إلا فالوصي أعذر».

سورة القمر(54): آية 20 ..... ص : 225

قوله تعالى:

تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [20]

[2]- ابن بابويه في (علل الشرائع)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن احمد بن عثمان البروازي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي، قال: حدثنا صالح بن سعيد

__________________________________________________

1- الإحتجاج: 189.

2- علل الشرائع: 33/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 226

الترمذي، عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه: أن الريح العقيم تحت هذه الأرض التي تحت هذه الأرض التي نحن عليها، قد زمت بسبعين ألف زمام من حديد، قد وكل بكل زمام سبعون ألف ملك، فلما سلطها الله عز و جل على عاد، استأذنت خزنة الريح ربها عز و جل أن يخرج منها في مثل منخري الثور، و لو أذن الله عز و جل لها ما تركت شيئا على ظهر الأرض إلا أحرقته، فأوحى الله عز و جل إلى خزنة الريح: أن أخرجوا منها مثل ثقب الخاتم فأهلكوا بها. و بها ينسف الله عز و جل الجبال نسفا، و التلال و الآكام و المدائن و القصور يوم القيامة، و ذلك قوله عز و جل: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً «1»، و القاع: الذي لا نبات فيه، و الصفصف: الذي لا عوج فيه، و الأمت: المرتفع، و إنما سميت العقيم لأنها تلقحت بالعذاب، و تعقمت عن الرحمة كتعقم الرجل

إذا كان عقيما لا يولد له، و طحنت تلك القصور و المدائن و المصانع، حتى عاد ذلك كله رملا رقيقا تسفيه الريح، فذلك قوله عز و جل: ما تَذَرُ مِنْ شَيْ ءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ «2».

و إنما كثر الرمل في تلك البلاد، لأن الريح طحنت تلك البلاد و عصفت عليهم سبع ليال و ثمانية أيام حسوما، فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، و الحسوم: الدائمة، و يقال: المتتابعة الدائمة. و كانت ترفع الرجال و النساء فتهب بهم صعدا، ثم ترمي بهم من الجو، فيقعون على رؤوسهم منكسين، تقلع الرجال و النساء من تحت أرجلهم، ثم ترفعهم، فذلك قوله عز و جل: تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ، و النزع:

القلع، و كانت الريح تعصف الجبل كما تعصف المساكن فتطحنها، ثم تعود رملا رقيقا، فمن هناك لا يرى في الرمل جبل، و إنما سميت عاد إرم ذات العماد، من أجل أنهم كانوا يسلخون العمد من الجبال، فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذي يسلخونه من أسفله إلى أعلاه، ثم ينقلون تلك العمد فينصبونها، ثم يبنون القصور عليها، فسميت ذات العماد لذلك.

__________________________________________________

(1) طه: 2: 105- 107.

(2) الذاريات 51: 42.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 227

سورة الرحمن ..... ص : 227

فضلها ..... ص : 227

10287/ [1]- الشيخ: بإسناده، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن حماد بن عثمان، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يستحب أن تقرأ في دبر صلاة الغداة يوم الجمعة الرحمن، ثم تقول كلما قلت:

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ «1» قلت: لا بشي ء من آلائك رب أكذب».

10288/ [2]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا تدعوا قراءة سورة الرحمن و القيام

بها، فإنها لا تقر في قلوب المنافقين، و يأتي [بها ربها] يوم القيامة في صورة آدمي، في أحسن صورة، و أطيب ريح، حتى تقف من الله موقفا لا يكون أحد أقرب إلى الله منها، فيقول لها: من الذي كان يقوم بك في الحياة الدنيا، و يدمن قراءتك؟ فتقول: يا رب، فلان و فلان. فتبيض وجوههم، فيقول [لهم : اشفعوا فيمن أحببتم.

فيشفعون، حتى لا يبقى لهم غاية [و لا أحد يشفعون له ، فيقول لهم: ادخلوا الجنة، و اسكنوا فيها حيث شئتم».

10289/ [3]- و عنه: عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام، أو بعض أصحابنا، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الرحمن، فقال عند كل آية فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ: لا بشي ء من آلائك رب أكذب، فإن قرأها ليلا ثم مات شهيدا، و إن قرأها نهارا ثم مات مات شهيدا».

__________________________________________________

1- التهذيب 3: 8/ 25.

2- ثواب الأعمال: 116.

3- ثواب الأعمال: 116.

(1) الرحمن 55: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 228

10290/ [4]- ابن شهر آشوب: عن محمد بن المنذر، عن جابر بن عبد الله، قال: لما قرأ النبي (صلى الله عليه و آله) الرحمن على الناس سكتوا، فلم يقولوا شيئا، فقال (صلى الله عليه و آله): «للجن كانوا أحسن جوابا منكم، لما قرأت عليهم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، قالوا: لا بشي ء من آلائك ربنا نكذب».

10291/ [5]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة رحم الله ضعفه، و أدى شكر ما أنعم عليه، و من كتبها و علقها عليه

هون الله عليه كل أمر صعب، و إن علقت على من به رمد برى ء».

10292/ [6]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه أمن و هان عليه كل أمر صعب و إن علقت على من به رمد يبرأ بإذن الله تعالى».

10293/ [7]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها على الأرمد زال عنه، و إذا كتبت جميعا على حائط البيت منعت الهوام منه بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

4- المناقب 1: 47.

5- ........

6- خواص القرآن: 52 «مخطوط». [.....]

7- خواص القرآن: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 229

سورة الرحمن(55): الآيات 1 الي 13 ..... ص : 229

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ- إلى قوله تعالى- فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [1- 13]

10294/ [1]- الطبرسي: قال الصادق (عليه السلام): «البيان: الاسم الأعظم الذي علم به كل شي ء».

10295/ [2]- سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ، فقال: «إن الله عز و جل علم [محمدا] القرآن».

قلت: خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ؟ قال: «ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، علمه بيان كل شي ء مما يحتاج إليه الناس».

10296/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ، قال (عليه السلام): «الله علم [محمدا] القرآن».

قلت: خَلَقَ الْإِنْسانَ؟ قال: «ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قلت: عَلَّمَهُ الْبَيانَ؟ قال: «علمه تبيان كل شي ء يحتاج الناس إليه».

قلت: الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ، قال: «هما يعذبان». قلت: الشمس و القمر يعذبان؟ قال: «إن سألت عن شي ء فأتقنه، إن الشمس و

القمر آيتان من آيات الله، يجريان بأمره، مطيعان له، ضوؤهما من نور عرشه،

__________________________________________________

1- مجمع البيان 9: 299.

2- مختصر البصائر: 57.

3- تفسير القمّي 2: 343.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 230

و جرمهما «1» من جهنم، فإذا كانت القيامة عاد إلى العرش نورهما، و عاد إلى النار جرمهما، فلا يكون شمس و لا قمر، و إنما عنا هما لعنهما الله، أليس قد روى الناس: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: إن الشمس و القمر نوران [في النار]؟». قلت: بلى. قال: «و ما سمعت قول الناس: فلان و فلان شمسا هذه الأمة و نورهما؟ فهما في النار، و الله ما عنى غيرهما».

قلت: وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ قال: «النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لقد سماه الله في غير موضع، فقال: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى «2»، و قال: وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ «3»، [فالعلامات: الأوصياء، و النجم:

رسول الله (صلى الله عليه و آله)»].

قلت: يَسْجُدانِ؟ قال: «يعبدان».

قلت: وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ؟ قال: «السماء: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، رفعه الله إليه، و الميزان:

أمير المؤمنين (عليه السلام)، نصبه لخلقه».

قلت: أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ؟ قال: «لا تعصوا الإمام».

قلت: [وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ؟ قال: «أقيموا الإمام بالعدل».

قلت:] وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ؟ قال: «لا تبخسوا الإمام حقه، و لا تظلموه».

و قوله تعالى: وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ، قال: «للناس»، فِيها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ قال:

«يكبر ثمر النخل في القمع، ثم يطلع منه».

و قوله تعالى: وَ الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَ الرَّيْحانُ، قال: «الحب: الحنطة و الشعير و الحبوب، و العصف:

التين، و الريحان: ما يؤكل منه، و قوله تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ،

قال: «في الظاهر مخاطبة للجن و الإنس، و في الباطن فلان و فلان».

10297/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سورة الرحمن نزلت فينا من أولها إلى آخرها».

10298/ [5]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ؟ قال: «الله علم القرآن».

قلت: فقوله: خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ؟ قال: «ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)، علمه الله سبحانه بيان

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 630/ 1.

5- تأويل الآيات 2: 2: 630/ 2.

(1) الجرم: الحرّ، فارسي معرّب. «لسان العرب 12: 95».

(2) النجم 53: 1.

(3) النحل 6: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 231

كل شي ء يحتاج إليه الإنسان».

10299/ [6]- و عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان «1»، عن سعيد بن عثمان، عن داود الرقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، [عن قول الله عز و جل الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ، قال: «يا داود، سألت عن أمر فاكتف بما يرد عليك، إن الشمس و القمر آيتان من آيات الله، يجريان بأمره، ثم إن الله ضرب ذلك مثلا لمن وثب علينا و هتك حرمتنا و ظلمنا حقنا، فقال: هما بحسبان، قال: هما في عذابي».

قال: قلت: وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ؟ قال: «النجم: رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الشجر: أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام) لم يعصوا الله طرفة

عين».

قال: قلت: وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ؟ قال: «السماء: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قبضه الله ثم رفعه إليه وَ وَضَعَ الْمِيزانَ و الميزان: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و نصبه لهم من بعده».

قلت: أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ؟ قال: «لا تطغوا في الامام بالعصيان و الخلاف».

قلت: وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ؟ قال: «أطيعوا الإمام بالعدل، و لا تبخسوه في حقه».

10300/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان، عن سعيد بن عثمان، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «و قوله تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، أي بأي، نعمتي تكذبان بمحمد أم بعلي؟ فبهما أنعمت على العباد».

10301/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، قال: «قال الله: فبأي النعمتين تكفران، بمحمد أم بعلي».

10302/ [9]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، رفعه إلى جعفر بن محمد (عليهما السلام) «2»

، في قول الله عز و جل: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ: «أبا النبي أم بالوصي [تكذبان ، نزلت في (الرحمن)».

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 2: 2: 632/ 5.

7- تأويل الآيات 2: 2: 633/ 6.

8- تفسير القمّي 2: 344.

9- الكافي 1: 169/ 2.

(1) في المصدر: مهران. [.....]

(2) إلى جعفر بن محمّد (عليهما السلام) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 232

سورة الرحمن(55): آية 14 ..... ص : 232

قوله تعالى:

خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ [14]

10303/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الماء المتصلصل بالطين.

سورة الرحمن(55): آية 15 ..... ص : 232

قوله تعالى:

وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ [15]

10304/ [2]- (تحفة الإخوان): بالإسناد، عن أبي بصير، عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: أخبرني عن خلق آدم (عليه السلام)، كيف خلقه الله تعالى، قال: «إن الله تعالى لما خلق نار السموم، و هي نار لا حر لها و لا دخان، فخلق منها الجان، فذلك معنى قوله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ «1»، و سماه مارجا، و خلق منها «2» زوجه و سماها مارجة، فواقعها فولدت الجان، ثم ولد الجان ولدا و سماه الجن، و منه تفرعت قبائل الجن، و منهم إبليس اللعين، و كان يولد للجان الذكر و الأنثى، و يولد الجن كذلك توأمين، فصاروا تسعين ألفا ذكرا و أنثى، و ازدادوا حتى بلغوا عدد الرمال».

و الحديث طويل، تقدم بطوله في قوله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ من سورة الحجر «3».

سورة الرحمن(55): آية 17 ..... ص : 232

قوله تعالى:

رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [17] 10305/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: مشرق الشتاء، و مشرق الصيف، [و مغرب الشتاء، و مغرب الصيف .

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 1: 375.

2- تحفة الإخوان: 62 «مخطوط».

3- تفسير القمّي 2: 344.

(1) الحجر 15: 27.

(2) في «ج» و المصدر: منه.

(3) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (27- 35) من سورة الحجر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 233

10306/ [1]- ثم قال: و في رواية سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ قال: «المشرقين: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين (عليه السلام)، و المغربين: الحسن و الحسين (عليهما السلام)، [و في

أمثالهما تجري» فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، قال: «برسول الله و أمير المؤمنين (عليهما السلام)».

سورة الرحمن(55): الآيات 19 الي 22 ..... ص : 233

قوله تعالى:

مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ- إلى قوله تعالى- يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ [19- 22]

10307/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن سعيد القطان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال: «علي و فاطمة (عليهما السلام)، [بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، الحسن و الحسين (عليهما السلام)».

10308/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن سعيد القطان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله عز و جل: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ، قال: «علي و فاطمة (عليهما السلام) بحران من العلم عميقان، لا يبغي أحدهما على صاحبه، يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ الحسن و الحسين (عليهما السلام)».

10309/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن محفوظ بن بشير «1»، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، قال: «علي و فاطمة (عليهما السلام)» بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال: «لا يبغي علي على فاطمة، و لا فاطمة تبغي على علي».

يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، قال: «الحسن و الحسين (عليهما السلام)».

10310/ [5]- و عنه، قال: حدثنا جعفر بن

سهل، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم، عن يحيى بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 344.

2- تفسير القمّي 2: 344.

3- الخصال: 65/ 96.

4- تأويل الآيات 2: 635/ 11.

5- تأويل الآيات 2: 636/ 12.

(1) في المصدر: بشر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 234

عبد الحميد، عن قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، في قوله عز و جل: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، قال: علي و فاطمة، لا يبغي هذا على هذه، و لا هذه على هذا يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، قال: الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين).

10311/ [5]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن الصلت، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله عز و جل: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ، قال: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ علي و فاطمة (عليهما السلام) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ، قال:

النبي (صلى الله عليه و آله)، يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، قال: الحسن و الحسين (عليهما السلام).

10312/ [6]- و عنه: عن علي بن مخلد الدهان، عن أحمد بن سليمان، عن إسحاق بن إبراهيم الأعمش، عن كثير بن هشام، عن كهمس بن الحسن، عن أبي السليل، عن أبي ذر (رضي الله عنه)، في قوله عز و جل: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، قال: علي و فاطمة (عليهما السلام)، يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ الحسن و الحسين (عليهما السلام)، فمن رأى مثل هؤلاء الأربعة: علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام)؟ لا يحبهم إلا مؤمن، و لا يبغضهم إلا كافر، فكونوا مؤمنين بحب أهل البيت، و لا تكونوا كفارا ببغضهم فتلقوا في النار.

10313/ [7]- السيد الرضي

في (المناقب الفاخرة): عن المبارك بن سرور، قال: أخبرني القاضي أبو عبد الله، قال: أخبرني أبي (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو غالب محمد بن عبد الله، يرفعه إلى أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سئل ابن عباس عن قول الله عز و جل: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، فقال: «علي و فاطمة (عليهما السلام) و بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ، رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال: الحسن و الحسين (عليهما السلام)».

10314/ [8]- أبو علي الطبرسي: روي عن سلمان الفارسي، و سعيد بن جبير، و سفيان الثوري: أن البحرين علي و فاطمة (عليهما السلام) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ الحسن و الحسين (عليهما السلام).

10315/ [9]- ابن شهر آشوب: عن الخركوشي في كتابيه (اللوامع)، و (شرف المصطفى) بإسناده عن سلمان، و أبي بكر الشيرازي في كتابه، عن أبي صالح و أبي إسحاق الثعلبي، و علي بن أحمد الطائي «1»، و ابن علوية القطان، في تفاسيرهم، عن سعيد بن جبير، و سفيان الثوري، و أبي نعيم الأصفهاني (فيما نزل من القرآن في __________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 636/ 13. [.....]

6- تأويل الآيات 2: 636/ 14.

7- ........

8- مجمع البيان 9: 305.

9- المناقب 3: 318، شرف النبيّ (صلى اللّه عليه و آله): 258.

(1) في المصدر زيادة: و أبو محمّد بن الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 235

أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، و عن أبي مالك، عن ابن عباس، و القاضي النطنزي، عن سفيان بن عيينة، عن جعفر الصادق (عليه السلام) «1»

، و اللفظ له في

قوله تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قال: «علي و فاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه».

و في رواية: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ رسول الله (صلى الله عليه و آله) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال: «الحسن و الحسين (عليهما السلام)».

10316/ [10]- و عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن فاطمة (عليها السلام)، بكت للجوع و العري، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «اقنعي- يا فاطمة- بزوجك، فو الله، إنه سيد في الدنيا و سيد في الآخرة»، و أصلح بينهما، فأنزل الله تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ، يقول [الله : أنا أرسلت البحرين علي بن أبي طالب بحر العلم، و فاطمة بحر النبوة يَلْتَقِيانِ يتصلان، أنا الله أوقعت الوصلة بينهما.

ثم قال: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ مانع رسول الله، يمنع علي بن أبي طالب أن يحزن لأجل الدنيا، و يمنع فاطمة أن تخاصم بعلها لأجل الدنيا، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يا معشر الجن و الإنس تُكَذِّبانِ بولاية أمير المؤمنين و حب فاطمة الزهراء، فاللؤلؤ: الحسن، و المرجان: الحسين، لأن اللؤلؤ الكبار، و المرجان الصغار، و لا غرو أن يكونا بحرين لسعة فضلهما، و كثرة خيرهما، فإن البحر إنما سمي بحرا لسعته، و أجرى النبي (صلى الله عليه و آله) فرسا، فقال: «وجدته بحرا».

10317/ [11]- عبد الله بن جعفر الحميري: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام)، قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ، قال: «من ماء السماء و من ماء البحر، فإذا أمطرت فتحت الأصداف أفواهها في البحر، فيقع فيها من الماء المطر، فتخرج «2» اللؤلؤ الصغيرة من القطرة الصغيرة، و اللؤلؤة الكبيرة من القطرة الكبيرة».

10318/ [12]- و من طريق المخالفين: ما رواه الثعلبي،

في تفسير قوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ يرفعه إلى سفيان الثوري، في هذه الآية، قال: فاطمة و علي (عليهما السلام) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ [قال: الحسن و الحسين (عليهما السلام)]، قال الثعلبي: و روي هذا عن سعيد بن جبير و قال: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ محمد (صلى الله عليه و آله).

__________________________________________________

10- المناقب 3: 319.

11- قرب الإسناد: 64.

12- ... العمدة: 399/ 810 و: 400/ 811، عن الثعلبي.

(1) في «ج» زيادة: عن النبي (صلى اللّه عليه و آله).

(2) في «ج» و المصدر: فتخلق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 236

سورة الرحمن(55): آية 24 ..... ص : 236

قوله تعالى:

وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ [24] 10319/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخرا.

و إن صخرا لمولانا و سيدنا و إن صخرا إذا نشتو لنحار

و إن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار

10320/ [2]- ابن بابويه: بإسناده، عن علي (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ قال: السفن.

سورة الرحمن(55): الآيات 26 الي 27 ..... ص : 236

قوله تعالى:

كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ [26- 27] 10321/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ قال: من على وجه الأرض وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ قال: دين ربك، و

قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «نحن الوجه الذي يؤتى الله منه».

10322/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، فما معنى الخبر الذي رووه أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله تعالى؟ فقال (عليه السلام): «يا أبا الصلت، من وصف الله تعالى بوجه كالوجوه فقد كفر، و لكن وجه الله تعالى أنبياؤه و رسله و حججه (صلوات الله عليهم)، هم الذين بهم يتوجه إلى الله عز و جل و إلى دينه و معرفته، و قال الله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ و قال عز و جل:

كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ».

و قد تقدمت الروايات في معنى الوجه، في قوله تعالى: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ من آخر سورة القصص «1».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 344، ديوان الخنساء: 48.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه

السّلام) 2: 66/ 300.

3- تفسير القمّي 2: 345.

4- أمالي الصدوق: 372/ 7. [.....]

(1) تقدّمت الروايات في تفسير الآية (88) من سورة القصص.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 237

سورة الرحمن(55): آية 29 ..... ص : 237

قوله تعالى:

يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [29] 10323/ [1]- علي بن إبراهيم: يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ قال: يحيي و يميت، و يرزق و يزيد و ينقص.

10324/ [2]- الشيخ في (مجالسه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب أبو محمد الشعراني البيهقي بجرجان، قال: حدثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز بن محمد أبو موسى المجاشعي، قال: حدثني محمد بن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: حدثنا أبي أبو عبد الله (عليه السلام)، قال المجاشعي: و حدثنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «إن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: قال الله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، فإن من شأنه أن يغفر ذنبا، و يفرج كربا، و يرفع قوما و يضع آخرين».

سورة الرحمن(55): آية 31 ..... ص : 237

قوله تعالى:

سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ [31]

10325/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن هارون ابن خارجة، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ، قال: «الثقلان: نحن و القرآن».

10326/ [4]- و عنه: عن محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن السندي بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ، قال: «كتاب الله و نحن».

10327/ [5]- و عنه: عن عبد الله بن محمد بن ناجية، عن مجاهد

بن موسى، عن ابن مالك، عن حجام بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 345.

2- الأمالي 2: 135.

3- تأويل الآيات 2: 637/ 17.

4- تأويل الآيات 2: 638/ 18.

5- تأويل الآيات 2: 638/ 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 238

عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله): «إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

10328/ [4]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ، قال: قال: «نحن و كتاب الله، و الدليل على ذلك قول رسول الله (صلى الله عليه و آله): إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله و عترتي أهل بيتي».

سورة الرحمن(55): آية 33 ..... ص : 238

قوله تعالى:

يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ [33]

10329/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن عمرو ابن أبي شيبة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول ابتداء منه: «إن لله إذا بدا له أن يبين خلقه و يجمعهم لما لا بد منه، أمر مناديا ينادي، فيجتمع الإنس و الجن في أسرع من طرفة عين، ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل، و كان من وراء الناس، و أذن للسماء الثانية فتنزل، و هي ضعف التي تليها، فإذا رآها أهل السماء الدنيا، قالوا: جاء ربنا. قالوا:

[لا] و هو آت،- يعني أمره- حتى تنزل كل سماء، [تكون واحدة [منها] من وراء الاخرى، و هي ضعف التي تليها، ثم يأتي «1» أمر الله في ظلل من الغمام و الملائكة و قضي الأمر و

إلى الله ترجع الأمور، ثم يأمر الله مناديا ينادي:

يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ».

قال: و بكى (عليه السلام) حتى إذا سكت، قلت: جعلني الله فداك، يا أبا جعفر، و أين رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) و شيعته؟.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام) و شيعته، على كثبان من المسك الأذفر، على منابر من نور، يحزن الناس و لا يحزنون، و يفزع الناس و لا يفزعون» ثم تلا هذه الآية مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ «2».

«فالحسنة: ولاية علي (عليه السلام)» ثم قال:

__________________________________________________

4- تفسير القمي 2: 345.

1- تفسير القمي 2: 77 و 345.

(1) في «ج» و المصدر: ينزل.

(2) النمل 27: 89.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 239

لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ «1».

قوله تعالى: بِسُلْطانٍ أي بحجة.

سورة الرحمن(55): آية 37 ..... ص : 239

قوله تعالى:

فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ [37]

10330/ [1]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة يدعى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيكسى حلة وردية».

فقلت: جعلت فداك، و ردية؟ قال: «نعم، أما سمعت قول الله عز و جل: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ، ثم يدعى [علي فيقوم على يمين رسول الله، ثم يدعى من شاء الله فيقومون على يمين علي، ثم يدعى شيعتنا فيقومون على يمين من شاء الله».

ثم قال: «يا أبا محمد، أين ترى

ينطلق بنا»؟ قال: قلت إلى الجنة. قال: «ما شاء الله».

سورة الرحمن(55): آية 39 ..... ص : 239

قوله تعالى:

فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ [39] 10331/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ، قال: منكم، يعني من الشيعة إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ، قال: معناه أن من تولى أمير المؤمنين (عليه السلام)، و تبرأ من أعدائه، و أحل حلاله و حرم حرامه، ثم دخل فى الذنوب و لم يتب في الدنيا، عذب عليها في البرزخ، و يخرج يوم القيامة، و ليس له ذنب يسئل عنه يوم القيامة.

10332/ [3]- ابن بابويه في (بشارات الشيعة)، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن حنظلة، عن ميسرة «2»، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «لا يرى منكم في النار اثنان، لا و الله و لا واحد».

قال: قلت: فأين ذا من كتاب الله؟ فأمسك عني سنة، قال: فإني معه ذات يوم في الطواف، إذ قال: «يا ميسرة،

__________________________________________________

1- المحاسن: 180/ 171.

2- تفسير القمّي 2: 345.

3- فضائل الشيعة: 76/ 43.

(1) الأنبياء 21: 103. [.....]

(2) في «ج» و المصدر: ميسر، و كذا الموضع الآتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 240

أذن لي في جوابك عن مسألتك كذا». قال: قلت: فأين هو من القرآن؟ قال: «في سورة الرحمن و هو قول الله عز و جل: (فيومئذ لا يسئل عن ذنبه منكم إنس و لا جان).

فقلت له: ليس فيها (منكم)؟ قال: «إن أول من غيرها ابن أروى «1»، و ذلك أنها حجة عليه و على أصحابه، و لو لم يكن فيها (منكم) لسقط عقاب الله عز و جل عن خلقه، إذا لم يسئل عن ذنبه إنس و لا جان،

فلمن يعاقب الله إذن يوم القيامة»؟.

10333/ [1]- الطبرسي: روي عن الرضا (عليه السلام)، قال: (فيومئذ لا يسئل منكم عن ذنبه إنس و لا جان)».

سورة الرحمن(55): الآيات 41 الي 44 ..... ص : 240

قوله تعالى:

يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ- إلى قوله تعالى- حَمِيمٍ آنٍ [41- 44]

10334/ [2]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا علي بن أحمد، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ، قال: «الله يعرفهم، و لكن أنزلت في القائم يعرفهم بسيماهم فبخبطهم بالسيف هو و أصحابه خبطا».

10335/ [3]- محمد بن الحسن الصفار: عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه سليمان، عن معاوية الدهني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ، فقال: «يا معاوية، ما يقولون في هذا؟» قلت: يزعمون أن الله تبارك و تعالى يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة، فيأمر فيؤخذ بنواصيهم و أقدامهم، و يلقون في النار. فقال لي: «و كيف يحتاج [الجبار] تبارك و تعالى إلى معرفة خلق أنشأهم و هو خلقهم».

فقلت: جعلت فداك، و ما ذاك؟ قال: «ذلك لو قام قائمنا أعطاه الله السيماء، فيأمر بالكافر، فيؤخذ بنواصيهم و أقدامهم، ثم يخبط بالسيف خبطا».

10336/ [4]- الطبرسي: و قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): «هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليانها لا تموتان «2»

__________________________________________________

1- مجمع البيان 9: 312.

2- الغيبة: 242/ 39.

3- بصائر الدرجات: 376/ 8 و: 379/ 17.

4- مجمع البيان 9: 308.

(1) يريد بن عثمان بن عفان، و أروى امّه.

(2) في المصدر: تكذبان اصلياها فلا

تموتان فيها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 241

و لا تحييان».

10337/ [4]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان الديلمي، عن معاوية بن عمار الدهني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ فقال: «يا معاوية، ما يقولون في هذا». قلت: يزعمون أن الله تبارك و تعالى يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة، فيأمر بهم، فيؤخذ بنواصيهم و أقدامهم، و يلقون في النار، فقال لي: «و كيف يحتاج الجبار تبارك و تعالى إلى معرفة الخلق بسيماهم و هو خلقهم؟!» قلت: فما ذا ذاك، جعلت فداك؟ فقال: «ذلك لو قام قائمنا أعطاه الله سيماء أعدائنا، فيأمر بالكافر، فيؤخذ بالنواصي و الأقدام، ثم يخبط بالسيف خبطا».

10338/ [5]- و عنه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ، قال: «سبحانه و تعالى يعرفهم، و لكن هذه نزلت في القائم (عليه السلام)، هو «1» يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو و أصحابه خبطا».

10339/ [6]- عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن عيسى، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الحميد في سنة ثمان و تسعين و مائة في المسجد الحرام، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فأخرج إلي مصحفا، فتصفحت، فوقع بصري على موضع منه، فإذا فيه مكتوب: (هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان فاصليا فيها لا تموتان و لا تحييان) يعني الأولين.

10340/ [7]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ قال: لها أنين من شدة حرها.

10341/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر

الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت له: يا بن رسول الله، فأخبرني عن الجنة و النار، أ هما اليوم مخلوقتان؟ فقال: «نعم، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد دخل الجنة و رأى النار، لما عرج به إلى السماء».

قال: فقلت له: إن قوما يقولون: إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين؟ فقال (عليه السلام): «لا هم منا و لا نحن منهم، من أنكر خلق الجنة و النار فقد كذب رسول الله و كذبنا، و ليس من ولايتنا على شي ء، و يخلد في نار جهنم، قال الله تعالى هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله):

__________________________________________________

4- الاختصاص: 304.

5- ......

6- قرب الاسناد: 9.

7- تفسير القمّي 2: 345.

8- أمالي الصدوق: 373/ 7.

(1) في «ي» زيادة: حكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 242

لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل (عليه السلام) فأدخلني الجنة، فناولني من رطبها فأكلته، فتحول ذلك نطفة فى صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة تشممت رائحة ابنتي فاطمة».

سورة الرحمن(55): الآيات 46 الي 62 ..... ص : 242

قوله تعالى:

وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ [46] و قوله تعالى: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ [62]

10342/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ. قال: «من علم أن الله يراه، و يسمع ما يقول و يعلم ما

يعلمه من خير و شر، فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال، فذلك الذي خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى».

10343/ [2]- كتاب (الجنة و النار): أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، عن عوف بن عبد الله، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الجنان أربع، و ذلك قول الله عز و جل: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ، و هو أن الرجل يهجم على شهوة من شهوات الدنيا و هي معصية، فيذكر مقام ربه، فيدعها من مخافته، فهذه الآية فيه، فهاتان جنتان للمؤمنين و السابقين.

و أما قوله: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ، يقول: من دونهما في الفضل، و ليس من دونهما في القرب، و هما لأصحاب اليمين، و هي جنة النعيم و جنة المأوى، و في هذه الجنان الأربع فواكه في الكثرة كورق الشجر و النجوم، و على هذه الجنان الأربع حائط محيط بها، طوله مسيرة خمس مائة عام، لبنة من فضة، و لبنة من ذهب، و لبنة من در، و لبنة من ياقوت، و ملاطه المسك و الزعفران، و شرفه نور يتلألأ، يرى الرجل وجهه في الحائط، و في الحائط ثمانية أبواب، على كل باب مصراعان، عرضهما كحضر «1» الفرس الجواد سنة».

10344/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن غالب، عن عثمان بن محمد بن عمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل ثناؤه: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ،

__________________________________________________

1- الكافي 2: 57/ 10. [.....]

2- الإختصاص: 356.

3- تفسير القمي 2: 345.

(1) الحضر بالضم: العدو. «النهاية 1: 398».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 243

قال: «خضراوان في الدنيا

يأكل المؤمنون منها حتى يفرغ «1» من الحساب».

10345/ [4]- الطبرسي: روى العياشي بالإسناد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له:

جعلت فداك، أخبرني عن الرجل المؤمن، له امرأة مؤمنة، يدخلان الجنة، يتزوج أحدهما الآخر؟ فقال: «يا أبا محمد، إن الله حكم عدل، إذا كان هو أفضل منها خيره، فإن اختارها كانت من أزواجه، و إن كانت هي خيرا منه خيرها، فإن اختارته كان زوجا لها».

قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تقولن جنة واحدة، إن الله يقول: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ، و لا تقولن درجة واحدة، إن الله تعالى يقول: (درجات بعضها فوق بعض) إنما تفاضل القوم بالأعمال».

قال: و قلت له: إن المؤمنين يدخلان الجنة، فيكون أحدهما أرفع مكانا من الآخر، فيشتهي أن يلقى صاحبه؟ قال: «من كان فوقه فله أن يهبط، و من كان تحته لم يكن له أن يصعد، لأنه لم يبلغ ذلك المكان، و لكنهم إذا أحبوا ذلك و اشتهوه التقوا على الأسرة».

10346/ [5]- و عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [قال : قلت له: إن الناس يتعجبون منا إذا قلنا:

يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة، فيقولون لنا: فيكونون مع أولياء الله في الجنة؟ فقال: «يا علاء، إن الله تعالى يقول: وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ، لا و الله لا يكونون مع أولياء الله».

قلت: كانوا كافرين؟ قال (عليه السلام): «لا و الله، لو كانوا كافرين ما دخلوا الجنة».

قلت: كانوا مؤمنين؟ قال: «لا و الله، لو كانوا مؤمنين ما دخلوا النار، و لكن بين ذلك».

10347/ [6]- ابن بابويه: بإسناده، عن موسى بن إبراهيم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم

السلام)، قال: «قالت أم سلمة (رضي الله عنها) لرسول الله (صلى الله عليه و آله): بأبي أنت و أمي، المرأة يكون لها زوجان فيموتون، و يدخلون الجنة، لأيهما تكون؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «يا أم سلمة، تخير أيهما أحسن «2» خلقا، و خيرهما لأهله. يا أم سلمة، إن حسن الخلق ذهب بخير الدنيا و الآخرة».

سورة الرحمن(55): آية 56 ..... ص : 243

قوله تعالى:

فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ [56] 10348/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ، قال: الحور العين يقصر الطرف

__________________________________________________

4- مجمع البيان 9: 318.

5- مجمع البيان 9: 318.

6- أمالي الصدوق: 403/ 8.

1- تفسير القمّي 2: 346.

(1) في المصدر: يفرغوا.

(2) في المصدر: تخير أحسنهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 244

عنها من ضوء نورها، و قوله تعالى: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ، أي لم يمسسهن [أحد].

سورة الرحمن(55): آية 60 ..... ص : 244

قوله تعالى:

هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ [60]

10349/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن أبيه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسأله أعلمهم، فقال له: أخبرني عن تفسير: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): علم الله عز و جل أن بني آدم يكذبون على الله، فقال: سبحان الله، براءة «1» مما يقولون، و أما قوله: الحمد لله، فإنه علم أن العباد لا يؤدون شكر نعمته، فحمد نفسه قبل أن يحمده العباد، و هو أول كلام، لو لا ذلك لما أنعم الله عز و جل على أحد بنعمة و قوله: لا إله إلا الله، يعني وحدانيته، لا يقبل الله الأعمال إلا بها، و هي كلمة التقوى يثقل «2» الله بها الموازين يوم القيامة، و أما قوله: الله أكبر، فهي كلمة أعلى الكلمات و أحبها

إلى الله عز و جل، يعني ليس شي ء أكبر من الله، و لا تصح «3» الصلاة، إلا بها لكرامتها على الله عز و جل، و هو الاسم الأعز الأكرم.

قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء قائلها؟ قال: إذا قال العبد: سبحان الله، سبح معه ما دون العرش، فيعطى قائلها عشر أمثالها، و إذا قال: الحمد لله، أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعيم الآخرة، و هي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، و ينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا: الحمد لله، و ذلك قوله عز و جل:

دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «4»، و أما قوله:

لا إله إلا الله، و ثمنها الجنة، و ذلك قوله عز و جل: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ يقول: هل جزاء من قال:

لا إله إلا الله إلا الجنة «5»، فقال اليهودي: صدقت يا محمد».

و رواه الشيخ المفيد في (الاختصاص) «6».

__________________________________________________

1- أمالي الصدوق: 158/ 1.

(1) في المصدر: تبرّيا.

(2) في «ي»: يتقبل.

(3) في المصدر: لا تفتتح.

(4) يونس 10: 10. [.....]

(5) في المصدر: فالجنّة جزاؤه.

(6) الإختصاص: 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 245

10350/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان القشيري، قال: حدثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) سنة خمسين «1» و مائتين، قال:

حدثني أبي، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن ءابائه، عن علي (عليهم السلام) في قوله عز و جل:

هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ، قال علي (عليه السلام): «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: إن الله عز و جل قال: ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة».

10351/ [3]- و رواه الشيخ في (أماليه): بإسناده إلى الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن إسماعيل بن الحكم العسكري، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان بن المغيرة القشيري، قال: حدثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) سنة خمس و مائتين، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) [في قول الله عز و جل: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: إن الله عز و جل قال: من جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة».

10352/ [4]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن عباس بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، بدبيل سنة اثنتين و عشرين و ثلاثمائة، قال: أخبرني أبي إسحاق بن عباس، قال: حدثني إسحاق بن موسى «2»، عن أبيه موسى ابن جعفر بن محمد، عن أبيه جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، في قول الله عز و جل: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ

إِلَّا الْإِحْسانُ، قال: «قال: رسول الله (صلى الله عليه و آله): هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة».

10353/ [5]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر ابن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، في رجب سنة سبع و ثلاثمائة، قال: حدثني محمد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، منذ خمس و سبعين سنة، قال:

حدثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، عن أبيه، علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)،

__________________________________________________

2- التوحيد: 28/ 29، أمالي الصدوق: 316/ 7.

3- الأمالي 2: 44.

4- الأمالي 2: 182.

5- الأمالي 2: 182.

(1) في الحديث الآتي: سنة خمس.

(2) في المصدر: عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن الحسني في رجب سنة سبع و ثلاث مائة، قال:

حدّثني محمّد بن عليّ بن الحسين (بن زيد بن عليّ بن الحسين) بن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، قال: حدّثني الرضا عليّ بن موسى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 246

قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: التوحيد ثمن الجنة، و الحمد لله وفاء كل نعمة و خشية الله مفتاح كل حكمة و الإخلاص ملاك كل طاعة».

10354/ [6]- ثم قال: بإسناده، قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: إني سميت فاطمة لأن الله فطمها و ذريتها من النار، من لقي الله منهم

بالتوحيد، و الإيمان بما جئت به».

10355/ [7]- المفيد في (الاختصاص) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ قال: «سمعت النبي (صلى الله عليه و آله) يقول: إن الله عز و جل يقول: ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة».

10356/ [8]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن عثمان بن عيسى، عن علي بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: [آية] في كتاب الله مسجلة». قلت: ما هي؟ قال: «قول الله تبارك و تعالى: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ جرت في المؤمن و الكافر و البر و الفاجر، من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به، و ليست المكافاة أن يصنع كما صنع به، بل حتى يرى مع فعله لذلك: أن له فضل المبتدئ».

سورة الرحمن(55): آية 64 ..... ص : 246

قوله تعالى:

مُدْهامَّتانِ [64]

10357/ [1]-- علي بن إبراهيم: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن حماد الخزاز، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله مُدْهامَّتانِ، قال: «تتصل ما بين مكة و المدينة نخلا».

سورة الرحمن(55): الآيات 66 الي 72 ..... ص : 246

قوله تعالى:

هِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ - إلى قوله تعالى- حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ [66- 72] 10358/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى:يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ قال: تفوران، و قوله تعالى:

__________________________________________________

6- الأمالي 2: 183.

7- الإختصاص: 225.

8- الزهد 31: 78.

1- تفسير القمي 2: 346.

2- تفسير القمي 2: 346.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 247

فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ قال: جوار نابتات على شط الكوثر، كلما أخذت منها واحدة نبتت مكانها أخرى، و قوله تعالى:

حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ قال: يقصر الطرف عنها.

10359/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ، قال: «هن صوالح المؤمنات العارفات».

قال: قلت: حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ؟ قال: «الحور: هن البيض المصونات المخدرات في خيام الدر و الياقوت و المرجان، لكل خيمة أربعة أبواب، على كل باب سبعون كاعبا حجابا لهن، و يأتيهن في كل يوم كرامة من الله عز ذكره، يبشر الله عز و جل بهن المؤمن».

10360/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن يزيد، النوفلي، عن الحسين ابن أعين أخي مالك بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الرجل للرجل: جزاك الله خيرا، ما يعنى به؟

قال: أبو عبد الله

(عليه السلام): «إن خيرا نهر في الجنة، مخرجه من الكوثر، و الكوثر مخرجه من ساق العرش، عليه منازل الأوصياء و شيعتهم، على حافتي ذلك النهر جوار نابتات، كلما قلعت واحدة نبتت أخرى، سمي بذلك «1» النهر، و ذلك قوله تعالى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ، فإذا قال الرجل لصاحبه: جزاك الله خيرا، فإنما يعني بذلك تلك المنازل التي أعدها الله عز و جل لصفوته و خيرته من خلقه».

و رواه ابن بابويه عن أبيه (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسين بن أعين أخي مالك بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، الحديث بعينه «2».

10361/ [4]- كتاب (صفة الجنة و النار): عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثني سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الأزدي «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: و حدث: «أن الحور العين خلقهن الله في الجنة مع شجرها، و حبسهن على أزواجهن في الدنيا، على كل واحدة منهن سبعون حلة، يرى بياض سوقهن من وراء الحلل السبعين، كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء، و السلك الأبيض في الياقوتة الحمراء، يجامعها في قوة مائة رجل في شهوة أربعين سنة، و هن أتراب أبكار عذارى، كلما نكحت صارت

__________________________________________________

2- الكافي 8: 156/ 147. [.....]

3- الكافي 8: 230/ 298.

4- الإختصاص: 351.

(1) كذا، و في معاني الأخبار: باسم ذلك، قال المجلسي (رحمه اللّه) قوله (عليه السّلام): «سميّ» كذا في أكثر النسخ و الظاهر سمّين، و يمكن أن يقرأ على البناء للمعلوم، أي سمّاهن اللّه بها في قوله: (خيرات)، و يحتمل أن يكون المشار إليه النابت،

أي سمّى النهر باسم ذلك النابت أي الجواري، لأنّ اللّه سمّاهنّ خيرات. «مرآت العقول». 26/ 166.

(2) معاني الأخبار: 182/ 1.

(3) في المصدر زيادة: عن بعض أصحابنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 248

عذراء: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌّ «1» يقول: لم يمسهن إنسي و لا جني قط: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ، يعني خيرات الأخلاق حسان الوجوه: كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَ الْمَرْجانُ»

، يعني صفاء الياقوت و بياض اللؤلؤ».

قال: «و إن في الجنة لنهرا حافتاه الجواري- قال: فيوحي إليهن الرب تبارك و تعالى: أسمعن عبادي تمجيدي و تسبيحي و تحميدي فيرفعن أصواتهن بألحان و ترجيع لم يسمع الخلائق مثلها قط، فيطرب أهل الجنة».

10362/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق، قال: حدثنا محمد بن الحسن الخشاب، قال: حدثنا محمد بن الحصين، عن محمد بن الفضيل، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه زهده- لو شئت لتسربلت بالعبقري «3» المنقوش من ديباجكم».

سورة الرحمن(55): آية 78 ..... ص : 248

قوله تعالى:

تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ [78]

10363/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن الحسين، عن أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ فقال: «نحن جلال الله و كرامته التي أكرم الله العباد بطاعتنا».

10364/ [2]- و رواه سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن محمد ابن أبي نصر، عن هشام بن

سالم، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ، فنحن جلال الله و كرامته التي أكرم الله تبارك و تعالى العباد بطاعتنا».

و الحديث يأتي بتمامه- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ، من سورة الحديد «4».

__________________________________________________

5- أمالي الصدوق: 496/ 7.

1- تفسير القمّي 2: 346.

2- مختصر بصائر الدرجات: 56.

(1) الرحمن 55: 56، 74.

(2) الرحمن 55: 58.

(3) العبقري: الدّيباج، و الب سط التي فيها الأصباغ و النقوش، و أصله صفة لكلّ ما بولغ في وصفه، و قيل: العبقري: الذي ليس فوقه شي ء. «لسان العرب- عبقر- 4: 535».

(4) يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (25) من سورة الحديد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 249

سورة الواقعة ..... ص : 249

فضلها ..... ص : 249

10365/ [1]- ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدثني أحمد بن إدريس، قال: حدثني محمد بن أحمد، قال: حدثني محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ في كل ليلة جمعة الواقعة، أحبه الله و أحبه الى الناس أجمعين، و لم ير في الدنيا بؤسا أبدا و لا فقرا و لا فاقة، و لا آفة من آفات الدنيا، و كان من رفقاء أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هذه السورة لأمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة، لم يشركه فيها أحد».

10366/ [2]- و عنه، قال: حدثني محمد بن الحسن، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني محمد بن يحيى، عن أحمد بن معروف، عن محمد بن حمزة، [قال : قال الصادق (عليه السلام): «من اشتاق إلى الجنة و إلى صفتها،

فليقرأ الواقعة، و من يحب أن ينظر إلى صفة النار، فليقرأ سجدة لقمان».

10367/ [3]- و عنه، قال: حدثني محمد بن الحسن، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن العباس، عن حماد، عن عمرو، عن زيد الشحام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ الواقعة كل ليلة قبل أن ينام، لقي الله عز و جل و وجهه كالقمر ليلة البدر».

10368/ [4]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يكتب من الغافلين، و إن كتبت و جعلت في المنزل نما من الخير فيه، و من أدمن على قراءتها زال عنه الفقر، و فيها قبول و زيادة

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 117.

2- ثواب الأعمال: 117. [.....]

3- ثواب الأعمال: 117.

4- ......

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 250

حفظ و توفيق و سعة في المال».

10369/ [5]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها في منزله كثر الخير عليه، و من أدمن قراءتها زال عنه الفقر، و فيها قبول و زيادة و حفظ و توفيق و سعة في المال».

10370/ [6]- و قال الصادق (عليه السلام): «إن فيها من المنافع ما لا يحصى، فمن ذلك إذا قرئت على الميت غفر الله له، و إذا قرئت على من قرب أجله عند موته سهل الله عليه خروج روحه بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

5- ........

6- .........

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 251

سورة الواقعة(56): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 251

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ [1- 11]

10371/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود

المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: «من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، و الله ما الدنيا و الآخرة إلا ككفتي الميزان، فأيهما رجح ذهب الآخر «1»» ثم تلا قوله عز و جل: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ «يعني القيامةيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ

خفضت و الله أعداء الله إلى النار رافِعَةٌ رفعت و الله أولياء الله إلى الجنة».

10372/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ، قال: [القيامة] هي حق، قوله تعالى خافِضَةٌ، قال: لأعداء الله رافِعَةٌ، قال: لأولياء الله إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا قال:

يدق بعضها بعضا وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا، قال: قلعت الجبال قلعا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا قال: الهباء: الذي يدخل في الكوة من شعاع الشمس.

قوله تعالى وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً، قال: يوم القيامة فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ و هم المؤمنون من أصحاب التبعات يوقفون للحساب وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ الذين قد سبقوا إلى الجنة بلا حساب.

10373/ [3]- ثم قال: علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين

__________________________________________________

1- الخصال 64: 95.

2- تفسير القمّي 2: 346.

3- تفسير القمّي 2: 346.

(1) في المصدر: بالآخر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 252

ابن علوان الكلبي، عن علي بن الحسين العبدي، عن أبي هارون العبدي، عن ربيعة السعدي، عن حذيفة بن اليمان: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أرسل إلى بلال، فأمره أن ينادي «1» بالصلاة قبل وقت كل يوم في رجب لثلاث عشرة خلت منه، قال: فلما نادى بلال بالصلاة فزع الناس من ذلك فزعا شديدا و ذعروا، و قالوا:

رسول الله بين أظهرنا، لم يغب عنا، و لم يمت! فاجتمعوا و حشدوا، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) يمشي حتى انتهى إلى باب من أبواب المسجد، فأخذ بعضادتيه، و في المسجد مكان يسمى السدة، فسلم ثم قال: «هل تسمعون أهل السدة؟» فقالوا: سمعنا و أطعنا. فقال: «هل تبلغون؟» قالوا ضمنا ذلك لك يا رسول الله. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«أخبركم أن الله خلق الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسما، و ذلك قوله: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ «2» وَ أَصْحابُ الشِّمالِ «3»، فأنا من أصحاب اليمين، و أنا من «4» خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا، و ذلك قوله: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، فأنا من السابقين، و أنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة، و ذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «5»، فقبيلتي خير القبائل، و أنا سيد ولد آدم و أكرمهم على الله و لا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا، فجعلني في خيرها بيتا، و ذلك قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «6».

ألا و إن الله اختارني في ثلاثة من أهل بيتي، و أنا سيد الثلاثة و أتقاهم [و لا فخر] لله، اختارني و عليا و جعفرا أبني أبي طالب، و حمزة بن عبد المطلب، كنا رقودا بالأبطح، ليس منا إلا مسجى بثوبه على وجهه، علي بن أبي طالب عن يميني، و جعفر عن يساري، و حمزة

عند رجلي، فما نبهني عن رقدتي غير حفيف أجنحة الملائكة، و برد ذراع علي بن أبي طالب في صدري، فانتبهت من رقدتي و جبرئيل في ثلاثة أملاك، يقول له أحد الأملاك الثلاثة: يا جبرئيل إلى أي هؤلاء أرسلت، فركضني برجله، فقال: إلى هذا. قال: و من هذا؟ يستفهمه، فقال: هذا محمد سيد النبيين، و هذا علي بن أبي طالب سيد الوصيين، و هذا جعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة، و هذا حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء».

10374/ [4]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصير محمد بن الحسين

__________________________________________________

4- الأمالي 1: 70.

(1) في المصدر: فأمره فنادى.

(2) الواقعة 56: 27.

(3) الواقعة 56: 41.

(4) (من) ليس في المصدر.

(5) الحجرات 49: 13. [.....]

(6) الأحزاب 33: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 253

المقري، قال: حدثنا عمر بن محمد الوراق، قال: حدثنا علي بن عباس البجلي، قال: حدثنا حميد بن زياد، قال:

حدثنا محمد بن تسنيم الوراق، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا مقاتل بن سليمان، عن الضحاك ابن مزاحم، عن ابن عباس، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قول الله عز و جل: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، فقال: «قال لي جبرئيل: ذلك علي و شيعته، هم السابقون إلى الجنة، المقربون من الله بكرامته لهم».

و رواه الشيخ المفيد في (أماليه) «1».

10375/ [5]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن جابر الجعفي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا جابر، إن الله تبارك

و تعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف، و هو قوله عز و جل: وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فالسابقون هم رسل الله (عليهم السلام)، و خاصة الله من خلقه، جعل فيهم خمسة أرواح، أيدهم بروح القدس، فبه عرفوا الأشياء، و أيدهم بروح الايمان، فبه خافوا الله عز و جل، و أيدهم بروح القوة، فبه قدروا على طاعة الله، و أيدهم بروح الشهوة، فبه اشتهوا طاعة الله عز و جل، و كرهوا معصيته، و جعل فيهم روح المدرج، الذي به يذهب الناس و يجيئون، و جعل في المؤمنين أصحاب الميمنة روح الايمان، فبه خافوا الله، و جعل فيهم روح القوة، فبه قدروا على طاعة الله، و جعل فيهم روح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عز و جل، و جعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس و يجيئون».

10376/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه، عن محمد بن داود الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أناسا زعموا أن العبد لا يزني و هو مؤمن، و لا يسرق و هو مؤمن، و لا يشرب الخمر و هو مؤمن، و لا يأكل الربا و هو مؤمن، و لا يسفك الدم الحرام، و هو مؤمن، فقد ثقل علي و حرج منه صدري حين أزعم أن هذا العبد يصلي صلاتي، و يدعو دعائي، و يناكحني و أناكحه، و يوارثني و أوارثه، و قد خرج من الإيمان لأجل ذنب يسير أصابه؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «صدقت،

سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول، و الدليل عليه كتاب الله:

خلق اله عز و جل الناس على ثلاث طبقات، و أنزلهم ثلاث منازل، و ذلك قول الله عز و جل في الكتاب:

أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ، فأما ما ذكره من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون و غير مرسلين، جعل [الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس، و روح الإيمان، و روح القوة، و روح الشهوة، و روح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء الله مرسلين و غير مرسلين، و بها علموا الأشياء، و بروح الإيمان عبدوا الله و لم

__________________________________________________

5- الكافي 1: 213/ 1.

6- الكافي 2: 214/ 16.

(1) الأمالي: 298/ 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 254

يشركوا به شيئا، و بروح القوة جاهدوا عدوهم و عالجوا معايشهم، و بروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام و نكحوا الحلال من شباب النساء، و بروح البدن دبوا و درجوا، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثم قال: [قال الله عز و جل: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ «1»، ثم قال في جماعتهم: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «2» يقول أكرمهم بها و فضلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم.

ثم ذكر أصحاب الميمنة، و هم المؤمنون حقا بأعيانهم، جعل الله فيهم أربعة أرواح: روح الإيمان، و روح القوة، و روح الشهوة، و روح البدن، فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتى تأتي عليه حالات».

فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، ما هذه الحالات؟ فقال: «أما أولاهن، فهو كما قال الله عز و جل: وَ مِنْكُمْ مَنْ

يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً «3» فهذا ينتقص منه جميع الأرواح، و ليس بالذي يخرج من دين الله، لأن الفاعل به رده إلى أرذل العمر، فهو لا يعرف للصلاة وقتا، و لا يستطيع التهجد بالليل و لا بالنهار، و [لا] القيام في الصف مع الناس، فهذا نقصان من روح الإيمان، و ليس يضره شيئا، و منهم من ينتقص منه روح القوة، فلا يستطيع جهاد عدوه، و لا يستطيع طلب المعيشة، و منهم من ينتقص منه روح الشهوة، فلو مرت به أصبح بنات آدم لم يحن إليها و لم يقم، و تبقى روح البدن فيه، فهو يدب و يدرج حتى يأتيه ملك الموت، فهذا الحال خير، لأن الله عز و جل هو الفاعل به. و قد تأتي عليه حالات في قوته و شبابه فيهم بالخطيئة، فتشجعه روح القوة، و تزين له روح الشهوة، و تقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة، فإذا لامسها نقص من الإيمان، و تفصى «4» منه، فليس يعود فيه حتى يتوب، فإذا تاب تاب الله عليه، فإن عاد أدخله الله نار جهنم.

فأما أصحاب المشئمة، فمنهم «5» اليهود و النصارى، يقول الله عز و جل: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «6» يعرفون محمدا و الولاية في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ «7» فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «8»، فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك، فسلبهم روح الإيمان، و أسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة، و روح الشهوة، و روح البدن، ثم أضافهم إلى الأنعام، فقال: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ «9» لأن

الدابة إنما تحمل بروح القوة و تعتلف بروح

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 253.

(2) المجادلة 58: 22.

(3) النحل 16: 70.

(4) تفصّى من الشي ء: تخلص. «لسان العرب 15: 156».

(5) في المصدر: فهم.

(6) البقرة 2: 146.

(7) في المصدر زيادة: أنك الرسول إليهم.

(8) البقرة 2: 146، 147.

(9) الفرقان 25: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 255

الشهوة، و تسير بروح البدن».

فقال السائل: أحييت قلبي بإذن الله، يا أمير المؤمنين.

10377/]- ابن بابويه: بإسناده، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله عز و جل قسم الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسما، و ذلك قوله عز و جل في [ذكر] أصحاب اليمين، و أصحاب الشمال «1»، و أنا خير أصحاب اليمين، ثم قسم القسمين أثلاثا، فجعلني في خيرها ثلثا، لقوله عز و جل: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «2» و أنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني من خيرها قبيلة، و ذلك قوله عز و جل: جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «3» فأنا أتقى ولد آدم، و أكرمهم على الله جل ثناؤه و لا أفخر، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا، و ذلك قوله عز و جل: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «4»».

10378/ [8]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا علي بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي، قال: قلت: لأبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): جعلت فداك، أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ

السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ.

قال: «نطق الله بهذا يوم ذرأ الخلق في الميثاق، قبل أن يخلق الخلق بألفي سنة».

فقلت: فسر لي ذلك؟ فقال: «إن الله عز و جل لما أراد أن يخلق الخلق من طين، و رفع لهم نارا، و قال لهم:

ادخلوها، فكان أول من دخلها محمد (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و تسعة من الأئمة إماما بعد إمام، ثم أتبعهم شيعتهم، فهم و الله السابقون».

10379/ [9]- الشيخ في (مجالسه): أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن الحسن (عليهم السلام)- في حديث صلحه و معاوية- فقال الحسن (عليه السلام) في خطبة له: «فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) سابقا، و وقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في كل موطن يقدمه، و لكل

__________________________________________________

7- أمالي الصدوق: 503/ 1. [.....]

8- الغيبة: 90/ 20.

9- الأمالي 2: 175.

(1) في المصدر زيادة: و أنا من أصحاب اليمين.

(2) في المصدر زيادة: و أنا من السابقين.

(3) الحجرات 49: 13.

(4) الأحزاب 33: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 256

شديدة يرسله ثقة منه به و طمأنية إليه، لعلمه بنصيحته لله [و رسوله، و أنه أقرب المقربين من الله و رسوله، و قد قال الله عز و جل: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ و كان أبي سابق السابقين إلى الله عز و جل و

إلى رسوله (صلى الله عليه و آله)، و أقرب الأقربين».

و الخطبة تقدمت بتمامها في قوله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1».

10380/ [10]- محمد بن العباس: عن أحمد بن محمد الكاتب، عن حميد بن الربيع، عن الحسين بن الحسن الأشقر، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن عامر، عن ابن عباس، قال: سبق الناس ثلاثة: يوشع صاحب موسى (عليه السلام) إلى موسى، و صاحب يس إلى عيسى (عليه السلام)، و علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، و هو أفضلهم «2».

10381/ [11]- و عنه، قال: حدثنا علي بن «3» الحسين بن علي المقرئ، عن أبي بكر محمد بن إبراهيم الجواني، عن محمد بن عمرو الكوفي، عن حسين الأشقر، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: السباق ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون إلى موسى، و حبيب صاحب يس إلى عيسى، و علي بن أبي طالب إلى النبي، و هو أفضلهم (صلوات الله عليهم أجمعين).

10382/ [12]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بإسناده، عن سليم بن قيس، عن الحسن بن علي (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، قال: «أبي أسبق السابقين إلى الله عز و جل و إلى رسوله، و أقرب الأقربين إلى الله و إلى رسوله».

10383/ [13]- الطبرسي عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «السابقون أربعة: ابن آدم المقتول، و سابق أمة موسى (عليه السلام) و هو مؤمن آل فرعون، و سابق أمة عيسى (عليه السلام) و هو حبيب النجار، و السابق في امة محمد (صلى الله

عليه و آله) و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

10384/ [14]- و من طريق المخالفين: الثعلبي، رفعه إلى العباس بن عبد المطلب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إن الله سبحانه و تعالى قسم الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسما، فذلك قوله:

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 2: 641/ 2.

11- تأويل الآيات 2: 641/ 3.

12- تأويل الآيات 2: 642/ 4.

13- مجمع البيان 9: 325.

14- .... ينابيع المودة: 15، عن الثعلبي، شواهد التنزيل 2: 29/ 669.

(1) تقدّمت في الحديث (24) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.

(2) (و هو أفضلهم) ليس في المصدر.

(3) «علي بن» ليس في المصدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 257

وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ «1»، فأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسم أثلاثا، فجعلني في خيرهما قسما، فذلك قوله تعالى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ فأنا من السابقين، و أنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة، و ذلك قوله تعالى: جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «2»، فأنا أتقى ولد آدم و أكرمهم على الله عز و جل و لا فخر، ثم جعل الله عز و جل القبائل بيوتا، فجعلني في خيرها بيتا، فذلك قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3»».

الثعلبي: قال: أخبرني أبو عبد الله، حدثنا عبد الله بن أحمد بن يوسف بن مالك، حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، حدثنا الحارث بن عبد الله الحارثي، حدثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى

الله عليه و آله): «قسم الله الخلق قسمين». الحديث سواء «4».

10385/ [15]- أبو نعيم الحافظ: عن رجاله، مرفوعا إلى ابن عباس، قال: سابق هذه الأمة علي بن أبي طالب (عليه السلام).

10386/ [16]- الفقيه ابن المغازلي في (المناقب): في قوله تعالى: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، يرفعه إلى ابن عباس، قال: السباق ثلاثة «5»: سبق يوشع بن نون إلى موسى (عليه السلام)، و سبق صاحب يس إلى عيسى (عليه السلام)، و سبق علي (عليه السلام) إلى محمد (صلى الله عليه و آله)، و هو أفضلهم «6».

سورة الواقعة(56): الآيات 13 الي 17 ..... ص : 257

قوله تعالى:

ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ- إلى قوله تعالى- يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ [13- 17]

10387/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحرير، عن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن الحسين،

__________________________________________________

15- النول المشتعل: 240/ 65.

16- مناقب ابن المغازلي: 320/ 365.

1- تأويل الآيات 2: 2: 643/ 7.

(1) الواقعة 56: 27.

(2) الحجرات 49: 13.

(3) الأحزاب 33: 33.

(4) العمدة: 42/ 28، عن الثعلبي.

(5) (السباق ثلاثة) ليس في المصدر.

(6) «و هو أفضلهم» ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 258

عن محمد بن الفرات، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، في قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ، قال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ابن آدم الذي قتله أخوه، و مؤمن آل فرعون، و حبيب النجار صاحب يس: وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

10388/ [2]- ابن الفارسي في (الروضة): قال الإمام الصادق (عليه السلام): ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ابن آدم المقتول، و مؤمن آل فرعون، و صاحب يس، وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

10389/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، قال: هم أتباع الأنبياء وَ قَلِيلٌ

مِنَ الْآخِرِينَ هم أتباع النبي محمد «1» (صلى الله عليه و آله) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ، أي منصوبة يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ، أي مسرورون «2».

10390/ [4]- الطبرسي، في معنى الولدان: عن علي (عليه السلام): «أنهم أولاد أهل الدنيا، لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها، و لا سيئات فيعاقبوا عليها، فانزلوا هذه المنزلة».

10391/ [5]- قال: و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه سئل عن أطفال المشركين، فقال: «هم خدام أهل الجنة».

سورة الواقعة(56): آية 18 ..... ص : 258

قوله تعالى:

وَ كَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ [18]

10392/ [1]- ابن بابويه: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: «حوضنا [مترع فيه مثعبان «3» ينصبان من الجنة: أحدهما من تسنيم، و الآخر من معين».

__________________________________________________

2- روضة الواعظين: 105.

3- تفسير القمّي 2: 348.

4- مجمع البيان 9: 327.

5- مجمع البيان 9: 327.

1- الخصال: 624/ 10. [.....]

(1) «محمد» ليس في «ج» و المصدر.

(2) في نسخة من «ج، ي، ط» مستورون.

(3) المثعب: مجرى الماء من الحوض و غيره. «المعجم الوسيط 1: 96».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 259

سورة الواقعة(56): آية 19 ..... ص : 259

قوله تعالى:

وَ لا يُنْزِفُونَ [19] 10393/]

- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ لا يُنْزِفُونَ، أي يطردون.

سورة الواقعة(56): آية 21 ..... ص : 259

قوله تعالى:

وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ [21]

10394/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سيد الإدام في الدنيا و الآخرة. فقال: «اللحم، أما سمعت قول الله عز و جل: وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ».

سورة الواقعة(56): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 259

قوله تعالى:

وَ حُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ [22- 23]

10395/ [3]- كتاب (صفة الجنة و النار): عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثني سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الأزدي «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من مؤمن «2» يدخل الجنة إلا كان له من الأزواج خمسمائة حوراء، مع كل حوراء سبعون غلاما و سبعون جارية، كأنهن اللؤلؤ المنثور، و كأنهن اللؤلؤ المكنون، و تفسير المكنون بمنزلة اللؤلؤ في الصدف، لم تمسه الأيدي و لم تره الأعين، و أما المنثور فيعني في الكثرة، و له سبعة قصور، في كل قصر سبعون بيتا و في كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون فراشا، عليها زوجة من الحور العين تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ «3» أنهار من ماء غير آسن صاف ليس بالكدر

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 222.

2- الكافي 6: 308/ 1.

3- الاختصاص: 352.

(1) في المصدر زيادة: عن بعض أصحابنا.

(2) في المصدر: من أحد.

(3) الأعراف 7: 43.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 260

وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ «1» لم يخرج من ضروع المواشي وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى «2» لم يخرج من بطون النحل وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ «3» لم يعصره الرجال بأقدامهم، فإذا اشتهوا الطعام جاءتهم طيور بيض يرفعن أجنحتهن، فيأكلون من

أي الألوان اشتهوا، جلوسا إن شاءوا أو متكئين، و إن اشتهوا الفاكهة سعت «4» إليهم الأغصان، فأكلوا من أيها اشتهوا، قال: وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ «5»».

سورة الواقعة(56): الآيات 25 الي 29 ..... ص : 260

قوله تعالى:

لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً- إلى قوله تعالى- وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ [25- 29] 10396/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لا تَأْثِيماً، قال: الفحش و الكذب و الغناء، قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ، قال: اليمين: علي أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه و شيعته، و قوله تعالى: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، قال: شجر لا يكون له ورق و لا شوك فيه».

و

قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): (و طلح منضود) قال: «بعضه إلى بعض».

10397/ [2]- الطبرسي: روى أصحابنا، عن يعقوب بن شعيب، قال: قلت لأبي عبد الله: وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ؟

قال: «لا، و طلع منضود».

سورة الواقعة(56): الآيات 30 الي 33 ..... ص : 260

قوله تعالى:

وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ- إلى قوله تعالى- لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ [30- 33]

10398/ [3]- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن بعض أصحابه، عن نصر بن قابوس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ وَ فاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ قال: «يا نصر، إنه و الله ليس حيث يذهب الناس، إنما هو

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 348.

2- مجمع البيان 9: 330.

3- مختصر بصائر الدرجات: 57.

(1- 2- 3) محمد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 15.

(4) في المصدر: تسعبت، و تسعّب الشي ء: تمطّط. «لسان العرب 1: 468». [.....]

(5) الرعد 13: 23، 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 261

العلم و ما يخرج منه».

و سألته عن قول الله عز و جل: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ «1»، قال: «البئر المعطلة: الإمام الصامت، و القصر المشيد: الإمام الناطق».

10399/ [2]- علي بن إبراهيم، قوله

تعالى: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ [قال: ظل ممدود] وسط الجنة في عرض الجنة، و عرض الجنة كعرض السماء و الأرض، يسير الراكب في ذلك الظل مائة عام فلا يقطعه.

10400/ [3]- الشيخ ورام: عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها، اقرءوا إن شئتم قول الله تبارك و تعالى: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ، و موضع سوط في الجنة خير من الدنيا و ما فيها»، و اقرءوا إن شئتم فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ «2»».

10401/ [4]- كتاب (صفة الجنة و النار): عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثني سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الأزدي «3»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «فإذا انتهى- يعني المؤمن- إلى باب الجنة قيل له: هات الجواز، قال: هذا جوازي مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا جواز جائز من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان من رب العالمين، فينادي مناد يسمع أهل الجمع كلهم: ألا إن فلان بن فلان، قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا قال: فيدخل فإذا هو بشجرة ذات ظل ممدود، و ماء مسكوب، و ثمار مهدلة تسمي رضوان، يخرج من ساقها عينان تجريان، فينطلق إلى إحداهما كما أمر «4» بذلك، فيغتسل منها، فيخرج و عليه نضرة النعيم، ثم يشرب من الأخرى، فلا يكون في بطنه مغص، و لا مرض و لا داء أبدا، و ذلك قوله تعالى: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً «5».

ثم تستقبله الملائكة و تقول: طبت فادخلها مع الداخلين فيدخل فإذا هو بسماطين من

شجر، أغصانها اللؤلؤ، و فروعها الحلي و الحلل، ثمارها مثل ثدي الجواري الأبكار فتستقبله الملائكة معهم النوق و البراذين و الحلي و الحلل، فيقولون: يا ولي الله، اركب ما شئت، [و ألبس ما شئت و سل ما شئت، قال: فيركب ما اشتهى، و يلبس ما اشتهى و هو على ناقة أو برذون من نور، و ثيابه من نور و حلية من نور، يسير في دار النور معه ملائكة من نور، و غلمان من نور، و وصائف من نور حتى تهابه الملائكة مما يرون من النور، فيقول بعضهم لبعض: تنحوا فقد

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 348.

3- تنبيه الخواطر: 7.

4- الاختصاص: 350.

(1) الحج 22: 45.

(2) آل عمران 3: 185.

(3) في المصدر زيادة: عن بعض أصحابنا.

(4) في المصدر: كلما مر.

(5) الإنسان 76: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 262

جاء وفد الحليم الغفور.

قال: فينظر إلى أول قصر له من فضة، مشرفا بالدر و الياقوت، فتشرف عليه أزواجه، فيقلن: مرحبا مرحبا، انزل بنا فيهم أن ينزل بقصره، قال: فتقول له الملائكة: سر- يا ولي الله- فإن هذا لك و غيره حتى ينتهي إلى قصر من ذهب، مكلل بالدر و الياقوت، [فتشرف عليه أزواجه، فيقلن: مرحبا مرحبا يا ولي الله. انزل بنا،] فيهم أن ينزل بقصره، فتقول له الملائكة: سر يا ولي الله.

قال: ثم يأتي قصرا من ياقوت أحمر، مكللا بالدر و الياقوت، فيهم بالنزول بقصره، فتقول له الملائكة سر- يا ولى الله- فإن هذا لك و غيره، قال: فيسير حتى يأتي تمام ألف قصر، كل ذلك ينفذ فيه بصره، و يسير في ملكه أسرع من طرفة العين، فإذا انتهى إلى أقصاها قصرا نكس رأسه، فتقول الملائكة: ما لك يا ولي

الله؟ قال: فيقول: و الله لقد كاد بصري أن يختطف [فيقولون: يا ولي الله، أبشر فإن الجنة] ليس فيها عمى و لا صمم.

فيأتي قصرا يرى ظاهره من باطنه، و باطنه من ظاهره لبنة من فضة، و لبنة من ذهب و لبنة من ياقوت و لبنة من در، ملاطه المسك، قد شرف بشرف من نور يتلألأ و يرى الرجل وجهه في الحائط، و ذلك قوله تعالى: خِتامُهُ مِسْكٌ «1» يعني ختام الشراب.

ثم ذكر النبي (صلى الله عليه و آله) الحور العين، فقالت ام سلمة: بأبي أنت و أمي يا رسول الله، أما لنا فضل عليهن؟

قال: بلى، بصلاتكن و صيامكن و عبادتكن لله بمنزلة الظاهرة على الباطنة».

و تقدم صفة «حور العين في قوله تعالى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ «2»، و قوله تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ «3»، فليؤخذ من هناك، و من أراد وصف الحور العين و وصف الآدميات فعليه بكتاب (معالم الزلفى) «4».

10402/ [5]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ أي مرشوش، قوله تعالى: لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ أي لا تقطع، و لا يمنع أحد من أخذها.

سورة الواقعة(56): آية 34 ..... ص : 262

قوله تعالى:

وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ [34]

10403/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 348.

1- الكافي 8: 97/ 69.

(1) المطففين 83: 26.

(2) تقدّم في تفسير الآيات (66- 72) من سورة الرحمن.

(3) تقدّم في تفسير الآيات (16- 17) من سورة السجدة. [.....]

(4) انظر معالم الزلفى للمصنّف: الباب (22).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 263

المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قال علي (عليه السلام): يا رسول الله، أخبرنا عن

قول الله عز و جل: غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ «1»، بماذا بنيت يا رسول الله؟ فقال: يا علي، تلك غرف بناها الله عز و جل لأوليائه بالدر و الياقوت و الزبرجد، سقوفها الزبرجد «2» محبوكة بالفضة، لكل غرفة، منها ألف باب من ذهب على كل باب ملك موكل به، فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير و الديباج بألوان مختلفة، حشوها المسك و الكافور و العنبر، و ذلك قوله عز و جل: وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ».

سورة الواقعة(56): الآيات 35 الي 38 ..... ص : 263

قوله تعالى:

إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً- إلى قوله تعالى- لِأَصْحابِ الْيَمِينِ [35- 38] 10404/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً، قال: الحور العين في الجنة فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً، قال: يتكلمون بالعربية «3»، و قوله تعالى أَتْراباً، أي مستويات السن»

لِأَصْحابِ الْيَمِينِ أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام).

10405/ [2]- كتاب (صفة الجنة و النار): عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، عن عوف بن عبد الله، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الرب تبارك و تعالى يقول: تدخلون الجنة برحمتي، و تنجون من النار بعفوي و تقسمون الجنة بأعمالكم، فو عزتي لأنزلنكم دار الخلود، دار الكرامة، فإذا دخلوها صاروا على طول آدم سبعين «5» ذراعا، و على ملد «6» عيسى ثلاث و ثلاثين سنة، و على لسان محمد العربية، و على صورة يوسف في الحسن، ثم يعلو وجوههم النور، و على قلب أيوب في السلامة من الغل».

10406/ [3]- و عنه: بهذا الإسناد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن أهل الجنة جرد مرد، مكحلين مكللين، مطوقين مسرورين «7» مختمين، ناعمين محبورين مكرمين، يعطى أحدهم قوة مائة رجل في الطعام و الشراب

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 348.

2-

الاختصاص: 356.

3- الاختصاص: 358.

(1) الزمر 39: 20.

(2) في المصدر: الذهب.

(3) في المصدر: لا يتكلّمون إلّا بالعربية.

(4) في النسخ: الأسنان، و ما أثبتناه من المصدر.

(5) في المصدر: ستين.

(6) الملد: الشّباب و نعمته. «لسان العرب 3: 410».

(7) في المصدر: مسوّرين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 264

و الشهوة و الجماع «1» و يجد لذة غدائه مقدار أربعين سنة، و لذة عشائه مقدار أربعين سنة، قد ألبس الله وجوههم النور، و أجسادهم الحرير، بيض الألوان، صفر الحلي، خضر الثياب».

10407/ [4]- و عنه: بهذا الإسناد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن أهل الجنة يحيون فلا يموتون أبدا، و يستيقظون فلا ينامون ابدا، و يستغنون فلا يفتقرون ابدا، و يفرحون فلا يحزنون ابدا، و يضحكون فلا يبكون ابدا، و يكرمون فلا يهانون أبدا، و يفكهون و لا يقطبون أبدا، و يحبرون و يسرون أبدا، و يأكلون فلا يجوعون أبدا، و يروون فلا يظمؤون أبدا، و يكسون فلا يعرون أبدا، و يركبون و يتزاورون أبدا، يسلم عليهم الولدان المخلدون أبدا، بأيديهم أباريق الفضة و آنية الذهب أبدا، متكئين على سرر أبدا، على الأرائك ينظرون أبدا، تأتيهم التحية و التسليم من الله أبدا، نسأل الله الجنة برحمته، إنه على كل شي ء قدير».

10408/ [5]- و عنه: بإسناده، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن أرض الجنة رخامها فضة، و ترابها الورس «2»، و الزعفران، و كنسها المسك، و رضراضها الدر و الياقوت».

10409/ [6]- و عنه: بإسناده، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن أسرتها من در و ياقوت، و ذلك قول الله: عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ «3»، يعني «4» أوساط السرر [من قضبان الدر و الياقوت مضروبة عليها الحجال،

و الحجال من در و ياقوت، أخف من الريش و ألين من الحرير، و على السرر من الفرش على قدر ستين غرفة من غرف الدنيا، بعضها فوق بعض، و ذلك قول الله عز و جل وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ و قوله تعالى: عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ «5» يعني بالأرائك السرر الموضونة عليها الحجال».

10410/ [7]- و عنه: بإسناده، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن أنهار الجنة تجري في غير أخدود، أشد بياضا من الثلج، و أحلى من العسل و ألين من الزبد، طين النهر مسك أذفر، و حصاه الدر و الياقوت، تجري في عيونه و أنهاره حيث يشتهي و يريد في جنانه ولي الله، فلو أضاف من في الدنيا من الجن و الإنس لأوسعهم طعاما و شرابا، و حللا و حليا، لا ينقصه من ذلك شي ء».

10411/ [8]- و عنه: بإسناده، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن نخل

__________________________________________________

4- الاختصاص: 358.

5- الاختصاص: 357.

6- الاختصاص: 357. [.....]

7- الاختصاص: 357.

8- الاختصاص: 357.

(1) زاد في المصدر: قوة غذائه قوة مائة رجل في الطعام و الشراب.

(2) الورس: نبت أصفر، يكون باليمن، يتّخذ منه الغمرة للوجه. «الصحاح 3: 988».

(3) الواقعة 56: 15.

(4) في «ط، ج» زيادة: الوصم تعاسل، و في «ي»: الوضم تعاسل، و في المصدر: الوصم تغاسل.

(5) المطففين 83: 23، 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 265

الجنة جذوعها ذهب أحمر، و كربها زبرجد أخضر، و شماريخها در أبيض، و سعفها حلل خضر و رطبها أشد بياضا من الفضة، و أحلى من العسل، و ألين من الزبد، ليس فيه عجم، طول العذق اثنا

عشر ذراعا، منضودة من أعلاه إلى أسفله، لا يؤخذ منه شي ء إلا أعاده الله كما كان، و ذلك قول الله لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ «1»، و إن رطبها لأمثال القلال، و موزها و رمانها أمثال الدلي، و أمشاطهم الذهب، و مجامرهم «2» الدر».

10412/ [9]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن الحسن بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن أدنى أهل الجنة منزلة من الشهداء من له اثنا عشر ألف زوجة من الحور العين، و أربعة آلاف بكر، و اثنا عشر ألف ثيب، يخدم كل [زوجة] منهن سبعون ألف خادم، غير أن الحور العين، يضعف لهن، يطوف على جماعتهن في كل أسبوع، فإذا كان يوم إحداهن أو ساعتها، اجتمعن إليها يصوتن بأصوات لا أصوات أحلى منها و لا أحسن، حتى ما يبقى في الجنة شي ء إلا اهتز لحسن أصواتهن، يقلن: ألا نحن الخالدات فلا نموت، أبدا، و نحن الناعمات فلا نبأس «3» أبدا، و نحن الراضيات فلا نسخط أبدا».

10413/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المؤمن يزوج ثمانمائة عذراء، و أربعة آلاف ثيب، و زوجتين من الحور العين».

قلت: جعلت فداك، ثمانمائة عذراء! قال: «نعم، ما يفترش منهن شيئا إلا وجدها كذلك».

قلت: جعلت فداك، من أي شي ء خلقت الحور العين؟ قال: «من تربة الجنة النورانية، و يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة، كبدها مرآته، و كبده مرآتها».

قلت: جعلت فداك، أ لهن كلام يكلمن به أهل الجنة؟ قال: «نعم، كلام يتكلمن

به لم يسمع الخلائق بمثله و أعذب منه».

قلت: ما هو؟ قال: «يقلن بأصوات رخيمة: نحن الخالدات فلا نموت، و نحن الناعمات فلا نبأس «4»، و نحن المقيمات فلا نظعن، و نحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن خلق لنا، و طوبى لمن خلقنا له، و نحن اللواتي لو أن شعر إحدانا علق في جو السماء لأغشى نوره الأبصار».

10414/ [11]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن درست، عن بعض أصحابه،

__________________________________________________

9- الزهد: 101/ 276.

10- تفسير القمّي 2: 82.

11- الزهد: 102/ 280.

(1) الواقعة 56: 33.

(2) المجامر، جمع مجمر: و هو ما يوضع فيه الجمر مع البخور. «المعجم الوسيط 1: 134».

(3) في «ط، ي» نبوس، و الظاهر انّها تصحيف نيبس.

(4) الظاهر: نأبس. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 266

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لو أن حوراء من الحور العين أشرفت على أهل الدنيا، و أبدت ذؤابة من ذوائبها، لأفتن «1» أهل الدنيا- أو لأماتت أهل الدنيا «2»- و إن المصلي ليصلي فإذا لم يسأل ربه أن يزوجه من الحور العين قلن:

ما أزهد هذا فينا!».

10415/ [12]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن الصادق (عليه السلام)- في جوابه لسؤال زنديق- قال له: فمن أين قالوا: إن أهل الجنة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها، فإذا أكلها عادت كهيئتها؟ قال (عليه السلام): «نعم، ذلك على قياس السراج، يأتي القابس فيقتبس منه، فلا ينقص من ضوئه شي ء و قد امتلأت الدنيا منه سراجا».

قال: أليس يأكلون و يشربون، و تزعم أنه لا تكون لهم الحاجة؟ قال (عليه السلام): «بلى، لأن غذاءهم رقيق لا ثفل «3» له، بل يخرج من أجسادهم بالعرق».

قال: فكيف تكون الحوراء في كل ما أتاها زوجها عذراء؟

قال (عليه السلام): «لأنها خلقت من الطيب، لا تعتريها عاهة، و لا تخالط جسمها آفة، و لا يجري في ثقبها شي ء و لا يدنسها حيض، فالرحم ملتزقة ملدم «4» إذ ليس فيه لسوى الإحليل مجرى».

قال: فهي تلبس سبعين حلة، و يرى زوجها مخ ساقها من وراء حللها [و بدنها]؟ قال (عليه السلام): «نعم، كما يرى أحدكم الدراهم إذا ألقيت في ماء صاف قدره قدر رمح».

قال: فكيف تنعم أهل الجنة بما فيها من النعيم، و ما منهم أحد إلا و قد افتقد ابنه أو أباه أو حميمه أو أمه، فإذا افتقدوهم في الجنة، لم يشكوا في مصيرهم إلى النار، فما يصنع بالنعيم من يعلم أن حميمه في النار يعذب؟

قال (عليه السلام): «إن أهل العلم قالوا: ينسون ذكرهم، و قال بعضهم: انتظروا قدومهم، و رجوا أن يكونوا بين الجنة و النار في أصحاب الأعراف».

10416/ [13]- الشيخ في (مجالسه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا رجاء بن يحيى أبو الحسين الكاتب سنة أربع عشرة و ثلاثمائة و فيها مات، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن شمون، قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي الهنائي، قال: حدثني أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن أبيه أبي الأسود، عن أبي ذر، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال له: «يا أبا ذر، لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء، لأضاءت لها [الأرض أفضل مما تضي ء بالقمر ليلة البدر، و لوجد ريح نشرها جميع أهل الأرض، و لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في

الدنيا لصعق من ينظر إليه و ما

__________________________________________________

12- الإحتجاج: 351.

13- الأمالي 2: 146.

(1) في نسخة من المصدر: لأمتن.

(2) في النسخ: لأقلبت الدنيا، و ما أثبتاه من المصدر.

(3) الثّفل: ما سفل من كلّ شي ء. «لسان العرب 11: 84».

(4) في النسخ: ملزم، و ما أثبتناه من المصدر، يقال: رجل ملدم، أي كثير اللّحم ثقيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 267

حملته أبصارهم».

و قال (عليه السلام): «و الذي أنزل الكتاب على محمد، إن أهل الجنة ليزدادون جمالا و حسنا، كما يزدادون في الدنيا قباحة و هرما» «1».

10417/ [14]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن صالح الحذاء، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنة، فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام، إلا صنف واحد»، قلت من هم؟ قال:

«العاق لوالديه».

10418/ [15]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد ابن فرات، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إياكم و عقوق الوالدين، فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام، و لا يجدها عاق، و لا قاطع رحم و لا شيخ زان، و لا جار إزاره خيلاء، إنما الكبرياء لله تعالى رب العالمين».

10419/ [16]- ابن بابويه: بإسناده، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من قال: صلى الله على محمد و آله، قال الله جل جلاله: صلى الله عليك فليكثر من

ذلك، و من قال: صلى الله على محمد، و لم يصل على آله لم يجد ريح الجنة، و ريحها توجد من مسيرة خمسمائة عام».

و الروايات في ذلك كثيرة، ليس هذا موضع ذكرها مخافة الإطالة.

سورة الواقعة(56): الآيات 39 الي 55 ..... ص : 267

قوله تعالى:

ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ- إلى قوله تعالى- فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ [39- 55]

10420/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أسباط، عن سالم بياع الزطي، قال: سمعت أبا سعيد المدائني يسأل أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، قال: «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ حزقيل مؤمن آل فرعون، وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ __________________________________________________

14- الكافي 2: 260/ 3.

15- الكافي 2: 261/ 6.

16- أمالي الصدوق: 310/ 6.

1- تفسير القمي 2: 348.

(1) (و قال (صلى الله عليه و آله) ... و هرما) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 268

علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

10421/]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن علي التميمي، عن سليمان بن داود الصيرفي، عن أسباط، عن أبي سعيد المدائني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، قال: «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ حزقيل مؤمن آل فرعون وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ علي بن أبي طالب (عليه السلام) من هذه الأمة «1»».

10422/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، قال: من الطبقة الأولى التي كانت مع النبي (صلى الله عليه و آله)، وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، قال: بعد النبي (صلى الله عليه و آله) من هذه الأمة.

وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ، قال: أصحاب الشمال أعداء آل «2»

محمد (صلى الله عليه و آله) و أصحابهم الذين والوهم فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ، قال: السموم: اسم النار، و الحميم: ماء قد حمي وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ قال: ظلمة شديدة الحر لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ، قال: ليس بطيب فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ قال: من الزقوم، و الهيم: الإبل.

10423/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن عثمان بن عيسى، عن شيخ من أهل المدينة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يشرب الماء و لا يقطع نفسه حتى يروى؟ قال:

فقال (عليه السلام): «و هل اللذة إلا ذاك؟».

قلت: فإنهم يقولون إنه شرب الهيم، [قال : فقال: «كذبوا، إنما شرب الهيم ما لم يذكر اسم الله عز و جل عليه».

10424/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، بإسناده، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قيل له: الرجل يشرب بنفس واحد؟ قال: «لا بأس».

قلت: فإن من قبلنا يقول: ذلك شرب الهيم؟ فقال: «إنما شرب الهيم ما لم يذكر اسم الله عليه».

10425/ [6]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن شيخ من أهل المدينة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل يشرب فلا يقطع حتى يروى؟ فقال: «و هل اللذة إلا ذاك؟».

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 643/ 8.

3- تفسير القمّي 2: 349.

4- الكافي 6: 383/ 9. [.....]

5- معاني الأخبار: 149/ 1.

6- معاني الأخبار: 149/ 2.

(1) (من هذه الأمة) ليس في «ج» و المصدر.

(2) (آل) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 269

قلت: فإنهم

يقولون: إنه شرب الهيم، فقال: «كذبوا، إنما شرب الهيم ما لم يذكر اسم الله عز و جل عليه».

10426/ [7]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان الناب، عن عبد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ثلاثة أنفاس في الشرب أفضل من نفس واحد». و قال: «كان يكره أن يشبه بالهيم». قلت: و ما الهيم؟ قال: «الرمل» «1». و في حديث آخر، قال: «هي الإبل».

ثم قال: ابن بابويه: سمعت شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد، يقول: سمعت محمد بن الحسن الصفار يقول: كل ما كان في كتاب الحلبي «و في حديث آخر» فذلك قول محمد بن أبي عمير.

10427/ [8]- محمد بن الحسن الطوسي: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) [عن الرجل يشرب بالنفس الواحد؟ قال: «يكره ذلك، و ذلك شرب الهيم»، قلت: و ما الهيم؟ قال: «الإبل».

10428/ [9]- و عنه: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ثلاثة أنفاس أفضل من نفس واحد»، و كان يكره أن يشبه بالهيم، و قال: «الهيم:

النيب «2»».

سورة الواقعة(56): الآيات 56 الي 70 ..... ص : 269

قوله تعالى:

هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ- إلى قوله تعالى- لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً [56- 70]

10429/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، قال: سمعت

علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: «عجب كل العجب لمن أنكر الموت و هو يرى من يموت كل يوم و ليلة، و العجب كل العجب لم أنكر النشأة الأخرى و هو يرى النشأة الأولى».

__________________________________________________

7- معاني الأخبار: 149/ 3.

8- التهذيب 9: 94/ 145.

9- التهذيب 9: 94/ 146.

1- الكافي 3: 258/ 28.

(1) الهيم: هي الإبل العطاش، و يقال: الرّمل. «لسان العرب- هيم- 12: 627».

(2) النيّب، جمع ناب: المسنّة من النّوق. «لسان العرب 1: 777».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 270

10430/ [2]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ، قال: هذا ثوابهم يوم المجازاة. و قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ يعني النطفة أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ، الى قوله: حُطاماً فلم نثبته.

قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ، قال: من السحاب لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً مالحا زعاقا.

و قد تقدم: الأجاج: المر،

في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ من سورة الملائكة «1».

10431/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذنية، عن ابن بكير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا أردت أن تزرع زرعا فخذ قبضة من البذر، و استقبل القبلة، و قل: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ثلاث مرات، ثم قل: بل الله الزارع ثلاث مرات، ثم قل: اللهم اجعله حبا مباركا، و ارزقنا فيه السلامة ثم انثر القبضة التي في يدك في القراح «2»».

10432/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن شعيب العقرقوفي

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: [لي : «إذا بذرت فقل: اللهم قد بذرت و أنت الزارع، فاجعله حبا مباركا «3»».

سورة الواقعة(56): الآيات 71 الي 73 ..... ص : 270

قوله تعالى:

أَ فَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ- إلى قوله تعالى- وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِينَ [71- 73] 10433/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أي تورونها و توقدنها و تنتفعون بها أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً لنار يوم القيامة وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِينَ، قال: المحتاجين.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 126 «مخطوط»

3- الكافي 5: 262/ 1.

4- الكافي 5: 263/ 2.

1- تفسير القمّي 2: 349. [.....]

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (12) من سورة فاطر.

(2) القراح من الأرض: البارز الظاهر الذي لا شجر فيه. «لسان العرب- قرح- 2: 561».

(3) في المصدر: متراكما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 271

سورة الواقعة(56): الآيات 75 الي 76 ..... ص : 271

قوله تعالى:

فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [75- 76]

10434/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، قال: «كان أهل الجاهلية يحلفون بها، فقال الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. قال: «عظم أمر [من يحلف بها».

قال: «و كانت الجاهلية يعظمون الحرم و لا يقسمون به و لا بشهر رجب، و لا يعرضون فيهما لمن كان فيها ذاهبا أو جائيا، و إن كان [قد] قتل أباه، و لا لشي ء [يخرج من الحرم دابة أو شاة أو بعير أو غير ذلك، فقال الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ «1»» قال: «فبلغ من جهلهم أنهم استحلوا قتل النبي (صلى الله عليه و آله)، و عظموا أيام الشهر حيث يقسمون به

[فيفون ».

10435/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن بعض أصحابنا، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، قال: «آثم «2» من يحلف بها».

قال: «و كان أهل الجاهلية يعظمون الحرم، و لا يقسمون به، و يستحلون حرمة الله فيه، و لا يعرضون لمن كان فيه، و لا يخرجون منه دابة، فقال الله تبارك و تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ «3» قال: «يعظمون البلد ÙƠيحلفوا به و يستحلون فيه حرمة رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

10436/ [3]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ:

«يعني به اليمين بالبررة «4» من الأئمة (عليهم السلام)، يحلف بها الرجل، يقول: إن ذلك عندي «5» عظيم».

و هذا الحديث

__________________________________________________

1- الكافي 7: 450/ 4.

2- الكافي 7: 45/ 5.

3- من لا يحضره الفقيه 3: 237/ 1123.

(1) البلد 90: 1، 2.

(2) في المصدر: أعظم إثم.

(3) البلد 90: 1- 3.

(4) في المصدر: بالبراءة.

(5) في المصدر: عند اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 272

في (نوادر الحكمة).

10437/ [4]- الطبرسي، قال: روي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن مواقع النجوم: رجومها للشياطين».

10438/ [5]- الشيباني في (نهج البيان)، قال: روي عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): أنه قال: «كان أهل الجاهلية يحلفون بالنجوم، فقال الله سبحانه: لا أحلف بها، و قال: ما أعظم إثم من يحلف بها، و إنه لقسم عظيم عند الجاهلية».

سورة الواقعة(56): الآيات 77 الي 79 ..... ص : 272

قوله تعالى:

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [77- 79]

10439/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن علي بن الحسن بن فضال، عن جعفر بن محمد بن حكيم، و جعفر بن محمد بن أبي الصباح، جميعا، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «المصحف لا تمسه على غير طهر، و لا جنبا، و لا تمس خيطه «1»، و لا تعلقه، إن الله يقول: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ».

10440/ [2]- الطبرسي: لا يجوز للجنب و الحائض و المحدث مس المصحف، عن محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) في معنى الآية.

سورة الواقعة(56): الآيات 82 الي 87 ..... ص : 272

قوله تعالى:

وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ- إلى قوله تعالى- تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [82- 87]

10441/]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن

__________________________________________________

4- مجمع البيان 9: 341.

5- نهج البيان 3: 284. «مخطوط».

1- التهذيب 1: 127/ 344. [.....]

2- مجمع البيان 9: 341.

3- تفسير القمّي 2: 349.

(1) في نسخة من المصدر: خطه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 273

سماعة و أحمد بن الحسن القزاز، جميعا، عن صالح بن خالد، عن ثابت بن شريح، قال: حدثني أبان بن تغلب، عن عبد الأعلى الثعلبي، و لا أراني سمعته إلا من عبد الأعلى، قال: حدثني أبو عبد الرحمن السلمي: أن عليا (عليه السلام) قرأ بهم الواقعة (و تجعلون شكركم أنكم تكذبون) فلما انصرف، قال: «إني عرفت أنه سيقول قائل: لم قرأ هكذا، إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقرأها هكذا، و كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء «1» كذا و كذا، فأنزل الله عليهم (و تجعلون شكركم أنكم تكذبون)».

10442/ [2]- و عنه، قال: حدثنا علي بن

الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ، قال: «بل هي:

(و تجعلون شكركم أنكم تكذبون)».

10443/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: جاء في تأويل أهل البيت الباطن، في حديث أحمد بن إبراهيم، عنهم (عليهم السلام) وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أي شكركم النعمة التي رزقكم الله و ما من عليكم بمحمد و آل محمد أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بوصية فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ إلى وصيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بشر وليه بالجنة، و عدوه بالنار وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ يعني أقرب إلى أمير المؤمنين منكم وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ أي لا تعرفون.

10444/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله عز و جل: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ إلى قوله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ فقال: «إذا بلغت الحلقوم، ثم رأى منزله في الجنة، فيقول: ردوني إلى الدنيا حتى أخبر أهلي بما أرى، فيقال له: ليس إلى ذلك سبيل».

10445/ [5]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قول الله تبارك و تعالى: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

__________________________________________________

2-

تفسير القمّي 2: 349.

3- تأويل الآيات 2: 644/ 9.

4- الكافي 3: 135/ 15.

5- الزهد: 84/ 223.

(1) النّوء: سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر و طلوع رقبه من المشرق يقابله من ساعته في كلّ ليلة إلى ثلاثة عشر يوما، و كانت العرب تضيف الأمطار و الرياح و الحرّ و البرد إلى الساقط منها. «الصحاح 1: 79».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 274

قال: «إن نفس المحتضر إذا بلغت الحلقوم و كان مؤمنا، رأى منزله في الجنة، فيقول: ردوني إلى الدنيا حتى أخبر أهلها بما أرى، فيقال له: ليس إلى ذلك سبيل».

10446/ [6]- علي بن إبراهيم: في قوله: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ يعني النفس، قال: معناه: فإذا بلغت الحلقوم وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ، قال:

معناه: فلو كنتم غير مجازين على أفعالكم تَرْجِعُونَها يعني الروح إذا بلغت الحلقوم، تردونها في البدن إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

سورة الواقعة(56): الآيات 88 الي 98 ..... ص : 274

قوله تعالى:

فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ [88- 98]

10447/ [1]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى الهاشمي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الزراري، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي زكريا الموصلي، عن جابر، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال

لعلي (عليه السلام): أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحا، فقال لهم: أ لست بربكم؟ قالوا: بلى. قال: و محمد رسولي؟ قالوا: بلى. قال: و علي أمير المؤمنين [وصيي ؟ فأبى الخلق جميعا إلا استكبارا و عتوا عن ولايتك إلا نفر قليل، و هم أقل القليل، و هم أصحاب اليمين».

10448/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن حاتم القزويني، قال: حدثني علي بن الحسين النحوي، قال:

حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المدني، عن موسى ابن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)، قال: «إذا مات المؤمن شيعه سبعون ألف ملك إلى قبره، فإذا أدخل قبره جاءه منكر و نكير فيقعدانه، فيقولان له: من ربك، و ما دينك، و من نبيك؟ فيقول: ربي الله، و محمد

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 350.

1- الأمالي 1: 237.

2- أمالي الصدوق: 239/ 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 275

نبيي، و الإسلام ديني، فيفسحان له في قبره مد بصره، و يأتيانه بالطعام من الجنة، و يدخلان عليه الروح و الريحان، و ذلك قوله عز و جل فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يعني في قبره وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يعني في الآخرة».

ثم قال (عليه السلام): «إذا مات الكافر شيعه سبعون ألف من الزبانية إلى قبره، و إنه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شي ء إلا الثقلين، و يقول: لو أن لي كرة فأكون من المؤمنين و يقول: ارجعوني لعلي أعمل صالحا فيما تركت، فتجيبه الزبانية: كلا إنها كلمة هو قائلها، و يناديهم ملك: لو رد لعاد لما نهي عنه فإذا أدخل قبره و فارقه الناس،

أتاه منكر و نكير في أهول صورة فيقيمانه، ثم يقولان له: من ربك، و ما دينك، و من نبيك؟ فيتلجلج لسانه، و لا يقدر على الجواب، فيضربانه ضربة من عذاب الله يذعر لها كل شي ء، ثم يقولان [له : من ربك، و ما دينك، و من نبيك؟ فيقول: لا أدري، فيقولان له: لا دريت و لا هديت و لا أفلحت ثم يفتحان له بابا إلى النار، و ينزلان إليه الحميم من جهنم، و ذلك قول الله عز و جل: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يعني في القبر وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يعني في الآخرة».

10449/ [3]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن علي بن شعيب الجوهري، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن الحميري بالكوفة، قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، عن عمرو بن جميع، عن أبي المقدام، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): «نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا، و أهل عداوتنا فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يعني في قبره وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يعني في الآخرة، وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يعني في قبره وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يعني في الآخرة».

10450/ [4]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن معاوية بن حكيم، عن بعض رجاله، عن عنبسة بن بجاد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): هم شيعتك، فسلم ولدك منهم أن يقتلوهم».

10451/

[5]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «انزل في الواقعة: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ فهؤلاء مشركون».

10452/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ __________________________________________________

3- أمالي الصدوق: 383/ 11.

4- الكافي 8: 260/ 373.

5- الكافي 2: 25/ 1. [.....]

6- تفسير القمي 2: 350.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 276

فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ قال: «في قبره وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ في الآخرة، وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ في قبره وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ في الآخرة».

10453/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن العباس، عن جعفر بن محمد، عن موسى بن زياد، عن عنبسة العابد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، قال: «هم الشيعة، قال الله سبحانه لنبيه (صلى الله عليه و آله)، في قول الله عز و جل: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ يعني إنك تسلم منهم لا يقتلون ولدك».

10454/ [8]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن عمران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ

الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، قال أبو جعفر (عليه السلام): «هم شيعتنا و محبونا».

10455/ [9]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، عن جعفر بن الحسين، عن أبيه، عن محمد بن زيد، عن أبيه، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ، فقال: «هذا في أمير المؤمنين و الأئمة من بعده (صلوات الله عليهم)».

10456/ [10]- و عنه: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن فضيل، عن محمد بن حمران «1»، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): فقوله عز و جل: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ؟ قال: «ذلك من [كانت له منزلة عند الإمام».

قلت: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ؟ قال: «ذلك من وصف بهذا الأمر» قلت: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ؟ قال: «الجاحدين للإمام».

10457/ [11]- الطبرسي في (جوامع الجامع): فروح بالضم، و هو المروي عن الباقر (عليه السلام)، أي فرحمة لأن الرحمة كالحياة للمرحوم.

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 651/ 12.

8- تأويل الآيات 2: 651/ 13.

9- تأويل الآيات 2: 652/ 16.

10- تأويل الآيات 2: 653/ 18

11- جوامع الجامع: 480.

(1) في المصدر: محمّد بن عمران.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 277

سورة الحديد ..... ص : 277

فضلها ..... ص : 277

10458/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثني أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الحديد، و المجادلة في صلاة فريضة أدمنها، لم يعذبه الله حتى يموت أبدا، و لا يرى في

نفسه و لا أهله سوءا أبدا، و لا خصامة في بدنه».

10459/ [2]- الطبرسي: روى عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ المسبحات كلها قبل أن ينام لم يمت حتى يدرك القائم (عليه السلام)، و إن مات كان في جوار رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

10460/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان حقا على الله أن يؤمنه من عذابه، و أن ينعم عليه في جنته. و من أدمن قراءتها و كان مقيدا مغلولا مسجونا، سهل الله خروجه، و لو كان ما كان عليه من الجنايات».

10461/ [4]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه و هو في الحرب لم يصبه سهم و لا حديد، و كان قوي القلب في طلب القتال، و إن قرئت على موضع فيه حديد خرج من وقته من غير ألم».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 117.

2- مجمع البيان 9: 345.

3- ......

4- خواصّ القرآن: 20، 53 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 278

سورة الحديد(57): آية 1 ..... ص : 278

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [1]

10462/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: هو قوله (صلى الله عليه و آله): «أعطيت جوامع الكلم».

سورة الحديد(57): آية 3 ..... ص : 278

قوله تعالى:

هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [3]

10463/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن فضيل بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ و قلت: أما الأول فقد عرفناه، و أما الآخر فبين لنا تفسيره.

فقال: «إنه ليس شي ء إلا يبيد أو يتغير، أو يدخله التغيير و الزوال، أو ينتقل من لون إلى لون، و من هيئة إلى هيئة، و من صفة إلى صفة، و من زيادة إلى نقصان، و من نقصان إلى زيادة، إلا رب العالمين، فإنه لم يزل و لا يزال بحالة واحدة، هو الأول قبل كل شي ء، و هو الآخر على ما لم يزل، و لا تختلف عليه الصفات و الأسماء كما تختلف على غيره، مثل الإنسان الذي يكون ترابا مرة، و مرة لحما و دما، و مرة رفاتا رميما، و كالبسر الذي يكون مرة بلحا، و مرة بسرا، و مرة رطبا، و مرة تمرا، فتتبدل عليه الأسماء و الصفات، و الله جل و عز بخلاف ذلك».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 350.

2- الكافي 1: 89/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 279

و رواه ابن بابويه في (التوحيد)، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن عبد الجبار، و ساق الحديث إلى آخره سندا و

متنا «1».

10464/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن محمد بن حكيم، عن ميمون البان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، و قد سئل عن الأول و الآخر. فقال: «الأول لا عن أول قبله، و لا عن بدء سبقه، و الآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين، و لكن قديم، أول آخر، لم يزل و لا يزال «2» بلا بدء و لا نهاية، و لا يقع عليه الحدوث، و لا يحول من حال إلى حال، خالق كل شي ء».

و رواه ابن بابويه في (التوحيد) قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، و ساق الحديث إلى آخره سندا و متنا «3».

10465/ [3]- و عنه: عن علي بن محمد مرسلا، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)- في حديث يفسر فيه أسماء الله تعالى- قال: «و أما الظاهر فليس من أجل أنه علا الأشياء بركوب فوقها، و قعود عليها، و تسنم لذراها، و لكن ذلك لقهره و لغلبته الأشياء و قدرته عليها، كقول الرجل: ظهرت على أعدائي، و أظهرني الله على خصمي، يخبر عن الفلج و الغلبة، فهكذا ظهور الله على الأشياء.

و وجه آخر أنه الظاهر لمن أراده، و لا يخفى عليه شي ء، و أنه مدبر لكل ما برأ، فأي ظاهر أظهر و أوضح من الله تبارك و تعالى؟ لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت، و فيك من آثاره ما يغنيك، و الظاهر منا البارز بنفسه و المعلوم بحده، فقد جمعنا الاسم و لم يجمعنا المعنى.

و أما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء، بأن يغور فيها، و لكن ذلك منه على

استبطانه للأشياء علما و حفظا و تدبيرا، كقول القائل: أبطنته يعني خبرته و علمت مكتوم سره، الباطن منا الغائب في الشي ء المستتر، و قد جمعنا الاسم و اختلف المعنى».

و رواه ابن بابويه في (التوحيد)، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، و ذكر الحديث بعينه».

10466/ [4]- محمد بن العباس، عن محمد بن سهل العطار، عن أحمد بن محمد، عن أبي زرعة عبيد الله بن

__________________________________________________

2- الكافي 1: 90/ 6. [.....]

3- الكافي 1: 95/ 2.

4- تأويل الآيات 2: 654/ 1.

(1) التوحيد: 314/ 2.

(2) في «ج، ي» و المصدر: و لا يزول.

(3) التوحيد: 313/ 1.

(4) التوحيد: 186/ 2، و قد نقل المصنف سند الحديث الأول من المصدر سهوا، و الصواب ما أثبتناه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 280

عبد الكريم، عن قبيصة بن عقبة، عن سفيان بن يحيى، عن جابر بن عبد الله، قال: لقيت عمارا في بعض سكك المدينة، فسألته عن النبي (صلى الله عليه و آله)، فأخبر أنه في مسجده في ملأ من قومه، و أنه لما صلى الغداة أقبل علينا، فبينما نحن كذلك و قد بزغت الشمس، إذا أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقام إليه النبي (صلى الله عليه و آله)، و قبل بين عينيه، و أجلسه إلى جنبه حتى مست ركبتاه ركبتيه، ثم قال: «يا علي، قم للشمس فكلمها، فإنها تكلمك».

فقام أهل المسجد، فقالوا: أ ترى «1» الشمس تكلم عليا؟ و قال بعض: لا يزال يرفع خسيسة ابن عمه و ينوه باسمه إذ

خرج علي (عليه السلام) فقال للشمس: «كيف أصبحت، يا خلق الله؟» فقالت: بخير يا أخا رسول الله، يا أول يا آخر، يا ظاهر يا باطن، يا من هو بكل شي ء عليم.

فرجع علي (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله) [فتبسم النبي (صلى الله عليه و آله)] فقال: «يا علي، تخبرني أو أخبرك؟» فقال: «منك أحسن، يا رسول الله». فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أما قولها لك: يا أول، فأنت أول من آمن بالله، و قولها: يا آخر، فأنت آخر من تعاينني على مغسلي، و قولها: يا ظاهر، فأنت أول من يظهر على مخزون سري، و قولها: يا باطن، فأنت المستبطن لعلمي، و أما العليم بكل شي ء، فما أنزل الله تعالى علما من الحلال و الحرام و الفرائض و الأحكام و التنزيل و التأويل و الناسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه و المشكل إلا و أنت به عليم، و لو لا أن تقول فيك طائفة من أمتي ما قالت النصارى في عيسى، لقلت فيك مقالا لا تمر بملإ إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يستشفون به «2»».

قال جابر: فلما فرغ عمار من حديثه، أقبل سلمان، فقال عمار: و هذا سلمان كان معنا، فحدثني سلمان كما حدثني عمار.

10467/ [5]- و عنه: عن عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن علي بن حكيم، عن الربيع بن عبد الله، عن عبد الله بن حسن، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: «بينما النبي (صلى الله عليه و آله) ذات يوم رأسه في حجر علي (عليه السلام)، إذ نام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لم يكن علي

(عليه السلام) صلى العصر، فقامت الشمس تغرب، فانتبه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فذكر له علي (عليه السلام) شأن صلاته، فدعا الله فرد الله الشمس كهيئتها- [في وقت العصر] و ذكر حديث رد الشمس- فقال له: يا علي، قم فسلم على الشمس، و كلمها فإنها تكلمك، فقال له: يا رسول الله، كيف أسلم عليها؟ قال: قل: السلام عليك يا خلق الله، فقام علي (عليه السلام) و قال: السلام عليك يا خلق الله.

فقالت: و عليك السلام يا أول يا آخر، يا ظاهر يا باطن، يا من ينجي محبيه، و يوثق مبغضيه، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): ما ردت عليك الشمس؟ فكان علي كاتما عنه [فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): قل ما قالت لك الشمس؟ فقال له ما قالت .

فقال [النبي (صلى الله عليه و آله)]: إن الشمس قد صدقت، و عن أمر الله نطقت، أنت أول المؤمنين إيمانا، و أنت

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 655/ 2.

(1) في المصدر زيادة: عين.

(2) في «ي»: يستشفعون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 281

آخر الوصيين، ليس بعدي نبي، و لا بعدك وصي و أنت الظاهر على أعدائك، و أنت الباطن في العلم الظاهر عليه، و لا فوقك فيه أحد، أنت عيبة علمي و خزانة وحي ربي، و أولادك خير الأولاد، و شيعتك هم النجباء يوم القيامة».

10468/ [6]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ قال: قبل كل شي ء وَ الْآخِرُ، قال: يبقى بعد كل شي ء وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «1»، قال: بالضمائر.

سورة الحديد(57): آية 4 ..... ص : 281

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [4] 10469/ [1]- علي بن إبراهيم، في

قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ أي في ستة أوقات.

10470/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد، و ما كان ليخلق الشر قبل الخير، و في يوم الأحد و الاثنين خلق الأرضين، و خلق أقواتها في يوم الثلاثاء، و خلق السماوات يوم الأربعاء و يوم الخميس، و خلق أقواتها يوم الجمعة، و ذلك قول الله عز و جل: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ «2»».

و معنى اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ تقدم في سورة طه «3».

سورة الحديد(57): آية 6 ..... ص : 281

قوله تعالى:

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ [6]

10471/ [3]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: «ما ينقص من الليل

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 350.

1- تفسير القمّي 2: 350.

2- الكافي 8: 145/ 117.

3- تفسير القمّي 2: 167.

(1) الحديد 57: 6. [.....]

(2) السجدة 32: 4.

(3) تقدّم في تفسير الآية (5) من سورة طه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 282

يدخل في النهار، و ما ينقص من النهار يدخل في الليل».

سورة الحديد(57): آية 9 ..... ص : 282

قوله تعالى:

لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [9]

10472/ [1]- ابن شهر آشوب: عن أبي جعفر و جعفر (عليهما السلام)، في قول الله تعالى: لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ يقول: «من الكفر إلى الإيمان، يعني إلى الولاية لعلي (عليه السلام)».

سورة الحديد(57): آية 10 ..... ص : 282

قوله تعالى:

لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً [10]

10473/ [2]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن الحسن (عليهم السلام)- في خطبة خطبها عند صلح معاوية بمحضره- قال (عليه السلام) فيها: «و كان أبي سابق السابقين إلى الله عز و جل، و إلى رسوله (صلى الله عليه و آله) و أقرب الأقربين، و قد قال الله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً.

فأبي كان أولهم إسلاما و إيمانا، و أولهم إلى الله و رسوله، هجرة و لحوقا، و أولهم على وجده و وسعه نفقة، قال سبحانه: وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «1» فالناس من جميع الأمم يستغفرون بسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيه (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد، و قد قال الله تعالى: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ «2» فهو

سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز و جل فضل

__________________________________________________

1- المناقب 3: 80.

2- الأمالي 2: 175.

(1) الحشر 59: 10.

(2) التوبة 9: 100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 283

السابقين على المتخلفين و المتأخرين [فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين».

و الخطبة طويلة، تقدمت بطولها في قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1».

سورة الحديد(57): آية 11 ..... ص : 283

قوله تعالى:

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [11]

10474/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا، عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ قال: «نزلت في صلة الإمام».

10475/ [2]- و عنه: عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس و عن عبد العزيز بن المهتدي، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) في قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ، قال: «صلة الإمام في دولة الفسقة».

10476/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا، عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ، قال: «نزلت في صلة الإمام «2»».

10477/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن معاوية بن عمار، قال: سألت

أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً، قال: «ذاك [في صلة الرحم، و الرحم رحم آل محمد (صلى الله عليه و آله) خاصة».

10478/ [5]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حماد

__________________________________________________

1- الكافي 1: 451/ 4.

2- الكافي 8: 302/ 461.

3- تفسير القمّي 2: 351.

4- تأويل الآيات 2: 2: 658/ 5.

5- الكافي 1: 451/ 3.

(1) تقدّمت في الحديث (24) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.

(2) في المصدر: الأرحام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 284

ابن أبي طلحة، عن معاذ صاحب الأكسية، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله لم يسأل خلقه ما في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك، و ما كان لله من حق فإنما هو لوليه».

10479/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن مياح، عن أبيه، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا مياح، درهم يوصل به الإمام أعظم وزنا من أحد».

10480/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «درهم يوصل به الإمام أفضل «1» من ألفي درهم فيما سواه من وجوه البر».

سورة الحديد(57): آية 12 ..... ص : 284

قوله تعالى:

يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنΠأَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ [12]

10481/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني،

قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين و بأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة».

و عنه: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي، و محمد ابن يحيى، عن العمركي بن علي، جميعا، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)، مثله.

10482/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن عبد الله بن العلاء، عن محمد بن الحسن، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و هو يقول: «نورهم يسعى «2» بين أيديهم و بأيمانهم» قال: «نور أئمة المؤمنين يوم القيامة يسعى بين أيدي المؤمنين و بأيمانهم حتى ينزلوا بهم منازلهم في الجنة».

__________________________________________________

6- الكافي 1: 452/ 5. [.....]

7- الكافي 1: 452/ 6.

1- الكافي 1: 151/ 5.

2- تأويل الآيات 2: 2: 659/ 9.

(1) في «ط، ي»: أعظم.

(2) كذا، و الآية يَسْعى نُورُهُمْ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 285

10483/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن محمد بن عصمة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة، قال: حدثنا الحسن بن الليث الرازي، عن شيبان بن فروخ الابلي، عن همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كنت ذات يوم عند النبي (صلى الله عليه و آله)، إذ أقبل بوجهه على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال:

«ألا أبشرك يا أبا الحسن؟» قال: «بلى يا رسول

الله». قال: «هذا جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه قد أعطى شيعتك و محبيك سبع خصال: الرفق عند الموت، و الأنس عند الوحشة، و النور عند الظلمة، و الأمن عند الفزع، و القسط عند الميزان، و الجواز على الصراط، و دخول الجنة قبل الناس، «نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم».

سورة الحديد(57): الآيات 13 الي 17 ..... ص : 285

قوله تعالى:

يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ- إلى قوله تعالى- أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [13- 16] 10484/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: يقسم النور بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم، يقسم للمنافق فيكون نوره في إبهام رجله اليسرى، فينظر نوره، ثم يقول للمؤمنين: مكانكم حتى أقتبس من نوركم، فيقول المؤمنون لهم: ارجعوا وراءكم، فالتمسوا نورا. فيرجعون فيضرب بينهم بسور [له باب فينادون من وراء السور، يا مؤمنين «1»، أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ قال: بالمعاصي وَ ارْتَبْتُمْ قال: شككتم و تربصتم.

10485/ [2]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن القاسم، عن علي، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الناس يقسم بينهم النور يوم القيامة على قدر إيمانهم، و يقسم للمنافق فيكون نوره على [قدر] إبهام رجله اليسرى، فيطأ»

نوره، فيقول: مكانكم حتى أقتبس من نوركم. قيل: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً

__________________________________________________

3- الخصال: 402/ 112.

1- تفسير القمي 2: 351.

2- الزهد: 93/ 249.

(1) في المصدر: المؤمنين.

(2) في المصدر: فيطفؤ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 286

يعني حيث قسم النار». قال: «فيرجعون فيضرب بينهم السور، فينادونهم من وراء السور:

أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ».

ثم قال: «يا أبا محمد، أما و الله ما قال الله لليهود و النصارى، و لكنه عنى أهل القبلة».

10486/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، و محمد بن أحمد السناني، و علي بن أحمد ابن موسى الدقاق، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنه)، قالوا:

حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد (صلى الله عليه و آله) أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا و قد شركته فيها و فضلته، و لي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد».

قلت: يا أمير المؤمنين، فأخبرني بهن، فقال (عليه السلام):- و ذكر السبعين- قال: «و أما الثلاثون فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: تحشر أمتي يوم القيامة على خمس رايات، فأول راية ترد علي راية فرعون هذه الأمة و هو معاوية، و الثانية مع سامري هذه الأمة و هو عمرو بن العاص، و الثالثة مع جاثليق هذه الأمة و هو أبو موسى الأشعري، و الرابعة مع أبي الأعور السلمي، و أما الخامسة فمعك يا علي، تحتها المؤمنون و

أنت إمامهم، ثم يقول الله تبارك و تعالى للأربعة: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، و هم شيعتي، و من والاني، و قاتل معي الفئة الباغية و الناكبة عن الصراط، و باب الرحمة هم شيعتي، فينادي هؤلاء أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ في الدنيا حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ، ثم ترد أمتي و شيعتي، فيروون من حوض محمد (صلى الله عليه و آله)، و بيدي عصا عوسج، أطرد بها أعدائي طرد غريبة الإبل».

10487/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن جده، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، عن سلام بن المستنير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى:

فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ».

قال: فقال: «أما إنها نزلت فينا و في شيعتنا و في الكفار، أما إنه إذا كان يوم القيامة و حبس الخلائق في طريق المحشر، ضرب الله سورا من ظلمة، فيه باب باطنه فيه الرحمة- يعني النور- و ظاهره من قبله العذاب- يعني الظلمة- فيصيرنا الله و شيعتنا في باطن السور الذي فيه الرحمة و النور، و يصير عدونا و الكفار في ظاهر السور الذي

__________________________________________________

3- الخصال: 575/ 1.

4- تأويل الآيات 2: 660/ 11.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 287

فيه الظلمة، فيناديكم أعداؤنا و أعداؤكم من الباب الذي في السور ظاهره

العذاب: أ لم نكن معكم في الدنيا، نبينا و نبيكم واحد، و صلاتنا و صلاتكم [واحدة]، و صومنا و صومكم واحد، و حجنا و حجكم واحد؟».

قال: «فيناديهم الملك من عند الله: بلى، و لكنكم فتنتم أنفسكم بعد نبيكم، ثم توليتم، و تركتم اتباع من أمركم به نبيكم، و تربصتم به الدوائر، و ارتبتم فيما قال فيه نبيكم، و غرتكم الأماني و ما اجتمعتم عليه من خلافكم لأهل الحق، و غركم حلم الله عنكم في تلك الحال، حتى جاء الحق- يعني بالحق ظهور علي بن أبي طالب (عليه السلام) و من ظهر من بعده من الأئمة (عليه السلام) بالحق- و قوله عز و جل: وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ يعني الشيطان فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي لا توجد لكم حسنة تفدون بها أنفسكم مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ».

10488/ [5]- و عنه: عن أحمد بن محمد الهاشمي، عن محمد بن عيسى العبيدي، قال: حدثنا أبو محمد الأنصاري، و كان خيرا، عن شريك، عن الأعمش، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قول الله عز و جل: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنا السور، و علي الباب».

10489/ [6]- و عنه: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن قول الله عز و جل: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ

وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ، فقال: «أنا السور، و علي الباب، و ليس يؤتى السور إلا من قبل الباب».

10490/ [7]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ، قال: و الله ما عنى بذلك اليهود و لا النصارى، و إنما عنى بذلك أهل القبلة، ثم قال: مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ يعني هي أولى بكم، و قوله تعالى: أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني ألم يجب. قوله تعالى: أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ يعني الرهب لِذِكْرِ اللَّهِ.

قوله تعالى:

وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ [16- 17]

10491/ [1]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي،

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 661/ 12.

6- تأويل الآيات 2: 662/ 13. [.....]

7- تفسير القمّي 2: 351.

1- الغيبة: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 288

قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الميثمي، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: «نزلت هذه الآية التي في سورة الحديد وَ لا يَكُونُوا «1» كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ في أهل زمان الغيبة، ثم قال عز و جل اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، و قال: «إن الأمد أمد الغيبة».

10492/ [2]- ابن بابويه، قال: أخبرني علي بن حاتم في ما كتب إلي، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن ابن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن سماعة و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه

الآية في القائم: وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ».

10493/ [3]- الشيخ المفيد: بإسناده، عن محمد بن همام، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

سمعته يقول: «نزلت هذه الآية: وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ، في أهل زمان الغيبة، و الأمد أمد الغيبة» كأنه أراد عز و جل، يا أمة محمد، أو يا معشر الشيعة، لا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد. فتأويل هذه الآية جار [في أهل زمان الغيبة و أيامها دون غيرهم.

10494/ [4]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن موسى بن سعدان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، قال:

«ليس يحييها بالقطر، و لكن يبعث الله عز و جل رجالا، فيحيون العدل، فتحيا الأرض لإحياء العدل، و لإقامة الحد فيها «2» أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا».

10495/ [5]- و عنه: عن محمد بن أحمد بن الصلت، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس، عن مفضل بن صالح، عن محمد بن الحلبي، أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، قال: «العدل بعد الجور».

10496/ [6]- ابن بابويه، قال: أخبرني علي بن حاتم فيما كتب إلي، قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن بن

__________________________________________________

2- كمال الدين و تمام النعمة: 668/ 12.

3- تأويل الآيات 2: 662/ 14.

4- الكافي 7: 174/ 2.

5- الكافي 8: 267/ 390.

6- كمال

الدين و تمام النعمة: 668/ 13.

(1) كذا، و في الآية: وَ لا يَكُونُوا.

(2) في المصدر: للّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 289

محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن الحسن بن محبوب، عن مؤمن الطاق، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، قال: يحييها الله عز و جل بالقائم (عليه السلام) بعد موتها- يعني بموتها كفر أهلها- و الكافر ميت».

10497/ [7]- محمد بن العباس، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها: «يعني بموتها كفر أهلها، و الكافر ميت، فيحييها الله بالقائم (عليه السلام) فيعدل فيها، فتحيا الأرض و يحيا أهلها بعد موتهم».

سورة الحديد(57): آية 18 ..... ص : 289

قوله تعالى:

إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَ الْمُصَّدِّقاتِ وَ أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [18]

10498/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل فرض [للفقراء] في مال «1» الأغنياء فريضة لا يحمدون إلا بأدائها، و هي الزكاة، بها حقنوا دعاءهم، و بها سموا مسلمين، و لكن الله عز و جل فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة، فقال عز و جل: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ «2» فالحق المعلوم [من غير الزكاة- إلى أن قال-: و قد قال الله عز و جل أيضا: أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً».

10499/ [2]- و عنه:

عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «مكتوب على باب الجنة: الصدقة بعشرة، و القرض بثمانية عشر».

و

في رواية أخرى: «بخمسة عشر».

10500/ [3]- علي بن إبراهيم، قال الصادق (عليه السلام): «على باب الجنة مكتوب: القرض بثمانية عشر، و الصدقة بعشرة، و ذلك أن القرض لا يكون إلا لمحتاج، و الصدقة ربما وقعت في يد غير محتاج».

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 663/ 15.

1- الكافي 3: 498/ 8.

2- الكافي 4: 33/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 350.

(1) في المصدر: أموال. [.....]

(2) المعارج 70: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 290

سورة الحديد(57): آية 19 ..... ص : 290

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ [19]

10501/ [1]- الشيخ في (التهذيب) بإسناده، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن مروان، عن أبي خضيرة، عمن سمع علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول، و ذكر الشهداء، قال: فقال بعضنا: في المبطون، و قال بعضنا: في الذي يأكله السبع، و قال بعضنا غير ذلك مما يذكر في الشهادة. فقال إنسان: ما كنت أدري «1» أن الشهيد إلا من قتل في سبيل الله.

فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): «إن الشهداء إذا لقيل» ثم قرأ [هذه الآية: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ثم قال: «هذه لنا و لشيعتنا».

10502/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله الجعفري عن جميل بن دراج، عن عمرو بن مروان، عن الحارث

بن حصيرة، عن زيد بن أرقم، عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: «ما من شيعتنا إلا صديق شهيد».

قال: قلت: جعلت فداك، أنى يكون ذلك و عامتهم يموتون على فرشهم؟ فقال: «أما تتلو كتاب الله في الحديد: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ» قال: فقلت: كأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله عز و جل قط. قال: «لو كان ليس إلا كما تقولون كان «2» الشهداء قليلا».

10503/ [3]- و عنه: عن أبي يوسف يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن عاصم، عن منهال القصاب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ادع الله لي بالشهادة؟ فقال: «إن المؤمن لشهيد حيث مات، أو ما سمعت قول الله في كتابه: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ».

10504/ [4]- محمد بن العباس: عن أحمد بن محمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن الحسن بن عبد الرحمن يرفعه إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الصديقون ثلاثة: حبيب النجار و هو مؤمن

__________________________________________________

1- التهذيب 6: 167/ 318.

2- المحاسن: 163/ 115.

3- المحاسن: 164/ 117.

4- تأويل الآيات 2: 663/ 16.

(1) في المصدر: أرى.

(2) في المصدر: كان الشهداء ليس إلّا كما تقول لكان.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 291

آل يس، و حزقيل و هو مؤمن آل فرعون، و علي بن أبي طالب «1»».

10505/ [5]- و عنه: عن الحسين» بن علي المقرئ بإسناده، عن رجاله، مرفوعا إلى أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «الصديقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون، و حبيب صاحب آل

يس، و علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و هو أفضل الثلاثة».

10506/ [6]- و عنه: عن جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن عمر «3»، عن عبد الله بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن عمر بن المفضل «4» البصري، عن عباد بن صهيب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «هبط على النبي (صلى الله عليه و آله) ملك له عشرون ألف رأس، فوثب النبي (صلى الله عليه و آله) ليقبل يده، فقال له الملك: مهلا مهلا يا محمد، فأنت [و الله أكرم على الله من أهل السماوات و أهل الأرضين أجمعين، و الملك يقال له محمود، فإذا بين منكبيه مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي الصديق الأكبر، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): حبيبي محمود، [منذ] كم هذا مكتوب بين منكبيك؟ قال: من قبل أن يخلق الله آدم «5» باثني عشر ألف عام».

10507/ [7]- الطبرسي، قال: روى العياشي [بالإسناد] عن منهال القصاب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

ادع الله أن يرزقني الشهادة فقال: «إن المؤمن شهيد» و قرأ هذه الآية.

10508/ [8]- و عن الحارث بن المغيرة، قال: كنا عند أبي جعفر (عليه السلام) قال: «العارف منكم بهذا الأمر المنتظر له، المحتسب فيه الخير، كمن جاهد و الله مع قائم آل محمد (عليه السلام) بسيفه». ثم قال: «بل و الله كمن جاهد مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، [بسيفه » ثم قال الثالثة: «بل و الله كمن استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في فسطاطه، و فيكم آية من كتاب الله».

قلت: و أي آية، جعلت فداك؟ قال:

«قول الله عز و جل وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ» [ثم قال: «صرتم و الله صادقين [شهداء عند ربكم ».

10509/ [9]- شرف الدين النجفي، قال: روى صاحب كتاب (البشارات) مرفوعا إلى الحسين بن أبي حمزة،

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 664/ 17.

6- تأويل الآيات 2: 664/ 18.

7- مجمع البيان 9: 359.

8- مجمع البيان 9: 359.

9- تأويل الآيات 2: 665/ 21.

(1) في المصدر زيادة: و هو أفضل الثلاثة.

(2) في المصدر، و «ج»: الحسن. [.....]

(3) في المصدر: محمّد بن عمرو.

(4) في المصدر: عمر بن الفضل.

(5) في المصدر زيادة: أباك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 292

عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، قد كبر سني، و دق عظمي، و اقترب أجلي، و قد خفت أن يدركني قبل هذا الأمر الموت.

قال: فقال لي «يا أبا حمزة، [أو ما ترى الشهيد إلا من قتل؟» قلت: نعم، جعلت فداك. فقال لي: «يا أبا حمزة،] من آمن بنا، و صدق حديثنا، و انتظر أمرنا، كان كمن قتل تحت راية القائم (عليه السلام)، بل و الله تحت راية رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

10510/ [10]- و عن أبي بصير قال: قال [لي الإمام الصادق (عليه السلام): «يا أبا محمد، إن الميت على هذا الأمر شهيد» قال: قلت: جعلت فداك، و إن مات على فراشه؟ قال: [ «و إن مات على فراشه،] فإنه حي يرزق».

10511/ [11]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، الراد علي هذه الأمر فهو كالراد عليكم؟ فقال: «يا أبا محمد،

من رد عليكم هذا الأمر فهو كالراد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و على الله تبارك و تعالى: يا أبا محمد، إن الميت منكم على هذا الأمر شهيد» [قال : قلت: و إن مات على فراشه؟ فقال: «إي و الله و إن مات على فراشه حي [عند ربه يرزق».

10512/ [12]- و عنه: بإسناده، عن عبد الله بن مسكان، عن مالك الجهني، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا مالك، أما ترضون أن تقيموا الصلاة، و تؤتوا الزكاة، و تكفوا أيديكم و ألسنتكم و تدخلوا الجنة، يا مالك، إنه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم و يلعنونه إلا أنتم و من كان على مثل حالكم، يا مالك، إن الميت منكم و الله على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله».

10513/ [13]- ابن بابويه: عن أبيه، بإسناده يرفعه إلى أبي بصير و محمد مسلم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه (عليهم السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب من العلم، منها قوله (عليه السلام): احذروا السفلة، فإن السفلة من لا يخاف الله عز و جل، لأن فيهم قتلة الأنبياء، و فيهم أعداؤنا.

إن الله تبارك و تعالى اطلع على الأرض فاختارنا، و اختار لنا شيعة ينصروننا و يفرحون لفرحنا، و يحزنون لحزننا، و يبذلون أموالهم و أنفسهم فينا [أولئك منا] و إلينا، و ما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فلا يموت حتى يبتلى ببلية تمحص فيها ذنوبه، إما في ماله، أو ولده، أو في نفسه حتى يلقى الله عز

و جل و ما له ذنب، و إنه ليبقى عليه الشي ء من ذنوبه فيشدد [به عليه عند موته، و الميت من شيعتنا صديق شهيد صدق بأمرنا، و أحب فينا، و أبغض فينا، يريد بذلك وجه الله عز و جل، مؤمن بالله و رسوله، قال الله عز و جل:

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 2: 666/ 22.

11- الكافي 8: 146/ 120.

12- الكافي 8: 146/ 122.

13- الخصال: 635/ 10، تأويل الآيات 2: 667/ 25.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 293

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ».

10514/ [14]- و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لأصحابه: «الزموا الأرض، و اصبروا على البلاء، و لا تحركوا بأيديكم و سيوفكم و ألسنتكم، و لا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم، فإن من مات منكم على فراشه و هو على معرفة حق ربه و حق رسوله و أهل بيته، مات شهيدا و وقع أجره على الله، و استوجب ما نوى من صالح عمله، و قامت النية مقام مقاتلته بسيفه».

10515/ [15]- ابن بابويه، في (فضائل الشيعة): عن أبيه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن معاوية بن عمار، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذا كان يوم القيامة يؤتى بأقوام على منابر من نور، تتلألأ وجوههم كالقمر ليلة البدر، يغبطهم الأولون و الآخرون، ثم سكت، ثم أعاد الكلام ثلاثا.

فقال عمر بن الخطاب: بأبي أنت و أمي، هم الشهداء؟ قال: هم الشهداء، و ليس هم الشهداء الذين تظنون؟

قال: هم الأنبياء؟ قال: هم الأنبياء، و ليس هم الأنبياء الذين تظنون؟ قال: هم

الأوصياء؟ قال: هم الأوصياء، و ليس هم الأوصياء الذين تظنون، قال: فمن أهل السماء أو من أهل الأرض؟ قال: هم [من أهل الأرض، قال: فأخبرني من هم؟ قال: فأومأ بيده إلى علي (عليه السلام)، فقال: هذا و شيعته، ما يبغضه من قريش إلا سفاحي، و لا من الأنصار إلا يهودي، و لا من العرب إلا دعي، و لا من سائر الناس إلا شقي، يا عمر كذب من زعم أنه يحبني و يبغض هذا».

10516/ [16]- ابن شهر آشوب عن علي بن الجعد، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ، قال: صديق هذه الأمة علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو الصديق الأكبر، و الفاروق الأعظم.

ثم قال: وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قال ابن عباس: و هم علي و حمزة و جعفر، فهم صديقون و هم شهداء الرسل على أممهم، إنهم قد بلغوا الرسالة، ثم قال: لَهُمْ أَجْرُهُمْ عند ربهم على التصديق بالنبوة وَ نُورُهُمْ على الصراط.

10517/ [17]- و من طريق المخالفين: ما رواه الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي، في كتابه المستخرج من التفاسير الاثني عشر، في تفسير قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ يرفعه إلى ابن عباس، و قال: وَ الَّذِينَ آمَنُوا [يعني صدقوا] بِاللَّهِ أنه واحد:

علي بن أبي طالب (عليه السلام) و حمزة بن عبد المطلب و جعفر الطيار أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ،

قال: [رسول الله (صلى الله عليه و آله)]: «صديق هذه الأمة علي بن أبي طالب، و هو الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم».

__________________________________________________

14- نهج البلاغة: 282 الخطبة 190،

تأويل الآيات 2: 668/ 26.

15- فضائل الشيعة: 67/ 25.

16- المناقب 3: 89.

17- ... عنه: الطرائف: 94/ 132.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 294

10518/ [18]- موفق بن أحمد: يرفعه إلى ابن عباس، قال: سأل قوم النبي (صلى الله عليه و آله): فيمن نزلت هذه الآية؟ قال: «إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض، و نادى مناد: ليقم سيد الوصيين و معه الذين آمنوا بعد بعث محمد (صلى الله عليه و آله) فيقوم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيعطى اللواء من النور الأبيض بيده، و تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار، لا يخالطهم غيرهم، حتى يجلس على منبر من نور رب العزة، و يعرض الجميع عليه رجلا رجلا، فيعطيه أجره و نوره، فإذا أتى على آخرهم قيل لهم: قد عرفتم صفتكم «1» و منازلكم في الجنة، إن ربكم يقول: إن لكم عندي مغفرة و أجرا عظيما يعني الجنة، فيقوم علي و القوم تحت لوائه معه يدخل بهم الجنة، ثم يرجع إلى منبره، فلا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين، فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة، و ينزل أقواما على النار، فذلك قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ يعني السابقين الأولين [من المؤمنين و أهل الولاية وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ يعني كفروا و كذبوا بالولاية و بحق علي (عليه السلام)».

سورة الحديد(57): آية 21 ..... ص : 294

قوله تعالى:

سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [21]

10519/ [1]- محمد بن يعقوب: عن

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: إن للإيمان درجات و منازل، يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال: «نعم».

قلت: صفه لي رحمك الله حتى أفهمه؟ قال: «إن الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان، ثم فضلهم على درجاتهم في السبق إليه، فجعل لكل امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه، و لا يتقدم مسبوق سابقا، و لا مفضول فاضلا، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة و أواخرها، و لو لم يكن للسابق إلى الإيمان فضل على المسبوق إذن للحق آخر هذه الأمة أولها، نعم و لتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه، و لكن بدرجات الإيمان قدم الله السابقين، و بالإبطاء عن الإيمان أخر الله المقصرين، لأنا نجد من

__________________________________________________

18- .... مناقب ابن المغازلي: 322/ 369.

1- الكافي 2: 34/ 1.

(1) في المناقب: موضعكم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 295

المؤمنين من الآخرين، من هو أكثر عملا من الأولين، و أكثرهم صلاة و صوما و حجا و زكاة و جهادا و إنفاقا، و لو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل متقدمين على الأولين، [لكن أبى الله عز و جل أن يدرك آخر درجات الإيمان أولها، و يقدم فيها من أخر الله، أو يؤخر فيها من قدم الله».

قلت: أخبرني عما ندب الله عز و جل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان. فقال: «قول الله عز و جل:

سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ

لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ، و قال:

السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «1»، و قال: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ «2»، فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم، ثم ثنى بالأنصار، ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم و منازلهم عنده، ثم ذكر ما فضل الله عز و جل به أولياءه بعضهم على بعض، فقال عز و جل: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ فوق بعض دَرَجاتٍ «3» إلى آخر الآية، و قال: وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ «4»، و قال: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلًا «5»، و قال: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ «6»، و قال: يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ «7»، و قال: الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ «8»، و قال: وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً «9»، و قال: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا «10»، و قال: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ «11»، و قال: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ «12»، و قال:

__________________________________________________

(1) الواقعة 56: 10، 11.

(2) التوبة 9: 100.

(3) البقرة 2: 253.

(4) الإسراء 17: 55.

(5) الإسراء

17: 21.

(6) آل عمران 3: 163.

(7) هود 11: 3.

(8) التوبة 9: 20.

(9) النساء 4: 95، 96.

(10) الحديد 57: 10.

(11) المجادلة 58: 11.

(12) التوبة 9: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 296

وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ «1»، و قال: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «2» فهذا ذكر درجات الإيمان و منازله عند الله تعالى».

10520/ [2]- الرضي في (الخصائص): بإسناد مرفوع إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: «قدم أسقف نجران على عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أرضنا أرض باردة شديدة المؤونة لا تحتمل الجيش، و أنا ضامن لخراج أرضي أحمله إليك في كل عام كملا، فكان يقدم هو بالمال بنفسه و معه أعوان له حتى يوفيه بيت المال، و يكتب له عمر البراءة».

قال: «فقدم الأسقف ذات عام، و كان شيخا جميلا، فدعاه عمر إلى الله و إلى دين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أنشأ، يذكر فضل الإسلام، و ما يصير إليه المسلمون من النعيم و الكرامة، فقال له الأسقف: يا عمر، أنتم تقرءون في كتابكم أن [لله جنة عرضها كعرض السماء و الأرض، فأين تكون النار؟ قال: فسكت عمر، و نكس رأسه، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام)- و كان حاضرا- أجب هذا النصراني. فقال: له عمر: بل أجبه أنت. فقال (عليه السلام) له: يا أسقف نجران، أنا أجيبك «3»، إذا جاء النهار أين يكون الليل، و إذا جاء الليل أين يكون النهار؟ فقال الأسقف: ما كنت أرى [أن أحدا يجيبني عن هذه المسألة. ثم قال: من هذا الفتى، يا عمر؟ قال عمر: هذا

علي بن أبي طالب، ختن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ابن عمه و أول مؤمن معه، هذا أبو الحسن و الحسين.

قال الأسقف: أخبرني- يا عمر- عن بقعة في الأرض طلعت فيها الشمس ساعة، و لم تطلع فيها قبلها و لا بعدها؟ قال عمر: سل الفتى، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا أجيبك، هو البحر حيث انفلق لبني إسرائيل، فوقعت الشمس فيه، و لم تقع فيه قبله و لا بعده، قال الأسقف: صدقت يا فتى.

ثم قال الأسقف: أخبرني- يا عمر- عن شي ء في أيدي أهل الدنيا شبيه بثمار أهل الجنة؟ فقال: سل الفتى.

فقال (عليه السلام): أنا أجيبك: هو القرآن، يجتمع أهل الدنيا عليه، فيأخذون منه حاجتهم، و لا ينقص منه شي ء، و كذلك ثمار الجنة. قال الأسقف: صدقت يا فتى. ثم قال الأسقف: يا عمر، أخبرني هل للسماوات من أبواب؟ فقال عمر: سل الفتى، فقال (عليه السلام): نعم يا أسقف، لها أبواب. فقال: يا فتى هل لتلك الأبواب من أقفال؟ فقال (عليه السلام):

نعم يا أسقف، أقفالها الشرك بالله. قال الأسقف: صدقت يا فتى. فما مفتاح تلك الأقفال؟ فقال (عليه السلام): شهادة أن لا إله إلا الله، لا يحجبها شي ء دون العرش، فقال: صدقت يا فتى.

ثم قال الأسقف: يا عمر، أخبرني عن أول دم وقع على وجه الأرض، أي دم كان فقال: سل الفتى.

فقال (عليه السلام): أنا أجيبك يا أسقف نجران، أما نحن فلا نقول كما تقولون أنه دم ابن آدم الذي قتله أخوه و ليس هو كما قلتم، و لكن أول دم وقع على وجه الأرض مشيمة حواء حين ولدت قابيل بن آدم. قال الأسقف: صدقت

__________________________________________________

2- خصائص الأئمة (عليه السّلام): 90.

(1) البقرة 2:

110. [.....]

(2) الزلزلة 99: 7، 8.

(3) في المصدر زيادة: أ رأيت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 297

يا فتى.

ثم قال الأسقف: بقيت مسألة واحدة، أخبرني أنت- يا عمر- أين الله تعالى؟ قال: فغضب عمر، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا أجيبك و سل عما شئت، كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم، إذا أتاه ملك فسلم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أين أرسلت؟ قال: من سبع سماوات من عند ربي. ثم أتاه ملك آخر، فسلم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أين أرسلت؟ قال: من سبع أرضين من عند ربي. ثم أتاه ملك آخر، فسلم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أين أرسلت؟ قال: من مشرق الشمس من عند ربي. ثم أتى ملك آخر، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أين أرسلت؟ فقال: من مغرب الشمس من عند ربي. فالله ها هنا و ها هنا، في السماء إله، و في الأرض إله، و هو الحكيم العليم».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «معناه من ملكوت ربي في كل مكان، و لا يعزب عن علمه شي ء تبارك و تعالى».

10521/ [3]- ابن الفارسي: سئل أنس بن مالك فقيل له: يا أبا حمزة، الجنة في الأرض أم في السماء؟ قال:

و أي أرض تسع الجنة، و أي سماء تسع الجنة، قيل: فأين هي؟ قال: فوق السماء السابعة تحت العرش.

10522/]- السيد الرضي، في (فضائل العترة): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث- و قد سأله جاثليق: أخبرني عن الجنة و النار، أين هما؟ قال (عليه السلام): «الجنة تحت العرش في الآخرة، و

النار تحت الأرض السابعة السفلى» فقال الجاثليق: صدقت.

10523/ [5]- ابن شهر آشوب: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام)، في قوله تعالى: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ من عباده، و في قوله تعالى: وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ «1»: «إنهما نزلتا في أمير المؤمنين (عليه السلام) «2»».

سورة الحديد(57): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 297

قوله تعالى:

ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

__________________________________________________

3- روضة الواعظين: 505.

4- ....

5- المناقب 3: 99.

(1) النساء 4: 99.

(2) في المصدر: إنهما نزلا فيهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 298

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ [22- 23]

10524/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه: أن رجلا سأل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن الزهد فقال: «عشرة أشياء فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع، و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا، [ألا] و إن الزهد كله في آية من كتاب الله عز و جل: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ».

10525/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: جعلت فداك، فما حد الزهد في الدنيا؟ قال: فقال: «قد حد الله في كتابه، فقال عز و جل: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا

بِما آتاكُمْ إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله، و أخوفهم له أعلمهم به، و أعلمهم به أزهدهم فيها».

فقال له رجل: يا ابن رسول الله، أوصني. فقال: «اتق الله حيث كنت، فإنك لا تستوحش عنه».

10526/ [3]- و عنه: عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، رفعه، قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين (عليهما السلام)- و ذكر الحديث إلى أن قال- فقال له الرجل: فما الزهد؟ قال: «الزهد عشرة أجزاء: أعلى درجات الزهد أدنى درجات الرضا، ألا و إن الزهد في آية في كتاب الله عز و جل: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ».

10527/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا سهل بن زياد، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، في قوله تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ، قال: «قال أبو عبد الله (عليه السلام): سأل رجل أبي (عليه السلام) عن ذلك، فقال: نزلت في أبي بكر «1» و أصحابه، واحدة مقدمة و واحدة مؤخرة لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال الرجل: أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه، ثم قام الرجل فذهب فلم أره».

10528/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزار، عن يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها:

__________________________________________________

1- الكافي 2: 104/ 4.

2- تفسير القمي 2: 146.

3- تفسير القمي 2: 260.

4

تفسير القمي 2: 351.

5- تفسير القمي 2: 351.

(1) في المصدر: في زريق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 299

«صدق الله و بلغت رسله، كتابه في السماء علمه بها، و كتابه في الأرض إعلامنا في ليلة القدر و في غيرها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ».

10529/ [6]- علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «لما ادخل رأس الحسين (عليه السلام) على يزيد لعنه الله، و أدخل عليه علي بن الحسين (عليهما السلام) و بنات أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كان علي بن الحسين (عليهما السلام) مقيدا مغلولا، فقال يزيد: يا علي بن الحسين، الحمد لله الذي قتل أباك. فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): لعن الله من قتل أبي. قال: فغضب يزيد و أمر بضرب عنقه (عليه السلام) فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): فإذا قتلتني فبنات رسول الله (صلى الله عليه و آله) من يردهن إلى منازلهن، و ليس لهن محرم غيري؟ فقال: أنت تردهن إلى منازلهن، ثم دعا بمبرد، فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده.

ثم قال: يا علي بن الحسين، أ تدري ما الذي أريد بذلك؟ قال: بلى تريد أن لا يكون لأحد علي منة غيرك.

فقال يزيد: هذا و الله [ما] أردت.

ثم قال: يا علي بن الحسين ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ «1» فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): كلا ما هذه فينا نزلت، إنما نزلت فينا: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ الآية فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا، من الدنيا «2» و لا نفرح بما آتانا منها».

10530/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن

مسعود، عن أبيه، قال: حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن زرارة، عن علي بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) [قال:] «تعتلج «3» النطفتان في الرحم، فأيتهما كانت أكثر جاءت تشبهها، فإن كانت نطفة المرأة أكثر جاءت تشبه أخواله، و إن كانت نطفة الرجل أكثر جاءت تشبه أعمامه».

و قال: تحول النطفة في الرحم أربعين يوما، فمن أراد أن يدعو الله عز و جل ففي تلك الأربعين قبل أن تخلق، ثم يبعث الله عز و جل ملك الأرحام إليها، فيأخذها، فيصعد بها إلى الله عز و جل، فيقف حيث يشاء الله، فيقول: يا إلهي، أذكر أم أنثى؟ فيوحي الله تعالى ما يشاء، و يكتب الملك، ثم يقول: يا إلهي أشقي أم سعيد؟ فيوحي الله عز و جل من ذلك ما يشاء، و يكتب الملك، و يقول اللهم كم رزقه، و ما أجله؟ ثم يكتبه و يكتب كل شي ء يصيبه في الدنيا بين عينيه، ثم يرجع به فيرده في الرحم، فذلك قوله عز و جل: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها».

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 352. [.....]

7- علل الشرائع: 95/ 4.

(1) الشورى 42: 30.

(2) (من الدنيا) ليس في «ج» و المصدر.

(3) اعتلجت الأمواج: إذا التطمت. «النهاية 3: 286».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 300

و سيأتي- إن شاء الله- حديث في تفسير الآية في تفسير إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1».

سورة الحديد(57): آية 25 ..... ص : 300

قوله تعالى:

لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [25]

10531/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن و غيره، عن سهل

بن زياد، عن محمد بن عيسى، و محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أوصى موسى (عليه السلام) إلى يوشع بن نون، و أوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون، و لم يوص إلى ولده، و لا إلى ولد موسى، إن الله عز و جل له الخيرة، يختار ما يشاء ممن يشاء، و بشر موسى و يوشع بالمسيح (عليهم السلام)، فلما أن بعث الله عز و جل المسيح (عليه السلام)، قال المسيح (عليه السلام) لهم: إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل (عليه السلام)، يجي ء بتصديقي و تصديقكم و عذري و عذركم، و جرت من بعده في الحواريين في المستحفظين، و إنما سماهم الله عز و جل المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر، و هو الكتاب الذي يعلم به علم كل شي ء، الذي كان مع الأنبياء (صلوات الله عليهم) يقول الله عز و جل: (و لقد أرسلنا رسلا من قبلك و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان) «2» الكتاب: الاسم الأكبر، و إنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة و الإنجيل و الفرقان، فيها كتاب نوح (عليه السلام)، و فيها كتاب صالح و شعيب و إبراهيم (عليهم السلام) فأخبر الله عز و جل: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى «3» و أين صحف إبراهيم؟ إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، و صحف موسى الاسم الأكبر.

فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم، حتى دفعوها إلى محمد (صلى الله عليه و آله)، فلما بعث الله عز و

جل محمدا (صلى الله عليه و آله) أسلم له العقب من المستحفظين، و كذبه بنو إسرائيل، و دعا إلى الله عز و جل، و جاهد في سبيله، ثم أنزل الله جل ذكره عليه: أن أعلن فضل وصيك. فقال [رب أن العرب قوم جفاة، لم يكن فيهم كتاب، و لم يبعث إليهم نبي، و لا يعرفون نبوة «4» الأنبياء و لا شرفهم، و لا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي، فقال

__________________________________________________

1- الكافي 1: 232/ 3.

(1) يأتي في الحديث (2) من تفسير سورة القدر.

(2) لم ترد هذه الآية بهذا الوجه في القرآن.

(3) الأعلى 87: 18، 19.

(4) في المصدر: و لا يعرفون فضل نبوّات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 301

الله جل ذكره: وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ «1» وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ «2» فذكر من فضل وصيه ذكرا، فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذلك و ما يقولون، فقال الله جل ذكره: «و لقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون فإنهم لا يكذبونك و لكن الظالمين بايت الله يجحدون» «3» لكنهم يجحدون بغير حجة لهم.

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتألفهم و يستعين ببعضهم على بعض، و لا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى [نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته و نعيت إليه نفسه، فقال الله عز ذكره: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ «4» يقول: إذا فرغت فانصب علمك و أعلن وصيك، فأعلمهم فضله علانية، فقال (صلى الله عليه و آله): من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه- ثلاث مرات- ثم قال: لأبعثن

رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله، ليس بفرار- يعرض بمن رجع يجبن أصحابه و يجبنونه- و قال (صلى الله عليه و آله): علي سيد المؤمنين. و قال: علي عمود الدين، و قال: هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي. و قال: الحق مع علي أينما مال. و قال إني تارك فيكم أمرين، إن أخذتم بهما لن تضلوا: كتاب الله عز و جل، و أهل بيتي عترتي. أيها الناس: اسمعوا و قد بلغت، إنكم ستردون علي الحوض، فأسألكم عما فعلتم في الثقلين، [و] الثقلان: كتاب الله جل ذكره و أهل بيتي، فلا تسبقوهم فتهلكوا، و لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.

فوقعت الحجة بقول النبي (صلى الله عليه و آله) و بالكتاب الذي يقرأه الناس.

فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام و يبين لهم بالقرآن: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «5»، و قال عز ذكره وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى «6»، ثم قال جل ذكره وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ «7»، و كان علي (عليه السلام) و كان حقه الوصية التي جعلت له، و الاسم الأكبر، و ميراث العلم، و آثار علم النبوة، فقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «8»، ثم قال: (وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) «9»، يقول: أسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها، مودة

__________________________________________________

(1) النحل 16: 127.

(2) الزخرف 43: 89.

(3) لم ترد هذه الآية بهذا الوجه في القرآن، بل الذي في سورة الآية 97 و 98: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ

كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، و في سورة الأنعام الآية 33: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ.

(4) الانشراح 97: 7، 8.

(5) الأحزاب 33: 33. [.....]

(6) الأنفال 8: 41.

(7) الإسراء 17: 26.

(8) الشورى 42: 23.

(9) التكوير 81: 8، 9. قال المجلسي: قوله «و إذا المودّة سئلت»، أقول: القراءة المشهورة: الموؤدة بالهمزة، قال الطّبرسي: الموؤدة:

هي الجارية المدفونة حيّة، و كانت المراة إذا حان وقت ولادتها حفرت حفرة و قعدت على رأسها، فان ولدت بنتا رمتها في الحفرة، و إن-

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 302

القربى، بأي ذنب قتلتموهم؟

و قال جل ذكره: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»

، قال: الكتاب [هو] الذكر، و أهله آل محمد (عليهم السلام)، أمر الله عز و جل بسؤالهم، و لم يأمر بسؤال الجهال، و سمى الله عز و جل القرآن ذكرا، فقال تبارك و تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «2»، و قال عز و جل: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ «3».

و قال عز و جل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «4»، و قال عز و جل: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الله و إلى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «5» فرد الله أمر الناس إلى أولي الأمر منهم، الذين أمر بطاعتهم و بالرد إليهم.

فلما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) و قال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ

اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ «6»، فنادى الناس فاجتمعوا، و أمر بسمرات فقم «7»، شوكهن، ثم قال (صلى الله عليه و آله): يا أيها الناس، من وليكم و أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله و رسوله. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه- ثلاث مرات- فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم، و قالوا: ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد قط، و ما يريد إلا أن يرفع بضبع «8» ابن عمه.

__________________________________________________

- ولدت غلاما حبسته، أي تسئل فيقال لها: بأيّ ذنب قتلت؟ و معنى سؤالها توبيخ قاتلها، و قيل: المعنى: يسئل قاتلها، بأيّ ذنب قتلت؟

و

روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام): «و إذا المودّة سئلت» بفتح الميم و الواو.

و

روي عن ابن عباس أنّه قال: هو من قتل في مودّتنا أهل البيت.

و

عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: «يعني قرابة رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و من قتل في جهاد»

و

في رواية أخرى، قال: «هو من قتل في مودّتنا و ولايتنا»

انتهى.

و أقول: الظاهر أنّ أكثر تلك الأخبار مبنيّة على تلك الأخبار مبنيّة على تلك القراءة الثانية، إمّا بحذف المضاف، أي أهل المودّة يسئلون بأي ذنب قتلوا، أو بإسناد القتل إلى المودّة مجازا، و المراد قتل أهلها، أو بالتجوّز في القتل، و المراد تضييع مودّة أهل البيت (عليهم السلام) و إبطالها و عدم القيام بها و بحقوقها، و بعضها على القراءة الاولى المشهورة بأن يكون المراد بالمؤودة النفس المدفونة في التّراب مطلقا أو حيّة، إشارة إلى أنّهم لكونهم مقتولين في سبيل اللّه تعالى، ليسوا بأموات، بل أحياء عند ربّهم يرزقون، فكأنهم دفنوا أحياء، و فيه من اللطف

مالا يخفى، و هذا الخبر يؤيّد الوجه الأوّل لقوله: «قتلتموهم». «مرآة العقول 3: 281».

(1) النحل 16: 43، الأنبياء 21: 7.

(2) النحل 16: 44.

(3) الزخرف 43: 44.

(4) النساء 4: 59.

(5) النساء 4: 83.

(6) المائدة 5: 67.

(7) السّمر: نوع من الشجر، و قمّ: كنس.

(8) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها. «المعجم الوسيط- ضبع- 1: 533».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 303

فلما قدم المدينة أتته الأنصار، فقالوا: يا رسول الله، إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا و شرفنا بك و بنزولك بين ظهرانينا، فقد فرح الله صديقنا و كبت عدونا، و قد يأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم، فيشمت بك العدو، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم. فلم يرد رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليهم شيئا، و كان ينتظر ما يأتيه من ربه، فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) و قال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و لم يقبل أموالهم، فقال المنافقون: ما أنزل هذا على محمد، و ما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه، و يحمل علينا أهل بيته، يقول أمس: من كنت مولاه فعلي مولاه، و اليوم: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ثم نزل عليه آية الخمس، فقالوا: يريد أن يعطيهم أموالنا و فيئنا. ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، إنك قد قضيت نبوتك، و استكملت أيامك، فاجعل الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة عند علي، فإني لم أترك الأرض إلا و فيها عالم، تعرف به طاعتي، و تعرف به ولايتي، و يكون حجة لمن يولد بين

قبض النبي إلى خروج النبي الآخر. قال: فأوصى إليه بالاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة، و أوصى إليه بألف كلمة و ألف باب، تفتح كل كلمة و كل باب ألف كلمة و ألف باب».

10532/ [2]- سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنا عنده ثمانية رجال، فذكرنا رمضان، فقال:

«لا تقولوا هذا رمضان، [و لا ذهب رمضان و لا جاء رمضان، [فإن رمضان اسم من أسماء الله لا يجي ء و لا يذهب.

و إنما يجي ء و يذهب الزائل و لكن قولوا: شهر رمضان ، فالشهر المضاف إلى الاسم [و الاسم اسم الله، و هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، جعله الله- سقط في هذا المكان في الأصل- «1» لا يفعل الخروج في شهر رمضان لزيارة الأئمة (عليهم السلام) و عيدا، إلا و من «2» خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله، و نحن سبيل الله الذي من دخل فيه يطاف بالحصن، و الحصن هو الإمام، فيكبر عند رؤيته كانت له يوم القيامة صخرة في ميزانه أثقل من السماوات السبع و الأرضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و ما تحتهن».

قلت: يا أبا جعفر، و ما الميزان؟ فقال: «إنك قد ازددت قوة و نظرا يا سعد، رسول الله (صلى الله عليه و آله) الصخرة، و نحن الميزان، و ذلك قول الله عز و جل في الإمام: لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، و من كبر بين يدي الإمام و قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

كتب الله له رضوانه الأكبر، و من كتب له رضوانه الأكبر يجمع بينه و بين إبراهيم و محمد (عليهم السلام) و المرسلين في دار الجلال».

فقلت: و ما دار الجلال؟ فقال: «نحن الدار، و ذلك قول الله عز و جل: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «3» [فنحن العاقبة يا سعد، و أما مودتنا للمتقين فيقول

__________________________________________________

2- مختصر بصائر الدرجات: 56، بحار الأنوار 24: 396/ 116. [.....]

(1) هذه العبارة مثبتة في جميع النسخ، و في هذا الموضع من المصدر سقط أيضا.

(2) كذا، و في البحار: جعله اللّه مثلا وعيدا، ألا و من.

(3) القصص 28: 83.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 304

الله عز و جل: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ «1» فنحن جلال الله و كرامته التي أكرم الله تبارك و تعالى العباد بطاعتنا «2»».

10533/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: الميزان الإمام.

قوله تعالى:

وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [25]

10534/ [1]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث- و قال: «وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ فإنزاله ذلك: خلقه [إياه ».

10535/ [2]- ابن شهر آشوب: عن تفسير السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ قال: أنزل الله آدم معه من الجنة سيف ذي الفقار، خلق من ورق آس الجنة، ثم قال: فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ، فكان به يحارب آدم أعداءه من الجن و الشياطين، و كان عليه مكتوبا: لا يزال أنبيائي يحاربون به، نبي بعد نبي، و صديق بعد صديق، حتى يرثه أمير المؤمنين فيحارب به مع «3»

النبي الأمي، وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ لمحمد و علي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ منيع بالنقمة من الكفار «4» بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

قال: و قد روى كافة أصحابنا أن المراد بهذه الآية ذو الفقار، أنزل من السماء على النبي (صلى الله عليه و آله) فأعطاه عليا (عليه السلام).

سورة الحديد(57): آية 26 ..... ص : 304

قوله تعالى:

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ [26]

__________________________________________________

3- تفسير القمي 2: 352.

1- الاحتجاج: 250.

2- المناقب 3: 294.

(1) الرحمن 55: 77.

(2) في «ط، ي»: بطاعتهم.

(3) في المصدر: عن.

(4) في المصدر: منيع من النقمة بالكفار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 305

10536/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضا (عليه السلام)- في حديث المأمون مع العلماء، و قد أشرنا له غير مرة- قالت العلماء: أخبرنا- يا أبا الحسن- عن العترة، أهم الآل أم غير الآل؟ فقال الرضا (عليه السلام): «هم الآل».

فقالت العلماء: فهذا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يؤثر عنه أنه قال: «أمتي آلي» و هؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه: آل محمد: أمته.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): «أخبروني هل تحرم الصدقة على الآل»؟ قالوا: نعم. قال: «فتحرم على الأمة»؟

قالوا: لا. قال: «هذا فرق بين الآل و الأمة، و يحكم أين يذهب بكم؟ أ ضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون؟

أما علمتم أنه وقعت الوراثة و الطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم»؟ قالوا: و من أين، يا أبا الحسن؟

فقال (عليه السلام):

«من قول الله عز و جل: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ فصارت وراثة النبوة و الكتاب للمهتدين دون الفاسقين. أما علمتم أن نوحا (عليه السلام) حين سأل ربه تعالى ذكره، فقال: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ «1» و ذلك أن الله عز و جل وعده أن ينجيه و أهله، فقال له ربه عز و جل: يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ «2»؟».

سورة الحديد(57): آية 27 ..... ص : 305

قوله تعالى:

وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ [27]

10537/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن محمد بن علي بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ، قال: «صلاة الليل».

و رواه ابن بابويه في (عيون الأخبار) قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 229/ 1.

2- الكافي 3: 488/ 12.

(1) هود 11: 45.

(2) هود 11: 46. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 306

الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن محمد بن علي بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن (عليه السلام)، و ذكر الحديث بعينه «1».

سورة الحديد(57): آية 28 ..... ص : 306

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ [28]

10538/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال̠عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي الجارود، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لقد آتى الله أهل الكتاب خيرا كثيرا، قال: «و ما ذاك»؟

قلت: قول الله عز و جل: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إلى قوله تعالى: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا «2».

قال: فقال: «قد آتاكم الله كما آتاهم»، ثم تلا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ «يعني إماما تأتمون به».

10539/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين

بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول اللّه عزّ و جلّ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، قال: «الحسن و الحسين (عليهما السلام)». وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، قال: «إمام تأتمّون به».

عليّ بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، مثله «3».

10540/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، قال: «الحسن و الحسين (عليهما السلام)».

قلت: وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، قال: «يجعل لكم إماما تأتمون به».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 150/ 3.

2- الكافي 1: 356/ 86.

3- تأويل الآيات 2: 668/ 27.

(1) عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 282/ 29.

(2) القصص 28: 52- 54.

(3) تفسير القمّي 2: 352.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 307

10541/ [4]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إبراهيم بن ميمون، عن أبي شيبة «1»، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، قال:

«الحسن و الحسين (عليهما السلام)» وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، قال: «يجعل لكم إمام عدل تأتمون به، و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

10542/ [5]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى،

عن محمد بن زكريا، عن أحمد بن عيسى بن زيد، قال:

حدثني عمي الحسين بن زيد، قال: حدثني «2» شعيب بن واقد، قال: سمعت الحسين بن زيد يحدث، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، في قوله تعالى: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، قال: «الحسن و الحسين (عليهما السلام)، وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، قال: علي (عليه السلام)».

10543/ [6]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمد، عن حسين بن حسن المروزي، عن الأحوص بن جواب، عن عمار بن رزيق «3»، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن كعب بن عياض، قال: طعنت على علي (عليه السلام) بين يدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فوكزني في صدري، ثم قال: «يا كعب، إن لعلي نورين:

نور في السماء، و نور في الأرض، فمن تمسك بنوره أدخله [الله الجنة، و من أخطأه أدخله [الله النار، فبشر الناس عني بذلك».

10544/]- قال شرف الدين النجفي: و روي في معنى نوره (عليه السلام) ما روي مرفوعا، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب (عليه السلام) سبعين ألف ملك يستغفرون له و لمحبيه إلى يوم القيامة».

10545/ [8]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قال: نصيبين من رحمته:

أحدهما أن لا يدخله النار، و الثانية أن يدخله الجنة، و قوله تعالى: وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ يعني الإيمان.

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 669/ 29.

5- تأويل الآيات 2: 669/ 28.

6- تأويل

الآيات 2: 669/ 30.

7- تأويل الآيات 2: 670/ 31.

8- تفسير القمّي 2: 352.

(1) في المصدر: عن ابن أبي شيبة.

(2) كذا و الظاهر قال: و حدّثني، و في شواهد التنزيل 2: 228/ 944: محمد بن زكريا، حدّثنا محمّد بن عيسى، حدّثنا شعيب بن واقد.

(3) في النسخ: الأول بن جولب، عن عمار بن رزين، و في المصدر: الأحوال بن حوأب، عن عمار بن زريق، و الصحيح ما أثبتناه، انظر تهذيب الكمال 21: 189. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 309

سورة المجادلة ..... ص : 309

فضلها ..... ص : 309

تقدم في سورة الحديد.

10546/ [1]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان يوم القيامة من حزب الله المفلحين. و من كتبها و علقها على مريض، أو قرأها عليه، سكن عنه ما يؤلمه. و إن قرئت على ما يدفن أو يحرز، حفظته إلى أن يخرجه صاحبه».

10547/ [2]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها على مريض، أو قرأها عليه، سكن عنه الألم، و إن قرئت على مال يدفن أو يخزن حفظ».

10548/ [3]- و قال الإمام الصادق (عليه السلام): «من قرأها عند مريض نومته و سكنته. و إذا أدمن على قراءتها ليلا أو نهارا حفظ من كل طارق. و إن قرئت على ما يخزن أو يدفن يحفظ إلى أن يخرج من ذلك الموضع. و إذا كتبت و طرحت في الحبوب، زال عنها ما يفسدها و يتلفها بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ......

2- .......

3- خواص القرآن: 10 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 310

سورة المجادلة(58): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 310

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ- إلى قوله تعالى- ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ [1- 4]

10549/ [1]- محمد بن العباس: عن أحمد بن عبد الرحمن، عن محمد بن سليمان بن بزيع، عن جميل «1» بن المبارك، عن إسحاق بن محمد، قال: حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، أنه قال: «إن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لفاطمة (عليها السلام): إن زوجك بعدي يلاقي كذا و كذا «2» فخبرها

بما يلقى بعده، فقالت:

يا رسول الله، ألا تدعو الله أن يصرف ذلك عنه؟ فقال: قد سألت الله ذلك، فقال: إنه مبتلى و مبتلى به، فهبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ».

10550/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إن امرأة من المسلمين أتت رسول

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 670/ 1.

2- الكافي 6: 152/ 1.

(1) في المصدر: جميع.

(2) في المصدر: زوجك يلاقي بعدي كذا، و يلاقي بعدي كذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 311

الله (صلى الله عليه و آله) فقالت له: يا رسول الله، إن فلانا زوجي قد نثرت له بطني «1»، و أعنته على دنياه و آخرته، فلم ير مني مكروها، و أنا أشكوه إلى الله عز و جل و إليك. قال: مما تشتكينه؟ قالت له: إنه قال لي اليوم: أنت علي حرام كظهر أمي، و قد أخرجني من منزلي، فانظر في أمري.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أنزل الله علي كتابا أقضي به بينك و بين زوجك، و أنا أكره أن أكون من المتكلفين فجعلت تبكي و تشتكي ما بها إلى الله و رسوله (صلى الله عليه و آله)، و انصرفت، فسمع الله عز و جل محاورتها لرسوله (صلى الله عليه و آله) في زوجها و ما شكت إليه، فأنزل الله عز و جل قرآنا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى

اللَّهِ وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما، يعني محاورتها لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في زوجها: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ.

فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المرأة فأتته، فقال لها: جيئيني بزوجك فأتته به، فقال له: أقلت لامرأتك هذه: أنت علي حرام كظهر أمي؟ قال: قد قلت لها ذلك، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): قد أنزل الله عز و جل فيك و في امرأتك قرآنا، فقرأ عليه ما أنزل الله من قوله: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ إلى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ فضم امرأتك إليك، فإنك قد قلت منكرا من القول و زورا قد عفا الله عنك و غفر لك، فلا تعد، فانصرف الرجل و هو نادم على ما قال لامرأته.

و كره الله ذلك للمؤمنين بعد، فأنزل الله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ منكم مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا يعني لما قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام كظهر أمي قال: فمن قالها بعد ما عفا الله و غفر للرجل الأول، فإن عليه: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا يعني مجامعتها ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً فجعل الله عقوبة من ظاهر بعد النهي هذا، و قال: ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فجعل الله عز و جل هذا حد الظهار».

قال حمران: قال أبو جعفر (عليه السلام): «و لا يكون ظهار

في يمين، و لا في إضرار، و لا في غضب، و لا يكون ظهار إلا على طهر بغير جماع بشهادة شاهدين مسلمين».

10551/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً، قال:

«من مرض أو عطاش».

10552/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: قلت

__________________________________________________

3- الكافي 4: 116/ 1.

4- الكافي 6: 155/ 10.

(1) نثرت المرأة بطنها: كثر ولدها. «المعجم الوسيط 2: 90».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 312

لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يقول لامرأته: أنت علي كظهر عمتي أو خالتي «1»؟ قال: «هو الظهار».

قال: و سألناه عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفارة؟ فقال: «إذا أراد أن يواقع امرأته».

قلت: فإن طلقها قبل أن يواقعها، أ عليه كفارة؟ قال: «سقطت الكفارة عنه «2»». قلت: فإن صام بعضا ثم مرض فأفطر، أ يستقبل أم يتم ما بقي عليه؟ فقال: «إن صام شهرا فمرض استقبل، و إن زاد على الشهر الآخر يوما أو يومين بنى على ما بقي».

قال: و قال: «الحرة و المملوكة سواء، غير أن على المملوك نصف ما على الحر من الكفارة، و ليس عليه عتق و لا صدقة، إنما عليه صيام شهر».

علي بن إبراهيم، قال: حدثني علي بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و ذكر مثل الحديث الثاني «3».

10553/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: كان سبب نزول

هذه السورة، أنه أول من ظاهر في الإسلام كان رجلا يقال له أوس بن الصامت من الأنصار، و كان شيخا كبيرا، فغضب على أهله يوما، فقال لها: أنت علي كظهر أمي، ثم ندم على ذلك، قال: و كان الرجل في الجاهلية إذا قال لأهله: أنت علي كظهر أمي، حرمت عليه إلى آخر الأبد.

و قال أوس [لأهله : يا خولة: إنا كنا نحرم هذا في الجاهلية، و قد أتانا الله بالإسلام، فاذهبي إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فسليه عن ذلك، فأتت خولة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت: بأبي أنت و أمي يا رسول الله إن أوس ابن الصامت زوجي و أبو ولدي و ابن عمي، فقال لي: أنت علي كظهر أمي. و كنا نحرم ذلك في الجاهلية، و قد آتانا الله الإسلام بك، فأنزل الله السورة «4».

سورة المجادلة(58): آية 7 ..... ص : 312

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [7]

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 353.

(1) في «ج» و المصدر: عمّته أو خالته.

(2) في المصدر: قال: لا، سقطت عنه الكفارة.

(3) تفسير القمّي 2: 353. [.....]

(4) (فأنزل اللّه السورة) ليس في «ج» و المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 313

10554/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد

الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ، فقال: «هو واحد، واحدي الذات، بائن من خلقه، و بذاك وصف نفسه، و هو بكل شي ء محيط بالإشراف و الإحاطة و القدرة، لا يعزب عنه مثال ذرة فى السماوات و لا في الأرض و لا أصغر من ذلك و لا أكبر بالإحاطة و العلم لا بالذات، لإن الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة، فإذا كان بالذات لزمها الحواية».

10555/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، رفعه، قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين (عليه السلام)- و ذكر الحديث إلى أن قال- فأخبرني عن الله عز و جل، أين هو؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):

«هو ها هنا و ها هنا و فوق و تحت و محيط بنا و معنا، و هو قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا».

10556/ [3]- و عنه: عن علي، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ.

قال: «نزلت هذه الآية في فلان، و فلان، و أبي عبيدة بن الجراح، و عبد الرحمن بن عوف، و سالم مولى أبي حذيفة، و المغيرة بن

شعبة، حيث كتبوا الكتاب بينهم، و تعاهدوا و توافقوا: لئن مضى محمد لا تكون الخلافة في بني هاشم و لا النبوة أبدا، فأنزل الله عز و جل فيهم هذه الآية».

ابن بابويه، قال: حدثنا حمزة بن محمد العلوي (رحمه الله)، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و ذكر مثل الحديث الأول «1».

10557/ [4]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن عباس، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى كان لم يزل بلا زمان و لا مكان، و هو الآن كما كان، لا يخلو منه مكان، و لا يشغل به مكان و لا [يحل في مكان، ما] يكون من نجوى

__________________________________________________

1- الكافي 1: 98/ 5.

2- الكافي 1: 101/ 1.

3- الكافي 8: 179/ 202.

4- التوحيد: 178/ 12.

(1) التوحيد: 131/ 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 314

ثلاثة إلا هو رابعهم، و لا خمسة إلا هو سادسهم، و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا، ليس بينه و بين خلقه حجاب غير خلقه، احتجب بغير حجاب محجوب، و استتر بغير ستر مستور، لا إله إلا هو الكبير المتعال».

10558/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي بكر الحضرمي و بكر بن أبي بكر، قال: حدثنا سليمان بن خالد،

قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ «1»، قال: «الثاني «2»» و قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ، قال: «فلان و فلان و ابن فلان أمينهم، حين اجتمعوا فدخلوا الكعبة، فكتبوا بينهم كتابا: إن مات محمد أن لا يرجع الأمر فيهم أبدا».

سورة المجادلة(58): آية 8 ..... ص : 314

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى إلى قوله تعالى- بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ [8] 10559/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ، قال: كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يأتون رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيسألونه أن يسأل الله لهم، و كانوا يسألون ما لا يحل لهم، فأنزل الله عز و جل: وَ يَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ، و قولهم له إذا أتوه: أنعم صباحا، [و] أنعم مساء، و هي تحية أهل الجاهلية، فأنزل الله تعالى: وَ إِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ،

فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قد أبدلنا بخير من ذلك: تحية أهل الجنة، السلام عليكم».

10560/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «دخل يهودي على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عائشة عنده، فقال: السام «3» عليكم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): عليكم، ثم دخل آخر، فقال مثل ذلك، فرد عليه كما رد على صاحبه، ثم دخل آخر، فقال مثل ذلك، فرد عليه رسول الله

(صلى الله عليه و آله) كما رد على صاحبيه، فغضبت عائشة، فقالت: عليكم السام و الغضب و اللعنة يا معشر اليهود و يا إخوة القردة و الخنازير.

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 356.

1- تفسير القمّي 2: 354.

2- الكافي 2: 474/ 1.

(1) المجادلة 58: 10.

(2) في المصدر: فلان.

(3) أي الموت. «النهاية 2: 404».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 315

فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا عائشة، إن الفحش لو كان ممثلا لكان مثال سوء، و إن الرفق لم يوضع على شي ء قط إلا زانه، و لا يرفع عنه قط إلا شانه.

فقالت: يا رسول الله، أما سمعت إلى قولهم: السام عليكم؟ فقال: بلى، أما سمعت ما رددت عليهم؟ قلت:

عليكم، فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا: سلام عليكم، و إذا سلم عليكم كافر فقولوا: عليك».

سورة المجادلة(58): آية 9 ..... ص : 315

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ [9]

10561/ [1]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي بالكوفة، قال: حدثنا عباد بن يعقوب أبو سعيد الأسدي، قال: أخبرني السيد بن عيسى الهمداني، عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، عن أبي سعيد الخدري، قال: كانت أمارة المنافقين بغض علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فبينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) [في المسجد ذات يوم في نفر من المهاجرين و الأنصار، و كنت فيهم، إذا أقبل علي (عليه السلام) فتخطى القوم حتى جلس إلى النبي (صلى الله عليه و آله)] و كان هناك مجلسه الذي يعرف فيه «1»، فسار رجل رجلا، و كانا يرميان بالنفاق، فعرف رسول الله (صلى الله عليه و

آله) ما أرادا، فغضب غضبا شديدا حتى التمع وجهه، ثم قال: «و الذي نفسي بيده، لا يدخل عبد الجنة حتى يحبني، و كذب من زعم أنه يحبني و يبغض هذا». و أخذ بكف علي (عليه السلام)، فأنزل الله عز و جل هذه الآية في شأنهما: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ إلى آخر الآية.

سورة المجادلة(58): آية 10 ..... ص : 315

قوله تعالى:

إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [10]

10562/]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي

__________________________________________________

1- الأمالي 2: 217.

2- تفسير القمّي 2: 355، بحار الأنوار 43: 90/ 14. [.....]

(1) في المصدر: به.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 316

عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان سبب نزول هذه الآية أن فاطمة (عليها السلام) رأت في منامها أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) هم أن يخرج هو و فاطمة و علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام) من المدينة، فخرجوا حتى جازوا من حيطان المدينة فعرض لهم طريقان، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات اليمين حتى انتهى بهم إلى موضع فيه نخل و ماء، فاشترى رسول الله (صلى الله عليه و آله) شاة ذراء- و هي التي في أحد أذنيها نقط بيض- فأمر بذبحها، فلما أكلوا ماتوا في مكانهم، فانتبهت فاطمة (عليها السلام)، باكية ذعرة، فلم تخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بذلك.

فلما أصبحت، جاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) بحمار، فأركب عليه فاطمة (عليها السلام)، و أمر أن يخرج أمير المؤمنين و الحسن و الحسين

(عليهم السلام) من المدينة كما رأت فاطمة في نومها، فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات اليمين كما رأت فاطمة (عليها السلام) حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل و ماء، فاشترى رسول الله (صلى الله عليه و آله) شاة ذراء كما رأت فاطمة (عليها السلام)، فأمر بذبحها، فذبحت و شويت، فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة (عليها السلام) و تنحت ناحية منهم تبكي مخالفة أن يموتوا، فطلبها رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى وقف «1» عليها و هي تبكي، فقال: ما شأنك يا بنية؟ قالت: يا رسول الله، إني رأيت البارحة كذا و كذا في نومي، و فعلت أنت كما رأيته، فتنحيت عنكم لأن لا أراكم تموتون.

فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) فصلى ركعتين، ثم ناجى ربه فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، هذا شيطان يقال له: الزها «2»، و هو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا، و يؤذي المؤمنين في نومهم ما يغتمون به، فأمر جبرئيل [أن يأتي به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)]، فجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له: أنت الذي أريت فاطمة هذه الرؤيا؟ فقال: نعم يا محمد، فبصق «3» عليه ثلاث بصقات، فشجه في ثلاث مواضع.

ثم قال جبرئيل (عليه السلام): قل يا رسول الله، إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه، أو رأى أحد من المؤمنين، فليقل: أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون و أنبياؤه المرسلون و عباده الصالحون من شر ما رأيت من رؤياي، و يقرأ الحمد و المعوذتين و قل هو الله أحد، و يتفل

عن يساره ثلاث تفلات، فإنه لا يضره ما رأى، فأنزل الله على رسوله: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ الآية».

10563/ [2]- و عنه، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي بكر الحضرمي و بكر بن أبي بكر، قال: حدثنا سليمان بن خالد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ «4»، قال: «الثاني» و قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ «5»

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 356.

(1) في «ط، ي»: وقع.

(2) في نسخة بدل من المصدر: الرهاط، و في البحار: الدهار.

(3) في المصدر: فبزق، و كذا التي بعدها.

(4) في المصدر: فلان.

(5) المجادلة 58: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 317

قال: «فلان و فلان و ابن فلان أمينهم، حين اجتمعوا فدخلوا الكعبة، فكتبوا بينهم كتابا إن مات محمد أن لا يرجع الأمر فيهم أبدا».

10564/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن هارون بن منصور العبدي، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لفاطمة (عليها السلام) في رؤياها التي رأتها: قولي: أعوذ «1» بما عاذت به ملائكة الله المقربون و أنبياؤه المرسلون و عباده الصالحون من شر ما رأيت في ليلتي هذه أن يصيبني منه «2» سوء أو شي ء أكرهه، ثم اتفلي «3» عن يسارك ثلاث مرات».

10565/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا رأى الرجل ما يكرهه

في منامه، فليتحول عن شقه الذي كان [عليه نائما، و ليقل:

إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، ثم ليقل: عذت بما عاذت به ملائكة الله المقربون و أنبياؤه المرسلون و عباده الصالحون من شر ما رأيت من شر الشيطان الرجيم».

10566/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سمعته يقول: رأي المؤمن و رؤياه في آخر الزمان على سبعين جزءا من أجزاء النبوة».

10567/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الرؤيا على ثلاثة وجوه: بشارة من الله للمؤمن، و تحذير من الشيطان الرجيم «4»، و أضغاث أحلام».

10568/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن درست بن أبي منصور، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، الرؤيا الصادقة و الكاذبة، مخرجها من موضع «5» واحد؟ قال: «صدقت، أما الكاذبة المختلفة: فإن الرجل يراها في أول ليله في سلطان المردة الفسقة، و إنما هي شي ء يخيل إلى الرجل و هي كاذبة مخالفة، لا خير فيها. و أما الصادقة: إذا رآها بعد الثلثين من

__________________________________________________

3- الكافي 8: 142/ 107.

4- الكافي 8: 142/ 106.

5- الكافي 8: 90/ 58.

6- الكافي 8: 90/ 61.

7- الكافي 8: 91/ 62.

(1) في النسخ زيادة: باللّه.

(2) في النسخ: أن تقيني من. [.....]

(3) في «ج» و المصدر: انقلبي.

(4) (الرجيم) ليس في المصدر.

(5) في «ج، ي»: مخرج.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 5، ص: 318

الليل مع حلول الملائكة، و ذلك قبل السحر فهي صادقة، لا تختلف إن شاء الله، إلا أن يكون جنبا أو ينام على غير طهور و لم يذكر الله عز و جل حقيقة ذكره، فإنها تختلف و تبطئ على صاحبها».

10569/ [8]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان إذا أصبح قال لأصحابه: هل من مبشرات؟ يعني [به الرؤيا».

سورة المجادلة(58): آية 11 ..... ص : 318

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا- إلى قوله تعالى- أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [11] 10570/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا دخل المسجد يقوم له الناس، فنهاهم الله أن يقوموا له، فقال: تَفَسَّحُوا أي وسعوا [له في المجلس وَ إِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يعني إذا قال: قوموا، فقوموا.

10571/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله ابن المغيرة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس إليه حين يدخل».

10572/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أكثر ما يجلس تجاه القبلة».

10573/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي

عمير، عن محمد بن مرازم، عن أبي سليمان الزاهد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من رضي بدون التشرف من المجلس لم يزل الله عز و جل و ملائكته يصلون عليه حتى يقوم».

10574/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

__________________________________________________

8- الكافي 8: 90/ 59.

1- تفسير القمّي 2: 356.

2- الكافي 2: 484/ 6.

3- الكافي 2: 484/ 4.

4- الكافي 2: 484/ 3.

5- الكافي 2: 485/ 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 319

قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ينبغي للجلساء في الصيف أن يكون بين كل اثنين، مقدار عظم الذراع، لئلا يشق بعضهم على بعض في الحر».

10575/ [6]- الطبرسي في (الاحتجاج): روي عن الحسن العسكري (عليه السلام): «أنه اتصل بأبي الحسن علي ابن محمد العسكري (عليهمǠالسلام) أن رجلا من فقهاء شيعته كلم بعض النصاب فأفحمه بحجته حتى أبان عن فضيحته، فدخل على علي بن محمد (عليهما السلام) و في صدر مجلسه دست «1» عظيم منصوب، و هو قاعد خارج الدست، و بحضرته خلق من العلويين و بني هاشم، فما زال يرفعه حتى أجلسه في ذلك الدست، و أقبل عليه فاشتد ذلك على أولئك الأشراف، فأما العلوية فأجلوه عن العتاب، و أما الهاشميون فقال له شيخهم: يا بن رسول الله، هكذا تؤمر عاميا على سادات بني هاشم من الطالبيين و العباسيين؟

فقال (عليه السلام): إياكم و أن تكونوا من الذين قال الله تعالى [فيهم أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَ هُمْ مُعْرِضُونَ «2»، أ ترضون بكتاب الله عز و

جل حكما؟ قالوا: بلى. قال: أليس الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ إلى قوله تعالى: وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ، فلم يرض للعالم المؤمن إلا أن يرفع على المؤمن غير العالم كما لم يرض للمؤمن إلا أن يرفع على من ليس بمؤمن؟ أخبروني عنه، هل قال:

يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ، أو قال: يرفع الله الذين أوتوا شرف النسب درجات؟ أ و ليس قال الله: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ «3»، فكيف تنكرون رفعي لهذا لما رفعه الله، إن كسر هذا لفلان الناصب بحجج الله التي علمه إياها لأفضل له من كل شرف في النسب.

فقال العباسي: يا بن رسول الله، قد شرفت علينا و قصرتنا عمن ليس له نسب كنسبنا، و ما زال منذ أول الإسلام يقدم الأفضل في الشرف على من دونه فيه.

فقال (عليه السلام): سبحان الله: أ ليس العباس بايع لأبي بكر و هو تيمي، و العباس هاشمي؟ أ و ليس عبد الله بن عباس كان يخدم عمر بن الخطاب و هو هاشمي أبو الخلفاء و عمر عدوي؟ و ما بال عمر أدخل البعداء من قريش في الشورى و لم يدخل العباس؟ فإن كان رفعنا لمن ليس بهاشمي على هاشمي منكرا، فأنكروا على العباس بيعته لأبي بكر و على عبد الله بن العباس خدمته لعمر بعد بيعته، فإن كان ذلك جائزا فهذا جائز، فكأنما القم الهاشمي حجرا».

قال: و روي عن علي بن محمد الهادي (عليه السلام) أنه قال: «لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم (عليه السلام) من العلماء الداعين إليه، و الدالين عليه، و الذابين

عن دينه بحجج الله، و المنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس

__________________________________________________

6- الاحتجاج: 454.

(1) الدّست: المجلس، أو الوسادة. «أقرب الموارد 1: 332».

(2) آل عمران 3: 23.

(3) الزمر 39: 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 320

و مردته، و من فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، و لكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز و جل».

و سيأتي معنى الخبير- إن شاء الله تعالى- في سورة الملك «1».

سورة المجادلة(58): الآيات 12 الي 13 ..... ص : 320

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ أَطْهَرُ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [12- 13]

10576/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي، قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد، قال: حدثني أحمد بن الثعلبي «2»، قال: حدثني محمد «3» بن عبد الحميد، قال: حدثني حفص بن منصور العطار، قال: حدثنا أبو سعيد الوراق، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «لما كان من أمر أبي بكر و بيعة الناس له و فعلهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ما كان، لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط و يرى منه انقباضا، فكبر ذلك على أبي بكر، فأحب لقاءه و استخراج ما عنده و المعذرة إليه، لما اجتمع الناس عليه و تقليدهم إياه أمر الأمة و قلة رغبته في ذلك و زهده فيه، أتاه في وقت غفلة و طلب منه الخلوة، و قال له: و الله- يا أبا الحسن- ما كان

هذا الأمر مواطأة مني، و لا رغبة فيما وقعت فيه، و لا حرصا عليه، و لا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمة، و لا قوة لي بمال، و لا كثرة العشيرة، و لا ابتزاز له دون غيري، فما لك تضمر علي ما لا أستحقه منك، و تظهر لي الكراهة بما صرت إليه، و تنظر إلي بعين السأمة مني؟ قال: فقال له علي (عليه السلام): فما حملك عليه إذا لم ترغب فيه و لا حرصت عليه و لا وثقت بنفسك في القيام به، و بما يحتاج منك فيه؟

فقال أبو بكر: حديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله لا يجمع أمتي على ضلال و لما رأيت اجتماعهم أتبعت حديث النبي (صلى الله عليه و آله)، و أحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى، و أعطيتهم قود الإجابة، و لو علمت أن أحدا يتخلف لامتنعت.

__________________________________________________

1- الخصال: 548/ 30. [.....]

(1) يأتي في تفسير الآية (14) من سورة الملك.

(2) في المصدر: التغلبي.

(3) في المصدر: أحمد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 321

قال: فقال علي (عليه السلام): أما ما ذكرت من حديث النبي (صلى الله عليه و آله): إن الله لا يجمع أمتي على ضلال أ فكنت من الأمة أو لم أكن؟ قال: بلى: و كذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان و عمار و أبي ذر و المقداد و ابن عبادة و من معه من الأنصار، قال: كل من الأمة، فقال علي (عليه السلام): فكيف تحتج بحديث النبي (صلى الله عليه و آله)، و أمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك، و ليس للأمة فيهم طعن، و لا في صحبة الرسول (صلى الله عليه و آله) و نصيحته منهم

تقصير؟

قال: ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر، و خفت إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين، و كان ممارستكم إلي إن أجبتم أهون مؤونة على الدين و أبقى له» من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعوا كفارا، و علمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم و على أديانهم، فقال (عليه السلام): أجل، و لكن أخبرني عن الذي يستحق هذا الأمر بما يستحقه.

فقال أبو بكر: بالنصيحة، و الوفاء و رفع المداهنة، و المحاباة، و حسن السيرة، و إظهار العدل، و العلم بالكتاب و السنة، و فصل الخطاب، مع الزهد في الدنيا و قلة الرغبة فيها، و انصاف المظلوم من الظالم القريب و البعيد. ثم سكت، فقال علي (عليه السلام): أنشدك بالله- يا أبا بكر- أ في نفسك تجد هذه الخصال، أو في؟ قال: بل فيك، يا أبا الحسن.

قال: أنشدك بالله، أنا المجيب لرسول الله (صلى الله عليه و آله) قبل ذكران المسلمين، أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنا الأذان لأهل الموسم و لجميع الأمة بسورة براءة، أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنا وقيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) بنفسي يوم الغار، أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أ لي الولاية من الله مع ولاية رسول الله في آية زكاة الخاتم، أم لك؟ قال: بل لك.

قال: فأنشدك بالله، أنا المولى لك و لكل مسلم بحديث النبي (صلى الله عليه و آله) يوم الغدير، أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أ لي الوزارة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) و المثل من هارون من موسى، أم لك؟ قال: بل لك.

قال: فأنشدك

بالله، أبي برز رسول الله (صلى الله عليه و آله) و بأهل بيتي و ولدي في مباهلة المشركين من النصارى، أم بك و بأهلك و ولدك؟ قال: بل بكم.

قال: فأنشدك بالله، أ لي و لأهلي و ولدي آية التطهير من الرجس، أم لك و لأهل بيتك؟ قال: بل لك و لأهل بيتك.

قال: فأنشدك بالله، أنا صاحب دعوة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أهلي و ولدي يوم الكساء: اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار، أم أنت؟ قال: بل أنت و أهلك و ولدك.

__________________________________________________

(1) في نسخة من «ط، ج، ي»: لهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 322

قال: فأنشدك بالله، أنا صاحب الآية: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً «1» أم أنت؟ قال:

بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الفتى الذي نودي من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي، أم أنا؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي ردت له الشمس لوقت صلاته فصلاها ثم توارت، أم أنا؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي حباك رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم فتح خيبر رايته ففتح الله له، أم أنا؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي نفست عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كربته و عن المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود، أم أنا؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي طهرك رسول الله (صلى الله عليه و آله) من السفاح من آدم إلى أبيك بقوله: أنا و أنت من نكاح لا من سفاح من آدم إلى عبد المطلب، أم أنا؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنا الذي اختارني رسول الله (صلى الله عليه

و آله) و زوجني ابنته فاطمة و قال (صلى الله عليه و آله): الله زوجك، أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنا والد الحسن و الحسين ريحانتي رسول الله «2» اللذين يقول فيهما: هذان سيدا شباب أهل الجنة و أبوهما خير منهما، أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أخوك المزين بجناحين في الجنة يطير بهما مع الملائكة، أم أخي؟ قال: بل أخوك.

قال: فأنشدك بالله، أنا ضمنت دين رسول الله و ناديت في الموسم بإنجاز موعده، أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنا الذي دعاه رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الطير «3» عنده يريد أكله، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك بأكل معي أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنا الذي بشرني رسول الله بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين على تأويل القرآن، أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنا الذي شهدت آخر كلام رسول الله (صلى الله عليه و آله) و وليت غسله و دفنه، أم أنت؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنا الذي دل عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعلم القضاء بقوله: علي أقضاكم، أم أنت؟ قال:

بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنا الذي أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصحابه بالسلام عليه بالإمرة في حياته، أم أنت؟

__________________________________________________

(1) الدهر 76: 7.

(2) في «ج» و المصدر: و الحسين ريحانتيه.

(3) في المصدر: رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) لطير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 323

قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي سبقت له القرابة من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أم أنا؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي حباك الله عز

و جل بدينار عند حاجته، و باعك جبرئيل، و أضفت محمدا (صلى الله عليه و آله) و أطعمت ولده، أم أنا؟ قال: فبكى أبو بكر و قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي حملك رسول الله (صلى الله عليه و آله) على كتفه «1» في طرح صنم الكعبة و كسره حتى لو شاء أن ينال أفق السماء لنالها، أم أنا؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنت صاحب لوائي في الدنيا و الآخرة، أم أنا؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بفتح بابه في مسجده حين أمر بسد جميع أبواب أصحابه و أهل بيته و أحل له فيه ما أحله الله له، أم أنا؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول الله (صلى الله عليه و آله) «2» صدقة فناجاه، أم أنا، إذ عاتب الله عز و جل قوما فقال: أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ الآية؟ قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله، أنت الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله) لفاطمة (عليها السلام): زوجتك أول الناس إيمانا، و أرجحهم إسلاما، في كلام له، أم أنا؟ قال: بل أنت.

قال: فلم يزل (عليه السلام) يعد عليه مناقبة التي جعل الله عز و جل له دونه و دون غيره، و يقول له أبو بكر: [بل أنت، قال:] فبهذا و شبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد (صلى الله عليه و آله).

فقال له علي (عليه السلام) فما الذي غرك عن الله و عن رسوله و عن دينه و أنت خلو مما يحتاج

إليه أهل دينه؟

قال: فبكى أبو بكر، و قال: صدقت- يا أبا الحسن- أنظرني يومي هذا، فأدبر ما أنا فيه و ما سمعت منك، قال: فقال له علي (عليه السلام): لك ذلك يا أبا بكر.

فرجع من عنده، و خلا بنفسه يومه، و لم يأذن لأحد إلى الليل، و عمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعلي (عليه السلام)، فبات في ليلته، فرأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) في منامه متمثلا له في مجلسه، فقام إليه أبو بكر ليسلم عليه، فولى وجهه، فقال أبو بكر: يا رسول الله، هل أمرت بأمر فلم أفعل؟ قال: أرد السلام عليك و قد عاديت من ولاه «3» الله و رسوله، رد الحق إلى أهله، فقلت: من أهله؟ قال: من عاتبك عليه، و هو علي. قال: فقد رددت عليه- يا رسول الله- بأمرك.

قال: فأصبح و بكى، و قال لعلي (عليه السلام) أبسط يدك فبايعه و سلم إليه الأمر و قال له: تخرج «4» إلى مسجد

__________________________________________________

(1) في المصدر: كتفيه.

(2) في المصدر: نجوى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله).

(3) في المصدر: عاديت اللّه و رسوله و عاديت من والى.

(4) في المصدر: أخرج.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 324

رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبر الناس بما رأيت في ليلتي، و ما جرى بيني و بينك، فأخرج نفسي من هذا الأمر و أسلم عليك بالإمرة. قال: علي (عليه السلام): نعم.

فخرج من عنده متغيرا لونه فصادفه عمر، و هو في طلبه، فقال: ما حالك، يا خليفة رسول الله؟ فأخبره بما كان منه و ما رأى، و ما جرى بينه و بين علي (عليه السلام)، فقال له عمر: أنشدك بالله- يا خليفة

رسول الله- أن تغتر بسحر بني هاشم، فليس هذا بأول سحر منهم، فما زال به حتى رده عن رأيه، و صرفه عن عزمه، و رغبه فيما هو فيه، و أمره بالثبات عليه و القيام به.

قال: فأتى علي (عليه السلام) المسجد للميعاد، فلم ير فيه أحدا، فحس «1» بالشر منهم، فقعد إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فمر به عمر، فقال له: يا علي، دون ما تروم خرط القتاد، فعلم بالأمر و قام و رجع إلى بيته».

10577/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، و محمد بن أحمد السناني، و علي بن أحمد بن موسى الدقاق، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم)، قالوا:

حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد (صلى الله عليه و آله) أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا و قد شركته فيها و فضلته، و لي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم».

قلت: يا أمير المؤمنين، فأخبرني بهن؟ فقال (عليه السلام): «إن أول منقبة- و ذكر السبعين و قال في ذلك- و أما الرابعة و العشرون، فإن الله عز و جل أنزل على رسوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً فكان لي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت إذا ناجيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) أتصدق

«2» قبل ذلك بدرهم، و و الله ما فعل هذا أحد غيري من أصحابه قبلي و لا بعدي فأنزل الله عز و جل أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الآية، فهل تكون التوبة إلا من ذنب كان؟».

10578/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن صفوان بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً، قال: «قدم علي بن أبي طالب (عليه السلام) بين يدي نجواه صدقة، ثم نسختها:

أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ».

10579/ [4]- و عنه، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني، قال: حدثنا الحسين بن سعيد، قال: حدثنا

__________________________________________________

2- الخصال: 574/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 357.

4- تفسير القمّي 2: 357. [.....]

(1) في المصدر: ير فيه منهم أحدا فأحس.

(2) في «ج» و المصدر: أصدق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 325

محمد بن مروان، قال: حدثنا عبيد بن خنيس، قال: حدثنا صباح، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، قال: قال علي (عليه الصلاة و السلام): «إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي و لا يعمل بها أحد بعدي: آية النجوى، كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم، فجعلت أقدم بين يدي كل نجوى أناجيها النبي (صلى الله عليه و آله) درهما، قال: فنسختها:

أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ».

10580/ [5]- محمد بن العباس: عن علي بن عتبة «1»، و محمد بن القاسم، قالا: حدثنا الحسن بن الحكم،

عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً، قال: نزلت في علي (عليه السلام) خاصة، كان له دينار فباعه بعشرة دراهم، فكان كلما ناجاه قدم درهما حتى ناجاه عشر مرات، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد قبله و لا بعده.

10581/ [6]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عباس، عن محمد بن مروان، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن السدي، عن عبد خير، عن علي (عليه السلام)، قال: «كنت أول من ناجى رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم، و كلمت رسول الله (صلى الله عليه و آله) عشر مرات، كلما أردت أن أناجيه تصدقت بدرهم، فشق ذلك على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال المنافقون: ما باله «2» ما ينجش «3» لابن عمه؟ حتى نسخها الله عز و جل فقال: أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ إلى آخر الآية».

ثم قال (عليه السلام): «فكنت أول من عمل بهذه الآية و آخر من عمل بها، فلم يعمل بها أحد قبلي و لا بعدي».

10582/ [7]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن أيوب بن سليمان، عن محمد ابن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً، [قال: إنه حرم كلام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم رخص لهم في كلامه بالصدقة] فكان إذا أراد الرجل

أن يكلمه تصدق بدرهم ثم كلمه بما يريد، قال: فكف الناس عن [كلام رسول الله (صلى الله عليه و آله) و بخلوا أن يتصدقوا قبل كلامه، فتصدق علي (عليه السلام) بدينار كان له، فباعه بعشرة دراهم في عشر كلمات سألهن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره، و بخل أهل الميسرة أن يفعلوا ذلك، فقال المنافقون: ما صنع علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي صنع من الصدقة إلا أنه أراد أن يروج لابن عمه فأنزل الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ

__________________________________________________

5- تأويل الآيات 2: 673/ 4.

6- تأويل الآيات 2: 673/ 5.

7- تأويل الآيات 2: 674/ 6.

(1) في المصدر: علي بن عقبة.

(2) في المصدر: ما يألو.

(3) النجش: هو أن يزيد الرجل ثمن السلعة و هو لا يريد شراءها، و لكن ليسمعه غيره فيزيد بزيادته، و قد أطلق هنا مجازا. «لسان العرب 6: 351».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 326

من إمساكها وَ أَطْهَرُ يقول: و أزكى لكم من المعصية فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا الصدقة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَ أَشْفَقْتُمْ يقول الحكيم: ء أشفقتم يا أهل الميسرة أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ يقول قدام نجواكم، يعني كلام رسول الله (صلى الله عليه و آله) صَدَقاتٍ على الفقراء فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا يا أهل الميسرة وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ يعني تجاوز عنكم إذ لم تفعلوا فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ يقول: أقيموا الصلوات الخمس وَ آتُوا الزَّكاةَ يعني أعطوا الزكاة، يقول: تصدقوا، فنسخت ما أمروا به عند المناجاة بإتمام الصلاة و إيتاء الزكاة وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ بالصدقة في

الفريضة و التطوع وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [أي بما تنفقون خبير].

قال شرف الدين النجفي بعد ذكره هذه الأحاديث عن محمد بن العباس، قال: اعلم أن محمد بن العباس ذكر في تفسيره هذا المنقول منه في آية المناجاة سبعين حديثا من طريق الخاصة و العامة يتضمن أن المناجي لرسول الله (صلى الله عليه و آله) هو أمير المؤمنين (عليه السلام) دون الناس أجمعين، اخترنا منها هذه الثلاثة أحاديث ففيها غنية.

10583/ [8]- ثم قال شرف الدين: و نقلت من مؤلف شيخنا أبي جعفر الطوسي (رحمه الله): أنه في جامع الترمذي و تفسير الثعلبي بإسناده، عن علي بن علقمة الأنماري يرفعه إلى علي (عليه السلام)، أنه قال: « [بي خفف الله عن هذه الأمة، لأن الله امتحن الصحابة بهذه الآية، فتقاعسوا عن مناجاة الرسول (صلى الله عليه و آله)، و كان قد احتجب في منزله من مناجاة كل أحد إلا من تصدق بصدقة، و كان معي دينار فتصدقت به، فكنت أنا سبب التوبة من الله على المسلمين حين علمت بالآية، و لو لم يعمل بها أحد لنزل العذاب، لامتناع الكل من العمل بها».

قلت: الروايات في ذلك كثيرة يطول بها الكتاب من الخاصة و العامة.

سورة المجادلة(58): الآيات 14 الي 21 ..... ص : 326

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [14- 21]

10584/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في الثاني، لأنه مر به رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو جالس عند رجل من اليهود يكتب خبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأنزل الله جل و عز: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ

وَ لا مِنْهُمْ فجاء الثاني إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال له رسول الله: «رأيتك تكتب عن اليهود و قد نهى الله عن ذلك؟». فقال: يا رسول الله، كتبت عنه ما في التوراة من صفتك، و أقبل يقرأ ذلك على رسول

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 2: 675/ 7، سنن الترمذي 5: 406/ 3300، غاية المرام: 349/ 4.

1- تفسير القمّي 2: 357.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 327

الله (صلى الله عليه و آله) و هو غضبان، فقال له رجل من الأنصار: ويلك، أما ترى غضب رسول الله عليك؟ فقال: أعوذ بالله من غضب الله و غضب رسوله، إني إنما كتبت ذلك لما وجدت فيه من خبرك؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله):

«يا فلان، لو أن موسى بن عمران فيهم قائما ثم أتيته رغبة عما جئت به لكنت كافرا [بما جئت به » و هو قوله تعالى:

اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً أي حجابا بينهم و بين الكفار، و إيمانهم إقرار باللسان فرقا «1» من السيف و رفع الجزية».

و قوله تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم، فيعرض عليهم أعمالهم، فيحلفون له أنهم لم يعملوا منها شيئا كما حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) في الدنيا حين حلفوا أن لا يردوا الولاية في بني هاشم، و حين هموا بقتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في العقبة، فلما أطلع الله نبيه و أخبره، حلفوا له أنهم لم يقولوا ذلك و لم يهموا به حتى أنزل الله على رسوله:

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا

بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ «2».

قال: ذلك إذا عرض الله عز و جل ذلك عليهم في القيامة ينكرونه و يحلفون له كما حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو قوله: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْ ءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أي غلب عليهم الشيطان أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أي أعوانه أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ.

10585/ [2]- سليم بن قيس الهلالي في كتابه، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: «إن الأمة ستفترق على ثلاث و سبعين فرقة، اثنتان و سبعون فرقة في النار، و فرقة في الجنة، و ثلاث عشرة فرقة من الثلاث و السبعين تنتحل مودتنا «3» أهل البيت، واحدة في الجنة، و اثنتا عشرة في النار.

فأما الفرقة «4» المهدية المؤملة المؤمنة المسلمة الموفقة المرشدة، فهي المؤتمنة بي، و هي المسلمة لأمري المطيعة المتولية «5» المتبرئة من عدوي، المحبة لي، المبغضة لعدوي، التي عرفت حقي و إمامتي و فرض طاعتي من كتاب الله و سنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، و لم ترتب «6» و لم تشك لما قد نور الله من حقنا في قلوبها «7» و عرفها من

__________________________________________________

2- كتاب سليم بن قيس: 53.

(1) الفرق: الخوف. «لسان العرب 10: 304»، و و خوفا.

(2) التوبة 9: 74.

(3) في المصدر: محبتنا. [.....]

(4) زاد في المصدر: فأمّا الناجية.

(5) في المصدر:

المطيعة لي.

(6) في المصدر: نبيّه (صلى اللّه عليه و آله) فلم ترتدّ.

(7) في المصدر: اللّه في قلبها من معرفة حقّنا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 328

فضلنا، و ألهمها و أخذ بنواصيها فأدخلها في شيعتنا، حتى اطمأنت [قلوبها] و استيقنت يقينا لا يخالطه شك.

إني أنا و الأوصياء من «1» بعدي إلى يوم القيامة [هداة مهتدون الذين قرنهم الله بنفسه و نبيه في آي من القرآن كثيرة، و طهرنا و عصمنا و جعلنا الشهداء على خلقه، و حجته في أرضه [و خزانه على علمه، و معادن حكمه و تراجمة وحيه و جعلنا مع القرآن، و جعل القرآن معنا، لا نفارقه و لا يفارقنا حتى نرد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) حوضه، كما قال.

فتلك الفرقة من الثلاث و السبعين هي الناجية من النار، و من جميع الفتن و الضلالات و الشبهات، و هم من أهل الجنة حقا، و هم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، و جميع الفرق الاثنين و السبعين فرقة هم المدينون بغير الحق، الناصرون لدين الشيطان، الآخذون عن إبليس و أوليائه، هم أعداء الله تعالى و أعداء رسوله و أعداء المؤمنين، يدخلون النار بغير حساب براءة من الله و رسوله»، و أشركوا بالله و رسوله، و عبدوا غير الله من حيث لا يعلمون، و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، يقولون يوم القيامة: و الله ربنا ما كنا مشركين، و يحلفون له كما يحلفون لكم، و يحسبون أنهم على شي ء ألا إنهم هم الكاذبون».

سورة المجادلة(58): آية 22 ..... ص : 328

قوله تعالى:

لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [22] 10586/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ

الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ الآية، أي من يؤمن بالله و اليوم الآخر لا يؤاخي من حاد الله و رسوله، قوله تعالى: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ و هم الأئمة (عليهم السلام) وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قال: الروح: ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو مع الأئمة (عليهم السلام).

10587/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ «3»، قال: «هو الإيمان».

قال: و سألته عن قوله عز و جل: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، قال: «هو الإيمان».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 358.

2- الكافي 2: 12/ 1.

(1) في المصدر: أنا و أوصيائي.

(2) في المصدر: باللّه و كفروا به.

(3) الفتح 48: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 329

10588/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد، عن صفوان، عن أبان، عن فضيل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ، هل لهم في ما كتب في قلوبهم صنع؟ قال: «لا».

10589/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن جميل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ «1»، قال: « [هو] الإيمان».

قال: قلت: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، قال: «هو الإيمان».

و عن قوله تعالى: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى «2»، قال: «هو الإيمان».

10590/

[5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من مؤمن إلا و لقلبه أذنان في جوفه: اذن ينفث فيها الوسواس الخناس، و أذن ينفث فيها الملك، فيؤيد الله المؤمن بالملك، فذلك قوله تعالى: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ».

10591/ [6]- و عنه: عن الحسين بن محمد و محمد بن يحيى، جميعا، عن علي بن محمد بن سعد، عن محمد بن مسلم بن أبي سلمة، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن سنان، عن أبي خديجة، قال: دخلت على أبي الحسن (عليه السلام)، فقال لي: «إن الله تبارك و تعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه و يتقي، و تغيب عنه في كل وقت يذنب فيه و يعتدي، فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه، و تسيخ في الثرى عند إساءته، فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقينا و تربحوا نفيسا ثمينا، رحم الله امرءا هم بخير فعمله، أو هم بشر فارتدع عنه» ثم قال: «نحن نزيد «3» الروح بالطاعة لله و العمل له».

10592/ [7]- ابن بابويه: بإسناده، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أي قواهم».

و إسناد الحديث مذكور في قوله تعالى: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ «4».

__________________________________________________

3- الكافي 2: 12/ 2.

4- الكافي 2: 13/ 5.

5- الكافي 2: 206/ 3.

6- الكافي 2: 206/ 1.

7- التوحيد: 153/ 1. [.....]

(1) الفتح 48: 4.

(2) الفتح 48: 26.

(3) في المصدر: نؤيد.

(4) تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآية (24- 47)

من سورة الذاريات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 330

10593/ [8]- عبد الله بن جعفر الحميري: عن أحمد بن إسحاق بن سعيد، قال: حدثنا بكر بن محمد الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن للقلب أذنين: روح الإيمان يساره بالخير، و الشيطان يساره بالشر، فأيهما ظهر على صاحبه غلبه».

قال: و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا زنى الرجل أخرج الله منه روح الإيمان» قلنا: الروح التي قال الله تعالى:

وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ؟ قال: «نعم».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يزني الزاني و هو مؤمن، و لا يسرق السارق و هو مؤمن، إنما عنى ما دام على بطنها، فإذا توضأ و تاب كان في حال غير ذلك».

10594/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا المنذر بن محمد، عن أبيه، قال: حدثني عمي الحسين بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن علي بن محمد بن بشر، قال: قال محمد بن علي (عليه السلام)- ابن الحنفية- إنما حبنا أهل البيت شي ء يكتبه الله في أيمن قلب العبد، و من كتبه الله في قلبه لا يستطيع أحد محوه، أما سمعت الله سبحانه يقول: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ إلى آخر الآية، فحبنا أهل البيت الإيمان.

قوله تعالى:

أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [22] 10595/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ يعني الأئمة (عليهم السلام) أعوان الله أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

10596/ [2]- و من طريق المخالفين: ما رواه أبو نعيم، قال: حدثنا محمد بن حميد بإسناده، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمرو بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني أبي، عن جده، عن

علي (عليه السلام)، أنه قال: «قال سلمان الفارسي: يا أبا الحسن، ما طلعت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا و ضرب بين كتفي، و قال: يا سلمان، هذا و حزبه هم المفلحون».

__________________________________________________

8- قرب الإسناد: 17.

9- تأويل الآيات 2: 676/ 8.

1- تفسير القمّي 2: 358.

2- ... تأويل الآيات 2: 676/ 9، النور المشتعل: 253/ 70.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 331

سورة الحشر ..... ص : 331

فضلها ..... ص : 331

10597/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بن كعب، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: «من قرأ سورة الحشر لم تبق جنة و لا نار و لا عرش و لا كرسي و لا حجب و لا السماوات السبع و لا الأرضون السبع و الهواء و الريح و الطير و الشجر و الجبال و الشمس و القمر و الملائكة، إلا صلوا عليه و استغفروا له، و إن مات في يومه أو ليلته مات شهيدا».

10598/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان من حزب الله المفلحين، و لم يبق جنة و لا نار و لا عرش و لا كرسي و لا حجب و لا السماوات السبع و لا الأرضون السبع و لا الطير في الهواء و لا الجبال و لا شجر و لا دواب و لا ملائكة، إلا صلوا عليه و استغفروا له، و إن مات في يومه أو ليلته كان من أهل الجنة، و من قرأها ليلة الجمعة أمن من البلاء حتى يصبح. و من صلى أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة الحمد و الحشر و يتوجه إلى أي حاجة شاءها و طلبها، قضاها الله تعالى، ما لم

تكن معصية».

10599/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها و توجه في حاجة، قضاها الله له، ما لم تكن في معصية».

10600/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها ليلة جمعة أمن من بلائها إلى أن يصبح. و من توضأ عند طلب حاجة ثم صلى أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد و السورة إلى أن يفرغ من الأربع ركعات و يتوجه إلى حاجة، يسهل الله أمرها. و من كتبها بماء طاهر و شربها رزق الذكاء و قلة النسيان بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 117.

2- ......

3- خواصّ القرآن: 21، 53 «مخطوط».

4- خواص القرآن: 10 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 332

سورة الحشر(59): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 332

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ [1- 4]

10601/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: سبب ذلك أنه كان بالمدينة ثلاثة أبطن من اليهود: بنو النضير، و قريظة و قينقاع، و كان بينهم و بين رسول الله (صلى الله عليه و آله) عهد و مدة، فنقضوا عهدهم، و كان سبب ذلك من بني النضير في نقض عهدهم، أنه أتاهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) يستسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة، يعني يستقرض، و كان قصد كعب بن الأشرف فلما دخل على كعب قال: مرحبا يا أبا القاسم و أهلا، و قام كأنه يصنع له الطعام، و حدث نفسه بقتل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تتبع أصحابه، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك.

فرجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المدينة، و قال لمحمد بن مسلمة الأنصاري:

«اذهب إلى بني النضير، فأخبرهم أن الله عز و جل أخبرني بما هممتم به من الغدر، فإما أن تخرجوا من بلادنا، و إما أن تأذنوا بحرب». فقالوا:

نخرج من بلادكم فبعث إليهم عبد الله بن أبي، أن لا تخرجوا، و تقيموا و تنابذوا محمدا الحرب، فإني أنصركم أنا و قومي و حلفائي، فإن خرجتم خرجت معكم، و لئن قاتلتم قاتلت معكم، فأقاموا و أصلحوا حصونهم و تهيئوا للقتال، و بعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع.

فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كبر و كبر أصحابه، و قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): «تقدم الى بني النضير» فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) الراية و تقدم، و جاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أحاط بحصنهم، و غدر [بهم عبد الله بن أبي.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 358.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 333

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم و خربوا ما يليه، و كان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه، و قد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك، فقالوا: يا محمد، إن الله يأمرك بالفساد؟ إن كان لك هذا فخذوه، و إن كان لنا فلا تقطعه فلما كان بعد ذلك قالوا: يا محمد، نخرج من بلادك فأعطنا مالنا. فقال: «لا، و لكن تخرجون [و لكم ما حملت الإبل» فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياما، ثم قالوا: نخرج و لنا ما حملت الإبل. قال: «لا و لكن تخرجون و لا يحمل أحد منكم شيئا، فمن

وجدنا معه شيئا قتلناه».

فخرجوا على ذلك، و وقع قوم منهم إلى فدك و وادي القرى، و خرج منهم قوم إلى الشام، فأنزل الله فيهم:

هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا إلى قوله تعالى وَ مَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ و أنزل الله عليه فيما عابوه من قطع النخل: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَ لِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ إلى قوله: رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «1».

و أنزل الله عليه في عبد الله بن أبي و أصحابه: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَ لا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَ إِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ إلى قوله لا يُنْصَرُونَ «2» ثم قال: كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني بني قينقاع قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «3»، ثم ضرب في عبد الله بن أبي و بني النضير مثلا، فقال: كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ «4».

10602/ [2]- ثم قال: فيه زيادة أحرف لم تكن في رواية علي بن إبراهيم «5»، قال: حدثنا به محمد بن أحمد ابن ثابت، عن أحمد بن ميثم، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير- في غزوة بني النضير- و زاد فيه: فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) للأنصار:

«إن شئتم دفعت إليكم في المهاجرين، و إن شئتم قسمتها بينكم و بينهم و تركتهم معكم». قالوا: قد شئنا أن تقسمها فيهم. فقسمها رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين المهاجرين و دفعهم عن الأنصار، و لم يعط من الأنصار إلا رجلين و هما: سهل بن حنيف و أبو دجانة فإنهما ذكرا حاجة.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 360. [.....]

(1) الحشر 59: 5- 10.

(2) الحشر 59: 11، 12.

(3) الحشر 59: 15.

(4) الحشر 59: 16، 17.

(5) لعلّ القائل بذلك هو راوي الكتاب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 334

سورة الحشر(59): آية 5 ..... ص : 334

قوله تعالى:

ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها [5]

10603/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «العجوة أم التمر، و هي التي أنزلها الله عز و جل من الجنة لآدم (عليه السلام)، و هو قول الله عز و جل: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها، قال: «يعني العجوة».

سورة الحشر(59): الآيات 6 الي 7 ..... ص : 334

قوله تعالى:

وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ [6- 7]

10604/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «نحن و الله الذين عنى الله بذي القربى، الذين قرنهم الله بنفسه و نبيه (صلى الله عليه و آله) فقال: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ منا خاصة، و لم يجعل لنا سهما في الصدقة، أكرم الله نبيه، و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس».

10605/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن علي بن الحسين بن فضال، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة، قال: و حدثني محمد بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جميلة، عن محمد

بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ، قال: «الفي ء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل، و الأنفال مثل ذلك، هو بمنزلته».

__________________________________________________

1- الكافي 6: 347/ 11.

2- الكافي 1: 453/ 1.

3- التهذيب 4: 133/ 371.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 335

10606/ [3]- و عنه: بإسناده، عن علي بن الحسن، عن سندي بن محمد، عن علاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «الفي ء و الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة من الدماء، و قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم، و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كله من الفي ء، فهذا لله و لرسوله (صلى الله عليه و آله)، فما كان لله فهو لرسوله (صلى الله عليه و آله) يضعه حيث شاء، و هو للإمام (عليه السلام) بعد الرسول (صلى الله عليه و آله) و قوله:

وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ قال: ألا ترى هو هذا.

و أما قوله: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فهذا بمنزلة المغنم، كان أبي (عليه السلام) يقول ذلك، و ليس لنا فيه غير سهمين: سهم الرسول، و سهم القربى، نحن شركاء الناس فيما بقي».

10607/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، و محمد بن إسماعيل بن بزيع، جميعا، عن منصور بن حازم، عن زيد بن علي (عليه السلام)، قال:

قلت له:

جعلت فداك، قول الله عز و جل: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى قال:

القربى هي و الله قرابتنا.

10608/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «هذه الآية نزلت فينا خاصة، فما كان لله و للرسول فهو لنا، و نحن أولو «1» القربى، و نحن المساكين، لا تذهب مسكنتنا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبدا، و نحن أبناء السبيل فلا يعرف سبيل الله إلا بنا، و الأمر كله لنا».

قوله تعالى:

وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ [7]

10609/]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق النحوي، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فسمعته

__________________________________________________

3- التهذيب 4: 134/ 376.

4- تأويل الآيات 2: 677/ 1.

5- تأويل الآيات 2: 677/ 2.

1- الكافي 1: 207/ 1.

(1) في المصدر: ذو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 336

يقول: «إن الله عز و جل أدب نبيه على محبته، فقال: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «1» ثم فوض إليه فقال عز و جل:

وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، و قال عز و جل:

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «2»».

قال: ثم قال: «و إن نبي الله فوض إلى علي (عليه السلام) و ائتمنه، فسلمتم و جحد الناس، فو الله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، و أن تصمتوا إذا صمتنا، و نحن فيما بينكم و بين الله عز و جل، ما جعل الله لأحد خيرا في خلاف أمرنا».

و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)، و ذكره نحوه.

10610/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن بكار بن بكر، عن موسى بن أشيم، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله رجل عن آية من كتاب الله عز و جل فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر الأول، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين، فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ بالواو و شبهه، و جئت إلى هذا يخطئ هذا الخطأ كله! فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني و أخبر صاحبي، فسكنت نفسي فقلت: إن ذلك عنه تقية، ثم التفت إلي و قال لي: «يا ابن أشيم، إن الله عز و جل فوض إلى سليمان بن داود (عليهما السلام)، فقال: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «3»، و فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله)، فقال:

ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فما فوض إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقد

فوضه إلينا».

10611/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر و أبا عبد الله (عليهما السلام) يقولان: «إن الله عز و جل فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم، ثم تلا هذه الآية ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.

10612/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذنيه، عن فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لبعض أصحاب قيس الماصر: «إن الله عز و جل أدب نبيه فأحسن أدبه، فلما أكمل له الأدب قال: إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «4»، ثم فوض إليه أمر الدين و الأمة ليسوس عباده، فقال عز و جل:

ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس، لا يزل و لا يخطئ في شي ء مما يسوس به الخلق، فتأدب، بآداب الله، ثم إن الله عز و جل فرض الصلاة

__________________________________________________

2- الكافي 1: 208/ 2. [.....]

3- الكافي 1: 208/ 3.

4- الكافي 1: 208/ 4.

(1) القلم 68: 4.

(2) النساء 4: 80.

(3) سورة ص 38: 39.

(4) القلم 68: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 337

ركعتين ركعتين، عشر ركعات، فأضاف رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى الركعتين ركعتين، و إلى المغرب ركعة، فصارت عديل الفريضة، لا يجوز تركهن إلا في سفر، و أفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر و الحضر، فأجاز الله عز و جل له ذلك كله، فصارت الفريضة سبع عشرة

ركعة.

ثم سن رسول الله (صلى الله عليه و آله) النوافل أربعا و ثلاثين ركعة مثلي الفريضة، فأجاز الله عز و جل له ذلك، و الفريضة و النافلة إحدى و خمسون ركعة، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر.

و فرض الله عز و جل في السنة صوم شهر رمضان، و سن رسول الله (صلى الله عليه و آله) صوم شعبان، و ثلاثة أيام في كل شهر مثلي الفريضة، فأجاز الله عز و جل له ذلك.

و حرم الله عز و جل الخمر بعينها، و حرم رسول الله (صلى الله عليه و آله) المسكر من كل شراب، فأجاز الله له ذلك.

و عاف رسول الله (صلى الله عليه و آله) أشياء و كرهها و لم ينه عنها نهي حرام و إنما نهى عنها نهي إعافة و كراهة، ثم رخص فيها فصار الأخذ برخصة واجبا على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه و عزائمه، و لم يرخص لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيما نهاهم عنه نهي حرام، و لا فيما أمر به أمر فرض لازم، فكثير المسكر من الأشربة نهاهم عنه نهي حرام لم يرخص فيه لأحد، و لم يرخص رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما إلى ما فرض الله عز و جل بل ألزمهم ذلك إلزاما واجبا، لم يرخص لأحد في شي ء من ذلك إلا للمسافر، و ليس لأحد أن يرخص ما لم يرخصه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فوافق أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمر الله عز و جل، و نهيه نهي الله عز و جل، و وجب على العباد التسليم له كالتسليم

لله تبارك و تعالى».

10613/ [5]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة: أنه سمع أبا جعفر و أبا عبد الله (عليهما السلام) يقولان: «إن الله تبارك و تعالى فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم» ثم تلا هذه الآية ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، مثله.

10614/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى أدب نبيه (صلى الله عليه و آله)، فلما انتهى به إلى ما أراد، قال له:

إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «1»، ففوض إليه دينه فقال: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، و إن الله عز و جل فرض الفرائض و لم يقسم للجد شيئا، و إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أطعمه السدس فأجاز الله جل ذكره له ذلك، و ذلك قول الله عز و جل: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «2»».

__________________________________________________

5- الكافي 1: 209/ 5.

6- الكافي 1: 209/ 6.

(1) القلم 68/ 4.

(2) سورة ص 38: 39.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 338

10615/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن زياد، عن محمد بن الحسن الميثمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن الله عز و جل أدب نبيه

(صلى الله عليه و آله) حتى قومه على ما أراد، ثم فوض إليه فقال عز و جل: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، فما فوض الله إلى رسوله (صلى الله عليه و آله) فقد فوضه إلينا».

10616/ [8]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن صندل الخياط، عن زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ «1» قال: «أعطى سليمان ملكا عظيما، ثم جرت هذه الآية في رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فكان له [أن يعطي «2» من شاء و يمنع من شاء، و أعطاه [الله أفضل مما أعطى سليمان لقوله تعالى: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا».

10617/ [9]- محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «خلق الله محمدا (صلى الله عليه و آله) فأدبه «3» حتى إذا بلغ أربعين سنة أوحى إليه، و فوض إليه الأشياء، فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا».

10618/ [10]- و عنه: عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة، عن زرارة، أنه سمع أبا جعفر و أبا عبد الله (عليهما السلام) يقولان: «إن الله فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم» ثم تلا هذه الآية ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.

10619/ [11]- و عنه: عن محمد بن عبد الجبار، عن البرقي،

عن فضالة، عن ربعي، عن القاسم بن محمد، قال: إن الله تبارك و تعالى أدب نبيه و أحسن أدبه «4»، فقال: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ «5»، فلما كان ذلك أنزل الله وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «6»، و فوض إليه أمر دينه، فقال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، فحرم الله الخمر بعينها، و حرم رسول الله (صلى الله عليه و آله) كل مسكر، فأجاز

__________________________________________________

7- الكافي 1: 210/ 9.

8- الكافي 1: 210/ 10.

9- بصائر الدرجات: 398/ 1.

10- بصائر الدرجات: 398/ 2. [.....]

11- بصائر الدرجات: 398/ 3.

(1) سورة ص 38: 39.

(2) زاد في المصدر: ما شاء.

(3) في المصدر: قال:

إن اللّه خلق محمّد (صلى اللّه عليه و آله) عبدا فأدبه.

(4) في المصدر: فأحسن تأديبه.

(5) الأعراف 7: 199.

(6) القلم 68: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 339

الله ذلك، [و كان يضمن على الله الجنة فيجيز الله ذلك له، و ذكر الفرائض فلم يذكر الجد فأطعمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) سهما فأجاز ذلك ، و لم يفوض إلى أحد من الأنبياء [غيره .

10620/ [12]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، بن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في التفويض؟ فقال: «إن الله تعالى فوض إلى نبيه (صلى الله عليه و آله) أمر دينه، فقال: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، فأما الخلق و الرزق فلا».

ثم قال (عليه السلام): «إن الله تعالى [يقول: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ «1»، و يقول تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ

ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ «2»».

10621/ [13]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن «3» بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: «قوله عز و جل: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ و ظلم آل محمد فإن الله شديد العقاب لمن ظلمهم».

و الأحاديث في ذلك كثيرة، اقتصرنا على ذلك مخافة الإطالة.

سورة الحشر(59): آية 9 ..... ص : 339

قوله تعالى:

وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [9]

10622/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل ليس عنده إلا قوت يومه، أ يعطف من عنده قوت يومه على من ليس عنده شي ء و يعطف من عنده قوت شهر على من دونه، و السنة على نحو ذلك، أم ذلك كله الكفاف الذي

__________________________________________________

12- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 202/ 3.

13- تأويل الآيات 2: 678/ 3.

1- الكافي 4: 18/ 1.

(1) الرعد 13: 16.

(2) الروم 30: 40.

(3) في المصدر: الحسين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 340

لا يلام عليه؟ فقال: «هو أمران، أفضلهم فيه أحرصهم «1» على الرغبة و الأثرة على نفسه، فإن الله عز و جل:

وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ، و الأمر الآخر لا يلام على الكفاف، و اليد العليا خير من اليد السفلى، و أبدا بمن تعول».

10623/ [2]-

قال: و حدثنا بكر بن صالح، عن بندار بن محمد الطبري، عن علي بن سويد السائي، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، قال: قلت له: أوصني؟ فقال: «آمرك بتقوى الله». ثم سكت، فشكوت إليه قلة ذات يدي، و قلت: و الله لقد عريت حتى بلغ من عريي أن أبا فلان نزع ثوبين كانا عليه و كسانيهما، فقال: «صم و تصدق».

فقلت: أتصدق بما وصلني به إخواني «2»؟ قال: «تصدق بما رزقك الله و لو آثرت على نفسك».

10624/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عمن حدثه، عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «خياركم سمحاؤكم، و شراركم بخلاؤكم، و من خالص الإيمان البر بالإخوان و السعي في حوائجهم، و إن البار بالإخوان ليحبه الرحمن، و في ذلك مرغمة للشيطان و تزحزح عن النيران و دخول الجنان، يا جميل، أخبر بهذا غرر أصحابك» قلت: جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال: «هم البارون بالإخوان في العسر و اليسر».

ثم قال: «يا جميل، أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، و قد مدح الله عز و جل في ذلك صاحب القليل، فقال في كتابه: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

و روى الشيخ في (أماليه)، قال: «أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء، قال: حدثنا أبو سعيد الآدمي، قال: حدثني عمر بن عبد العزيز المعروف بزحل، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه

السلام)، قال: «خياركم سمحاؤكم، و شراركم بخلاؤكم»، و ذكر الحديث بعينه «3».

و رواه المفيد في (أماليه)، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، و ساق الحديث بالسند و المتن سواء «4».

10625/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد ابن سماعة، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلت له: أي الصدقة أفضل؟ قال: «جهد المقل، أما

__________________________________________________

2- الكافي 4: 18/ 2. [.....]

3- الكافي 4: 41/ 15.

4- الكافي 4: 18/ 3.

(1) في المصدر: أفضلكم فيه أحرصكم.

(2) زاد في المصدر: و إن كان قليلا.

(3) الأمالي 1: 65.

(4) الأمالي: 291/ 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 341

سمعت قول الله عز و جل: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ترى ها هنا فضلا؟».

10626/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن أبي علي صاحب الكلل، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قلت: أخبرني عن حق المؤمن على المؤمن؟ فقال:

«يا أبان، دعه لا ترده». قلت: بلى جعلت فداك، فلم أزل اردد عليه، فقال: «يا أبان، تقاسمه شطر مالك» ثم نظر إلي فرأى ما دخلني، فقال: «يا أبان، ألم تعلم أن الله عز و جل قد ذكر المؤثرين على أنفسهم؟» قلت: بلى جعلت فداك فقال: «إذا قاسمته، فلم تؤثره بعد، إنما أنت و هو سواء، إنما إذا أعطيته من النصف الآخر».

10627/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا محمد بن سهل العطار، قال: حدثنا أحمد بن عمر

الدهقان، قال: حدثنا محمد بن كثير مولى عمر بن عبد العزيز، قال: حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فشكا إليه الجوع، فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى بيوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلا الماء.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من لهذا الرجل الليلة»؟ فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «أنا له يا رسول الله، فأتى فاطمة (عليها السلام) فقال لها: «ما عندك يا ابنة رسول الله؟» فقالت: «ما عندنا إلا قوت الصبية، لكنا نؤثر ضيفنا».

فقال علي (عليه السلام): «يا ابنة محمد، نومي الصبية، و أطفئي المصباح» فلما أصبح علي (عليه السلام) غدا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخبره الخبر، فلم يبرح حتى أنزل الله عز و جل: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

و روى محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن سهل العطار، عن أحمد بن عمرو الدهقان، عن محمد بن كثير، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: إن رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فشكا إليه الجوع، و ذكر الحديث بعينه ببعض التغيير اليسير لا يضر بالمعنى «1».

10628/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن كليب بن معاوية الأسدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى:

وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قال: «بينا علي

(عليه السلام) عند فاطمة (عليها السلام) إذ قالت له: يا علي، اذهب إلى أبي فابغنا منه شيئا. فقال: نعم. فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأعطاه دينارا، و قال: يا علي اذهب فابتع لأهلك طعاما.

فخرج من عنده فلقيه المقداد بن الأسود (رحمه الله) و قاما ما شاء الله أن يقوما و ذكر له حاجته، فأعطاه الدينار

__________________________________________________

5- الكافي 2: 137/ 8.

6- الأمالي 1: 188.

7- تأويل الآيات 2: 679/ 5.

(1) تأويل الآيات 2: 678/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 342

و انطلق إلى المسجد، فوضع رأسه فنام، فانتظره رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلم يأت، ثم انتظره فلم يأت، فخرج يدور في المسجد، فإذا هو بعلي (عليه السلام) نائما في المسجد فحركه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقعد. فقال له: يا علي، ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله، خرجت من عندك فلقيني المقداد بن الأسود، فذكر لي ما شاء الله أن يذكر فأعطيته الدينار.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أما إن جبرئيل (عليه السلام) قد أنبأني بذلك، و قد أنزل الله فيك كتابا وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

10629/ [8]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت، عن القاسم بن إسماعيل، عن محمد بن سنان، عن سماعة بن مهران، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أوتي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمال و حلل، و أصحابه حوله جلوس، فقسمه عليهم حتى لم يبق منه حلة و لا دينار، فلما فرغ منه جاء رجل من فقراء المهاجرين و كان غائبا، فلما

رآه رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: أيكم يعطي هذا نصيبه و يؤثره على نفسه؟ فسمعه علي (عليه السلام) فقال: نصيبي. فأعطاه إياه، فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأعطاه الرجل، ثم قال: يا علي، إن الله جعلك سباقا للخير «1»، سخاء بنفسك عن المال، أنت يعسوب المؤمنين، و المال يعسوب الظلمة، و الظلمة هم الذين يحسدونك و يبغون عليك و يمنعونك حقك بعدي».

10630/ [9]- و عنه: بهذا الإسناد، عن القاسم بن إسماعيل، عن إسماعيل بن أبان «2»، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان جالسا ذات يوم و أصحابه جلوس حوله، فجاء علي (عليه السلام) و عليه سمل ثوب متخرق عن بعض جسده، فجلس قريبا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنظر إليه ساعة ثم قرأ: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): أما إنك رأس الذين نزلت فيهم هذه الآية و سيدهم و إمامهم.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي: أين حلتك التي كسوتكها يا علي؟ فقال: يا رسول الله، إن بعض أصحابك أتاني يشتكي عريه و عري أهل بيته، فرحمته و آثرته بها على نفسي، و عرفت أن الله سيكسوني خيرا منها، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): صدقت أما إن جبرئيل قد أتاني يحدثني أن الله اتخذ لك مكانها في الجنة حلة خضراء من إستبرق، و صنفتها «3» من ياقوت و زبرجد، فنعم

الجواز جواز ربك بسخاوة نفسك و صبرك على

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 2: 679/ 6.

9- تأويل الآيات 2: 680/ 7.

(1) في المصدر: للخيرات.

(2) في «ط، ي» القاسم بن إسماعيل بن أبان. [.....]

(3) صنفة الإزار: هي حاشيته. «لسان العرب 9: 198».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 343

شملتك «1» هذه المنخرقة، فأبشر يا علي. فانصرف علي (عليه السلام) فرحا مستبشرا بما أخبره به رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

سورة الحشر(59): آية 10 ..... ص : 343

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ- إلى قوله تعالى- رَؤُفٌ رَحِيمٌ [10]

10631/ [1]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن الحسن بن علي (عليهم السلام)- في خطبة خطبها عند صلحه مع معاوية- فقال (عليه السلام) فيها بمحضر معاوية: «فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) سابقا و وقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) في كل موطن يقدمه، و لكل شديدة يرسله ثقة منه به و طمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله عز و جل و رسوله [و إنه أقرب المقربين من الله و رسوله، و قد قال الله عز و جل:] وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «2»، فكان أبي سابق السابقين إلى الله عز و جل، و إلى رسوله (صلى الله عليه و آله) و أقرب الأقربين، و قد قال الله تعالى: لا

يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً «3»، فأبي كان أولهم إسلاما و إيمانا، و أولهم إلى الله و رسوله هجرة و لحوقا، و أولهم على وجده و وسعه نفقة، قال سبحانه: وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، فالناس من جميع الأمم يستغفرون له لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيه (صلى الله عليه و آله)، و ذلك أنه لم يسبقه به أحد، و قد قال الله تعالى: وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ «4»، فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز و جل فضل السابقين على المختلفين [و المتأخرين، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين».

و الخطبة طويلة تقدمت بطولها في قوله تعالى:

__________________________________________________

1- الأمالي 2: 175.

(1) في المصدر: سملتك.

(2) الواقعة 56: 10، 11.

(3) الحديد 57: 10.

(4) التوبة 9: 100.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 344

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «1».

10632/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن يحيى بن صالح، عن الحسين الأشقر، عن عيسى بن راشد، عن أبي بصير، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: فرض الله الاستغفار لعلي (عليه السلام) في القرآن على كل مسلم، و هو قوله تعالى: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ و هو سابق الأمة.

سورة الحشر(59): الآيات 11 الي 17 ..... ص : 344

قوله تعالى:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ- إلى قوله تعالى- وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ [11- 17] تقدم في

القصة في أول السورة «2».

سورة الحشر(59): آية 19 ..... ص : 344

قوله تعالى:

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [19]

10633/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، قال: سألت الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «3». فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا ينسى و لا يسهو، و إنما ينسى و يسهو المخلوق المحدث، ألا تسمعه عز و جل يقول: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «4»؟ و إنما يجازي من

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 681/ 8.

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 125/ 18.

(1) تقدّمت في الحديث (24) من تفسير الآية (33) من سورة الأحزاب.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 4) من هذه السورة.

(3) التوبة 9: 67.

(4) مريم 19: 64.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 345

نسيه و نسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم، كما قال عز و جل: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ، و قوله عز و جل: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «1» أي بتركهم «2» الاستعداد للقاء يومهم هذا».

سورة الحشر(59): آية 20 ..... ص : 345

قوله تعالى:

لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ [20]

10634/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عيسى المجاور، في مسجد الكوفة، قال: حدثنا إسماعيل بن علي بن رزين- ابن أخي دعبل بن علي الخزاعي- عن أبيه، قال: حدثنا الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا

(عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تلا هذه الآية: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ، فقال (صلى الله عليه و آله): أصحاب الجنة من أطاعني، و سلم لعلي بن أبي طالب بعدي، و أقر بولايته. و أصحاب النار؟ من سخط الولاية، و نقض العهد، و قاتله بعدي».

10635/ [2]- الشيخ في (أماليه): بإسناده، عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) تلا هذه الآية: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ فقال: أصحاب الجنة من أطاعني، و سلم لعلي بن أبي طالب بعدي، و أقر بولايته. فقيل: و أصحاب النار؟ قال: من سخط الولاية، و نقض العهد، و قاتله بعدي».

10636/ [3]- و عنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز، قال: حدثني جدي محمد بن عيسى القيسي، قال: حدثنا إسحاق بن يزيد الطائي، قال: حدثنا سعد بن طريف الحنظلي، عن عطية بن سعد العوفي، عن محدوج بن زيد الذهلي، و كان في وفد قومه إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، تلا هذه الآية:

لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ، قال: فقلنا: يا رسول الله، من أصحاب الجنة؟ قال: «من أطاعني و سلم لهذا من بعدي».

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 280/ 22.

2- الأمالي 2: 373. [.....]

3- الأمالي 2: 100.

(1) الأعراف 7: 51.

(2) في المصدر: أي نتركهم كما تركوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 346

قال: و أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله)

بكف علي (عليه السلام)- و هو يومئذ إلى جنبه- فرفعها، و قال: «ألا إن عليا مني و أنا منه، فمن حاده فقد حادني، و من حادني أسخط الله عز و جل» ثم قال: «يا علي، حربك حربي و سلمك سلمي، و أنت العلم بيني و بين أمتي».

قال عطية: فدخلت على زيد بن أرقم [في منزله فذكرت له حديث محدوج بن زيد، قال: ما ظننت أنه بقي ممن سمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول هذا غيري، أشهد لقد حدثنا به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: لقد حاده رجال سمعوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) قوله هذا، و قد ردوا.

10637/ [4]- صاحب (الأربعين) في الحديث التاسع و العشرين، قال: أخبرني أبو علي محمد بن محمد المقرئ (رحمه الله) بقراءتي عليه، قال: حدثنا السيد أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون العلوي الحسيني أصلا، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن علي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن جعفر القمي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن صفوان بن يحيى، قال: قال جعفر بن محمد (عليه السلام): «من اعتصم بالله تبارك و تعالى هدي، و من توكل على الله عز و جل كفي، و من قنع بما رزقه الله اغني، و من اتقى الله نجا، فاتقوا عباد الله ما استطعتم، و أطيعوا الله و سلموا الأمر لأهله تفلحوا، و اصبروا إن الله مع الصابرين وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ «1» الآية لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ، و هم شيعة علي (عليه السلام).

حدثني بذلك

أبي، عن أبيه، عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه و آله): أنها قالت: أقراني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ، فقلت: يا رسول الله، من أصحاب النار؟ قال: مبغض علي و ذريته و منقصوهم. فقلت: يا رسول الله، فمن الفائزون منهم؟ قال: شيعة علي هم الفائزون».

10638/ [5]- و عنه، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن الحسن الصفار بقرائتي عليه، قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي، قال: أخبرنا أبو العباس بن عقدة، قال: حدثنا محمد بن أحمد القطواني، قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن مسلمة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه و آله) فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «قد أتاكم أخي» ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده، فقال:

«و الذي نفسي بيده، إن هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة» ثم قال: «إنه أولكم إيمانا معي، و أوفاكم بعهد الله، و أقومكم بأمر الله، و أعدلكم في الرعية، و أقسمكم في السوية، و أعظمكم عند الله مزية» قال: و نزلت إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ «2».

__________________________________________________

4- أربعين الخزاعي: 28/ 29.

5- أربعين الخزاعي: 28/ 28.

(1) الحشر 59: 19.

(2) البيّنة 98: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 347

و روى هذا الحديث موفق بن أحمد، و هو من أعيان علماء المخالفين في كتاب (المناقب)، قال: أنبأني سيد الحفاظ أبو منصور بن شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلي من همدان، قال: أخبرنا عبدوس بن

عبد الله بن عبدوس الهمداني من كتابه، حدثنا أبو الحسين أحمد بن عبد «1» البزاز ببغداد، حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون بن محمد الضبي، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ، أن محمد بن أحمد القطواني قال: حدثنا إبراهيم بن أنس الأنصاري، حدثنا إبراهيم بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن مسلمة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه و آله) فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «قد أتاكم أخي» ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده، و قال: «و الذي نفسي بيده، إن هذا و شيعته هم الفائزون»، و ذكر الحديث إلى آخره «2».

10639/ [6]- و عنه: بإسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- لفاطمة (عليها السلام)، في حديث-: «يا فاطمة لا تبكي، فإني إذا دعيت غدا إلى رب العالمين فيكون علي معي، و إذا بعثت غدا بعث علي معي. يا فاطمة لا تبكي، فإن عليا و شيعته هم الفائزون، يدخلون الجنة».

سورة الحشر(59): الآيات 22 الي 24 ..... ص : 347

قوله تعالى:

عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [22- 24] 10640/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ، قال: القدوس: هو البري ء من شوائب الآفات الموجبات للجهل، قوله تعالى: السَّلامُ الْمُؤْمِنُ، قال: يأمن أولياؤه من العذاب، قوله تعالى: الْمُهَيْمِنُ أي الشاهد، قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ هو الذي يخلق الشي ء لا من شي ء لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

10641/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن

أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم، أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن أسماء الله و اشتقاقها، [الله مما هو مشتق؟ قال: فقال لي: «يا هشام، الله مشتق من أله، و الإله يقتضي مألوها، و الاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر و لم يعبد شيئا، و من عبد

__________________________________________________

6- مناقب الخوارزمي: 206 «نحوه».

1- تفسير القمّي 2: 360.

2- الكافي 1: 68/ 2.

(1) في المصدر: أبو الحسن محمّد بن أحمد، و في «ي»: محمد، بدل: عبد.

(2) مناقب الخوارزمي: 62.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 348

الاسم و المعنى فقد كفر و عبد اثنين، و من عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد، أ فهمت يا هشام؟» قال: فقلت:

زدني.

فقال: «إن لله تسعة و تسعين اسما، فلو كان الاسم هو المسمى، لكان كل اسم منها إلها، و لكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء و كلها غيره. يا هشام، الخبز اسم للمأكول، و الماء اسم للمشروب، و الثوب اسم للملبوس، و النار اسم للمحرق، أ فهمت- يا هشام- فهما تدفع به و تناضل به أعداءنا الملحدين «1» مع الله عز و جل غيره؟» قلت:

نعم، قال: فقال: «نفعك الله و ثبتك، يا هشام» قال هشام: فو الله ما قهرني أحد في التوحيد حين قمت من مقامي هذا.

10642/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه

الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) إن لله تبارك و تعالى تسعة و تسعين اسما، مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة، و هي: الله، إلا له، الواحد، الأحد، الصمد، الأول، الآخر، السميع، البصير، القدير «2»، القاهر، العلي، الأعلى، الباقي، البديع، البارئ، الأكرم، الظاهر، الباطن، الحي، الحكيم، العليم، الحليم، الحفيظ، الحق، الحسيب، الحميد، الحفي «3»، الرب، الرحمن، الرحيم الذارئ، الرازق «4»، الرقيب، الرؤوف، البار «5»، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، السيد، السبوح، الشهيد، الصادق، الصانع، الطاهر، العدل، العفو، الغفور، الغني، الغياث، الفاطر، الفرد، الفتاح، الفالق، القديم، الملك، القدوس، القوي، القريب، القيوم، القابض، الباسط، قاضي الحاجات، المجيد، المولى، المنان، المحيط، المبين، المقيت، المصور، الكريم «6»، الكبير، الكافي، كاشف الضر، الوتر، النور، الوهاب، الناصر، الواسع، الودود، الهادي، الوفي، الوكيل، الوارث، البر، الباعث، التواب، الجليل، الجواد، الخبير، الخالق، خير الناصرين، الديان، الشكور، العظيم، اللطيف، الشافي».

10643/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأصفهاني الأسواري، قال: حدثنا مكي ابن أحمد بن سعدويه البردعي، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن القرشي بدمشق و أنا أسمع، قال:

__________________________________________________

3- التوحيد: 194/ 8.

4- التوحيد: 219/ 11. [.....]

(1) في المصدر: و المتخذين.

(2) في «ط، ي» نسخة بدل: القادر، و زاد في «ج»: القادر.

(3) في «ج»: الخفي.

(4) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: الرزاق.

(5) في المصدر: الرائي.

(6) (الكريم) ليس في «ج، ي».

رهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 349

حدثنا أبو عامر موسى بن عامر المري، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي هريرة:

أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «إن لله تبارك و تعالى تسعة و تسعين اسما، مائة إلا واحد، إنه وتر يحب الوتر، من أحصاها دخل الجنة».

فبلغنا أن غير واحد من أهل العلم قال: إن أولها يفتتح بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، بيده الخير و هو علي كل شي ء قدير، لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى: الله، الواحد، الصمد، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الخالق، البارئ، المصور، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الرحمن، الرحيم، اللطيف، الخبير، السميع، البصير، العلي، العظيم، البارئ «1»، المتعالي، الجليل، الجميل، الحي «2»، القيوم، القادر، القاهر، الحكيم، القريب، المجيب «3»، الغني، الوهاب، الودود، الشكور، الماجد، الأحد، الولي، الرشيد، الغفور، الكريم، الحليم، التواب، الرب، المجيد، الحميد، الوفي «4»، الشهيد، المبين، البرهان، الرؤوف، المبدئ، المعيد، الباعث، الوارث، القوي، الشديد، الضار، النافع، الوافي، الحافظ، الرافع، القابض، الباسط، المعز، المذل، الرازق، ذو القوة، المتين، القائم، الوكيل، الجامع، العادل، المعطي، المجتبي «5»، المحيي، المميت، الكافي، الهادي، الأبد، الصادق، النور، القديم، الحق، الفرد، الوتر، الواسع، المحصي، المقتدر، المقدم، المؤخر، المنتقم، البديع.

10644/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لله تبارك و تعالى تسعة و تسعين اسما، من دعا بها «6» استجاب له، و من أحصاها دخل الجنة».

قال الشيخ محمد بن علي بن بابويه (رحمه الله): معنى

قول النبي (صلى الله عليه و

آله): «إن لله تبارك و تعالى تسعة و تسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة»

إحصاؤها هو الإحاطة بها و الوقوف على معانيها، و ليس معنى الإحصاء عدها، و بالله التوفيق، ثم شرع في شرح معانيها، ذكره في كتاب (التوحيد).

10645/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري،

__________________________________________________

5- التوحيد: 195/ 9.

6- الكافي 2: 471/ 7.

(1) في «ج»: البار.

(2) في «ج»: الحق.

(3) (المجيب) ليس في «ج، ي».

(4) في «ج»: الواقي.

(5) (المجتبي) ليس في «ي».

(6) في «ط»: وعاها. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 350

عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول: سلمت فلم يردوا علي، و لعله يكون قد سلم و لم يسمعهم، فإذا رد أحدكم فليجهر برده و لا يقول المسلم: سلمت فلم يردوا علي». ثم قال:

«كان علي (عليه السلام) يقول: لا تغضبوا و لا تغضبوا، أفشوا السلام، و أطيبوا الكلام، و صلوا بالليل و الناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» ثم تلا عليهم قول الله عز و جل: السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ.

10646/ [7]- علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، قال: سمعت موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الله تعالى أنزل على عبده رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنه لا إله إلا هو الحي القيوم، و يسمى «1» بهذه الأسماء:

الرحمن، الرحيم، العزيز، الجبار، العلي، العظيم، فتاهت هناك عقولهم، و استخفت حلومهم، فضربوا له الأمثال، و جعلوا له أندادا، و شبهوه بالأمثال، و مثلوه أشباها،

و جعلوه يحول و يزول، فتاهوا في بحر عميق، لا يدرون ما غوره، و لا يدركون كنه «2» بعده».

10647/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ، فقال: «عالم الغيب: ما لم يكن، و الشهادة: ما قد كان».

10648/ [9]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن عبيد، عن يونس، عن هشام بن الحكم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سبحان الله، فقال: «أنفة لله».

10649/ [10]- و عنه: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط، عن سليمان مولى طربال، عن هشام بن سالم الجواليقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز و جل: سُبْحانَ اللَّهِ ما يعني به؟ قال: «تنزيهه».

و الروايات كثيرة في ذلك تقدمت في آخر سورة يوسف (عليه السلام) «3».

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 2: 361.

8- معاني الأخبار: 146/ 1.

9- الكافي 1: 92/ 11.

10- الكافي 1: 92/ 11.

(1) في المصدر: سمي.

(2) في النسخ: كمية.

(3) تقدّمت في تفسير الآية (108) من سورة يوسف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 351

سورة الممتحنة ..... ص : 351

فضلها ..... ص : 351

10650/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: «من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه و نوافله، امتحن الله قلبه للإيمان، و نور له بصره، و لا يصيبه فقر أبدا، و لا جنون في بدنه و لا في يده».

10651/ [2]- و من

(خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة صلت عليه الملائكة و استغفرت له، و إذا مات في يوم أو ليلته مات شهيدا، و كان المؤمنون شفعاؤه يوم القيامة. و من كتبها و شربها ثلاثة أيام متوالية لم يبق له طحال «1»، و أمن من وجعه و زيادته، و تعلق الرياح مدة حياته بإذن الله تعالى».

10652/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها صلت عليه الملائكة و استغفروا له، و إن مات في يومه أو ليلته مات شهيدا، و كان المؤمنون و المؤمنات شفعاؤه يوم القيامة».

10653/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من بلي بالطحال و عسر عليه، يكتبها و يشربها ثلاثة أيام متوالية، يزول عنه الطحال بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 118.

2- .....

3- ....

4- خواص القرآن: 10 «مخطوط».

(1) الطّحال: داء يصيب الطّحال. «أقرب الموارد- طحل- 1: 699».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 352

سورة الممتحنة(60): الآيات 1 الي 8 ..... ص : 352

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ- إلى قوله تعالى- بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [1- 3] 10654/ [1]- علي بن إبراهيم: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، و لفظ الآية عام، و معناه خاص، و كان سبب ذلك أن حاطب بن أبي بلتعة كان قد أسلم و هاجر إلى المدينة، و كان عياله بمكة، و كانت قريش تخاف أن يغزوهم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فصاروا إلى عيال حاطب، و سألوهم أن يكتبوا إلى حاطب يسألونه عن خبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هل يريد أن يغزو مكة، فكتبوا إلى حاطب يسألونه عن

ذلك، فكتب إليهم حاطب: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يريد ذلك، و دفع الكتاب إلى امرأة تسمى صفية، فوضعته في قرونها «1» و مرت، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأخبره بذلك.

فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) و الزبير بن العوام في طلبها فلحقاها، فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): «أين الكتاب؟» فقالت: ما معي شي ء، ففتشاها فلم يجدا معها شيئا، فقال الزبير: ما نرى معها شيئا، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «و الله ما كذبنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لا كذب رسول الله (صلى الله عليه و آله) على جبرئيل (عليه السلام)، و لا كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه، و الله لتظهرن الكتاب أو لأوردن رأسك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقالت: تنحيا حتى أخرجه، فأخرجت الكتاب من قرونها، فأخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) و جاء

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 361.

(1) في المصدر: قرنها، في الموضعين، القرن: ذوابة المرأة، يقال: لها قرون طوال، أي ذوائب، و الخصلة من الشعر. «أقرب الموارد- قرن- 2:

992». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 353

به إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا حاطب ما هذا؟» فقال حاطب: و الله- يا رسول الله- ما نافقت و لا غيرت و لا بدلت، و إني أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله حقا، و لكن أهلي و عيالي كتبوا إلي بحسن صنع قريش إليهم فأحببت أن أجازي قريشا بحسن معاشرتهم

، فأنزل الله جل ثناؤه على رسوله (صلى

الله عليه و آله): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ- إلى قوله تعالى- لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.

قوله تعالى:

رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [5]

10655/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عقبة، عن إسماعيل بن سهل و إسماعيل بن عباد، جميعا، يرفعانه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما كان من ولد آدم مؤمن إلا فقيرا، و لا كافر إلا غنيا، حتى جاء إبراهيم (عليه السلام) فقال: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا فصير الله في هؤلاء أموالا و حاجة و في هؤلاء أموالا و حاجة».

قوله تعالى:

عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَ اللَّهُ قَدِيرٌ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [7]

10656/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَ اللَّهُ قَدِيرٌ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ: «فإن الله أمر نبيه (صلى الله عليه و آله) و المؤمنين بالبراءة من قومهم ما داموا كفارا».

و قوله تعالى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ «1» الآية، قطع الله عز و جل ولاية المؤمنين [منهم و أظهروا لهم العداوة فقال:

عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً فلما أسلم أهل مكة خالطهم أصحاب رسول

__________________________________________________

1- الكافي 2: 202/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 362.

(1) الممتحنة 60: 4.

البرهان

في تفسير القرآن، ج 5، ص: 354

الله (صلى الله عليه و آله) و ناكحوهم، و تزوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) أم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب ثم قال:

لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ إلى آخر الآيتين.

10657/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز و جل؟ قال:

الكفر في كتاب الله عز و جل على خمسة أوجه- و ذكر الخمسة و قال فيها- و الوجه الخامس من وجوه الكفر: كفر البراءة، و ذلك قول الله عز و جل يحكي قول إبراهيم (عليه السلام): كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ «1» يعني تبرأنا منكم».

و الحديث تقدم بتمامه في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ من سورة البقرة «2».

سورة الممتحنة(60): الآيات 10 الي 11 ..... ص : 354

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- إلى قوله تعالى- إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [10] 10658/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ قال: إذا لحقت امرأة من المشركين بالمسلمين تمتحن بأن تحلف بالله أنه لم يحملها على اللحوق بالمسلمين بعضها لزوجها الكافر، و لا حبها لأحد من المسلمين، و إنما حملها على ذلك الإسلام، فإذا حلفت على ذلك قبل إسلامها، ثم قال الله عز و جل: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَ آتُوهُمْ ما

أَنْفَقُوا يعني يرد المسلم على زوجها الكافر صداقها ثم يتزوجها المسلم، و هو قوله تعالى: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.

10659/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن يعقوب، عن مروان بن مسلم، عن الحسين بن موسى الحناط، عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن لامرأتي أختا عارفة على رأينا، و ليس على رأينا بالبصرة إلا قليل فأزوجها ممن لا يرى رأيها؟

__________________________________________________

1- الكافي 2: 288/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 362.

3- الكافي 5: 349/ 6.

(1) الممتحنة 60: 4.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 355

فقال: «لا، و لا نعمة، إن الله عز و جل يقول: فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ».

قوله تعالى:

وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [10]

10660/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أحمد بن عمر، عن درست الواسطي، عن علي بن رئاب، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لا ينبغي نكاح أهل الكتاب» قلت: جعلت فداك، و أين تحريمه؟ قال: قوله تعالى: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ».

10661/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ «1»، فقال: «هذه منسوخة بقوله تعالى: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ».

10662/ [3]- علي بن إبراهيم: و في رواية

أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ، يقول: «من كانت عنده امرأة كافرة يعني على غير ملة الإسلام و هو على ملة الإسلام، فليعرض عليها الإسلام، فإن قبلت فهي امرأته، و إلا فهي بريئة منه، نهى الله أن يتمسك «2» بعصمتها «3»».

قوله تعالى:

وَ سْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ- إلى قوله تعالى- وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ [10- 11] 10663/ [4]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ سْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ يعني إذا لحقت امرأة من المسلمين

__________________________________________________

1- الكافي 5: 358/ 7.

2- الكافي 5: 358/ 8.

3- تفسير القمّي 2: 363.

4- تفسير القمّي 2: 363.

(1) المائدة 5: 5.

(2) في المصدر: يمسك. [.....]

(3) في «ج»: بعصمها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 356

بالكفار، فعلى الكافر أن يرد على المسلم صداقها، فإن لم يفعل الكافر و غنم المسلمون غنيمة أخذ منها قبل القسمة صداق المرأة اللاحقة بالكفار.

و قال في قوله تعالى: وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ يقول: يلحقن بالكفار الذين «1» لا عهد بينكم و بينهم، فأصبتم غنيمة فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ قال: و كان سبب [نزول ذلك أن عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة، فكرهت الهجرة معه، و أقامت مع المشركين، فنكحها معاوية بن أبي سفيان، فأمر الله رسوله (صلى الله عليه و آله) أن يعطي عمر مثل صداقها.

10664/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن أذنية و ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل لحقت امرأته

بالكفار، و قد قال الله تعالى: وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا، ما معنى العقوبة ها هنا؟ قال: «أن يعقب الذي ذهبت امرأته على امرأة غيرها- يعني تزوجها بعقب- فإذا هو تزوج بامرأة أخرى فإن على الإمام أن يعطيه مهرها مهر امرأته الذاهبة».

قلت: فكيف صار المؤمنون يردون على زوجها بغير فعل منهم في ذهابها، و على المؤمنين أن يردوا على زوجها ما أنفق عليها مما يصيب المؤمنون؟ قال: «يرد الإمام عليه أصابوا من الكفار أو لم يصيبوا، لأن على الإمام أن يجبر «2» جماعة من تحت يده، و إن حضرت القسمة فله أن يسد كل نائبة تنوبه قبل القسمة، و إن بقي بعد ذلك شي ء يقسمه بينهم، و إن لم يبق لهم شي ء فلا شي ء عليه».

10665/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن صالح بن سعيد و غيره من أصحاب يونس، عن أصحابه، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، قال: قلت: رجل لحقت امرأته بالكفار، و قد قال الله عز و جل: وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا ما معنى العقوبة ها هنا؟ قال: «إن الذي ذهبت امرأته فعاقب على امرأة أخرى غيرها- يعني تزوجها- فإذا تزوج امرأة أخرى غيرها فعلى الإمام أن يعطيه مهر امرأته الذاهبة».

فسألته: فكيف صار المؤمنون يردون على زوجها المهر بغير فعل منهم في ذهابها، و على المؤمنين أن يردوا على زوجها ما أنفق عليها مما يصيب المؤمنون؟ قال: «يرد الإمام عليه، أصابوا من

الكفار أو لم يصيبوا، لأن على

__________________________________________________

2- التهذيب 6: 313/ 865.

3- علل الشرائع: 517/ 6.

(1) في «ج، ي»: يلحقن بالذين.

(2) في المصدر: يجيز.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 357

الإمام أن يجبر صاحبه «1» من تحت يده، و إن حضرت القسمة فله أن يسد كل نائبة تنوبه قبل القسمة، و إن بقي بعد ذلك شي ء قسمه بينهم، و إن لم يبق لهم شي ء فلا شي ء لهم».

سورة الممتحنة(60):آية 12 ..... ص : 357

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [12]

10666/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما فتح رسول الله (صلى الله عليه و آله) مكة بايع الرجال، ثم جاء النساء يبايعنه، فأنزل الله عز و جل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، فقالت: هند: أما الولد فقد ربينا صغارا و قتلتهم كبارا، و قالت أم حكيم بنت الحارث بن هشام و كانت عند عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله، ما ذلك المعروف الذي أمرنا الله به أن لا نعصيك فيه؟ فقال:

لا تلطمن خدا، و لا تخمشن وجها، و لا تنتفن شعرا،

و لا تشققن جيبا، و لا تسودن ثوبا، و لا تدعين بويل، فبايعهن رسول الله (صلى الله عليه و آله) على هذا.

فقالت: يا رسول الله، كيف نبايعك؟ فقال: إن لا أصافح النساء، فدعا بقدح من ماء فأدخل يده ثم أخرجها، فقال: ادخلن أيديكن في هذا الماء فهي البيعة».

10667/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ، قال: «المعروف أن لا يشققن جيبا، و لا يلطمن خدا، و لا يدعون ويلا، و لا يتخلفن عند قبر، و لا يسودن ثوبا، و لا ينشرن شعرا».

10668/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة الخزاعي، عن علي

__________________________________________________

1- الكافي 5: 527/ 5.

2- الكافي 5: 526/ 3.

3- الكافي 5: 527/ 4.

(1) في المصدر: ينجز حاجته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 358

ابن إسماعيل، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «تدرون ما قوله تعالى:

وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ؟» قال: قلت: لا. قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لفاطمة (عليها السلام): إذا أنا مت فلا تخمشي علي وجها، و لا ترخي «1» علي شعرا، و لا تنادي بالويل، و لا تقيمي على نائحة» قال: ثم قال: «هذا المعروف الذي أمر «2» الله عز و جل».

10669/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن أسلم الجبلي، عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، عن المفضل بن

عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف ماسح رسول الله (صلى الله عليه و آله) النساء حين بايعهن؟ قال: «دعا بمركنه «3» الذي كان يتوضأ فيه، فصب فيه ماء، ثم غمس يده اليمنى، فكلما بايع واحدة منهن قال: اغمسي يدك، فتغمس، كما غمس رسول الله (صلى الله عليه و آله) يده، فكان هذا مماسحته إياهن».

و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله.

10670/ [5]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أ تدري كيف بايع رسول الله (صلى الله عليه و آله) النساء؟» قلت: الله أعلم و ابن رسوله، قال: «جمعهن حوله ثم دعا بتور برام «4» و صب فيه نضوحا، ثم غمس يده فيه، ثم قال: اسمعن يا هؤلاء، أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا، و لا تسرقن، و لا تزنين، و لا تقتلن أولادكن، و لا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن و أرجلكن، و لا تعصين بعولتكن في معروف، أقررتن؟ قلن: نعم، فأخرج يده من التور ثم قال لهن: اغمسن أيديكن، ففعلن، فكانت يد رسول الله (صلى الله عليه و آله) الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم».

10671/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ، قال: «هو ما افترض الله عليهن من الصلاة و الزكاة، و ما أمرهن به

من خير».

10672/ [7]- الشيخ المقداد في (كنز العرفان): روي أنه (صلى الله عليه و آله) بايعهن على الصفا، و كان عمر أسفل منه، و هند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفا من أن يعرفها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «أبايعكن على أن

__________________________________________________

4- الكافي 5: 526/ 1.

5- الكافي 5: 526/ 2.

6- تفسير القمّي 2: 364.

7- كنز العرفان 1: 385.

(1) في المصدر: و لا تنثري. [.....]

(2) في المصدر: قال.

(3) المركن: الإجانة التي تغسل فيها الثياب و نحوها. «لسان العرب 13: 186».

(4) التور: هو إناء من صفر أو حجارة كالإجانة، و قد يتوضأ منه، و البرمة: القدر مطلقا، و جمعها برام، و هي في الأصل المتّخذة من الحجر المعروف بالحجاز و اليمن. «النهاية 1: 121، 199».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 359

لا تشركن بالله شيئا». فقالت هند: إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيناك أخذته على الرجال «1»! و ذلك أنه بايع الرجال يومئذ على الإسلام و الجهاد فقط، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «و لا تسرقن». فقالت هند: إن أبا سفيان رجل ممسك، و إني أصبت من ماله هنات، فلا أدري أ يحل لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من شي ء فيما مضى و فيما غبر فهو لك حلال. فضحك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عرفها، فقال لها: «و إنك لهند ابنة عتبة؟» فقالت: نعم، فاعف عما سلف يا نبي الله، عفا الله عنك.

فقال: «و لا تزنين» فقالت هند: أو تزني الحرة؟ فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه و بينها في الجاهلية، فقال (صلى الله عليه و آله): «و لا تقتلن أولادكن». فقالت هند: ربيناهم صغارا

و قتلتموهم كبارا، فأنتم و هم أعلم، و كان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتله علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى على قفاه، و تبسم النبي (صلى الله عليه و آله) و قال «2»: «و لا تأتين ببهتان تفترينه». قالت هند: و الله إن البهتان قبيح، و ما تأمرنا إلا بالرشد و مكارم الأخلاق، و لما قال: «و لا تعصينني في معروف» قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا و في أنفسنا أن نعصيك في شي ء.

10673/ [8]- و من طريق المخالفين: موفق بن أحمد في (المناقب): قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ قال: روى الزبير بن العوام قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يدعو النساء إلى البيعة حين نزلت هذه الآية، و كانت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) أول من «3» بايعت.

10674/ [9]- قال: و عن جعفر بن محمد (عليهما السلام): «أن فاطمة بنت أسد أول امرأة هاجرت إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) من مكة إلى المدينة على قدميها».

10675/ [10]- علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني في (مقاتل الطالبيين): عن جعفر بن محمد (عليهما السلام): «إن فاطمة بنت أسد أم علي (عليه السلام) كانت حادية عشرة- يعني في السابقة إلى الإسلام- و كانت بدرية».

و لما نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ كانت فاطمة أول امرأة بايعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) «4»، و دفنت بالروحاء مقابل حمام أبي قطيفة «5».

__________________________________________________

8- مناقب الخوارزمي: 196.

9- مناقب الخوارزمي: 196.

10- مقاتل الطالبيّين: 5.

(1) في «ط، ي»: تأخذ الرجال.

(2) في المصدر: و لمّا قال.

(3) في المصدر: أول

امرأة.

(4) من قوله: و لمّا نزلت، مرويّ عن الزبير بن العوام.

(5) من قوله: و دفنت، مرويّ عن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 360

سورة الممتحنة(60):آية 13 ..... ص : 360

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ [13]

10676/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: سمعت محمد بن صالح بن مسعود، قال: حدثني أبو الجارود زياد بن المنذر، عمن سمع عليا (عليه السلام): «يقول العجب كل العجب بين جمادى و رجب».

فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه؟ فقال: «ثكلتك أمك، و أي العجب أعجب من أموات يضربون كل عدو لله و لرسوله و لأهل بيته، و ذلك تأويل هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ فإذا اشتد القتل قلتم:

مات و هلك «1» و أي واد سلك، و ذلك تأويل هذه الآية: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً «2»».

10677/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ:

معطوف على قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ «3».

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 684/ 2.

2- تفسير القمّي 2: 364.

(1) في المصدر: مات أو هلك أو. [.....]

(2) الإسراء 17: 6.

(3) الممتحنة 60: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 361

سورة الصف ..... ص : 361

فضلها .... ص : 361

10678/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الصف و أدمن قراءتها في فرائضه و نوافله، صفه الله مع ملائكته و أنبيائه المرسلين إن شاء الله تعالى».

10679/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى

الله عليه و آله) إنه قال: «من قرأ هذه السورة كان عيسى (عليه السلام) مصليا عليه و مستغفرا له ما دام في الدنيا، و إن مات كان رفيقه في الآخرة. و من أدمن قراءتها في سفره حفظه الله، و كفي طوارقه حتى يرجع».

10680/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها كان عيسى (عليه السلام) يستغفر له ما دام في الدنيا، و إن مات كان رفيقه في الآخرة. و من أدمن قراءتها في سفره حفظه الله و كفاه طوارقه حتى يرجع بالسلامة».

10681/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها و أدمن قراءتها في سفره أمن من طوارقه، و كان محفوظا إلى أن يرجع إلى أهله بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 118.

2- .....

3- .....

4- خواص القرآن: 10 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 362

سورة الصف(61): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 362

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ- إلى قوله تعالى- أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ [1- 3] 10682/ [1]- علي بن إبراهيم: مخاطبة لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) الذين و عدوه أن ينصروه و لا يخالفوا أمره و لا ينقضوا عهده في أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعلم الله أنهم لا يفون بما يقولون فقال: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ الآية، و قد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم و إن لم يصدقوا.

10683/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة له، فمن أخلف فبخلف الله بدأ، و لمقته

تعرض، و ذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ».

سورة الصف(61): آية 4 ..... ص : 362

قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ [4]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 365.

2- الكافي 2: 270/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 363

10684/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبيد، و محمد بن القاسم، قالا جميعا: حدثنا الحسين ابن الحكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ، قال: نزلت في علي و حمزة و عبيدة بن الحارث (عليهم السلام) و سهل بن حنيف و الحارث بن الصمة و أبي دجانة الأنصاري (رضي الله عنهم).

10685/ [2]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن محمد، عن حجاج بن يوسف، عن بشر بن الحسين، عن الزبير ابن عدي، عن الضحاك، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، في قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و حمزة أسد الله و أسد رسوله، و عبيدة بن الحارث، و المقداد بن الأسود.

10686/ [3]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن ميسرة بن محمد، عن إبراهيم بن محمد، عن ابن فضيل، عن حسان بن عبيد الله «1»، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: كان علي (عليه السلام) إذا صف في القتال كأنه بنيان مرصوص، يتبع ما قال الله فيه، فمدحه الله، و ما قتل من المشركين،

كقتله أحد.

10687/ [4]- (تحفة الإخوان): عن محمد بن العباس بحذف الإسناد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و حمزة، و عبيدة بن الحارث، و سهل بن حنيف، و الحارث بن الصمة، و أبي دجانة الأنصاري، و المقداد بن الأسود الكندي».

10688/ [5]- و من طريق المخالفين ما رواه الحبري، عن ابن عباس: أنها نزلت في علي، و حمزة، و عبيدة بن الحارث، و سهل بن حنيف، و الحارث بن الصمة، و أبي دجانة.

10689/ [6]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر المؤمنين الذين جاهدوا و قاتلوا في سبيل الله فقال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ، قال: يصطفون كالبنيان الذي لا يزول.

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 685/ 1.

2- تأويل الآيات 2: 685/ 2.

3- تأويل الآيات 2: 686/ 3.

4- تحفة الاخوان: 95 «مخطوط».

5- تفسير الحبري: 321/ 66.

6- تفسير القمّي 2: 365. [.....]

(1) في المصدر: حسان بن عبد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 364

سورة الصف(61): الآيات 5 الي6 ..... ص : 364

قوله تعالى:

فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ- إلى قوله تعالى- يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [5- 6] 10690/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ أي شكك الله قلوبهم، ثم حكى قول عيسى بن مريم (عليه السلام) لبني إسرائيل إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ.

قال: و سأل بعض اليهود رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: لم سميت محمدا و أحمد و بشيرا و نذيرا؟ فقال:

«أما محمد فإني في الأرض محمود، و أما أحمد فإني في السماء أحمد [منه

في الأرض ، و أما البشير فأبشر من أطاع الله بالجنة، و أما النذير فأنذر من عصى الله بالنار».

10691/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال- في حديث طويل- «فلما نزلت التوراة على موسى (عليه السلام) بشر بمحمد (صلى الله عليه و آله) [و كان بين يوسف و موسى من الأنبياء عشرة «1»، و كان وصي موسى يوشع بن نون (عليه السلام)، و هو فتاه الذي ذكره الله عز و جل في كتابه، فلم تزل الأنبياء تبشر بمحمد (صلى الله عليه و آله) حتى بعث الله تبارك و تعالى المسيح عيسى بن مريم فبشر بمحمد (صلى الله عليه و آله)] و كان ذلك قوله تعالى: يَجِدُونَهُ يعني اليهود و النصارى مَكْتُوباً يعني صفة محمد و اسمه عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ «2» و هو قول الله عز و جل يخبر عن عيسى: وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ و بشر موسى و عيسى بمحمد (صلى الله عليه و آله) كما بشر الأنبياء (عليهم السلام) بعضهم ببعض حتى بلغت محمدا (صلى الله عليه و آله)».

سورة الصف(61): آية 8 ..... ص : 364

قوله تعالى:

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ [8]

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 365، و المخطوط: 129.

2- الكافي 8: 117/ 92، كمال الدين: 213/ 2.

(1) «عشرة» من كمال الدين.

(2) الأعراف 7: 157.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 365

10692/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي

الحسن الماضي (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، قال: «يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم».

قلت: وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ؟ قال: «و الله متم الإمامة لقوله عز و جل: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا «1» فالنور هو الإمام».

قلت: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ؟ قال: «هو [الذي أمر رسوله محمدا بالولاية لوصيه، و الولاية هي دين الحق».

قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ؟ قال: «يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم (عليه السلام) وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ بولاية علي» قلت: هذا تنزيل؟ قال: «نعم أما هدف الحرف فتنزيل، و أما غيره فتأويل».

10693/ [2]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد الله، عن محمد بن الحسن و موسى بن عمر، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، قال: «يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم».

قال: قلت قوله عز و جل وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ؟ قال: «يقول: و الله متم الإمامة و الإمامة هي النور، و ذلك قوله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا «2»- قال- [النور] هو الإمام».

10694/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إسماعيل بن إسحاق، عن يحيى بن هاشم، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ و الله لو تركتم هذا الأمر، ما تركه الله».

10695/ [4]- محمد بن الحسين «3»، عن محمد بن وهبان، عن أحمد بن جعفر الصولي، عن

علي بن الحسين، عن حميد بن الربيع، عن هشيم بن بشير، عن أبي إسحاق الحارث بن عبد الله الحاسدي، عن __________________________________________________

1- الكافي 1: 358/ 91، تأويل الآيات 2: 686/ 5.

2- الكافي 1: 151/ 6.

3- تأويل الآيات 2: 686/ 4.

4- تأويل الآيات 2: 687/ 6.

(1) التغابن 64: 8.

(2) التغابن 64: 8.

(3) في «ط، ي»: علي بن الحسين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 366

علي (عليه السلام) قال: «صعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنبر فقال: إن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم، ثم نظر ثانية فاختار عليا أخي و وزيري و وارثي و وصيي، و خليفتي في أمتي، و ولي كل مؤمن بعدي، من تولاه تولى الله، و من عاداه عادى الله، و من أحبه أحبه الله، و من أبغضه أبغضه الله، و الله لا يحبه إلا مؤمن، و لا يبغضه إلا كافر، و هو نور الأرض بعدي و ركنها، و هو كلمة التقوى و العروة الوثقى، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ «1». يا أيها الناس، ليبلغ مقالتي هذه شاهدكم غائبكم، اللهم إني أشهدك عليهم.

أيها الناس، و إن الله نظر ثالثة، و اختار بعدي و بعد علي بن أبي طالب أحد عشر إماما، واحدا بعد واحد، كلما هلك واحد قام واحد «2»، كمثل نجوم السماء، كلما غاب نجم طلع نجم، هداة مهديون، لا يضرهم كيد من كادهم، و خذلان من خذلهم، [هم حجة الله في أرضه، و شهداؤه على خلقه، من أطاعهم أطاع الله، و من عصاهم عصى الله، هم مع

القرآن و القرآن معهم، لا يفارقهم و لا يفارقونه حتى، يردوا علي الحوض».

سورة الصف(61): آية 9 ..... ص : 366

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [9]

10696/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل في كتابه هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، فقال: «و الله ما نزل تأويلها بعد».

قلت: جعلت فداك، و متى ينزل تأويلها، قال: «حين «3» يقوم القائم إن شاء الله تعالى، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبق كافر أو مشرك إلا كره خروجه حتى لو أن كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصخرة:

يا مؤمن، في بطني كافر أو مشرك فاقتله، فيجيئه فيقتله».

10697/ [2]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمد، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية بن ربعي، أنه سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 688/ 7.

2- تأويل الآيات 2: 689/ 8. [.....]

(1) التوبة 9: 32.

(2) في «ج» قام مثله، و في المصدر: قام مثلهم.

(3) في «ط»: حتى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 367

«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أظهر ذلك بعد؟ كلا- و الذي نفسي بيده- حتى لا تبقى قرية إلا و نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، بكرة و عشيا».

10698/ [3]- و عنه، قال: حدثنا يوسف بن

يعقوب، عن محمد بن أبي بكر المقرئ، عن نعيم بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، قال:

لا يكون ذلك حتى لا يبقى يهودي و لا نصراني و لا صاحب ملة إلا صار إلى الإسلام، حتى تأمن الشاة و الذئب و البقرة و الأسد و الإنسان و الحية، [و] حتى لا تقرض فأرة جرابا، و حتى توضع الجزية، و يكسر الصليب، و يقتل الخنزير، و هو قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ و ذلك يكون عند قيام القائم (عليه السلام).

10699/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قلت: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ؟ قال: «هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيه، و الولاية هي دين الحق».

قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ؟ قال: «يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم (عليه السلام)».

10700/ [5]- سعد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، قال: «يظهره الله عز و جل في الرجعة».

10701/ [6]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ «1»، قال: بالقائم من آل محمد (عليهم السلام) إذا خرج يظهره الله على الدين كله حتى لا يعبد غير الله، و

هو

قوله: «يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا».

سورة الصف(61): الآيات 10 الي 13 ..... ص : 367

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- إلى قوله تعالى- نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ [10- 13]

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 2: 689/ 9.

4- الكافي 1: 358/ 91.

5- مختصر بصائر الدرجات: 17.

6- تفسير القمّي 2: 365.

(1) الصّفّ 61: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 368

10702/ [1]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ: «فقالوا: لو نعلم ما هي لبذلنا فيها الأموال و الأنفس و الأولاد، فقال تعالى: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ إلى قوله تعالى:

ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَ أُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ يعني في الدنيا بفتح القائم، و أيضا فتح مكة».

10703/ [2]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله): عن رجاله، بإسناد متصل إلى النوفلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا التجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم التي دل الله عليها في كتابه، فقال: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ».

10704/ [3]- و عن الشيخ أبي جعفر الطوسي: عن عبد الواحد بن الحسن، عن محمد بن محمد الجويني، قال: قرأت على علي بن أحمد الواحدي حديثا مرفوعا إلى النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «لمبارزة علي لعمرو بن عبد ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة، و هي التجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم، يقول الله تعالى:

هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ

فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ يُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

10705/ [4]- محمد بن العباس: عن أحمد بن عبد الله الدقاق، عن أيوب بن محمد الوراق، عن الحجاج بن محمد، عن الحسن بن جعفر، عن الحسن، قال: سألت عمران بن الحصين و أبا هريرة، عن تفسير قوله تعالى:

وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ، فقالا: على الخبير سقطت، سألنا عنها رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: «قصر من لؤلؤ «1» في الجنة، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش امرأة من الحور العين، في كل قصر «2» سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام، في كل بيت سبعون وصيفا و وصيفة، قال: فيعطى

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 365.

2- .... تأويل الآيات 2: 689/ 10.

3- .... تأويل الآيات 2: 690/ 11.

4- تأويل الآيات 2: 690/ 12.

(1) في «ج، ي»: من لؤلؤة.

(2) في المصدر: بيت. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 369

المؤمن من القوة ما يأتي بها كل غداة واحدة إلى أن يأتي على ذلك كله في ساعة واحدة» «1».

سورة الصف(61): آية 14 ..... ص : 369

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ [14] 10706/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ

طائِفَةٌ، قال: التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى (عليه السلام) و صلبته، و التي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى (عليه السلام) حتى لا يقتل. فقتلت الطائفة التي قتلته «2» و صلبته، و هو قوله تعالى: فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ.

10707/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، قالا: حدثنا ابن محبوب، عن أبي يحيى كوكب الدم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن حواريي عيسى (عليه السلام) كانوا شيعته، و إن شيعتنا حواريونا و ما كان حواريو عيسى بأطوع له من حواريينا لنا، و إنما قال عيسى (عليه السلام) للحواريين: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ، فلا و الله ما نصروه من اليهود و لا قاتلوهم دونه، و شيعتنا و الله لا يزالون منذ قبض الله عز ذكره رسوله (صلى الله عليه و آله) ينصروننا، و يقاتلون دوننا، و يحرقون و يعذبون، و يشردون من «3» البلدان، جزاهم الله عنا خيرا. و قد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الله لو ضربت خيشوم محبينا بالسيف ما أبغضونا، و الله لو أدنيت مبغضينا و حثوت لهم من المال ما أحبونا».

10708/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابق، عن محمد بن عبد الملك بن زنجويه، عن عبد الرزاق، عن معمر، قال: تلا قتادة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قال: كان محمد (صلى الله عليه و آله) بحمد «4» الله قد جاءه حواريون فبايعوه و نصروه حتى أظهر الله

دينه، و الحواريون كلهم من قريش. فذكر عليا و حمزة و جعفر (عليهم السلام) و عثمان بن مظعون و آخرين.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 366، بحار الأنوار 14: 337/ 7.

2- الكافي 8: 268/ 396.

3- تأويل الآيات 2: 691/ 13.

(1) (في ساعة واحدة) ليس في المصدر.

(2) في «ج، ي»: التي قتلت شبه عيسى.

(3) في المصدر: في.

(4) في «ج»: يحمد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 371

سورة الجمعة ..... ص : 371

فضلها ..... ص : 371

10709/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الواجب على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة، أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة و سبح اسم ربك الأعلى، و في صلاة الظهر بالجمعة و المنافقين، فإذا فعل ذلك فكأنما يعمل كعمل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان جزاؤه و ثوابه على الله الجنة».

10710/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن المغيرة، عن جميل، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله أكرم بالجمعة المؤمنين، فسنها رسول الله (صلى الله عليه و آله) بشارة لهم، و المنافقين توبيخا للمنافقين، و لا ينبغي تركهما، و من تركهما «1» متعمدا فلا صلاة له».

10711/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كتب الله له عشر حسنات بعدد من اجتمع في الجمعة في جميع الأمصار، و من قرأها في كل ليلة أو نهار، أمن مما يخاف و صرف عنه كل محذور».

10712/ [4]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها كان له

أجر عظيم، و أمن مما يخاف و يحذر

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 118.

2- الكافي 3: 425/ 4.

3- ......

4- ......

(1) في المصدر: تركها، فمن تركها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 372

و صرف عنه كل محذور».

10713/ [5]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها ليلا أو نهارا في صباحه و مسائه، أمن من وسوسة الشيطان، و غفر له ما يأتي في ذلك اليوم إلى اليوم الثاني».

__________________________________________________

5- خواص القرآن: 10 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 373

سورة الجمعة(62): آية 1 ..... ص : 373

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [1] 10714/ [1]- علي بن إبراهيم: القدوس: البري ء من الآفات الموجبات للجهل.

سورة الجمعة(62): آية 2 ..... ص : 373

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [2]

10715/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 366. [.....]

2- علل الشرائع: 124/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 374

أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن جعفر بن محمد الصوفي، قال سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا (عليهما السلام)، فقلت: يا بن رسول الله، لم سمي النبي (صلى الله عليه و آله) الأمي؟ فقال: «ما يقول الناس؟» قلت:

يزعمون أنه إنما سمي الأمي لأنه لم يحسن أن يكتب. فقال (عليه السلام): «كذبوا عليهم لعنة الله، أنى ذلك و الله يقول في محكم كتابه: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ فكيف كان يعلمهم ما لم يحسن؟ و الله لقد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقرأ و يكتب باثنين- أو قال بثلاثة- و سبعين لسانا، و إنما سمي الأمي لأنه كان من أهل مكة، و مكة من أمهات القرى، و ذلك قول الله عز و جل:

لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها «1»».

و رواه محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي، عن جعفر بن محمد الصوفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه

السلام)، و ذكر الحديث «2».

10716/ [2]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان، و علي بن أسباط، و غيره، رفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: إن الناس يزعمون أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يكتب و لا يقرأ. فقال: «كذبوا لعنهم الله أنى يكون ذلك و قد قال الله عز و جل: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ؟ فكيف يعلمهم الكتاب و الحكمة، و ليس يحسن أن يقرأ و يكتب؟».

قال: قلت: فلم سمي النبي (صلى الله عليه و آله) الأمي؟ قال: «نسب إلى مكة، و ذلك قول الله عز و جل: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها «3»، و أم القرى مكة، فقيل أمي لذلك».

10717/ [3]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا معاوية بن حكيم، عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان مما من الله عز و جل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنه كان يقرأ و لا يكتب، فلما توجه أبو سفيان، إلى أحد، كتب العباس إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فجاءه الكتاب و هو في بعض حيطان المدينة، فقرأه و لم يخبر أصحابه، و أمرهم أن يدخلوا المدينة، فلما دخلوا المدينة أخبرهم».

10718/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال:

حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد و محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم،

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 125/ 2.

3- علل الشرائع: 125/ 5.

4- علل الشرائع: 126/ 6.

(1) الأنعام 6: 92.

(2) بصائر الدرجات: 245/ 1.

(3) الأنعام 6: 92.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 375

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان النبي (صلى الله عليه و آله) يقرأ «1»، و لا يكتب».

10719/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن زياد الصيقل، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان مما من الله عز و جل به على نبيه (صلى الله عليه و آله) أنه كان أميا لا يكتب، و يقرأ الكتاب».

10720/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن عبيد بن كثير، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن علي (عليه السلام)، قال: «نحن الذين بعث الله فينا رسولا يتلو علينا آياته و يزكينا و يعلمنا الكتاب و الحكمة».

10721/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ، قال: «كانوا يكتبون، و لكن لم يكن معهم كتاب من عند الله، و لا يبعث إليهم رسولا فنسبهم إلى الأمية».

10722/ [8]- محمد بن الحسن الصفار: عن الحسين بن علي، عن أحمد بن هلال، عن

خلف بن حماد، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن النبي (صلى الله عليه و آله) كان يقرأ و يكتب، و يقرأ ما لم يكتب».

سورة الجمعة(62): آية 3 ..... ص : 375

قوله تعالى:

وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ [3] 10723/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ، قال: دخلوا في الإسلام بعدهم «2».

__________________________________________________

5- علل الشرائع: 126/ 7.

6- تأويل الآيات 2: 2: 692/ 1.

7- تفسير القمّي 2: 366.

8- بصائر الدرجات: 247/ 5.

1- تفسير القمّي 2: 366.

(1) في المصدر: يقرأ الكتاب.

(2) (بعدهم) ليس في «ج، ي». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 376

سورة الجمعة(62): آية 4 ..... ص : 376

قوله تعالى:

ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [4]

10724/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن المستورد النخعي، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن من الملائكة الذين في سماء الدنيا «1» ليطلعون إلى الواحد و الاثنين و الثلاثة و هم يذكرون فضل آل محمد (عليهم السلام)، فيقولون: أما ترون هؤلاء في قلتهم و كثرة عدوهم يصفون فضل آل محمد؟ فتقول الطائفة الأخرى: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ».

10725/ [2]- عن وائل، عن نافع، عن أم سلمة أم المؤمنين (رضي الله عنها)، قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «ما من قوم اجتمعوا يذكرون فضل محمد و علي بن أبي طالب و أهل بيته إلا و هبطت الملائكة من السماء يحفون بهم، فإذا تفرقوا عرجت الملائكة إلى السماء، فيقول الملائكة: إنا نشم منكم رائحة ما شممناها، و لا رائحة أطيب منها، فيقولون: إنا كنا قعودا عند قوم يذكرون فضل محمد و آل محمد فعبق بنا من ريحهم، فيقولون: اهبطوا بنا إلى المكان الذي كانوا فيه فيقولون: إنهم تفرقوا».

سورة الجمعة(62): الآيات 5 الي 6 ..... ص : 376

قوله تعالى:

مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ- إلى قوله تعالى- إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [5- 6] 10726/ [3]- علي بن إبراهيم: ثم ضرب مثلا في بني إسرائيل، فقال: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً قال: الحمار يحمل الكتب و لا يعلم ما فيها و لا يعمل [بها] كذلك بنو إسرائيل قد حملوا مثل الحمار لا يعلمون ما فيه و لا يعلمون به. قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا

إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، قال: في التوراة مكتوب: أولياء الله يتمنون الموت.

10727/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله ابن يحيى الكاهلي، عن محمد بن مالك، عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: حدثني أبو عبد الله (عليه السلام) بحديث، فقلت له: جعلت فداك، زعمت لي الساعة كذا و كذا؟ فقال: «لا»، فعظم ذلك علي، فقلت: بلى و الله

__________________________________________________

1- الكافي 2: 149/ 4.

2- .... ينابيع المودة: 246، بحار الأنوار 38: 199/ 7 عن روضة ابن شاذان.

3- تفسير القمّي 2: 366.

4- الكافي 2: 256/ 20.

(1) في المصدر: في السماء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 377

زعمت. فقال: «لا و الله ما زعمت». قال: فعظم ذلك علي، فقلت: و الله قد قلته. قال: «نعم، قد قلته، أما علمت أن كل زعم في القرآن كذب؟».

سورة الجمعة(62): آية 8 ..... ص : 377

قوله تعالى:

قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ- إلى قوله تعالى- فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [8] 10728/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ،

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أيها الناس، كل امرئ ملاق في فراره ما منه يفر، و الأجل مساق النفس إليه، و الهرب منه مؤاتاته «1».

10729/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن محمد الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ- إلى قوله- تَعْمَلُونَ- قال- تعد السنين، ثم تعد الشهور، ثم تعد الأيام، ثم تعد الساعات، ثم تعد النفس فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ «2»».

و رواه عبد

الله بن جعفر الحميري، عن الصادق (عليه السلام) «3».

سورة الجمعة(62): الآيات 9 الي 11 ..... ص : 377

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [9- 11]

10730/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 366.

2- الكافي 3: 262/ 44.

3- الكافي 3: 415/ 10.

(1) في «ط» و المصدر: موافاته.

(2) الأعراف 7: 34.

(3) قرب الإسناد: 20.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 378

محمد، عن المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت [له : قول الله تعالى:

فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ؟ قال: «اعملوا و عجلوا، فإنه يوم مضيق على المسلمين فيه، و ثواب أعمال المسلمين فيه على قدر ما ضيق عليهم، و الحسنة و السيئة تضاعف فيه».

قال: و قال أبو عبد الله «1» (عليه السلام): «و الله لقد بلغني أن أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله) كانوا يتجهزون للجمعة يوم الخميس لأنه يوم مضيق على المسلمين».

10731/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب إبراهيم بن عيسى «2» الخزاز، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قال: «الصلاة يوم الجمعة، و الانتشار يوم السبت».

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أف للرجل المسلم أن لا يفرغ نفسه في الأسبوع يوم الجمعة لأمر دينه فيسأل عنه».

و رواه أيضا

في (الفقيه) بإسناده، عن أبي أيوب، عن أبي عبد الله (عليهما السلام)، مثله «3».

10732/ [3]- و عنه: بإسناده عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «السبت لنا، و الأحد لشيعتنا، و الاثنين لبني امية، و الثلاثاء لشيعتهم، و الأربعاء لبني العباس، و الخميس لشيعتهم، و الجمعة لسائر الناس جميعا، و ليس فيه سفر «4»، قال الله تعالى: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ يعني يوم السبت».

10733/ [4]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، و أبي أيوب الخزاز، قالا: سألنا أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ؟ قال: «الصلاة يوم الجمعة، و الانتشار يوم السبت- و قال:- السبت لنا، و الأحد لبني أمية».

10734/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ، يقول: اسعوا [أي امضوا، و يقول: اسعوا أي اعملوا لها، و هو قص الشارب، و نتف الإبطين، و تقليم الأظفار، و الغسل، و لبس أنظف

__________________________________________________

2- الخصال: 393/ 96.

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 42/ 146.

4- المحاسن: 346/ 8. [.....]

5- تفسير القمّي 2: 367.

(1) في المصدر: أبو جعفر.

(2) في المصدر: أبي أيوب إبراهيم بن عثمان.

(3) من لا يحضره الفقيه 2: 273/ 1252.

(4) في «ط»: سعة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 379

الثياب «1»، و تطيب للجمعة، فهو السعي لقول الله: وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعى لَها سَعْيَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ

«2»».

10735/ [6]- الطبرسي، في قوله تعالى: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، قال: قرأ عبد الله بن مسعود: «فامضوا إلى ذكر الله» قال: و روي ذلك عن علي (عليه السلام)، و قال: و هو المروي، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

10736/ [7]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن موسى، عن العباس بن معروف، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال له رجل:

كيف سميت الجمعة جمعة؟ قال: «إن الله عز و جل جمع فيها خلقه لولاية محمد و وصيه في الميثاق، فسماه يوم الجمعة لجمعه فيه خلقه».

10737/ [8]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان، عن القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام): لم سميت الجمعة جمعة؟ قال: «لأن الله تعالى جمع فيها خلقه لولاية محمد و أهل بيته (عليهم السلام)».

10738/ [9]- المفيد في (الاختصاص)، قال: روي عن جابر الجعفي، قال: كنت ليلة من بعض الليالي عند أبي جعفر (عليه السلام) فقرأت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، قال: فقال (عليه السلام): «مه يا جابر، كيف قرأت؟» قلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، قال: «هذا تحريف، يا جابر».

قال: قلت: فكيف أقرأ، جعلني الله فداك؟ قال: فقال: «يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلوة من يوم

الجمعة فامضوا إلى ذكر الله» هكذا نزلت يا جابر [لو كان سعيا لكان عدوا، لما كرهه رسول الله (صلى الله عليه و آله)] لقد كان يكره أن يعدو الرجل إلى الصلاة.

يا جابر، لم سميت الجمعة يوم الجمعة؟» قال: قلت: تخبرني، جعلني الله فداك. قال: «أ فلا أخبرك بتأويله الأعظم؟» قال: قلت: بلى، جعلني الله فداك، قال: فقال: «يا جابر، سمى الله الجمعة جمعة لأن الله عز و جل جمع في ذلك اليوم الأولين و الآخرين، و جميع ما خلق الله من الجن و الإنس، و كل شي ء خلق ربنا و السماوات و الأرضين و البحار، و الجنة و النار، و كل شي ء خلقه الله في الميثاق، فأخذ الميثاق منهم له بالربوبية، و لمحمد (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، و لعلي (عليه السلام) بالولاية، و في ذلك اليوم قال الله للسماوات و الأرض

__________________________________________________

6- مجمع البيان 10: 434.

7- الكافي 3: 415/ 7.

8- الامالي 2: 299.

9- الاختصاص: 128.

(1) في المصدر: أفضل ثيابك.

(2) الإسراء 17: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 380

ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ «1».

فسمى الله ذلك اليوم الجمعة لجمعه فيه الأولين و الآخرين، ثم قال عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ من يومكم هذا الذي جمعكم فيه، و الصلاة أمير المؤمنين (عليه السلام) يعني بالصلاة الولاية، و هي الولاية الكبرى، ففي ذلك اليوم أتت الرسل و الأنبياء، و الملائكة و كل شي ء خلق الله، و الثقلان الجن و الإنس، و السماوات و الأرضون، و المؤمنون بالتلبية لله عز و جل: (فامضوا إلى ذكر الله) و ذكر الله:

خَيْرٌ لَكُمْ من بيعة الأول و ولايته إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ يعني بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ يعني بالأرض الأوصياء، أمر الله بطاعتهم و ولايتهم كما أمر بطاعة الرسول و طاعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، كنى الله في ذلك عن أسمائهم فسماهم بالأرض (و ابتغوا فضل الله)». قال جابر: وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ! قال: «تحريف، هكذا أنزلت: و ابتغوا فضل الله على الأوصياء وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

ثم خاطب الله عز و جل في ذلك الموقف محمدا (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد وَ إِذا رَأَوْا الشكاك و الجاحدون تِجارَةً يعني الأول أَوْ لَهْواً يعني الثاني (انصرفوا إليها)». قال: قلت: انْفَضُّوا إِلَيْها! قال:

«تحريف، هكذا نزلت وَ تَرَكُوكَ مع علي قائِماً قُلْ يا محمد ما عِنْدَ اللَّهِ من ولاية علي و الأوصياء خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ يعني بيعة الأول و الثاني (للذين اتقوا)، قال: قلت: ليس فيها (للذين اتقوا)؟ قال:

فقال: «بلى، هكذا نزلت الآية، و أنتم هم الذين اتقوا وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ».

10739/ [10]- محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمد، عن عبد الغفار بن محمد، عن قيس بن الربيع، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: ورد المدينة عير فيها تجارة من الشام، فضرب أهل المدينة بالدفوف، و فرحوا و ضحكوا «2»، و دخلت و النبي (صلى الله عليه و آله) يخطب يوم الجمعة، فخرج الناس من المسجد و تركوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) قائما، و لم يبق معه في المسجد إلا اثنا عشر رجلا، علي بن أبي طالب (عليه السلام) منهم.

10740/ [11]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن

القاسم، عن أحمد بن محمد بن سيار، عن محمد بن خالد، عن الحسن بن سيف بن عميرة، عن عبد الكريم بن عمرو، عن جعفر الأحمر بن سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [في قوله تعالى : وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً؟ «قال: «انفضوا عنه إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأنزل الله عز و جل: قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ».

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 2: 2: 693/ 3.

11- تأويل الآيات 2: 693/ 4.

(1) فصلت 41: 11. [.....]

(2) في المصدر: و ضجوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 381

10741/ [12]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً قال:

كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يصلي بالناس يوم الجمعة، و دخلت ميرة و بين يديها قوم يضربون بالدفوف و الملاهي، فترك الناس الصلاة و مروا ينظرون إليهم، فأنزل الله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.

10742/ [13]- و قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير: أنه سئل عن الجمعة، كيف يخطب الإمام؟ قال: يخطب قائما، إن الله يقول: وَ تَرَكُوكَ قائِماً.

10743/ [14]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلاũ، قال: «نزلت (و إذا رأوا تجارة أو

لهوا انصرفوا إليها و تركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو و من التجارة) يعني للذين اتقوا وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ».

10744/ [15]- ابن شهر آشوب: عن تفسير مجاهد، و أبي يوسف يعقوب بن سفيان، قال ابن عباس في قوله تعالى: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً: إن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجار الزيت، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه، فنفر «1» الناس إليه إلا علي و الحسن و الحسين و فاطمة (عليهم السلام) و سلمان و أبو ذر و المقداد و صهيب، و تركوا النبي (صلى الله عليه و آله) قائما يخطب على المنبر، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «لقد نظر الله يوم الجمعة إلى مسجدي، فلولا هؤلاء الثمانية «2» الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت «3» المدينة على أهلها نارا، و حصبوا بالحجارة كقوم لوط، و نزل فيهم: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ «4» الآية».

10745/ [16]- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في معنى انْفَضُّوا إِلَيْها، قال: «انصرفوا إليها».

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 2: 367.

13- تفسير القمّي 2: 367.

14- تفسير القمّي 2: 367.

15- المناقب 2: 146.

16- مجمع البيان 10: 436.

(1) في المصدر: فانفض.

(2) في «ط»، نسخة بدل و المصدر: الفئة.

(3) في «ط»: نسخة بدل و المصدر: لانضرمت.

(4) النور 24: 37.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 383

سورة المنافقون ..... ص : 383

فضلها ..... ص : 383

10746/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الواجب على كل مؤمن- إذا كان لنا شيعة- أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة و سبح اسم ربك الأعلى، و في صلاة الظهر بالجمعة و المنافقين،

فإذا فعل ذلك فكأنما يعمل كعمل «1» رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان جزاؤه و ثوابه على الله الجنة».

10747/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة برى ء من النفاق و الشك في الدين، و إن قرئت على الدماميل أزالتها، و إن قرئت على الأوجاع الباطنة سكنتها».

10748/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأ هذه السورة برى ء من الشرك و النفاق في الدين، و إن قرئت على عليل أو على وجيع شفاه الله تعالى».

10749/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها على الأرمد خفف الله عنه و أزاله، و من قرأها على الأوجاع الباطنة سكنتها، و تزول بقدرة الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 118.

2- ......

3- ......

4- خواص القرآن: 10 «مخطوط». [.....]

(1) في «ط»: بعمل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 384

سورة المنافقون(63): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 384

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [1- 3]

10750/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)- في حديث- قال: قلت: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا؟ قال: «إن الله تبارك و تعالى سمى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيه منافقين، و جعل من جحد وصيه «1» و إمامته كمن جحد محمدا و أنزل بذلك قرآنا، فقال: يا محمد إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ بولاية وصيك قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ بولاية علي لَكاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً

فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ و السبيل هو الوصي إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا برسالتك و كَفَرُوا بولاية وصيك فَطُبِعَ الله «2» عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ».

قلت: ما معنى لا يفقهون؟ قال: «يقول: لا يعقلون بنبوتك». [قلت : وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قال: «و إذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية علي، يستغفر لكم النبي من ذنوبكم لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ قال الله

__________________________________________________

1- الكافي 1: 358/ 91.

(1) في المصدر: وصيته.

(2) (اللّه) ليس في «ج، ي».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 385

وَ رَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ عن ولاية علي وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ عليه، ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم فقال:

سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «1» يقول:

الظالمين لوصيك».

10751/ [2]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال له طاوس اليماني: أخبرني عن قوم شهدوا شهادة الحق و كانوا كاذبين؟ قال: «المنافقون حين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ فأنزل الله عز و جل إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ».

10752/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في غزاة المريسيع «2»، و هي غزاة بني المصطلق في سنة خمس من الهجرة، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) خرج إليها، فلما رجع منها نزل على بئر، و كان الماء قليلا فيها، و كان أنس بن سيار حليف الأنصار، و كان جهجاه بن سعيد الغفاري أجيرا لعمر بن الخطاب، فاجتمعوا على البئر، فتعلق دلو [ابن

سيار بدلو جهجاه، فقال [ابن سيار: دلوي و قال: جهجاه دلوي، فضرب جهجاه يده «3» على وجه [ابن سيار، فسال منه الدم، فنادى [ابن سيار بالخزرج، و نادى جهجاه بقريش، و أخذ الناس السلاح، و كاد أن تقع الفتنة، فسمع عبد الله بن أبي النداء، فقال: ما هذا؟ فأخبروه بالخبر، فغضب غضبا شديدا، ثم قال: قد كنت كارها لهذا المسير، إني لأذل العرب، ما ظننت أني أبقى إلى أن أسمع مثل هذا فلا يكون عند تغيير «4».

ثم أقبل على أصحابه، فقال: هذا عملكم، أنزلتموهم منازلكم، و واسيتموهم بأموالكم، و وقيتموهم بأنفسكم، و أبرزتم نحوركم إلى القتل، فأرمل نساؤكم و أيتم صبيانكم، و لو أخرجتموهم لكانوا عيالا على غيركم، ثم قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، و كان في القوم زيد بن أرقم، و كان غلاما قد راهق، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) في ظل شجرة، في وقت الهاجرة «5»، و عنده قوم من أصحابه من المهاجرين و الأنصار، فجاء زيد فأخبره بما قال عبد الله بن أبي، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لعلك وهمت يا غلام؟» فقال: لا و الله ما وهمت، فقال: «فلعلك غضبت عليه؟» قال: لا و الله ما غضبت عليه، قال: «فلعله سفه عليك؟» فقال: لا و الله.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لشقران مولاه: «أحدج «6»» فأحدج راحلته و ركب، و تسامع الناس بذلك،

__________________________________________________

2- الإحتجاج: 329.

3- تفسير القمّي 2: 368.

(1) المنافقون 63: 5، 6.

(2) المريسيع: ماء من ناحية قديد إلى الساحل به غزوة النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) إلى بني المصطلق من خزاعة. «مراصد الاطلاع

3: 1263».

(3) (يده) ليس في «ج، ي».

(4) في «ط»: تعيير.

(5) أي نصف النهار عند اشتداد الحرّ. «لسان العرب 5: 254».

(6) يقال: أحدج بعيرك أي شدّ عليه قتبه بأداته. «لسان العرب 2: 231».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 386

فقالوا: ما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليرحل في مثل هذا الوقت، فرحل الناس و لحقه سعد بن عبادة، فقال: السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته، فقال: «و عليك السلام». فقال: ما كنت لترحل في مثل هذا الوقت؟ فقال:

«أو ما سمعت قولا قاله صاحبكم؟» قال: و أي صاحب لنا غيرك يا رسول الله؟ قال: «عبد الله بن أبي، زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل» فقال: يا رسول الله، أنت و أصحابك الأعز، و هو و أصحابه الأذل.

فسار رسول الله (صلى الله عليه و آله) يومه كله لا يكلمه أحد، فأقبلت الخزرج على عبد الله بن أبي يعذلونه، فحلف عبد الله بن أبي أنه لم يقل شيئا من ذلك، فقالوا: فقم بنا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى نعتذر «1» إليه، فلوى عنقه، فلما جن الليل سار رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليله كله و النهار، فلم ينزلوا إلا للصلاة، فلما كان من الغد نزل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و نزل أصحابه، و قد أمهدهم الأرض من السهر الذي أصابهم، فجاء عبد الله بن أبي إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فحلف عبد الله أنه لم يقل ذلك، و أنه ليشهد أن لا إله إلا الله و أنك لرسول الله، و أن زيدا قد كذب علي، فقبل رسول

الله (صلى الله عليه و آله) منه، و أقبلت الخزرج على زيد بن أرقم يشتمونه و يقولون له: كذبت على عبد الله سيدنا.

فلما رحل رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان زيد معه يقول: اللهم إنك لتعلم أني لم أكذب على عبد الله بن أبي، فما سار «2» إلا قليلا حتى أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما كان يأخذه من البرحاء «3» عند نزول الوحي عليه، فثقل حتى كادت ناقته أن تبرك من ثقل الوحي، فسري عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو يسكب العرق عن وجهه «4»، ثم أخذ بإذن زيد بن أرقم، فرفعه من الرحل، ثم قال: «يا غلام، صدق قولك، و وعى قلبك، و أنزل الله فيما قلت قرآنا».

فلما نزل، جمع أصحابه و قرأ عليهم سورة المنافقين: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ إلى قوله تعالى: وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ «5» ففضح الله عبد الله بن أبي.

10753/ [4]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت، قال: حدثنا أحمد بن ميثم، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبان بن عثمان، قال: سار رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما و ليلة و من الغد حتى ارتفع الضحى، فنزل و نزل الناس، فرموا بأنفسهم نياما، و إنما أراد رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يكف الناس عن الكلام، قال: و إن ولد عبد الله بن أبي أتى رسول

الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، إن كنت عزمت على قتله

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 370.

(1) في «ج»: تعتذر. [.....]

(2) في «ج، ي»: ساروا.

(3) أي الشّدّة و المشقّة: «لسان العرب 2: 410».

(4) في المصدر: جبهته.

(5) المنافقون 63: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 387

فمرني أكون أنا الذي أحمل إليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج و الأوس أني أبرهم ولدا بوالدي، فإني أخاف أن تأمر غيري فيقتله «1»، فلا تطيب نفسي أن أنظر إلى قاتل أبي فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بل نحسن صحبته ما دام معنا».

سورة المنافقون(63): الآيات 4 الي 5 ..... ص : 387

قوله تعالى:

كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ- إلى قوله تعالى- لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ [4- 5]

10754/ [1]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يقول: «لا يسمعون و لا يعقلون، قوله: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ يعني كل صوت هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ فلما نعتهم الله لرسوله و عرفه مساءتهم إليه «2» و إلى عشائرهم فقالوا لهم: قد افتضحتم ويلكم فأتوا نبي الله يستغفر لكم فلووا رؤوسهم و زهدوا في الاستغفار، يقول الله: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ».

سورة المنافقون(63): آية 6 ..... ص : 387

قوله تعالى:

سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ [6]

10755/ [2]- العياشي: عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «إن الله تعالى قال لمحمد (صلى الله عليه و آله): إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ «3» فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم فأنزل الله: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، و قال: وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ «4» فلم يستغفر لهم بعد ذلك، و لم يقم على قبر أحد منهم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 370.

2- تفسير العيّاشي 2: 100/ 92.

(1) في «ج، ي»: بقتله.

(2) في المصدر: إليهم.

(3) التوبة 9: 80.

(4) التوبة 9: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 388

سورة المنافقون(63): آية 8 ..... ص : 388

قوله تعالى:

وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ [8]

10756/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي الحسن الأحمسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل فوض إلى المؤمن أموره كلها، و لم يفوض إليه أن يكون ذليلا، أما تسمع قول الله عز و جل يقول: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ، فلمؤمن يكون عزيزا و لا يكون ذليلا».

ثم قال: «إن المؤمن أعز من الجبل، أن الجبل يستقل منه بالمعاول، و المؤمن لا يستقل من دينه شي ء».

10757/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: قال أبو

عبد الله (عليه السلام): «إن الله عز و جل فوض إلى المؤمن أموره كلها، و لم يفوض إليه أن يذل نفسه، ألم تسمع لقول الله عز و جل: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ، فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزا و لا يكون ذليلا، يعزه الله بالإيمان و الإسلام».

10758/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى فوض إلى المؤمن كل شي ء إلا إذلال نفسه».

10759/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرقي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه». قيل له: و كيف يذل نفسه؟ قال:

«يتعرض لما لا يطيق».

10760/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه»، قلت: بماذا يذل نفسه؟ قال:

«يدخل فيما لا يقدر عليه «1»».

10761/ [6]- و عنه: عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس، عن سعدان، عن سماعة، عن

__________________________________________________

1- الكافي 5: 63/ 1.

2- الكافي 5: 63/ 2.

3- الكافي 5: 63/ 3.

4- الكافي 5: 63/ 4. [.....]

5- الكافي 5: 64/ 5.

6- الكافي 5: 64/ 6.

(1) في المصدر: فيما يتعذّر منه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 389

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل فوض إلى المؤمن أموره كلها، و لم يفوض إليه أن

يذل نفسه، ألم تر قول الله عز و جل ها هنا: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ؟ و المؤمن ينبغي له أن يكون عزيزا و لا يكون ذليلا».

10762/ [7]- محمد بن العباس: عن أبي الأزهر، عن الزبير بن بكار، عن بعض أصحابه، قال: قال رجل للحسن (عليه السلام): إن فيك كبرا، فقال: «كلا، الكبر لله وحده، و لكن في عزة، قال الله عز و جل: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ».

10763/ [8]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): قيل للحسن بن علي (عليهما السلام): فيك عظمة، قال: «لا، بل في عزة، قال الله سبحانه و تعالى: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ».

سورة المنافقون(63): الآيات 10 الي 11 ..... ص : 389

قوله تعالى:

وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ- إلى قوله تعالى- وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [10- 11] 10764/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ يعني بقوله: فَأَصَّدَّقَ أي أحج وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ يعني عند الموت، فرد الله عليه فقال: وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.

10765/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه): مرسلا عن الصادق (عليه السلام)، قال: سئل عن قول الله عز و جل:

فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ، قال: «فَأَصَّدَّقَ من الصدقة وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ أي أحج».

10766/ [3]- الطبرسي: عن ابن عباس، قال: ما من أحد يموت و كان له مال فلم يؤد زكاته، و أطاق فلم يحج، إلا سأل الله الرجعة عن الموت، قالوا: يا ابن عباس اتق الله، إنما نرى هذا الكافر يسأل الرجعة؟ فقال: أنا أقرأ عليكم قرآنا، ثم قرأ هذه الآية

إلى قوله تعالى: مِنَ الصَّالِحِينَ.

و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

10767/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 695/ 2.

8- ربيع الأبرار 3: 177.

1- تفسير القمّي 2: 370.

2- من لا يحضره الفقيه 2: 142/ 618.

3- مجمع البيان 10: 445.

4- تفسير القمّي 2: 370.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 390

قوله تعالى: وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها قال: «إن عند الله كتبا موقوفة «1» يقدم منها ما يشاء و يؤخر ما يشاء، فإذا كان ليلة القدر أنزل الله فيها كل شي ء يكون إلى ليلة مثلها، فذلك قوله تعالى: وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها إذا أنزله و كتبه كتاب السماوات «2»، و هو الذي لا يؤخره «3»».

__________________________________________________

(1) في المصدر: مرقومة.

(2) في «ج، ي» و كتبه كتابا في السماوات.

(3) في «ي»: يؤخّر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 391

سورة التغابن ..... ص : 391

فضلها ..... ص : 391

10768/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة التغابن في فريضة كانت شفيعة له يوم القيامة، و شاهد عدل عند من يجيز شهادتها، ثم لا تفارقه حتى يدخل «1» الجنة».

10769/ [2]- و عنه: بإسناده، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «من قرأ المسبحات «2» كلها قبل أن ينام لم يمت حتى يدرك القائم (عليه السلام)، و إن مات كان في جوار النبي (صلى الله عليه و آله)».

10770/

[3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة دفع الله عنه موت الفجأة، و من قرأها و دخل على سلطان يخاف بأسه، كفاه الله شره».

10771/ [4]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها دفع الله عنه موت الفجأة، و من قرأها و دخل على سلطان جائر يخافه، كفاه الله شره، و لم يصل إليه سوء».

10772/ [5]- و قال الصادق (عليه السلام): «من خاف من سلطان أو من أحد يدخل عليه، يقرأها، فإن الله يكفيه

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 118.

2- ثواب الأعمال: 118. [.....]

3- ......

4- ......

5- خواص القرآن: 11 «مخطوط».

(1) في «ط»: لا تفارقه حتّى تدخله، و في المصدر: لا يفارقها حتّى يدخل.

(2) في المصدر: بالمسبحات.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 392

شره بإذن الله تعالى».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 393

سورة التغابن(64): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 393

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [1- 2]

10773/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحسين ابن نعيم الصحاف، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، فقال:

«عرف الله عز و جل إيمانهم بولايتنا و كفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم (عليه السلام)، و هم ذر».

10774/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحاف، قال: سألت أبا عبد الله

(عليه السلام) عن قوله عز و جل: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، فقال: «عرف الله عز و جل إيمانهم بموالاتنا و كفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق، و هم ذر في صلب آدم (عليه السلام)».

و سألته عن قوله عز و جل: وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ «1»، قال: «أما و الله ما هلك من كان قبلكم، و ما هلك من هلك حتى يقوم قائمنا (عليه السلام) إلا في ترك ولايتنا و جحود حقنا، و ما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الدنيا حتى ألزم رقاب هذه الأمة حقنا، و الله يهدي من يشاء

__________________________________________________

1- الكافي 1: 341/ 4.

2- الكافي 1: 353/ 74.

(1) التغابن 64: 12.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 394

إلى صراط مستقيم».

10775/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: ما تقول في مناكحة الناس؟ فإني قد بلغت ما ترى «1»، و ما تزوجت قط، فقال:

«و ما يمنعك من ذلك؟» فقلت: ما يمنعني إلا أنني أخشى أن لا تحل لي مناكحتهم، فما تأمرني؟

فقال: «و كيف تصنع و أنت شاب، أتصبر؟» قلت: أتخذ الجواري. فقال: «فهات الآن، فبما تستحل الجواري؟» قلت إن الأمة ليست بمنزلة الحرة، إن رابتني بشي ء بعتها و اعتزلتها. قال: «فحدثني بما استحللتها؟» قال: فلم يكن عندي جواب. فقلت له: فما ترى، أتزوج؟ فقال: «ما أبالي أن تفعل».

قلت: أ رأيت قولك: ما أبالي أن تفعل، فإن ذلك على وجهين، تقول: لست أبالي أن تأثم من غير آن آمرك، فما تأمرني، أفعل ذلك بأمرك؟ فقال لي:

«قد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) تزوج، و قد كان من امرأة نوح و امرأة لوط ما قد كان، إنهما كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين».

فقلت: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليس في ذلك بمنزلتي، إنما هي تحت يده و هي مقرة بحكمه، مقرة بدينه.

قال: فقال لي: «ما ترى من الخيانة في قول الله عز و جل: فَخانَتاهُما «2» ما يعني بذلك إلا الفاحشة، و قد زوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلانا».

قال: قلت: أصلحك الله ما تأمرني، أنطلق فأتزوج بأمرك؟ فقال لي: «إن كنت فاعلا فعليك بالبلهاء من النساء» قلت: و ما البلهاء؟ قال: «ذوات الخدور و العفائف».

قلت: من هي على دين سالم بن أبي حفصة؟ قال: «لا» قلت: من هي على دين ربيعة الرأي؟ فقال: «لا، و لكن العواتق اللاتي لا ينصبن كفرا، و لا يعرفن ما تعرفون».

قلت: و هل تعدو أن تكون مؤمنة أو كافرة؟ فقال: «تصوم و تصلي و تتقي الله و لا تدري ما أمركم».

فقلت: قد قال الله عز و جل: الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ لا و الله لا يكون أحد من الناس ليس بمؤمن و لا كافر. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «قول الله أصدق من قولك يا زرارة، أ رأيت قول الله عز و جل:

خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ «3»؟ فلما قال: «عسى»؟ فقلت: ما هم إلا مؤمنين أو كافرين.

قال: فقال: «فما تقول في قوله عز و جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ __________________________________________________

3- الكافي 2: 295/ 2.

(1) في المصدر: ما تراه.

(2) التحريم 66: 10.

(3)

التوبة 9: 102.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 395

حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا «1» إلى الإيمان» فقلت: ما هم إلا مؤمنين أو كافرين، فقال: «و الله ما هم بمؤمنين و لا كافرين».

ثم أقبل علي، فقال: «ما تقول في أصحاب الأعراف؟» فقلت: ما هم إلا مؤمنين أو كافرين، إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون و إن دخلوا النار فهم كافرون. فقال: «و الله ما هم بمؤمنين و لا كافرين، و لو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون، و لو كانوا كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون، و لكنهم قوم استوت أعمالهم و «2» حسناتهم و سيئاتهم، فقصرت بهم الأعمال، و إنهم لكما قال الله عز و جل».

فقلت: أمن أهل الجنة هم، أم من أهل النار؟ فقال: «اتركهم حيث تركهم الله». قلت: أ فترجئهم؟ قال: «نعم، أرجئهم كما أرجأهم الله، إن شاء أدخلهم الجنة برحمته، و إن شاء ساقهم إلى النار بذنوبهم و لم يظلمهم».

فقلت: هل يدخل الجنة كافر؟ قال: «لا».

قلت: فهل يدخل النار إلا كافر؟ قال: فقال: «لا، إلا أن يشاء الله. يا زرارة، إنني أقول ما شاء الله، و أنت لا تقول ما شاء الله، أما إنك إن كبرت رجعت و تحللت عنك عقدك».

10776/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحاف، قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قوله: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، فقال: «عرف الله عز و جل إيمانهم بولايتنا و كفرهم بتركها يوم أخذ عليهم الميثاق في «3» صلب آدم (عليه السلام)».

10777/ [5]- و قال علي بن إبراهيم: هذه [الآية] خاصة في المؤمنين و الكافرين.

سورة التغابن(64): آية 6 ..... ص : 395

قوله تعالى:

ذلِكَ

بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ [6]

10778/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن حمزة بن بزيع، عن علي بن سويد السائي، قال: سألت العبد الصالح (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ، قال: «البينات هم الأئمة (عليهم السلام)».

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 371.

5- تفسير القمّي 2: 371. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 372.

(1) النساء 4: 98.

(2) (أعمالهم و) ليس في المصدر.

(3) في المصدر: الميثاق و هم في عالم الذرّ و في.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 396

سورة التغابن(64): آية 7 ..... ص : 396

قوله تعالى:

زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [7] 10779/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله سبحانه أهل الدهرية، فقال: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.

سورة التغابن(64): آية 8 ..... ص : 396

قوله تعالى:

فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [8] 10780/ [2]- علي بن إبراهيم: وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا «1» أمير المؤمنين (عليه السلام).

10781/ [3]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن مرداس، قال:

حدثنا صفوان بن يحيى، و الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي خالد الكابلي، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا.

فقال: «يا أبا خالد، النور و الله الأئمة (عليهم السلام) من آل محمد (صلى الله عليه و آله) إلى يوم القيامة، و هم و الله نور الله الذي أنزل، و هم و الله نور الله في السماوات و الأرض، و الله- يا أبا خالد- لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، و هم و الله ينورون قلوب المؤمنين و يحجب الله عز و جل نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم، و الله- يا أبا خالد- لا يحبنا عبد، و يتولانا حتى يطهر الله قلبه، و لا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا و يكون سلما لنا، فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب، و آمنه من فزع يوم القيامة الأكبر».

علي بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن الحسين،

عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي خالد الكابلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)- و ذكر مثله إلى آخره- «و آمنه من فزع يوم القيامة

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 371.

2- تفسير القمّي 2: 371.

3- الكافي 1: 150/ 1.

(1) (الذي أنزلنا) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 397

الأكبر «1»».

و رواه أيضا سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات)، عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي خالد يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفر «2» (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اęƙљϙȘљРالَّذِي أَنْزَلْنا، فقال: «يا أبا خالد، النور و الله الأئمة (عليهم السلام). يا أبا خالد، لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار- و ساقه إلى- و آمنه من الفزع الأكبر» «3» ببعض التغيير اليسير «4».

10782/ [3]- و عنه: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط و الحسن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي خالد الكابلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا، فقال: «يا أبا خالد، النور و الله الأئمة عليهم السلام. يا أبا خالد، لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، و هم الذين ينورون قلوب المؤمنين، و يحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم و يغشاهم بها».

10783/ [4]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن محمد

بن الحسن و موسى بن عمر، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، قال: «يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم».

قلت: قوله تعالى: وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ «5»، قال: «يقول: و الله متم الإمامة، و الإمامة هي النور، و ذلك قوله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا- قال- النور هو الإمام».

سورة التغابن(64): آية 9 ..... ص : 397

قوله تعالى:

يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ [9]

10784/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن

__________________________________________________

3- الكافي 1: 151/ 4.

4- الكافي 1: 151/ 6.

1- معاني الأخبار: 156/ 1.

(1) تفسير القمّي 2: 371.

(2) في المصدر: أبا عبد اللّه.

(3) في المصدر: فزع يوم القيامة الأكبر. [.....]

(4) مختصر بصائر الدرجات: 96.

(5) الصف 61: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 398

سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يوم التلاق: يوم يلتقي أهل السماء و أهل الأرض، و يوم التناد: يوم ينادي أهل النار أهل الجنة: أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ «1»، و يوم التغابن: يوم يغبن أهل الجنة أهل النار، و يوم الحسرة: يوم يؤتى بالموت فيذبح».

سورة التغابن(64): آية 11 ..... ص : 398

قوله تعالى:

وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [11] 10785/ [1]- علي بن إبراهيم: أي يصدق الله في قلبه، فإذا بين الله له و اختار الهدى يزيده الله كما قال:

وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً «2».

10786/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن القلب ليرجج «3» فيما بين الصدر و الحنجرة حتى يعقد على الإيمان، فإذا عقد على الإيمان قر، و ذلك قول الله عز و جل: وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ- قال- يسكن «4»».

سورة التغابن(64): آية 12 ..... ص : 398

قوله تعالى:

وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [12]

10787/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحسين ابن نعيم الصحاف، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله تعالى: وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ، فقال: «أما و الله ما هلك من كان قبلكم، و ما هلك من هلك حتى يقوم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 372.

2- الكافي 2: 308/ 4.

3- الكافي 1: 353/ 74.

(1) الأعراف 7: 50.

(2) محمد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 17.

(3) أي يتحرّك و يتزلزل. «مجمع البحرين 2: 303».

(4) (قال: يسكن) ليس في «ي» و المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 399

قائمنا (عليه السلام)، إلا في ترك ولايتنا و جحود حقنا، و ما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الدنيا حتى ألزم رقاب هذه الأمة حقنا، و الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم».

سورة التغابن(64): آية 14 ..... ص : 399

قوله تعالى:

إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [14]

10788/ [1]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ، «و ذلك أن الرجل إذا أراد الهجرة إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) تعلق به ابنه و امرأته، و قالوا: ننشدك الله أن تذهب عنا [و تدعنا] فنضيع بعدك، فمنهم من يطيع أهله فيقيم، فحذرهم الله أبناءهم و نساءهم، و نهاهم عن طاعتهم، و منهم من يمضي و يذرهم و يقول: أما و

الله لئن لم تهاجروا معي ثم جمع الله بيني و بينكم في دار الهجرة، لا أنفعكم بشي ء أبدا. فلما جمع الله بينه و بينهم أمره الله أن يتوق بحسن وصلة «1»، فقال تعالى: وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

سورة التغابن(64): آية 15 ..... ص : 399

قوله تعالى:

َّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

[15] 10789/ [2]- قال علي بن إبراهيم:نَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

أي حب.

سورة التغابن(64): آية 16 ..... ص : 399

قوله تعالى:

فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ- إلى قوله تعالى- فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [16] 10790/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ: ناسخة لقوله تعالى:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 372، بحار الأنوار 19: 89/ 43.

2- تفسير القمي 2: 372.

3- تفسير القمي 2: 372.

(1) في المصدر: الله أن يوفي و يحسن و يصلهم، و في البحار: الله أن يبوء بحسن و بصلة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 400

اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «1».

10791/ [2]- الطبرسي: روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، من أنها ناسخة لقوله تعالى:

اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «2».

10792/ [3]- ابن شهر آشوب: عن تفسير وكيع، حدثنا سفيان بن مرة الهمداني، عن عبد خير، قال: سألت علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن قوله تعالى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «3»، قال: «و الله ما عمل بها غير أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، نحن ذكرنا الله فلا ننساه، و نحن شكرناه فلن نكفره، و نحن أطعناه فلم نعصه، فلما نزلت هذه قالت الصحابة: لا نطيق ذلك، فأنزل الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

قال وكيع: يعني ما أطقتم، ثم قال: وَ اسْمَعُوا ما تؤمرون به وَ أَطِيعُوا يعني أطيعوا الله و رسوله و أهل بيته فيما يأمرونكم به.

10793/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ، قال: يوق شح نفسه «4»، إذا اختار النفقة في طاعة الله.

10794/ [5]- ثم قال علي بن إبراهيم: و حدثني أبي، عن الفضل بن أبي قرة، قال: رأيت أبا عبد الله (عليه

السلام) يطوف من أول الليل إلى الصباح، و هو يقول: «اللهم قني شح نفسي» فقلت: جعلت فداك، ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء! فقال: «و أي شي ء أشد من شح النفس، إن الله يقول: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

باب معنى الشح و البخل ..... ص : 400

10795/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) سمع رجلا يقول: إن الشحيح أغدر من الظالم، فقال له:

__________________________________________________

2- مجمع البيان 2: 805. [.....]

3- المناقب 2: 177.

4- تفسير القمّي 2: 372.

5- تفسير القمّي 2: 372.

1- الكافي 4: 44/ 1.

(1) آل عمران 3: 102.

(2) آل عمران 3: 102.

(3) آل عمران 3: 102.

(4) في المصدر: يوق الشح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 401

«كذبت، إن الظالم قد يتوب و يستغفر و يرد الظلامة على أهلها، و الشحيح إذا شح منع الزكاة و الصدقة و صلة الرحم و قري الضيف و النفقة في سبيل الله و أبواب البر، و حرام على الجنة أن يدخلها شحيح».

10796/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إذا لم يكن الله في عبد حاجة ابتلاه بالبخل».

10797/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لبني سلمة: يا بني سلمة، من سيدكم؟ قالوا: يا رسول الله، سيدنا رجل فيه

بخل». قال: «فقال (صلى الله عليه و آله)، و أي داء أدوى من البخل! ثم قال: بل سيدكم الأبيض الجسد البراء بن معرور».

10798/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبي الجهم، عن موسى بن بكر، عن أحمد بن سليمان، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، قال: «البخيل من بخل بما افترض الله عليه».

10799/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما محق الإسلام محق الشح شي ء، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل، و شعبا كشعب الشرك» «1».

10800/ [6]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ليس بالبخيل الذي يؤدي الزكاة المفروضة في ماله و يعطي البائنة «2» في قومه».

10801/ [7]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «تدري ما الشحيح؟» قلت: هو البخيل، قال: «الشح هو أشد من البخل، إن البخيل يبخل بما في يده، و الشحيح يشح بما في أيدي الناس و على ما في يده حتى لا يرى مما في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل و الحرام، و لا يقنع بما رزقه الله».

10802/ [8]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر

(عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ليس البخيل من أدى الزكاة المفروضة من ماله و أعطى

__________________________________________________

2- الكافي 4: 44/ 2.

3- الكافي 4: 44/ 3.

4- الكافي 4: 45/ 4.

5- الكافي 4: 45/ 5.

6- الكافي 4: 45/ 6.

7- الكافي 4: 45/ 7. [.....]

8- الكافي 4: 46/ 8.

(1) في نسخة من «ط، ج، ي» و المصدر: الشوك.

(2) أي العطية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 402

البائنة في قومه، إنما البخيل حق البخيل من لم يؤد الزكاة المفروضة من [ماله ، و لم يعط البائنة في قومه، و هو يبذر فيما سوى ذلك».

10803/ [9]- ابن بابويه: عن أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن الفضيل بن عياض، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أ تدري من الشحيح؟» فقلت: هو البخيل، قال: «الشح أشد من البخل «1»، إن البخيل يبخل بما في يديه، و إن الشحيح يشح بما في أيدي الناس و على ما في يديه حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل و الحرام، و لا يشبع و لا يقنع بما رزقه الله عز و جل».

10804/ [10]- و عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن عبد الأعلى الأرجاني، عن عبد الأعلى بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أن البخيل من كسب ماله «2» من غير حله، و أنفقه في غير حقه».

10805/ [11]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابنا

بلغ به سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن الحارث الأعور، قال: فيما سأل علي (عليه السلام) ابنه الحسن (عليه السلام) أن قال له: «ما الشح؟» قال: «الشح أن ترى ما في يديك شرفا، و ما أنفقت تلفا».

10806/ [12]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنما الشحيح من منع حق الله و أنفقه «3» في غير حق الله عز و جل».

10807/ [13]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن بندار بن المثنى التميمي الطبري، قال: حدثنا أبو نصر محمد بن الحجاج المقرئ الرقي، قال: حدثنا أحمد بن العلاء بن هلال، قال: حدثنا أبو زكريا، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن عمارة بن عزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): البخيل [حقا] من ذكرت عنده فلم يصل علي».

__________________________________________________

9- معاني الأخبار: 245/ 1.

10- معاني الأخبار: 245/ 2.

11- معاني الأخبار: 245/ 3.

12- معاني الأخبار: 246/ 6.

13- معاني الأخبار: 246/ 9.

(1) في المصدر: فقال: الشحيح أشد من البخيل.

(2) في المصدر: مالا.

(3) في المصدر: و أنفق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 403

سورة الطلاق ..... ص : 403

فضلها ..... ص : 403

10808/ [1]- ابن بابويه: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة الطلاق و التحريم في فريضة، أعاذه الله «1» أن يكون يوم القيامة ممن يخاف أو يحزن، و عوفي من

النار، و أدخله الله الجنة بتلاوته إياهما و محافظته عليهما، لأنهما للنبي (صلى الله عليه و آله)».

10809/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله توبة نصوحا، و إذا كتبت و غسلت و رش ماؤها في منزل لم يسكن فيه أبدا، و إن سكن لم يزل فيه الشر إلى حيث يجلى».

10810/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها أعطاه الله توبة نصوحا، و إذا كتبت و غسلت و رش ماؤها في منزل لم يسكن و لم ينزل فيه حتى تخرج منه».

10811/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا كتبت و رش بمائها في موضع لم يأمن من البغضاء، و إذا رش بمائها في موضع مسكون وقع القتال في ذلك الموضع و كان الفراق».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 119.

2- ........

3- ........ [.....]

4- خواص القرآن: 11 «مخطوط».

(1) زاد في المصدر: من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 404

سورة الطلاق(65): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 404

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً [1] 10812/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: المخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله) و المعنى للناس، و هو ما

قال الصادق (عليه السلام): «إن الله عز و جل بعث نبيه بإياك أعني و اسمعي يا جارة».

10813/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن ابن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه

السلام)، أنه قال: «كل طلاق لا يكون على السنة أو طلاق على العدة فليس بشي ء».

قال زرارة: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): فسر لي طلاق السنة و طلاق العدة؟ فقال: «أما طلاق السنة فإذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فلينتظر بها حتى تطمث و تطهر، فإذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع، و يشهد شاهدين على ذلك، ثم يدعها حتى تطمث طمثتين، فتنقضي عدتها بثلاث حيض، و قد بانت منه، و يكون خاطبا من الخطاب إن شاءت تزوجته، و إن شاءت لم تتزوجه، و عليه نفقتها و السكنى ما دامت في عدتها، و هما يتوارثان حتى تنقضي العدة».

قال: «و أما طلاق العدة الذي قال الله تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ فإذا أراد الرجل منكم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 373.

2- الكافي 6: 65/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 405

أن يطلق امرأته طلاق العدة، فلينتظر بها حتى تحيض و تخرج من حيضها، ثم يطلقها تطليقة من غير جماع، و يشهد شاهدين عدلين، و يراجعها من يومه ذلك إن أحب، أو بعد ذلك بأيام، قبل أن تحيض، و يشهد على رجعتها و يواقعها، و تكون معه «1» حتى تحيض، فإذا حاضت و خرجت من حيضها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع، و يشهد على ذلك، ثم يراجعها أيضا متى شاء، قبل أن تحيض، و يشهد على رجعتها و يواقعها، و تكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة، فإذا خرجت من حيضتها الثالثة طلقها التطليقة الثالثة بغير جماع، و يشهد على ذلك، فإذا فعل ذلك فقد بانت منه، و لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره».

قيل له: فإن كانت ممن لا تحيض، قال: «مثل هذه تطلق طلاق

السنة».

10814/ [3]- عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده عن صفوان، قال: سمعته- يعني أبا عبد الله (عليه السلام)- و جاء رجل فسأله، فقال: إني طلقت امرأتي ثلاثا في مجلس؟ فقال: «ليس بشي ء». ثم قال: «أما تقرأ كتاب الله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ؟ ثم قال: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً» ثم قال: «كل ما خالف كتاب الله و السنة فهو يرد إلى كتاب الله و السنة».

10815/ [4]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ: «و العدة: الطهر من الحيض وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ، و ذلك أن تدعها حتى تحيض، فإذا حاضت ثم طهرت و اغتسلت طلقها تطليقة من غير أن يجامعها، و يشهد على طلاقها إذا طلقها، ثم إن شاء راجعها، و يشهد على رجعتها إذا راجعها، فإذا أراد أن يطلقها الثانية، فإذا حاضت و طهرت و اغتسلت طلقها الثانية، و أشهد على طلاقها من غير أن يجامعها، ثم إن شاء راجعها، و أشهد على رجعتها ثم يدعها حتى تحيض ثم تطهر، فإذا اغتسلت طلقها الثالثة، و هو فيما بين ذلك قبل أن يطلق الثالثة أملك بها، و إن، شاء راجعها، غير أنه إن راجعها ثم بدا له أن يطلقها اعتدت بما طلق قبل ذلك، و هكذا السنة في الطلاق، لا يكون الطلاق إلا عند طهرها من حيضها من غير جماع كما وصفت، و كلما راجع فليشهد، فإن طلقها ثم راجعها حبسها ما بدا له، ثم إن طلقها الثانية ثم راجعها

حبسها بواحدة ما بدا له، ثم إن طلقها تلك الواحدة الباقية بعد ما كان راجعها اعتدت ثلاثة قروء، و هي ثلاث حيض، و إن لم تكن تحيض فثلاثة أشهر، و إن كان بها حمل فإذا وضعت انقضى أجلها، و هو قوله تعالى: وَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ فعدتهن أيضا ثلاثة أشهر وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ «2»».

و أما قوله تعالى: وَ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ __________________________________________________

3- قرب الإسناد: 30.

4- تفسير القمي 2: 373.

(1) في المصدر: و يكون معها.

(2) الطلاق 64: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 406

يقول: إذا ترضى المرأة فترضع الولد، و إن لم يرض الرجل أن يكون ولدها عندها، يقول: فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ «1».

10816/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن الرضا (عليه السلام)، في قوله عز و جل: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، قال: «أذاها لأهل الرجل و سوء خلقها».

10817/ [6]- و عنه: عن بعض أصحابنا، عن علي بن الحسن الميثمي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن علي بن جعفر، قال: سأل المأمون الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، قال: «يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها، فإذا فعلت، فإن شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدتها

فعل».

10818/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن شي ء من الطلاق، فقال: «إذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة، فقد بانت [منه ساعة طلقها و ملكت نفسها، و لا سبيل له عليها، و تعتد حيث شاءت و لا نفقة لها».

قال: فقلت: أليس قال الله عز و جل: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ؟ قال: فقال: «إنما عنى بذلك التي تطلق تطليقة بعد تطليقة، فهي التي لا تخرج [و لا تخرج حتى تطلق الثالثة]، فإذا طلقت الثالثة فقد بانت منه، و لا نفقة لها، و المرأة التي يطلقها الرجل تطليقة ثم يدعها حتى يخلو أجلها فهذه تعتد في بيت «2» زوجها، و لها السكنى و النفقة حتى تنقضي عدتها».

10819/ [8]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن صفوان، عن أبي هلال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [قال في التي يموت عنها زوجها: «تخرج إلى الحج و العمرة، و لا تخرج التي تطلق، لأن الله تعالى يقول: وَ لا يَخْرُجْنَ إلا أن تكون طلقت في سفر».

10820/ [9]- ابن بابويه في (الفقيه)، قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

__________________________________________________

5- الكافي 6: 97/ 1.

6- الكافي 6: 97/ 2.

7- الكافي 6: 90/ 5.

8- التهذيب 5: 401/ 1397.

9- من لا يحضره الفقيه 3: 322/ 1565.

(1) الطلاق 64: 6، 7. [.....]

(2) في المصدر: فهذه أيضا تقعد في منزل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 407

لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ،

قال: «إلا أن تزني فيقام «1» عليها الحد».

10821/ [10]- و عنه: بإسناده عن سعد بن عبد الله القمي، عن القائم (عليه السلام)، قال: قلت له: فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في أيام عدتها حل لزوجها أن يخرجها من بيته. قال: «الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنا، فإن المرأة إذا زنت و أقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوج بها لأجل الحد، فإذا سحقت وجب عليها الرجم، و الرجم خزي، و من قد أمر الله برجمه فقد أخزاه، و من أخزاه فقد أبعده، و من أبعده فليس لأحد أن يقربه».

10822/ [11]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: لا يحل لرجل أن يخرج امرأته إذا طلقها و كان له عليها رجعة من بيته، و هي أيضا لا يحل لها أن تخرج من بيتها «2» إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ و معنى الفاحشة أن تزني أو تسرق على الرجل، و من الفاحشة أيضا السلاطة على زوجها، فإن فعلت شيئا من ذلك حل له أن يخرجها.

10823/ [12]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «أحب للرجل الفقيه إذا أراد أن يطلق امرأته أن يطلقها طلاق السنة».

قال: ثم قال: «و هو الذي قال الله تعالى: لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً يعني بعد الطلاق و انقضاء العدة، التزويج بها «3» من قبل أن تزوج زوجا غيره».

قال: «و ما أعد له و أوسعه لهما جميعا أن يطلقها

على طهر من غير جماع تطليقة بشهود، ثم يدعها حتى يخلو أجلها ثلاثة أشهر، أو ثلاثة قروء، ثم يكون خاطبا من الخطاب!».

10824/ [13]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «المطلقة تكتحل و تختضب و تطيب و تلبس ما شاءت من الثياب، لأن الله عز و جل يقول: لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً لعلها أن تقع في نفسه فيراجعها».

10825/ [14]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في المطلقة: «تعتد في بيتها، و تظهر له زينتها، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا».

__________________________________________________

10- كمال الدين و تمام النعمة: 459/ 21.

11- تفسير القمّي 2: 374.

12- الكافي 6: 65/ 3.

13- الكافي 6: 92/ 14.

14- الكافي 6: 91/ 10.

(1) في المصدر: تزني فتخرج و يقام.

(2) في المصدر: بيته.

(3) في المصدر: لهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 408

قوله تعالى:

فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [2] 10826/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ يعني إذا انقضت عدتها، إما أن يراجعها، و إما أن يفارقها، يطلقها و يمتعها، على الموسع قدره، و على المقتر قدره.

قوله تعالى:

وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ [2]

10827/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها، بشهادة عدلين. فقال: «ليس هذا بطلاق».

فقلت: جعلت فداك، كيف طلاق السنة؟ فقال: «يطلقها

إذا طهرت من حيضها، قبل أن يغشاها، بشهادة «1» عدلين، كما قال الله عز و جل في كتابه، فإن خالف ذلك رد إلى كتاب الله عز و جل».

فقلت له: فإن طلق على طهر من غير جماع بشاهد و امرأتين؟ فقال: «لا تجوز شهادة النساء في الطلاق، و قد تجوز شهادتهن مع غيرهن في الدم إذا حضرته».

فقلت: إذا أشهد رجلين ناصبيين على الطلاق، أ يكون طلاقا؟ فقال: «من ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خير».

10828/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، و محمد بن علي، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 374.

2- الكافي 6: 67/ 6.

3- الكافي 7: 380/ 1.

(1) في المصدر: بشاهدين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 409

شهادة أو شهدها «1» ليهدر بها دم امرئ مسلم، أو يزوي «2» مال امرئ مسلم، أتى يوم القيامة و لوجهه ظلمة مد البصر، و في وجهه كدوح «3»، تعرفه الخلائق باسمه و نسبه، و من شهد شهادة حق ليحيي بها حق امرئ مسلم، أتى يوم القيامة و لوجهه نور مد البصر تعرفه الملائكة «4» باسمه و نسبه».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «ألا ترى أن الله تبارك و تعالى يقول: وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ؟».

قوله تعالى:

وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً [2- 3]

10829/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي

عن علي بن الحسين، عن محمد الكناسي، قال: حدثنا من رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، قال: «هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء، ليس عندهم ما يتحملون [به إلينا، فيسمعون حديثنا، و يقتبسون من علمنا، فيرحل قوم فوقهم و ينفقون أموالهم و يتبعون أبدانهم حتى يتعلموا «5» حديثنا، فينقلوه إليهم، فيعيه هؤلاء، و يضيعه هؤلاء، فأولئك الذين يجعل الله عز ذكره لهم مخرجا، و يرزقهم من حيث لا يحتسبون».

10830/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن صفوان، عن محمد بن أبي الهزهاز، عن علي بن السري، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون، و ذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه».

10831/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن غير واحد، عن علي بن أسباط، عن أحمد بن عمر الحلال، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: سألته عن قول

__________________________________________________

1- الكافي 8: 178/ 201. [.....]

2- الكافي 5: 84/ 4.

3- الكافي 2: 53/ 5.

(1) في المصدر: أو شهد بها.

(2) زويت الشي ء عن فلان، أي نحّيته. «لسان العرب 14: 364».

(3) الكدوح: آثار الخدوش، و كلّ أثر من خدش أو عضّ فهو كدح. «لسان 2: 570».

(4) في المصدر: الخلائق.

(5) في المصدر: حتّى يدخلوا علينا فيسمعوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 410

الله عز و جل: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، فقال: «التوكل على

الله درجات، منها أن تتوكل على الله في أمورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضيا، تعلم أنه لا يألوك خيرا و فضلا، و تعلم أن الحكم في ذلك له، فتوكل على الله بتفويض ذلك [إليه وثق [به فيها و في غيرها».

10832/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن يحيى ابن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا، من أعطي الدعاء أعطي الإجابة، و من أعطي الشكر أعطي الزيادة، و من أعطي التوكل أعطي الكفاية». [ثم قال: «أ تلوت كتاب الله عز و جل: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، و قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ «1»

، و قال: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «2»

؟».

10833/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن هارون بن حمزة، عن علي بن عبد العزيز، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «ما فعل عمر بن مسلم؟». فقلت: جعلت فداك، أقبل على العبادة و ترك التجارة.

فقال: «ويحه! أما [علم أن تارك الطلب لا يستجاب له، إن قوما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما نزلت وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ أغلقوا الأبواب و أقبلوا على العبادة، و قالوا: قد كفينا. فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه و آله)، فأرسل إليهم، فقال: ما حملكم على ما صنعتم؟ فقالوا: يا رسول الله، تكفل لنا بأرزاقنا، فأقبلنا على العبادة. فقال:

إنه من فعل ذلك لم يستجب له دعاؤه، عليكم بالطلب».

10834/ [6]- الحسين بن سعيد، في كتاب (التمحيص): عن علي بن سويد، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، فقال: «التوكل على الله درجات، فمنها أن تثق به في أمورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضيا، تعلم أنه لم يؤتك إلا خيرا و فضلا، و تعلم أن الحكم في ذلك له، فتوكلت على الله بتفويض ذلك إليه، و وثقت به فيها و في غيرها».

10835/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت، قال: حدثنا الحسن بن محمد، عن محمد بن زياد، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل:

وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ قال: «في دنياه».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 53/ 6.

5- الكافي 5: 84/ 5.

6- التمحيص: 62/ 140.

7- تفسير القمّي 2: 375.

(1) إبراهيم 14: 7.

(2) غافر 40: 60.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 411

سورة الطلاق(65): آية 4 ..... ص : 411

قوله تعالى:

وَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [4]

10836/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «عدة المرأة التي لا تحيض، و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، و عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء».

و سألته عن قول الله عز و جل: إِنِ ارْتَبْتُمْ، ما الريبة؟ فقال: «ما زاد

على شهر فهو ريبة، فلتعتد ثلاثة أشهر، و لتترك الحيض، و ما كان في الشهر لم تزد في الحيض عليه ثلاث حيض فعدتها ثلاث حيض».

10837/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِنِ ارْتَبْتُمْ، فقال: «ما جاز الشهر فهو ريبة».

10838/ [3]- و عنه: عن على بن ابراهيم، عن أبيه عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الحامل أجلها أن تضع حملها، و عليه نفقتها بالمعروف حتى تضع حملها».

سورة الطلاق(65): الآيات 6 الي 7 ..... ص : 411

قوله تعالى:

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَ لا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ [6- 7]

10839/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن

__________________________________________________

1- الكافي 6: 100/ 8. [.....]

2- الكافي 3: 75/ 2.

3- الكافي 6: 103/ 1.

4- الكافي 6: 103/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 412

محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا طلق الرجل المرأة و هي حبلى، أنفق عليها حتى تضع حملها، فإذا وضعته أعطاها أجرها و لا يضارها إلا أن يجد من هي أرخص أجرا منها، فإن رضيت بذلك الأجر فهي أحق بابنها حتى تفطمه».

10840/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن

ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يضار الرجل امرأته إذا طلقها فيضيق عليها حتى تنتقل قبل أن تنقضي عدتها، فإن الله عز و جل قد نهى عن ذلك، فقال: وَ لا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ».

و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله.

10841/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ، قال: «إذا أنفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة، و إلا فرق بينهما».

10842/ [4]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده، عن ربعي بن عبد الله و الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ، قال: «إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع الكسوة، و إلا فرق بينهما».

10843/ [5]

- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ «1»

، قال:

المطلقة الحامل أجلها أن تضع ما في بطنها، إن وضعت يوم طلقها زوجها فلها أن تتزوج إذا طهرت، و إن [لم تضع ما في بطنها إلى تسعة أشهر لم تتزوج «2»

إلى أن تضع.

10844/ [6]

- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ، قال: المطلقة التي لزوجها عليها رجعة، لها عليه سكنى و نفقة

ما دامت في العدة، فإن كانت حاملا ينفق عليها حتى تضع حملها.

10845/ [7]- محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن سماعة، عن الحسين بن هاشم، و محمد

__________________________________________________

2- الكافي 6: 123/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 375.

4- من لا يحضره الفقيه 3: 279/ 1331.

5- تفسير القمّي 2: 374.

6- تفسير القمّي 2: 374.

7- الكافي 6: 82/ 9.

(1) الطلاق 65: 4.

(2) في المصدر: تبرأ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 413

ابن زياد، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سألته عن الحلبي إذا طلقها زوجها فوضعت سقطا، تم أو لم يتم، أو وضعته مضغة؟ قال: «كل شي ء وضعته يستبين أنه حمل تم أو لم يتم، فقد انقضت عدتها «1»

».

10846/ [8]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن جعفر بن سماعة، عن علي بن عمران السقا «2»، عن ربعي بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل طلق امرأته و هي حبلى، و كان في بطنها اثنان، فوضعت واحدا و بقي واحد. فقال: «تبين بالأول، و لا تحل للأزواج حتى تضع ما في بطنها».

و قد تقدم حديث زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في أول السورة: «النفقة و السكنى في الطلاق الرجعي على الزوج في العدة «3»

».

سورة الطلاق(65): الآيات 8 الي 11 ..... ص : 413

قوله تعالى:

وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ- إلى قوله تعالى- آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ [8- 11]

10847/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ قال: أهل قرية عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً.

قوله تعالى: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا قال: ذكر: اسم رسول الله (صلى الله

عليه و آله). قالوا: نحن أهل الذكر.

10848/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، و جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضا (عليه السلام)، قال في حديث مجلس المأمون، قال: «الذكر: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن أهله، و ذلك بين في كتاب الله عز و جل حيث يقول في سورة الطلاق: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ». قال: «فالذكر: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نحن أهله».

__________________________________________________

8- الكافي 6: 82/ 10.

1- تفسير القمّي 2: 375.

2- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 239/ 1. [.....]

(1) زاد في المصدر: و إن كانت مضغة.

(2) في المصدر: الشفا.

(3) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (1) من هذه السورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 414

و قد تقدم من ذلك في قوله تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ من سورة النحل «1»

.10849/ [3]

- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس، في قوله تعالى: ذِكْراً رَسُولًا النبي ذكره «2»

من الله، و علي ذكر من محمد (صلى الله عليه و آله)، كما قال الله: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ «3»

سورة الطلاق(65): آية 12 ..... ص : 414

قوله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ- إلى قوله تعالى- قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْماً [12] 10850/ [1]

- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ دليل على أن تحت كل سماء أرضا يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ

اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْماً.

10851/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ «4»

. فقال: هي «محبوكة إلى الأرض»، و شبك بين أصابعه.

فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض، و الله يقول: رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها «5»

؟ فقال:

«سبحان الله! أليس الله يقول: بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها؟». قلت: بلى. فقال: «ثم عمد و لكن لا ترونها».

قلت: كيف ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: فبسط كفه اليسرى، ثم وضع اليمنى عليها، فقال: «هذه أرض الدنيا، و السماء الدنيا «6» فوقها قبة، و الأرض الثانية فوق السماء الدنيا، و السماء الثانية فوقها قبة، و الأرض الثالثة فوق السماء الثانية، و السماء الثالثة فوقها قبة، و الأرض الرابعة فوق السماء الثالثة، و السماء الرابعة فوقها قبة، و الأرض الخامسة فوق السماء الرابعة، و السماء الخامسة فوقها قبة، و الأرض السادسة، فوق السماء الخامسة،

__________________________________________________

3- المناقب 3: 97.

1- تفسير القمّي 2: 375.

2- تفسير القمّي 2: 328.

(1) تقدّم في تفسير الآيتين (43، 44) من سورة النحل.

(2) في المصدر: ذكر.

(3) الزخرف 43: 44.

(4) الذاريات 51: 7.

(5) الرعد 13: 2.

(6) زاد في النسخ و المصدر: عليها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 415

و السماء السادسة فوقها قبة، و الأرض السابعة فوق السماء السادسة، و السماء السابعة فوقها قبة، و عرش الرحمن تبارك و تعالى فوق السماء السابعة، و هو قول الله عز و جل: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طباقا وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ فأما صاحب الأمر فرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الوصي بعد رسول الله (صلى الله

عليه و آله) قائم على وجه الأرض، فإنما يتنزل الأمر إليه من فوق السماء من بين السماوات و الأرضين».

قلت: فما تحتنا إلا أرض واحدة؟ فقال: «ما تحتنا إلا أرض واحدة، و إن الست لهن فوقنا».

الطبرسي، قال: روى العياشي بإسناده، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، و ذكر الحديث في صفة السماوات و الأرضين نحو ما ذكرناه من رواية علي بن إبراهيم «1».

10852/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري بإيلاق، قال:

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي محمد بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن الحسين، قال: حدثنا أبي الحسين ابن علي (عليهم السلام)، قال: «كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) [بالكوفة] في الجامع، إذ قام إليه رجل من أهل الشام، فقال: يا أمير المؤمنين، إني أسألك عن أشياء. فقال: سل تفقها و لا تسأل تعنتا، فأحدق الناس بأبصارهم، فقال:

أخبرني عن أول ما خلق الله تعالى؟ قال: خلق النور.

قال: فمم خلقت السماوات؟ قال (عليه السلام): من بخار الماء. قال: فمم خلقت الأرض؟ قال (عليه السلام): من زبد الماء. قال: فمم خلقت الجبال؟ قال (عليه السلام): من الأمواج. قال: فلم سميت مكة أم القرى؟ قال (عليه السلام): لأن الأرض دحيت من تحتها.

و سأله عن سماء الدنيا، فمم هي؟ قال (عليه السلام): من موج مكفوف. و سأله عن طول الشمس و

القمر و عرضهما؟ فقال (عليه السلام): تسع مائة فرسخ في تسع مائة فرسخ. و سأله كم طول الكوكب و عرضه؟ قال: اثنا عشر فرسخا في اثني عشر فرسخا.

و سأله عن ألوان السماوات السبع و أسمائها. فقال له: اسم السماء الدنيا رفيع، و هي من ماء و دخان، و اسم السماء الثانية قيدوم «2»، و هي على لون النحاس، و السماء الثالثة اسمها الماروم و هي على لون الشبه، و السماء الرابعة اسمها أرفلون، و هي على لون الفضة، و السماء الخامسة اسمها هيعون، و هي على لون الذهب، و السماء السادسة اسمها عروس، و هي ياقوتة خضراء، و السماء السابعة اسمها عجماء، و هي درة بيضاء».

و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________________________________________

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 240/ 1.

(1) مجمع البيان 10: 467. [.....]

(2) في «ي» و المصدر: فيدوم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 417

سورة التحريم ..... ص : 417

فضلها ..... ص : 417

تقدم في سورة الطلاق «1»

10853/ [1]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأها أعطاه الله توبة نصوحا، و من قرأها على ملسوع شفاه الله و لم يمش السم فيه، و إن كتبت و رش ماؤها على مصروع احترق شيطانه».

10854/ [2]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها أعطاه الله توبة نصوحا، و من قرأها على ملسوع شفاه الله تعالى، و إن كتبت و محيت «2» بالماء و رش ماؤها على مصروع زال عنه ذلك الألم».

10855/ [3]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها على المريض سكنته، و من قرأها على الرجفان بردته، و من قرأها على المصروع تفيقه، و من قرأها على السهران تنومه، و إن

أدمن في قراءتها من كان عليه دين كثير لم يبق شي ء بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ........

2- .........

3- خواص القرآن: 11 «مخطوط»

(1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الطلاق.

(2) في «ج»: و بخّت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 418

سورة التحريم(66): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 418

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ- إلى قوله تعالى- عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَ أَبْكاراً [1- 5]

10856/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قال الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ فجعلها يمينا و كفرها رسول الله (صلى الله عليه و آله)». قلت: بم كفر؟ قال: «أطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مد».

قلت: فمن وجد «1» الكسوة؟ قال: «ثوب يواري به عورته».

10857/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن محمد بن سماعة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل قال لامرأته: أنت علي حرام؟ فقال: «لو كان لي عليه سلطان لأوجعت رأسه، و قلت [له : الله أحلها لك، فما حرمها عليك؟ إنه لم يزد على أن كذب، فزعم أن ما أحل الله له حرام، و لا يدخل عليه طلاق و لا كفارة».

__________________________________________________

1- الكافي 7: 452/ 4.

2- الكافي 6: 134/ 1.

(1) في المصدر: قلنا: فما حدّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 419

فقلت: قول الله

عز و جل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ فجعل فيه الكفارة؟ فقال: «إنما حرم عليه جاريته مارية القبطية، و حلف أن لا يقربها، و إنما جعل النبي (صلى الله عليه و آله) عليه الكفارة في الحلف، و لم يجعل عليه في التحريم».

10858/ [3]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال:

حدثنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال:

حدثني محمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: وجدت في كتاب أبي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: وجدت حفصة رسول الله (صلى الله عليه و آله) مع أم إبراهيم في يوم عائشة، فقالت: لأخبرنها. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اكتمي ذلك، و هي علي حرام». فأخبرت حفصة عائشة بذلك، فأعلم الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فعرف حفصة أنها أفشت سره، فقالت له: من أنبأك هذا؟ قال: «نبأني العليم الخبير». فآلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) من نسائه شهرا، فأنزل الله عز اسمه: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما.

قال ابن عباس: فسألت عمر بن الخطاب: من اللتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: حفصة و عائشة.

10859/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ، قال: «اطلعت عائشة و حفصة على النبي

(صلى الله عليه و آله) و هو مع مارية، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): و الله لا أقربها، فأمر الله أن يكفر عن يمينه».

10860/ [5]- ثم قال علي بن إبراهيم: كان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان في بعض بيوت نسائه، و كانت مارية القبطية معه تخدمه، و كان ذات يوم في بيت حفصة، فذهبت حفصة في حاجة لها، فتناول رسول الله (صلى الله عليه و آله) مارية، فعلمت حفصة بذلك، فغضبت و أقبلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قالت: يا رسول الله، هذا [في يومي، و في داري، و على فراشي! فاستحيا رسول الله (صلى الله عليه و آله) منها، فقال: «كفي فقد حرمت مارية على نفسي، و لا أطأها بعد هذا أبدا، و أنا أفضي إليك سرا، فإن أنت أخبرت به فعليك لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين». فقالت: نعم، ما هو؟ فقال: «إن أبا بكر يلي الخلافة من بعدي، ثم من بعده عمر أبوك». فقالت: من أخبرك بهذا؟ قال: «الله أخبرني».

فأخبرت حفصة عائشة من يومها بذلك، و أخبرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر، فقال له: إن عائشة اخبرتني عن حفصة كذا، و لا أثق بقولها، فسل أنت حفصة، فجاء عمر إلى حفصة، فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك، و قالت: ما قلت لها من ذلك شيئا. فقال لها عمر: إن كان هذا حقا فأخبرينا حتى نتقدم

__________________________________________________

3- الأمالي 1: 150.

4- تفسير القمّي 2: 375.

5- تفسير القمّي 2: 375.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 420

فيه؟ فقالت: نعم، قد قال ذلك رسول الله.

فاجتمع أربعة على

أن يسموا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهذه السورة: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ يعني قد أباح الله لك أن تكفر عن يمينك وَ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ [أي أخبرت به بِهِ وَ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ يعني أظهر الله نبيه على ما أخبرت به و ما هموا به من قتله عَرَّفَ بَعْضَهُ أي أخبرها و قال: «لم أخبرت بما أخبرتك به؟».

10861/ [6]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ قال: لم يخبرهم بما علم مما هموا به من قتله، قالَتْ: مَنْ أَنْبَأَكَ هذا؟ قالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ يعني لأمير المؤمنين (عليه السلام) ثم خاطبها، فقال: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَ أَبْكاراً عرض عائشة لأنه لم يتزوج بكرا غير عائشة.

10862/ [7]- ابن بابويه، في (الفقيه)، قال: قال الصادق (عليه السلام): «إني لأكره للرجل أن يموت و قد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يأتها».

فقلت له: تمتع رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «نعم» و قرأ هذه الآية وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً إلى قوله: ثَيِّباتٍ

وَ أَبْكاراً.

10863/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، قال: «صالح المؤمنين علي (عليه السلام)».

10864/ [9]- محمد بن العباس، أورد اثنين و خمسين حديثا هنا من طريق الخاصة و العامة، منها:

قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسيني، عن عيسى بن مهران، عن مخول بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع، عن عون بن عبد الله بن أبي رافع، قال: لما كان اليوم الذي توفي فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله) غشي عليه ثم أفاق، و أنا أبكي و أقبل يديه، و أقول: من لي و لولدي بعدك، يا رسول الله؟

قال: «لك الله بعدي و وصيي صالح المؤمنين علي بن أبي طالب».

10865/ [10]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن سهل القطان، عن عبد الله بن محمد البلوي، عن إبراهيم بن

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 376.

7- من لا يحضره الفقيه 3: 297/ 1416. [.....]

8- تفسير القمّي 2: 377.

9- تأويل الآيات 2: 698/ 1.

10- تأويل الآيات 2: 698/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 421

عبيد الله بن العلاء، عن سعيد بن يربوع، عن أبيه، عن عمار بن ياسر (رضي الله عنه)، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: «دعاني رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: ألا أبشرك؟ قلت: بلى يا رسول الله و ما زلت مبشرا بالخير. قال: قد أنزل

الله فيك قرآنا. قال: قلت: و ما هو يا رسول الله؟ قال: قرنت بجبرئيل ثم قرأ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ فأنت و المؤمنون من بنيك الصالحين».

10866/ [11]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) عرف أصحابه أمير المؤمنين (عليه السلام) مرتين، و ذلك أنه قال لهم: أ تدرون من وليكم من بعدي؟ قالوا: الله و رسوله أعلم، قال: فإن الله تبارك و تعالى قد قال: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو وليكم بعدي. و المرة الثانية يوم غدير خم حين قال: من كنت مولاه فعلي مولاه».

10867/ [12]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبيد و محمد بن القاسم، قالا: حدثنا حسين بن حكم، عن حسن ابن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، قال: نزلت في علي (عليه السلام) خاصة.

10868/ [13]- ابن بابويه: بإسناده، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «معاشر الناس، من أحسن من الله قيلا، و من أصدق من الله حديثا؟

معاشر الناس، إن ربكم جل جلاله أمرني أن أقيم لكم عليا علما و إماما و خليفة و وصيا، و أن أتخذه أخا و وزيرا.

معاشر الناس، إن عليا باب الهدى بعدي، و الداعي إلى ربي، و هو صالح المؤمنين وَ مَنْ أَحْسَنُ

قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «1».

معاشر الناس، إن عليا مني، ولده ولدي، و هو زوج حبيبتي، أمره أمري، و نهيه نهيي.

أيها الناس، عليكم بطاعته، و اجتناب معصيته، و إن طاعته طاعتي، و معصيته معصيتي.

معاشر الناس، إن عليا صديق هذه الأمة [و محدثها] إنه فاروقها، و هارونها، و يوشعها و آصفها و شمعونها، إنه باب حطتها و سفينة نجاتها، و إنه طالوتها و ذو قرنيها.

معاشر الناس، إنه محنة الورى، و الحجة العظمى، و الآية الكبرى، و إمام الهدى «2»، و العروة الوثقى.

معاشر الناس، [إن عليا مع الحق و الحق معه و على لسانه.

__________________________________________________

11- تأويل الآيات 2: 699/ 3.

12- تأويل الآيات 2: 699/ 4.

13- أمالي الصدوق: 35/ 4.

(1) فصلت 41: 33.

(2) في المصدر: و إمام أهل الدنيا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 422

معاشر الناس،] إن علينا قسيم النار، لا يدخل النار ولي له، و لا ينجو منها عدو له، و إنه قسيم الجنة لا يدخلها عدو له، و لا يتزحزح منها ولي له.

معاشر أصحابي، قد نصحت لكم، و بلغتكم رسالة ربي، و لكن لا تحبون الناصحين، أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم».

10869/ [14]- ابن شهر آشوب: عن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان النسوي، و الكلبي، و مجاهد، و أبي صالح، و المغربي، عن ابن عباس، أنه رأت حفصة النبي (صلى الله عليه و آله) في حجرة عائشة مع مارية القبطية، فقال:

«أ تكتمين علي حديثي؟» قالت: نعم. قال: «إنها علي حرام» ليطيب قلبها، فأخبرت عائشة و سرتها «1» من تحريم مارية، فكلمت عائشة النبي (صلى الله عليه و آله) في ذلك، فنزل وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ

إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً إلى قوله:

فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، قال: صالح المؤمنين و الله علي، يقول [الله : و الله حسبه وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ.

10870/ [15]- و عن البخاري، و أبي يعلي الموصلي: قال ابن عباس: سألت عمر بن الخطاب، عن المتظاهرين؟ فقال: حفصة و عائشة.

10871/ [16]- و عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس. و أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام).

و الثعلبي بالإسناد عن موسى بن جعفر (عليهما السلام). و عن أسماء بنت عميس، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قالوا: «2» وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ علي بن أبي طالب (عليه السلام).

10872/ [17]- و من طريق المخالفين أيضا، عن ابن عباس، قوله: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ نزلت في عائشة و حفصة فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ نزلت في رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ نزلت في علي خاصة.

10873/ [18]- و من (مختصر وسيط الواحدي) للشهرزوري «3»: عن ابن عباس، قال: أردت أن أسأل عمر بن الخطاب، فمكثت سنتين، فلما كنا بمر الظهران و ذهب ليقضي حاجته، فجاء و قد قضى حاجته، فذهبت أصب عليه من الماء، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قال: عائشة

__________________________________________________

14- المناقب 3: 76.

15- المناقب 3: 77.

16- المناقب 3: 77.

17- تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار: 115 «مخطوط».

18- تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار: 115 «مخطوط».

(1) في المصدر: و بشرتها. [.....]

(2) في المصدر: قال.

(3) في المصدر: للسهروردي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 423

و حفصة.

سورة التحريم(66): آية 6 ..... ص : 423

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ

الْحِجارَةُ [6]

10874/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: دخل عليه الطيار، فسأله و أنا عنده، فقال له: جعلت فداك، أ رأيت قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا في غير مكان من مخاطبة المؤمنين، أ يدخل في هذا المنافقون؟ قال: «نعم، يدخل في هذا المنافقون و الضلال و كل من أقر بالدعوة الظاهرة».

10875/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: كان الطيار يقول لي:

إبليس ليس «1» من الملائكة، و إنما أمرت الملائكة بالسجود لآدم (عليه السلام)، فقال إبليس: لا أسجد فما لإبليس يعصي حين لم يسجد و ليس هو من الملائكة؟

قال: فدخلت أنا و هو على أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: فأحسن و الله في المسألة، فقلت «2»: جعلت فداك، أ رأيت ما ندب الله عز و جل إليه المؤمنين من قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أدخل في ذلك المنافقون معهم؟ قال:

«نعم، و الضلال و كل من أقر بالدعوة الظاهرة، و كان إبليس ممن أقر بالدعوة الظاهرة معهم».

10876/ [3]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن عذافر، عن إسحاق بن عمار، عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً جلس رجل من المسلمين «3» يبكي، و قال: أنا عجزت عن نفسي و كلفت أهلي. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): حسبك أن

تأمرهم بما تأمر به نفسك، و تنهاهم عما تنهى عنه نفسك».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 274/ 413.

2- الكافي 2: 303/ 1.

3- الكافي 5: 62/ 1.

(1) (ليس) ليس في «ي».

(2) في المصدر: فقال.

(3) في «ط، ي»: المؤمنين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 424

10877/ [4]- و عنه: بإسناده عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، في قول الله عز و جل: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً قلت: كيف أقيهم؟ قال: «تأمرهم بما أمر الله، و تنهاهم عما نهاهم الله، فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، و إن عصوك كنت قد قضيت ما عليك».

10878/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً، كيف نقي أهلنا؟ قال:

«تأمرونهم و تنهونهم».

10879/ [6]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عبد الله ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن لي أهل بيت و هم يسمعون مني، أ فأدعوهم إلى هذا [الأمر]؟ فقال: «نعم، إن الله عز و جل يقول في كتابه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ».

10880/ [7]- علي بن إبراهيم: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن زرعة بن محمد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ [قلت ،:

هذه نفسي أقيها، فكيف أقي أهلي؟ قال: «تأمرهم بما أمر الله به، و تنهاهم عما نهاهم الله عنه، فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، و إن عصوك كنت قد قضيت ما عليك».

و رواه الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد، عن زرعة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ فقلت: هذه نفسي أقيها، فكيف أقي أهلي، و ذكر الحديث إلى آخره «1».

10881/ [8]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال- في حديث-: «و لقد مررنا معه- يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)- بجبل، فإذا الدموع تخرج من بعضه، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): ما يبكيك يا جبل؟

فقال: يا رسول الله، كان عيسى مر بي و هو يخوف الناس بنار وقودها الناس و الحجارة، فأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة؟ قال له: لا تخف، تلك حجارة الكبريت، فقر الجبل و سكن».

__________________________________________________

4- الكافي 5: 62/ 2.

5- الكافي 5: 62/ 3.

6- الكافي 2: 168/ 1.

7- تفسير القمّي 2: 377.

8- الاحتجاج: 220.

(1) الزهد: 17/ 37. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 425

سورة التحريم(66): آية 8 ..... ص : 425

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً [8]

10882/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قال: «يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود فيه».

قال محمد بن الفضيل:

سألت عنها أبا الحسن (عليه السلام)، فقال: «يتوب عن الذنب ثم لا يعود فيه، و أحب العباد إلى الله المفتنون «1» التوابون».

10883/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً؟ قال: «هو الذنب الذي لا يعود فيه أبدا».

فقلت: و أينا لم يعد «2»؟ فقال: «يا أبا محمد، إن الله يحب من عباده المفتن «3» التواب».

10884/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله، فستر عليه في الدنيا و الآخرة.

فقلت: و كيف يستر عليه؟ قال: «ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، و يوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه [ذنوبه و يوحي إلى بقاع الأرض: اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه و ليس شي ء يشهد عليه من الذنوب».

10885/ [4]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، قال: سألت أبا الحسن الأخير (عليه السلام) عن التوبة النصوح، فكتب (عليه السلام): «أن يكون الباطن كالظاهر و أفضل من ذلك».

10886/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار،

__________________________________________________

1- الكافي 2: 314/ 3.

2- الكافي 2: 314/ 4.

3- الكافي 2: 314/ 1.

4- معاني الأخبار: 174/ 1.

5- معاني الأخبار: 174/ 2.

(1) في «ط، ي»: المفتتنون.

(2) في «ط، ي»: و إنا لم نعد.

(3)

في «ج»: المفتتن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 426

قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً، قال: «هو صوم يوم الأربعاء و الخميس و الجمعة».

قال ابن بابويه: معناه أن يصوم هذه الأيام ثم يتوب.

10887/ [6]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال:

حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «التوبة النصوح أن يكون باطن الرجل كظاهره و أفضل».

و

روي أن التوبة النصوح هو أن يتوب الرجل من ذنب و ينوي أن لا يعود إليه أبدا.

10888/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين، قال:

و حدثني محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً، قال (عليه السلام): «يتوب العبد ثم لا يرجع فيه، و إن أحب عباد الله المفتتن التواب «1»».

10889/ [8]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قول الله تبارك و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً؟ قال: «من الذنب الذي لا يعود فيه أبدا».

قلت: و أينا لم يعد؟ فقال: «يا أبا محمد، إن الله يحب من عباده المفتن «2» التواب».

قوله تعالى:

يَوْمَ لا يُخْزِي

اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا [8]

10890/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قال فيه: «ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده و بعد

__________________________________________________

6- معاني الأخبار: 174/ 3.

7- تفسير القمّي 2: 377.

8- الزهد 72: 191.

1- الكافي 5: 13/ 1.

(1) في المصدر: عباد اللّه إلى اللّه المتقي التائب.

(2) في «ي»: المفتتن. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 427

رسوله في كتابه، فقال: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1».

ثم أخبر عن هذه الأمة، و ممن هي، و أنها من ذرية إبراهيم و من ذرية إسماعيل من سكان الحرم، ممن لم يعبدوا غير الله قط، الذين وجبت لهم الدعوة، دعوة «2» إبراهيم و إسماعيل من أهل المسجد، الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، الذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمة محمد (صلى الله عليه و آله) «3»، الذين عناهم الله تبارك و تعالى في قوله: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي «4»، يعني أول من اتبعه على الايمان به و التصديق له و بما جاء به من عند الله عز و جل، من الأمة التي بعث فيها و منها و إليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط، و لم يلبس إيمانه بظلم و هو الشرك.

ثم ذكر أتباع نبيه (صلى الله عليه و آله) و أتباع هذه الأمة التي وصفها

الله في كتابه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و جعلها داعية إليه، و أذن له «5» في الدعاء إليه، فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «6»، ثم وصف أتباع نبيه (صلى الله عليه و آله) من المؤمنين، فقال الله عز و جل: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ «7»، و قال: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ، يعني أولئك المؤمنين، و قد قال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ «8».

ثم حلاهم و وصفهم كي لا يطمع في الإلحاق «9» بهم إلا من كان منهم، فقال فيما حلاهم به و وصفهم:

الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ «10» إلى قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ، و قال في صفتهم و حليتهم أيضا: الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «11»».

__________________________________________________

(1) آل عمران 3: 104.

(2) في «ط، ي»: و دعوة.

(3) في المصدر: أمّة إبراهيم (عليه السّلام).

(4) يوسف 12: 108.

(5) في المصدر: لها.

(6) الأنفال 8: 64.

(7) الفتح 48: 29.

(8) المؤمنون 23: 1.

(9) في المصدر: اللّحاق.

(10) المؤمنون 23: 2- 11.

(11) الفرقان 25: 68، 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 428

10891/ [2]- و عنه: عن علي بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل

بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله: «يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين أيدي المؤمنين و بأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة».

و قد تقدمت روايات في ذلك في قوله تعالى: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ من سورة الحديد «1».

10892/ [3]- ابن شهر آشوب: عن تفسير مقاتل: عن عطاء، عن ابن عباس: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ لا يعذب الله محمدا وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ لا يعذب علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين و حمزة و جعفرا نُورُهُمْ يَسْعى يضي ء على الصراط لعلي و فاطمة مثل الدنيا سبعين مرة فيسعى نورهم بين أيديهم و يسعى عن أيمانهم، و هم يتبعونه، فيمضي أهل بيت محمد أول مرة «2» على الصراط مثل البرق الخاطف، ثم يمضي قوم مثل الريح، ثم يمضي قوم مثل عدو الفرس، ثم قوم مثل شد «3» الرجل «4»، ثم قوم مثل المشي، ثم قوم مثل الحبو، ثم قوم مثل الزحف، و يجعله الله على المؤمنين عريضا، و على المذنبين دقيقا، يقول الله تعالى:

يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا حتى نجتاز به على الصراط، قال: فيجوز أمير المؤمنين (عليه السلام) في هودج من الزمرد الأخضر، و معه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر، و حولها سبعون ألف حوراء كالبرق اللامع.

10893/ [4]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) «5» [في قوله : يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ

وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ» فمن كان له نور يومئذ نجا، و كل مؤمن له نور».

10894/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن محمد بن عصمة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة، قال: حدثنا الحسن «6» بن ليث الرازي، عن شيبان بن فروخ الأبلي، عن همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبد الله بن عقيل، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال:

__________________________________________________

2- الكافي 1: 151/ 5.

3- المناقب 2: 155.

4- تفسير القمّي 2: 378. [.....]

5- الخصال: 402/ 112.

(1) تقدّمت في تفسير الآية (12) من سورة الحديد.

(2) في المصدر: محمد و آله زمرة.

(3) الشدّ: العدو. «لسان العرب 3: 234».

(4) (ثمّ قوم مثل شدّ الرجل) ليس في المصدر.

(5) في «ج»: أبي عبد اللّه (عليه السّلام).

(6) في «ج»: الحسين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 429

كنت ذات يوم عند النبي (صلى الله عليه و آله) إذ أقبل بوجهه على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: «ألا أبشرك يا أبا الحسن؟» قال: «بلى، يا رسول الله».

قال: «هذا جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه قد أعطى شيعتك و محبيك سبع خصال: الرفق عند الموت، و الأنس عند الوحشة، و النور عند الظلمة، و الأمن عند الفزع، و القسط عند الميزان، و الجواز على الصراط، و دخول الجنة قبل الناس، نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم».

سورة التحريم(66): آية 9 ..... ص : 429

قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ [9]

10895/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن أحمد بن محمد ابن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن سليمان الكاتب، عن

بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

(يأيها النبي جاهد الكفار بالمنافقين)، قال: «هكذا نزلت، فجاهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) الكفار، و جاهد علي (عليه السلام) المنافقين جهاد رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

10896/ [2]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، قال: حدثنا حسين بن أنس الفزاري، قال: حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: لما نزلت يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ قال النبي (صلى الله عليه و آله): «لأجاهدن العمالقة» يعني الكفار و المنافقين، و أتاه جبرئيل (عليه السلام) قال:

أنت أو علي.

سورة التحريم(66): الآيات 10 الي 12 ..... ص : 429

قوله تعالى:

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ- إلى قوله تعالى-

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 377.

2- الأمالي 2: 116.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 430

مِنَ الْقانِتِينَ [10- 12]

10897/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت: ما تقول في مناكحة الناس، فإني قد بلغت ما ترى و ما تزوجت قط؟

قال: «و ما يمنعك من ذلك؟». قلت: ما يمنعني إلا أني أخشى أن لا يكون يحل لي مناكحتهم، فما تأمرني؟

فقال: «و كيف تصنع و أنت شاب أتصبر؟». قلت: أتخذ الجواري. قال: «فهات بما تستحل الجواري، أخبرني؟» فقلت: إن الأمة ليست بمنزلة الحرة، إن رابتني الأمة بشي ء بعتها أو اعتزلتها. قال: «حدثني

فبم تستحلها؟» قال: فلم يكن عندي جواب، فقلت: جعلت فداك، أخبرني ما ترى، أتزوج؟ قال: «ما أبالي أن تفعل؟».

قال: قلت أ رأيت قولك: «ما أبالي أن تفعل» فإن ذلك على وجهين، تقول: لست أبالي أن تأثم أنت من غير أن آمرك، فما تأمرني، أفعل ذلك عن أمرك؟ فقال لي: «قد كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) تزوج، و قد كان من امرأة نوح و امرأة لوط ما قص الله عز و جل، و قد قال الله عز و جل: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما».

فقلت: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لست في ذلك بمنزلته «1»، إنما هي تحت يديه و هي مقرة بحكمه مظهرة دينه. قال: فقال لي: «ما ترى من الخيانة في قول الله عز و جل: فَخانَتاهُما؟ ما يعني بذلك إلا «2» الفاحشة، و قد زوج رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلانا».

قلت: أصلحك الله، فما تأمرني، أنطلق فأتزوج بأمرك؟ فقال لي: «إن كنت فاعلا فعليك بالبلهاء، من النساء».

فقلت: و ما البلهاء؟ قال: «ذوات الخدور من العفائف».

فقلت: من هي على دين سالم بن أبي حفصة؟ فقال: «لا». فقلت: من هي على دين ربيعة الرأي؟ فقال: «لا»، و لكن العواتق اللواتي لا ينصبن و لا يعرفن ما تعرفون».

و في هذا الحديث تتمة تقدمت بتمامها في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ «3».

10898/ [2]- شرف الدين النجفي، قال: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «قوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ الآية، مثل ضربه الله سبحانه

لعائشة و حفصة إذ تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أفشتا سره».

__________________________________________________

1- الكافي 5: 350/ 12.

2- تأويل الآيات 2: 700/ 7.

(1) في «ج» و المصدر، و «ط» نسخة بدل: مثل منزلته.

(2) في المصدر: مظهرة دينه، أما و اللّه ما عنى بذلك إلّا في قول اللّه عزّ و جلّ: فَخانَتاهُما ما عنى بذلك إلّا.

(3) تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآية (2) من سورة التغابن. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 431

10899/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: ثم ضرب الله فيهما مثلا، فقال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما قال: و الله ما عنى بقوله: فَخانَتاهُما إلا الفاحشة، و ليقيمن الحد على فلانة فيما أتت في طريق البصرة، و كان فلان «1» يحبها، فلما أرادت أن تخرج إلى البصرة، قال لها فلان: لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم فزوجت نفسها من فلان «2»، ثم ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها قال: لم ينظر إليه «3» فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا قال: روح مخلوقة وَ كانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ قال: من الراضين «4».

10900/ [4]- شرف الدين النجفي، قال: في رواية محمد بن علي، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ الآية، أنه قال: «هذا مثل ضربه الله لرقية بنت رسول

الله (صلى الله عليه و آله) التي تزوجها عثمان بن عفان».

قال: «و قوله: وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ يعني من الثالث و عمله وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يعني به بني أمية».

10901/ [5]- و عنه: بالإسناد المتقدم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها مثل ضربة الله لفاطمة (عليها السلام)، و قال: إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار».

10902/ [6]- محمد بن العباس، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها، قال: «هذا مثل ضربه الله لفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 377.

4- تأويل الآيات 2: 700/ 8.

5- تأويل الآيات 2: 700/ 9.

6- تأويل الآيات 2: 700/ 10.

(1، 2) في نسخة من «ط، ج، ي»: طلحة.

(3) في المصدر: إليها.

(4) في نسخة من «ط، ج، ي»: من الراغبين، و في نسخ أخرى و المصدر: من الداعين.

هذا التفسير غريب و مخالف للأصول، إذ أنّه لم يرد بقوله: فَخانَتاهُما الفاحشة، فما بغت امرأة نبيّ قطّ، و إنّما كانت خيانتهما في الدين، فكانت امرأة نوح كافرة، تقول للناس: إنّه مجنون، و كانت امرأة لوط تدلّ على أضيافه. و قوله: «فزوّجت نفسها من فلان» فيه شناعة عجيبة، و مخالفة ظاهرة لما أجمع عليه المسلمون من الخاصة و العامّة، إذ كلهم يقرّون بقداسة أذيال أزواج النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) ممّا ذكر، و دليل ذلك قوله تعالى: وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ الأحزاب 33: 6.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 433

سورة الملك ..... ص : 433

فضلها ..... ص : 433

10903/ [1]-

ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ تبارك الذي بيده الملك في المكتوبة قبل أن ينام، لم يزل في أمان الله حتى يصبح، و في أمانه يوم القيامة حتى يدخل الجنة».

10904/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن ابن محبوب، عن جميل، عن سدير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «سورة الملك هي المانعة، تمنع من عذاب القبر، و هي مكتوبة في التوراة سورة الملك، [و] من قرأها في ليلته فقد أكثر و أطاب و لم يكتب من الغافلين، و إني لأركع بها بعد العشاء الآخرة و أنا جالس، و إن والدي (عليه السلام) كان يقرؤها في يومه و ليلته.

و من قرأها، إذا دخل عليه في قبره ناكر و نكير من قبل رجليه قالت رجلاه لهما: ليس لكما إلى من قبلي سبيل، قد كان هذا العبد يقوم علي، فيقرأ سورة الملك في كل يوم و ليلة فإذا أتياه من قبل جوفه قال لهما: ليس لكما إلى من قبلي سبيل، قد كان هذا العبد أوعاني في كل يوم و ليلة سورة الملك، و إذا أتياه من قبل لسانه قال لهما:

ليس لكما إلى من قبلي سبيل، قد كان هذا العبد يقرأ بي في كل يوم و ليلة سورة الملك».

10905/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة، و هي المنجية من عذاب القبر، أعطي من الأجر كمن أحيا ليلة القدر، و من حفظها كانت أنيسه في قبره، تدفع عنه كل نازلة

تهم به في قبره من العذاب، و تحرسه إلى يوم بعثه، و تشفع له عند ربها و تقربه حتى يدخل الجنة آمنا من وحشته و وحدته في قبره».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 119.

2- الكافي 2: 463/ 26.

3- ......

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 434

10906/ [4]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من حفظها كانت له أنسا في قبره، و تشفع له عند الله يوم القيامة حتى يدخل الجنة آمنا، و من قرأها و أهداها إلى إخوانه أسرعت إليهم كالبرق الخاطف، و خففت عنهم ما هم فيه، و آنستهم في قبورهم».

10907/ [5]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها على ميت خفف الله عنه ما هو فيه، و إذا قرئت و أهديت إلى الموتى أسرعت إليهم كالبرق الخاطف بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

4- .......

5- خواص القرآن: 11 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 435

سورة الملك(67): الآيات 1 الي 2 ..... ص : 435

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ [1- 2] 10908/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ قدرهما، و معناه قدر الحياة ثم قدر الموت لِيَبْلُوَكُمْ أي يختبركم بالأمر و النهي أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ.

10909/ [2]- محمد بن يعقوب: بإسناده عن فضالة، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «الحياة و الموت خلقان من خلق الله، فإذا جاء الموت فدخل في الإنسان، لم يدخل في شي ء إلا و قد خرجت منه الحياة».

10910/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

في قول الله عز و جل: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، قال: «ليس يعني أكثركم عملا، و لكن أصوبكم عملا، و إنما الإصابة خشية الله و النية الصادقة و الحسنة «1»- ثم قال- الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، ألا و العمل الخالص: الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز و جل، و النية أفضل من العمل، إلا و إن النية هي العمل- ثم تلا قوله عز و جل- قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ «2» يعني على نيته».

10911/ [4]- الطبرسي، في (الاحتجاج): عن أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام)- في رسالته إلى

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 378.

2- الكافي 3: 259/ 34. [.....]

3- الكافي 2: 13/ 4.

4- الاحتجاج: 450.

(1) في النسخ: و الخشية.

(2) الإسراء 17: 84.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 436

أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر و التفويض- أن قال: «اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك، أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون، و على تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي (صلى الله عليه و آله): لا تجتمع أمتي على ضلالة فأخبر (صلى الله عليه و آله) أن ما اجتمعت عليه الأمة و لم يخالف بعضها بعضا هو الحق، فهذا معنى الحديث، لا ما تأوله الجاهلون و لا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب، و اتباع حكم الأحاديث المزورة و الروايات المزخرفة، و اتباع الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب و تحقيق الآيات الواضحات النيرات، و نحن نسأل الله أن يوفقنا للصواب و يهدينا إلى الرشاد».

ثم قال (عليه السلام): «فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر و تحقيقه فأنكرته

طائفة من الأمة و عارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة، فصارت بإنكارها و دفعها الكتاب كفارا ضلالا، و أصح خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب، مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث قال: إني مستخلف فيكم «1» كتاب الله و عترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض و اللفظة الأخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله (صلى الله عليه و آله): إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله و عترتي أهل بيتي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا.

فلما وجدنا شواهد الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «2» ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين (عليه السلام) أنه تصدق بخاتمه و هو راكع، فشكر الله ذلك له، و أنزل الآية فيه، ثم وجدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه.

و قوله (صلى الله عليه و آله): علي يقضي ديني و ينجز موعدي «3»، و هو خليفتي عليكم بعدي. و قوله (عليه السلام) حين استخلفه على المدينة، فقال: يا رسول الله، أ تخلفني على النساء و الصبيان! فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار و تحقيق هذه الشواهد، فيلزم الأمة الإقرار بها إذ كانت هذه الأخبار وافقت القرآن، و وافق القرآن هذه

الأخبار، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله، و وجدنا كتاب الله لهذه الأخبار موافقا و عليها دليلا، كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا لا يتعداه إلا أهل العناد و الفساد».

ثم قال (عليه السلام): «و مرادنا و قصدنا الكلام في الجبر و التفويض و شرحهما و بيانهما، و إنما قدمنا ما قدمنا ليكون اتفاق الكتاب و الخبر إذا اتفاقا دليلا لما أردناه و قوة لما نحن مبينوه من ذلك إن شاء الله تعالى، فقال: الجبر و التفويض بقول الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) عند ما سئل عن ذلك، فقال: لا جبر و لا تفويض، بل أمر بين

__________________________________________________

(1) زاد في المصدر: خليفتين.

(2) المائدة 5: 55.

(3) في «ط، ي»: عدتي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 437

أمرين. قيل: فما ذا، يا بن رسول الله؟ فقال: صحة العقل، و تخلية السرب «1»، و المهلة في الوقت، و الزاد قبل الراحلة، و السبب المهيج للفاعل على فعله، فهذه خمسة أشياء، فإذا نقص العبد منها خلة كان العمل منه مطرحا بحسبه، و أنا أضرب لك لكل باب من هذه الأبواب الثلاثة، و هي الجبر و التفويض و المنزلة بين المنزلتين مثلا يقرب المعنى للطالب، و يسهل له البحث من شرحه، و يشهد به القرآن بمحكم آياته، و يحقق تصديقه عند ذوي الألباب و بالله العصمة و التوفيق».

ثم قال (عليه السلام): «فأما الجبر فهو [قول من زعم أن الله عز و جل جبر العباد على المعاصي، و عاقبهم عليها، و من قال بهذا القول فقد ظلم الله و كذبه و رد عليه قوله: وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً»

و قوله جل ذكره: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «3»

مع آي كثيرة في مثل هذا، فمن زعم أنه مجبور على المعاصي فقد أحال بذنبه على الله عز و جل و ظلمه في عقوبته «4»، و من ظلم ربه فقد كذب كتابه، و من كذب كتابه لزمه الكفر بإجماع الأمة، فالمثل المضروب في ذلك مثل رجل ملك عبدا مملوكا لا يملك إلا نفسه، و لا يملك عرضا من عروض الدنيا، و يعلم مولاه ذلك منه، فأمره على علم منه بالمصير إلى السوق بحاجة يأتيه بها، و لا يملكه ثمن ما يأتيه به، و علم المالك أن على الحاجة رقيبا، لا يطمع أحد «5» في أخذها منه إلا بما يرضى به من الثمن، و قد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل و النصفة و إظهار الحكمة و نفي الجور، فأوعد عبده إن لم يأته بالحاجة أن يعاقبه، فلما صار العبد إلى السوق و حاول أخذ الحاجة التي بعثه المولى للإتيان بها، وجد عليها مانعا يمنعه منها إلا بالثمن [و لا يملك العبد ثمنها]، فانصرف إلى مولاه خائبا بغير قضاء حاجته، فاغتاظ مولاه لذلك و عاقبه على ذلك، فإنه كان ظالما متعديا، مبطلا لما وصف من عدله و حكمته و نصفته، و إن لم يعاقبه كذب نفسه، أليس يجب أن لا يعاقبه؟ و الكذب و الظلم ينفيان العدل و الحكمة، تعالى الله عما يقول المجبرة علوا كبيرا».

ثم قال العالم (عليه السلام) بعد كلام طويل: «فأما التفويض الذي أبطله الصادق (عليه السلام)، و خطأ من دان به، فهو قول القائل: إن الله تعالى فوض إلى العباد اختيار أمره و نهيه و أهملهم، و هذا الكلام دقيق لم يذهب إلى غوره و دقته إلا الأئمة المهدية (عليهم السلام) من

عترة الرسول (صلوات الله عليهم)، فإنهم قالوا: لو فوض الله إليهم على جهة الإهمال لكان لازما رضا ما اختاروه و استوجبوا به الثواب، و لم يكن عليهم فيما اجترموا العقاب، إذا كان الإهمال واقعا، و تنصرف هذه المقالة على نوعين «6»، إما أن يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه قبول اختيارهم بآرائهم ضرورة، كره ذلك أم أحب فقد لزمه الوهن، أو يكون جل و تقدس عجز عن تعبدهم بالأمر و النهي عن إرادته، ففوض أمره و نهيه إليهم،

__________________________________________________

(1) السّرب: الطريق، يقال: خلّ له سربه، أي طريقه. و فلان مخلّى السّرب، أي موسّع عليه غير مضيّق. «أقرب الموارد 1: 508».

(2) الكهف 18: 49.

(3) الحج 22: 10.

(4) في المصدر: في عظمته له.

(5) في النسخ: لا يطيع أحدا.

(6) في المصدر: على معنيين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 438

و أجراهما على محبتهم، إذ عجز عن تعبدهم بالأمر و النهي عن «1» إرادته، فجعل الاختيار إليهم في الكفر و الايمان، و مثل ذلك مثل رجل ملك عبدا ابتاعه ليخدمه، و يعرف له فضل ولايته، و يقف عند أمره و نهيه، و ادعى مالك العبد أنه قادر قاهر عزيز حكيم، فأمر عبده و نهاه، و وعده على اتباع أمره عظيم الثواب، و أوعده على معصيته أليم العقاب، فخالف العبد إرادة مالكه، و لم يقف عند أمره و نهيه، فأي أمر أمره به أو نهي نهاه عنه لم يأتمر على إرادة المولى، بل كان العبد يتبع إرادة نفسه، و بعثه في بعض حوائجه، و فيما الحاجة له و صدر العبد بغير تلك الحاجة خلافا على مولاه، و قصد إرادة نفسه، و اتبع هواه، فلما رجع إلى مولاه نظر إلى ما أتاه، فإذا هو

خلاف ما أمره، فقال العبد: اتكلت على تفويضك الأمر إلي، فاتبعت هواي و إرادتي، لأن المفوض إليه غير محظور عليه، لاستحالة اجتماع التفويض و التحظير».

ثم قال (عليه السلام): «فمن زعم أن الله فوض قبول أمره و نهيه إلى عباده، فقد أثبت عليه العجز، و أوجب عليه قبول كل ما عملوا من خير أو شر، و أبطل أمر الله تعالى و نهيه».

ثم قال: «إن الله خلق الخلق بقدرته، و ملكهم استطاعة ما تعبدهم به من الأمر و النهي، و قبل منهم اتباع أمره [و نهيه ، و رضي بذلك لهم، و نهاهم عن معصيته، و ذم من عصاه و عاقبه عليها، و لله الخيرة في الأمر و النهي، يختار ما يريد، و يأمر به، و ينهى عما يكره، و يثيب و يعاقب بالاستطاعة التي ملكها عباده لاتباع أمره و اجتناب معاصيه، لأنه العدل، و منه النصفة و الحكومة بالغ الحجة بالإعذار و الإنذار، و إليه الصفوة يصطفي من يشاء من عباده، اصطفى محمدا (صلى الله عليه و آله) و بعثه بالرسالة إلى خلقه، و لو فوض اختيار أموره إلى عباده لأجاز لقريش اختيار أمية بن أبي الصلت و مسعود الثقفي، إذ كانا عندهم أفضل من محمد (صلى الله عليه و آله) لما قالوا: لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ «2» يعنونهما بذلك، فهذا [هو] القول بين القولين ليس بجبر و لا تفويض، بذلك أخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) حين سأله عباية بن ربعي الأسدي عن الاستطاعة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):

تملكها من دون الله، أو مع الله؟ فسكت عباية بن ربعي، فقال له: قل يا عباية. قال: و ما أقول؟ قال: إن

قلت تملكها مع الله قتلتك، و إن قلت تملكها من دون الله قتلتك. قال: و ما أقول، يا أمير المؤمنين؟ قال: تقول تملكها بالله الذي يملكها من دونك «3»، فإن ملككها كان ذلك من عطائه، و إن سلبكها كان ذلك من بلائه، و هو المالك لما ملكك، و المالك لما عليه أقدرك، أما سمعت الناس يسألون الحول و القوة حيث يقولون: لا حول و لا قوة إلا بالله؟ فقال:

الرجل: ما تأويلها، يا أمير المؤمنين؟ قال: لا حول بنا عن «4» معاصي الله إلا بعصمة الله، و لا قوة لنا على طاعة الله إلا بعون الله. ثم قال: فوثب الرجل و قبل يديه و رجليه.

ثم قال (عليه السلام) في قوله تعالى:

__________________________________________________

(1) في «ج»: على. [.....]

(2) الزخرف 43: 31.

(3) في «ط، ي»: الذي لا تملكها من دونه.

(4) في المصدر: لا حول لنا من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 439

وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ «1»، و في قوله: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ «2»، و في قوله: أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ «3»، و في قوله: وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ «4»، و في قوله: فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ «5»، و قول موسى (عليه السلام): إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ «6»، و قوله: لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ «7»، و قوله:

ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ «8»، و قوله: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ «9»، و قوله: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا «10»، و قوله: وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ «11» و قوله: وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ «12»، أن جميعها جاءت في

القرآن بمعنى الاختبار».

ثم قال (عليه السلام): «فإن قالوا: ما الحجة في قول الله تعالى: يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ «13»، و ما أشبه ذلك؟ قلنا: فعلى مجاز هذه الآية تقتضي معنيين: أحدهما أنه إخبار عن كونه تعالى قادرا على هداية من يشاء و ضلالة من يشاء، و لو أجبرهم على أحدهما لم يجب لهم ثواب و لا عليهم عقاب على ما شرحناه و المعنى الآخر أن الهداية منه التعريف، كقوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى «14» و ليس كل آية مشتبهة في القرآن كانت الآية حجة على حكم الآيات اللاتي أمر بالأخذ بها و تقليدها، و هي قوله: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ «15» الآية، و قال: فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «16»، وفقنا الله و إياكم لما يحب و يرضى، و يعرف «17»

__________________________________________________

(1) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 31.

(2) الأعراف 7: 182.

(3) العنكبوت 29: 2.

(4) سورة ص 38: 34.

(5) طه 20: 85.

(6) الأعراف 7: 155.

(7) المائدة 5: 48.

(8) آل عمران 3: 152.

(9) القلم 68/ 17.

(10) هود 11: 7.

(11) البقرة 2: 124. [.....]

(12) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 4.

(13) النحل 16: 93.

(14) فصلت 41: 17.

(15) آل عمران 3: 7.

(16) الزمر 39: 17، 18.

(17) في المصدر: يقرب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 440

لنا و لكم الكرامة و الزلفى، و هدانا لما هو لنا و لكم خير و أبقى، إنه الفعال لما يريد،

الحكيم الجواد المجيد».

سورة الملك(67): الآيات 3 الي 9 ..... ص : 440

قوله تعالى:

الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً- إلى قوله تعالى- إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ [3- 9] 10912/ [1]- علي بن إبراهيم: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً، قال: بعضها طبق لبعض ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ قال: من فساد فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ أي من عيب ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ قال: انظر في ملكوت السماوات و الأرض يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ أي يقصر و هو حسير، أي منقطع.

قوله: وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ قال: بالنجوم وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ قوله: إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً قال: وقعا وَ هِيَ تَفُورُ اي ترتفع تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ قال: على أعداء الله كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ و هم الملائكة الذين يعذبونهم بالنار قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ فيقولون لهم: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ أي في عذاب شديد.

10913/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سأله رجل فقال: لأي شي ء بعث الله الأنبياء و الرسل إلى الناس؟ فقال: «لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، و لئلا يقولوا: ما جاءنا من بشير و لا نذير، و لتكون حجة الله عليهم، ألا تسمع قول الله عز و جل، يقول حكاية عن خزنة جهنم و احتجاجهم على أهل النار بالأنبياء و الرسل:

أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ؟».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 378.

2- علل الشرائع: 120/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 441

سورة الملك(67): الآيات 10 الي 11 ..... ص : 441

قوله تعالى:

وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ- إلى قوله تعالى- فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ [10- 11] 10914/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ، قال: قد سمعوا و عقلوا، و لكنهم لم يطيعوا و لم يفعلوا»

، و الدليل على أنهم قد سمعوا و عقلوا و لم يقبلوا، قوله: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ.

10915/ [2]- (كتاب صفة الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في حديث يذكر فيه أهل النار: «فيقولون: إن عذبنا ربنا، لم يكن ظلمنا شيئا- قال- فيقول مالك: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ أي بعدا لأصحاب السعير».

سورة الملك(67): آية 13 ..... ص : 441

قوله تعالى:

وَ أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [13] 10916/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: بالضمائر.

قوله تعالى:

سورة الملك(67): آية 14 ..... ص : 441

أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [14]

10917/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «إنما سمي الله بالعلم لغير علم حادث علم به الأشياء، و استعان به على حفظ ما يستقبل من

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 378.

2- الاختصاص: 364.

3- تفسير القمّي 2: 350.

4- التوحيد: 188/ 2.

(1) في المصدر: لم يقبلوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 442

أمره، و الرواية فيما يخلق [من خلقه و بعينه ما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم و يعنه كان جاهلا ضعيفا، كما أنا رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا قبله جهلة، و ربما فارقهم العلم بالأشياء، فصاروا إلى الجهل، و إنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا، و قد جمع الخالق و المخلوق [اسم العلم و اختلف المعنى على ما رأيت.

و أما اللطيف فليس على قلة و قضافة «1» و صغر، و لكن ذلك على النفاذ في الأشياء، و الامتناع من أن يدرك، كقولك: لطف عن هذا الأمر، و لطف فلان في مذهبه، و قوله يخبرك أنه غمض فبهر العقل، و فات الطلب، و عاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم، فهكذا لطف ربنا، تبارك و تعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف، و اللطافة منا الصغر و القلة، فقد جمعنا الاسم

و اختلف المعنى.

و أما الخبير فالذي لا يعزب عنه شي ء، و لا يفوته شي ء، ليس للتجربة و لا للاعتبار للأشياء «2» فتفيده التجربة و الاعتبار علما لو لا هما ما علم، لأن من كان كذلك كان جاهلا، و الله لم يزل خبيرا بما يخلق، و الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم، و قد جمعنا الاسم و اختلف المعنى».

10918/ [2]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (عليه السلام)- في حديث- قال: فقولك: اللطيف الخبير فسره [لي كما فسرت الواحد، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل «3»، غير أني أحب أن تشرح لي ذلك؟ فقال: «يا فتح، إنما قلنا اللطيف، للخلق اللطيف، و لعلمه بالشي ء اللطيف، أو لا ترى- وفقك الله و ثبتك- إلى أثر صنعه في النبات اللطيف و غير اللطيف و في [الخلق اللطيف من الحيوان الصغار من البعوض و الجرجس «4» و ما [هو] أصغر منهما مما لا تكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان- لصغره- الذكر من الأنثى، و الحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك و لطفه، و اهتدائه للسفاد «5» و الهرب من الموت، و الجمع لما يصلحه مما في لجج البحار و ما في لحاء الأشجار و المفاوز و القفار، و فهم بعضها عن بعض منطقها، و ما تفهم به أولادها عنها، و نقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة و بياض مع حمرة، و ما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها، و لا تراه

عيوننا، و لا تمسه «6» أيدينا، علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف، لطف في خلق ما سميناه بلا علاج و لا أداة و لا آلة، و أن كل صانع شي ء فمن شي ء صنع، و الله الخالق اللطيف خلق و صنع لا من شي ء».

__________________________________________________

2- التوحيد: 186/ 1. [.....]

(1) القضافة: قلّة اللحم. «لسان العرب 9: 284».

(2) في المصدر: بالأشياء.

(3) في «ج»: للفضل.

(4) الجرجس: البق. «لسان العرب 6: 37».

(5) السّفاد: نزو الذكر على الأنثى. «لسان العرب 3: 218».

(6) في المصدر: تلمسه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 443

سورة الملك(67): آية 15 ..... ص : 443

قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها [15] 10919/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا أي فراشا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها أي في أطرافها.

سورة الملك(67): آية 22 ..... ص : 443

قوله تعالى:

أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [22]

10920/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت: أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ؟ قال: «إن الله ضرب مثلا من حاد عن ولاية علي (عليه السلام) كمن يمشي على وجهه، لا يهتدي لأمره، و جعل من تبعه سويا على صراط مستقيم، و الصراط المستقيم أمير المؤمنين (عليه السلام)».

10921/ [3]- محمد بن العباس: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن صالح بن خالد، عن منصور، عن حريز، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: تلا هذه الآية و هو ينظر إلى الناس أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ: «يعني و الله عليا و الأئمة (عليهم السلام) «1»».

10922/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن الحسن، عن منصور، عن حريز بن عبد الله، عن الفضيل، قال: دخلت مع أبي جعفر (عليه السلام) المسجد الحرام و هو متكئ علي، فنظر إلى الناس و نحن على باب بني شيبة، فقال:

«يا فضيل، هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، و لا يعرفون حقا، و لا يدينون دينا.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 379.

2- الكافي 1: 359/ 91.

3- تأويل الآيات 2: 702/ 2.

4- الكافي 8: 288/ 434.

(1) في نسخة من

«ط، ج، ي»، و المصدر: و الأوصياء (عليهم السلام).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 444

يا فضيل، انظر إليهم، فإنهم مكبون «1» على وجوههم، لعنهم الله من خلق ممسوخ «2» مكبين على وجوههم، ثم تلا هذه الآية: أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني و الله عليا (عليه السلام) و الأوصياء (عليهم السلام)، ثم تلا هذه الآية فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ «3» مير المؤمنين (عليه السلام).

يا فضيل، لم يسم «4» بهذا الاسم غير علي (عليه السلام) إلا مفتر كذاب إلى يوم القيامة، أما و الله- يا فضيل- ما لله عز ذكره حاج غيركم، و لا يغفر الذنوب إلا لكم، و لا يتقبل إلا منكم، و إنكم لأهل هذه الآية إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً «5».

يا فضيل، أما ترضون أن تقيموا الصلاة و تؤتوا الزكاة و تكفوا ألسنتكم و تدخلوا الجنة، ثم قرأ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «6» أنتم و الله أهل هذه الآية».

10923/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن المفضل، عن سعد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن القلوب أربعة: قلب فيه نفاق و إيمان، و قلب منكوس، و قلب مطبوع، و قلب أزهر «7»».

فقلت: ما الأزهر؟ فقال: «فيه كهيئة السراج، فأما المطبوع فقلب المنافق، و أما الأزهر فقلب المؤمن، إن أعطاه شكر، و إن ابتلاه صبر، و أما المنكوس فقلب المشرك، ثم قرأ هذه

الآية أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، فأما القلب الذي فيه إيمان و نفاق، فهم قوم كانوا بالطائف، فإن أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك، و إن أدركه على إيمانه نجا».

و رواه ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبي، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن اورمة، عن محمد بن خالد، عن هارون، عن المفضل، عن سعد الخفاف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن القلوب أربعة» و ساق الحديث إلى آخره، إلا أن فيه: «و قلب أزهر أنور «8»».

__________________________________________________

4- الكافي 2: 309/ 2.

(1) في «ج»: منكبّون.

(2) في المصدر: خلق مسخور بهم [.....]

(3) الملك 67: 27.

(4) في المصدر: يتسمّ.

(5) النساء 4: 31.

(6) النساء 4: 77.

(7) زاد في المصدر: أجرد.

(8) معاني الأخبار: 395/ 51.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 445

سورة الملك(67): آية 27 ..... ص : 445

قوله تعالى:

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ [27]

10924/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن إسماعيل بن سهل، عن القاسم بن عروة، عن أبي السفاتج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، قال: «هذه نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه الذين عملوا ما عملوا، يرون أمير المؤمنين (عليه السلام) في أغبط الأماكن فيسي ء وجوههم، و يقال لهم: هذا الذي كنتم به تدعون، الذي انتحلتم اسمه، أي سميتم أنفسكم بأمير المؤمنين».

10925/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد،

عن القاسم بن محمد، عن جميل بن صالح، عن يوسف بن أبي سعيد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ذات يوم، فقال: «إذا كان يوم القيامة [و] جمع الله تبارك و تعالى الخلائق، كان نوح (عليه السلام) أول من يدعى به، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد (صلى الله عليه و آله). قال: فيخرج نوح (عليه السلام) فيتخطى الناس حتى يجي ء إلى محمد (صلى الله عليه و آله) و هو على كثيب المسك و معه علي (عليه السلام)، و هو قول الله عز و جل: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا فيقول نوح لمحمد (صلى الله عليه و آله): يا محمد، إن الله تبارك و تعالى سألني: هل بلغت؟

فقلت: نعم. فقال: من يشهد لك؟ فقلت: محمد (صلى الله عليه و آله). فيقول: يا جعفر، و يا حمزة، اذهبا فاشهدوا له أنه قد بلغ؟». فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فجعفر و حمزة هما الشاهدان للأنبياء (عليهم السلام) بما بلغوا».

قلت: جعلت فداك، فعلي (عليه السلام)، أين هو؟ فقال: «هو أعظم منزلة من ذلك».

10926/ [3]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- يذكر فيه أبا بكر و عمر و حالهما يوم القيامة-: «و يريان عليا (عليه السلام)، فيقال لهما: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ

قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ يعني بإمرة المؤمنين».

و الحديث ذكرناه بطوله في قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ من سورة الزخرف «1».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 352/ 68.

2- الكافي 8: 267/ 392.

3- كامل الزيارات: 332/ 11.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (38، 39) من سورة الزخرف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 446

10927/ [4]- محمد بن العباس: عن حسن بن محمد، عن محمد بن علي الكناني، عن حسين بن وهب الأسدي، عن عبيس بن هاشم، عن داود بن سرحان، قال: سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قوله عز و جل:

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، قال: «ذلك علي (عليه السلام)، إذا رأوا منزلته و مكانه من الله تعالى أكلوا أكفهم على ما فرطوا في ولايته».

10928/ [5]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمد، عن أحمد بن محمد بن يزيد، عن إسماعيل بن عامر، عن شريك، عن الأعمش، في قوله عز و جل: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام).

10929/ [6]- و عنه، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن زكريا بن يحيى الساجي، عن عبد الله بن الحسين الأشقر، عن ربيعة الخياط، عن شريك، عن الأعمش، في قوله عز و جل: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا، قال: لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) عند النبي (صلى الله عليه و آله) من قرب المنزلة سيئت وجوه الذين كفروا.

10930/ [7]- و عنه، قال: حدثنا حميد

بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن صالح بن خالد، عن منصور، عن حريز، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: تلا هذه الآية فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ثم قال: «أ تدري ما رأوا؟ رأوا و الله عليا (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قربه [منه وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ: أي تتسمون بأمير»

المؤمنين (عليه السلام).

يا فضيل، لا يتسمى بها أحد غير أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا مفتر كذاب إلى يوم الناس «2» هذا».

10931/ [8]- ابن شهر آشوب: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام)، في قوله تعالى: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً: «نزلت في علي (عليه السلام)، و ذلك لما رأوا عليا (عليه السلام) يوم القيامة اسودت وجوه الذين كفروا لما رأوا منزلته و مكانه من الله أكلوا أكفهم على ما فرطوا في ولاية علي (عليه السلام)».

10932/ [9]- الطبرسي: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالأسانيد الصحيحة، عن الأعمش: [قال : لما رأوا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) عند الله من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا.

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 704/ 4.

5- تأويل الآيات 2: 704/ 5.

6- تأويل الآيات 2: 704/ 6.

7- تأويل الآيات 2: 705/ 7. [.....]

8- المناقب 3: 213.

9- مجمع البيان 10: 494.

(1) في «ط، ج»: تتسمون به أمير، و في «ي»: تسمّون به أمير.

(2) في المصدر: البأس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 447

10933/ [10]- و عن أبي جعفر (عليه السلام): «فلما رأوا مكان علي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه و آله) سيئت وجوه الذين كفروا يعني الذين كذبوا بفضله».

و تقدمت رواية الفضيل

بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) في ذلك في الآية السابقة «1».

سورة الملك(67): الآيات 28 الي 29 ..... ص : 447

قوله تعالى:

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَ مَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا- إلى قوله تعالى- فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [28- 29]

10934/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ: «يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي و الأئمة (عليهم السلام) من بعده، فستعلمون من هو في ضلال مبين».

10935/ [2]- شرف الدين النجفي: عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز و جل: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَ مَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ، قال (عليه السلام): «هذه الآية مما غيروا و حرفوا، ما كان الله ليهلك محمدا (صلى الله عليه و آله) و لا من كان معه من المؤمنين، و هو خير ولد آدم (عليه السلام)، و لكن قال عز و جل: قل أ رأيتم إن أهلككم الله جميعا «2» أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم».

10936/ [3]- قال: و يؤيده ما روي عن محمد البرقي يرفعه، عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، قال: قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَ مَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا؟ قال: «ما أنزلها الله هكذا، و ما كان الله ليهلك نبيه (صلى الله عليه و آله) و من معه، و لكن أنزلها:

قل أرأيتم إن أهلككم الله و من معكم و نجاني و من معي فمن يجير الكافرين من عذاب أليم».

__________________________________________________

10- مجمع البيان 10: 494.

1- الكافي 1: 349/ 45.

2- تأويل الآيات 2: 707/ 10.

3- تأويل الآيات 2: 707/ 11.

(1) تقدّمت في الحديث (3) من تفسير الآية (22) من هذه السورة.

(2) في المصدر: و.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 448

سورة الملك(67): آية 30 ..... ص : 448

قوله تعالى:

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ [30]

10937/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي الكوفي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبد الله، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن جده عمار، قال: كنت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بعض غزواته، و قتل علي (عليه السلام) أصحاب الألوية و فرق جمعهم، و قتل عمرو بن عبد الله الجمحي، و قتل شيبة بن نافع، أتيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقلت له: يا رسول الله، إن عليا قد جاهد في الله حق جهاده. فقال: «لأنه مني و أنا منه، و إنه وارث علمي، و قاضي ديني، و منجز وعدي، و الخليفة من بعدي، و لولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي، حربه حربي، و حربي حرب الله، و سلمه سلمي، و سلمي سلم الله، ألا إنه أبو سبطي، و الأئمة من صلبه، يخرج الله تعالى الأئمة الراشدين من صلبه، و منهم مهدي هذه الأمة».

فقلت: بأبي و أمي يا رسول الله، من هذه المهدي؟ قال: «يا عمار، إن الله تبارك و تعالى عهد إلي أنه يخرج

من صلب الحسين أئمة تسعة، و التاسع من ولده يغيب عنهم، و ذلك قوله عز و جل: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ تكون له غيبة طويلة، يرجع عنها قوم و يثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، و يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، و هو سميي و أشبه الناس بي.

يا عمار، ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتبع عليا و اصحبه، فإنه مع الحق و الحق معه.

يا عمار، إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين: الناكثين و القاسطين، ثم تقتلك الفئة الباغية».

قال: يا رسول الله، أليس ذلك على رضا الله و رضاك؟ قال: «نعم، على رضا الله و رضاي، و يكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه».

فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أخا رسول الله، أ تأذن لي في القتال؟ فقال: «مهلا رحمك الله» فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام، فأجابه بمثله، فأعاد عليه ثالثا، فبكى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنظر إليه عمار، فقال: يا أمير المؤمنين، إنه اليوم الذي وصفه لي رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنزل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن بغلته، و عانق عمارا و ودعه، ثم قال: «يا أبا اليقظان جزاك الله عن نبيك و عني خيرا، فنعم الأخ كنت، و نعم الصاحب كنت». ثم بكى (عليه السلام) و بكى عمار، ثم قال: و الله- يا أمير المؤمنين- ما اتبعتك إلا ببصيرة، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول يوم خيبر: «يا عمار، ستكون

بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتبع عليا و حزبه، فإنه مع الحق و الحق معه، و ستقاتل بعدي الناكثين و القاسطين» فجزاك الله خيرا- يا أمير المؤمنين- عن الإسلام أفضل الجزاء، فلقد أديت و أبلغت و نصحت.

__________________________________________________

1- كفاية الأثر: 120.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 449

ثم ركب و ركب أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم برز إلى القتال، ثم دعا بشربة من ماء فقيل: ما معنا ماء. فقام إليه رجل من الأنصار و سقاه شربة من لبن فشربه، ثم قال: هكذا عهد إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن، ثم حمل على القوم، فقتل ثمانية عشر نفسا، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه، و قتل (رحمه الله)، فلما كان في الليل طاف أمير المؤمنين (عليه السلام) في القتلى، فوجد عمارا ملقى بين القتلى، فجعل رأسه على فخذه، ثم بكى عليه و أنشأ يقول:

ألا أيها الموت الذي ليس تاركي أرحني فقد أفنيت كل خليل أيا موت كم هذا التفرق عنوة فلست تبقي خلة لخليل أراك بصيرا بالذين أحبهم «1» كأنك تمضي نحوهم بدليل 10938/ [2]- و عنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب البجلي، و أبي قتادة علي بن محمد بن حفص، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: قلت: ما تأويل قول الله عز و جل: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ؟ فقال: «إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فما ذا تصنعون؟».

10939/ [3]- علي بن إبراهيم، قال:

حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن القاسم بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيل بن علي الفزاري، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب، قال: سئل الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ فقال (عليه السلام): «ماؤكم أبوابكم، أي الأئمة (عليهم السلام)، و الأئمة أبواب الله بينه و بين خلقه فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ يعني بعلم الإمام».

10940/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم بن معاوية البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ، قال: «إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد؟».

10941/ [5]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا محمد بن همام (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن بندار، قال: حدثنا أحمد بن هلال، عن موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: قلت له: ما تأويل هذه الآية قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ؟

__________________________________________________

2- كمال الدين و تمام النعمة: 360/ 3.

3- تفسير القمي 2: 379.

4- الكافي 1: 274/ 14. [.....]

5- الغيبة: 176/ 17.

(1) في «ج»: نحبهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 450

فقال: «إن فقدتم إمامكم فلم تروه، فما ذا تصنعون «1»؟».

10942/ [6]- محمد بن العباس: عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد بن سيار، عن محمد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)، في قوله عز و جل: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ، قال: «إن غاب إمامكم، فمن يأتيكم بإمام جديد؟».

10943/ [7]- و عنه: بإسناده، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: قلت له: ما تأويل هذه الآية قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ؟ فقال: «تأويله: إن فقدتم إمامكم، فمن يأتيكم بإمام جديد».

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 2: 708/ 15.

7- تأويل الآيات 2: 708/ 13.

(1) في المصدر: إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 451

سورة القلم ..... ص : 451

فضلها ..... ص : 451

10944/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن علي بن ميمون الصائغ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قرأ سورة (ن و القلم) في فريضة أو نافلة آمنه الله عز و جل من أن يصيبه فقر أبدا، و أعاذه الله إذا مات من ضمة القبر».

10945/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله): أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله كثواب الذين أجل الله أحلامهم، و إن كتبت و علقت على الضرس المضروب سكن ألمه من ساعته».

10946/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها عليه أو على من به وجع الضرس سكن من ساعته بإذن الله تعالى».

10947/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا كتبت و علقت على صاحب الضرس سكن بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 119.

2- .......

3- .......

4- .......

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 452

سورة القلم(68): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 452

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ- إلى قوله تعالى- وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ [1- 3]

10948/ [1]- ابن بابويه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني، فيما كتب إلى على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن الصادق (عليه السلام)، في تفسير الحروف المقطعة في القرآن، قال: «و أما النون فهو نهر في الجنة، قال الله عز و جل: اجمد فجمد، فصار مدادا، ثم قال عز و جل للقلم: اكتب فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة، فالمداد مداد من نور، و

القلم قلم من نور، و اللوح لوح من نور».

قال سفيان: فقلت له: يا بن رسول الله، بين [لي أمر اللوح و القلم و المداد فصل «1» بيان، و علمني مما علمك الله؟ فقال: «يا بن سعيد، لو لا أنك أهل للجواب ما أجبتك، فنون ملك يؤدي إلى القلم و هو ملك، و القلم يؤدي إلى اللوح و هو ملك، و اللوح يؤدي إلى إسرافيل، و إسرافيل يؤدي إلى ميكائيل، و ميكائيل يؤدي إلى جبرئيل، و جبرئيل يؤدي إلى الأنبياء و الرسل (صلوات الله عليهم)». قال: ثم قال [لي : «قم- يا سفيان- فلا نأمن عليك».

10949/ [2]- و عنه، قال: أخبرنا علي بن حبشي بن قوني (رحمه الله) فيما كتب إلي، قال: حدثنا حميد بن زياد،

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 23: 1.

2- علل الشرائع: 402/ 2.

(1) في المصدر: فضل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 453

قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن يحيى بن أبي العلاء الرازي، أن رجلا دخل على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: جعلت فداك، أخبرني عن قول الله عز و جل: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ، فقال: «أما نون فكان نهرا في الجنة أشد بياضا من الثلج و أحلى من العسل، قال الله عز و جل: كن مدادا، فكان مدادا، ثم أخذ شجرة فغرسها بيده- ثم قال: و اليد: القوة، و ليس بحيث تذهب إليه المشبهة- ثم قال لها: كوني قلما، فكانت قلما، ثم قال له: اكتب. فقال له: يا رب، و ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، ففعل ذلك، ثم ختم عليه و قال:

لا تنطقن إلى يوم الوقت المعلوم».

10950/ [3]- و عنه قال:

حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني، قال:

حدثنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم العجلي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن رباط «1» العرزمي، قال: حدثنا علي بن حاتم المنقري، عن إبراهيم الكرخي، قال: سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن اللوح و القلم، فقال: «هما ملكان».

10951/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أسباط، عن الحسين بن يزيد، قال: حدثني محمد بن سالم، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ فالقلم قلم من نور، و كتاب من نور، و في لوح محفوظ، يشهده المقربون و كفى بالله شهيدا».

10952/ [5]- العياشي: عن محمد بن مروان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «إني لأطوف بالبيت مع أبي (عليه السلام)، إذ أقبل رجل طوال جعشم «2» متعمم بعمامة، فقال: السلام عليك، يا بن رسول الله، قال: فرد عليه أبي، فقال: أشياء أردت أن أسألك عنها، ما بقي أحد يعلمها إلا رجل أو رجلان، فسأله عنها، فكان فيما سأله، قال:

فأخبرني عن ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ قال: نون نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، قال: فأمر الله القلم فجرى بما هو كائن و ما يكون، فهو بين يديه موضوع، ما شاء منه زاد فيه، و ما شاء نقص منه، و ما شاء كان، و ما لا يشاء لا يكون. قال: صدقت، فعجب أبي من قوله:

صدقت».

و

في الحديث: قال: «ثم قام الرجل، فقال أبي: علي بالرجل فطلبته فلم أجده».

10953/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي

__________________________________________________

3- معاني الأخبار: 30/ 1.

4- الخصال: 332/ 30. [.....]

5- تفسير العيّاشي 1: 29/ 5.

6- تفسير القمّي 2: 379.

(1) في المصدر: محمّد بن أحمد بن عبد اللّه بن زياد.

(2) الجعشم: الصغير البدن، القليل لحم الجسد، و قيل: هو المنتفخ الجنبين الغليظهما مع، و قيل: القصير الغليظ مع شدّة. «لسان العرب 12: 102».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 454

عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن ن وَ الْقَلَمِ. قال (عليه السلام): «إن الله تعالى خلق القلم من شجرة من «1» الجنة، يقال لها الخلد، ثم قال لنهر في الجنة: كن مدادا، فجمد النهر، و كان أشد بياضا من الثلج و أحلى من الشهد، ثم قال للقلم: اكتب، قال: يا رب و ما أكتب؟ قال: اكتب ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة، و أصفى من الياقوت، ثم طواه فجعله في ركن العرش، ثم ختم على فم القلم فلم ينطق بعد ذلك و لا ينطق أبدا، فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها، أو لستم عربا؟ فكيف لا تعرفون معنى الكلام و أحدكم يقول لصاحبه: انسخ ذلك الكتاب، أو ليس إنما ينسخ من كتاب أخذ «2» من الأصل؟ و هو قوله: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «3»».

10954/ [7]- سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن حماد الطنافسي، عن الكلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال: «يا كلبي، كم لمحمد (صلى

الله عليه و آله) من اسم في القرآن؟» فقلت: اسمان أو ثلاثة. فقال: «يا كلبي له عشرة أسماء» ثم ذكرها (عليه السلام)، و قال فيها: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ و قد تقدم ذكر العشرة بتمامها في أول سورة طه «4».

10955/ [8]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بإسناده إلى محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ: «فالنون اسم لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و القلم اسم لأمير المؤمنين (عليه السلام)».

10956/]- الطبرسي: في معنى نون، عن أبي جعفر (عليه السلام) «5»: «هو نهر في الجنة، قال الله له: كن مدادا، فجمد، و كان أبيض من اللبن، و أحلى من الشهد، ثم قال للقلم: اكتب، فكتب ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة».

10957/ [10]- ابن شهر آشوب: عن تفسير يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا أبو بكر الحميدي، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، في خبر يذكر فيه كيفية بعثة النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) قائم يصلي مع خديجة، إذ طلع عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له: ما هذا يا محمد؟ قال: «هذا دين الله» فآمن به و صدقه، ثم كانا يصليان و يركعان و يسجدان، فأبصرهما أهل مكة ففشا الخبر فيهم أن محمدا قد جن، فنزل ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ.

__________________________________________________

7- مختصر بصائر الدرجات: 67.

8- تأويل الآيات 2: 710/ 1.

9- مجمع البيان 10: 499.

10-

المناقب 2: 14.

(1) في المصدر: في.

(2) في النسخ: آخر.

(3) الجاثية 45: 29.

(4) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة طه.

(5) في المصدر: معنى نون، و روي مرفوعا إلى النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) و قيل.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 455

10958/ [11]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ ما يَسْطُرُونَ أي ما يكتبون، و هو قسم و جوابه: ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ قوله: وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ أي لا نمن عليك في ما نعطيك من عظيم الثواب.

سورة القلم(68): آية 4 ..... ص : 455

قوله تعالى:

وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [4]

10959/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن فضالة، عن أبان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ، قال: «هو الإسلام».

و

روي أن الخلق العظيم: الذين العظيم.

10960/ [2]- علي بن إبراهيم: عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ أي على دين عظيم».

10961/ [3]- محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن بحر السقاء، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا بحر، حسن الخلق يسر».

ثم قال: «ألا أخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة؟». قلت: بلى. قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم جالس في المسجد، إذ جاءت جارية لبعض الأنصار و هو قائم، فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبي (صلى الله عليه و آله) فلم تقل شيئا و لم يقل لها

النبي (صلى الله عليه و آله) شيئا، حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، فقام لها النبي (صلى الله عليه و آله) في الرابعة و هي خلفه، فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت.

فقال لها الأنصار «1»: فعل الله بك و فعل، حبست رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثلاث مرات لا تقولين له شيئا، و لا هو يقول لك شيئا، ما كانت حاجتك إليه؟ قالت: إن لنا مريضا، فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه يستشفي بها، فلما أردت أخذها رآني فقام، و استحييت أن آخذها و هو يراني، و أكره أن أستأمره في أخذها، فأخذتها».

10962/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حبيب الخثعمي، عن أبي

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 2: 380. [.....]

1- معاني الأخبار: 188/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 382.

3- الكافي 2: 83/ 15.

4- الكافي 2: 83/ 16.

(1) في المصدر: الناس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 456

عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أفاضلكم أحسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا «1» الذين يألفون و يؤلفون و توطأ رحالهم».

10963/ [5]- الشيخ ورام: روي أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يمشي و معه بعض أصحابه، فأدركه أعرابي فجذبه جذبا شديدا، و كان عليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأثرت الحاشية في عنقه (صلى الله عليه و آله) [من شدة جذبه، ثم قال: يا محمد، هب لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله)] فضحك، ثم أمر بإعطائه، و لما أكثرت قريش أذاه و ضربه قال: «اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون». فلذلك قال الله تعالى: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ

عَظِيمٍ.

10964/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري (رحمه الله)، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال:

حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة القمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن لله عز و جل وجوها، خلقهم من خلقه و أرضه لقضاء حوائج إخوانهم يرون الحمد مجدا، و الله عز و جل يحب مكارم الأخلاق، و كان فيما خاطب الله تعالى نبيه (صلى الله عليه و آله) أن قال له: يا محمد: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ قال: السخاء و حسن الخلق».

سورة القلم(68): الآيات 5 الي 13 ..... ص : 456

قوله تعالى:

فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ- إلى قوله تعالى- عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ [5- 13]

10965/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان ابن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي العباس المكي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن عمر لقي عليا (عليه السلام)، فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ و تعرض بي و بصاحبي؟ فقال:

أ فلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية؟ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ «2».

__________________________________________________

5- تنبيه الخواطر 1: 99.

6- الأمالي 1: 308.

1- الكافي 8: 103/ 76.

(1) قال ابن الأثير: هذا مثل، و حقيقته من التّوطئة، و هي التمهيد و التّذليل. و فراش و طي ء: لا يؤذي جنب النائم. و الأكناف: الجوانب. أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم و لا يتأذى. «لسان العرب 1: 198».

(2) محمّد (صلى اللّه عليه و

آله) 47: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 457

فقال: كذبت، بنو أمية أوصل منكم للرحم، و لكنك أبيت إلا عداوة لبني تيم و بني عدي و بني أمية».

10966/ [2]- محمد بن العباس: عن عبد العزيز بن يحيى، عن عمرو بن محمد بن تركي، عن محمد بن الفضل، عن محمد بن شعيب، عن دلهم بن صالح، عن الضحاك بن مزاحم، قال: لما رأت قريش تقديم النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) و إعظامه له، نالوا من علي (عليه السلام)، و قالوا: قد افتتن به محمد (صلى الله عليه و آله) فأنزل الله تبارك و تعالى: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ «1» قسم أقسم الله تعالى به ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «2» و سبيله: علي بن أبي طالب (عليه السلام).

10967/ [3]- و عنه: عن علي بن العباس، عن حسن بن محمد، عن يوسف بن كليب، عن خالد، عن حفص ابن عمر، عن حنان، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: لما أخذ النبي (صلى الله عليه و آله) بيد علي (عليه السلام) فرفعها، و قال:

«من كنت مولاه فعلي مولاه» قال أناس: إنما افتتن بابن عمه فنزلت الآية فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ.

10968/ [4]- الطبرسي، قال: أخبرنا السيد أبو المحمد مهدي بن نزار الحسيني القائني، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، قال: حدثنا أبو بكر الجرجاني، قال:

حدثنا أبو أحمد البصري، قال: حدثني عمرو بن محمد بن

تركي، قال: حدثنا محمد بن الفضل، قال: حدثنا محمد ابن شعيب، عن عمرو بن شمر، عن دلهم بن صالح، عن الضحاك بن مزاحم، قال: لما رأت قريش تقديم النبي (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) و إعظامه له، نالوا من علي (عليه السلام)، و قالوا: قد افتتن به محمد فأنزل الله تعالى:

ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ «3» قسم أقسم الله به و ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «4» يعني القرآن، إلى قوله: بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ و هم النفر الذين قالوا ما قالوا وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ علي بن أبي طالب (عليه السلام).

10969/ [5]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ بأيكم تفتنون، هكذا نزلت في بني أمية بِأَيِّكُمُ أي حبتر و زفر و علي.

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 711/ 2.

3- تأويل الآيات 2: 711/ 3.

4- مجمع البيان 10: 501.

5- تفسير القمّي 2: 380. [.....]

(1) القلم 68/ 1.

(2) القلم 68: 2- 7.

(3) القلم 68: 1.

(4) القلم 68: 2- 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 458

10970/ [6]- قال: و قال الصادق (عليه السلام): «لقي عمر أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا علي بلغني أنك تتأول هذه الآية في و في صاحبي: فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أ فلا أخبرك- يا أبا حفص- ما نزل في بني أمية؟ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ «1». فقال عمر: كذبت- يا علي- بنو أمية خير منك و أوصل للرحم».

10971/ [7]- شرف الدين النجفي: عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عنهم (صلوات الله عليهم أجمعين): قوله عز و جل: وَ

لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ الثاني هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ قال: «العتل: الكافر العظيم الكفر، و الزنيم: ولد الزنا».

10972/ [8]- و قال شرف الدين: روى محمد البرقي، عن الأحمسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله، و زاد فيه: «و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ فلقيه الثاني، فقال له: أنت الذي تقول كذا و كذا، تعرض بي و بصاحبي؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) و لم يعتذر إليه: ألا أخبرك بما نزل في بني أمية؟ نزل فيهم فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ»

قال: فكذبه و قال له:

هم خير منك و أوصل للرحم».

10973/ [9]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عمن حدثه، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):

«قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما من مؤمن إلا و قد «3» خلص ودي إلى قلبه [و ما خلص ودي إلى قلب أحد] إلا و قد خلص ود علي إلى قلبه، كذب- يا علي- من زعم أنه يحبني و يبغضك، قال: فقال رجلان من المنافقين: لقد فتن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهذا الغلام فأنزل الله تبارك و تعالى فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ... وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ قال: نزلت فيهما إلى آخر الآية».

10974/ [10]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ قال: في علي (عليه السلام) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ أي أحبوا أن تغش في علي فيغشون معك وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ قال: الحلاف: الثاني، حلف لرسول الله (صلى الله

عليه و آله) أنه لا ينكث عهدا هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ قال: كان ينم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يهمز «4» بين أصحابه، قال: الذي يغمز الناس و يستحقر الفقراء «5».

__________________________________________________

6- تفسير القمّي 2: 380.

7- تأويل الآيات 2: 2: 712/ 4.

8- تأويل الآيات 2: 712/ 5.

9- المحاسن: 151/ 71.

10- تفسير القمّي 2: 380.

(1) الإسراء 17: 60.

(2) محمّد (صلى اللّه عليه و آله) 47: 22.

(3) (إلا و قد) ليس في «ط، ي».

(4) في المصدر: و ينم.

(5) (قال: الذي يغمز الناس و يستحقر الفقراء) ليس في المصدر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 459

قوله تعالى: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ قال: الخير: أمير المؤمنين (عليه السلام)، مُعْتَدٍ أي اعتدى عليه، و قوله: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ قال: العتل: العظيم الكفر، و الزنيم: الدعي، قال الشاعر:

زنيم تداعاه الرجال تداعيا كما زيد في عرض الأديم الأكارع.

10975/ [11]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس ابن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ؟ قال: «العتل: العظيم الكفر [و الزنيم : المستهتر «1» بكفره».

10976/ [12]- الطبرسي: الزنيم: هو الذي لا أصل له، عن علي (عليه السلام).

سورة القلم(68): الآيات 15 الي 16 ..... ص : 459

قوله تعالى:

إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ [15- 16] 10977/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قال: كنى عن الثاني، قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي أكاذيب الأولين، قوله: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ قال: في الرجعة، إذا رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) و رجع أعداؤه، فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم، على

الخراطيم: الأنف و الشفتين «2».

سورة القلم(68): الآيات 17 الي 33 ..... ص : 459

قوله تعالى:

إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ- إلى قوله تعالى- لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ [17- 33]

10978/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان

__________________________________________________

11- معاني الأخبار: 149/ 1.

12- مجمع البيان 10: 502.

1- تفسير القمّي 2: 381.

2- الكافي 2: 208/ 12.

(1) في النسخ: المستهزئ.

(2) في المصدر: الخرطوم و الأنف و الشفتين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 460

ابن عثمان، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الرجل ليذنب الذنب فيدرأ عنه الرزق، و تلا هذه الآية:

إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَ لا يَسْتَثْنُونَ فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ».

10979/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي عن إسحاق بن الهيثم، عن علي بن الحسين العبدي، عن سليمان الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنه قيل [له : إن قوما من هذه الأمة يزعمون أن العبد يذنب فيحرم به الرزق؟ فقال ابن عباس: فو الذي لا إله إلا هو، لهذا أنور في كتاب الله من الشمس الضاحية، ذكره الله في سورة (ن و القلم)، أنه كان شيخ و كانت له جنة، و كان لا يدخل بيته ثمرة منها و لا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه، فلما قبض الشيخ ورثه بنوه، و كان له خمسة من البنين، فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملته قبل ذلك، فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر، فأشرفوا على ثمرة و رزق فاضل، لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم، فلما نظروا إلى الفضل طغوا و بغوا، و قال بعضهم لبعض:

إن أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله و خرف، فهلموا «1» نتعاقد فيما بيننا أن لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين في عامنا [هذا] شيئا حتى نستغني و تكثر أموالنا ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة فرضي بذلك منهم أربعة، و سخط الخامس، و هو الذي قال الله تعالى: قالَ أَوْسَطُهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ.

فقال الرجل: يا بن عباس، كان أوسطهم في السن؟ فقال: بل كان أصغرهم سنا، و أكبرهم عقلا، و أوسط «2» القوم خير القوم، و الدليل عليه في القرآن أنكم يا أمة محمد أصغر الأمم و خير الأمم، قوله عز و جل: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً.

فقال لهم أوسطهم: اتقوا الله، و كونوا على منهاج أبيكم تسلموا و تغنموا فبطشوا به و ضربوه ضربا مبرحا، فلما أيقن الأخ منهم أنهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لأمرهم غير طائع، فراحوا إلى منازلهم، ثم حلفوا بالله ليصرموه إذا أصبحوا، و لم يقولوا: إن شاء الله، فابتلاهم الله بذلك الذنب، و حال بينهم و بين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه، فأخبر عنهم في الكتاب، و قال: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَ لا يَسْتَثْنُونَ فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ قال:

كالمحترق فقال الرجل: يا ابن عباس، ما الصريم؟ قال: الليل المظلم، ثم قال: لا ضوء له و لا نور.

فلما أصبح القوم فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ قال: فَانْطَلَقُوا وَ هُمْ يَتَخافَتُونَ.

قال الرجل: و ما التخافت، يا بن عباس؟ قال: يتشاورون، فيشاور «3» بعضهم بعضا لكيلا يسمع أحد غيرهم.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 381.

(1) زاد

في المصدر: نتعاهدو.

(2) البقرة 2: 143.

(3) في المصدر: قال: يتسارّون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 461

فقالوا: لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَ غَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ و في أنفسهم أن يصرموها، و لا يعلمون ما قد حل بهم من سطوات الله و نقمته فَلَمَّا رَأَوْها و [عاينوا] ما قد حل بهم قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ فحرمهم الله ذلك الرزق بذنب كان منهم و لم يظلمهم شيئا: قالَ أَوْسَطُهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قال: يلومون أنفسهم فيما عزموا عليه قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ فقال الله: كَذلِكَ الْعَذابُ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.

10980/ [3]- و قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله تعالى: إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أن أهل مكة ابتلوا بالجوع كما ابتلي أصحاب الجنة، و هي [الجنة التي كانت في الدنيا و كانت باليمن، يقال لها الرضوان، على تسعة أميال من صنعاء».

قوله تعالى: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ و هو العذاب، قوله: إِنَّا لَضَالُّونَ قال:

خاطئو الطريق، قوله: لَوْ لا تُسَبِّحُونَ يقول: ألا تستغفرون؟

سورة القلم(68): الآيات 40 الي 43 ..... ص : 461

قوله تعالى:

سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ- إلى قوله تعالى- يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ [40- 43] 10981/ [1]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ: أي كفيل، قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ قال: يكشف عن الأمور التي خفيت و ما غصبوا آل محمد حقهم وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ قال: يكشف

لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر- يعني قرونها- فَلا يَسْتَطِيعُونَ أن يسجدوا، و هي عقوبة لأنهم لا يطيعون الله في الدنيا في أمره، و هو قوله: وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ قال: إلى ولايته في الدنيا و هم يستطيعون.

10982/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا الحسين بن الحسن، عن بكر، عن الحسين بن سعيد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ، قال: «حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجدا، و تدمج أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 382.

1- تفسير القمّي 2: 383.

2- التوحيد: 154/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 462

10983/ [3]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ، قال:

«تبǘљàالجبار- ثم أشار إلى ساقه، فكشف عنها الإزار- قال: وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ قال: أفحم القوم و دخلتهم الهيبة، و خشعت «1» الأبصار، و بلغت القلوب الحناجر خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ».

قال ابن بابويه: قوله: «تبارك الجبار، و أشار إلى ساقه فكشف عنها الإزار» يعني به تبارك الجبار من أن يوصف بالساق الذي هذا صفته.

10984/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال:

حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ، قال: كشف إزاره عن ساق، و يده الأخرى على رأسه فقال: «سبحان ربي الأعلى!».

قال ابن بابويه: قوله:

«سبحان ربي الأعلى!»

تنزيه لله عز و جل أن يكون له ساق.

10985/ [5]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن الحسن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن حمزة بن محمد الطيار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ، قال: «مستطيعون، يستطيعون الأخذ بما أمروا به و الترك لما نهوا عنه، و بذلك ابتلوا» ثم قال: «ليس شي ء مما أمروا به و نهوا عنه إلا و من الله عز و جل فيه ابتلاء و قضاء».

10986/ [6]- و عنه، قال: حدثني أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله)، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن عبد الله، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي الحسن الحذاء، عن المعلى بن خنيس، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما يعني بقوله عز و جل وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ؟ قال: «و هم مستطيعون».

10987/ [7]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن فضال، عن مفضل بن صالح، عن محمد

بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ، قال:

__________________________________________________

3- التوحيد: 154/ 2. [.....]

4- التوحيد: 155/ 3.

5- التوحيد: 349/ 9.

6- التوحيد: 351/ 17.

7- المحاسن: 279/ 404.

(1) في المصدر: و شخصت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 463

«و هم يستطيعون الأخذ لما أمروا به و الترك لما نهوا عنه، و لذلك ابتلوا» و قال: «ليس في العبد قبض و لا بسط مما أمر الله به و «1» نهى عنه إلا [و] من الله فيه ابتلاء و قضاء».

سورة القلم(68): الآيات 44 الي 48 ..... ص : 463

قوله تعالى:

سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ- إلى قوله تعالى- إِذْ نادى وَ هُوَ مَكْظُومٌ [44- 48]

10988/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السمط، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة و ذكره الاستغفار، و إذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار و يتمادى بها، و هو قول الله عز و جل: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ بالنعم عند المعاصي».

و الروايات قد تقدمت في ذلك في سورة الأعراف «2».

10989/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: في قوله: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ، قال: تحذيرا عن «3» المعاصي، ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ يعني يونس (عليه السلام)، [لما] دعا على قومه ثم ذهب مغاضبا.

10990/ [3]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: إِذْ نادى وَ هُوَ مَكْظُومٌ يقول:

«مغموم».

سورة القلم(68): الآيات 49 الي 52 ..... ص : 463

قوله تعالى:

لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ- إلى قوله تعالى- وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ [49- 52]

__________________________________________________

1- الكافي 2: 327/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 383.

3- تفسير القمّي 2: 383.

(1) في المصدر: أو.

(2) تقدّمت في تفسير الآيات (182- 184) من سورة الأعراف.

(3) في المصدر: قال: تجديدا لهم عند.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 464

10991/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله: لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ قال: النعمة: الرحمة لَنُبِذَ بِالْعَراءِ قال: العراء: الموضع الذي لا سقف له.

قوله تعالى: وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ قال: لما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بفضل أمير المؤمنين (عليه السلام) قالوا: هو مجنون، فقال الله سبحانه: وَ ما هُوَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ.

10992/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحجال، عن عبد الصمد بن بشير، عن حسان الجمال، قال: حملت أبا عبد الله (عليه السلام) من المدينة إلى مكة، قال:

فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر في ميسرة الجبل»، فقال: «ذاك موضع قدم رسول الله (صلى الله عليه و آله)، حيث قال:

من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه».

ثم نظر في الجانب الآخر، قال: «ذاك موضع فسطاط أبي فلان و فلان و سالم مولى أبي حذيفة و أبي عبيدة ابن الجراح، فلما رأوه رافعا يده، قال بعضهم: انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ»

ثم قال: «يا حسان، لو لا أنك جمالي ما «2» حدثتك بهذا الحديث».

10993/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين «3» بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن الحسين الجمال، قال حملت: أبا عبد الله (عليه السلام) من المدينة إلى مكة، فلما بلغ غدير خم نظر إلي، و قال: «هذا موضع قدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أخذ بيد علي (عليه السلام) و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، و كان عن يمين الفسطاط أربعة نفر من قريش- سماهم لي- فلما نظروا إليه و قد رفع يده حتى بان بياض إبطيه، قالوا: انظروا إلى عينيه، قد انقلبتا كأنهما عينا مجنون، فأتاه جبرئيل فقال: اقرأ وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ و الذكر:

علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 383.

2- التهذيب 3: 263/ 746.

3- تأويل الآيات 2: 713/ 6. [.....]

(1) في المصدر: المسجد.

(2) في المصدر: لما.

(3) في المصدر: الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 465

فقلت: الحمد لله الذي أسمعني منك هذا. فقال: «لو لا أنك جمال «1» ما «2» حدثتك بهذا، لأنك لا تصدق إذا رويت عني».

__________________________________________________

(1) في «ط»: جمالي.

(2) في المصدر: لما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 467

سورة الحاقة ..... ص : 467

فضلها ..... ص : 467

10994/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أكثروا من قراءة الحاقة، فإن قراءتها في الفرائض و النوافل من الإيمان بالله و رسوله، لأنها إنما نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) و معاوية، و لم يسلب قارئها دينه حتى يلقى الله

عز و جل».

10995/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة حاسبه الله حسابا يسيرا، و من كتبها و علقها على امرأة، حامل حفظ ما في بطنها بإذن الله تعالى، و إن كتبت و غسلت و سقي ماؤها طفلا يرضع اللبن قبل كمال فطامه، خرج ذكيا حافظا».

10996/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها حاسبه الله حسابا يسيرا، و من كتبها و علقها على امرأة حامل حفظ ما في بطنها بإذن الله تعالى، و إن كتبت و غسلت و شرب ماءها طفل يرضع اللبن خرج ذكيا حافظا لكل ما يسمعه».

10997/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا كتبت و علقت على حامل حفظت الجنين، و إذا سقي منها الولد ذكاه و سلمه الله تعالى، و نشأ أحسن نشوء بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 119.

2- .......

3- ......

4- خواص القرآن: 11 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 468

سورة الحاقة(69): الآيات 1 الي 6 ..... ص : 468

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ- إلى قوله تعالى- فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ [1- 6] 10998/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الْحَاقَّةُ الحذر من العذاب، و الدليل على ذلك قوله تعالى: وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ «1»، كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَ عادٌ بِالْقارِعَةِ [قال : قرعهم بالعذاب.

قوله فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَ أَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ أي باردة عاتِيَةٍ قال:

خرجت أكثر مما أمرت [به .

10999/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث- قال: «و أما الريح

العقيم فإنها ريح عذاب، لا تلقح شيئا من الأرحام، و لا شيئا من النبات، و هي ريح تخرج من تحت الأرضين السبع، و ما خرجت منها ريح قط إلا على قوم عاد حين غضب الله عليهم، فأمر الخزان أن يخرجوا منها على قدر سعة الخاتم، فعتت على الخزان فخرج منها على مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، قال: فضج الخزان إلى الله عز و جل من ذلك، فقالوا:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 383.

2- الكافي 8: 92/ 64.

(1) غافر 40: 45.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 469

ربنا إنها [قد] عتت عن أمرنا، إنا نخاف أن نهلك من لم يعصك من خلقك و عمر «1» بلادك. قال: فبعث الله عز و جل إليها جبرئيل (عليه السلام)، فاستقبلها بجناحيه، فردها إلى موضعها، و قال لها: أخرجي [على ما أمرت به، قال:

فخرجت على ما أمرت به، و أهلكت قوم عاد و من كان بحضرتهم».

سورة الحاقة(69): آية 7 ..... ص : 469

قوله تعالى:

سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً [7] 11000/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً قال: كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال و ثمانية أيام حتى هلكوا.

11001/ [2]- ابن بابويه: عن الحسين بن أحمد، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الأربعاء يوم نحس مستمر، لأنه أول يوم و آخر يوم من الأيام التي قال الله عز و جل:

سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً».

سورة الحاقة(69): آية 9 ..... ص : 469

قوله تعالى:

وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ [9] 11002/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ المؤتفكات: البصرة، و الخاطئة: فلانة.

11003/ [4]- شرف الدين النجفي: عن محمد البرقي، عن الحسين بن سيف بن عميرة، عن أخيه، عن منصور بن حازم، عن حمران، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقرأ: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ قال: وَ جاءَ فِرْعَوْنُ يعني الثالث، وَ مَنْ قَبْلَهُ الأولين وَ الْمُؤْتَفِكاتُ [أهل البصرة] بِالْخاطِئَةِ [الحميراء] يعني عائشة».

قال: «و قوله تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكاتُ أهل البصرة». فقد جاء في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) لأهل

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 383.

2- علل الشرائع: 381/ 2. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 384.

4- تأويل الآيات 2: 714/ 1.

(1) في المصدر: و عمّار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 470

البصرة: «يا أهل المؤتفكة، ائتفكت بأهلها ثلاثا، و على الله تمام الرابعة». و معنى ائتفكت بأهلها، أي خسفت بهم.

و قد تقدم كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) بزيادة في قوله تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى «1».

سورة الحاقة(69): آية 10 ..... ص : 470

قوله تعالى:

فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً [10]

11004/ [1]- علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً: « [و الرابية] التي أربت على ما صنعوا».

سورة الحاقة(69): آية 11 ..... ص : 470

قوله تعالى:

إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ [11] 11005/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) و أصحابه.

سورة الحاقة(69): آية 12 ..... ص : 470

قوله تعالى:

وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

[12]

11006/ [3]- سعد بن عبد الله: عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

، قال: «وعتها أذن أمير المؤمنين (عليه السلام) من الله و «2» ما كان و ما يكون».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 385.

2- تفسير القمّي 2: 384.

3- مختصر بصائر الدرجات: 65.

(1) تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (53) من سورة النجم.

(2) (و) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 471

11007/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله، عن يحيى بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما نزلت وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أذنك يا علي».

11008/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله)، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن علي (عليه السلام)، قال: «أنا الأذن الواعية، يقول الله عز و جل: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

».

11009/ [4]- محمد بن العباس: روى ثلاثين حديثا، عن الخاص و العام، منها:

ما رواه عن محمد بن سهل القطان، عن أحمد بن عمر الدهقان، عن محمد بن كثير، عن الحارث بن

حصيرة، عن أبي داود، عن أبي بريدة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني سألت الله ربي أن يجعل لعلي أذنا واعية، فقيل لي: قد فعل ذلك به».

11010/ [5]- و عنه: عن محمد بن جرير الطبري، عن عبد الله بن أحمد المروزي، عن يحيى بن صالح، عن علي بن حوشب الفزاري، عن مكحول، في قوله عز و جل وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «سألت الله أن يجعلها أذن علي» قال: و كان علي (عليه السلام) يقول: «ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه و آله) شيئا إلا حفظته و لا أنساه «1»».

11011/ [6]- و عنه: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سالم الأشل، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

، قال: «الأذن الواعية أذن علي (عليه السلام)، وعى قول رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو حجة الله على خلقه، من أطاعه أطاع الله، و من عصاه عصى الله».

11012/ [7]- و عنه: عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار، عن علي بن جعفر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: «جاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى علي (عليه السلام) و هو في منزله، فقال: يا علي، نزلت علي الليلة هذه الآية: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

، و إني سألت الله ربي أن يجعلها أذنك، و قلت: اللهم اجعلها أذن علي، ففعل».

__________________________________________________

2- الكافي 1: 350/ 57.

3- معاني الأخبار: 59/ 9.

4- تأويل

الآيات 2: 715/ 3.

5- تأويل الآيات 2: 715/ 4.

6- تأويل الآيات 2: 715/ 5.

7- تأويل الآيات 2: 716/ 6. [.....]

(1) في المصدر: و لم أنسه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 472

11013/ [8]- عن العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال فيه: «و الله أنا الذي أنزل الله في وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

فإنا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا و من يعيه، فإذا خرجنا قالوا: ما ذا قال آنفا؟».

و الحديث بطوله تقدم في باب أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا الأئمة (عليهم السلام) و عندهم تأويله، من مقدمة الكتاب «1».

11014/ [9]- ابن شهر آشوب: عن أبي نعيم، في (حلية الأولياء): روى عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه (عليه السلام)، و الواحدي في (أسباب نزول القرآن)، عن بريدة، و أبو القاسم بن حبيب في (تفسيره)، عن زر بن حبيش، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و اللفظ له، قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «ضمني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال: أمرني ربي أن أدنيك و لا أقصيك، و أن تسمع و تعي».

11015/ [10]- (تفسير الثعلبي): في رواية بريدة: «و أن أعلمك و تعي، و حق على الله أن تسمع و تعي» فنزلت:

وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ، و ذكره النطنزي في (الخصائص).

11016/1]

- و في أخبار أبي رافع قال: «إن الله تعالى أمرني أن أدنيك و لا أقصيك، و أن أعلمك و لا أجفوك، و حق علي أن أطيع ربي [فيك ، و حق عليك أن تعي».

11017/ [12]- (محاضرات الراغب): قال الضحاك و ابن عباس، و في (أمالي

الطوسي): قال الصادق (عليه السلام)، و في بعض كتب الشيعة عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قالوا: «وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

» أذن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

11018/ [13]- (كتاب الياقوت): عن أبي عمر غلام ثعلب، و (الكشف و البيان) عن الثعلبي: قال عبد الله بن الحسن، و في (كتاب الكليني) و اللفظ له، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه و آله): «لما نزلت وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

قلت: اللهم اجعلها أذن علي». فما سمع شيئا بعدها إلا حفظه.

11019/ [14]- سعيد بن جبير، عن ابن عباس: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

أذن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله): «ما زلت أسأل الله تعالى منذ أنزلت أن تكون أذنك يا علي».

__________________________________________________

8- تفسير العيّاشي 1: 14/ 1.

9- المناقب 3: 78.

10- المناقب 3: 78.

11- المناقب 3: 78.

12- المناقب 3: 78.

13- المناقب 3: 78.

14- المناقب 3: 78.

(1) تقدّم في الحديث (13) باب (5).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 473

11020/ [15]- جابر الجعفي و عبد الله بن الحسين، و مكحول، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «إني سألت ربي أن يجعلها أذنك يا علي، و قلت: اللهم اجعلها أذنا واعية، أذن علي، ففعل، فما سمعت شيئا بعد إلا وعيته «1»».

و الروايات في ذلك من الخاصة و العامة كثيرة، اقتصرنا على ذلك مخافة الاطالة.

سورة الحاقة(69): الآيات 14 الي 16 ..... ص : 473

قوله تعالى:

وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ- إلى قوله تعالى- فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ [14- 16] 11021/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ، قال: وقعت فدك بعضها على بعض، و قوله: فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ، قال: باطلة.

سورة الحاقة(69): الآيات 17 الي 23 ..... ص : 473

قوله تعالى:

وَ الْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ [17]

11022/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حملة العرش- و العرش:

العلم- [ثمانية] أربعة منا، و أربعة ممن شاء الله».

11023/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن حملة العرش ثمانية، كل واحد منهم له ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا».

__________________________________________________

15- المناقب 3: 78.

1- تفسير القمّي 2: 384.

2- الكافي 1: 102/ 6.

3- الخصال: 407/ 4.

(1) في المصدر: فما نسيت شيئا سمعته بعد. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 474

11024/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار مرسلا، قال: قال الصادق (عليه السلام): «إن حملة العرش ثمانية، أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لولد آدم، و الثاني على صورة الديك يسترزق الله للطير، و الثالث على صورة الأسد يسترزق الله للسباع، و الرابع على صورة الثور يسترزق الله للبهائم، و نكس الثور رأسه منذ عبد بنو إسرائيل العجل، فإذا كان يوم

القيامة صاروا ثمانية».

11025/ [4]- محمد بن العباس: عن جعفر بن محمد بن مالك، عن أحمد بن الحسين العلوي، عن محمد بن حاتم، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل:

الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ «1»، قال: «يعني محمدا و عليا و الحسن و الحسين و نوح و إبراهيم و موسى و عيسى (صلوات الله عليهم أجمعين)» يعني أن «2» هؤلاء الذين حول العرش.

11026/ [5]- و قال الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في (اعتقاداته)، قال: و أما العرش الذي هو العلم فحملته أربعة من الأولين و أربعة من الآخرين، فأما الأربعة من الأولين: فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى (عليهم السلام)، و أما الأربعة من الآخرين: فمحمد و علي و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)، هكذا روي بالأسانيد الصحيحة عن الأئمة (عليهم السلام).

11027/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: حملة العرش ثمانية، لكل واحد ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا.

11028/ [7]- قال: و في حديث آخر، قال: حملة العرش ثمانية، أربعة من الأولين و أربعة من الآخرين، فأما الأربعة من الأولين: فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى، و أما الأربعة من الآخرين فمحمد و علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام) «3».

و قد مضى تفسير الآية في حم المؤمن، في قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ «4».

قوله تعالى:

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ

__________________________________________________

3- الخصال: 407/ 5.

4- تأويل الآيات 2: 716/ 7.

5- اعتقادات الصدوق: 75.

6- تفسير القمّي: 131 «المخطوط».

7- تفسير القمّي 2: 384.

(1) غافر 40: 7.

(2) (أن) ليس في «ي».

(3) زاد في المصدر: و معنى

يحملون العرش يعني العلم.

(4) تقدّم في تفسير الآيات (6: 12) من سورة المؤمن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 475

إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها دانِيَةٌ [19- 23]

11029/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ، إلى آخر الكلام: «نزلت في علي (عليه السلام)، و جرت في أهل الايمان مثلا».

11030/ [2]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عمرو ابن عثمان، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ، قال: «هذا أمير المؤمنين».

11031/ [3]- و عنه: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن رجل، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «قوله عز و جل: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ إلى آخر الآيات، فهو أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ «1» فهو الشامي «2»».

11032/ [4]- ابن شهر آشوب: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ: «علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

11033/ [5]- شرف الدين النجفي: قال علي بن إبراهيم في تفسيره: هو علي بن أبي طالب (عليه السلام).

11034/ [6]- و من طريق المخالفين: ما نقله ابن مردويه، عن رجاله، عن ابن عباس، قال في قوله عز و جل:

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ إلى قوله: الْخالِيَةِ

«3» هو علي بن أبي طالب (عليه السلام).

11035/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الوهاب القرشي، قال: أخبرنا أحمد بن

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 717/ 10.

2- تأويل الآيات 2: 717/ 11.

3- تأويل الآيات 2: 719/ 15.

4- المناقب 2: 152.

5- تأويل الآيات 2: 727/ 9. [.....]

6- تأويل الآيات 2: 717/ 9.

7- علل الشرائع: 8/ 5.

(1) الحاقة 69: 25.

(2) في «ج»: فالشاني.

(3) الحاقة 69: 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 476

الفضل، قال: حدثنا منصور بن عبد الله «1»، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم العوفي، قال: حدثنا أحمد بن الحكم البراجمي، قال: حدثنا شريك بن عبد الله، عن أبي وقاص العامري، عن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، قال:

سمعت النبي (صلى الله عليه و آله) يقول: إن حافظي علي [بن أبي طالب ليفتخران على جميع الحفظة لكينونتهما مع علي، و ذلك أنهما لم يصعدا إلى الله عز و جل بشي ء منه يسخط الله تبارك و تعالى».

11036/ [8]- و رواه صدر الأئمة عند المخالفين أخطب خوارزم موفق بن أحمد، قال: أخبرنا الشيخ الإمام شهاب الدين أفضل الحفاظ أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي، في ما كتب إلي من همدان، أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد بأصبهان في ما أذن لي في الرواية عنه، أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث و سبعين و أربع مائة، أخبرني الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني، حدثنا سليمان بن أحمد بن رشيد المصري، حدثنا أحمد بن إبراهيم المغربي الكوفي بمصر، حدثنا أحمد بن الحكم البراجمي،

عن شريك بن عبد الله النخعي، عن أبي الوقاص، عن محمد بن ثابت «2»، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إن حافظي علي بن أبي طالب ليفتخران على سائر الحفظة لكونهما مع علي، و ذلك أنهما لم يصعدا إلى الله عز و جل بشي ء منه يسخطه».

11037/ [9]- و رواه ابن المغازلي الشافعي في كتابه من عدة طرق، بأسانيد عن النبي (صلى الله عليه و آله)، و معناها واحد: أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «ملكي علي بن أبي طالب يفتخران على سائر الأملاك بكونهما مع علي لأنهما لم يصعدا إلى الله منه قط بشي ء يسخطه».

11038/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، قال: إني لأعرف ما في كتاب أصحاب اليمين و كتاب أصحاب الشمال، فأما كتاب أصحاب اليمين: بسم الله الرحمن الرحيم.

11039/1]- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه إذا كان يوم القيامة يدعى كل بإمامه الذي مات في عصره، فإن أثبته أعطي كتابه بيمينه، لقوله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ «3» و اليمين إثبات الامام، لأنه كتاب يقرؤه، إن الله يقول:

__________________________________________________

8- المناقب: 225.

9- مناقب ابن المغازلي: 127/ 167.

10- تفسير القمي 2: 385.

11- تفسير العياشي 2: 302/ 115.

(1) زاد في المصدر: قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا الحسن بن مهزيار.

(2) في المصدر: محمد بن عثمان بن ثابت.

(3) الإسراء 17: 71.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 477

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ الآية، و الكتاب: الإمام، فمن نبذه

وراء ظهره كما قال: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ «1» و من أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله: وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ «2» إلى آخر الآية».

11040/ [12]- (كتاب صفة الجنة و النار)، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثني سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في حديث طويل في حال المؤمن يوم القيامة، و في الحديث عن الله سبحانه: «ثم يقول: يا جبرئيل، انطلق بعبدي فأره كرامتي، فيخرج من عند الله قد أخذ كتابه بيمينه فيدحو به مد البصر، فيبسط صحيفته للمؤمنين و المؤمنات، و هو ينادي هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ».

و في هذا الحديث: «فإذا اشتهوا الطعام جائهم طيور بيض يرفعن أجنحتهن، فيأكلون من أي الألوان اشتهوا جلوسا إن شاءوا، أو متكئين، و إن اشتهوا الفواكه سعت إليهم الأغصان، فيأكلون «3» من أيها اشتهوا».

11041/ [13]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ قال: قال الصادق (عليه السلام): «كل امة يحاسبها إمام زمانها، و يعرف الأئمة أولياءهم و أعداءهم بسيماهم، و هو قوله تعالى: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ [و هم الأئمة] يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «4» فيعطون أولياءهم كتبهم بأيمانهم، فيمرون إلى الجنة بغير حساب، و يعطون أعداءهم كتبهم بشمالهم، فيمرون إلى النار بلا حساب، فإذا نظر أولياؤهم في كتبهم يقولون لإخوانهم: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ أي مرضية، فوضع الفاعل مكان المفعول».

11042/ [14]- علي بن إبراهيم،

قوله تعالى: قُطُوفُها دانِيَةٌ يقول: مدلية ينالها القاعد و القائم.

سورة الحاقة(69): آية 24 ..... ص : 476

قوله تعالى:

كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ [24]

11043/ [1]- محمد بن الحسن الشيباني في (نهج البيان)، قال: جاء في أخبارنا عن الصادق (عليه السلام)، قال:

__________________________________________________

12- الاختصاص: 350.

13- تفسير القمّي 2: 384. [.....]

14- تفسير القمّي 2: 385.

1- نهج البيان 3: 300 «مخطوط».

(1) آل عمران 3: 187.

(2) الواقعة 56: 41- 43.

(3) في المصدر:

اشتهوا الفاكهة تسعّبت إليهم أغصان فأكلوا.

(4) الأعراف 7: 46.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 478

«الأيام الخالية: أيام الصوم في الدنيا».

سورة الحاقة(69): الآيات 25 الي 32 ..... ص : 478

قوله تعالى:

وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ- إلى قوله تعالى- سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ [25- 32] 11044/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في معاوية فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ يعني الموت ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ يعني ماله الذي جمعه هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ أي حجته، فيقال: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ أي أسكنوه ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ قال: معنى السلسلة السبعين ذراعا في الباطن، هم الجبابرة السبعون.

11045/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله عز و جل: فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ «1» و كان فرعون هذه الأمة».

11046/ [3]- ابن طاوس «2» في (الدروع الواقية): في حديث عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «و لو أن ذراعا من السلسلة التي ذكرها الله في كتابه وضع على جميع جبال الدنيا لذابت عن آخرها «3»».

11047/ [4]- (كتاب صفة الجنة

و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في حديث طويل يذكر فيه صفة الكافر يوم القيامة، قال: «ثم تجي ء صحيفته تطير من خلف ظهره، فتقع في شماله، ثم يأتيه ملك فيثقب صدره إلى ظهره، ثم يقلب «4» شماله إلى خلف ظهره.

ثم يقال له: اقرأ كتابك. قال فيقول: كيف أقرأ و جهنم أمامي؟ قال: فيقول الله: دق عنقه، و اكسر صلبه، و شد

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 384.

2- الكافي 4: 244/ 1.

3- الدروع الواقية: 58 «مخطوط».

4- الاختصاص: 361.

(1) الحاقة 69: 32، 33.

(2) في النسخ: ابن بابويه، وهم صحيحه ما أثبتناه.

(3) في النسخ: حرها.

(4) في المصدر: يفتل و الظاهر أنّها تصحيف: يغلّ. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 479

ناصيته، إلى قدميه، ثم يقول: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. قال: فيبتدره لتعظيم قول الله سبعون ألف ملك غلاظ شداد، فمنهم من ينتف لحيته، و منهم من يعض لحمه، و منهم من يحطم عظامه، قال: فيقول: أما ترحموني؟ قال:

فيقولون: يا شقي، كيف نرحمك و لا يرحمك أرحم الراحمين! أ فيؤذيك هذا؟ قال: فيقول: نعم، أشد الأذى. قال:

فيقولون: يا شقي، و كيف لو طرحناك في النار؟ قال: فيدفعه الملك في صدره دفعة فيهوي سبعين ألف عام، قال:

فيقولون: يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا «1» قال: فيقرن معه حجر [عن يمينه ، و شيطان عن يساره، حجر كبريت من نار يشتعل في وجهه، و يخلق الله له سبعين جلدا، كل جلد غلظه أربعون ذراعا، [بذراع الملك الذي يعذبه، و] بين الجلد إلى الجلد [أربعون ذراعا، و بين الجلد إلى الجلد] حيات و عقارب من نار، و ديدان من

نار، رأسه مثل الجبل العظيم، و فخذاه مثل جبل ورقان- و هو جبل بالمدينة- مشفره «2» أطول من مشفر الفيل، فيسحبه سحبا، و أذناه عضوضان «3» بينهما سرادق من نار تشتعل، قد أطلعت النار من دبره على فؤاده، فلا يبلغ دوين بنيانها «4» حتى يبدل له سبعون سلسلة، للسلسلة سبعون ذراعا، ما بين الذراع إلى الذراع حلق، عدد قطر المطر، لو وضعت حلقة منها على جبال الأرض لأذابتها».

و الحديث طويل، ذكرناه بتمامه في (معالم الزلفى) «5».

سورة الحاقة(69): الآيات 33 الي 36 ..... ص : 479

قوله تعالى:

إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ [33- 36] 11048/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ حقوق آل محمد التي غصبوها، قال الله: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ أي قرابة وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ قال: عرق الكفار.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 384.

(1) الأحزاب 33: 66.

(2) المشفر للبعير، كالشّفة للإنسان. «لسان العرب 4: 419».

(3) العضوض من الآبار: الشاقّة على الساقي في العمل، و قيل: هي البعيدة القعر الضيّقة. «لسان العرب 7: 190».

(4) في المصدر: درين سامهما.

(5) معالم الزلفى: 340.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 480

سورة الحاقة(69): الآيات 40 الي 52 ..... ص : 480

قوله تعالى:

إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ- إلى قوله تعالى- فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [40- 52]

11049/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت: قوله إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ؟ قال: «يعني جبرئيل عن الله في ولاية علي (عليه السلام)».

قلت: وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ؟ قال: «قالوا: إن محمدا كذاب على ربه، و ما أمره الله بهذا في علي. فأنزل الله بذلك قرآنا، فقال: إن ولاية علي تنزيل من رب العالمين، و لو تقول علينا «1» بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين. ثم عطف القول: [فقال إن ولاية علي لتذكرة للمتقين- للعالمين- و إنا لنعلم أن منكم مكذبين، و إن عليا لحسرة على الكافرين، و إن ولاية علي لحق اليقين فسبح- يا محمد- باسم ربك العظيم.

يقول: اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل».

11050/ [2]- ابن شهر آشوب: عن

معاوية بن عمار، عن الصادق (عليه السلام)- في خبر- «لما قال النبي (صلى الله عليه و آله): من كنت مولاه فعلي مولاه قال العدوي: لا و الله ما أمره الله بهذا، و ما هو إلا شي ء يتقوله، فأنزل الله تعالى: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ إلى قوله: وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ يعني محمدا وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ يعني به عليا (عليه السلام)».

11051/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ قال: انتقمنا منه بالقوة «2» ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ قال: عرق في الظهر يكون منه الولد فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ يعني لا يحجز «3» الله أحد و لا يمنعه من رسول الله. قوله: وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام): فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.

__________________________________________________

1- الكافي 1: 359/ 91.

2- المناقب 3: 37.

3- تفسير القمّي 2: 384.

(1) زاد في المصدر: محمّد.

(2) في المصدر: بقوة.

(3) زاد في المصدر: عن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 481

سورة المعارج ..... ص : 481

فضلها ..... ص : 481

11052/ [1]- ابن بابويه: بإسناده عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أكثروا من قراءة سَأَلَ سائِلٌ فإن من أكثر قراءتها لم يسأله الله تعالى يوم القيامة عن ذنب عمله، و أسكنه الجنة مع محمد (صلى الله عليه و آله) إن شاء الله تعالى».

11053/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «من قرأ هذه السورة كان من المؤمنين الذين أدركتهم دعوة نوح (عليه السلام)، و من قرأها و كان مأسورا أو مسجونا مقيدا فرج الله عنه، و حفظه حتى

يرجع».

11054/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها و هو مسجون أو مأسور فرج الله تعالى عنه و رجع إلى أهله سالما».

11055/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها ليلا أمن من الجنابة و الاحتلام، و أمن في تمام ليله إلى أن يصبح بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 119.

2- ...... [.....]

3- ......

4- خواص القرآن: 11 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 482

سورة المعارج(70): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 482

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ- إلى قوله تعالى- فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا [1- 5]

11056/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن معنى هذا؟ فقال: «نار تخرج من المغرب و ملك يسوقها من خلفها حتى تأتي دار [بني سعد بن همام عند مسجدهم، فلا تدع دارا لبني امية إلا أحرقتها و أهلها، و لا تدع دارا فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها، و ذلك المهدي (عليه السلام)».

11057/ [2]- و في حديث آخر: «لما اصطفت الخيلان يوم بدر، رفع أبو جهل يديه فقال: اللهم أقطعنا للرحم، و أتانا بما لا نعرفه، فأجنه العذاب، فأنزل الله عز و جل: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ».

11058/ [3]- علي بن إبراهيم: و أخبرنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن علي، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ، قال: «سأل رجل عن الأوصياء، و عن شأن ليلة القدر و ما يلهمون فيها؟ فقال: النبي (صلى الله عليه و آله): سألت عن عذاب واقع ثم كفرت «1» بأن ذلك لا يكون، فإذا وقع ف لَيْسَ

لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ قال:

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 385.

2- تفسير القمي 2: 385.

3- تفسير القمي 2: 385.

(1) في المصدر: كفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 483

تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ في صبح ليلة القدر إِلَيْهِ من عند النبي (صلى الله عليه و آله) و الوصي (عليه السلام)».

11059/ [4]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا أي لتكذيب من كذب إن ذلك لا يكون.

11060/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد ابن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ثم قال: «هكذا و الله نزل بها جبرئيل (عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه و آله)».

11061/ [6]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال [له رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن فيك شبها من عيسى بن مريم، و لو لا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملإ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة، قال: فغضب الأعرابيان و المغيرة بن شعبة و عدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى بن مريم! فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله): وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا

قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ يعني من بني هاشم مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ «1» قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري، فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فأنزل الله عليه مقالة الحارث، و نزلت هذه الآية: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «2».

ثم قال: يا بن عمرو، إما تبت، و إما رحلت؟ فقال: يا محمد، بل تجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب و العجم؟ فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): ليس ذلك إلي، ذلك إلى الله تبارك و تعالى.

فقال يا محمد، قلبي ما يتابعني على التوبة، و لكن أرحل عنك، فدعا براحلته فركبها، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة، فرضت «3» هامته، ثم أتى الوحي إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ».

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 386.

5- الكافي 1: 349/ 47.

6- الكافي 8: 57/ 18.

(1) الزخرف 43: 57- 60.

(2) الأنفال 8: 33.

(3) في المصدر: فرضخت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 484

قال: قلت: جعلت فداك، إنا لا نقرؤها هكذا، فقال: «هكذا أنزل الله بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله)، و هكذا و الله مثبت في مصحف فاطمة (عليها السلام)، فقال رسول الله

(صلى الله عليه و آله) لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى صاحبكم، فقد أتاه ما استفتح به، قال الله عز و جل: وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ «1»».

11062/ [7]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد، عن الحسن بن القاسم، عن عمرو «2» ابن الحسن، عن آدم بن حماد، عن حسين بن محمد، قال: سألت سفيان بن عيينة، عن قول الله عز و جل: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ، فيمن نزلت؟ فقال: يا بن أخي، لقد سألت عن شي ء ما سألني عنه أحد قبلك، لقد سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن مثل هذا الذي قلت «3» فقال: «أخبرني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لما كان يوم غدير خم، قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) خطيبا، ثم دعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بضبعيه، ثم رفع بيده حتى رئي بياض إبطيهما، و قال للناس: ألم أبلغكم الرسالة؟ ألم أنصح لكم؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه.

قال: ففشت هذه في الناس، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فرحل راحلته، ثم استوى عليها، و رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذ ذاك بالأبطح، فأناخ ناقته، ثم عقلها، ثم أتى النبي (صلى الله عليه و آله) ثم قال: يا عبد الله، إنك دعوتنا إلى أن نقول: لا إله إلا الله ففعلنا «4»، ثم دعوتنا إلى أن نقول: إنك رسول الله ففعلنا و القلب فيه ما فيه، ثم قلت لنا: صلوا فصلينا، ثم قلت لنا: صوموا فصمنا، ثم قلت لنا: حجوا فحججنا، ثم قلت لنا:

من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، فهذا عنك أم عن الله؟ فقال له: بل عن الله، فقالها ثلاثا، فنهض و إنه لمغضب، و إنه ليقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء، تكون نقمة في أولنا و آية في آخرنا، و إن كان ما يقوله محمد كذبا فأنزل به نقمتك، ثم ركب ناقته و استوى عليها، فرماه الله بحجر على رأسه «5» فسقط ميتا، فأنزل الله تبارك و تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ».

11063/ [8]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه تلا: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ثم قال: «هكذا في مصحف فاطمة (عليها السلام)».

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 722/ 1.

8- تأويل الآيات 2: 723/ 2. [.....]

(1) إبراهيم 14: 15.

(2) في المصدر: عمر.

(3) في المصدر: مثل الذي سألتني.

(4) في المصدر: فقلنا، و كذا التي بعدها.

(5) في المصدر: ثمّ استوى على ناقته فأثارها، فلمّا خرج من الأبطح رماه اللّه بحجر على رأسه فخرج من دبره.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 485

11064/ [9]- شرف الدين النجفي: عن محمد البرقي، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بولاية علي لَيْسَ لَهُ دافِعٌ، ثم قال: «هكذا و الله نزل بها جبرئيل على النبي (صلى الله عليه و آله)، و هكذا هو مثبت

في مصحف فاطمة (عليها السلام)».

11065/ [10]- أبو علي الطبرسي، في (مجمع البيان)، قال: أخبرنا السيد أبو الحمد، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجاني، قال: أخبرنا أبو أحمد البصري، قال حدثنا محمد بن سهل، قال: حدثنا زيد بن إسماعيل مولى الأنصار، قال: حدثنا محمد بن أيوب الواسطي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «لما نصب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) يوم غدير خم، و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، شاع «1» ذلك في البلاد، فقدم على النبي (صلى الله عليه و آله) النعمان بن الحارث الفهري، فقال: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله، و أمرتنا بالجهاد و الحج و الصوم و الصلاة و الزكاة فقبلناها، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام، فقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شي ء منك أو أمر من الله؟ فقال: بلى و الله الذي لا إله إلا هو، إن هذا من الله، فولى النعمان بن الحارث و هو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، فرماه الله بحجر على رأسه فقتله، و أنزل الله تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ».

قلت و تقدم ذلك في حديث طويل، في قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ من سورة الأنعام، رواه المفضل بن عمر، عن جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) «2».

11066/ [11]- محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب (الغيبة)، قال: أخبرنا أبو سليمان أحمد بن هوذة، قال:

حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي،

قال: حدثنا عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال:

قال أبو جعفر (عليه السلام): «كيف تقرءون هذه السورة؟» قال: قلت: و أي سورة؟ قال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ.

قلت: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ فقال: «ليس هو سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ و إنما هو (سال سيل بعذاب واقع) و هي نار تقع بالثوية، ثم تمضي إلى كناسة، بني أسد، ثم تمضي إلى ثقيف، فلا تدع وترا لآل محمد إلا أحرقته».

11067/ [12]- و عنه: عن محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 723/ 3.

10- مجمع البيان 10: 529.

11- الغيبة 272/ 49.

12- الغيبة: 272/ 48.

(1) في المصدر: طار.

(2) تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (146- 151) من سورة الأنعام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 486

الله عز و جل: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ، فقال: «تأويلها فيما يجي ء: عذاب يقع في الثوية- يعني نارا- تنتهي إلى «1» كناسة بني أسد حتى تمر بثقيف، لا تدع وترا لآل محمد إلا أحرقته، و ذلك قبل خروج القائم (عليه السلام)».

11068/ [13]- و من طريق المخالفين: ما رواه الثعلبي بإسناده، قال: و سئل سفيان بن عيينة عن قول الله عز و جل: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ، فيمن نزل؟ قال: سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدثني جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «لما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: من كنت مولاه فعلي

مولاه، فشاع ذلك و طار في «2» البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) على ناقته حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته و عقلها، ثم أتى النبي (صلى الله عليه و آله) و هو في ملأ من أصحابه فقال: يا محمد، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله فقبلناه منك، و أمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك، و أمرتنا أن نصوم شهرا فقبلناه، و أمرتنا أن نحج البيت فقبلناه، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا و قلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، و هذا شي ء منك أم من الله؟ فقال: و الذي لا إله إلا هو، إنه من أمر الله، فولى الحارث بن النعمان، يريد راحلته، و هو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إليها حتى رماه بحجر فسقط على هامته، و خرج من دبره فقتله، فأنزل الله تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ».

11069/ [14]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قال: في يوم القيامة خمسون موقفا، كل موقف ألف سنة.

11070/ [15]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه، فلييأس من الناس كلهم، و لا يكون له رجاء إلا من عند الله جل ذكره، فإذا علم الله ذلك

من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإن للقيامة خمسين موقفا، كل موقف مقداره ألف سنة»، ثم تلا: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ «3».

و رواه الشيخ في (أماليه): قال أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): «إذا أراد أحدكم

__________________________________________________

13- ....... نور الأبصار: 87، عن الثعلبي.

14- تفسير القمّي 2: 386.

15- الكافي 2: 119/ 2. [.....]

(1) في المصدر: نارا حتّى تنتهي إلى الكناسة.

(2) في «ط»: ذلك في أقطار.

(3) (فحاسبوا أنفسكم ... ألف سنة) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 487

أن لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه» و ذكر الحديث بعينه «1».

و رواه المفيد في (أماليه) بإسناده، عن حفص بن غياث، عن الصادق (عليه السلام) «2».

11071/ [16]- الطبرسي: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام): «لو ولي الحساب غير الله لمكثوا فيه خمسين ألف سنة من قبل أن يفرغوا، و الله سبحانه يفرغ من ذلك في ساعة».

11072/ [17]- قال: و روى أبو سعيد الخدري، قال: قيل: يا رسول الله، ما أطول هذا اليوم؟ فقال: «و الذي نفس محمد بيده، إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا».

11073/ [18]- و عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا ينتصف ذلك اليوم حتى يكون يقبل أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار».

11074/ [19]- السيد المعاصر في (الرجعة): عن أسد

بن إسماعيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال حين سئل عن اليوم الذي ذكر الله تعالى مقداره في القرآن: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ: «هي كرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيكون ملكه في كرته خمسين ألف سنة، و يملك أمير المؤمنين (عليه السلام) في كرته أربعا و أربعين ألف سنة».

سورة المعارج(70): الآيات 8 الي 21 ..... ص : 487

قوله تعالى:

يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ- إلى قوله تعالى- وَ إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً [8- 21] 11075/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ، قال: الرصاص الذائب و النحاس كذلك تذوب السماء، و قوله: وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً قال: لا ينفع.

11076/ [2]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: يُبَصَّرُونَهُمْ __________________________________________________

16- مجمع البيان 10: 531.

17- مجمع البيان 10: 531.

18- مجمع البيان 10: 531.

19- الرجعة: 3 «مخطوط».

1- تفسير القمّي 2: 386.

2- تفسير القمّي 2: 386.

(1) الأمالي 1: 34.

(2) الأمالي: 274/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 488

يقول: «يعرفونهم ثم لا يتساءلون، قوله: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ أَخِيهِ وَ فَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ و هي أمه التي ولدته».

11077/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: كَلَّا إِنَّها لَظى قال: تلتهب عليهم النار، قوله تعالى:

نَزَّاعَةً لِلشَّوى قال: تنزع عينيه و تسود وجهه تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلَّى، قال: تجره إليها وَ جَمَعَ فَأَوْعى أي جمع مالا و دفنه و وعاه و لم ينفقه في سبيل الله، و قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً أي حريصا إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، قال: الشر: هو الفقر و الفاقة وَ إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً، قال: الغناء و

السعة.

سورة المعارج(70): الآيات 22 الي 23 ..... ص : 488

قوله تعالى:

إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ [22- 23]

11078/ [2]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ثم استثنى فقال: إِلَّا الْمُصَلِّينَ فوصفهم بأحسن أعمالهم الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ يقول: إذا فرض على نفسه شيئا من النوافل دام عليه».

11079/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، و محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الفضيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل:

وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ «1»، قال: «هي الفريضة»، قلت: الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ؟ قال:

«هي النافلة».

11080/ [4]- ابن بابويه: عن محمد بن موسى بن المتوكل، بإسناده، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ، قال: «أولئك و الله أصحاب الخمسين من شيعتنا» قال: قلت: وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ «2»؟ قال: «أولئك أصحاب الخمس [صلوات من شيعتنا» قال: قلت: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ «3»؟ قال: «هم و الله من شيعتنا».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 386.

2- تفسير القمّي 2: 386.

3- الكافي 3: 269/ 12. [.....]

4- ..... تأويل الآيات 2: 724/ 4.

(1) المؤمنون 23: 9.

(2) المؤمنون 23: 9.

(3) الواقعة 56: 27.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 489

11081/ [4]- و عنه: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «حدثني أبي، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: لا يصلي الرجل نافلة في وقت فريضة إلا من عذر، و لكن يقضي بعد ذلك إذا أمكنه القضاء، قال الله تعالى: الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ

دائِمُونَ الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار، و ما فاتهم من النهار بالليل، لا تقضي نافلة في وقت فريضة، ابدأ بالفريضة ثم صل ما بدا لك».

سورة المعارج(70): الآيات 24 الي 25 ..... ص : 489

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ [24- 25]

11082/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل فرض للفقراء في مال «1» الأغنياء، فريضة لا يحمدون «2» بأدائها، و هي الزكاة، بها حقنوا «3» دماءهم، و بها سموا مسلمين، و لكن الله عز و جل فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة، فقال عز و جل: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، فالحق المعلوم [من غير الزكاة و هو شي ء يفرضه الرجل على نفسه في ماله يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته و سعة ماله، فيؤدي الذي فرض على نفسه، إن شاء في كل يوم، و إن شاء في كل جمعة، و إن شاء في كل شهر».

11083/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) و معنا بعض أصحاب الأموال، فذكروا الزكاة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الزكاة ليس يحمد بها صاحبها، إنما هو شي ء ظاهر، إنما حقن بها دمه، و سمي بها مسلما، و لو لم يؤدها لم تقبل له صلاة، و إن عليكم في أموالكم غير الزكاة» [فقلت: أصلحك الله، و ما علينا في أموالنا غير الزكاة؟] فقال: «سبحان الله! أما تسمع

الله عز و جل يقول في كتابه: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ».

قال: قلت: ماذا الحق المعلوم الذي علينا؟ قال: «هو الشي ء يعمله الرجل في ما له، يعطيه في اليوم أو في الجمعة أو في الشهر، قل أو كثر، غير أنه يدوم عليه».

__________________________________________________

4- الخصال 628/ 10.

1- الكافي 3: 498/ 8.

2- الكافي 3: 499/ 9.

(1) في المصدر: أموال.

(2) زاد في المصدر: إلّا.

(3) في «ج»: حصّنوا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 490

11084/ [3]- و عنه: عن علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ أهو سوى الزكاة؟ فقال: «هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال، فيخرج منه الألف و الألفين و الثلاثة آلاف و الأقل و الأكثر، فيصل به رحمه، و يحمل به الكل «1» عن قومه».

11085/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن رجلا جاء إلى أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال له: أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ ما هذا الحق المعلوم؟ فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): الحق المعلوم: الشي ء يخرجه الرجل من ماله، ليس من الزكاة، و لا من الصدقة المفروضتين.

قال: فإذا لم يكن من الزكاة و لا من الصدقة، فما هو؟ فقال: هو الشي ء

يخرجه الرجل من ماله، إن شاء أكثر، و إن شاء أقل، على قدر ما يملك.

فقال له الرجل: فما يصنع به؟ قال: يصل به رحمه و يقوي به ضعيفا «2»، و يحمل به كلا، أو يصل به أخا له في الله لنائبة تنوبه، فقال الرجل: الله يعلم حيث يجعل رسالته».

11086/ [5]- ثم قال محمد بن يعقوب: و عنه، عن ابن فضال، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ، قال: «المحروم: المحارف الذي قد حرم كد يده في الشراء و البيع».

11087/ [6]- و في رواية أخرى، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا: «المحروم: الرجل الذي ليس بعقله بأس، و لم يبسط له في الرزق، و هو محارف».

11088/ [7]- العياشي: عن محمد بن مروان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: «إني لأطوف بالبيت مع أبي (عليه السلام) إذ أقبل رجل طوال جعشم «3» متعمم بعمامة، فقال: السلام عليك يا بن رسول الله- قال- فرد عليه أبي، فقال: أشياء أردت أن أسألك عنها ما بقي أحد يعلمها إلا رجل أو رجلان؟- قال- فلما قضى أبي الطواف دخل الحجر، فصلى ركعتين، ثم قال: ها هنا، أبا جعفر. ثم أقبل على الرجل، فسأله عن المسائل، فكان فيما سأله، قال:

__________________________________________________

3- الكافي 3: 499/ 10.

4- الكافي 3: 500/ 11.

5- الكافي 3: 500/ 12.

6- الكافي 3: 500/ 12. [.....]

7- تفسير العيّاشي 1: 29/ 5.

(1) أي العيال و الثقل. «الصحاح 5: 1811».

(2) في المصدر: و يقري به ضيفا.

(3) الجعشم: هو المنتفخ الجنبين، الغليظهما. «لسان العرب 12: 102».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 491

فأخبرني عن قوله: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ،

ما هذا الحق المعلوم؟ قال: هو الشي ء يخرجه الرجل من ماله ليس من الزكاة، فيكون للنائبة و الصلة. قال: صدقت، فتعجب أبي من قوله: صدقت، قال: ثم قام الرجل، فقال أبي:

علي بالرجل- قال- فطلبته فلم أجده».

و الحديث بتمامه تقدم في قوله تعالى: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً من سورة البقرة «1».

11089/ [8]- محمد بن العباس: عن محمد بن أبي بكر، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهم السلام): «أن رجلا سأل أبا جعفر «2» محمد بن علي (عليهما السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ، فقال له أبي: أحفظه يا هذا و انظر كيف تروي عني، إن السائل و المحروم شأنهما عظيم، أما السائل فهو رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسألة الله لهم في حقه، و المحروم هو من حرم «3» الخمس: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و ذريته الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين)، هل سمعت و فهمت؟ ليس هو كما يقول الناس».

سورة المعارج(70): آية 26..... ص : 491

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [26]

11090/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ، قال: «بخروج القائم (عليه السلام)».

سورة المعارج(70): آية 29 ..... ص : 491

قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ [29]

11091/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن موسى، عن

__________________________________________________

8- تأويل الآيات 2: 724/ 5.

1- الكافي 8: 287/ 432.

2- الكافي 5: 453/ 2.

(1) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآيات (30- 33) من سورة البقرة.

(2) في المصدر: سأل أباه.

(3) في النسخ: أحرم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 492

إسحاق، عن أبي سارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عنها، يعني المتعة؟ فقال لي: «حلال، فلا تتزوج إلا عفيفة، إن الله عز و جل يقول: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ و لا تضع فرجك حيث لا تأمن على دراهمك «1»».

سورة المعارج(70): الآيات 36 الي 41 ..... ص : 492

قوله تعالى:

مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ- إلى قوله تعالى- عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ [36- 41] 11092/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: مُهْطِعِينَ أي أذلاء، قوله: عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ أي قعود، قوله: كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ، قال: من نطفة ثم علقة، قوله: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ قال: مشارق الشتاء، و مشارق الصيف، و مغارب الشتاء، و مغارب الصيف، و هو قسم و جوابه: إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ.

11093/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحجال، عن عبد الله بن أبي حماد، يرفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ، قال: «لها ثلاثمائة و ستون مشرقا، و ثلاثمائة و ستون مغربا، فيومها الذي تشرق فيه لا تعود فيه إلا من قابل، و يومها الذي تغرب فيه لا

تعود فيه إلا من قابل».

11094/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن الأصبغ بن نباتة، قال: خطبنا أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: «أيها الناس، سلوني فإن بين جوانحي علما» فقام إليه ابن الكواء، فقال:

يا أمير المؤمنين، ما الذاريات ذروا؟ قال: «الرياح» قال: فما الحاملات وقرا قال: «السحاب»، قال: فما الجاريات يسرا قال: «السفن» قال: فما المقسمات أمرا؟ قال: «الملائكة».

قال: يا أمير المؤمنين، وجدت كتاب الله ينقض بعضه بعضا، قال: «ثكلتك أمك يا بن الكواء، كتاب الله

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 386.

2- معاني الأخبار: 221/ 1.

3- الاحتجاج: 259.

(1) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «حيث لا تأمن» يحتمل وجوها.

الأول: أنّ من لا تأمنها على درهم كيف تأمنها على فرجك، فلعلّها تكون في عدّة غيرك فيكون وطؤك شبهة، و الاحتراز عن الشبهات مطلوب.

الثاني: أنّها إذا لم تكن عفيفة كانت فاسقة، فهي ليست بمحلّ للأمانة، فربما تذهب بدراهمك و لا تفي بالأجل.

الثالث: أنّها لما لم تكن مؤتمنة على الدراهم، فبالحريّ أن لا تؤن على ما يحصل من الفرج من الولد، فلعلّها تخلط ماءك بماء غيرك، أو أنّها لفسقها يحصل منها ولد غير مرضيّ. «مرآة العقول 20: 235». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 493

يصدق بعضه بعضا، و لا ينقض بعضه بعضا، فسل عما بدا لك؟» قال: يا أمير المؤمنين، سمعته يقول: بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ و قال في آية أخرى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ «1»، و قال في آية اخرى: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ «2».

قال: «ثكلتك أمك يا بن الكواء، هذا المشرق و هذا المغرب، [و أما] قوله: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ فإن مشرق الشتاء على حدة، و مشرق

الصيف على حدة، أما تعرف ذلك من قرب الشمس و بعدها؟

و أما قوله: بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ فإن لها ثلاث مائة و ستين برجا، تطلع كل يوم من برج و تغرب «3» في آخر، فلا تعود إليه إلا من قابل في ذلك اليوم».

11095/ [4]- شرف الدين النجفي: عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) [في قوله عز و جل : فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ، قال: «المشارق:

الأنبياء، و المغارب: الأوصياء (صلوات الله عليهم أجمعين)».

سورة المعارج(70): الآيات 43 الي 44 ..... ص : 494

قوله تعالى:

يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ- إلى قوله تعالى- الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ [43- 44] 11096/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ قال: من القبور كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ، قال: إلى الداعي ينادون، قوله: تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ، قال: تصيبهم ذلة ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ.

11097/ [2]- شرف الدين النجفي: بإسناده، عن سليمان بن خالد، عن ابن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن يحيى بن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ، قال: «يعني يوم خروج القائم (عليه السلام)».

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 725/ 6.

1- تفسير القمّي 2: 387.

2- تأويل الآيات 2: 726/ 7.

(1) الرحمن 55: 17.

(2) الشعراء 26: 28.

(3) في المصدر: تغيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 495

سورة نوح ..... ص : 495

فضلها ..... ص : 495

11098/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كان يؤمن بالله و يقرأ كتابه، لا يدع قراءة إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فأي عبد قرأها محتسبا صابرا في فريضة أو نافلة أسكنه الله تعالى في مساكن الأبرار، و أعطاه ثلاث جنان مع جنته كرامة من الله، و زوجه مائتي حوراء، و أربعة آلاف ثيب إنشاء الله تعالى».

11099/ [2]- و من (خواص القرآن): قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها و طلب حاجة سهل الله قضائها».

11100/ [3]- و قال الصادق (عليه السلام): «من أدمن قراءتها ليلا أو نهارا لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة، و إذا قرئت في وقت طلب حاجة قضيت بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 120.

2- ........

3- خواصّ القرآن: 11 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 496

سورة نوح(71): آية 1 ..... ص : 496

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [1] قد تقدم الخبر في ذلك في سورة هود و غيرها «1».

سورة نوح(71): الآيات 7 الي 9 ..... ص : 496

قوله تعالى:

وَ إِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً [7- 9] 11101/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ إِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَ اسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ، قال: استتروا بها وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً أي عزموا على أن لا يسمعوا شيئا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً، قال: دعوتهم سرا و علانية.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 387.

(1) تقدّم في تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود، و في تفسير الآية (14) من سورة العنكبوت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 497

سورة نوح(71): الآيات 10 الي 12 ..... ص : 497

قوله تعالى:

فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً- إلى قوله تعالى- وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً [10- 12]

11102/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، قال: شكا الأبرش الكلبي إلى أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: لا يولد له، و قال: علمني شيئا؟ قال: «استغفر الله في كل يوم أو في كل ليلة مائة مرة، فإن الله يقول: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً إلى قوله وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ».

11103/ [2]- و عنه: عن الحسن بن محمد، عن أحمد بن محمد السياري، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن سليمان بن جعفر، عن شيخ مديني، عمن رواه، عن زرارة «1»، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه وفد إلى هشام بن عبد الملك فأبطأ عليه الإذن حتى اغتم، و كان له حاجب كبير «2» لا يولد له، فدنا منه أبو جعفر (عليه السلام) فقال له: «هل لك أن توصلني إلى هشام و أعلمك دعاء يولد لك؟» قال: نعم، فأوصله إلى هشام، و قضى له جميع حوائجه.

قال: فلما

فرغ قال له الحاجب: جعلت فداك، الدعاء الذي قلت لي؟ قال له: «نعم قل في كل يوم إذا أصبحت و أمسيت: سبحان الله، سبعين مرة، و تستغفر عشر مرات، و تسبح تسع مرات «3»، و تختم العاشرة بالاستغفار، يقول الله «4» اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً» فقالها الحاجب فرزق ذرية طيبة كثيرة، و كان بعد ذلك يصل أبا جعفر و أبا عبد الله (عليهما السلام).

فقال سليمان: ففعلتها «5»، و قد تزوجت ابنة عم لي، فأبطأ علي الولد منها، فعلمتها أهلي فرزقت ولدا، و زعمت المرأة أنها متى تشاء أن تحمل حملت إذا قالتها و علمتها غير واحد من الهاشميين ممن لم يكن يولد لهم، فولد لهم ولد كثير و الحمد لله.

__________________________________________________

1- الكافي 6: 8/ 4.

2- الكافي 6: 8/ 5.

(1) في المصدر: عن شيخ مدني عن زرارة. [.....]

(2) في المصدر: حاجب كثير الدنيا و.

(3) (و تسبّح تسع مرات) ليس في «ي».

(4) في المصدر: بالاستغفار، ثمّ تقول قول اللّه عزّ و جلّ.

(5) في المصدر: فقلتهما.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 498

11104/ [1]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن شعيب، عن النضر بن شعيب، عن سعيد بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): لا يولد لي. فقال: «استغفر ربك في السحر مائة مرة، فإن نسيته فاقضه «1»».

سورة نوح(71): الآيات 13 الي 22 ..... ص : 498

قوله تعالى:

لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً- إلى قوله تعالى- وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً [13- 22]

11105/ [2]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى:

لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً، قال: «لا تخافون لله عظمة».

11106/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً، قال: على اختلاف الأهواء و الإرادات و المشيئات، قوله: وَ اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ أي على وجه «2» الأرض نَباتاً، قوله: رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَ اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلَّا خَساراً، قال: اتبعوا الأغنياء وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً أي كبيرا.

سورة نوح(71): الآيات 23 الي 27 ..... ص : 498

قوله تعالى:

وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً- إلى قوله تعالى- إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً [23- 27] 11107/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: كان قوم مؤمنون قبل نوح (عليه السلام) فماتوا، فحزن عليهم الناس، فجاء إبليس فاتخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فأنسوا، فلما جاءهم الشتاء أدخلوها البيوت، فمضى ذلك القرن و جاء القرن الآخر، فجاءهم إبليس فقال لهم: إن هؤلاء الآلهة كانوا آباؤكم يعبدونها، فعبدوهم و ضل منهم بشر كثير، فدعا عليهم نوح (عليه السلام) حتى أهلكهم الله.

__________________________________________________

1- الكافي 6: 9/ 6.

2- تفسير القمّي 2: 387.

3- تفسير القمّي 2: 387.

4- تفسير القمّي 2: 387.

(1) (فإن نسيته فاقضه) ليس في «ج، ي».

(2) (وجه) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 499

11108/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله السجستاني، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً، قال: «كانوا

يعبدون الله عز و جل فماتوا، فضج قومهم و شق ذلك عليهم، فجاءهم إبليس لعنه الله، فقال لهم: اتخذ لكم أصناما على صورهم فتنظرون إليهم و تأنسون بهم و تعبدون الله، فأعد لهم أصناما على مثالهم، فكانوا يعبدون الله عز و جل [و ينظرون إلى تلك الأصنام، فلما جاءهم الشتاء و الأمطار أدخلوا الأصنام البيوت، فلم يزالوا يعبدون الله عز و جل حتى هلك ذلك القرن و نشأ أولادهم فقالوا: إن آباءنا كانوا يعبدون هؤلاء، فعبدوهم من دون الله عز و جل، و ذلك قول الله عز و جل: وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً الآية».

11109/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن العباس بن عامر، عن أحمد ابن رزق الغمشاني، عن عبد الرحمن بن الأشل بياع الأنماط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كانت قريش تلطخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك و العنبر، و كان يغوث قبال الباب، و كان يعوق عن يمين الكعبة، و كان نسر عن يسارها، و كانوا إذا دخلوا خروا سجدا ليغوث و لا ينحنون، ثم يستدبرون «1» بحيالهم إلى يعوق، ثم يستدبرون بحيالهم إلى نسر، ثم يلبون فيقولون: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك، تملكه و ما ملك، قال: فبعث الله ذبابا أخضر له أربعة أجنحة، فلم يبق من ذلك المسك و العنبر شيئا إلا أكله، و أنزل الله عز و جل: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ «2»».

11110/ [4]-

و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبي يوسف يعقوب بن عبد الله من ولد أبي فاطمة، عن إسماعيل بن زيد مولى عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو في مسجد الكوفة، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته، فرد عليه، فقال: جعلت فداك، إني أردت المسجد الأقصى، فأردت أن أسلم عليك و أودعك، فقال له: و أي شي ء أردت بذلك؟ فقال: الفضل، جعلت فداك. قال: فبع راحلتك و كل زادك، و صل في هذا المسجد، فإن الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة، و النافلة عمرة مبرورة، و البركة فيه على «3» اثني عشر ميلا، يمينه يمن، و يساره مكر، و في وسطه عين من دهن، و عين من لبن، و عين من ماء شراب للمؤمنين، و عين من ماء طهر للمؤمنين، منه سارت سفينة نوح، و كان

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 3/ 1.

3- الكافي 4: 542/ 11.

4- الكافي 3: 491/ 2.

(1) في «ط، ج»: يستدبرون، و هكذا التي بعدها. [.....]

(2) الحج 22: 73.

(3) في «ج، ي»: منه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 500

فيه نسر و يغوث و يعوق، و صلى فيه سبعون نبيا، و سبعون وصيا أنا أحدهم- و قال «1» بيده في صدره- ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج إلا أجابه الله و فرج عنه كربته».

11111/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام الخراساني، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «و لبث نوح (عليه السلام) في قومه ألف سنة

إلا خمسين عاما، يدعوهم إلى الله عز ذكره، فيهزءون به و يسخرون منه، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم، فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً، فأوحى الله عز و جل إلى نوح (عليه السلام) أن اصنع الفلك «2» و أوسعها و عجل عملها، فعمل نوح (عليه السلام) سفينة في مسجد الكوفة [بيده فأتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها».

قال المفضل: فانقطع حديث أبي عبد الله (عليه السلام) عند زوال الشمس، فقام أبو عبد الله (عليه السلام) فصلى الظهر و العصر، ثم انصرف من المسجد، فالتفت عن يساره، و أشار بيده إلى موضع «3» الداريين «4»، و هو موضع «5» ابن حكيم، و ذلك فرات اليوم، فقال: «يا مفضل، و ها هنا نصبت أصنام قوم نوح: يغوث و يعوق و نسرا «6»».

11112/ [6]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أ رأيت نوحا (عليه السلام) حين دعا على قومه فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً؟ قال (عليه السلام): « [إنه لم «7» ينجب من بينهم أحد».

قال: قلت: و كيف علم ذلك؟ قال: «أوحى الله إليه أنه لا يؤمن من قومك إلا من قد آمن، فعندها «8» دعا عليهم بهذا الدعاء».

11113/ [7]- و عنه: قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا محمد بن همام، قال:

حدثنا حميد بن زياد الكوفي، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن

__________________________________________________

5- الكافي 8: 280/ 421.

6- علل الشرائع: 31/ 1.

7- كمال الدين و تمام النعمة: 133/ 2.

(1) أي ضرب. «مجمع البحرين 5: 458».

(2) في المصدر: سفينة.

(3) زاد في المصدر: دار.

(4) الدّاريّ: العطّار. «لسان العرب 4: 299».

(5) زاد في المصدر: دار.

(6) زاد في المصدر: ثمّ مضى حتّى ركب دابته.

(7) في المصدر: لا.

(8) في المصدر: فعند هذا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 501

عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): «لما أظهر الله تبارك و تعالى نبوة نوح (عليه السلام) و أيقن الشيعة بالفرج، اشتدت البلوى و عظمت الغربة «1» إلى أن آل الأمر إلى شدة شديدة نالت الشيعة، و الوثوب على نوح (عليه السلام) بالضرب المبرح، حتى مكث (عليه السلام) في بعض الأوقات مغشيا عليه ثلاثة أيام يجرى الدم من أذنه، ثم أفاق، و ذلك بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه، و هو في خلال ذلك يدعوهم ليلا و نهارا فيهربون، و يدعوهم سرا فلا يجيبون، و يدعوهم علانية فيولون.

فهم بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم، و جلس بعد صلاة الفجر للدعاء، فهبط إليه و قد من السماء السابعة، و هم ثلاثة أملاك، فسلموا عليه، ثم قالوا: يا نبي الله لنا حاجة. قال: و ما هي؟ قالوا: تؤخر الدعاء على قومك، فانها أول سطوة لله عز و جل في الأرض، قال: قد أخرت الدعاء ثلاثمائة سنة أخرى، و عاد إليهم، فصنع ما كان يصنع، و يفعلون ما كانوا يفعلون، حتى إذا انقضت ثلاثمائة سنة أخرى و يئس من إيمانهم، جلس في وقت ضحى

النهار للدعاء، فهبط عليه وفد من السماء السادسة و هم ثلاثمائة أملاك فسلموا عليه، و قالوا: نحن وفد من السماء السادسة خرجنا بكرة و جئنا «2» صحوة، ثم سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة، فأجابهم إلى مثل ما أجاب أولئك الثلاثة.

و عاد (عليه السلام) إلى قومه يدعوهم فلا يزيدهم دعاؤه إلا فرارا، حتى انقضت ثلاثمائة سنة أخرى تتمة تسعمائة سنة، فصارت إليه الشيعة، و شكوا ما ينالهم من العامة و الطواغيت و سألوه الدعاء بالفرج، فأجابهم إلى ذلك و صلى و دعا، فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام). فقال له: إن الله تبارك و تعالى قد أجاب دعوتك فقل للشيعة يأكلون التمر و يغرسون النوى و يراعونه «3» حتى يثمر، فإذا أثمر، فرجت عنهم، فحمد الله و أنثى عليه، و عرفهم ذلك فاستبشروا به، فأكلوا التمر و غرسوا النوى و راعوه حتى أثمر، ثم صاروا إلى نوح (عليه السلام) بالتمر، و سألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل الله تعالى في ذلك، فأوحى الله إليه: قل لهم: كلوا هذا التمر، و أغرسوا النوى، فإذا أثمر فرجت عنكم:

فلما ظنوا أن الخلف قد وقع عليه، ارتد منهم الثلث و ثبت الثلثان، فأكلوا التمر و غرسوا النوى حتى إذا أثمر أتوا به نوحا (عليه السلام)، فأخبروه و سألوه أن ينجز لهم الوعد، فسأل الله تعالى في ذلك، فأوحى الله إليه قل لهم: كلوا هذا التمر، و أغرسوا النوى، فارتد الثلث الآخر و بقي الثلث، فأكلوا التمر و غرسوا النوى، فلما أثمر أتوا به نوحا (عليه السلام) فقالوا: لم يبق منا إلا القليل و نحن نتخوف على أنفسنا بتأخر الفرج أن نهلك، فصلى نوح (عليه السلام) ثم قال: يا رب،

لم يبق من أصحابي إلا هذه العصابة، و إني أخاف عليهم الهلاك إن تأخر عنهم الفرج، فأوحى الله عز و جل إليه: قد أجبت دعائك، فاصنع الفلك، و كان بين إجابة الدعاء و الطوفان خمسون سنة».

__________________________________________________

(1) في المصدر: الفرية. [.....]

(2) في المصدر: و جئناك.

(3) في المصدر: يأكلوا التمر و يغرسوا النوى و يراعوه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 502

11114/ [8]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً «1»، يقول: «بعضها فوق بعض»، و قوله: وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً قال: «كانت ود صنما لكلب، و كانت سواع لهذيل، و كانت يغوث لمراد، و كانت يعوق لهمدان، و كانت نسر لحصين». وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا، قال: «هلاكا و تدميرا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً فأهلكهم الله».

11115/ [9]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا أحمد بن موسى، قال: حدثنا محمد بن حماد، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن فضيل الرسان، عن صالح بن ميثم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما كان علم نوح (عليه السلام) حين دعا على قومه أنهم لا يلدوا إلا فاجرا كفارا؟ فقال: «أما سمعت قول الله عز و جل لنوح: أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ «2»».

سورة نوح(71): آية 28 ..... ص : 502

قوله تعالى:

رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً [28]

11116/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن المفضل بن صالح، عن

محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً: «إنما يعني الولاية، من دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياء (عليهم السلام)، و قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3» يعني الأئمة (عليهم السلام) و ولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبي (صلى الله عليه و آله)».

11117/ [2]- علي بن إبراهيم، قال أخبرنا: أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن المفضل بن صالح، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله:

__________________________________________________

8- تفسير القمي 2: 387.

9- تفسير القمي 2: 388.

1- الكافي 1: 350/ 54.

2- تفسير القمي 2: 388.

(1) نوح 71: 15.

(2) هود 11: 36.

(3) الأحزاب 33: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 503

رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً: «إنما يعني الولاية، من دخل فيها دخل في بيوت الأنبياء (عليهم السلام)».

11118/ [3]- ابن شهر آشوب: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله تعالى: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً و قد كان قبر علي بن أبي طالب (عليه السلام) مع نوح (عليه السلام) في السفينة، فلما خرج من السفينة ترك قبره خارج الكوفة، فسأل نوح (عليه السلام) ربه المغفرة لعلي و فاطمة (عليهما السلام) و هو قوله: وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ، ثم قال: وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ يعني الظلمة لأهل بيت محمد (صلى الله عليه و آله) إِلَّا تَباراً».

11119/ [4]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي

جعفر (عليه السلام)، في قوله: وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً، التبار: الخسار.

__________________________________________________

3- المناقب 3: 309.

4- تفسير القمّي 2: 388.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 505

سورة الجن ..... ص : 505

فضلها ..... ص : 505

11120/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أكثر قراءة قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ لم يصبه في الحياة الدنيا شي ء من أعين الجن و لا نفثهم «1» و لا سحرهم «2» و لا كيدهم، و كان مع محمد (صلى الله عليه و آله)، فيقول: يا رب لا أريد منه بدلا، و لا «3» أبغي عنه حولا».

11121/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر بعدد كل جني و شيطان صدق بمحمد (صلى الله عليه و آله) أو «4» كذب به عتق رقبة، و أمن من الجن».

11122/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها كان له أجر عظيم، و أمن على نفسه من الجن».

11123/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «قراءتها تهرب الجان من الموضع، و من قرأها و هو قاصد إلى سلطان جائر أمن منه، و من قرأها و هو مغلغل سهل الله عليه خروجه، و من أدمن في قرائتها و هو في ضيق فتح الله له باب الفرج بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 120.

2- ......

3- ...... [.....]

4- خواص القرآن: 11 «مخطوط».

(1) في «ي»: تفثهم.

(2) زاد في المصدر: من.

(3) في المصدر: أريد به بدلا و لا أريد أن.

(4) في «ط، ي»: و.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 506

سورة الجن(72): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 506

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ- إلى قوله تعالى- يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً [1- 4] 11124/ [1]- علي بن إبراهيم: قُلْ يا محمد لقريش: أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا

قُرْآناً عَجَباً و قد كتبنا خبرهم في آخر سورة الأحقاف «1».

قوله تعالى: وَ أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً قال: هو شي ء قالته الجن بجهالة فلم يرضه الله منهم، و معنى جد ربنا، أي بخت ربنا.

قوله تعالى: وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً أي ظلما.

11125/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا علي بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الجن: وَ أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا فقال: «شي ء كذبه الجن فقصه الله كما قالوا».

11126/ [3]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 388.

2- تفسير القمّي 2: 388.

3- التهذيب 2: 316/ 1290.

(1) تفسير القمّي 2: 300.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 507

عن ميسر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «شيئان يفسد الناس بهما صلاتهم: قول الرجل: تبارك اسمك، و تعالى جدك، و لا إله غيرك، و إنما هو شي ء قالته الجن بجهالة، فحكى الله عز و جل عنهم. و قول الرجل: السلام علينا و على عباد الله الصالحين «1»».

سورة الجن(72): آية 6 ..... ص : 507

قوله تعالى:

وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً [6]

11127/ [1]- علي بن إبراهيم: عن أحمد بن الحسين، عن فضالة، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قșĠالله: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً قال: «كان الجن ينزلون على قوم من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا- قال- كان الرجل

ينطلق إلى الكاهن الذي يوحي إليه الشيطان فيقول: قل لشيطانك: فلان قد عاذ بك».

11128/ [2]- و قال علي بن إبراهيم أيضا، في قوله: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً، قال: كان الجن ينزلون على قوم من الإنس، و يخبرونهم الأخبار التي يسمعونها في السماء من قبل مولد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان الناس يكهنون بما خبروهم الجن. قوله: فَزادُوهُمْ رَهَقاً أي خسرانا.

سورة الجن(72): الآيات 10 الي 28 ..... ص : 507

قوله تعالى:

وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً- إلى قوله تعالى- فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً [10- 13]

11129/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن زياد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن الحسن بن زياد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 389.

2- تفسير القمّي 2: 389.

3- تفسير القمّي 2: 391، 389.

(1) قال المجلسي (رحمه اللّه): قلنا: الظاهر أن الإفساد للإتيان به في التشهّد الأول، كما تفعله العامة. و في الثاني مخرج و لا تبطل به الصلاة، كما عليه الأخبار الكثيرة. «ملاذ الأخيار 4: 472».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 508

وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً، فقال: «لا، بل و الله شر أريد بهم حين بايعوا معاوية و تركوا الحسن بن علي (عليهما السلام)».

قوله: فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً قال: البخس، النقصان، و الرهق: العذاب.

11130/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل،

عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت: قوله: أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ قال: «الهدى:

الولاية، آمنا بمولانا فمن آمن بولاية مولاه فلا يخاف بخسا و لا رهقا». قلت: تنزيل؟ قال: «لا، تأويل».

قلت: قوله: لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً. قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) دعا الناس إلى ولاية علي (عليه السلام)، فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: يا محمد، أعفنا من هذا. فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): هذا إلى الله ليس إلي. فاتهموه و خرجوا من عنده، فأنزل الله: قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ «1» أَحَدٌ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَ رِسالاتِهِ في علي». قلت: هذا تنزيل؟ قال: «نعم، ثم قال توكيدا: وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ في ولاية علي فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً».

قلت: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً «2»: «يعني بذلك القائم (عليه السلام) و أنصاره».

11131/ [3]- علي بن إبراهيم: قوله: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً أي على مذاهب مختلفة.

قوله تعالى:

وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً- إلى قوله تعالى- وَ أَحْصى كُلَّ شَيْ ءٍ عَدَداً [14- 28]

11132/ [4]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن موسى بن محمد، عن يونس بن يعقوب، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً، [قال: «يعني لو استقاموا على ولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و الأوصياء من ولده

(عليهم السلام)، و قبلوا طاعتهم في أمرهم و نهيهم لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً] يقول: لأشربنا قلوبهم الايمان،

__________________________________________________

2- الكافي 1: 369/ 91. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 389.

4- الكافي 1: 171/ 1.

(1) زاد في المصدر: إن عصيته.

(2) الجن 72: 21- 24.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 509

و الطريقة هي ولاية «1» علي بن أبي طالب (عليه السلام) و الأوصياء (عليهم السلام)».

11133/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سماعة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ، قال: «يعني استقاموا على الولاية في الأصل عند الأظلة حين أخذ الله الميثاق على ذرية آدم لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً يعني لكنا أسقيناهم من الماء الفرات العذب».

11134/ [3]- و عنه: بالإسناد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً: «يعني لأمددناهم علما، كي يتعلموه من الأئمة (عليهم السلام)».

11135/ [4]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن مسلم، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً، قال: «لأذقناهم علما كثيرا يتعلمونه من الأئمة (عليهم السلام)».

قلت: قوله: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ؟ قال: «إنما هؤلاء يفتنهم فيه، يعني المنافقين».

11136/ [5]- و عنه: عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن يسار، عن علي بن جعفر، عن جابر الجعفي، عن

أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ، قال: «قال الله: لجعلنا أظلتهم في الماء العذب لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ في علي (عليه السلام) «2»».

11137/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جابر، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في هذه الآية وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً: «يعني من جرى فيه شي ء من شرك الشيطان، على الطريقة، يعني في الولاية في الأصل عند الأظلة حين أخذ الله ميثاق ذرية آدم، أسقيناهم ماء غدقا، لكنا وضعنا أظلتهم في الماء الفرات العذب».

11138/ [7]- الطبرسي: عن بريد العجلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «معناه لأفدناهم «3» علما كثيرا

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 727/ 1.

3- تأويل الآيات 2: 727/ 2.

4- تأويل الآيات 2: 728/ 3.

5- تأويل الآيات 2: 728/ 4.

6- تفسير القمّي 2: 391.

7- مجمع البيان 10: 560.

(1) في المصدر: هي الإيمان بولاية.

(2) في المصدر: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ و فتنهم في عليّ (عليه السّلام) و ما فتنوا فيه و كفروا إلّا بما أنزل في ولايته.

(3) في «ي، ط»: لأذقناهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 510

يتعلمونه من الأئمة (عليهم السلام)».

11139/ [8]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال:

حدثنا جعفر بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عمر، عن عباد بن صهيب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً: «أي الذين أقروا بولايتنا فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا

رَشَداً وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً معاوية و أصحابه وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً فالطريقة: الولاية لعلي (عليه السلام) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ قتل الحسين (عليه السلام) وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً أي الأحد مع «1» آل محمد، فلا تتخذوا من غيرهم إماما «2».

وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) يدعوهم إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) كادُوا قريش يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً أي يتعادون عليه، قال: قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي، قال: إنما أدعو أمر ربي لا أَمْلِكُ لَكُمْ إن توليتم عن ولاية علي ضَرًّا وَ لا رَشَداً.

قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ إن كتمت ما أمرت به وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً يعني مأوى إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ أبلغكم ما أمرني الله به من ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ في ولاية علي (عليه السلام) فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً.

قال النبي (صلى الله عليه و آله): يا علي، أنت قسيم النار، تقول: هذا لي و هذا لك قالوا «3»: فمتى يكون ما تعدنا به من أمر علي و النار؟ فأنزل الله حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ يعني الموت و القيامة فَسَيَعْلَمُونَ يعني فلانا و فلانا و فلانا و معاوية و عمرو بن العاص و أصحاب الضغائن من قريش مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً.

قالوا: فمتى يكون ذلك؟ قال الله لمحمد (صلى الله عليه و آله): قُلْ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً قال: أجلا عالِمُ

الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ يعني عليا المرتضى من الرسول (صلى الله عليه و آله) و هو منه، قال الله: فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قال: في قلبه العلم، و من خلفه الرصد يعلمه علمه، و يزقه العلم زقا، و يعلمه الله إلهاما، و الرصد: التعليم من النبي (صلى الله عليه و آله) لِيَعْلَمَ النبي (صلى الله عليه و آله) أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحاطَ علي (عليه السلام) بما لدى الرسول من العلم وَ أَحْصى كُلَّ شَيْ ءٍ عَدَداً ما كان أو يكون منذ يوم خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة من فتنة أو زلزلة أو خسف أو قذف، أو أمة هلكت فيما مضى أو تهلك فيما بقي، و كم من إمام جائر أو عادل يعرفه باسمه و نسبه، و من يموت موتا أو يقتل قتلا، و كم من إمام مخذول لا يضره خذلان من خذله، و كم من إمام منصور لا ينفعه نصر من نصره».

__________________________________________________

8- تفسير القمّي 2: 389. [.....]

(1) في النسخ: من.

(2) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: وليا.

(3) في المصدر: قالت قريش.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 511

11140/ [9]- و عنه: عن محمد بن همام، عن جعفر، قال: حدثني أحمد بن محمد بن أحمد المدائني، قال:

حدثني هارون بن مسلم، عن الحسين بن علوان، عن علي بن غراب، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله: وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ، قال: ذكر ربه: ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قوله: فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً أي طلبوا الحق أَمَّا الْقاسِطُونَ الآية، قال: القاسط: الحائد عن الطريق.

11141/ [10]- محمد

بن العباس، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن يسار، عن علي بن جعفر، عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً، قال: «من أعرض عن علي (عليه السلام) يسلكه العذاب الصعد، و هو أشد العذاب».

11142/ [11]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لي يوما: «يا حماد، تحسن أن تصلي؟». فقلت: يا سيدي، إني أحفظ كتاب حريز في الصلاة، فقال:

«لا بأس عليك يا حماد، قم فصل» قال: فقمت بين يديه متوجها إلى القبلة، فاستفتحت الصلاة، فركعت و سجدت، فقال: «يا حماد لا تحسن أن تصلي، ما أقبح بالرجل منكم يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فلا يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة؟!».

قال حماد: فأصابني في نفسي الذل، فقلت: جعلت فداك، فعلمتني الصلاة، فقام أبو عبد الله (عليه السلام) مستقبل القبلة منتصبا، فأرسل يديه جميعا على فخذيه، قد ضم أصابعه و قرب بين قدميه حتى كان بينهما قدر ثلاث أصابع منفرجات، و استقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة، لم يحرفهما عن القبلة، و قال بخشوع: «الله أكبر» ثم قرأ الحمد بترتيل، و قل هو الله أحد، ثم صبر هنيئة بقدر ما يتنفس و هو قائم، ثم رفع يديه حيال وجهه، و قال: «الله أكبر» و هو قائم، ثم ركع و ملأ كفيه من ركبتيه مفرجات، و رد ركبتيه إلى خلفه حتى استوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره، و مد عنقه و غمض

عينيه، ثم سبح ثلاثا بترتيل، فقال: «سبحان ربي العظيم و بحمده» ثم استوى قائما، فلما استمكن من القيام قال: «سمع الله لمن حمده» ثم كبر و هو قائم، و رفع يديه حيال وجهه.

ثم سجد و بسط كفيه مضمومتي الأصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه، فقال: «سبحان ربي الأعلى و بحمده» ثلاث مرات، و لم يضع شيئا من جسده على شي ء منه، و سجد على ثمانية أعظم: الكفين و الركبتين و أنامل إبهامي الرجلين و الجبهة و الأنف، و قال: «سبعة منها فرض يسجد عليها، و هي التي ذكرها الله في كتابه فقال:

وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً و هي الجبهة و الكفان و الركبتان و الإبهامان، و وضع الأنف على

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 390.

10- تأويل الآيات 2: 729/ 6.

11- الكافي 3: 311/ 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 512

الأرض سنة». ثم رفع رأسه من السجود، فلما استوى جالسا قال: «الله أكبر» ثم قعد على فخذه الأيسر، و قد وقع «1» ظاهر قدمه الأيمن على بطن قدمه الأيسر، و قال: «استغفر الله ربي و أتوب إليه» ثم كبر و هو جالس، و سجد السجدة الثانية، و قال كما قال في الأولى، و لم يضع شيئا من بدنه على شي ء منه في ركوع و لا سجود، و كان مجنحا، و لم يضع ذراعيه على الأرض، فصلى ركعتين على هذا، و يداه مضمومتا الأصابع و هو جالس في التشهد، فلما فرغ من التشهد سلم، فقال: «يا حماد، هكذا صل».

و رواه ابن بابويه في (الفقيه): عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، و يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى الجهني «2».

و

رواه عن أبيه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى «3».

11143/ [12]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً، قال: «هم الأوصياء».

11144/ [13]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «المساجد: الأئمة (عليهم السلام)».

11145/ [14]- محمد بن العباس: عن الحسن بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ، قال: «هم الأوصياء».

11146/ [15]- و عنه: عن محمد بن أبي بكر، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود النجار، عن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً، قال: «سمعت أبي جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: هم الأوصياء الأئمة منا واحد فواحد، فلا تدعوا إلى غيرهم فتكونوا كمن دعا مع الله أحدا، هكذا نزلت».

11147/ [16]- العياشي: بإسناده، عن أبي جعفر بن محمد بن علي الجواد (عليهما السلام)، في حديث سؤال المعتصم له، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): السجود على سبعة أعضاء: الوجه، و اليدين، و الركبتين، و الرجلين، و قال الله تبارك و تعالى: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً

__________________________________________________

12- الكافي 1: 352/ 65.

13- تفسير القمي 2: 39.

14- تأويل الآيات 2: 729/ 7.

15- تأويل الآيات 2: 729/

8.

16- تفسير العياشي 1: 319/ 109.

(1) في «ي»: وضع.

(2) من لا يحضره الفقيه 1: 196/ 916.

(3) أمالي الصدوق: 337/ 13. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 513

و ما كان لله لم يقطع، يعني لم يقطع في السرقة من غير مفصل الأصابع من اليد، و يبقى الكف للسجود عليه».

11148/ [17]- علي بن إبراهيم: قوله عز و جل: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً قال:

المساجد السبعة التي يسجد عليها: الكفان، و عينا الركبتين، و الإبهامان، و الجبهة.

11149/ [18]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ، يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) يَدْعُوهُ كناية عن الله كادُوا يعني قريشا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً أي أيدا. قوله تعالى: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ، قال: القائم و أمير المؤمنين (عليهما السلام) في الرجعة فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً قال: هو

قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لزفر: «و الله يا بن صهاك، لو لا عهد من رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عهد «1» من الله سبق، لعلمت أينا أضعف ناصرا، و أقل عددا».

قال: فلما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما يكون من الرجعة قالوا:

متى يكون هذا؟ قال الله: قُلْ يا محمد: إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً.

قوله تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قال: يخبر الله رسوله الذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار، و ما يكون بعده من أخبار القائم (عليه السلام) و الرجعة و القيامة.

11150/ [19]- و من طريق المخالفين: ما ذكره ابن

أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة)، قال: روي أن بعض أصحاب أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) سأله عن قول الله عز و جل: إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً فقال (عليه السلام): «يوكل الله بأنبيائه ملائكة يحصون أعمالهم و يؤدون إليه بتبليغهم الرسالة، و وكل بمحمد (صلى الله عليه و آله) ملكا عظيما منذ فصل عن الرضاع يرشده إلى الخيرات و مكارم الأخلاق، و يصده عن الشر و مساوئ الأخلاق، و هو الذي كان يناديه: السلام عليكم يا محمد يا رسول الله، و هو شاب لم يبلغ درجة الرسالة بعد، فيظن أن ذلك من الحجر و الأرض، فيتأمل فلا يرى شيئا».

11151/ [20]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير الصيرفي، قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ «2»، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الله عز و جل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات و الأرضين، و لم يكن قبلهن سماوات و لا أرضون، أما تسمع لقوله

__________________________________________________

17- تفسير القمّي 2: 390.

18- تفسير القمّي 2: 390.

19- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13: 207.

20- الكافي 1: 200/ 2.

(1) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: و كتاب.

(2) الأنعام 6: 101.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 514

تعالى: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ «1»؟».

فقال له حمران: أ رأيت قوله جل ذكره: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام):

«إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ و كان و الله محمد ممن ارتضاه، و أما قوله: عالِمُ الْغَيْبِ فإن الله عز و جل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شي ء و يقضيه في علمه قبل أن يخلقه و قبل ان يفضيه إلى الملائكة، فذلك- يا حمران- علم موقوف عنده، إليه فيه المشيئة، فيقضيه إذا أراد، و يبدو له فيه فلا يمضيه، فأما [العلم الذي يقدره [الله عز و جل و يقضيه و يمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ثم إلينا».

__________________________________________________

(1) هود 11: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 515

سورة المزمل ..... ص : 515

فضلها ..... ص : 515

11152/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن سيف بن عميرة، عن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة المزمل في العشاء الآخرة، أو في آخر الليل، كان له الليل و النهار شاهدين مع سورة المزمل، و أحياه الله حياة طيبة، و أماته ميتة طيبة».

11153/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر كمن أعتق رقابا في سبيل الله بعدد الجن و الشياطين، و رفع الله عنه العسر في الدنيا و الآخرة، و من أدمن قراءتها و رأى النبي (صلى الله عليه و آله) في المنام فليطلب منه ما يشتهي فؤاده».

11154/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها دائما، رفع الله عنه العسر في الدنيا و الآخرة، و رأى النبي في المنام».

11155/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من أدمن في قراءتها و رأى النبي و سأله ما يريد أعطاه الله كل ما يريده

من الخير، و من قرأها في ليلة الجمعة مائة مرة غفر الله له مائة ذنب، و كتب له مائة حسنة بعشر أمثالها، كما قال الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 120.

2- ...........

3- ...........

4- خواص القرآن: 12 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 516

سورة المزمل(73): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 516

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا [1- 3] تقدم حديث في أول سورة طه

عن الصادق (عليه السلام): «يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ اسم للنبي (صلى الله عليه و آله) «1»».

11156/ [1]- علي بن إبراهيم: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا قال: هو النبي (صلى الله عليه و آله)، كان يتزمل بثوبه و ينام، فقال الله عز و جل: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، قال: انقص من القليل أو زد عليه، أي على القليل قليلا.

11157/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله تعالى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، قال: «أمره الله أن يصلي كل ليلة، إلا أن يأتي عليه ليلة من الليالي لا يصلي فيها شيئا».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 390.

2- التهذيب 2: 335/ 1380.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة طه. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 517

سورة المزمل(73): الآيات 4 الي 6 ..... ص : 517

قوله تعالى:

وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا- إلى قوله تعالى- هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا [4- 6] 11158/ [1]- علي بن إبراهيم: وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا قال: بينه تبيانا، و لا تنثره نثر الرمل، و لا تهذه هذ «1» الشعر، و لكن أفزع به القلوب القاسية.

11159/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سليمان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن

قول الله عز و جل: وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا، قال:

«قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): بينه تبيانا و لا تهذه هذ الشعر، و لا تنثره نثر الرمل، و لكن أفزعوا قلوبكم القاسية، و لا يكن هم أحدكم آخر السورة».

11160/ [3]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا، قال: قيام الليل، و هو قوله: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا، قال: أصدق.

11161/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا، قال: «يعني بقوله: وَ أَقْوَمُ قِيلًا قيام الرجل من فراشه يريد به الله لا يريد به غيره».

سورة المزمل(73): الآيات 7 الي 8 ..... ص : 517

قوله تعالى:

وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [8] 11162/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: رفع اليدين و تحريك السبابتين.

11163/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 392.

2- الكافي 2: 449/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 392.

4- الكافي 3: 446/ 17.

5- تفسير القمّي 2: 392.

6- الكافي 2: 347/ 1.

(1) الهذّ: سرعة القراءة. «لسان العرب 3: 517».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 518

مهران، عن سيف بن عميرة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الرغبة أن تستقبل بباطن كفيك إلى السماء، و الرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء».

و قوله تعالى: وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا، قال: «الدعاء: بإصبع واحدة تشير بها، و التضرع: تشير بإصبعيك و تحركهما، و الابتهال: رفع اليدين و تمدهما، و ذلك عند الدمعة، ثم ادع».

11164/

[3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، و الحسين بن سعيد، جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي خالد، عن مروك بياع اللؤلؤ، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ذكر الرغبة و أبرز [باطن راحتيه إلى السماء، و هكذا الرهبة: و جعل ظهر كفيه إلى السماء، و هكذا التضرع: و حرك أصابعه يمينا و شمالا، و هكذا التبتل: و يرفع أصابعه مرة، و يضعها مرة، و هكذا الابتهال و مد يده تلقاء وجهه إلى القبلة، و لا يبتهل حتى تجري الدمعة».

11165/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «مر بي رجل و أنا أدعو في صلاتي بيساري، فقال:

يا أبا «1» عبد الله بيمينك، فقلت: يا أبا عبد الله، إن الله تبارك و تعالى حقه «2» على هذه كحقه على هذه».

و قال: «الرغبة: تبسط يديك [و تظهر] باطنهما، و الرهبة: [تبسط يديك و] تظهر ظاهرهما «3»، و التضرع:

تحريك «4» السبابة اليمنى يمينا و شمالا، و التبتل: تحريك «5» السبابة اليسرى ترفعها إلى السماء رسلا و تضعها، و الابتهال: تبسط يديك و ذراعيك إلى السماء حين ترى أسباب البكاء».

11166/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه أو غيره، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الدعاء و رفع اليدين. فقال: « [على أربعة أوجه:

أما التعوذ فتستقبل القبلة بباطن

كفيك، و أما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك و تفضي بباطنهما إلى السماء، و أما التبتل فإيماء بإصبعك السبابة، و أما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك، و دعاء التضرع أن تحرك إصبعك السبابة مما يلي وجهك، و هو دعاء الخيفة».

11167/ [6]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم و زرارة، قالا:

__________________________________________________

3- الكافي 2: 348/ 3.

4- الكافي 2: 348/ 4.

5- الكافي 2: 348/ 5.

6- الكافي 2: 349/ 7.

(1) (أبا) ليس في المصدر.

(2) في المصدر: إنّ اللّه تبارك و تعالى حقا.

(3) في المصدر: ظهرهما. [.....]

(4) في المصدر: تحرّك.

(5) في «ج» و المصدر: تحرّك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 519

قلنا لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف المسألة إلى الله تبارك و تعالى؟ قال: «تبسط كفيك» قلنا: كيف الاستعاذة؟ قال:

«تقضي بكفيك، و التبتل: الإيماء بالإصبع، و التضرع: تحريك الإصبع، و الابتهال: [أن تمد يديك جميعا».

11168/ [7]- الطبرسي: في معنى وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا، قال: روى محمد بن مسلم و زرارة و حمران، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن التبتل هنا رفع اليدين في الصلاة».

11169/ [8]- و قال: و في رواية أبي بصير، قال: «هو رفع يديك «1» إلى الله و تضرعك إليه».

11170/ [9]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا «2» يقول: فراغا طويلا لنومك و حاجتك، قوله: وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا يقول: أخلص إليه إخلاصا.

سورة المزمل(73): الآيات 10 الي 20 ..... ص : 519

قوله تعالى:

وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا- إلى قوله تعالى- وَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [10- 20]

11171/ [1]- محمد بن

يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت له: وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ؟ قال: «يقولون فيك وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا وَ ذَرْنِي «3» وَ الْمُكَذِّبِينَ بوصيك أُولِي النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِيلًا» قلت: إن هذا تنزيل؟ قال: «نعم».

11172/ [2]- ابن شهر آشوب: عن أبان بن عثمان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ الآية، قال: «هȠوعيد توعد الله عز و جل [به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام)».

11173/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ [أي لا يقدر أن يبلعه، قوله:

__________________________________________________

7- مجمع البيان 10: 571.

8- مجمع البيان 10: 571.

9- تفسير القمي 2: 392.

1- الكافي 1: 360/ 91.

2- المناقب 3: 203.

3- تفسير القمي 2: 392.

(1) في المصدر: يدك.

(2) المزمل 73: 7.

(3) زاد في المصدر: يا محمد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 520

يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ أي تخسف، و قوله تعالى: وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا قال: مثل الرمل ينحدر.

11174/ [4]- ثم قال علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ: «ففعل النبي (صلى الله عليه و آله) ذلك، و بشر الناس به، فاشتد ذلك عليهم».

و قوله: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ و كان الرجل يقوم و لا يدري متى ينتصف الليل، و متى يكون الثلثان، و كان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظه، فأنزل الله إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ إلى قوله: عَلِمَ أَنْ لَنْ

تُحْصُوهُ يقول: متى يكون النصف و الثلث، نسخت هذه الآية: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ و اعلموا أنه لم يأت نبي قط إلا خلا بصلاة الليل، و لا جاء نبي قط «1» بصلاة الليل في أول الليل.

قوله: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً يقول: كيف إن كفرتم تتقون ذلك اليوم الذي يجعل الولدان شيبا؟

11175/ [5]- و قال أيضا علي بن إبراهيم، في قوله: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ الآية، قال: تشيب الولدان من الفزع حيث يسمعون الصيحة.

11176/ [6]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن زرعة، عن سماعة، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً، قال: «هو غير الزكاة».

سبب نزول السورة ..... ص : 520

11177/ [1]- في (نهج البيان) للشيباني، قال: روي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن السبب في نزول هذه السورة أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان يقوم هو و أصحابه الليل كله للصلاة حتى تورمت أقدامهم من كثرة قيامهم، فشق ذلك عليه و عليهم، فنزلت السورة بالتخفيف عنه و عنهم في قوله تعالى: وَ اللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ أي لن تطيقوه».

11178/ [2]- الطبرسي، قال: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله: وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ [قال : علي و أبو ذر.

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 392.

5- تفسير القمّي 2: 393.

6- تفسير القمّي 2: 393. [.....]

1- نهج البيان 3: 303 «مخطوط».

2- مجمع البيان 10: 575.

(1) زاد في النسخ: إلّا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 521

سورة المدثر ..... ص : 521

فضلها ..... ص : 521

11179/ [1]- ابن بابويه: باسناده، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: «من قرأ في الفريضة سورة المدثر كان حقا على الله عز و جل أن يجعله مع محمد (صلى الله عليه و آله) في درجته، و لا يدركه في الحياة الدنيا شقاء أبدا إن شاء الله تعالى».

11180/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطي من الأجر بعدد من صدق بمحمد (صلى الله عليه و آله) و بعدد من كذب به عشر مرات، و من أدمن في قراءتها و سأل الله في آخرها حفظ القرآن، لم يمت حتى يشرح الله قلبه و يحفظه».

11181/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و

آله): «من أدمن قراءتها كان له أجر عظيم، و من طلب من الله حفظ كل سور القرآن، لم يمت حتى يحفظه».

11182/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من أدمن في قراءتها، و سأل الله في آخرها حفظه، لم يمت حتى يحفظه، و لو سأله أكثر من ذلك قضاه الله تعالى له».

و الله أعلم.

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 120.

2- ..........

3- خواص القرآن: 56 «مخطوط».

4- خواص القرآن: 12 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 522

سورة المدثر(74): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 522

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ- إلى قوله تعالى- وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ [1- 5]

11183/ [1]- سعد بن عبد الله: بإسناده، عن الكلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ اسم من أسماء النبي (صلى الله عليه و آله) العشرة التي في القرآن».

تقدم الحديث مسندا بتمامه في أول سورة طه «1».

11184/ [2]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل بن جميل، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ:

«يعني بذلك محمدا (صلى الله عليه و آله) و قيامه في الرجعة ينذر فيها.

قوله: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ نَذِيراً يعني محمدا (صلى الله عليه و آله) نذيرا لِلْبَشَرِ «2» في الرجعة» [و في قوله: (إنا أرسلناك كافة للناس) «3» في الرجعة].

11185/ [3]- و بهذا الاسناد، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: إن المدثر هو

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 67.

2- مختصر بصائر الدرجات: 26.

3- مختصر بصائر الدرجات: 26.

(1) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة طه.

(2) المدثر 74: 35، 36.

(3) يريد

معنى قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً سبأ 34: 28، فانه لا توجد في القرآن آية بهذا اللفظ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 523

كائن عند الرجعة، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، أحياء قبل يوم القيامة ثم أموات؟ قال: فقال له عند ذلك: نعم و الله لكفرة من الكفر بعد الرجعة أشد من الكفرات قبلها».

11186/ [4]- علي بن إبراهيم: في معنى الآية، قال: يريد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فالمدثر يعني المتدثر بثوبه قُمْ فَأَنْذِرْ قال: هو قيامه في الرجعة ينذر فيها، قوله: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ، قال: تطهيرها تشميرها، أي قصرها، و قال: شيعتنا يطهرون.

11187/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال: «فشمر».

11188/ [6]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن عليا (عليه السلام) كان عندكم فأتى بني ديوان، فاشترى ثلاثة أثواب بدينار، القميص إلى فوق الكعب، و الإزار إلى نصف الساق، و الرداء من بين يديه إلى ثدييه، و من خلفه إلى أليتيه، ثم رفع يده إلى السماء، فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتى دخل منزله، ثم قال:

هذا اللباس الذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و لكن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم، و لو فعلنا لقالوا مجنون، و لقالوا مرائي، و الله تعالى يقول: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ،

قال: و ثيابك ارفعها و لا تجرها، و إذا قام قائمنا كان على هذا اللباس».

11189/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمن بن عثمان، عن رجل من أهل اليمامة كان مع أبي الحسن (عليه السلام) أيام حبس ببغداد، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): «إن الله تعالى قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ و كانت ثيابه طاهرة، و إنما أمره بالتشمير».

11190/ [8]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن رجل، عن سلمة بياع القلانس، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، إذ دخل عليه أبو عبد الله (عليه السلام)، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا بني، ألا تطهر قميصك» فذهب، فظننا أن ثوبه قد أصابه شي ء، فرجع «1» إنه هكذا، فقلنا: جعلنا الله فداك، ما لقميصه؟ قال: «كان قميصه طويلا، و أمرته أن يقصر، إن الله عز و جل يقول: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ».

11191/ [9]- و عنه: عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 393. [.....]

5- الكافي 6: 455/ 1.

6- الكافي 6: 455/ 2.

7- الكافي 6: 456/ 4.

8- الكافي 6: 457/ 10.

9- الكافي 6: 457/ 11.

(1) زاد في المصدر: فقال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 524

يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم، قال: نظر أبو عبد الله (عليه السلام) إلى رجل قد لبس قميصا يصيب الأرض، فقال: «ما هذا الثوب بطاهر».

11192/ [10]- ابن بابويه: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حدثني أبي، عن

آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «تشمير الثياب طهورها «1»، قال الله تبارك و تعالى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ يعني فشمر».

11193/ [11]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ، الرجز «2» الخبيث.

سورة المدثر(74): آية 6 ..... ص : 524

قوله تعالى:

وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ [6]

11194/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال في قوله تعالى: وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ، قال: «لا تستكثر ما عملت من خير لله».

11195/ [2]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود يقول: لا تعطي العطية تلتمس أكثر منها.

سورة المدثر(74): الآيات 8 الي 10 ..... ص : 524

قوله تعالى:

فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [8- 10]

11196/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، قال: «إن منا إماما مظفرا مستترا، فإذا أراد الله عز و جل إظهار أمره نكت في قلبه نكتة، فظهر فقام بأمر الله تعالى».

__________________________________________________

10- الخصال: 622/ 10.

11- تفسير القمّي 2: 393.

1- الكافي 2: 362/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 393.

3- الكافي 1: 277/ 30.

(1) في المصدر: طهور لها.

(2) في نسخة من (ط، ج، ي»: الخسى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 525

11197/ [2]- الشيخ المفيد: عن محمد بن يعقوب (رحمة الله)، بإسناده، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنه سئل عن قول الله عز و جل: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، قال: «إن منا إماما يكون مستترا، فإذا أراد الله عز ذكره إظهار أمره نكت في قلبه نكتة، فنهض «1» و قام بأمر الله عز و جل».

11198/ [3]- و في حديث آخر عنه (عليه السلام)، قال: «إذا نقر في أذن القائم (عليه السلام) أذن

له في القيام».

11199/ [4]- و روى عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل:

فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، قال: الناقور هو النداء من السماء، ألا إن وليكم الله «2» و فلان بن فلان القائم بالحق، ينادي به جبرئيل في ثلاث ساعات من ذلك اليوم، فذلك يوم عسير على الكافرين غير يسير، يعني بالكافرين المرجئة الذين كفروا بنعمة الله و بولاية علي بن أبي الطالب (عليه السلام)».

11200/ [5]- ابن بابويه، قال: حدثني أبي و محمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، قالا: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن تفسير جابر؟ فقال: «لا تحدث به السفلة فيذيعوه، أما تقرأ في كتاب الله عز و جل: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ إن منا إماما مستترا، فإذا أراد الله عز و جل إظهار أمره نكت في قلبه نكتة، فظهر و أمر بأمر الله عز و جل».

سورة المدثر(74): الآيات 11 الي 56 ..... ص : 525

قوله تعالى:

ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً- إلى قوله تعالى- وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [11- 31]

11201/ [1]- علي بن إبراهيم: إنها نزلت في الوليد بن المغيرة، و كان شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب، و كان من المستهزئين برسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقعد في الحجرة و يقرأ القرآن، فاجتمعت قريش إلى الوليد بن المغيرة فقالوا: يا أبا عبد شمس، ما هذا الذي يقول محمد، أشعر هو أم كهانة أم

__________________________________________________

2- ... تأويل الآيات

2: 732/ 1. [.....]

3- ... تأويل الآيات 2: 732/ 2.

4- ... تأويل الآيات 2: 732/ 3.

5- كمال الدين و تمام النعمة: 349/ 42.

1- تفسير القمّي 2: 393.

(1) في المصدر: فظهر.

(2) (اللّه و) ليس في «ج».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 526

خطب؟ فقال: دعوني أسمع كلامه. فدنا من رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، أنشدني من شعرك. قال:

«ما هو شعر، و لكن كلام الله الذي ارتضاه لملائكته و أنبيائه و رسله». فقال: اتل علي منه شيئا. فقرأ عليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) حم السجدة، فلما بلغ قوله: فَإِنْ أَعْرَضُوا يا محمد، يعني قريشا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ «1» فاقشعر الوليد، و قامت كل شعرة على رأسه و لحيته، و مر إلى بيته، و لم يرجع إلى قريش من ذلك.

فمشوا إلى أبي جهل، فقالوا: يا أبا الحكم، إن أبا عبد شمس صبا إلى دين محمد، أما تراه لم يرجع إلينا؟

فغدا أبو جهل إلى الوليد، فقال [له : يا عم، نكست رؤوسنا و فضحتنا، و أشمت بنا عدونا، و صبوت إلى دين محمد! فقال: ما صبوت إلى دينه، و لكني سمعت [منه كلاما صعبا تقشعر من الجلود. فقال له أبو جهل: أخطب هو؟ قال: لا، إن الخطب كلام متصل، و هذا كلام منثور، و لا يشبه بعضه بعضا. قال: فشعر هو؟ قال: لا، أما إني قد سمعت أشعار العرب بسيطها و مديدها و رملها و رجزها و ما هو بشعر، قال: فما هو؟ قال: دعني أفكر فيه.

فلما كان من الغد قالوا له: يا أبا عبد شمس، ما تقول فيما قلنا؟ قال: قولوا هو سحر، فإنه آخذ

بقلوب الناس.

فأنزل الله عز و جل على رسوله في ذلك ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً و إنما سمي وحيدا لأنه قال لقريش: إني أتوحد بكسوة البيت سنة، و عليكم بجماعتكم سنة. و كان له مال كثير و حدائق، و كان له عشر بنين بمكة، و كان له عشرة عبيد، عند كل عبد ألف دينار يتجر بها، و ملك القنطار في ذلك الزمان، و يقال: إن القنطار جلد ثور مملوء ذهبا، فأنزل الله عز و جل ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً إلى قوله تعالى: صَعُوداً.

11202/ [2]- علي بن إبراهيم: و أما صعود فجبل من صفر من نار وسط جهنم.

11203/ [3]- نرجع إلى الرواية، قال: جبل يسمى صعودا إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ يعني قدره، كيف سواه و عدله ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ قال: عبس وجهه و بسر، قال: ألقى شدقه ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ إلى قوله تعالى: ما سَقَرُ واد في النار لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ أي لا تبقيه و لا تذره لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ قال: تلوح عليه فتحرقه عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قال: ملائكة يعذبونهم، و هو قوله: وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً و هم ملائكة في النار يعذبون الناس وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا قال: لكل رجل تسعة عشر من الملائكة يعذبونه.

11204/ [4]- و قال علي بن إبراهيم: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، قال:

«الوحيد ولد الزنا و هو زفر»، وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً قال: «أجلا ممدودا إلى مدة»، وَ بَنِينَ شُهُوداً، قال:

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 394.

3- تفسير القمّي 2: 394.

4- تفسير القمّي 2: 395.

(1) فصلت 41: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 527

«أصحابه الذين شهدوا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يورث وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ملكه الذي ملكته: مهدته له»:

ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً، قال: «لولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، جاحدا عاندا لرسول الله (صلى الله عليه و آله) [فيها] سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ [فكر] فيما أمر به من الولاية، و قدر إن مضى رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن لا يسلم لأمير المؤمنين (عليه السلام) البيعة التي بايعه بها على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله)» فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ قال: «عذاب بعد عذاب، يعذبه القائم (عليه السلام) ثم نظر إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) فعبس و بسر مما أمر به ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ» قال: «إن زفر قال: إن النبي (صلى الله عليه و آله) سحر الناس بعلي إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ أي ليس بوحي من الله عز و جل سَأُصْلِيهِ سَقَرَ إلى آخر الآية، فيه نزلت».

11205/ [5]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده، عن زرارة، و حمران، و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر، و أبي عبد الله (عليهما السلام): «أن الوحيد ولد الزنا».

قال زرارة: ذكر لأبي عبد الله «1» (عليه السلام) عن أحد بني هشام، أنه قال في بعض خطبة: أنا الوليد «2»

الوحيد، فقال: «ويله! لو علم ما الوحيد ما فخر بها». فقلنا له: و ما هو؟ قال: «من لا يعرف له أب».

قوله تعالى:

لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً- إلى قوله تعالى- هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ [31- 56]

11206/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ؟ قال: «يستيقنون أن الله و رسوله و وصيه حق».

قلت: وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً؟ قال: «يزدادون بولاية الوصي إيمانا».

قلت: وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْمُؤْمِنُونَ؟ قال: «بولاية علي (عليه السلام)».

قلت: ما هذا الارتياب؟ قال: «يعني بذلك أهل الكتاب، و المؤمنين الذين ذكر «3» الله فقال و لا يرتابون في

__________________________________________________

5- مجمع البيان 9: 584.

1- الكافي 1: 360/ 91.

(1) في المصدر: لأبي جعفر.

(2) في المصدر: أنا ابن. [.....]

(3) في النسخ: ذكروا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 528

الولاية».

قلت: وَ ما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ؟ قال: «نعم، ولاية علي (عليه السلام)».

قلت: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ؟ قال: «الولاية».

قلت: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ؟ قال: «من تقدم إلى ولايتنا أخر عن سقر، و من تأخر عنها تقدم إلى سقر» إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ قال: «هم و الله شيعتنا».

قلت له: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ؟ قال: «إنا لم نتول وصي محمد و الأوصياء من بعده و لا يصلون عليهم».

قلت: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ؟ قال: «عن الولاية معرضين».

قلت: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ «1»؟ قال: «الولاية».

11207/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن الحسين بن علي الوشاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن

أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ نَذِيراً لِلْبَشَرِ، قال: «يعني فاطمة (عليها السلام)» و قد تقدم حديث في معنى الآية في أول السورة «2».

11208/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: جاء في تفسير أهل البيت (عليهم السلام): رواه الرجال، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، [قال :

«يعني بهذه الآية إبليس اللعين، خلقه وحيدا من غير أب و لا أم، و قوله: وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً يعني هذه الدولة إلى يوم الوقت المعلوم، يوم يقوم القائم (عليه السلام) وَ بَنِينَ شُهُوداً وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً «3» يقول: معاندا للأئمة، يدعو إلى غير سبيلها، و يصد الناس عنها و هي آيات الله».

11209/ [4]- و قوله: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «صعود: جبل في النار من نحاس يحمل عليه حبتر، ليصعده كارها، فإذا ضرب بيديه على الجبل ذابتا حتى تلحقا بالركبتين، فإذا رفعهما عادتا، فلا يزال هكذا ما شاء الله».

و قوله تعالى: إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ، قال: «يعني تدبيره و نظره و فكرته و استكباره في نفسه و ادعاءه الحق لنفسه دون أهله».

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 399.

3- تأويل الآيات 2: 734/ 5.

4- تأويل الآيات 2: 734/ 6.

(1) عبس 80: 11.

(2) تقدّم في الحديث (2) في تفسير الآيات (1- 5) من هذه السورة.

(3) المدثر 74: 11- 16.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 5، ص: 529

ثم قال الله تعالى: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ، قال: «يراه أهل المشرق كما يراه أهل المغرب، إنه إذا كان في سقر يراه أهل المشرق و أهل المغرب و تبين حاله». و المعني في هذه الآيات جميعها حبتر.

قال: «قوله تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ أي تسعة عشر رجلا، فيكونون من الناس كلهم في المشرق و المغرب».

و قوله تعالى: وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً، قال: «فالنار هو القائم (عليه السلام) الذي أنار ضوؤه و خروجه لأهل المشرق و المغرب، و الملائكة هم الذين يملكون علم آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

و قوله تعالى: وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا «1»، قال: «يعني المرجئة».

و قوله تعالى: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، قال: «هم الشيعة، و هم أهل الكتاب، و هم الذين أوتوا الكتاب و الحكم و النبوة».

و قوله تعالى: وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ «أي لا يشك الشيعة، في شي ء من أمر القائم (عليه السلام) وَ لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا فقال الله عز و جل لهم: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فالمؤمن يسلم و الكافر يشك.

و قوله تعالى: وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ فجنود ربك هم الشيعة و هم شهداء الله في الأرض».

و قوله تعالى: وَ ما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ .... لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ [قال: «يعني اليوم قبل خروج القائم، من شاء قبل الحق و تقدم إليه، و من شاء تأخر] عنه».

و قوله تعالى: كُلُّ

نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ، قال: «هم أطفال المؤمنين، قال الله تبارك و تعالى: وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ «2»، قال: [يعني إنهم [آمنوا] بالميثاق».

و قوله تعالى: وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ، قال: «بيوم خروج القائم (عليه السلام)».

و قوله تعالى: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ، قال: «يعني بالتذكرة ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

و قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ، قال: « [يعني كأنهم حمر وحش فرت من الأسد حين رأته، و كذلك المرجئة «3» إذا سمعت بفضل آل محمد (عليهم السلام) نفرت عن الحق».

ثم قال الله تعالى: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً، قال: «يريد كل رجل من المخالفين أن ينزل عليه كتاب من السماء».

ثم قال الله تعالى: كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ، قال: «هي دولة القائم (عليه السلام)».

ثم قال تعالى بعد أن عرفهم التذكرة هي الولاية: كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ __________________________________________________

(1) المدثر 74: 11- 31.

(2) الطور 52: 21.

(3) في المصدر: رأته، و كذا أعداء آل محمد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 530

وَ ما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، قال: «فالتقوى في هذا الموضع هو النبي (صلى الله عليه و آله)، و المغفرة أمير المؤمنين (عليه السلام)».

11210/ [5]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبي يوسف يعقوب بن يزيد، عن نوح المضروب، عن أبي شيبة، عن عنبسة العابد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ، قال: «هم شيعتنا أهل البيت».

11211/ [6]- محمد بن العباس، عن محمد بن يونس، عن عثمان بن أبي شيبة،

عن عقبة بن سعيد «1»، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ، قال: «هم شيعتنا أهل البيت».

11212/ [7]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي، عن محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن زكريا الموصلي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام): «أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال لعلي (عليه السلام): يا علي، قوله عز و جل كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ و المجرمون هم المنكرون لولايتك قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ فيقول لهم أصحاب اليمين: ليس من هذا أوتيتم، فما الذي سلككم في سقر يا أشقياء؟ قالوا: كنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين. فقالوا لهم: هذا الذي سلككم في سقر يا أشقياء، و يوم الدين يوم الميثاق حيث جحدوا و كذبوا بولايتك، و عتوا عليك و استكبروا».

11213/ [8]- الطبرسي: عن الباقر (عليه السلام)، قال: «نحن و شيعتنا أصحاب اليمين».

11214/ [9]- الشيباني، في (نهج البيان)، قال: هم علي بن أبي طالب (عليه السلام) و أهل بيته الطاهرين. قال:

و روي مثل ذلك عن ابن عباس و عن الباقر و الصادق (عليهما السلام).

11215/ [10]- الشيباني، في (نهج البيان): قال: يعني الذين أجرموا بتكذيب محمد (صلى الله عليه و آله). قال:

و روي مثل ذلك عن الباقر و الصادق (عليهما السلام).

__________________________________________________

5- المحاسن: 171/ 139.

6- تأويل الآيات 2: 737/ 8.

7- تأويل الآيات 2: 738/ 9.

8- مجمع البيان 10: 591.

[.....]

9- نهج البيان 3: 305 «مخطوط».

10- نهج البيان 3: 305 «مخطوط»

(1) في المصدر: عتّبة بن أبي سعيد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 531

11216/ [11]- و قال علي بن إبراهيم، قال: اليمين علي (عليه السلام) و أصحابه شيعته، فيقولون لأعداء آل محمد: ما سلككم في سقر؟ قال: فيقولون: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ أي لم نك من أتباع الأئمة (عليهم السلام).

11217/ [12]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن القمي، عن إدريس بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن تفسير هذه الآية ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، قال: «عنى بها لم نك من أتباع الأئمة الذين قال الله تبارك و تعالى فيهم:

وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «1» أما ترى الناس يسمون الذي يلي السابق في الحلبة المصلي فذلك الذي عنى حيث قال: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ لم نك من أتباع السابقين».

11218/ [13]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن عقيل الخزاعي: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات فيقول: «تعاهدوا الصلاة، و حافظوا عليها، و استكثروا منها، و تقربوا بها، فإنها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، و قد علم ذلك الكفار حين سئلوا:

ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ».

11219/ [14]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ قال: حقوق آل الرسول و هو الخمس لذي «2» القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل و هم آل الرسول (عليهم السلام).

قوله تعالى: وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ

الدِّينِ أي يوم المجازاة حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ قال: الموت.

و قوله تعالى: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ قال: لو أن كل ملك مقرب و نبي مرسل شفعوا في ناصب لآل محمد ما قبل منهم ما شفعوا فيه.

ثم قال: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ قال: عما يذكر لهم من موالاة أمير المؤمنين (عليه السلام) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ يعني من الأسد.

11220/ [15]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً: «و ذلك أنهم قالوا: يا محمد، قد بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يذنب الذنب فيصبح و ذنبه مكتوب عند رأسه و كفارته، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه و آله) و قال:

__________________________________________________

11- تفسير القمّي 2: 395.

12- الكافي 1: 347/ 38.

13- الكافي 5: 36/ 1.

14- تفسير القمّي 2: 395.

15- تفسير القمّي 2: 596.

(1) الواقعة 56: 10، 11.

(2) في المصدر: حقوق آل محمّد من الخمس لذوي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 532

يسألك قومك سنة بني إسرائيل في الذنوب، فإن شاءوا فعلنا ذلك بهم و أخذناهم بما كنا نأخذ به بني إسرائيل، فزعموا أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كره ذلك لقومه».

11221/ [16]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، [قال : «قال الله تبارك و تعالى: أنا

أهل أن أتقى، و لا يشرك بي عبدي شيئا، و أنا أهل إن لم يشرك بي عبدي شيئا أن أدخله الجنة، و قال (عليه السلام): إن الله تبارك و تعالى أقسم بعزته [و جلاله أن لا يعذب أهل التوحيد «1» بالنار أبدا».

__________________________________________________

16- التوحيد: 19/ 6.

(1) في المصدر: توحيده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 533

سورة القيامة ..... ص : 533

فضلها ..... ص : 533

11222/ [1]- ابن بابويه: باسناده، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من أدمن قراءة سورة لا أقسم، و كان يعمل بها، بعثه الله عز و جل مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من قبره في أحسن صورة، و يبشره و يضحك في وجهه حتى يجوز على الصراط و الميزان».

11223/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة شهدت له أنا و جبرئيل يوم القيامة أنه كان موقنا بيوم القيامة، و خرج من قبره و وجهه مسفر عن وجوه الخلائق، يسعى نوره بين يديه، و إدمان قراءتها يجلب الرزق و الصيانة و يحبب إلى الناس».

11224/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها شهدت أنا و جبرئيل يوم القيامة أنه كان مؤمنا بيوم القيامة».

11225/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «قراءتها تخشع و تجلب العفاف و الصيانة، و من قرأها لم يخف من سلطان، و حفظ في ليله- إذا قرأها- و نهاره بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 121.

2- ......... [.....]

3- .........

4- .........

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 534

سورة القيامة(75): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 534

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ- إلى قوله تعالى- بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ [1- 5] 11226/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ: يعني أقسم بيوم القيامة و وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، قال: نفس آدم التي عصت فلامها الله عز و جل. قوله عز و جل: أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ قال: أطراف الأصابع، لو شاء

الله لسواها.

قوله تعالى: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ، قال: يقدم الذنب و يؤخر التوبة، و يقول: سوف أتوب.

11227/ [2]- شرف الدين النجفي: عن محمد بن خالد البرقي، عن خلف بن حماد، عن الحلبي، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقرأ: «بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ أي يكذبه».

11228/ [3]- قال: و قال بعض أصحابنا عنهم (عليهم السلام): «أن قول الله عز و جل: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ قال: [بل يريد أن يفجر أمير المؤمنين (عليه السلام)، بمعنى يكيده».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 396.

2- تأويل الآيات 2: 739/ 1.

3- تأويل الآيات 2: 739/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 535

سورة القيامة(75): الآيات 6 الي 15 ..... ص : 535

قوله تعالى:

يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ- إلى قوله تعالى- وَ لَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ [6- 15] 11229/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ أي متى يكون؟ فقال الله: فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ، قال: يبرق البصر، فلا يقدر أن يطرف، قوله: كَلَّا لا وَزَرَ أي لا ملجأ، قوله تعالى: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ

قال: يخبر بما قدم و أخر.

11230/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ

: «بما قدم من خير و شر، و ما أخر، من سنة ليستن بها من بعده، فإن كان شرا كان عليه مثل وزرهم، و لا ينقص من وزرهم شي ء، و إن كان خيرا كان له مثل أجورهم و لا ينقص من أجورهم شي ء».

قوله: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَ لَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ ، قال: «يعلم ما صنع، و إن اعتذر».

11231/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن

الحكم، عن عمر بن يزيد، قال: إني لأتعشى عند «1» أبي عبد الله (عليه السلام)، إذ تلا هذه الآية بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَ لَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ : «يا أبا حفص، ما يصنع الإنسان أن يتقرب إلى الله عز و جل بخلاف ما يعلم الله تعالى؟ إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يقول: من أسر سريرة رداه الله رداءها، إن خيرا فخير، و إن شرا فشر».

11232/ [4]- و عنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن فضل أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا و يسر سيئا؟ أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ذلك ليس كذلك؟ و الله عز و جل يقول: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

إن السريرة إذا صحت قويت العلانية».

11233/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عمر بن يزيد، [قال : إني لأتعشى عند «2» أبي عبد الله (عليه السلام) إذ تلا هذه الآية بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَ لَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ : «يا أبا حفص، ما يصنع الإنسان أن يعتذر إلى الناس بخلاف ما يعلم الله منه؟ إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان يقول: من أسر سريرة ألبسه الله رداءها، إن خيرا فخير، و إن شرا فشر».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 396.

2- تفسير القمّي 2: 397.

3- الكافي 2: 223/ 6.

4- الكافي 2: 223/ 11.

5- الكافي 2: 224/ 15.

(1) في المصدر: مع.

(2) في المصدر: مع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 536

11234/ [6]- و عنه: عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، و

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الخفقة و الخفقتين؟ فقال: «ما أدري ما الخفقة و الخفقتان، إن الله يقول: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

، إن عليا (عليه السلام) كان يقول: من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا، فقد وجب عليه الوضوء».

11235/ [7]- الشيخ في (التهذيب)، قال: أخبرنا الشيخ- يعني المفيد- عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى و عن الحسين بن الحسن بن أبان، جميعا، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الخفقة و الخفقتين؟ فقال: «ما أدري ما الخفقة و الخفقتان، إن الله تعالى يقول: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

، إن عليا (عليه السلام) كان يقول: من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا وجب عليه الوضوء».

11236/ [8]- الشيخ المفيد في (أماليه)، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن- يعني ابن الوليد- عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن ياسين، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: «ما ينفع العبد يظهر حسنا و يسر سيئا، أ ليس إذا رجع إلى نفسه علم أنه ليس كذلك؟ و الله تعالى يقول: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية».

سورة القيامة(75): الآيات 17 الي 23 ..... ص : 536

قوله تعالى:

إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ - إلى قوله تعالى- إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ [17- 23] 11237/ [1]-

علي بن إبراهيم، قال: على آل محمد جمع القرآن و قراءته «1» فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، قال: اتبعوا إذا ما قرءوه ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ أي تفسيره.

11238/ [2]- الطبرسي، قال: بالإسناد يرفعه إلى الثقات الذين كتبوا الأخبار أنهم أوضحوا ما وجدوا بأن لهم من أسماء أمير المؤمنين (عليه السلام)، فله ثلاث مائة اسم في القرآن، منها ما رووه بالإسناد الصحيح عن ابن مسعود،

__________________________________________________

6- الكافي 3: 37/ 15.

7- التهذيب 1: 8/ 10. [.....]

8- أمالي المفيد: 214/ 6.

1- تفسير القمّي 2: 397.

2- .......

(1) في المصدر: و قرآنه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 537

قوله تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ «1»، و قوله تعالى: وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا «2»، و قوله تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ «3»، و قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ ، و قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «4»، فالمنذر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي بن أبي طالب (عليه السلام) الهادي.

و قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «5» فالبينة محمد (صلى الله عليه و آله)، و الشاهد علي (عليه السلام)، و قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى «6»، و قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً «7»، و قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ «8» جنب الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قوله تعالى: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ

مُبِينٍ «9» معناه علي (عليه السلام)، و قوله تعالى: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «10»، و قوله تعالى: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ «11» معناه عن حب علي بن أبي طالب (عليه السلام).

11239/ [3]- علي بن إبراهيم: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ، قال: الدنيا الحاضرة وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ قال: تدعون وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ أي مشرقة إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، قال: ينظرون إلى وجه الله عز و جل، يعني إلى رحمة الله و نعمته.

11240/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الروياني، قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال علي بن موسى

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 397.

4- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 114/ 2.

(1) الزخرف 43: 4.

(2) مريم 19: 50.

(3) الشعراء 26: 84.

(4) الرعد 13: 7.

(5) هود 11: 17.

(6) الليل 92: 12، 13.

(7) الأحزاب 33: 56.

(8) الزمر 39: 56. [.....]

(9) يس 36: 12.

(10) يس 36: 3، 4.

(11) التكاثر 102: 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 538

الرضا (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، قال: «يعني مشرقة، تنظر ثواب ربها».

11241/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لعلي بن موسى (عليهما السلام): يا بن رسول الله، ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: «إن

المؤمنين يزورون ربهم في منازلهم في الجنة»؟

فقال (عليه السلام): «يا أبا الصلت، إن الله تعالى فضل نبيه (صلى الله عليه و آله) على جميع خلقه من النبيين و الملائكة، و جعل طاعته طاعته، و مبايعته مبايعته «1»، و زيارته في الدنيا و الآخرة زيارته، فقال عز و جل: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «2»، و قال: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ «3»، و قال النبي (صلى الله عليه و آله): من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله تعالى. و درجة النبي (صلى الله عليه و آله) في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك و تعالى».

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فما معنى الخبر الذي رووه أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله تعالى؟

فقال (عليه السلام): «يا أبا الصلت، من وصف الله تعالى بوجه «4» كالوجوه فقد كفر، و لكن وجه الله تعالى أنبياؤه و رسله و حججه (صلوات الله عليهم)، هم الذين بهم يتوجه إلى الله عز و جل و إلى دينه و معرفته، و قد قال الله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ «5»، و قال عز و جل: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «6»، فالنظر إلى أنبياء الله تعالى و رسله و حججه (عليهم السلام) في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة، و قد قال النبي (صلى الله عليه و آله): من أبغض أهل بيتي و عترتي لم يرني و لم أره يوم القيامة. و قال (صلى الله عليه و آله): إن فيكم من

لا يراني بعد أن يفارقني. يا أبا الصلت، إن الله تعالى لا يوصف بمكان و لا تدركه الأبصار «7» و الأوهام».

11242/ [6]- و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن الله عز و جل، هل يراه المؤمنون يوم القيامة؟

قال: «نعم، و قد رأوه قبل يوم القيامة».

__________________________________________________

5- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 114/ 3.

6- التوحيد: 117/ 20.

(1) في المصدر: متابعته متابعته.

(2) النساء 4: 80.

(3) الفتح 48: 10.

(4) في «ط، ي»: بوصف.

(5) الرحمن 55: 26، 27.

(6) القصص 28: 88.

(7) في المصدر: و لا يدرك بالأبصار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 539

قلت: متى؟ قال: «حين قال الله لهم: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «1»» ثم سكت ساعة، ثم قال: «و إن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة، أ لست تراه في وقتك هذا؟».

قال أبو بصير: فقلت له: جعلت فداك، فأحدث بهذا عنك؟ فقال: «لا، فإنك إذا حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقول، ثم قدر أن ذلك تشبيه كفر، و ليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين، تعالى الله عما يصفه المشبهون و الملحدون».

11243/ [7]- محمد بن العباس: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن هاشم الصيداوي، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا هاشم، حدثني أبي و هو خير مني، عن جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: ما من

رجل من فقراء المؤمنين من «2» شيعتنا إلا و ليس عليه تبعة».

قلت: جعلت فداك، و ما التبعة؟ قال: «من الإحدى و خمسين ركعة، و من صوم ثلاثة أيام من الشهر، فإذا كان يوم القيامة خرجوا من قبورهم و وجوهم مثل القمر ليلة البدر، فيقال للرجل منهم: سل تعط، فيقول: أسأل ربي النظر إلى وجه محمد (صلى الله عليه و آله)، قال: فيأذن الله عز و جل لأهل الجنة أن يزوروا محمدا (صلى الله عليه و آله)، قال:

فينصب لرسول الله (صلى الله عليه و آله) منبر من نور على درنوك من درانيك الجنة، له ألف مرقاة، بين المرقاة إلى المرقاة ركضة الفرس، فيصعد محمد (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قال: «فيحف ذلك المنبر شيعة آل محمد (عليهم السلام)، فينظر الله إليهم، و هو قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ- قال- فيلقى عليهم من النور حتى إن أحدهم إذا رجع لم تقدر الحور «3» أن تملأ بصرها منه». قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا هاشم، لمثل هذا فليعمل العاملون».

11244/ [8]- قلت: و روى صاحب (تحفة الإخوان) هذا الحديث، عن محمد بن العباس بإسناده، عن هاشم الصيداوي، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا هاشم» الحديث، إلا أن فيه، قال: «ما من رجل من فقراء شيعتنا إلا و عليه تبعه». قلت: جعلت فداك، و ما التبعة؟ قال: «من الإحدى و خمسين ركعة، و صيام ثلاثة أيام من الشهر».

و فيه أيضا: «فيحف ذلك المنبر شيعة محمد و آله (عليهم السلام)، فينظر الله إليهم، و هو قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ يعني إلى نور ربها- قال-

فيلقي الله عليهم من النور حتى إذا رجع [أحدهم لم تقدر زوجته الحوراء [أن تملأ بصرها منه» ثم قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ «4».

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 739/ 4.

8- تحفة الإخوان: 102 «مخطوط». [.....]

(1) الأعراف 7: 172.

(2) (المؤمنين من) ليس في «ج» و المصدر.

(3) في المصدر: الحوراء.

(4) الصافات 37: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 540

سورة القيامة(75): الآيات 24 الي 30 ..... ص : 540

قوله تعالى:

وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ- إلى قوله تعالى- إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ [24- 30] 11245/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ أي ذليلة تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ، قوله تعالى: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ قال: يعني النفس إذا بلغت الترقوة وَ قِيلَ مَنْ راقٍ ، قال: يقال له: من يرقيك؟ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ «1» وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ قال: التفت الدنيا بالآخرة إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ، قال: يساقون إلى الله.

11246/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ قِيلَ مَنْ راقٍ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ ، قال:

«ذلك ابن آدم، إذا حل به الموت قال: هل من طبيب؟ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ أيقن بمفارقة الأحبة وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ التفت الدنيا بالآخرة ثم إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ، قال: المصير إلى رب العالمين».

11247/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه

السلام)، أنه سئل عن قول الله عز و جل: وَ قِيلَ مَنْ راقٍ ، قال: «ذلك قول ابن آدم إذا حضره الموت قال:

هل من طبيب، هل من دافع «2»؟ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ يعني فراق الأهل و الأحبة عند ذلك. قال: وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ التفت الدنيا بالآخرة، قال: إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ إلى رب العالمين يومئذ المصير».

سورة القيامة(75): الآيات 31 الي 40 ..... ص : 540

قوله تعالى:

فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى- إلى قوله تعالى- أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى [31- 40]

11248/ [4]- علي بن إبراهيم: أنه كان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) دعا إلى بيعة علي (عليه السلام) يوم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 397.

2- الكافي 3: 259/ 32.

3- أمالي الصدوق: 253/ 1.

4- تفسير القمّي 2: 397.

(1) زاد في المصدر: علم أنّه الفراق.

(2) في المصدر: راق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 541

غدير خم، فلما بلغ الناس و أخبرهم في علي (عليه السلام) ما أراد الله أن يخبرهم به، رجع الناس، فاتكأ معاوية على المغيرة بن شعبة و أبي موسى الأشعري، ثم أقبل يتمطى نحو أهله و يقول: و الله لا نقر «1» لعلي بالولاية أبدا، و لا نصدق محمدا مقالته فيه، فأنزل الله جل ذكره فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلى لَكَ فَأَوْلى العبد الفاسق، فصعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنبر و هو يريد البراءة منه، فأنزل الله عز و جل: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ «2» فسكت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لم يسمه.

11249/ [2]- ابن شهر آشوب: قال الباقر (عليه السلام): «قام ابن هند و تمطى [و

خرج مغضبا، واضعا يمينه على عبد الله بن قيس الأشعري، و يساره على المغيرة بن شعبة، و هو يقول: و الله لا نصدق محمدا على مقالته، و لا نقر عليا بولايته، فنزل: فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى الآيات، فهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يرده فيقتله، فقال له جبرئيل (عليه السلام): لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ «3» فسكت عنه رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

11250/ [3]- ابن بابويه، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثني أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: سألت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى [قال :

«يقول الله تبارك و تعالى: بعدا لك من خير الدنيا، بعدا لك من خير الآخرة».

11251/ [4]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً قال: لا يحاسب و لا يعذب و لا يسأل [عن شي ء]، ثم قال: أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى إذا نكح أمناه ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى رد على من أنكر البعث و النشور.

11252/ [5]- الطبرسي: عن البراء بن عازب، قال: لما نزلت هذه الآية أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «سبحانك اللهم! و بلى». قال: و هو المروي، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

__________________________________________________

2- المناقب 3: 38.

3- عيون أخبار الرّضا

(عليه السّلام) 2: 54/ 205.

4- تفسير القمّي 2: 397.

5- مجمع البيان 10: 607. [.....]

(1) في نسخة من «ط، ج «ي»: لا نفي.

(2) القيامة 75: 16.

(3) القيامة 75: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 543

سورة الدهر ..... ص : 543

فضلها ..... ص : 543

11253/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ هل أتى على الإنسان في [كل غداة خميس، زوجه الله من الحور العين ثمانمائة عذراء و أربعة آلاف ثيب حوراء «1» من الحور العين، و كان مع النبي (صلى الله عليه و آله)».

11254/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان جزاؤه على الله جنة و حريرا، و من أدمن قراءتها قويت نفسه الضعيفة، و من كتبها و شرب ماءها نفعت وجع الفؤاد، و صح جسمه، و برأ من مرضه».

11255/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها أجزاه الله الجنة و ما تهوى نفسه على كل الأمور، و من كتبها في إناء و شرب ماءها نفعت شر وجع الفؤاد، و نفع بها الجسد».

11256/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «قراءتها تقوي النفس و تشد [العصب، و تسكن القلق و إن ضعف في قراءتها، كتبت و محيت و شرب [ماؤها]، منعت من [ضعف النفس و يزول عنه بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 121.

2- .....

3- .....

4- خواص القرآن: 12 «مخطوط».

(1) في المصدر: و حوراء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 544

سورة الإنسان(76): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 544

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً- إلى قوله تعالى- إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً [1- 3]

11257/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط، عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله

تعالى:

أ و لم ير الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً «1»، فقال: «لا مقدرا و لا مكونا».

قال: و سألته عن قوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً، فقال: «كان مقدرا غير مذكور».

11258/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن إسماعيل بن إبراهيم و محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن حمران، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً، فقال: «كان شيئا و لم يكن مذكورا».

قلت: فقوله: أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً «2» قال: «لم يكن شيئا في كتاب و لا

__________________________________________________

1- الكافي 1: 114/ 5.

2- المحاسن: 243/ 234.

(1) كذا، و الآية في سورة مريم 19: 67: أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً

(2) مريم 19: 67.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 545

علم».

11259/ [3]- الطبرسي، قال: روى العياشي باسناده، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قوله: لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً، قال: «كان شيئا و لم يكن مذكورا «1»».

11260/ [4]- و بإسناده، عن سعيد الحداد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كان مذكورا في العلم، و لم يكن مذكورا في الخلق».

و عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله.

11261/ [5]- و عن حمران بن أعين، قال: سألته عنه فقال: « [كان شيئا مقدورا، و لم يكن مكونا».

11262/ [6]- ابن شهر آشوب جاء في تفسير أهل البيت (عليهم

السلام)، أن قوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ يعني به عليا (عليه السلام).

ثم قال ابن شهر آشوب: و الدليل على صحة هذا القول قوله تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ و معلوم أن آدم لم يخلق من النطفة.

11263/ [7]- و قال علي بن إبراهيم: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً قال:

لم يكن في العلم، و لا في الذكر.

قال: و في حديث آخر: «كان في العلم، و لم يكن في الذكر».

قوله تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ أي نختبره فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً، ثم قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ أي بينا له طريق الخير و الشر إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً و هو رد على المجبرة، أنهم يزعمون أنه لا فعل لهم.

11264/ [8]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً، قال: «إما آخذ فشاكر، و إما تارك فكافر».

11265/ [9]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ __________________________________________________

3- مجمع البيان 10: 614.

4- مجمع البيان 10: 614. [.....]

5- مجمع البيان 10: 614.

6- المناقب 3: 103.

7- تفسير القمّي 2: 398.

8- تفسير القمّي 2: 398.

9- تفسير القمّي 2: 398.

(1) في «ط، ي»: قال: في الخلق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 546

قال: «ماء الرجل و المرأة اختلطا جميعا».

11266/ [10]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله

(عليه السلام)، قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً، قال: «عرفناه إما آخذ و إما تارك».

11267/ [11]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن حمران بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً، قال: «إما آخذ فهو شاكر، و إما تارك فهو كافر»

سورة الإنسان(76): الآيات 5 الي 23 ..... ص : 546

قوله تعالى:

إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً [5- 9] 11268/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً يعني بردها و طيبها، لأن فيها الكافور عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ أي منها، قوله: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً قال: المستطير: العظيم.

11269/ [2]- قوله تعالى: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً،

قال علي بن إبراهيم:

حدثني أبي، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان عند فاطمة (عليها السلام) شعير، فجعلوه عصيدة، فلما أنضجوها و وضعوها بين أيديهم جاء مسكين، فقال المسكين: رحمكم الله، أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي (عليه السلام) و أعطاه ثلثاه، فلم يلبث أن جاء يتيم، فقال اليتيم: رحمكم الله، أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي (عليه السلام) و أعطاه الثلث الثاني، ثم جاء أسير، فقال الأسير: رحمكم الله، أطعمونا مما رزقكم الله،

__________________________________________________

10-

الكافي 1: 124/ 3.

11- الكافي 2: 283/ 4.

1- تفسير القمّي 2: 398.

2- تفسير القمّي 2: 398.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 547

فقام علي (عليه السلام) و أعطاه الثلث الباقي، و ما ذاقوها، فأنزل الله [فيهم هذه الآية وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً إلى قوله تعالى: وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً «1» في أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك لله عز و جل بنشاط فيه «2»».

11270/ [3]- علي بن إبراهيم: القمطرير: الشديد. قوله تعالى: مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ «3» [يقول:

متكئين في الحجال على السرر. قوله: وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها، يقول: قريب «4» ظلالها منهم، قوله: وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا دليت عليهم ثمارها ينالها القاعد و القائم.

قوله تعالى: وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ الأكواب: الأكواز العظام التي لا آذان لها و لا عرى، قوارير من فضة الجنة يشربون فيها قَدَّرُوها تَقْدِيراً «5» يقول: صنعت لهم على قدر ريهم «6» لا تحجير فيه و لا فضل «7»، قوله تعالى: مِنْ سُندُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ «8»، قال: الإستبرق: الديباج.

11271/ [4]- و قال أيضا علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا «9»، قال: ينفذ البصر فيها كما ينفذ في الزجاج، قوله تعالى: وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ، قال: مستورون «10»، قوله تعالى: وَ مُلْكاً كَبِيراً، قال: لا يزول و لا يفنى، قوله تعالى: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَ إِسْتَبْرَقٌ «11» قال: تعلوهم الثياب يلبسونها.

ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه و آله) فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا إلى قوله: بُكْرَةً وَ أَصِيلًا «12»، قال: بالغداة و العشي «13»

و نصف النهار وَ مِنَ اللَّيْلِ إلى قوله تعالى: وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا «14»،

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 399.

4- تفسير القمّي 2: 399.

(1) الدهر 76: 22.

(2) (للّه عزّ و جلّ بنشاط فيه) ليس في المصدر. [.....]

(3) الدهر 76: 13.

(4) في «ي»: و قربت.

(5) الدهر 75: 14- 16.

(6) في «ط» نسخة بدل و المصدر: رتبتهم.

(7) في «ط» و المصدر: و لا فصل.

(8) الدخان 44: 53.

(9) الدهر 76: 15.

(10) في المصدر: مستوون.

(11) الدهر 76: 19- 21.

(12) الدهر 76: 23- 25.

(13) (بالغداة و العشي) ليس في المصدر.

(14) الدهر 76: 26.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 548

قال: صلاة الليل، قوله تعالى: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ «1» يعني خلقهم.

قال الشاعر:

و ضامرة شد المليك أسرها «2» أسفلها و ظهرها و بطنها

قال: الضامرة: يعني فرسه، شد المليك أسرها، أي خلقها، يكاد ماذنها «3»، قال: عنقها، يكون شطرها، أي نصفها.

11272/ [5]- المفيد في (الاختصاص): في حديث مسند برجاله، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي، ما عملت في ليلتك؟» قال: «و لم يا رسول الله؟». قال: «قد نزلت فيك أربعة معال». قال: «بأبي أنت و أمي، كانت معي أربعة دراهم، فتصدقت بدرهم ليلا، و بدرهم نهارا، و بدرهم سرا، و بدرهم علانية». قال: «فإن الله أنزل فيك الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «4»».

ثم قال له: «هل عملت شيئا غير هذا؟ فإن الله قد أنزل علي سبع عشرة آية، يتلو بعضها بعضا، من قوله:

إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً إلى قوله: إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً».

11273/ [6]- قوله: وَ

يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً

قال: فقال العالم (عليه السلام): «أما إن عليا لم يقل في موضع: إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء منكم و لا شكورا، و لكن الله علم من قلبه أن ما أطعم لله، فأخبره بما يعلم من قلبه من غير أن ينطق به».

11274/ [7]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قول الله تعالى: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً، قال: قلت: حب الله، أو حب الطعام؟ قال: «حب الطعام».

11275/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد بن عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا شعيب بن واقد، قال: حدثنا القاسم بن بهرام، عن

__________________________________________________

5- الاختصاص: 150.

6- الاختصاص: 151. [.....]

7- المحاسن: 397/ 71.

8- أمالي الصدوق: 212/ 11.

(1) الدهر 76: 28.

(2) زاد في المصدر: يكاد ماذنها، و لا يستقيم، و قد جاء في شرح الشعر (يكاد ماذنها يكون شطرها) و الظاهر أنّ هذا الشطر سقط من الشعر أولا و ذكره في الشرح فقط، و قوله: (يكاد ماذنها) تصحيف صحيحه (يكاد هاديها) أي عنقها، إذ ليس في اللغة الماذن بمعنى العنق.

(3) في «ج»: مادتها.

(4) البقرة 2: 274.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 549

ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس.

و حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال:

حدثنا الحسن بن مهران، قال: حدثنا سلمة بن خالد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، في قوله عز و جل: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قال: «مرض

الحسن و الحسين (عليهما السلام) و هما صبيان صغيران، فعادهما رسول الله (صلى الله عليه و آله) و معه رجلان، فقال أحدهما: [يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا لله، إن عافاهما؟ فقال: أصوم ثلاثة أيام شكرا لله عز و جل، و كذلك قالت فاطمة (عليها السلام)، و قال الصبيان: و نحن أيضا نصوم ثلاثة أيام، و كذلك قالت جاريتهم فضة، فألبسهما الله العافية، فأصبحوا صائمين و ليس عندهم طعام.

فانطلق علي (عليه السلام) إلى جار له من اليهود، يقال له شمعون، يعالج الصوف، فقال: هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير؟ قال: نعم، فأعطاه، فجاء بالصوف و الشعير، و أخبر فاطمة (عليها السلام) فقبلت و أطاعت، ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف، ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته و عجنته، و خبزت من خمسة أقراص، لكل واحد منهم قرص.

و صلى علي (عليه السلام) مع النبي (صلى الله عليه و آله) المغرب، ثم أتى منزله، فوضع الخوان و جلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا مسكين واقف [بالباب ، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة، فوضع اللقمة من يده، ثم قال:

فاطم ذات المجد و اليقين يا بنت خير الناس أجمعين أما ترين البائس المسكين جاء إلى الباب له حنين يشكو إلى الله و يستكين يشكو إلينا جائعا حزين كل امرئ بكسبه رهين من يفعل الخير يقف سمين «1»

موعده في جنة رهين «2» حرمها الله على الضنين و صاحب البخل يقف حزين تهوي به النار إلى سجين شرابه الحميم و الغسلين يمكث فيه

الدهر و السنين «3»

فأقبلت فاطمة (عليها السلام) تقول:

أمرك سمع يا بن عم و طاعة ما بي من لؤم و لا وضاعه غذيت باللب و بالبراعة أرجو إذا أشبعت في «4» مجاعه أن ألحق الأخيار و الجماعه و أدخل الجنة في شفاعة

__________________________________________________

(1) في «ط، ي» غدا يدين.

(2) في النسخ: دمين.

(3) (يمكت فيه الدهر و السنين) ليس في «ج» و المصدر.

(4) في المصدر: من.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 550

و عمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين، و باتوا جياعا، فأصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح «1» ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته و عجنته، و خبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرص، و صلى علي (عليه السلام) المغرب مع النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم أتى إلى منزله، فلما وضع الخوان بين يديه و جلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا يتيم من يتامى المسلمين، أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة، فوضع علي (عليه السلام) اللقمة من يده، ثم قال:

فاطم بنت السيد الكريم بنت نبي ليس بالزنيم قد جاءنا الله بذا اليتيم من يرحم اليوم هو الرحيم موعده في جنة النعيم حرمها الله على اللئيم و صاحب البخل يقف ذميم تهوي به النار إلى الجحيم شرابه «2» الصديد و الحميم فأقبلت فاطمة (عليها السلام) و هي تقول:

فسوف أعطيه و لا ابالي و أؤثر الله على عيالي أمسوا جياعا و هم أشبالي أصغرهما يقتل في القتال في كربلا يقتل باغتيال للقاتل «3» الويل مع الوبال تهوي

به النار إلى سفال كبوله «4» زادت على الأكبال ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان، و باتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح، فأصبحوا صياما، و عمدت فاطمة (عليها السلام) فغزلت الثلث الباقي من الصوف، و طحنت الصاع الباقي و عجنته، و خبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد منهم قرص، و صلى علي (عليه السلام) [المغرب مع النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم أتى منزله، فقرب إليه الخوان، فجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا و تشدوننا و لا تطعموننا فوضع علي (عليه السلام) اللقمة من يده، ثم قال:

فاطم يا بنت النبي أحمد بنت نبي سيد مسود

قد جاءك الأسير ليس يهتد مكبلا في غله مقيد

يشكو إلينا الجوع قد تقدد من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الموحد ما يزرع الزارع سوف يحصد

__________________________________________________

(1) أي الماء الذي لم يخالطه شي ء. «لسان العرب 2: 561».

(2) في المصدر: شرابها.

(3) في «ط»: لقاتليه.

(4) الكبول: جمع كبل و هو القيد. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 551

فأطعمي من غير من أنكد فأقبلت فاطمة (عليها السلام) و هي تقول:

لم يبق مما كان غير صاع قد دبرت «1» كفي مع الذراع شبلاي و الله هما جياع يا رب لا تتركهما ضياع أبوهما للخير ذو اصطناع عبل «2» الذراعين طويل الباع و ما على رأسي من قناع إلا عبا نسجتها بصاع و عمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه، و باتوا جياعا، و أصبحوا مفطرين و ليس عندهم شي ء».

قال شعيب في حديثه: و أقبل علي (عليه السلام) بالحسن و الحسين (عليهما السلام) نحو

رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع، فلما بصر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهما قال: «يا أبا الحسن، شد ما يسؤني ما أرى بكم، انطلق إلى ابنتي فاطمة» فانطلقوا [إليها] و هي في محرابها، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع و غارت عيناها، فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه و آله) ضمها إليه، و قال: وا غوثاه، أنتم منذ ثلاث فيما أرى! فهبط جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، خذها هنأ لك «3» في أهل بيتك. فقال: و ما آخذ يا جبرئيل؟ قال: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ «4» حتى بلغ إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً «5».

و قال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبي (صلى الله عليه و آله) حتى دخل منزل فاطمة (عليها السلام)، فرأى ما بهم فجمعهم، ثم انكب عليهم يبكي، و يقول: «أنتم منذ ثلاث فيما أرى و أنا غافل عنكم». فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآيات إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً قال: هي عين في دار النبي (صلى الله عليه و آله) تتفجر إلى دور الأنبياء و المؤمنين يُوفُونَ بِالنَّذْرِ يعني عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و جاريتهم فضة وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً يقول عابسا كلوحا وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ يقول: على حب شهوتهم للطعام و إيثارهم له مِسْكِيناً من مساكين المسلمين وَ يَتِيماً من يتامى المسلمين وَ أَسِيراً من أسارى المشركين، و يقولون إذا أطعموهم: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا

شُكُوراً، قال: و الله ما قالوا هذا، [لهم و لكنهم أضمروه في أنفسهم، فأخبر الله بإضمارهم.

يقول: لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً تكافؤننا به وَ لا شُكُوراً تثنون علينا به، و لكنا إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ و طلب ثوابه، قال الله تعالى ذكره: فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً في القلوب

__________________________________________________

(1) أي تقرّحت و تشققت.

(2) رجل عبل الذّراعين، أي ضخمهما. «لسان العرب 11: 420».

(3) في المصدر: خذ ما هيّأ اللّه لك.

(4) الدهر 76: 1.

(5) الدهر 76: 22.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 552

وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً جنة يسكنونها وَ حَرِيراً يفرشونه و يلبسونه مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ و الأريكة: السرير عليه الحجلة «1» لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً «2»، قال ابن عباس: فبينا أهل الجنة في الجنة إذا رأوا مثل الشمس [قد] أشرقت لها الجنان، فيقول أهل الجنة: يا رب، إنك قلت في كتابك: لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرئيل (عليه السلام) فيقول: ليس هذه بشمس، و لكن عليا و فاطمة ضحكا، فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، و نزلت هَلْ أَتى فيهم، إلى قوله تعالى: وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً.

قلت: القصة رواها الخاص و العام معلومة عندهم بأنها نزلت في علي و أهل بيته (عليهم السلام) فالتشاغل بذكرها بأسانيد المخالفين يطول بها الكتاب.

11276/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد «3» الكاتب، عن الحسن بن بهرام، عن عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث المكتب، عن أبي كثير الزبيدي، عن عبد الله بن العباس (رضي الله عنه)، قال: مرض الحسن و

الحسين (عليهما السلام)، فنذر علي و فاطمة (عليهما السلام) و الجارية نذرا إن برئا صاموا ثلاثة أيام شكرا، فبرئا، فوفوا بالنذر و صاموا، فلما كان أول يوم قامت الجارية و جرشت شعيرا، فخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد منهم قرص، فلما كان وقت الفطر جائت الجارية بالمائدة فوضعتها بين أيديهم، فلما مدوا أيديهم ليأكلوا و إذا مسكين بالباب يقول: يا أهل بيت محمد، مسكين آل فلان بالباب، فقال علي (عليه السلام): «لا تأكلوا و آثروا المسكين».

فلما كان اليوم الثاني فعلت الجارية كما فعلت في اليوم الأول، فلما وضعت المائدة بين أيديهم ليأكلوا، فإذا يتيم بالباب و هو يقول: يا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة، يتيم آل فلان بالباب، فقال علي (عليه السلام): «لا تأكلوا شيئا و أطعموا اليتيم». قال: ففعلوا.

فلما كان في اليوم الثالث و فعلت الجارية كما فعلت في اليومين، فلما جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها، فمدوا أيديهم ليأكلوا، و إذا شيخ كبير يصيح بالباب: يا أهل بيت محمد، تأسروننا و لا تطعموننا. قال: فبكى علي (عليه السلام) بكاء شديدا، و قال: «يا بنت محمد، إني أحب أن يراك الله و قد آثرت هذا الأسير على نفسك و أشبالك». فقالت: «سبحان الله، ما أعجب ما نحن فيه معك، ألا ترجع إلى الله في هؤلاء الصبية الذين صنعت بهم ما صنعت، و هؤلاء إلى متى يصبرون صبرنا». فقال لها علي (عليه السلام): «فالله يصبرك و يصبرهم، و يأجرنا إن شاء الله تعالى، و به نستعين، و عليه نتوكل، و هو حسبنا و نعم الوكيل، اللهم بدلنا بما فاتنا من طعامنا هذا ما هو خير منه، و اشكر لنا صبرنا و لا تنسه لنا، إنك رحيم

كريم». فأعطوه الطعام.

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 750/ 6.

(1) هي بيت يزيّن بالثياب و الأسرّة و الستور. «لسان العرب 11: 144».

(2) الدهر 76: 11- 13.

(3) في المصدر: محمّد بن أحمد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 553

و بكر إليهم النبي (صلى الله عليه و آله) في اليوم الرابع، فقال: «ما كان من خبركم في أيامكم هذه؟» فأخبرته فاطمة (عليها السلام) بما كان، فحمد الله و شكره و أثنى عليه، و ضحك إليهم، و قال: «خذوا هنأكم الله و بارك عليكم و بارك لكم قد هبط علي جبرئيل من عند ربي و هو يقرأ عليكم السلام، و قد شكر ما كان منكم، و أعطى فاطمة سؤلها، و أجاب دعوتها، و تلا عليهم إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً إلى قوله: إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً».

قال: و ضحك النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: «إن الله قد أعطاكم نعيما لا ينفد و قرة عين أبد الآبدين، هنيئا لكم يا بيت النبي بالقرب من الرحمن، مسكنكم «1» معه في دار الجلال و الجمال، و يكسوكم من السندس و الإستبرق و الأرجوان، و يسقيكم الرحيق المختوم من الولدان، فأنتم أقرب الخلق من الرحمن، تأمنون إذا فزع الناس، و تفرحون إذا حزن الناس، و تسعدون إذا شقي الناس، فأنتم في روح و ريحان، و في جوار الرب العزيز الجبار و هو راض عنكم غير غضبان، قد أمنتم العقاب و رضيتم الثواب، تسألون فتعطون، و تتحفون فترضون، و تشفعون فتشفعون، طوبى لمن كان معكم، و طوبى لمن أعزكم إذا خذلكم الناس، و أعانكم إذا جفاكم الناس، و آواكم إذا طردكم الناس، و نصركم إذا قتلكم

الناس، الويل لكم من أمتي، و الويل لأمتي من الله».

ثم قبل فاطمة و بكى، و قبل جبهة علي (عليها السلام) و بكى، و ضم الحسن و الحسين إلى صدره و بكى، و قال:

«الله خليفتي عليكم في المحيا و الممات، و أستودعكم الله و هو خير مستودع، حفظ الله من حفظكم، و وصل الله من وصلكم، و أعان الله من أعانكم، و خذل الله من خذلكم و أخافكم، أنا لكم سلف و أنتم عن قليل [بي لاحقون، و المصير إلى الله، و الوقوف بين يدي الله عز و جل، و الحساب على الله لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى «2»».

11277/ [10]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قال: «يوفون بالنذر الذي أخذ عليهم من ولايتنا».

11278/ [11]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت: قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً؟ قال:

«يوفون [لله بالنذر الذي أخذ عليهم [في الميثاق من ولايتنا».

11279/ [12]- و رواه الصفار في (بصائر الدرجات): بهذا الاسناد، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قلت:

__________________________________________________

10- الكافي 1: 341/ 5.

11- بصائر الدرجات: 110/ 2.

12- الكافي 1: 360/ 91.

(1) في المصدر: يسكنكم.

(2) النجم 53: 31. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 554

قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ؟ قال: «يوفون لله بالنذر الذي أخذ عليهم في الميثاق من ولايتنا».

11280/ [13]- محمد بن يعقوب: عن

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً؟ قال: «ليس من الزكاة».

11281/ [14]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته، و تلا هذه الآية وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً الأسير عيال الرجل، ينبغي للرجل إذا زيد في النعمة أن يزيد أسراءه في السعة عليهم». ثم قال: «إن فلانا أنعم الله عليه بنعمة فمنعها أسراءه و جعلها عند فلان، فذهب الله بها». قال معمر:

و كان فلان حاضرا.

11282/ [15]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً، قال: قلت: حب الله أو حب الطعام؟

قال: «حب الطعام».

قوله تعالى:

وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا- إلى قوله تعالى- وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً [14- 21]

11283/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً: «يعني بذلك ولي الله و ما [هو] فيه من الكرامة و النعيم و الملك العظيم الكبير، إن الملائكة من رسل الله عز ذكره يستأذنون عليه فلا يدخلون عليه إلا باذنه، فذلك الملك العظيم الكبير، و قال: على باب

الجنة شجرة، إن الورقة منها ليستظل تحتها ألف رجل من الناس، و عن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية، قال: فيسقون منها شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد، و تسقط من أبشارهم الشعر، و ذلك قول الله عز و جل: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً. قال: و الثمار دانية منهم، و هو قوله عز و جل: وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع

__________________________________________________

13- الكافي 3: 499/ 9.

14- الكافي 4: 11/ 3.

15- المحاسن: 397/ 71.

1- الكافي 8: 98/ 69.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 555

الذي يشتهيه من الثمار بفيه و هو متكئ».

11284/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن يزيد بن إسحاق، عن عباس بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) و كنت عنده غداة ذات يوم: أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً، ما هذا الملك الذي كبره الله حتى سماه كبيرا؟ قال:

فقال لي: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، أرسل الله رسولا إلى ولي من أوليائه، فيجد الحجبة على بابه، فتقول له: قف حتى نستأذن لك، فما يصل [إليه رسول ربه إلا باذنه، فهو قوله عز و جل: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً».

قوله تعالى:

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا [23]

11285/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قلت: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا؟ قال: «بولاية علي تنزيلا» قلت: هذا تنزيل؟ قال: «لا، ذا

تأويل».

سورة الإنسان(76): الآيات 29 الي 31 ..... ص : 555

قوله تعالى:

إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ- إلى قوله تعالى- وَ الظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً [29- 31]

11286/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قلت: إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ؟ قال: «الولاية» قلت: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ؟ قال: «في ولايتنا».

11287/ [4]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد السياري، قال: حدثني غير واحد من أصحابنا، عن أبي

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 210/ 1.

2- الكافي 1: 360/ 91.

3- الكافي 1: 360/ 91.

4- مختصر بصائر الدرجات: 65.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 556

الحسن الثالث (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى جعل قلوب الأئمة (عليهم السلام) موارد لإرادته، و إذا شاء شيئا شاءوه، و هو قوله تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ».

11288/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ؟ قال: «في ولايتنا وَ الظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ألا ترى أن الله يقول: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «1»- قال- إن الله أعز و أمنع من أن يظلم، و أن ينسب نفسه إلى الظلم، و لكن الله خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، و ولايتنا ولايته، ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه [فقال : وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «2»» قلت:

هذا تنزيل. قال: «نعم».

11289/ [4]- ابن شهر آشوب: قال الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ: «الرحمة:

علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

__________________________________________________

3- الكافي 1: 360/ 91.

4- المناقب

3: 99.

(1) البقرة 2: 57.

(2) النحل 16: 118.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 557

سورة المرسلات ..... ص : 557

فضلها ..... ص : 557

11290/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ و المرسلات عرفا، عرف الله بينه و بين محمد (صلى الله عليه و آله)».

11291/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة، كتب أنه ليس من المشركين بالله، و من قرأها في محاكمة بينه و بين أحد قواه الله على خصمه و ظفر به».

11292/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها و هو في محاكمة عند قاض أو وال، نصره الله على خصمه».

11293/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها في حكومة قوي على من يحاكمه، و إذا كتبت و محيت بماء البصل، ثم شربه من به وجع في بطنه، زال عنه بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 121.

2- ....... [.....]

3- .......

4- .......

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 558

سورة المرسلات(77): الآيات 1 الي 27 ..... ص : 558

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً- إلى قوله تعالى- وَ أَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً [1- 27] 11294/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: الآيات يتبع بعضها بعضا، فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً قال: القبر وَ النَّاشِراتِ نَشْراً قال: نشر الأموات فَالْفارِقاتِ فَرْقاً قال: الدابة فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً قال: الملائكة.

قوله تعالى: عُذْراً أَوْ نُذْراً أي أعذركم و أنذركم بما أقول، و هو قسم و جوابه إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ، قوله تعالى: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ قال: يذهب نورها و تسقط.

11295/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ «طمسها: ذهاب ضوئها» و أما قوله: إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ يقول: «منتهى الأجل».

11296/ [3]- علي بن إبراهيم: وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ قال: تنفرج و تنشق وَ إِذَا

الْجِبالُ نُسِفَتْ أي تقلع وَ إِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ، قال: بعثت في أوقات مختلفة.

11297/ [4]- الطبرسي، قال الصادق (عليه السلام): «أقتت، أي بعثت في أوقات مختلفة».

11298/ [5]- علي بن إبراهيم: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ قال: أخرت لِيَوْمِ الْفَصْلِ، قوله: أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 400.

2- تفسير القمي 2: 401.

3- تفسير القمي 2: 400.

4- مجمع البيان 10: 629.

5- تفسير القمي 2: 400.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 559

قال: منتن فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ قال: في الرحم، قوله تعالى: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَ أَمْواتاً قال: الكفات: المساكن، و

قال: نظر أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجوعه من صفين إلى المقابر، فقال: «هذه كفات الأموات» أي مساكنهم، ثم نظر إلى بيوت الكوفة، فقال: «هذه كفات الأحياء» ثم تلا قوله تعالى:

أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَ أَمْواتاً.

11299/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن بعض أصحابه، عن أبي كهمس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تبارك و تعالى: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَ أَمْواتاً.

قال: «دفن الشعر و الظفر».

11300/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: نظر إلى المقابر، فقال:

«يا حماد، هذه كفات الأموات» و نظر إلى البيوت فقال: «هذه كفات الأحياء» و تلا أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَ أَمْواتاً.

و

روي أنه دفن الشعر و الظفر.

11301/ [8]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ جَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ قال: جبال مرتفعة وَ أَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً

أي عذبا، و كل عذب من الماء فهو فرات، قوله تعالى: انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ «1» قال: فيه ثلاث شعب من النار، قوله تعالى: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ «2»، قال: شرر النار كالقصور و الجبال، قوله تعالى: كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ «3»، أي سود.

11302/ [9]- شرف الدين النجفي، قال: روي بحذف الاسناد مرفوعا إلى العباس بن إسماعيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قوله عز و جل: أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ، [قال : «يعني الأول و الثاني ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ قال: الثالث و الرابع و الخامس كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ من بني أمية، و قوله: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بأمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)».

11303/ [10]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن

__________________________________________________

6- الكافي 6: 493/ 1.

7- معاني الأخبار: 342/ 1.

8- تفسير القمّي 2: 400.

9- تأويل الآيات 2: 754/ 1.

10- الكافي 1: 361/ 91.

(1) المرسلات 77: 30.

(2) المرسلات 77: 32. [.....]

(3) المرسلات 77: 33.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 560

الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ؟ قال: «يقول: ويل للمكذبين- يا محمد- بما أوحيت إليك من ولاية علي أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ، قال: الأولين: الذين كذبوا الرسل في طاعة الأوصياء كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ، قال: من أجرم إلى آل محمد و ركب من وصيه ما ركب».

قلت: إِنَّ الْمُتَّقِينَ «1»؟ قال: «نحن و الله و شيعتنا، ليس على ملة إبراهيم غيرنا، و سائر الناس منها برآء».

سورة المرسلات(77): الآيات 29 الي 31 ..... ص : 560

قوله تعالى:

انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ لا ظَلِيلٍ وَ لا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ [29- 31]

11304/ [1]- الشيخ

أبو جعفر الطوسي: عن أحمد بن يونس، عن أحمد بن سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا لاذ الناس من العطش، قيل لهم: انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال:

فإذا أتوه قال لهم: انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ لا ظَلِيلٍ وَ لا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ يعني من لهب العطش».

11305/ [2]- محمد بن العباس: عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد بن سيار، عن بعض أصحابنا، مرفوعا إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «إذا لاذ الإنسان من العطش قيل لهم: انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيقول لهم: انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ قال: يعني الثلاثة:

فلان و فلان و فلان».

سورة المرسلات(77): الآيات 35 الي 36 ..... ص : 560

قوله تعالى:

هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ [35- 36]

11306/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن علي، عن إسماعيل بن مهران، عن حماد بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول [في قول الله تبارك و تعالى وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ، فقال:

__________________________________________________

1- ... تأويل الآيات 2: 754/ 3.

2- تأويل الآيات 2: 755/ 4.

3- الكافي 8: 178/ 200.

(1) المرسلات 77: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 561

«الله أجل و أعدل و أعظم من أن يكون لعبده عذر لا يدعه يعتذر به، و لكن فلج «1» فلم يكن له عذر».

سورة المرسلات(77): الآيات 41 الي 50 ..... ص : 561

قوله تعالى:

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ- إلى قوله تعالى- فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [41- 50] 11307/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ قال: ظلال من نور أنور من الشمس، قوله تعالى: وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ قال: إذا قيل لهم: تولوا الإمام لم يتولوه، ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ بعد هذا الذي أحدثك به يُؤْمِنُونَ.

11308/ [2]- شرف الدين النجفي، قال: روى الحسن بن علي الوشاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ، قال: «هي في بطن القرآن: و إذا قيل للنصاب تولوا عليا لا يفعلون».

11309/ [3]- ابن شهر آشوب: عن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان، عن مجاهد و ابن عباس: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ من اتقى الذنوب: علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين (عليهم السلام) في ظلال من

الشجر و الخيام من اللؤلؤ، طول كل خيمة مسيرة فرسخ في فرسخ- ثم ساق الحديث إلى قوله- إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ المطيعين لله أهل بيت محمد في الجنة.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 400.

2- تأويل الآيات 2: 756/ 6.

3- المناقب 2: 94.

(1) أي صار مغلوبا بالحجة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 563

سورة النبأ ..... ص : 563

فضلها ..... ص : 563

11310/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [قال : «من قرأ عم يتساءلون، لم تخرج سنته- إذا كان يدمنها في كل يوم- حتى يزور بيت الله الحرام إن شاء الله تعالى».

11311/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة و حفظها، لم يكن حسابه يوم القيامة إلا بمقدار سورة مكتوبة، حتى يدخل الجنة، و من كتبها و علقها عليه لم يقربه قمل، و زادت فيه قوة عظيمة».

11312/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها و حفظها كان حسابه يوم القيامة بمقدار صلاة واحدة، و من كتبها و علقها عليه لم يقربه قمل، و زادت فيه قوة و هيبة عظيمة».

11313/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها لمن أراد السهر سهر، و قرائتها لمن هو مسافر بالليل تحفظه من كل طارق بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 121.

2- خواص القرآن: 27، 56 «مخطوط».

3- ..........

4- خواص القرآن: 12 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 564

سورة النبأ(78): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 564

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [1- 5]

11314/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير أو غيره، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ قال: «ذلك إلي، إن شئت أخبرتهم، و إن شئت لم أخبرهم- ثم قال:- لكني أخبرك بتفسيرها». قلت: عَمَّ يَتَساءَلُونَ؟ قال: فقال: «هي في أمير المؤمنين (عليه

السلام)، كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: ما لله عز و جل آية هي أكبر مني، و لا لله من نبأ أعظم مني».

11315/ [2]- و رواه الصفار في (بصائر الدرجات) و في آخر روايته: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما لله آية هي أكبر مني، و لا لله من نبأ أعظم مني، و لقد فرضت ولايتي على الأمم الماضية، فأبت أن تقبلها».

11316/ [3]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن ارومة و محمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ، قال: «النبأ العظيم: الولاية».

__________________________________________________

1- الكافي 1: 161/ 3. [.....]

2- بصائر الدرجات: 96/ 3.

3- ....... الكافي 1: 346/ 34.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 565

و سألته عن قوله تعالى: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ «1»، قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

11317/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

ما لله نبأ أعظم مني، و ما لله آية هي أكبر مني، و لقد عرض فضلي على الأمم الماضية على اختلاف ألسنتها، فلم تقر بفضلي».

11318/ [5]- محمد بن العباس: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، بإسناده، عن محمد بن الفضيل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أمير

المؤمنين (عليه السلام) يقول: ما لله نبأ هو أعظم مني، و لقد عرض فضلي على الأمم الماضية باختلاف ألسنتها».

11319/ [6]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبان بن تغلب، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليس فيه خلاف».

11320/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) بقم في رجب سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة، قال: حدثني أبي، قال:

أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم، فيما كتب إلي في تسع و ثلاثمائة، قال: حدثني أبي، عن ياسر الخادم، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): يا علي، أنت حجة الله، و أنت باب الله، و أنت الطريق إلى الله، و أنت النبأ العظيم، و أنت الصراط المستقيم، و أنت المثل الأعلى.

يا علي، أنت إمام المسلمين، و أمير المؤمنين، و خير الوصيين، و سيد الصديقين. يا علي، أنت الفاروق الأعظم، و أنت الصديق الأكبر. يا علي، أنت خليفتي «2»، و أنت قاضي ديني، و أنت منجز عداتي. يا علي أنت المظلوم بعدي. يا علي، أنت المفارق. يا علي أنت المهجور «3». أشهد الله و من حضر من أمتي أن حزبك حزبي و

حزبي حزب الله، و ان حزب أعدائك حزب الشيطان».

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 401.

5- تأويل الآيات 2: 758/ 2.

6- تأويل الآيات 2: 2: 758/ 3.

7- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 6/ 13.

(1) الكهف 18: 44.

(2) زاد في المصدر: على امتي.

(3) في المصدر: أنت المحجور بعدي.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 566

11321/ [8]- و من طريق المخالفين: ما رواه الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من تفاسير الاثنى عشر، في تفسير قوله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ يرفعه إلى السدي، قال: أقبل صخر بن حرب حتى جلس إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، هذا الأمر من بعدك لنا أم لمن؟ قال: «يا صخر، الإمرة «1» من بعدي لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى» فأنزل الله: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ منهم المصدق بولايته و خلافته، و منهم المكذب بها، ثم قال: كَلَّا و هو رد عليهم سَيَعْلَمُونَ سيعرفون خلافته إذ يسألون عنها في قبورهم، فلا يبقى يومئذ أحد في شرق الأرض و لا غربها، و لا في بر و لا بحر، إلا و منكر و نكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين و خلافته بعد الموت، يقولان للميت:

من ربك؟ و ما دينك؟ و من نبيك؟ و من إمامك؟.

11322/ [9]- و ذكر صاحب (النخب) بإسناده إلى علقمة: أنه خرج يوم صفين رجل من عسكر الشام، و عليه سلاح، و فوقه مصحف، و هو يقرأ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ فأردت البراز إليه، فقال لي علي (عليه السلام): «مكانك» و خرج بنفسه فقال له: «أ تعرف النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون؟». قال: لا. فقال له

علي (عليه السلام): «أنا- و الله- النبأ العظيم الذي فيه اختلفتم، و على ولايته تنازعتم، و عن ولايتي رجعتم بعد ما قبلتم، و ببغيكم هلكتم بعد ما بسيفي نجوتم، و يوم الغدير قد علمتم، و يوم القيامة تعلمون ما علمتم» ثم علاه بسيفه، فرمى برأسه و يده.

11323/ [10]- و في رواية الأصبغ بن نباتة: أن عليا (عليه السلام) قال: «و الله، أنا النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون، كلا سيعلمون، ثم كلا سيعلمون حين أقف بين الجنة و النار، و أقول: هذا لي، و هذا لك».

سورة النبأ(78): الآيات 6 الي 11 ..... ص : 566

قوله تعالى:

أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً- إلى قوله تعالى- وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً [6- 10] 11324/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً، قال: يمهد فيها الإنسان مهدا وَ الْجِبالَ أَوْتاداً أي أوتاد الأرض وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً، قال: يلبس على النهار.

__________________________________________________

8- اليقين: 151.

9- مناقب ابن شهر آشوب 3: 79.

10- مناقب ابن شهر آشوب 3: 80.

1- تفسير القمّي 2: 401.

(1) في «ج»: الأمر. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 567

11325/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن يزيد بن سلام، أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه و آله): أخبرني لم سمي الليل ليلا؟ قال: «لأنه يلايل «1» الرجال من النساء، جعله الله عز و جل ألفة و لباسا، و ذلك قول الله عز و جل:

وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً». قال: صدقت.

سورة النبأ(78): الآيات 13 الي 16 ..... ص : 567

قوله تعالى:

وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً- إلى قوله تعالى- وَ جَنَّاتٍ أَلْفافاً [13- 16] 11326/ [2]- علي بن إبراهيم: وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً، قال: الشمس المضيئة.

11327/ [3]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ذاكرت أبا عبد الله (عليه السلام) فيما يروون من الرؤية؟ فقال:

«الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي، و الكرسي جزء من سبعين جزءا من نور العرش، و العرش جزء من سبعين جزءا من نور الحجاب، و الحجاب جزء من سبعين جزءا من نور الستر، فإن كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب».

11328/ [4]- علي بن إبراهيم: وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ، قال: من السحاب ماءً ثَجَّاجاً، قال: صب على صب. قوله: وَ جَنَّاتٍ أَلْفافاً،

قال: بساتين ملتفة الشجر.

سورة النبأ(78): آية 18 ..... ص : 567

قوله تعالى:

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً [18]

11329/ [5]- (جامع الأخبار): عن ابن مسعود، قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: «إن في القيامة خمسين موقفا، كل موقف ألف سنة، فأول موقف خرج من قبره [جلسوا ألف سنة عراة حفاة جياعا

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 470/ 33.

2- تفسير القمّي 2: 401.

3- الكافي 1: 76/ 7.

4- تفسير القمّي 2: 401.

5- جامع الأخبار: 176.

(1) قال المجلسي (رحمه اللّه): يظهر منه أن الملايلة كان في الأصل بمعنى الملابسة أو نحوها، و ليس هذا المعنى فيما عندنا من كتب اللغة. «البحار 9: 306».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 568

عطاشا، فمن خرج من قبره مؤمنا] بربه، مؤمنا بجنته و ناره، مؤمنا بالبعث و الحساب و القيامة، مقرا بالله، مصدقا بنبيه و بما جاء [به من عند الله عز و جل نجا من الجوع و العطش، قال الله تعالى: فَتَأْتُونَ أَفْواجاً، من القبور إلى الموقف [أمما]، كل أمة مع إمامهم» و قيل: جماعة مختلفة.

11330/ [2]- و عن معاذ، أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن القيامة؟ فقال: «يا معاذ، سألت عن أمر عظيم من الأمور «1»، و قال: تحشر عشرة أصناف من أمتي: بعضهم على صورة القردة، و بعضهم على صورة الخنازير، و بعضهم على وجوههم منكسون، أرجلهم فوق رءوسهم ليحبوا «2» عليها، و بعضهم عميا، و بعضهم صما بكما، و بعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلات على صدورهم، يسيل منها القيح، يتقذرهم أهل الجمع، و بعضهم مقطعة أيديهم و أرجلهم، و بعضهم مصلبون على جذوع من النار، و بعضهم أشد نتنا من الجيفة، و بعضهم ملبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم.

فأما الذين

على صورة القردة فالعتاة من الناس، و أما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت، و أما المنكسون على وجوههم فأكلة الربا، و أما العمي فالذين يجورون في الحكم، و أما الصم و البكم فالمعجبون بأعمالهم، و الذين يمضغون ألسنتهم العلماء و القضاة الذين خالفت أعمالهم أقوالهم، و أما الذين قطعت أيديهم و أرجلهم فهم الذين يؤذون الجيران، و أما المصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان، و أما الذين أشد نتنا من الجيف فالذين يتبعون الشهوات و اللذات، و يمنعون حق الله في أموالهم، و أما الذين يلبسون جبابا من نار، فأهل الكبر «3» و الفخر و الخيلاء «4»».

سورة النبأ(78): الآيات 19 الي 23 ..... ص : 568

قوله تعالى:

وَ فُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً- إلى قوله تعالى- لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً [19- 23] 11331/ [1]- قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: وَ فُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً، قال: تفتح أبواب

__________________________________________________

2- جامع الأخبار: 176.

1- تفسير القمّي 2: 401.

(1) زاد في المصدر: ثمّ أرسل عينيه.

(2) في المصدر: يسحبون.

(3) في «ج»: الكبائر.

(4) في المصدر: و الفجور و البخلاء.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 569

الجنان، قوله تعالى: وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً قال: تسير «1» الجبال مثل السراب الذي يلمع في المفاوز، قوله تعالى: إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً قال: قائمة لِلطَّاغِينَ مَآباً أي منزلا، قوله: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً، قال: الأحقاب: السنين، و الحقب: سنة «2»، و السنة: ثلاث مائة و ستون يوما، و اليوم كألف سنة مما تعدون.

11332/ [2]- و قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن درست بن أبي منصور، عن الأحول، عن حمران بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)

عن قول الله لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً، قال: «هذه في الذين لا يخرجون من النار».

11333/ [3]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن جعفر بن محمد بن عقبة، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً، قال: «الأحقاب: ثمانية أحقاب، و الحقب: ثمانون سنة، و السنة ثلاثمائة و ستون يوما، و اليوم: كألف سنة مما تعدون».

سورة النبأ(78): الآيات 24 الي 33 ..... ص : 569

قوله تعالى:

لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً- إلى قوله تعالى- وَ كَواعِبَ أَتْراباً [24- 33] 11334/ [4]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً، قال: البرد: النوم، و قوله تعالى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً، قال: يفوزون، قوله تعالى: وَ كَواعِبَ أَتْراباً قال: جوار أتراب لأهل الجنة.

11335/ [5]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أما قوله تعالى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً فهي الكرامات، و قوله تعالى: وَ كَواعِبَ الفتيات النواهد».

سورة النبأ(78): الآيات 34 الي 38 ..... ص : 569

قوله تعالى:

و كأسا دهاقا- إلى قوله تعالى- لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 402.

3- معاني الأخبار: 220/ 1. [.....]

4- تفسير القمّي 2: 402.

5- تفسير القمّي 2: 402.

(1) في نسخة من «ط، ج، ي»: تصير.

(2) في المصدر: ثمانون سنة، و يطلق الحقب في اللغة على السنة، و على الدهر، و على الثمانين سنة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 570

و قال صوابا [34- 38] 11336/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: وَ كَأْساً دِهاقاً قال: ممتلئة يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً، قال: الروح: ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل، [و] كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو مع الأئمة (عليهم السلام).

11337/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام)، قال: قلت: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا، الآية؟ قال: «نحن و الله المأذون لهم يوم القيامة، و القائلون صوابا».

قلت: ما تقولون إذا تكلمتم؟ قال: «نحمد «1» ربنا، و نصلي على

نبينا، و نشفع لشيعتنا فلا يردنا ربنا».

11339/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن وهب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك و تعالى: لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً، قال:

«نحن و الله المأذون لنا «2» في ذلك اليوم، و القائلون صوابا».

قلت: جعلت فداك، و ما تقولون؟ قال: «نحمد «3» ربنا، و نصلي على نبينا، و نشفع لشيعتنا فلا يردنا ربنا».

11339/ [4]- محمد بن العباس: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً، قال: «نحن و الله المأذون لهم يوم القيامة، و القائلون صوابا».

قلت: ما تقولون إذا تكلمتم؟ قال: «نحمد ربنا، و نصلي على نبينا، و نشفع لشيعتنا فلا يردنا ربنا».

و روي عن الكاظم (عليه السلام) مثله.

11340/ [5]- عنه: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي خالد القماط، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة، و جمع الله الخلائق من الأولين و الآخرين في صعيد واحد، خلع قول لا إله إلا الله من جميع الخلائق إلا من أقر بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و هو قوله تعالى:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 402.

2- الكافي 1: 361/ 91.

3- المحاسن: 183/ 183.

4- تأويل الآيات 2: 760/ 8.

5- تأويل الآيات 2: 761/ 9.

(1) في المصدر: نمجّد.

(2) في المصدر: لهم.

(3) في المصدر: نمجّد.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 5، ص: 571

يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً».

11341/ [6]- الطبرسي، قال: روى معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سئل عن هذه الآية، فقال: «نحن و الله المأذون لنا «1» يوم القيامة، و القائلون صوابا».

قلت: جعلت فداك، ما تقولون؟ قال: «نحمد «2» ربنا، و نصلي على نبينا، و نشفع لشيعتنا فلا يردنا ربنا». قال:

رواه العياشي مرفوعا.

11342/ [7]- و قال الطبرسي في معنى الروح: روى علي بن إبراهيم في (تفسيره) بإسناده، عن الصادق (عليه السلام)، قال: «هو ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل».

قلت: قد تقدم معنى الروح، في قوله: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي «3» و في قوله تعالى وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا «4».

سورة النبأ(78): آية 40 ..... ص : 571

قوله تعالى:

َّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً

[40] 11343/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى:نَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً

، قال: في النار، قوله تعالى:وْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً

، قال: ترابيا أي علويا. قال: و قال: إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) «5» المكني أمير المؤمنين (عليه السلام) أبا «6» تراب.

11344/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن يونس بن يعقوب، عن خلف بن حماد، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، و عن سعيد

__________________________________________________

6- مجمع البيان 10: 647.

7- مجمع البيان 10: 647. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 402.

2- تأويل الآيات 2: 2: 761/ 10.

(1) في المصدر: لهم.

(2) في المصدر: نمجّد.

(3) تقدّم في

تفسير الآية (85) من سورة الإسراء.

(4) تقدّم في تفسير الآيتين (52، 53) من سورة الشورى.

(5) زاد في «ط، ج» و المصدر: قال.

(6) في المصدر: أبو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 572

السمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله تعالى:وْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً

يعني علويا يوالي أبا تراب».

شرف الدين النجفي، قال: روى محمد بن خالد البرقي، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة و خلف بن حماد، عن أبي بصير، مثله.

11345/ [3]- قال: و جاء في باطن تفسير أهل البيت (عليهم السلام) ما يؤيد هذا التأويل في تأويل قوله تعالى:

أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً «1»، قال: «هو يرد إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيعذبه عذابا نكرا، حتى يقول: يا ليتني كنت ترابا، أي من شيعة أبي تراب، و معنى ربه أي صاحبه».

11346/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثني أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، قال: حدثنا أبو الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن عباية بن ربعي، قال: قلت لعبد الله بن عباس: لم كنى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) أبا تراب؟ قال: لأنه صاحب الأرض، و حجة الله على أهلها بعده، و به بقاؤها، و إليه سكونها، و لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «إنه إذا كان يوم القيامة، و رأى الكافر ما أعد الله تبارك و تعالى لشيعة علي من الثواب و الزلفى و الكرامة، قال: يا ليتني

كنت ترابا، أي من شيعة علي، و ذلك قول الله عز و جل: يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً

».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 761/ 11.

4- علل الشرائع: 156/ 3.

(1) الكهف 18: 87.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 573

سورة النازعات ..... ص : 573

فضلها ..... ص : 573

11347/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة النازعات، لم يمت إلا ريانا، و لم يبعثه الله إلا ريانا، و لم يدخله الجنة إلا ريانا».

11348/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أمن من عذاب الله تعالى، و سقاه الله من برد الشراب يوم القيامة، و من قرأها عند مواجهة أعدائه انحرفوا عنه و سلم منهم و لم يضروه».

11349/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها أمن من عذاب الله، و سقاه شربة يوم القيامة، و من قرأها عند مواجهة أعدائه انحرفوا عنه و سلم من أذاهم».

11350/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها و هو مواجه أعداءه لم يبصروه، و انحرفوا عنه، و من قرأها و هو داخل على أحد يخافه نجا منه و أمن بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 121.

2- ........

3- ........ [.....]

4- خواص القرآن: 28، 57 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 574

سورة النازعات(79): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 574

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً- إلى قوله تعالى- فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً [1- 4] 11351/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً، قال: نزع الروح.

11352/ [2]- الطبرسي، في معنى ذلك: أنه يعني الملائكة الذين ينزعون أرواح الكفار عن أبدانهم بالشدة، كما يغرق النازع في القوس فيبلغ فيها غاية المد، قال: و روي ذلك عن علي (عليه السلام).

11353/ [3]- و قال: و قيل: هو الموت ينزع النفوس، قال: و روي ذلك عن الصادق (عليه السلام).

11354/ [4]- و قال في معنى الناشطات: عن علي (عليه السلام): «أنها الملائكة تنشط أرواح الكفار

ما بين الجلد و الأظفار حتى تخرجها من أجوافهم بالكرب و الغم»

و النشط: الجذب، يقال: نشطت الدلو: نزعتها.

11355/ [5]- الشيباني في (نهج البيان): عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً، قال:

«الملائكة تنزع نفوس الكفار إغراقا كما يغرق النازع في القوس».

11356/ [6]- ابن فهد في (العدة): في حديث معاذ بن جبل، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال لمعاذ: «لا تمزقن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 402.

2- مجمع البيان 10: 651.

3- مجمع البيان 10: 651.

4- مجمع البيان 10: 652.

5- نهج البيان 3: 312 (مخطوط).

6- عدة الداعي: 244.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 575

الناس فتمزقك كلاب أهل النار، قال الله تعالى: وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً، أ فتدري ما الناشطات؟ هي كلاب أهل النار، تنشط اللحم و العظم».

11357/ [7]- علي بن إبراهيم: وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً، قال: الكفار ينشطون في الدنيا وَ السَّابِحاتِ سَبْحاً، قال: المؤمنون الذين يسبحون الله.

11358/ [8]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً: «يعني أرواح المؤمنين تسبق أرواحهم إلى الجنة بمثل الدنيا، و أرواح الكفار بمثل ذلك إلى النار».

سورة النازعات(79): الآيات 5 الي 7 ..... ص : 575

قوله تعالى:

فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ [5- 7]

11359/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن القاسم الجرجاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد ابن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر (عليهم السلام)، قال: «كان قوم من خواص الصادق (عليه السلام) جلوسا بحضرته في ليلة مقمرة، فقالوا: يا بن رسول الله، ما أحسن أديم هذه السماء، و أنوار هذه النجوم و الكواكب! فقال الصادق (عليه السلام): إنكم

لتقولون هذا، و إن المدبرات أربعة: جبرئيل، و ميكائيل، و إسرافيل، و ملك الموت (عليهم السلام)، ينظرون إلى الأرض، فيرونكم و إخوانكم في أقطار الأرض، و نوركم إلى السموات و الأرض «1» أحسن من أنوار هذه الكواكب، و إنهم يقولون كما تقولون: ما أحسن أنوار هؤلاء المؤمنين!».

11360/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ يوم تنشق الأرض بأهلها، و الرادفة: الصيحة.

11361/ [3]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن القاسم بن إسماعيل، عن علي بن خالد العاقولي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قوله عز و جل: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، قال: «الراجفة: الحسين بن علي (صلوات الله عليهما)،

__________________________________________________

7- تفسير القمّي 2: 402.

8- تفسير القمّي 2: 403.

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 2/ 2.

2- تفسير القمّي 2: 403.

3- تأويل الآيات 2: 762/ 1.

(1) في المصدر: السماوات و إليهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 576

و الرادفة: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أول من ينفض عن رأسه التراب الحسين بن علي (عليهما السلام) في خمسة و سبعين ألفا، و هو قوله عز و جل: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ «1»».

11362/ [4]- ابن شهر آشوب: عن الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، قال: «إذا زلزلت الأرض فأتبعها خروج الدابة».

و قال (عليه السلام) في قوله تعالى: أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ، قال: «علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

و قد تقدمت الروايات في معنى

هذه الآية بهذا المعنى في سورة النمل «2».

سورة النازعات(79): الآيات 8 الي 16 ..... ص : 576

قوله تعالى:

قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ- إلى قوله تعالى- بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً [8- 16] 11363/ [1]- علي بن إبراهيم: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ أي خائفة أَبْصارُها خاشِعَةٌ يَقُولُونَ أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ، قال: قالت قريش: أ نرجع بعد الموت إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً؟ أي بالية تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ قال: قالوا هذا على حد الاستهزاء، فقال الله: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ، قال: الزجرة: النفخة الثانية في الصور، و الساهرة: موضع بالشام عند بيت المقدس.

11364/ [2]- سعد بن عبد الله: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن الحسين، قال: دخلت مع أبي على أبي عبد الله (عليه السلام)، فجرى بينهما حديث، فقال أبي لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في الكرة؟ قال: «أقول فيها ما قال الله عز و جل، و ذلك أن تفسيرها صار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) قبل أن يأتي هذا الحرف بخمس و عشرين ليلة، قول الله عز و جل: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ إذا رجعوا إلى الدنيا و لم يقضوا ذحولهم «3»».

فقال له أبي: يقول الله عز و جل: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ أي شي ء أراد بهذا؟

فقال: «إذا انتقم منهم و ماتت الأبدان بقيت الأرواح ساهرة لا تنام و لا تموت».

__________________________________________________

4- المناقب 3: 102. [.....]

1- تفسير القمّي 2: 403.

2- مختصر بصائر الدرجات: 28.

(1) المؤمن 40: 51، 52.

(2) تقدّمت الروايات في تفسير الآيات (82- 84) من سورة النّمل.

(3) الذحل: الثأر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 577

11365/ [3]- محمد بن العباس، قال:

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد، عن القاسم بن إسماعيل، عن محمد بن سنان، عن سماعة بن مهران، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): الكرة المباركة النافعة لأهلها يوم الحساب ولايتي و اتباع أمري و ولاية علي و الأوصياء من بعده و اتباع أمرهم، يدخلهم الله الجنة بها، معي [و مع علي وصيي و الأوصياء من بعده، و الكرة الخاسرة عداوتي و ترك أمري و عداوة علي و الأوصياء من بعده، يدخلهم الله بها النار في أسفل السافلين».

11366/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ يقول: «في الخلق الجديد، و أما قوله: فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ و الساهرة: الأرض، كانوا في القبور، فلما سمعوا الزجرة خرجوا من قبورهم فاستووا على الأرض، و أما قوله: بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ [أي المطهر، و أما طُوىً فاسم الوادي».

سورة النازعات(79): الآيات 23 الي 25 ..... ص : 577

قوله تعالى:

فَحَشَرَ فَنادى إلى قوله تعالى- فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولى [23- 25] 11367/ [5]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: فَحَشَرَ يعني فرعون فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولى و النكال: العقوبة، و الآخرة هو قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى و الأولى قوله:

ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي «1» فأهلكه الله بهذين القولين.

11368/ [6]- الطبرسي، قال: جاء في التفسير، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنه كان بين الكلمتين أربعون سنة».

11369/ [7]- قال: و روى أبو بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قال جبرئيل (عليه السلام):

قلت: يا رب، تدع فرعون و قد قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فقال: إنما يقول هذا مثلك من يخاف الفوت».

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 742/ 2.

4- تفسير القمّي 2: 403.

5- تفسير القمّي 2: 403.

6- مجمع البيان 10: 656.

7- مجمع البيان 10: 656.

(1) القصص 28: 38.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 578

سورة النازعات(79): الآيات 29 الي 41 ..... ص : 578

قوله تعالى:

وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها- إلى قوله تعالى- فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى [29- 41] 11370/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ أَغْطَشَ لَيْلَها أي أظلم. قال الأعشى:

و يهماء «1» بالليل غطش الفلا ة يؤنسني صوت فيادها «2»

قوله تعالى: وَ أَخْرَجَ ضُحاها، قال: الشمس، قوله: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها قال: بسطها، وَ الْجِبالَ أَرْساها أي أثبتها، قوله: يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى قال: يذكر ما عمله كله، وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى قال: أحضرت، قوله: وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى قال: هو العبد إذا وقف على معصية الله و قدر عليها ثم تركها مخافة الله و نهى النفس عنها فمكافأته الجنة.

11371/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ «3»، قال: «من علم أن الله يراه و يسمع ما يقول و يعلم ما يعلمه من خير أو شر، فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال، فذلك الذي خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى».

11372/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن الحسين، عن محمد ابن سنان،

عن أبي سعيد المكاري، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: قال: «إن رجلا ركب البحر بأهله فكسر بهم، فلم ينج ممن كان في السفينة إلا امرأة الرجل، فإنها نجت على لوح من ألواح السفينة حتى ألجئت إلى جزيرة من جزائر البحر، و كان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق، و لم يدع لله حرمة إلا انتهكها، فلم يعلم إلا و امرأة قائمة على رأسه، فرفع رأسه إليها، فقال: إنسية أم جنية؟ فقالت: إنسية، فلم يكلمها [كلمة] حتى جلس منها مجلس الرجل من أهله، فلما أن هم بها اضطربت، فقال [لها]: مالك تضطربين؟ فقالت: أفرق «4»

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 403.

2- الكافي 2: 57/ 10.

3- الكافي 2: 56/ 8. [.....]

(1) اليهماء: الفلاة التي لا ماء و لا علم فيها و لا يهتدى لطرقها. «لسان العرب 12: 648».

(2) الفيّاد: ذكر البوم، و يقال: الصّدى. «لسان العرب 3: 341».

(3) الرحمن 55: 46.

(4) أي أخاف.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 579

من هذا، و أومأت بيدها إلى السماء، قال: فصنعت من هذا شيئا؟ قالت: لا و عزته. قال: فأنت تفرقين [منه هذا الفرق، و لم تصنعي من هذا شيئا! و إنما أستكرهك استكراها، فأنا و الله أولى بهذا الفرق و الخوف و أحق منك.

قال: فقام، و لم يحدث شيئا، و رجع إلى أهله، و ليست له همة إلا التوبة و المراجعة، فبينا هو يمشي، إذ جاء «1» راهب يمشي في الطريق، فحميت عليهما الشمس، فقال الراهب للشاب: أدع الله يظلنا بغمامة فقد حميت علينا الشمس. فقال الشاب: ما [أعلم أن لي عند ربي حسنة فأتجاسر على أن أسأله شيئا، قال: فأدعو أنا و تؤمن

أنت؟

قال: نعم، فأقبل الراهب يدعو و الشاب يؤمن، فما كان بأسرع من أن أظلتهما غمامة، فمشيا تحتها مليا من النهار، ثم تفرقت الجادة جادتين، فأخذ الشاب في واحدة، و أخذ الراهب في واحدة، فإذا السحابة مع الشاب، فقال الراهب: أنت خير مني، لك استجيب و لم يستجب لي، فخبرني ما قصتك؟ فخبره بخبر المرأة، فقال: غفر الله لك ما مضى حيث دخلك الخوف، فانظر ما تكون فيما تستقبل».

11373/ [4]- ابن شهر آشوب: عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن مجاهد، عن ابن عباس: فَأَمَّا مَنْ طَغى وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فهو علقمة بن الحارث بن عبد الدار، و أما من خاف مقام ربه: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، خاف و انتهى عن المعصية، و نهى عن الهوى نفسه فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى خاصا لعلي و من كان على منهاج علي، هكذا عاما.

سورة النازعات(79): الآيات 42 الي 46 ..... ص : 579

قوله تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها- إلى قوله تعالى- إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها [42- 46] 11374/ [1]- علي بن إبراهيم، قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها، قال: متى تقوم؟ فقال الله:

إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها، أي علمها عند قوله: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها، قال: يوم القيامة «2».

11375/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن داود، عن محمد بن عطية، قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) من أهل الشام من علمائهم، فقال:

__________________________________________________

4- المناقب 2: 94.

1- تفسير القمّي 2: 404.

2- الكافي 8: 94/ 97.

(1) في المصدر: صادفه.

(2) في المصدر: قال: بعض يوم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 580

يا أبا جعفر، جئت أسألك عن مسألة قد أعيت علي

أن أجد أحدا يفسرها، و قد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس، فقال كل صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الآخر؟

فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ما ذاك؟». قال: إني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه، فإن بعض من سألته قال: القدر، و قال بعضهم: القلم، و قال بعضهم: الروح؟

فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما قالوا شيئا، أخبرك أن الله تبارك و تعالى كان و لا شي ء غيره، و كان عزيزا و لا أحد كان قبل عزه، و ذلك قوله تعالى: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ «1»، و كان الخالق قبل المخلوق، و لو كان أول ما خلق الله من خلقه الشي ء من الشي ء إذن لم يكن له انقطاع أبدا، و لم يزل إذن و معه شي ء ليس هو يتقدمه، و لكن كان إذ لا شي ء غيره، و خلق الشي ء الذي جميع الأشياء منه، و هو الماء الذي خلق الأشياء منه، فجعل نسب كل شي ء إلى الماء، و لم يجعل للماء نسبا يضاف إليه، و خلق الريح من الماء ثم سلط الريح على الماء، فشققت الريح متن الماء حتى ثار من متن الماء زبد على قدر ما شاء أن يثور، فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية، ليس فيها صدع و لا ثقب و لا صعود و لا هبوط و لا شجرة، ثم طواها فوضعها فوق الماء، ثم خلق الله النار من الماء، فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور، فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية، ليس فيها صدع و لا ثقب، و ذلك قوله تعالى: السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها

وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها «2» قال: و لا شمس و لا قمر و لا نجوم و لا سحاب، ثم طواها فوضعها فوق الأرض، ثم نسب الخلقتين، فرفع السماء قبل دحو «3» الأرض، فذلك قوله عز ذكره: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها «4» يقول: بسطها».

و الحديث طويل تقدم بطوله في قوله تعالى: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ من سورة الأنبياء «5».

__________________________________________________

(1) الصافات 37: 180.

(2) النازعات 79: 27- 29.

(3) (دحو) ليس في «ج» و المصدر.

(4) النازعات 79: 30.

(5) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (30) من سورة الأنبياء. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 581

سورة عبس ..... ص : 581

فضلها ..... ص : 581

11376/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ عبس و تولى، و إذا الشمس كورت، كان تحت جناح الله من الجنان، و في ظل الله و كرامته، و في جناته، و لم يعظم ذلك على الله إن شاء الله».

11377/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة خرج من قبره يوم القيامة ضاحكا مستبشرا، و من كتبها في رق غزال و علقها لم ير إلا خيرا أينما توجه».

11378/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أكثر قراءتها خرج يوم القيامة و وجهه ضاحكا مستبشرا، و من كتبها في رق غزال و علقها عليه لم يلق إلا خيرا أينما توجه».

11379/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا قرأها المسافر في طريقه يكفى ما يليه في طريقه في ذلك السفر».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 121.

2- ..........

3- ..........

4- ..........

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 582

سورة عبس(80): الآيات 1 الي 10 ..... ص : 582

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَبَسَ وَ تَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى إلى قوله تعالى- فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى [1- 10] 11380/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في عثمان و ابن أم مكتوم، و كان ابن أم مكتوم مؤذنا لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و كان أعمى، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عنده أصحابه، و عثمان عنده، فقدمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) على عثمان، فعبس عثمان وجهه و تولى عنه، فأنزل الله: عَبَسَ وَ تَوَلَّى [يعني عثمان أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أي يكون طاهرا زكيا

«1» أَوْ يَذَّكَّرُ قال: يذكره رسول الله (صلى الله عليه و آله) فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى

ثم خاطب عثمان، فقال: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى، قال: أنت إذا جاءك غني تتصدى له و ترفعه: وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى أي لا تبالي زكيا كان أو غير زكي، إذا كان غنيا وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى يعني ابن أم مكتوم وَ هُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى أي تلهو و لا تلتفت إليه.

11381/ [2]- الطبرسي: روي عن الصادق (عليه السلام): أنها نزلت في رجل من بني أمية، كان عند النبي (صلى الله عليه و آله) فجاء ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذر منه و عبس وجهه و جمع نفسه، و أعرض بوجهه عنه، فحكى الله سبحانه ذلك عنه و أنكره عليه».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 404.

2- مجمع البيان 10: 664.

(1) في المصدر: أزكى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 583

11382/ [1]- و قال الطبرسي أيضا: و روي أيضا عن الصادق (عليه السلام) [أنه قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا رأى عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحبا مرحبا، [و الله لا يعاتبني الله فيك أبدا، و كان يصنع به من اللطف حتى كان يكف عن النبي (صلى الله عليه و آله) مما يفعل [به ».

سورة عبس(80): الآيات 11 الي 16 ..... ص : 583

قوله تعالى:

كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ- إلى قوله تعالى- كِرامٍ بَرَرَةٍ [11- 16] 11383/ [2]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ، قال: القرآن فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ، قال: عند الله مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، قال: بأيدي الأئمة كِرامٍ بَرَرَةٍ.

11384/ [3]- محمد بن العباس: عن الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن خلف بن حماد، عن أبي

أيوب الخزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».

11385/ [4]- سعد بن عبد الله: عن علي بن محمد بن عبد الرحمن الحجال «1»، عن صالح بن السندي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن بريد بن معاوية العجلي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ «2»، قال: «هو حديثنا في صحف مطهرة من الكذب».

سورة عبس(80): الآيات 17 الي 23 ..... ص : 583

قوله تعالى:

قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ- إلى قوله تعالى- كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ [17- 23] 11386/ [5]- علي بن إبراهيم: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ، قال: [هو] أمير المؤمنين (عليه السلام)، [قال :

__________________________________________________

1- مجمع البيان 10: 664.

2- تفسير القمّي 2: 405.

3- تأويل الآيات 2: 763/ 1.

4- مختصر بصائر الدرجات: 64.

5- تفسير القمّي 2: 405.

(1) في النسخ: الحجازي، و الظاهر صحة ما أثبتناه من المصدر، انظر معجم رجال الحديث 9: 70.

(2) البينة 98: 2، 3. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 584

ما أَكْفَرَهُ أي ماذا فعل و أذنب حتى قتلوه؟ ثم قال: مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ، قال: يسر له طريق الخير ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ قال: في الرجعة كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ أي لم يقض أمير المؤمنين (عليه السلام) ما قد أمره، و سيرجع حتى يقضي ما أمره.

11387/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن جميل بن دراج، عن أبي أسامة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما

أَكْفَرَهُ قال: «نعم، نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) ما أَكْفَرَهُ يعني بقتلكم إياه، ثم نسب أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنسب خلقه و ما أكرمه الله به، فقال: مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ من طينة الأنبياء خلقه فقدره للخير ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ يعني سبيل الهدى، ثم أماته ميتة الأنبياء، ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ».

قلت: ما قوله: إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ؟ قال: «يمكث بعد قتله في الرجعة، فيقضي ما أمره».

11388/ [3]- محمد بن العباس: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر، عن جميل بن دراج، عن أبي اسامة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ، قلت له: جعلت فداك، متى ينبغي [له أن يقضيه؟ قال: «نعم، نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقوله تعالى: قُتِلَ الْإِنْسانُ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) ما أَكْفَرَهُ يعني قاتله بقتله إياه، ثم نسب أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنسب خلقه و ما أكرمه الله به، فقال: مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ من نطفة الأنبياء خلقه فقدره للخير ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ يعني سبيل الهدى، ثم أماته ميتة الأنبياء ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ قلت: ما معنى قوله إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ؟ قال: «يمكث بعد قتله ما شاء الله، ثم يبعثه الله، و ذلك قوله: إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ و قوله تعالى: لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ في حياته، ثم يمكث بعد قتله في الرجعة».

سورة عبس(80): الآيات 24 الي 33 ..... ص : 584

قوله تعالى:

فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ- إلى قوله تعالى- فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ [24- 33]

11389/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه، عمن ذكره، عن زيد الشحام، عن

أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ، قلت:

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 405.

3- تأويل الآيات 2: 764/ 2.

1- الكافي 1 لا 39/ 8.

(1) في المصدر: أبي جعفر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 585

ما طعامه، قال: «علمه الذي يأخذه عمن يأخذه».

11390/ [2]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ، قال: «علمه الذي يأخذه عمن يأخذه».

11391/ [3]- علي بن إبراهيم: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا إلى قوله تعالى:

وَ قَضْباً، قال: القضب. القت، وَ حَدائِقَ غُلْباً أي بساتين ملتفة مجتمعة، وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا قال: الأب:

الحشيش للبهائم مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ.

11392/ [4]- قال المفيد في (إرشاده): روي أن أبا بكر سئل عن قول الله تعالى: وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا فلم يعرف معنى الأب في القرآن، و قال: أي سماء تظلني، أم أي أرض تقلني، أم كيف أصنع إن قلت في كتاب الله بما لا أعلم؟

أما الفاكهة فنعرفها، و أما الأب فالله أعلم به، فبلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) مقاله في ذلك، فقال: «يا سبحان الله! أما علم أن الأب هو الكلأ و المرعى، و أن قوله: وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا اعتداد من الله تعالى بإنعامه على خلقه بما غذاهم به و خلقه لهم، و لأنعامهم مما تحيا به أنفسهم و تقوم به أجسادهم».

11393/ [5]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الفاكهة مائة

و عشرون لونا، سيدها الرمان».

11394/ [6]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ قال: القيامة.

سورة عبس(80): الآيات 34 الي 37 ..... ص : 585

قوله تعالى:

يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [34- 37]

11395/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، قال:

__________________________________________________

2- الاختصاص: 4.

3- تفسير القمّي 2: 406.

4- الإرشاد: 107.

5- الكافي 6: 352/ 2.

6- تفسير القمّي 2: 406.

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 245/ 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 586

حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي محمد بن علي، قال: حدثنا أبي علي بن الحسين، قال: حدثنا أبي الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: «كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالكوفة في الجامع، إذا قام إليه رجل من أهل الشام- و ذكر الحديث إلى أن قال فيه- و قام رجل فسأله «1» و تعنته، و قال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن قول الله عز و جل: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ [لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ من هم؟]، فقال:

هابيل يفر من قابيل، و الذي يفر من أمه موسى، و الذي يفر من أبيه إبراهيم «2»، و الذي يفر من صاحبته لوط، و الذي يفر من ابنه نوح، يفر من ابنه كنعان».

11396/ [2]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى:

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ، قال: شغل يشغله «3» عن غيره.

11397/ [3]- (بستان الواعظين): عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أنه قال له بعض أهله، يا رسول الله، هل يذكر الرجل يوم القيامة حميمه؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «ثلاثة مواطن لا يذكر أحد أحدا: عند الميزان حتى ينظر أ يثقل ميزانه أم يخف، و عند الصراط حتى ينظر أ يجوزه أم لا، و عند الصحف حتى ينظر بيمينه يأخذ الصحف أم بشماله، فهذه ثلاثة مواطن لا يذكر فيها أحد حميمه و لا حبيبه و لا قريبه و لا صديقه و لا بنيه و لا والديه، و ذلك قول الله تعالى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ، مشغول بنفسه عن غيره من شدة ما يرى من الأهوال العظام، نسأل الله تعالى أن يسهلها لنا برحمته، و يهونها علينا برأفته «4» و لطفه».

سورة عبس(80): الآيات 38 الي 42 ..... ص : 586

قوله تعالى:

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [38- 42] 11398/ [4]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر عز و جل الذين تولوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، و تبرءوا من أعدائه،

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 406.

3- .......

4- تفسير القمّي 2: 406.

(1) في المصدر: رجل آخر سأله. [.....]

(2) زاد في المصدر: يعني الأب المربّي لا الوالد.

(3) في المصدر: يشتغل به.

(4) في «ج»: برحمته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 587

فقال: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ثم ذكر أعداء آل الرسول وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ أي فقراء «1» من الخير و الثواب.

11399/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثني عبد الغني بن سعيد، قال: حدثنا موسى بن عبد

الرحمن، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله: مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ «2» يريد منافع لكم و لأنعامكم، قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ يريد مسودة تَرْهَقُها قَتَرَةٌ يريد غبار جهنم أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ أي الكافر الجاحد.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 406.

(1) في المصدر: أي فقر.

(2) عبس 80: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 589

سورة التكوير ..... ص : 589

فضلها ..... ص : 589

تقدم في عبس «1»

11400/ [1]- روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعاذه الله من الفضيحة يوم القيامة حين تنشر صحيفته، و ينظر إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و هو آمن، و من قرأها على أرمد العين أو مطروفها «2» أبرأها بإذن الله عز و جل».

11401/ [2]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها أعاذه الله من الفضيحة يوم القيامة، يوم تنشر صحيفته، و من كتبها لعين رمداء أو مطروفة برئت بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ....

2- .....

(1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة عبس.

(2) العين المطروفة: التي أصابتها طرفة، و هي نقطة حمراء من الدم تحدث في العين من ضربة و غيرها. «أقرب الموارد 1: 704».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 590

سورة التكوير(81): الآيات 1 الي 7 ..... ص : 590

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ- إلى قوله تعالى- وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [1- 7]

11402/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، قال: حدثنا أبو نعيم البلخي، عن مقاتل بن حيان، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله)، قال: كنت آخذا بيد النبي (صلى الله عليه و آله) و نحن نتماشى [جميعا]، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت، فقلت: يا رسول الله، أين تغيب؟ قال: «في السماء، ثم ترفع من سماء إلى سماء حتى ترفع إلى السماء السابعة العليا حتى تكون تحت العرش، فتخر ساجدة، فتسجد معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب من أين تأمرني أن

أطلع، أمن مغربي أم من مطلعي؟ فذلك قوله عز و جل: وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ «1» يعني بذلك صنع الرب العزيز في ملكه، العليم بخلقه».

قال: «فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف، أو قصره في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف و الربيع- قال- فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه ثم ينطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها».

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «و كأني بها قد حبست مقدار ثلاث ليال، ثم لا تكسى ضوءها «2»، و تؤمر أن تطلع من

__________________________________________________

1- التوحيد: 280/ 7.

(1) يس 36: 38.

(2) في المصدر: ضوءا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 591

مغربها، فذلك قوله عز و جل: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ و القمر كذلك من مطلعه و مجراه في أفق السماء و مغربه و ارتفاعه إلى السماء السابعة، و يسجد تحت العرش، ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور الكرسي، فذلك قوله عز و جل: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً «1»».

قال أبو ذر (رحمه الله): ثم اعتزلت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) فصلينا المغرب.

11403/ [2]- علي بن إبراهيم: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، قال: تصير سوداء مظلمة وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ قال: يذهب ضوؤها وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ، قال: تسير، كما قال الله: وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ «2»، قوله تعالى: وَ إِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ قال: الإبل تعطل إذا مات الخلق، فلا يكون من يحلبها، قوله تعالى: وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ، قال: تتحول البحار التي حول الدنيا كلها نيرانا وَ إِذَا النُّفُوسُ

زُوِّجَتْ، قال: من الحور العين.

11404/ [3]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ، قال: «أما أهل الجنة فزوجوا الخيرات الحسان، و أما أهل النار فمع كل إنسان منهم شيطان» قرنت نفوس الكافرين و المنافقين بالشياطين، فهم قرناؤهم.

11405/ [4]- ابن شهر آشوب: عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ، قال: ما من مؤمن يوم القيامة إلا إذا قطع الصراط، زوجه الله على باب الجنة أربع نسوة من نساء الدنيا و سبعين ألف حورية من حور الجنة، إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه زوج البتول فاطمة في الدنيا و هو زوجها في الجنة، ليست له زوجة في الجنة غيرها من نساء الدنيا، لكن له في الجنان سبعون ألف حوراء، لكل حوراء سبعون ألف خادم».

سورة التكوير(81): الآيات 8 الي 9 ..... ص : 591

قوله تعالى:

وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [8- 9]

11406/ [5]- أبو علي الطبرسي: روي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): «و إذا المودة سئلت بأي ذنب قتلت» بفتح الميم و الواو و الدال، و كذلك عن ابن عباس (رحمه الله)، و هي المودة في القربى، و إن قاطعها يسأل: بأي

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 407. [.....]

3- تفسير القمّي 2: 407.

4- المناقب 3: 324.

5- مجمع البيان 10: 671.

(1) يونس 10: 5.

(2) النمل 27: 88.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 592

ذنب قطعتها «1»؟

11407/ [2]- و روي عن ابن عباس أنه قال: من قتل في مودتنا و ولايتنا.

11408/ [3]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة ابن صدقة، عن أبي

عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس، إن الله تبارك و تعالى أرسل إليكم الرسول (صلى الله عليه و آله) و أنزل إليه الكتاب بالحق، و أنتم أميون عن الكتاب، و من أنزله، و عن الرسول و من أرسله، على حين فترة من الرسل، و طول هجعة «2» من الأمم، و انبساط من الجهل، و اعتراض من الفتنة، و انتقاض من المبرم، و عمى عن الحق، و اعتساف من الجور و امتحاق من الدين، و تلظ من الحروب، على حين اصفرار من رياض جنات الدنيا، و يبس من أغصانها، و انتثار «3» من ورقها، و يأس من ثمرها، و اغورار من مائها.

قد درست أعلام الهدى، و ظهرت أعلام الردى، فالدنيا متجهمة في وجوه أهلها مكفهرة، مدبرة غير مقبلة، ثمرها «4» الفتنة، و طعامها الجيفة، و شعارها الخوف، و دثارها السيف، مزقتم كل ممزق، و قد أعمت عيون أهلها، و أظلمت عليها أيامها، قد قطعوا أرحامهم، و سفكوا دماءهم، و دفنوا فى التراب الموءودة بينهم من أولادهم، يجتاز «5» دونهم طيب العيش و رفاهية خفوض الدنيا، لا يرجون من الله ثوابا، و لا يخافون و الله منه عقابا، حيهم أعمى نجس «6»، و ميتهم في النار مبلس «7»، فجاءهم بنسخة ما في الصحف الاولى، و تصديق الذي بين يديه، و تفصيل الحلال من ريب الحرام، ذلك القرآن فاستنطقوه، و لن ينطق لكم، أخبركم عنه أن فيه علم ما مضى، و علم ما يأتي إلى يوم القيامة، و حكم ما بينكم و بيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلمتكم».

11409/ [4]- و عنه: عن محمد بن الحسن و غيره، عن سهل،

عن محمد بن عيسى، و محمد بن يحيى، و محمد بن الحسين جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد، ابن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: «فقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «8»، ثم قال: (و إذا المودة سئلت بأى ذنب قتلت) يقول: اسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها،

__________________________________________________

2- مجمع البيان 10: 672.

3- الكافي 1: 49/ 7.

4- الكافي 1: 233/ 3.

(1) في «ط، ي»: قطعها.

(2) في «ط، ي»: محنة.

(3) في النسخ: و انتشار.

(4) في المصدر: ثمرتها.

(5) في «ط، ي»: يختارون.

(6) في «ط،» نسخة بدل: مبخس. [.....]

(7) زاد في «ط، ي»: فإذا هم مبلسون أي بائسون.

(8) الشورى 42: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 593

مودة القربى، بأي ذنب قتلتموهم؟»

11410/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أيمن بن محرز، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: (و إذا المودة سئلت بأى ذنب قتلت)، قال: «من قتل في مودتنا. و الدليل على ذلك قوله قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «1»».

11411/ [6]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن منصور بن حازم، عن زيد بن علي (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك، قوله تعالى:

وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟ قال: «هي و الله مودتنا، و هي و الله فينا خاصة».

11412/ [7]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن

إسماعيل بن يسار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قال: «من قتل في مودتنا سئل قاتله عن قتله».

11413/ [8]- و عنه، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قال: «من قتل في مودتنا».

11414/ [9]- و عنه: عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن الحسن بن الحسين الأنصاري، عن عمرو بن ثابت، عن علي بن القاسم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قوله تعالى: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قال: «شيعة آل محمد تسأل: بأي ذنب قتلت؟».

11415/ [10]- و عن محمد بن جمهور، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: قوله عز و جل: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قال: « [يعني الحسين (عليه السلام)».

11416/ [11]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد و إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 407.

6- تأويل الآيات 2: 766/ 6.

7- تأويل الآيات 2: 766/ 7.

8- تأويل الآيات 2: 767/ 8.

9- تأويل الآيات 2: 767/ 9.

10- تأويل الآيات 2: 767/ 10.

11- كامل الزيارات: 63/ 3.

(1) الشورى 42: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 594

عبد الله (عليه السلام)، في قول

الله عز و جل: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قال: «نزلت في الحسين بن علي (عليهما السلام)».

11417/ [12]- شرف الدين النجفي، قال: روى سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي الحسن الأزدي، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن ابن عباس، أنه قال: [هو] من قتل في «1» مودتنا أهل البيت.

11418/ [13]- و عن منصور بن حازم، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل:

وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قال: «هي مودتنا، و فينا نزلت».

11419/ [14]- علي بن إبراهيم: [في قوله تعالى: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قال كان العرب يقتلون البنات للغيرة، فإذا كان يوم القيامة سئلت الموءودة: بأي ذنب قتلت «2».

سورة التكوير(81): الآيات 10 الي 13 ..... ص : 594

قوله تعالى:

وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ- إلى قوله تعالى- وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ [10- 13] 11420/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ، قال: صحف الأعمال، قوله تعالى: وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ، قال: أبطلت.

11421/ [2]- ثم قال: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى ابن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ يريد أوقدت للكافرين، و الجحيم، النار العليا من جهنم، و الجحيم في كلام العرب: ما عظم من النار، لقوله عز و جل:

ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ «3» يريد النار العظيمة وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ يريد قربت لأولياء الله من المتقين.

__________________________________________________

12- تأويل الآيات 2: 766/ 4.

13- تأويل الآيات 2: 2: 766/ 5.

14- تفسير القمّي 2: 407.

1- تفسير القمّي

2: 407. [.....]

2- تفسير القمّي 2: 408.

(1) (في) ليس في المصدر.

(2) زاد في «ط» و المصدر: و قطعت.

(3) الصافات 37: 97.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 595

سورة التكوير(81): الآيات 15 الي 29 ..... ص : 595

قوله تعالى:

فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ- إلى قوله تعالى- وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [15- 29] 11422/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ: أي اقسم بالخنس، و هي اسم النجوم الْجَوارِ الْكُنَّسِ، قال: النجوم تكنس بالنهار فلا تبين.

11423/ [2]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسن، عن عمر ابن يزيد، عن الحسن بن الربيع «1» الهمداني، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن أسيد بن ثعلبة، عن أم هانئ، قالت: لقيت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، فسألته عن هذه الآية فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ، قال: «الخنس: إمام يخنس في زمانه عند انقطاع من علمه عند الناس سنة ستين و مائتين، ثم يبدو كالشهاب الثاقب في ظلمة الليل، فإن أدركت ذلك قرت عينك».

11424/ [3]- و عنه: عن علي بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن وهب بن شاذان، عن الحسين «2» بن أبي الربيع، عن محمد بن إسحاق، عن أسيد بن ثعلبة، عن أم هانئ، قالت: سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ قالت: فقال:

«إمام يخنس سنة ستين و مائتين، ثم يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء، و إذا أدركت زمانه قرت عينك».

11425/ [4]- محمد بن إبراهيم النعماني، قال: أخبرنا سلامة بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن داود بن علي قال: حدثنا أحمد بن الحسن، عن

عمران بن الحجاج، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق، عن أسيد بن ثعلبة، عن أم هانئ، قالت: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام):

ما معنى قول الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ؟ فقال: «يا أم هانئ، إمام يخنس نفسه حتى ينقطع عن الناس علمه سنة ستين و مائتين، ثم يبدو كالشهاب الواقد في الليلة الظلماء، فإن أدركت ذلك الزمان قرت عينك».

11426/ [5]- محمد بن العباس، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عثمان

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 408.

2- الكافي 276/ 23.

3- الكافي 1: 276/ 22.

4- الغيبة: 149/ 6.

5- تأويل الآيات 2: 769/ 15.

(1) كذا، و في سند الحديث الآتي: الحسين بن أبي الربيع.

(2) في المصدر: الحسن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 596

ابن أبي شيبة، عن الحسين بن عبد الله الأرجاني، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: سأله ابن الكواء، عن قوله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ، قال: «إن الله لا يقسم بشي ء من خلقه، فأما قوله: بِالْخُنَّسِ فإنه ذكر قوما خنسوا علم الأوصياء و دعوا الناس إلى غير مودتهم، و معنى خنسوا:

ستروا».

فقال له: الْجَوارِ الْكُنَّسِ؟ قال: «يعني الملائكة، جرت بالعلم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فكنسه عن الأوصياء من أهل بيته لا يعلم به أحد غيرهم، و معنى كنسه: رفعه و توارى به». قال: فقوله وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ [قال: «يعني ظلمة الليل،] و هذا ضربه الله مثلا لمن ادعى الولاية لنفسه و عدل عن ولاة الأمر».

فقال: وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ؟ قال: «يعني بذلك الأوصياء،

يقول: إن علمهم أنور و أبين من الصبح إذا تنفس».

11427/ [6]- و عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن إسماعيل بن السمان، عن موسى ابن جعفر بن وهب، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن الربيع «1»، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني أم هانئ، قالت: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ، فقال: «يا أم هانئ إمام يخنس نفسه سنة ستين و مائتين، ثم يظهر كالشهاب الثاقب في الليلة الظلماء، فإن أدركت زمانه قرت عينك يا أم هانئ».

11428/ [7]- علي بن إبراهيم، في قوله: وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ، قال: إذا أظلم وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ، قال:

إذا ارتفع، و هذا كله قسم، و جوابه: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ يعني ذا منزلة عظيمة عند الله مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ فهذا ما فضل [الله به نبيه و لم يعط أحدا من الأنبياء مثله.

11429/ [8]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، قال: «يعني جبرئيل».

قلت: مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ؟ قال: «يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، هو المطاع عند ربه، الأمين يوم القيامة».

قلت: قوله تعالى: وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ؟ قال: «يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ما هو بمجنون في نصبه أمير المؤمنين (عليه السلام) علما للناس».

قلت: قوله تعالى: وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ قال: «و ما هو تبارك و

تعالى على نبيه (صلى الله عليه و آله) بغيبه بضنين عليه».

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 2: 769/ 16.

7- تفسير القمّي 2: 408.

8- تفسير القمّي 2: 408. [.....]

(1) كذا في المصدر و النسخ، و فيه اختلاف عن سند الكافي المتقدم في الحديث (3).

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 597

قلت: قوله تعالى: وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ، قال: «يعني الكهنة الذين كانوا في قريش، فنسب كلامهم إلى كلام الشياطين الذين كانوا معهم يتكلمون على ألسنتهم، فقال: وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ مثل أولئك».

قلت: قوله تعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ؟ قال: «أين تذهبون في علي (عليه السلام)، يعني ولايته، أين تفرون منها؟ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لمن أخذ الله ميثاقه على ولايته».

قلت: قوله تعالى: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ؟ قال: «في طاعة علي (عليه السلام) و الأئمة من بعده».

قلت: قوله تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ؟ قال: «لأن المشيئة إلى الله تعالى لا إلى الناس».

11430/ [9]- محمد بن العباس، قال: حدثنا علي بن العباس، عن حسين بن محمد، عن أحمد بن الحسين، عن سعيد بن خيثم، عن مقاتل، عمن حدثه، عن ابن عباس، في قوله عز و جل: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ، قال: يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذو قوة عند ذي العرش مكين، مطاع عند رضوان خازن الجنان «1» و عند مالك خازن النار، ثم أمين فيما استودعه [الله إلى خلقه، و أخوه علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أمين أيضا فيما استودعه محمد (صلى الله عليه و آله) إلى أمته.

11431/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: حكى

أبي عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث الاسراء بالنبي (صلى الله عليه و آله)- إلى أن قال (صلى الله عليه و آله)-: «حتى دخلت سماء الدنيا، فما لقيني ملك إلا [كان ضاحكا مستبشرا، حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر خلقا أعظم منه، كريه المنظر، ظاهر الغضب، فقال [لي مثل ما قالوا من الدعاء إلا أنه لم يضحك و لم أر فيه من الاستبشار ما رأيت فيمن «2» ضحك من الملائكة، فقلت: من هذا يا جبرئيل، فإني قد فزعت منه؟ فقال: يجوز أن تفزع منه، و كلنا نفزع منه، إن هذا مالك خازن النار، لم يضحك [قط]، و لم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا و غيظا على أعداء الله و أهل معصيته، فينتقم الله به منهم، و لو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا لأحد بعدك لضحك إليك، و لكنه لا يضحك، فسلمت عليه، فرد علي السلام و بشرني بالجنة، فقلت لجبرئيل، و جبرئيل بالمكان الذي وصفه الله مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ: ألا تأمره أن يريني النار؟ فقال له جبرئيل: يا مالك، أر محمدا النار، فكشف عنها غطاءها، و فتح بابا منها»، الحديث.

11432/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن أحمد بن

__________________________________________________

9- تأويل الآيات 2: 770/ 17.

10- تفسير القمّي 2: 5.

11- تفسير القمّي 2: 409.

(1) في المصدر: الجنّة.

(2) في المصدر: ممن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 598

محمد السياري، عن فلان، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «إن الله عز و جل جعل قلوب الأئمة موردا لإرادته، فإذا شاء الله

شيئا شاءوه، و هو قوله: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ».

11433/ [12]- و عنه، قال: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى: رَبُّ الْعالَمِينَ، قال: إن الله عز و جل خلق ثلاثمائة عالم و بضعة عشر عالما خلف قاف «1» و خلف البحار السبعة، لم يعصوا الله طرفة عين قط، و لم يعرفوا آدم و لا ولده، كل عالم منهم يزيد على ثلاثمائة و ثلاثة عشر مثل آدم و ما ولد، فذلك قوله: إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.

11434/ [13]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد السياري، قال: حدثني غير واحد من أصحابنا، عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى جعل قلوب الأئمة (عليهم السلام) موارد لإرادته، و إذا شاء شيئا شاءوه، و هو قوله تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ».

باب معنى الأفق المبين ..... ص : 598

11435/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا موسى بن جعفر البغدادي، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قال في كل يوم من شعبان مرة: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم و أتوب إليه، كتب في الأفق المبين» [قال : قلت: و ما الأفق المبين؟ قال: «قاع بين يدي العرش، فيه أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم».

__________________________________________________

12- تفسير القمّي 2: 409.

13- مختصر بصائر الدرجات: 65.

1- الخصال: 582/ 5.

(1) جاء

في بعض التفاسير أن قافا جبل محيط بالدنيا من ياقوتة خضراء. «لسان العرب 9: 293».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 599

سورة الانفطار ..... ص : 599

فضلها ..... ص : 599

11436/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من قرأ هاتين السورتين، و جعلهما نصب عينه في صلاة الفريضة و النافلة: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ و إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ «1» لم يحجبه من الله حاجب «2»، و لم يحجزه من الله حاجز، و لم يزل ينظر الله فينظر إليه حتى يفرغ من حساب الناس».

11437/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعاذه الله تعالى أن يفضحه حين تنشر صحيفته، و ستر عورته، و أصلح له شأنه يوم القيامة، و من قرأها و هو مسجون أو مقيد و علقها عليه، سهل الله خروجه، و خلصه مما هو فيه و مما يخافه أو يخاف عليه، و أصلح حاله عاجلا بإذن الله تعالى».

11438/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قرائتها أمن فضيحة يوم القيامة، و سترت عليه عيوبه، و أصلح له شأنه يوم القيامة، و من قرأها و هو مسجون أو موثوق عليه، أو كتبها و علقها عليه، سهل الله خروجه سريعا».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 121.

2- ......

3- .......

(1) الإنشقاق 84: 1. [.....]

(2) في المصدر: يحجبه اللّه من حاجة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 600

11439/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها عند نزول الغيث، غفر الله له بكل قطرة تقطر، و قراءتها على العين يقوي نظرها، و يزول الرمد و الغشاوة بقدرة الله تعالى».

__________________________________________________

4- ......

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص:

601

سورة الانفطار(82): الآيات 1 الي 8 ..... ص : 601

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ- إلى قوله تعالى- فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ [1- 8] 11440/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: في قوله تعالى: وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ، قال: تتحول نيرانا وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ، قال: تنشق فيخرج الناس منها عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ أي ما عملت من خير و شر، ثم خاطب الناس يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ أي ليس فيك اعوجاج فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ، قال: لو شاء ركبك على غير هذه الصورة.

11441/ [2]- الطبرسي: عن الصادق (عليه السلام): «لو شاء ركبك على غير هذه الصورة».

سورة الانفطار(82): الآيات 9 الي 19 ..... ص : 601

قوله تعالى:

كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ- إلى قوله تعالى- وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [9- 19] 11442/ [3]- علي بن إبراهيم: كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ قال: برسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ قال: الملكان الموكلان بالإنسان كِراماً كاتِبِينَ يكتبون

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 409.

2- مجمع البيان ه 1: 683.

3- تفسير القمّي 2: 409.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 602

الحسنات و السيئات إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ يوم المجازاة، ثم قال تعظيما ليوم القيامة: وَ ما أَدْراكَ يا محمد ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.

11443/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد، قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ

لِلَّهِ قال: يريد الملك، و القدرة، و السلطان، و العزة، و الجبروت، و الجمال، و البهاء، و الهيبة «1»، لله وحده لا شريك له.

11444/ [3]- الطبرسي، قال: روى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه قال: «إن الأمر يومئذ و اليوم كله لله. يا جابر، إذا كان يوم القيامة بادت الحكام «2» فلم يبق حاكم إلا الله».

11445/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ، قال: «الأبرار نحن هم، و الفجار هم عدونا».

11446/ [5]- شرف الدين النجفي، في قوله: عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ «3»، قال: ذكر علي بن إبراهيم في (تفسيره): أنها نزلت في الثاني، يعني ما قدمه «4» من ولاية أبي فلان و من ولاية نفسه، و ما أخره «5» من ولاة الأمر من بعده.

11447/ [6]- قال: و ذكر أيضا، قال: و قوله عز و جل: بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ، أي بالولاية، فالدين هو الولاية.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 410.

3- مجمع البيان 10: 683.

4- تأويل الآيات 2: 711/ 1.

5- تأويل الآيات 2: 770.

6- تأويل الآيات 2: 700.

(1) زاد في المصدر: و الالهية.

(2) في «ج، ي»: القيامة يؤذن.

(3) الانفطار 82: 5.

(4) في المصدر: قدمت. [.....]

(5) في المصدر: أخرت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 603

سورة المطففين ..... ص : 603

فضلها ..... ص : 603

11448/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ في الفريضة:

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ أعطاه الله الأمن يوم القيامة من النار، و لم تره

و لم يرها، يمر على جسر جهنم، و لا يحاسب يوم القيامة».

11449/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة سقاه الله تعالى من الرحيق المختوم يوم القيامة، و إن قرئت على مخزن حفظه الله من كل آفة».

11450/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن على قراءتها سقاه الله من الرحيق المختوم، و إن قرئت على مخزن حفظه الله من كل آفة».

11451/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «لم تقرأ قط على شي ء إلا و حفظ و وقي من حشرات الأرض بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 122.

2- ......

3- ......

4- خواص القرآن: 57 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 604

سورة المطففين(83): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 604

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ- إلى قوله تعالى- أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ [1- 5] 11452/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ قال: الذين يبخسون المكيال و الميزان.

11453/ [2]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت على نبي الله حين قدم المدينة، و هم يومئذ أسوأ الناس كيلا، فأحسنوا الكيل، و أما الويل فبلغنا- و الله أعلم- أنه بئر في جهنم».

11454/ [3]- ثم قال: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد، قال:

حدثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ، قال: كانوا إذا اشتروا يستوفون بمكيال «1» راجح، و إذا باعوا بخسوا المكيال «2» و الميزان، فكان هذا فيهم

فانتهوا.

11455/ [4]- شرف الدين النجفي، قال: روى أحمد بن إبراهيم، بإسناده إلى عباد، عن عبد الله بن بكير، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ يعني الناقصين لخمسك يا محمد الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، أي إذا صاروا إلى حقوقهم من الغنائم يستوفون وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ،

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 410.

2- تفسير القمي 2: 410.

3-- تفسير القمي 2: 410.

4- تأويل الآيات 2: 771/ 1.

(1) في المصدر: بكيل.

(2) في «ج»: الكيل.

رهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 605

أي إذا سألوهم خمس آل محمد (صلى الله عليه و آله) نقصوهم.

و قوله تعالى: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ «1» بوصيك يا محمد، و قوله تعالى: إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «2»، قال: يعني تكذيبه بالقائم (عليه السلام)، إذ يقول له: لسنا نعرفك، و لست من ولد فاطمة (عليها السلام)، كما قال المشركون لمحمد (صلى الله عليه و آله)».

11456/ [5]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا لأنفسهم عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ فقال الله: أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أي ألا يعلمون أنهم يحاسبون على ذلك يوم القيامة؟

11457/ [6]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «قوله أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ أي أ ليس يوقنون «3» أنهم مبعوثون؟».

سورة المطففين(83): الآيات 7 الي 28 ..... ص : 605

قوله تعالى:

كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ- إلى قوله تعالى- عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ [7- 28] 11458/ [1]- علي بن إبراهيم: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ، قال: ما كتب الله لهم من العذاب لفي سجين. ثم قال: وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ أي مكتوب يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ، أي الملائكة

الذين كتبوا عليهم.

11459/ [2]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «السجين: الأرض السابعة، و عليون: السماء السابعة».

11460/ [3]- ثم قال: علي بن إبراهيم: حدثنا أبو القاسم الحسيني، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم «4»، قال:

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 410.

6- الاحتجاج: 250.

1- تفسير القمّي 2: 410. [.....]

2- تفسير القمّي 2: 410.

3- تفسير القمّي 2: 410.

(1) المطففين 83: 10.

(2) المطففين 83: 13.

(3) في «ج»: يعرفون.

(4) زاد في المصدر: عن محمّد بن إبراهيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 606

حدثنا محمد بن الحسين بن إبراهيم، قال: حدثنا علوان بن محمد، قال: حدثنا محمد بن معروف، عن السدي، عن الكلبي، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قوله تعالى: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ، قال: «هو فلان و فلان».

وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ، إلى قوله تعالى: الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ، الأول و الثاني وَ ما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، و هو الأول و الثاني، كانا يكذبان رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إلى قوله تعالى: إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ، هما ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يعنيهما و من تبعهما كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ أي الملائكة الذين يكتبون عليهم إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ، إلى قوله تعالى: عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ و هم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة (عليهم السلام) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا، الأول و الثاني و من تبعهما كانُوا مِنَ الَّذِينَ

آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ «1» برسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى آخر السورة فيهما.

11461/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قلت: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ؟، قال: «هم الذين فجروا «2» في حق الأئمة و اعتدوا عليهم».

قلت: ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ «3»؟ قال: «يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)». قلت: تنزيل؟ قال:

«نعم».

11462/ [5]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد و غيره، عن محمد بن خلف، عن أبي نهشل، قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل خلقنا من [أعلى عليين، و خلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه، و خلق أبدانهم من دون ذلك، و قلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه- ثم تلا هذه الآية- كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ، و خلق عدونا من سجين، و خلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه، و أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه». ثم تلا هذه الآية كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.

__________________________________________________

4- الكافي 1: 361/ 91.

5- الكافي 2: 3/ 4.

(1) المطففين 83: 29، 30.

(2) في «ط، ي» تجرّءوا.

(3) في «ج»: كنتم به تدعون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 607

11463/ [6]- محمد بن العباس: عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن سعيد بن عثمان الخزاز،

قال: سمعت أبا سعيد المدائني، يقول: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ. بالخير مرقوم، بحب محمد و آل محمد (عليهم السلام).

ثم قال: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ و سجين: موضع في جهنم، و إنما سمي به الكتاب مجازا تسمية الشي ء باسم مجاوره و محله، أي كتاب أعمالهم في سجين.

11464/ [7]- و عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «سجين: أسفل سبع أرضين».

11465/ [8]- و روي أن عبد الله بن العباس جاء إلى كعب الأحبار، و قال له: أخبرني عن قول الله عز و جل:

كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ، فقال [له : إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء، فتأبى أن تقبلها، فيهبط بها إلى الأرض، فتأبي الأرض أن تقبلها، فتنزل إلى سبع أرضين حتى ينتهى بها إلى سجين، و هو موضع جنود إبليس [اللعين ، فعليهم لعنة الله [و الملائكة] و الناس أجمعين.

11466/ [9]- ابن بابويه، في كتاب (المعراج): عن رجاله مرفوعا، عن عبد الله بن عباس، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو يخاطب عليا (عليه السلام) يقول: «يا علي، إن الله تبارك و تعالى كان و لا شي ء معه، فخلقتي و خلقك روحين من نور جلاله، و كنا أمام عرش رب العالمين نسبح الله و نقدسه و نحمده و نهلله، و ذلك قبل خلق السماوات و الأرضين، فلما أراد، أن يخلق آدم خلقني و إياك من طينة واحدة، من طينة عليين، و عجننا بذلك النور، و غمسنا في جميع الأنوار و أنهار الجنة، ثم خلق آدم و

استودع صلبه تلك الطينة و النور، فلما خلقه استخرج ذريته من صلبه، فاستنطقهم و قررهم بربوبيته.

فأول خلق أقر له بالربوبية أنا و أنت و النبيون على قدر منازلهم و قربهم من الله عز و جل، فقال الله تبارك و تعالى: صدقتما و أقررتŘǠيا محمد و يا علي، و سبقتما خلقي إلى طاعتي، و كذلك كنتما في سابق علمي فيكما، فأنتما صفوتي من خلقي، و الأئمة من ذريتكما و شيعتكما، و كذلك خلقتكم».

ثم قال النبي (صلى الله عليه و آله): «يا علي، و كانت الطينة في صلب آدم و نوري و نورك بين عينيه، فما زال ذلك ينتقل بين أعين النبيين و المنتجبين حتى وصل النور و الطينة إلى صلب عبد المطلب، فافترقت نصفين، فخلقني الله من نصفه، و اتخذني نبيا و رسولا، و خلقك من النصف الآخر، فاتخذك خليفة و وصيا و وليا، فلما كنت من عظمة ربي كقاب قوسين أو أدنى قال لي: يا محمد، من أطوع خلقي لك؟ فقلت: علي بن أبي طالب.

فقال عز و جل: فاتخذه خليفة و وصيا، و قد اتخذته وليا و صفيا، يا محمد، كتبت اسمك و اسمه على عرشي من قبل أن أخلق الخلق، محبة مني لكما و لمن أحبكما و تولاكما و أطاعكما، فمن أحبكما و أطاعكما و تولاكما، كان

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 2: 775/ 5.

7- تأويل الآيات 2: 775/ 6.

8- تأويل الآيات 2: 775/ 7. [.....]

9- تأويل الآيات 2: 773/ 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 608

عندي من المقربين، و من جحد ولايتكما و عدل عنكما كان عندي من الكافرين الضالين».

ثم قال النبي (صلى الله عليه و آله): «يا علي، فمن ذا يلج بيني و بينك و

أنا و أنت من نور واحد و طينة واحدة، فأنت أحق الناس بي في الدنيا و الآخرة، و ولدك ولدي، و شيعتك شيعتي، و أولياؤكم أوليائي، و أنتم معي غدا في الجنة».

11467/ [10]- شرف الدين النجفي، قال: روى أبو طاهر المقلد بن غالب رحمه الله، عن رجاله، بإسناد متصل إلى علي بن شعبة الوالبي، عن الحارث الهمداني، قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو ساجد يبكي، حتى علا نحيبه و ارتفع صوته بالبكاء، فقلنا: يا أمير المؤمنين، لقد أمرضنا بكاؤك، و أمضنا و أشجانا، و ما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قط؟ فقال: «كنت ساجدا أدعو ربي بدعاء الخيرة في سجدتي، فغلبتني عيني، فرأيت رؤيا أهالني و أفزعني، رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله) قائما و هو يقول: يا أبا الحسن، طالت غيبتك عني، و قد اشتقت إلى رؤيتك و قد أنجز لي ربي ما وعدني فيك. فقلت: يا رسول الله، و ما الذي أنجز لك في؟ قال: أنجز لي فيك و في زوجتك و ابنيك و ذريتك في الدرجات العلى في عليين.

فقلت: بأبي [أنت و أمي يا رسول الله، فشيعتنا؟ قال: شيعتنا معنا، و قصورهم بحذاء قصورنا، و منازلهم مقابل منازلنا. فقلت: يا رسول الله، فما لشيعتنا في الدنيا؟ قال: الأمن و العافية.

قلت: فما لهم عند الموت؟ قال: يحكم الرجل في نفسه، و يؤمر ملك الموت بطاعته، و أي ميتة شاء ماتها، و إن شيعتنا ليموتون على قدر حبهم لنا.

قلت: فما لذلك حد يعرف [به ؟ قال: بلى، إن أشد شيعتنا لنا حبا يكون خروج نفسه كشرب أحدكم في اليوم الصائف الماء البارد الذي

ينتفع «1» منه القلب، و إن سائرهم ليموت كما يغط أحدكم على فراشه، كأقر ما كانت عينه بموته».

11468/ [11]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، أي ما كتب لهم من الثواب.

11469/ [12]- ثم قال: حدثني أبي، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الله خلقنا من أعلى عليين، و خلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه، و خلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه». ثم تلا قوله: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، إلى قوله: يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ... يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ. قال: «ماء إذا شربه المؤمن وجد رائحة المسك فيه».

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 2: 776/ 8.

11- تفسير القمّي 2: 411.

12- تفسير القمّي 2: 411.

(1) في «ي»: ينتقع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 609

11470/ [13]- و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من ترك الخمر لغير الله، سقاه الله من الرحيق المختوم». قال: يا بن رسول الله، من تركه لغير الله؟ قال: «نعم، صيانة لنفسه».

وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ، قال: فيما ذكرنا من الثواب الذي يطلبه المؤمنون وَ مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ و هو مصدر سنمه إذا رفعه، لأنه أرفع شراب أهل الجنة، أو لأنه يأتيهم من فوق.

قال: أشرف شراب أهل الجنة يأتيهم في عالي التسنيم، و هي عين يشرب بها المقربون، و المقربون: آل محمد (صلى الله عليه و آله) يقول الله عز و جل: السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «1»، رسول الله (صلى الله عليه و آله) و خديجة و علي بن أبي طالب و ذرياتهم تلحق بهم، يقول الله عز و جل: أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ

«2»، و المقربون يشربون من تسنيم بحتا صرفا «3»، و سائر المؤمنين ممزوجا.

11471/ [14]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد مولى بني هاشم، عن جعفر بن عيينة «4»، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن بكر، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، قال: قام فينا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأخذ بضبعي «5» علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى رئي بياض إبطيه، و قال [له : «إن الله ابتدأني فيك بسبع خصال».

قال جابر: فقلت: بأبي [أنت و أمي يا رسول الله، و ما السبع التي ابتدأك بهن؟ قال: «أنا أول من يخرج من قبره و علي معي، و أنا أول من يجوز على الصراط و علي معي، و أنا أول من يقرع باب الجنة و علي معي، و أنا أول من يسكن عليين و علي معي، و أنا أول من يزوج من الحور العين و علي معي، و أنا أول من يسقى من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك و علي معي» «6».

11472/ [15]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن قال: حدثني أبي، عن حصين بن مخارق، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: قوله تعالى: وَ مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ، قال: «هو أشرف شراب في الجنة، يشربه محمد و آل محمد» و هم المقربون السابقون، رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و الأئمة، و فاطمة،

__________________________________________________

13- تفسير القمّي 2: 411.

14-

تأويل الآيات 2: 777/ 9.

15- تأويل الآيات 2: 777/ 10.

(1) الواقعة 56: 10، 11.

(2) الطور 52: 21.

(3) البحت و الصرف: أي الخالص غير الممزوج.

(4) في المصدر: جعفر بن عنبسة.

(5) الضّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. «لسان العرب 8: 216».

(6) سقط من الحديث خصلة واحدة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 610

و خديجة (صلوات الله عليهم)، و ذريتهم «1» الذين اتبعوهم بإيمان يتسنم [عليهم من أعالي دورهم.

11473/ [16]- و روي عنه (عليه السلام) أنه قال: «تسنيم: أشرف شراب في الجنة يشربه محمد و آل محمد صرفا و يمزج لأصحاب اليمين و لسائر أهل الجنة».

11474/ [17]- و عنه: عن محمد بن أحمد الفقيه بن شاذان، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كنت عند النبي (صلى الله عليه و آله) جالسا، إذا أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأدناه، و مسح وجهه ببرده، و قال: «يا أبا الحسن، ألا أبشرك بما بشرني به جبرئيل؟» فقال: «بلى يا رسول الله». قال: «إن في الجنة عينا يقال لها تسنيم، يخرج منها نهران، لو أن بهما سفن الدنيا لجرت، [و على شاطئ التسنيم أشجار] قضبانها من اللؤلؤ و المرجان الرطب، و حشيشها من الزعفران، على حافتيهما كراسي من نور، عليها أناس جلوس، مكتوب على جباههم بالنور: [هؤلاء المؤمنون هؤلاء محبو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

سورة المطففين(83): الآيات 29 الي 36 ..... ص : 610

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ- إلى قوله تعالى- هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ [29- 36]

11475/ [1]- محمد بن العباس: عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية

بن ربعي، عن علي (عليه السلام)، أنه كان يمر بالنفر من قريش فيقولون: انظروا إلى هذا الذي اصطفاه محمد، و اختاره من بين أهله! و يتغامزون، فنزلت هذه الآيات: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ، إلى آخر السورة.

11476/ [2]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن الحكم بن سليمان عن محمد بن كثير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، قال: ذلك [هو] الحارث بن قيس و أناس معه، كانوا إذا مر بهم علي (عليه السلام)، قالوا: انظروا إلى هذا الرجل الذي اصطفاه محمد، و اختاره من أهل بيته! فكانوا يسخرون و يضحكون، فإذا كان يوم القيامة فتح بين الجنة و النار باب، و علي (عليه السلام) يومئذ على الأرائك متكئ، و يقول لهم: «هلم لكم» فإذا جاءوا سد بينهم الباب،

__________________________________________________

16- تأويل الآيات 2: 779/ 12.

17- ....، مائة منقبة: 55/ 29.

1- تأويل الآيات 2: 780/ 13.

2- تأويل الآيات 2: 780/ 14.

(1) في المصدر: و على ذريتهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 611

فهو كذلك يسخر منهم و يضحك، و هو قوله تعالى: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ.

11477/ [3]- و عنه: قال: حدثنا محمد بن محمد الواسطي، بإسناده إلى مجاهد، [في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، قال: إن نفرا من قريش كانوا يقعدون بفناء الكعبة، فيتغامزون بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يسخرون منهم، فمر بهم يوما علي (عليه السلام) في نفر

من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) فضحكوا منهم و تغامزوا عليهم، و قالوا: هذا أخو محمد، فأنزل الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، فإذا كان يوم القيامة أدخل علي (عليه السلام) من «1» كان معه الجنة، فأشرفوا على هؤلاء الكفار، و نظروا إليهم، فسخروا و ضحكوا عليهم، و ذلك قوله تعالى: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ.

11478/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ إلى آخر السورة:

«نزلت في علي (عليه السلام) و في الذين استهزءوا به من بني أمية، و ذلك أن عليا (عليه السلام) مر على قوم من بني أمية و المنافقين فسخروا منه».

11479/ [5]- و عنه: عن محمد بن القاسم، عن أبيه، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة أخرجت أريكتان [من الجنة]، فبسطتا على شفير جهنم، ثم يجي ء علي (عليه السلام) حتى يقعد عليهما، فإذا قعد ضحك، و إذا ضحك انقلبت جهنم فصار عاليها سافلها، ثم يخرجان فيوقفان بين يديه فيقولان: يا أمير المؤمنين، يا وصي رسول الله، ألا ترحمنا، ألا تشفع لنا عند ربك؟ قال: فيضحك منهما، ثم يقوم فتدخل الأريكتان، و يعادان إلى موضعهما، فذلك قوله عز و جل: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ».

و تقدم حديث في ذلك عن الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام) في قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ

يَعْمَهُونَ من سورة البقرة «2».

11480/ [6]- الطبرسي، قال: ذكر الحاكم أبو القاسم الحسكاني، في كتاب (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) بإسناده عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: إن الذين أجرموا: منافقو قريش، و الذين آمنوا: علي بن أبي

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 781/ 15.

4- تأويل الآيات 2: 781/ 16.

5- تأويل الآيات 2: 781/ 17.

6- مجمع البيان 10: 693.

(1) في المصدر: و من.

(2) تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (14، 15) من سورة البقرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 612

طالب (عليه السلام) [و أصحابه .

11481/ [7]- و من طريق المخالفين: ما رواه الحبري في كتابه، يرفعه إلى ابن عباس، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ إلى آخر السورة، فالذين آمنوا: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و الذين أجرموا: منافقو قريش.

11482/ [8]- علي بن إبراهيم: ثم وصف المجرمين الذين يستهزئون بالمؤمنين منهم، و يضحكون منهم، و يتغامزون عليهم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ- إلى قوله- فَكِهِينَ، قال:

يسخرون وَ إِذا رَأَوْهُمْ يعني المؤمنين قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ فقال الله: وَ ما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ ثم قال الله فَالْيَوْمَ يعني يوم القيامة الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ يعني هل جوزي الكفار ما كانوا يفعلون.

سورة المطففين(83): آية 14..... ص : 612

هنا آيتان، قوله تعالى:

كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ [14]

11483/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) [قال : «ما من عبد إلا و في قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة

نكتة سوداء، فإذا تاب ذهب ذلك السواد، و إن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض، فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى الخير أبدا، و هو قول الله عز و جل: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ».

الطبرسي: روي العياشي بإسناده، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، و ذكر مثله «1».

11484/ [2]- و قال الطبرسي: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يصدأ القلب، فإذا ذكرته بآلاء الله انجلى عنه».

11485/ [3]- المفيد في (الاختصاص): عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «ما من عبد «2» إلا و في قلبه نكتة بيضاء، فان أذنب و ثنى خرج من تلك النكتة سواد، فإن تمادى في الذنوب اتسع ذلك السواد حتى يغطي البياض،

__________________________________________________

7- تفسير الحبري: 327/ 70.

8- تفسير القمّي 2: 412.

1- الكافي 2: 209/ 20. [.....]

2- مجمع البيان 10: 689.

3- الاختصاص: 343.

(1) مجمع البيان 10: 689.

(2) زاد في المصدر: مؤمن.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 613

فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا، و هو قول الله: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ».

سورة المطففين(83): آية 15..... ص : 613

قوله تعالى:

كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [15]

11486/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسين بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ، فقال: «إن الله تبارك و تعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عن عباده، و لكنه يعني أنهم عن ثواب ربهم محجوبون».

__________________________________________________

1- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 125/ 19.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 5، ص: 615

سورة الانشقاق ..... ص : 615

فضلها ..... ص : 615

تقدم في سورة الانفطار «1»

11487/ [1]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعاذه الله تعالى أن يعطى كتابه من وراء ظهره، و إن كتبت و علقت على المتعسرة بولدها، أو قرئت عليها، وضعت من ساعتها».

11488/ [2]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها أعاذه الله أن يعطيه كتابه من وراء ظهره، و إن كتبت و وضعت على المتعسرة ولدت عاجلا سريعا، و إن قرئت عليها كانت سريعة الولادة».

11489/ [3]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا علقت على المطلوقة وضعت، و يحرص الواضع لها أن ينزعها عن المطلوقة سريعا لئلا يخرج جميع ما في بطنها، و تعليقها على الدابة يحفظها عن الآفات، و إذا كتبت على حائط المنزل أمن من جميع الهوام».

__________________________________________________

1- ........

2- ..........

3- خواص القرآن 13: «مخطوط».

(1) تقدّم في الحديث «1» من فضل سورة الانفطار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 616

سورة الانشقاق(84): الآيات 1 الي 25 ..... ص : 616

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ- إلى قوله تعالى- إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [1- 25] 11490/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ قال: يوم القيامة وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها أي أطاعت ربها وَ حُقَّتْ، و حق لها أن تطيع ربها وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَ أَلْقَتْ ما فِيها وَ تَخَلَّتْ، قال: تمد الأرض فتنشق، فيخرج الناس منها: وَ تَخَلَّتْ، أي تخلت من الناس يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً يعني تقدم خيرا أو شرا فَمُلاقِيهِ ما قدم من خير أو شر.

11491/ [2]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه

السلام)، في قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ: «فهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسود بن هلال المخزومي، و هو من بني مخزوم. قوله تعالى:

وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فهو أخوه الأسود بن عبد الأسود بن هلال المخزومي، قتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر».

قوله تعالى: فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً. الثبور: الويل إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ يقول: ظن أن لن يرجع بعد ما يموت فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ، الشفق: الحمرة بعد غروب الشمس وَ اللَّيْلِ وَ ما وَسَقَ يقول: إذا ساق كل شي ء خلق «1» إلى حيث يهلكون بها وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ إذا اجتمع لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ، يقول: حالا بعد

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 412.

2- تفسير القمّي 2: 412.

(1) في المصدر: شي ء من الخلق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 617

حال، قال (صلى الله عليه و آله): «لتركبن سنة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة، و لا تخطئون طريقهم «1»، شبرا بشبر و ذراعا بذراع، و باعا بباع، حتى إن كان من قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه»، قال: قالوا: اليهود و النصارى تعني، يا رسول الله؟ قال: «فمن أعني! لتنقض عرى الإسلام عروة عروة، فيكون أول ما تنقضون من دينكم الامامة «2»، و آخره الصلاة».

11492/ [3]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلى يرجع بعد الموت فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ و هو الذي يظهر بعد مغيب الشمس، و هو قسم و جوابه: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي مذهبا بعد مذهب وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ أي بما تعي صدورهم إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ، أي لا يمن عليهم.

هنا آيات، قوله

تعالى:

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَ يَصْلى سَعِيراً إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ [7- 14]

11493/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كل محاسب معذب، فقال له قائل: يا رسول الله، فأين قول الله عز و جل: فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً؟ قال:

ذاك العرض» يعني التصفح.

11494/ [2]- محمد بن العباس: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً هو علي و شيعته يؤتون كتبهم بأيمانهم».

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 413.

1- معاني الأخبار: 262/ 1. [.....]

2- تأويل الآيات 2: 782/ 1.

(1) في المصدر: طريقتهم.

(2) في «ج، ي»، و المصدر: نسخة بدل: الأمانة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 618

11495/ [3]- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن القاسم بن محمد، عن علي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك و تعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه، و حاسبه فيما بينه و بينه، فيقول: عبدي فعلت كذا و كذا، و عملت كذا و كذا؟ فيقول: نعم يا رب، قد فعلت ذلك. فيقول: قد غفرتها لك و أبدلتها حسنات. فيقول الناس: سبحان الله أما كان

لهذا العبد و لا «1» سيئة واحدة! و هو قول الله عز و جل: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً».

قلت: أي أهل؟ قال: «أهله في الدنيا هم أهله في الجنة، إذا كانوا مؤمنين، و إذا أراد الله بعبد شرا حاسبه على رؤوس الناس و بكته، و أعطاه كتابه بشماله، و هو قول الله عز و جل: وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَ يَصْلى سَعِيراً إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً».

قلت: أي أهل؟ قال: «أهله في الدنيا».

قلت: قوله تعالى: إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ؟ قال: «ظن أنه لن يرجع».

11496/ [4]- و عنه: عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «أتى جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فأخذ بيده فأخرجه إلى البقيع، فانتهى إلى قبر، فصوت بصاحبه، فقال: قم بإذن الله، قال: فخرج منه رجل مبيض الوجه يمسح التراب عن وجهه، و هو يقول: الحمد لله و الله أكبر، فقال [جبرئيل : عد بإذن الله، ثم انتهى به إلى قبر آخر، فصوت بصاحبه، و قال له: قم بإذن الله، فخرج منه رجل مسود الوجه، و هو يقول: وا حسرتاه، وا ثبوراه، ثم قال [له جبرئيل : عد بإذن الله تعالى، ثم قال: يا محمد، هكذا يحشرون يوم القيامة، و المؤمنون يقولون هذا القول، و هؤلاء يقولون ما ترى».

و أما كيفية إعطاء الكافر كتابه وراء ظهره، فقد تقدم في قوله تعالى: وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ من سورة الحاقة، في حديث عن أبي جعفر (عليه السلام) «2» قوله تعالى:

لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ

طَبَقٍ [19]

11497/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن

__________________________________________________

3- الزهد: 92/ 246.

4- الزهد: 94/ 253.

1- تفسير القمّي 2: 413.

(1) (و لا) ليس في المصدر.

(2) تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآيات (25- 32) من سورة الحاقة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 619

محبوب، عن جميل بن صالح، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ، قال:

«يا زرارة، أو لم تركب هذه الامة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان و فلان و فلان»؟.

11498/ [2]- محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ، قال: «يا زرارة، أو لم تركب هذه الأمة بعد نبيها «1» طبقا عن طبق في أمر فلان و فلان و فلان»؟.

11499/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود و حيدر بن محمد السمرقندي جميعا، قالا: حدثنا محمد بن مسعود، قال: حدثنا جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي قال: حدثنا الحسن بن محمد الصيرفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن للقائم منا غيبة يطول أمدها».

فقلت له: و لم ذاك يا بن رسول الله؟ قال: «إن الله عز و جل أبي إلا أن تجرى فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، و إنه لا بد له- يا سدير- من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله عز و جل: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ،

أي على سنن من كان من قبلكم».

11500/ [4]- ابن شهر آشوب: عن أبي يوسف يعقوب بن سفيان، و أبي عبد الله القاسم بن سلام في تفسيرهما، بالإسناد عن الأعمش، عن مسلم بن البطين، عن ابن جبير، عن ابن عباس، في قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي لتصعدن ليلة المعراج من سماء إلى سماء.

ثم قال النبي (صلى الله عليه و آله): «لما كانت ليلة المعراج كنت من ربي قاب قوسين أو أدنى، فقال لي ربي:

يا محمد، السلام عليك مني، أقرئ مني علي بن أبي طالب السلام، و قل له: فإني أحبه و أحب من يحبه، يا محمد من حبي لعلي بن أبي طالب اشتققت له اسما من أسمائي، فأنا العلي العظيم و هو علي، و أنا المحمود و أنت محمد. يا محمد، لو عبدني عبد ألف سنة، إلا خمسين عاما- قال ذلك أربع مرات- لقيني يوم القيامة و له عندي حسنة من حسنات علي بن أبي طالب (عليه السلام)» قال الله تعالى: فَما لَهُمْ يعني المنافقين لا يُؤْمِنُونَ «2» يعني لا يصدقون بهذه الفضيلة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

11501/ [5]- الطبرسي: عن الصادق (عليه السلام)، في معنى ذلك لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ سنن من كان قبلكم من الأولين و أحوالهم.

__________________________________________________

2- الكافي 1: 343/ 17.

3- كمال الدين و تمام النعمة: 480/ 6.

4- ......

5- مجمع البيان 10: 701.

(1) (بعد نبيها) ليس في «ج».

(2) الانشقاق 84: 20. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 620

11502/ [6]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ: «أي لتسلكن سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء».

__________________________________________________

6- الاحتجاج: 248.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 5، ص: 621

سورة البروج ..... ص : 621

فضلها ..... ص : 621

11503/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ في فريضة «1»، فإنها سورة الأنبياء، كان محشره و موقفه مع النبيين و المرسلين و الصالحين».

11504/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله من الأجر بعدد كل من اجتمع في جمعة و كل من اجتمع يوم عرفة عشر حسنات، و قراءتها تنجي من المخاوف و الشدائد».

11505/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها كان له أجر عظيم، و أمن من المخاوف و الشدائد».

11506/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «ما علقت على مفطوم إلا سهل الله فطامه، و من قرأها على فراشه كان في أمان الله إلى أن يصبح».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 122.

2- ......

3- خواص القرآن: 58 «مخطوط».

4- خواص القرآن: 13 «مخطوط».

(1) في المصدر: فرايضه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 622

سورة البروج(85): آية 1 ..... ص : 622

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [1]

11507/ [1]- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن علي بن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن سالم بن دينار، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ذكر الله عز و جل عبادة، و ذكري عبادة، و ذكر علي عبادة، و ذكر الأئمة من ولده عبادة، و الذي بعثني بالنبوة و جعلني خير البرية، إن وصيي

لأفضل الأوصياء، و إنه لحجة الله على عباده، و خليفته على خلقه، و من ولده الأئمة الهداة بعدي، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الأرض، و بهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، و بهم يمسك الجبال أن تميد بهم، و بهم يسقي خلقه الغيث، و بهم يخرج النبات، أولئك أولياء الله حقا و خلفاؤه صدقا، عدتهم عدة الشهور، و هي اثنا عشر شهرا، و عدتهم عدة نقباء موسى بن عمران (عليه السلام)». ثم تلا هذه الآية: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ.

ثم قال: «أ تقدر- يا بن عباس- أن الله يقسم بالسماء ذات البروج، و يعني به السماء و بروجها؟». قلت:

يا رسول الله، فما ذاك، قال: «أما السماء فأنا، و أما البروج فالأئمة بعدي، أولهم علي و آخرهم المهدي».

__________________________________________________

1- الاختصاص: 223.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 623

سورة البروج(85): الآيات 2 الي 3 ..... ص : 623

قوله تعالى:

وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ [2- 3]

11508/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قال: «النبي (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام)».

11509/ [2]- ابن بابويه: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قال: «الشاهد: يوم الجمعة، و المشهود: يوم عرفة».

11510/ [3]- و عنه: قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد

بن محمد، عن موسى ابن القاسم، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «الشاهد: يوم الجمعة، و المشهود: يوم عرفة، و الموعود: يوم القيامة».

11511/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قال: «الشاهد: يوم عرفة».

11512/ [5]- و عنه: بهذا الإسناد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمد بن هاشم، عمن روى عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سأله الأبرش الكلبي، عن قول الله عز و جل: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «ما قيل لك؟» فقال: قالوا: الشاهد: يوم الجمعة و المشهود: يوم عرفة. فقال أبو جعفر (عليه السلام):

«ليس كما قيل لك. الشاهد: يوم عرفة، و المشهود: يوم القيامة، أما تقرأ القرآن؟ قال: الله عز و جل: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ «1»».

11513/ [6]- و عنه: بهذا الإسناد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن أبي الجارود، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول الله عز و جل: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قال: «الشاهد: يوم الجمعة، و المشهود: يوم

__________________________________________________

1- الكافي 1: 352/ 69.

2- معاني الأخبار: 298/ 2.

3- معاني الأخبار: 299/ 3.

4- معاني الأخبار: 299/ 4.

5- معاني الأخبار: 299/ 5.

6- معاني الأخبار: 299/ 6.

(1) هود 11: 103. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 624

عرفة، و الموعود: يوم القيامة».

11514/ [7]- و عنه: عن أبيه،

قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي مولى أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ، قال: «النبي (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين (عليه السلام)».

11515/ [8]- العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال في قول الله: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ «1»: «فذلك يوم القيامة، و هو اليوم الموعود».

سورة البروج(85): الآيات 4 الي 8 ..... ص : 624

قوله تعالى:

قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ- إلى قوله تعالى- إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [4- 8] 11516/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: كان سببهم أن الذي هيج الحبشة على غزوة اليمن ذا نواس، و هو آخر ملك من حمير، تهود و اجتمعت معه حمير على اليهودية، و سمى نفسه يوسف، و أقام على ذلك حينا من الدهر، ثم اخبر أن بنجران بقايا قوم على دين النصرانية، و كانوا على دين عيسى [و على حكم الإنجيل، و رأس ذلك [الدين عبد الله بن بريا «2»، فحمله أهل دينه على أن يسير إليهم و يحملهم على اليهودية و يدخلهم فيها، فسار حتى قدم نجران، فجمع من كان بها على دين النصرانية، ثم عرض عليهم دين اليهودية و الدخول فيها، فاختاروا القتل، فخد لهم أخدودا، و جمع فيه الحطب، و أشعل فيه النار، فمنهم من أحرق بالنار، و منهم من قتل بالسيف، و مثل بهم كل مثلة، فبلغ عدد من قتل و أحرق بالنار عشرين ألفا، و أفلت رجل منهم يدعى دوس ذو ثعلبان على فرس

له، [و] ركضه «3» و اتبعوه حتى أعجزهم في الرمل و رجع ذو نواس إلى ضيعة من «4» جنوده، فقال الله عز و جل:

__________________________________________________

7- معاني الآخبار: 299/ 7.

8- تفسير العياشي 2: 159/ 65.

1- تفسير القمي 2: 413.

(1) هود: 11: 103.

(2) في «ج»: بربا، و في تاريخ الطبري 2: 122، و الكامل في التاريخ 1: 429: عبد الله بن الثامر.

(3) ركض الفرس برجله: استحثه للعدو. «أقرب الموارد 1: 428».

(4) في المصدر: ضيعته في.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 625

قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إلى قوله تعالى: الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ.

11517/ [1]- ابن بابويه في (الغيبة): بإسناده، عن أبي رافع، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)- في حديث طويل- قال: «ملك مهرويه بن بخت نصر ست عشرة سنة و عشرين يوما، و أخذ عند ذلك دانيال و حفر له جبا في الأرض، و طرح فيه دانيال (عليه السلام) و أصحابه و شيعته من المؤمنين، فألقى عليهم النيران، فلما رأى أن النيران ليست تضر بهم و لا تقربهم، أستودعهم الجب و فيه الأسد و السباع، و عذبهم بكل لون من العذاب حتى خلصهم الله عز و جل منه، و هم الذين ذكرهم الله في كتابه، فقال عز و جل: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ.

سورة البروج(85): آية 10 ..... ص : 625

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ [10] 11518/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ أي أحرقوهم ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ.

11519/ [3]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن المفضل بن صالح، عن

جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «بعث الله نبيا حبشيا إلى قومه، فقاتلهم، فقتل أصحابه و أسروا، و خدوا لهم أخدودا من نار، ثم نادوا: من كان من أهل ملتنا فليعتزل، و من كان على دين هذا النبي فليقتحم النار، فجعلوا يقتحمون النار، و أقبلت امرأة معها صبي لها، فهابت النار، فقال [لها] صبيها: اقتحمي قال: فاقتحمت النار [و هم أصحاب الأخدود]».

11520/ [4]- الطبرسي، قال: روى العياشي بإسناده، عن جابر، عن أبي عبد الله «1» (عليه السلام)، قال: «أرسل علي (عليه السلام) إلى أسقف نجران يسأله عن أصحاب الأخدود، فأخبره بشي ء، فقال (عليه السلام): ليس كما ذكرت، و لكن سأخبرك عنهم، إن الله بعث رجلا حبشيا نبيا، و هم حبشة، فكذبوه، فقاتلهم فقتلوا أصحابه، و أسروه و أسروا أصحابه، ثم بنوا له حيرا «2»، ثم ملؤوه نارا، ثم جمعوا الناس فقالوا: من كان على ديننا و أمرنا فليعتزل، و من كان

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 266/ 20.

2- تفسير القمّي 2: 414.

3- المحاسن: 249/ 262.

4- مجمع البيان 10: 706.

(1) في المصدر: أبي جعفر.

(2) الحير: شبه الحظيرة أو الحمى. «المعجم الوسيط 1: 211».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 626

على دين هؤلاء فليرم نفسه في النار معه، فجعل أصحابه يتهافتون في النار، فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر، فلما هجمت على النار هابت و رقت على ابنها، فناداها الصبي: لا تهابي و ارميني و نفسك «1» في النار، فإن هذا و الله في الله قليل فرمت بنفسها في النار و صبيها، و كان ممن تكلم في المهد».

11521/ [4]- و عنه: بإسناده، عن ميثم التمار، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ذكر أصحاب الأخدود،

فقال: «كانوا عشرة، و على مثالهم عشرة يقتلون في هذا السوق».

سورة البروج(85): الآيات 11 الي 14 ..... ص : 626

قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ- إلى قوله تعالى- وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ [11- 14]

11522/ [1]- محمد بن العباس: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن مقاتل، عن عبد الله بن بكير، عن صباح الأزرق، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ: هو أمير المؤمنين (عليه السلام) و شيعته».

11523/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا عبد الغني ابن سعيد، قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا يريد الذين صدقوا و آمنوا بالله عز و جل و وحدوه، يريد لا إله إلا الله وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يريد ما لا عين رأت و لا أذن سمعت ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ، يريد فازوا بالجنة و آمنوا العقاب إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ، يا محمد لَشَدِيدٌ إذا أخذ الجبابرة و الظلمة و الكفار «2»، كقوله في سورة هود: إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ «3».

إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَ يُعِيدُ، يريد الخلق، ثم أماتهم ثم يعيدهم بعد الموت أيضا هُوَ الْغَفُورُ يريد لأوليائه و أهل طاعته، الْوَدُودُ كما يود أحدكم أخاه و صاحبه بالبشرى و المحبة.

__________________________________________________

4- مجمع البيان 10: 707. [.....]

1- تأويل الآيات 2: 784/ 3.

2- تفسير القمّي 2: 414.

(1) في المصدر: لا تهابي و ارمي بي و بنفسك.

(2) في المصدر: من الكفار.

(3) هود 11: 102.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 5، ص: 627

سورة البروج(85): الآيات 15 الي 22 ..... ص : 627

قوله تعالى:

ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ- إلى قوله تعالى- فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [15- 22]

11524/ [1]- ثم قال علي بن إبراهيم، و في رواية أبى الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فهو الله الكريم المجيد».

11525/ [2]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ، قال: اللوح المحفوظ له طرفان: طرف على يمين العرش، و طرف على جبهة إسرافيل، فإذا تكلم الرب جل ذكره بالوحي ضرب اللوح جبين إسرافيل، فينظر في اللوح، فيوحي بما في اللوح إلى جبرئيل (عليه السلام).

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 414.

2- تفسير القمّي 2: 414.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 629

سورة الطارق ..... ص : 429

فضلها ..... ص : 629

11526/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كانت قراءته في فرائضه وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ، كانت له يوم القيامة عند الله جاه و منزلة، و كان من رفقاء المؤمنين «1» و أصحابهم في الجنة».

11527/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كتب الله له عشر حسنات بعدد كل نجم في السماء، و من كتبها و غسلها بالماء، و غسل بها الجراح لم ترم، و إن قرئت على شي ء حرسته و أمن صاحبه عليه».

11528/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها في إناء و غسلها بالماء و غسل بها الجراح لم ترم، و إن قرئت على شي ء حرسته و أمن عليه صاحبه».

11529/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من غسل بمائها الجراح سكنت و لم تقح، و من قرأها على شي ء يشرب دواء يكون فيه الشفاء».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 122.

2- ........

3- ........

4- خواص القرآن: 13

«نحوه».

(1) في المصدر: النبيين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 630

سورة الطارق(86): الآيات 1 الي 17 ..... ص : 630

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ- إلى قوله تعالى- فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [1- 17]

11530/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن الحسين، السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه «1»، و عن محمد بن سليمان الصنعاني، عن إبراهيم بن الفضل، عن أبان بن تغلب، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من أهل اليمن فسلم عليه فرد عليه السلام، و قال له: «مرحبا بك يا سعد» فقال له الرجل: بهذا الاسم سمتني أمي، و ما أقل من يعرفني به! فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «صدقت، يا سعد المولى» فقال له الرجل: جعلت فداك، بهذا كنت ألقب. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «لا خير في اللقب، إن الله تبارك و تعالى يقول في كتابه: وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ «2»، ما صنعك «3» يا سعد؟». فقال: جعلت فداك، أنا من [أهل بيت ننظر في النجوم، لا نقول إن باليمن أحدا أعلم بالنجوم منا.

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «فما زحل عندكم في النجوم؟». فقال اليماني: نجم نحس. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «مه، لا تقولن هذا، فإنه نجم أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو نجم الأوصياء (عليهم السلام) و هو النجم الثاقب الذي قال الله عز و جل في كتابه».

__________________________________________________

1- الخصال: 489/ 68.

(1) في المصدر: و غيره. [.....]

(2) الحجرات 49: 11.

(3) في المصدر: صناعتك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 631

فقال [له اليماني: فما يعني بالثاقب؟ قال:

«إن مطلعه في السماء السابعة، و إنه ثقب بضوئه حتى أضاء في السماء الدنيا، فمن ثم سماه الله عز و جل النجم الثاقب».

11531/ [2]- و عنه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن محمد بن مروان «1»، عن الضحاك بن مزاحم، قال: و سئل علي (عليه السلام) عن الطارق؟

قال: «هو أحسن «2» نجم في السماء، و ليس تعرفه الناس، و إنما سمي الطارق لأنه يطرق نوره سماء سماء إلى سبع سماوات، ثم يطرق راجعا حتى يرجع إلى مكانه».

11532/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ، قال: «السماء في هذا الموضع: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و الطارق: الذي يطرق الأئمة (عليهم السلام) من عند ربهم مما يحدث بالليل و النهار، و هو الروح الذي مع الأئمة (عليهم السلام) يسددهم «3»».

قال: و النَّجْمُ الثَّاقِبُ قال: «ذاك رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

11533/ [4]- علي بن إبراهيم، قوله تعالى: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ قال: الملائكة، قال: في قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ، قال: النطفة التي تخرج بقوة يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ، قال: الصلب للرجل، و الترائب للمرأة «4»، و هي عظام صدرها إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ كما خلقه من نطفة يقدر أن يرده إلى الدنيا و إلى يوم القيامة يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ، قال: يكشف عنها وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ قال:

ذات المطر وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ أي ذات النبات، و هو قسم، و جوابه: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ يعني ماض، أي قاطع وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ أي ليس بالسخرية إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً أي يحتالون الحيل وَ أَكِيدُ كَيْداً فهو من الله العذاب فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً، قال: دعهم قليلا.

11534/ [5]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، في قوله: فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ، قال: «ما له قوة يقوى بها على خالقه، و لا ناصر من الله ينصره، إن أراد به سوءا».

__________________________________________________

2- علل الشرائع: 577/ 1.

3- تفسير القمّي 2: 415.

4- تفسير القمّي 2: 415.

5- تفسير القمّي 2: 416.

(1) زاد في المصدر: عن حريز.

(2) في «ي» أنحس.

(3) (يسددهم) ليس في (ج، ي».

(4) في «ج»: الرجل و الترائب المرأة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 632

قلت: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً قال: «كادوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كادوا عليا (عليه السلام)، و كادوا فاطمة (عليها السلام)، فقال الله: يا محمد إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ يا محمد أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً لوقت بعث القائم (عليه السلام) فينتقم لي من الجبابرة و الطواغيت من قريش و بني أمية و سائر الناس».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 633

سورة الأعلي ..... ص : 633

فضلها ..... ص : 633

11535/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى في فريضة أو نافلة، قيل له يوم القيامة: ادخل من أي أبواب الجنة شئت «1»».

11536/ [2]- الطبرسي: روى العياشي بإسناده، عن أبي خميصة، عن علي (عليه السلام)، قال:

صليت خلفه عشرين ليلة، فليس يقرأ إلا سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، و قال: «لو تعلمون ما فيها لقرأها الرجل كل يوم عشرين مرة، و إن من قرأها فكأنما قرأ صحف موسى و إبراهيم الذي وفى».

11537/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله من الأجر بعدد كل حرف أنزل على إبراهيم و موسى و محمد (صلى الله عليه و آله)، و إذا قرئت على الأذن الوجعة زال ذلك عنها، و إن قرئت على البواسير قلعتهن و برى ء صاحبهن سريعا».

11538/ [4]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها على الأذنين و الرقبة الوجيعة زال ذلك عنها، و تقرأ على البواسير، و إن كتبت لها «2» يبرأ صاحبها سريعا».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 122.

2- مجمع البيان 10: 717.

3- .....

4- خواص القرآن: 30، 58 «مخطوط». [.....]

(1) في المصدر: الجنّة إن شاء اللّه.

(2) في «ج»: له.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 634

11539/ [5]- و قال الصادق (عليه السلام): «قراءتها على الأذن الدوية «1» التي فيها الدواثر تزيلها، و قراءتها على الموضع المفسخ تزيله، و قراءتها على البواسير تقطعها بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

5- خواص القرآن: 13 «نحوه».

(1) الدّوي: الفاسد الجوف من داء. «أقرب الموارد 1: 361».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 635

سورة الأعلي(87): الآيات 1 الي 15 ..... ص : 635

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى- إلى قوله تعالى- وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [1- 15]

11540/ [1]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن يوسف بن الحارث، عن عبد الله بن يزيد المنقري، عن موسى بن أيوب الغافقي، عن عمه إياس بن عامر الغافقي، عن عقبة بن

عامر الجهني، أنه قال: لما نزلت فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ «1» قال لنا رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال لنا رسول الله (صلى الله عليه و آله): «اجعلوها في سجودكم».

11541/ [2]- ابن الفارسي في (الروضة): روى جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، أنه قال: «في العرش تمثال جميع ما خلق الله في البر و البحر، و هذا تأويل قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ «2».

و إن بين القائمة من قوائم العرش، و القائمة الثانية خفقان الطير المسرع مسيرة ألف عام، و العرش يكسى كل يوم سبعين ألف لون من النور، لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله.

و الأشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة، و إن لله ملكا يقال له حزقائيل، له ثمانية عشر ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام، فخطر له خاطر، هل فوق العرش شي ء؟ فزاده الله مثلها أجنحة أخرى، فكان له ست و ثلاثون ألف جناح، ما بين الجناح، إلى الجناح خمسمائة عام، ثم أوحى الله إليه: أيها الملك طر، فطار مقدار

__________________________________________________

1- التهذيب 2: 313/ 1273.

2- روضة الواعظين: 47

(1) الواقعة 56: 74.

(2) الحجر 15: 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 636

عشرين ألف عام، لم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش، ثم ضاعف الله له في الجناح و القوة و أمره أن يطير، فطار مقدار ثلاثين ألف عام، و لم ينل أيضا، فأوحى الله إليه: أيها الملك، لو طرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك و قوتك لم تبلغ إلى ساق العرش. فقال الملك: سبحان ربي الأعلى: فأنزل الله عز و جل:

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال النبي (صلى الله عليه و آله): اجعلوها في سجودكم».

11542/ [3]- ابن شهر آشوب: عن تفسير القطان، قال ابن مسعود: قال علي (عليه السلام): «يا رسول الله، ما أقول في الركوع؟» فنزل فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ «1»، قال: «ما أقول في السجود». فنزل سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

11543/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: قل: سبحان ربي الأعلى و بحمده «2» الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى قال: قدر الأشياء بالتقدير، ثم هدى إليها من يشاء، قوله: وَ الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى قال: أي النبات فَجَعَلَهُ بعد إخراجه غُثاءً أَحْوى قال: يصير هشيما بعد بلوغه و يسود، قوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى أي نعلمك فلا تنسى، فقال: إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ لأنه لا يؤمن النسيان اللغوي، و هو الترك، لأن الذي لا ينسى هو الله.

11544/ [5]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و غيرهما، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد بن طريف الخفاف، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول فيمن أخذ عنكم علما فنسيه؟ قال: «لا حجة عليه، إنما الحجة عليه، إنما الحجة على من سمع منا حديثا فأنكره، أو بلغه فلم يؤمن به و كفر، و أما النسيان فهو موضوع عنكم، إن أول سورة نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، فنسيها، فلا يلزمه حجة في نسيانه «3»، و لكن الله تبارك و تعالى أمضى له ذلك، ثم قال: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى .

11545/ [6]- علي بن إبراهيم: وَ نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى فَذَكِّرْ، يا محمد إِنْ نَفَعَتِ

الذِّكْرى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى قال: نذكرك إياه «4»، قال: يَتَجَنَّبُهَا

يعني ما يتذكر به الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى قال: نار يوم القيامة ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَ لا يَحْيى يعني في النار، فيكون كما قال [الله تعالى: وَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ما هُوَ بِمَيِّتٍ «5».

__________________________________________________

3- المناقب 2: 15.

4- تفسير القمّي 2: 416.

5- مختصر بصائر الدرجات: 93.

6- تفسير القمّي 2: 417.

(1) الواقعة 56: 74.

(2) (و بحمده) ليس في المصدر. [.....]

(3) في المصدر: نسيانها.

(4) كذا، و الظاهر أنّه تصحيف، بتذكيرك إياه.

(5) إبراهيم 14: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 637

قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى قال: زكاة الفطرة، إذا أخرجها قبل صلاة العيد.

11546/ [7]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «من تمام الصوم إعطاء الزكاة، كالصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله) فإنها من تمام الصلاة، و من صام و لم يؤدها فلا صوم له إذا تركها متعمدا، و من صلى و لم يصل على النبي (صلى الله عليه و آله) و ترك ذلك متعمدا فلا صلاة له، إن الله عز و جل بدأ بها قبل الصلاة، فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى».

11547/ [8]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن أحمد بن الحسين بن علي بن الريان، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، قال: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال لي: «ما معنى قوله: وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى؟». قلت: كلما ذكر اسم ربه قام فصلى، فقال لي: «لقد كلف الله عز و جل هذا شططا!».

فقلت: جعلت فداك، فكيف هو؟ فقال: «كلما ذكر اسم ربه صلى على محمد و آله».

11548/ [9]- علي بن إبراهيم: وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى قال: صلاة الفطر و الأضحى إِنَّ هذا يعني ما قد تلوته من القرآن لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى «1».

11549/ [10]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان، عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ، أنه سأل أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن قوله عز و جل: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، فقال: «مكتوب على قائمة العرش قبل أن يخلق الله السماوات و الأرضين بألفي عام: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، فاشهدوا بهما، و أن عليا وصي محمد (صلى الله عليه و آله)».

11550/ [11]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله: إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَ ما يَخْفى يريد ما يكون إلى يوم القيامة في قلبك و نفسك وَ نُيَسِّرُكَ يا محمد في جميع أمورك لِلْيُسْرى

سورة الأعلي(87): الآيات 16 الي 19 ..... ص : 637

قوله تعالى:

بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى [16- 19]

__________________________________________________

7- التهذيب 2: 159/ 625.

8- الكافي 2: 359/ 18.

9- تفسير القمّي 2: 417.

10- تفسير القمّي 2: 417.

11- تفسير القمّي 2: 417.

(1) الأعلى 87: 18، 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 638

11551/ [1]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن

معلى بن محمد، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله عز و جل: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا؟ قال: «ولايتهم». وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام): إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى .

11552/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «ولاية علي (عليه السلام) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه و آله) و وصية علي (عليه السلام)».

11553/ [3]- و روى حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن ابن رباط، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «1»، قال: «يا [أبا] محمد، إن عندنا الصحف التي قال الله سبحانه: صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى . قال: قلت. جعلت فداك، و إن الصحف هي الألواح؟ قال: «نعم».

11554/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو الحسن، علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري، قال: حدثنا أبو يوسف أحمد بن محمد بن قيس الشجري «2» المذكر، قال: حدثنا أبو الحسن عمرو «3» بن حفص، قال: حدثنا أبو يوسف محمد بن «4» عبيد الله بن محمد بن أسد ببغداد، قال: حدثنا الحسن «5» بن إبراهيم بن «6» علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد البصري، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير الليثي، عن أبي ذر (رحمه الله)، قال: دخلت

على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو جالس في المسجد وحده، فاغتنمت خلوته، فقال لي: «يا أبا ذر إن للمسجد تحية».

قلت: و ما تحيته؟ قال: «ركعتان تركعهما» ثم التفت إليه، فقلت: يا رسول الله، إنك أمرتني بالصلاة، فما الصلاة؟ قال:

«الصلاة خير موضوع، فمن شاء أقل و من شاء أكثر» ..

__________________________________________________

1- الكافي 1: 345/ 30.

2- الكافي 1: 363/ 6.

3- تأويل الآيات 2: 785/ 2.

4- الخصال: 523/ 13، بحار الأنوار 77: 70/ 1.

(1) الحضر 59/ 7. [.....]

(2) في المصدر: السجزي.

(3) في المصدر: عمر.

(4) في المصدر: «ج»: حدّثنا أبو محمّد.

(5) في المصدر: الحسين.

(6) في «ج، ي»: أبو.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 639

قال: قلت: يا رسول الله: أي الأعمال أحب إلى الله عز و جل؟ قال: «إيمان بالله، و جهاد في سبيله».

قلت: فأي الليل أفضل؟ قال: «جوف الليل الغابر».

قلت: فأي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت».

قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد من مقل إلى فقير في سر».

قلت: فما الصوم؟ قال: «فرض يجزى «1» و عند الله أضعاف كثيرة».

قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: «أغلاها «2» ثمنا، و أنفسها عند أهلها».

قلت: فأي الجهاد أفضل؟ قال: «من عقر جواده و أهريق دمه».

قلت: فأي آية أنزلها الله تعالى عليك أعظم؟ قال: «آية الكرسي». ثم قال: «يا أبا ذر، ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض [فلاة]، و فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة».

قلت: يا رسول الله، كم النبيون؟ قال: «مائة ألف و أربعة و عشرون ألف نبي».

قلت: كم المرسلون؟ قال: «ثلاثمائة و ثلاثة عشر جماء غفيرا».

قلت: من كان أول الأنبياء؟ قال: «آدم».

قلت: و كان من الأنبياء مرسلا؟ قال: «نعم، خلقه الله بيده، و نفخ

فيه من روحه».

ثم قال (صلى الله عليه و آله): «يا أبا ذر، أربعة من الأنبياء سريانيون، آدم، و شيث، و أخنوخ،- و هو إدريس (عليهم السلام)- و هو أول من خط بالقلم، و نوح (عليه السلام)، و أربعة من العرب: هود، و صالح، و شعيب، و نبيك محمد، و أول نبي من بني إسرائيل موسى، و آخرهم عيسى، و ستمائة نبي».

قلت: يا رسول الله، كم أنزل الله من الكتاب؟ قال: «مائة كتاب و أربعة كتب، أنزل الله على شيث خمسين صحيفة، و على إدريس ثلاثين صحيفة، و على إبراهيم عشرين صحيفة، و أنزل التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان».

قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: «كانت أمثالا كلها [و كان فيها] أيها الملك المبتلى المغرور، [إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، و لكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها و إن كانت من كافر.

و على العاقل ما لم يكن مغلوبا [على عقله أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه عز و جل، و ساعة يحاسب فيها نفسه، و ساعة يتفكر فيما صنع الله عز و جل إليه، و ساعة يخلو فيها بحظ نفسه «3» من الحلال، فإن هذه الساعة عون تلك الساعات، و استجمام للقلوب، و توزيع «4» لها.

و على العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، فإن من حسب كلامه من عمله قل

__________________________________________________

(1) في المصدر: مجزي.

(2) في «ي»: أعلاها.

(3) في «ج، ي»: حقّه.

(4) و في «ج»: و تفريغ، و في «ط، ي»: و تقريع، و الظاهر: و تفريح.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 640

كلامه إلا فيما يعنيه.

و على العاقل أن يكون

طالبا لثلاث: مرمة لمعاش، أو تزود لمعاد أو تلذذ في غير محرم».

قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسى؟ قال: «كانت عبرا «1» كلها [و فيها]: عجبت لمن أيقن بالموت لم يفرح، و لمن أيقن بالنار لم يضحك، و لمن يرى الدنيا و تقلبها بأهلها لم يطمئن إليها، و لمن أيقن بالقدر لم ينصب، و لمن أيقن بالحساب لم لا يعمل».

قلت: يا رسول الله، هل في أيدينا مما أنزل الله عليك [شي ء] مما كان في صحف إبراهيم و موسى؟ قال:

«يا أبا ذر، اقرأ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى «2»».

قلت: يا رسول الله، أوصني، قال: «أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس الأمر كله».

قلت: زدني. قال: «عليك بتلاوة القرآن، و ذكر الله كثيرا، فإنه ذكر لك في السماء، و نور لك في الأرض».

قلت: زدني. قال: «عليك بطول الصمت، فإنه مطردة للشياطين، و عون لك على أمر دينك».

قلت: زدني. قال: «إياك و كثرة الضحك، فإنه يميت القلب [و يذهب بنور الوجه ».

قلت: زدني. قال: «عليك بحب «3» المساكين و مجالستهم».

قلت: زدني. قال: «قل الحق و إن كان مرا».

قلت: زدني. قال: «لا تخف في الله لومة لائم».

قلت: زدني. قال: «ليحجزك «4» عن الناس ما «5» تعلم من نفسك، و لا تجد عليهم فيما تأتي مثله». ثم قال:

«كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال: يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، و يستحيي لهم مما هو فيه، و يؤذي جليسه فيما لا يعنيه» ثم قال: «يا أبا ذر، لا عقل كالتدبير، و لا ورع كالكف، و لا حسب

كحسن الخلق».

و روى الشيخ في (مجالسه) هذا الحديث مرسلا، و فيه بعض التغيير «6».

__________________________________________________

(1) في المصدر: عبرانية.

(2) الأعلى 87: 14- 19.

(3) في المصدر:

قلت: يا رسول اللّه زدني: قال: انظر إلى من هو تحتك، و لا تنظر إلى من هو فوقك، فإنّه أجدر أن لا تزدري نعمة اللّه عليك. قلت:

يا رسول اللّه زدني، قال: صل قرابتك و إن قطعوك. قلت: زدني، قال: أحبّ.

(4) في «ج»: ليحجرك.

(5) زاد في النسخ: لم، و لم ترد في البحار أيضا. [.....]

(6) الأمالي 2: 152.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 641

سورة الغاشية ..... ص : 641

فضلها ..... ص : 641

11555/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)̠قال: «من أدمن قراءة هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ في فريضة أو نافلة، غشاه الله برحمته في الدنيا و الآخرة، و آتاه الأمن من يوم القيامة من عذاب النار».

11556/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة حاسبه الله حسابا يسيرا، و من قرأها على مولود بشرا و غيره صارخ أو شارد، سكنته و هدأته».

11557/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها حاسبه الله حسابا يسيرا، و من قرأها على مولود أو كتبت له بشرا كان أو حيوانا سكنته و هدأته».

11558/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها على ضرس يؤلم و يضرب سكن بإذن الله تعالى، و من قرأها على ما يأكله أمن ما فيه و رزقه الله السلامة فيه».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 122.

2- .....

3- .....

4- خواص القرآن: 14 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 642

سورة الغاشية(88): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 642

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ- إلى قوله تعالى- لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً [1- 11]

11559/ [1]- محمد بن يعقوب: عن جماعة، عن سهل، عن محمد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ؟ قال: «يغشاهم القائم بالسيف».

قال: قلت: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ؟ قال: «خاضعة لا تطيق الامتناع».

قال: قلت: عامِلَةٌ؟ قال: «عملت بغير ما أنزل الله».

قال: قلت: ناصِبَةٌ؟ قال: «نصبت غير ولاة الأمر».

قال: قلت: تَصْلى ناراً حامِيَةً؟ قال: «تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم و في الآخرة نار جهنم».

11560/ [2]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن

أبي عمير، عن عمرو بن أبي المقدام، قال:

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كل ناصب- و إن تعبد و اجتهد- منسوب إلى هذه الآية عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً، و كل ناصب مجتهد فعمله هباء».

11561/ [3]- و عنه: عن علي، عن علي بن الحسين، عن محمد الكناسي، قال: حدثنا من رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ، قال: «الذين يغشون الإمام». إلى

__________________________________________________

1- الكافي 8: 50/ 13.

2- الكافي 8: 213/ 259.

3- ................

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 643

قوله عز و جل: لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ، قال: «لا ينفعهم الدخول و لا يغنيهم القعود».

11562/ [4]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن حنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) [أنه ، قال: «لا يبالي الناصب صلى أم زنى، و هذه الآية نزلت فيهم: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً».

11563/ [5]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، قال:

حدثنا محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من خالفكم- و إن تعبد و اجتهد- منسوب إلى هذه الآية: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً».

11564/ [6]- ابن بابويه في (بشارات الشيعة)، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن عمران، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: «خرجت أنا و أبي ذات يوم إلى المسجد، فإذا هو بأصحابه بين القبر و المنبر- قال- فدنا منهم و سلم عليهم، و

قال: و الله إني لأحب ريحكم و أرواحكم، فأعينونا على ذلك بورع و اجتهاد، و اعلموا أن ولايتنا لا تدرك إلا بالورع و الاجتهاد، من ائتم منكم بقوم فيعمل بعملهم، أنتم شيعة الله، و أنتم أنصار الله، و أنتم السابقون الأولون و السابقون الآخرون، السابقون في الدنيا إلى محبتنا، و السابقون في الآخرة إلى الجنة، ضمنت لكم الجنة بضمان الله عز و جل و ضمان النبي (صلى الله عليه و آله)، و أنتم الطيبون و نساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء، كل مؤمن صديق.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقنبر: أبشروا و بشروا، فو الله لقد مات رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو ساخط على أمته إلا الشيعة، ألا و إن لكل شي ء عروة و عروة الدين الشيعة، ألا و إن لكل شي ء شرفا و شرف الدين الشيعة، ألا و إن لكل شي ء سيدا، و سيد المجالس مجالس الشيعة، ألا و إن لكل شي ء إماما، و إمام الأرض أرض تسكنها الشيعة، ألا و إن لكل شي ء شهوة، و شهوة الدنيا سكنى شيعتنا فيها، و الله لو لا ما في الأرض منكم ما استكمل أهل خلافكم الطيبات، و ما لهم في الآخرة من نصيب، [كل ناصب و ان تعبد و اجتهد منسوب إلى هذه الآية: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً».

و عنه، قال: حدثني محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه الله)، بهذا الحديث، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلا أن حديثه لم يكن بهذا الطول، و في هذا زيادة ليس في ذلك، و المعاني متقاربة «1».

11565/ [7]- شرف الدين النجفي، قال: روي عن أهل البيت (عليهم السلام) حديث مسند في قوله

عز و جل:

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ: «أنها التي نصبت العداوة لآل محمد (عليهم السلام)، و أما

__________________________________________________

4- الكافي 8: 160/ 162.

5- تفسير القمي 2: 419.

6- فضائل الشيعة: 51/ 8.

7- ..............

(1) فضائل الشيعة: 59/ 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 644

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ لِسَعْيِها راضِيَةٌ فهم شيعة آل محمد (صلوات الله عليهم)».

11566/ [8]- الكشي: عن محمد بن الحسن البراثي، قال: حدثني الفارسي- يعني أبا علي- عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عمن حدثه، قال: سألت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عن هذه الآية وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ، قال: «نزلت في النصاب، و الزيدية، و الواقفة من النصاب».

11567/ [9]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ يعني قد أتاك- يا محمد- حديث القيامة، و معنى الغاشية أي تغشى الناس، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ، قال: نزلت في النصاب، و هم الذين خالفوا دين الله و صلوا و صاموا، و نصبوا لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو قوله تعالى: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ عملوا و نصبوا فلا يقبل منهم شي ء من أفعالهم تَصْلى وجوههم ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ، قال: لها أنين من شدة حرها لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، قال: عرق أهل النار، و ما يخرج من فروج الزواني لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ.

ثم ذكر أتباع أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ لِسَعْيِها راضِيَةٌ يرضى الله «1» بما سعوا فيه فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً، قال: الهزل و الكذب.

سورة الغاشية(88): الآيات 13 الي 26 ..... ص : 644

قوله تعالى:

فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ [13- 26] 11568/ [1]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا سعيد بن محمد، عن

موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى: فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ، ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد و الدر و الياقوت، تجري من تحتها الأنهار وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ يريد الأباريق التي ليس لها آذان.

11569/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ، قال: البسط و الوسائد وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ، قال: كل شي ء خلقه الله في الجنة له مثال في الدنيا إلا الزرابي فإنه لا يدرى ما هي.

11570/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: و رجع إلى رواية عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى:

__________________________________________________

8- رجال الكشي: 460/ 874. [.....]

9- تفسير القمي 2: 418.

1- تفسير القمي 2: 418.

2- تفسير القمي 2: 418.

3- تفسير القمي 2: 418.

(1) في المصدر: ترضى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 645

أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ يريد الأنعام، قوله تعالى: وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَ إِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ، يقول [الله عز و جل: هل يقدر أحد أن يخلق مثل الإبل، و يرفع مثل السماء، و ينصب مثل الجبال، و يسطح مثل الأرض غيري، أو يفعل مثل هذا الفعل [أحد] سواي؟ قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ أي فعظ- يا محمد- إنما أنت واعظ.

11571/ [4]- ثم قال علي بن إبراهيم: في قوله: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ، قال: لست بحافظ و لا كاتب عليهم.

11572/]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَ كَفَرَ: «يريد من لم يتعظ و لم يصدق «1» و جحد ربوبيتي و كفر نعمتي فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ يريد الغليظ الشديد الدائم إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ، أي

مرجعهم «2» ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ».

11573/ [6]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «يا جابر، إذا كان يوم القيامة و بعث «3» الله عز و جل الأولين و الآخرين لفصل الخطاب، دعي رسول الله (صلى الله عليه و آله) و دعي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيكسى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حلة خضراء تضي ء ما بين المشرق و المغرب، و يكسى علي (عليه السلام) مثلها، [و يكسى رسول الله (صلى الله عليه و آله) حلة وردية يضي ء لها ما بين المشرق و المغرب، و يكسى علي (عليه السلام) مثلها]، ثم يصعدان عندها، ثم يدعى بنا فيدفع إلينا حساب الناس، فنحن و الله ندخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار، ثم يدعى بالنبيين (عليهم السلام) فيقامون صفين عند عرش الله جل و عز حتى يفرغ من حساب الناس.

فإذا دخل أهل الجنة الجنة، و أهل النار النار، بعث رب العزة عليا (عليه السلام)، فأنزلهم منازلهم من الجنة و زوجهم، فعلي و الله يزوج أهل الجنة في الجنة، و ما ذاك لأحد غيره، كرامة من الله عز ذكره، [و] فضلا فضله الله [به و من به عليه، و هو و الله يدخل أهل النار النار، و هو الذي يغلق على أهل الجنة إذا دخلوا فيها أبوابا، لأن أبواب الجنة إليه، و أبواب النار إليه».

11574/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن سنان، عن سعدان، عن سماعة، قال: كنت قاعدا مع أبي الحسن الأول (عليه السلام) و

الناس في الطواف في جوف الليل، فقال لي: «يا سماعة، إلينا إياب هذا

__________________________________________________

4- تفسير القمّي 2: 419.

5- تفسير القمّي 2: 419.

6- الكافي 8: 159/ 154.

7- الكافي 8: 162/ 167.

(1) في المصدر: يصدّقك.

(2) في المصدر: يريد مصيرهم.

(3) في المصدر: جمع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 646

الخلق، و علينا حسابهم، فما كان لهم من ذنب بينهم و بين الله تعالى حتمنا على الله في تركه لنا، فأجابنا إلى ذلك، و ما كان بينهم و بين الناس استوهبناه منهم و أجابوا إلى ذلك و عوضهم الله عز و جل».

11575/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن أبي جعفر البيهقي بفيد «1» بعد منصرفي من حج بيت الله [الحرام في سنة أربع و خمسين و ثلاثمائة، قال: حدثنا «2» علي بن محمد بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا، فمن كانت مظلمته فيما بينه و بين الله عز و جل حكمنا فيها فأجابنا، و من كانت مظلمته فيما بينه و بين الناس استوهبناها منهم فوهبوها لنا، و من كانت مظلمته فيما بينه و بيننا كنا أحق من عفا و صفح».

11576/ [9]- محمد بن العباس: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان

يوم القيامة وكلنا «3» بحساب شيعتنا، فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا، فهو لهم، و ما كان للآدميين سألنا الله أن يعوضهم بدله، فهو لهم، و ما كان لنا فهو لهم». ثم قرأ: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ.

11577/ [10]- و عنه: بهذا الإسناد إلى عبد الله بن حماد، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ، قال: «إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا، فما كان لله سألناه أن يهبه لنا، فهو لهم، و ما كان لمخالفيهم فهو لهم، و ما كان لنا فهو لهم» ثم قال:

«هم معنا حيث كنا».

11578/ [11]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن جميل بن دراج، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): أحدثهم بحديث «4» جابر؟ قال: «لا تحدث به السفلة فيذيعوه، أما تقرأ إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ؟ قلت: بلى. قال: «إذا كان يوم القيامة و جمع الله الأولين و الآخرين، ولانا حساب شيعتنا، فما كان بينهم و بين الله حكمنا على الله فيه فأجاز حكومتنا، و ما كان بينهم و بين

__________________________________________________

8- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 57/ 213.

9- تأويل الآيات 2: 788/ 4. [.....]

10- تأويل الآيات 2: 788/ 5.

11- تأويل الآيات 2: 788/ 7.

(1) فيد: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة. «معجم البلدان 4: 282».

(2) زاد في المصدر: عليّ بن جعفر المدني، قال: حدّثني.

(3) في «ط، ي»: ولينا.

(4) في المصدر: بتفسير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 647

الناس استوهبناه منهم فوهبوه لنا، و ما كان

بيننا و بينهم فنحن أحق من عفا و صفح».

11579/ [12]- و عن الصادق (عليه السلام)، في قوله: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ، قال (عليه السلام):

«إذا حشر الناس في صعيد واحد، أجل الله أشياعنا أن يناقشهم في الحساب، فنقول: إلهنا، هؤلاء شيعتنا.

فيقول الله عز و جل: قد جعلت أمرهم إليكم و شفعتكم فيهم، و غفرت لمسيئهم، أدخلوهم الجنة بغير حساب».

11580/ [13]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى و الحسين بن إبراهيم بن أحمد الكاتب، قالا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا موسى بن عبد الله النخعي، قال: قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): علمني- يا بن رسول الله- قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم- ثم ذكر زيارة الجامعة لجميع الأئمة (عليهم السلام)، و قال علي (عليه السلام) فيها: «فالراغب عنكم مارق، و اللازم لكم لاحق، و المقصر في حقكم زاهق، و الحق معكم و فيكم و منكم و إليكم، و أنتم أهله و معدنه «1»، و ميراث النبوة عندكم، و إياب الخلق إليكم، و حسابهم عليكم، و فصل الخطاب عندكم».

11581/ [14]- و عنه، في (أماليه): بإسناده، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري، عن عبد الرحمن ابن أحمد التميمي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا كان يوم القيامة وكلنا بحساب شيعتنا، فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا، فهو لهم، و ما كان لنا فهو لهم» ثم

قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ».

11582/ [15]- علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «كل أمة يحاسبها إمام زمانها، و يعرف الأئمة أولياءهم و أعداءهم بسيماهم، و هو قوله تعالى: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ، [و هم الأئمة] يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ «2»، فيعطون أولياءهم كتبهم بأيمانهم، فيمرون على الصراط إلى الجنة بغير حساب، و يعطون أعدائهم كتبهم بشمالهم فيمرون إلى النار بغير حساب، فإذا نظر أولياؤهم في كتبهم يقولون لإخوانهم هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ «3»، أي مرضية، فوضع الفاعل مكان المفعول».

__________________________________________________

12- تأويل الآيات 2: 788/ 6.

13- التهذيب 6: 97/ 177.

14- الأمالي 2: 20.

15- تفسير القمّي 2: 384.

(1) زاد في المصدر: و مثواه و منتهاه.

(2) الأعراف 7: 46.

(3) الحاقة 69: 19- 21.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 649

سورة الفجر ..... ص : 649

فضلها ..... ص : 649

11583/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «اقرءوا سورة الفجر في فرائضكم و نوافلكم، فإنها سورة للحسين بن علي (عليهما السلام)، من قرأها كان مع الحسين (عليه السلام) يوم القيامة في درجته من الجنة، إن الله عزيز حكيم».

11584/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة غفر الله له بعدد من قرأها، و جعل له نورا يوم القيامة، و من كتبها و علقها على وسطه، و جامع زوجته حلالا، رزقه الله ولدا ذكرا قرة عين».

11585/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها جعل الله له نورا يوم القيامة، و من كتبها و علقها على زوجته رزقه الله ولدا

مباركا».

11586/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها عند طلوع الفجر أمن من كل شي ء إلى طلوع الفجر في اليوم الثاني، و من كتبها و علقها على وسطه ثم جامع زوجته يرزقها الله تعالى ولدا تقر به عينه و يفرح به».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 123. [.....]

2- ......

3- ......

4- خواص القرآن 14 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 650

سورة الفجر(89): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 650

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْفَجْرِ وَ لَيالٍ عَشْرٍ وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [1- 4]

11587/ [1]- شرف الدين النجفي، [قال : روي بالإسناد مرفوعا، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: وَ الْفَجْرِ الفجر هو القائم (عليه السلام): وَ لَيالٍ عَشْرٍ الأئمة (عليهم السلام) من الحسن إلى الحسن وَ الشَّفْعِ أمير المؤمنين و فاطمة (عليها السلام)، وَ الْوَتْرِ هو الله وحده لا شريك له: وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ هي دولة حبتر، فهي تسري إلى دولة «1» القائم (عليه السلام)».

11588/ [2]- محمد بن العباس: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «الشفع هو رسول الله (صلى الله عليه و آله) و علي (عليه السلام)، و الوتر هو الله الواحد القهار عز و جل».

11589/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: ليس فيها (واو) و إنما هو (الفجر و ليال عشر) قال: عشر ذي الحجة وَ الشَّفْعِ قال: ركعتان وَ الْوَتْرِ ركعة.

11590/ [4]- قال: و في حديث آخر قال: الشفع الحسن و الحسين، و الوتر أمير المؤمنين (عليهم السلام).

11591/ [5]- الشيباني في (نهج البيان)، قال: روي عن الصادق جعفر بن

محمد (عليهما السلام): «أن الشفع محمد

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 792/ 1.

2- تأويل الآيات 2: 792/ 3.

3- تفسير القمّي 2: 419.

4- تفسير القمّي 2: 419.

5- نهج البيان 3: 318 «مخطوط».

(1) في المصدر: قيام.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 651

و علي، و الوتر الله تعالى».

11592/ [6]- الطبرسي، قال: الشفع يوم النحر، و الوتر [يوم عرفة، قال: و هي رواية جابر، عن النبي (صلى الله عليه و آله).

قال: و الوجه فيه أن يوم النحر يشفع بيوم «1» نفر بعده، و ينفرد يوم عرفة، [

و قيل: الشفع يوم التروية، و الوتر يوم عرفة] و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)».

سورة الفجر(89): الآيات 5 الي 10 ..... ص : 651

قوله تعالى:

هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ- إلى قوله تعالى- وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ [5- 10] 11593/]

- علي بن إبراهيم: ثم قال تعالى: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ، يقول: لذي عقل. وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ، قال: هي ليلة جمع «2»».

11594/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: قال الله لنبيه (صلى الله عليه و آله) أَ لَمْ تَرَ أي ألم تعلم كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ، ثم مات عاد، و أهلك الله «3» قومه بالريح الصرصر.

قوله تعالى: وَ ثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ، أي حفروا الجوبة «4»، في الجبال، قوله تعالى:

وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ عمل الأوتاد التي أراد أن يصعد بها إلى السماء.

11595/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب الرازي (رضي الله عنه)، قال:

حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان الأحمر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز

وجل: وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ لأي شي ء سمي ذا الأوتاد؟ قال: «لأنه كان إذا عذب رجلا بسطه على الأرض على وجهه، و مد يديه و رجليه فأوتدها بأربعة أوتاد في الأرض، و ربما بسطه على خشب منبسط فوتد

__________________________________________________

6- مجمع البيان 10: 736.

1- تفسير القمّي 2: 419.

2- تفسير القمّي 2: 419.

3- علل الشرائع: 69/ 1.

(1) في النسخ: شفع ليوم. [.....]

(2) جمع: هو المزدلفة، سمي جمعا لاجتماع الناس به. «معجم البلدان 2: 162».

(3) في المصدر: و أهلكه اللّه و.

(4) الجوبة: الحفرة. «لسان العرب 1: 286».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 652

رجليه و يديه بأربعة أوتاد، ثم تركه على حاله حتى يموت، فسماه الله عز و جل فرعون ذا الأوتاد لذلك».

سورة الفجر(89): الآيات 14 الي 23 ..... ص : 652

قوله تعالى:

إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ- إلى قوله تعالى- وَ جِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [14- 23] 11596/ [1]- علي بن إبراهيم: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ أي حافظ قائم على كل نفس «1».

11597/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أخبرني الروح الأمين أن الله لا إله غيره، إذا وقف الخلائق و جمع الأولين و الآخرين، أتى بجهنم تقاد بألف زمام، أخذ بكل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد، و لها هدة «2» و تحطم و زفير و شهيق، و إنها لتزفر الزفرة، فلو لا أن الله عز و جل أخرها إلى الحساب لأهلكت الجمع «3»، ثم يخرج منها عنق يحيط بالخلائق، البر منهم و الفاجر، فما خلق الله عبدا من عباده، ملك و لا نبي إلا و ينادي: يا رب نفسي نفسي، و

أنت تقول: يا رب أمتي أمتي، ثم يوضع عليها صراط أدق من الشعر، و أقطع «4» من السيف، عليه ثلاث قناطر: الأولى عليها الأمانة و الرحم «5»، و الثانية عليها الصلاة، و الثالثة عليها رب العالمين لا إله غيره، فيكلفون الممر عليها، فتحبسهم الأمانة و الرحم «6»، فإن نجوا منها حبستهم الصلاة، فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين جل ذكره، و هو قوله تبارك و تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ.

و الناس على الصراط، فمتعلق تزل قدمه و تثبت قدمه، و الملائكة حولها ينادون: يا حليم يا كريم، اعف و اصفح و عد بفضلك و سلم، و الناس يتهافتون فيها كالفراش، فإذا نجا ناج برحمة الله تبارك و تعالى، نظر إليها فقال:

الحمد لله الذي نجاني منك بفضله و منه «7»».

11598/ [3]- و عنه: بإسناده عن الحجال، عن غالب بن محمد، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 420.

2- الكافي 8: 312/ 486.

3- الكافي 2: 248/ 2.

(1) في المصدر: كل ظالم.

(2) الهدّة: صوت شديد تسمعه من سقوط ركن أو حائط أو ناحية جبل. «لسان العرب 3: 432».

(3) في المصدر: الجميع.

(4) في المصدر: أحدّ.

(5) في المصدر: الرحمة.

(6) في المصدر: الرحمة و الأمانة.

(7) في المصدر: منك بعد يأس بفضله و منّه إنّ ربّنا لغفور شكور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 653

قول الله عز و جل: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ، قال: «قنطرة على الصراط، لا يجوزها عبد بمظلمة».

11599/ [4]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه الآية: وَ جِي ءَ

يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ سئل عن ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: أخبرني الروح الأمين أن الله لا إله غيره، إذا جمع الأولين و الآخرين، أتى بجهنم تقاد بألف زمام، أخذ بكل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد، و لها هدة و تغيظ و زفير، و إنها لتزفر الزفرة، فلو لا أن الله عز و جل أخرهم إلى الحساب لأهلكت الجميع «1»، ثم يخرج منها عنق يحيط [بالخلائق بالبر [منهم و الفاجر، فما خلق الله عز و جل عبدا [من عباده ملكا] و لا نبيا إلا نادى: رب نفسي نفسي، و أنت تنادي يا نبي الله: امتي امتي، ثم يوضع عليها الصراط أدق من حد السيف، عليه ثلاث قناطر: إما واحدة فعليها الأمانة و الرحم، و أما الثانية، فعليها الصلاة، و أما الأخرى فعليها عدل رب العالمين، لا إله غيره، فيكلفون الممر على الصراط، فيحبسهم الرحم و الأمانة، فإن نجوا منها [حبستهم الصلاة، فإن نجوا منها] كان المنتهى لرب العالمين جل و عز، و هو قول الله تبارك و تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ.

و الناس على الصراط، فمتعلق و قدم تزل و قدم تستمسك، و الملائكة [حولهم ينادون: يا حليم اغفر و اصفح و عد بفضلك و سلم، و الناس يتهافتون فيها كالفراش، فإذا نجا ناج برحمة الله عز و جل، نظر إليها فقال:

الحمد لله الذي نجاني منك بعد إياس بمنه و فضله، إن ربنا لغفور شكور».

و رواه علي بن إبراهيم، في (تفسيره)، قال: حدثني أبي، عن عمرو بن عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية وَ جِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ سئل عن ذلك رسول الله (صلى

الله عليه و آله)، فقال:

بذلك أخبرني الروح الأمين أن الله لا إله غيره إذا أبرز الخلائق و جمع «2» الأولين و الآخرين، أتى بجهنم تقاد بألف زمام، لكل «3» زمام مائة ألف ملك» و ذكر الحديث ببعض التغيير «4».

11600/ [5]- (تحفة الإخوان): بحذف الاسناد، عن أبي سعيد الخدري، و سلمان الفارسي، قال: لما نزلت هذه الآية تغير وجه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عرف ذلك من وجهه حتى اشتد على الصحابة و عظم عليهم ما رأوا من حاله، فانطلق بعضهم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقالوا: يا علي، لقد حدث أمر رأيناه في وجه رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قال: فأتى علي (عليه السلام) فاحتضنه من خلفه و قبل ما بين عاتقيه، ثم قال: يا نبي الله، بأبي [أنت و أمي، ما الذي حدث عندك اليوم؟».

__________________________________________________

4- أمالي الصدوق: 148/ 3. [.....]

5- تحفة الأخوان: 111.

(1) في المصدر: الجمع.

(2) في «ج»: و جميع.

(3) في المصدر: مع كل.

(4) تفسير القمي 2: 421.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 654

قال: «جاء جبرئيل، فأقرأني وَ جِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ. فقلت: و كيف يجاء بها؟ قال: يؤمر بجهنم فتقاد بسبعين ألف زمام، لكل زمام سبعون ألف ملك، في يد كل ملك مقرعة من حديد، فيقودونها بأزمتها و سلاسلها، و لها قوائم غلاظ شداد، كل قائمة مسيرة ألف سنة من سنين الدنيا، و لها ثلاثون ألف رأس، في كل رأس ثلاثون ألف فم، في كل فم ثلاثون ألف ناب، كل ناب مثل جبل أحد ثلاثون ألف مرة، كل فم له شفتان، كل واحدة مثل أطباق الدنيا، في كل شفة سلسلة يقودها سبعون ألف ملك،

كل ملك لو أمره الله أن يلتقم الدنيا كلها و السماوات كلها «1» و ما فيهن و ما بينهن، لهان ذلك عليه.

فعند ذلك تفزع جهنم و تجزع و تقاد على خوف، كل ذلك خوفا من الله تعالى، ثم تقول: أقسمت عليكم يا ملائكة ربي، هل تدرون ما يريد الله أن يفعل بي، و هل أذنبت ذنبا حتى استوجبت منه العذاب؟ فيقولون كلهم:

لا علم لنا يا جهنم. قال: فتقف و تشهق و تعلق و تضطرب، و تشرد شردة لو تركت لأحرقت الجمع، كل ذلك خوفا و فزعا من الله تعالى، فيأتي النداء من قبل الله تعالى: مهلا مهلا يا جهنم، لا بأس عليك، ما خلقتك لشي ء أعذبك به، و لكني خلقتك عذابا و نقمة على من جحدني، و أكل رزقي، و عبد غيري، و أنكر نعمتي، و اتخذ إلها من دوني.

فتقول: يا سيدي، أ تأذن لي في السجود [و الثناء عليك ؟ فيقول الله: افعلي يا جهنم، فتسجد لله رب العالمين، ثم ترفع رأسها بالتسبيح و الثناء لله رب العالمين».

قال ابن عباس (رضي الله عنه): لو سمع أحد من سكان السماوات و الأرضين زفرة من زفراتها لصعقوا و ماتوا أجمعين، و ذابوا كما يذوب الرصاص و النحاس في النار، فتقوم تمشي على قوائمها، و لها زفير و شهيق، و تخطر كما يخطر البعير الهائج، و ترمي من أفواهها و مناخرها شررا كالقصر كأنه جمالة صفر، فتغشي الخلق ظلمة دخانها حتى لم يبق أحد ينظر إلى أحد من شدة الظلام، إلا من جعل الله له نورا من صالح عمله، فيضي ء له تلك الظلمة، فتقودها الزبانية الغلاظ الشداد لا يعصون الله فيما أمرهم [و يفعلون ما يؤمرون

حتى إذا نظرت الخلائق إليها تزفر و تشهق و تفور تكاد تميز من الغيظ، ثم تقرب «2» أنيابها إلى بعض، و ترمي بشرر «3» عدد نجوم السماء، كل شرارة بقدر السحابة العظيمة، فتطير منها الأفئدة، و ترجف منها القلوب، و تذهل الألباب، و تحسر الأبصار، و ترتعد الفرائص.

ثم تزفر الثانية، فلم يبق قطرة في عين مخلوق إلا و انهملت و انسكبت، فتبلغ القلوب الحناجر من الكرب، و يشتد الفزع، ثم تزفر الثالثة فلو كاƠكل نبي عمل عمل سبعين نبيا لظن أنه مواقعها، و لم يجد عنها مصرفا، فلم يبق حينئذ نبي مرسل و لا ملك مقرب و لا ولي منتجب إلا و جثا على ركبتيه، و بلغت نفسه تراقيه، ثم يعرض لها محمد (صلى الله عليه و آله)، فتقول: ما لي و ما لك- يا محمد- فقد حرم الله لحمك علي، فلا يبقى يومئذ أحد إلا قال: نفسي نفسي، إلا نبينا محمد (صلى الله عليه و آله)، فإنه يقول: «أمتي أمتي، وعدك وعدك يا من لا يخلف الميعاد».

__________________________________________________

(1) في المصدر: يلتقم السماوات و الأرضين.

(2) زاد في المصدر: بعض.

(3) زاد في المصدر: كالقصر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 655

11601/ [6]- الطبرسي: روي مرفوعا عن أبي سعيد الخدري، قال: لما نزلت هذه الآية تغير وجه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عرف ذلك في وجهه حتى اشتد على أصحابه ما رأوا من حاله، فانطلق بعضهم إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقالوا: « [يا علي، لقد حدث أمر قد رأيناه في نبي الله (صلى الله عليه و آله)]، فجاء علي (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاحتضنه من خلفه، و

قبل ما بين عاتقيه، ثم قال: «يا نبي الله بأبي أنت و أمي، ما الذي حدث اليوم؟». قال (صلى الله عليه و آله): «جاء جبرئيل (عليه السلام) فأقرأني وَ جِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ فقلت: و كيف يجاء بها؟

قال: يجي ء بها سبعون ألف ملك، يقودونها بسبعين ألف زمام، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع، ثم أتعرض أنا لها، فتقول: ما لي و ما لك يا محمد، فقد حرم الله لحمك علي، فلا يبقى يومئذ أحد إلا قال: نفسي نفسي، و إن محمدا يقول: رب أمتي أمتي».

11602/ [7]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ. أي امتحنه بالنعمة فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ أي امتحنه فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ أي أفقره فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ.

11603/ [8]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، عن الرضا (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ: «أي ضيق [و قتر]».

11604/ [9]- علي بن إبراهيم، قال: قوله تعالى: كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ. أي لا تدعون، و هم الذين غصبوا آل محمد حقهم، و أكلوا أموال اليتامى و فقراءهم و أبناء سبيلهم، ثم قال: وَ تَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا أي و حدكم وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا أي تكنزونه و لا تنفقونه في سبيل الله.

11605/ [10]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا، قال: «هي الزلزلة» و قال ابن

عباس: فتت فتا.

11606/ [11]- ثم قال علي بن إبراهيم: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا قال: اسم الملك واحد، و معناه جمع.

__________________________________________________

6- مجمع البيان 10: 741.

7- تفسير القمّي 2: 420.

8- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 201/ 1.

9- تفسير القمّي 2: 420.

10- تفسير القمّي 2: 420.

11- تفسير القمّي 2: 421. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 656

11607/1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس «1» المعاذي، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسين بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فقال: «إن الله عز و جل لا يوصف بالمجي ء و الذهاب، تعالى الله عن الانتقال، إنما يعني بذلك و جاء أمر ربك و الملك صفا صفا».

11608/ [13]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن هارون بن الصلت الأهوازي، عن ابن عقدة، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا داود بن سليمان، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هل تدرون ما تفسير هذه الآية: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا؟ قال: إذا كان يوم القيامة تقاد جهنم بسبعين ألف زمام بيد سبعين ألف ملك، فتشرد شردة لو لا أن الله تعالى حبسها لأحرقت السماوات و الأرض».

سورة الفجر(89): الآيات 25 الي 26 ..... ص : 656

قوله تعالى:

فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ [25- 26]

11609/ [1]- شرف الدين النجفي، قال: روى عمر

بن أذينة، عن معروف بن خربوذ، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا بن خربوذ، أ تدري ما تأويل هذه الآية فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ؟» قلت: لا. قال: «ذلك الثاني، لا يعذب الله يوم القيامة عذابه أحد».

11610/ [2]- علي بن إبراهيم، قوله: فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ، قال: هو الثاني.

__________________________________________________

12- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 125/ 19.

13- الأمالي 1: 346.

1- تأويل الآيات 2: 795/ 5.

2- تفسير القمّي 2: 421.

(1) في المصدر: محمد بن أحمد بن إبراهيم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 657

سورة الفجر(89): الآيات 27 الي 30 ..... ص : 657

قوله تعالى:

يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ- إلى قوله تعالى- وَ ادْخُلِي جَنَّتِي [27- 30] 11611/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: إذا حضر المؤمن الوفاة، نادى مناد من عند الله: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ بولاية علي ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً المطمئنة بولاية علي مرضية بالثواب، فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي فلا يكون له همة إلا اللحوق بالنداء.

11612/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً: «يعني الحسين بن علي (عليه السلام)».

11613/ [3]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن سدير الصيرفي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، جعلت فداك، يا بن رسول الله، هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ قال: «لا و الله، إنه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع

عند ذلك، فيقول [له ملك الموت: يا ولي الله، لا تجزع، فو الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) لأنا أبر بك و أشفق عليك من والد رحيم لو حضرك، افتح عينيك فانظر، قال: و يمثل له رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أمير المؤمنين، و فاطمة الزهراء، و الحسن، و الحسين، و الأئمة من ذريتهم (عليهم السلام)، فيقال له: هذا رسول الله و أمير المؤمنين، و فاطمة الزهراء، و الحسن و الحسين و الأئمة (عليهم السلام) رفقاؤك.

قال: فيفتح عينيه، فينظر فينادي روحه مناد من قبل رب العزة، فيقول: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، إلى محمد و أهل بيته ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً بالولاية مَرْضِيَّةً بالثواب فَادْخُلِي فِي عِبادِي يعني محمدا و أهل بيته وَ ادْخُلِي جَنَّتِي فما شي ء أحب إليه من استلال روحه و اللحوق بالمنادي».

11614/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب:

عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي، قال: «نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

11615/ [5]- شرف الدين النجفي، قال: روى الحسن بن محبوب بإسناده، عن صندل، عن داود بن فرقد،

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 422.

2- تفسير القمّي 2: 422.

3- الكافي 3: 127/ 2.

4- تأويل الآيات 2: 795/ 6.

5- تأويل الآيات 2: 796/ 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 658

قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «اقرءوا سورة الفجر في فرائضكم و نوافلكم، فإنها سورة الحسين بن علي، و ارغبوا فيها رحمكم الله، فقال له

أبو أسامة و كان حاضر المجلس: كيف صارت هذه السورة للحسين (عليه السلام) خاصة؟

فقال: «ألا تسمع إلى قوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي؟ إنما يعني الحسين بن علي (عليهما السلام)، فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية و أصحابه من آل محمد (صلوات الله عليهم) الراضون عن الله يوم القيامة و هو راض عنهم، و هذه السورة [نزلت في الحسين بن علي (عليهما السلام) و شيعته، و شيعة آل محمد خاصة، من أدمن قراءة الفجر كان مع الحسين (عليه السلام) في درجته في الجنة، إن الله عزيز حكيم».

11616/ [6]- ابن بابويه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن عباد بن سليمان، عن سدير الصيرفي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، يا بن رسول الله، هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ قال: «لا، إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع لذلك، فيقول له ملك الموت: يا ولي الله، لا تجزع، فو الذي بعث محمدا بالحق نبيا، لأنا أبر بك و أشفق عليك من الوالد البر الرحيم بولده، افتح عينيك و انظر، قال: فيمثل له رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين، و فاطمة، و الحسن، و الحسين، و الأئمة من ذريتهم (صلوات الله عليهم) فيقول: هؤلاء رفقاؤك، فيفتح عينيه و ينظر إليهم، ثم تنادى نفسه «1»: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إلى محمد و أهل بيته ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً بالولاية مَرْضِيَّةً بالثواب فَادْخُلِي فِي عِبادِي يعني محمدا و أهل بيته وَ ادْخُلِي جَنَّتِي فما من شي ء أحب إليه من استلال «2» روحه و اللحوق بالمنادي».

__________________________________________________

6- فضائل الشيعة:

67/ 24.

(1) في المصدر: و ينظر و ينادي روحه مناد من قبل العرش.

(2) في المصدر: انسلال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 659

سورة البلد ..... ص : 659

فضلها ..... ص : 659

11617/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كان قراءته في فريضة لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ كان في الدنيا معروفا أنه من الصالحين، و كان في الآخرة معروفا أن له من الله مكانا، و كان يوم القيامة من رفقاء النبيين و الشهداء و الصالحين».

11618/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله تعالى الأمان من غضبه يوم القيامة، و نجاه من صعود العقبة الكؤود، و من كتبها و علقها على الطفل، أو ما يولد، أمن عليه من كل ما يعرض للأطفال».

11619/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها نجاه الله تعالى يوم القيامة من صعوبة العقبة، و من كتبها و علقها على مولود أمن من كل آفة و من بكاء الأطفال، و نجاه الله من أم الصبيان «1»».

11620/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا علقت على الطفل أمن من النقص، و إذا سعط من مائها أيضا برى ء مما يؤلم الخياشم، و نشأ نشوءا صالحا».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 123. [.....]

2- ......

3- .....

4- خواص القرآن: 14 «مخطوط».

(1) و هي ريح تعرض لهم. «مجمع البحرين 1: 260».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 660

سورة البلد(90): الآيات 1 الي 20 ..... ص : 660

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ- إلى قوله تعالى- عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ [1- 20] 11621/ [1]- علي بن إبراهيم: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ، [و البلد مكة] وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ، قال:

كانت قريش لا يستحلون أن يظلموا أحدا في هذا البلد، و يستحلون ظلمك فيه وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، قال: آدم و ما ولد من

الأنبياء و الأوصياء لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ، قال: منتصبا، و لم يخلق مثله شي ء أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً قال: اللبد: المجتمع.

11622/ [2]- و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً، قال:

«هو عمرو بن عبدود حين عرض عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) الإسلام يوم الخندق، و قال: فأين ما أنفقت فيكم مالا لبدا؟ و كان أنفق مالا في الصد عن سبيل الله، فقتله علي (عليه السلام)».

11623/ [3]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ «1»، قال: «كان أهل الجاهلية يحلفون بها، فقال الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، قال: عظم أمر من يحلف بها، قال: و كانت الجاهلية يعظمون المحرم و لا يقسمون به و لا بشهر رجب، و لا يعرضون فيهما لمن كان فيهما ذاهبا أو جائيا، و إن كان قد قتل أباه، و لا لشي ء [يخرج من الحرم، دابة أو شاة أو بعير أو غير ذلك، فقال الله عز و جل: [لنبيه (صلى الله عليه و آله)] لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ، قال: فبلغ من جهلهم أنهم استحلوا قتل النبي (صلى الله عليه و آله)! و عظموا أيام

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 422.

2- تفسير القمّي 2: 422.

3- الكافي 7: 450/ 4.

(1) الواقعة 56: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 661

الشهر حيث يقسمون به فيفون».

11624/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل

بن مرار، عن بعض أصحابنا، قال: سألته عن قول الله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ «1»، قال: «عظم إثم من يحلف بها، قال: و كان أهل الجاهلية يعظمون الحرم و لا يقسمون به، و يستحلون حرمة الله فيه، و لا يعرضون لمن كان فيه، و لا يخرجون منه دابة، فقال الله تبارك و تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، قال: يعظمون البلد أن يحلفوا به، و يستحلون فيه حرمة رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

11625/ [5]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، رفعه، في قوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، قال: «أمير المؤمنين و ما ولد من الأئمة (عليهم السلام)».

11626/ [6]- محمد بن العباس: عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إبراهيم بن صالح الأنماطي، عن منصور، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ، قال: «يعني رسول الله (صلى الله عليه و آله)». قلت: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ؟ قال: «علي و ما ولد».

11627/ [7]- و عنه: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حصين، «2» عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، [قال : «يعني عليا و ما ولد من الأئمة (عليهم السلام)».

11628/ [8]- و عنه: عن الحسين بن أحمد، عن محمد

بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الله بن محمد، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال لي: «يا أبا بكر، قول الله عز و جل: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ هو علي بن أبي طالب، و ما ولد الحسن و الحسين (عليهم السلام)».

11629/ [9]- المفيد في (الاختصاص): عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني إسماعيل بن يسار، قال:

حدثني علي بن جعفر الحضرمي، عن سليم بن قيس الشامي، أنه سمع عليا (عليه السلام) يقول: «إني و أوصيائي من ولدي أئمة مهتدون، كلنا محدثون».

__________________________________________________

4- الكافي 7: 450/ 5.

5- الكافي 1: 342/ 11.

6- تأويل الآيات 2: 2: 798/ 2.

7- تأويل الآيات 2: 2: 797/ 1.

8- تأويل الآيات 2: 798/ 3.

9- الاختصاص: 329. [.....]

(1) الواقعة 56: 75.

(2) في «ج»: عبد اللّه بن حسين، و في المصدر: عبد اللّه بن حضيرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 662

قلت: يا أمير المؤمنين، من هم؟ قال: «الحسن و الحسين، ثم ابني علي بن الحسين- قال: و علي يومئذ رضيع- ثم ثمانية من بعده واحدا بعد واحد، و هم الذين أقسم الله بهم، فقال: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، أما الوالد فرسول الله (صلى الله عليه و آله)، و ما ولد يعني هؤلاء الأوصياء».

فقلت: يا أمير المؤمنين، أ يجتمع إمامان؟ فقال: «لا، إلا و أحدهما مصمت لا ينطق حتى يمضي الأول».

قال سليم: سألت محمد بن أبي بكر، فقلت: أ كان علي (عليه السلام) محدثا؟ فقال: نعم، [قلت : أ يحدث الملائكة الأئمة؟ فقال: أو ما تقرأ: (و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي «1» و لا محدث)؟ قلت: فأمير المؤمنين (عليه السلام) محدث؟ فقال: نعم،

و فاطمة كانت محدثة، و لم تكن نبية.

11630/ [10]- ابن شهر آشوب: عن بعض الأئمة (عليهم السلام): لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ، قال: «أمير المؤمنين و ما ولد من الأئمة (عليهم السلام)».

11631/ [11]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن الحسن «2»، في قوله سبحانه و تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ: لا أعلم خليقة تكابد من الأمر ما يكابد الإنسان، يكابد مضائق الدنيا و شدائد الآخرة.

11632/1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نرى الدواب في بطن أيديها الرقعتين مثل الكي، فمن أي شي ء ذلك؟ فقال:

«ذلك موضع منخريه في بطن امه، و ابن آدم منتصب في بطن امه، و ذلك قول الله عز و جل: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ، و ما سوى ابن آدم فرأسه في دبره، و يداه بين يديه».

11633/ [13]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن عباد، عن الحسين بن أبي يعقوب، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ: «يعني نعثل في قتله بنت النبي (صلى الله عليه و آله): يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً يعني الذي جهز به النبي (صلى الله عليه و آله) في جيش العسرة أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قال: فساد كان في نفسه، أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ، يعني

رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ لِساناً يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ شَفَتَيْنِ يعني الحسن و الحسين (عليهما السلام) وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ إلى ولايتهما فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ يقول: ما أعلمك؟ و كل شي ء في القرآن (ما أدراك) فهو ما أعلمك؟ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ يعني

__________________________________________________

10- المناقب 3: 105.

11- ربيع الأبرار 3: 394.

12- علل الشرائع: 4995/ 1.

13- تفسير القمّي 2: 423.

(1) الحج 22: 52.

(2) زاد في النسخ: (عليه السلام)، و الظاهر أن المراد به الحسن بن يسار، أبو سعيد البصري، انظر المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 663

رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و المقربة قرباه أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ يعني أمير المؤمنين متربا بالعلم».

11634/ [14]- الحسين بن حمدان الخصيبي، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن محمد الأهوازي- و كان عالما بأخبار أهل البيت (عليهم السلام)- قال: حدثني محمد بن سنان الزهري، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان السبب في تزويج رقية من عثمان أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) نادى في أصحابه:

من جهز جيش العسرة و حفر بئر رومة «1» و أنفق عليهما من ماله، ضمنت له على الله بيتا في الجنة، فأنفق عثمان على الجيش و البئر، فصار له البيت في الجنة، فقال عثمان بن عفان: [أنا] أنفق عليهما من مالي، و تضمن لي البيت في الجنة؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنفق- يا عثمان- عليهما، و أنا الضامن [لك على الله بيتا في الجنة، فأنفق عثمان على الجيش و البئر، فصار له البيت «2» في ضمان رسول

الله (صلى الله عليه و آله) فألقي في قلب عثمان أن يخطب رقية، فخطبها من رسول الله، فقال: إن رقية تقول لا تزوجك نفسها إلا بتسليم البيت الذي ضمنته لك [عند الله عز و جل في الجنة إليها بصداقها، و إني أبرأ من ضماني لك البيت في الجنة «3». فقال عثمان: أفعل، يا رسول الله. فزوجها إياه، و أشهد في الوقت أنه (صلى الله عليه و آله) قد برى ء من ضمان البيت لعثمان، و أن البيت لرقية دونه، لا رجعة لعثمان على رسول الله في البيت، عاشت رقية أو ماتت، ثم إن رقية توفيت قبل أن تجتمع و عثمان».

11635/ [15]- الشيخ في (مجالسه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن ابن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ، قال: « [نجد] الخير و الشر».

11636/ [16]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن بكير، عن حمزة بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ، قال: «نجد الخير و نجد الشر».

11637/ [17]- علي بن إبراهيم: [في قوله تعالى: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ، قال: بينا له طريق الخير و الشر.

__________________________________________________

14- الهداية الكبرى: 39.

15- الأمالي 2: 274.

16-

الكافي 1: 124/ 4.

17- تفسير القمّي 2: 422.

(1) و هي في عقيق المدينة. «معجم البلدان 1: 299».

(2) في المصدر: و البئر من ماله طمعا. [.....]

(3) زاد في المصدر: بتسليمه إليها، إن ماتت رقية عاشت.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 664

11638/ [18]- الحسن بن أبي الحسن الديلمي في (تفسيره): حديث مسند يرفع إلى أبي يعقوب الأسدي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَ لِساناً وَ شَفَتَيْنِ، قال: «العينان: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و اللسان: أمير المؤمنين، و الشفتان: الحسن و الحسين (عليهم السلام)».

و قد سبقت رواية بهذا المعنى في الآية السابقة «1».

11639/ [19]- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن يونس، قال: أخبرني من رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ: «يعني بقوله: فَكُّ رَقَبَةٍ ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإن ذلك فك رقبة».

11640/ [20]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن معمر بن خلاد، قال: كان أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إذا أكل أتي بصحفة، فتوضع بقرب مائدته، فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤتي به، فيأخذ من كل شي ء شيئا، فيوضع في تلك الصحفة، ثم يأمر بها للمساكين، ثم يتلو هذه الآية: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ثم يقول: «علم الله عز و جل أنه ليس كل إنسان يقدر على عتق رقبة، فجعل لهم سبيلا إلى الجنة».

11641/ [21]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن محمد بن عمر بن

يزيد، قال: أخبرت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) أني أصبت بابنين و بقي لي ابن صغير، فقال: «تصدق عنه» ثم قال حين حضر قيامي: «مر الصبي فليتصدق بيده بالكسرة و القبضة و الشي ء و إن قل، فإن كل شي ء يراد به الله و إن قل بعد أن تصدق النية [فيه عظيم، إن الله عز و جل يقول: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «2»، و قال: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ علم الله عز و جل أن كل أحد لا يقدر على فك رقبة، فجعل إطعام اليتيم و المسكين مثل ذلك تصدقا عنه».

11642/ [22]- و عنه: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك [قوله : فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ؟ فقال: «من أكرمه الله بولايتنا، فقد جاز العقبة، و نحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا».

__________________________________________________

18- تأويل الآيات 2: 798/ 4.

19- الكافي 1: 349/ 49.

20- الكافي 4: 52/ 12.

21- الكافي 4: 4/ 10.

22-- الكافي 1: 357/ 88.

(1) تقدّمت في الحديث (13).

(2) الزلزلة 99: 7، 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 665

قال: فسكت، فقال: «هل أفيدك حرفا، خير «1» [لك من الدنيا و ما فيها؟». قلت: بلى جعلت فداك. قال:

«قوله: فَكُّ رَقَبَةٍ» ثم قال: «الناس كلهم عبيد النار غيرك و أصحابك، فإن الله فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت».

و رواه ابن بابويه، في (بشارات الشيعة) عن أبيه،

قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني عباد بن سليمان، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: جعلت فداك فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ و ذكر الحديث بعينه «2».

11643/ [23]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أطعم مؤمنا حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله ما له من الأجر في الآخرة، لا ملك مقرب، و لا نبي مرسل، إلا الله رب العالمين». ثم قال: «من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان» ثم قرأ قول الله عز و جل: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ.

11644/ [24]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد «3»، قال: حدثنا عبد الله بن موسى، عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَكُّ رَقَبَةٍ، قال: «بنا تفك الرقاب، و بمعرفتنا، و نحن المطعمون في يوم الجوع و هو المسغبة».

11645/ [25]- محمد بن العباس: عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن يونس بن زهير، عن أبان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، فقال: «يا أبان، هل بلغك من أحد فيها شي ء؟» فقلت: لا، فقال: «نحن العقبة، فلا يصعد إلينا إلا من كان منا».

ثم قال: «يا أبان، ألا أزيدك فيها حرفا، خير لك من الدنيا و ما فيها؟». قلت: بلى. قال: «فَكُّ رَقَبَةٍ، الناس مماليك النار كلهم غيرك و غير أصحابك،

فككم الله منها». قلت: بما فكنا منها؟ قال: «بولايتكم أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام)».

11646/ [26]- و عنه: عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن عمر، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَكُّ رَقَبَةٍ، قال: «الناس كلهم عبيد النار إلا من دخل في طاعتنا و ولايتنا، فقد فك رقبته من النار، و العقبة: ولايتنا».

__________________________________________________

23- الكافي 2: 161/ 6.

24- تفسير القمّي 2: 423.

25- تأويل الآيات 2: 799/ 5.

26- تأويل الآيات 2: 799/ 6.

(1) أي هو خير.

(2) فضائل الشيعة: 63/ 19. [.....]

(3) في «ج»: جعفر بن محمّد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 666

11647/ [27]- و عنه، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد الطبري، بإسناده، عن محمد بن الفضيل، عن أبان بن تغلب، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ فضر بيده على صدره، و قال: «نحن العقبة التي من اقتحمها نجا». ثم سكت، ثم قال [لي : «ألا أفيدك كلمة خير لك من الدنيا و ما فيها» و ذكر الحديث الذي تقدم.

11648/ [28]- و عنه: عن محمد بن القاسم، عن عبيد بن كثير، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن الفضيل، عن أبان بن تغلب، عن الإمام جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قوله عز و جل: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، قال: «نحن العقبة، و من اقتحمها نجا، بنا فك الله رقابكم من النار».

11649/ [29]- ابن شهر آشوب: عن محمد بن الصباح الزعفراني، عن المزني، عن الشافعي، عن مالك، عن حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و

آله)، في قوله تعالى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ: «إن فوق الصراط عقبة كؤودا، طولها ثلاثة آلاف عام، ألف عام هبوط، و ألف عام شوك و حسك و عقارب و حيات، و ألف عام صعود، أنا أول من يقطع تلك العقبة، و ثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب (عليه السلام)». و قال بعد كلام: «لا يقطعها في غير مشقة إلا محمد و أهل بيته» الخبر.

11650/ [30]- و عن الباقر (عليه السلام): «نحن العقبة التي من اقتحمها نجا». ثم [قال : «فَكُّ رَقَبَةٍ الناس كلهم عبيد النار ما خلا نحن و شيعتنا، فك الله رقابهم من النار».

11651/ [31]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ، قال: العقبة:

الأئمة، من صعدها فك رقبته من النار أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ قال: لا يقيه من التراب شي ء.

11652/ [32]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ قال: أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا قال: الذين خالفوا أمير المؤمنين (عليه السلام) هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ، و قال:

أصحاب المشأمة: أعداء آل محمد عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ أي مطبقة.

11653/ [33]- كتاب (صفة الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل، يصف فيه أهل النار- و في الحديث: «ثم يعلق على كل غصن من الزقوم سبعون ألف رجل، ما ينحني و لا ينكسر، فتدخل النار من أدبارهم، فتطلع على الأفئدة».

__________________________________________________

27- تأويل الآيات 2: 800/ 7.

28- تأويل الآيات 2: 2: 800/ 8.

29- المناقب 2: 155.

30- المناقب 2: 155.

31- تفسير القمّي 2: 423.

32- تفسير القمّي 2: 423.

33- الاختصاص: 364.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 5، ص: 667

و في آخر الحديث: «و هي عليهم مؤصدة، أي مطبقة».

و سيأتي- إن شاء الله- الحديث بزيادة في قوله تعالى: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، من سورة الهمزة «1».

11654/3]

- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني، عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريح، عن عطاء عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ على فرائض الله عز و جل: وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ فيما بينهم، و لا يقبل هذا إلا من مؤمن.

__________________________________________________

34- تفسير القمّي 2: 423.

(1) يأتي في الحديث (4) من تفسير سورة الهمزة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 669

سورة الشمس ..... ص : 669

فضلها ..... ص : 669

11655/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أكثر قراءة (و الشمس) و (و الليل إذا يغشى) و (و الضحى) و (ألم نشرح) في يوم أو ليلة، لم يبق شي ء بحضرته إلا شهد له يوم القيامة، حتى شعره و بشره و لحمه و دمه و عروقه و عصبه و عظامه، و كل ما أقلته الأرض معه، و يقول الرب تبارك و تعالى: قبلت شهادتكم لعبدي، و أجزتها «1» له، انطلقوا به إلى جناني حتى يتخير منها حيث ما أحب، فأعطوه [إياها] من غير من، و لكن رحمة مني و فضلا عليه، و هنيئا لعبدي».

11656/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة، فكأنما تصدق على من طلعت عليه الشمس و القمر، و من كان قليل التوفيق فليدمن قراءتها، فيوفقه الله تعالى أينما يتوجه، و فيها زيادة حفظ و قبول عند جميع الناس و رفعة».

11657/

[3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كان قليل التوفيق فليدمن قراءتها، يوفقه الله أينما توجه، و فيها منافع كثيرة، و حفظ و قبول عند جميع الناس».

11658/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «يستحب لمن يكون قليل الرزق و التوفيق كثير الخسران و الحسرات أن يدمن في قراءتها، يصيب فيها زيادة و توفيقا، و من شرب ماءها أسكن عنه الرجف بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 123.

2- .........

3- .........

4- خواص القرآن: 14 «مخطوط». [.....]

(1) في «ط»: أخرتها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 670

سورة الشمس(91): الآيات 1 الي 15 ..... ص : 670

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها- إلى قوله تعالى- وَ لا يَخافُ عُقْباها [1- 15]

11659/ [1]- محمد بن يعقوب: عن جماعة، عن سهل، عن محمد، عن أبيه، عن أبي محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها، قال: «الشمس: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، به أوضح الله عز و جل للناس دينهم».

قال: قلت: وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها؟ قال: «ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام)، تلا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و نفثه بالعلم نفثا».

قال: قلت: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها؟ قال: «ذاك أئمة الجور الذين استبدوا بالأمر دون آل الرسول (صلى الله عليه و آله)، و جلسوا مجلسا كان آل الرسول أولى به منهم، فغشوا دين الله بالجور و الظلم، فحكى الله فعلهم، فقال: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها».

قال: فقلت: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها؟ قال: «ذاك الإمام من ذرية فاطمة (عليها السلام)، يسأل عن دين رسول «1» الله (صلى الله عليه و آله)، فيجليه لمن يسأل، فحكي الله عز و جل قوله «2»: وَ

النَّهارِ إِذا جَلَّاها».

11660/ [2]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرني أبي، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها، قال: «الشمس: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، أوضح الله به للناس دينهم».

__________________________________________________

1- الكافي 8: 50/ 12.

2- تفسير القمّي 2: 424.

(1) (رسول) لس في «ج، ي».

(2) زاد في المصدر: فقال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 671

قلت: وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها؟ قال: «ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قلت: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها؟ قال: «ذاك أئمة الجور، الذين استبدوا بالأمر دون آل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و جلسوا مجلسا كان آل رسول الله (صلى الله عليه و آله) أولى به منهم، فغشوا دين رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالظلم و الجور، و هو قوله: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها». قال: «يغشى ظلمهم ضوء النهار».

قلت: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها؟ قال: «ذاك الامام من ذرية فاطمة (عليها السلام)، يسأل عن دين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيجلى لمن يسأله، فحكى الله قوله: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها».

11661/ [3]- محمد بن العباس: عن محمد بن القاسم، عن جعفر بن عبد الله «1»، عن محمد بن عبد الله «2»، عن محمد بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الله، عن أبي جعفر القمي، عن محمد بن عمر، عن سليمان الديلمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها، قال: «الشمس رسول الله (صلى الله عليه و آله) أوضح للناس دينهم».

قلت: وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها؟ قال: «ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام)، تلا رسول

الله (صلى الله عليه و آله)».

قلت: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها؟ قال: «ذاك الإمام من ذرية فاطمة نسل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيجلي ظلام الجور و الظلم، فحكى الله سبحانه عنه، فقال: وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها يعني به القائم (عليه السلام)».

قلت: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها؟ قال: «ذاك أئمة الجور، الذين استبدوا بالأمور دون آل الرسول و جلسوا مجلسا كان آل الرسول أولى به منهم، فغشوا دين الله بالجور و الظلم، فحكى الله سبحانه فعلهم فقال: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها».

11662/ [4]- و عنه: عن محمد بن أحمد الكاتب، عن الحسين بن بهرام، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «مثلي فيكم مثل الشمس، و مثل علي مثل القمر، فإذا غابت الشمس فاهتدوا بالقمر».

11663/ [5]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن حماد، بإسناده إلى مجاهد، عن ابن عباس، في قول الله عز و جل: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها، قال: هو النبي (صلى الله عليه و آله) وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها، قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها، [قال : الحسن و الحسين (عليهما السلام) وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها بنو أمية.

ثم

قال ابن عباس: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «بعثني الله نبيا، فأتيت بني أمية، فقلت: يا بني أمية، إني رسول الله إليكم، قالوا: كذبت، ما أنت برسول، ثم أتيت بني هاشم، فقلت: إني رسول الله إليكم، فآمن بي علي بن

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 805/ 3.

4- تأويل الآيات 2: 806/ 5.

5- تأويل الآيات 2: 806/ 6.

(1) في «ج»: جعفر بن محمّد بن عبد اللّه.

(2) (عن محمّد بن عبد

اللّه) ليس في «ج، ي».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 672

أبي طالب (عليه السلام) سرا و جهرا، و حماني أبو طالب جهرا، و آمن بي سرا، ثم بعث الله جبرئيل (عليه السلام) بلوائه، فركزه في بني هاشم، و بعث إبليس بلوائه فركزه في بني أمية، فلا يزالون أعداءنا، و شيعتهم أعداء شيعتنا إلى يوم القيامة».

11664/ [6]- شرف الدين النجفي، قال: روى علي بن محمد، عن أبي جميلة، عن الحلبي، و رواه أيضا علي ابن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الفضل أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها: «الشمس: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ضحاها: قيام القائم (عليه السلام)، لأن الله سبحانه قال: وَ أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى «1»، وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها الحسن و الحسين (عليهما السلام) وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها هو قيام القائم (عليه السلام) وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها حبتر و دولته، قد غشى عليه الحق».

و أما قوله: وَ السَّماءِ وَ ما بَناها، قال: «هو محمد (عليه و آله السلام)، هو السماء الذي يسمو إليه الخلق في العلم» و قوله: وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها، قال: «الأرض: الشيعة» وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها، قال: «هو المؤمن المستور و هو على الحق» و قوله: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها، قال: «عرفت «2» الحق من الباطل، فذلك قوله: وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها» قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، قال: «قد أفلحت نفس زكاها الله وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها الله».

و قوله: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها، قال: «ثمود: رهط من الشيعة، فإن الله سبحانه يقول: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ «3» و هو السيف إذا

قام القائم (عليه السلام)، و قوله تعالى: فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ [هو النبي (صلى الله عليه و آله)]». ناقَةَ اللَّهِ وَ سُقْياها، قال:

«الناقة: الإمام الذي فهم عن الله [و فهم عن رسوله ، و سقياها، أي عنده مستقى العلم». فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها قال: «في الرجعة» وَ لا يَخافُ عُقْباها، قال: «لا يخاف من مثلها إذا رجع».

11665/ [7]- علي بن إبراهيم: قوله: وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها، قال: خلقها و صورها، و قوله: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها أي عرفها و ألهمها ثم خيرها فاختارت.

11666/ [8]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها، قال:

«بين لها ما تأتي و ما تترك».

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 2: 803/ 1.

7- تفسير القمّي 2: 424.

8- الكافي 1: 124/ 3.

(1) طه 20: 59. [.....]

(2) في المصدر: عرفه.

(3) فصلت 41: 17.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 673

11667/ [9]- علي بن إبراهيم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها يعني نفسه، طهرها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها أي أغواها.

11668/ [10]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد الله، قال: حدثنا الحسن بن جعفر، قال: حدثنا عثمان بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن عبيد الله الفارسي، قال: حدثنا محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، قال: «أمير المؤمنين (عليه السلام) زكاه ربه». وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها، قال: «هو الأول و الثاني في بيعتهما إياه «1»».

11669/ [11]- ثم قال علي بن إبراهيم:

و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى:

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها يقول: «الطغيان حمله «2» على التكذيب».

11670/ [12]- و قال علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها، قال:

الذي عقر الناقة، قوله: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها، قال: أخذهم بغتة و غفلة بالليل وَ لا يَخافُ عُقْباها، قال: من بعد هؤلاء الذين أهلكناهم لا تخافوا.

11671/ [13]- ابن شهر آشوب: عن أبي بكر بن مردويه في (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، و أبو بكر الشيرازي في (نزول القرآن): أنه قال سعيد بن المسيب: كان علي (عليه السلام) يقرأ «إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها فو الذي نفسي بيده لتخضبن هذه من هذا «3»».

11672/ [14]- و روى الثعلبي و الواحدي، بإسنادهما، عن عمار و عن عثمان بن صهيب، و عن الضحاك، و روى ابن مردويه بإسناده، عن جابر بن سمرة، و عن صهيب، و عن عمار، و عن ابن عدي، و عن الضحاك، و روي الخطيب في (التاريخ) عن جابر بن سمرة، و روى الطبري و الموصلي، عن عمار، و روى أحمد بن حنبل، عن الضحاك، أنه قال: قال النبي (صلى الله عليه و آله): «يا علي، أشقى الأولين عاقر الناقة، و أشقى الآخرين قاتلك»

و

في رواية: «من يخضب هذه من هذا».

11673/ [15]- ابن عباس، قال: كان عبد الرحمن بن ملجم من ولد قدار عاقر ناقة صالح، و قصتهما واحدة،

__________________________________________________

9- تفسير القمّي 2: 424.

10- تفسير القمّي 2: 424.

11- تفسير القمّي 2: 424.

12- تفسير القمّي 2: 424.

13- المناقب 3: 309.

14- المناقب 3: 309.

15- المناقب 3: 309.

(1) زاد في «ط» و المصدر: حيث مسح على كفه.

(2) في المصدر: حملها.

(3) زاد في المصدر: و أشار إليه

لحيته.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 674

لأن قدار عشق امرأة يقال لها رباب، كما عشق ابن ملجم قطام.

11674/1]- و في حديث، قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «هل أخبرتك أمك أنها حملت بك و هي طامث»؟. قال: نعم. قال: «بايع» فبايع، ثم قال: «خلوا سبيله» و قد سمعه، و هو يقول: لأضربن عليا بسيفي هذا «1».

11675/ [17]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسين، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل ينسى حرفا من القرآن، فذكر و هو راكع، هل يجوز له أن يقرأ؟ قال: «لا، و لكن إذا سجد فليقرأه».

و قال: «الرجل إذا قرأ: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها فيختمها أن يقول: صدق الله و صدق رسوله، و الرجل إذا قرأ: الله خير أما يشركون «2» أن يقول: الله خير، الله خير، الله أكبر، و إذا قرأ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ «3» يقول: كذب العادلون بالله، و الرجل إذا قرأ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً «4»، أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر».

قلت: فإن لم يقل الرجل شيئا من هذا، إذا قرأ؟ قال: «ليس عليه شي ء».

__________________________________________________

16- المناقب 3: 310.

17- التهذيب 2: 297/ 1195. [.....]

(1) (و قد سمعه ... بسيقي هذا) ليس في المصدر.

(2) النمل 27: 59.

(3) الأنعام 6: 1.

(4) الإسراء 17: 111.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 675

سورة الليل ..... ص : 675

فضلها ..... ص : 675

تقدم في سورة الشمس «1»

11676/ [1]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و

آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله تعالى حتى يرضى، و أزال عنه العسر، و يسر له اليسر، و أغناه من فضله، و من قرأها قبل أن ينام خمس عشرة مرة، لم ير في منامه إلا ما يحب من الخير، و لا يرى في منامه سوءا، و من صلى بها في العشاء الآخرة كأنما صلى بربع القرآن، و قبلت صلاته».

11677/ [2]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها أعطاه الله مناه حتى يرضى، و زال عنه العسر، و سهل الله له اليسر، و من قرأها عند النوم عشرين مرة، لم ير في منامه إلا خيرا، و لم ير سوءا أبدا، و من صلى بها العشاء الآخرة فكأنما قرأ القرآن كله، و تقبل صلاته».

11678/ [3]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها خمس عشرة مرة، لم ير ما يكره، و نام بخير، و آمنه الله تعالى، و من قرأها في أذن مغشي عليه أو مصروع، أفاق من ساعته».

__________________________________________________

1- ......

2- .......

3- خواص القرآن: 14 «نحوه».

(1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الشمس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 676

سورة الليل(92): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 676

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى إلى قوله تعالى- إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [1- 4]

11679/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز و جل: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَ النَّجْمِ إِذا هَوى «1» و ما أشبه ذلك؟ فقال: «إن لله عز و جل أن يقسم من خلقه بما شاء، و ليس لخلقه أن يقسموا إلا

به».

11680/ [2]- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده، عن علي بن مهزيار، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): قول الله عز و جل: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى، و قوله عز و جل: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى «2»، و ما أشبه ذلك؟ فقال: «إن لله عز و جل أن يقسم من خلقه بما شاء، و ليس لخلقه أن يقسموا إلا به عز و جل».

11681/ [3]- علي بن إبراهيم: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى قال: حين يغشى النهار، و هو قسم. وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى إذا أضاء و أشرق وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى إنما يعني و الذي خلق الذكر و الأنثي، قسم و جواب القسم إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى، قال: منكم من يسعى في الخير، و منكم من يسعى في الشر.

11682/ [4]- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى

__________________________________________________

1- الكافي 7: 449/ 1.

2- من لا يحضره الفقيه 3: 236/ 1120.

3- تفسير القمي 2: 425.

4- تفسير القمي 2: 425.

(1) النجم 53: 1.

(2) النجم 53: 1. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 677

قال: «الليل في هذا الموضع الثاني، يغشي أمير المؤمنين (عليه السلام) في دولته التي جرت له عليه، و أمير المؤمنين (عليه السلام) يصبر في دولتهم حتى تنقضي».

قال: وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى، قال: «النهار هو القائم (عليه السلام) منا أهل البيت، إذا قام غلبت دولته دولة الباطل، و القرآن ضرب فيه الأمثال للناس، و خاطب

نبيه به و نحن، فليس يعلمه غيرنا».

سورة الليل(92): الآيات 5 الي 21 ..... ص : 677

قوله تعالى:

فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى إلى قوله تعالى- إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى و لسوف يرضى [5- 21]

11683/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى قال: نزلت في رجل من الأنصار، كانت له نخلة في دار رجل آخر، و كان يدخل عليه بغير إذن، فشكا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: رسول الله (صلى الله عليه و آله) لصاحب النخلة: «بعني نخلتك هذه بنخلة في الجنة». فقال: لا أفعل. فقال: «تبيعها بحديقة في الجنة؟» فقال: لا أفعل. فانصرف، فمضى إليه أبو الدحداح، فاشتراها منه، و أتى أبو الدحداح إلى النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، خذها و اجعل لي في الجنة الحديقة التي قلت لهذا بها فلم يقبلها، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لك في الجنة حدائق و حدائق» فأنزل الله في ذلك:

فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى يعني أبو الدحداح فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى وَ ما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى [يعني إذا مات إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى قال: علينا أن نبين لهم.

قوله تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى أي تلتهب عليهم لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى يعني هذا الذي بخل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى، قال: أبو الدحداح.

و قال الله تعالى: وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى قال: ليس لأحد عند الله يد على ربه بما فعله

لنفسه، و إن جازاه فبفضله يفعله، و هو قوله: إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَ لَسَوْفَ يَرْضى أي يرضى عن أمير المؤمنين (عليه السلام).

11684/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى __________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 425.

2- تفسير القمي 2: 426.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 678

الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى، قال: «في جهنم واد فيه نار لا يصلها إلا الأشقى، أي فلان الذي كذب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في علي (عليه السلام) و تولى عن ولايته». ثم قال (عليه السلام): «النيران بعضها دون بعض، فما كان من نار هذا الوادي فللنصاب».

11685/ [3]- و عنه، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحضيني، عن خالد بن يزيد، عن عبد الأعلى، عن أبي الخطاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى قال: «بالولاية» فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى قال: «بالولاية» فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى

11686/ [4]- عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول في تفسير وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى قال: «إن رجلا [من الأنصار] كان لرجل في حائطه نخلة، و كان يضربه، فشكا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدعاه، فقال: أعطني نخلتك بنخلة

في الجنة، فأبى، فسمع ذلك رجل من الأنصار يكنى أبا الدحداح، فجاء إلى صاحب النخلة، فقال: بعني نخلتك بحائطي، فباعه، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا رسول الله، قد اشتريت نخلة فلان بحائطي، قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فلك بدلها نخلة في الجنة، فأنزل الله تعالى على نبيه (صلوات الله عليه): وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى فَأَمَّا مَنْ أَعْطى يعني النخلة وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى هو ما عند «1» رسول الله (صلى الله عليه و آله) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى إلى قوله: تَرَدَّى».

11687/ [5]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله تبارك و تعالى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى قال: «إن الله يهدي من يشاء، و يضل من يشاء».

فقلت له: أصلحك الله، إن قوما من أصحابنا يزعمون أن المعرفة مكتسبة، و إنهم إن ينظروا من وجه النظر أدركوا؟ فأنكر ذلك، فقال: «ما لهؤلاء القوم لا يكتسبون الخير لأنفسهم، ليس أحد من الناس إلا و يحب أن يكون خيرا ممن هو خير منه، هؤلاء بنو هاشم موضعهم موضعهم، و قرابتهم قرابتهم، و هم أحق بهذا الأمر منكم، أفترى أنهم لا ينظرون لأنفسهم، و قد عرفتم و لم يعرفوا! قال أبو جعفر (عليه السلام): لو استطاع الناس لأحبونا».

11688/ [6]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى

«بأن الله تعالى يعطي بالواحدة عشرة إلى مائة ألف فما زاد فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى قال: لا يريد شيئا من الخير، إلا

__________________________________________________

3- تفسير القمّي 2: 426.

4- قرب الاسناد: 156.

5- قرب الاسناد: 156.

6- الكافي 4: 46/ 5.

(1) في المصدر: بوعد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 679

يسره الله له وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى [قال: بخل بما آتاه الله عز و جل وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى بأن [الله يعطي بالواحدة عشرة إلى مائة ألف فما زاد فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى [قال : لا يريد شيئا من الشر إلا يسره له وَ ما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى، قال: أما و الله ما هو تردى في بئر، و لا من جبل، و لا من حائط، و لكن تردى في نار جهنم».

11689/ [7]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «مر رسول الله (صلى الله عليه و آله) برجل يغرس غرسا في حائط له، فوقف عليه، فقال: ألا أدلك على غرس أثبت أصلا، و أسرع إيناعا، و أطيب ثمرا و أبقى؟ قال: بلى، فدلني يا رسول الله، فقال: إذا أصبحت و أمسيت فقل: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر. فإن لك إن قلته بكل كلمة تسبيح «1» عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، و هن [من الباقيات الصالحات. قال: فقال الرجل: إني أشهدك- يا رسول الله- أن حائطي هذا صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين أهل الصدقة، فأنزل الله عز و جل آيات من القرآن: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ

بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى .

11690/ [8]- شرف الدين النجفي: في معنى السورة، قال: جاء مرفوعا، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى «2»، قال: «دولة إبليس لعنه الله إلى يوم القيامة، و هو يوم قيام القائم (عليه السلام) وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى «3»، و هو القائم (عليه السلام) إذا قام، و قوله: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى أعطى نفسه الحق، و اتقى الباطل فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى أي الجنة وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى يعني بنفسه عن الحق، و استغنى بالباطل عن الحق وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى بولاية علي بن أبي طالب و الأئمة (عليهم السلام) من بعده فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى يعني النار.

و أما قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى يعني أن عليا (عليه السلام) هو الهدى وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ «4» وَ الْأُولى فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى قال: [هو] القائم (عليه السلام) إذا قام بالغضب «5»، فيقتل من كل ألف تسعمائة و تسعة و تسعين لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى قال: هو عدو آل محمد (عليهم السلام) وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى قال: ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام) و شيعته».

11691/ [9]- و روى بإسناد متصل إلى سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن سماعة بن مهران،

__________________________________________________

7- الكافي 2: 367/ 4.

8- تأويل الآيات 2: 807/ 1.

9- تأويل الآيات 2: 808/ 2.

(1) في المصدر: بكل تسبيحة.

(2) الليل 92: 1.

(3) الليل 92: 2.

(4) في المصدر: و ان له الآخرة. [.....]

(5) في «ط، ي»: للغضب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 680

قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الليل إذا يغشى، و النهار إذا تجلى، الله خلق الزوجين الذكر

و الأنثى، و لعلي الآخرة و الأولى».

11692/ [10]- و عن محمد بن خالد البرقي: عن يونس بن ظبيان، عن علي بن أبي حمزة، عن فيض بن مختار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قرأ: «إن عليا للهدى، و إن له الآخرة و الاولى» و ذلك حيث سئل عن القرآن، قال: «فيه الأعاجيب، فيه: و كفى الله المؤمنين القتال بعلي، و فيه: إن عليا للهدى، و إن له الآخرة و الاولى».

11693/1]- و روى مرفوعا بإسناده، عن محمد بن أورمة، عن الربيع بن بكر، عن يونس بن ظبيان، قال: قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): «و الليل إذا يغشى، و النهار إذا تجلى، الله خالق الزوجين الذكر و الأنثى، و لعلي الآخرة و الاولى».

11694/ [12]- و عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز، عن سماعة، عن أبي بصير «1»، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية هكذا و الله: [الله خالق الزوجين الذكر و الأنثى، و لعلي الآخرة و الأولى».

11695/ [13]- قال شرف الدين: و يدل على ذلك ما جاء في الدعاء: «سبحان من خلق الدنيا و الآخرة، و ما سكن في الليل و النهار، لمحمد و آل محمد».

11696/ [14]- و روى أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أيمن بن محرز، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «فَأَمَّا مَنْ أَعْطى الخمس، وَ اتَّقى ولاية الطواغيت وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى بالولاية فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى فلا يريد شيئا من الخير إلا يسر له وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ بالخمس وَ اسْتَغْنى برأيه عن أولياء الله وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى بالولاية فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى فلا يريد شيئا

من الشر إلا تيسر له».

و أما قوله: وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى قال: «رسول الله (صلى الله عليه و آله) و من تبعه»، و الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى قال: «ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هو قوله تعالى: وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «2»». و قوله: ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى «فهو رسول الله (صلى الله عليه و آله) الذي ليس لأحد عنده من نعمة تجزى، و نعمته جارية على جميع الخلق (صلوات الله عليه)».

__________________________________________________

10- تأويل الآيات 2: 808/ 3.

11- تأويل الآيات 2: 808/ 4.

12- تأويل الآيات 2: 808/ 5.

13- تأويل الآيات 2: 809/ 6.

14- تأويل الآيات 2: 809/ 7.

(1) «عن أبي بصير» ليس في «ج».

(2) المائدة 5: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 681

سورة الضحي ..... ص : 681

فضلها ..... ص : 681

تقدم في فضل (و الشمس) «1».

11697/ [1]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة، وجبت له شفاعة محمد (صلى الله عليه و آله) يوم القيامة، و كتب له من الحسنات بعدد كل سائل و يتيم عشر مرات، و إن كتبها على اسم غائب ضال رجع إلى أصحابه سالما، و من نسي في موضع شيئا ثم ذكره و قرأها، حفظه الله إلى أن يأخذه».

11698/ [2]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها على اسم صاحب له، رجع إليه صاحبه سريعا سالما».

11699/ [3]- و قال الصادق (عليه السلام): «من أكثر قراءة (و الشمس)، (و الليل)، (و الضحى) و (ألم نشرح) في يوم أو ليلة، لم يبق شي ء بحضرته إلا شهد له يوم القيامة، حتى شعره و بشره و لحمه و دمه و عروقه و عصبه

و عظامه».

__________________________________________________

1- .....

2- .......

3- .......

(1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الشمس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 682

سورة الضحي(93): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 682

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الضُّحى إلى قوله تعالى- وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [1- 5] 11700/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: وَ الضُّحى قال: [الضحى إذا ارتفعت الشمس وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى قال: إذا أظلم، قوله: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى قال: لم يبغضك، فقال يصف تفضله عليه:

وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى

11701/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى قال: «يعني الكرة هي الآخرة للنبي (صلى الله عليه و آله)». [قلت قوله: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [قال : «يعطيك من الجنة حتى ترضى «1»».

11702/ [3]- محمد بن العباس: عن أبي داود، عن بكار، عن عبد الرحمن، عن إسماعيل بن عبيد الله «2»، عن علي بن عبد الله بن العباس، قال: عرض على رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما هو مفتوح على أمته من بعده كفرا كفرا، فسر بذلك، فأنزل الله عز و جل وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال: فأعطاه الله عز و جل ألف قصر في الجنة، ترابه المسك، و في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج و الخدم، و قوله: كفرا كفرا، أي قرية قرية، و القرية تسمى

كفرا.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 427.

2- تفسير القمّي 2: 427. [.....]

3- تأويل الآيات 2: 810/ 1.

(1) في المصدر: الجنّة فترضى.

(2) في النسخ: إسماعيل بن عبد اللّه، و ما أثبتناه هو الصحيح لروايته عن عليّ بن عبد اللّه بن العباس، راجع تهذيب الكمال 21: 36.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 683

11703/ [4]- و عنه: عن محمد بن أحمد بن الحكم، عن محمد بن يونس، عن حماد بن ٙʘәɘ̠عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (صلى الله عليهما)، عن جابر بن عبد الله، قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على فاطمة (عليها السلام) و هي تطحن بالرحى، و عليها كساء من أجلة الإبل، فلما نظر إليها بكى، و قال لها: «يا فاطمة تعجلي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا» فأنزل الله تعالى عليه: وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى

11704/ [5]- و عنه: عن أحمد بن محمد النوفلي، عن أحمد بن محمد الكاتب، عن عيسى بن مهران، بإسناده إلى زيد بن علي (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال: إن رضا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إدخال أهل بيته و شيعتهم الجنة، و كيف لا و إنما خلقت الجنة لهم، و النار لأعدائهم، فعلى أعدائهم لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين.

11705/ [6]- علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى «و ذلك أن جبرئيل أبطأ على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أنه كانت أول سورة نزلت اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ «1» ثم

أبطأ عليه، فقالت خديجة: لعل ربك قد تركك، فلا يرسل إليك. فأنزل الله تبارك و تعالى:

ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى .

11706/ [7]- و من طريق المخالفين: الفقيه ابن المغازلي الشافعي، في كتاب (الفضائل)، قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن عبد الوهاب إجازة، أن أبا أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب أخبرهم، [قال : حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد ن أحمد بن أبي العوام، قال: حدثنا محمد بن الصباح الدولابي، قال: حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، في قوله تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً «2»، قال: المودة في آل محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و في قوله تعالى: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال: رضا محمد (صلى الله عليه و آله) أن يدخل أهل بيته الجنة.

11707/ [8]- و من طريق المخالفين: (تفسير الثعلبي)، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، و (تفسير القشيري)، عن جابر الأنصاري: أنه رأى النبي (صلى الله عليه و آله) فاطمة و عليها كساء من أجلة الإبل، و هي تطحن بيديها، و ترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: «يا بنتاه، تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة» فقالت: «يا رسول

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 2: 810/ 2.

5- تأويل الآيات 2: 811/ 3.

6- تفسير القمّي 2: 428.

7- مناقب ابن المغازلي: 316/ 360.

8- ... مناقب ابن شهر آشوب 3: 342.

(1) العلق 96: 1.

(2) الشورى 42: 23.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 684

الله، الحمد لله على نعمائه، و الشكر لله على آلائه» فأنزل الله تعالى: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى

11708/ [9]- و من طريقهم أيضا: في قوله تعالى: وَ لَسَوْفَ

يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال: رضا محمد (صلى الله عليه و آله) أن يدخل [الله أهل بيته الجنة.

سورة الضحي(93): الآيات 6 الي 11 ..... ص : 684

قوله تعالى:

أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى إلى قوله تعالى- وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [6- 11]

11709/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن خالد بن يزيد، عن أبي الهيثم الواسطي، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قوله تعالى: أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى

«إليك الناس وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى أي هدى إليك قوما لا يعرفونك حتى عرفوك وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى أي وجدك تعول أقواما فأغناهم بعلمك».

11710/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان ابن مهران، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس، قال: سألته عن قول الله عز و جل: أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى [قال:

إنما سمي يتيما لأنه لم يكن لك نظير على وجه الأرض من الأولين و [لا من الآخرين، فقال الله عز و جل ممتنا عليه بنعمه «1» أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً أي وحيدا لا نظير لك فَآوى إليك الناس و عرفهم فضلك حتى عرفوك وَ وَجَدَكَ ضَالًّا يقول: منسوبا عند قومك إلى الضلالة فهداهم الله بمعرفتك «2» وَ وَجَدَكَ عائِلًا يقول:

فقيرا عند قومك، يقولون: لا مال لك، فأغناك الله بمال خديجة، ثم زادك من فضله، فجعل دعاءك مستجابا حتى لو دعوت على حجر أن يجعله الله لك ذهبا، لنقل عينه الى مرادك، فأتاك بالطعام حيث

لا طعام، و أتاك بالماء حيث لا ماء، و أعانك «3» بالملائكة حيث لا مغيث، فأظفرك بهم على أعداك.

__________________________________________________

9- ... ينابيع المودة: 46.

1- تفسير القمّي 2: 427.

2- معاني الأخبار: 52/ 4.

(1) في المصدر: بنعمته. [.....]

(2) في المصدر: فهداهم لمعرفتك.

(3) في المصدر: و أغاثك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 685

11711/ [3]- و عنه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون- فذكر الحديث الذي فيه ذكر الآيات التي سأل المأمون الرضا (عليه السلام) في عصمة الأنبياء- قال الرضا (عليه السلام): «قال الله تعالى لنبيه محمد (صلى الله عليه و آله): أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى يقول: ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس وَ وَجَدَكَ ضَالًّا يعني عند قومك فَهَدى أي هداهم إلى معرفتك وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى يقول: أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا». فقال المأمون: بارك الله فيك يا بن رسول الله.

11712/ [4]- علي بن إبراهيم أيضا: ثم قال: أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى قال: اليتيم: الذي لا مثل له، و لذلك سميت الدرة اليتيمة لأنه لا مثل لها وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى بالوحي، فلا تسأل عن شي ء إلا نبئته»

وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى قال: وجدك ضالا في قوم لا يعرفون فضل نبوتك، فهداهم الله بك.

قوله: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ أي لا تظلم، و المخاطبة للنبي (صلى الله عليه و آله) و المعنى للناس، قوله: وَ أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ أي لا ترد «2»، قوله: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ، قال: بما أنزل الله عليك و أمرك به من الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و

الولاية، و ما فضلك الله به فحدث.

11713/ [5]- محمد بن يعقوب: بإسناده، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن فضل البقباق، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز و جل: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ، قال: «الذي أنعم عليك بما فضلك و أعطاك و أحسن إليك» ثم قال: «فحدث بدينه و ما أعطاه الله و ما أنعم به عليه».

11714/ [6]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن عمرو بن أبي نصر، قال: حدثني رجل من أهل البصرة، قال: رأيت الحسين بن علي (عليه السلام) و عبد الله بن عمر يطوفان بالبيت، فسألت ابن عمر، فقلت: قول الله تعالى: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ؟ قال: أمره أن يحدث بما أنعم الله عليه.

ثم إني قلت للحسين بن علي (عليه السلام): قول الله تعالى: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ قال: «أمره أن يحدث بما أنعم الله عليه من دينه».

__________________________________________________

3- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 199/ 1.

4- تفسير القمّي 2: 427.

5- الكافي 2: 77/ 5.

6- المحاسن: 218/ 115.

(1) في المصدر: شي ء أحدا.

(2) في المصدر: و «ط» نسخة بدل: أي لا تطرد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 687

سورة الانشراح ..... ص : 687

فضلها ..... ص : 687

تقدم في فضل (و الشمس و ضحاها) «1»

11715/ [1]- و من (خواص القرآن): قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها أعطاه الله اليقين و العافية، و من قرأها على ألم في الصدر، و كتبها له، شفاه الله».

11716/ [2]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها في إناء و شربها، و كان حصر البول، شفاه الله و سهل الله إخراجه».

11717/ [3]-

و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها على الصدر تنفع من ضره، و على الفؤاد تسكنه بإذن الله، و ماؤها ينفع لمن به البرد بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- .......

2- .........

3- .........

(1) تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الشمس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 688

سورة الشرح(94): الآيات 1 الي 8 ..... ص : 688

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ [1- 8]

11718/ [1]- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن جميل، و الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تبارك و تعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، قال: فقال: «بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

11719/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن موسى، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): قال: «قال [الله سبحانه و تعالى:

أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ بعلي وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ... فَإِذا فَرَغْتَ من نبوتك فَانْصَبْ عليا [وصيا] وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ في ذلك».

11720/ [3]- و عنه: عن محمد بن همام، بإسناده، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن المهلبي، عن سلمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله تعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ؟ قال: «بعلي، فاجعله وصيا».

قلت: و قوله: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ؟ قال: «إن الله عز و جل أمره بالصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، ثم أمره إذا فعل ذلك أن ينصب

عليا وصيه».

__________________________________________________

1- بصائر الدرجات: 92/ 3.

2- تأويل الآيات 2: 811/ 1. [.....]

3- تأويل الآيات 2: 812/ 3.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 689

11721/ [4]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله تعالى: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) حاجا، فنزلت فَإِذا فَرَغْتَ من حجتك فَانْصَبْ عليا للناس».

11722/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، بإسناده إلى المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ عليا بالولاية».

11723/ [6]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن الحسن و غيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين، جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، و عبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «فقال الله جل ذكره: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ يقول: إذا فرغت فانصب علمك و أعلن وصيك، فأعلمهم فضله علانية، فقال (صلى الله عليه و آله): من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، ثلاث مرات».

11724/ [7]- ابن شهر آشوب: عن الباقر و الصادق (عليهما السلام)، في قوله تعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ:

«أ لم نعلمك من وصيك؟ فجعلنا ناصرك و مذل عدوك الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ و أخرج منه سلالة الأنبياء الذين يهتدى بهم وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ فلا أذكر إلا ذكرت معي فَإِذا فَرَغْتَ من دينك «1» فَانْصَبْ عليا للولاية تهتدي به الفرقة».

11725/ [8]- و

عن عبد السلام بن صالح، عن الرضا (عليه السلام): «أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ يا محمد، ألم نجعل علينا وصيك؟ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ ثقل مقاتلة الكفار و أهل التأويل بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ رَفَعْنا لَكَ [بذلك ذِكْرَكَ أي رفعنا مع ذكرك يا محمد له رتبة».

11726/ [9]- و عن أبي حاتم الرازي: أن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قرأ فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ قال: «فإذا فرغت من إكمال الشريعة فانصب عليا لهم إماما».

11727/ [10]- البرسي: بالإسناد، يرفعه إلى المقداد بن الأسود الكندي (رضي الله عنه)، قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو متعلق بأستار الكعبة، و يقول: «اللهم اعضدني، و اشدد أزري، و اشرح لي صدري، و ارفع

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 812/ 4.

5- تأويل الآيات 2: 812/ 5.

6- الكافي 1: 233/ 3.

7- المناقب 3: 23.

8- المناقب 3: 23.

9- المناقب 3: 23.

10- .... الفضائل لابن شاذان: 151، البحار 36: 116/ 63.

(1) في المصدر: من دنياك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 690

ذكري» فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، و قال: اقرأ يا محمد أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ يا محمد وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ بعلي صهرك. قال: فقرأها النبي (صلى الله عليه و آله). و أثبتها ابن مسعود، و انتقصها «1» عثمان.

11728/ [11]- ابن شهر آشوب: عن تفسير عطاء الخراساني: قال ابن عباس، في قوله تعالى: وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أي قوى ظهرك بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

11729/ [12]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، قال: حدثنا علي ابن حسان، عن عبد

الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله: فَإِذا فَرَغْتَ: «من نبوتك «2» فَانْصَبْ عليا (عليه السلام) وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ في ذلك».

11730/ [13]- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ قال: بعلي، فجعلناه وصيك، قال: حين فتحت مكة، و دخلت قريش في الإسلام، شرح الله صدره و يسره، وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ قال: ثقل الحرب «3» الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أي أثقل ظهرك وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ، قال: تذكر إذا ذكرت، و هو قول الناس:

أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله.

ثم قال: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، قال: ما كنت فيه من العسر أتاك اليسر، فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ قال: إذا فرغت من حجة الوداع فانصب أمير المؤمنين (عليه السلام) وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ.

11731/ [14]- عبد الله بن جعفر الحميري: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: سمعت جعفرا [يقول: «كان أبي (رضي الله عنه)] يقول في قوله تبارك و تعالى: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ: فإذا قضيت الصلاة قبل أن تسلم و أنت جالس، فانصب في الدعاء من أمر الدنيا و الآخرة، و إذا فرغت من الدعاء فارغب إلى الله تبارك و تعالى [أن يتقبلها منك ».

11732/ [15]- الطبرسي: معناه: فإذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب إلى ربك في الدعاء، و ارغب إليه في المسألة يعطيك. قال: و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام).

__________________________________________________

11- المناقب 2: 67.

12- تفسير القمّي 2: 429.

13- تفسير القمّي 2: 428.

14-- قرب الاسناد: 5.

15- مجمع البيان 10: 772. [.....]

(1) في «ج»: و أسقطها.

(2) في «ج، ي»: بنبوّتك.

(3) في المصدر: بعليّ الحرب.

البرهان في

تفسير القرآن، ج 5، ص: 691

سورة التين ..... ص : 691

فضلها ..... ص : 691

11733/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ (و التين) في فرائضه و نوافله أعطي من الجنة حيث يرضى إن شاء الله تعالى».

11734/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كتب الله له من الأجر ما لا يحصى، و كأنما تلقى محمدا (صلى الله عليه و آله) و هو مغتم ففرج الله عنه، و إذا قرئت على ما يحضر من الطعام، صرف الله عنه بأس ذلك الطعام، و لو كان فيه سما قاتلا، و كان فيه الشفاء».

11735/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها على مأكول، رفع الله عنه شر ذلك المأكول، و لو كان سما، و صير فيه الشفاء».

11736/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا كتبت و قرئت على شي ء من الطعام، صرف الله عنه ما يضره، و كان فيه الشفاء بقدرة الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 123.

2- ....

3- خواص القرآن: 33 «مخطوط».

4- خواص القرآن: 14 «مخطوط»

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 692

سورة التين(95): الآيات 1 الي 8 ..... ص : 692

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ [1- 8]

11737/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن خالد، قال: حدثني أبو عبد الله الرازي، عن الحسين بن علي بن أبي عثمان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى بن

جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله تبارك و تعالى اختار من البلدان أربعة، فقال عز و جل: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ التين: المدينة، و الزيتون: بيت المقدس، و طور سينين: الكوفة، و هذا البلد الأمين: مكة».

11738/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن همام، عن عبد الله بن العلاء، عن محمد بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن البطل، عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قوله تعالى: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ التين: الحسن، و الزيتون: الحسين (عليهما السلام)».

11739/ [3]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 364/ 1.

2- تأويل الآيات 2: 813/ 1.

3- تأويل الآيات 2: 813/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 693

بدر بن الوليد، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ، قال: «التين و الزيتون: الحسن و الحسين، و طور سينين: علي بن أبي طالب (عليهم السلام)».

قلت: قوله: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ؟ قال: «الدين: ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

11740/]- و عنه: عن محمد بن القاسم، عن محمد بن زيد، عن إبراهيم بن محمد بن سعيد «1»، عن محمد ابن الفضيل، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): أخبرني عن قول الله عز و جل: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ إلى آخر السورة، فقال: «التين و الزيتون: الحسن و الحسين».

قلت: وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ؟ قال: «هو رسول الله (صلى

الله عليه و آله)، أمن الناس به من النار إذا أطاعوه».

قلت: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ؟ قال: «ذاك أبو فصيل حين أخذ الله الميثاق له بالربوبية، و لمحمد (صلى الله عليه و آله) بالنبوة، و لأوصيائه بالولاية، فأقر و قال: نعم، ألا ترى أنه قال: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ يعني الدرك الأسفل حين نكص و فعل بآل محمد (صلى الله عليه و آله) ما فعل؟».

قال: قلت: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ؟ قال: «هو و الله أمير المؤمنين (عليه السلام) و شيعته فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ».

قال: قلت: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ؟ قال: «مهلا مهلا، لا تقل هكذا، [هذا] هو الكفر بالله، لا و الله ما كذب رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالله طرفة عين» قال: قلت: فكيف هي؟ قال: «فمن يكذبك بعد بالدين، و الدين أمير المؤمنين (عليه السلام) أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ».

11741/ [5]- شرف الدين النجفي، قال: روي علي بن إبراهيم في (تفسيره): عن يحيى الحلبي، عن عبد الله ابن مسكان، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ، قال: «التين و الزيتون: الحسن و الحسين، و طور سينين: علي (عليه السلام)». و قوله: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ، قال: « [الدين أمير المؤمنين (عليه السلام)».

11742/ [6]- ابن شهر آشوب: عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة و ابن عباس، في قوله تعالى: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ يقول: يا محمد، لا يكذبك علي بن أبي طالب بعد ما آمن بالحساب.

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 2: 814/ 4.

5- تأويل الآيات 2:

813/ 3.

6- المناقب 2: 118.

(1) في النسخ: إبراهيم بن محمّد بن سعد. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 694

11743/ [7]- و عن الباقر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، قال: «ذاك أمير المؤمنين و شيعته فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ».

11744/ [8]- (كتاب أحمد بن عبد الله المؤدب): عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، و ابن عباس، و في تفسير ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله تعالى: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ

و قد دخلت الروايات بعضها في بعض: أن النبي (صلى الله عليه و آله) انتبه من نومه في بيت أم هانئ فزعا، فسألته عن ذلك، فقال: «يا أم هانئ، إن الله عز و جل عرض علي في المنام القيامة و أهوالها، و الجنة و نعيمها، و النار و ما فيها و عذابها، فأطلعت في النار فإذا أنا بمعاوية و عمرو بن العاص قائمين في حر جهنم، يرضخ رأسيهما الزبانية بحجارة من جمر جهنم، يقولون لهما هلا آمنتما بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟»

قال ابن عباس:

فيخرج علي (عليه السلام) من حجاب العظمة ضاحكا مستبشرا، و ينادي: حكم لي ربي و رب الكعبة، فذلك قوله تعالى: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ فينبعث الخبيث إلى النار، و يقوم علي في الموقف يشفع في أصحابه و أهل بيته و شيعته.

11745/ [9]- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: قوله: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ التين: المدينة، و الزيتون: بيت المقدس، و طور سينين: الكوفة، و هذا البلد الأمين: مكة.

11746/ [10]- علي بن إبراهيم أيضا: قوله: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ وَ

طُورِ سِينِينَ وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ، قال: التين: رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الزيتون: أمير المؤمنين (عليه السلام)، و طور سينين: الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و البلد الأمين: الأئمة (عليهم السلام) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ قال: نزلت في الأول ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، قال: ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أي لا يمن عليهم به ثم قال لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ، قال: ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ.

__________________________________________________

7- المناقب 2: 122.

8- ....

9- الخصال: 255/ 58.

10- تفسير القمّي 2: 429.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 695

سورة العلق ..... ص : 695

فضلها ..... ص : 695

11747/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ في يومه أو ليلته: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثم مات في يومه أو في ليلته، مات شهيدا، و بعثه الله شهيدا، و أحياه شهيدا، و كان كمن ضرب بسيفه في سبيل الله تعالى مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

11748/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة، كتب الله له من الأجر كمثل ثواب من قرأ جزء المفصل «1»، و كأجر من شهر سيفه في سبيل الله تعالى، و من قرأها و هو راكب البحر سلمه الله تعالى من الغرق».

11749/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها على باب مخزن، سلمه الله تعالى من كل آفة و سارق إلى أن يخرج ما فيه مالكه».

11750/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام):

«من قرأها و هو متوجه في سفره كفي شره، و من قرأها و هو راكب البحر سلم من ألمه بقدرة الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 124.

2- .....

3- ......

4- خواص القرآن: 14 «نحوه».

(1) قيل: إنّما سمّي به لكثرة ما يقع فيه من فصول التسمية بين السور، و قيل: لقصر سوره، و اختلف، و اختلف في أوّله، فقيل: من سورة محمّد (صلى اللّه عليه و آله)، و قيل: من سورة ق، و قيل: من سورة الفتح. «مجمع البحرين 5: 441».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 696

سورة العلق(96): الآيات 1 الي 19 ..... ص : 696

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ- إلى قوله تعالى- كَلَّا لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ [1- 19]

11751/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن محمد الشيباني، قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال:

حدثنا إسحاق بن محمد، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا عثمان بن يوسف، عن عبد الله بن كيسان، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «نزل جبرئيل على محمد (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، اقرأ، قال: و ما أقرأ؟ قال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ يعني خلق نورك الأقدم قبل الأشياء خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ يعني خلقك من نطفة، و شق منك عليا، اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ يعني علم علي بن أبي طالب عَلَّمَ الْإِنْسانَ علم عليا من الكتابة لك ما لَمْ يَعْلَمْ قبل ذلك».

11752/ [2]- عمر بن إبراهيم الأوسي: قال ابن عباس: إن أول ما ابتدئ به رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، و كان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح و لما تزوج بخديجة (رضي

الله عنها)، و كمل له من العمر أربعون سنة، قال: فخرج ذات يوم إلى جبل حراء، فهتف به جبرئيل و لم يبد له، فغشي عليه، فحملوه مشركو قريش إليها، و قالوا: يا خديجة، تزوجت بمجنون! فوثبت خديجة من السرير، و ضمته إلى صدرها، و وضعت رأسه في حجرها، و قبلت بين عينيه، و قالت: تزوجت نبيا مرسلا. فلما أفاق قالت: بأبي و أمي يا رسول الله، ما الذي أصابك؟

قال: «ما أصابني غير الخير، و لكني سمعت صوتا أفزعني، و أظنه جبرئيل» فاستبشرت ثم قالت: إذا كان غداة غد فارجع إلى الموضع الذي رأيته، فيه بالأمس، قال: «نعم».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 430.

2- .....

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 697

فخرج (صلى الله عليه و آله)، و إذا هو بجبرئيل في أحسن صورة و أطيب رائحة، فقال: يا محمد، ربك يقرئك السلام و يخصك بالتحية و الإكرام، و يقول لك: أنت رسولي إلى الثقلين، فادعهم إلى عبادتي، و أن يقولوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، فضرب بجناحه الأرض، فنبعت عين ماء فشرب (صلى الله عليه و آله) منها، و توضأ، و علمه اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ إلى آخرها، و عرج جبرئيل إلى السماء، و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من حراء فما مر بحجر و لا مدر و لا شجر إلا و ناداه، السلام عليك يا رسول الله، فأتى خديجة و هي بانتظاره، و أخبرها بذلك، ففرحت به و بسلامته و بقائه.

قلت: تقدم باب في مقدمة الكتاب في أول ما نزل من القرآن «1».

11753/ [3]- علي بن إبراهيم، في معنى السورة، قوله: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، قال: اقرأ بسم الله

الرحمن الرحيم الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ، قال: من دم اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ يعني علم الإنسان الكتابة التي تتم بها أمور الدنيا في مشارق الأرض و مغاربها.

ثم قال: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى قال: إن الإنسان إذا استغنى يكفر و يطغى و ينكر إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى .قوله: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى، قال: كان الوليد بن المغيرة ينهى الناس عن الصلاة، و أن يطاع الله و رسوله، فقال الله: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى.

قول الله عز و جل: أَ رَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ أي لنأخذنه بالناصية، فنلقيه في النار.

قوله: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ قال: لما مات أبو طالب، نادى أبو جهل و الوليد عليهما لعائن الله: هلموا فاقتلوا محمدا، فقد مات الذي كان ينصره، فقال الله: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ، قال: كما دعا إلى قتل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، نحن أيضا ندعو الزبانية.

ثم قال: كَلَّا لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ أي لا يطيعون لما دعاهم إليه، لأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أجاره مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف و لم يجسر عليه أحد.

11754/ [4]- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن الوشاء، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «أقرب ما يكون العبد من الله عز و جل و هو ساجد، و ذلك قوله عز و جل: وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ».

11755/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي

__________________________________________________

3- تفسير

القمّي 2: 430.

4- الكافي 3: 264/ 3.

5- الكافي 8: 148/ 129. [.....]

(1) تقدّم في باب (15) في أوّل سورة نزلت و آخر سورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 698

عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما خلق الله عز و جل خلقا إلا و قد أمر عليه [آخر] يغلبه فيه، و ذلك أن الله تبارك و تعالى لما خلق البحار السفلى فخرت و زخرت «1»، و قالت: أي شي ء يغلبني؟ فخلق الأرض فسطحها على ظهرها [فذلت ، ثم إن الأرض فخرت، و قالت: أي شي ء يغلبني؟ فخلق الجبال و أثبتها على ظهرها أوتادا من أن تميد بما عليها، فذلت الأرض و استقرت، ثم إن الجبال فخرت على الأرض، فشمخت و استطالت، و قالت: أي شي ء يغلبني؟ فخلق الله الحديد و قطعها، فقرت الجبال و ذلت، ثم إن الحديد فخر على الجبال، و قال:

أي شي ء يغلبني؟ فخلق الله النار فأذابت الحديد [فذل الحديد]، ثم إن النار زفرت و شهقت [و فخرت و قالت: أي شي ء يغلبني؟ فخلق الماء فأطفأها فذلت، ثم إن الماء فخر و زخر، و قال: أي شي ء يغلبني؟ فخلق الله الريح، فحركت أمواجه و أثارت ما في قعره و حبسته عن مجاريه، فذل الماء، ثم إن الريح فخرت و عصفت، و لوحت «2» أذيالها، و قالت: أي شي ء يغلبني؟ فخلق الله الإنسان، فبنى و احتال، و اتخذ ما يستر «3» به عن الريح و غيرها، فذلت الريح، ثم إن الإنسان طغى و قال: من أشد مني قوة؟ فخلق الله له الموت فقهره [فذل الإنسان ، ثم إن الموت فخر في نفسه، و قال الله عز و

جل: لا تفخر فإني ذابحك بين الفريقين: أهل الجنة، و أهل النار، ثم لا أحييك أبدا، فترجى أو تخاف «4»».

و قال أيضا: «الحلم يغلب الغضب، و الرحمة تغلب السخط، و الصدقة تغلب الخطيئة» ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما أشبه هذا مما [قد] يغلب غيره!».

__________________________________________________

(1) زخر البحر، أي مدّ و كثر ماؤه و ارتفعت أمواجه. «لسان العرب 4: 320».

(2) في المصدر: و أرخت.

(3) في المصدر: يستتر.

(4)

قوله (صلى اللّه عليه و آله): «فترجى أو تخاف»

أي لا أحييك فتكون حياتك رجاء لأهل النار و خوفا لأهل الجنّة، و ذبح الموت لعلّ المراد به ذبح شي ء مسمّى بهذا الاسم ليعرف الفريقان رفع الموت عنهما على المشاهدة و العيان، إن لم نقل بتجسّم الأعراض في تلك النشأة لبعده عن طور العقل. «مرآة العقول 25: 368».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 699

سورة القدر ..... ص : 699

فضلها ..... ص : 699

11756/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يجهر بها صوته، كان كالشاهر سيفه في سبيل الله، و من قرأها سرا كان المتشحط بدمه في سبيل الله، و من قرأها عشرا مرات غفر له على [نحو] ألف ذنب من ذنوبه».

ابن بابويه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، مثله «1».

11757/ [2]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن بكر بن محمد الأزدي، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه

السلام) في العوذة، [قال : «تأخذ قلة «2» جديدة، فتجعل فيها ماء، ثم تقرأ عليها: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثلاثين مرة، ثم تعلق و تشرب منها و تتوضأ، و يزداد فيها ماء إن شاء».

11758/ [3]- ابن بابويه: بإسناده، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ في فريضة من فرائض الله نادى مناد: يا عبد الله، غفر الله لك ما مضى فاستأنف العمل».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 454/ 6.

2- الكافي 2: 456/ 19.

3- ثواب الأعمال: 124.

(1) ثواب الأعمال: 124.

(2) القلّة: الجرة عامّة، و قيل: الكوز الصغير. «لسان العرب 11: 565».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 700

و سيأتي- إن شاء الله تعالى- زيادة فضل في فضل سورة التوحيد «1».

11759/ [4]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة، كان له من الأجر كمن صام شهر رمضان، و إن وافق ليلة القدر، كان له ثواب كثواب من قاتل في سبيل الله، و من قرأها على باب مخزن سلمه الله تعالى من كل آفة و سوء إلى أن يخرج صاحبه ما فيه».

11760/ [5]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها كان له يوم القيامة خير البرية رفيقا و صاحبا، و إن كتبت في إناء جديد، و نظر فيه صاحب اللقوة «2» شفاه الله تعالى».

11761/ [6]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها بعد عشاء الآخرة خمس عشر مرة، كان في أمان الله إلى تلك الليلة الأخرى، و من قرأها في كل ليلة سبع مرات أمن في تلك الليلة إلى طلوع الفجر، و من قرأها

على ما يدخر «3» ذهبا أو فضة أو أثاث بارك الله فيه من جميع ما يضره، و إن قرئت على ما فيه غلة «4» نفعه بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

4- ........

5- ..........

6- خواص القرآن: 14 «نحوه».

(1) يأتي في الحديث (14) من فضل سورة التوحيد. [.....]

(2) اللّقوة: داء يكون في الوجه يعوجّ منه الشّدق. «لسان العرب 15: 253».

(3) في «ي»: على مدخر.

(4) الغلّة: الدّخل الذي يحصل من الزرج و الثمر و اللبن. «لسان العرب 11: 504».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 701

سورة القدر(97): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 701

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [1- 5]

11762/ [1]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن الحسين، عن المختار بن زياد البصري، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام)، فذكر شيئا من أمر الإمام إذا ولد، فقال: «استوجب زيادة الروح في ليلة القدر». فقلت له: جعلت فداك، أليس الروح جبرئيل؟ فقال: «جبرئيل من الملائكة، و الروح [خلق أعظم من الملائكة، أليس الله عز و جل يقول: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ؟».

11763/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن أبي عبد الله، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، و محمد ابن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال:

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «بينا أبي (عليه السلام) يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر «1»، قد قيض له، فقطع عليه أسبوعه، حتى أدخله إلى

دار جنب الصفا، فأرسل إلي، فكنا ثلاثة، فقال: مرحبا يا بن رسول الله، ثم وضع يده على رأسي، و قال: بارك الله فيك يا أمين الله بعد آبائه، يا أبا جعفر إن شئت فأخبرني، و إن شئت أخبرتك، و إن شئت سألتني، و إن شئت سألتك، و إن شئت فاصدقني، و أن شئت صدقتك، قال: كل ذلك أشاء.

__________________________________________________

1- ... بصائر الدرجات: 484/ 4.

2- الكافي 1: 188/ 1.

(1) الاعتجار بالعمامة: هو أن يلفّها على رأسه و يردّ طرفها على وجهه و لا يعمل منها شيئا تحت ذقنه. «لسان العرب 4: 544».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 702

قال: فإياك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره، قال: إنما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه، و إن الله عز و جل أبي أن يكون له علم فيه اختلاف. قال: هذه مسألتي، و قد فسرت طرفا منها، أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف من يعلمه؟

قال: أما جملة العلم فعند الله جل ذكره، و أما ما لا بد للعباد منه فعند الأوصياء، قال: ففتح الرجل عجيرته، و استوى جالسا، و تهلل وجهه، و قال: هذه أردت، و لها أتيت، زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء، فكيف يعلمونه؟

قال: كما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعلمه، إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يرى، لأنه كان نبيا، و هم محدثون، و إنه كان يفد إلى الله جل جلاله فيسمع الوحي، و هم لا يسمعون. فقال: صدقت يا بن رسول الله، سآتيك بمسألة صعبة، أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر

كما كان يظهر مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟

قال: فضحك أبي (عليه السلام)، و قال: أبى الله عز و جل أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للايمان به، كما قضى على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يصبر على أذى قومه، و لا يجاهدهم إلا بأمره، فكم من اكتتام قد اكتتم به، حتى قيل له: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «1»، و ايم الله أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، و لكنه إنما نظر في الطاعة و خاف الخلاف، فلذلك كف، فوددت أن تكون عينك مع مهدي هذه الأمة، و الملائكة بسيوف آل داود بين السماء و الأرض، تعذب أرواح الكفرة من الأموات، و تلحق بهم أرواح أشباههم «2» من الأحياء.

ثم أخرج سيفا، ثم قال: ها إن هذا منها. قال: فقال أبي: إي و الذي اصطفى محمدا على البشر، قال: فرد الرجل اعتجاره و قال: أنا إلياس، ما سألتك عن أمرك و بي منه جهالة، غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك، و سأخبرك بآية أنت تعرفها إن خاصموا بها «3» فلجوا.

قال: فقال له أبي: إن شئت أخبرتك بها؟ قال: قد شئت. قال: إن شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا: إن الله عز و جل يقول لرسوله (صلى الله عليه و آله): إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إلى آخرها، فهل كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعلم من العلم شيئا لا يعلمه في تلك الليلة، أو يأتيه به جبرئيل (عليه السلام) في غيرها؟ فإنهم سيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان لما علم بد من أن يظهر؟ فيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان فيما أظهر

رسول الله (صلى الله عليه و آله) من علم الله عز ذكره اختلاف؟ فإن قالوا: لا، فقل لهم: فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف، فهل خالف رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فيقولون: نعم، فان قالوا: لا، فقد نقضوا أول كلامهم. فقل لهم: ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «4» فإن قالوا: من الراسخون في العلم؟ فقل: من لا يختلف في علمه.

__________________________________________________

(1) الحجر 15: 94.

(2) في «ج»: أشياعهم.

(3) في «ج»: ن خاصموك فيها.

(4) آل عمران 3: 7.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 703

فإن قالوا: فمن هو ذاك؟ فقل: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) صاحب ذلك، فهل بلغ أو لا؟ فإن قالوا: قد بلغ، فقل: هل مات رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف؟ فإن قالوا: لا، فقل: إن خليفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) مؤيد، و لا يستخلف رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا من يحكم بحكمه، و إلا من يكون مثله إلا النبوة، و إن كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يستخلف في علمه أحدا، فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده.

فإن قالوا لك: فإن علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان من القرآن، فقل: حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ «1». فإن قالوا لك:

لا يرسل الله عز و جل إلا إلى نبي. فقل: هذا الأمر الحكيم الذي يفرق فيه «2» هو من الملائكة و الروح التي تنزل من سماء

إلى سماء، أو من سماء إلى أرض. فإن قالوا: من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية، فإن قالوا: من سماء إلى أرض، و أهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك، فقل: فهل: لهم: لا بد من سيد يتحاكمون إليه؟

فإن قالوا: فإن الخليفة هو حكمهم، فقل: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ إلى قوله: خالِدُونَ «3»، لعمري ما في الأرض و لا في السماء ولي لله عز و جل إلا و هو مؤيد، و من أيد لم يخطئ، و ما في الأرض عدو لله عز ذكره إلا و هو مخذول، و من خذل لم يصب، كما أن الأمر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض، كذلك و لا بد من وال، فإن قالوا: لا نعرف هذا، فقل لهم: قولوا ما أحببتم، أبى الله عز و جل بعد محمد (صلى الله عليه و آله) أن يترك العباد و لا حجة له عليهم».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ثم وقف فقال: ها هنا- يا بن رسول الله- باب غامض، أ رأيت إن قالوا: حجة الله القرآن؟ قال: إذن أقول لهم: إن القرآن ليس بناطق يأمر و ينهى «4»، و لكن للقرآن أهل يأمرون و ينهون، و أقول: قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنة و الحكم الذي ليس فيه اختلاف، و ليست في القرآن، أبي الله لعلمه «5» بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض و ليس في حكمه راد لها و لا مفرج عن أهلها.

فقال: ها هنا تفلجون يا بن رسول الله، أشهد أن الله عز و جل قد علم بما يصيب الخلق من

مصيبة في الأرض أو في أنفسهم من الدين أو غيره، فوضع القرآن دليلا.

قال: فقال الرجل: هل تدري- يا بن رسول الله- القرآن «6» دليل ما هو؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): نعم، فيه

__________________________________________________

(1) الدخان 44: 1- 5.

(2) في «ج»: يفرق فيها.

(3) البقرة 2: 257.

(4) في «ج»: بأمر و نهي. [.....]

(5) في «ط، ي»: في علمه.

(6) (القرآن) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 704

جمل الحدود و تفسيرها عند الحكم، فقد أبى الله أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو في ماله ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة.

قال: فقال الرجل: أما في هذا الباب فقد فلجتم بحجة، إلا أن يفتري خصمكم على الله فيقول: ليس لله عز ذكره حجة، و لكن أخبرني عن تفسير لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ مما خص به علي (عليه السلام) وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «1» قال: في أبي فلان و أصحابه، و واحدة مقدمة، و واحدة مؤخرة، لا تأسوا على ما فاتكم مما خص به علي (عليه السلام)، و لا تفرحوا بما آتاكم من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال الرجل:

أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه. ثم قام الرجل و ذهب فلم أره».

11764/ [3]- و عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «بينا أبي جالس و عنده نفر إذ استضحك حتى اغرورقت عيناه دموعا، ثم قال: هل تدرون ما أضحكني؟ قال: فقالوا: لا. قال: زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، فقلت له: هل رأيت الملائكة- يا بن عباس- تخبرك بولايتها لك في الدنيا و الآخرة من الأمن من

الخوف و الحزن؟ قال: فقال: إن الله تبارك و تعالى يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ «2» و قد دخل في هذا جميع الأمة، فاستضحكت، ثم قلت: صدقت يا بن عباس، أنشدك الله، هل في حكم الله جل ذكره اختلاف؟ قال: فقال: لا.

فقلت: ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت، ثم ذهب و أتى رجل آخر فأطار كفه، فأتي به إليك و أنت قاض، كيف أنت صانع؟ قال: أقول لهذا القاطع، أعطه دية كفه، و أقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت و ابعث به إلى ذوي عدل. قلت: جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره، و نقضت القول الأول، أبى الله عز ذكره أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود و ليس تفسيره في الأرض، اقطع قاطع الكف أصلا، ثم أعطه دية الأصابع، هذا حكم الله ليلة ينزل فيها أمره، إن جحدتها بعد ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأدخلك الله النار، كما أعمى بصرك يوم جحدتها علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال: فلذلك عمي بصري، و قال: و ما علمك بذلك؟ فو الله إن عمي بصري إلا من صفقة جناح الملك، قال: فاستضحكت، ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله، ثم لقيته فقلت: يا بن عباس، ما تكلمت بصدق مثل أمس، قال لك علي بن أبي طالب (عليه السلام): إن ليلة القدر في كل سنة، و إنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، و إن لذلك الأمر ولاة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقلت: من هم؟ فقال:

أنا و أحد عشر من صلبي أئمة محدثون. فقلت: لا أراها كانت إلا مع رسول الله (صلى الله عليه

و آله)، فتبدى لك الملك الذي يحدثه. فقال: كذبت يا عبد الله، رأت عيناي الذي حدثك به علي، و لم تره عيناه، و لكن وعاه قلبه، و وقر في سمعه. ثم صفقك بجناحه فعميت.

__________________________________________________

3- الكافي 1: 191/ 2، و في سند الحديث الحسن بن العباس بن الحريش، قال فيه العلّامة: ضعيف جدا، و قال ابن الغضائري: ضعيف الرأي، روى عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) فضل إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كتابا مصنّفا فاسد الألفاظ، مخايله تشهد على أنّه موضوع، و هذا الرجل لا يلتفت إليه و لا يكتب حديثه. الخلاصة: 214/ 13.

(1) الحديد 57: 23.

(2) الحجرات 49: 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 705

قال: فقال ابن عباس: ما اختلفنا في شي ء فحكمه إلى الله. فقلت له: فهل حكم الله في حكم من حكمه بأمرين؟ قال: لا. فقلت: ها هنا هلكت و أهلكت».

11765/ [4]- و عنه: بهذا الإسناد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال الله عز و جل في ليلة القدر: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «1» يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم، و المحكم ليس بشيئين، إنما هو شي ء واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عز و جل، و من حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت، إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا و كذا، و في أمر الناس بكذا و كذا، و إنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم من علم الله عز ذكره الخاص و المكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر» ثم قرأ وَ

لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «2».

11766/ [5]- و عنه: بهذا الاسناد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي بن الحسين (صلوات الله عليه) يقول:

إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ صدق الله عز و جل، أنزل [الله القرآن في ليلة القدر وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا أدري. قال الله عز و جل: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ليس فيها ليلة القدر. قال لرسول الله (صلى الله عليه و آله): و هل تدري لم هي خير من ألف شهر؟ قال: لا. قال: لأنها تنزل فيها الملائكة و الروح بإذن ربهم من كل أمر، و إذا أذن الله عز و جل بشي ء فقد رضيه سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يقول: تسلم عليك يا محمد ملائكتي و روحي بسلامي من أول ما يهبطون إلى مطلع الفجر.

ثم قال في بعض كتابه: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً «3» في إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، و قال في بعض كتابه: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ «4» يقول في الآية الأولى: إن محمدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز و جل: مضت ليلة القدر مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهذه فتنة أصابتهم خاصة، و بها ارتدوا على أعقابهم لأنهم إن قالوا: لم تذهب، فلا بد أن يكون

الله عز و جل فيها أمر، و إذا أقروا بالأمر لم يكن له من صاحب الأمر بد».

11767/ [6]- و عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان علي (عليه السلام) كثيرا ما يقول: ما اجتمع التيمي و العدوي

__________________________________________________

4- الكافي 1: 192/ 3.

5- الكافي 1: 193/ 4.

6- الكافي 1: 193/ 5.

(1) الدخان 44: 5.

(2) لقمان 31: 27.

(3) الأنفال 8: 25.

(4) آل عمران 3: 144.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 706

عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو يقرأ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بتخشع و بكاء، فيقولان: ما أشد رقتك لهذه «1» السورة! فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما رأت عيني و وعى قلبي، و لما يرى قبل هذا من بعدي، فيقولان: و ما الذي رأيت و ما الذي يرى؟ قال: فيكتب لهما في التراب تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ.

قال: ثم يقول: هل بقي شي ء بعد قوله عز و جل: كُلِّ أَمْرٍ؟ فيقولان: لا، فيقول: هل تعلمان من المنزل إليه بذلك؟ فيقولان: أنت يا رسول الله. فيقول: نعم. فيقول: هل تكون ليلة القدر من بعدي؟ فيقولان: نعم، قال:

فيقول: فهل ينزل ذلك الأمر فيها؟ فيقولان: نعم. فيقول: إلى من؟ فيقولان: لا ندري، فيأخذ برأسي و يقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي، قال: فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) من شدة ما يداخلهما من الرعب».

11768/ [7]- و عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «يا معشر الشيعة، خاصموا بسورة إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ تفلجوا، فو الله إنها لحجة الله تبارك و تعالى على الخلق بعد رسول الله (صلى

الله عليه و آله)، و إنها لسيدة دينكم، و إنها لغاية علمنا. يا معشر الشيعة، خاصموا ب حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ «2» فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله). يا معشر الشيعة، يقول الله تبارك و تعالى: وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ «3»».

قيل: يا أبا جعفر، نذيرها محمد (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: «صدقت، فهل كان نذير و هو حي من البعثة في أقطار الأرض؟». فقال السائل: لا، قال أبو جعفر (عليه السلام): «أ رأيت بعثه «4»، أليس «5» نذيره؟ كما أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بعثه من الله عز و جل نذير». فقال: بلى. قال: «فكذلك لم يمت محمد إلا و له بعيث نذير». قال: «فإن قلت: لا، فقد ضيع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من في أصلاب الرجال من أمته». قال: و ما يكفيهم القرآن؟ قال: «بلى، إن وجدوا له مفسرا». قال: و ما فسره رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قال: «بلى، قد فسره لرجل واحد، و فسر للأمة شأن ذلك الرجل، و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

قال السائل: يا أبا جعفر، كان هذا أمر خاص، لا يحتمله العامة؟ قال: «أبى الله أن يعبد إلا سرا حتى يأتي إبان «6» أجله الذي يظهر فيه دينه، كما أنه كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) مع خديجة (عليها السلام) مستترا «7» حتى امر

__________________________________________________

7- الكافي 1: 193/ 6.

(1) في «ج»: أشد رأفتك بهذه. [.....]

(2) الدخان 44: 1- 3.

(3) فاطر 35: 24.

(4) في «ط» و المصدر: بعيثه.

(5) في

«ج»: ليس.

(6) إبّان الشي ء: حينه أو أجله.

(7) في «ج»: مستقرا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 707

بالإعلان».

قال السائل: فينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم؟ قال: «أو ما كتم علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم أسلم مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى ظهر أمره؟». قال: بلى. قال: «فكذلك أمرنا حتى يبلغ الكتاب أجله».

11769/ [8]- و عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا، و لقد خلق فيها أول نبي يكون، و أول وصي يكون، و لقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة، من جحد ذلك فقد رد على الله عز و جل علمه، لأنه لا يقوم الأنبياء و الرسل و المحدثون إلا أن تكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجة التي يأتيهم بها جبرئيل (عليه السلام)».

قلت: و المحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة (عليهم السلام)؟ قال: «أما الأنبياء و الرسل (صلى الله عليهم) فلا شك، و لا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت في الأرض إلى آخر فناء الدنيا أن يكون على ظهر «1» الأرض حجة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحب من عباده، و ايم الله لقد نزل الروح و الملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم، و ايم الله ما مات آدم إلا و له وصي، و كل من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها، و وضع لوصيه من بعده، و ايم الله إن كان «2» النبي ليؤمر فيما يأتيه من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمد (صلى الله عليه

و آله) أن أوص إلى فلان، و لقد قال الله عز و جل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد (صلى الله عليه و آله) خاصة: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ إلى قوله تعالى: فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «3».

يقول: أستخلفكم لعلمي و ديني و عبادتي بعد نبيكم، كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً يقول: يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله)، فمن قال غير ذلك فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد (صلى الله عليه و آله) بالعلم، و نحن هم، فاسألونا فإن صدقناكم فأقروا، و ما أنتم بفاعلين، أما علمنا فظاهر، و أما إبان أجلنا الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف، فإن له أجلا من ممر الليالي و الأيام، إذا أتى ظهر، و كان الأمر واحدا.

و ايم الله، لقد قضى الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، و لذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد (صلى الله عليه و آله) علينا، و لنشهد على شيعتنا، و لتشهد شيعتنا على الناس، أبى الله عز و جل أن يكون في حكمه اختلاف أو بين أهل علمه تناقض».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «فضل إيمان المؤمن بجملة إِنَّا أَنْزَلْناهُ و تفسيرها، على من ليس مثله في الإيمان بها، كفضل الإنسان على البهائم، و إن الله عز و جل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا لكمال

__________________________________________________

8- الكافي 1: 194/ 7.

(1) في المصدر: أهل.

(2) «كان» ليس في «ج».

(3) النور 24: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص:

708

عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين، و لا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج و العمرة و الجوار».

11770/ [9]- قال: و قال رجل لأبي جعفر (عليه السلام): يا بن رسول الله، لا تغضب علي. قال: «لماذا؟». قال: لما أريد أن أسألك عنه. قال: «قل». قال: و لا تغضب. قال: «و لا أغضب». قال: أ رأيت قولك في ليلة القدر، تنزل الملائكة و الروح فيها إلى الأوصياء، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد علمه، [أو يأتونهم بأمر كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعلمه و قد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مات و ليس من علمه شي ء إلا و علي (عليه السلام) له واع؟

قال أبو جعفر (عليه السلام): «ما لي و ما لك أيها الرجل، و من أدخلك علي»؟ قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدين، قال: «فافهم ما أقول لك، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان و ما سيكون، و كان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر، و كذلك كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد علم جمل العلم، و يأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

قال السائل: أو ما كان في الجمل تفسيره؟ قال: «بلى، و لكنه إنما يأتي بالأمر من الله تبارك و تعالى في ليالي القدر إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و إلى الأوصياء: افعل كذا و كذا، لأمر قد

كانوا علموه، أمروا كيف يعملون فيه».

قلت: فسر لي هذا؟ قال: «لم يمت رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا حافظا لجملة العلم و تفسيره».

قلت: فالذي كان يأتيه في ليالي القدر، علم ما هو؟ قال: «الأمر و اليسر فيما كان قد علم».

قال السائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟ قال: «هذا مما أمروا بكتمانه، و لا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عز و جل».

قال السائل: فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال: «لا، و كيف يعلم وصي غير علم ما اوصي إليه؟».

قال السائل: فهل يسعنا أن نقول: إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: «لا، لم يمت نبي إلا و علمه في جوف وصيه، و إنما تنزل الملائكة و الروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد».

قال السائل: و ما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: «بلى، قد علموه، و لكنهم لا يستطيعون إمضاء شي ء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة». قال السائل: يا أبا جعفر، لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): «من أنكره فليس منا».

قال السائل: يا أبا جعفر، أ رأيت النبي (صلى الله عليه و آله) هل كان يأتيه في ليالي القدر شي ء لم يكن علمه؟ قال:

«لا يحل لك أن تسأل عن هذا، أما علم ما كان و ما يكون؟ فليس يموت نبي و لا وصي إلا و الوصي الذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الذي تسأل عنه، فإن الله عز و جل أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلا أنفسهم».

قال السائل: يا بن رسول الله، كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟

قال: «إذا أتى شهر رمضان فأقرأ

__________________________________________________

9- الكافي 1: 195/ 8.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 709

سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث و عشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه».

11771/ [10]- و قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لما ترون من بعثه الله عز و جل للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين و أرواحهم «1» أكثر مما ترون مع «2» خليفة الله الذي بعثه للعدل و الصواب من الملائكة» قيل:

يا أبا جعفر، و كيف يكون شي ء أكثر من الملائكة؟ قال: «كما يشاء الله عز و جل».

قال السائل: يا أبا جعفر، إني لو حدثت بعض أصحابنا الشيعة بهذا الحديث لأنكروه، قال: «كيف ينكرونه؟» قال: يقولون: إن الملائكة (عليهم السلام) أكثر من الشياطين. قال: «صدقت، افهم عني ما أقول لك، إنه ليس من يوم و لا ليلة إلا و جميع الجن و الشياطين تزور أئمة الضلالة، و تزور أئمة «3» الهدى، عددهم من الملائكة، حتى إذا أتت ليلة القدر فهبط «4» فيها من الملائكة إلى ولي الأمر، خلق الله- أو قال: قيض الله- عز و جل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك و الكذب حتى لعله يصبح فيقول: رأيت كذا و كذا، فلو سئل ولي الأمر عن ذلك لقال:

رأيت شيطانا أخبرك بكذا و كذا حتى يفسر له تفسيرا و يعلمه الضلالة التي هو عليها، و ايم الله إن من صدق بليلة القدر ليعلم أنها لنا خاصة، لقول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) حين دنا موته: هذا وليكم من بعدي، فإن أطعتموه رشدتم، و لكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر، و

من آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فإنه لا يسعه في الصدق إلا أن يقول: إنها لنا، و من لم يقل، فإنه كاذب، إن الله عز و جل أعظم من أن ينزل الأمر مع الروح و الملائكة إلى كافر فاسق، فإن قال: إنه ينزل إلى الخليفة الذي هو عليها، فليس قولهم ذلك بشي ء، و إن قالوا: إنه ليس ينزل إلى أحد، فلا يكون أن ينزل شي ء إلى غير شي ء، و إن قالوا و سيقولون: ليس هذا بشي ء؟ فقد ضلوا ضلالا بعيدا».

11772/ [11]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن حسان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن ليلة القدر، فقال: «التمسها ليلة إحدى و عشرين، أو ثلاث و عشرين».

11773/ [12]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال [له أبو بصير:

جعلت فداك، الليلة التي يرجى فيها ما يرجى؟ فقال: «في إحدى و عشرين، أو ثلاث و عشرين». قال: فإن لم أقو

__________________________________________________

10- الكافي 1: 196/ 9.

11- الكافي 4: 156/ 1.

12- الكافي 4: 156/ 2. [.....]

(1) في المصدر: و أزواجهم.

(2) (مع) ليس في المصدر.

(3) في المصدر: و يزور إمام.

(4) في «ط» و المصدر: فيهبط.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 710

على كلتيهما؟ فقال: «ما أيسر ليلتين فيما تطلب!».

قلت: فربما رأينا الهلال عندنا، و جاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك من أرض أخرى؟ فقال: «ما أيسر أربع ليال تطلبها فيها!».

قلت: جعلت فداك، ليلة ثلاث و عشرين

ليلة الجهني «1»؟ فقال: «إن ذلك ليقال».

قلت: جعلت فداك، إن سليمان بن خالد روى: في تسع عشرة [يكتب وفد الحاج؟ فقال لي: «يا أبا محمد، وفد الحاج يكتب في ليلة القدر و المنايا و البلايا و الأرزاق و ما يكون إلى مثلها في قابل، فاطلبها في ليلة إحدى و ثلاث «2»، و صل في كل واحدة منهما مائة ركعة، و أحيهما إن استطعت إلى النور، و اغتسل فيهما».

قال: قلت: فإن لم أقدر على ذلك و أنا قائم؟ قال: «فصل و أنت جالس». قلت: فإن لم أستطع؟ قال: «فعلى فراشك، لا عليك أن تكتحل أول الليل بشي ء من النوم، إن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان و تصفد الشياطين، و تقبل أعمال المؤمنين، نعم الشهر رمضان، كان يسمى على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المرزوق».

11774/ [13]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن علامة ليلة القدر؟ فقال:

«علامتها أن تطيب ريحها، و إن كانت في برد دفئت، و إن كانت في حر بردت و طابت».

قال: و سئل عن ليلة القدر. فقال: «تنزل فيها الملائكة و الكتبة الى السماء الدنيا، فيكتبون ما يكون في أمر السنة و ما يصيب العباد، و أمره عنده موقوف [له ، و فيه المشيئة، فيقدم [منه ما يشاء و يؤخر منه ما يشاء. و يمحو و يثبت و عنده أم الكتاب».

11775/ [14]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، [قالوا]: قال له بعض أصحابنا، و لا أعلمه إلا سعيد السمان: كيف تكون ليلة القدر خيرا من ألف شهر؟ قال: «العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر».

11776/ [15]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت التوراة في ست مضت من

__________________________________________________

13- الكافي 4: 157/ 3.

14- الكافي 4: 157/ 4.

15- الكافي 4: 157/ 5.

(1) قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «ليلة الجهني» إشارة إلى ما رواه في الفقيه عن زرارة عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: سألته عن الليالي الّتي يستحب فيها الغسل في شهر رمضان فقال: ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين، و قال: ليلة ثلاث و عشرين هي ليلة الجهني و حديثه: أنّه قال لرسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): إن منزلي ناء عن المدينة فمرني بليلة أدخل فيها فأمر بليلة ثلاث و عشرين، ثم قال الصدوق (رحمه اللّه): و اسم الجهني عبد اللّه بن أنيس الأنصاري. «مرآة العقول 16: 382، من لا يحضره الفقيه 2: 103/ 461».

(2) في المصدر: إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 711

شهر رمضان، و نزل الإنجيل في اثنتي عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، و نزل الزبور في ليلة ثماني عشرة مضت من شهر رمضان، و نزل القرآن في ليلة القدر».

11777/ [16]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل و زرارة و

محمد بن مسلم، عن حمران، أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ «1»، قال: «نعم ليلة القدر، و هي في كل سنة في شهر رمضان، في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر، قال الله عز و جل: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «2» قال: يقدر في ليلة القدر كل شي ء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل خير و شر و طاعة و معصية و مولود و أجل أو رزق، فما قدر في تلك السنة و قضي فهو المحتوم، و لله عز و جل فيه المشيئة».

قال: قلت: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أي شي ء عنى بذلك؟ فقال: «العمل الصالح فيها من الصلاة و الزكاة و أنواع الخير، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، و لو لا ما يضاعف الله تبارك و تعالى للمؤمنين، ما بلغوا، و لكن الله يضاعف لهم الحسنات».

11778/ [17]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن بعض أصحابنا، عن داود ابن فرقد، قال: حدثني يعقوب، قال: سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن ليلة القدر، فقال: أخبرني عن ليلة القدر، كانت أو تكون في كل عام؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن».

11779/ [18]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن إسحاق بن عمار، قال: سمعته يقول و ناس يسألونه، يقولون: إن الأرزاق تقسم ليلة النصف من شعبان؟

قال: فقال: «لا و الله، ما ذاك إلا في ليلة

تسع عشرة من شهر رمضان و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين، فإنه في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان، و في ليلة إحدى و عشرين يفرق كل أمر حكيم، و في ليلة ثلاث و عشرين يمضى ما أراد الله عز و جل من ذلك، و هي ليلة القدر التي قال الله جل و عز خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

قال: قلت: ما معنى قوله: «يلتقي الجمعان؟» قال: «يجمع الله فيها ما أراد من تقديمه و تأخيره و إرادته و قضائه».

قال: قلت: فما معنى يمضيه في ثلاث و عشرين؟ قال: «إنه يفرق «3» في ليلة إحدى و عشرين إمضاؤه، و يكون له فيه البداء، فإذا كانت ليلة ثلاث و عشرين أمضاه، فيكون من المحتوم الذي لا يبدو [له فيه تبارك و تعالى».

__________________________________________________

16- الكافي 4: 157/ 6.

17- الكافي 4: 158/ 7.

18- الكافي 4: 158/ 8.

(1) الدخان 44: 3.

(2) الدخان 44: 4. [.....]

(3) في المصدر: يفرقه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 712

11780/ [19]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «التقدير في ليلة تسع عشرة، و الإبرام في ليلة إحدى و عشرين، و الإمضاء في ليلة ثلاث و عشرين».

11781/ [20]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن محمد بن الوليد، و محمد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب، عن علي بن عيسى القماط، عن عمه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أري «1» رسول الله (صلى الله عليه و آله) [في منامه بني أمية يصعدون على منبره من بعده و يضلون الناس عن

الصراط القهقرى، فأصبح [كئيبا] حزينا، قال: فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، ما لي أراك كئيبا حزينا؟ قال: يا جبرئيل، إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي، و يضلون الناس عن الصراط القهقرى! فقال: و الذي بعثك بالحق نبيا، إنني ما اطلعت عليه فعرج إلى السماء، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها [قال :

أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ «2»، و أنزل عليه إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ جعل الله عز و جل ليلة القدر لنبيه (صلى الله عليه و آله) خيرا من ألف شهر ملك بني أمية».

11782/ [21]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن رفاعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ليلة القدر [هي أول السنة و هي آخرها».

11783/ [22]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن الحكم، عن ربيع المسلي، و زياد ابن أبي الحلال، ذكراه عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، و في ليلة إحدى و عشرين القضاء، و في ليلة ثلاث و عشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها لله جل ثناؤه، يفعل ما يشاء في خلقه».

11784/ [23]- محمد بن العباس: عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

في قوله عز و جل: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، قال: «من ملك بني أمية، قال: و قوله تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أي من عند ربهم على محمد و آل محمد بكل أمر سلام».

__________________________________________________

19- الكافي 4: 159/ 9.

20- الكافي 4: 159/ 10.

21- الكافي 4: 160/ 11.

22- الكافي 4: 160/ 12.

23- تأويل الآيات 2: 820/ 8.

(1) في «ط» و المصدر: رأى.

(2) الشعراء 26: 205- 207.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 713

11785/ [24]- و عنه: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي يحيى الصنعاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «قال لي أبي محمد: قرأ علي بن أبي طالب (عليه السلام) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ و عنده الحسن و الحسين (عليهما السلام) فقال له الحسين (عليه السلام): يا أبتاه، كان بها من فيك حلاوة. فقال له: يا بن رسول الله و ابني، أعلم أني أعلم فيها ما لا تعلم، إنها لما أنزلت بعث إلي جدك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقرأها علي، ثم ضرب على كتفي الأيمن، و قال: يا أخي و وصيي و وليي على أمتي بعدي، و حرب أعدائي إلى يوم يبعثون، هذه السورة لك من بعدي، و لولديك «1» من بعدك، إن جبرئيل أخي من الملائكة حدث «2» لي أحداث أمتي في سنتها، و إنه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوة، و لها نور ساطع في قلبك و قلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم».

11786/ [25]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في

صلاة النبي (صلى الله عليه و آله) في السماء، في حديث الاسراء- قال (عليه السلام): «ثم أوحى الله عز و جل إليه: اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك و تعالى [قُلْ هُوَ] اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ «3» و هذا في الركعة الأولى، ثم أوحى الله عز و جل إليه: اقرأ بالحمد لله، فقرأها مثل ما قرأ أولا، ثم أوحى [الله عز و جل إليه: اقرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فإنها نسبتك و نسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة».

11787/ [26]- شرف الدين النجفي، قال: روي عن محمد بن جمهور، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قوله عز و جل: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ هو سلطان بني أمية».

و قال: «ليلة من إمام عادل «4» خير من ألف شهر ملك بني أمية».

و قال: «تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ أي من عند ربهم على محمد و آل محمد بكل أمر سَلامٌ».

11788/ [27]- و عنه أيضا: عن محمد بن جمهور، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدر سبحانه و تعالى فيها؟ قال: «لا توصف قدرة الله تعالى، إلا أنه قال: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «5» فكيف يكون حكيما إلا ما فرق، و لا توصف قدرة الله سبحانه، لأنه

__________________________________________________

24- تأويل الآيات 2: 820/ 9.

25- الكافي 3: 485/ 1.

26- تأويل الآيات 2: 827/ 2.

27- تأويل الآيات 2: 818/ 3.

(1) في المصدر: و لولدك.

(2) في «ط، ج»: أحدث. [.....]

(3)

التوحيد 112: 1- 4.

(4) في المصدر: عدل.

(5) الدخان 44: 4.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 714

يحدث ما يشاء.

و أما قوله تعالى: [لَيْلَةُ الْقَدْرِ] خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يعني فاطمة (سلام الله عليها)، و قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها و الملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد (عليهم السلام)، و الروح روح القدس و هي «1» فاطمة (عليها السلام) مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ يقول: [من كل أمر سلمه «2» حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يعني حتى يقوم القائم (عليه السلام)».

11789/ [28]- و عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن رجاله: عن عبد الله بن عجلان السكوني، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «بيت علي و فاطمة [من حجرة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و سقف بيتهم عرش رب العالمين، و في قعر بيوتهم فرجة مكشوطة إلى العرش معراج الوحي و الملائكة، تنزل عليهم بالوحي صباحا و مساء، و كل ساعة و طرفة عين، و الملائكة لا ينقطع فوجهم، فوج ينزل و فوج يصعد، و إن الله تبارك و تعالى كشف لإبراهيم (عليه السلام) عن السماوات حتى أبصر العرش، و زاد الله في قوة ناظره، و إن الله زاد في قوة ناظر محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم)، و كانوا يبصرون العرش، و لا يجدون لبيوتهم سقفا غير العرش، فبيوتهم مسقفة بعرش الرحمن، و معارج الملائكة، و الروح فوج بعد فوج، لا انقطاع لهم، و ما من بيت من بيوت الأئمة منا إلا و فيه معراج الملائكة، لقول الله عز و جل: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ».

قال: قلت: مِنْ

كُلِّ أَمْرٍ؟ قال: «بكل أمر» فقلت: هذا التنزيل؟ قال: «نعم».

11790/ [29]- و عن أبي ذر (رضي الله عنه)، قال: قلت: يا رسول الله، ليلة القدر، شي ء يكون على عهد الأنبياء ينزل عليهم فيها الأمر، فإذا مضوا رفعت؟ قال: «لا، بل هي إلى يوم القيامة».

11791/ [30]- و عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «إذا كان ليلة القدر تنزل الملائكة الذين هم سكان سدرة المنتهى، و فيهم جبرئيل، و معهم ألوية، فينصب لواء منها على قبري، و لواء منها في المسجد الحرام، و لواء على بيت المقدس، و لواء على طور سيناء، و لا يدع مؤمنا و لا مؤمنة إلا و يسلم عليه، إلا مدمن الخمر، و آكل لحم الخنزير المنضج «3» بالزعفران». و ورد: أنها الليلة المباركة التي يفرق فيها كل أمر حكيم.

11792/ [31]- و من طريق المخالفين: ما رواه الترمذي في (صحيحه)، قال: قام رجل إلى الحسن (عليه السلام)

__________________________________________________

28- تأويل الآيات 2: 818/ 4.

29- تأويل الآيات 2: 819/ 5.

30- تأويل الآيات 2: 816/ 1، مجمع البيان 10: 789.

31- سنن الترمذي 5: 444/ 3350.

(1) في المصدر: القدس و هو في.

(2) في المصدر: أمر مسلّمة.

(3) في المصدر: المضمخ، و في المجمع: و المتضمخ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 715

بعد ما بايع [معاوية]، فقال: سودت وجوه المؤمنين «1». فقال: «لا تؤذيني «2» رحمك الله، فإن النبي (صلى الله عليه و آله) أري بني أمية على منبره، فساءه ذلك، فأنزل الله عليه إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ «3»، و الكوثر نهر «4» في الجنة، و نزلت إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يملكها بنو

أمية، يا محمد».

قال القاسم «5»: فعددناها فإذا هي ألف شهر لا تنقص يوما و لا تزيد «6».

11793/ [32]- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فهو القرآن أنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جملة واحدة، و على رسول الله (صلى الله عليه و آله) في طول [ثلاث و] عشرين سنة وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ و معنى ليلة القدر أن الله تعالى يقدر فيها الآجال و الأرزاق و كل أمر يحدث من موت أو حياة أو خصب أو جدب أو خير أو شر، كما قال الله: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «7» إلى سنة.

قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها قال: تنزل الملائكة و روح القدس على إمام الزمان، و يدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الأمور.

قوله: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، قال: رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله) في نومه كأن قردة يصعدون منبره فغمه ذلك، فأنزل الله: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تملكه بنو أمية ليس فيها ليلة القدر.

قوله: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ قال: تحية يحيى بها الامام إلى أن يطلع الفجر.

و

قيل لأبي جعفر (عليه السلام): تعرفون ليلة القدر؟ فقال: «و كيف لا نعرف [ليلة القدر] و الملائكة تطوف بنا فيها!».

__________________________________________________

32- تفسير القمّي 2: 431.

(1) زاد في المصدر: أو يا مسوّد وجوه المؤمنين.

(2) في المصدر: لا تؤنبني.

(3) الكوثر 108: 1. [.....]

(4) في المصدر: يا محمّد يعني نهرا.

(5) و هو القاسم بن الفضل الحداني، الذي في سند الحديث.

(6) في المصدر: ألف يوم لا يزيد يوم و لا ينقص.

(7) الدخان 44: 4.

البرهان في تفسير

القرآن، ج 5، ص: 717

سورة البينة ..... ص : 717

فضلها ..... ص : 717

11794/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة (لم يكن) كان بريئا من المشركين «1»، و ادخل في دين محمد (صلى الله عليه و آله)، و بعثه الله عز و جل مؤمنا، و حاسبه حسابا يسيرا».

11795/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان يوم القيامة مع خير البرية رفيقا و صاحبا، و هو علي (عليه السلام)، و إن كتبت في إناء جديد و نظر فيها صاحب اللقوة بعينيه برى ء منها».

11796/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها على خبز رقاق و أطعمها سارق غص، و يفتضح من ساعته، و من قرأها على خاتم باسم سارق تحرك الخاتم».

11797/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها عليه، و كان فيه يرقان «2»، زال عنه، و إذا علقت على بياض بالعين، و البرص، و شرب ماؤها، دفعه الله عنه، و إن شربت ماءها الحوامل نفعتها، و سلمتها من سموم الطعام، و إذا كتبت على جميع الأورام أزالتها بقدرة الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 124.

2- .......

3- .......

4- خواص القرآن: 15 «مخطوط».

(1) في المصدر: الشرك.

(2) اليرقان: حالة مرضيّة تمنع الصّفراء من بلوغ المعى بسهولة. «المعجم الوسيط 2: 1064».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 718

سورة البينة(98): الآيات 1 الي 8 ..... ص : 718

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ- إلى قوله تعالى- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [1- 8]

11798/ [1]- شرف الدين النجفي، قال: روى محمد بن خالد البرقي مرفوعا، عن عمرو

بن شمر، عن جابر ابن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله عز و جل: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ، قال: «هم مكذبو الشيعة، لأن الكتاب هو الآيات، و أهل الكتاب الشيعة».

و قوله: وَ الْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ يعني المرجئة حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، قال: حتى يتضح لهم الحق، و قوله: رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يعني محمدا (صلى الله عليه و آله)، يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً يعني يدل على اولي الأمر من بعده و هم الأئمة (عليهم السلام) و هم الصحف المطهرة.

و قوله: فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ أي عندهم الحق المبين، و قوله: وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يعني مكذبي الشيعة، و قوله: إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ أي من بعد ما جاءهم الحق وَ ما أُمِرُوا هؤلاء الأصناف إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ و الإخلاص: الإيمان بالله و رسوله و الأئمة (عليهم السلام)، و قوله:

وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ و الصلاة «1»: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ. قال: هي فاطمة (عليها السلام).

و قوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ، قال: الذين آمنوا بالله و رسوله و بأولي الأمر و أطاعوهم بما

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 829/ 1.

(1) في المصدر: فالصلاة و الزكاة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 719

أمروهم به، فذلك هو الإيمان و العمل الصالح.

11799/ [2]- و قال: قوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ،

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الله راض عن المؤمن في الدنيا و الآخرة، و المؤمن و إن كان راضيا عن الله فإن في قلبه ما فيه، لما يرى في هذه الدنيا من التمحيص، فإذا عاين الثواب يوم القيامة رضي عن الله الحق حق

الرضا، و هو قوله: وَ رَضُوا عَنْهُ، و قوله: ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ أي أطاع ربه».

11800/ [3]- شرف الدين النجفي: و روى علي بن أسباط، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ، قال: «هو ذلك دين «1» القائم (عليه السلام)».

11801/ [4]- محمد بن العباس: عن أحمد بن الهيثم، عن الحسن بن عبد الواحد، عن الحسن بن الحسين، عن يحيى بن مساور، عن إسماعيل بن زياد، عن إبراهيم بن مهاجر، عن يزيد بن شراحيل كاتب علي (عليه السلام)، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: «حدثني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنا مسنده إلى صدري، و عائشة عند أذني، فأصغت عائشة لتسمع إلى ما يقول، فقال: أي أخي، ألم تسمع قول الله عز و جل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أنت و شيعتك، و موعدي و موعدكم الحوض إذا جثت الأمم تدعون غرا محجلين شباعا مرويين».

11802/ [5]- و عنه: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن أبي مخنف، عن يعقوب بن يزيد «2»، ثم إنه وجد في كتب أبيه أن عليا (عليه السلام) قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، ثم التفت إلي فقال: أنت يا علي و شيعتك، و ميعادك و ميعادهم الحوض، تأتون غرا محجلين متوجين». قال يعقوب: فحدثت بهذا الحديث أبا جعفر (عليه السلام)، فقال: «هكذا هو عندنا في كتاب علي (عليه السلام)».

11803/ [6]- و عنه: عن

أحمد بن محمد الوراق، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن أبي عبد الله، عن مصعب بن سلام، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة (عليها السلام): يا بنية بأبي أنت و أمي، أرسلي إلى بعلك فادعيه إلي»، فقالت فاطمة للحسن (عليه السلام): انطلق إلى أبيك، فقل له: إن جدي يدعوك. فانطلق إليه الحسن فدعاه، فأقبل أمير

__________________________________________________

2- تأويل الآيات 2: 830/ 1.

3- تأويل الآيات 2: 831/ 2. [.....]

4- تأويل الآيات 2: 831/ 3.

5- تأويل الآيات 2: 831/ 4.

6- تأويل الآيات 2: 832/ 5.

(1) في «ي»: الدين.

(2) في المصدر: يعقوب بن ميثم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 720

المؤمنين (عليه السلام) حتى دخل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و فاطمة عنده، و هي تقول: وا كرباه لكربك يا أبتاه. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا كرب على أبيك بعد هذا اليوم. يا فاطمة، إن النبي لا يشق عليه الجيب، و لا يخمش عليه الوجه، و لا يدعى عليه بالويل، و لكن قولي كما قال أبوك على ابنه إبراهيم: تدمع العين، و قد يوجع القلب، و لا نقول ما يسخط الرب، و إنا بك- يا إبراهيم- لمحزونون، و لو عاش إبراهيم لكان نبيا.

ثم قال: يا علي ادن مني. فدنا منه، فقال: أدخل أذنك في فمي. ففعل، فقال: يا أخي، ألم تسمع قول الله عز و جل في كتابه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ؟ قال: بلى، يا رسول الله.

قال: هم أنت و شيعتك،

تجيئون غرا محجلين شباعا مرويين، أ لم تسمع قوله الله عز و جل في كتابه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ؟ قال: بلى، يا رسول الله قال: هم أعداؤك و شيعتهم، يجيئون يوم القيامة مسودة وجوههم ظماء مظمئين، أشقياء معذبين، كفارا منافقين، ذاك لك و لشيعتك، و هذا لعدوك و شيعتهم».

11804/ [7]- و عنه: عن جعفر بن محمد الحسني، و محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف، عن أحمد بن عبد الله، عن معاوية، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع: أن عليا (عليه السلام) قال لأهل الشورى: «أنشدكم بالله، هل تعلمون يوم أتيتكم و أنتم جلوس مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: هذا أخي قد أتاكم، ثم التفت إلى الكعبة، قال: و رب الكعبة المبنية، إن هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم أقبل عليكم و قال: أما إني أولكم إيمانا، و أقومكم بأمر الله، و أوفاكم بعهد الله، و أقضاكم بحكم الله، و أعدلكم في الرعية، و أقسمكم بالسوية، و أعظمكم عند الله مزية، فأنزل الله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ فكبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و كبرتم، و هنأتموني بأجمعكم، فهل تعلمون أن ذلك كذلك؟» قالوا:

اللهم نعم.

11805/ [8]- الشيخ في (أماليه)، قال: قرئ على أبي القاسم علي بن شبل بن أسد الوكيل، و أنا أسمع، في منزله ببغداد في الربض بباب محول في صفر سنة عشر و أربعمائة: حدثنا ظفر بن حمدون بن أحمد بن شداد البادرائي أبو منصور

ببادرايا في شهر ربيع الآخر من سنة سبع و أربعين و ثلاثمائة، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري في منزله بفارسفان من رستاق الأسفيدهان من كورة نهاوند في شهر رمضان من سنة خمس و تسعين و مائتين، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عمرو بن شمر، عن يعقوب بن ميثم التمار مولى علي بن الحسين، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني وجدت في كتب أبي أن عليا (عليه السلام) قال لأبي ميثم: «أحبب حبيب آل محمد و إن كان فاسقا زانيا، و أبغض مبغض آل محمد و إن كان صواما قوما، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو يقول: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 833/ 6.

8- الأمالي 2: 19.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 721

ثم التفت إلي، و قال: هم و الله [أنت و شيعتك يا علي، و ميعادك و ميعادهم الحوض غدا، غرا محجلين متوجين».

فقال أبو جعفر: «هكذا هو عيان في كتاب علي (عليه السلام)».

11806/ [9]- و عنه، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني، قال: حدثنا إبراهيم بن أنس الأنصاري، قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر ابن عبد الله، قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه و آله) فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال [النبي (صلى الله

عليه و آله)]: «قد أتاكم أخي» ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثم قال: «و الذي نفسي بيده، إن هذا و شيعته لهم الفائزون [يوم القيامة]» ثم قال: «إنه أولكم إيمانا معي، و أوفاكم بعهد الله، و أقومكم بأمر الله، و أعدلكم في الرعية، و أقسمكم بالسوية، و أعظمكم عند الله مزية» قال: فنزلت إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ قال: فكان أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) إذا أقبل علي (عليه السلام) قالوا: قد جاء خير البرية.

11807/ [10]- و عنه، قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدو، المعروف بابن الحاشر، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال، قال: أخبرنا العباس بن عامر، قال: حدثنا أحمد بن رزق، عن يحيى بن العلاء الرازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «دخل علي (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و هو في بيت أم سلمة، فلما رآه، قال: كيف أنت يا علي إذا جمعت الأمم، و وضعت الموازين، و برز لعرض خلقه، و دعي الناس إلى ما لا بد منه؟ قال: فدمعت عين أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما يبكيك يا علي، تدعى و الله أنت و شيعتك غرا محجلين، رواء مرويين، مبيضة وجوههم، و يدعى بعدوك مسودة وجوههم، أشقياء معذبين، أما سمعت إلى قول الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أنت و شيعتك، و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك هم شر البرية، عدوك يا علي».

صاحب (الأربعين)، و هو [الحديث الثامن و

العشرون من أحاديث الأربعين، قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن علي بن الحسن الصفار بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي، قال: أخبرنا أبو العباس بن عقدة، قال:

حدثنا محمد بن أحمد القطواني، قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن مسلم «1»، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه و آله)، فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال النبي: «قد أتاكم __________________________________________________

9- الأمالي 1: 257.

10- الأمالي 2: 283.

(1) في الحديث «9»: سلمة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 722

أخي» ثم التفت إلى الكعبة، فضربها بيده «1»، و ذكر مثل ما تقدم من رواية الشيخ في (أماليه) «2».

11808/ [11]- ابن الفارسي في (الروضة): قال الباقر (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) مبتدئا: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ هم أنت و شيعتك».

11809/ [12]- ابن شهر آشوب: عن أبي بكر الهذلي، عن الشعبي: أن رجلا أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال:

يا رسول الله، علمني شيئا ينفعني الله به. قال: «عليك بالمعروف، فإنه ينفعك في عاجل دنياك و آخرتك»، إذ أقبل علي (عليه السلام)، فقال: «يا رسول الله، فاطمة تدعوك» قال: «نعم». فقال الرجل: من هذا يا رسول الله؟ قال: «هذا من الذين أنزل الله فيهم إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوالصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ».

11810/ [13]- ابن عباس و أبو برزة، و ابن شراحيل، و الباقر (عليه السلام)، قال النبي (صلى الله عليه و آله) لعلي مبتدئا: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أنت و شيعتك، و ميعادي

و ميعادكم الحوض إذا حشر الناس جئت أنت و شيعتك شباعا مرويين، غرا محجلين» و في خبر آخر: «أنت خير البرية، و شيعتك غر محجلون».

11811/ [14]- أبو نعيم الأصفهاني في (ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام)): بالإسناد، عن شريك بن عبد الله، عن أبي إسحاق، عن الحارث، قال علي (عليه السلام): «نحن أهل بيت لا نقاس بالناس». فقام رجل فأتى ابن عباس، فأخبره بذلك، فقال: صدق علي، النبي لا يقاس بالناس؟ و قد نزل في علي (عليه السلام) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.

11812/ [15]- أبو بكر الشيرازي في كتاب (نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام)): أنه حدث مالك ابن أنس، عن حميد، عن أنس بن مالك، قال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا نزلت في علي، صدق أول الناس برسول الله (صلى الله عليه و آله) وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ تمسكوا بأداء الفرائض أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ يعني عليا أفضل الخليفة بعد النبي (صلى الله عليه و آله)، إلى آخر السورة.

11813/ [16]- الأعمش، عن عطية، عن الخدري، و روى الخطيب الخوارزمي، عن جابر، أنه لما نزلت هذه الآية قال النبي (صلى الله عليه و آله): «علي خير البرية» و في رواية جابر: كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا أقبل علي

__________________________________________________

11- روضة الواعظين: 105.

12- المناقب 3: 68.

13- المناقب 3: 68.

14- المناقب 3: 68. [.....]

15- المناقب 3: 68.

16- المناقب 3: 69.

(1) أربعين الخزاعي: 28/ 28.

(2) تقدّم في الحدث «9».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 723

قالوا: جاء خير البرية.

11814/ [17]- و من طريق المخالفين: موفق بن أحمد في كتاب (المناقب)، قال: أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه

الديلمي فيما كتب إلي من همذان، حدثنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمذاني إجازة، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري (رضي الله عنه) بداره بأصبهان في سكة الخوارج، و أخبرنا الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الأصبهاني، حدثنا أحمد بن محمد ابن السري، أخبرنا المنذر بن محمد بن المنذر، حدثني أبي، حدثني عمي الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن إسماعيل بن زياد البزاز، عن إبراهيم بن مهاجر، حدثنا يزيد بن شراحيل الأنصاري، كاتب علي (عليه السلام)، قال:

سمعت عليا (عليه السلام) يقول: «حدثني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنا مسنده إلى صدري، فقال: أي علي، ألم تسمع قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ؟ أنت و شيعتك، و موعدي و موعدكم الحوض، إذا جثت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين».

11815/ [18]- و روى الحبري، يرفعه إلى ابن عباس، قال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ في علي (عليه السلام) و شيعته.

11816/ [19]- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ يعني قريشا مُنْفَكِّينَ قال: هم في كفرهم حتى تأتيهم البينة.

11817/ [20]- ثم قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «البينة: محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)».

11818/ [21]- [و قال علي بن إبراهيم، [في قوله : وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ، قال: لما جاءهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالقرآن خالفوه و تفرقوا بعده، قوله: حُنَفاءَ، قال: طاهرين، قوله:

وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ، أي دين قيم، قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ قال: أنزل عليهم القرآن فارتدوا و كفروا و عصوا أمير المؤمنين (عليه السلام) أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ، قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، قال: نزلت في آل الرسول (عليهم السلام).

11819/ [22]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا سعيد بن محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس،

__________________________________________________

17- المناقب للخوارزمي: 187.

18- تفسير الحبري: 328/ 71.

19- تفسير القمّي 2: 432.

20- تفسير القمّي 2: 432.

21- تفسير القمّي 2: 432.

22- تفسير القمّي 2: 432.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 724

في قوله: أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ يريد خير الخلق جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يصف الواصفون خير ما فيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يريد رضي أعمالهم وَ رَضُوا عَنْهُ رضوا بثواب الله ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ يريد لمن خاف و تناهى عن معاصي الله.

11820/ [23]- أحمد بن محمد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن بعض الكوفيين، عن عنبسة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، قال:

«هم شيعتنا أهل البيت».

11821/ [24]- الطبرسي، قال: في كتاب (شواهد التنزيل) للحاكم أبي القاسم الحسكاني، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، بالإسناد المرفوع إلى يزيد بن شراحيل الأنصاري، كاتب علي (عليه السلام)، قال سمعت عليا (عليه السلام) يقول: «قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أنا مسنده

إلى صدري، فقال: يا علي، ألم تسمع قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ؟ هم شيعتك، و موعدي و موعدكم الحوض إذا اجتمع الأمم للحساب تدعون غرا محجلين».

11822/ [25]- و روى الطبرسي، رفعه: عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله: هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، قال: نزلت في علي و أهل بيته (عليهم السلام).

__________________________________________________

23- المحاسن: 171/ 140.

24- مجمع البيان 10: 795.

25- مجمع البيان 10: 795.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 725

سورة الزلزلة ..... ص : 725

فضلها ..... ص : 725

11823/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن أبيه، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: «لا تملوا من قراءة إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها فإنه من كانت قراءته بها في نوافله، لم يصبه الله عز و جل بزلزلة أبدا، و لم يمت بها و لا بصاعقة و لا بآفة من آفات الدنيا حتى يموت، فإذا مات نزل عليه ملك كريم من عند ربه، فيقعد عند رأسه، فيقول: يا ملك الموت أرفق بولي الله، فإنه كان كثيرا ما يذكرني و يكثر تلاوة هذه السورة، و تقول له السورة مثل ذلك، فيقول ملك الموت: قد أمرني ربي أن أسمع له و أطيع، و لا أخرج روحه حتى يأمرني بذلك، فإذا أمرني أخرجت روحه، و لا يزال ملك الموت عنده حتى يأمره بقبض روحه، و إذا كشف له الغطاء، فيرى منازله في الجنة، فيخرج روحه في ألين ما يكون من العلاج، ثم يشيع روحه إلى الجنة سبعون ألف ملك يبتدرون بها إلى الجنة».

11824/ [2]- ابن بابويه: بإسناده، عن علي بن معبد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه

السلام)، قال: «لا تملوا [من قراءة إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ، فمن كانت قراءته في نوافله لم يصبه الله عز و جل بزلزلة أبدا، و لم يمت بها و لا بصاعقة و لا بآفة من آفات الدنيا، فإذا أمر به إلى الجنة فيقول الله عز و جل: عبدي أبحتك جنتي، فاسكن منها حيث شئت و هويت لا ممنوعا و لا مدفوعا».

11825/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطي من الأجر كمن قرأ ربع القرآن، و من كتبها على خبز الرقاق و أطمعها صاحب السرقة غص بها صاحب الجريرة

__________________________________________________

1- الكافي 2: 458/ 24. [.....]

2- ثواب الأعمال: 123.

3- ......

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 726

و أفتضح».

11826/ [4]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها على خبز رقاق و أطعمها سارقا غص و يفتضح من ساعته، و من قرأها على خاتم باسم سارق تحرك الخاتم».

11827/ [5]- و قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها و علقها عليه أو قرأها و هو داخل على سلطان يخاف منه، نجا مما يخاف منه و يحذر، و إذا كتبت على طشت جديد لم يستعمل و نظر فيه صاحب القوة أزيل وجعه بإذن الله تعالى بعد ثلاث أو أقل».

__________________________________________________

4- ......

5- خواص 3 القرآن: 15 «نحوه».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 727

سورة الزلزلة(99): الآيات 1 الي 8 ..... ص : 727

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها- إلى قوله تعالى- وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [1- 8]

11828/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن أحمد، قال: حدثنا أبو

عبد الله الرازي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن روح بن صالح، عن هارون بن خارجة، رفعه، عن فاطمة (عليها السلام)، قالت: «أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر، ففزعوا إلى أبي بكر و عمر، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي (عليه السلام)، فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى [باب علي (عليه السلام)، فخرج إليهم علي (عليه السلام) غير مكترث لما هم فيه، فمضى فاتبعه الناس حتى انتهى إلى تلعة «1»، فقعد عليها و قعدوا حوله و هم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية و ذاهبة، فقال لهم علي (عليه السلام) كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا: و كيف لا يهولنا و لم نر مثلها قط! فحرك شفتيه ثم ضرب الأرض بيده، ثم قال: مالك؟ اسكني، فسكنت، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم، قال [لهم : فإنكم قد تعجبتم من صنعي؟ قالوا: نعم، قال: أنا الرجل الذي قال الله تعالى: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها، فأنا الإنسان الذي يقول لها: ما لك يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إياي تحدث أخبارها».

11829/ [2]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن أحمد، عن يحيى بن محمد بن أيوب، عن

__________________________________________________

1- علل الشرائع: 556/ 8.

2- علل الشرائع: 555/ 5.

(1) التلعة: ما انهبط من الأرض، و قيل: ما ارتفع، و هو من الأضداد «لسان العرب 8: 36».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 728

علي بن مهزيار، عن ابن سنان، عن يحيى الحلبي، عن عمر بن أبان، عن جابر، قال: حدثني تميم بن حذيم، قال: كنا مع علي (عليه السلام) حيث توجهنا إلى البصرة، قال: فبينا

نحن نزول إذ اضطربت الأرض، فضربها علي (عليه السلام) بيده، ثم قال لها: «ما لك؟» ثم أقبل علينا بوجهه، ثم قال لنا: «أما إنها لو كانت الزلزلة التي ذكرها الله عز و جل في كتابه لأجابتني، و لكنها ليست تلك».

11830/ [3]- محمد بن العباس: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن الصباح المزني، عن الأصبغ بن نباتة، قال: خرجنا مع علي (عليه السلام) و هو يطوف في السوق، فيأمرهم بوفاء الكيل و الوزن حتى إذا انتهى إلى باب القصر ركض الأرض برجله «1» المباركة، فتزلزلت، فقال: «هي هي، ما لك؟ اسكني، أما و الله إني أنا الإنسان الذي تنبئه الأرض أخبارها، أو رجل مني».

11831/ [4]- و عنه: عن علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عبيد الله بن سليمان النجفي «2»، عن محمد بن الخراساني، عن الفضل «3» بن الزبير، قال: إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان جالسا في الرحبة «4» فتزلزلت الأرض، فضربها علي (عليه السلام) بيده، ثم قال لها: «قري، إنه إنما هو قيام، و لو كان ذلك لأخبرتني، و إني أنا الذي تحدثه الأرض أخبارها، ثم قرأ: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها أما ترون أنها تحدث عن ربها؟».

11832/ [5]- و عنه: عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن يحيى الحلبي، عن عمر بن أبان، عن جابر الجعفي، قال: حدثني تميم بن جذيم، قال: كنا مع علي (عليه السلام) حيث توجهنا إلى

البصرة، فبينا نحن نزول إذ اضطربت الأرض، فضربها علي (عليه السلام) بيده، ثم قال: «ما لك [اسكني ؟» فسكنت، ثم أقبل علينا بوجهه الشريف، ثم قال لنا: «أما إنها لو كانت الزلزلة التي ذكرها الله في كتابه لأجابتني، و لكنها ليست تلك».

روى محمد بن هارون البكري بإسناده إلى هارون بن خارجة حديثا، يرفعه إلى سيدة النساء فاطمة (عليها السلام)، قالت: «أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر و عمر، ففزع الناس إليهما، فوجدوهما [قد خرجا]

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 385/ 1.

4- تأويل الآيات 2: 835/ 2.

5- تأويل الآيات 2: 836/ 3.

(1) ركض الأرض و الثوب: ضربهما برجله. «لسان العرب 7: 159».

(2) في المصدر: عبد اللّه بن سليمان النخعي، و قد ورد اسم: عبيد بن سليمان النخعي يروى عنه إبراهيم بن محمّد الثقفي في كتاب الغارات: 11.

(3) في المصدر: فضيل.

(4) الرّحبة، بالضم: بقرب القادسية، على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة، و الرّحبة، بالفتح، بالفتح: هي محلة بالكوفة تنسب إلى خنيس بن سعد: «مراصد الاطلاع 2: 608». [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 729

فزعين إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) «1»» و ذكر مثل ما تقدم «2».

11833/ [6]- و روى أبو علي الحسن بن محمد بن جمهور العمي، قال: حدثني الحسن بن عبد الرحيم التمار، قال: انصرفت من مجلس بعض الفقهاء، فمررت على سلمان الشاذكوني، فقال لي: من أين جئت؟ فقلت:

جئت من مجلس فلان- يعني واضع كتاب (الواحدة)- فقال لي: ماذا قوله فيه؟ فقلت شي ء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: و الله لأحدثنك بفضيلة حدثني بها قرشي عن قرشي إلى أن بلغ ستة نفر [منهم ، ثم قال: رجفت

قبور البقيع على عهد عمر بن الخطاب، فضج أهل المدينة من ذلك، فخرج عمر و أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يدعون لتسكن الرجفة، فما زالت تزيد إلى أن تعدى ذلك إلى حيطان المدينة، و عزم أهلها على الخروج عنها، فعند ذلك قال عمر: علي بأبي الحسن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحضر، فقال:

يا أبا الحسن، ألا ترى إلى قبور البقيع و رجفتها حتى تعدى ذلك إلى حيطان المدينة و قد هم أهلها بالرحلة عنها؟

فقال علي (عليه السلام): «علي بمائة رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) البدريين» فاختار من المائة عشرة، فجعلهم خلفه، و جعل التسعين من ورائهم، و لم يبق بالمدينة سوى هؤلاء إلا حضر حتى لم يبق بالمدينة ثيب و لا عاتق «3» إلا خرجت، ثم دعا بأبي ذر و مقداد و سلمان و عمار، فقال لهم: «كونوا بين يدي» حتى توسط البقيع، و الناس محدقون به، فضرب الأرض برجله، ثم قال: «ما لك ما لك؟» ثلاثا، فسكنت، فقال: «صدق الله و صدق رسوله (صلى الله عليه و آله)، لقد أنبأني بهذا الخبر، و هذا اليوم، و هذه الساعة، و باجتماع الناس له، إن الله عز و جل يقول في كتابه: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها، أما لو كانت هي هي لقلت: ما لها، و أخرجت الأرض لي أثقالها» ثم انصرف و انصرف الناس معه، و قد سكنت الرجفة.

11834/ [7]- علي بن إبراهيم: في معنى السورة إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها قال: من الناس وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها، قال: ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)

يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إلى قوله تعالى: أَشْتاتاً، قال: يجيئون «4» أشتاتا مؤمنين و كافرين و منافقين لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ قال: يقفون على ما فعلوه [ثم قال : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ، و هو رد على المجبرة الذين يزعمون أنه لا فعل لهم.

11835/ [8]- قال: و في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ:

__________________________________________________

6- تأويل الآيات 2: 837/ 5.

7- تفسير القمي 2: 433.

8- تفسير القمي 2: 433.

(1) تأويل الآيات 2: 836/ 4.

(2) تقدم في الحديث (1) من هذه السورة.

(3) جارية عاتق: أي شابة أول ما أدركت فخدرت في بيت أهلها و لم تبن إلى زوج. «الصحاح 4: 1520».

(4) في المصدر: يحيون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 730

«يقول: إن كان من أهل النار [و كان قد عمل مثقال ذرة في الدنيا خيرا [يره يوم القيامة حسرة، إن كان عمله لغير الله وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ يقول: إن كان من أهل الجنة رأى ذلك الشر يوم القيامة، ثم غفر الله تعالى له».

و قد تقدم حديث في ذلك في سورة البلد «1».

__________________________________________________

(1) تقدّم في الحديث (21) من تفسير الآيات (1- 20) من سورة البلد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 731

سورة العاديات ..... ص : 731

فضلها ..... ص : 731

11836/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة العاديات و أدمن قراءتها بعثه الله عز و جل مع أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم القيامة خاصة، و كان في حجره «1» و رفقائه».

11837/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)،

أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطي من الأجر كمن قرأ القرآن، و من أدمن قراءتها و عليه دين أعانه الله على قضائه سريعا، كائنا ما كان».

11838/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من صلى بها العشاء الآخرة عدل ثوابها نصف القرآن، و من أدمن قراءتها و عليه دين أعانه الله تعالى على قضائه سريعا».

11839/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها للخائف أمن من الخوف، و قراءتها للجائع يسكن جوعه، و العطشان يسكن عطشه، فإذا قرأها و أدمن قراءتها المديون أدى الله عنه دينه بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 125.

2- .......

3- .......

4- خواص القرآن: 15 «مخطوط».

(1) حجر فلان: أي في كنفه و منعته و منعه. «لسان العرب 4: 168».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 732

سورة العاديات(100): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 732

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً- إلى قوله تعالى- إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ [1- 11]

11840/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً فَالْمُورِياتِ قَدْحاً، قال: «هذه السورة نزلت في أهل وادي اليابس».

قال: قلت: و ما كان حالهم و قصتهم؟ قال: «إن أهل وادي اليابس اجتمعوا اثني عشر ألف فارس، و تعاقدوا و تعاهدوا و توافقوا «1» على أن لا يتخلف رجل عن رجل، و لا يخذل أحد أحدا، و لا يفر رجل عن صاحبه حتى يموتوا كلهم على حلف واحد، و يقتلوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عليا (عليه السلام)، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، و أخبره بقصتهم و ما تعاقدوا عليه و توافقوا، و أمره أن يبعث أبا بكر إليهم في أربعة آلاف فارس من المهاجرين و الأنصار، فصعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: يا معشر المهاجرين و الأنصار، إن جبرئيل قد أخبرني أن أهل وادي اليابس اثنا عشر ألف فارس، قد استعدوا و تعاهدوا و تعاقدوا على أن لا يغدر رجل منهم بصاحبه و لا يفر عنه، و لا يخذله حتى يقتلوني و أخي علي بن أبي طالب، [و قد] أمرني أن أسير إليهم أبا بكر في أربعة آلاف فارس، فخذوا في مسيركم «2»، و استعدوا لعدوكم، و انهضوا إليهم على اسم الله و بركته يوم الاثنين إن شاء الله تعالى.

فأخذ المسلمون عدتهم و تهيؤوا، و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا بكر بأمره، و كان فيما أمره به أنه إذا رآهم

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 434. [.....]

(1) في المصدر: و تواثقوا و كذا في الموضع الآتي.

(2) في «ط» نسخة بدل، و المصدر: أمركم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 733

أن يعرض عليهم الإسلام، فإن بايعوك و إلا واقفهم «1»، فاقتل مقاتليهم، و اسب ذراريهم، و استبح أموالهم، و خرب ضياعهم و ديارهم فمضى أبو بكر و معه من المهاجرين و الأنصار في أحسن عدة، و أحسن هيئة، يسير بهم سيرا رفيقا حتى انتهوا إلى أهل وادي اليابس، فلما نظر «2» القوم نزول القوم عليهم، و نزل أبا بكر و أصحابه قريبا منهم، خرج إليهم من أهل وادي اليابس مائتا رجل مدججين بالسلاح، فلما صادفوهم قالوا لهم: من أنتم؟ و من

أين أقبلتم؟ و أين تريدون؟ ليخرج إلينا صاحبكم حتى نكلمه فخرج إليهم أبو بكر في نفر من أصحابه المسلمين، فقال لهم: أنا أبو بكر صاحب رسول الله. قالوا: ما أقدمك علينا؟ قال: أمرني رسول الله أن أعرض عليكم الإسلام، فإن تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون، لكم ما لهم، و عليكم ما عليهم، و إلا فالحرب بيننا و بينكم قالوا: و اللات و العزى، لو لا رحم ماسة و قرابة قريبة لقتلناك و جميع من معك قتلة تكون حديثا لمن يكون بعدكم، فارجع أنت و من معك و اربحوا العافية، فإنا إنما نريد صاحبكم بعينه، و أخاه علي بن أبي طالب.

فقال أبو بكر لأصحابه: يا قوم، القوم أكثر منكم أضعافا، و أعد منكم، و قد نأت داركم عن إخوانكم من المسلمين، فارجعوا نعلم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بحال القوم، فقالوا له جميعا: خالفت- يا أبا بكر- قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ما أمرك به، فاتق الله و واقع القوم، و لا تخالف قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: إني أعلم ما لا تعلمون، و الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فانصرف و انصرف الناس أجمعون، فأخبر النبي (صلى الله عليه و آله) بمقالة القوم، و ما رد عليهم أبو بكر، فقال [رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أبا بكر، خالفت أمري، و لم تفعل ما أمرتك به، و كنت لي و الله عاصيا فيما أمرتك.

فقام النبي (صلى الله عليه و آله) حتى صعد المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: يا معشر المسلمين، إني أمرت أبا بكر أن يسير إلى أهل وادي

اليابس، و أن يعرض عليهم الإسلام، و يدعوهم إلى الله، فإن أجابوه و إلا واقعهم «3»، و إنه سار إليهم، و خرج إليه منهم مائتا رجل، فلما سمع كلامهم و ما استقبلوه به انتفخ سحره «4»، و دخله الرعب منهم، و ترك قولي، و لم يطع أمري، و إن جبرئيل (عليه السلام) جاء من عند «5» الله أن أبعث إليهم عمر مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس، فسر يا عمر على اسم الله، و لا تعمل ما عمل أبو بكر أخوك، فإنه قد عصى الله و عصاني، و أمره بما أمر به أبا بكر.

فخرج عمر و المهاجرين و الأنصار الذين كانوا مع أبي بكر يقصد في سيره «6» حتى شارف القوم و كان قريبا منهم بحيث يراهم و يرونه، فخرج إليهم مائتا رجل، فقالوا له و لأصحابه مثل مقالتهم لأبي بكر، فانصرف و انصرف

__________________________________________________

(1) في المصدر: فان تابعوه و إلّا واقعهم.

(2) في المصدر: بلغ.

(3) في «ي»: واقفهم.

(4) انتفخ سحره: امتلأ خوفا و جبن. «المعجم الوسيط 1: 419».

(5) في المصدر: جبرئيل (عليه السّلام) أمرني عن.

(6) في المصدر: يقتصد بهم في سيرهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 734

الناس معه، و كاد أن يطير قلبه مما رأى من عدة القوم و جمعهم، و رجع يهرب منهم، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فأخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما صنع عمر، و أنه قد انصرف و انصرف المسلمون معه.

فصعد النبي (صلى الله عليه و آله) المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، و أخبرهم بما صنع عمر و ما كان منه، و أنه قد انصرف [و انصرف المسلمون معه مخالفا لأمري، عاصيا لقولي، فقدم عليه فأخبره بمثل

ما أخبر به صاحبه، فقال: يا عمر، عصيت الله في عرشه و عصيتني، و خالفت قولي، و عملت برأيك، ألا قبح الله رأيك، و إن جبرئيل (عليه السلام) قد أمرني أن أبعث علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هؤلاء المسلمين، و أخبرني أن الله يفتح عليه و على أصحابه، فدعا عليا (عليه السلام) و أوصاه بما أوصى به أبا بكر و عمر و أصحابه الأربعة آلاف، و أخبره أن الله سيفتح عليه و على أصحابه.

فخرج علي (عليه السلام) و معه المهاجرون و الأنصار، فسار بهم سيرا غير سير أبي بكر و عمر، و ذلك أنه أعنف بهم في السير حتى خافوا أن ينقطعوا «1» من التعب و تحفى «2» دوابهم، فقال لهم: لا تخافوا، فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد أمرني بأمر، و أخبرني أن الله سيفتح علي و عليكم، فأبشروا فإنكم على خير و إلى خير، فطابت نفوسهم و قلوبهم، و ساروا على ذلك السير و التعب، حتى إذا كان قريبا منهم حيث يرونه و يراهم، أمر أصحابه أن ينزلوا، و سمع أهل وادي اليابس بمقدم علي بن أبي طالب (عليه السلام) و أصحابه، فخرج إليهم منهم مائتا رجل شاكين في السلاح، فلما رآهم علي (عليه السلام) خرج إليهم في نفر من أصحابه، فقالوا لهم: من أنتم؟ و من أين أقبلتم؟

و أين تريدون؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، ابن عم رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أخوه، و رسوله إليكم، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و لكم [إن آمنتم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم من خير و

شر. فقالوا له: إياك أردنا، و أنت طلبتنا «3»، قد سمعنا مقالتك و ما عرضت علينا، [هذا ما لا يوافقنا]، فخذ حذرك، و استعد للحرب العوان «4»، و اعلم أنا قاتلوك و قاتلوا أصحابك، و الموعود فيما بيننا و بينك غدا ضحوة، و قد أعذرنا فيما بيننا و بينك.

فقال [لهم علي (عليه السلام): ويلكم تهددوني بكثرتكم و جمعكم، فأنا أستعين بالله و ملائكته و المسلمين عليكم، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فانصرفوا إلى مراكزهم، و انصرف علي (عليه السلام) إلى مركزه، فلما جن الليل أمر أصحابه أن يحسنوا إلى دوابهم و يقضموا «5» و يحسوا «6» و يسرجوا، فلما انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس، ثم أغار عليهم بأصحابه، فلم يعلموا حتى وطئتهم الخيل، فما أدرك آخر أصحابه حتى قتل

__________________________________________________

(1) في «ج» يتقلعوا.

(2) حفيّ من كثرة المشي أي رقّت قدمه أو حافره. «لسان العرب 14: 187».

(3) الطّلية: أي المطلوب.

(4) و هي الحرب التي قوتل فيها مرّة بعد أخرى كأنهم جعلوا الاولى بكرا، و الحرب العوان هي أشدّ الحروب. «أقرب الموارد 2: 850».

(5) أقضم القوم: امتاروا شيئا قليلا في القحط، و أقضم الدابة: علفها القضيم، و هو نبت من الحمض.

(6) حسّ الدابة: نفض التراب عنها بالمحسّة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 735

مقاتليهم، و سبى ذراريهم، و استباح أموالهم، و خرب ديارهم، و أقبل بالأسارى و الأموال معه، و نزل جبرئيل (عليه السلام)، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما فتح الله على علي (عليه السلام) و جماعة المسلمين، فصعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، و أخبر الناس بما فتح

الله على المسلمين، و أعلمهم أنه لم يقتل «1» منهم إلا رجلان، فنزل، و خرج يستقبل عليا (عليه السلام) في جميع أهل المدينة من المسلمين حتى لقيه على ثلاثة أميال من المدينة، فلما رآه علي (عليه السلام) مقبلا نزل عن دابته، و نزل النبي (صلى الله عليه و آله) حتى التزمه، و قبل ما بين عينيه، فنزل جماعة المسلمين إلى علي (عليه السلام) حيث نزل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبل بالغنيمة و الأسارى و ما رزقهم الله به من أهل وادي اليابس».

ثم قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «ما غنم المسلمون مثلها قط إلا أن يكون من خيبر، فإنها مثل خيبر، فأنزل الله تبارك و تعالى في ذلك وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً يعني بالعاديات الخيل تعدو بالرجال، و الضبح: صيحتها في أعنتها و لجمها فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فقد أخبرتك أنها أغارت عليهم صبحا».

[قلت : قوله: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً؟ قال: «يعني الخيل، فأثرن بالوادي نقعا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً».

قلت: قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ؟ قال: «لكفور». وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ؟ قال: «يعنيهما جميعا، قد شهدا جميعا وادي اليابس، و كانا لحب الحياة حريصين».

[قلت : قوله: أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَ حُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ؟

قال: «نزلت الآيتان فيهما خاصة، كانا يضمران ضمير السوء و يعملان به، فأخبر الله خبرهما و فعالهما، فهذه قصة أهل وادي اليابس و تفسير العاديات».

11841/ [2]- ثم قال علي بن إبراهيم أيضا في تفسير الْعادِياتِ ضَبْحاً: أي عدوا عليهم في الضبح، ضباح الكلاب: صوتها، فَالْمُورِياتِ قَدْحاً كانت بلادهم فيها حجارة، فإذا وطئتها سنابك الخيل كانت تقدح «2» منها النار، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً

أي صبحهم بالغارة فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً قال: ثارت الغبرة من ركض الخيل فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً، قال: توسط المشركين بجمعهم إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ أي كفور، و هم الذين أمروا و أشاروا على أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يدع الطريق مما حسدوه، و كان علي (عليه السلام) قد أخذ بهم على غير الطريق الذي أخذ فيه أبو بكر و عمر، فعلموا أنه يظفر بالقوم، فقال عمرو بن العاص لأبي بكر: إن عليا غلام حدث لا علم له بالطريق، و هذا طريق مسبع «3» لا يؤمن فيه السباع، فمشيا إليه، و قالا له: يا أبا الحسن، هذا الطريق الذي أخذت فيه طريق مسبع، فلو رجعت إلى الطريق؟

فقال لهما أمير المؤمنين (عليه السلام): «الزما رحالكما، و كفا عما لا يعنيكما، و اسمعا و أطيعا، فإني أعلم بما أصنع»

فسكتا.

__________________________________________________

2- تفسير القمّي 2: 439.

(1) في المصدر: يصب.

(2) في المصدر: تنقدح.

(3) أسبع الطريق: كثرت به السّباع. «المعجم الوسيط 1: 414».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 736

و قوله: وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ أي على العداوة وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ يعني حب الحياة حيث خافا السباع على أنفسهما. فقال الله عز و جل: أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَ حُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ أي يجمع و يظهر إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ.

11842/ [3]- محمد بن العباس: عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن عمر ابن دينار، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أقرع بين أهل الصفة فبعث منهم ثمانين رجلا إلى بني سليم، و أمر عليهم أبا بكر، فسار إليهم،

فلقيهم قريبا من الحرة، و كانت أرضهم أسنة كثيرة الحجارة و الشجر ببطن الوادي، و المنحدر إليهم صعب، فهزموه و قتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة، فلما قدموا على النبي (صلى الله عليه و آله) عقد لعمر بن الخطاب و بعثه، فكمن [له بنو سليم بين الحجارة و تحت الشجر، فلما ذهب ليهبط خرجوا عليه ليلا فهزموه حتى بلغ جنده سيف البحر «1»، فرجع عمر منهزما.

فقام عمرو بن العاص إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: أنا لهم- يا رسول الله- ابعثني إليهم. فقال له: خذ في شأنك، فخرج إليهم فهزموه، و قتل من أصحابه ما شاء الله.

قال: و مكث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أياما، يدعو عليهم، ثم أرسل بلالا، و قال: علي ببردي النجراني و قبائي الخطية، ثم دعا عليا (عليه السلام) فعقد له، ثم قال: أرسلته كرارا غير فرار، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني رسولك فاحفظني فيه، و افعل به و افعل. فقال له من ذلك ما شاء الله».

قال أبو جعفر (عليه السلام): «و كأني أنظر إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) يشيع عليا (عليه السلام) عند مسجد الأحزاب، و علي (عليه السلام) على فرس أشقر مهلوب «2»، و هو يوصيه، قال: فسار و توجه نحو العراق، حتى ظنوا أنه يريد بهم غير ذلك الوجه، فسار بهم حتى استقبل الوادي من فمه، و جعل يسير في الليل، و يمكن النهار حتى إذا دنا من القوم، أمر أصحابه أن يطعموا الخيل، و أوقفهم مكانا، و قال: لا تبرحوا مكانكم، ثم سار أمامهم، فلما رأى عمرو بن العاص ما صنع، و ظهرت آية الفتح، قال لأبي

بكر: إن هذا شاب حدث، و أنا أعلم بهذه البلاد منه، و ها هنا عدو، هو أشد علينا من بني سليم: الضباع و الذئاب، فإن خرجت علينا نفرت بنا، و خشيت أن تقطعنا، فكلمه يخلي عنا نعلو الوادي، قال: فانطلق أبو بكر فكلمه و أطال، فلم يجبه حرفا، فرجع إليهم، فقال: لا و الله ما أجابني حرفا، فقال عمرو ابن العاص لعمر بن الخطاب: انطلق إليه لعلك أقوى عليه من أبي بكر، [قال : فانطلق عمر فصنع به ما صنع بأبي بكر، فرجع فأخبرهم أنه لم يجبه حرفا، فقال أبو بكر: لا و الله لا نزول من مكاننا، أمرنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن نسمع لعلي و نطيع.

قال: فلما أحس علي (عليه السلام) بالفجر أغار عليهم، فأمكنه الله من ديارهم، فنزلت وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً، قال: فخرج رسول

__________________________________________________

3- تأويل الآيات 2: 841/ 2.

(1) السيّف: ساحل البحر. «لسان العرب 9: 167».

(2) فرس مهلوب: مستأصل شعر الذّنب. «لسان العرب 1: 786».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 737

الله (صلى الله عليه و آله) و هو يقول: صبح علي و الله جمع القوم، ثم صلى و قرأ بها، فلما كان اليوم الثالث قدم علي (عليه السلام) المدينة، و قد قتل من القوم عشرين و مائة فارس، و سبي ستمائة و عشرين ناهدا» «1».

11843/ [4]- و عنه: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً، قال: «ركض الخيل في

قتالها» فَالْمُورِياتِ قَدْحاً، قال: «توري و قد «2» النار من حوافرها» فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً، قال:

«أغار علي (عليه السلام) عليهم صباحا» فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً، قال: «أثر بهم علي (عليه السلام) و أصحابه الجراحات حتى استنقعوا في دمائهم» فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً، قال: «توسط علي (عليه السلام) و أصحابه ديارهم» إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، قال: «إن فلانا لربه لكنود» وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ، قال: «إن الله شهيد عليهم» وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ، قال: «ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام)».

11844/ [5]- و عن ابن أورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، قال: «كنود «3» بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

11845/ [6]- الشيخ في (أماليه): بإسناده عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري، قال: حدثنا محمد بن ثابت و أبو المغرا العجلي، قالا: حدثنا الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً، قال: «وجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لعلي: أنت صاحب القوم، فتهيأ أنت و من تريد من فرسان المهاجرين و الأنصار، فوجهه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال له: اكمن النهار، و سر الليل، و لا تفارقك العين، قال:

فانتهى علي (عليه السلام) إلى ما أمره [به رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فسار إليهم، فلما كان عند وجه الصبح أغار عليهم، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه و آله) وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً إلى آخرها».

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 843/ 3.

5- تأويل الآيات 2: 843/ 4.

6- الأمالي 2: 21.

(1) في المصدر: و سبي عشرين و مائة ناهد.

(2)

في المصدر: توري قدح.

(3) في المصدر: كفور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 739

سورة القارعة ..... ص : 739

فضلها ..... ص : 739

11846/ [1]- ابن بابويه: باسناده، عن عمرو بن ثابت، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ و أكثر من قراءة القارعة آمنه الله عز و جل من فتنة الدجال أن يؤمن به، و من فيح «1» جهنم يوم القيامة إن شاء الله تعالى».

11847/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة ثقل الله ميزانه من الحسنات يوم القيامة، و من كتبها و علقها على محارف «2» معسر من أهله و خدمه، فتح الله على يديه و رزقه».

11848/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من كتبها و علقها على محارف، سهل الله عليه أمره».

11849/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا علقت على من تعطل و كسدت سلعته، رزقه الله تعالى نفاق سلعته، و كذا كل من أدمن في قراءتها فعلت به ذلك بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 125. [.....]

2- .........

3- .........

4- خواص القرآن: 15 «نحوه».

(1) الفيح: سطوع الحرّ و فورانه. «لسان العرب 2: 550».

(2) يقال للمحروم الذي قتّر عليه رزقه محارف. «لسان العرب 9: 43».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 740

سورة القارعة(101): الآيات 1 الي 11 ..... ص : 740

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ- إلى قوله تعالى- نارٌ حامِيَةٌ [1- 11] 11850/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَ ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يرددها الله لهولها و فزع الناس بها يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ، قال: العهن:

الصوف فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ بالحسنات فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ، قال: من الحسنات فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ، قال: أم رأسه، يقذف «1» في النار على رأسه

ثم قال: وَ ما أَدْراكَ يا محمد ما هِيَهْ يعني الهاوية، ثم قال: نارٌ حامِيَةٌ.

11851/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد ابن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «ما في الميزان شي ء أثقل من الصلاة على محمد و آل محمد، و إن الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل «2» به، فيخرج الصلاة على محمد «3» فيضعها في ميزانه فترجح».

11852/ [3]- و عنه: عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): التسبيح نصف الميزان، و الحمد لله يملأ الميزان، و الله أكبر يملأ ما بين السماء و الأرض».

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 440.

2- الكافي 2: 358/ 15.

3- الكافي 2: 367/ 3.

(1) في المصدر: يقلّب.

(2) أي تميل الأعمال بالميزان.

(3) في المصدر: الصلاة عليه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 741

11853/ [4]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا بن عاصم الميني، عن الهيثم بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (صلوات الله عليهم)، في قوله عز و جل:

فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ، قال: «نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ، قال: «نزلت في ثلاثة» يعني الثلاثة.

11854/ [5]- ابن شهر آشوب، قال: الامامان الجعفران (عليهما السلام) في قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ: «فهو أمير المؤمنين (عليه السلام) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ و أنكر ولاية علي (عليه السلام) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ فهي النار، جعلها الله أمه و مأواه».

11855/

[6]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار «1»، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن عمر، عن صالح بن سعيد، عن أخيه سهل الحلواني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «بينا عيسى بن مريم (عليه السلام) في سياحته إذ مر بقرية، فوجد أهلها موتى في الطريق و الدور، قال: فقال: إن هؤلاء ماتوا بسخطة، و لو ماتوا بغيرها تدافنوا، قال: فقال أصحابه: وددنا أنا عرفنا قصتهم، فقيل له: نادهم يا روح الله، قال، فقال:

يا أهل القرية، فأجابهم مجيب منهم: لبيك يا روح الله، قال: ما حالكم و ما قصتكم؟ قال: أصبحنا في عافية، و بتنا في الهاوية، قال: فقال: و ما الهاوية؟ قال: بحار من نار فيها جبال من نار، قال: و ما بلغ بكم ما أرى؟ قال: حب الدنيا و عبادة الطواغيت. قال: و ما بلغ من حبكم الدنيا؟ قال: كحب الصبي لأمه، إذا أقبلت فرح، و إذا أدبرت حزن. قال:

و ما بلغ من عبادتكم الطواغيت؟ قال: كانوا إذا أمرونا أطعناهم. قال: فكيف أجبتني [أنت من بينهم؟ قال: لأنهم ملجمون بلجم من نار، عليهم ملائكة غلاظ شداد، و إني كنت فيهم و لم أكن منهم، فلما أصابهم العذاب أصابني معهم، فأنا معلق بشجرة أخاف أن أكبكب في النار، قال: فقال عيسى (عليه السلام) لأصحابه: النوم على المزابل، و أكل خبز الشعير، خير مع سلامة الدين».

11856/ [7]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن منصور بن العباس، عن سعيد بن جناح، عن عثمان بن سعيد، عن عبد الحميد بن علي الكوفي، عن مهاجر الأسدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)،

قال: «مر عيسى بن مريم (عليه السلام) على قرية قد مات أهلها و طيرها و دوابها، فقال: أما إنهم لم يموتوا إلا بسخطة، و لو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون: يا روح الله و كلمته، ادع الله أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها فدعا عيسى (عليه السلام) ربه، فنودي من الجو: أن نادهم، فقام عيسى (عليه السلام) بالليل على شرف من الأرض، فقال: يا أهل هذه القرية. فأجابه منهم مجيب: لبيك يا روح الله و كلمته فقال: ويحكم، ما كانت

__________________________________________________

4- تأويل الآيات 2: 849/ 1.

5- المناقب 2: 151.

6- علل الشرائع: 466/ 21. [.....]

7- الكافي 2: 239/ 11.

(1) في المصدر: سعد بن عبد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 742

أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت، و حب الدنيا مع خوف قليل، و أمل بعيد، و غفلة في لهو و لعب. فقال: كيف [كان حبكم للدنيا؟ قال: كحب الصبي لأمه، إذا أقبلت علينا رضينا و فرحنا و سررنا، و إذا أدبرت [عنا] بكينا و حزنا. قال:

كيف كانت عبادتكم الطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي. قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلتنا في عافية و أصبحنا في الهاوية. فقال: و ما الهاوية؟ فقال: سجين. قال: و ما سجين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة. قال: فما قلتم، و ما قيل لكم؟ قال: قلنا: ردنا إلى الدنيا نزهد فيها، قيل لنا: كذبتم. قال: ويحك، لم لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله، إنهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد، و إني كنت فيهم و لم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمني معهم، فأنا معلق بشعرة على شفير جهنم، لا أدري أكبكب

فيها أم أنجو [منها].

فالتفت عيسى (عليه السلام) إلى الحواريين، فقال: يا أولياء الله، أكل الخبز اليابس بالملح الجريش [و النوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا و الآخرة».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 743

سورة التكاثر ..... ص : 743

فضلها ..... ص : 743

11857/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن بشير، عن عبيد الله الدهقان، عن درست، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من قرأ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ عند النوم وقي فتنة القبر».

ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن بشار، عن عبيد الله الدهقان، عن درست، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، مثله «1».

11858/ [2]- و عنه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ في فريضة كتب الله له ثواب أجر مائة شهيد، و من قرأها في نافلة كتب الله له ثواب خمسين شهيدا، و صلى معه في فريضته أربعون صفا من الملائكة إن شاء الله تعالى».

11859/ [3]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يحاسبه الله بالنعم التي أنعم الله بها عليه في الدنيا، و من قرأها عند نزول المطر غفر الله ذنوبه وقت فراغه».

11860/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها وقت نزول المطر، غفر الله له، و من قرأها وقت صلاة العصر كان في أمان الله إلى غروب الشمس من اليوم الثاني بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 456/ 14.

2- ثواب الأعمال: 125.

3- ......

4- خواص

القرآن: 16 «مخطوط».

(1) ثواب الأعمال: 125.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 744

11861/ [5]- (بستان الواعظين): عن زينب بنت جحش، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «إذا قرأ القارئ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ يدعى في ملكوت السماوات: مؤدي الشكر لله».

__________________________________________________

5- ......

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 745

سورة التكاثر(102): الآيات 1 الي 8 ..... ص : 745

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [1- 8] 11862/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ أي أغفلكم كثرتكم حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ و لم تذكروا الموت «1» كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ أي لا بد [من أن ترونها ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [أي عن الولاية، و الدليل على ذلك قوله: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ «2».

11863/ [2]- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قال: «المعاينة».

11864/ [3]- شرف الدين النجفي، قال: في تفسير أهل البيت (عليهم السلام)، قال: حدثنا بعض أصحابنا، عن محمد بن علي «3»، عن عبد الله بن نجيح اليماني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله عز و جل: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ؟ قال: «يعني مرة في الكرة، و مرة أخرى يوم القيامة».

11865/ [4]- ابن الفارسي في (روضة الواعظين): عن ابن عباس، قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه و آله)

__________________________________________________

1- تفسير القمي 2: 440.

2- المحاسن: 247/ 250.

3- تأويل الآيات 2: 850/ 1.

4- روضة الواعظين: 493.

(1) في نسخة من «ط، ج، ي»،

و المصدر: الموتى.

(2) زاد في المصدر: قال: عن الو لآية، و الآية في سورة الصافات 37: 24. [.....]

(3) زاد في المصدر: عمر بن عبد الله.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 746

أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ثم قال: «تكاثر الأموال: جمعها من غير حقها، و منعها من حقها، و شدها في الأوعية حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ حتى دخلتم قبوركم كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ، قال: و ذلك حين يؤتى بالصراط فينصب بين جسري جهنم ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قال: عن خمس: عن شبع البطون، و بارد الشراب، و لذة النوم، و ظلال المساكن، و اعتدال الخلق».

11866/ [5]- ثم قال ابن الفارسي: و روي في أخبارنا أن النعيم ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).

11867/ [6]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن عقدة الحافظ، قال: حدثنا جعفر بن علي بن نجيح الكندي، قال: حدثنا حسن بن حسين، قال: حدثنا أبو حفص الصائغ، قال أبو العباس: هو عمر بن راشد، أبو سليمان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قوله: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قال: «نحن من النعيم»، و في قوله: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً «1»، قال: «نحن الحبل».

11868/ [7]- علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن سلمة بن عطاء، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: قول الله: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ؟ قال: «تسأل هذه الأمة عما أنعم الله عليها برسوله «2» (صلى الله

عليه و آله)، ثم بأهل بيته «3» (عليهم السلام)».

11869/ [8]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي سعيد، عن أبي حمزة، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة، فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة و طيبا، و أوتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا من صفائه و حسنه، فقال رجل: لتسألن عن هذا النعيم الذي تنعمتم به عند ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله عز و جل أكرم و أجل أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه، و لكن يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد و آل محمد (صلى الله عليه و آله)».

11870/ [9]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحارث بن حريز، عن سدير الصيرفي، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فدعا بالغداء، فأكلت معه طعاما ما أكلت طعاما قط أطيب منه و لا ألطف «4»، فلما فرغنا من الطعام،

__________________________________________________

5- روضة الواعظين: 493.

6- الأمالي 1: 378.

7- تفسير القمّي 2: 440.

8- الكافي 6: 280/ 3.

9- الكافي 6: 280/ 5.

(1) آل عمران 3: 103.

(2) في المصدر: عليهم برسول اللّه.

(3) زاد في المصدر: المعصومين.

(4) في المصدر: قط أنظف منه و لا أطيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 747

قال: «يا أبا خالد، كيف رأيت طعامك،- أو قال- طعامنا؟» قلت: جعلت فداك، ما أكلت طعاما أطيب منه قط و لا أنظف، و لكن «1» ذكرت الآية التي في كتاب الله عز و جل: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ

النَّعِيمِ، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «لا، إنما يسألكم عما أنتم عليه من الحق».

11871/ [10]- ابن بابويه، قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا أبو ذكوان القاسم بن إسماعيل بسر من رأى «2» سنة خمس و ثمانين و مائتين، قال:

حدثني إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب بالأهواز سنة سبع و عشرين و مائتين، قال: كنا يوما بين يدي علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقال: «ليس في الدنيا نعيم حقيقي». فقال [له بعض الفقهاء ممن بحضرته: قول الله عز و جل: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ أما هذا النعيم في الدنيا و هو الماء البارد؟ فقال له الرضا (عليه السلام)- و علا صوته-: «كذا فسرتموه أنتم، و جعلتموه على ضروب فقالت طائفة: هو الماء البارد، و قال غيرهم: هو الطعام الطيب، و قال آخرون: هو النوم الطيب.

و لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن أقوالكم هذه ذكرت عنده، في قول الله تعالى:

ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فغضب (عليه السلام)، و قال: إن الله تعالى لا يسأل عباده عما تفضل عليهم به، و لا يمن بذلك عليهم، و الامتنان مستقبح من المخلوقين، فكيف يضاف إلى الخالق عز و جل ما لا يرضى به للمخلوقين «3»؟! و لكن النعيم حبنا أهل البيت و موالاتنا، يسأل الله عنه بعد التوحيد و النبوة، لأن العبد إذا وفى بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول، و لقد حدثني بذلك أبي، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه (عليهم السلام)، أنه قال: قال رسول

الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، إن أول ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و أنك ولي المؤمنين، بما جعله الله و جعلته لك، فمن أقر بذلك و كان يعتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له».

فقال لي أبو ذكوان بعد أن حدثني بهذا الحديث مبتدءا من غير سؤال: حدثتك به بجهات، منها: لقصدك لي من البصرة، و منها: أن عمك أفادنيه، و منها: أني كنت مشغولا باللغة و الأشعار و لا أعول على غيرهما، فرأيت النبي (صلى الله عليه و آله) في النوم و الناس يسلمون عليه و يجيبهم، فسلمت فما رد علي، فقلت: أنا من أمتك يا رسول الله. فقال لي: بلى، و لكن حدث الناس بحديث النعيم الذي سمعته من إبراهيم.

قال الصولي: و هذا حديث قد رواه الناس عن النبي (صلى الله عليه و آله)، إلا أنه ليس فيه ذكر النعيم، و الآية و تفسيرها إنما رووا أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الشهادة و النبوة و موالاة علي بن أبي طالب (عليه السلام).

__________________________________________________

10- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 129/ 8.

(1) في المصدر: فداك ما رأيت أطيب منه و لا أنظف قط و لكني.

(2) في المصدر: بسيراف.

(3) في المصدر: يرضى المخلوق به. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 748

11872/ [11]- محمد بن العباس، قال: حدثني علي بن أحمد بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن القاسم بن الضحاك، عن أبي حفص الصائغ، عن الإمام جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ و الله ما هو الطعام و الشراب، و لكن

ولايتنا أهل البيت».

11873/ [12]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد الوراق، عن جعفر بن علي بن نجيح، عن حسن بن حسين، عن أبي حفص الصائغ، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قوله عز و جل: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قال: «نحن النعيم».

11874/ [13]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن نجيح اليماني، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قوله عز و جل: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ؟ قال: «النعيم الذي أنعم الله به عليكم من ولايتنا، و حب محمد و آل محمد (صلوات الله عليهم)».

11875/ [14]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن القاسم، عن محمد بن عبد الله ابن صالح، عن مفضل بن صالح، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ نحن النعيم».

11876/ [15]- و عنه: عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن أبي عمير عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، في قوله عز و جل: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قال: «نحن نعيم المؤمن، و علقم الكافر».

11877/ [16]- و عنه، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار، عن علي بن عبد الله بن غالب، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على محمد بن علي (عليه السلام)، فقدم [لي طعاما لم آكل أطيب منه، فقال لي: «يا أبا خالد، كيف رأيت طعامنا» فقلت: جعلت فداك، ما أطيبه!

غير أني ذكرت آية في كتاب الله فتنغصت «1»، فقال: «و ما هي؟» قلت: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، فقال: «و الله لا تسأل عن هذا الطعام أبدا» ثم ضحك حتى افتر «2» ضاحكا و بدت أضراسه، و قال: «أ تدري ما النعيم؟» قلت: لا، قال: «نحن النعيم [الذي تسألون عنه ».

__________________________________________________

11- تأويل الآيات 2: 850/ 2.

12- تأويل الآيات 2: 850/ 3.

13- تأويل الآيات 2: 850/ 4.

14- تأويل الآيات 2: 851/ 6.

15- تأويل الآيات 2: 851/ 5.

16- تأويل الآيات 2: 851/ 7.

(1) في المصدر: فنغصته.

(2) افترّ فلان ضاحكا، أي أبدى أسنانه. «لسان العرب 5: 51».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 749

11878/ [17]- و روى الشيخ المفيد: بإسناده إلى محمد بن السائب الكلبي، قال: لما قدم الصادق (عليه السلام) العراق نزل الحيرة، فدخل عليه أبو حنيفة و سأله عن مسائل، و كان مما سأله أن قال له: جعلت فداك، ما الأمر بالمعروف؟ فقال (عليه السلام): «المعروف- يا أبا حنيفة- المعروف في أهل السماء، المعروف في أهل الأرض، و ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

قال: جعلت فداك، فما المنكر؟ قال: «اللذان ظلماه حقه، و ابتزاه أمره، و حملا الناس على كتفه».

قال: ألا ما هو أن ترى الرجل على معاصي الله فتنهاه عنها؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليس ذاك أمرا بالمعروف، و لا نهيا عن المنكر إنما ذاك خير قدمه».

قال أبو حنيفة: أخبرني- جعلت فداك- عن قول الله عز و جل: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قال: «فما عندك يا أبا حنيفة؟» قال: الأمن في السرب، و صحة البدن، و القوت الحاضر. فقال: «يا أبا حنيفة، لئن وقفك الله و أوقفك يوم القيامة

حتى يسألك عن [كل أكلة أكلتها و شربة شربتها ليطولن وقوفك»، قال: فما النعيم جعلت فداك؟ قال: «النعيم نحن الذين أنقذ [الله الناس بنا من الضلالة و بصرهم بنا من العمى، و علمهم بنا من الجهل».

قال: جعلت فداك، فكيف كان القرآن جديدا أبدا؟ قال: «لأنه لم يجعل لزمان دون زمان فتخلقه «1» الأيام، و لو كان كذلك لفني القرآن قبل فناء العالم».

11879/ [18]- الطبرسي: روي العياشي بإسناده- في حديث طويل- قال: سأل أبو حنيفة أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية، فقال له: «ما النعيم عندك يا نعمان؟» قال: القوت من الطعام و الماء البارد. فقال: «لئن أوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه»، قال: فما النعيم جعلت فداك؟ قال: «نحن أهل البيت- النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد، و بنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين، و بنا ألف الله بين قلوبهم و جعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء، و بنا هداهم الله إلى الإسلام، و هي النعمة التي لا تنقطع، و الله سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم الله به عليهم، و هو النبي (صلى الله عليه و آله) و عترته».

11880/ [19]- ابن شهر آشوب: عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ:

«يعني الأمن و الصحة و ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».

11881/ [20]- و عن (التنوير في معاني التفسير): عن الباقر و الصادق (عليهما السلام): «النعيم: ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

__________________________________________________

17- تأويل الآيات 2: 852/ 8.

18- مجمع البيان 10: 813.

19- المناقب 2: 153.

20- المناقب 2: 153.

(1) أي تبليه.

البرهان في تفسير القرآن،

ج 5، ص: 750

11882/ [21]- و من طريق المخالفين: عن أبي نعيم الحافظ يرفعه إلى جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قال: «يعني الأمن و الصحة و ولاية علي (عليه السلام) «1»».

11883/ [22]- ابن بابويه: بإسناده، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قال: «الرطب و الماء البارد».

و مثله في (صحيفة الرضا (عليه السلام): عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) «2».

11884/ [23]- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن علي (عليه السلام): ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قال:

«الرطب و الماء البارد».

11885/ [24]- الشيخ ورام: عن علي (عليه السلام)، في قول الله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، قال:

«الأمن و الصحة و العافية».

11886/ [25]- الطبرسي: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في معنى النعيم: «هو الأمن و الصحة».

__________________________________________________

21- النور المشتعل: 285/ 79. [.....]

22- عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 38/ 110.

23- ربيع الأبرار 1: 236.

24- تنبيه الخواطر 1: 44.

25- مجمع البيان 10: 812.

(1) في المصدر: قال: عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السّلام).

(2) صحيفة الرضا (عليه السّلام): 230/ 126.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 751

سورة العصر ..... ص : 751

فضلها ..... ص : 751

11887/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ (و العصر) في نوافله بعثه الله يوم القيامة مشرقا وجهه، ضاحكا سنه، قريرة عينه حتى يدخل الجنة».

11888/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كتب الله له عشر حسنات، و ختم له بخير، و كان من أصحاب الحق، و إن قرئت على

ما يدفن تحت الأرض أو يخزن، حفظه الله إلى أن يخرجه صاحبه».

11889/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من أدمن قراءتها ختم الله له بالخير، و كان من أصحاب الحق، و إن قرئت على ما يخزن «1» حفظه إلى أن يرجع إلى صاحبه».

11890/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا قرئت على ما يدفن حفظ بإذن الله، و وكل به من يحرسه إلى أن يخرجه صاحبه».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 125.

2- ......

3- ......

4- خواص القرآن: 16 «مخطوط».

(1) في «ي»: ماعوز.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 752

سورة العصر(103): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 752

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ [1- 3]

11891/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن هارون الفامي، و جعفر بن محمد بن مسرور، و علي بن الحسين بن شاذويه المؤذن (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، فقال (عليه السلام):

«العصر: عصر خروج القائم (عليه السلام) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ يعني أعداءنا، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [يعني بآياتنا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني بمواساة الإخوان وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ يعني بالإمامة وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ، يعني في العسرة «1»».

11892/ [2]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن سلمة، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن أبي صالح الحسن بن إسماعيل، عن عمران بن عبد الله المشرقاني، عن

عبد الله بن عبيد، عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ، قال: «استثنى الله سبحانه أهل صفوته من خلقه حيث قال: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا بولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي أدوا الفرائض وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ أي

__________________________________________________

1- كمال الدين و تمام النعمة: 656/ 1.

2- تأويل الآيات 2: 853/ 1.

(1) في «ج، و المصدر»: الفترة. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 753

بالولاية وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ أي وصوا ذراريهم و من خلفوا من بعدهم بها و بالصبر عليها».

11893/ [3]- علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ، فقال: «استثنى أهل صفوته من خلقه حيث قال: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا يقول: آمنوا بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ من بعدهم و ذراريهم و من خلفوا، أي بالولاية وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ أي وصوا أهلهم بالولاية و تواصوا بها و صبروا عليها».

11894/ [4]- و قال علي بن إبراهيم أيضا: وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، قال: هو قسم، و جوابه: إن الإنسان لخاسر.

و قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): (و العصر، إن الإنسان لفي خسر، و إنه فيه إلى آخر الدهر، إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات، و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر «1» و ائتمروا بالتقوى، و ائتمروا بالصبر).

__________________________________________________

3-- تفسير القمّي 2:

441.

4- تفسير القمّي 2: 441.

(1) (و تواصوا بالحقّ و تواصوا بالصّبر) ليس في المصدر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 755

سورة الهمزة ..... ص : 755

فضلها ..... ص : 755

11895/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، قال: «من قرأ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ في فرائضه، أبعد الله عنه الفقر، و جلب عليه الرزق، و يدفع عنه ميتة السوء».

11896/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر بعدد من استهزأ بمحمد و أصحابه، و إن قرئت على العين نفعتها».

11897/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها و كتبها لعين وجعة، تعافى بإذن الله تعالى».

11898/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا قرئت على من به عين، زالت عنه العين بقدرة الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 126.

2- .......

3- .......

4- خواص القرآن: 16 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 756

سورة الهمزة(104): الآيات 1 الي 9 ..... ص : 756

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ- إلى قوله تعالى- فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ [1- 9]

11899/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه سليمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

ما معنى قوله عز و جل: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ؟ قال: «الذين همزوا آل محمد حقهم و لمزوهم، و جلسوا مجلسا كان آل محمد أحق به منهم».

11900/ [2]- علي بن إبراهيم: في معنى السورة، قوله: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ، قال: الذي يغمز الناس، و يستحقر الفقراء، و قوله: لُمَزَةٍ الذي يلوي عنقه و رأسه و يغضب إذا رأى فقيرا و سائلا، و قوله: الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ، قال: أعده و وضعه يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ قال: [يحسب أن ماله يخلده

و يبقيه، ثم قال:

كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ و الحطمة: النار [التي تحطم كل شي ء.

ثم قال: وَ ما أَدْراكَ يا محمد مَا الْحُطَمَةُ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ، قال: تلتهب على الفؤاد، قال أبو ذر (رضي الله عنه): بشر المتكبرين بكي في الصدور، و سحب على الظهور، قوله: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، قال: مطبقة فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ، قال: إذا مدت العمد عليهم أكلت و الله الجلود «1».

11901/ [3]- الطبرسي: روي العياشي بإسناده، عن محمد بن النعمان الأحول، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الكفار و المشركين يعيرون أهل التوحيد في النار، و يقولون: ما نرى توحيدكم أغنى

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 854/ 1.

2- تفسير القمّي 2: 441.

3- مجمع البيان 10: 819.

(1) في المصدر نسخة بدل: إذا مدّت العمد كان و اللّه الخلود.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 757

عنكم شيئا، و ما نحن و أنتم إلا سواء، قال: فيأنف [لهم الرب تعالى، فيقول للملائكة: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء الله، ثم يقول للنبيين: اشفعوا، فيشفعون لمن يشاء، ثم يقول للمؤمنين: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء، و يقول الله: أنا أرحم الراحمين، اخرجوا برحمتي، فيخرجون كما يخرج الفراش» قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «مدت العمد، و أوصدت عليهم، و كان و الله الخلود».

11902/ [4]- كتاب (صفة الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل يذكر فيه صفة أهل النار- إلى أن قال (عليه السلام) فيه: «ثم يعلق على كل غصن من الزقوم سبعون ألف رجل، ما ينحني و لا ينكسر، فتدخل

النار من أدبارهم، فتطلع على الأفئدة، تقلص الشفاه، و يطير الجنان «1»، و تنضج الجلود، و تذوب الشحوم، و يغضب الحي القيوم فيقول:

يا مالك، قل لهم: ذوقوا، فلن نزيدكم إلا عذابا. يا مالك، سعر سعر، قد اشتد غضبي على من شتمني على عرشي، و استخف بحقي، و أنا الملك الجبار.

فينادي مالك: يا أهل الضلال و الاستكبار و النعمة «2» في دار الدنيا، كيف تجدون مس سقر؟ قال: فيقولون:

قد أنضجت قلوبنا، و أكلت لحومنا، و حطمت عظامنا، فليس لنا مستغيث، و لا لنا معين. قال: فيقول مالك: و عزة ربي، لا أزيدكم إلا عذابا. فيقولون: إن عذبنا ربنا لم يظلمنا شيئا. قال: فيقول مالك: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ «3» يعني بعدا لأصحاب السعير.

ثم يغضب الجبار فيقول: يا مالك، سعر سعر، فيغضب مالك، فيبعث عليهم سحابة سوداء تظل أهل النار كلهم، ثم يناديهم فيسمعها أولهم و آخرهم و أقصاهم «4» و أدناهم فيقول: ما ذا تريدون أن أمطركم؟ فيقولون: الماء البارد، وا عطشاه و أطول هواناه، فيمطرهم حجارة و كلاليب و خطاطيف و غسلينا و ديدانا من نار، فتنضج «5» وجوههم و جباههم، و تعمى أبصارهم، و تحطم عظامهم، فعند ذلك ينادون: وا ثبوراه، فإذا بقيت العظام عواري [من اللحوم اشتد غضب الله فيقول: يا مالك، اسجرها عليهم كالحطب في النار. ثم تضرب أمواجها أرواحهم سبعين خريفا في النار، ثم تطبق عليهم أبوابها من الباب إلى الباب مسيرة خمسمائة عام، و غلظ الباب [مسيرة] مائة عام، ثم يجعل كل رجل منهم في ثلاث توابيت من حديد [من نار] بعضها في بعض، فلا يسمع لهم كلام أبدا، إلا أن لهم فيها شهيق كشهيق البغال و نهيق

«6» كنهيق الحمار، و عواء كعواء الكلاب، صم بكم عمي فليس لهم فيها

__________________________________________________

4- الاختصاص: 364.

(1) أي القلب. «لسان العرب 13: 93».

(2) في «ي»: و النقمة. [.....]

(3) الملك 67: 11.

(4) في «ط، ي» و المصدر: و أفضلهم.

(5) في «ج»: فتنضح.

(6) و في نسخة من «ط، ج، ي»: و زفير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 758

كلام إلا أنين، فتطبق عليهم أبوابها، و تسد عليهم عمدها، فلا يدخل عليهم روح، و لا يخرج منهم الغم أبدا، و هي عليهم مؤصدة- يعني مطبقة- ليس لهم من الملائكة شافعون، و لا من أهل الجنة صديق حميم، و ينساهم الرب، و يمحو ذكرهم من قلوب العباد، فلا يذكرون أبدا، فنعوذ بالله العظيم العفو «1» الرحمن الرحيم [من النار و ما فيها، و من كل عمل يقرب من النار، إنه غفور رحيم جواد كريم»].

__________________________________________________

(1) في المصدر: الغفور.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 759

سورة الفيل ..... ص : 759

فضلها ..... ص : 759

11903/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ في فرائضه: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ شهد له يوم القيامة كل سهل و جبل و مدر، بأنه كان من المصلين و ينادي له يوم القيامة مناد:

صدقتم على عبدي، قبلت شهادتكم «1» له و عليه، أدخلوه الجنة و لا تحاسبوه، فانه ممن أحبه و أحب عمله».

11904/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعاذه الله من العذاب، و المسخ في الدنيا، و إن قرئت على الرماح التي تصادم كسرت ما تصادمه».

11905/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها أعاذه الله من العذاب الأليم، و

المسخ في الدنيا، و إن قرئت على الرماح الخطية «2» كسرت ما تصادمه».

11906/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «ما قرئت على مصاف «3» إلا و انصرع المصاف الثاني المقابل للقارئ لها، و ما كان قراءتها إلا قوة للقلب».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 126.

2- .......

3- .......

4- خواص القرآن: 62 «مخطوط».

(1) في «ج، ي»: شهادتهم.

(2) الخطّي: الرمح المنسوب إلى الخطّ، و هو موضع ببلاد البحرين تنسب إليه الرّماح الخطّية. «المعجم الوسيط 1: 244».

(3) المصافّ: موقف القتال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 760

سورة الفيل(105): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 760

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ- إلى قوله تعالى- فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [1- 5]

11907/ [1]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما أتى «1» صاحب الحبشة بالخيل و معهم الفيل ليهدم البيت مروا بإبل لعبد المطلب فساقوها، فبلغ ذلك عبد المطلب، فأتى صاحب الحبشة، فدخل الآذن، فقال: هذا عبد المطلب بن هاشم، قال: و ما يشاء؟ قال الترجمان: جاء في إبل له ساقوها يسألك ردها، فقال ملك الحبشة لأصحابه: هذا رئيس قوم و زعيمهم! جئت إلى بيته الذي يعبده لأهدمه و هو يسألني إطلاق إبله! أما لو سألني الإمساك عن هدمه لفعلت، ردوا عليه إبله.

فقال عبد المطلب لترجمانه: ما قال الملك؟ فأخبره، فقال عبد المطلب: أنا رب الإبل، و لهذا البيت رب يمنعه، فردت عليه إبله، و انصرف عبد المطلب نحو منزله، فمر بالفيل في منصرفه، فقال للفيل: يا محمود، فحرك الفيل رأسه. فقال له: أ تدري

لم جاءوا بك؟ فقال «2» الفيل برأسه: لا، فقال عبد المطلب: جاءوا بك لتهدم بيت ربك، أ فتراك فاعل ذلك؟ فقال برأسه: لا.

فانصرف عبد المطلب إلى منزله، فلما أصبحوا غدوا به لدخول الحرم، فأبى و امتنع عليهم، فقال عبد المطلب لبعض مواليه عند ذلك: اعل الجبل، فانظر ترى شيئا؟ فقال: أرى سوادا من قبل البحر، فقال له:

__________________________________________________

1- الكافي 1: 372/ 25.

(1) في المصدر: لمّا أن وجّه. [.....]

(2) أي حرّك أو أشار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 761

يصيبه بصرك أجمع؟ فقال له: لا، و أوشك أن يصيب، فلما أن قرب قال: هو طير كثير و لا أعرفه، يحمل كل طير في منقاره حصاة مثل حصاة الحذف أو دون حصاة الحذف. فقال عبد المطلب: و رب عبد المطلب ما تريد إلا القوم، حتى لما صارت فوق رؤوسهم أجمع ألقت الحصاة، فوقعت كل حصاة على هامة رجل، فخرجت من دبره فقتلته، فما انفلت منهم إلا رجل واحد يخبر الناس، فلما أن أخبرهم ألقت عليه حصاة فقتلته».

11908/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، و هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أقبل صاحب الحبشة بالفيل يريد هدم الكعبة، مروا بإبل لعبد المطلب فاستاقوها، فتوجه عبد المطلب إلى صاحبهم يسأله رد إبله عليه، فاستأذن عليه فأذن له، و قيل له: إن هذا شريف قريش- أو عظيم قريش- و هو رجل له عقل و مروءة، فأكرمه و أدناه، ثم قال لترجمانه: سله: ما حاجتك؟

فقال له: إن أصحابك مروا بإبل [لي فاستاقوها فأحببت أن تردها علي. قال: فتعجب من سؤاله إياه رد الإبل. و

قال:

هذا الذي زعمتم أنه عظيم قريش و ذكرتم عقله، يدع أن يسألني أن انصرف عن بيته الذي يعبده، أما لو سألني أن أنصرف عن هذا «1» لانصرفت له عنه، فأخبره الترجمان بمقالة الملك، فقال له عبد المطلب: إن لذلك البيت ربا يمنعه، و إنما سألتك رد إبلي لحاجتي إليها، فأمر بردها عليه.

فمضى عبد المطلب حتى لقي الفيل على طرف الحرم، فقال له: محمود، فحرك رأسه، فقال: أ تدري لم جي ء بك؟ فقال برأسه: لا، فقال: جاءوا بك لتهدم بيت ربك أ فتفعل؟ فقال برأسه: لا، قال: فانصرف عنه عبد المطلب، و جاءوا بالفيل ليدخل الحرم، فلما انتهى إلى طرف الحرم امتنع من الدخول فضربوه فامتنع من الدخول، فأداروا به نواحي الحرم كلها، كل ذلك يمتنع عليهم، فلم يدخل، فبعث الله عليهم الطير كالخطاطيف، في مناقيرها حجر كالعدسة أو نحوها، ثم تحاذي برأس الرجل ثم ترسلها على رأسه فتخرج من دبره، حتى لم يبق منهم إلا رجل هرب فجعل يحدث الناس بما رأى إذ طلع عليه طائر منها فرفع رأسه، فقال: هذا الطير منها، و جاء الطير حتى حاذى برأسه، ثم ألقاها عليه فخرجت من دبره فمات».

11909/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قال: «كان طير ساف «2»، جاءهم من قبل البحر، رؤوسها كأمثال رؤوس السباع، و أظفارها كأظفار السباع من الطير، مع كل طير ثلاثة أحجار: في رجليه حجران، و في منقاره حجر، فجعلت ترميهم

بها حتى جدرت أجسادهم فقتلتهم بها، و ما كان قبل ذلك رئي شي ء من الجدري، و لا رأوا من ذلك الطير قبل ذلك اليوم و لا بعده؟».

__________________________________________________

2- الكافي 4: 216/ 2.

3- الكافي 8: 84/ 44.

(1) في المصدر: هدّه، يقال: هدّ البناء يهدّه هدّا، إذا كسره و ضعضعه. «لسان العرب 3: 432».

(2) أسّفّ الطائر: دنا من الأرض. «لسان العرب 9: 153».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 762

قال: «و من أفلت منهم يومئذ انطلق، حتى إذا بلغوا حضرموت، و هو واد دون اليمن، أرسل [الله عليهم سيلا فغرقهم أجمعين». قال: «و ما رئي في ذلك الوادي ماء [قط] قبل ذلك اليوم بخمسة عشر سنة» قال: «فلذلك سمي حضرموت حين ماتوا فيه».

11910/ [4]- الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد- يعني المفيد- قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الربعي، قال: حدثنا الحسين بن محمد ابن عامر، قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري، قال: حدثنا محمد بن جمهور العمي، قال: حدثنا جعفر بن بشير، قال: حدثنا سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «لما قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة ليهدم البيت، تسرعت الحبشة، فأغاروا عليها، فأخذوا سرحا «1» لعبد المطلب بن هاشم، فجاء عبد المطلب إلى الملك، فاستأذن عليه، فأذن له و هو في قبة ديباج على سرير له، فسلم عليه، فرد أبرهة السلام، و جعل ينظر في وجهه، فراقه حسنه و جماله و هيئته. فقال له: هل كان في آبائك مثل

هذا النور الذي أراه لك و الجمال؟ قال: نعم أيها الملك، كل آبائي كان لهم هذا الجمال و النور و البهاء فقال له أبرهة: لقد فقتم [الملوك فخرا و شرفا، و يحق لك أن تكون سيد قومك.

ثم أجلسه معه على سريره، و قال لسائس فيله الأعظم- و كان فيلا أبيض عظيم الخلق، له نابان مرصعان بأنواع الدر و الجواهر، و كان الملك يباهي به ملوك الأرض- ائتني به، فجاء به سائسه، و قد زين بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له، و لم يكن يسجد لملكه، و أطلق الله لسانه بالعربية، فسلم على عبد المطلب، فلما رأى الملك ذلك ارتاع له و ظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه.

ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك و كرمك و فضلك، و رأيت من هيئتك «2» و جمالك و جلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك، فسلني ما شئت. و هو يرى أن يسأله في الرجوع عن مكة، فقال له عبد المطلب: إن أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به، فمرهم برده علي.

قال: فتغيظ الحبشي من ذلك، و قال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني، جئتني تسألني في سرحك، و أنا قد جئت لهدم شرفك و شرف قومك، و مكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، و هو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الأرض، فتركت مسألتي في ذلك و سألتني في سرحك.

فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، و أنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، و للبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم، و أولى [به منهم.

فقال الملك:

ردوا إليه سرحه، فردوه إليه و انصرف إلى مكة، و أتبعه الملك بالفيل الأعظم مع الجيش لهدم البيت، فكانوا إذا حملوه على دخول الحرم أناخ، و إذا تركوه رجع مهرولا، فقال عبد المطلب لغلمانه: ادعوا لي

__________________________________________________

4- الأمالي 1: 78.

(1) السّرح: المال يسام في المرعى من الأنعام. «لسان العرب 2: 478».

(2) في المصدر: هيبتك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 763

ابني، فجي ء بالعباس، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجي ء بأبي طالب، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجي ء بعبد الله أبي النبي (صلى الله عليه و آله)، فلما أقبل إليه، قال: اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس «1»، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر، فانظر أي شي ء يجي ء من هناك، و خبرني به.

قال: فصعد عبد الله أبا قبيس، فما لبث أن جاء طير أبابيل مثل السيل و الليل، فسقط على أبي قبيس، ثم صار إلى البيت، فطاف [به سبعا، ثم صار إلى الصفا و المروة فطاف بهما سبعا، فجاء عبد الله إلى أبيه فأخبره الخبر، فقال: انظر يا بني ما يكون من أمرها بعد فأخبرني به، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة فأخبر عبد المطلب بذلك، فخرج عبد المطلب و هو يقول: يا أهل مكة، اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم.

قال: فأتوا العسكر، و هم أمثال الخشب النخرة، و ليس من الطير إلا ما معه ثلاثة أحجار، في منقاره و رجليه، يقتل بكل حصاة منها واحدا من القوم، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير، و لم ير قبل ذلك و لا بعده فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلق بأستاره، و قال:

يا حابس الفيل بذي المغمس «2» حبسته كأنه

مكوكس «3»

في مجلس تزهق فيه الأنفس فانصرف و هو يقول في فرار قريش و جزعهم من الحبشة:

طارت قريش إذ رأت خميسا فظلت فردا لا أرى أنيسا

و لا أحس منهم حسيسا إلا أخا لي ماجدا نفيسا

مسودا في أهله رئيسا».

11911/ [5]- علي بن إبراهيم، في معنى السورة، قال: نزلت في الحبشة حين جاءوا بالفيل ليهدموا به الكعبة، فلما أدنوه من باب المسجد، قال له عبد المطلب: أ تدري أين يؤم بك؟ فقال برأسه: لا، قال: أتوا بك لتهدم كعبة الله، أ تفعل ذلك؟ فقال برأسه: لا، فجهدت به الحبشة ليدخل المسجد فأبى، فحملوا عليه بالسيوف و قطعوه وَ أَرْسَلَ الله عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ. قال: بعضها على أثر بعض، تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قال: كان مع كل طير ثلاثة أحجار: حجر في منقاره، و حجران في رجليه «4»، و كانت ترفرف على رؤوسهم، و ترمي أدمغتهم، فيدخل الحجر في دماغ الرجل منهم، و يخرج من دبره، و تنقض أبدانهم، فكانوا كما قال الله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ قال: العصف: التبن، و المأكول: هو الذي يبقى من فضله.

__________________________________________________

5- تفسير القمّي 2: 442.

(1) و هو جبل مشرف على مسجد مكة. «معجم البلدان 4: 308».

(2) المغمّس: موضع قرب مكّة في طريق الطائف. «معجم البلدان 5: 161».

(3) يقال: كوسه على رأسه: قلبه، و تكوّس الرجل: تنكّس، و في أمالي المفيد: 314/ 5: مكركس، أي المنكّس الذي قلب على رأسه.

(4) في المصدر: مخاليبه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 764

قال الصادق (عليه السلام): «و هذا الجدري من ذلك «1» الذي أصابهم في زمانهم».

__________________________________________________

(1) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: و أهل الجدري من ذلك أصابهم. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 765

سورة قريش ..... ص : 765

فضلها ..... ص : 765

11912/ [1]- ابن

بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من أكثر من قراءة (لإيلف قريش) بعثه الله يوم القيامة على مركب من مراكب الجنة حتى يقعد على موائد النور يوم القيامة».

11913/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله من الأجر كمن طاف حول الكعبة و اعتكف في المسجد الحرام، و إذا قرئت على طعام يخاف منه كان فيه الشفاء، و لم يؤذ آكله أبدا».

11914/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها على طعام لم ير فيه سوء أبدا».

11915/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «إذا قرئت على طعام يخاف منه كان شفاء من كل داء، و إذا قرأتها على ماء ثم رش الماء على من أشغل قلبه بالمرض و لا يدري ما سببه يصرفه الله عنه».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 126.

2- .....

3- .....

4- خواص القرآن: 16 «نحوه».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 766

سورة قريش(106)106: الآيات 1 الي 4 ..... ص : 766

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ- إلى قوله تعالى- وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [1- 4] 11916/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في قريش، لأنه كان معاشهم من الرحلتين: رحلة في الشتاء إلى اليمن، و رحلة في الصيف إلى الشام، و كانوا يحملون من مكة الأدم و اللب «1»، و ما يقع من ناحية البحر من الفلفل و غيره، فيشترون بالشام الثياب و الدرمك «2» و الحبوب، و كانوا يتآلفون في طريقهم، و يثبتون «3» في الخروج في كل خرجة «4» رئيسا من رؤوساء قريش، و كان معاشهم من ذلك، فلما بعث الله رسوله (صلى الله

عليه و آله) استغنوا عن ذلك، لأن الناس وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و حجوا إلى البيت، فقال الله: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ فلا يحتاجون أن يذهبوا إلى الشام وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ يعني خوف «5» الطريق.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 444.

(1) أي الجوز و اللّوز و نحوهما، و قد غلب على ما يؤكل داخله و يرمى خارجه. «أقرب الموارد 2: 1123»، و في المصدر: اللباس.

(2) أي الدقيق الأبيض. «المعجم الوسيط 1: 282».

(3) في «ط»: يترتّبون، و في «ج»: يرتّبون.

(4) في «ط، ي، ج»: ناحية.

(5) (خوف) ليس في «ج، ي».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 767

سورة الماعون ..... ص : 767

فضلها ..... ص : 767

11917/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن عمرو بن ثابت، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من قرأ سورة (أ رأيت الذي يكذب بالدين) في فرائضه و نوافله، كان فيمن قبل الله عز و جل صلاته و صيامه، و لم يحاسبه بما كان منه في الحياة الدنيا».

11918/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة غفر الله له ما دامت الزكاة مؤداة، و من قرأها بعد صلاة الصبح مائة مرة حفظه الله إلى صلاة الصبح».

11919/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها بعد عشاء الآخرة غفر الله له و حفظه إلى صلاة الصبح».

11920/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها بعد صلاة العصر كان في أمان الله و حفظه إلى وقتها في اليوم الثاني».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 126.

2- .......

3- .......

4- ....... [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 768

سورة الماعون(107): الآيات 1 الي 7 ..... ص : 768

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ- إلى قوله تعالى- وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ [1- 7]

11921/ [1]- محمد بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا بن عاصم، عن الهيثم، عن عبد الله الرمادي، قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (صلوات الله عليهم أجمعين)، في قوله عز و جل:

أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، قال: «بولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام)».

11922/ [2]- و عن محمد بن جمهور، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي جميلة، عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، قال: «بالولاية «1»».

11923/ [3]- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: قوله

تعالى: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ قال: نزلت في أبي جهل و كفار قريش فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ، أي يدفعه عن حقه وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أي لا يرغب في طعام المسكين، ثم قال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ قال: عنى به التاركين، لأن كل إنسان يسهو في الصلاة «2»، و

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الذي يؤخرها عن أول الوقت إلى آخره من غير «3» عذر».

__________________________________________________

1- تأويل الآيات 2: 855/ 1.

2- تأويل الآيات 2: 855/ 2.

3- تفسير القمّي 2: 444.

(1) زاد في المصدر: يعني أنّ الدين هو الولاية.

(2) في «ط، ي» زيادة: فهو كالتارك لها.

(3) في المصدر:

قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): تأخير الصلاة عن أوّل وقتها لغير.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 769

الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ فيما يفعلون وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ مثل السراج و النار و الخمير و أشباه ذلك من الآلات «1» التي يحتاج إليها الناس

، و

في رواية اخرى: «الخمس و الزكاة».

11924/ [4]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين، عن محمد بن الفضيل، قال: سألت العبد الصالح (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ، قال: «هو التضييع».

11925/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ، قال: «هو القرض يقرضه، و المعروف يصطنعه، و متاع البيت يعيره، و منه الزكاة».

فقلت له: إن لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه و أفسدوه، فعلينا جناح أن نمنعهم؟ فقال: «لا، ليس

عليكم جناح أن تمنعوهم إذا كانوا كذلك».

11926/ [6]- ابن بابويه: عن أبي جعفر «2» (عليه السلام)، قال: «حدثني أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: ليس عمل أحب إلى الله عز و جل من الصلاة، فلا يشغلنكم عن أوقاتها شي ء من أمور الدنيا، فإن الله عز و جل ذم أقواما فقال: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ يعني أنهم غافلون، استهانوا بأوقاتها».

11927/ [7]- الطبرسي: روى العياشي بالإسناد، عن يونس بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قوله: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ أ هي وسوسة الشيطان؟ فقال: «لا، كل أحد يصيبه هذا، و لكن أن يغفلها و يدع أن يصليها في أول وقتها».

11928/ [8]- و عن أبي أسامة زيد الشحام، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ، قال: «هو الترك لها و التواني عنها».

11929/]- و عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «هو التضييع لها».

11930/ [10]- الطبرسي، في قوله تعالى: وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ، قال: اختلف فيه، فقيل: هو الزكاة

__________________________________________________

4- الكافي 3: 268/ 5.

5- الكافي 3: 499/ 9.

6- الخصال: 621/ 10.

7- مجمع البيان 10: 834.

8- مجمع البيان 10: 834.

9- مجمع البيان 10: 834.

10- مجمع البيان 10: 834.

(1) في المصدر: ذلك ممّا. [.....]

(2) في المصدر: عن أبي عبد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 770

المفروضة، عن علي (عليه السلام)، و ابن عمر، و الحسن، و قتادة، و الضحاك، قال: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

11931/ [11]- و روى أبو بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «هو القرض تقرضه، و المعروف تصنعه، و متاع

البيت تعيره، و منه الزكاة».

[قال : فقلت: إن لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه، [و أفسدوه أ] فعلينا جناح أن نمنعهم؟ فقال: « [لا]، ليس عليك جناح أن تمنعهم إذا كانوا كذلك».

__________________________________________________

11- مجمع البيان 10: 834.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 771

سورة الكوثر ..... ص : 771

فضلها ..... ص : 771

11932/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كانت قراءته: (إنا أعطيناك الكوثر) في فرائضه و نوافله، سقاه الله من الكوثر يوم القيامة، و كان محدثه عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) في أصل طوبى».

11933/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة سقاه الله تعالى من نهر الكوثر، و من كل نهر في الجنة و كتب له عشر حسنات بعدد كل من قرب قربانا من الناس يوم النحر، و من قرأها ليلة الجمعة مائة مرة رأى النبي (صلى الله عليه و آله) في منامه رأي العين، لا يتمثل بغيره من الناس إلا كما يراه».

11934/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها سقاه الله من نهر الكوثر و من كل نهر في الجنة، و من قرأها ليلة الجمعة مائة مرة مكملة رأى النبي (صلى الله عليه و آله) في منامه بإذن الله تعالى».

11935/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها بعد صلاة يصليها نصف الليل سرا من ليلة الجمعة ألف مرة مكملة رأى النبي (صلى الله عليه و آله) في منامه بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 126.

2- .......

3- .......

4- خواص القرآن: 16 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 772

سورة الكوثر(108): الآيات 1 الي 3 ..... ص : 772

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [1- 3]

11936/ [1]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا محمد بن محمد- يعني المفيد- قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير،

عن عبد الله بن العباس، قال: لما أنزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله): إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، قال له علي بن أبي طالب (عليه السلام):

«ما هو الكوثر يا رسول الله؟». قال: «نهر أكرمني الله به».

قال علي (عليه السلام): «إن هذا النهر شريف، فانعته لنا يا رسول الله»؟ قال: «نعم يا علي، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله تعالى، ماؤه أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل و ألين من الزبد، حصاه الزبرجد و الياقوت و المرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الأذفر، قواعده تحت عرش الله عز و جل». ثم ضرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يده على جنب أمير المؤمنين (عليه السلام) و قال: «يا علي، إن هذا النهر لي، و لك، و لمحبيك من بعدي».

و رواه المفيد في (أماليه) قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين البغدادي، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثني أبو كدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن العباس، قال: لما نزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قال له علي بن أبي طالب (عليه السلام): «ما هو الكوثر يا رسول الله». و ذكر الحديث بعينه «1».

__________________________________________________

1- الأمالي 1: 67.

(1) الأمالي: 294/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 773

11937/ [2]- و عنه، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، قال:

حدثني أبي، عن سعيد «1» بن عبد الله بن موسى، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي، قال: حدثنا المعلى بن هلال، عن الكلبي، عن أبي صالح،

عن عبد الله بن العباس، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «أعطاني الله تعالى خمسا و أعطى عليا خمسا، أعطاني جوامع الكلم، و أعطى عليا جوامع العلم، و جعلني نبيا، و جعله وصيا، و أعطاني الكوثر، و أعطاه السلسبيل، و أعطاني الوحى، و أعطاه الإلهام، و أسرى بي إليه، و فتح له أبواب السماء و الحجب حتى نظر إلي و نظرت إليه».

قال: ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقلت له: ما يبكيك فداك أبي و أمي؟ قال: «يا بن عباس، إن أول ما كلمني به أن قال: يا محمد، انظر تحتك، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، و إلى أبواب السماء قد فتحت، و نظرت إلى علي و هو رافع رأسه إلي، فكلمني و كلمته، و كلمني ربي عز و جل».

فقلت: يا رسول الله بم كلمك ربك؟ قال: «قال لي: يا محمد، إني جعلت عليا وصيك و وزيرك و خليفتك من بعدك، فأعلمه، فها هو يسمع كلامك. فأعلمته و أنا بين يدي ربي عز و جل، فقال لي: قد قبلت و أطعت. فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه، ففعلت، فرد عليهم السلام، و رأيت الملائكة يتباشرون به، و ما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنئوني و قالوا: يا محمد، و الذي بعثك بالحق نبيا، لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عز و جل لك ابن عمك، و رأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض، فقلت: يا جبرئيل لم نكس حملة العرش رؤوسهم؟ فقال: يا محمد، ما من ملك من الملائكة إلا و قد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به، ما خلا حملة

العرش فإنهم استأذنوا الله عز و جل «2» الساعة، فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب، فنظروا إليه، فلما هبطت جعلت أخبره بذلك و هو يخبرني به، فعلمت أني لم أطأ موطئا إلا و قد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه».

قال ابن عباس: فقلت: يا رسول الله، أوصني. فقال: «عليك بمودة علي بن أبي طالب، و الذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب، و هو تعالى أعلم، فإن جاء بولايته، قبل عمله على ما كان منه، و إن لم يأت بولايته لم يسأله عن شي ء، ثم أمر به إلى النار.

يا بن عباس، و الذي بعثني بالحق نبيا، إن النار لأشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا.

يا بن عباس، لو أن الملائكة المقربين و الأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغض علي، و لن يفعلوا، لعذبهم الله بالنار».

قلت: يا رسول الله، و هل يبغضه أحد؟ قال: «يا بن عباس نعم، يبغضه قوم يذكرون أنهم من أمتي، لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيبا. يا بن عباس، إن من علامة بغضهم له تفضيلهم من هو دونه عليه. و الذي بعثني بالحق

__________________________________________________

2- الأمالي 1: 102.

(1) في «ج»: سعد.

(2) زاد في المصدر: في هذه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 774

نبيا، ما بعث الله نبيا أكرم عليه مني، و لا وصيا أكرم عليه من وصيي «1»».

قال ابن عباس: فلم أزل له كما أمرني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و وصاني بمودته، و إنه لأكبر عملي عندي. قال ابن عباس: ثم مضى من الزمان ما مضى، و حضرت رسول الله (صلى الله عليه

و آله) الوفاة، حضرته فقلت له: فداك أبي و امي يا رسول الله، قد دنا أجلك، فما تأمرني؟ فقال: «يا بن عباس، خالف من خالف عليا، و لا تكونن لهم ظهيرا و لا وليا».

قلت: يا رسول الله، فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته؟ قال: فبكى (صلى الله عليه و آله) حتى أغمي عليه، ثم قال:

«يا بن عباس [قد] سبق فيهم علم ربي. و الذي بعثني بالحق نبيا، لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا، و أنكر حقه، حتى يغير الله تعالى ما به من نعمة. يا بن عباس، إذا أردت أن تلقى الله و هو عنك راض، فاسئلك طريقة علي بن أبي طالب، و مل معه حيث مال، و أرض به إماما، و عاد من عاداه، و وال من والاه. يا بن عباس، احذر أن يدخلك شك فيه، فإن الشك في علي كفر بالله عز و جل».

11938/ [3]- و عنه: بإسناده، عن عطاء بن السائب، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «قال النبي (صلى الله عليه و آله): أعطيت جوامع الكلم».

قال عطاء: فسألت أبا جعفر (عليه السلام): ما جوامع الكلم؟ قال: «القرآن».

11939/ [4]- محمد بن العباس: عن أحمد بن سعيد العماري، من ولد عمار بن ياسر، عن إسماعيل بن زكريا، عن محمد بن عون، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قال: نهر في الجنة، عمقه في الأرض سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل، شاطئاه من اللؤلؤ و الزبرجد و الياقوت، خص الله تعالى به نبيه و أهل بيته (صلوات الله عليهم

أجمعين) دون الأنبياء.

11940/ [5]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن عمرو ابن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أراني جبرئيل منازلي في الجنة، و منازل أهل بيتي، عن الكوثر».

11941/ [6]- و عنه: عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن مسمع بن أبي سيار، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: «لما أسري بي إلى السماء السابعة، قال لي جبرئيل (عليه السلام): تقدم يا محمد أمامك. و أراني الكوثر، و قال: يا محمد، هذا الكوثر لك دون النبيين، فرأيت عليه قصورا كثيرة من اللؤلؤ و الياقوت و الدر، و قال: يا محمد، هذه مساكنك و مساكن وزيرك و وصيك علي بن أبي طالب و ذريته الأبرار»، قال:

__________________________________________________

3- الأمالي 2: 99.

4- تأويل الآيات 2: دأ 5/ 1.

5- تأويل الآيات 2: 856/ 2. [.....]

6- تأويل الآيات 2: 586/ 3.

(1) زاد في المصدر: عليّ.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 775

«فضربت بيدي على بلاطه فشممته فإذا هو مسك، و إذا أنا بقصور، لبنة من ذهب و لبنة من فضة».

11942/ [7]- و عنه: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلى الغداة، ثم التفت إلى علي (عليه السلام)، فقال:

[يا علي ما هذا النور الذي أراه قد غشيك؟ قال: يا رسول الله، أصابتني جنابة في هذه الليلة، فأخذت بطن الوادي فلم أصب

الماء، فلما وليت ناداني مناد: يا أمير المؤمنين، فالتفت فإذا خلفي إبريق مملوء من ماء، و طست من ذهب مملوء من ماء، فاغتسلت. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي أما المنادي فجبرئيل، و الماء من نهر يقال له الكوثر، عليه اثنتا عشرة ألف شجرة، كل شجرة لها ثلاثمائة و ستون غصنا، فإذا أراد أهل الجنة الطرب، هبت ريح، فما من شجرة و لا غصن إلا و هو أحلى صوتا من الآخر، و لو لا أن الله تبارك و تعالى كتب على أهل الجنة أن لا يموتوا، لماتوا فرحا من شدة حلاوة تلك الأصوات، و هذا النهر في جنة عدن، و هو لي و لك و لفاطمة و الحسن و الحسين و ليس لأحد فيه شي ء».

11943/ [8]- السيد الرضي في كتاب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة) قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الشافعي، بقراءتي عليه فأقر به، أخبره عبد الله بن محمد بن عثمان الملقب بالسقاء الحافظ الواسطي، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن عيسى الرازي البصري، عن محمد بن عبيدة الأصفهاني، عن محمد بن حميد الرازي عن جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأبي بكر و عمر: «امضيا إلى علي حتى يحدثكما ما كان في ليلته، و أنا على أثركما».

قال أنس: فمضينا فاستأذنا على علي (عليه السلام)، فخرج إلينا، و قال: «أحدث شي ء؟». قلنا: لا، بل قال لنا رسول الله (صلى الله عليه و آله): «امضيا إلى علي يحدثكما ما كان منه في ليلته». و جاء النبي (صلى الله عليه و

آله) فقال: «يا علي حدثهما ما كان منك في ليلتك». فقال: «إني لأستحي يا رسول الله». فقال: «حدثهما، فإن الله لا يستحي من الحق».

فقال علي: «إن البارحة أردت الماء للطهارة، و قد أصبحت و خفت أن تفوتني الصلاة، فوجهت الحسن في طريق و الحسين في أخرى، فأبطيا علي فأحزنني ذلك، فبينما أنا كذلك فإذا السقف قد انشق و نزل منه سطل مغطى بمنديل، فلما صار في الأرض نحيت المنديل فإذا فيه ماء فتطهرت للصلاة و اغتسلت بباقيه، و صليت، ثم ارتفع السطل و المنديل و التأم السقف». فقال النبي (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) و لهما: «أما السطل فمن الجنة، و الماء فمن نهر الكوثر، و المنديل فمن إستبرق الجنة، من مثلك- يا علي- و جبرئيل ليلتك يخدمك!».

11944/ [9]- الطبرسي في (الاحتجاج): في حديث النبي (صلى الله عليه و آله) مع اليهود، قالت اليهود: نوح خير منك، قال النبي (صلى الله عليه و آله): «و لم ذلك؟» قالوا: لأنه ركب على السفينة فجرت على الجودي. قال النبي (صلى الله عليه و آله): «لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك». قالوا: و ما ذاك؟ قال: «إن الله عز و جل أعطاني نهرا في

__________________________________________________

7- تأويل الآيات 2: 857/ 4.

8- ..... العمدة 375/ 738.

9- الاحتجاج: 48.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 776

الجنة «1» مجراه من تحت العرش و عليه ألف ألف قصر، لبنة من ذهب، و لبنة من فضة، حشيشها الزعفران، و رضراضها «2» الدر و الياقوت، و أرضها المسك الأبيض، فذلك خير لي و لأمتي، و ذلك قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ». قالوا: صدقت يا محمد، هو مكتوب في التوراة، و هذا خير من ذلك.

11945/

[10]- الطبرسي، قال: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في معنى الكوثر، قال: «نهر في الجنة أعطاه الله نبيه (صلى الله عليه و آله) عوضا عن ابنه». قال: و قيل: [هو] الشفاعة. رووه عن الصادق (عليه السلام).

11946/ [11]- ابن الفارسي في (الروضة): قال ابن عباس: لما نزلت: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ صعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) المنبر فقرأها على الناس، فلما نزل قالوا: يا رسول الله، ما هذا الذي [قد] أعطاك الله؟ قال: «نهر في الجنة، أشد بياضا من اللبن، و أشد استقامة من القدح «3»، حافتاه قباب الدر و الياقوت ترده طيور خضر لها أعناق كأعناق البخت».

قالوا: يا رسول الله، ما أنعم هذا الطائر! قال: «أ فلا أخبركم بأنعم منه؟». قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «من أكل الطير و شرب الماء، و فاز برضوان الله».

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خيرت بين أن يدخل شطر أمتي الجنة، و بين الشفاعة، فاخترت الشفاعة لأنها أعم و أكفى، أ ترونها للمؤمنين المتقين؟ لا، و لكنها للمؤمنين المتلوثين الخطائين».

و أحاديث الكوثر كثيرة، اقتصرت على ذلك مخافة الإطالة.

11947/ [12]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبو مقاتل الكشي ببغداد، قدم علينا سنة أربع و سبعين و مائتين في قطيعة الربيع، قال: حدثنا أبو مقاتل السمرقندي، قال: حدثنا مقاتل بن حيان، قال: حدثنا الأصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «لما نزلت على النبي (صلى الله عليه و آله) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ، قال: يا جبرئيل، ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ قال: يا محمد، إنها ليست نحيرة، و لكنها رفع الأيدي في

الصلاة».

11948/ [13]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن حماد، عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ؟ قال: «النحر: الاعتدال في القيام، أن يقيم

__________________________________________________

10- مجمع البيان 10: 836.

11- روضة الواعظين: 501.

12- الأمالي 1: 386.

13- الكافي 3: 336/ 9.

(1) في «ج» و المصدر: السماء.

(2) الرّضراض: ما دقّ من الحصى، و الأرض المرضوضة بالحجارة. «أقرب الموارد- رضرض- 1: 409».

(3) القدح: السّهم قبل أن ينصل و يراش. «لسان العرب- قدح- 2: 556».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 777

صلبه و نحره». و قال: «لا تكفر، فإنما يصنع ذلك المجوس، و لا تلثم، و لا تحتفز «1»، و لا تقع على قدميك، و لا تفترش ذراعيك».

11949/ [14]- الطبرسي: في معنى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ عن عمر بن يزيد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) [يقول في قوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ: «هو رفع يديك حذاء وجهك». و روى عنه عبد الله بن سنان مثله.

11950/ [15]- و عن جميل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ؟ فقال بيده هكذا، يعني استقبل بيديه حذو وجهه القبلة في افتتاح الصلاة.

11951/ [16]- و روي عن مقاتل بن حيان، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «لما نزلت هذه السورة، قال النبي (صلى الله عليه و آله) لجبرئيل (عليه السلام): ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ قال: ليست بنحيرة، و لكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة، أن ترفع يديك إذا كبرت، و إذا ركعت، و إذا رفعت رأسك من الركوع، و إذا سجدت، فإنه صلاتنا و صلاة الملائكة في السماوات السبع، فإن

لكل شي ء زينة و إن زينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة.

قال النبي (صلى الله عليه و آله): «رفع الأيدي من الاستكانة. قلت: و ما الاستكانة؟ قال: «ألا تقرأ هذه الآية: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ؟ «2»».

ثم قال الطبرسي: أورده الثعلبي، و الواحدي في تفسيريهما.

11952/1]

- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: قوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، قال: الكوثر: نهر في الجنة أعطاه الله رسول الله (صلى الله عليه و آله) عوضا عن ابنه إبراهيم. قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) المسجد و فيه عمرو بن العاص و الحكم بن أبي العاص، فقال عمرو: يا أبا الأبتر، و كان الرجل في الجاهلية إذا لم يكن له ولد سمي أبتر، ثم قال عمرو: إني لأشنأ محمدا، أي أبغضه. فأنزل الله على رسوله (صلى الله عليه و آله): إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ أي مبغضك عمرو بن العاص: هُوَ الْأَبْتَرُ يعني لا دين له و لا نسب.

11953/ [18]- ابن بابويه: بإسناده، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث: «أشر الأولين و الآخرين اثنا عشر». إلى أن قال في الستة الآخرين: «و الأبتر: عمرو بن العاص».

__________________________________________________

14- مجمع البيان 10: 837.

15- مجمع البيان 10: 837. [.....]

16- مجمع البيان 10: 837.

17- تفسير القمّي 2: 445.

18- الخصال: 459/ 2.

(1) احتفز: استوى جالسا على وركيه، و قيل: استوى جالسا على ركبتيه كأنّه ينهض. «لسان العرب 5: 337».

(2) المؤمنون 23: 76.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 778

11954/ [19]- محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن مخلد الدهان، عن علي بن شهد القريضي «1» بالرقة، عن إبراهيم بن علي بن جناح، عن الحسن بن علي بن محمد بن

جعفر «2»، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: « [و لقد] قال عمرو بن العاص على منبر مصر: محي من كتاب الله ألف حرف، و حرف منه ألف. حرف، و أعطيت مائتي ألف درهم على أن أمحو إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ فقالوا: لا يجوز ذلك. [قلت : فكيف جاز ذلك لهم، و لم يجز لي؟ فبلغ ذلك معاوية، فكتب إليه: قد بلغني ما قلت على منبر مصر، و لست هناك».

__________________________________________________

19- تأويل الآيات 2: 569/ 42.

(1) في المصدر: علي بن أحمد العريضي.

(2) زاد في المصدر: بن محمّد.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 779

سورة الكافرون ..... ص : 779

فضلها ..... ص : 779

11955/ [1]- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان [أبي (صلوات الله عليه)] يقول: « (قل هو الله أحد) ثلث القرآن، و (قل يأيها الكافرون) ربع القرآن».

11956/ [2]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «من قرأ إذا أوى إلى فراشه (قل يأيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) كتب الله عز و جل له براءة من الشرك».

11957/ [3]- ابن بابويه: باسناده، عن الحسن، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ (قل يأيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) في فريضة من الفرائض غفر له و لوالديه و ما ولد، و إن كان شقيا محي من ديوان الأشقياء، و أثبت في ديوان السعداء، و أحياه الله تعالى سعيدا، و أماته

شهيدا، و بعثه شهيدا».

11958/ [4]- الطبرسي: عن شعيب الحداد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان أبي يقول: (قل يأيها الكافرون) ربع القرآن، و كان إذا فرغ منها قال: أعبد الله وحده، أعبد الله وحده».

11959/ [5]- و عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا قلت: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ فقل:

__________________________________________________

1- الكافي 2: 454/ 7.

2- الكافي 2: 458/ 23.

3- ثواب الأعمال: 127.

4- مجمع البيان 10: 839.

5- مجمع البيان 10: 839.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 780

و لكني أعبد الله مخلصا له ديني، فإذا فرغت منها، فقل: ديني الإسلام ثلاث مرات».

11960/ [6]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله تعالى من الأجر كأنما قرأ ربع القرآن، و تباعدت عنه مؤذية الشيطان، و نجاه الله تعالى من فزع يوم القيامة، و من قرأها عند منامه، لم يتعرض إليه شي ء في منامه، فعلموها صبيانكم عند النوم، و من قرأها عند طلوع الشمس عشر مرات، و دعا بما أراد من الدنيا و الآخرة استجاب الله له ما لم يكن معصية يفعلها».

11961/ [7]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها تباعدت عنه مؤذية الشيطان، و نجاه الله من فزع يوم القيامة، و من قرأها عند النوم لم يعرض له شي ء في منامه و كان محروسا، فعلموها أولادكم، و من قرأها عند طلوع الشمس عشر مرات، و دعا الله، استجاب له ما لم يكن في معصية».

11962/ [8]- الطبرسي: روى داود بن الحصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا قلت: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ فقل: يا أيها «1»

الكافرون و إذا قلت: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ، فقل: أعبد الله وحده، و إذا قلت: لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ فقل: ربي الله، و ديني الإسلام».

__________________________________________________

6- ..... [.....]

7- .......

8- مجمع البيان 10: 842.

(1) في المصدر: فقل: أيّها.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 781

سورة الكافرون(109): الآيات 1 الي 6 ..... ص : 781

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ- إلى قوله تعالى- لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ [1- 6]

11963/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، قال: سأل أبو شاكر أبا جعفر الأحول، عن قول الله عز و جل: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ فهل يتكلم الحكيم بمثل هذا القول و يكرره مرة بعد مرة؟ فلم يكن عند أبي جعفر الأحول في ذلك جواب، فدخل المدينة، فسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك، فقال: «كان سبب نزولها و تكرارها أن قريشا قالت لرسول الله (صلى الله عليه و آله): تعبد آلهتنا سنة، و نعبد إلهك سنة، و تعبد آلهتنا سنة، و نعبد إلهك سنة، فأجابهم الله بمثل ما قالوا، فقال فيما قالوا: تعبد آلهتنا سنة: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ، و فيما قالوا: نعبد إلهك سنة: وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ و فيما قالوا: تعبد آلهتنا سنة: وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ و فيما قالوا: نعبدك إلهك سنة: وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ». قال: فرجع أبو جعفر الأحول إلى أبي شاكر فأخبره بذلك، فقال أبو شاكر: هذا حملته الإبل من الحجاز، و كان أبو

عبد الله (عليه السلام) إذا فرغ من قراءتها يقول: «ديني الإسلام» ثلاثا.

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 445.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 783

سورة النصر ..... ص : 783

فضلها ..... ص : 783

11964/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ (إذا جاء نصر الله و الفتح) في نافلة أو فريضة، نصره الله على جميع أعدائه، و جاء يوم القيامة و معه كتاب ينطق، قد أخرجه الله من جوف قبره فيه أمان من حر «1» جهنم و من النار، و من زفير جهنم، فلا يمر على شي ء يوم القيامة إلا بشره و أخبره بكل خير حتى يدخل الجنة، و يفتح له في الدنيا من أسباب الخير ما لم يتمن و لم يخطر على قلبه».

11965/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطي من الأجر كمن شهد مع النبي (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكة، و من قرأها في صلاة و صلى بها بعد الحمد، قبلت صلاته منه أحسن قبول».

11966/ [3]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها في صلاته، قبلت بأحسن قبول».

11967/ [4]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها عند كل صلاة سبع مرات، قبلت منه الصلاة أحسن قبول».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 127.

2- .......

3- خواص القرآن: 37 «مخطوط».

4- خواص القرآن: 62 «مخطوط».

(1) في المصدر: جسر.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 784

سورة النصر(110): آية 1 ..... ص : 784

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ [1]

11968/ [1]- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن البغدادي، قال: حدثنا الحسين بن عمر المقرئ، عن علي بن الأزهر، عن علي بن صالح المكي، عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم

السلام)، قال: «لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ قال لي: يا علي، لقد جاء نصر الله و الفتح، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابا.

يا علي، إن الله تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي كما كتب عليهم جهاد المشركين معي. فقلت: يا رسول الله، و ما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله و أني رسول الله، و هم مخالفون لسنتي و طاعنون في ديني. فقلت: فعلام نقاتلهم يا رسول الله، و هم يشهدون أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله؟ فقال: على إحداثهم في دينهم، و فراقهم لأمري، و استحلالهم دماء عترتي.

قال: فقلت: يا رسول الله إنك كنت وعدتني الشهادة، فسل الله تعجيلها لي. فقال: أجل، قد كنت وعدتك الشهادة، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا؟ و أومأ إلى رأسي و لحيتي. فقلت: يا رسول الله، أما إذا ثبت لي ما ثبت «1»، فليس بموطن صبر، و لكنه موطن بشرى و شكر. فقال: أجل، فأعد للخصومة، فإنك مخاصم «2» امتي.

قلت: يا رسول الله، أرشدني الفلج؟ قال: إذا رأيت قومك قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم، فإن الهدى من الله، و الضلال من الشيطان. يا علي، إن الهدى هو اتباع أمر الله دون الهوى و الرأي، و كأنك بقوم قد تأولوا

__________________________________________________

1- الأمالي 1: 63.

(1) في المصدر: إذا بينت لي ما بينت.

(2) في المصدر: تخاصم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 785

القرآن، و أخذوا بالشبهات، و استحلوا الخمر و النبيذ و البخس

بالزكاة، و السحت بالهدية.

قلت: يا رسول الله، فما هم إذا فعلوا ذلك، أهم أهل فتنة أم أهل ردة؟ فقال: هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل.

فقلت: يا رسول الله، العدل منا، أم من غيرنا؟ فقال: بل منا، بنا فتح الله، و بنا يختم الله، و بنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك، و بنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة. فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله».

و رواه المفيد في (أماليه)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين البغدادي، و ساق الحديث إلى آخره «1».

11969/ [2]- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس و السدي: لما نزل قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «2» قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «ليتني أعلم متى يكون ذلك». فنزلت سورة النصر، فكان يسكت بين التكبير و القراءة بعد نزولها، فيقول: «سبحان الله و بحمده، أستغفر الله و أتوب إليه». فقيل له في ذلك؟ فقال: «أما إن نفسي نعيت إلي». ثم بكى بكاء شديدا، فقيل: يا رسول الله، أو تبكي من الموت و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر؟

قال: «فأين هول المطلع، و أين ضيق القبر و ظلمة اللحد، و أين القيامة و الأهوال؟». فعاش بعد نزول هذه السورة عاما.

11970/ [3]- و في (الأسباب و النزول): عن الواحدي، أنه روى عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزاة خيبر «3» و أنزل الله سورة الفتح، قال: «يا علي، و يا فاطمة، إذا جاء نصر الله و الفتح». إلى آخر السورة.

11971/ [4]- علي بن

إبراهيم، في معنى السورة: قوله: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ قال: نزلت بمنى في حجة الوداع إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ، فلما نزلت قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «نعيت إلي نفسي»، فجاء إلى مسجد الخيف فجمع الناس، ثم قال: «نصر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها و بلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، و رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، و النصيحة لأئمة المسلمين، و اللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم.

يا أيها الناس، إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا و لن تزلوا: كتاب الله، و عترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كإصبعي هاتين- و جمع بين سبابتيه- و لا أقول

__________________________________________________

2- المناقب 1: 234.

3- المناقب 1: 234. [.....]

4- تفسير القمّي 2: 446.

(1) الأمالي: 288/ 7.

(2) الزمر 39: 30.

(3) في المصدر: غزوة حنين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 786

كهاتين و- جمع بين سبابته و الوسطى- فتفضل هذه على هذه».

11972/ [5]- الطبرسي: عن عبد الله بن مسعود، قال: لما نزلت هذه السورة كان النبي (صلى الله عليه و آله) يقول كثيرا: «سبحانك، اللهم و بحمدك، اللهم اغفر لي، إنك أنت التواب الرحيم».

11973/]- و عن ام سلمة، قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله)، بالآخرة لا يقوم و لا يقعد و لا يجي ء و لا يذهب، إلا قال: «سبحان الله و بحمده، و أستغفر الله و أتوب إليه». فسألناه عن ذلك؟ فقال (صلى الله عليه و آله): «إني أمرت بها» ثم قرأ: إِذا جاءَ

نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ.

11974/ [7]- و في رواية عائشة: أنه (صلى الله عليه و آله) كان يقول: «سبحانك اللهم و بحمدك، و أستغفرك و أتوب إليك».

و قد تقدم في مقدمة الكتاب: أنها آخر سورة نزلت «1».

__________________________________________________

5- مجمع البيان 10: 844.

6- مجمع البيان 10: 844.

7- مجمع البيان 10: 845.

(1) تقدّم في الباب (15) في أوّل سورة نزلت و آخر سورة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 787

سورة اللهب ..... ص : 787

فضلها ..... ص : 787

11975/ [1]- ابن بابويه: بإسناده، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا قرأتم (تبت يدا أبى لهب و تب) فادعوا على أبي لهب، فإنه كان من المكذبين الذين يكذبون بالنبي (صلى الله عليه و آله) و بما جاء به من عند الله عز و جل».

11976/ [2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يجمع الله بينه و بين أبي لهب، و من قرأها على الأمغاص التي في البطن سكنت بإذن الله تعالى، و من قرأها عند نومه حفظه الله».

11977/ [3]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها على المغص سكنه الله و أزاله، و من قرأها في فراشه كان في حفظ الله و أمانه».

__________________________________________________

1- ثواب الأعمال: 127.

2- .......

3- خواص القرآن: 16 «مخطوط».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 788

سورة المسد(111): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 788

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ- إلى قوله تعالى- فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ [1- 5] 11978/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ، قال: أي خسرت، لما اجتمع مع قريش في دار الندوة و بايعهم على قتل محمد (صلى الله عليه و آله)، و كان كثير المال، فقال الله: ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَ ما كَسَبَ سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ عليه فتحرقه وَ امْرَأَتُهُ، قال: كانت أم جميل بنت صخر، و كانت تنم على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و تنقل أحاديثه إلى الكفار حَمَّالَةَ الْحَطَبِ أي احتطبت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فِي جِيدِها أي في عنقها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أي من نار، و كان اسم

أبي لهب عبد مناف، فكناه الله عز و جل، لأن منافا اسم صنم يعبدونه.

11979/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير و علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أرادت قريش قتل النبي (صلى الله عليه و آله)، قال: كيف لنا بأبي لهب؟ فقالت أم جميل: أنا أكفيكموه، أنا أقول له: إني أحب أن تقعد اليوم [في البيت نصطبح. فلما أن كان من الغد، و تهيأ المشركون للنبي (صلى الله عليه و آله) قعد أبو لهب و أم جميل يشربان، فدعا أبو طالب عليا (عليه السلام) فقال له: يا بني، اذهب إلى عمك أبي لهب فاستفتح عليه، فإن فتح لك فادخل، و إن لم يفتح لك فتحامل على الباب و اكسره و ادخل عليه، فإذا دخلت عليه فقل: يقول لك أبي:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 448.

2- الكافي 8: 276/ 418.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 789

إن امرءا عمه عينه «1» في القوم «2» ليس بذليل.

قال: فذهب أمير المؤمنين (عليه السلام)، فوجد الباب مغلقا، فاستفتح فلم يفتح له، فتحامل على الباب و كسره و دخل، فلما رآه أبو لهب، قال له: ما لك يا بن أخي؟ فقال له: [إن أبي يقول لك: إن امرءا عمه عينه في القوم ليس بذليل. فقال له: صدق أبوك، فما ذا يا بن أخي؟ فقال له: يقتل ابن أخيك و أنت تأكل و تشرب! فوثب و أخذ سيفه، فتعلقت به أم جميل، فرفع يده و لطم وجهها لطمة ففقأ عينها، فماتت و هي عوراء،

و خرج أبو لهب و معه السيف، فلما رأته قريش عرفت الغضب في وجهه، فقالت: ما لك يا أبا لهب؟ فقال: أبايعكم على ابن أخي، ثم تريدون قتله! و اللات و العزى، لقد هممت أن أسلم، ثم تنظرون ما أصنع. فاعتذروا إليه و رجع».

11980/ [3]- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليلة فقرأ: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ فقيل لأم جميل امرأة أبي لهب: إن محمدا لم يزل البارحة يهتف بك و بزوجك في صلاته، فخرجت تطلبه و هي تقول: لئن رايته لاسمعنه، و جعلت تقول: من أحس لي محمدا؟ فانتهت إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و أبو بكر جالس معه إلى جنب حائط، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لو تنحيت، هذه أم جميل و أنا خائف أن تسمعك ما تكرهه. فقال: إنها لم ترني و لن تراني. فجاءت حتى قامت عليهما، فقالت: يا أبا بكر، رأيت محمدا؟ فقال: لا. فمضت». قال أبو جعفر (عليه السلام): «ضرب بينهما حجاب أصفر».

11981/ [4]- ابن شهر آشوب: قال النبي (صلى الله عليه و آله): «بعثت إلى أهل بيتي خاصة، و إلى الناس عامة». و قد كان بعد مبعثه بثلاث سنين على ما ذكره الطبري في (تاريخه) و الخرگوشي في (تفسيره)، و محمد بن إسحاق في (كتابه) عن أبي مالك، عن ابن عباس، و عن ابن جبير: أنه لما نزل قوله وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «3»، جمع رسول الله

(صلى الله عليه و آله) بني هاشم، و هم يومئذ أربعون رجلا، و أمر عليا أن ينضج رجل شاة و يخبز «4» لهم صاعا من طعام، و جاء بعس «5» من لبن، ثم جعل يدخلهم إليه عشرة عشرة حتى شبعوا، و إن منهم لمن يأكل الجذعة و يشرب الفرق «6»، و أراهم بذلك الآية الباهرة «7».

__________________________________________________

3- مختصر بصائر الدرجات: 9. [.....]

4- المناقب 2: 24.

(1) (عينه) ليس في «ي».

(2) قال المجلسي (رحمة اللّه): المراد بالعمّ إمّا أبو لهب، أو نفسه، و الأول أظهر إذ الظاهر أن الفرض حمله على الحمية، و المراد بالعين السيد أو الرقيب و الحافظ، و الحاصل أنّ من كان عمّه مثلك سيّد القوم و زعيمهم لا ينبغي أن يكون ذليلا. «مرآة العقول 26: 290».

(3) الشعراء 26: 214.

(4) في «ي» شاة و يختبز، و في المصدر: شاة و خبز.

(5) العسّ: القدح الضخم. «لسان العرب 6: 140».

(6) و هو مكيال معروف بالمدينة. «الصحاح 4: 1540».

(7) في المصدر: الفرق، و في رواية مقاتل، عن الضّحاك، عن ابن عباس، أنّه قال: و قد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 790

11982/ [5]- و في رواية البراء بن عازب و ابن عباس: أنه بدرهم أبو لهب، فقال: هذا ما سحركم به الرجل. ثم قال لهم النبي (صلى الله عليه و آله): «إني بعثت إلى الأسود و الأبيض و الأحمر، إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي «1» الأقربين، و إني لا أملك لكم من الله شيئا إلا أن تقولوا: لا إله إلا الله». فقال أبو لهب: أ لهذا دعوتنا! ثم تفرقوا عنه، فنزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ، ثم دعاهم دعوة أخرى «2»،

و أطعمهم و سقاهم، ثم قال لهم: «يا بني عبد المطلب، أطيعوني تكونوا ملوك الأرض و حكامها، و ما بعث الله نبيا إلا جعل له وصيا، أخا و وزيرا، فأيكم يكون أخي، و وزيري، و وصيي، و وارثي، و قاضي ديني؟».

11983/ [6]- و في رواية الطبري، و القاضي أبي الحسن الجرجاني، عن ابن جبير و ابن عباس: «فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟». فأحجم القوم.

11984/ [7]- و في رواية أبي بكر الشيرازي، عن مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس، و في (مسند العشرة) و (فضائل الصحابة): عن أحمد، بإسناده، عن ربيعة بن ناجد، عن علي (عليه السلام): «فأيكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي؟». فلم يقم إليه أحد، و كان علي أصغر القوم، يقول: «أنا». فقال في الثالثة: «أجل». و ضرب بيده على يدي أمير المؤمنين.

11985/ [8]- و في (تفسير الخرگوشي): عن ابن عباس، و ابن جبير، و أبي مالك، و في (تفسير الثعلبي): عن البراء بن عازب: فقال علي، و هو أصغر القوم: «أنا يا رسول الله». فقال: «أنت». فلذلك كان وصيه. قالوا: فقام القوم، و هم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك!

11986/ [9]- و في (تاريخ الطبري) و (صفوة الجرجاني): فأحجم القوم، فقال علي (عليه السلام): «أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه». فأخذ برقبته، ثم قال: «هذا أخي، و وصيي، و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا». قال: فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع.

11987/ [10]- و في رواية الحارث بن نوفل، و أبي رافع، و عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي (عليه

السلام): «فقلت: أنا يا رسول الله. قال: أنت، و أدناني إليه، و تفل في في، فقاموا يتضاحكون و يقولون: بئس ما حبا ابن عمه إذ اتبعه و صدقه».

__________________________________________________

5- المناقب 2: 24.

6- المناقب 2: 25.

7- المناقب 2: 25.

8- المناقب 2: 25.

9- المناقب 2: 25، تاريخ الطبري 2: 321.

10- المناقب 2: 25. [.....]

(1) في «ي»: عشيرتك.

(2) في «ط» نسخة بدل، و المصدر: دعاهم دفعة ثانية.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 791

11988/ [11]- (تاريخ الطبري): عن ربيعة بن ناجد: أن رجلا قال لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، بم ورثت ابن عمك دون عمك؟ فقال (عليه السلام)- بعد كلام ذكر فيه حديث الدعوة-: «فلم يقم إليه أحد، فقمت إليه، و كنت من أصغر القوم،- قال-: فقال: اجلس، ثم قال [ذلك ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه فيقول لي: اجلس، حتى كان في الثالثة، ضرب بيده على يدي، قال: فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي».

11989/ [12]- و في حديث أبي رافع: «أنه قال أبو بكر للعباس: أنشدك الله، تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد جمعكم و قال: «يا بني عبد المطلب، إنه لم يبعث الله نبيا إلا جعل له من أهله وزيرا و أخا و وصيا و خليفة في أهله، فمن يقم منكم يبايعني على أن يكون أخي، و وزيري، و وارثي، و وصيي، و خليفتي في أهلي». فبايعه علي (عليه السلام) على ما شرط له. و إذا صحت هذه الجملة وجبت إمامته بعد النبي (صلى الله عليه و آله) بلا فصل «1».

__________________________________________________

11- المناقب 2: 25، تاريخ الطبري 2: 321.

12- المناقب 2: 26.

(1) (و إذا صحت ... بلا فصل) ليس في «ي».

البرهان في تفسير

القرآن، ج 5، ص: 793

سورة الإخلاص ..... ص : 793

فضلها ..... ص : 793

11990/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن جعفر، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من قرأ (قل هو الله أحد) مائة»

مرة حين يأخذ مضجعه، غفر الله له ذنوب خمسين سنة».

11991/ [2]- عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من مضى به يوم واحد فصلى فيه بخمس صلوات و لم يقرأ فيها ب (قل هو الله أحد) قيل له: يا عبد الله، لست من المصلين».

11992/ [3]- و عنه: بهذا الإسناد، عن الحسن بن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يدع أن يقرأ في دبر الفريضة ب (قل هو الله أحد) فإن من قرأها جمع الله له خير الدنيا و الآخرة، و غفر له و لوالديه و ما ولد «2»».

11993/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن النبي (صلى الله عليه و آله) صلى على سعد بن معاذ فقال: لقد وافى من الملائكة سبعون ألفا و فيهم جبرئيل (عليه السلام)

__________________________________________________

1- الكافي 2: 454/ 4.

2- الكافي 2: 455/ 10.

3- الكافي 2: 455/ 11.

4- الكافي 2: 455/ 13.

(1) (مائة) ليس في «ي».

(2) في «ط» و المصدر: و ما ولدا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 794

يصلون عليه، فقلت له: يا جبرئيل، بما يستحق صلاتكم عليه؟

فقال: بقراءته (قل هو الله أحد) قائما، و قاعدا، و راكبا «1»، و ماشيا، و ذاهبا، و جائيا».

11994/ [5]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إدريس الحارثي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا مفضل، احتجز من الناس كلهم ب (بسم الله الرحمن الرحيم) وب (قل هو الله أحد) اقرأها عن يمينك، و عن شمالك، و من بين يديك، و من خلفك، و من «2» فوقك، و من تحتك، و إذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرات، و اعقد بيدك اليسرى، ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده».

11995/ [6]- و عنه: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن عبدوس، عن محمد بن زاوية، عن أبي علي بن راشد، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): جعلت فداك، إنك كتبت إلى محمد بن الفرج تعلمه أن أفضل ما يقرأ في الفرائض ب (إنا أنزلناه) و (قل هو الله أحد)، و إن صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر.

فقال (عليه السلام): «لا يضيقن صدرك بهما، فإن الفضل و الله فيهما».

11996/ [7]- و عنه، عن الحسين بن محمد، عن عبد الله بن عامر، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن الحسين بن عثمان، عن عمرو بن أبي نصر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يقوم في الصلاة فيريد أن يقرأ سورة، فيقرأ (قل هو الله أحد) و (قل يأيها الكافرون)؟ فقال: «يرجع من كل سورة إلا من (قل هو الله أحد) و (قل يا أيها الكافرون)».

11997/ [8]- و عنه: عن أبي داود، عن علي بن

مهزيار، بإسناده، عن صفوان الجمال، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «صلاة الأوابين «3» كلها ب (قل هو الله أحد)».

11998/ [9]- و عنه: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الأسدي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يكره أن يقرأ: قل هو الله أحد، بنفس واحد».

11999/ [10]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قرأ (قل هو الله أحد) حين يخرج من منزله عشر مرات، لم يزل في حفظ

__________________________________________________

5- الكافي 2: 457/ 20.

6- الكافي 3: 315/ 19.

7- الكافي 3: 317/ 25. [.....]

8- الكافي 3: 314/ 13.

9- الكافي 2: 451/ 12.

10- الكافي 2: 394/ 8.

(1) في «ي»: و راكعا.

(2) (خلفك و من) ليس في «ج، ي».

(3) في المصدر زيادة: الخمسون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 795

الله عز و جل و كلاءته «1» حتى يرجع إلى منزله».

12000/ [11]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين المرواني، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن سليمان بفارس، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن الحصين: أن النبي (صلى الله عليه و آله) بعث سرية، و استعمل عليها عليا (عليه السلام)، فلما رجعوا سألهم عنه؟ فقالوا كل خير فيه، غير أنه قرأ بنا في كل الصلوات ب (قل هو الله أحد)! فقال: «يا علي لم فعلت هذا؟» فقال: «لحبي ل

(قل هو الله أحد)» فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «ما أحببتها حتى أحبك الله عز و جل».

12001/ [12]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، قال:

حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن أحمد بن هلال، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأ (قل هو الله أحد) «2» حين يأخذ مضجعه، غفر الله له ذنوب خمسين سنة».

12002/ [13]- و عنه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم المكتب، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ (قل هو الله أحد) مرة واحدة فكأنما قرأ ثلث القرآن، و ثلث التوراة، و ثلث الإنجيل، و ثلث الزبور».

12003/ [14]- و عنه: عن أبي جعفر «3»، قال: «حدثني أبي، عن آبائه (عليهم السلام)، أن أمير المؤمنين (عليه السلام) علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه- و ذكر ذلك، و قال (عليه السلام) في ذلك- من قرأ (قل هو الله أحد) من قبل أن تطلع الشمس و مثلها (إنا أنزلناه)، و مثلها آية الكرسي، منع ماله مما يخاف، و من قرأ: (قل هو الله أحد) و (إنا أنزلناه) قبل أن تطلع الشمس، لم يصبه في ذلك اليوم ذنب، و إن جهد إبليس.

و إذا أراد أحدكم حاجة فليبكر في طلبها يوم الخميس، فإن رسول الله (صلى الله عليه و

آله) قال: اللهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس، و ليقرأ إذا خرج من بيته الآيات من آخر آل عمران، و آية الكرسي، و (إنا أنزلناه) و أم

__________________________________________________

11- التوحيد 94/ 11.

12- التوحيد: 94/ 12.

13- التوحيد: 95/ 15.

14- الخصال: 622، 623، 624، 626/ 10.

(1) كلأك اللّه كلاءة، أي حفظك و حرسك. «لسان العرب 1: 145».

(2) زاد في المصدر: مائة مرّة.

(3) في المصدر: أبي عبد اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 796

الكتاب، فإن فيها قضاء الحوائج للدنيا «1» و الآخرة.

إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليتعوذ بالله، و ليقل: آمنت بالله و برسوله مخلصا له الدين.

إذا كسا الله عز و جل مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضأ و ليصل ركعتين يقرأ فيهما أم الكتاب، و آية الكرسي، و (قل هو الله أحد) و (إنا أنزلناه فى ليلة القدر) و ليحمد الله الذي ستر عورته و زينه في الناس، و ليكثر من قول: لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإنه لا يعصي الله فيه، و له بكل سلك فيه ملك يقدس له، و يستغفر له، و يترحم عليه، و إذا دخل أحدكم منزله فليسلم على أهله، يقول: السلام عليكم، فإن لم يكن له أهل فليقل: السلام علينا من ربنا و ليقرأ: قل هو الله أحد حين يدخل منزله فإنه ينفي الفقر».

12004/ [15]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن الحسين بن سعيد، قال علي بن النعمان: و قال الحارث:

سمعته و هو يقول: (قل هو الله أحد) ثلث القرآن، و قل يا أيها الكافرون تعدل ربعه، و كان رسول الله يجمع قول (قل هو الله أحد) في الوتر لكي يجمع القرآن كله.

12005/ [16]- و روي أنه من قرأ في الركعتين الأوليين

من صلاة الليل في كل ركعة: الحمد مرة، و (قل هو الله أحد) ثلاثين مرة، انفتل «2» و ليس بينه و بين الله عز و جل ذنب إلا غفر له.

12006/ [17]- و عنه: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القراءة في الوتر؟ فقال: «كان بيني و بين أبي باب، فكان [أبي إذا صلى يقرأ في الوتر ب (قل هو الله أحد) في ثلاثتهن، و كان يقرأ (قل هو الله أحد) فإذا فرغ منها قال: كذلك الله ربي، أو كذاك الله ربي».

12007/ [18]- و عنه: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان أبي (عليه السلام) يقول: (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن، و كان يحب أن يجمعها في الوتر ليكون القرآن كله».

12008/ [19]- و عنه: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الوتر ثلاث ركعات يفصل بينهن، و يقرأ فيهن جميعا ب (قل هو الله أحد)».

12009/ [20]- محمد بن العباس: عن سعيد بن عجب الأنباري، عن سويد بن سعيد، عن علي بن مسهر، عن

__________________________________________________

15- التهذيب 2: 124/ 469. [.....]

16- التهذيب 2: 124/ 470.

17- التهذيب 2: 126/ 481.

18- التهذيب 2: 127/ 482.

19- التهذيب 2: 127/ 484.

20- تأويل الآيات 2: 860/ 2.

(1) في المصدر: لحوائج الدنيا.

(2) انفتل فلان عن صلاته، أي انصرف. «لسان العرب 11: 514».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 797

حكيم بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول

الله (صلى الله عليه و آله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): «إنما مثلك مثل (قل هو الله أحد) فإن من قرأها مرة، فكأنما قرأ ثلث القرآن، و من قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، و من قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله. و كذلك أنت، من أحبك بقلبه كان له ثلث ثواب العباد، و من أحبك بقلبه و لسانه كان له ثلثا ثواب العباد، و من أحبك بقلبه و لسانه و يده كان له ثواب العباد أجمع».

12010/ [21]- و عنه: عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إسحاق بن بشر الكاهلي، عن عمرو ابن أبي المقدام، عن سماك بن حرب، عن نعمان بن بشير، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأ (قل هو الله أحد) مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن، و من قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، و من قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله، و كذلك من أحب عليا بقلبه أعطاه الله ثلث ثواب هذه الأمة، و من أحبه بقلبه و لسانه أعطاه الله ثلثي ثواب هذه الأمة كلها، و من أحبه بقلبه و لسانه و يده أعطاه الله ثواب هذه الأمة كلها».

12011/ [22]- و عنه: عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن الحكم بن سليمان، عن محمد بن كثير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا علي، إن فيك مثلا من (قل هو الله أحد) من قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن، و من قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن، و من قرأها ثلاثا فقد قرأ القرآن [كله . يا علي،

من أحبك بقلبه كان له [مثل أجر ثلث [هذه الأمة، و من أحبك بقلبه و أعانك بلسانه كان له [مثل أجر ثلثي هذه الأمة، و من أحبك بقلبه و أعانك بلسانه و نصرك بسيفه كان له مثل أجر هذه الأمة».

12012/ [23]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن عروة بن أخي شعيب العقرقوفي، عن شعيب، عن أبي بصير، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يحدث، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما لأصحابه: أيكم يصوم الدهر؟ فقال سلمان (رحمه الله): أنا يا رسول الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فأيكم يحيي الليل؟ قال سلمان: أنا يا رسول الله. قال: فأيكم يختم القرآن في كل يوم؟ فقال سلمان: أنا يا رسول الله. فغضب بعض أصحابه، فقال: يا رسول الله، إن سلمان رجل من الفرس، يريد أن يفتخر علينا معاشر قريش، قلت: أيكم يصوم الدهر؟ فقال: أنا. و هو أكثر أيامه يأكل، و قلت: أيكم يحيي الليل؟ فقال: أنا، و هو أكثر ليله نائم. و قلت: أيكم يختم القرآن في كل يوم؟ فقال: أنا، و هو أكثر أيامه صامت.

فقال النبي (صلى الله عليه و آله): [مه يا فلان، أنى لك بمثل لقمان الحكيم، سله فإنه ينبئك. فقال الرجل لسلمان:

يا أبا عبد الله، أليس زعمت أنك تصوم الدهر؟ فقال: نعم، فقال: رأيتك في أكثر نهارك تأكل! فقال: ليس حيث تذهب، إني أصوم الثلاثة في الشهر،

و كما قال الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «1»، و أصل

__________________________________________________

21- تأويل الآيات 2: 861/ 3.

22- تأويل الآيات 2: 861/ 4.

23- أمالي الصدوق: 37/ 5.

(1) الأنعام 6: 160.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 798

شهر شعبان بشهر رمضان، و ذلك صوم الدهر.

فقال أ ليس زعمت أنك تحيي الليل؟ فقال: نعم، فقال: إنك أكثر ليلك نائم! فقال: ليس حيث تذهب، و لكني سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: من بات على طهر فكأنما أحيا الليل كله. و أنا أبيت على طهر.

فقال: أليس زعمت أنك تختم القرآن في كل يوم؟ قال: نعم. قال: فإنك أكثر أيامك صامت! فقال: ليس حيث تذهب، و لكني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن، مثلك في أمتي مثل: (قل هو الله أحد) فمن قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن، و من قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن، و من قرأها ثلاثا فقد ختم القرآن، فمن أحبك بلسانه فقد كمل له ثلث الإيمان، و من أحبك بلسانه و قلبه فقد كمل له ثلثا الإيمان، و من أحبك بلسانه و قلبه و نصرك بيده فقد استكمل الإيمان، و الذي بعثني بالحق يا علي، لو أحبك أهل الأرض كمحبة أهل السماء [لك ، لما عذب الله أحدا بالنار. و أنا أقرأ (قل هو الله أحد) في كل يوم ثلاث مرات. فقام و كأنه قد ألقم القوم حجرا».

12013/ [24]- الطبرسي: روى الفضيل بن يسار، قال: أمرني أبو جعفر (عليه السلام) أن أقرأ: (قل هو الله أحد)، و أقول إذا فرغت منها: كذلك الله ربي ثلاثا.

و قد تقدم في فضل

سورة الكافرون من ذلك «1».

12014/ [25]- و من طريق المخالفين: ما رواه أخطب خطباء خوارزم، بإسناده يرفعه إلى عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «يا علي ما مثلك في الناس إلا كمثل (قل هو الله أحد) في القرآن، من قرأها مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن، و من قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، و من قرأها ثلاث مرات كمن قد قرأ القرآن. و كذا أنت يا علي، من أحبك بقلبه فقد أحب ثلث الإيمان، و من أحبك بقلبه و لسانه فقد أحب ثلثي الإيمان، و من أحبك بقلبه و لسانه و يده فقد أحب الإيمان كله، و الذي بعثني بالحق نبيا، لو أحبك أهل الأرض كما يحبك أهل السماء لما عذب الله أحدا منهم بالنار».

12015/2]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة و أصغى لها أحبه الله، و من أحبه الله نجا، و قراءتها على قبور الأموات فيها ثواب كثير، و هي حرز من كل آفة».

12016/ [27]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها و أهداها للموتى كان فيها ثواب ما في جميع القرآن، و من قرأها على الرمد سكنه الله و هدأه بقدرة الله تعالى».

__________________________________________________

24- مجمع البيان 10: 863.

25- تأويل الآيات 2: 860/ 1.

26- ...... [.....]

27- خواص القرآن: 17 «مخطوط».

(1) تقدّم في الحديث (4) من فضل سورة الكافرون.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 799

12017/ [28]- الرضا (عليه السلام) في (صحيفته)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من مر على المقابر و قرأ:

(قل هو الله أحد) إحدى عشرة مرة ثم وهب أجره للأموات أعطي

من الأجر بعدد الأموات».

12018/ [29]- و عنه (عليه السلام) في (صحيفته): «عن علي (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا صلى بنا صلاة السفر قرأ في الأولى الحمد و (قل يا أيها الكافرون)، و في الأخرى الحمد و (قل هو الله أحد)، ثم قال:

قرأت لكم ثلث القرآن و ربعه».

__________________________________________________

28- صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام): 94/ 28.

29- صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام): 228/ 117.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 800

سورة الإخلاص(112): الآيات 1 الي 4 ..... ص : 800

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [1- 4]

12019/ [1]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام): «أن اليهود أعداء الله لما قدم النبي (صلى الله عليه و آله) المدينة أتوه بعبد الله بن صوريا- و ذكر حديثا طويلا يسأل فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إلى أن قال له- أخبرني عن ربك ما هو؟ فنزلت: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فقال ابن صوريا: صدقت».

12020/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن اليهود سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا:

انسب لنا ربك؟ فلبث ثلاثا لا يجيبهم، ثم نزلت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إلى آخرها».

و رواه محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب.

12021/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن حماد بن عمرو النصيبي، قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، عن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فقال (عليه السلام):

«نسبة الله إلى خلقه، أحدا صمدا أزليا صمديا لا ظل له يمسكه، و هو يمسك الأشياء بأظلتها، عارف بالمجهول، معروف عند كل جاهل، فردانيا، لا خلقه فيه، و لا هو في خلقه، غير محسوس و لا مجسوس لا تدركه الأبصار، علا فقرب، و دنا فبعد، و عصي فغفر، و أطيع فشكر، لا تحويه أرضه، و لا تقله سماواته، حامل الأشياء بقدرته، ديمومي أزلي، لا ينسى و لا يلهو، و لا يغلط و لا يلعب، [و] لا لإرادته فصل، و فصله جزاء، و أمره واقع، لم يلد فيورث، و لم يولد فيشارك، و لم يكن له كفوا أحد».

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 44.

2- الكافي 1: 71/ 1.

3- الكافي 1: 71/ 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 801

12022/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، قال: سئل علي بن الحسين (عليهما السلام)، عن التوحيد؟ فقال: «إن الله عز و جل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون، فأنزل الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، و الآيات من سورة الحديد إلى قوله: وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «1» فمن رام وراء ذلك فقد هلك».

12023/ [5]- و عنه: عن محمد بن أبي عبد الله، رفعه، عن عبد العزيز بن المهتدي، قال سألت الرضا (عليه السلام) عن التوحيد، فقال: «كل من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و آمن بها، فقد عرف التوحيد». قال: قلت: كيف يقرؤها؟ قال:

«كما يقرؤها الناس، و زاد فيه: كذلك الله ربي، كذلك الله ربي».

12024/ [6]- و عنه: عن علي

بن محمد، و محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد و لقبه شباب الصيرفي، عن داود بن القاسم الجعفري، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): جعلت فداك، ما الصمد؟

قال: «السيد المصمود إليه في القليل و الكثير».

12025/ [7]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن السري، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شي ء من التوحيد؟ فقال: «إن الله تباركت أسماؤه التي يدعى بها، و تعالى في علو كنهه، واحد توحد بالتوحيد في توحده، ثم أجراه على خلقه، فهو واحد صمد قدوس، يعبده كل شي ء، و يصمد إليه كل شي ء، و وسع كل شي ء علما».

فهذا هو المعنى الصحيح في تأويل الصمد «2»، لا ما ذهب إليه المشبهة أن تأويل الصمد المصمت الذي لا جوف له، لأن ذلك لا يكون إلا من صفة الجسم، و الله جل ذكره متعال عن ذلك، و هو أعظم و أجل من أن تقع الأوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته، و لو كان تأويل الصمد في صفة الله عز و جل المصمت لكان مخالفا لقوله عز و جل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ «3» لأن ذلك من صفة الأجسام المصمتة التي لا أجواف لها، مثل الحجر و الحديد و سائر الأشياء المصمتة التي لا أجواف لها، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

فأما ما جاء في الأخبار من ذلك،

فالعالم (عليه السلام): أعلم بما قال، و هذا الذي قال (عليه السلام): «إن الصمد هو السيد المصمود إليه»

هو معنى صحيح موافق لقول الله عز و جل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ

و المقصود إليه: المقصود في اللغة، قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبي (صلى الله عليه و آله) من شعره:

__________________________________________________

4- الكافي 1: 72/ 3.

5- الكافي 1: 72/ 4.

6- الكافي 1: 96/ 1.

7- الكافي 1: 96/ 2.

(1) الحديد 57: 6.

(2) «في تأويل الصمد» ليس في «ج، ي».

(3) الشورى 42: 11. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 802

و بالجمرة الوسطى «1» إذا صمدوا لها يؤمون رضخا «2» رأسها بالجنادل يعني قصدوا نحوها يرمون رأسها «3» بالجنادل، يعني الحصى الصغار التي تسمى بالجمار.

و قال بعض شعراء الجاهلية:

ما كنت أحسب أن بيتا ظاهرا لله في أكناف مكة يصمد

يعني يقصد.

و قال ابن الزبرقان:

و لا رهيبة إلا سيد صمد و قال شداد بن معاوية في حذيفة بن بدر:

علوته بحسام ثم قلت له: خذها حذيف فأنت السيد الصمد

و مثل هذا كثير، و الله عز و جل هو السيد الصمد الذي جميع الخلق من الجن و الإنس إليه يصمدون في الحوائج، و إليه يلجأون عند الشدائد، و منه يرجون الرخاء و دوام النعماء ليدفع عنهم الشدائد.

12026/ [8]-

ابن بابويه، قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه القمي ثم الإيلاقي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو سعيد عبدان بن الفضل، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن يعقوب بن محمد بن يوسف بن جعفر ابن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بمدينة خجندة، قال: حدثني أبو بكر بن محمد بن أحمد بن شجاع الفرغاني، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن محمد بن حماد «4» العنبري بمصر، قال: حدثني إسماعيل بن عبد الجليل البرقي، عن أبي البختري وهب بن وهب القرشي، عن أبي عبد

الله الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي الباقر (عليهم السلام)، في قول الله تبارك و تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، قال: «قل أي أظهر ما أوحينا إليك و بعثناك «5» به بتأليف الحروف التي قرأناها لك ليهتدي بها من ألقى السمع و هو شهيد، و هو اسم مكنى مشار به إلى غائب، فالهاء تنبيه على معنى ثابت، و الواو إشارة إلى الغائب عن الحواس، كما أن قولك:

هذا، إشارة إلى الشاهد عن الحواس، و ذلك أن الكفار نبهوا عن آلهتهم بحرف إشارة الشاهد المدرك فقالوا: هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالأبصار، فأشر أنت- يا محمد- إلى إلهك الذي تدعو إليه حتى نراه و ندركه و لا نأله فيه، فأنزل الله تبارك و تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فالهاء تثبيت للثابت، و الواو إشارة إلى الغائب عن درك الأبصار و لمس الحواس، و الله تعالى عن ذلك بل هو مدرك الأبصار و مبدع الحواس».

__________________________________________________

8- التوحيد: 88/ 1.

(1) في المصدر: القصوى.

(2) في المصدر: قذفا.

(3) في المصدر: يرمونها.

(4) في المصدر: أبو الحسن محمّد بن حماد، و في «ج»: أبو محمد الحسن بن حماد.

(5) في المصدر: و نبأناك.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 803

12027/ [9]- «حدثني أبي «1»، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: رأيت الخضر (عليه السلام) في المنام قبل بدر بليلة، فقلت له: علمني شيئا أنتصر به على الأعداء، فقال: قل: يا هو يا من لا هو إلا هو، فلما أصبحت، قصصتها على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال لي: يا علي، علمت الاسم الأعظم، فكان على لساني يوم بدر.

و

إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فلما فرغ قال:

يا هو يا من لا هو إلا هو اغفر لي و انصرني على القوم الكافرين. و كان علي (عليه السلام) يقول ذلك يوم صفين و هو يطارد، فقال له عمار بن ياسر: يا أمير المؤمنين، ما هذه الكنايات؟ قال: اسم الله الأعظم و عماد التوحيد لله لا إله إلا هو، ثم قرأ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ «2»، و آخر الحشر، ثم نزل فصلى أربع ركعات قبل الزوال.

قال: و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الله معناه: المعبود الذي يأله فيه الخلق و يؤله [إليه ، و الله هو المستور عن درك الأبصار، المحجوب عن الأوهام و الخطرات».

12028/ [10]- قال الباقر (عليه السلام): « [الله معناه: المعبود الذي أله الخلق عن درك ماهيته، و الإحاطة بكفيته، و تقول العرب: أله الرجل إذا تحير في الشي ء فلم يحط به علما، و وله إذا فزع إلى شي ء مما يحذره و يخافه فالإله هو المستور عن حواس الخلق».

12029/ [11]- قال الباقر (عليه السلام): «الأحد: الفرد المتفرد، و الأحد و الواحد بمعنى واحد، و هو المتفرد الذي لا نظير له، و التوحيد: الإقرار بالوحدة و هو الانفراد، و الواحد: المتباين الذي لا ينبعث من شي ء و لا يتحد بشي ء، و من ثم قالوا: إن بناء العدد من الواحد، و ليس الواحد من العدد لأن العدد لا يقع على الواحد بل يقع على الاثنين، فمعنى قول: الله أحد، أي المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه و الإحاطة بكيفيته، فرد بإلهيته، متعال عن صفات خلقه».

12030/ [12]- قال الباقر (عليه السلام): «حدثني أبي زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، أنه قال: الصمد: الذي لا جوف له، و

الصمد: الذي قد انتهى سؤدده، و الصمد: الذي لا يأكل و لا يشرب، و الصمد: الذي لا ينام، و الصمد: الدائم الذي لم يزل و لا يزال».

12031/ [13]- قال الباقر (عليه السلام): «كان محمد بن الحنفية (رضي الله عنه) يقول: الصمد: القائم بنفسه، الغني عن غيره، و قال غيره: الصمد: المتعالي عن الكون و الفساد، و الصمد: الذي لا يوصف بالتغاير».

__________________________________________________

9- التوحيد: 89/ 2.

10- التوحيد: 89/ 2.

11- التوحيد: 90/ 2.

12- التوحيد: 90/ 3.

13- التوحيد: 90/ 3.

(1) من تتمّة كلام الباقر (عليه السّلام).

(2) آل عمران 3: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 804

12032/ [14]- قال الباقر (عليه السلام): «الصمد: السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر و ناه».

12033/ [15]- قال: «و سئل علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام) عن الصمد؟ فقال: الصمد: الذي لا شريك له، و لا يؤوده حفظ شي ء، و لا يعزب عنه شي ء».

12034/ [16]- قال وهب بن وهب القرشي: قال زيد بن علي زين العابدين (عليه السلام): الصمد: [هو] الذي إذا أراد شيئا أن يقول له: كن فيكون. و الصمد: الذي ابتدع الأشياء فخلقها أضدادا و أشكالا و أزواجا، و تفرد بالوحدة بلا ضد و لا شكل و لا مثل و لا ند.

12035/ [17]- قال وهب بن وهب القرشي: و حدثني الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه (عليهم السلام): «إن أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) يسألونه عن الصمد، فكتب إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فلا تخوضوا في القرآن و لا تجادلوا فيه و لا تتكلموا فيه بغير علم، فقد سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: من قال في القرآن بغير

علم فليتبوأ مقعده من النار. و إن الله سبحانه و تعالى قد فسر الصمد، فقال: اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ثم فسره فقال: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ لَمْ يَلِدْ لم يخرج منه شي ء كثيف كالولد و سائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين، و لا شي ء لطيف كالنفس، و لا يتشعب منه البدوات كالسنة و النوم و الخطرة و الهم و الحزن و البهجة و الضحك و البكاء و الخوف و الرجاء و الرغبة و السأمة و الجوع و الشبع، تعالى أن يخرج منه شي ء، و أن يتولد منه شي ء كثيف أو لطيف، وَ لَمْ يُولَدْ لم يتولد من شي ء، و لم يخرج من شي ء، كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها، كالشي ء من الشي ء، و الدابة من الدابة، و النبات من الأرض، و الماء من الينابيع، و الثمار من الأشجار، و لا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها، كالبصر من العين، و السمع من الأذن، و الشم من الأنف، و الذوق من الفم، و الكلام من اللسان، و المعرفة و التميز من القلب، و كالنار من الحجر، لا، بل هو الله الصمد الذي لا من شي ء و لا في شي ء و لا على شي ء، مبدع الأشياء و خالقها، و منشئ الأشياء بقدرته، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيته، و يبقى ما خلق للبقاء بعلمه، فذلكم الله الصمد الذي لم يلد و لم يولد «1» و لم يكن له كفوا أحد».

12036/1]- قال وهب بن وهب القرشي: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: «قدم وفد من [أهل فلسطين على الباقر (عليه السلام) فسألوه عن مسائل، فأجابهم، ثم سألوه عن الصمد، فقال: تفسيره

فيه: الصمد خمسة أحرف،

__________________________________________________

14- التوحيد: 90/ 3. [.....]

15- التوحيد: 90/ 3.

16- التوحيد: 90/ 4.

17- التوحيد: 90/ 5.

18- التوحيد: 92/ 6.

(1) زاد في المصدر: عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 805

فالألف دليل على إنيته، و هو قوله عز و جل: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ «1»، و ذلك تنبيه و إشارة إلى الغائب عن درك الحواس.

و اللام دليل على إلهيته بأنه [هو] الله، و الألف و اللام مدغمان، لا يظهران على اللسان و لا يقعان في السمع، و يظهران في الكتابة، دليلان على أن إلهيته بلطفه خافية لا تدرك بالحواس، و لا تقع في اللسان واصف و لا أذن سامع، لأن تفسير الإله: هو الذي أله الخلق عن درك ماهيته و كيفيته بحس أو بوهم، لا، بل هو مبدع الأوهام و خالق الحواس، و إنما يظهر ذلك عند الكتابة، دليل على أن الله سبحانه أظهر ربوبيته في إبداع الخلق و تركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه. كما أن لام الصمد لا تتبين، و لا تدخل في حاسة من الحواس الخمس، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفي و لطف، فمتى تفكر العبد في ماهية البارئ و كيفيته، أله فيه و تحير، و لم تحط فكرته بشي ء يتصور له، لأنه عز و جل خالق الصور، فإذا نظر إلى خلقه تثبت له أنه عز و جل خالقهم، و مركب أرواحهم في أجسادهم.

و أما الصاد فدليل على أنه عز و جل صادق، و قوله صدق و كلامه صدق، و دعا عباده إلى اتباع الصدق بالصدق، و وعد بالصدق دار الصدق.

و أما الميم فدليل

على ملكه، و أنه الملك الحق، لم يزل و لا يزال و لا يزول «2».

و أما الدال فدليل على دوام ملكه، و أنه عز و جل دائم، تعالى عن الكون و الزوال، بل هو عز و جل مكون الكائنات، الذي كان بتكوينه كل كائن.

ثم قال (عليه السلام): لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عز و جل حملة، لنشرت التوحيد و الإسلام و الإيمان و الدين و الشرائع من الصمد، و كيف لي بذلك و لم يجد جدي أمير المؤمنين (عليه السلام) حملة لعلمه حتى كان يتنفس الصعداء و يقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين الجوانح مني علما جما، هاه هاه ألا لا أجد من يحمله، ألا و إني عليكم من الله الحجة البالغة، فلا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور.

ثم قال الباقر (عليه السلام): الحمد لله الذي من علينا و وفقنا لعبادة الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، و جنبنا عبادة الأوثان، حمدا سرمدا و شكرا واصبا، و قوله عز و جل لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ يقول: لم يلد عز و جل فيكون له ولد يرثه ملكه «3»، و لم يولد فيكون له والد يشركه في ربوبيته و ملكه، و لم يكن له كفوا أحد فيضاده «4» في سلطانه».

__________________________________________________

(1) آل عمران 3: 18.

(2) في المصدر زيادة: ملكه.

(3) «ملكه» ليس في المصدر.

(4) في المصدر: فيعاونه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 806

12037/ [19]- و عنه، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمان،

عن الربيع بن مسلم، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) و سئل عن الصمد، فقال: «الصمد: الذي لا جوف له».

12038/ [20]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن اليهود سألوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا: انسب لنا ربك، فلبث ثلاثا لا يجيبهم، ثم نزلت هذه السورة إلى آخرها». فقلت له: ما الصمد؟ فقال: «الذي ليس بمجوف».

12039/ [21]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن الحلبي و زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الله تبارك و تعالى أحد صمد ليس له جوف، و إنما الروح خلق من خلقه، نصر و تأييد و قوة يجعله الله في قلوب الرسل و المؤمنين».

12040/ [22]- علي بن إبراهيم: في معنى السورة: قوله: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قال: كان سبب نزولها أن اليهود جاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالت: ما نسب ربك؟ فأنزل الله قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ و معنى قوله أحد: أحدي النعت، كما

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «نور لا ظلام فيه، و علم لا جهل فيه»

، و قوله: الصَّمَدُ أي الذي لا مدخل فيه، و قوله: لَمْ يَلِدْ أي لم يحدث وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ

لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، قال: لا له كفو و لا شبيه و لا شريك و لا ظهير و لا معين.

12041/ [23]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا الحسن بن علي، عن حماد بن مهران، قال: حدثنا محمد بن خالد بن إبراهيم السعدي، قال: حدثني أبان بن عبد الله، قال: حدثني يحيى بن آدم، عن الفزاري، عن حريز، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: قالت قريش للنبي (صلى الله عليه و آله) بمكة: صف لنا ربك لنعرفه فنعبده، فأنزل الله تبارك و تعالى على النبي (صلى الله عليه و آله) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يعني غير مبعض، و لا متجزئ، و لا مكيف، و لا يقع عليه اسم العدد و لا الزيادة و لا النقصان، اللَّهُ الصَّمَدُ الذي قد انتهى إليه السؤدد، و الذي يصمد أهل السماوات و الأرض بحوائجهم إليه، لم يلد منه عزير، كما قالت اليهود لعنهم الله، و لا المسيح كما قالت النصارى عليهم سخط الله، و لا الشمس و لا القمر و لا النجوم، كما قالت المجوس لعنهم الله، و لا الملائكة، كما قالت مشركو العرب «1»، وَ لَمْ يُولَدْ لم يسكن الأصلاب، و لم تضمه الأرحام، و لا من شي ء كان، و لا من شي ء خلق ما

__________________________________________________

19- التوحيد: 93/ 7.

20- التوحيد: 93/ 8.

21- التوحيد: 171/ 2.

22- تفسير القمّي 2: 448.

23- تفسير القمّي 2: 448. [.....]

(1) في المصدر: كفّار قريش لعنهم اللّه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 807

كان وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ يقول: ليس له شبيه و لا مثل و لا عدل، و لا يكافيه أحد من خلقه بما أنعم عليه من فضله.

12042/ [24]- الطبرسي في (الاحتجاج)،

قال: روى أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ما معنى الأحد؟ قال: «المجمع عليه بالوحدانية، أما سمعته يقول:

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ «1» ثم يقولون بعد ذلك: له شريك و صاحبة!».

__________________________________________________

24- الاحتجاج: 441.

(1) العنكبوت 29: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 809

سورة الفلق ..... ص : 809

فضلها ..... ص : 809

12043/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن بكر بن صالح، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «ما من أحد في حد الصبا يتعهد في كل ليلة قراءة (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس)، كل واحدة ثلاث مرات و (قل هو الله) مائة مرة، و إن لم يقدر فخمسين إلا صرف الله عز و جل عنه كل لمم أو عرض من أعراض الصبيان و العطاش و فساد المعدة، و يدور الدم أبدا ما تعهد بهذا حتى يبلغه الشيب، فإن تعهد بنفسه بذلك أو تعوهد، كان محفوظا الى يوم يقبض الله عز و جل نفسه».

12044/ [2]- الشيخ في (التهذيب): بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن يعقوب بن يقطين، قال: سألت العبد الصالح (عليه السلام)، عن القراءة في الوتر، و قلت: إن بعضا روى: (قل هو الله أحد) في الثلاث، و بعضا روى: في الأوليين المعوذتين، و في الثالثة (قل هو الله أحد)؟ فقال: «أعمل بالمعوذتين و قل هو الله أحد».

12045/ [3]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثني أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي

عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من أوتر بالمعوذتين و (قل هو الله أحد) قيل له: يا عبد الله، أبشر فقد قبل الله و ترك».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 456/ 17.

2- التهذيب 2: 127/ 483.

3- ثواب الأعمال: 129.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 810

سورة الفلق(113): الآيات 1 الي 5 ..... ص : 810

اشارة

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ [1- 5]

12046/ [1]- ابن بابويه: عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن عثمان ابن عيسى، عن معاوية بن وهب، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقرأ رجل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فقال الرجل: و ما الفلق؟ قال: «صدع في النار فيه سبعون ألف دار، في كل دار سبعون ألف بيت، في كل بيت سبعون ألف أسود «1»، في جوف كل أسود سبعون ألف جرة سم، لا بد لأهل النار أن يمروا عليها».

12047/ [2]- و عنه: عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، رفعه، في قول الله عز و جل: وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ، قال: «أما رأيته إذا فتح عينيه و هو ينظر إليك؟ هو ذاك».

12048/ [3]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن الحسد؟

فقال: «لحم و دم يدور في الناس، حتى إذا انتهى إلينا يبس «2»، و

هو الشيطان».

__________________________________________________

1- معاني الأخبار: 227/ 1.

2- معاني الأخبار: 227/ 1.

3- معاني الأخبار: 244/ 1.

(1) الأسود: العظيم من الحيّات. «الصحاح 2: 491».

(2) في المصدر: يئس.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 811

12049/ [4]- و عنه، قال: حدثني محمد بن الحسن، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «إن أشد الناس عذابا يوم القيامة لسبعة نفر: أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه، و نمرود الذي حاج إبراهيم في ربه، و اثنان في بني إسرائيل هودا قومهما و نصراهم، و فرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، و اثنان من هذه الأمة:

أحدهما «1» في تابوت من قوارير تحت الفلق في بحار من نار».

12050/ [5]- و عنه: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثني الحكم بن مسكين الثقفي، عن عبد الرحمن بن سنان «2»، عن جعيد همدان، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن في التابوت الأسفل ستة من الأولين و ستة من الآخرين، فأما الستة من الأولين: فابن آدم قاتل أخيه، و فرعون الفراعنة، و السامري، و الدجال كتابه في الأولين و يخرج في الآخرين، و هامان، و قارون.

و الستة من الآخرين: فنعثل، و معاوية، و عمرو بن العاص، و أبو موسى الأشعري». و نسي المحدث اثنين.

12051/ [6]- علي بن إبراهيم، في معنى السورة: قوله: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، قال: الفلق جب في جهنم يتعوذ أهل النار من شدة حره، سأل الله أن يأذن له أن يتنفس، فأذن له فتنفس فأحرق جهنم، [قال : و في

ذلك الجب صندوق من نار يتعوذ منه أهل ذلك «3» الجب من حر ذلك الصندوق، و هو التابوت، و في ذلك التابوت ستة من الأولين، و ستة من الآخرين، فأما الستة من الأولين: فابن آدم الذي قتل أخاه، و نمرود إبراهيم الذي ألقى ابراهيم في النار، و فرعون موسى، و السامري الذي اتخذ العجل، و الذي هود اليهود، و الذي نصر النصارى. و أما الستة من الآخرين: الأول، و الثاني، و الثالث، و الرابع، و صاحب الخوارج، و ابن ملجم.

قوله: وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ، قال: الذي يلقى في الجب يقب «4» فيه.

12052/ [7]- الشيباني، في (نهج البيان): عن علي (عليه السلام)، أنه قال: «الغاسق إذا وقب، هو الليل إذا أدبر».

__________________________________________________

4- ثواب الأعمال: 214.

5- الخصال: 485/ 59.

6- تفسير القمّي 2: 449. [.....]

7- نهج البيان 3: 330 «مخطوط».

(1) زاد في المصدر: شرهما.

(2) في المصدر: سيابة.

(3) في المصدر: يتعوّذ أهل.

(4) الوقوب: الدّخول في كلّ شي ء. «لسان العرب 1: 801»، و في «ي»: يغيب.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 812

1- باب في الحسد و معناه ..... ص : 812

12053/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إن الرجل ليأتي بأي بادرة «1» [فيكفر]، و إن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب».

12054/ [2]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد و الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب».

12055/]- و عنه: عن عدة من أصحابنا،

عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «اتقوا الله و لا يحسد بعضكم بعضا، إن عيسى بن مريم كان من شرائعه السيح في البلاد، فخرج في بعض سيحه و معه رجل من أصحابه قصير، و كان كثير اللزوم لعيسى (عليه السلام)، فلما انتهى عيسى إلى البحر قال: باسم الله، بصحة يقين منه، فمشى على ظهر الماء، فقال الرجل القصير حين نظر إلى عيسى (عليه السلام) جازه، قال: بسم الله، بصحة يقين منه، فمشى على ظهر الماء و لحق بعيسى (عليه السلام)، فدخله العجب بنفسه، فقال: هذا عيسى روح الله يمشي على الماء، و أنا أمشي على الماء، فما فضله علي؟! قال: فرمس في الماء، فاستغاث بعيسى بن مريم (عليه السلام)، فتناوله من الماء فأخرجه، ثم قال له: ما قلت، يا قصير؟ قال: قلت:

هذا روح الله يمشي على الماء، و أنا أمشي على الماء! فدخلني من ذلك عجب. فقال له عيسى: لقد وضعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه، فمقتك الله على ما قلت، فتب إلى الله عز و جل مما قلت. قال: فتاب الرجل و عاد إلى مرتبته التي وضعه الله فيها، فاتقوا الله، و لا يحسد بعضكم بعضا».

12056/ [4]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كاد الفقر أن يكون كفرا، و كاد الحسد أن يغلب القدر».

12057/ [5]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن وهب، قال: قال

__________________________________________________

1- الكافي 2: 231/

1.

2- الكافي 2: 231/ 2.

3- الكافي 2: 231/ 3.

4- الكافي 2: 232/ 4.

5- الكافي 2: 232/ 5.

(1) في «ي»: ليأتي بالبادرة.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 813

أبو عبد الله (عليه السلام): «آفة الدين الحسد، و العجب، و الفخر».

12058/ [6]- و عنه: عن يونس، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله).

قال الله عز و جل لموسى بن عمران: يا بن عمران، لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي، و لا تمدن عينيك إلى ذلك، و لا تتبعه نفسك، فإن الحاسد ساخط لنعمي، صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي، و من يك كذلك فلست منه و ليس مني».

12059/ [7]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن الفضيل بن عياض، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن المؤمن يغبط و لا يحسد، و المنافق يحسد و لا يغبط».

11: 2- باب في ما روي من السحر الذي سحر به النبي (صلى الله عليه و آله) و ما يبطل به السحر، و خواص المعوذتين ..... ص : 813

12060/ [1]- الحسين بن بسطام، في كتاب (طب الأئمة (عليهم السلام)): عن محمد بن جعفر البرسي «1»، قال:

حدثنا محمد «2» بن يحيى الأرمني، قال: حدثنا محمد بن سنان، قال: حدثنا المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن جبرئيل (عليه السلام) أتى النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: يا محمد، قال: لبيك يا أخي «3» جبرئيل. قال: إن فلانا اليهودي قد سحرك، و جعل السحر في بئر بني فلان، فابعث إليه- يعني إلى البئر- أوثق الناس عندك و أعظمهم في عينيك، و هو عديل نفسك حتى يأتيك بالسحر، قال: فبعث النبي (صلى الله عليه و آله) علي بن أبي

طالب (عليه السلام) و قال: انطلق إلى بئر ذروان فإن فيها سحرا سحرني به لبيد بن أعصم اليهودي فأتني به.

قال علي (عليه السلام): فانطلقت في حاجة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهبطت في البئر، فإذا ماء البئر قد صار كأنه ماء الحناء من السحر، فطلبته مستعجلا حتى انتهيت إلى أسفل القليب فلم أظفر به، فقال الذين معي: ما فيه شي ء فاصعد. فقلت: لا و الله ما كذبت و لا كذبت، و ما يقيني به مثل يقينكم «4»- يعني بقول رسول الله (صلى الله عليه و آله)- قال:

__________________________________________________

6- الكافي 2: 232/ 6.

7- الكافي 2: 232/ 7.

1- طب الأئمة (عليهم السلام): 113. [.....]

(1) في «ج»: النرسي.

(2) في المصدر: أحمد.

(3) (أخي) ليس في المصدر.

(4) في «ج، ي» و المصدر: و ما نفسي مثل أنفسكم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 814

ثم طلبت طلبا بلطف، فاستخرجت حقا «1»، فأتيت به النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال: افتحه، ففتحته فإذا في الحق قطعة كرب النخل، في جوفه وتر عليه إحدى و عشرون عقدة، و كان جبرئيل (عليه السلام) أنزل يومئذ المعوذتين على النبي (صلى الله عليه و آله)، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): يا علي، اقرأهما على الوتر، فجعل علي (عليه السلام) كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى فرغ منها، و كشف الله عز و جل عن نبيه ما سحر به، و عافاه».

و

يروى: أن جبرئيل و ميكائيل (عليهما السلام) أتيا النبي (صلى الله عليه و آله) و هو وجع، فجلس أحدهما عن يمينه، و الآخر عن يساره، فقال جبرئيل لميكائيل: ما وجع الرجل؟ قال ميكائيل: هو مطبوب «2»، فقال جبرئيل: و من طبه؟

قال: لبيد بن أعصم

اليهودي. ثم ذكر الحديث إلى آخره.

12061/ [2]- و عنه، قال: حدثنا إبراهيم «3» بن البيطار قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، و يقال له يونس المصلي لكثرة صلاته، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «إن السحر لم يسلط على شي ء إلا على العين».

12062/ [3]- و عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن المعوذتين، أ هما من القرآن؟ فقال: «نعم، هما من القرآن».

فقال الرجل: إنهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود و لا في مصحفه. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أخطأ ابن مسعود- أو قال كذب ابن مسعود- هما من القرآن».

قال الرجل: فأقرا بهما- يا بن رسول الله- في المكتوبة؟ قال: «نعم، و هل تدري ما معنى المعوذتين، و في أي شي ء نزلتا؟ إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) سحره لبيد بن أعصم اليهودي». فقال أبو بصير لأبي عبد الله (عليه السلام):

و ما كان ذا، و ما عسى «4» أين يبلغ من سحره؟ قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): «بلى كان النبي (صلى الله عليه و آله) يرى أنه يجامع و ليس يجامع، و كان يريد الباب و لا يبصره حتى يلمسه بيده، و السحر حق، و ما يسلط السحر إلا على العين و الفرج، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك، فدعا عليا (عليه السلام) و بعثه ليستخرج ذلك من بئر ذروان». و ذكر الحديث إلى آخره.

12063/ [4]- و من (خواص القرآن): و روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ سورة الفلق في كل ليلة عند منامه، كتب الله له من الأجر كأجر

من حج و اعتمر و صام، و هي رقية نافعة و حرز من كل عين ناظرة بسوء».

__________________________________________________

2- طب الأئمة (عليهم السلام): 114.

3- طب الأئمة (عليهم السّلام): 114.

4-.

(1) الحقّ: وعاء صغير ذو غطاء يتّخذ من عاج أو زجاج أو غيرهما. «المعجم الوسيط 1: 188».

(2) المطبوب: المسحور. «لسان العرب 1: 554».

(3) في «ج، ي»: جعفر بن إبراهيم.

(4) في «ج، ي»: و ما كاد أو عسى.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 815

12064/ [5]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها عند نومه كان له أجر عظيم، و هي حرز من كل سوء، و هي رقية نافعة و حرز من كل عين ناظرة».

12065/ [6]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها في كل ليلة من ليالي شهر رمضان، كانت في نافلة أو فريضة، كان كمن صام في مكة، و له ثواب من حج و اعتمر بإذن الله تعالى».

12066/ [7]- الحسين بن بسطام في (طب الأئمة) (عليهم السلام): عن محمد بن مسلم، قال: هذه العوذة التي أملاها علينا أبو عبد الله (عليه السلام) يذكر أنها وراثة، و أنها تبطل السحر، تكتب على رق و تعلق على المسحور: قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَ يُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ «1» أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها «2» الآيات فَوَقَعَ الْحَقُّ وَ بَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَ انْقَلَبُوا صاغِرِينَ وَ أُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَ هارُونَ «3».

12067/ [8]- أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان): سبب النزول، قالوا: إن لبيد بن أعصم اليهودي سحر رسول

الله (صلى الله عليه و آله)، ثم دس ذلك في بئر لبني زريق، فمرض رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فبينا هو نائم إذ أتاه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه، و الآخر عند رجليه، فأخبراه بذلك، و أنه في بئر ذروان في جف طلعة تحت راعوفة، و الجف: قشر الطلع، و الراعوفة: حجر في أسفل البئر، يقوم عليها الماتح «4».

فانتبه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و بعث عليا (عليه السلام) و الزبير و عمارا، فنزحوا ماء تلك البئر، ثم رفعوا الصخرة و أخرجوا الجف، فإذا فيه مشاطة رأس، و أسنان من مشطه، و إذا فيه معقد في إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر، فنزلت هاتان السورتان، فجعل كلما يقرأ آية انحلت عقدة، و وجد رسول الله (صلى الله عليه و آله) خفة، فقام فكأنما أنشط «5» من عقال، و جعل جبرئيل (عليه السلام) يقول: بسم الله أرقيك من كل شي ء يؤذيك، من حاسد و عين، و الله تعالى يشفيك.

ثم قال الطبرسي: و رووا ذلك عن عائشة و ابن عباس. ثم قال: و هذا لا يجوز لأن من وصف بأنه مسحور، فكأنه قد خبل عقله، و قد أبى الله سبحانه ذلك في قوله: وَ قالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً

__________________________________________________

5-.

6- خواص القرآن: 17 «مخطوط».

7- طب الأئمة (عليهم السلام): 115. [.....]

8- مجمع البيان 10: 865.

(1) يونس 10: 81، 82.

(2) النازعات 79: 27، 28.

(3) الأعراف 7: 118- 122.

(4) أي المستقي. «لسان العرب 2: 588».

(5) أي حل من عقال.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 816

انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا «1»، و لكن يمكن أن يكون اليهودي أو بناته على ما روي، اجتهدوا في ذلك فلم

يقدروا عليه، و أطلع الله نبيه (صلى الله عليه و آله) على ما فعلوه من التمويه حتى استخرج، و كان ذلك دلالة على صدقه (صلى الله عليه و آله)، و كيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم! و لو قدروا على ذلك. لقتلوه و قتلوا كثيرا من المؤمنين مع شدة عداوتهم له.

__________________________________________________

(1) الفرقان 25: 8، 9.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 817

سورة الناس ..... ص : 817

فضلها ..... ص : 817

تقدم في سورة الفلق «1»

12068/ [1]- و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة على ألم سكن بإذن الله تعالى، و هي شفاء لمن قرأها».

12069/ [2]- و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها عند النوم كان في حرز الله تعالى حتى يصبح، و هي عوذة من كل ألم و وجع و آفة، و هي شفاء لمن قرأها».

12070/ [3]- و قال الصادق (عليه السلام): «من قرأها في منزله كل ليلة، أمن من الجن و الوسواس، و من كتبها و علقها على الأطفال الصغار حفظوا من الجان بإذن الله تعالى».

__________________________________________________

1- .......

2- .........

3- خواص القرآن: 17 «مخطوط».

(1) تقدّم في الأحاديث (1- 3) من فضل سورة الفلق.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 818

سورة الناس(114): الآيات 1 الي 6 ..... ص : 818

اشارة

قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ [1- 6] 12071/]

- علي بن إبراهيم: و إنما هو: أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ اسم الشيطان الذي هو في صدور الناس يوسوس فيها و يؤيسهم من الخير و يعدهم الفقر، و يحملهم على المعاصي و الفواحش و هو قول الله عز و جل الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ «1».

12072/ [2]- و قال الصادق (عليه السلام): «ما من قلب إلا و له أذنان، على أحدهما ملك مرشد، و على الآخر شيطان مفتن، هذا يأمره و هذا يزجره، و كذلك من الناس شيطان يحمل الناس على المعاصي، كما يحمل الشيطان من الجن».

12073/ [3]- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا سعيد بن

محمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد الثقفي، عن موسى بن عبد الرحمن، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، في قوله: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ يريد الشيطان (لعنه الله) على قلب ابن آدم، له خرطوم مثل خرطوم الخنزير، يوسوس لابن آدم إذا أقبل على الدنيا و ما لا يحب الله، فإذا ذكر الله عز و جل انخنس، يريد رجع، قال الله عز و جل:

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 450.

2- تفسير القمّي 2: 450.

3- تفسير القمّي 2: 450. [.....]

(1) البقرة 2: 268.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 819

الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ثم أخبر أنه من الجن و الإنس، فقال عز و جل: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ يريد من الجن و الإنس.

12074/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما من مؤمن إلا و لقلبه أذنان في جوفه، اذن ينفث فيه الوسواس الخناس، و اذن ينفث فيه الملك، فيؤيد الله المؤمن بالملك، فذلك قوله: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «1»».

الطبرسي: روى العياشي بإسناده، عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، و ذكر الحديث بعينه «2».

باب أن المعوذتين من القرآن ..... ص : 819

12075/ [2]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن داود بن فرقد، عن صابر مولى بسام، قال: أمنا أبو عبد الله (عليه السلام) في صلاة المغرب فقرأ المعوذتين، ثم قال: «هما من القرآن».

12076/ [3]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن محمد

بن الحسين، عن ابن أبي نجران عن صفوان الجمال، قال: صلى بنا أبو عبد الله (عليه السلام) المغرب، فقرأ بالمعوذتين في الركعتين.

12077/ [4]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان سبب نزول المعوذتين أنه وعك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام) بهاتين السورتين فعوذه بهما».

12078/ [5]- و عنه: عن علي بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف، فقال (عليه السلام): «كان أبي يقول: إنما فعل ذلك ابن مسعود برأيه، و هما من القرآن».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 206/ 3.

2- الكافي 3: 317/ 26.

3- الكافي 3: 314/ 8.

4- تفسير القمّي 2: 450.

5- تفسير القمّي 2: 450.

(1) المجادلة 58: 22.

(2) مجمع البيان 10: 870.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 820

12079/ [5]- الطبرسي، قال: في حديث أبي: من قرأ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فكأنما قرأ جميع الكتب التي أنزلها الله على الأنبياء.

12080/ [6]- و عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنزلت علي آيات لم ينزل مثلهن:

المعوذتان». أورده مسلم في (الصحيح) «1».

12081/ [7]- و عنه: عن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: «يا عقبة، ألا أعلمك سورتين هما أفضل القرآن؟». قلت: بلى يا رسول الله، فعلمني المعوذتين، ثم قرأ بهما في صلاة الغداة، و قال: «اقرأهما كلما قمت و نمت».

12082/ [8]- و عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من أوتر

بالمعوذتين و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «2» قيل له: يا عبد الله، أبشر، فقد قبل الله و ترك».

12083/ [9]- و عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) اشتكى شكوة «3» شديدة، و وجع وجعا شديدا، فأتاه جبرئيل و ميكائيل (عليهما السلام)، فقعد جبرئيل عند رأسه و ميكائيل عند رجليه، فعوذة جبرئيل ب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و عوذة ميكائيل ب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ».

12084/ [10]- و عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «جاء جبرئيل إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و هو شاك، فرقاه بالمعوذتين و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قال: بسم الله أرقيك، و الله يشفيك من كل داء يؤذيك، خذها فلتهنئك».

12085/ [11]- و عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا قرأت قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فقل في نفسك: أعوذ برب الفلق، و إذا قرأت قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قل في نفسك: أعوذ برب الناس».

__________________________________________________

5- مجمع البيان 10: 864.

6- مجمع البيان 10: 864.

7- مجمع البيان 10: 864.

8- مجمع البيان 10: 864.

9- مجمع البيان 10: 867.

10- مجمع البيان 10: 867. [.....]

11- مجمع البيان 10: 870.

(1) صحيح مسلم 1: 558/ 265.

(2) الإخلاص 112: 1.

(3) الشكوة، الواحدة من الشكو بمعنى المرض. «أقرب الموارد 1: 607».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 821

و نختم الكتاب بأبواب ..... ص : 821

1- باب في رد متشابه القرآن إلى تأويله ..... ص : 821

12086/ [1]- الشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، في كتاب (الاحتجاج)، قال: جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و قال له: لو لا ما في القرآن من الاختلاف و التناقض لدخلت في دينكم.

فقال له علي (عليه السلام):

«و ما هو؟».

قال: قوله تعالى: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «1»، و قوله تعالى: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «2»، و قوله تعالى: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «3»، و قوله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «4»، و قوله تعالى: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «5»، و قوله تعالى: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «6»، و قوله تعالى: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ «7»، و قوله تعالى:

لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ «8»، و قوله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «9»، و قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «10»، و قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ1»

، و قوله تعالى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى «12»، و قوله تعالى:

__________________________________________________

1- الاحتجاج: 240.

(1) التوبة 9: 67.

(2) الأعراف 7: 51.

(3) مريم 19: 64.

(4) النبأ 78: 38.

(5) الأنعام 6: 23.

(6) العنكبوت 29: 25.

(7) سورة ص 38: 64.

(8) سورة ق 50: 28.

(9) يس 36: 65. [.....]

(10) القيامة 75: 22، 23.

(11) الأنعام 6: 103.

(12) النجم 53: 13، 14.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 822

لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ «1» الآيتين، و قوله تعالى: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً «2»، و قوله تعالى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «3»، و قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ «4»، و قوله تعالى: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «5»، و قوله تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ «6»، و

قوله تعالى: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ «7»، و قوله تعالى: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «8»، و قوله تعالى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ «9»، و قوله تعالى:

فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ «10»، وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ «11».

قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «فأما قوله تعالى: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إنما يعني نسوا الله في دار الدنيا، لم يعملوا بطاعته فنسيهم في الآخرة، أي لم يجعل لهم من ثوابه شيئا، فصاروا منسيين من الخير، و كذلك تفسير قوله عز و جل: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به و برسوله، و خافوه بالغيب.

و أما قوله تعالى: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا، فإن ربنا تبارك و تعالى علوا كبيرا، ليس بالذي ينسى، و لا يغفل، بل هو الحفيظ العليم، و قد تقول العرب: نسينا فلان فلا يذكرنا، أي إنه لا يأمر لهم بخير و لا يذكرهم به».

قال (عليه السلام): «و أما قوله عز و جل: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً، و قوله عز و جل: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ، و قوله عز و جل: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، و قوله عز و جل يوم القيامة: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ، و قوله عز و جل:

لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ، و قوله عز و جل: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فإن ذلك في مواطن غير واحد من مواطن

ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، المراد يكفر أهل المعاصي بعضهم ببعض، و يلعن بعضهم بعضا.

و الكفر في هذه الآية البراءة، يقول: فيبرأ بعضهم من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم، قول الشيطان:

__________________________________________________

(1) طه 20: 109.

(2) الشورى 42: 51.

(3) المطففين 83: 15.

(4) الأنعام 6: 158.

(5) السجدة 32: 10.

(6) التوبة 9: 77.

(7) الكهف 18: 110.

(8) الكهف 18: 53.

(9) الأنبياء 21: 47.

(10) المؤمنون 23: 102.

(11) المؤمنون 23: 103. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 823

إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ «1»، و قول إبراهيم خليل الرحمن: كَفَرْنا بِكُمْ «2»، يعني تبرأنا منكم، ثم يجتمعون في مواطن أخر يبكون فيها، فلو أن تلك الأصوات فيها بدت لأهل الدنيا لأزالت جميع الخلق عن معايشهم و انصدعت قلوبهم إلا ما شاء الله، و لا يزالون يبكون حتى يستنفدوا الدموع و يفضوا إلى الدماء، ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيه، فيقولون: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ، و هؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد، فلا ينفعهم إيمانهم بالله تعالى مع مخالفتهم رسله، و شكهم فيما أتوا به عن ربهم، و نقضهم عهودهم في أوصيائهم، و استبدالهم الذي هو أدنى بالذي هو خير، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الإيمان، بقوله عز و جل: انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ «3»، فيختم الله على أفواههم، و يستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود، فتشهد بكل معصية كانت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم، فيقولون لجلودهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ «4».

ثم يجتمعون في موطن آخر، فيفر بعضهم من بعض لهول ما يشاهدونه من صعوبة الأمر و عظم البلاء، فذلك قوله عز و جل: يَوْمَ يَفِرُّ

الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ «5» الآية، ثم يجتمعون في موطن آخر يستنطق «6» فيه أولياء الله و أصفياؤه، فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن و قال صوابا، فيقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها إلى أممهم، فأخبروا أنهم قد أدوا ذلك إلى أممهم، و تسأل الأمم فتجحد، كما قال الله تعالى: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ «7»، فيقولون: ما جاءنا من بشير و لا نذير، فتشهد الرسل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فيشهد بصدق الرسل و تكذيب من جحدها من الأمم، فيقول لكل امة منهم: بلى قد جاءكم بشير و نذير و الله على كل شي ء قدير، أي مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل إليكم رسالاتهم، و لذلك قال الله تعالى لنبيه: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً «8»، فلا يستطيعون رد شهادته خوفا من أن يختم على أفواههم، و أن تشهد عليهم جوارحهم «9» بما كانوا يعملون، و يشهد على منافقي قومه و أمته و كفارهم بإلحادهم و عنادهم، و نقضهم عهوده «10»، و تغييرهم سنته، و اعتدائهم على أهل بيته، و انقلابهم على أعقابهم، و ارتدادهم على أدبارهم، و احتذائهم في ذلك سنة من تقدمهم من الأمم

__________________________________________________

(1) إبراهيم 14: 22.

(2) الممتحنة 60: 4.

(3) الأنعام 6: 24.

(4) فصلت 41: 21.

(5) عبس 80: 34- 36.

(6) (فيفر بعضهم من بعض ... آخر يستنطق) ليس في «ي».

(7) الأعراف 7: 6.

(8) النساء 4: 41.

(9) في «ي»: أرجلهم.

(10) في المصدر: عهده.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 824

الظالمة الخائنة لأنبيائها، فيقولون بأجمعهم: رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَ كُنَّا

قَوْماً ضالِّينَ «1».

ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد (صلى الله عليه و آله)، و هو المقام المحمود، فيثني على الله عز و جل بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثني على الملائكة كلهم، فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد (صلى الله عليه و آله)، ثم يثني على الأنبياء بما لم يثن عليهم أحد مثله «2»، ثم يثني على كل مؤمن و مؤمنة، يبدأ بالصديقين و الشهداء ثم الصالحين، فيحمده أهل السماوات و أهل الأرضين، فذلك قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «3»، فطوبى لمن كان له في ذلك المقام «4» حظ و نصيب، و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ و لا نصيب.

ثم يجتمعون في موطن آخر و يزال بعضهم عن بعض، و هذا كله قبل الحساب، فإذا أخذ في الحساب، شغل كل إنسان بما لديه، نسأل الله بركة ذلك اليوم».

قال (عليه السلام): «و أما قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «5» ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز و جل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان، فيغتسلون فيه، و يشربون من آخر، فتبيض وجوههم، فيذهب عنهم كل أذى و قذى و وعث «6»، ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم، و منه يدخلون الجنة، فذلك قول الله عز و جل في تسليم الملائكة عليهم: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ «7»، فعند ذلك أثيبوا بدخول الجنة، و النظر إلى ما وعدهم الله عز و جل، و ذلك قوله تعالى:

إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، و الناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة، ألم تسمع إلى قوله تعالى: فَناظِرَةٌ

بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ «8»، أي منتظرة بم يرجع المرسلون.

و أما قوله تعالى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى «9»، يعني محمدا (صلى الله عليه و آله) حين كان عند سدرة المنتهى حيث لا يجاوزها خلق من خلق الله عز و جل، قوله في آخر الآية: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى 1»

، رأى جبرئيل في صورته مرتين، هذه المرة، و مرة أخرى و ذلك أن خلق جبرئيل خلق عظيم، فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم و لا صفتهم إلا الله رب العالمين».

__________________________________________________

(1) المؤمنون 23: 106.

(2) في المصدر: قبله.

(3) الإسراء 17: 79.

(4) في المصدر: المكان. [.....]

(5) القيامة 75: 22، 23.

(6) الوعث: كلّ أمر شاقّ من تعب و غيره. «المعجم الوسيط 2: 1043».

(7) الزمر 39: 73.

(8) النمل 27: 35.

(9) النجم 53: 13، 14.

(10) النجم 53: 17، 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 825

قال (عليه السلام): «و أما قوله تعالى: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ «1» كذلك قال الله تعالى، قد كان الرسول يوحي إليه رسل السماء، فتبلغ رسل السماء إلى رسل «2» الأرض، و قد كان الكلام بين رسل أهل الأرض و بينه، من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل السماء، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، هل رأيت ربك؟ فقال جبرئيل: إن ربي لا يرى. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): من أين تأخذ الوحي؟ قال: آخذه من إسرافيل. قال: و من أين يأخذه إسرافيل؟ قال: يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين. قال: و

من أين يأخذه ذلك الملك؟ قال: يقذف في قلبه قذفا. فهذا وحي، و هو كلام الله عز و جل «3»، و كلام الله عز و جل ليس بنحو واحد، منه ما كلم الله به الرسل، و منه ما قذف في قلوبهم، و منه رؤيا يريها الرسل، و منه وحي و تنزيل يتلى و يقرأ، فهو كلام الله عز و جل».

قال (عليه السلام): «و أما قوله تعالى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «4»، فإنما يعني [به يوم القيامة عن ثواب ربهم لمحجوبون، و قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ «5» يخبر محمدا (صلى الله عليه و آله) عن المشركين و المنافقين الذين لم يستجيبوا لله و لرسوله، فقال: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ حيث لم يستجيبوا لله و لرسوله، أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ، يعني بذلك العذاب يأتيهم في دار الدنيا كما عذبت القرون الأولى، فهذا خبر يخبر به النبي (صلى الله عليه و آله) عنهم، ثم قال: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ الآية، يعني لم تكن آمنت من قبل أن تأتي هذه الآية، و هذه الآية هي طلوع الشمس من مغربها، و قال في آية أخرى:

فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا «6» يعني أرسل عليهم عذابا، و كذلك إتيانه بنيانهم، حيث قال: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ «7» يعني أرسل عليهم العذاب».

و قال (عليه السلام): «و أما قوله عز و جل: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «8»، و قوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ «9»، و قوله تعالى: إِلى

يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ «10»، و قوله تعالى:

__________________________________________________

(1) الشورى 42: 51.

(2) (رسل) ليس في المصدر.

(3) (لا يرى فقال رسول الله ..... و هو كلام الله عز و جل) ليس في «ي».

(4) المطففين 83: 15.

(5) الأنعام 6: 158.

(6) الحشر 59: 2.

(7) النحل 16: 26.

(8) السجدة 32: 10. [.....]

(9) البقرة 2: 46.

(10) التوبة 9: 77.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 826

فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً «1»، يعني البعث، سماه الله تعالى لقاء، و كذلك قوله تعالى: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ «2»، يعني من كان يؤمن أنه مبعوث فإن وعد الله لآت من الثواب و العقاب، فاللقاء ها هنا ليس بالرؤية، و اللقاء هو البعث، و كذلك تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ «3» يعني أنه لا يزول الإيمان عن قلوبهم يوم يبعثون».

قال (عليه السلام): «و أما قوله عز و جل: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «4» يعني تيقنوا أنهم يدخلونها، و كذلك قوله تعالى: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ «5»، و أما قوله عز و جل للمنافقين: وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا «6» فهو ظن شك و ليس ظن يقين، و الظن ظنان: ظن شك و ظن يقين، فما كان من أمر المعاد من الظن فهو ظن يقين، و ما كان من أمر الدنيا من الظن فهو ظن شك».

قال (عليه السلام): «و أما قوله عز و جل: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً «7» فهو ميزان العدل، يؤخذ به الخلائق يوم القيامة، يديل «8» الله تبارك و تعالى الخلائق بعضهم من بعض، و يجزيهم بأعمالهم، و يقتص للمظلوم من الظالم.

و معنى قوله عز و جل: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ

«9» وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ «10» فهو قلة الحساب و كثرته، و الناس يومئذ على طبقات و منازل، فمنهم من يحاسب حسابا يسيرا و ينقلب إلى أهله مسرورا، و منهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب لأنهم لم يتلبسوا من أمر الدنيا بشي ء، و إنما الحساب هناك على من تلبس بها ها هنا، و منهم من يحاسب على النقير و القطمير و يصير إلى عذاب السعير، و منهم أئمة الكفر و قادة الضلالة، فأولئك لا يقيم لهم وزنا، و لا يعبأ بهم، لأنهم لم يعبأوا بأمره و نهيه، يوم القيامة هم في جهنم خالدون، تلفح وجوههم النار، و هم فيها كالحون».

و من سؤال هذا الزنديق أن قال: أجد الله يقول: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ «11» و اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «12» و الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ «13» و ما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل

__________________________________________________

(1) الكهف 18: 110.

(2) العنكبوت 29: 5.

(3) الأحزاب 33: 44.

(4) الكهف 18: 53.

(5) الحاقة 69: 20.

(6) الأحزاب 33: 10.

(7) الأنبياء 21: 47.

(8) أدال فلانا و غيره على فلان أو منه: نصره، و غلبه عليه، و أظفره به. «المعجم الوسيط 1: 304».

(9) الأعراف 7: 8.

(10) الأعراف 7: 9.

(11) السجدة 32: 11.

(12) الزمر 39: 42. [.....]

(13) النحل 16: 32.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 827

لنفسه، و مرة لملك الموت، و مرة للملائكة، و أجده يقول: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ «1»، و يقول: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «2» و أعلم في الآية الاولى أن الأعمال الصالحة لا تكفر، و أعلم في الثانية أن الإيمان و الأعمال الصالحة لا

تنفع إلا بعد الاهتداء.

و أجده يقول: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا «3» فكيف يسأل الحي الأموات قبل البعث و النشور؟

و أجده يقول: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا «4» فما هذه الأمانة، و من هذا الإنسان، و ليس من صفة العزيز الحكيم التلبيس على عباده؟

و أجده قد شهر هفوات أنبيائه بقوله: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى «5»، و بتكذيبه نوحا لما قال: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي «6»، بقوله تعالى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ «7»، و بوصفه إبراهيم بأنه عبد كوكبا مرة، و مرة قمرا، و مرة شمسا، و بقوله في يوسف: وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ «8» و بتهجينه موسى حيث قال:

رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي»

الآية، و ببعثه على داود جبرئيل و ميكائيل حيث تسوروا المحراب إلى آخر القصة، و بحبسه يونس في بطن الحوت حيث ذهب مغاضبا مذنبا، و أظهر خطأ الأنبياء و زللهم، و وارى اسم من اغتر و فتن خلقه و ضل و أضل، و كنى عن أسمائهم في قوله: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي «10» فمن هذا الظالم الذي لم يذكر من اسمه ما ذكر من أسماء الأنبياء؟

و أجده يقول: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «11» و هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ «12»، وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى «13» فمرة

يجيئهم، و مرة يجيئونه.

__________________________________________________

(1) الأنبياء 21: 94.

(2) طه 20: 82.

(3) الزخرف 43: 45.

(4) الأحزاب 33: 72.

(5) طه 20: 121.

(6) هود 11: 45.

(7) هود 11: 46.

(8) يوسف 12: 24.

(9) الأعراف 7: 143.

(10) الفرقان 25: 27- 29.

(11) الفجر 89: 22.

(12) الأنعام 6: 158.

(13) الأنعام 6: 94. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 828

و أجده يخبر أنه يتلو نبيه شاهد منه، كأن الذي تلاه عبد الأصنام برهة من دهره. و أجده يقول: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ «1»، فما هذا النعيم الذي يسأل العباد عنه؟ و أجده يقول: بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ «2» ما هذه البقية؟

و أجده يقول: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «3» و فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «4» و كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «5» و وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ «6» و وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ «7» ما معنى الجنب و الوجه و اليمين و الشمال؟ فإن الأمر في ذلك ملتبس جدا.

و أجده يقول: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «8» و يقول: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ «9» و وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ «10» و وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «11» و وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ «12» و ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ «13» الآية.

و أجده يقول: وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ «14»، و ليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء، و لا كل النساء أيتام، فما معنى ذلك؟

و أجده يقول: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «15»، فكيف يظلم الله، و من هؤلاء الظلمة؟

و أجده

يقول: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ «16» فما هذه الواحدة؟

و أجده يقول: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ «17»، و قد أرى مخالفي الإسلام معتكفين على باطلهم

__________________________________________________

(1) التكاثر 102/ 8.

(2) هود 11: 86.

(3) الزمر 39: 56.

(4) البقرة 2: 115.

(5) القصص 28: 88.

(6) الواقعة 56: 27.

(7) الواقعة 56: 41.

(8) طه 20: 5.

(9) الملك 67: 16.

(10) الزخرف 43: 84.

(11) الحديد 57: 4.

(12) سورة ق 50: 16.

(13) المجادلة 58: 7.

(14) النساء 4: 3. [.....]

(15) الأعراف 7: 160.

(16) سبأ 34: 46.

(17) الأنبياء 21: 107.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 829

غير مقلعين عنه، و أرى غيرهم من أهل الفساد مختلفين في مذاهبهم يلعن بعضهم بعضا، فأي موضع للرحمة العامة لهم، المشتملة عليهم؟

و أجده قد بين فضل نبيه على سائر الأنبياء، ثم خاطبه في أضعاف ما أثنى عليه في الكتاب من الإزراء عليه و انخفاض محله، و غير ذلك من تهجينه و تأنيبه ما لم يخاطب به أحدا من الأنبياء، مثل قوله: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ «1» و قوله: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً «2»، و قوله تعالى: وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ «3»، و قوله: وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ «4»، و قال: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ «5»، وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ «6» فإذا كانت الأشياء تحصى في الإمام المبين و هو وصي النșʘ̠فالنبي أولى أن يكون بعيدا من الصفة التي قال فيها: وَ ما أَدْرِي

ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ و هذه كلها صفات مختلفة، و أحوال متناقضة، و أمور مشكلة، فإن يكن الرسول و الكتاب حقا، فقد هلكت لشكي «7» في ذلك، و إن كانا باطلين فما علي من بأس! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «سبوح قدوس رب الملائكة و الروح، تبارك و تعالى هو الحي الدائم القائم على كل نفس بما كسبت، هات أيضا ما شككت فيه؟». قال: حسبي ما ذكرت، يا أمير المؤمنين.

قال علي (عليه السلام): «سأنبئك بتأويل ما سألت عنه، و ما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت و إليه أنيب، و عليه فليتوكل المتوكلون.

فأما قوله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «8»، و قوله عز و جل: يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ «9» و تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا «10» و الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ 1»

و الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ «12» فهو تبارك و تعالى أجل و أعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، و فعل رسله و ملائكته فعله، لأنهم بأمره

__________________________________________________

(1) الأنعام 6: 35.

(2) الإسراء 17: 74، 75.

(3) الأحزاب 33: 37.

(4) الأحقاف 46: 9.

(5) الأنعام 6: 38.

(6) يس 36: 12.

(7) في «ج، ي»: بشكي.

(8) الزمر 39: 42.

(9) السجدة 32: 11.

(10) الأنعام 6: 61.

(11) النحل 16: 32. [.....]

(12) النحل 16: 28.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 830

يعملون، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا و سفرة بينه و بين خلقه، و هم الذين قال الله فيهم: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ «1»، فمن كان من أهل الطاعة، تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، و من كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، و لملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة و النقمة، يصدرون عن أمره، و فعلهم فعله، و

كل ما يأتون به منسوب إليه، و إذا كان فعلهم فعل ملك الموت، ففعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء، و يعطي و يمنع، و يثيب و يعاقب على يد من يشاء، و إن فعل أمنائه فعله كما قال: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «2».

و أما قوله: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ «3»، و قوله تعالى: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «4»، فإن ذلك كله لا يغني إلا مع الاهتداء، و ليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة، و لو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد و إقرارها بالله، و نجا سائر المقرين بالوحدانية، من إبليس فمن دونه في الكفر، و قد بين الله ذلك بقوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ «5»، و بقوله: الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «6».

و للإيمان حالات و منازل يطول شرحها، و من ذلك أن الايمان قد يكون على وجهين: إيمان بالقلب، و إيمان باللسان، كما كان إيمان المنافقين على عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما قهرهم بالسيف و شملهم الخوف، فإنهم آمنوا بألسنتهم و لم تؤمن قلوبهم، فالإيمان بالقلب هو التسليم للرب، و من سلم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره، كما استكبر إبليس عن السجود لآدم، و استكبر أكثر الأمم عن طاعة أنبيائهم، فلم ينفعهم التوحيد كما لم ينفع إبليس ذلك السجود الطويل، فإنه سجد سجدة واحدة أربعة آلاف عام، لم يرد بها غير زخرف الدنيا

و التمكين من النظرة، فلذلك لا تنفع الصلاة و الصدقة إلا مع الاهتداء إلى سبيل النجاة و طريق الحق، و قد قطع الله عذر عباده بتبيين آياته و إرسال رسله، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، و لم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة إليه، و متعلم على سبيل نجاة، أولئك هم الأقلون عددا.

و قد بين الله ذلك في امم الأنبياء، و جعلهم مثلا لمن تأخر، مثل قوله في قوم نوح:

__________________________________________________

(1) الحج 22: 75.

(2) الإنسان 76: 30.

(3) الأنبياء 21: 94.

(4) طه 20: 82.

(5) الأنعام 6: 82.

(6) المائدة 5: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 831

وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «1»، و قوله فيمن آمن من امة موسى: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ «2»، و قوله في حواري عيسى، حيث قال لسائر بني إسرائيل: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ «3» يعني بأنهم مسلمون لأهل الفضل فضلهم، و لا يستكبرون عن أمر ربهم، فما أجابه منهم إلا الحواريون، و قد جعل الله للعلم أهلا و فرض على العباد طاعتهم بقوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «4» و بقوله: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «5»، و بقوله: اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ «6»، و بقوله: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «7»، و بقوله: وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «8»، و البيوت هي بيوت العلم الذي استودعته الأنبياء، و أبوابها أوصياؤهم.

فكل من عمل من أعمال الخير فجرى على غير أيدي أهل

الاصطفاء و عهودهم و حدودهم و شرائعهم و سننهم و معالم دينهم، مردود و غير مقبول، و أهله بمحل كفر و إن شملتهم صفة الايمان، ألم تسمع إلى قوله تعالى: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالى وَ لا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ «9»؟ و ماتوا و هم كافرون، فمن لم يهتد من أهل الايمان إلى سبيل النجاة لم يغن عنه إيمانه بالله مع دفعه حق أوليائه، و حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين، و كذلك قال الله سبحانه: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا «10» و هذا كثير في كتاب الله عز و جل و الهداية هي الولاية، كما قال الله عز و جل:

وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «11»، و الذين آمنوا في هذا الموضع، هم المؤتمنون على الخلائق من الحجج و الأوصياء في عصر بعد عصر، و ليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا، إن المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و يدفعون عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما عهد به من دين الله و عزائمه و براهين نبوته إلى وصيه، و يضمرون من الكراهة له، و النقض لما أبرمه منه، عند إمكان الأمر لهم، فيما قد بينه الله لنبيه بقوله: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ

__________________________________________________

(1) هود 11: 40.

(2) الأعراف 7: 159.

(3) آل عمران 3: 52.

(4) النساء 4: 59.

(5) النساء 4: 83.

(6) التوبة 9: 119.

(7) آل عمران 3:

7. [.....]

(8) البقرة 2: 189.

(9) التوبة 9: 54.

(10) غافر 40: 85.

(11) المائدة 5: 56.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 832

بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «1»، و بقوله: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ «2»، و مثل قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ «3»، أي لتسلكن سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء، و هذا كثير في كتاب الله عز و جل، و قد شق على النبي (صلى الله عليه و آله) ما يؤول إليه عاقبة أمرهم، و اطلاع الله إياه على بوارهم، فأوحى الله عز و جل إليه: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ «4» و فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «5».

و أما قوله: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا «6» فهذا من براهين نبينا (صلى الله عليه و آله) التي آتاه الله إياها و أوجب به الحجة على سائر خلقه، لأنه لما ختم به الأنبياء و جعله الله رسولا إلى جميع الأمم و سائر الملل، خصه الله بالارتقاء إلى السماء عند المعراج، و جمع له يومئذ الأنبياء، فعلم منهم ما أرسلوا به و حملوه من عزائم الله و آياته و براهينه، و أقروا أجمعون بفضله و فضل الأوصياء و الحجج في الأرض من بعده، و فضل شيعة وصيه من المؤمنين و المؤمنات الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم و لم يستكبروا عن أمرهم، و عرف من أطاعهم و عصاهم من أممهم و سائر من مضى و من غبر أو تقدم أو تأخر.

و أما هفوات الأنبياء عليهم السلام و ما بينه الله

في كتابه، و وقوع الكناية عن أسماء من اجترم أعظم مما اجترمته الأنبياء ممن شهد الكتاب بظلمهم، فإن ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عز و جل الباهرة و قدرته القاهرة و عزته الظاهرة، لأنه علم أن براهين الأنبياء تكبر في صدور أممهم، و أن منهم من يتخذ بعضهم إلها، كالذي كان من النصارى في ابن مريم، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي تفرد به عز و جل، ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه و في امه: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ «7»؟ يعني إن من أكل الطعام كان له ثفل، و من كان له ثقل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم.

و لم يكن عن أسماء الأنبياء تجبرا و تعززا، بل تعريفا لأهل الاستبصار، أن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى، و أنها من فعل المغيرين و المبدلين الذين جعلوا القرآن عضين، و اعتاضوا الدنيا من الدين.

و قد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ

__________________________________________________

(1) النساء 4: 65.

(2) آل عمران 3: 144.

(3) الانشقاق 84: 19.

(4) فاطر 35: 8.

(5) المائدة 5: 68.

(6) الزخرف 43: 45.

(7) المائدة 5: 75.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 833

اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا «1»، و بقوله: وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ «2»، و بقوله: إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ «3» بعد فقد الرسول ما يقيمون به أود باطلهم حسب ما فعلته اليهود و النصارى بعد فقد موسى و عيسى من تعيير التوراة و الإنجيل، و تحريف الكلم عن مواضعه، و بقوله: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ

اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ «4»، يعني أنهم أثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله ليلبسوا على الخليفة، فأعمى الله قلوبهم حتى تركوا فيه ما دل على ما أحدثوا فيه و حرفوا منه «5»، و بين عن إفكهم و تلبيسهم و كتمان ما علموه منه، و لذلك قال لهم: لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ «6»، و ضرب مثلهم بقوله: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ»

، فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن، فهو يضمحل و يبطل و يتلاشى عند التحصيل، و الذي ينفع الناس فالتنزيل الحقيقي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و القلوب تقبله، و الأرض في هذا الموضع هي محل العلم و قراره.

و ليس يسوغ مع «8» عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين، و لا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل و الكفر و الملل المنحرفة عن قبلتنا و إبطال هذا العلم الظاهر الذي قد استكان له الموافق و المخالف بوقوع الاصطلاح على الائتمار لهم و الرضا بهم، و لأن أهل الباطل في القديم و الحديث أكثر عددا من أهل الحق، و لأن الصبر على ولاة الأمر مفروض لقول الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه و آله): فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ «9»، و إيجابه مثل ذلك على أوليائه و أهل طاعته بقوله: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ «10»، فحسبك من الجواب عن هذا الموضع ما سمعت، فإن شريعة التقية تحظر التصريح بأكثر منه.

و أما قوله تعالى: وَ

جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «11»، و قوله: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى «12»، و قوله:

__________________________________________________

(1) البقرة 2: 79.

(2) آل عمران 3: 78.

(3) النساء 4: 108. [.....]

(4) التوبة 9: 32.

(5) في «ط»: فيه.

(6) آل عمران 3: 71.

(7) الرعد 13: 17.

(8) في «ج»: من، و في «ي»: عن.

(9) الأحقاف 46: 35.

(10) الأحزاب 33: 21.

(11) الفجر 89: 22.

(12) الأنعام 6: 94.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 834

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ «1» فذلك كله حق، و ليس مجيئه «2» جل ذكره كمجي ء «3» خلقه، فإنه رب [كل شي ء، و من كتاب الله عز و جل ما يكون تأويله على غير تنزيله، و لا يشبه تأويله كلام البشر و لا فعل البشر، و سأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إن شاء الله تعالى، و هو حكاية الله عز و جل عن إبراهيم (عليه السلام) حيث قال: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ «4»، فذهابه إلى ربه توجهه إليه في عبادته و اجتهاده، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله! و قال: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ «5»، و قال:

وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ «6»، فإنزاله ذلك خلقه إياه، و كذلك قوله: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ «7»، أي الجاحدين. فالتأويل في هذا القول باطنه مضاد لظاهره.

و معنى قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ، فإنما خاطب نبينا (صلى الله عليه و آله): هل ينتظر المنافقون و المشركون إلا أن تأتيهم الملائكة فيعاينوهم أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يعني بذلك أمر ربك، و الآيات هي

العذاب في دار الدنيا كما عذب الأمم السالفة و القرون الخالية، و قال: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها «8»، يعني بذلك ما يهلك من القرون، فسماه إتيانا، و قال: قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ «9»، أي لعنهم الله أنى يؤفكون، فسمى اللعنة قتالا، و كذلك قال:

قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ «10»، أي لعن الإنسان، و قال: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى «11»، فسمى فعل النبي (صلى الله عليه و آله) فعلا له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله! و مثله قوله: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «12»، فسمى البعث لقاء و كذلك قوله: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ «13»، أي يوقنون أنهم مبعوثون، و مثله قوله: أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ «14»، يعني أليس يوقنون

__________________________________________________

(1) الأنعام 6: 158.

(2) في المصدر: و ليست جيئته.

(3) في المصدر: كجيئة.

(4) الصافات 37: 99.

(5) الزمر 39: 6. [.....]

(6) الحديد 57: 25.

(7) الزخرف 43: 81.

(8) الرعد 13: 41.

(9) التوبة 9: 30.

(10) عبس 80: 17.

(11) الأنفال 8: 17.

(12) السجدة 32: 10.

(13) البقرة 2: 46.

(14) المطففين 83: 4، 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 835

أنهم مبعوثون؟ و اللقاء عند المؤمن البعث و عند الكافر المعاينة و النظر، و قد يكون بعض ظن الكافر يقينا، و ذلك قوله: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «1».

و أما قوله في المنافقين: وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا «2»، فليس ذلك بيقين و لكنه شك، فاللفظ واحد في الظاهر و مخالف في الباطن، و كذلك قوله: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «3»، يعني استوى تدبيره و علا أمره.

و قوله: وَ هُوَ الَّذِي فِي

السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ «4»، و قوله: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «5»، و قوله: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ «6»، فإنما أراد بذلك استيلاء امنائه بالقدرة التي ركبها فيهم على جميع خلقه، و أن فعلهم فعله، فافهم عني ما أقول لك، فإني إنما أزيدك في الشرح لا ثلج صدرك و صدر من لعله بعد اليوم يشك في مثل ما شككت فيه، فلا يجد مجيبا عما يسأل عنه لعموم الطغيان و الافتتان و اضطرار أهل العلم بتأويل الكتاب إلى الاكتتام و الاحتجاب خيفة أهل الظلم و البغي.

أما إنه سيأتي على الناس زمان يكون الحق فيه مستورا، و الباطل ظاهرا مشهورا، و ذلك إذا كان أولى الناس بهم أعداهم له، و اقترب الوعد الحق، و عظم الإلحاد، و ظهر الفساد، هنالك ابتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا، و نحلهم الكفار أسماء الأشرار، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه، ثم يتيح الله الفرج لأوليائه، و يظهر صاحب الأمر على أعدائه.

و أما قوله تعالى: وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ «7»، فذلك حجة الله أقامها على خلقه، و عرفهم أنه لا يستحق مجلس النبي (صلى الله عليه و آله) إلا من يقوم مقامه، و [لا] يتلوه إلا من يكون في الطهارة مثله منزلة، لئلا يتسع لمن ماسه رجس الكفر في وقت من الأوقات انتحال الاستحقاق لمقام الرسول (صلى الله عليه و آله)، و ليضيق العذر على من يعينه على إثمه و ظلمه، إذ كان الله قد حظر على من ماسه الكفر تقلد ما فوضه إلى أنبيائه و أوليائه بقوله لإبراهيم:

لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «8» أي المشركين، لأنه سمى الظلم شركا

بقوله: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ «9»، فلما علم إبراهيم (عليه السلام) أن عهد الله تبارك و تعالى اسمه بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام، قال:

__________________________________________________

(1) الكهف 18: 53.

(2) الأحزاب 33: 10.

(3) طه 20: 5.

(4) الزخرف 43: 84.

(5) الحديد 57: 4. [.....]

(6) المجادلة 58: 7.

(7) هود 11: 17.

(8) البقرة 2: 124.

(9) لقمان 31: 13.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 836

وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ «1».

و اعلم أن من آثر المنافقين على الصادقين، و الكافر على الأبرار، فقد افترى إثما عظيما، إذ كان قد بين في كتابه الفرق بين المحق و المبطل، و الطاهر و النجس، و المؤمن و الكافر، و أنه لا يتلو النبي عند فقده إلا من حل محله صدقا و عدلا و طهارة و فضلا.

أما الأمانة التي ذكرتها فهي الأمانة التي لا تجب و لا يجوز أن تكون إلا في الأنبياء و أوصيائهم، لأن الله تبارك و تعالى ائتمنهم على خلقه و جعلهم حججا في أرضه، فبالسامري و من اجتمع معه و أعانه من الكفار على عبادة العجل عند غيبة موسى (عليه السلام) ما تم انتحال محل موسى (عليه السلام) من الطغام، و الاحتمال لتلك الأمانة التي لا تنبغي إلا لطاهر من الرجس، فاحتمل وزرها و وزر من سلك سبيله من الظالمين و أعوانهم، و لذلك قال النبي (صلى الله عليه و آله): من استن سنة حق كان له أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة، و من استن سنة باطل كان عليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة، و لهذا القول من النبي (صلى الله عليه و آله) شاهد من كتاب الله [و هو قول الله

عز و جل في قصة قابيل قاتل أخيه مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً «2»، و الإحياء في هذا الموضع تأويل في الباطن ليس كظاهره، و هو من هداها، لأن الهداية هي حياة الأبد، و من سماه الله حيا لم يمت أبدا، إنما ينقله من دار محنة إلى دار راحة و منحة.

و أما ما كان من الخطاب بالانفراد مرة و بالجمع مرة من صفة الباري جل ذكره، فإن الله تبارك و تعالى اسمه على ما وصف به نفسه بالانفراد و الوحدانية، هو النور الأزلي القديم، الذي ليس كمثله شي ء، لا يتغير، و يحكم ما يشاء، و يختار، و لا معقب لحكمه، و لا راد لقضائه، و لا ما خلق زاد في ملكه و عزه، و لا نقص منه ما لم يخلقه، و إنما أراد بالخلق إظهار قدرته، و إبداء سلطانه، و تبيين براهين حكمته، فخلق ما شاء كما شاء، و أجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من امنائه، فكان فعلهم فعله، و أمرهم أمره، كما قال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «3».

و جعل السماء و الأرض و وعاء لمن يشاء من خلقه، ليميز الخبيث من الطيب، مع سابق علمه بالفريقين من أهلها، و ليجعل ذلك مثالا لأوليائه و أمنائه، و عرف الخليقة» فضل منزلة أوليائه «5»، و فرض عليهم من طاعتهم مثل الذي فرض منه لنفسه، و ألزمهم الحجة بأن خاطبهم خطابا يدل على انفراده و توحده، و بأن له أولياء تجري أفعالهم و أحكامهم مجرى فعله، فهم العباد المكرمون،

الذين لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون، هم الذين

__________________________________________________

(1) إبراهيم 14: 35.

(2) المائدة 5: 32.

(3) النساء 4: 80.

(4) في «ج، ي»: الخلق.

(5) زاد في «ي»: و أمنائه.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 837

أيدهم بروح منه، و عرف الخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ «1»، و هم النعيم الذي يسأل العباد عنه، لأن الله تبارك و تعالى أنعم بهم على من أتبعهم من أوليائهم».

قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: «هم رسول الله، و من أحله محله من أصفياء الله الذين قرنهم الله بنفسه و برسوله، و فرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه، و هم ولاة الأمر الذين قال الله فيهم أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2»، و قال فيهم: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «3»».

قال السائل: ما ذاك الأمر؟ قال علي (عليه السلام): «الذي به تنزل الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، من خلق و رزق، و أجل و عمل «4»، و حياة و موت، و علم غيب السماوات و الأرض، و المعجزات التي لا تنبغي إلا لله و أصفيائه، و السفرة بينه و بين خلقه، و هم وجه الله الذي قال: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ «5»، هم بقية الله، يعني المهدي يأتي عند انقضاء هذه النظرة، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا و من آياته: الغيبة و الاكتتام عند عموم الطغيان، و حلول الانتقام، و لو كان هذا الأمر الذي عرفتك نبأه للنبي (صلى الله عليه

و آله) دون غيره، لكان الخطاب يدل على فعل ماض غير دائم و لا مستقبل، و لقال: نزلت الملائكة، و فرق كل أمر حكيم، و لم يقل تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ «6» و يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «7»، و قد زاد جل ذكره في التبيان و إثبات الحجة بقوله في أصفيائه و أوليائه (عليهم السلام): أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «8»، تعريفا للخليقة قربهم، ألا ترى أنك تقول: فلان إلى جنب فلان، إذا أردت أن تصف قربه منه؟

و إنما جعل الله تبارك و تعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره و غير أنبيائه و حججه في أرضه، لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء حججه منه، و تلبيسهم ذلك على الأمة، ليعينوهم على باطلهم، فأثبت فيه الرموز، و أعمى قلوبهم و أبصارهم، لما عليهم في تركها و ترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه، و جعل أهل الكتاب القائمين «9» به و العالمين بظاهره و باطنه، من شجرة أصلها ثابت و فرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، أي يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت، و جعل أعداءها أهل

__________________________________________________

(1) الجن 72: 26.

(2) النساء 4: 59.

(3) النساء 4: 83.

(4) زاد في المصدر: و عمر.

(5) البقرة: 2: 115. [.....]

(6) القدر 97: 4.

(7) الدخان 44: 4.

(8) الزمر 39: 56.

(9) في المصدر، و «ط»: نسخة بدل: المقيمين.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 838

الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم فأبى الله إلا أن يتم نوره. و لو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها، لأسقطوها مع

ما أسقطوا منه، و لكن الله تبارك اسمه ماض حكمه بإيجاب الحجة على خلقه كما قال: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ «1»، أغشى أبصارهم، و جعل على قلوبهم أكنة عن تأمل «2» ذلك، فتركوه بحاله، و حجبوا عن تأكيده الملتبس «3» بإبطاله، فالسعداء يتثبتون عليه، و الأشقياء يعمون عنه وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ «4».

ثم إن الله جل ذكره لسعة رحمته، و رأفته بخلقه و علمه بما يحدثه المبدلون من تغيير كتابه «5»، قسم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما يعرفه العالم و الجاهل، و قسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه و لطف حسه، و صح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام، و قسما لا يعرفه إلا الله و أمناؤه و الراسخون في العلم، و إنما فعل الله ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله (صلى الله عليه و آله) من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، و ليقودهم الاضطرار إلى الائتمار بمن ولاه أمرهم، فاستكبروا عن طاعته تعززا و افتراء على الله عز و جل، و اغترارا بكثرة من ظاهرهم و عاونهم و عاند الله عز اسمه و رسوله (صلى الله عليه و آله).

فأما ما علمه الجاهل و العالم من فضل رسول الله (صلى الله عليه و آله) من كتاب الله، فهو قول الله سبحانه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ، و قوله: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً «6»، و لهذه الآية ظاهر و باطن، فالظاهر: قوله: صَلُّوا عَلَيْهِ، و الباطن: قوله: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً أي سلموا لمن وصاه و استخلفه و فضله عليكم،

و ما عهد به إليه تسليما، و هذا مما أخبرتك أنه لا يعلم تأويله إلا من لطف حسه، و صفا ذهنه، و صح تمييزه، و كذلك قوله تعالى: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ «7» لأن الله سمى النبي (صلى الله عليه و آله) بهذا الاسم حيث قال: يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «8»، لعلمه بأنهم يسقطون قوله: سلام على آل محمد، كما أسقطوا غيره، و ما زال رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتألفهم و يقربهم و يجلسهم عن يمينه و شماله حتى أذن الله عز و جل في إبعادهم بقوله: وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا «9»، و بقوله:

فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ __________________________________________________

(1) الأنعام 6: 149.

(2) في «ج»: تأويل.

(3) في «ج، ي»: تأويل الملتبس، و في «ط»: تأكيد الملبس.

(4) النور 24: 40.

(5) في «ي»: كلامه.

(6) الأحزاب 33: 56.

(7) الصافات 37: 130.

(8) يس 36: 1- 3.

(9) المزمل 73: 10.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 839

كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ «1»، و كذلك قول الله عز و جل: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ «2»، و لم يسمهم بأسمائهم و أسماء آبائهم و أمهاتهم.

و أما قوله: كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «3»، فالمراد «4» كل شي ء هالك إلا دينه، لأن من المحال أن يهلك منه كل شي ء و يبقى الوجه، و هو أجل و أكرم و أعظم من ذلك، و إنما يهلك من ليس منه، ألا ترى أنه قال:

كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ «5»؟ ففصل بين خلقه و وجهه.

و أما ظهورك على تناكر «6» قوله: وَ إِنْ خِفْتُمْ

أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ «7»، و ليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء، و لا كل النساء أيتام، فهو مما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن، و بين القول في اليتامى و بين نكاح النساء «8» من الخطاب و القصص أكثر من ثلث القرآن، و هذا و ما أشبهه مما ظهرت حوادث المنافقين فيه لأهل النظر و التأمل، و وجد المعطلون و أهل الملل المخالفة للإسلام مساغا إلى القدح في القرآن، و لو شرحت لك كل ما أسقط و حرف و بدل مما يجري هذا المجرى لطال، فظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء و مثالب الأعداء.

و أما قوله: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ «9»، فهو تبارك اسمه أجل و أعظم من أن يظلم، و لكنه قرن أمناءه على خلقه بنفسه، و عرف الخليقة جلالة قدرهم عنده، و أن ظلمهم ظلمه، بقوله:

وَ ما ظَلَمُونا ببغضهم أولياءنا، و معونة أعدائهم عليهم، وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ إذ حرموها الجنة، و أوجبوا عليها خلود النار.

و أما قوله: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ «10»، فإن الله جل ذكره أنزل عزائم الشرايع و آيات الفرائض في أوقات مختلفة، كما خلق السماوات و الأرض في ستة أيام، و لو شاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق، و لكنه جعل الأناة و المداراة مثالا «11»، لامنائه، و إيجابا للحجة على خلقه، فكان أول ما قيدهم به الإقرار بالوحدانية و الربوبية و الشهادة بأن لا إله إلا الله، فلما أقروا بذلك تلاه بالإقرار لنبيه (صلى الله عليه و آله) بالنبوة و الشهادة له بالرسالة، فلما

__________________________________________________

(1) المعارج 70: 36- 39. [.....]

(2) الإسراء

17: 71.

(3) القصص 28: 88.

(4) في «ط» و المصدر: فانّما أنزلت.

(5) الرحمن 55: 26، 27.

(6) في «ج، ي»: تنافر.

(7) النساء 4: 3.

(8) (و لا كل النساء أيتام ... نكاح النساء) ليس في «ج، ي».

(9) البقرة 2: 57.

(10) سبأ 34: 46.

(11) في «ج»: منارا، و في المصدر: أمثالا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 840

انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثم الصوم ثم الحج ثم الجهاد ثم الزكاة ثم الصدقات، و ما يجري مجراها من مال الفي ء، فقال المنافقون: هل بقي لربك علينا بعد الذي فرضه شي ء آخر يفترضه، فتذكره لتسكن أنفسنا أنه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ يعني الولاية، و أنزل إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «1»، و ليس بين الأمة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد و هو راكع غير رجل واحد، لو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط من ذكره، و هذا و ما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب ليجهل معناها المحرفون فيبلغ إليك و إلى أمثالك، و عند ذلك قال الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً»

.و أما قوله لنبيه (صلى الله عليه و آله): وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ «3»، فإنك ترى أهل الملل المخالفة للايمان، و من يجري مجراهم من الكفار، مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية، و أنه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا و نجوا من عذاب السعير، فإن الله تبارك و تعالى إنما عنى بذلك أنه جعله سبيلا «4» لإنظار أهل هذه الدار،

لأن الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) منهم إذا صدع بأمر الله و أجابه قومه، و سلموا و سلم أهل دارهم من سائر الخليقة، و إن خالفوه هلكوا و هلك أهل دارهم بالآفة التي كان نبيهم يتوعدهم بها و يخوفهم حلولها و نزولها بساحتهم من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة و غير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الأمم الخالية، و إن الله علم من نبينا (صلى الله عليه و آله) و من الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح، و أثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه «5»: من كنت مولاه فعلي «6» مولاه، و هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

و ليس من خليقة النبي و لا من شيمته «7» أن يقول قولا لا معنى له، فلزم الأمة أن تعلم أنه لما كانت النبوة و الخلافة «8» موجودتين في خلافة هارون، و معدومتين فيمن جعله النبي (صلى الله عليه و آله) بمنزلته أنه قد استخلفه على أمته كما استخلف موسى هارون حيث قال له: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي «9»، و لو قال لهم: لا تقلدوا الإمامة إلا فلانا بعينه و إلا نزل بكم العذاب، لأتاهم العذاب، و زال باب الإنظار و الإمهال.

و بما أمر بسد باب الجميع و ترك بابه، ثم قال: ما سددت و لا تركت، و لكني أمرت فأطعت. فقالوا: سددت

__________________________________________________

(1) المائدة 5: 55.

(2) المائدة 5: 3.

(3) الأنبياء 21: 107.

(4) في المصدر: سببا. [.....]

(5) في «ج، ي»: وصيّته.

(6) زاد في

المصدر و «ط»: فهذا.

(7) في «ي»: من سمته، و في «ط»: من شيمة النبوّة، و في المصدر: من النبوّة.

(8) في «ط» نسخة بدل و المصدر: و الاخوة.

(9) الأعراف 7: 142.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 841

بابنا و تركت لأحدثنا سنا بابه! فأما ما ذكروه من حداثة سنه، فإن الله لم يستصغر يوشع بن نون حيث أمر موسى (عليه السلام) أن يعهد بالوصية إليه و هو في سن ابن سبع سنين، و لا استصغر يحيى و عيسى لما استودعهما عزائمه و براهين حكمته، و إنما فعل ذلك جل ذكره لعلمه بعاقبة الأمور، و أن وصيه لا يرجع بعده ضالا و لا كافرا.

و بأن عمد النبي (صلى الله عليه و آله) إلى سورة براءة فدفعها إلى من علم أن الامة تؤثره على وصيه، و أمره بقراءتها على أهل مكة، فلما ولى من بين يديه أتبعه بوصيه، و أمره بارتجاعها منه و النفوذ إلى مكة ليقرأها على أهلها، و قال: إن الله جل جلاله أوحى إلي أن لا يؤدي عني إلا رجل مني، دلالة منه على خيانة من علم أن الأمة اختارته على وصيه، ثم شفع ذلك بضم الرجل الذي ارتجع سورة براءة منه و من يؤازره في تقدم المحل عند الأمة إلى علم النفاق عمرو بن العاص في غزاة ذات السلاسل و ولاهما عمرو حرس عسكره، و ختم أمرهما بأن ضمهما عند وفاته إلى مولاه أسامة بن زيد، و أمرهما بطاعته و التصريف بين أمره و نهيه، و كان آخر ما عهد به في أمر أمته، قوله:

أنفذوا جيش أسامة، يكرر ذلك على أسماعهم إيجابا للحجة عليهم في إيثار المنافقين على الصادقين.

و لو عددت كل ما كان من

«1» رسول الله (صلى الله عليه و آله) في إظهار معايب المستولين على تراثه لطال، و إن السابق منهم إلى تقلد ما ليس له بأهل قام هاتفا على المنبر لعجزه عن القيام بأمر الأمة و مستقيلا مما تقلده لقصور معرفته عن تأويل ما كان يسأل عنه، و جهله بما يأتي و يذر، ثم أقام على ظلمة و لم يرض باحتقاب عظيم الوزر في ذلك حتى عقد الأمر من بعده لغيره، فأتى التالي بتسفيه رأيه، و القدح و الطعن على أحكامه، و رفع السيف عمن كان صاحبه وضعه عليه، و رد النساء اللاتي كان سباهن إلى أزواجهن و بعضهن حوامل، و قوله: قد نهيته عن قتال أهل القبلة فقال لي: إنك لحدب «2» على أهل الكفر، و كان هو في ظلمه لهم أولى باسم الكفر منهم، و لم يزل يخطئه و يظهر الإزراء عليه و يقول على المنبر: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها، فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه، و كان يقول قبل ذلك قولا ظاهرا: ليته حسنة من حسناته، و يود أنه كان شعرة في صدره، و غير ذلك من القول المتناقض المؤكد لحجج الدافعين لدين الإسلام.

و أتى من أمر الشورى و تأكيده بها عقد الظلم و الإلحاد و البغي و الفساد حتى تقرر على إرادته ما لم يخف على ذي لب موضع ضرره، و لم تطق الامة الصبر على ما أظهره الثالث من سوء الفعل، فعاجلته بالقتل، فاتسع بما جنوه من ذلك لمن وافقهم على ظلمهم و كفرهم و نفاقهم محاولة مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الأمة.

كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها «3» الله تبارك و تعالى لعدوه إبليس إلى

أن يبلغ الكتاب أجله، و يحق القول على الكافرين، و يقترب الوعد الحق الذي بينه الله تعالى في كتابه بقوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ «4»، و ذلك إذا لم يبق من الإسلام إلا اسمه

__________________________________________________

(1) زاد في «ط» و المصدر: أمر.

(2) أي عطوف، و في «ج، ي»: تحدب.

(3) في المصدر: أوحاها.

(4) النور 24: 55.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 842

و من القرآن إلا رسمه، و غاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له، و عند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها و يظهر دين نبيه (صلى الله عليه و آله) على يديه على الدين كله و لو كره المشركون.

و أما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي (صلى الله عليه و آله) و الإزراء به، و التأنيب له، مع ما أظهره الله تبارك و تعالى في كتابه من تفضيله إياه على سائر أنبيائه، فإن الله عز و جل جعل لكل نبي، عدوا من المجرمين، كما قال في كتابه. و بحسب جلالة منزلة نبينا (صلى الله عليه و آله) عند ربه كذلك، عظم محنته لعدوه الذي عاد منه في شقاقه و نفاقه كل أذى و مشقة لدفع نبوته و تكذيبه إياه، و سعيه في مكارهه، و قصده لنقض كل ما أبرمه، و اجتهاده و من مالأه على كفره و عناده و نفاقه و إلحاده في إبطال دعواه، و تغيير ملته، و مخالفة سنته، و لم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيه، و إيحاشهم منه، و صدهم عنه،

و إغرائهم بعداوته، و القصد لتغيير الكتاب الذي جاء به، و إسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل، و كفر ذوي الكفر منه، و ممن وافقه على ظلمه و بغيه و شركه، و لقد علم الله ذلك منهم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا «1»، و قال: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ «2» و لقد أحضروا الكتاب كملا مشتملا على التأويل و التنزيل، و المحكم و المتشابه، و الناسخ و المنسوخ، لم يسقط منه حرف ألف و لا لام.

فلما وقفوا على ما بينه الله من أسماء أهل الحق و الباطل، و أن ذلك إن ظهر نقض ما عقدوه، قالوا: لا حاجة لنا فيه، نحن مستغنون عنه بما عندنا، و كذلك قال: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ «3».

ثم دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله إلى جمعه و تأليفه و تضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم، فصرخ «4» مناديهم: من كان عنده شي ء من القرآن فليأتنا به، و وكلوا تأليفه و نظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء الله، فألفه على اختيارهم، و ما «5» يدل للمتأمل له على اختلال تمييزهم و افترائهم، و تركوا منه ما قدروا أنه لهم و هو عليهم، و زادوا فيه ما ظهر تناكره و تنافره، و علم الله أن ذلك يظهر و يبين، فقال: ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ «6»، و انكشف لأهل الاستبصار عوارهم «7» و افتراؤهم، و الذي بدأ في الكتاب

__________________________________________________

(1) فصلت 41: 40.

(2) الفتح 48: 15.

(3) آل عمران 3: 187.

(4) في «ج، ي»: فصدح.

(5) في «ج»: لا، و في «ي»: أولا. [.....]

(6) النجم 53:

30.

(7) في «ج»: غرارهم، و في «ي»: اغراؤهم.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 843

من الإزراء على النبي (صلى الله عليه و آله) من فرية الملحدين، و لذلك قال: لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً «1».

و يذكر جل ذكره لنبيه (صلى الله عليه و آله) ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ «2»، يعني أنه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعاينه «3» من نفاق قومه و عقوقهم و الانتقال عنهم إلى دار الإقامة، إلا ألقى الشيطان المعرض لعداوته «4» عند فقده في الكتاب الذي أنزل عليه ذمه و القدح فيه و الطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله، و لا تصغي إليه غير قلوب المنافقين و الجاهلين، و يحكم الله آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال و العدوان و مشايعة أهل الكفر و الطغيان الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام حتى قال: بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا «5».

فافهم هذا، و اعمل به، و اعلم أنك ما قد تركت مما يجب عليك السؤال عنه أكثر مما سألت، و أني قد اقتصرت على تفسير يسير من كثير لعدم حملة العلم، و قلة الراغبين في التماسه، و في دون ما بينت لك بلاغ لذوي الألباب».

قال السائل: حسبي ما سمعت يا أمير المؤمنين! شكر الله لك على استنقاذي من عماية الشك و طخية الإفك، و أجزل على ذلك مثوبتك، إنه على كل شي ء قدير. و صلى الله أولا و آخرا على أنوار الهدايات و أعلام البريات محمد و آله

أصحاب الدلالات الواضحات و سلم تسليما كثيرا.

12087/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن بكر ابن عبد الله بن حبيب، قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر، قال: حدثني محمد بن الحسن بن العبد العزيز الأحدب الجنديسابوري، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن زيد، عن عبيد الله بن عبيد، عن أبي معمر السعداني، أن رجلا أتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، إني قد شككت في كتاب الله المنزل، قال له علي (عليه السلام): «ثكلتك أمك، و كيف شككت في كتاب الله المنزل!». قال: لأني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضا، فكيف لا أشك فيه؟

فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إن كتاب الله ليصدق بعضه بعضا، و لا يكذب بعضه بعضا، و لكنك لم ترزق عقلا تنتفع به، فهات ما شككت فيه من كتاب الله عز و جل».

__________________________________________________

2- التوحيد: 254/ 5.

(1) المجادلة 58: 2.

(2) الحج 22: 52.

(3) في المصدر: بعانيه.

(4) في «ج»: الشيطان بعداوته.

(5) الفرقان 25: 44.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 844

قال: قال الرجل: إني وجدت الله يقول: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «1»، و قال أيضا:

نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «2»، و قال: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «3» فمرة يخبر أنه ينسى، و مرة يخبر أنه لا ينسى، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال: «هات ما شككت فيه أيضا». قال: و أجد الله يقول: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «4». و قال: و استنطقوا فقالوا: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «5»، و

قال: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «6»، و قال: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ «7»، و قال:

لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ»

، و قال: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «9» فمرة يخبر أنهم يتكلمون، و مرة يخبر أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن و قال صوابا، و مرة يخبر أن الخلق لا ينطقون، و يقول عن مقالتهم: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ و مرة يخبر أنهم يختصمون، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين و كيف لا أشك فيما تسمع؟

قال: «هات- ويحك- ما شككت فيه»، قال: و أجد الله عز و جل يقول: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «10»، و يقول: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ «11»، و يقول: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى «12»، و يقول:وْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً

«13»، و من أدركته الأبصار فقد أحاط به العلم، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع؟

قال: «هات- ويحك- ما شككت فيه». قال: و أجد الله تبارك و تعالى يقول: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا

__________________________________________________

(1) الأعراف 7: 51.

(2) التوبة 9: 67.

(3) مريم 19: 64.

(4) النبأ 78: 38.

(5) الأنعام 6: 23 قوله: و استنطقوا، إشارة إلى قوله تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الأنعام 6: 21.

(6) العنكبوت 29: 25. [.....]

(7) سورة ص 38: 64.

(8) سورة ق 50: 28.

(9) يس

36: 65.

(10) القيامة 75: 22، 23.

(11) الأنعام 6: 103.

(12) النجم 53: 13، 14.

(13) طه 20: 109، 110.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 845

وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ «1»، و قال: وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً «2»، و قال: وَ ناداهُما رَبُّهُما «3»، و قال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ «4»، و قال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «5»، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع؟

قال: «ويحك، هات ما شككت فيه». قال: و أجد الله جل ثناؤه يقول: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا «6» و قد يسمى الإنسان سميعا بصيرا، و ملكا و ربا، فمرة يخبر بأن له أسامي «7» كثيرة مشتركة، و مرة يقول: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع؟

قال: «هات- ويحك- ما شككت فيه». قال: وجدت الله تبارك و تعالى يقول: وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ «8»، و يقول: وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ «9»، و يقول: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «10» كيف ينظر إليهم من يحجب عنهم، و أنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع؟

قال: «هات- ويحك أيضا- ما شككت فيه»؟ قال: و أجد الله عز ذكره يقول: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ «11»، و قال: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «12»، و قال: وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ «13»، و قال: وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ

«14»، و قال: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «15»، و قال: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ «16» فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع؟

__________________________________________________

(1) الشورى 42: 51.

(2) النساء 4: 164.

(3) الأعراف 7: 22.

(4) الأحزاب 33: 59.

(5) المائدة 5: 67.

(6) مريم 19: 65.

(7) في «ج، ي»: بأن الأسامي. [.....]

(8) يونس 10: 61.

(9) آل عمران 3: 77.

(10) المطففين 83: 15.

(11) الملك 67: 16.

(12) طه 20: 5.

(13) الأنعام 6: 3.

(14) الحديد 57: 3.

(15) الحديد 57: 4.

(16) سوره ق 50: 16.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 846

قال: «هات- ويحك- ما شككت فيه»؟ قال: و أجد الله عز و جل يقول: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «1»، و قال: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ «2»، و قال: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ «3»، و قال: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً «4» فمرة يقول: يَأْتِيَ رَبُّكَ و مرة يقول: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع؟

قال: «هات- ويحك- ما شككت فيه». قال و أجد الله تبارك و تعالى يقول: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «5»، و ذكر المؤمنين فقال: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ «6»، [و قال:] تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ «7»، و قال: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ «8»، و قال: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ

فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً «9» فمرة يخبر أنهم يلقونه، و مرة يقول إنه لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ و مرة يقول: وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع؟

قال: «هات ويحك، ما شككت فيه»؟ قال: و أجد الله تبارك و تعالى يقول: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «10»، و قال: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ 1»

، و قال:

تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا «12» فمرة يخبر أنهم يظنون، و مرة يخبر أنهم يعلمون، و الظن شك، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع». [قال: هات ما شككت فيه. قال: و أجد الله تعالى يقول: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً «13»، و قال: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً «14»، و قال:

__________________________________________________

(1) الفجر 89: 22.

(2) الأنعام 6: 94.

(3) البقرة 2: 210.

(4) الأنعام 6: 158.

(5) السجدة 32: 10. [.....]

(6) البقرة 2: 46.

(7) الأحزاب 33: 44.

(8) العنكبوت 29: 5.

(9) الكهف 18: 110.

(10) الكهف 18: 53.

(11) النور 24: 25.

(12) الأحزاب 33: 10.

(13) الأنبياء 21: 47.

(14) الكهف 18: 105.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 847

فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ «1»، و قال: وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ «2»، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع .

قال: «هات- ويحك- ما شككت فيه». قال: و أجد الله تبارك و تعالى يقول: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ «3»، و قال: اللَّهُ

يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «4»، و قال: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ «5»، و قال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ «6»، و قال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ «7»، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، و كيف لا أشك فيما تسمع؟ و قد هلكت إن لم ترحمني، و تشرح لي صدري فيما عسى أن يجري ذلك على يديك، فإن كان الرب تبارك و تعالى حقا، و الكتاب حقا، و الرسل حقا، فقد هلكت و خسرت، و إن تكن الرسل باطلا فما علي بأس و قد نجوت.

فقال علي (عليه السلام): «قدوس ربنا، تبارك و تعالى علوا كبيرا، نشهد أنه هو الدائم الذي لا يزول، و لا نشك فيه، و ليس كمثله شي ء، و هو السميع البصير، و أن الكتاب حق، و الرسل حق، و أن الثواب و العقاب حق، فإن رزقت زيادة إيمان أو حرمته فإن ذلك بيد الله، إن شاء رزقك، و إن شاء حرمك ذلك. و لكن سأعلمك ما شككت فيه، و لا قوة إلا بالله، فإن أراد الله بك خيرا أعلمك بعلمه و ثبتك، و إن يكن شرا ضللت و هلكت.

أما قوله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «8» إنما يعني نسوا الله في دار الدنيا، لم يعملوا بطاعته فنسيهم في الآخرة أي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا فصاروا منسيين من الخير «9»، و كذلك تفسير قوله عز و جل: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا «10» يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به و برسله و خافوه بالغيب.

و أما قوله: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا «11» فإن ربنا تبارك و تعالى علوا كبيرا

ليس بالذي ينسى، و لا يغفل، بل هو الحفيظ العليم، و قد يقول العرب في باب النسيان: قد نسينا فلان فلا يذكرنا، أي أنه لا يأمر لهم بخير و لا يذكرهم

__________________________________________________

(1) المؤمن 40: 40.

(2) الأعراف 7: 8، 9.

(3) السجدة 32: 11.

(4) الزمر 39: 42.

(5) الأنعام 6: 61. [.....]

(6) النحل 16: 32.

(7) النحل 16: 28.

(8) التوبة 9: 67.

(9) في «ج، ي»: الجنّة.

(10) الأعراف 7: 51.

(11) مريم 19: 64.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 848

به، فهل فهمت ما ذكره الله عز و جل؟». قال: نعم، فرجت عني فرج الله عنك، و حللت عني عقدة فعظم الله أجرك.

فقال (عليه السلام): «و أما قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً «1»، و قوله: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «2»، و قوله: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً «3»، و قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ «4»، و قوله: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ «5»، و قوله: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «6»، فإن ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، يجمع الله عز و جل الخلائق يومئذ في موطن يتفرقون، و يكلم بعضهم بعضا، و يستغفر بعضهم لبعض، أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا للرؤساء و الأتباع: و يلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء و تعاونوا على الظلم و العدوان في دار الدنيا المستكبرين، و المستضعفين يكفر بعضهم ببعض، و يلعن بعضهم بعضا، و الكفر في هذه الآية البراءة، يقول: فيبرأ بعضهم

من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم، قول الشيطان: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ «7»، و قول إبراهيم خليل الرحمن: كَفَرْنا بِكُمْ «8» يعني تبرأنا منكم.

ثم يجتمعون في موطن آخر يبكون فيه، فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، و لتصدعت قلوبهم إلا ما شاء الله، فلا يزالون يبكون الدم.

ثم يجتمعون في موطن آخر، فيستنطقون فيه، فيقولون: وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ فيختم الله تبارك و تعالى على أفواههم و يستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود، فتشهد بكل معصية كانت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم: لم شهدتم علينا؟ قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كل شي ء.

ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض، فذلك قوله عز و جل: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ «9»، فيستنطقون فلا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن و قال صوابا. فيقوم الرسل (صلى الله عليهم) فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً «10».

__________________________________________________

(1) النبأ 78: 38.

(2) الأنعام 6: 23.

(3) العنكبوت 29: 25.

(4) سورة ص 38: 64.

(5) سورة ق 50: 28.

(6) يس 36: 65.

(7) إبراهيم 14: 22.

(8) الممتحنة 60: 4. [.....]

(9) عبس 80: 34- 36.

(10) النساء 4: 41.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 849

ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد (صلى الله عليه و آله) و هو المقام المحمود، فيثني على الله تبارك و تعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثني على الملائكة كلهم، فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه (صلى الله عليه و آله)، ثم

يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد قبله، ثم يثني على كل مؤمن و مؤمنة، يبدأ بالصديقين و الشهداء ثم بالصالحين، فيحمده أهل السماوات و أهل الأرض، و ذلك قوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «1» فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ و نصيب، و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ و لا نصيب.

ثم يجتمعون في موطن آخر، و يدال بعضهم من بعض، و هذا كله قبيل الحساب، فإذا أخذ في الحساب، شغل كل إنسان بما لديه، نسأل الله بركة ذلك اليوم».

قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين، و حللت عني عقدة، فعظم الله أجرك.

فقال (عليه السلام): «و أما قوله عز و جل: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «2»، و قوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ «3»، و قوله: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى «4»، و قوله:

ْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً «5»، فأما قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز و جل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان، فيغتسلون فيه و يشربون منه، فتضي ء وجوههم إشراقا، فيذهب عنهم كل قذى «6» و وعث، ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم، و منه يدخلون الجنة، فذلك قول الله عز و جل في تسليم الملائكة عليهم: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ «7» فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة و النظر إلى ما وعدهم ربهم، فذلك قوله: إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ

و إنما يعني بالنظر إليه، النظر إلى ثوابه تبارك و تعالى.

و أما قوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ هو كما قال، لا تدركه الأبصار يعني لا تحيط به الأوهام وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ يعني يحيط بها وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ و ذلك مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك و تعالى و تقدس علوا كبيرا، و قد سأل موسى (عليه السلام) و جرى على لسانه من حمد الله عز و جل: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ»

، فكانت مسألته تلك أمرا عظيما، و سأل أمرا جسيما، فعوقب، فقال الله تبارك و تعالى: لن تراني في

__________________________________________________

(1) الإسراء 17: 79.

(2) القيامة 75: 22، 23.

(3) الأنعام 6: 103.

(4) النجم 53: 13، 14.

(5) طه 20: 109، 110.

(6) في «ج، ي»: قذر.

(7) الزمر 39: 73.

(8) الأعراف 7: 143.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 850

الدنيا حتى تموت فتراني في الآخرة، و لكن إن أردت أن تراني في الدنيا فانظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف تراني، فأبدى الله سبحانه بعض آياته، و تجلى ربنا [للجبل فتقطع الجبل فصار رميما، و خر موسى صعقا، يعني ميتا، فكانت عقوبته الموت، ثم أحياه الله و بعثه و تاب عليه، فقال: سبحانك تبت إليك و أنا أول المؤمنين، يعني أول مؤمن آمن بك منهم «1»، أنه لن يراك.

و أما قوله: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى يعني محمدا (صلى الله عليه و آله) [كان عند سدرة المنتهى حيث لا يتجاوزها «2» خلق من خلق الله، و قوله في آخر الآية: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى «3» رأى جبرئيل (عليه السلام) في صورته مرتين: هذه المرة،

و مرة أخرى، و ذلك أن خلق جبرئيل عظيم، فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم و صفتهم إلا الله رب العالمين.

و أما قوله:وْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً لا يحيط الخلائق بالله عز و جل علما، إذ هو تبارك و تعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء، فلا فهم يناله بالكيف، و لا قلب يثبته بالحدود، فلا يصفه إلا كما وصف نفسه، ليس كمثله شي ء و هو السميع البصير، الأول و الآخر و الظاهر و الباطن، الخالق البارئ المصور، خلق الأشياء، فليس من الأشياء شي ء مثله تبارك و تعالى».

فقال: فرجت عني، فرج الله عنك، و حللت عني عقدة، فأعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.

[فقال : (عليه السلام) «و أما قوله: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ «4»، و قوله: وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً «5»، و قوله: وَ ناداهُما رَبُّهُما «6»، و قوله:

يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ «7»، فأما قوله: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، فإنه ما ينبغي لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا و ليس بكائن إلا من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء، كذلك قال الله تبارك و تعالى علوا كبيرا، قد كان الرسول يوحى إليه من رسل السماء، فتبلغ رسل السماء رسل الأرض، و قد كان الكلام بين رسل أهل الأرض و بينه من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل السماء. و قد قال رسول

الله (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، هل رأيت ربك؟ فقال جبرئيل: إن ربي لا يرى. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):

فمن أين تأخذ الوحي؟ قال: آخذه من إسرافيل. فقال: و من أين يأخذه إسرافيل؟ قال: يأخذه من ملك فوقه من

__________________________________________________

(1) (منهم) ليس في «ج، ي».

(2) في «ج، ي»: لا يجاوزها.

(3) النجم 53: 17: 18.

(4) الشورى 42: 51. [.....]

(5) النساء 4: 164.

(6) الأعراف 7: 22.

(7) البقرة 2: 35.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 851

الروحانيين. فقال: من أين يأخذه ذلك الملك؟ قال: يقذف في قلبه قذفا. فهذا وحي و هو كلام الله عز و جل، و كلام الله ليس بنحو واحد، منه ما كلم الله به الرسل، و منه ما قذفه في قلوبهم، و منه رؤيا يريها الرسل، و منه وحي و تنزيل يتلى و يقرأ فهو كلام الله، فاكتف بما وصفت لك من كلام الله، فإن معنى كلام الله ليس بنحو واحد، فإن منه ما يبلغ به رسل السماء رسل الأرض».

قال: فرجت عني فرج الله عنك، و حللت عني عقدة فعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.

[فقال (عليه السلام): «و أما قوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا «1»، فإن تأويله: هل تعلم أحدا اسمه الله، غير الله تبارك و تعالى؟ فإياك أن تفسر القرآن برأيك حتى تفقهه عن العلماء، فإنه رب تنزيل يشبه كلام البشر، و هو كلام الله، و تأويله لا يشبه كلام البشر، كما ليس شي ء من خلقه يشبهه، كذلك لا يشبه فعله تبارك و تعالى شيئا من أفعال البشر، و لا يشبه شي ء من كلامه كلام البشر، فكلام الله تبارك و تعالى صفته، و كلام البشر أفعالهم، فلا تشبه كلام

الله بكلام البشر فتهلك و تضل».

قال: فرجت عني، فرج الله عنك، و حللت عني عقدة فعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.

فقال (عليه السلام): «و أما قوله: وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ «2» كذلك ربنا لا يعزب عنه شي ء، و كيف يكون من خلق الأشياء لا يعلم ما خلق و هو الخلاق العليم! و أما قوله: لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ «3»، يخبر أنه لا يصيبهم بخير، و قد تقول العرب: و الله ما ينظر إلينا فلان. و إنما يعنون بذلك أنه لا يصيبنا منه بخير، فذلك النظر ها هنا من الله تبارك و تعالى إلى خلقه، فنظره إليهم رحمته لهم».

قال: فرجت عني فرج الله عنك، و حللت عني عقدة فعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.

قال: «و أما قوله: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ «4»، فإنما يعني بذلك يوم القيامة أنهم عن ثواب ربهم محجوبون.

[قال: فرجت عني، فرج الله عنك، و حللت عني عقدة فعظم الله أجرك.

فقال: (عليه السلام)] قوله: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ «5»، و قوله:

وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ «6»، و قوله: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «7»، و قوله:

__________________________________________________

(1) مريم 19: 65.

(2) يونس 10: 61.

(3) آل عمران 3: 77.

(4) المطففين 83: 15.

(5) الملك 67: 16.

(6) الأنعام 6: 3.

(7) طه 20: 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 852

وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «1»، و قوله: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ «2»، فكذلك الله تبارك و تعالى سبوحا قدوسا تعالى أن يجري منه ما يجري من المخلوقين، و هو اللطيف الخبير، و

أجل و أكبر أن ينزل به شي ء مما ينزل بخلقه، و هو على العرش استوى، علمه «3» شاهد لكل نجوى، و هو الوكيل على كل شي ء، و الميسر لكل شي ء و المدبر للأشياء كلها، تعالى الله عن أن يكون على عرشه علوا كبيرا.

و أما قوله: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «4»، و قوله: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ «5»، و قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ «6»، و قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ «7» فإن ذلك حق كما قال الله عز و جل، و ليس له جيئة كجيئة الخلق، و قد أعلمتك أن رب شي ء من كتاب الله تأويله على غير تنزيله، و لا يشبه كلام البشر، و سأنبئك بطرف منه، فتكتفي إن شاء الله تعالى، من ذلك قول إبراهيم (عليه السلام): إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ «8» فذهابه إلى ربه توجهه إليه عبادة و اجتهادا و قربة إلى الله عز و جل، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله؟ و قال: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ «9»، يعني السلاح و غير ذلك، و قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ يخبر محمدا (صلى الله عليه و آله) عن المشركين و المنافقين الذين لم يستجيبوا لله و للرسول فقال: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ حيث لم يستجيبوا لله و لرسوله أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يعني بذلك العذاب «10» في دار الدنيا كما عذب القرون الأولى، فهذا خبر يخبر به النبي (صلى الله عليه و آله) عنهم.

ثم قال: يَوْمَ

يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً يعني من قبل «11» أن تجي ء هذه الآية، و هذه الآية طلوع الشمس من مغربها، و إنما يكتفي أولو الألباب و الحجا و أولو النهى أن يعلموا أنه إذا انكشف الغطاء رأوا ما يوعدون، و قال في آية أخرى: فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا «12» يعني أرسل عليهم عذابا، و كذلك إتيانه بنيانهم، و قال الله عز و جل:

__________________________________________________

(1) الحديد 57: 4.

(2) سورة ق 50: 16.

(3) (و هو على العرش استوى علمه) ليس في «ج، ي».

(4) الفجر 89: 22. [.....]

(5) الأنعام 6: 94.

(6) البقرة 2: 210.

(7) الأنعام 6: 158.

(8) الصافات 37: 99.

(9) الحديد 57: 25.

(10) زاد في المصدر: يأتيهم.

(11) (أو كسبت في ... يعني من قبل) ليس في «ج، ي».

(12) الحشر 59: 2.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 853

فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ «1» فإتيانه بنيانهم من القواعد إرسال العذاب عليهم، و كذلك ما وصف الله من أمر الآخرة تبارك اسمه و تعالى علوا كبيرا، و تجري أموره في ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة كما تجري أموره في الدنيا، لا يغيب «2» و لا يأفل مع الآفلين، فاكتف بما وصفت لك من ذلك مما جال في صدرك مما وصف الله عز و جل في كتابه، و لا تجعل كلامه ككلام البشر، هو أعظم و أجل و أكرم و أعز، تبارك و تعالى من أن يصفه الواصفون إلا بما وصف به نفسه في قوله عز و جل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ «3»».

قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين، فرج الله عنك، و

حللت عني عقدة.

[فقال (عليه السلام)]: «و أما قوله: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ «4»، و ذكره المؤمنين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم، و قوله لغيرهم: إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ «5» بما أخلفوا الله ما وعدوه، و قوله: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً»

، فأما قوله: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ يعني البعث فسماه الله عز و جل لقاءه، و كذلك ذكر المؤمنين: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ «7»، يعني يوقنون أنهم يبعثون و يحشرون و يحاسبون و يجزون بالثواب و العقاب، و الظن ها هنا اليقين خاصة، و كذلك قوله: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً، و قوله: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ «8» يعني من كان يؤمن بأنه مبعوث، فإن وعد الله لآت من الثواب و العقاب، فاللقاء ها هنا ليس بالرؤية، و اللقاء هو البعث، فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه، فإنه يعني بذلك البعث، و كذلك قوله: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ «9» يعني أنه لا يزول الإيمان عن قلوبهم يوم يبعثون».

قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين، فرج الله عنك، فقد حللت عني عقدة.

فقال (عليه السلام): «و أما قوله: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها «10» يعني أيقنوا أنهم داخلوها.

__________________________________________________

(1) النحل 16: 26.

(2) في «ج، ي»: يلعب.

(3) الشورى 42: 11.

(4) السجدة 32: 10.

(5) التوبة 9: 77.

(6) الكهف 18: 110. [.....]

(7) البقرة 2: 46.

(8) العنكبوت 29: 5.

(9) الأحزاب 33: 44.

(10) الكهف 18: 53.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 854

و أما قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ «1»، و قوله «2»: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ «3»، و

قوله للمنافقين: وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا «4»، فهذا الظن ظن شك و ليس ظن يقين، و الظن ظنان: ظن شك، و ظن يقين، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين، و ما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك، فافهم ما فسرت لك».

قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين، فرج الله عنك.

[فقال (عليه السلام)]: «و أما قوله تبارك و تعالى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً «5»، فهو ميزان العدل، يؤخذ به الخلائق يوم القيامة، يديل الله تبارك و تعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين».

و في غير هذا الحديث، الموازين هم الأنبياء و الأوصياء (عليهم السلام).

«و أما قوله عز و جل: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً «6» فإن ذلك خاص.

و أما قوله: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ «7» فإن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: قال الله عز و جل: لقد حقت كرامتي- أو قال: مودتي- لمن يراقبني و يتحاب بجلالي أن وجوههم يوم القيامة من نور على منابر من نور، عليهم ثياب خضر، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: قوم ليسوا بأنبياء و لا شهداء، و لكنهم تحابوا بجلال الله، و يدخلون الجنة بغير حساب، فنسأل الله عز و جل أن يجعلنا منهم «8» برحمته.

و أما قوله: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ «9»، و خَفَّتْ مَوازِينُهُ «10» فإنما يعني الحساب، توزن الحسنات و السيئات، و الحسنات ثقل الميزان، و السيئات خفة الميزان.

و أما قوله: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ «11»، و قوله: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «12»، و قوله: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ «13»، و

قوله:

__________________________________________________

(1) الحاقة 69: 20.

(2) في المصدر: يقول إني أيقنت أني أبعث فأحاسب، و كذلك قوله.

(3) النور 24: 25.

(4) الأحزاب 33: 10.

(5) الأنبياء 21: 47.

(6) الكهف 18: 105.

(7) المؤمن 40: 40.

(8) في «ج، ي»: معهم.

(9) الأعراف 7: 8.

(10) الأعراف 7: 9. [.....]

(11) السجدة 32: 11.

(12) الزمر 39: 42.

(13) الأنعام 6: 61.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 855

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ «1»، و قوله: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ «2»، فإن الله تبارك و تعالى يدبر الأمور كيف يشاء، و يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، أما ملك الموت فإن الله يوكله بخاصة من يشاء من خلقه، و يوكل رسله من الملائكة خاصة بمن يشاء من خلقه، و الملائكة الذين سماهم الله عز ذكره وكلهم بخاصة من يشاء من خلقه «3»، [إنه تبارك و تعالى يدبر الأمور كيف يشاء، و ليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لأن منهم القوي و الضعيف، و لأن منه ما يطاق حمله، و منه ما لا يطاق حمله، إلا أن يسهل الله له حمله، و أعانه عليه من خاصة أوليائه، و إنما يكفيك أن تعلم أن الله هو المحيي المميت و أنه يتوفى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته و غيرهم».

قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين، فرج الله عنك يا أمير المؤمنين، و نفع الله المسلمين بك.

فقال علي (عليه السلام): «إن كنت قد شرح الله صدرك بما قد بينت لك، فأنت و الذي فلق الحبة و برأ النسمة من المؤمنين حقا».

فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، كيف لي أن أعلم بأني من المؤمنين حقا؟ قال (عليه السلام): «لا يعلم ذلك إلا

من أعلمه الله على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله)، و شهد له رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالجنة و شرح الله صدره، ليعلم ما في الكتب التي أنزلها الله عز و جل على رسله و أنبيائه».

قال: يا أمير المؤمنين، و من يطيق ذلك؟ قال: «من شرح الله صدره و وفقه له، فعليك بالعمل لله في سرائرك و علانيتك، فلا شي ء يعدل العمل».

__________________________________________________

(1) النحل 16: 28.

(2) النحل 16: 32.

(3) (و الملائكة الذين سماهم .... من خلقه) ليس في «ج، ي».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 856

2- باب فضل القرآن ..... ص : 856

12088/ [1]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن السياري، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال: «و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه و آله) بالحق، و أكرم أهل بيته، ما من شي ء تطلبونه من حرق، أو غرق، أو سرق، أو إفلات دابة من صاحبها، أو ضالة، أو آبق، إلا و هو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه».

قال: فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عما يؤمن من الحرق و الغرق؟ فقال: «اقرأ هذه الآيات:

اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ «1»، وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ- إلى قوله سبحانه و تعالى- عَمَّا يُشْرِكُونَ «2» فمن قرأها فقد أمن من الحرق و الغرق». قال: فقرأها رجل، و اضطرمت النار في بيوت جيرانه، و بيته وسطها فلم يصبه شي ء.

ثم قام إليه رجل آخر، فقال: يا أمير المؤمنين، إن دابتي استصعبت علي، و أنا منها على وجل؟ فقال: «اقرأ في اذنها اليمنى: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ

فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ «3» فقرأها فذلت له دابته.

و قام إليه رجل آخر، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أرضي أرض مسبعة، و إن السباع تغشى منزلي و لا تجوز حتى تأخذ فريستها؟ فقال: «اقرأ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ «4»». فقرأهما الرجل فاجتنبته السباع.

ثم قام إليه آخر، فقال: يا أمير المؤمنين، إن في بطني ماء أصفر، فهل من شفاء؟ «5» فقال: «نعم، بلا درهم و لا دينار، و لكن اكتب على بطنك آية الكرسي، و تغسلها و تشربها و تجعلها ذخيرة في بطنك، فتبرأ بإذن الله عز و جل».

__________________________________________________

1- الكافي 2: 457/ 21.

(1) الأعراف 7: 196.

(2) الزمر 39: 67.

(3) آل عمران 3: 83.

(4) التوبة 9: 128، 129.

(5) زاد في «ج، ي»: بلا درهم و لا دينار.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 857

ففعل الرجل فبرى ء بإذن الله.

ثم قام إليه آخر، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن الضالة؟ قال: «اقرأ يس في ركعتين، و قل: يا هادي الضالة، رد علي ضالتي». ففعل فرد الله عز و جل عليه ضالته.

ثم قام إليه آخر، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن الآبق؟ فقال: «اقرأ: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ إلى قوله: وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ «1»». فقالها الرجل فرجع إليه الآبق.

ثم قام إليه آخر، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن السرق، فإنه لا يزال يسرق لي الشي ء بعد الشي ء ليلا.

فقال له: «اقرأ إذا أويت

إلى فراشك: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ إلى قوله: وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً «2»».

ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من بات بأرض قفر فقرأ هذه الآية: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ إلى قوله: تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ «3» حرسته الملائكة، و تباعدت عنه الشياطين».

قال: فمضى الرجل فإذا هو بقرية خراب، فبات فيها و لم يذكر هذه الآية، فتغشاه الشيطان، و إذا هو آخذ بلحيته «4»، فقال له صاحبه: أنظره، و استيقظ فقرأ الآية، فقال الشيطان لصاحبه: أرغم الله أنفك، احرسه الآن حتى يصبح، فلما أصبح الرجل رجع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبره، و قال له: رأيت في كلامك الشفاء و الصدق، و مضى بعد طلوع الشمس، فإذا هو بأثر شعر الشيطان منجرا «5» في الأرض.

__________________________________________________

(1) النور 24: 40.

(2) الإسراء 17: 110، 111. [.....]

(3) الأعراف 7: 54.

(4) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: بخطمه.

(5) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: مجتمعا.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 858

3- باب أن حديث أهل البيت (عليهم السلام) صعب مستصعب ..... ص : 858

12089/]- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار ابن مروان، عن جابر، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن حديث آل محمد صعب مستصعب، لا يؤمن به إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد فلانت له قلوبكم و عرفتموه فاقبلوه، و ما اشمأزت منه قلوبكم و أنكرتموه فردوه إلى الله و إلى الرسول و إلى العالم من آل محمد، إنما الهالك أن يحدث أحدكم بشي ء لا يحتمله، فيقول:

و الله ما كان هذا، و الله ما كان هذا، و الإنكار هو الكفر».

12090/ [2]- و عنه: عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ذكرت التقية يوما عند علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: و الله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله، و لقد آخى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بينهما، فما ظنكم بسائر الخلق، إن علم العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فقال: و إنما صار سلمان من العلماء، لأنه امرؤ منا أهل البيت، و لذلك نسبته إلى العلماء».

12091/ [3]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن البرقي، عن ابن سنان أو غيره، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلا صدور منيرة، أو قلوب سليمة، أو أخلاق حسنة، إن الله أخذ من شيعتنا الميثاق كما أخذ على بني آدم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ «1» فمن وفى لنا و فى الله له بالجنة، و من أبغضنا و لم يؤد إلينا حقنا ففي النار خالدا مخلدا».

12092/ [4]- و عنه: عن محمد بن يحيى و غيره، عن محمد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، قال: كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السلام): جعلت فداك، ما معنى قول الصادق (عليه السلام): «حديثنا لا يحتمله ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان»؟ فجاء الجواب: «أن معنى قول الصادق (عليه السلام): لا يحتمله

__________________________________________________

1- الكافي 1: 330/ 1.

2- الكافي 1: 331/ 2.

3- الكافي

1: 331/ 3.

4- الكافي 1: 331/ 4.

(1) الأعراف 7: 172.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 859

ملك و لا نبي و لا مؤمن، أن الملك لا يحتمله حتى يخرجه إلى ملك غيره، و النبي لا يحتمله حتى يخرجه إلى نبي غيره، و المؤمن لا يحتمله حتى يخرجه إلى مؤمن غيره، فهذا معنى قول جدي (عليه السلام)».

12093/ [5]- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن منصور بن العباس، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن عبد الخالق و أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد، إن عندنا و الله سرا من سر الله، و علما من علم الله، و الله ما يحتمله ملك مقرب و لا نبي مرسل، و لا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، و الله ما كلف الله ذلك أحدا غيرنا، و لا استعبد بذلك أحدا غيرنا، و إن عندنا سرا من سر الله، و علما من علم الله، أمرنا الله بتبليغه فبلغنا عن الله عز و جل ما أمرنا بتبليغه، فلم نجد له موضعا و لا أهلا و لا حمالة يحتملونه، حتى خلق الله لذلك أقواما خلقوا من طينة خلق منها محمد و آله و ذريته (عليهم السلام)، و من نور خلق الله منه محمدا و ذريته، و صنعهم بفضل رحمته التي صنع منها محمدا و ذريته، فبلغنا عن الله ما أمرنا بتبليغه فقبلوه و احتملوا ذلك، فبلغهم ذلك عنا فقبلوه و احتملوه، و بلغهم ذكرنا، فمالت قلوبهم إلى معرفتنا و حديثنا، فلو لا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك، لا و الله ما احتملوه».

ثم قال: «إن الله خلق

أقواما لجهنم و النار، و أمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم، و اشمأزوا من ذلك، و نفرت قلوبهم، و ردوه علينا، و لم يحتملوه، و كذبوا به و قالوا: ساحر كذاب، فطبع الله على قلوبهم و أنساهم ذلك، ثم أطلق الله لسانهم ببعض الحق، فهم ينطقون به و قلوبهم منكرة، ليكون ذلك دفعا عن أوليائه و أهل طاعته، و لو لا ذلك ما عبد الله في أرضه، فأمرنا الله بالكف عنهم، و الستر و الكتمان، فاكتموا عمن أمر الله بالكف عنه، و استروا عمن أمر الله بالستر و الكتمان عنه».

قال: ثم رفع يده و بكى، و قال: «اللهم إن هؤلاء لشرذمة قليلون، فاجعل محيانا محياهم و مماتنا مماتهم، و لا تسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم، فإنك إن أفجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرضك، و صلى الله على محمد و آله و سلم تسليما».

__________________________________________________

5- الكافي 1: 331/ 5.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 860

4- باب وجوب التسليم لأهل البيت (عليهم السلام) في ما جاء عنهم ..... ص : 860

12094/ [1]- سعد بن عبد الله: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن مسكان، عن ضريس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

12095/ [2]- قال: و روى عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن مسكان، عن سدير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إني تركت مواليك مختلفين، يبرأ بعضهم من بعض؟ فقال: «و ما أنت و ذاك؟ إنما كلف الله الناس ثلاث: «1» معرفة الأئمة (عليهم السلام)، و التسليم لهم فيما ورد عليهم، و الرد إليهم فيما اختلفوا فيه».

12096/ [3]- و عنه: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، قال: أخبرني محمد بن

حماد السمندي، عن عبد الرحمن بن سالم الأشل، عن أبيه، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا سالم، إن الإمام هادي مهدي، لا يدخله الله في عمى، و لا يجهله عن سنة، ليس للناس النظر في أمره و لا البحث «2» عليه، و إنما أمروا بالتسليم له».

12097/ [4]- و عنه: عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «من سمع من رجل أمرا لم يحط به علما، فكذب به، و من أمره الرضا بنا و التسليم لنا، فإن ذلك لا يكفره».

12098/ [5]- و عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، و محمد بن خالد البرقي، عن عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السمط، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك، يأتينا الرجل من قبلكم يعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يقول لك: إني قلت الليل أنه نهار، و النهار أنه ليل؟». قلت: لا. قال: «فإن قال لك هذا أني قلته، فلا تكذب به، فإنك إنما تكذبني».

12099/ [6]- و عنه، قال: حدثني، علي بن إسماعيل بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السمط،

__________________________________________________

1- مختصر بصائر الدرجات: 74.

2- مختصر بصائر الدرجات: 74.

3- مختصر بصائر الدرجات: 74.

4- مختصر بصائر الدرجات: 74.

5- مختصر بصائر الدرجات: 76. [.....]

6- مختصر بصائر الدرجات: 77.

(1) (ثلاث) ليس في «ج، ي».

(2) في المصدر، و «ط» نسخة بدل: التحير.

رهان في تفسير القرآن، ج 5،

ص: 861

قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الرجل يأتينا من قبلكم فيخبرنا عنك بالعظيم من الأمر فتضيق لذلك صدورنا حتى نكذبه؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أ ليس عني يحدثكم؟». قلت: بلى. فقال: «فيقول: الليل أنه نهار، و النهار أنه ليل؟». فقلت: لا. قال: «فرده إلينا، فإنك إن كذبته فإنما تكذبنا».

12100/ [7]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن علي بن سويد السائي، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام)، أنه كتب إليه في رسالته: «و لا تقل لما يبلغك عنا أو ينسب إلينا: هذا باطل، إن كنت تعرف خلافه فإنك لا تدري لم قلناه، و على أي وجه وضعناه».

12101/ [8]- و عنه: عن علي بن إسماعيل بن عيسى و يعقوب بن يزيد، و محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «يهلك أصحاب الكلام و ينجو المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

12102/ [9]- و عنه: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن العباس بن معروف، عن عبد الله بن يحيى «1»، عن عمر بن أذينة، عن أبي بكر بن محمد الحضرمي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يهلك أصحاب الكلام و ينجو المسلمون، إن المسلمين هم النجباء، يقولون: هذا ينقاد و هذا لا ينقاد، أما و الله لو علموا كيف كان أصل الخلق ما اختلف اثنان».

12103/ [10]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن فرقد، عن زيد الشحام، عن

أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «أ تدري ما أمروا؟ أمروا بمعرفتنا، و الرد إلينا، و التسليم لنا».

12104/ [11]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن كامل التمار، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا كامل، قد أفلح المؤمنون المسلمون. يا كامل، إن المسلمين هم النجباء. يا كامل، الناس أشباه الغنم إلا قليلا من المؤمنين، و المؤمنون قليل».

12105/ [12]- و عنه: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسين بن سعيد، عن جعفر بن بشير البجلي، عن المعلى بن عثمان الأحول، عن كامل التمار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كنت عنده، و هو يحدثني، إذ نكس رأسه إلى الأرض، فقال: «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء. يا كامل، الناس كلهم بهائم إلا قليلا من المؤمنين،

__________________________________________________

7- مختصر بصائر الدرجات: 77.

8- مختصر بصائر الدرجات: 72.

9- مختصر بصائر الدرجات: 72.

10- مختصر بصائر الدرجات: 73.

11- مختصر بصائر الدرجات: 73.

12- مختصر بصائر الدرجات: 73.

(1) (عن عبد اللّه بن يحيى) ليس في «ج، ي».

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 862

و المؤمن غريب».

12106/ [13]- و عنه: عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «1»، قال: «التسليم في الأمر».

12107/ [14]- و عنه: عن «2» محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و غيره، عن محمد بن سنان، عن المفضل ابن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بأي شي ء علمت الرسل أنها رسل؟ قال: «قد كشف لها عن الغطاء».

قلت: فبأي شي ء عرف المؤمن

أنه مؤمن؟ قال: «بالتسليم لله فيما ورد عليه».

12108/ [15]- و عنه: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و غيره «3»، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن ضريس، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «أ رأيت إن لم يكن الصوت الذي قلناه لكم أنه يكون، ما أنت صانع؟» قلت: أنتهي فيه و الله «4» إلى أمرك، فقال: «هو و الله التسليم و إلا فالذبح». و أومأ بيده إلى حلقه.

12109/ [16]- و روي أيضا عمن روى عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة و حمران، قالا: كان يجالسنا رجل من أصحابنا، فلم يكن يسمع بحديث إلا قال: سلموا، حتى لقب: سلم، فكان كلما جاء قال أصحابنا: قد جاء سلم، فدخل حمران و زرارة على أبي جعفر (عليه السلام)، فقالا: إن رجلا من أصحابنا إذا سمع شيئا من أحاديثكم قال:

سلموا، حتى لقب بذلك سلم، فكان إذا جاء قالوا: قد جاء سلم، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء».

12110/ [17]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر ابن محمد الحضرمي، عن أبي الصباح الكناني الخيبري، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إنا نحدث عنك بحديث، فيقول بعضنا: قولنا قولهم؟ قال: «فما تريد؟ أ تريد أن تكون إماما يقتدى بك؟! من رد القول إلينا فقد سلم».

12111/ [18]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن من قرة العين التسليم إلينا، و أن تقولوا بكل ما اختلف عنا، أو تردوه إلينا».

__________________________________________________

13- مختصر بصائر الدرجات:

73.

14- مختصر بصائر الدرجات: 73.

15- مختصر بصائر الدرجات: 73.

16- مختصر بصائر الدرجات: 73. [.....]

17- مختصر بصائر الدرجات: 76.

18- مختصر بصائر الدرجات: 76.

(1) النساء 4: 65.

(2) في المصدر: و.

(3) في المصدر: و عنهما.

(4) في «ج»: و إليه، و في «ي»: و إليه و.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 863

12112/ [19]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي ابن عبد الله بن الجارود، عن الفضيل بن يسار، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) أنا و محمد بن مسلم، فقلنا:

ما لنا و للناس، بكم و الله نأتم، و عنكم نأخذ، و لكم و الله نسلم، و من وليتم و الله تولينا، و من برئتم منه برئنا منه، و من كففتم عنه كففنا عنه، فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يده إلى السماء فقال: «و الله [هذا] هو الحق المبين».

12113/2]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن منصور الصيقل، قال: قال بعض أصحابنا لأبي عبد الله (عليه السلام) و أنا قاعد عنده: ما ندري ما يقșĠمن حديثنا هذا مما يرد؟ فقال: «و ما ذاك؟». قال: ليس شي ء يسمعه منا إلا قال: القول قولهم؟

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هذا من المسلمين، إن المسلمين هم النجباء، إنما عليه إذا جاءه شي ء لا يدري ما هو، أن يرده إلينا».

12114/ [21]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، و الهيثم بن أبي مسروق، عن إسماعيل بن مهران، عمن حدثه من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

قال: «ما على أحدكم إذا بلغه عنا حديث لم يعط معرفته أن يقول: القول قولهم، فيكون قد آمن بسرنا و علانيتنا».

12115/ [22]- و عنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى، و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن جعفر بن بشير البجلي، قال محمد بن الحسين: و قد «1» حدثني به جعفر بن بشير، عن حماد ابن عثمان أو غيره، عن أبي بصير، عن أبي جعفر أو «2» عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول: «و لا تكذبوا الحديث و إن أتاكم به مرجئي و لا قدري و لا خارجي نسبه إلينا، فإنكم لا تدرون لعله شي ء من «3» الحق فتكذبون الله عز و جل فوق عرشه».

12116/ [23]- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن سدير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إني تركت مواليك مختلفين، يبرأ بعضهم من بعض؟

[قال : فقال: «و ما أنت و ذاك؟ إنما كلف الناس ثلاثة: معرفة الأئمة، و التسليم لهم فيما ورد عليهم، و الرد إليهم فيما اختلفوا فيه».

__________________________________________________

19- مختصر بصائر الدرجات: 76.

20- مختصر بصائر الدرجات: 76.

21- مختصر بصائر الدرجات: 76.

22- مختصر بصائر الدرجات: 77.

23- الكافي 1: 321/ 1.

(1) في «ج، ي»: محمد بن الحسن، قال.

(2) (عن أبي جعفر أو) ليس في «ج، ي».

(3) في «ج، ي»: لعله عن. [.....]

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 864

12117/ [24]- و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله الكاهلي، قال: قال

أبو عبد الله (عليه السلام): «لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة، و حجوا البيت، و صاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشي ء صنعه الله أو صنعه رسول الله (صلى الله عليه و آله): ألا صنع خلاف الذي صنع؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين». ثم تلا هذه الآية:

فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «1»، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «عليكم بالتسليم».

12118/ [25]- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إن عندنا رجلا يقال له كليب فلا يجي ء عنكم شي ء إلا قال: أنا اسلم، فسميناه كليب تسليم، قال: فترحم عليه ثم قال: «أ تدرون ما التسليم؟» فسكتنا، فقال: «هو و الله الإخبات، قول الله عز و جل: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ «2»».

12119/ [26]- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً «3» قال: «الاقتراف:

التسليم لنا، و التصدق علينا، و أن لا يكذب علينا».

12120/ [27]- و عنه: عن علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس، عن بشير الدهان، عن كامل التمار، قال: قال أبو

جعفر (عليه السلام): «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ «4» أ تدري من هم؟» قلت: أنت أعلم. قال: «قد أفلح المؤمنون المسلمون، إن المسلمين هم النجباء، فالمؤمن غريب، فطوبى للغرباء».

12121/ [28]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن الخشاب، عن العباس بن عامر، عن ربيع المسلمي، عن يحيى بن زكريا الأنصاري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «من سره أن يستكمل الإيمان كله فليقل: القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد فيما أسروا و ما أعلنوا، و فيما بلغني عنهم و فيما لم

__________________________________________________

24- الكافي 1: 321/ 2.

25- الكافي 1: 321/ 3.

26- الكافي 1: 321/ 4.

27- الكافي 1: 322/ 5.

28- الكافي 1: 322/ 6.

(1) النساء 4: 65.

(2) هود 11: 23.

(3) الشورى 42: 23.

(4) المؤمنون 23: 1.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 865

يبلغني».

12122/ [29]- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة- أو بريد- عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال: «لقد خاطب الله أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه». قال: قلت: في أي موضع؟ قال:

«في قوله: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ فيما تعاقدوا عليه: لئن أمات الله محمدا لا يردوا هذا الأمر في بني هاشم ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ عليهم «1» من القتل أو العفو «2» وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «3»».

12123/ [30]- و عنه: عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم الحسني، عن علي بن أسباط، عن علي بن عقبة، عن الحكم بن أيمن، عن أبي بصير، قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ «4» إلى آخر الآية، قال: «هم المسلمون لآل محمد، الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه و لم ينقصوا منه، جاءوا به كما سمعوه».

12124/ [31]- سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سلمة بن حنان، عن أبي الصباح الكناني، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «يا أبا الصباح، قد أفلح المؤمنون». قالها ثلاثا، و قلتها ثلاثا، فقال: «إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة، هم أصحاب النجائب».

و الروايات في هذا الباب كثيرة، تركنا ذكر كثير منها مخافة الإطالة. و تقدم من ذلك في هذا الكتاب في مواضع عديدة.

__________________________________________________

29- الكافي 1: 322/ 7.

30- الكافي 1: 322/ 8.

31- مختصر بصائر الدرجات: 75.

(1) (عليهم) ليس في «ج».

(2) (عليهم من القتل أو العفو) ليس في «ي». [.....]

(3) النساء 4: 64، 65.

(4) الزمر 39: 18.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 866

5- باب ..... ص : 866

12125/ [1]- علي بن إبراهيم: عن علي بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لعلي (عليه السلام): يا علي، القرآن خلف فراشي في الصحف و الحرير و الجريد و القراطيس، فخذوه و اجمعوه و لا تضيعوه كما ضيع اليهود التوراة. فانطلق علي (عليه السلام) فجمعه في ثوب أصفر، ثم ختم عليه في بيته، و قال: لا.

أرتدي حتى أجمعه، و إنه كان الرجل ليأتيه، فيخرج إليه بغير رداء، حتى

جمعه».

12126/ [2]- قال: «و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لو أن الناس قرءوا القرآن كما أنزل الله، ما اختلف اثنان».

12127/ [3]- و عنه، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم، قال: حدثنا محمد ابن علي القرشي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ما أحد من هذه الامة جمع «1» القرآن إلا وصي محمد (صلى الله عليه و آله)».

12128/ [4]- و عنه، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن في القرآن تبيان كل شي ء، حتى و الله ما ترك شيئا يحتاج العباد إليه إلا بينه للناس حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا انزل في القرآن، إلا و قد أنزله الله عز و جل فيه».

و قد تقدم من ذلك في أبواب أول الكتاب. على هذا نقطع الكلام، و لله الحمد على الإيمان و الإسلام.

ثم أعلم أيها الأخ في الدين، و الطالب للحق المستبين، و الراغب في علوم أهل اليقين، محمد و آله الأئمة الراشدين، و الأمناء المعصومين، حجة الله على الخلق أجمعين، و أفضل الأولين و الآخرين، أنه اشتمل الكتاب على كثير من الروايات عنهم عليهم السلام في تفسير كتاب الله العزيز، و انطوى على الجم من فضلهم و ما نزل فيهم (عليهم السلام)، و احتوى على كثير من علوم الأحكام و الآداب و قصص الأنبياء و غير ذلك مما لا يحتويه كتاب، إن

__________________________________________________

1- تفسير القمّي 2: 451.

2- تفسير القمّي 2: 451.

3- تفسير القمّي 2: 451.

4- تفسير القمّي

2: 451.

(1) في «ط»: ما من أحمد جمع من هذه الامّة جميع.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 867

في ذلك لعبرة لاولي الألباب، فليس لأحد أن يعمل بتفسير المخالفين بعد إظهار الحق و زهوق الباطل.

و الالتماس من الإخوان الناظرين في هذا الكتاب، إن صح عندهم ما هو أصح من الأصول التي أخذت منها هذا الكتاب، فليصلحوا ما تبين فيه من الخلل، لأن بعض الكتب التي أخذت منها هذا الكتاب، كتفسير علي بن إبراهيم، و كان يحضرني منه نسخ عديدة. و العياشي، و كان يحضرني منه نسختان من أول القرآن إلى آخر سورة الكهف، فأصلحت و صححت بحسب الإمكان من ذلك، و الله سبحانه هو الموفق.

و اعلم أني إذا ذكرت ابن بابويه، فهو أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي صاحب (الفقيه)، و إذا ذكرت الشيخ، فهو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي صاحب (التهذيب)، و إذا ذكرته و لم أذكر الكتاب المأخوذ منه، فهو من (التهذيب)، و إذا ذكرت الطبرسي و لم أذكر الكتاب المأخوذ منه فهو أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي من تفسيره (مجمع البيان).

و قد بني هذا الكتاب- الكثير منه- على كتب المشايخ الثلاثة: أعني الشيخ محمد بن يعقوب، و الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، و الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، و أنا أذكر طريقي إليهم (رضوان الله عليهم).

أخبرني بالإجازة عدة من أصحابنا منهم السيد الفاضل التقي الزكي السيد عبد العظيم بن السيد عباس بالمشهد الشريف الرضوي على ساكنه و آبائه و أولاده أفضل التحيات و أكمل التسليمات، عن الشيخ المتبحر المحقق، مفيد الخاص و العام، شيخنا الشيخ محمد العاملي الشهير ببهاء الدين، عن أبيه الشيخ حسين

بن عبد الصمد، عن خاتمة المجتهدين، زين الملة و الدين، الشهيد الثاني، عن الشيخ الفاضل و العالم الكامل «1» الشيخ علي بن عبد العال الميسي، عن الشيخ شمس الدين محمد بن المؤذن الجزيني، عن الشيخ ضياء الدين علي، عن والده الأجل الجامع مدرج السعادة بين رتبة العلم و الشهادة الشيخ شمس الدين محمد بن مكي، عن الشيخ المدقق فخر الدين أبي طالب محمد، عن والده العلامة آية الله في العالمين جمال الملة و الحق و الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، عن شيخه الكامل رئيس المحققين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد، عن السيد الجليل أبي علي فخار بن معد الموسوي، عن الشيخ الأوحد أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي، عن الشيخ الفاضل الفقيه عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري، عن الشيخ الأجل أبي علي الحسن، عن والده قدوة الفرقة و شيخ الطائفة المحقة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي.

و له (قدس الله سره) إلى محمد بن يعقوب طرق متعددة، منها: عن أسوة الفقهاء و المتكلمين أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد، عن الشيخ الأفضل أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب.

و له- أعني الشيخ الطوسي- إلى رئيس المحدثين الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي طرق متعددة، منها: عن الشيخ أبي عبد الله المفيد، عن الصدوق قدس الله أرواحهم.

__________________________________________________

(1) زاد في النسخ: المحقّق الثاني، و لا يصحّ، انظر: روضات الجنّات 3: 353، رياض العلماء 4: 116.

البرهان في تفسير القرآن، ج 5، ص: 868

و كان الفراغ من تسويد هذا الكتاب المبارك المسمى ب (البرهان في تفسير القرآن) على يد مؤلفه فقير الله

الغني عبده هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد الحسيني البحراني باليوم الثالث من شهر ذي الحجة الحرام سنة الخامسة و التسعين بعد الألف من الهجرة المحمدية على مهاجرها و آله الصلاة و السلام.

انتهى بحمد الله و منه الجزء الأخير من (البرهان في تفسير القرآن) للسيد البحراني (رحمه الله) و قد فرغ من تحقيقه قسم الدراسات الاسلامية- مؤسسة البعثة- قم بتاريخ الأول من شوال سنة 1415 ه و الحمد لله على حسن منه و توفيقه

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.